أشبه الناس بالنبى " سيدنا الحسن "

من الناس من يفرض حبه على القلوب بحسن خلقه ونقاء سريرته وحميد سيرته وحبه للناس مثل ما يحبه لنفسه وتعاونه معهم على البر والتقوى .

ومنهم من يزيد على ذلك كله بمحامد أخرى قد خصه الله بها دون سواه فآثره الناس بحبهم من تلقاء نفسه فى غجلال وإكبار ، ورأوا فى حبه قربة إلى الله تعالى تزكوا بها أعمالهم تعظم بها أجورهم ويجدون فى هذا الحب الغامر أنسهم ونعيمهم وتعجز ألسنتهم عن التعبير عنه والإفصاح بآثاره التى يجدونها كلما ذكروه أو سمعوا له

ذكرى .

ومن هو ذاك إلاخاتم الأنبياء وأكرم الرسل صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

إن حبه وحب من يحبه شعبة من أعظم شعب الإيمان وبرهان من براهين صحته وموجب من موجبات شفاعته .

وأحب الناس قاطبة إلى قلب سيدنا رسول الله ابنته فاطمة الزهراء وأولادها : سيدنا الحسن وسيدنا الحسين والسيدة زينب رضى الله عنهم وأرضاهم .

وسيدنا الحسن أقربهم شبهاً به فى الخَلق والخُلق بهذا شهد كل من رآه .

روى البخارى فى صحيحه عن عقبة بن الحارث : أن أبا بكر رضى الله عنه صلى بهم العصر بعد إنتقال سيدنا رسول الله بليال ثم خرج هو وسيدنا الإمام على فرأى سيدنا الحسن يلعب مع الغلمان فاحتمله على عنقه وجعل يقول :

بأبى شبيه النبى ليس شبيهاً بعلىّ

وسيدنا الإمام على يضحك .

وكانت السيدة فاطمة الزهراء تداعبه بشئ وتقول ما قاله أبو بكر فيه .

وروى عبد الرازق وغيره عن معمر عن الزهرى عن أنس قال : كان الحسن بن على أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم .

ويروى ان رجىً قال لابن سيرين : رأيت النبى فى المنام فقال : كيف رأيته ؟ قال : رأيته أشبه ما يكون بالحسن رضى الله عنه ، قال : إذن فقد رأيته .

ولد سيدنا الحسن فى منتصف شهر رمضان من السنة الثالثة للهجرة ، ففرح النبى بموله فرحاً شديداً وهو أول مولود يولد لابنته فاطمة رضى الله عنها ، فدخل عليها وقال بشغف " أرونى ابنى ... ما سميتموه ؟ ".

قال الامام على : سميناه حرباً فقال بل هو حسن .

ولما ولد سيدنا الحسين دخل عليها وقال " أرونى ابنى ... ما سميتموه ؟ قال الامام على : حرب ، فقال بل هو حسين "

فكان كلا من الإسمين عميق الدلالة على مسماه ، فقد كان مل منهما فى الحُسن إماماً .

وهما ريحانة النبى قد أعطاهما الحب كله وغمرهما بعطفه وحنانه لأنهما ولد السيدة فاطمة وهى من أحب الناس إليه وأقربهم شبهاً به فى خلائقه وشمائله وهى من بنت أحب أزواجه إليه صديقة عمره وشريكة حياته آمنت به قبل الناس وواسته بنفسها ومالها وشاركته آلامه وآماله .

لقد رأى فى الحسن والحسين ما كان يرجوه من النسل الذى يحفظ عليه عقبه إذ لم يعش له ولد من صلبه .

ولقد قال فى الحسن " اللهم إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه " الحديث فى مسند أحمد وغيره .

وقد أخبر أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وجاء ذلك فى أكثر من رواية صحيحة وردت فى سنن للتمذى ومسند أحمد وغيرهما .

وكان رضى الله عنه ــ كما يقول الذهبى وغيره من أصحاب السير ــ سيداً وسيماً جميلاً عاقلاً رزيناً جواداً خيِّراً ورعاً محتشماً ، كبير الشأن طاهراً مطهراً لا يحمل فى قلبه ضغناً لأحد يميل إلى السلم واللين ولا يميل إلى الحرب والعنف ويدعوا إلى الله على بصيرة . وكان صوّاماً قوّاماً يكثر من الذكر وتلاوة القرآن .

وكيف لا يكون كذلك وهو نسمة من نسماته صلى الله عليه وسلم وبضعة منه ، شرب من ريقه ورضع من لبان حبه وعاش فى كنفه وتأدب بأدبه .

لقد دعا له النبى ولأخيه بكل دعوة فيها جماع الخير لهما فى الدنيا والآخرة .

عن أم سلمة رضى الله عنها : أن النبى جلّل حسناً وحسيناً وفاطمة وعلىّ بكساء ، ثم قال : اللهم إنهم أهل بيتى وخاصتى ، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً " .

وقد أجمعت كل الدلائل على أن حب سيدنا الحسن وسيدنا الحسين من أوجب الواجبات ، وأن الخير كل الخير فى السير على نهجهما والمشى فى ركابهما .

نظر رسول الله إلى على وابنيه وفاطمة فقال : " أنا حرب لمن حاربكم سلم لمن سالمكم "

وأعظم ما يتحلى به سيدنا الحسن حكمة مَنّ الله بها عليه يعرف بها مواطن الخير ومواطن الشر ويدرك عن قريب ما تنطوى عليه النفوس من الهوى فيدعوهم إلى ترك الشهوات التى تصرفهم عن التأمل فى عواقب الأمور فى الدنيا والآخرة فكان رضى الله عنه واعظاً بليغاً يبلغ كلامه أعماق القلوب ويقتنع برأيه السديد كل من أراد الهدى وسعى إليه جاهداً.

لقد كان يقول الحق وينصره ويصحح المفاهيم الخاطئة ويدفعها عنهم ويزيلها من طريقهم .

قيل له إن أبا ذر يقول " الفقر أحب إلىّ من الغنى ، والسقم أحب إلىّ من الصحة ، فقال : رحم الله أبا ذر ، أما أنا فأقول : من اتكل على حُسن اختيار الله له لم يتمنّ شيئاً " .

وقد خطب يوماً بالكوفة فقال : إن الحلم زينة ،و الوقار مروءة ، والعجلة سفه ، والسفه ضعف ، ومجالسة أهل الدناءة شين ، ومخالطة الفسّاق ريبة .

وعاش رضى الله عنه زاهداً على كثرة ما كان لديه من المال ، فقد كان ينفق منه ذات اليمين وذات الشمال .

بويع رضى الله عنه بالخلافة بعد أبيه فى السنة التاسعة والثلاثين ومكث فيها سبعة أشهر وأحد عشر يوماً .

ولما حضرته الوفاة قال لأخيه سيدنا الحسن : يا أخى ، إن أباك لما قُبِض رسول الله استشرف لهذا الأمر ( الخلافة ) فصرفه الله عنه ، فلما احتضر أبو بكر تشرف أيضاً لها فصُرفت عنه إلى عمر فلما احتضر عمر ، جعلها شورى ، أبى أحدهم ، فلم يشك أنها تعدوه ، فصرفت عنه إلى عثمان فلما قُتل عثمان ، بويع ، ثم نُوزِع حتى جرد السيف وطلبها فما صفا له شئ منها ، وإنى والله ما أرى أن يجمع الله فينا ــ أهل البيت ــ النبوة والخلافة ، فلا أعرفن ما استخفك سفهاء أهل الكوفة ، فأخرجوك .

ودفن سيدنا الحسن بالبقيع فى السنة التاسعة والأربعين من الهجرة ، وكان له من الأولاد : الحسن وزيد وطلحة والقاسم وأبو بكر وعبد الله وعمرو وعبد الرحمن ومحمد ويعقوب وإسماعيل .

ولم يترك منهم عقباً سوى : الحسن وزيد فللحسن خمسة أولاد أعقبوا ، ولزيد ابن وهو الحسن الأنور والد السيدة نفيسة رضى الله عنها وله أيضاً القاسم وإسماعيل وعبد الله وإبراهيم وزيد وإسحاق وعلىّ رضى الله عنهم .

Admin عدد الرسائل : 161 تاريخ التسجيل : 24/08/2007

الاخ الجليل الحبيب علي زين العابدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حين أقرء كتاباتك أشعر بصدق قولك في خاتمة مواضيعك (لا تحسبوني في الهوى متصنعا)
وخصوصا ما يتعلق بسيرة أعلام أهل بيت النبوة, والأولياء والاكابر في هذه الامة التي هي خير امة اخرجت للناس
وشعرك للسيدة زينب كانه مناجاة عاشق لهم عليهم السلام
هنيئا لك يا سيدي بهذه المحبة, وقريبا يسفرون وجههم لمحبيهم , فاذا هم هم
وانا يا سيدي اجد ان منتدانا ( سير وتراجم الاعلام والنبلاء) مفيد جدا, ولكنه بحاجة الى ان تكون فيه حقول مخصصة, فلاعلام اهل البيت عليهم السلام حقل , ولشعراء المتصوفة حقل, وهكذا, ... لتكون الفائدة اشمل , ولاجل اثراء المواضيع كل بحسبه, وبحسب ما يمكن لاعضاء المنتدى ان يساهموا فيه, وشكرا لك على كل ما تجود به من مودة ومحبة.

إلى أخى الكريم الحبيب / ذو العين

أشكرك أخى الحبيب على مرورك الكريم وعلى ردك الجميل

أرى أن فكرتك لتقسيم منتدى سير وتراجم مفيدة وجميلة

شكراً لك أخى الكريم مرة اخرى على اهتمامك

بارك الله بيك مشرفنا الغالي

حقا موضوع رائع فقط احب ان اضيف :

يا حادي الركبان متى وصلت البان
ارح هنـاك العـيس وبشـر الولهـان

فقط اتمنى من الله ان يرزقني بولد و اسميه الحسن حتى كل الناس تناديني ام الحسن ....قولو آآآآآمين

أختى الفاضلة زينب

شكراً على ردك الرقيق والجميل

وأدعوا الله عز وجل أن يرزقكى بـ " الحسن " آمين يا رب العالمين

» " كن " .. وأخواتها _ من المرويات عن سيدنا رسول الله
» السفير الأمريكي صوفي يسعى لجوار " السيد البدوي "
» الشيخ محمد الهلباوي - جلسة خاصة بالكويت " الي اخي الدرويش "
» Madad Ya Rasol Allah" mohamed mounir"محمد منير
» مناقشة الصوفية في مؤتمر"الحب والكراهية" في جامعة فيلادلفيا