صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: مفهوم الصداقة بين العلم والفلسفة والدين الجمعة فبراير 21, 2014 10:18 pm | |
| مفهوم الصداقة بين العلم والفلسفة والدين د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم تعريف الصداقة : تعددت تعريفات الصداقة كمحصله لتعدد الزوايا المنظور منها إليها ، وتركيز كل تعريف على عنصر معين من عناصرها، والتعريف الذي نأخذ به هو تعريفها بأنها علاقة اجتماعية، بين شخصين أو أكثر، تقوم على المشاركة الوجدانية ، وتتميز عن غيرها من العلاقات الاجتماعية بالاستمرارية ، والتجرد من المنفعة ( المادية المباشرة) ، وتوافر قدر من الاشتراك في نمط الشخصية والتفكير والسلوك والمقدرات الذاتية والميول... الصداقة في علم النفس: أما من منظور علم النفس فان الصداقة تؤدي وظيفتين أساسيتين :الأولى هي خفض مشاعر الوحدة ودعم المشاعر الإيجابية السارة من خلال خمس آليات رئيسية هي: المقارنة الاجتماعية والإفصاح عن الذات والمساندة الاجتماعية والمساندة في الميول والاهتمامات والمساندة المادية . والثانية هي الإسهام في عمليات التنشئة الاجتماعية، فالصداقة تيسر اكتساب عدد من المهارات والقدرات والسمات الشخصية المرغوب فيها اجتماعيا.(ويكيبيديا - الموسوعة الحرة) الصداقة في الفلسفة: أما في الفلسفة فقد تناول عدد من الفلاسفة مفهوم الصداقة ومنهم أرسطو الذي عرّف الصداقة بأنها حد وسط بين خلقين، المبالغة في طلب القبول من الجميع ، وعدم الاكتراث بالقبول من الأخر بن ، ويضيف إلى هذا تعريف أنها عطف متبادل بين شخصين حيث يريد كل منهما الخير للأخر، كما يميز بين ثلاثة أنواع للصداقة وهي: صداقة المنفعة وصداقة اللذة وصداقة الفضيلة، ويبين أن صداقة المنفعة هي صداقة عرضية تنقطع بانقطاع الفائدة، أما صداقة اللذة فنتعقد وتنحل بسهولة بعد إشباع اللذة أو تغير طبيعتها، وأما صداقة الفضيلة فهي أفضل صداقة وتقوم على أساس تشابه الفضيلة وهي الأكثر بقاء . الصداقة في الدين : أما في الدين فقد اقر الإسلام كدين بالصداقة كعلاقة اجتماعيه وكقيمه ايجابيه قال تعالى (لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ ...أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ ۚ (النور: 61) ، ولكنه وضع لها العديد من الضوابط منها ضرورة اختيار الصديق الصالح ، فعن أبي موسى رضي الله عنه أنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : ( أنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك اما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة) .. مفهوم الصداقة : تحليل منهجي ضرورة توافر البعد الذاتي (المشاركة الوجدانية) : ما يميز الصداقة عن غيرها من العلاقات الاجتماعية هو ضرورة توافر بعدها الذاتي المتمثل في المشاركة الوجدانية ، بالاضاقه إلى بعدها الموضوعي المتمثل في الروابط الموضوعية بين الأصدقاء ، حيث ان هذين البعدين من أبعاد الصداقة متفاعلين وغير قابلين للانفصال ، بينما لا يشترط توافر هذا البعد الذاتي ، في غيرها من العلاقات الاجتماعية كالزمالة أو الجيره أو القرابة... التمييز بين الصداقة ومشروع الصداقة : غير أن التمييز السابق لا يعنى أن العلاقة بين الصداقة وغيرها من العلاقات الاجتماعية هي علاقة تناقض وإلغاء، فمن الممكن أن تتحول هذه العلاقات إلى صداقه ، ولكنها تظل مشروع صداقه وليست صداقه ( حقيقية ) حتى يتوافر فيها الشرط الذاتي (المشاركة الوجدانية). المشاركة أساس الصداقة: والأساس الذي تستند إليه الصداقة كعلاقة اجتماعيه هو المشاركة ، والتي مضمونها هو ( تبادل العلم بمشكلة مشتركة، ثم تبادل المعرفة بحلولها المحتملة، ثم تعين القرار الذي يرى كل مشارك انه الحل الصحيح للمشكلة). التوان بين الفرد والجماعة: والصداقة كعلاقه اجتماعيه لا يمكن أن توجد إلا في ظل وجود نمط تفكير وسلوك ، قائم على تحقيق اكبر قدر ممكن من التوازن بين الفرد والجماعة ، وهى تنتفي في ظل وجود نمط تفكير وسلوك قائم على اختلال هذا التوازن ، سواء بالتأكيد على الفرد مع إلغاء الجماعة (كنمط التفكير والسلوك الفردي "الانانى" الذي يتناقض مع المشاركة كأساس للصداقة ) أو التأكيد على الجماعة مع إلغاء الفرد (كنمط التفكير والسلوك الجماعي الذي يفرز أنماطاً من التفكير والسلوك السلبي ،ذات التأثير السالب على الصداقة كعدم الصراحة ، والمجاملة ، والتدخل في شئون الآخرين ، والمقارنة...) الصداقة اشتراك وليس تطابق : و لا يشترط في الصداقة وجد تطابق بين شخصيات أطرافها ، فالتطابق مستحيل بين الشخصيات المتعددة ، بل هو ممتنع بالنسبة لذات الشخصية، لأنها في حاله تغيير مستمر ، فشرطها هو توافر قدر من الاشتراك والتشابه في نمط الشخصية والتفكير والسلوك ...مع وجود أوجه اختلاف وتمايز. الصداقة مفهوم بعدى وليس قبلي : فصفه ( صديق) لا يمكن أن تطلق على شخص ، إلا بعد التحقق من وقوفه مع صديقه في المحن والشدائد وليس قبل ذلك. الصداقة مفهوم كيفي وليس كمي : كما أن الصداقة مفهوم كيفي (بمعنى انه يقاس بمدى وقوف الصديق مع صديقه في المحن والشدائد) ، وليس مفهوم كمي (اى لا يقاس بطول مده الصداقة). الصداقة مفهوم ندره وليس كثره: بناء على ما سبق فان الصداقة الحقيقية نادرة، وعلى هذا الوجه تحمل الأقوال التي تفيد استحالة الصداقة كقول العرب (المستحيلات الثلاثة الغول والعنقاء والخل الوفي) . الصداقة تحديد ليس إلغاء: والصداقة كعلاقة اجتماعيه تحدد فعل أطرافها (الأصدقاء) كما يحدد الكل الجزء، فتكمله وتغنيه ولكن لا تلغيه ، وبالتالي فان المطلوب في الصداقة هو تحديد فعل أطرافها ، وليس إلغائه أو تحويله إلى كل قائم بذاته ومستقل عن غيره. الشرط الاخلاقى للصداقة: وقد أشارت الأديان والفلسفات إلى ضرورة توافر الشرط الاخلاقى للصداقة ، ممثلا في ضرورة اختيار الشخص الملتزم أخلاقيا ليكون صديقا ، ومرجع ذلك أن الصداقة هي ذاتها قيمه أخلاقيه ، وذات اثر فاعل على السلوك الاخلاقى لأطرافها ، ويمكن أضافه سبب آخر هو أن الأصل في السلوك الاخلاقى (الايجابي أو السلبي )، هو انه يتصف بالكلية والشمول ، من جهة أن صاحبه يلتزم به اتجاه الجميع ( فالأصل في الشخص الذي يصدق انه يصدق مع الجميع والأصل في الشخص الذي يكذب انه يكذب على الجميع وهكذا ) ، وبالتالي فان اى استثناء يقوم به صاحبه فانه يظل استثناء يفتقد لضمان كونه حقيقي او مستمر. الصداقة تتوقف على امكانيه التعايش مع السلبيات : إن الصداقة لا تقتضى عدم وجود سلبيات لأطراف علاقة الصداقة ، حيث انه من المستحيل وجود شخص بدون سلبيات ، فلكل شخص ايجابيات وسلبيات ، فالصداقة تتوقف على مدى امكانيه التعايش مع هذه السلبيات كما ونوعا ، بشرط أن لا تكون ذات تأثير سالب على الصداقة . - للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com
| |
|