صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: المذاهب المتعددة حول مصادر التصوف الجمعة أغسطس 08, 2014 7:47 am | |
| المذاهب المتعددة حول مصادر التصوف د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم هناك ثلاثة مذاهب في تحديد مصادر التصوف: المذهب الاول: رد التصوف إلى مصدر أجنبي خالص:ويتضمن أربعه مذاهب فرعيه: (أ) المصدر الفارسي:هنالك من المستشرقين من ذهب إلى القول بأن التصوف من أصل فارسي منهم دوزي، فهو يرى أن التصوف جاء من أصل فارسي ، حيث كان موجود قبل الإسلام ، فقد ظهرت فكرة صدور كل شئ عن الله ، والقول بأن العالم لا وجود له في ذاته ،وأن الموجود الحقيقي هو الله، وكل هذه المعاني يفيض بها التصوف الإسلامي. (ب) المصدر المسيحي: وهنالك من المستشرقين من رأى أن التصوف من مصدر مسيحي ،ويستند أولئك إلى حجتين : الأولى : الصلات بين العرب والنصارى في الجاهلية والإسلام ،والثانية : الشبه بين حياة الزهاد والصوفية وحياة المسيح والرهبان وطرقهم في العبادة والملبس، ومن الذين يذهبون إلى هذا الرأي (جولدزيهير ونيكولسن واوليري) (ج) المصدر الهندي: ويميل بعض المستشرقين إلى رد التصوف الإسلامي إلى الفكر الهندي ،ومن هؤلاء هورتن ومارتنمان ، فقد ساق الأخير حججاً كثيرة منها :أن الزهد الإسلامي هندي في أساليبه، فاستعمال المخلاة والسبح عادة هندية، بالإضافة للتشابه في عقائد الهنود في وحدة الوجود والفناء وعقائد متفلسفة الصوفية. (د) المصدر اليوناني: ومنهم من رد التصوف الإسلامي إلى مصدر يوناني ، وهم يعنون به التصوف الذي بدأ في الظهور في القرن الثالث الهجري ، على يد ذو النون البصري و الذي يطلق عليه اسم التصوف الفلسفي. نقد مذهب رد التصوف الى مصدر اجنبى خالص : نلاحظ أن المستشرقين إذ ردوا التصوف الإسلامي إلى مصدر أجنبي خالص لم يتوصلوا إلى موقف موحد ، فأوائل المستشرقين كانوا أميل إلى ردهم إلى مصدر واحد ، أما المتأخرين منهم فهم أميل إلى رفض فكرة المصدر الواحد ، ويقول نيكليسون في كتابه التصوف الإسلامي "برهن البحث الحديث على أصل الصوفية لا يمكن أن يرد إلى سبب واحد محدود ، ومن هنا لم يرتضِ باحث منصف هذه التعليمات الجارفة، من أمثال أنها رد فعل للعقل الآلي تجاه الدين الإسلامي الفاتح أو أنها ليست إلا نتاج للفكر الفارسي أو الهندي".والقول بالمصدر الفارسي فيمكن الرد كما يقول د. أبو الوفاء التفتزاني بأن هذه الأفكار لا توجد إلا عند أصحاب وحدة الوجود الذين ظهروا في وقت متأخر (القرنين السادس والسابع الهجري) وليس كل الصوفية في الإسلام قائلين بهذا المذهب.ويعاب عن القول برد التصوف الإسلامي إلى الزهد المسيحي ان تأثر بغير الصوفية بالمسيحية لم يظهر إلى وقت متأخر (أواخر القرن الثالث الهجري) ، بعد أن كان الزهد قد استقر في القرنين الأول والثاني الهجريين، وأصبح دعامة التصوف الإسلامي.أما القول برده إلى الفكر الهندي فيرد أبو الوفاء بأنه لم يعثر على تصوير صريحة تدل على معرفة صوفية المسلمين بعقائد الهنود وديانتهم إلا عند الصوفي المتفلسف ابن سبعين في كتابه "الرسالة النورية" حيث يذكر شيئاً من صيغ الأذكار عند البراهمه ، وهو ما كان في القرن السابع الهجري. كما يرى بعض المستشرقين أن هذا التشابه مبالغ فيه وسطحي أكثر من أن يكون جوهرياً كما عند (بروان) في كتابه "تاريخ الفرض الأدبي". .أما القول الأخير فيمكن الرد عليه بأنه أن كل من غير المذكور أثر الفلسفة اليونانية عامة وفلسفة أفلاطون خاصة على التصوف الإسلامي خاصة عند مايطلق عليهم الصوفية المتفلسفين مثل السهروري وابن عربي وابن سبعين ، الا أنه لا يمكن رد التصوف الإسلامي كله إلى مصدر يوناني، لأن الصوفية الأوائل لم يقبلوا على فلسفة اليونان إقبال الفلاسفة المسلمين. ثانياًَ: مذهب المصدر الإسلامي الخالص: ومن الباحثين من ينكر أي أثر للمصادر الأجنبية على التصوف الإسلامي ،ويرده إلى مصادر إسلامية خالصة مثل القرآن والسنة وحياة الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم ، فهذا المذهب ينكر تاثر التصوف بالمصادر الاجنبيه مطلقا. ثالثاً: مذهب التأثير المتبادل بين المصادر الأجنبية والإسلامية:الواقع من الأمر أن كلا المذهبين السابقين ينكر سنة التأثير المتبادل ، فموقف المستشرقين القائم على رد التصوف الإسلامي إلى مصدر أجنبي خالص، واعتباره مجرد نقل التراث الأجنبي هو إنكار لتأثير التصوف الإسلامي في هذا التراث ، فحتى الصوفية الذين أخذوا من هذا التراث الأجنبي لم يكونوا مجرد نقلة له إنما أخذوه ثم نموه وطوروه.كما أن رد التصوف الإسلامي إلى مصدر أو مصادر إسلامية خالصة هو إنكار لتأثر التصوف الإسلامي بهذا التراث الأجنبي ، والحقيقة الحضارة العربية الإسلامية - التي يعد التصوف الإسلامي أحد عناصرها - جزء من المجتمع الإنساني وحضاراته، متأثرة به ومؤثرة فيه فلا تستطيع أي حضارة أن تنعزل عن العالم الذي يعيش فيه أو أن تأثيره فيها. غير أنه يجب النظر إلى طبيعة هذا التأثير المتبادل على التيارات المختلفة للتصوف الإسلامي ففي حين أن التيار الذي أطلق عليه اسم (التصوف الفلسفي) انطلق من مفاهيم مستمدة من المصادر الأجنبية ، أي أن عملية الأخذ والتنمية والتطوير لم يكن بعد الانطلاق من المفاهيم الإسلامية إنما تالياً لها. نجد أن التيار الذي يطلق عليه اسم (التصوف السني) كما عند الإمام الغزالي مثلاً انطلق أولاً من المفاهيم الإسلامية ثم تأثير في صياغته لهذه المفاهيم بمصادر غير إسلامية. هذا الموقف يقارب رأي بعض المستشرقين منهم سبنسر ترمنجهام في كتابه (الصوفية في الإسلام) حيث يقول ( إن التصوف الإسلامي تطور طبيعي داخل حدود الإسلام ، ولا يمت إلا بصلة طفيفة بالمصادر غير الإسلامية.... ومهما كان الدين الذى يدين به للأفلاطونية المحدثة أو الغنوصية أو التصوف المسيحي إلا أنه ينبغي أن ننظر إليه كما نظر إليه الصوفية على أنه النظرية الباطنية للإسلام). – لزيارة موقع د. صبري محمد خليل اضغط هنا https://sites.google.com/site/sabriymkh/
| |
|