آدم في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن عربي
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
إن آدم عند ابن عربي هو تلك الشخصية التي سبق الكلام عليها في
القرآن . ولكنه يفارق شخصه المحدد في زمان ومكان معينين لينفرد بأنه رمز للحقيقة الإنسانية ، وللإنسان الكامل ، الذي جمع في حقيقته كل الحقائق المنتشرة في الأكوان
فهو الكون الجامع وهو روح العالم وهو خليفة الله في الأرض وهو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني .
نخلص من خلال هذا البحث المختصر إلى القول : أن الدكتورة سعاد الحكيم ترى إن للفظة آدم عند الشيخ الأكبر ابن عربي ثلاثة معان اصطلاحية إضافة إلى المعنى العام الوارد الإشارة إليه في القرآن الكريم وهو الشخصية النبوية . وتلك المعاني الاصطلاحية هي :
1. أنه يمثل الحقيقة الإنسانية ، أو ما يعرف بـ الإنسان الكامل .
2. أنه يمثل مرتبة الإجمال في مقابل حواء التي تمثل مرتبة التفصيل .
3. أنه يمثل صفة التفصيل في مقابل سيدنا محمد الذي يمثل مرتبة الإجمال .
يقول ابن عربي : آدم لجميع الصفات ، وحواء لتفريق الذوات ، إذ هي محل الفعل والبذر .
في حين يتبوأ آدم في المعنى السابق مرتبة الإجمال في مقابل حواء مرتبة التفصيل ، نرى هنا أنه يظهر في مرتبة التفصيل في مقابل محمد الذي له
الجمع ... يقول ابن عربي : محمد للجمع ، وآدم للتفريق .
كما يفرد الشيخ الأكبر الصفحات في كلامه على البسملة ، ليبين كيف أنها تبدأ بآدم وتنتهي بمحمد ، فآدم بداية الأمر ومحمد نهايته ، يقول ابن
عربي : فالرحيم هو محمد و بسم هو أبونا آدم ، واعني مقام ابتداء الأمر ونهايته .
وواضح من كلمة ابتداء الأمر ونهايته : أن آدم هو أول ظاهر بمجموع الحقائق ، ومحمد خاتم الظاهرين بمجموع الحقائق
أكثر من آدم في الوجود
فتقول :
ينوه شيخنا الأكبر بوجود مائة ألف آدم ، وإن كانت الفكرة غير جلية إلا أننا من خلال نصين سنوردهما نستطيع أن نتبين مراده من وجود مائة ألف آدم وعلاقة ذلك
بالخلق ، فإن الله لم يزل ولا يزال خالقاً ، والآجال في المخلوق لا في الخلق ... يقول :
فقال لي : عن أي آدم تقول ، عن هذا الأقرب إليك أو عن غيره ؟
فتذكرت حديثاً عن رسول الله : إن الله خلق مائة ألف آدم .
.
فقال : وجود آدم من شروط الساعة .. .
آدم : هو الإنسان الكامل الذي لا يزال العالم به محفوظاً .
يقول : آدم : هو الإنسان الحادث الأزلي والنشء الدائم الأبدي ، والكلمة الفاصلة الجامعة ، قيام العالم بوجوده ، فهو من العالم كفص الخاتم من الخاتم ، وهو محل النقش والعلامة التي بها يختم الملك على خزانته .
ويقول : آدم : هو الحق الخلق ... هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني ،
ومن حيث المعنى الثاني يقول :
آدم : هو كناية عن الكتاب الجامع ، فهو للعالم كالروح من الجسد ، فالإنسان روح العالم ، والعالم الجسد ، فبالمجموع يكون العالم كله هو الإنسان الكبير ، والإنسان فيه ، وإذا نظرت في العالم وحده دون الإنسان وجدته كالجسم المسوى بغير روح .
ويقول : آدم : هو البرنامج الجامع لنعوت الحضرة الإلهية التي هي الذات والصفات والأفعال .
.
الشيخ الأكبر ابن عربي
آدم الأرواح : هو سيدنا محمد .
يقول : آدم الحقيقي : هو النفس الناطقة الكلية التي تتشعب عنها النفوس
الجزئية
يقول ابن عربي : لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها ، وإن شئت قلت : أن يرى عينه في كون جامع يحصر الأمر
كله ... أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه ، فكان كمرآة غير
مجلوة ... فآقتضى الأمر جلاء مرآة العالم ، فكان آدم عين جلاء تلك المرآة وروح تلك الصورة ... فسمي هذا المذكور آدم إنساناً وخليفة ...
ويقول : فآدم هو النفس الواحدة التي خلق منها هذا النوع الإنساني ...
آدم هو صفة الذكورية الفاعلة في مقابل الأنثى المنفعلة حواء ، ومحل الإجمال بالنسبة لمحل التفصيل حواء ...