منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 آيات ومعانى

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سراج منير




عدد الرسائل : 38
تاريخ التسجيل : 24/01/2017

آيات ومعانى  Empty
مُساهمةموضوع: آيات ومعانى    آيات ومعانى  Emptyالجمعة أبريل 20, 2018 4:01 am



عن اية: {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} [، يَشُم البعض من هذه الآية رائحة الجبر،  ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

الجواب: هذا الجعل هو جعلٌ كوني، ولفهم هذا لابد من شرح معنى الإرادة الإلهية، فالإرادة الإلهية تنقسم إلى قسمين:
إرادة شرعية، وإرادة كونية.
والإرادة الشرعية: هي كل ما شرعه الله عزوجل لعباده، وحضهم على القيام به من طاعات وعبادات على اختلاف أحكامها، من فرائض إلى مندوبات، فهذه الطاعات والعبادات يريدها تبارك وتعالى ويُحبها.

وأما الإرادة الكونية: فهي قد تكون تارة مما لم يشرعها الله، ولكنه قدرها وهذه الإمارة إنما سُميت بالإرادة الكونية اشتقاقاً من قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} ] يس:82 [، ف "شَيْئًا" اسم نكرة يشمل كل شيء، سواء أكان طاعة أو معصية،

وإنما يكون ذلك بقوله تعالى: {كُنْ} ، أي بمشيئته وقضائه وقدره، فإذا عرفنا هذه الإرادة الكونية – وهي أنها تشمل كل شيء، سواء أكان طاعة أو كان معصية – فلا بد من الرجوع بنا إلى موضوع القضاء والقدر، لأن قوله تعالى {وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}

معناه أن هذا الذي قال له {كُنْ} جعله أمراً مُقدراً كائناً لابد منه، فكل شيء عند الله عزوجل بقدر، وهذا أيضاً يشمل الخير والشر، ولكن ما يتعلق منه بنا نحن الثقلين –الإنس والجن المكلفين المأمورين من الله عزوجل - أن ننظر فيما نقوم نحن به،

إما أن يكون بمحض إرادتنا واختيارنا، وإما أن يكون رغماً عنا، وهذا القسم الثاني لا يتعلق به طاعة ولا معصية، ولا يكون عاقبة ذلك جنة ولا ناراً،
وإنما القسم الأول هو الذي عليه تدور الأحكام الشرعية، وعلى ذلك يكون جزاء الإنسان الجنة أو النار، أي: ما يفعله الإنسان بإرادته، ويسعى إليه بكسبه واختياره هو الذي يحاسب عليه، إنْ كان خيراً فخير، وإن كان شراً فشر.

وكون الإنسان مختاراً في قسم كبير من أعماله، فهذه حقيقة لا يمكن المجادلة فيها شرعاً ولا عقلاً.

أما شرعاً:

فنصوص الكتاب والسنة متواترة في أمر الإنسان بأن يفعل ما أمر به، وفي أن يترك ما نُهي عنه، وهذه النصوص أكثر من أن تذكر.
أما عقلاً: فواضح لكل إنسان متجرد عن الهوى والغرض بأنه حينما يتكلم، حينما يمشي، حينما يأكل، حينما يشرب،حينما يفعل أي شيء، مما يدخل في اختياره، فهو مختار في ذلك غير مضطر إطلاقاً، وأنا شئتُ أنْ أتكلم الآن، فليس هناك أحد يجبرني على ذلك بطبيعة الحال، ولكنه مقدر، ومعنى كلامي هذا مع كونه مقدراً، أي أنه مقدر مع اختياري لهذا الذي أقوله وأتكلم به، ولكن باستطاعتي أن أصمت لأبين لمن كان في شك مما أقول أني مختار في هذا الكلام.

إذاُ، فاختيار الإنسان –من حيث الواقع - أمر لا يقبل المناقشة والمجادلة، وإلا فالذي يجادل في مثل هذا إنما هو يسفسط ويشكك في البدهيات، وإذا وصل الإنسان إلى هذه المرحلة انقطع معه الكلام.
إذاً فأعمال الإنسان قسمان: اختيارية، واضطرارية.

والاضطرارية: ليس فيها كلام، لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية الواقعية، والشرع يتعلق بالأمور الاختيارية، فهذه هي الحقيقة، وإذا ركزناها في أذهاننا، استطعنا أن نفهم الآية السابقة:
{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً}

وهذا الجعل كوني، ويجب أن نتذكر الآية السابقة {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا}

أن الإرادة ههنا إرادة كونية، ولكن ليس رغماُ عن هذا الذي جعل الله على قلبه أكنه.

مثال من الناحية المادية:

أن الإنسان حينما يُخلق إنما يُخلق ولحمه غض طري، ثم إذا كبر وكبر يقسو لحمه ويشتد عظمه ولكن الناس ليسوا كلهم سواءً، فهذا مثلاً إنسان منكب على نوع من الدراسة والعلم، فهذا ماذا يقوى فيه؟ يقوى عقله؟ ويقوى دماغه من الناحية التي هو ينشغل بها، ويَنصب بكل جهده عليها، ولكن من الناحية البدنية جسده لا يقوى، وعضلاته لا تنمو.
والعكس بالعكس تماماً: فهذا شخص منصب على الناحية المادية، فهو في كل يوم يتعاطى تمارين رياضية –كما يقولون اليوم - فهذا تشتد عضلاته، ويقوى جسده، ويصبح له صورة كما نرى ذلك أحياناً في الواقع، وأحياناً في الصور، فهؤلاء الأبطال مثلاُ تصبح أجسادهم كلها عضلات، فهل هو خُلق هكذا، أم هو اكتسب هذه البنية القوية ذات العضلات الكثيرة؟

هذا شيء وصل إليه هو بكسبه واختياره.ذلك هو مثل الإنسان الذي يضل في ضلاله وفي عناده،وفي كفره وجحوده،
فيصل الران، إلى هذه الأكنة التي يجعلها الله عزوجل على قلوبهم؟ لا بفرض من الله واضطرار من الله لهم،

وإنما بسبب كسبهم واختيارهم، فهذا هو الجعل الكوني الذي يكسبه هؤلاء الكفار، فيصلون إلى هذه النقطة التي يتوهم الجُهال أنها فُرضت عليهم، والحقيقة أن ذلك لم يُفرض عليهم وإنما ذلك بما كسبت أيديهم، وأن الله ليس بظلامٍ للعبيد.

والحمد لله رب العالمين

988

فالموتى من بعد موتهم لا يسمعون

السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

عن مدى صحة قول من يقول: إذا عارض الحديث اية من القران فهو مردود مهما كانت درجة صحته، وضرب مثالاً لذلك بحديث "إن الميت ليُعذب ببكاء أهله عليه" ، واحتج بقول عائشة في ردها الحديث بقول الله عزوجل
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ] فاطر:18 [، فكيف على يُرد على من يقول ذلك؟

فالجواب:اولا رد هذا الحديث هو من مشاكل رد السنة بالقران وهو يدل على انحراف ذلك الخط.أما الجواب عن هذا الحديث – وأخص به من تمسك بحديث عائشة رضي الله عنها فهو:
أولاً: من الناحية الحديثية: فإن هذا الحديث لا سبيل لرده من الناحية الحديثية لسببين اثنين

:الأول: أن جاء بسند صحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما.

الثاني: أنه ابن عمر رضي الله عنه لم يتفرد به، بل تابعه على ذلك عمر بن الخطاب وهو وابنه لم يتفردا به، فقد تابعهما المغيرة ن شُعبة، وهذا مما يحضرني في هذه الساعة بأن هذه الروايات عن هؤلاء الصحابة الثلاثة رضي الله عنهم في الصحيحين.أما لو أن الباحث بحث يحثاً خاصاً في هذا الحديث فيسجد له طرقاً أخرى، وهذه الأحاديث الثلاثة كلها أحاديث صحيحة الأسانيد فلا تُرد بمجرد دعوى التعارض مع القران الكريم.

ثانياً: من الناحية التفسيرية: فإن هذا الحديث قد فسره العلماء بوجهين:

الوجه الأول: أن هذا الحديث إنما ينطبق على الميت الذي كان يعلم في قيد حياته أن أهله بعد موته سيرتكبون مخالفات شرعية، ثم لم ينصحهم ولو يوصهم أن لا يبكوا عليه، لأن البكاء يكون سبباً لتعذيب الميت.
و"ال" التعريف في لفظ "الميت" هنا ليست للاستغراق والشمول، أي: ليس الحديث بمعنى أن كل ميت يُعذب ببكاء أهله عليه، وإنما "ال" هنا للعهد، أي: الميت الذي لا ينصح بألا يرتكبوا بعد وفاته ما يخالف الشرع، فهذا الذي يعذب ببكاء أهله عليه، أما من قام بواجب النصيحة، وواجب الوصية الشرعية بألا ينوحوا عليه، وألا يأتوا بالمنكرات التي تُفعل خاصة في هذا الزمان، فإنه لا يُعذب وإذا لم يُوص لم ينصح عُذب.

هذا التفصيل هو الذي يجب أن نفهمه من التفسير الأول لكثير من العلماء المعروفين والمشهورين، كالنووي وغيره، وإذا عرفنا هذا التفصيل، وضح ألا تعارض بين هذا الحديث وبين قوله تعالى:
{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ] فاطر:18

إنما يظهر التعارض فيما لو فُهم أن "ال" في لفظ "الميت" إنما هي للاستغراق والشمول، أي: كل ميت يُعذب، حينئذٍ يُشكل الحديث ويتعارض مع الآية الكريمة، أما إذا عرفنا المعنى الذي ذكرناه آنفا، فلا تعارض ولا إشكال، لأن الذي يُعذب إنما يُعذب بسبب عدم قيامه بواجب النصح والوصية، هذا الوجه الأول مما قيل في تفسير هذا الحديث لدفع التعارض المدعي.

أما الوجه الثاني: فهو الذي ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في بعض مصنفاته، أن العذاب هنا ليس عذاباُ في القبر، أو عذاباً في الآخرة، وإنما هو بمعنى التألم وبمعنى الحزن، أي: إن الميت إذا سمع بكاء أهله عليه، أسف وحزن لحزنهم هم عليه.
هكذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهذا لو صح لاستأصل شأفة الشبهة.

لكني أقول
: أن هذا التفسير يتعارض مع حقيقتين اثنتين لذلك لا يسعنا إلا أن نعتمد على التفسير الأول للحديث:
الحقيقة الأولى: أن في حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه الذي أشرت إليه آنفا زيادة تبين أن العذاب ليس بمعنى التألم، وإنما هو بمعنى العذاب المتبادر،
أي: عذاب النار، إلا أن يعفو الله تبارك وتعالى، كما هو صريح قوله عزوجل
{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ] النساء:48 [، ففي رواية المغيرة قال:
"إن الميت ليُعذب ببكاء أهله يوم القيامة"
فهذا صريح بأن الميت يُعذب بسبب بكاء أهله عليه يوم القيامة، وليس في القبر، وهو الذي فسره ابن تيمية بالألم والحزن.

الحقيقة الأخرى: هي أن الميت إذا مات لا يحس بشيء يجري من حوله، سواء أكان هذا الشيء خيراً أو شراً – كما تدل عليه أدلة الكتاب والسنة – اللهم إلا في بعض المناسبات التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث، إما كقاعدة لكل ميت، أو لبعض الأموات، حيث أسمعهم الله عزوجل بعض الشيء الذي يتألمون به.
فمن الأول:
الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه – حتى إنه سمع قرع نعالهم – أتاه ملكان" ففي هذا الحديث الصحيح إثبات سمع خاص للميت في وقت دفنه، وحين ينصرف الناس عنه، أي: في الوقت الذي يُجلسه الملكان أُعيدت الروح إليه، فهو في هذه الحالة يسمع قرع النعال، فلا يعني الحديث بداهة أن هذا الميت وكل الأموات تُعاد إليهم أرواحهم، وأنهم يظلون يسمعون قرع النعال المارة بين القبور إلى يوم يبعثون! لا.

إنما هذا وضعٌ خاص وسماع خاص من الميت، لأنه أُعيدت روحه إليه، وحينئذٍ لو أخذنا بتفسير ابن تيمية رحمه الله، وسعنا دائرة إحساس الميت بما يجري حوله، سواءً عند نشعه قبل دفنه، أو بعد وضعه في قبره، ومعنى ذلك: أن يسمع بكاء الأحياء عليه وهذا يحتاج إلى نص، وهو مفقود. هذا أولاً.

وثانياً: بعض نصوص الكتاب والسنة الصحيحة تدل على أن الموتى لا يسمعون، وهذا بحث طويل، ولكني سأذكر حديثاً واحداً، وأنهي الجواب عن السؤال وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني عن أمتي السلام" ، وقوله "سياحين" أي: طوافين على المجالس، فكلما صلى مسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فهناك ملك موكل يوصل السلام من ذاك المسلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان الأموات يسمعون، لكان أحق هؤلاء الأموات أن يسمع هو نبينا صلى الله عليه وسلم، لما فضله الله تبارك وتعالى، وخصه بخصائص على كل الأنبياء والرسل والعالمين، فلو كان أحدٌ يسمع لكان النبي صلى الله عليه وسلم ثم لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يسمه شيئا بعد موته، لسمع صلاة أمته عليه.

ومن هنا تفهمون خطأ – بلا ضلال – الذين يستغيثون ليس بالنبي صلى الله عليه وسلم بل وبمن دونه، سواء كانوا رسلا أو أنبياء أو صالحين، لأنه لو استغاثوا بالرسول عليه الصلاة والسلام لما سمعهم، كما هو صريح القران
{إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} ] الأعراف:194 [،
و {إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ} ] فاطر:14 [إلى آخر الآية.
إذا فالموتى من بعد موتهم لا يسمعون، إلا ما جاء النص في قضية خاصة – كما ذكرت آنفا – من سماع الميت قرع النعال،

والحمد لله رب العالمين

988



وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى

{إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ، وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ}
: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ}
لما فرغ من ذكر الكفرة وتوعدهم عقب ذلك بذكر المؤمنين المسارعين في الخيرات ووعدهم، وذكر ذلك بأبلغ صفاتهم.
و {مُشْفِقُونَ} خائفون وجلون مما خوفهم الله تعالى.
{وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قال الحسن: يؤتون الإخلاص ويخافون ألا يقبل منهم.
وروى الترمذي عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} قالت عائشة:
أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟ قال: "لا يا بنت الصديق ولكنهم الذين يصومون ويصلون ويتصدقون وهم يخافون ألا يقبل منهم أولئك الذين يسارعون في الخيرات".الصحيحة
وقال جاء فى الشرح ان السر فى خوف المؤمنين ان لا تقبل منهم عبادتهم ان القبول متعلق بالقيام بالعبادة كما امر الله عز وجل وهم لا يستطيعون الجزم بانهم قاموا بها على مراد الله
وقال الحسن: لقد أدركنا أقواما كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها
{ و {يأتون ما أتوا}.
وينفرد ما عليه الجماعة باحتمال تأويلين: أحدهما: الذين يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقة وقلوبهم خائفة.
والآخر: والذين يؤتون الملائكة الذين يكتبون الأعمال على العباد ما آتوا وقلوبهم وجلة؛
وعن عائشة رضي الله عنها، ومعناها يعملون ما عملوا؛ ما روي في الحديث. والوجل نحو الإشفاق والخوف؛ فالتقي والتائب خوفه أمر العاقبة وما يطلع عليه بعد الموت.
: {أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} .
وفي صحيح البخاري "وإنما الأعمال بالخواتيم".
وأما المخلط فينبغي له أن يكون تحت خوف من أن ينفذ عليه الوعيد بتخليطه.
وقال أصحاب الخواطر: وجل العارف من طاعته أكثر وجلا من وجله من مخالفته؛ لأن المخالفة تمحوها التوبة، والطاعة تطلب بتصحيح الفرض.
{أَنَّهُمْ} أي لأنهم، أو من أجل أنهم إلى ربهم راجعون.

1- وعن النُّعمان بنِ بَشيرٍ رضيَ اللَّه عنهما قال : سمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ :
«إِنَّ الحَلاَلَ بَيِّنٌ ، وإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهما مُشْتَبِهاتٌ لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ ، فَمَن اتَّقى الشُّبُهاتِ ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ ، وَمَنْ وَقَعَ في الشبُهاتِ ، وقَعَ في الحَرامِ ، كالرَّاعي يرْعى حَوْلَ الحِمى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَع فِيهِ ، أَلاَ وإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى ، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمهُ ، أَلاَ وإِنَّ في الجسَدِ مُضغَةً إذا صلَحَت صَلَحَ الجسَدُ كُلُّهُ ، وَإِذا فَسَدَتْ فَسدَ الجَسَدُ كُلُّهُ : أَلاَ وَهِي القَلْبُ » متفقٌ عليه . ورَوَياه مِنْ طُرُقٍ بأَلْفاظٍ مُتَقارِبَةٍ .

2- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ النَبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَجَدَ تَمْرَةً في الطَّرِيقِ ، فقالَ: « لَوْلاَ أَنِّي أَخافُ أَنْ تَكُونَ مِنَ الصَّدَقَةِ لأَكَلْتُها » . متفقٌ عليه .
3- وعن النَّوَّاسِ بنِ سَمعانَ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « البرُّ حُسنُ الخُلُقِ وَالإِثمُ ما حاكَ في نفْسِكَ ، وكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ » رواه مسلم .
« حاكَ » بالحاءِ المهملة والكاف ، أَيْ تَرَدَّدَ فيهِ .

4- وعن وابصةَ بنِ مَعْبِدٍ رضيَ اللَّه عنه قال : أَتَيْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال: « جِئْتَ تسأَلُ عنِ البِرِّ ؟ » قلت : نعم ، فقال :
« اسْتَفْتِ قَلْبَكَ ، البِرُّ : ما اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ ، واطْمَأَنَّ إِلَيْهِ القَلْبُ ، والإِثمُ ما حاكَ في النَّفْسِ وتَرَدَّدَ في الصَّدْرِ ، وإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوكَ » حديثٌ حسن

6- وعن الحَسَنِ بن عَليٍّ رضّيَ اللَّهُ عنهما ، قال : حَفِظْتُ مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «دَعْ ما يَرِيبُكَ إِلى مَا لا يرِيبُك » .
ومعناهُ : اتْرُكْ ما تَشُكُّ فِيهِ ، وخُذْ ما لا تَشُكَّ فِيهِ .
7- وعن عائشةَ رضيَ اللَّهُ عنها ، قالت : كانَ لأبي بَكْرٍ الصَّدِّيقِ ، رضيَ اللَّهُ عنهُ غُلامٌ يُخْرِجُ لَهُ الخَراجَ وكانَ أَبو بَكْرٍ يَأْكُلُ مِنْ خَرَاجِهِ ، فَجَاءَ يَوماً بِشَيءٍ ، فَأَكَلَ مِنْهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ لَهُ الغُلامُ : تَدْرِي مَا هَذا ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ومَا هُوَ ؟ قَالَ : كُنْتُ تَكَهَّنْتُ لإِنْسَانٍ في الجاهِلِيَّةِ ومَا أُحْسِن الكَهَانَةَ إِلاَّ أَنِّي خَدَعْتُهُ ، فَلَقِيني ، فَأَعْطَاني بِذلكَ هَذَا الذي أَكَلْتَ مِنْهُ ، فَأَدْخَلَ أَبُو بَكْرٍ يَدَه فَقَاءَ كُلَّ شَيءٍ في بَطْنِهِ ، رواه البخاري .
«الخَراجُ » : شَيءَ يَجْعَلُهُ السَّيِّدُ عَلى عَبْدِهِ يُؤدِّيهِ إلى السيِّد كُلّ يَومٍ ، وَبَاقي كَسبِهِ يَكُونُ للعَبْدِ .
8- وعن نافِعٍ أَنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللَّهُ عَنْهُ ، كَانَ فَرَضَ للْمُهاجِرِينَ الأَوَّلِينَ أَربَعَةَ آلافٍ ، وفَرَضَ لابْنِهِ ثلاثةَ آلافٍ وخَمْسَمائةٍ ، فَقِيلَ لَهُ : هُوَ مِنَ المُهاجِرِينَ فَلِم نَقَصْتَهُ؟ فقال : إِنَّما هَاجَر بِهِ أَبُوه يَقُولُ : لَيْسَ هُوَ كَمَنْ هَاجَرَ بِنَفْسِهِ . رواهُ البخاري .
9- وعن عطِيَّةَ بنِ عُرْوةَ السَّعْدِيِّ الصَّحَابِيِّ رضيَ اللَّه عنهُ قالَ . قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « لايبلغ العبدُ أَنْ يكون من المتقين حتى يَدَعَ مالا بَأْس بِهِ حَذراً مما بِهِ بَأْسٌ )). رواهُ الترمذي وقال : حديثٌ حسن .

ومن باب التخلق بالحياء

1- عن ابْنِ عُمَرَ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَرَّ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَهُوَ يَعِظُ أَخَاهُ في الحَيَاءِ ، فَقَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« دَعْهُ فإِنَّ الحياءَ مِنَ الإِيمانِ » متفقٌ عليه .
2- وعن عِمْران بن حُصَيْن ، رضي اللَّه عنهما ، قال : قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «الحياَءُ لا يَأْتي إلاَّ بِخَيْرٍ » متفق عليه . وفي رواية لمسلم :
« الحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ » أوْ قَالَ :
« الحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ » .
3- وعن أبي هُريرة رضي اللَّه عنه ، أنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال :
« الإيمَانُ بِضْع وسبْعُونَ ، أوْ بِضْعُ وَسِتُّونَ شُعْبةً ، فَأَفْضَلُها قوْلُ لا إله إلاَّ اللَّه ، وَأدْنَاها إمَاطةُ الأَذَى عنَ الطَّرِيقِ ، والحياءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإيمَانِ » متفق عليه
« البِضْعُ » : بكسر الباء . ويجوز فتحها ، وَهُوَ مِن الثلاثةِ إلى الْعَشَرَةِ . « وَالشُّعْبَةُ » : الْقِطْعَةُ والحَضْلَةُ . « وَالإماطَةُ » : الإزَالَةُ ، « وَالأَذَى »: مَا يُؤذِي كَحجَرٍ وَشَوْكٍ وَطينٍ وَرَمَادٍ وَقَذَرٍ وَنحوِ ذلكَ .

4- وعن أبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه ، قال : كان رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَشَدَّ حَيَاءَ مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا ، فَإذَا رأى شَيْئاً يَكْرَهُه عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ .
متفقٌ عليه .
قال العلماءُ : حَقِيقَةُ الحَياء خُلُقٌ يبْعثُ على تَرْكِ الْقَبِيحِ ، ويمْنَعُ منَ التقْصير في حَقِّ ذِي الحَقِّ . وَروَيْنَا عنْ أبي الْقَاسم الجُنيْدِ رَحمَهُ اللَّه قال : الحَيَاءُ رُؤيَةُ الآلاء أي : النِّعمِ ورؤْيةُ التَّقْصِيرِ . فَيَتوَلَّدُ بيْنَهُمَا حالة تُسَمَّى حياءً

والحمد لله رب العالمين

988

وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ
بسم الله الرخمن الرحيم
قال تعالى
{وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}

قوله تعالى: {وَشَجَرَةً}
بمعنى وثم شجرة؛ ويريد بها شجرة الزيتون. وأفردها بالذكر لعظيم منافعها في أرض الشام والحجاز وغيرهما من البلاد، وقلة تعاهدها بالسقي والحفر وغير ذلك من المراعاة في سائر الأشجار.
{تَخْرُجُ}
في موضع الصفة.
{مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ}
أي أنبتها الله في الأصل من هذا الجبل الذي بارك الله فيه.
وطور سيناء من أرض الشام وهو الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام؛
والطور
الجبل في كلام العرب.
وقيل: هو مما عرب من كلام العجم. و: هو جبل بيت المقدس ممدود من مصر إلى أيلة.
واختلف في سيناء
. وقال الجمهور:
هو اسم الجبل؛ كما تقول جبل أحد.
: {تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ} ،
والتقدير: تنبت ومعها الدهن؛ كما تقول: خرج زيد بسلاحه وقيل: التقدير تنبت جناها ومعه الدهن
والمراد من الآية
تعديه نعمة الزيت على الإنسان، وهي من أركان النعم التي لا غنى بالصحة عنها. ويدخل في معنى الزيتون شجر الزيت كله على اختلافه بحسب الأقطار.

{وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ}
ويراد به الزيت الذي يصطبغ به الأكل؛ وكل إدام يؤتدم به فهو صبغ؛ . وأصل الصبغ ما يلون به الثوب، وشبه الإدام به لأن الخبز يلون بالصبغ إذا غمس فيه. وقيل: الأدم الزيتون، والدهن الزيت.
وقد جعل الله تعالى في هذه الشجرة أدما ودهنا؛ فالصبغ على هذا الزيتون.
لا خلاف أن كل ما يصطبغ فيه من المائعات كالزيت والسمن والعسل والرب والخل وغير ذلك من الأمراق أنه إدام.
وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخل فقال:
"نعم الإدام الخل"
واختلف فيما كان جامدا كاللحم والتمر والزيتون وغير ذلك من الجوامد؛
فالجمهور
أن ذلك كله إدام؛ فمن حلف ألا يأكل إداما فأكل لححا أو جبنا حنث.
وقال أبو حنيفة:
لا يحنث؛ وخالفه صاحباه.
وقد روي عن أبي يوسف مثل قول أبي حنيفة.
روى الترمذي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة".

والحمد لله رب العالمين

877

الله يستهزئ بهم

بسم الله

السؤال

ما القول الفصل في قوله تعالى ((الله يستهزئ بهم)) وقوله تعالى ((سخر الله منهم)) وغيرها من الآيات المشابهة هل نثبت ما أثبته الله لنفسه أم نؤولها بلازمها كما قال بعض المفسرين ؟

هذا السؤال جوابه معروف عند أهل السلف وأتباع السلف وبالمقابل أتباع الخلف,

من المعلوم أن السلف أنهم كانوا يقولون في مثل هذه الآية
وتلك " أمروها كما جاءت "
وهم لا يعنون كما يتوهم بعض الخلف اليوم لا يعنون أمروها بدون فهم وإنما أمروها كما جاءت بفهم صحيح وبدون تشبيه وتكييف وبالتالي بدون تأويل أو تعطيل والجواب الحاسم في مثل هاتين الآتين هو أن نستحضر قول الله عز وجل في صفتين أخرتين ألا هما صفة السمع والبصر حين قال ربنا عز وجل

((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير))

ففي الآية تنزيه وفيها إثبات لصفتي السمع والبصر ومعنى التنزيه أننا حينما نثبت لله عز وجل صفة جاءت في كتابه أو في سنة نبيه أننا نثبتها له كما يليق بعظمته تبارك وتعالى وجلاله ولا نكيف ذلك فنقول سمعه كسمعنا وبصره كبصرنا كما أننا لا نتأول ذلك كما فعل ذلك قديما بعض غلاة المعتزلة حيث تأولوا السمع والبصر بالعلم قالوا هو السميع البصير أي وهو العليم علما بأن الله عز وجل قد وصف نفسه في غير ما آية في القرآن الكريم بالعلم

فحينما يأتي أولئك المعتزلة الغلاة فيتأولون السمع والبصر بالعلم فذلك هو التعطيل الذي قال عنه بعض علمائنا المتقدمين كابن تيمية وابن قيم الجوزية رحمهم الله قالوا

" المعطل يعبد عدما والمجسم يعبد صنما "
على هذا الأساس من التنزيه والإثبات بدون تشبيه أو تأويل نقول في الآتين السابقتين من استهزاء بالله بالمستهزئين بآياته وسخرية الله عز وجل بأولئك وأمثاله إنما هو استهزاء يليق بالله عز وجل وليس من باب سخرية الإنسان بالإنسان واستهزاء الإنسان بالإنسان

فالآية والأخرى كلتاهما يساقان مساق الآيات المتشابهات نمرها كما جاءت مع الفهم السليم على ما كان عليه السلف الصالح بدون تشبيه فهنا لا نشبه استهزاء الله بالمشركين كاستهزاء الناس بعضهم ببعض وإنما نقول استهزاء يليق بالله تبارك وتعالى كما جاء تماما في الأثر الصحيح الثابت عن الإمام مالك رحمه الله أن رجلا جاء إليه فقال يا مالك
((الرحمن على العرش استوى))

كيف استوى؟ قال
" الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة أخرجوا الرجل فإنه مبتدع "
كذلك نحن نعلم أن الاستهزاء لغة معروف وهو مقابل مقابلة المستهزئ باستهزاء من مثله ولكن الله عز وجل ما دام أنه ثبت لدينا يقينا ليس كمثله شيء فلا نقول استهزاؤه كاستهزائنا نحن كما قال مالك استواء الله على عرشه معروف ولكنه بلا كيف والسؤال عن الكيف بدعة لذلك أمر بإخراج الرجل على اعتباره إياه مبتدعا لذلك نحن نقول في كل آيات الصفات منها صفة الاستهزاء والسخرية معناهما معروف لغة ولكن ليس هناك تكييف ولا تشبيه وهذا هو المنهاج في كل آيات الصفات واحاديث الصفات.
والحمد لله رب العالمين

987

ما مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى

الآيات: 12 - 14 {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ}
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ} الإنسان هنا آدم عليه الصلاة والسلام؛ ، لأنه استل من الطين. ويجيء الضمير في قوله: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ} عائدا على ابن آدم، وإن كان لم يذكر لشهرة الأمر؛ فإن المعنى لا يصلح إلا له. ].
وقيل: المراد بالسلالة ابن آدم؛ . والسلالة على هذا صفوة الماء، يعني المني. والسلالة فعالة من السل وهو استخراج الشيء من الشيء؛ يقال: سللت الشعر من العجين،
{مِنْ طِينٍ} أي أن الأصل آدم وهو من طين. قلت: أي من طين خالص؛ فأما ولده فهو من طين ومني , وقيل: السلالة الطين إذا عصرته انسل من بين أصابعك؛ فالذي يخرج هو السلالة.

ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ} اختلف الناس في الخلق الآخر؛ فقال ابن عباس : هو نفخ الروح فيه بعد أن كان جمادا. و: خروج إلى الدنيا. وقيل: نبات شعره. و: خروج الأسنان ونبات الشعر. و: كمال شبابه؛ : والصحيح أنه عام في هذا وفي غيره من النطق والإدراك وحسن المحاولة وتحصيل المعقولات إلى أن يموت.

{فَتَبَارَكَ} تفاعل من البركة. {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} أتقن الصانعين. : إنما قال: {أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} لأنه تعالى قد أذن لعيسى عليه السلام أن يخلق؛ واضطرب بعضهم في ذلك. ولا تنفى اللفظة عن البشر في معنى الصنع؛ وإنما هي منفية بمعنى الاختراع وإيجاد من العدم.

من هذه الآية قال ابن عباس لعمر حين سأل مشيخة الصحابة عن ليلة القدر فقالوا: الله أعلم؛ فقال عمر: ما تقول يا ابن عباس؟ فقال: يا أمير المؤمنين إن الله تعالى خلق السموات سبعا والأرضين سبعا، وخلق ابن آدم من سبع وجعل رزقه في سبع، فأراها في ليلة سبع وعشرين. فقال عمر رضي الله عنه: أعجزكم أن تأتوا بمثل ما أتى هذا الغلام الذي لم تجتمع شؤون رأسه.

-من إعجاز القرآن علم الأجنة

إنّ مِن دلائلِ إعجازِ القرآنِ الكريمِ قولَ اللهِ عزوجلَ: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} [المؤمنون: 12-13] ، دقِّقُوا في حروفِ العطفِ، قال تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} والقرارُ المكينُ هو الرَّحِمُ، {ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً} [المؤمنون: 14] ، ثم جاءت الفاءُ في قوله: {فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً} [المؤمنون: 14] .
فمِنَ العلقةِ إلى المضغةِ عطفٌ بالفاءِ، وكذا مِن المضغةِ إلى العظامِ، وِمَن العظامِ إلى اللحمِ، أما مِنَ النطفةِ إلى العلقةِ فقد جاء العطفُ بـ "ثُمَّ"، وَالفاءاتُ بعْدَها متلاحقةٌ، مع العلم أنّ ثُمّ حرفُ عطفٍ للترتيب على التراخي، أما الفاءُ فهو حرفُ عطفٍ للترتيبِ والتعقيبِ.

1- اَحْدَثُ ما في علمِ الجنينِ أنّ هناك فترةً زمنيَّةً بين مرحلةِ النطفةِ ومرحلةِ العلقةِ، هذه الفترةُ تزيدُ على أسبوعين، حيث يتباطؤُ فيها نموُّ الجنينِ؛ لأنّ هذه المرحلةَ مرحلةُ انغرازِ النطفةِ في جدارِ الرحمِ، والجنينُ في هذه المرحلةِ لا ينمو، ولكنّه يوطِّدُ طرائقَ امتصاصِه للغذاءِ مِنَ الرَّحِمِ، ولا يكونُ في هذه المرحلةِ إلا كقرصٍ من الخلايا المنتظمةِ على شكلِ صَفَّيْنِ مُتَوَازِيَيْنِ، فهذا البطءُ في مرحلةِ نموِّ الجنينِ في الأسبوعِ الثانِي والثالثِ مِنَ اللقاحِ عبَّرَ اللهُ عنه بحرفِ "ثُمَّ"،

2-أمّا مِنَ العلقةِ إلى المضغةِ فقال عزوجل: {فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً} وفي مرحلةٍ واحدةٍ قال تعالى:
{ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً} .
خلالَ أسبوعين لا تتَّجهُ هذه البيضةُ الملقَّحةُ التي تكاثرتْ إلى مئةِ خليةٍ إلى النموِّ، بل تتّجِهُ إلى تمكينِ نفسِها من جدارِ الرحمِ، لذلك يتباطؤُ النموُّ، فجاءَ القرآنُ، وهو كلامُ الخالقِ معبِّراً عن هذه الحقيقةِ العلميةِ بحرفِ "ثم"، قال تعالى:
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النطفة عَلَقَةً فَخَلَقْنَا العلقة مُضْغَةً فَخَلَقْنَا المضغة عِظَاماً فَكَسَوْنَا العظام لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين} [المؤمنون: 12-14] .
هذا كلامُ ربِّ العالمين، هذا كلامُ خالقِ الكونِ، وآياتُ إعجازِ القرآنِ لا تنقَضِي، وكلّما تقدَّمَ العلمُ كَشَفَ وجهاً من وجوهِ إعجازِ القرآنِ الكريمِ.


2 تطابق علم الأجنة مع الحديث النبوي الشريف

ثمَّةَ علمٌ تاريخُه حديثٌ، اسمُه علمُ الأجِنَّةِ، وهو علمُ تكوُّنِ الجنينِ في رَحِمِ الأمِّ، وقد تَقَدَّمَ هذا العلمُ في السنواتِ الأخيرةِ تقدُّماً كبيراً، حتى أصبحَ بإمكانِ الأطبّاءِ والعلماءِ أنْ يصوِّروا الجنينَ وهو في الرَّحِمِِ في مراحلِ نُمُوِّهِ وتطوُّرِه، فهناك صورةٌ للجنينِ في الأسبوعِ الثالثِ، وصورةٌ في الأسبوعِ الرابعِ، وصورةٌ في الأسبوعِ الخامسِ، وصورةٌ في الأسبوعِ السادسِ، ويَعنِينا من كلِّ هذه الصورِ صورةٌ للجنينِ في رَحِمِ الأمِّ وهو في بدايةِ الأسبوعِ السادسِ، ماذا نرى؟.
نَرى الأنفَ مختلطاً بالفمِ، متصلاً بالعينِ، نرى اليدَ كأنّها مجدافٌ قصيرٌ، نرى الرأسَ ملتصقاً بالجذعِ، هذه صورةُ الجنينِ في بدايةِ الأسبوعِ السادسِ، فإذا انتهى هذا الأسبوع ابتعدَ الرأسُ عن الجذعِ، وتوضَّحَتْ معالمُ العينينِ، ومعالمُ الأنفِ، ومعالمُ الفمِ، وملامحُ اليدينِ، والرجلينِ، هذه الملامحُ هي ملامحُ نهايةِ الأسبوعِ السادسِ، والأسبوعُ سبعةُ أيامٍ، فإذا ضَرَبْنَا سبعةً بستةٍ، فالناتجُ هو: اثنان وأربعون (42) .

$-عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِذَا مَرَّ باِلنُّطْفَةِ اِثنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ لَيْلَةً بَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا مَلَكاً فَصَوَّرَهَا، وَخَلَقَ سَمْعَهَا، وَبَصَرَهَا، وَجِلْدَهَا، وَلَحْمَهَا، وَعِظَامِهَا، ثُمَّ قَالَ: يَا رَبِّ! أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ! أَجَلُهُ؟ فَيَقُولُ رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ! رِزْقُهُ؟ فَيَقْضِي رَبُّكَ مَا شَاءَ، وَيَكْتُبُ الْمَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ الْمَلَكُ بِالصَّحِيفَةِ فِي يَدِهِ، فَلاَ يَزِيدُ عَلَى أَمْرٍ، وَلا يَنْقُصُ".
انظرْ كيف جاء هذا الحديثُ متطابقاً تطابقاً دقيقاً جداً مع الصورِ التي تلتَقَطُ للجنينِ، وهو في نهايةِ الأسبوعِ السادسِ، قال الله عزَّ وجل:
{وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يوحى} [النجم: 3-4] .


3-ما من كل الماء يكون الولد
في حديثٍ صحيحٍ أنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "ما مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ، وَإِذَا أَرَادَ اللهُ خَلْقَ شَيْءٍ لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ".
ويقولُ العلمُ الآن: يزيدُ عددُ النطافِ المنويةِ في اللقاءِ الزوجيِّ على ثلاثمئةِ مليونٍ، وكل نطفةٍ لها رأسٌ، ولها عُنُقٌ، ولها ذَيْلٌ، وتَسْبَحُ في سائلٍ يغذِّيها، ويسهِّلُ حركتَها، ويتَّجِهُ هذا العددُ الكبيرُ - ثلاثمئة مليون - على البيضةِ كي تُلقَّحَ بحيوانٍ واحدٍ من ثلاثمئةِ مليونِ نطفة، لأنه "مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ"،
فكيف عرفَ النبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذلك؟

مِن أيِّ مَخبَرٍ استقى معلوماتِه؟ مِن أيِّ بحثٍ علميٍّ أَخَذَ هذه الحقيقةَ؟ وكيف توصَّلَ إليها؟

1-تصلُ إلى البيضةِ هذه النطافُ، ويتمُّ الاختيارُ من هذه الثلاثمئةِ مليون ثلاثمئة نطفةٍ، فتختارُ البيضةُ نطفةً واحدةً.
كيف تدخلُ هذا النطفةُ البيضةَ؟ شيءٌ معجِزٌ! إذا اصطدمَت هذه النطفةُ بجدارِ البيضةِ تمزَّقَ الغشاءُ، فخرجتْ مادةٌ نبيلةٌ مركزةٌ في رأسِ النطفة، مغطاةٌ بغشاءٍ، من نوعِ قرنيةِ العينِ، تتغذَّى بالحلولِ، فأذابتْ جدارَ البيضةَِ، فدخلتْ، وأُغْلِقَ البابُ.
هذه البيضةُ هي خليةٌ، وهذه النطفة هي خليةٌ فيها نواةٌ، وفيها مادةٌ، وفيها غشاءٌ، وعلى نواةِ النطفة ونواةِ البيضةِ معلوماتٌ سمّاها العلماءُ المُوَرِّثاتِ، أو الجينات، يزيدُ عددُها على بضعة ملايين معلومةٍ في النطفةِ الواحدةِ، وفي البيضة كذلك، وهذا الرقْمُ عجيبٌ، بل إنّ هذه المعلوماتِ مبرمجةٌ، وتُفَعَّلُ في وقتٍ محدَّدٍ.

2 -فكل معلومةٍ تتحرّكُ في وقتٍ معينٍ، ففي وقتٍ يخشنُ صوتُ الشابِّ، فتتحرك هذه المعلومةُ، في وقتٍ ينبتُ شعرُ لحيتِه فتتحرَّك أيضاً، وكذا في وقتِ نمُوِّ صدرِ الفتاةِ.
ثمَّةَ بضعةُ ملايين معلومةٍ مكتوبةٍ على نواةِ النطفةِ، وعلى نواةِ البيضةِ، وبعدَ تلقيحِ البيضةِ بالنطفةِ ينقسمُ هذا الهيكلُ، أو هذه البيضةُ الملقَّحةُ.
3-تنقسمُ البيضةُ الملقَّحةُ إلى مئةِ قسمٍ، وهي في طريقِها على الرحمِ، ثم تصلُ إليه، وهناك عِلمٌ خاصٌّ هو علمُ الأَجِنَّةِ، لا تكفي الأيامُ، ولا الأسابيعُ، ولا الشهورُ في دراسةِ تفصيلاتِه، قال سبحانه: {إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً} [الإنسان: 2] .



4-ثم جعلناه نطفة في قرار مكين

1-في القرنِ الثامِن عشرَ حينما بدأَ العالَمُ الغربيُّ يتلمَّسُ طريقَ الِعلْمِ، وبعدَ أنْ اكْتُشِفَ المِجْهَرُ، اسْتقرَّ في أذهانِ العلماءِ أنّ الإنسانَ يُخْلَقُ من نطفةِ الرّجلِ فقط، ثمَّ نُقِضَتْ هذه النَّظريّةُ، واسْتَقرَّ في أذهانِهم شيءٌ آخرُ؛ وهو أنَّ الطّفلَ يُخْلقُ من نطفةِ المرأةِ فقط، وما النّطفةُ التي يُلقيها الذَّكَرُ إلا مُنَبِّهٌ لهذا، وظلّ العلماءُ في القرْنَيْن السابِعِ عشرَ والثامِنِ عشرَ يتخبَّطون في نظريّاتٍ،
2- لكنْ لمّا سُئِلَ النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ قبلَ أربعةَ عشرَ قرْناً هذا السؤالَ: ممَّ يُخْلَقُ الإنسانُ؟ أجاب إجابةً تُعَدُّ من دلائلِ نبوَّتِه،
&- فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: "مَرَّ يَهُودِيٌّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُحَدِِّثُ أَصْحَابَهُ فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: يَا يَهُودِيُّ، إِنَّ هَذَا يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ، فَقَالَ: لأَسْأَلَنَّهُ عَنْ شَيْءٍ لا يَعْلَمُهُ إِلا نَبِيٌّ، قَالَ: فَجَاءَ حَتَّى جَلَسَ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ مِمَّ يُخْلَقُ الإِنْسَانُ؟ قَالَ: يَا يَهُودِيُّ مِنْ كُلٍّ يُخْلَقُ مِنْ نُطْفَةِ الرَّجُلِ، وَمِنْ نُطْفَةَِ الْمَرْأَةِ، فَأَمَّا نُطْفَةُ الرَّجُلِ فَنُطْفَةٌ غَلِيظَةٌ مِنْهَا الْعَظْمُ وَالْعَصَبُ، وَأَمَّا نُطْفَةُ الْمَرْأَةِ فَنُطْفَةٌ رَقِيقَةٌ مِنْهَا اللَّحْمُ وَالدَّمُ، فَقَامَ الْيَهُودِيُّ فَقَالَ: هَكَذَا كَانَ يَقُولُ مَنْ قَبْلَكَ"، هكذا أجابَ النبيُّ عليه الصلاةُ والسلامُ.

3-وممّا يُعلََمُ أنّ العلومَ الحديثةَ أشارَتْ إلى أنْ الرَّجُلَ في اللّقاءِ الواحِد يخرجُ منه ما يزيدُ على ثلاثمئة مليون نطفةٍ، وأنَّ نطفةً واحدةً فقط تُلقِّحُ البيضَةَ،
&- فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَيْسَ مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ، إِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يَخْلُقَ شَيْئاً لَمْ يَمْنَعْهُ شَيْءٌ"، أليس محمدٌ صلى الله عليه وسلم رسولَ اللهِ؟ هل معطَياتُ العصْرِ يومئذٍ كانت كافيَةً لمعرفةِ هذه الحقائقِ؟

4-شيءٌ آخرُ، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنسان مِن سُلاَلَةٍ مِّن طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} [المؤمنون: 12-13] ، والقرارُ المكينُ هو الرَّحِمُ، ويقعُ في الوسَطِ الهندسيِّ تماماً من جِسمِ المرأةِ، فلو أُخِذَ خطٌّ منصِّفٌ طوليٌّ، وخطٌّ منصّفٌ عَرْضِيٌّ لكان موقعُ الرَّحِمِ في تقاطُعِ الخطَّيْنِ.


المعنى الثاني: لِمَ سُمِّيَ الرَّحِمُ قراراً؟
-لأنَّه يفْرِزُ مادَّةً لاصقةً إذا جاءتِ البَيْضةُ الملقِّحَةُ إلى الرَّحِم الْتصَقَتْ في جِدارِه، فهو قرارٌ لها، وليس ممرّاً، ثمّ إنّ في الرّحِمِ عدداً من الأوْعِيَةِ الدَّمَوِيّةِ يفوقُ حدَّ التصوُّرِ، كلُّها تُمِدُّ هذه البيضة الملقّحةَ بالدّمِ لِيَتَغَذَّى الجنينُ، ولِيَنْموَ في سرعةٍ تُعدُّ أسْرعَ ما في جسمِ الإنسانِ مِن نَسيجٍ في تكاثُرِه وانقسامِه.

5-شيءٌ آخرُ؛ هذا الجنينُ في غشاءٍ رقيقٍ، وقد بدَا هذا في الصُّوَرِ التي أُخِذَتْ من الجنينِ؛ وهو مغلّفٌ بِغِشاءٍ رقيقٍ، وهذا الغِشاءُ الرقيقُ معلّقٌ في أعلى الرّحِمِ، فهو لا يتأثَّرُ بجُدُرِ الرَّحِمِ، وفوقَ هذا وذاك فقدْ أُحيطَ هذا الجنينُ بسائلٍ يمْتصُّ كلَّ الصَّدماتِ، والأغْرَبُ من هذا أنَّ الرَّحِمَ كلَّه معلّقٌ في حَوْضِ المرأةِ بأربِطَةِ إلى أقطارِ الحوضِ، فالرّحِمُ سائبٌ، والجنينُ سائبٌ، وبين الرِّحِمِ والجنينِ سائلٌ يمْتصُّ كلَّ الصَّدماتِ، كلّ هذا الشَّرْحِ ينْطوي تحتَ قولِه تعالى: {ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ} [المؤمنون: 13] .

6-يقول بعضُ علماءِ العِظامِ: "إنّ عظامَ الحوْضِ في المرأةِ هي أقسى عِظامٍ في النّوعِ البشرِيِّ، وهذا مِن أجلِ ردِّ الصَّدَماتِ"، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53] ، أيْ إنّ هذا القرآنَ كلامُ اللهِ، وهو المعجِزَةُ الخالدةُ، وكلّما تقدَّمَ العلمُ كَشَفَ عن جانبٍ من إعجازِه العلميِّ.


والحمد لله رب العالمين
988


وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ،

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى فى سورة المؤمنون

الآيات: 1 - 11 {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ، فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ، أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ، الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}

وروى النسائي عن عبد الله بن السائب قال: حضرت رسول الله صلى يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة، فخلع نعليه فوضعهما عن يسره فافتتح سورة المؤمنين، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سعلة فركع. خرجه مسلم بمعناه.
والخشوع محله القلب؛ فإذا خشع خشعت الجوارح كلها لخشوعه؛ إذ هو ملكها، . وكان الرجل من العلماء إذا أقام الصلاة وقام إليها يهاب الرحمن أن يمد بصره إلى شيء وأن يحدث نفسه بشيء من الدنيا.
وروى النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته يمينا وشمالا، ولا يلوي عنقه خلف ظهره.
وقال كعب بن مالك في حديثه الطويل:
ثم أصلي قريبا منه - يعني من النبي صلى الله عليه وسلم - وأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي وإذا التفت نحوه أعرض عني الصحيحة ؛
ولم يأمره بإعادة.

اختلف الناس في الخشوع، هل هو من فرائض الصلاة أو من فضائلها ومكملاتها على قولين. والصحيح الأول، ومحله القلب، .

{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}
قال ابن العربي: "من غريب القرآن أن هذه الآيات العشر عامة في الرجال والنساء، كسائر ألفاظ القرآن التي هي محتملة لهم فإنها عامة فيهم، إلا قول
{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ}

فإنما خاطب بها الرجال خاصة دون الزوجات، {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} وإنما عرف حفظ المرأة فرجها من أدلة أخرى كآيات الإحصان عموما وخصوصا وغير ذلك من الأدلة.
( 1 الاستمناء :
استمناء الرجل بيده مما يتنافى مع ما ينبغي أن يكون عليه الانسان من الادب وحسن الخلق ، وقد اختلف الفقهاء في
: سأل مالكا عن الرجل يجلد عميرة، فتلا هذه الآية {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ} - إلى قوله – {الْعَادُونَ}. وهذا لأنهم يكنون عن الذكر بعميرة؛ وفيه يقول الشاعر:
إذا حللت بواد لا أنيس به ... فاجلد عميرة لا داء ولا حرج
ويسميه أهل العراق الاستمناء، وهو استفعال من المني.
وأحمد بن حنبل على ورعه يجوزه، ويحتج بأنه إخراج فضلة من البدن فجاز عند الحاجة؛ أصله القصد والحجامة.
وعامة العلماء على تحريمه.
وقال بعض العلماء: إنه كالفاعل بنفسه، وهي معصية أحدثها الشيطان وأجراها بين الناس حتى صارت قيلة، ويا ليتها لم تقل؛ ولو قام الدليل على جوازها لكان ذو المروءة يعرض عنها لدناءتها.
فإن قيل: إنها خير من نكاح الأمة؛ قلنا: نكاح الأمة ولو كانت كافرة على مذهب بعض العلماء خير من هذا، وإن كان قد قال به قائل أيضا، ولكن الاستمناء ضعيف في الدليل أو بالرجل الدنيء فكيف بالرجل الكبير

-حكمه :

1- فمنهم من رأى أنه حرام مطلقا . ومنهم من رأى أنه حرام في بعض الحالات ، وواجب في بعضها الآخر . ومنهم من ذهب إلى القول بكراهته . أما الذين ذهبوا إلى تحريمه فهم المالكية والشافعية ، والزيدية . وحجتهم في التحريم أن الله سبحانه أمر بحفظ الفروج في كل الحالات ، إلا بالنسبة للزوجة ، وملك اليمين . فإذا تجاوز المرء هاتين الحالتين واستمنى ، كان من العادين المتجاوزين ما أحل الله لهم إلى ما حرمه عليهم .

2- يقول الله سبحانه : " والذين هم لفروجهم حافظون . إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين . فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " .
( 1 ) وأما الذين ذهبوا الى التحريم في بعض الحالات ، والوجوب في بعضها الآخر ، فهم الاحناف فقد قالوا :
إنه يجب الاستمناء إذا خيف الوقوع في الزنا بدونه ، جريا على قاعدة :
ارتكاب أخف الضررين . وقالوا : إنه يحرم إذا كان لاستجلاب الشهوة وإثارتها . وقالوا : إنه لا بأس به إذا غلبت الشهوة ، ولم يكن عنده زوجة أو أمة واستمنى بقصد تسكينها .

3-وأما الحنابلة فقالوا : إنه حرام ، إلا إذا استمنى خوفا على نفسه من الزنا ، أو خوفا على صحته ، ولم تكن له زوجة أو أمة ، ولم يقدر على الزواج ، فإنه لاحرج عليه . وأما ابن حزم فيرى أن الاستمناء مكروه ولا إثم فيه ، لان مس الرجل ذكره بشماله مباح بإجماع الامة كلها .

4-وإذا كان مباحا فليس هنالك زيادة على المباح إلا التعمد لنزول المني ، فليس ذلك حراما أصلا ، لقول الله تعالى : " وقد فصل الله لكم ما حرم عليكم " ( 2 ) . وليس هذا ما فصل لنا تحريمه ، فهو حلال لقوله تعالى : " خلق لكم ما في الارض جميعا " . قال : وإنما كره الاستمناء لانه ليس من مكارم الاخلاق ولا من الفضائل :
وروي لنا أن الناس تكلموا في الاستمناء فكرهته طائفة وأباحته أخرى . وممن كرهه ابن عمر ، وعطاء . وممن أباحه ابن عباس ، والحسن ، وبعض كبار التابعين .
وقال الحسن : كانوا يفعلونه في المغازي . وقال مجاهد : كان من مضى يأمرون شبابهم بالاستمناء يستعفون بذلك ، وحكم المرأة مثل حكم الرجل فيه .

2- السحاق :

السحاق إتيان المرأة المرأة
السحاق محرم باتفاق العلماء ، لما رواه أحمد ، ومسلم ، وأبو داود والترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا ينظر الرجل إلى عورة ا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
آيات ومعانى
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» آيات القرين
» آيات القصص القرآنــي 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة المنتديات :: تأويل آية-
انتقل الى: