تريد الإشراق فكيف تكره المغربين.. تريد القداسة فكيف تكره الخطاة.. كل الماء جاء من السماء والأرض هي من يجعله حلواً أو مالحاً.. الروح واحد وبمجرد أن ينزل للوجود يتنوع على قدر البشر.. يتلون حسب زجاجكم.. فيرى كل منكم أنه على الحق والآخر على الباطل.
كل شئ له ضد خاص به وكثيراً ما تكون صفات الضد هي نفس صفاتي.. فمن هو ضدي في عالم الغريزة قد يكون هو أنا في العالم النفسي.. هو يفعل ما ترغبه نفسي وأنا لا أفعل.
وقد يكون ضدي في العالم النفسي هو أنا في العالم العاطفي.. فأنا أكره الخمر لكن يسكرني جمال امرأة أو جلال منصب فيغيب عقلي عن الجادة.. كل عالم له أضداده الخاصه به لكنها تتلطف وتتكثف مع أنها في النهاية واحد يقابل واحدا.. كل عالم له معنوياته إذا ظهرت في العالم الأدنى ظهرت على صوره أدنى وأوضح في التجسد.
إذا لم تصبر على وجود الضد الذي تكرهه وتراه كما ترى الذي تحبه فلا تطمع أن تنال الحكمة.. ولا يرى الحقيقة الذي ما زال سجين حب الجمال فقط.. كم أحببت وبعد أن مشى الوقت تبين قبح ما أحببت.. وكم تكره قدراً صعباً حينما يمر ستقسم بأيامه.. إن الزمان الذي تتأسفون عليه كان زمان من كانوا فيه.. والزمن الذي تلومونه الآن هو زمانكم.. صرتم أضداد الجمال.. فصار زمانكم مثلكم.
لا تعرف الضد إلا بالآخر.. فتعرف لماذا أعطى من أعطى.. ولماذا منع من منع.. وبعد أن تتم لك المعرفة.. فإذا تساوى عندك المنع والعطاء.. السعادة والشقاء.. الحياة والموت.. تعرف الواحد الأحد الذي يجمع الكل وهو الذي لا ضد له.