الفقرة الأولي الجزء الثالث .سفر خطبة الكتاب فص حكمة ختمية في كلمة محمدية موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
الفقرة الأولى : الجزء الثالث
كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم , بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل لاختلاف الأمم.)
قال الشيخ الأكبر الحاتمي رضي الله عنه : (بسم الله الرحمن الرحيم) كلمة بسم الله من الإلهيين بمنزلة كلمة الحضرة.
فلما أراد رضي الله عنه ظهور عين الكتاب المسطور في الرق المنشور، قال: بسم الله الرحمن الرحيم، فالأديب خلاق في هذه الدار ببسم الله الرحمن الرحيم ؛ ليعصم في معاملته من مشاركة الشيطان حيث أمره بالمشاركة في الأموال والأولاد، فهو ممتثل هذا الأمر الإلهي وحريص عليه، ونحن مأمورون بألقابه في هذه المشاركة، فطلبنا وطلبنا ما نتقيد به لكونه نجیا عئا لا نراه فأعطانا الله اسمه تعالى.
فلما سمينا الله تعالى أعمالنا عند الشروع فيها توحدنا بهما، وعصمنا الله من مشاركة الشيطان.
فإن الاسم الإلهي هو الذي يباشرها، ويحول بيننا وبينه حتى أن بعض أهل الكشف يشهدون هذه المدافعة التي بين الاسم الإلهي من العبد في حال الشروع و بين الشيطان.
وإذا كان العبد بهذه الصفة كان على بينة من ربه، وفاز ونجا من هذه المشاركة، وكان له البقاء في الحفظ والعصمة في جميع أعماله وأحواله.
ذكره رضي الله عنه في الباب الثالث والخمسين وثلاثمائة من «الفتوحات» وإنما عدل رضي الله عنه عن قوله: "كن أدبا مع الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم
، فإنه إذا أراد شيئا يقول له كن وحيث صدر منه صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: «كن أبا ذر» الحديث.
"نظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كن أبا ذر" فلما تأمله القوم، قالوا: يا رسول الله، هو والله أبو ذر، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "رحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده" . المستدرك على الصحيحين
قال انه في «الفتوحات»الباب 595 : "من أراد التكوين فليقل بسم الله وإن كتبه فليكتبه بالألف وقال الأدب مع الله أن لا تشارك فيما أنت فيه مشارك " فافهم
بعض أسرار بسم الله على العموم لا باعتبار خصوص المقام.
اعلم أنه لما ثبت أن الأسماء الإلهية سب وجود العالم، وأنها المسلطة عليه والمؤثرة لذلك، قال : بسم الله خير مبتدأ مضمر ، وهو ابتداء العالم وظهوره كأنه يقول ظهور العالم بسم الله الرحمن الرحيم، فظهر به العالم.
واختصت به ثلاثة من الأسماء؛ لأن الحقائق تعطى ذلك:
فالله هو الاسم الجامع الأسماء كلها والرحمة صفة عامة فهو رحمن الدنيا ما رحم كل شيء من العالم في الدنيا،
ولما كانت الرحمة في الآخرة لا تختص إلا بقبضة السعادة، وانفرد عن أخيه في الآخرة.
فتم العالم بهذه الثلاثة الأسماء جملة في الاسم الله، وتفصيلا في الاسمين الرحمن الرحيم .
قوله: (بسم الله): بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة تميز العابد من المعبود.
قيل للشبلي قدس سره أنت الشبلي، قال: «أنا النقطة التي تحت الباء». وهو إشارة إلى وجود العبد بما تقتضيه حقيقة العبودية.
"قال العارف سيدي ابن الفارض سلطان العاشقين مشيرا إلى ذلك بقوله:
ولو كنت لي من نقطة الباء خفضة …… رفعت إلى ما لم تنله بحيلة
فبالتعين وقع التميز، وقد علمت أن أول تعين هو الحقيقة المحمدية، وهذه النقطة المراد بها ما ذكرناه مظهر هذه الحقيقة، والظاهر عين المظهر باعتبار، فكان صلى الله عليه وسلم هو هذه النقطة الجامعة لما يكون و كان."
"واعلم أن الذات تبارك وتعالى لا تعلق له بالعالم ولا بشيء لغناه الذاتي.
وأن الذي له التعلق والتأثير بالعالم هو الأسماء والبسملة كافية للعالم، وبها يتم أمره فإنها مشتملة على الأسم: الله والرحمن الرحيم، أما الأول فإنه له جمعية الأسماء جمعية إجمال، والاثنان الباقيان لهما جمعية ذلك تفصيلا. "
ونقل الشيخ رضي الله عنه عن الشيخ أبي مدين قدس سره أنه قال: «ما رأيت شيئا إلا ورأيت الباء عليه مكتوبة». فالباء المصاحبة للموجودات من حضرة الحق في مقام والفناء.
ثم جاءت إلها آخر إشارة إلى بقاء وجوده أخرا عند محو الرسوم، وهذا هو المقام الذي يضمحل فيه أحوال السائرين، وتنعدم فيه مقامات السالكين حتى يفنى ما لم يكن، ويبقى من لم يزل لا غير؛ ليثبت لظهوره ولا ظلام يبقى لنوره.
ويشير إلى هذا المقام قوله تعالى: "لا تبقي ولا تذر" [المدثر : 28] وقوله : «فإن لم تكن تراه فإنه يراك» فالألف المحمولة بالإضافة .
أعني: ألف الله إشارة إلى تحقيق اتصال الوحدانية، وتمحيق انفصال الغيرية وهو تحقيق المتصل بتمحيق المنفصل، فافهم.
والألف الثانية في اللام الثانية تمحو آثار الغير المتحصل: أي من الوهم المكتسب وظهور اللام بالاستقلال، وإما إلها للهوية السارية إشارة إلى أنه منها بدأ وبها ختم وملكها الأمر في الوجود والعدم.
وجعلها دالة على الحدوث و القدم، والله بكل شيء محيط، وصير الكل استما ومسمي، وأرسله مكشوفا و معما الله هو الولي الأعلى
أما ترى أن اللام الثانية لما كانت مراده الكل مجتباه كيف أعربت و اتصلت بألف الوحدانية اتصالا شافيا حتى صار وجودها نطقا يدل على الألف دلالة صحيحة، وإن كانت الذات فيت فإن لفظك باللام تحقيق الاتصال.
ويشير إلى هذا قول أعلم الخلق بالله صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فمن عرف اللام الثانية عرف اللام بخلاف اللام الأول، فإنه مع الهمزة ولا يظهر الألف.
أما ترى تعانق الكلام مع الألف تعانقا حبيبا عشيقا لا يفارقها أبدا؛ بل في ظهور الأول ثابت الهمزة عنها: أي عن الألف، وهي في حجاب غرة البطون لا تقبل الحركة والخروج لو شاء لجعله ساكنا.
قال الله تعالى: "وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم" [الانعام : 13]، فافهم ولا تكن غليظ الطبع قدما أصم أعمى أبكم وعلى الله قصد السبيل.
وأما قوله رضي الله عنه عن الرحمن فاعتبر فيه وجهان: فمن أعربه بدلا جعله ذاتا.
قال تعالى : "قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا له الأسماء الحسنى" [الإسراء:110]
ومن أعربه نعتا فقد اعتبره صفة قال : «إن الله خلق آدم على صورته» وفي رواية: «على صورة الرحمن» و هذه الرواية ذكرها رضي الله عنه في الباب الخامس من «الفتوحات» وقال: إنها صحيحة من طريق الكشف، فمن أعربه بدلا أشار إلى التحقيق بمقام الجمع الذاتي وفناء الصفات.
كما قيل: التوحيد إسقاط الإضافات و هو مقام أن الله خلق آدم على صورته ، وذلك وجود العبد في مقام قرب الحق في حد الخلافة. فافهم
وأما من أعربه نعتا فإنه أشار إلى رتبة الجمع الصفاتي، وهو من مقام خلق آدم على صورة الرحمن وهذا مقام الوراثة ولا يكون إلا بالحجاب، وهو المعبر عنه بالمثل، وفيما قررناه دل على ما أضمرناه لمن له قلب.
قال تعالى: "ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال" [الأحزاب:25] فكن المعمي ولا تكن من هو أضل و أعمي.
وأما الرحيم من البسملة صفة محمد صلى الله عليه وسلم بلا شبهة ولا مراء، كما شهد الله له بقوله: "بالمؤمنين رءوف رحيم" [التوبة:128]، "وكفى بالله شهيدا" [النساء: 79] ، تمت البسملة وبتمامها تم العالم خلقا وإبداعا، وكان صلى الله عليه وسلم مبدأ الوجود عقلا و نفسا
ورد: «كنت نبيا و آدم بين الماء والطين». أي العلم والعين وصار به ختما
و به صلى الله عليه وسلم ختم المقام روحا وجسما , كان آدم أبو البشر حامل الأسماء وهو صلى الله عليه وسلم حامل الاسم والمعين
قال : «مثلت في أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كلها كما علم آدم الأسماء كلها» ذكره الديلمي عن أبي رافع .
فالشهود في الماء والطين أتم وأعم من الشهود في عالم الأرواح أو المثال فافهم.
فإني ما ذكرت لك في مقام البسملة سوى قشور ما فهمته من معارفه لانه وذلك لأن الفائدة في المحاورة و التعريف لا يكون إلا إفهام المخاطب، و إلا ما يقع في التعريف فائدة، ولما كان فهم المخاطبين بحسب إدراكهم فيما خوطبوا به مما ظهر منا إلا بحكم الحكيم.
وإلا قال بانه: إنه وجدت البسملة أنها تتضمن ألف معنى كل معنى منها لا يحصل إلا بعد انقضاء حول.
ولا بد من حصول هذه المعاني؛ لأنه ما ظهر إلا ليعطي معناه، فلا بد من كمال ألف سنة لهذه الأمة، وهي أول دورة الميزان ومدها ستة آلاف سنة روحانية محققة.
ولهذا ظهر في هذه الأمة من العلوم الإلهية ما لم يظهر الغير هذه الأمة، فإن هذه الدورة التي انقضت كانت ترابية فغاية سعيهم علما وعملا بالطبائع و الإلهيون فيهم غربا قليلون جدا.
يكاد ألا يظهر لهم عين، ثم أن المقالة منهم أيضا ممتزج بالطبيعة، ولا بد ما صرف خالص سائغ للشاربين، ولا سبيل لحكم الطبع عليه أصلا، هذا هو مال اليتيم الذي لا يقربه أحد إلا بالتي هي أحسن: أي باستحقاق الوراثة المحمدية فافهم.
نكتة: اعلم أن البسملة أربعة ألفاظ لها أربعة معاني معان فتلك ثمانية :
وهم العرش المحيط، وهم الحملة، فهم حملة من وجه و عرش، من وجه ذكره عند في «الفتوحات» ثم قال: فانظر واستخرج من ذاتك لذاتك،
فقلت: إطاعة لخطابه المستطاب إنهم من حيث الصور حملة، ومن حيث المعاني عرش؛ لأن الصور يصح أن يقال فيها أنها حافلة الأرواح، فلهذا تظهر في الآخر ثمانية؛ لأن المعاني فيها تظهر صورة قائمة بنفسها والله أعلم.
بشارة في البسملة وهي: إنه تعالى لكمال العناية بالعباد كما أبطن اسم المنتقم في الجلالة، وأظهر اسما الرحمة العامة والخاصة في الوجودين الكتابة والقراءة، كذلك أظهر حكمها في وجودي الدنيا والآخرة وأبطن حكم المنتقم فيها إشارة إلى سريان حكم الرحمن في الوجود فافهم.
إن هذا معنى ما قاله به في «الفتوحات»: إن من كرمه سبحانه أن جعل تعالى في مقابلة الوعيد مانعا وهو: العفو والتجاوز وأمرنا به، ولم يجعل للوعد مانعا قال مخلوق من مخاليقه نظم
وإني إذا أوعدته أو وعدته ….. لمخلفا ميعادي ومنجز
هذا وهو محتاج فقير يتيم، قال تعالى : "ما غرك بربك الكريم " [الانفطار: 6].
قال الشيخ الأكبر: [الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلف النحل والملل لاختلاف الأمم. وصلى الله على محمد الهمم، من خزائن الجود والكرم، بالقيل الأقوم، محمد وعلى آله وسلم].
قال الشيخ الكيلاني الشارح:
(الحمد لله) حقيقة، الحمد هو العبد المقدس المنزه قدمت الذات تنويها وتشريفا وتعريفا بأن النفس قد عرفت، وتصديقا و اقتداء لبي.
قال تعالى : "إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم" [النمل:30]
كأنك ما فهمت ما ذكره لك بلسان آخر من ألسنته رضي الله عنه ؛ لاتساع الرحمة وإطاعة الأمر حيث كي لا تمتعوا هذه الرحمة التي وسعتكم
فاعلم أيدك الله وإيانا بروح منه أن الحمد و ثناء وله ثلاث مراتب:
1 - حمد الحمد
2 - وحمد المحمود لنفسه،
3 - وحمد غيره له
وما تم مرتبة رابعة، ثم في الحمد الذي يحمد الشيء نفسه، أو بحمده غيره تقسیمات، إما أن يحمده بصفة فعل، وإما بصفة تنزیه و ماثم حمد ثالث بهذا التقسيم
وأما حمد الحمد له فهو في الحمدين بذاته لو لم يكن لما صح أن يكون لها حمد.
ثم أن الحمد على المحمود قسمان، منه أن يحمد بما هو عليه وهو الحمد الأعم.
ومنه أن يحمد على ما يكون منه وهو الشكر العرفي الأخص، فانحصرت الأطراف و اجتمعت المحامد.
وإما تعيين الكمالات التي تدل على ما ذكره لا يتناهى كما أخبر أعلم الخلق بالله لا حيث قال في بيان المقام المحمود: «فأحمده بمحامد لا أعلمها الآن»
وقال صلى الله عليه وسلم : «لا أحصي ثناء عليك» ؛ لأن ما يتناهى لا يدخل في حيطة الإحصاء والوجود، ولما كان كل عين حامدة ومحمودة في العالم كلمات الحق الظاهرة من نفس الرحمن بفتح الفاء ونفس الرحمن ظهور الاسم الباطن، والحكم الغيب فهو الظاهر والباطن فرجعت إليه عواقب الثناء كله؛ بل إليك فافهم.
فلا حامد ولا محمود بل ولا الحمد إلا الله، ولا الحمد إلا العبد، فإن من هذا المشرب ما قلناه: إن حقيقة الحمد هو العبد المقدس فلا تقف مع ساحل الألفاظ، و خض بحر المعاني مجرد عن لباس الصور والأوان، لعلك تقدي بهذا فإن صعب عليك المرام من حيث أنه إلغاز وإيهام.
قل: إن الحمد في العرف إظهار ?مال المحمود في ظهور العبد الكامل على صورة إظهار الكمال، بل كمال الإظهار، فإن ما في الإمكان أبدع مما كان هل يكون شيء أبدع من صورة المبدع والله هو البديع؟!
فاقنع هذا وخذ ما آتيتك، وكن من الشاكرين فإن المقام مقام الحيرة والكيل كيل السندرة لله.
الاسم الله اسم مرتبة أزلية قديمة، وهو مقام انفصال وجود من وجود الإله، ثم غيبه عن وجوده بوجوده سبحانه الأزلي الأبدي، فلما جمع الأبد والأزل جمع الحرفين، ولف الطرفين، وطي البردين في اعتدال البردين .
فأوصل اللام باسم الجلالة ؛ الكمال الاتصاف وغاية العدل والإنصاف.
(وقال الله) لتحقق الاتصال التام و تمكنه في ذلك المقام، فخرج من مضمون مجموع ما ذكرته إن فهمته أن غاية الأمر أنه حمد نفسه التي رآها وهذا من محتملات الآية، إذا كانت الكاف غير زائدة وصار الموجود مرآة فلا تحلت صور الممثل في مرآة الذات.
قال لها تعالى حين أبصرت الذات وعطست و میزت نفسها: احمدي من رايت فحمدت نفسه التي رأت في المرآة.
فقالت: الحمد لله.
فقال لها: يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك فسبقت بهذا القدم رحمته غضبه.
وإنما قلت: إن الله اسم للمرتبة لا اللذات .
لقوله فيه في أجوبة الترمذي رحمه الله: إن مدلول الله يطلب العالم بجميع ما فيه فهو له كاسم الملك والسلطان، فهو اسم للمرتبة لا للذات انتهى كلامه رضي الله عنه.
و كيف لا والحمد ما يقع إلا على الأسماء للذات البحت؛ لأنها لا تدرك.
قال صدر الدين القونوي في شرح الفاتحة: إن الحمد هو الثناء في الحقيقة تعريف، والتعريف لا يصح بدون معرفة المعرف بالفتح فافهم. فكيف تقبل الحمد.
و أيضا: إن الحمد من مقام التفصيل والجمع لا الأحدية الذاتية فافهم.
فإذا فهمت هذا فاعلم أن الشارح الذي شرح الله صدر الخطبة بالذات المطلقة المعراة عن جميع النسب حتى عن نسبة التجرد والإطلاق ما اتصف، وكيف يصدر من العارف ما يخرج عن ميزان القسط والعدل فافهم.
فإن قيل: لم قال له الحمد لله ولم يقل بالله؟
كما يقول، العارف، قلنا: لشرف مقام اللام فإن الحمد له أعلى من الحمد بالله؛ لأن الحمد بالله أبقى الحامد وهو مقام قرب النوافل، والحمد لله أفي الحامد وهو من مقام قرب الفرائض.
فإذا قال العالم : الحمد الله: أي لا حامد لله إلا هو فأجري ألا يكون محمودا سواه.
وقال الجاهل: الحمد لله : أي لا محمود إلا الله فاشتركا في اللفظ، و افترقا في المعنى فالعالم أفني الحامدين والمحمودين من الخلق.
والمحجوب أفني المحمود من الخلق فقط.
وأما العارفون هم البائيون فلا يتمكن لهم أن يقولوا الحمد لله إلا مثل العامة، وإنما مقامهم الحمد بالله؛ لبقاء نفوسهم عندهم وغاية الأمرين ونهايته أنها قائمة بالله وهم أهل مشهد لا حول ولا قوة إلا بالله.
فلما كان له به رتبة العلم فقال: الحمد لله وما قال: الحمد بالله فإن دون رتبته.
قال له في «الفتوحات» نقلا عن أبي العباس العريف أنه قال: العلماء لي والعارفون بي يشير إلى ما ذكرناه.
فأثبت المقام العالي للام؛ لأن اللام لا تبقي ولا تذر.
فالعلماء هم اللاميون، و العرفاء هم البائيون، فافهم
(منزل الحكم)، مخففة من باب الأفعال يشير فنه إلى مرتبة الإنزال الإجمالي إلى حضرة النفس الكلي التي عبر عنها بلسان الشرع، أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ من المحو والإثبات.
كما أشار إلى هذا الإنزال الإجمالي قوله تعالى : "إنا أنزلناه في ليلة القدر" 1 سورة القدر .
وهو إنزال إجمالي إلى النفس المحمدية المعبر عنها بلسان العموم السماء الدنيا.
قال بعض المفسرين: إنه تعالى أنزل القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر والشرف.
أو نقول: منزل بالتشديد من باب التفعيل: أي منزل الحكم على سبيل التدريج بحسب المصالح كما قال تعالى في القرآن
"ما ننزله إلا بقدر معلوم" [الحجر: 21] اقتضته حكمة الحكيم.
وقال تعالى : "ونزلناه تنزيلا" [الإسراء:106] : أي مرتبا بحسب المصالح.
وقال تعالى : "فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين" [البقرة: 97]؛ لأنه محل التفصيل بخلاف النفس إذا إجمال بالنسبة إلى قلب القلب، وفيه تفصيل كل أمر فهكذا نزول الحكم على الكلم على النفوس مرة، وعلى القلوب تارة أخرى.
فالأولى أشرف وأعلى، والثاني أنتم وأولى ولهذا خوطب صلى الله عليه وسلم حين كان يعجل بالقرآن قبل الفرقان
فقال تعالى: "ولا تعجل بالقرآن" [طه: 114] : أي بالإجمال قبل التفصيل إشارة إلى أن الفرقان بعد القرآن أتم وأولى، فافهم .
وأما الحكم وهي جمع حكمة، قال تعالى: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" [البقرة:269]، وما كثره الله تعالى لا يدخله قلة وأمتن على نبيه وخليفته داود عليه السلام ، وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم بأن أتاه الحكمة وفصل الخطاب، وهو من ثمرة الحكمة أو الحكمة نفسها.
وهو إيجاز البيان في موطن الإطناب والإسهاب في الآخر على ما يقتضيه المقام والحال، وأوتي صاحب جمع الجمع صلى الله عليه وسلم ما لم يؤتوا وهو صدق قوله: «أوتيت جوامع الكلم». وهو من أكبر فصول الخطاب جزء من أجزاء هذا الكتاب.
وعلى لسان رتبته صلى الله عليه وسلم .
قال ولي من أوليائه "الشيخ عبد القادر الجيلاني" : "يا معشر الأنبياء أوتيتم اللقب، وأوتينا ما لم تؤتوا".
أو نقول: منزل بالتشديد من باب التفعيل: أي منزل الحكم على سبيل التدريج بحسب المصالح كما قال تعالى في القرآن
"ما ننزله إلا بقدر معلوم" [الحجر: 21] اقتضته حكمة الحكيم.
وقال تعالى : "ونزلناه تنزيلا" [الإسراء:106] : أي مرتبا بحسب المصالح.
وقال تعالى : "فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين" [البقرة: 97]؛ لأنه محل التفصيل بخلاف النفس إذا إجمال بالنسبة إلى قلب القلب، وفيه تفصيل كل أمر فهكذا نزول الحكم على الكلم على النفوس مرة، وعلى القلوب تارة أخرى.
فالأولى أشرف وأعلى، والثاني أنتم وأولى ولهذا خوطب صلى الله عليه وسلم حين كان يعجل بالقرآن قبل الفرقان
فقال تعالى: "ولا تعجل بالقرآن" [طه: 114] : أي بالإجمال قبل التفصيل إشارة إلى أن الفرقان بعد القرآن أتم وأولى، فافهم .
وأما الحكم وهي جمع حكمة، قال تعالى: "ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا" [البقرة:269]، وما كثره الله تعالى لا يدخله قلة وأمتن على نبيه وخليفته داود عليه السلام ، وعلى نبينا صلى الله عليه وسلم بأن أتاه الحكمة وفصل الخطاب، وهو من ثمرة الحكمة أو الحكمة نفسها.
وهو إيجاز البيان في موطن الإطناب والإسهاب في الآخر على ما يقتضيه المقام والحال، وأوتي صاحب جمع الجمع صلى الله عليه وسلم ما لم يؤتوا وهو صدق قوله: «أوتيت جوامع الكلم». وهو من أكبر فصول الخطاب جزء من أجزاء هذا الكتاب. وعلى لسان رتبته صلى الله عليه وسلم .
قال ولي من أوليائه "الشيخ عبد القادر الجيلاني": «يا معشر الأنبياء أوتيتم اللقب، وأوتينا ما لم تؤتوا».
ذكره رضي الله عنه في "الفتوحات" عن قطب وقته و فرد عصره عبد القادر الجيلاني قدّس سره .
"أضاف الشيخ المحقق للكتاب :
قال الشيخ العطار : وأما قول سیدنا سلطان الأولياء عبد القادر : «معاشر الأنبياء أو تیتم
اللقب، وأوتينا ما لم تؤتوا» فهو من باب قول الخضر لموسى عليهما السلام "أنا على علم أو تيته لم تؤته" أو معنى ذلك، مع أنا لا نتوقف في فضل موسى على الخضر، وفضل الله يؤتيه من يشاء.
كيف وعلم رجال هذه الأمة موروت عنه صلى الله عليه وسلم ، وقد علم ما لم يعلمه غيره ممن سبقه من الأنبياء عليهم السلام ، فقد فاز رجال هذه الأمة بالعلم الموروث عنه صلى الله عليه وسلم .
وقال أيضا الشيخ الشعراني معقبا على ذلك: اعلم أن قوله رضي الله عنه : «إنما أوتيتم اللقب» أي حجر علينا لقب النبي ، وإن كانت النبوة سارية إلى يوم القياسية في أكابر الرجال لأنهم نواب الأنبياء وورثتهم.
وأما قوله: «وأوتينا ما لم تؤتوا».. فهو معنى قول الخضر عليه السلام الذي شهد بعدالته وتقدمه في العلم لموسى عليه السلام " أنا على علم علمنيه الله لا تعلمه أنت" يريد من الوجه الخاص الذي بين كل إنسان وبين ربه.
ويحتمل أن يريد الشيخ عبد القادر بالأنبياء هنا أنبياء الأولياء أصحاب التعريف الإلهي، فتكون تصريحا منه بأن الله تعالى قد أعطاه ما لم يعطهم، والله أعلم. "
والحكمة علم خاص و الفرق بين الحكمة و العلم المطلق أن لها الجعل و التحكم بخلاف العلم فإنه تابع المعلوم، فالحكيم من قامت به الحكمة فكان الحكم لها .
قال تعالى إشارة إلى هذا المقام: "كتب على نفْسِهِ الرّحْمة" [الأنعام: 12] لأنها مقتضى الحكمة .
قال رضي الله عنه في الاسم الحكيم: إنّ العارف يقدم الحكيم على العليم، فالحكيم خصوص و العليم عموم، و لذلك ما كل عليم، انتهى كلامه رضي الله عنه .
وذلك لأنه ثبت عند أهل الكشف الأتم والتحقيق الأوسع الأعم أن الترتيب ثابت في الأعيان الثابتة في الحال بثبوتها في معدتها، وتعلق العلم الإلهي بحسب ما هي مرتبته، وما ترتبت إلا بالحكمة لأنه ما من ممكن مضاف إلى ممكن أخوالا ويمكن إضافته إلى ممكن آخر لنفسه مع قطع النظر عن أمر آخر، لكن الحكمة اقتضت هكذا وهو ذاتيّ لها، والظاهر في العالم الشهادي ظلّ ذلك العالم المعنوي على ترتيبه.
قال رضي الله عنه: هذا هو العلم الذي انفرد به الحق، و جهل منه فافهم، فظهرت به الحكم في الوجود بالوجود على ترتيب أعيان الممكنات في حال ثبوتها قبل وجودها روحا و صورة، فبان لك الفرقان بين العلمين العلم والحكمة وكلاهما .
قال الحكيم العليم: "ما يبدّلُ القوْلُ لديّ" [ ق: 29] لأنه مخالف الحكمة و هي تأبى التبدّل الخارج بخلاف النسخ فإنه من الحكمة البالغة .
قال تعالى: "ما ننْسخْ مِنْ آيةٍ أوْ نـنْسِها ن أْتِ بخيْرٍ مِنْها أوْ مِثلها" [ البقرة : 106] فافهم .
فالعلم بالحكمة المنزلة تخفيفا أو تثقيلا إمّا بكشف سبحات الوجه حتى يرى ما في العين الثابتة، فإنها حكم مرتبة من حكيم عليم، هذا الإنسان عين صفاء خلاصة الخاصة، و إمّا ما يكشف الغطاء عن البصر والبصيرة، أو بتعريف إلهي حتى يرى أو يعلم ما في الوجود من الحكم المرتبة ترتيب عليم حكيم .
أمّا قوله رضي الله عنه: بالإنزال أو التنزيل المشير إلى التنزل من العلو، فلأن الأمر نزول من علو أحدية الذات إلى أحدية الجمع باعتبار الإنزال أو التنزيل الذي من المقام الأقدم الذي هو الولاية المطلقة التي هي باطن النبوة.
أو من أحدية إلى ساحة الفرق باعتبار التنزيل و التفصيل في مرتبتي النبوّة و الرسالة المطلقة العامة و الخاصة.
فإذا فهمت ما سردته لك فهم منصف ظهر لك أنّ القول بأن التنزيل أولى من الإنزال كما ذهب عليه الشارحان القيصري و الجامي قدّس سرهما ترجيح بلا مرجح، بل بالعكس أولى و أحرى.
لأن الشيخ رضي الله عنه قال: إن الحكم من المقام الأقدم بأحدية الطريق الأعم، و هما بالإجمال أقرب من التفصيل، بل هما عينا الإجمال و محلا الإهمال فافهم، فإنها من فيض الأقدس لا المقدس.
كما صرّح به رضي الله عنه بعد هذا في قوله: ما بقي إلا قابل و القابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس، ثم الاستدلال بأنه لا يكن ظهور الحكم على القلوب بالفعل، إلا على سبيل التدرج إدخال الزمان على الإلهيات و الخروج عن الموطن المبحوث فيه، فإن المقام مقام الأقدم .
قال رضي اللّه عنه في الباب السادس و السبعين في فصل من "الفتوحات" :
ليس في حق الحق ماض و لا آت و آن، و إنه ما زال و لا يزال لا يتصف بأنه لم يكن ثم كان، و لأمر القضاء بعد ما كان و ربما يعطي الله تعالى هذه القوة لمن يشاء من عباده، و قد ظهر منها نفحة على النبي صلى الله عليه و سلم علم الأولين و الآخرين فعلم الماضي و المستقبل في الآن، فلو لا حضور المعلومات له في حضرة الآن لما وصف بالعلم بها في حضرة الآن فافهم.
مع أن شيخنا نور الدين عبد الرحمن الجامي قدّس سره اعترف في خطبة كتابه:
إن من عجائب هذا النوع ما فاض من قلبه إلا نور و روحه إلا ظهر كتاب "فصوص الحكم و الأسرار" دفعة واحدة على قلب المصنف رضي الله عنه انتهى كلامه .
و أما قول الشارح القيصري قدّس سره: إنّ التنزيل أولى ثم الاستدلال بأن نزول الحكم على كتاب استعدادات الأنبياء عليهم السلام، و لو كانت دفعة واحدة و لكن ظهورها بالفعل لا يمكن إلا على سبيل التدريج، فخروج عن المقصود لأن المراد من المبحث كيفية النزول لا كيفية ظهور المنزل، فافهم .
و لا تنظر إلى من قال، و انظر إلى ما قال لتكون من الرجال و لا تحرم من حقيقة صدق المقال، و تكن من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه .
( على قلوب) اعلم أيدك الله و إيانا بروح منه أنّ القلب عبارة عن النشأة الجامعة بين الحقائق الجسمانية و القوى المزاجية، و بين الحقائق الروحانية و الخصائص النفسية، و هو جوهر برزخي له وجه إلى جميع الأطراف و له مقام المضاهات، وأن يتسع لانطباع التجلي الذاتي الذي ضاق عنه العالم الأعلى و الأسفل بما اشتملا عليه .
كما ورد به الإخبار الإلهي من مشكاة النبوّة، وهو قوله سبحانه: "ما وسعني أرضي وسمائي ويسعني قلب عبدي"
وأن يكون مستوي له و ظاهرا بصورته، فالقلوب أبدا لم تزل مفطورة على الجلاء، مصقولة صافية وكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي هو الياقوت الأحمر، و هذا هو التجلي الذاتي فذلك قلب المشاهد الكامل المكمّل العالم الذي لا أحد فوقه في تجلّ من التجليات .
قال سبحانه: "إنّ في ذلك لذكْرى لمنْ كان لهُ قلْبٌ" [ ق: 37] لأن التقليب و التقلب في القلب نظير التحوّل الإلهي في الصور، فلا يقابل التحول الغير المتناهي إلا التقلب الغير المتناهي فلا تكون معرفة الحق إلا بالقلب.
ثم يقبلها العقل القدسي من القلب كما يقبل من الفكر، فمن لم يشهد التجليات بقلبه ينكرها بالعقل لأنه يقيد و الأمر مطلق غير مقيد، بل القلب بين الإصبعين يقلبها كيف يشاء العبد، أو الحق فهو متقلب بتقلب التجليات، و التجليات بحسب الشئون كل يوم هو في شأن .
أو نقول: إنه يتقلب بتقلب التجليات، و التجليات بحسب استعدادات الأعيان، فالقلب مرآة مصقولة كلها وجه لا تصدأ، و إن أطلق عليه يوما ما الصدأ .
كما ورد في الحديث : " إن القلوب لتصدأ كما يصدأ الحديد ".
الحديث ليس المراد بهذا الصدأ أنه طخا و طلع على وجه القلب، بل لما تعلق و اشتغل بعلم الأسباب عن العلم بالمسبب، فكان تعلقه بغير الله هو الصدأ، فهذه المرآة المصقولة التي هي القلب مقابلة للوجه المطلق، فتظهر فيها صور الشئون .
قال الله تعالى : " لا يسعني أرضي و سمائي".
يشير إلى العلويات و السفليات فإنه تعالى عرض عليها الأمانة، فأبين أبا استعداديا .
ثم قال : "و يسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي". رواه الديلمي والعجلوني
، وذلك لوسع دائرته، بل لعدم تناهيه و حسن المقابلة و كمال الموطأة و المواجهة. فأين هذه السعة من سعة العارف القابل؟
لو أبقيت العرش و ما حوله ألف ألف مرة في زاوية قلب العارف ما أحسّ به، و أين المتناهي من غير المتناهي؟ .
فقلب العبد , العبد الخصوصي بيت الله سبحانه و موضع نظره و معدن علومه و حضرة أسراره و مهبط ملائكته و خزانة أنواره و كعبته المقصودة و عرفانه المشهودة رئيس الجسم و مليكه.
إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون . مع السلامة من الآفات و زوال الموانع، بل بصلاحه صلاح البدن و بفساده .
فساده هو الموصوف بالسكر، و الصحو في الإثبات و المحو، و له الأسرار و التنزل هو ذو الجلال و الجمال و الأنس و الهيبة هو قابل المعاني، و مدبر الأواني و هو صاحب الجهل و الغفلة و الكفر و الشرك إمّا مضل، و إمّا هاد بل هو مضل هاد .
( الكلم) جمع كلمة و هي ليست سوى صور الممكنات، فالمراد هنا من الكلم أعيان الكمّل من الأنبياء و الرسل صلوات الله عليهم أجمعين .
قال تعالى في عيسى عليه السلام: "و كلمتهُ ألقاها إلى مريم و روحٌ مِنْهُ فآمِنوا باللّهِ ورسُلِهِ ولا تقُولوا ثلاثةٌ انتهُوا خيْرًاً لكُمْ إنّما اللّهُ إلهٌ واحِدٌ سُبْحانهُ أنْ يكُون لهُ ولدٌ لهُ ما في السّماواتِ وما في الْأرضِ وكفى باللهِ وكيلًا" [ النساء: 171] . إنما سميت كلمة لأنها مجتمعة من الحروف العاليات .
قال رضي الله عنه في بعض أشعاره :
كنا حروفا عاليات لم نقل ....... متعلقات في ذرى أعلى القلل
و هي كالكلمة الحرفية المركبة من حروف النفس بفتح الفاء، و ذلك لأن كل معلوم في عرضه الإلهي له رتبة الحرفية فبالانصياع بنور الوجود بحركة معنوية ذاتية يظهر مجموع من الحروف العاليات المسماة بالأعيان الثابتة في مرآة الوجود، فيسمّى ذلك الظاهر المجموع بالكلمة، فكل نبي و ولي كلمة، و نبينا صلى الله عليه و سلم بجوامع الكلم .
و من هذا المقام قال : "أوتيت جوامع الكلم"
و كذا الوارث من أمته صلى الله عليه و سلم فإن لهم فيه صلى الله عليه وسلم أوتي هذه الأمة التي هي مجموع الكلمات لأنه من بعض محتملات الحديث المذكور .
قال صلى الله عليه و سلم : "أوتيت جوامع الكلم" : أي أعيان أوليائه، و أرواح وارثيه، بل كل واحد منهم جامع الكلم بقدر الاتباع و الوسع، و من وفى حقّ اتباعه كان له حكمة .
كما قال صلى الله عليه و سلم : "ادعوا إلى الله علي بصيرة أنا و من اتبعني" وهذا الاتباع أنتج
المحبة والمحبة أثمرت أن يكون الحق سمعه، و بصره، و جميع قواه صحّ له أن يكون جوامع الكلمات، و مجامع الخيرات، فافهم .
و من هذا المقام ما ورد : "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل"
و يخبر صلى الله عليه و سلم في أحاديث كثيرة بأخوة الأنبياء عليهم السلام .
و في حديث الأخوة حين قالوا: "نحن إخوانك يا رسول الله
قال: لا أنتم أصحابي، و إخواني الذين يأتون بعدي آمنوا بي ولم يروني الحديث" و الإخوة هي الأسوة الحسنة فيما أخذوا من المعدن، فافهم . ( بأحدية الطريق الأمم) و الأمم بفتح الهمزة هو: المستقيم و فيه تقديم و تأخير: أي بطريق الأحدية الذاتية الحاصلة من الفناء الذاتي فإنه أقرب طريق إلى البقاء ، و أقومها للوصول إليه لا الأحدية الأسمائية.
لأن الأول من المقام الأقدم و فيضه الأقدس.
و الثاني من المقام القديم و فيضه المقدس.
و الأمر في نفس الأمر أقدس من أن يكون مقدّسا و معرفة هذا موقوف على معرفة الأحدية و الواحدية لتعلم مراتب الفيضين: أي الأقدس و المقدّس المرتبين على المرتبتين .
فاعلم أن الأحدية و الواحدية و لو كانتا ذاتين لوحدة الذات، و لكن أحديتها مقام انقطاع الكثرة