منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:42 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى: الجزء الأول 
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.
ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم.
ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.
ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه.
وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .
فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.
وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده و توكل عليه» حجابا وسترا .
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.
فنحن صورته الظاهرة، وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها.
فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه.
فـ هو «الأول» بالمعنى «والآخر» بالصورة وهو «الظاهر» بتغير الأحكام والأحوال، «والباطن» بالتدبير، «وهو بكل شيء عليم» فهو على كل شيء شهيد، ليعلم عن شهود لا عن فكر.
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا.
ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.
وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين.
فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي.
والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.
وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي».
يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.
وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :


19 - نقش فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لمّا لم يناقض الصبر الشكوى إلى الله ولا قاوم الإقتدار الإلهي لصبره .
وعُلم هذا منه . أعطاه الله أهله ومثلهم معهم .
وركض برجله عن أمر ربه . فأزال بتلك الركضة آلامه .
ونبع الماء الذي هو سر الحياة السارية في كل حي طبيعي . فمن ماءٍ خُلق . وبه يرى . فجعله رحمةً لهُ . وذكرى لنا وله .
ورفق به فيما نذره تعليماً لنا ليتميز في الموّفين بالنذر .
وجعلت الكفارة في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لسترهم عما يعرض لها من العقوبة في الحنث .
والكفارة عبادة . والأمر بها أمرٌ بالحنث . إذ رأى خيراً مما حلف عليه . فراعى الإيمان . وإن كان في معصية ذاكرٌ لله فيطلب العضو الذاكر نتيجة ذكره إياه .
وكونه في معصية أو طاعة حكم آخر لا يلزم الذاكر منه شيء .


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
19 - فك ختم الفُُص الايوبى
1 / 19 -  اعلم ان في تسمية هذه الحكمة بالحكمة الغيبية سرين كبيرين أنبه عليهما ان شاء الله تعالى ،
فالسر الأول منها : هو ان المحن والبلايا من حيث صورتها مؤلمة بالنسبة الى جميع الناس غير ملائمة لنفوسهم وطباعهم ولا يصبر عليها الا من قويت نسبته من العوالم الغيبية وجزم بحسن نتائجها وثمراتها المرضية ، لتصديقه الاخبارات الإلهية والنبوية ، او لاطلاعه على العوالم التي وراء الحس ، فيهون ذلك عليه الصبر على مضض المحن لما يعلمه او يرجوه من حسن العاقبة واجنائه ثمرات ما يقاسيه من المكاره ، و على كلا التقديرين فالنفع مغيب والعذاب مشهود حاضر .
 
2 / 19 - والسر الاخر هو ان الإنسان وان جزم عن ايمان محقق او عيان ، ان للصبر على المحن ثمرات مرضية ، فإنه لا يلزم من ذلك رجوع ما ذهب عنه بعينه فكيف ان يعاد اليه عين ما تلف ومثله معه في الدنيا ؟
وكلا السرين تضمنها حال ايوب عليه السلام .
 
3 / 19 -  وقد فتحت لك باب هذا المقام فلج فيه ان كنت من اهله ، انك ان ولجت فيه استشرفت على جملة من اسرار التكاليف واسرار العبادات الشاقة البدنية والنفسانية وفائدة التحريض عليها وسر المجازاة عليها في الآخرة ، وفي الدنيا دون الآخرة ، وفي الدنيا والآخرة معا وعرفت الفرق بين المواهب الإلهية الواردة ابتداء وليس لكسب فيها مدخل وبين ما تنتجه المكاسب في ظاهر الإنسان وباطنه وغير ذلك مما يتعلق بهذا الباب .
 
4 / 19 - ثم اعلم : ان البلاء والمحن التي تلحق بالأنبياء والأكابر من اهل الله ينقسم الى ثلاثة اقسام ، لكل قسم منها موجب وحكم وثمرة : فتارة يكون بالنسبة الى البعض مصاقيل لقلوبهم ومتممات لاستعداداتهم الوجودية المجعولة ، لتهيئوا بذلك الأمور لقبول ما يتم به لهم اذواق مقاماتهم التي حصلوها ولم يكمل لهم التحقيق بها ، فيكون تلبسهم بتلك المحن سببا لاستيفائهم ذوق مقامهم الناقص وترقيهم فيه الى ذروة سنامه الموجب الاطلاع على ما فيه ، فإنه من لم يتكلم على المقام - اى مقام كان - ولم يترجم عنه بطريق الحصر لاصوله والاستشراف على جملة ما فيه ، فإنه انما يتكلم على ذوقه من ذلك المقام ليس بحاكم عليه ومحيط به ، فافهم .
 
5 / 19 - وموجب القسم الثاني هو سبق علم الحق بان المقام الفلاني سيكون لزيد لا محالة ، مع علم الحق ايضا ان حصول ذلك المقام لمن قدر حصوله له لا بد وان يكون للكسب فيه مدخل ، فلا يتمحض الموهبة الذاتية فيه ، فان ساعد القدر الإلهي والتوفيق بارتكاب الأعمال التي هي شروط في حصول ذلك المقام ، كان ذلك ، وان لم يساعد القدر ولم يف العمر باستيفاء تلك المشترط ارتكابها للتحقق بذلك المقام ، أرسل الله المحن على صاحب المقام ورزقه الرضا بها والصبر عليها وحبس النفس فيه عن الشكوى الى غير الله والاستعانة في رفعها بسواه ، فكان ذلك كله عوضا عن تلك الأعمال المشترط فيها ذكرنا وقائمة مقامها ، فحصل للمقام المقدر حصوله عليها .
 
6 / 19 - فان الصبر والرضاء والإخلاص لله دون الالتجاء الى غيره وطلب المعونة من سواه - كلها اعمال باطنة يسرى حكمها في الأحوال الظاهرة - كالنية ونحوها - فاعلم ذلك وتدبر ما ذكرت لك تعرف كثيرا من اسرار محن ايوب عليه السلام وما ابتلى به وثمراته .
 
7 / 19  - اما موجب القسم الثالث فهو سعة مرآة حقائق الأكابر المضاهية للحضرة الإلهية المترجم عنها بقوله تعالى : " وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُه " [ الحجر / 21 ] فمن كانت مرآة حقيقته اوسع ، كان قبوله مما في الحضرة وحظه منها اوفر ، فكما ان حظهم مما يعطى السعادة ويثمر مزيد القرب من الحق سبحانه والاحتظاء بعطاياه الاختصاصية اوفر ، فكذلك قبول ما لا يلائم الطبع والمزاج العنصري الذي به تمت الجمعية وصحت المضاهاة المذكورة يكون اكثر .
فافهم هذا ، قد أوضحت لك اسرار المحن والبلايا المختصة بالاكابر محصورة الأقسام .
 
8 / 19 - واما الخصيصة بعموم المؤمنين : فهي وان كانت من بعض فروع القسم الأول ، لكن أخبرت الشريعة باحكامها وثمراتها ، فلا حاجة الى بسط القول في ذلك ، لا سيما بعد استيفاء بيان ما خفى من اسرار الحال الايوبى عليه السلام لمن تذكر ما ذكرنا.
 
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين يناير 27, 2020 4:43 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:42 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى : الجزء الثاني 
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية

مصطلح أيوب
في اللغة أيوب أحد أنبياء بني إسرائيل اشتهر بصبره على فقد أهله وماله وما أصابه من أمراض  

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام القشيري:
" أيوب : لكثرة إيابه إلى الله في جميع أحواله في السراء والضراء ، والشدة والرخاء ".

يقول الدكتور يوسف زيدان:
أيوب عليه السلام : يشير  إلى الوله والمحبة " .

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في أنواع خلوات الأنبياء:
" كانت خلوة أيوب في البلاء .
وكانت خلوة إبراهيم في النار .
وكانت خلوة موسى في التابوت في اليم أولا ، ثم بالاعتزال والصيام .
وكانت خلوة يونس وكمال رياضته في بطن الحوت " .

يقول الشريف الجرجاني :
" الصبر هو ترك الشكوى من ألم البلوى لغير اللّه لا إلى اللّه لأن اللّه تعالى اثنى على أيوب، عليه السلام بالصبر بقوله إنا وجدناه صابرا، مع دعائه في دفع الضر عنه،
بقوله :"وأيوب إذ نادى ربه انّى مسنّى الضر وأنت ارحم الراحمين"،
فعلمنا ان العبد إذا دعى اللّه تعالى في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره،
ولئلا يكون كالمقاومة مع اللّه تعالى ودعوى التحمل بمشاقة،
قال اللّه تعالى "ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لر بهم وما يتضرعون"،
فان الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا إلى غيره وانما يقدح بالرضا في المقضى، ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضرّ هو المقضي به، وهو مقتضى عين العبد سواء رضي به أو لم يرضى.
كما قال صلى اللّه عليه وسلم : "من وجد خيرا فليحمد اللّه ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ الا نفسه" ، وانما لزم الرضاء بالقضاء لأن العبد لا بد ان يرضى بحكم سيده "

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" اعلم إن ترك الترك إمساك ، والزهد ترك ، وترك الزهد : ترك الترك ، فهو عين رجوعك إلى ما زهدت فيه ، لأن العلم الحق ردك إليه والحال يطلبه ، فما له حقيقة في باطن الأمر ، لكن له حكم في الظاهر ، فيصح هذا القدر منه وبقى ، هل يقع الإمساك الذي هو ترك الزهد عن رغبة في الممسوك أو لا عن رغبة فاختلفت أحوال الناس فيه ...
فمن أمسك لا عن رغبة ، فهو زاهد أمين على إمساك حقوق الغير حتى يؤديها إلى أربابها في الأوقات المقدرة المقررة . "

يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
حقيقة الصبر : هو الخروج من البلاء على حسب الدخول فيه مثل أيوب عليه السلام قال في آخر بلائه : " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" .
فحفظ أدب الخطاب حيث عرض بقوله : "وأنت أرحم الراحمين " ولم يصرح بقوله ارحمني ".

ويقول الإمام القشيري :
" ليس الصبر ألا تذكر البلاء لفظا ونطقا ، بل هو ألا تعترض بقلبك على قضائه وقدره ، وإن ذكرت حالك له ، ورفعت قصتك إليه بلفظ لك ،
ودليل ذلك أن أيوب عليه السلام قال : " أني مسني الشيطان بنصب وعذاب " ،
وقال : " أني مسني الضر " ، ومع هذا كله لما كان راضيا بقلبه ، غير مغير ظنه قال الله تعالى في حقه : " إنا وجدناه صابرا " .

يقول الشيخ أحمد الكمشخانوي النقشبندي :
" قيل : إنما قال الله تعالى في حق أيوب عليه السلام : " إنا وجدناه صابرا " .
ولم يقل صبورا ، والصبور أبلغ في معنى الصبر من الصابر .
لأنه لم يكن في جميع أحواله في حالة الصبر ، بل كان في بعض أحواله يتلذذ بالبلاء ويستعد به ، فلم يكن في تلك الحال صابرا لأن الصبر لا يكون إلا مع المشقة والكراهة " .


يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ :
" الضر الذي مس أيوب عليه السلام هو الإلتفات إلى غيره تعالى ، وهو أعظم ضر عند العارفين ".

مصطلحات : الوجه الإلهي  - وجه الهوية - الوجه الخاص

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" العارفون فإنهم عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق ، فلا يخطئ أبدا ".

و يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" إنما سمي النزول من الملائكة إلينا عروجا ، والعروج إنما هو لطالب العلو ، لأن لله في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه … ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الإطلاق ، سواء تجلى في السفل أو العلو ، فالعلو له .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الوجه الالهي:
" العارفون عرفوا أن لله وجها خاصا في كل موجود ، فهم لا ينظرون أبدا إلى شيء من حيث أسبابه ، وإنما ينظرون فيه من الوجه الذي لهم من الحق ، فينظر بعين حق فلا يخطئ أبدا".
وانما سمي النزول من الملائكة الينا عروجا، والعروج انما هو لطالب العلو، لان للّه في كل موجود تجليا ووجها خاصا به يحفظه. . . ولما كان للحق سبحانه صفة العلو على الاطلاق، سواء تجلى في السفل أو العلو، فالعلو له.
ان للّه تعالى في كل موجود وجها خاصا، يلقي اليه "إلى الموجود" منه "من الوجه الخاص" ما يشاء، مما لا يكون لغيره من الوجوه، ومن ذلك الوجه: يفتقر كل موجود اليه. . . " (ف 2/ 423).


في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة د. سعاد الحكيم (ص: 1141)
5 - الوجه الخاصغيب، سر الهي ". . . وهذا النوع من الغيب لا يكون الا من الوجه الخاص، لا يعلم ملك ولا غيره الا الرسول خاصة. . . " (ف 4/ 128).
". . . فالنية في الاعمال لا تكون من العبد، الا من: الوجه الخاص " لأنها حتى يبقى بالسر الإلهي الذي هو الوجه الخاص الذي من اللّه اليه، فإذا بقي وحده رفع عنه حجاب السر فيبقى معه تعالى. . . " (ف 3/ 343).
الوجه الخاص: نكرة استعمل ابن العربي عبارة " الوجه الخاص " نكرة للإشارة إلى تعيين الألوهية، بوجه من وجوهها اي اسم من أسمائها في مقابل الاسم اللّه "له جمعية الوجوه - لا يتقيد".
يقول: " فعلمنا ان الصبر انما هو: حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه،
وأعني بالغير: وجها خاصا من وجوه اللّه، وقد عينّ اللّه الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى: وجه الهوية، فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا. . . " (الفصوص 1/ 175).


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن وجه الهوية:
وجه الهوية : هو وجه خاص من وجوه الله  .

اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا :
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بالْكَافِرِينَ (19) سورة البقرة
إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
 وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج

كل شيء حي يسبح بحمد ربه :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون :  
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول: يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ 

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:44 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية : الجزء الأول 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.).


19 -  فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
هذا فص الحكمة الأيوبية ، ذكره بعد حكمة يونس عليه السلام ، لأن معراج أيوب عليه السلام كان باغتساله بماء تلك العين التي نبعت له لما ركض برجله عن أمر اللّه تعالى ، ومعراج يونس عليه السلام كان بسيره في الماء في بطن الحوت في تلك الظلمات الثلاث ، فناسب ذكره بعده ، فقد مس سر الحياة بواسطة الحوت ومسه أيوب عليه السلام بلا واسطة .
(فص حكمة غيبية) ، أي منسوبة إلى الغيب وهو مقابل للشهادة (في كلمة أيوبية ) إنما اختصت حكمة أيوب عليه السلام بكونها غيبية ، لأن التكلم فيها على سر الحياة الإلهية القائم بها على كل شيء والسر غيب لا شهادة ، وهو ما غاب عن الحس والعقل بحيث لا يحصره أحد إلا غاب عن حسه وعقله .
 
 قال رضي الله عنه :  (إعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّه مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ[ الأنبياء : 30 ] وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ . ولا يسبّح إلّا حيّ .  فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه. وهو قوله عليه السّلام : « لو دلّيتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ،وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه ِ[ الأنعام : 18 ] فله الفوق والتّحت .  ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن . )
 
قال رضي الله عنه :  (اعلم ) يا أيها السالك (أن سر الحياة) الإلهية (سرى) من غير سريان إذ هو القيوم (في الماء) على كل ما خلق منه (فهو) ، أي الماء باعتبار ذلك (أصل العناصر) ، أي الأصول (والأركان الأربعة) التي هي الماء والتراب والهواء والنار (ولذلك) :
أي لكون الماء أصلا (جعل اللّه) تعالى "من الماء كلّ شئ حىّ" كما قال تعالى :وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ[ الأنبياء : 30 ] (وما ثم ) بالفتح ، أي هناك (شيء) محسوس أو معقول أو موهوم (إلا وهو حي) بحياة تناسبه مستفادة من حياة اللّه تعالى لقيوميتها عليه ،
(فإنه) ، أي الشأن ما من شيء مطلقا إلا وهو يسبح بحمد اللّه تعالى ، أي ينزهه تعالى عما لا يليق به مما يدرى ذلك الشيء بنطق عربي لا بلسان حال .
 
قال اللّه تعالى الذي أنطق كل شيء ولكن لا يفقه بالبناء للمفعول تسبيحه ، أي تسبيح ذلك الشيء إلا بكشف إلهي لمن يشاء اللّه تعالى من عباده .
قال تعالى :تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً( 44 ) [ الأسراء : 44 ] .
ولا يسبح بحمد اللّه تعالى إلا حي إذ الميت لا ينسب إليه علم ولا حركة ، فلا ينسب إليه تسبيح على أنه لا ميت أصلا بالمعنى الذي عند الغافلين الجاهلين ، والموت صفة من صفات الشيء لا ينافي الحياة فيه كالعقود والكلام فكل شيء حي بحياة تناسبه كما ذكرنا فكل شيء الماء أصله ، أي منشؤه منه ألا ترى يا أيها السالك العرش العظيم كيف كان على الماء كما قال تعالى :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 7 ] ،
 
(لأنه) ، أي العرش (منه) ، أي من الماء (تكوّن) ، أي أنشىء وخلق (فطفا) ، أي علا ذلك العرش (عليه) ، أي على الماء (فهو) ، أي الماء الذي هو أصله (يحفظه) ، أي يحفظ العرش من تحته ، أي من تحت العرش بقوّة سريان الحياة الإلهية فيه (كما أن الإنسان خلقه اللّه) تعالى (عبدا) ذليلا من حقه أن يكون قائما بمولاه تعالى في جميع أحواله متحركا ساكنا بأمره كالملائكة الذين هم بأمره يعملون (فتكبر) ذلك العبد (على ربه) الذي هو خالقه ومنشيه (وعلا ) ،
أي ارتفع عليه سبحانه بالغفلة عنه والغرور فيه ودعوى الاستقلال بنفسه في جميع شؤونه الظاهرة والباطنة دون الحق تعالى (فهو) ، أي اللّه سبحانه (مع هذا) ، أي كونه خالقا له (يحفظه) ، أي يحفظ ذلك العبد (من تحته بالنظر إلى علو) ، أي ارتفاع (هذا العبد الجاهل) باللّه تعالى (بنفسه) فيدعي ما ليس له من الحول والقوّة ، وليست هذه التحتية للّه تعالى بالنظر إليه تعالى لأنه تعالى موجود ولا شيء معه ،
وكذلك الفوقية له سبحانه كما قال تعالى :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، فهي أيضا بالنظر إلى انخفاض العبد العارف باللّه تعالى بنفسه ، فلا يدعي مع اللّه تعالى حولا ولا قوّة ، فهو تعالى فوق العارفين به وتحت الجاهلين الغافلين .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي ذكر نسبة التحتية إليه سبحانه قوله أي النبي عليه السلام : لو دلّيتم يا أيها الجاهلون باللّه تعالى باعتبار دعواكم الترفع على اللّه تعالى بالاستقلال بالأعمال كما ذكرنا بحبل وهو القرآن العظيم من قوله تعالى :"وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا"[ آل عمران  :103]،
أي نظرتم فيه واعتبرتم ما تضمنه من الآيات ، على أن كل ما ادعيتموه من ترفعكم عليه بالاستقلال في أنفسكم باطل وأنكم في تلك الحالة قائمون به تعالى أيضا متحركون ساكنون به ، وإن غفلتم عن ذلك لهبط ، أي سقط ذلك الحبل الذي دليتم به (على اللّه)  تعالى أي أوصلكم إلى اللّه سبحانه ، وكشف لكم عن ترفعكم عليه بالباطل ، فوجدتموه مجعولا عندكم تحتكم افتراء منكم عليه ، وهو تعالى غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ[ آل عمران : 97 ] .
" ورد الحديث بلفظ : « والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على اللّه ثم قرأ :« هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ( 3 ) [ الحديد : 3 ] » . جز من حديث طويل رواه الترمذي في سننه"
 
فأشار صلى اللّه عليه وسلم بهذا الحديث إلى أن نسبة التحت إليه تعالى وهي حق كما أن نسبة الفوقية إليه تعالى أيضا وهي حق في قوله تعالى يخافون ، أي المؤمنون العارفون ربهم ، أي هم قائمون به في ظواهرهم وبواطنهم من فوقهم لأنهم لم يرتفعوا عليه بدعوى نفوسهم ، كالجاهلين به الذين ترفعوا عليه بدعوى نفوسهم وجعلوه تحتهم ليظهروا بالأمر دونه ، وهؤلاء ظهر هو بالأمر دونهم وقوله تعالى وهو ، أي اللّه تعالى القاهر ، أي لا غيره لنفوس العارفين به فلا يتركها تدعي حركة ولا سكونا فوق عباده المؤمنين باستيلائه عليهم في ظواهرهم وبواطنهم بخلاف عباد الدرهم والدينار الذي قال النبي صلى اللّه عليه وسلم "تعس عبد الدرهم تعس عبد الدينار تعس عبد الخميصة". رواه الطبراني في الأوسط ورواه الحافظ ابن القاسم ورواه البزار في مسنده والهيثمي في مجمع الزوائد
 
 وفي رواية : « تعس عبد الزوجة » ذكره الغزالي ، فإن اللّه تعالى ليس فوقهم على علم منهم لكونهم ليسوا من العباد المنسوبين إليه في نفوسهم ، وإنما هم عباد الهوى والشيطان ، فليست فوقية عندهم بل تحتية كما ذكرنا .
 
فله ، أي اللّه تعالى الفوق والتحت صفتان ثابتتان شرعا بلا كيف ولا تشبيه وليس المراد بهما الجهتان المعروفتان ، لأنه تعالى ليس بجسم حتى ينسب إلى جهة محسوسة ، وإنما ظهر بالجهتين المحسوستين ، وهما الجهتان المعروفتان اللتان يأتي
الإمداد منهما في عالم الحس ينزل الغيث من الفوق ، ويخرج النبات من التحت ، والجهات الأربعة الباقية اليمين والشمال والقدام والخلف جهات الشيطان كما حكى تعالى عنه بقوله :لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ[ الأعراف : 17 ] ولهذا ، أي لكون الفوق والتحت له سبحانه ما ظهرت الجهات الست فوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف إلا بالنسبة إلى الإنسان لا غيره لإدراكه وانتصاب قامته في تبيين تلك الاعتبارات وتمييزها ، إذ هي مجرد اعتبار لا حقيقة له ؛ ولهذا تختلف باختلاف الانحراف والتحوّل ، فقد يصير الفوق تحتا بالصعود على السطح ونحوه ، والتحت فوقا بالهبوط إلى غار ونحوه ، واليمين شمالا والشمال يمينا والقدام خلفا والخلف قداما بالتحوّل .
وهو ، أي الإنسان مخلوق على صورة الرحمن المستوي على العرش بما لا يعلمه الجاهل إذ هو حال العارف الكامل ، وعلى صورة الشيطان أيضا المستولي عليه بما لا يدركه إلا المخلص الذي هو ممن قال فيهم كما حكاه تعالى :وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ( 40 ) [ الحجر : 39 - 40 ] ، إذ هو حال الغافل الجاهل الناقص ، فاتصف لذلك بالجهات الست المذكورة وظهرت به وتميزت عنده الجهتان اللتان للرحمن والأربع جهات التي للشيطان ، فمن تميزت عنده جهاته الست كان مظهر الرحمن والشيطان ، صاحب جمال وجلال وهو القرآن العظيم الذي قال تعالى عنه :يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً[ البقرة : 26 ] .
وقال تعالى :وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا[ الشورى : 52 ] ، وقال تعالى :وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى[ فصلت : 44 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
 
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كان سريان الحياة في الماء أظهر وكان مسر الشيء غيبة وكان طهارة جسم أيوب عليه السلام عن الأمراض بالماء سمى هذه الحكمة غيبية وأضافها إلى كلمته
لذلك ابتداء بقوله : ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو ) أي الماء ( أصل العناصر والأركان ) وهي النار والتراب والهواء والحياة صفة من صفات اللّه تعالى حقيقة واحدة كلية شاملة على جميع الموجودات ، لكن يظهر في بعضها في العموم والخصوص وفي بعضها لا يظهر إلا في حق الخصوص وسرها هو الهوية الإلهية الظاهرة بالصورة الحيوانية فأول ما ظهرت به الهوية الإلهية الحياة لذلك تقدمت على باقي الصفات تقدما ذاتيا وأول ما ظهرت به الحياة من الممكنات الماء لذلك كان أول كل شيء واصله ( ولذلك ) أي ولأجل سريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حيا ) كالحيوانات فإنها خلقت من نطفة الأمهات والآباء وهي الماء وكالنباتات فإنها لا تنبت إلا ( وما ثمة ) أي وما في العالم عند الخواص ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه ) يجوز على البناء المجهول والمعلوم فمعناه على المجهول لا يفقه أحد ( تسبيحه ) بشيء ( إلا بكشف إلهي ولا يسبح ) بحمد اللّه ( إلا حي فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء ) عند أهل الحقيقة بخلاف أهل الحجاب فإنه يزعم أن بعض الأشياء حي وبعضها ليس بحي وإن أصل بعضها من الماء وبعضها ليس من الماء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) لقوله تعالى :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 11 ] ،
قال رضي الله عنه :  ( لأنه تكوّن منه فطفا ) أي ارتفع ( عليه فهو يحفظ من تحته ) أي الماء يحفظ العرش من تحته فإذا كان الماء أصلا للعرش كان أصلا لكل ما أحاط العرش فكل شيء أصله الماء قال بعض الأفاضل المراد بالماء الذي هو أصل كل شيء
النفس الرحماني الذي كان عرشه عليه ويراد بالعرش الملك فهذا وجه صحيح قد بين الشيخ في مواضع لكن لا يناسب هذا المقام
فإن أول الكلام مختص بالعناصر وهو قوله سرى في الماء فهو أصل العناصر وقوله فكل شيء حي وكل شيء أصله الماء نتيجة القياس
وما ينتج القياس الصحيح إلا عين الدعوى وهي وكل شيء من العناصر أصله الماء المتعارف
فالمراد بالعرش العرش المتعارف عند أهل الشرع ،
وأما قوله رضي اللّه عنه في الحكمة العيسوية وما فوق السماوات كالعرش والكرسي وملائكتهما طبيعيون لا عنصريون فهو ما ثبت عند أهل الحقيقة والعرش عند أهل الشرع سابع السبعة التي خلقت من دخان الماء الذي هو أصل العناصر
 ويدل على ما قلناه قوله ألا ترى العرش فإنه إنما ورده بعد إثبات المطلوب تسهيلا لفهم أهل الحجاب بما هو معلوم ومسلم عندهم
فإنهم قائلون بأن العرش المعروف عندهم كان على الماء المتعارف وأنه يحيط بالأشياء وما هذا إلا قول منهم بأن أصل كل شيء الماء ولكن لا يشعرون فيشعرهم بذلك بهذا الكلام ليزول حجابهم فيطلعون حقيقة الأمر في دائرتهم أو لأن المراد بإيراد هذا الكلام في أول الفص بيان خواص الماء الذي هو يزيل به مرض أيوب عليه السلام وهو الماء المتعارف والماء الذي هو النفس الرحماني خارج عن المقصود في اختصاص إزالة ألم أيوب عليه السلام بالماء .
فما أزال الماء مرض أيوب عليه السلام إلا لحكمة مختصة وهي سريان الحياة في الماء المتعارف بالذات وفي غيره بواسطة الماء ، فإن قيل كيف يصح قوله فهو أصل العناصر والأركان
فقد ورد في الحديث النبوي أن اللّه خلق درة بيضاء فنظر إليها بنظر الجلال والهيبة فذابت حياء فصار نصفها ماء ونصفها نارا فحصل منها دخان فخلق السماوات من دخانها والأرض من زبدها ومقتضى هذا الحديث أن الماء ليس بأصل للنار قلنا المراد بالنار المتعارف وهو النار التي تستخرج من الحديد والحجر بضرب أحدهما على الآخر فالأرض زبد الماء والحجر والحديد من جنس الأرض فالماء أصل النار
 
وعلى الحقيقة أن الصورة المذابية وإن تضمنت الحرارة النارية والبرودة المائية غالبة في هذا المزاج المذابي حتى لو عين له الاسم لاستحق باسم الماء دون غيره فعلى كلا التقديرين كان الماء أصلا للنار ، لكن هذا المعنى غير مناسب بالمقام كما قلنا في نفس الرحماني وإنما قلنا المائية لكن المائية غالبة في هذه الطبيعة لامتناع الاعتدال الحقيقي الذي يوجب البقاء وذا لا يكون إلا في الوجود الأخروي فالاعتدال لا يكون إلا فيه
 
 قال رضي الله عنه :  ( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه ) هذا إشارة إلى من ادّعى الربوبية ( فهو سبحانه مع هذا ) أي مع تكبر عبده عليه لا يتكبر عليه ولا يهلكه مع أنه قادر بذلك ( يحفظه من تحته ) بلطفه وكرمه ( بالنظر إلى علو هذا العبد ) من حيث أنه مخلوق على صورته ( الجاهل بنفسه ) ولو عرف نفسه لعرف ربه ولو عرف ربه ما تكبر وما علا ( وهو ) أي المذكور معنى ( قوله عليه السلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه ).
" ورد بلفظ « لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى السابعة لهبط على اللّه » " .
 
وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه وفي بعض النسخ كما نسبة الفوق إليه فما زائدة للتأكيد أي كنسبة الفوق إليه ( في قوله :"يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ" وهو القاهر فوق عباده فله الفوق ) أي فثبت أن به الفوقية بهذه الآية بإضافة الفوق إلى الإنسان ( والتحت ) بهذا الحديث فلا يظهر أن له الفوق والتحت إلا بالإنسان لاستواء نسبة الفوق والتحت إليه لكونه محيطا بالأشياء من جميع الجهات ( ولهذا ) أي ولأجل استواء نسبة الفوق والتحت إليه ( ما ظهرت الجهات الست ) أي إلى الحق بشيء ( إلا بإنسان فهو على صورة الرحمن ) فإن الجهات الست وجميع الصفات المتقابلة سره ولا يظهر سره إليه إلا بمن هو على صورته كما مر تحقيقه في أول الفص الآدمي ، فظهر أن الفوق والتحت للَّه لا للإنسان وما عرف العبد الجاهل ذلك فتفوق على ربه وعلا وكلام بعض الأفاضل في توجيه هذا الكلام مما لا ينبغي لهذا الكلام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي. ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله. ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله». فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت. ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
 
قلت : الشيخ، رضي الله عنه، عظم قدر الماء على بقية العناصر حيث جعله أصلها ولا شك أن الماء هو عالم الإرادة، والأشياء المرادة كلها أصلها من الماء، فهذه الحقيقة فيما تخص الأشياء المرادة، وإلا فالعلم ما هو من الإرادة بل هو أصل الإرادة والحياة ما هي من العلم ولا من الإرادة بل أصل العلم هو الحياة، لأن بها يكون الحس وبالحس يكون الإدراك.
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
 
 19 -  فصّ حكمة غيبية في كلمة أيّوبيّة
لمّا كانت أحواله عليه السّلام في زمان الابتلاء وقبله وبعده غيبية ، أسندت هذه الحكمة الغيبية إلى الكلمة الأيّوبية ، .
"" نبي الله أيوب في جميع أحواله عليه السّلام من أوّل حالة الابتلاء إلى آخر مدّة كشف الضرّ عنه غيبيّ حتى أنّ الآلام كانت في غيوب جسمه ، وابتلي بغتة غيبا ، ثم كشف عنه الضرّ ،
كذلك من الغيب من حيث لا يشعر ، فآتاه الله أهله الذين غيّبهم عنه " وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً " من الله غيبته ، كما سنومئ إلى ذلك عن قريب ."
أمّا قبل زمان الابتلاء فكان الله قد أعطاه من غيبه بلا كسبه - من الملك والمال والدنيا والبنين والخدم والخول - ما لم يحصّلها بكسبه ،
 وكان يصعد له من الأعمال الزاكية مثل ما يصعد من أهل الأرض أو أوفى ،
فغار عليه إبليس وبنوه ، وقصده بالأذيّة هو وذووه ، وكانوا يستكبرون بعمل ويستكتم دونه ، وكان الله تعالى يشكره في الملإ الأعلى ، ويذكره ،
فقال إبليس : مع هذه المواهب والنعماء والآلاء - التي أنعم الله بها عليه - أعماله قليلة ، فلو كان في حال الابتلاء والفقر صبر ولم يجزع ، لكان ما يأتي من الأعمال أعظم قدرا وأعلى مكانة ، فأذن له في اختباره وابتلائه ،
والقصّة مشهورة في بلائه ، فسلَّط الشيطان على ما تمنّى ، فغارت العيون ، وانقطعت الأنهار ، وخربت الديار ، ويبست الأشجار والثمار ، وهلكت مواشيه ، ومات اثنا عشر من بنيه ، وهجره جلّ أهله وذويه ،
كل هذا ابتلاء غيبيّ من غير سبب معهود وموجب مشهود ، في مدّة يسيرة ، وبعد غيبته عن أهله وماله ، مسّه الشيطان بضرّ في نفسه ، فظهرت من غيوب جسمه الآلام والأسقام ، وتولَّد الدود في جسمه وغيوب أعضائه وأجزائه ، فصبر لمّا عرف السرّ ، ولم يجزع ولم يقطع الذكر والشكر ، متلقّيا بحسن الشكر والصبر ، وهذا الأمر الإمر ،
 
ولم يشك إلى غير الله إلى انقضاء  مدّة الابتلاء ، فلمّا بلغ الابتلاء غايته ، وتناهي الضرّ نهايته ، ولم ينقص أيّوب عليه السّلام من أذكاره وشكوره وحضوره ، ولم يظهر الشكوى والجزع ، فتمّت حجّة الله على اللعين ، وعلى غيره من الشياطين ،
فتجلَّى من غيبه ربّه تجلَّيا غيبيّا فذكر لربّه ما أظهر الشيطان في حاله أمرا فريّا ، ممّا لم يكن به حريّا ،
فأزال الله عنه الآلام والأسقام ، وكشف ما به من ضرّ ، ووهبه أهله ومثلهم معهم ، رحمة أظهرها له من غيب الأمر ،
وأظهر له أيضا عن غيب الأرض مغتسلا باردا وشرابا ، عرّفه في ذلك حقيقة السرّ ، فبهذه العجائب الغيبية أسندت هذه الحكمة إلى هذه الكلمة .
 
قال رضي الله عنه : ( اعلم : أنّ سرّ الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل الله من الماء كلّ شيء حيّ ، وما ثمّ شيء إلَّا وهو حيّ ، فإنّه ما ثمّ شيء إلَّا وهو يسبّح بحمده ) أي بحمد الله (ولكن لا نفقة تسبيحه إلَّا بكشف إلهي ، ولا يسبّح إلَّا حيّ ، وكلّ شيء الماء أصله حيّ ). "في بعض النسخ : فكلّ شيء حي ، فكلّ شيء الماء أصله ".
 
قال العبد : الاختلاف المذكور بين حكماء الرسوم في وجود الأركان والعناصر قد عرف في كتبهم وهو مشهور .
ومن حيث النظر العقلي الصحيح لا يترجّح أحد أقوالهم على الآخر إلَّا بالإقناعيات ،
فظاهر النظر العقلي ومقتضى التحقيق الكشفي الإلهي أنّ الاثنين من الأربعة في أصل الطبيعة أصلان ، والآخران منفعلان عنهما ،
فالأصلان هما الحرارة والبرودة ، وانفعلت عنهما اليبوسة والرطوبة ،
كما أنّ الاسم « الظاهر » والاسم « الباطن » أصلان في الأسماء الذاتية ، وانفعل عنهما الفعل والانفعال ، فصار كلّ من الأصلين فاعلا في الآخر منفعلا عنه ،
فإنّ الظاهر مجلى الباطن ، وانفعل عنهما الأوّل والآخر ، وكذلك الأسماء الإلهية ، فإنّ الحياة والعلم أصلان ، والإرادة والقدرة تابعتان لهما ، كما علمت ، وهذا في الأصول والطبيعة ،
وعلى هذا يجب أن:-
يتكوّن النار من الحرارة واليبوسة ،
ويتكوّن الماء من البرودة والرطوبة ،
والأرض من اليبوسة والبرودة ،
والهواء من الحرارة والرطوبة ، هذا رأيي .
وقيل : إنّ كلّ ركن منها أصل في نفسه وسائرها غير متولَّد عن واحد منها .
وقيل أيضا : إنّ كلّ واحد منها أصل ، ويتكوّن الباقي من ذلك الأصل ، فإنّ النار يمكن أن تكون أصلا للباقي ، وكذلك كلّ واحد منها .
وهذه أقوال أربعة ذهب إلى كلّ قول منها قوم .
 
ويقال أيضا : إنّ الأركان مركَّبة من صور الطبائع وهيولاها ، والطبيعة حقيقة كلَّية هي عين الكلّ ، فيجب أن يكون تكوّن كلّ منها عن المجموع .
ويعضد هذا الرأي مشرب التحقيق ، وأنّ كلّ شيء فيه كلّ شيء ، وهي من الأصول المقرّرة في طور التحقيق والكشف ،
وقد سبق لنا في هذا الكتاب ما فيه مقنع من هذه المباحث ، ولكنّ الشيخ  رضي الله عنه جعل الماء أصل الأركان كلَّها .
لما صحّ كشفا أنّ العرش الإلهي وهو محلّ استوائه أحدية جميع الحياة والعلم والوجود ، كان على الماء قبل وجود الأرض والسماء ، فالماء عرش العرش ، والحياة إذا تمثّلت أو تجسّدت ، ظهرت بصورة الماء ، وهو ذلك الماء الذي كان عليه العرش .
وأيضا على ما قرّرنا في مواضع كثيرة من هذا الكتاب أنّ الطبيعة ظاهرية أحدية جمع الألوهة ، والألوهية حقيقتها ، وأركان الإلهية أربعة : حقائق الحياة - وهي كمال الوجود - والعلم ، والإرادة ، والقدرة .
والحياة شرط في وجود ما عداها ، وعليها تبتني هذه الأركان ، فمن هذه الحقيقة الكشفية الأصلية يتحقّق أيضا أنّ الماء أصل الأركان ، فإنّه صورة الحياة ، ولهذا سرى سرّ الحياة في الماء .
 
قال رضي الله عنه  : (ألا ترى العرش كيف كان على الماء ، لأنّه منه متكوّن فطفا عليه ).
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العرش الجسمانيّ الذي هو على فلك الأفلاك الأطلس " قال الكاشاني : المراد بالعرش العرش الجسماني أي الفلك الأطلس " ، فإنّ حقيقة الجسم كانت في بدء الإيجاد مثل الجوهرة أو الدرّة ، فنظر الله
إليها بتجلَّية الحبيّ الإيجادي ، فذابت حياء وتحلَّلت أجزاؤها ماء ، فكان عرشه على ذلك الماء ، قبل وجود الأرض والسماء .
ولا يتوهّم أنّ هذه الدرّة أو الجوهرة هي حقيقة الجسم وجوهرته ، تكوّنت من الهيولى الرابعة التي هي الهيولى الأولى في صورة أحدية جمعية إجمالية اندمجت فيها حقيقة الأجسام كلَّها ، كالأكرة الكلَّية الكبيرة المصمتة فتجلَّى لها الرحمن ، فذابت أي تفصّلت ولاحت عليها أنوار سبحات وجه الرحمن فحلَّلتها تحليلا بخاريّا دخانيّا بعد ما كان التحليل في إشراق التجلَّي الأوّل مادّيّا " مساويا " ،
فيكون فلك الأفلاك الأطلس والعرش عليه من ذلك التحليل البخاري الأحدي الجمعي الكمالي ، فغمر الخلاء بوجوده جسما طبيعيا كلَّيا إحاطيا ملأ فضاء الخلاء المقدّر في مرتبة الإمكان ، فصلح هذا الفلك المحيط العرشي أن يكون عرشا للرحمن المحيط بنور وجديّ وتجلَّيه من خزائن وجوده ، أحاط بالموجودات كلَّها ،
فلمّا ألحّ التجلَّي بإشراق على ذلك الجوهر المحلول المائي ، وتحكَّمت في أجزاء بحره المسجور حرارة التجلَّي ، فدخنت الجوهرة المحلولة - كما قلنا - بخارا أحديا جمعيّا إحاطيا ، وأحاط بمركز الجوهر الأصل في أنّها مراتب البعد ، فأحاط بالماء المذكور وطفا كما أشار إليه الشيخ .
 
قال رضي الله عنه : ( فهو يحفظه من تحته ) أي الماء ( كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، وهو سبحانه و تعالى مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بربّه. "في بعض النسخ: بنفسه).
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العبد صورة تعيّن للوجود الحق المتجلَّي عليه والمتولَّي لإيجاده ، ثمّ التعيّن لا بدّ أن يعلو على المتعيّن به وهو الوجود الحق ،
فهو مستور بالتعيّن العبدانيّ ، ولولا حفظ الوجود الحق المتعيّن به وفيه ، لانعدم ، إذ لا تحقّق للتعيّن بدون المتعيّن ، فإنّه بلا هو هالك ، فالحق يحفظ العبد من تحته .
قال رضي الله عنه :  (وهو قوله عليه السّلام : « لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله » فأشار إلى أنّ نسبة التحت إليه كنسبة الفوق في قوله تعالى : "يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ " وقوله :   " وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه ِ " ، فله الفوق والتحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات الستّ إلَّا بالنسبة إلى الإنسان ، وهو على صورة الرحمن ) .
يعني : لمّا كانت نسبة الفوق والتحت إليه سواء ، فحفظه لعبده من تحته ما ينافي فوقيّته ، فإنّه بإحاطته فوقه وتحته .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:45 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)

19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
إنما خصت الكلمة الأيوبية بالحكمة الغيبية لكون أحواله عليه الصلاة والسلام بأسرها من ابتداء حاله وزمان ابتلائه وبعد كشف بلائه إلى انتهاء كلامه غيبية ، لأن الله تعالى أعطاه من الغيب بلا كسب ما لم يعط أحدا من المال والبنين والزرع والخول والعبيد ، ثم ابتلاه من الغيب ببلايا في نفسه وماله وأهله وولده ولم يبتل بمثلها أحدا ، ورزقه الله صبرا جميلا وافرا بلا شكوى إلى أحد في مدة لم يرزق مثله أحدا ، ولما بلغ الابتلاء غايته وتناهي الصبر نهايته ولم يجزع قط ولم يشك إلى أحد ، ولم يترك من أعماله وطاعته وأذكاره وأنواع شكره شيئا " نادى رَبَّه - أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ "،
فكشف عنه ما به من ضر ، ووهب له أهله -   "ومِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً " من عنده وخزانة غيبه وأظهر له من غيب الأرض مغتسلا باردا وشرابا ، وكل ذلك كان من قوة إيمانه بالغيب ، وثقته بما ادخر الله له في الغيب ، فكان أمره كله من الغيب .


قال رضي الله عنه :  (اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذا جعل الله من الماء كل شيء حي وما ثم شيء إلا هو حي ، فإنه ما ثم من شيء إلا وهو يسبح بحمده ، ولكن لا يفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي ، ولا يسبح إلا حي ، فكل شيء حي ، فكل شيء من الماء أصله ) .
 

اعلم أن الحياة إذا تمثلت وتجسدت ظهرت بصورة الماء ، وكذلك العلم الذي هو الحياة الحقيقية ، وهو معنى قوله : سر الحياة سرى في الماء ولما كان أصل الكل الحياة والعلم والماء صورتهما جعل أصل النار الماء ، فإن الحياة التي هي عين الذات الأحدية تمثلت بصورة الأرواح ، ثم نزلت إلى صور الطبائع ، ثم تمثلت بصور العناصر فثبت أن من الماء الذي هو صورة الحياة كل شيء حي ، وأنه لا شيء إلا وهو حي كما ذكر ، فلا شيء إلا وأصله من الماء .

"" أضاف بالي زادة : قوله ( وهو أصل العناصر والأركان ) الباقية ، فالحياة صفة من صفات الله حقيقة واحدة كلية شاملة على جميع الموجودات ، لكن تظهر في بعضها في العموم والخصوص وفي بعضها في الخصوص ، وسرها هو الهوية الإلهية الظاهرة بصورة الحياتية ، فأول ما ظهرت به الهوية الإلهية الحياة ، ولذلك تقدمت على باقي الصفات تقدما ذاتيا ، وأول ما ظهرت به الحياة الماء ، لذلك كان أول كل شيء وأصله ( ولذلك ) أي لأجل سريان سر الحياة في الماء ( جعل الله من الماء كل شيء حي ) كالحيوانات فإنها خلقت من نطفة الأمهات والآباء - وهي الماء ، وكالنبات فإنها لا تنبت إلا بالماء .أهـ بالى زادة. ""
( ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكوّن )
المراد بالعرش العرش الجسماني : أي الفلك الأطلس ، وإنما تكون من الماء لأن الله تعالى خلق أول ما خلق ذرة بيضاء فنظر إليها بعين الجلال فذابت حياء فصار نصفها ماء ونصفها نارا فكان عرشه على ذلك الماء ،
فالدرة هي العقل الأول الذي تكون منه جميع الأكوان ، والنظر إليه بعين الجلال احتجاب الحق تعالى بتعينه ، فإن نظر الجمال تجلى الوجه الإلهي بنوره ، ونظر الجلال تستره بغيره ، وذوبانه تلاشيه بماهيته الإمكانية العدمية وتكون الأشياء منه ،
فإنه كالهيولى لجميع الممكنات ، والنصف الناري تكون الأرواح منه بالتعينات النورية ، ألا ترى كيف سمى روح القدس عند اتصال موسى به نارا حيث قال  :"بُورِكَ من في النَّارِ ومن حَوْلَها "   - وقال :" آنَسَ من جانِبِ الطُّورِ ناراً "   - والنصف المائي تكون الأجسام منه ، فإن الهيولى هو البحر المسجور أي المملوء بالصور ، فإنها ماء كلها فكان العرش على ذلك الماء .
ولما كان العقل الأول الذي هو أصل الكل عين الحياة ومثالها صح أن أصل الكل الماء حتى الهيولى والنار .

( فطغى عليه ) أي ظهرت صورة العرش على ماء الهيولى ، فإن كل ما طغى على ماء ظهر ، وبطن الماء تحته ، وكذا بطن الهيولى بظهور صورة الأجسام فيها .
( فهو يحفظه من تحته ) أي الهيولى يحفظ الصورة العرشية من تحته ( كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) "وفي نسخة : بربه" وكلاهما يستقيم ، لأن الجاهل بنفسه جاهل بربه وبالعكس ،
وإنما خلق الإنسان عبدا لأنه مقيد في تعينه ، وليست حقيقة العبد إلا صورة تعين الوجود للحق المتجلى فيه ، والمتعين لا بد أن يعلو المتعين به المستور فيه وإلا لانعدم ، إذ لا تحقق للمتعين بدون المتعين به ، فإنه بلا هو هالك ، فالحق يحفظ العبد من تحته.

"" أضاف بالي زادة : (فهو يحفظه من تحته ) أي الماء يحفظ العرش من تحته ، فإذا كان أصلا العرش كان أصلا لكل ما أحاط به العرش ، فكل شيء أصله الماء اهـ بالى زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( وهو قوله عليه الصلاة والسلام "لو دليتم بحبل لهبط على الله" فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله : "يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ " وقوله : " وهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه" فله الفوق وله التحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالنسبة إلى الإنسان ، وهو على صورة الرحمن ) .

لما كانت نسبة الفوق والتحت إليه سواء فحفظه لعبده من تحته لا ينافي فوقيته فإنه بإحاطته فوقه وتحته ، وكونه على صورة الرحمن إحاطته بجميع الأسماء ، فإن الرحمن في جميع الجهات المتقابلة لاشتماله على جميع الأسماء المتقابلة ، و « ما » في كما نسبة زائدة كقوله:  " فَبِما رَحْمَةٍ من الله " .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)

19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كان الحق تعالى غيب الغيوب كلها وكانت هويته سارية في جميع الأشياء العلوية والسفلية المكانية والمرتبية وقال تعالى في أيوب عليه السلام :
( أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ) . فاظهر له ماء الحياة الحقيقية من الغيب وطهره به من الأمراض الحاصلة من مس الشيطان ، أي من البعد عن جانب الرحمن ، كما سنبينه - يسمى هذه الحكمة ( غيبية ) لأن الماء المطهر له كان مستورا تحت رجله ، وغيبا فيما يمشى عليه بكله .
وهو في الحقيقة إشارة إلى الماء الذي قال تعالى فيه : ( وكان عرشه على الماء ) . ولذلك طهر باطنه عن ملاحظة الأغيار ، كما طهر ظاهره من الأمراض الموجبة للنفار . ومن جنس هذا الماء كان ما غسل به جبرئيل صدر رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .

وإضافتها إلى الكلمة ( الأيوبية ) لنزول الخطاب في حقه . فالمراد بالحكمة ( الغيبية ) ظهور الحق له بالسلوك والرياضة والطاعة والعبادة ، وحصول ماء الحياة التي هي في عين الظلمات بالصبر في أنواع البلايا والمحن الواقعة في نفسه وأهله وأمواله وأولاده ، فكان كلها رفعا لدرجاته وتحصيلا لكمالاته وترقيا في حالاته وتجلياته ، لشهوده المبلى والممتحن في عين البلايا والمحن ، وصبر به على مقاساة الشدائد ومتاعبها ، ولم يشتغل بإزالتها ومداراتها حتى وصل في عين القرب من الرب وحصل في مقام الأنس برفع وحشة الطلب ، فنادى : ( إني مسني الشيطان بضر ) . فكشف الله عنه ضره وطهر عن أدناس الموانع سره .
لا يقال : إنما سمى حكمته ( غيبية ) لأن أموره كلها ما ظهرت إلا من الغيب أولا وآخرا .
لأن أهل العالم كلهم لا يظهر أمورهم إلا من الغيب ، فلا اختصاص  حينئذ   

قال رضي الله عنه :  (واعلم ، أن سر الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل الله من الماء كل شئ حي . وما ثم شئ إلا وهو حي ، فإنه ما من شئ إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي . ولا يسبح إلا حي . )


سر الحياة هو الهوية الإلهية السارية في جميع الأشياء بظهورها في ( النفس الرحماني )
أولا ، وبسريانها بواسطته في كل شئ حصل منه
ثانيا . وذلك لأن سر الشئ غيبه المستور فيه ومعناه الظاهر بصورته . ويجوز أن يراد به نفس الحياة وحقيقتها .
أي ، حقيقة الحياة سارية في الماء وكلاهما متقاربان ، لأن الهوية الإلهية هي المتجلية بالصفة الحياتية لا غيرها .
وإنما جعل الماء أصلا لغيره من العناصر والأركان ، لما نطق به الحديث النبوي من

قال رضي الله عنه :  ( ان الله خلق درة بيضاء ، فنظر إليها بنظر الجلال والهيبة ، فذابت حياء ، فصار نصفها ماء ونصفها نارا ، فحصل منهما دخان ، فخلق السماوات من دخانها والأرض من زبدها ) .

قيل : ( الدرة ) هي ( العقل الأول ) . وفيه نظر . لأن ما ذاب وصار شيئا آخر لا يكون باقيا على تعينه الذاتي ، والعقل الأول باق على تعينه ، لا تقبل التغيير أصلا . بل المراد بها ما قبل صور العناصر من الهيولى العنصرية ، والله أعلم
 ولأجل سريان هذه الحياة الذاتية في الماء ، جعل الله من الماء كل شئ حي .
أي ، كل ماله حياة خلق من الماء ، إذ النطف التي تخلق الحيوان منها ماء ، وما يتكون بغير توالد فهو أيضا بواسطة المائية المتعفنة .
وكذلك النباتات أيضا لا تنبت إلا بالماء .
ولما كان كل ما هو في الوجود مسبح لربه تعالى بالنص الإلهي ، ولا يسبح إلا الحي ،

قال : ( فكل شئ حي ، وكل شئ الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على ( الماء ) لأنه منه تكون فطفا عليه . ) أي ، علا وارتفع عليه .
والمراد بالماء الذي هو أصل كل شئ ( النفس الرحماني ) الذي هو الهيولى الكلى والجوهر الأصلي ، كما تقدم أن صور جميع الأشياء حاصلة عليه ، لا الماء المتعارف .
فهو الماء الذي كان عرش الله عليه ، إذ العرش كما يطلق ويراد به ( الفلك الأطلس ) ، كذلك يطلق ويراد به ( الملك ) .
كما قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر من الفتوحات :
( إن العرش ) في لسان العرب يطلق على ( الملك ) يقال : ثل عرش الملك . أي ، دخل خلل في ملكه . ويطلق ويراد به ( السرير ) .

"" قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث عشر من الفتوحات :
اعلم أيد الله الولي الحميم أن العرش في لسان العرب يطلق ويراد به الملك يقال ثل عرش الملك إذا دخل في ملكه خلل ويطلق ويراد به السرير
فإذا كان العرش عبارة عن الملك فتكون حملته هم القائمون به وإذا كان العرش السرير فتكون حملته ما يقوم عليه من القوائم أو من يحمله على كواهلهم والعدد يدخل في حملة العرش وقد جعل الرسول حكمهم في الدنيا أربعة وفي القيامة ثمانية فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "ويَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمانِيَةٌ ".
ثم قال وهم اليوم أربعة يعني في يوم الدنيا وقوله يومئذ ثمانية يعني يوم الآخرة .أهـ

و قال الشيخ رضي الله عنه في الباب الثالث والسبعون من الفتوحات :
فلا بقاء للعالم إلا بالله السلطان ظل الله في أرضه العرش ظل الله يوم القيامة العرش عين الملك
يقال ثل عرش الملك إذا اختل ملكه عليه الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى أي على ملكه سجود القلب إذا سجد لا يرفع أبدا
لأن سجوده للأسماء الإلهية لا للذات فإنها هي التي جعلته قلبا فهي تقلبه من حال إلى حال دنيا وآخرة...أهـ ""

غيره أيضا ، من أكابر الأولياء بعد هذا الكلام ، تعليل أن ( العرش ) الذي على ( الماء ) هو الملك . ولكون العرش الجسماني صورة من الصور الفائضة على الهيولى ، يصدق عليه أيضا أنه على الماء ، كما أشار قوله تعالى : ( والبحر المسجور ) أي ، الممتلئ من الموجودات . وهو البحر الذي موجه صور الأجسام كلها  .
وإنما أطلق اسم ( الماء ) عليه ، لأن الماء العنصري مظهر له ، لذلك اتصف بصفاته ، فصار مادة لجميع ما في العالم الجسماني من السماوات والأرض والنبات والحيوان .
وأيضا ، لما أطلق عليه ( النفس ) مجازا ، تشبيها بالنفس الإنساني ، أطلق اسم ( الماء ) عليه مجازا ، لأن ( النفس ) بخار ، والبخار أجزاء صغار مائية مختلطة بأجزاء هوائية .
فحصل أن ( الماء ) كما يطلق على الماء المتعارف ، كذلك يطلق على الهيولى وعلى ( النفس الرحماني ) الذي هو هيولى جميع العالم وأصله .
ولا يقال : إن المراد ب‍ ( الماء ) الذي عليه العرش والذي هو أصل العناصر هو ( العلم ) ، وإن كان يتجسد في المثال بصورة الماء ، لأن المراد بيان أصل الموجودات في الخارج ، لا في العلم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو يحفظه من تحته ، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبر على ربه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه . )  وفي بعض النسخ : ( بربه ) . وكلاهما صحيح .

لأن الجاهل بالنفس جاهل بالرب وبالعكس . أي ، فالماء الذي هو النفس الرحماني ، يحفظ هذا الملك وتعيناته من تحته ، أي باطنه .
كما أن الحق سبحانه يحفظ الإنسان الجاهل بنفسه وعبوديته من باطنه وغيبه ، نظرا إلى علو مرتبته من حيث حقيقته ومكانته الزلفى عند الله ، وهو يدعى الربوبية ويتكبر على الله من جهله بنفسه وعبوديتها ، إذ لو لم يكن حفظ الحق تعالى له وللعالم كله من الباطن ، لانعدم في الحال ، فإنه بلا وجود عدم .

(وهو قوله ، عليه السلام : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " . فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ، كما أن نسبة الفوق إليه . " وفي بعض النسخ : ( كما نسبة الفوق إليه ) .
ف‍ ( ما ) زائدة . كقوله : " فبما رحمة من الله " .
( في قوله : " يخافون ربهم من فوقهم " ) وهو القاهر فوق عباده " . فله الفوق والتحت . " أي ، هذا المعنى المذكور هو معنى قوله ، صلى الله عليه وسلم : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
وإنما كان نسبة الفوقية والتحتية إليه سواء ، لأن الحق محيط بالظاهر والباطن على العالم ، فكما تنسب إليه الفوقية ، تنسب إليه التحتية . فله الفوق والتحت جميعا ، لأنهما من جملة مراتبه الوجودية .

( ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، وهو على صورة الرحمان . )
أي ، ولكون نسبة الفوقية والتحتية ، بل نسبة جميع الصفات المتقابلة ، إلى الله تعالى سواء ، ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ، لكونه هو المخلوق على صورة الرحمان الجامع للصفات المتقابلة .
واعلم ، أنه لو كان المراد بالظهور العلم بالجهات ، لكان غير منحصر في الإنسان ، لأن النفوس الفلكية أيضا عالمة بها ، بل جميع الحيوانات . فالأنسب أن نقول : المراد بالظهور ، التحقق .
أي ، لا يتحقق بهذه الجهات المتقابلة بحسب المقام إلا الإنسان ، لأن جميع مراتب الوجود مقاماته ، بخلاف غيره .

فإن لكل منها مقاما معلوما لا يتعداه ، كما قال تعالى : " وما منا إلا له مقام معلوم " . فهو الذي في السماء له ظهور ، وهو الذي في الأرض له ظهور .
كما أن أصله الذي ظهر الإنسان على صورته : "هو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " . وكذلك باقي الجهات . وقد مر تحقيقه في المقدمات من أن الحقيقة الإنسانية هي التي ظهرت في جميع صور العالم .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)

الفص الأيوبي
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
أي : ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالتجلي الغيبي ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى أيوب عليه السّلام ، إذ ظهر له سر الحياة من الماء ، فاستفاد من الاغتسال فيه قوة تدبير النفس للبدن عن قوة الحياة حتى أصلحته وأزالت عنه مرضا غلبه مدة مديدة في أقل الأوقات ، وظهرت له الحياة المكمونة في أولاده الأموات ، وعبيده وضروعه وذروعه ، وسائر أمواله حتى علم بذلك حياة كل شيء ، ثم إنه كملها بما قويت النسبة بينه وبينهم ، حتى تم ظهورها فيهم بتدبير نفسه في أجسامهم بعد تدبيرها في جسمه .

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّه من الماء كلّ شيء حيّ ، وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ، ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ ، ولا يسبّح إلّا حيّ ، فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله ، ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه ) .

( اعلم أنّ سرّ الحياة ) المعنى الفائض من صفة الحياة الأزلية فيضان نور الشمس منها على عالم الأجسام بواسطة الأرواح المدبرة لها ، ( سرى(   أولا ( في الماء ) قبل سائر العناصر والمواليد ؛ لكونه أعبد البسائط التي هي أصل المركبات ؛ لكونه ليس في كثافة في الأرض ، ولا في لطافة الهواء والنار بل بينهما ، وإذا سرى فيه سر الحياة دبره بالتكثيف تارة والتلطيف أخرى ، ( فهو أصل ) بقية ( العناصر ) ، فسرى فيه أصل الصفات الإلهية .
وهو ما جاء في التوراة : « إنّ اللّه خلق جوهرة ، فنظر إليها بنظر الهيبة فدابت وصارت ماء فتحرك ، فأوجبت حركته سخونته ، فتصاعد على وجهه زبد ، فتكون منه الأرض ، وارتفع منه بخار دخاني ، فتكون منه السماء ، وحصل فيه الهواء والنار بالتلطيف ، وبه أحدثا ليس من القدماء » .

( ولذلك جعل اللّه من الماء كل شيء حي ) أي : صورته ، وإن كان تركبه من العناصر الأربعة ، وأعطى فيه الغلبة لغيره كالتراب في الإنسان والنار في الجان ، ولا يختص هذا بالحيوانات والنباتات كما تتوهمه العامة ، إذ ( ما ثمة ) أي : في الواقع ( شيء إلا وهو حي ) ؛ لأن الحياة أول صفات الوجود ، فلا يفارق مظاهره ، وبها تدبيره للعالم ، ولا بدّ لكل شيء من مدبر ، فينبه بقاؤه وحفظه واستقراره في حيزه إن كان فيه وسيلة إليه إن خرج عنه ، بل هناك حياة وراء ذلك بها يسبحه ، فإنه ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ([ الإسراء : 44 ] كما ورد به النص .

وليس ذلك بلسان الحال فقط كما يظنه العوام ، إذ تفقهه الأكبر ، ) ولكن ) ورد النص في حقهم أنهم ( لا يفقهون تسبيحهم ) ، فلا بدّ ألا يفقه تسبيحه ( إلا بكشف إلهي ) يكشف عن عالم الملكوت الذي لا يفتر عن التسبيح الذي خلق الكل له ، فيكون تركه معصية ؛ ولذلك أردفه بقوله :إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً[ فاطر : 41 ] أي : عمر غفل عن تسبيحه مع كمال حياته ، ولا يفتر عن تسبيحه من قصرت حياته ، ( ولا يسبح ) التسبيح الحقيقي ( إلا حي( ؛ لتوقفه على الشعور ، والمتوقف على الحياة فعلم أن كل شيء مسبح وكل مسبح حي ، ( فكل شيء حي ) وإن خفيت حياة البعض كالنبات والجمادات ، وعلم أيضا أن ( كل شيء ) حي ، وكل حي ( الماء أصله ) ، فكل شيء الماء أصله حتى الأركان العلوية التي اتفق الأكبر على أنها ليست عنصرية ، وقد صرح الشيخ رحمه اللّه  بكون السماوات من دخان العناصر في الفص العيسوي .

( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ؛ لأنه منه يكون ) ؛ وذلك لكونه مستوى اسمه الرحمن فيتعلق به التدبير الكلي العالم ، وهو بالحياة السارية أولا في الماء ، ( فطفا على ) الماء وإن صار أكثف منه لجملة سر الحياة على أقوى الوجوه بخلاف الأرض ؛ لأن سر الحياة فيها على أضعف الوجوه .
قال كعب : « خلق اللّه تعالى ياقوته خضراء ، ثم نظر إليها بالهيبة ، فصارت ماء ترتعد ، ثم خلق الريح فجعل الماء على متنها ، ثم وضع العرش على الماء » . رواه القرطيى في التفسير والبغوي في التفسير .

""الحديث : (عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما أراد الله عز وجل أن يخلق الماء خلق من النور ياقوتة خضراء، غلظها كغلظة سبع سماوات وسبع أرضين وما فيهن وما بينهن، ثم دعاها، فلما أن سمعت كلام الله عز وجل ذابت الياقوتة فرقا حتى صارت ماء، فهو مرتعد من مخافة الله عز وجل إلى يوم القيامة، وكذلك إذا نظرت إليه راكدا أو جاريا يرتعد، وكذلك يرتعد في الآبار من مخافة الله إلى يوم القيامة، ثم خلق الريح فوضع الماء على الريح، ثم خلق العرش، فوضع العرش على الماء، فذلك في قوله تعالى: {وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا} [هود: 7] .....) رواه الأصبهاني في العظمة "".

ومعناه : أنه أشار بالياقوتة الخضراء إلى الحقيقة المثلثة والنشأة الكلية لمحمد صلّى اللّه عليه وسلّم ، إذ ليست في بياض المجردات ، ولا في سواد الماديات ، ونظر الهيبة هو خطاب الحق لها بما تفضضت عرقا ، فهو ذوياتها الموجب صيرورتها ماء ، وخلق اللّه الريح إشارة إلى تحملها سر الحياة الموجبة للتنفس ، ووضعه عليه جعله حاملا سر الحياة التي يتوقف عليها التدبير والتصرف .
وإلى ما ذكرنا أشار الشيخ رحمه اللّه في رسالته المسماة بـ "عنقاء المغرب في معرفة ختم الأولياء وشمس المغرب " ؛ لأن محمدا عليه السّلام لما أبدعه اللّه سبحانه حقيقة مثلية ، ونشأة كلية حيث لا ابن ولا بنين .
وقال له : « أنا الملك ، وأنت الملك ، وأنا المدبر ، وأنت الفلك ، وسآتيك فيما يتكون عنك من مملكة عظمي ، وطامة كبرى ساسا مدبرا وناهيا ،
وأمرا عظيما على حد ما أعطيك ، وتكون فيهم كما أنا فيك ، فليس سواك كما ليس سواي ، فأنت صفاتي فيهم وأسمائي ، فخذ الحد وأنزل العهد ، وسأسألك بعد التنزيل عن اليقين والقطمير ، فتقصص لهذا الخطاب عرقا حيّا » ؛ فكان ذلك العرق الظاهر ، وهو الماء الذي نبأ به الحق سبحانه في صحيح الأنباء ، فقال :وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ[ هود : 7 ] .

ثم قال رضي الله عنه  : « فلما علم الحق تعالى إرادته ، وأجرى في إمضائها عادته نظر إلى ما أوجده في قلبه من مكنون الأنوار ، ورفع عنها ما اكتنفها من الأستار ، فتجلى له من جهة القلب والعين حتى كاثف النور من الجهتين، فخلق سبحانه من ذلك النور المنفهق عنه صلّى اللّه عليه وسلّم العرش".

هذا كلامه ومعناه على ما تلوح للخاطر الفاتر : أنه عزّ وجل أبدع لرسوله محمد صلّى اللّه عليه وسلّم حقيقة نورية روحية أولا ، ثم حقيقة مثلية جسمية ، وأشار إلى أن جميع حقائقه كلية شاملة لسائر الحقائق ، وأن الحقيقة المثلية قبل خلق المكان ؛ لأنه من عالم الأجسام ،
ثم قال له : إن الملائكة منحصرة فيه ، إذ لا إله غيره ، والتملكية منحصرة في حبيبه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ومثل ذلك بالروح الفلكي مع الفلك المحيط بالكل ، والمراد بالسائس والمدبر القلب ، وبالأمر والناهي العقل .

ثم قال : « تعطيها إنها الروح على حد ما أعطيك من الفيض ، فإنه إنما يصل الفيض الإلهي بواسطة الروح والضمير"
في قوله : « فيهم » يعود إلى قوى القلب والعقل من المدركات والمحركات ،
وقوله : « فأنت صفاتي فيهم وأسمائي » أي : حامل أسرارهما ؛
فلذلك قال : « فخذ الحد » أي : فلا تدع الربوبية لنفسك ، و « أنزل العهد » أي : عهد العبودية المشار إليها بقوله :قالُوا بَلى ،
وقوله : « وكان ذلك العرق » ما أشاره إلى تكون عالم الأركان بعد عالم المثال ، والمراد بالعين : القوى المدركة ، وتكاثف النور من حيث تعلقه بالأجسام ، فازداد الماء المتكون فيه لكثافة أصله كثافة صار منها العرش ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

وإذا كان طفو العرش من قوة الحياة ، وهي من الماء والحياة هي الحافظة المدبرة للجسم ، ( فهو ) أي : الماء ( يحفظه من تحته ) ولا عجب فيه ، فإن له مثالا أشار إليه بقوله :
( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا ) من شأنه أسفل أبدا ، ( فتكبر ) عن غاية جهلة تنفسه ( على ربه ) الذي نار الكبر داؤه فبقيت ربوبيته ، ( وعلا عليه ) ، فادعى الربوبية لنفسه ،
( فهو ) أي : اللّه ( سبحانه ) إشارة إلى تنزهه عن أن شارك في كبريائه وعلوه فضلا عن أن ينفيا عنه ويثبتا لغيره ( مع هذا ) التكبر والعلو منه عليه ( يحفظه من تحته ) ؛ فإنه له تعالى نسبة التحت أيضا ( بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) ، وهذه النسبة التحية ، وإن كان منشأها جهل هذا العبد ، فهي نسبة ثابتة باعتبار آخر تثبت معه نسبة الفرق له ، وإن نفاها هذا الجهل .

قال رضي الله عنه :  (وهو قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] ،وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ[ الأنعام : 18 ] ، فله الفوق والتّحت ، ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن(.


وهو أي : الدليل على ذلك ( قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ») باعتبار ماله من نسبة التحت ،
( فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ) ؛ لأن قوامه به ، ( كما أن نسبة الفرق إليه المذكورة في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، وقوله :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [ الأنعام : 18 ] .
وإذا ثبت ( له الفوق ) بالقرآن ( والتحت ) بالحديث قلة الفوق ، وإن نفاه الجاهل المتكبر المتعالي عليه والتحت ، وإن نفاه العامة وهما الجهتان الحقيقيتان المحتجبتان إلى المقوم لهما بالوجود بخلاف الجهات الست ، فإنها باعتبارته لتبدلها بتبدل أوضاع الإنسان .

( ولهذا ) أي : والاختصاص الحق بالجهتين الحقيقيتين المتحدد بهما محيط العالم ، ومركزه دون الجهات الست ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ) من حيث أن له عبد قيامه الذي هو الوضع الطبيعي له رأسا ورجلا ووجها وظهرا ويدين إحديهما أقوى من الأخرى ، غالبا يتعين بذلك ما تقرّب من كل واحد منهما ، ويتبدل بتبدل توجهاته ، ( وهو على صورة الرحمن ) المستوي على المحدد للجهات ، فنسب إليه الجهات لست بواسطته ، وإلا فالمحدد إنما حدد بالذات جهة الفوق ما يقرب من المحيط ، وجهة التحت ما هو غاية البعد منه ، وحفظ الحق يلحق بهاتين الجهتين لا غير ، والدليل عليه أنه.....
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:45 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية : الجزء الثالث
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)

19 -  فصّ حكمة غيبيّة في كلمة أيّوبيّة
وجه تسمية الفص
إنّك قد عرفت أنّ هذه الحكمة هي أول ما يظهر من سلسلة التجليّات الجلاليّة المغيّبة للأحكام الامتيازيّة ، المؤلمة لما هو مقتضى النشأة العنصريّة المزاجيّة ، إبرازا لما عليه النسبة الاتحاديّة العلميّة الكماليّة التي إنما يختمها الخاتم المطلق لهذا السير الإظهاري الإرسالي الإنبائي.
وذلك هو الحكمة الغيبيّة فإنّ الغيب هو أوّل ما يطلق عليه مبدئيّة الظهور ، ولذلك نسب هذه الحكمة إلى الغيب .
مناسبة الفص مع أيّوب عليه السّلام
ثمّ إنّ « أيّوب » لما لم يتميّز عن « الغيب » إلَّا بالألف - التي هي باطن الهاء - والواو ، اللتين هما مادّة اسم « هو » ، المعرب عن الغيب طبعا وذاتا - لا وضعا وجعلا فقط - : ناسب تخصيص هذه الحكمة به .
ومن ثمّة ترى تصادم نبال النوائب المضنية وتراكم نصال المصائب المفنية له عن خصوصيّاته الشخصيّة قد أبادت بنيان قواه المشخّصة له ، إلى أن طهّرته عن شوائب الأحكام الامتيازيّة ، وأفنته عن نفسه بالكليّة فعند ذلك امر بركض الرجل - الذي هو أبعد الأعضاء عن مظهريّة الأوصاف السبعة الإلهيّة ،

فهو غيب الأعضاء - نحو الأرض التي هي مظهر الغيب أيضا في الكائنات الآفاقيّة ضرورة اندماج سائر الأوصاف الوجوديّة الإلهيّة فيها ،
حتّى نبع من عين تلك الغيوب ماء حاضر يصلح لرطوبته أن يغتسل به درن الصور الكونيّة الإمكانية ويمحو النقوش الباطلة ، وببرودته تثبت الصور الحقيقيّة الأسمائيّة ، والمعارف العلميّة اليقينيّة ، وبها يسكَّن الحرارة المفنية المفرّقة للصورة الجمعيّة ، المؤذية للمزاج العنصري الشخصيّ ، وبشر به يصلح لأن يكون مادّة للرطوبة الغريزيّة التي هي بمنزلة الدهن لسراج المزاج وبقاء نور حياته فإنّ الحرارة المشتعلة بنور الحياة ما لم يتغذّ بها لم يتمكَّن من ذلك ، كما لم يتمكَّن للسراج أن يشتعل بنور الإراءة ما لم يتغذّ بالدهن .
وقد اومي إلى تلك الحقائق كلَّها بقوله تعالى : “  ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ “.

ثمّ إنّك قد عرفت أن الحياة كما تطلق على الحياة الصوريّة الطبيعيّة التي هي مبدأ الظهور من الحيّ بأوصافه الوجودية ، فقد تطلق أيضا على الحياة المعنوية العلمية التي هي مبدأ الإظهار من الحيّ الحقيقي بأوصافه الكماليّة ، كما قال تعالى : “أَوَمن كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناه ُ وَجَعَلْنا لَه ُ نُوراً يَمْشِي به في النَّاسِ “  [ 6 / 122 ] .
وقد ظهر لك من هذا التحقيق الذي اقتبس من مشكاة الآية الكريمة أنّ للماء نسبة اتحاديّة إلى كلي نوعي الحياة ولذلك قال :" وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ " [يونس : 30]

( اعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء ، فهو أصل العناصر و ) سائر ( الأركان ) فإنّ الكلّ به يتقوّم حقائقهم فلو لم تكن مقدّما في الوجود على الكل لم يمكن وجود شيء أصلا ( ولذلك جعل الله “ وَجَعَلْنَا من الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ “  [ 21 / 30 ] وما ثمّ شيء إلَّا وهو حيّ ) ،

فإنّ مبدأ الظهور المذكور في سائر الأشياء - على ما لا يخفى - هو الحياة ،

( فإنّه ما ثمّ شيء إلا وهو حيّ “  يُسَبِّحُ بِحَمْدِه ِ “ [ 17 / 44 ] ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي - ولا يسبّح إلا حيّ ) متكلم ، وهو الكامل في الحياة ، والكل مشترك في تلك الحياة الكاملة . " د. أبو العلا عفيفي : فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله . ".


"" أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والأربعون عن كل شيء حي يسبح بحمد ربه:  
فالله يقول "وإِنْ من شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً "
بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك "غَفُوراً " ، حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء فلم تفقهوه .
وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله "فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ" فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ،
ولا يشك مؤمن في كل شيء أنه مسبح ، وكل مسبح حي عقلا ،
وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم قتلني عبثا ،
وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله .أهـ ""

( فكلّ شيء حيّ ، وكل شيء الماء أصله ) ، فإنّ الماء هو ظاهر الحياة - على ما سبق الإيماء إليه - كما أنّ الشيء هو ظاهر الماء عقدا ، إذا بسط بيّناتهما فهو أصل سائر الأشياء ( ألا ترى العرش كيف كان على الماء ) ، يعني عرش الحياة ، التي هو مقدّم العروش الخمسة فإنّه صرّح في كتاب

عقلة المستوفز : إنّ العرش خمسة : عرش الحياة - وهو عرش هو - وعرش الرحمانية ، والعرش العظيم ، والعرش الكريم ، والعرش المجيد .
فعرش الحياة هو عرش المشيئة ، وهو مستوى الذات ، وهو عرش الهويّة " .
وهاهنا تلويح يدلّ على هذا : وهو أنّ بينات " الحياة " إذا أضيفت إلى عددها تشتمل على اللام ، التي هي ظاهر " ماء " كما أنّ عددها إذا أخذ بحسب العقد فهو " هو " .

فعرش الحياة منها هو الذي على الماء ، لا الجسمانيّ فقط ، المسمى بالعرش الرحماني ، فإنّ ذلك أيضا داخل فيه ، وعرش الحياة محيط بالكلّ ، وهو الذي على الماء ، فإنّ الماء من الطبائع هو الجامع بين الرطوبة التي هي مبدأ قبول الصور ، والبرودة التي هي مبدأ إثبات تلك الصور والحياة هو وجود الصور مع بقائها ، ومبنى أمرهما على الماء ، ( لأنّه منه تكوّن ) إذ الماء أصل كل شيء وامّه - على ما عرفت تحقيقه فلا نعيده - فالكلّ إنما تكوّن منه .

( فطفا عليه ) لأنّه ظهر منه ، والظاهر لا بدّ وأن يكون طافيا على أصله ،


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه الله عبدا ، فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته ، بالنظر إلى هذا العبد الجاهل بنفسه ) ،

وهو المنهمك في أحكام التفرقة الكونيّة ، الحائر في ظلمات كثرة الإمكان كما دلّ عليه كلام الخاتم حيث خاطب بالجمع، (وهو قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "لو دلَّيتم بحبل لهبط على الله ").

"" الحديث : عن أبي هريرة، قال: بينما نبي الله صلى الله عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: «هل تدرون ما هذا؟» فقالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقه الله تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه» ثم قال: «هل تدرون ما فوقكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الرقيع، سقف محفوظ، وموج مكفوف»، ثم قال: «هل تدرون كم بينكم وبينها؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «بينكم وبينها مسيرة خمس مائة سنة». ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة عام» حتى عد سبع سماوات، ما بين كل سماءين ما بين السماء والأرض، ثم قال: «هل تدرون ما فوق ذلك؟» قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد ما بين السماءين». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحتكم»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإنها الأرض». ثم قال: «هل تدرون ما الذي تحت ذلك»؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: «فإن تحتها أرضا أخرى، بينهما مسيرة خمس مائة سنة» حتى عد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمس مائة سنة. ثم قال: «والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله». ثم قرأ {هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم} [الحديد: 3]. ""
 رواه الترمذي والبيهقي وفي العظمة للآصبهاني والسنة لابن أبي عاصم وتحفة الأحوذي والهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والجامع الكبير للسيوطي.
 
ظهر جهة الفوق والتحت باللَّه تعالى ، وباقي الجهات بالإنسان
ثمّ إنّه لما كان لله بحسب أسمائه الحسنى عند التوجّه إلى كمالها مظهران - :
أحدهما عند تمام أمر الظهور ، وهو العالم بأسره وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو العرش .
وثانيهما عند كمال أمر الإظهار ، وهو آدم بتمامه وهيأته الجمعيّة الإحاطيّة هو الإنسان العبد - أشار إليهما في إثبات نسبة التحت وإضافته إلى الحقّ .
( فأشار ) بكلامه هذا (إلى أنّ نسبة التحت إليه كما نسب الفوقيّة إليه في قوله : “  يَخافُونَ رَبَّهُمْ من فَوْقِهِمْ “ [ 16 / 50 ] “وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِه “ [ 6 / 18 ] فله الفوق والتحت) .
وهما الجهتان الحقيقيّتان اللتان قد حصلتا بظهور الحقّ وأمّا باقي الجهات فلا يظهر إلا بالإنسان ، الذي هو محلّ إظهار الحقّ تماما .
( ولهذا ما ظهرت الجهات الستّ إلا بالإنسان ) الذي هو موطن تمام الظهور والإظهار ( وهو على صورة الرحمن ) الجامع لتمام الأسماء .
وكيف لا يكون الأمر على هذا و قد أفاد الذوق الصحيح أنّ ...

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله.
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه تكون فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت.
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.)
 

الفصّ الأيوبي
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
قال رضي الله عنه :  (إعلم أنّ سرّ الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان ، ولذلك جعل اللّهمِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ [ الأنبياء : 30 ] وما ثمّ شيء إلّا وهو حيّ ، فإنّه ما من شيء إلّا وهو يسبّح بحمد اللّه ولكن لا تفقه تسبيحه إلّا بكشف إلهيّ . ولا يسبّح إلّا حيّ .

فكلّ شيء حيّ فكلّ شيء الماء أصله . ألا ترى العرش كيف كان على الماء)
فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لما كانت أحواله عليه السلام غالبا في زمان الابتلاء وقبله وبعده غيبية وصفت حكمته بالغيبية وأسندت إلى كلمته.
والمراد بكون أحواله غيبية إنما ظهر من الغيب بلا سبب معهود وموجب مشهود ، فلا يرد أن أحوال جميع الأنبياء بل أهل العالم كلهم ظهرت من الغيب ، فلا اختصاص حينئذ ، لأن أكثر أحوالهم منوطة بشروط معهودة ومربوطة بأسباب مشهودة ، وتفصيل أحواله التي ظهرت من الغيب بلا سبب ظاهر مذكور في شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي رحمه اللّه فمن أراده فليطالع ثمة .


قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن سر الحياة ) ، يعني السر الذي هو الحياة . وإنما جعلها سرا لأنها أمر مغيب مستور في الحي لا تعلم إلا في آثارها كالحس والحركة والعلم والإرادة وغيرها ( سرى في الماء ) بسريان الهوية الغيبية فيه منصبغة بصفة الحياة .
وكان المراد بهذا الماء النفس الرحماني الذي هو هيولى للعالم مطلقا ، لأن الشيء المذكور في نتيجة المقدمات الآتية أعني قوله :
فكل شيء الماء أصله يعم عالم الأجسام وغيره ، لا الماء المتعارف .
ولهذا فرع عليه قوله ( فهو ) ، أي الماء ( أصل العناصر ) التي واحد منها الماء المتعارف ، فيلزم من ذلك أن يكون أصلا للمولدات أيضا ، لأن أصل الأصل أصل .

ومنها السماوات السبع ، لأنها عنصرية على مذهب الشيخ رضي اللّه عنه ( والأركان الأربعة ) ، أي سائر أركان العالم من العرش والكرسي

( ولذلك ( ، أي السريان سر الحياة في الماء ( جعل اللّه من الماء كل شيء حي وما ثم ) في الوجود ( شيء إلا وهو حي فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد اللّه ولكن لا يفقه تسبيحه إلا بكشف إلهي ، ولا يسبح إلا حي . فكل شيء حي فكل شيء الماء أصله ) ، والماء الذي هو أصل كل شيء ليس إلا النفس الرحماني ، وإنما أطلق اسم الماء عليه للطف سريانه في الأشياء ، أو لأنه شبيه بالنفس الإنساني الذي هو أجزاء صغار مائية ممزوجة بأجزائية هوائية فيصح إطلاق الماء عليه ،

قال رضي الله عنه :  ( لأنّه منه تكوّن فطفا عليه فهو يحفظه من تحته ، كما أنّ الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبّر على ربّه وعلا عليه ، فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنّظر إلى علوّ هذا العبد الجاهل بنفسه.  وهو قوله عليه السّلام : « لو دلّيتم بحبل لهبط على اللّه » فأشار إلى نسبة التّحت إليه كما أنّ نسبة الفوق إليه في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] ، وَهُوَ )

فكذا على ما هو شبيه به ولكن على سبيل التجوز ( ألا ترى العرش ) وهو أول الأجسام ( كيف كان على الماء لأنه ) ، أي العرش ( منه ) ، أي الماء ( تكوّن فطفا ) ، أي علا وارتفع العرش ( عليه ) ، أي على الماء ، وذلك لأن العرش صورة ، والماء هيولاها وظاهر أن الصورة تعلو على الهيولى وتخفيها فيما تحتها ( فهو ) ، أي الماء ( يحفظه ) ، أي العرش ( من تحته ) ضرورة حفظ الهيولى للصورة ( كما أن الإنسان خلقه اللّه عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه فهو ) سبحانه ( مع هذا يحفظه من تحته ) تحتية علو متوهمة له سبحانه ( بالنظر إلى علو هذا العبد الجاهل بنفسه ) عند نفسه لا في نفس الأمر ، وللعبد بوجه آخر علو على الحق سبحانه . وذلك أن للعبد صورة تعين للوجود الحق ، والتعين لا بد أن يعلو على المتعين به ويستره تحته فهو مستور بالتعين العبداني ، ولولا وجود الحق المتعين به إذ لا تحقق للتعين بدون المتعين ، فالحق يحفظ العبد من تحته .

قال رضي الله عنه :  ( و ) ما يدل على كون الحق تحت العبد ( هو قوله عليه السلام : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه"  فأشار إلى أن نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوقية ) . أي كنسبة الفوقية

"" الحديث : « عن أبي هريرة قال بينما نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب ، فقال نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم هل تدرون ما هذا ؟ فقالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : هذا العنان هذه زوايا الأرض يسوقه اللّه تبارك وتعالى إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ، قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف ؟ ثم قال هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : بين سنة ، ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع سماوات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين السماءين ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإنها الأرض ، ثم قال : هل تدرون ما الذي تحت ذلك ؟
قالوا : اللّه ورسوله أعلم ، قال : فإن تحتها الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة ثم قال والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السلفي لهبط على اللّه ثم قرأ :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.". رواه الترمذي والبيهقي وابن ابي عاصم في السنة والأصبهاني في العظمة و الهيتمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد والسيوطي في الجامع الكبير"".  

قال رضي الله عنه :  ( الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ [ الأنعام : 18 ] فله الفوق والتّحت . ولهذا ما ظهرت الجهات السّتّ إلّا بالإنسان وهو على صورة الرّحمن . )
قال رضي الله عنه :  (إليه ) فما زائدة كما في قوله فبما رحمة نسبت الفوقية إليه ( في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [ النحل : 50 ] وقوله ) تعالى : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِفله الفوق والتحت ) وسائر الجهات ( ولهذا ) ، أي لإحاطته بجميع الجهات ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالنسبة إلى الإنسان ) ، لا به تعالى لأنه إذا أحاط بجميع الجهات لم يكن فوق لا يكون هو فيه وإلا لم يكن محيط بها ، وكذا لو لم يكن تحت لا يكون هو فيه ، وكذا سائر الجهات ، فلم تظهر الجهات بالنسبة إليه ، بخلاف الإنسان فإن له فوقا ليس هو فيه وكذلك له تحت ليس هو فيه ، وعلى هذا القياس سائر الجهات ، فلعدم إحاطته بالجهات بخلاف الحق سبحانه لإحاطته بها كما عرفت ( وهو ) ، أي الإنسان ( على صورة الرحمن ) فلو كان للحق جهة تكون باعتبار صورته لا باعتبار حقيقته ولو كان الإنسان محيطا بالجهات يكون باعتبار من هو على صورته لا باعتبار نفسه.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:46 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة :وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَثمّ نكّر وعمّم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْفدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْكلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ[ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم . )
 
قال رضي الله عنه :  (ولا مطعم ) في نفس الأمر إلا اللّه تعالى كما قال :وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ[ الأنعام : 14 ] وقد قال تعالى (في حق طائفة ) من أهل الكتابين (ولو أنهم أقاموا التوراة ) وهم اليهود (والإنجيل)  وهم النصارى ، أي عملوا على مقتضى ذلك وتركوا هوى نفسهم والعمل بحسب أغراضهم الدنيوية ثم إنه بعد ذلك نكّر ولم يبين
القسم الثالث وهم هذه الأمة سترا عليها احتراما ما لنبيها عليه السلام وعمّم بما يشملها ويشمل القسمين قبلها فقال تعالى : ("وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ") [ المائدة  : 66]
وهو القرآن العظيم نزل إلى هذه الآية من ربهم (فدخل في قوله) تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ  كل حكم) من أحكام اللّه تعالى (منزل منه) تعالى (على لسان رسول) أولا أو لسان ولي وارث لرسول (ملهم) بصيغة اسم المفعول ، أي يلهمه اللّه تعالى ذلك الحكم المنزل
 
كما قال الجنيد رضي اللّه عنه : "المريد الصادق غني عن علم العلماء"
وصدق استقامته في الدين كما قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ( 30 ) نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ[ فصلت : 30 - 31 ] "وإذا أراد الله بالمريد خيرا أوقعه إلى الصوفية ومنعه صحبة القراء " ، " وإن لم يجد شيخا مرشدا بسبب التباس الناس عليه من كثرة الفتن، واشتداد ظلمات الأغنياء والمحن، فعليه بملازمة كتب العارفين من المتقدمين والمتأخرين، فإن في ذلك كفاية لمن وفقه اللّه تعالى "  كتاب الوجود الشيخ عبد الغني النابلسي
 
قال رضي الله عنه :  (لأكلوا) ، أي أولئك الذين أقاموا كتبهم ، أي جاءهم الإمداد الجسماني والروحاني (من فوقهم وهو المطعم) سبحانه (من الفوقية) الروحانية (التي تنسب إليه) باعتبار العارفين به (ومن تحت أرجلهم وهو المطعم من التحتية) النفسانية (التي نسبها) اللّه سبحانه وتعالى إلى نفسه في الحديث (على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم) باعتبار الجاهلين به تعالى كما ذكرنا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا يطعم إلا اللّه وقد قال اللّه في حق طائفة ) أي في حق قوم عيسى عليه السلام ( ولو أنهم أقاموا التورية والإنجيل ) أي ولو عملوا بما فيهما من الأحكام ( ثم نكر وعمم ) المعطوف ( فقال و ) أقاموا ( ما أنزل إليهم ) من الأحكام ( من ربهم فدخل في قولهوَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْكل حكم منزل ) من ربهم ( على لسان رسول اللّه ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التورية والإنجيل وإلا لكان من التورية والإنجيل كسائر الأحكام الموجودة فيهما .
ويدل عليه قوله ( أو ملهم ) من ربهم على قلوبهم مما لا يعلم بالتوراة والإنجيل وما أنزل على لسان رسول من الأحكام وإلا لكان ذلك الحكم داخلا فيها والمقصود تعميم الحكم بها لا يدخل فيها
قال رضي الله عنه :  ( لأكلوا ) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية ( من ) جهة ( فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري من فوقهم الصوري بسبب المطر فعلى أيّ حال ( وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و ) لأكلوا الرزق المعنوي ( من تحت أرجلهم ) بالسلوك والرياضات والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم ( وهو المطعم من التحية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ) بقوله : "لو دليتم بحبل لهبط على اللّه " .
ولما فرغ عن بيان حفظ وجود الحق عباده من فوقهم وتحتهم رجع إلى إثبات حفظ الماء وجود العرش من تحته.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
قال: الحق تعالی تحت كل تحت بدليل قوله: «لو دليتم بحبل لسقط أو لهبط على الله» 
قال: وهو فوق الفوق بدليل قوله تعالى : يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل: 50)، وهو القاهر فوق عباده (الأنعام: 18) فله الفوق والتحت.
 
""أضاف الجامع :
وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ (19) سورة البقرة
إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120) آل عمران
وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) سورة النساء
 وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
وقال رضي الله عنه  : ( ولا مطعم إلَّا الله ، وقد قال في حق طائفة : " وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ " ثمّ نكرّ وعمّم ، فقال " وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ "  فدخل في قوله : " وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كلّ حكم منزل أو ملهم ، " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه "وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه السّلام)
 
يعني  رضي الله عنه  : إذا عدم الحيّ الحياة التي الماء صورته ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وذلك لأنّ الحرارة الغريزيّة التي بها حياة الحيّ إنّما تنحفظ بالرطوبة الغريزيّة ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة ، وهي صورة الماء ، فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، فافهم .
ثم عدل رضي الله عنه بعد هذه المقدّمات أن قال : "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ "


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة "ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ".  ثم نكر وعمم فقال :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم .  " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه " ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ).
 
هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ،
وقد قال الله تعالى :" لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " . أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ،
والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
 
"" أضاف بالي زادة : من حيث أنه مخلوق على الصورة ، وهو الجاهل بنفسه لأنه لو عرف نفسه عرف ربه ولو عرفه ما كبر وما اعتلى ( على لسان رسول الله ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التوراة والإنجيل ، وإلا لكان منهما كسائر الأحكام الموجودة ، ويدل عليه قوله (أو ملهم) من ربهم على قلوبهم والمقصود (تعميم) الحكم بما لا يدخل فيهما (لأكلوا) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية (من جهة فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري بسبب المطر ، فعلى أي حال (وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و) لأكلوا الرزق المعنوي (من تحت أرجلهم) بالسلوك والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم اهـ بالى زادة. ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولا مطعم إلا الله . وقد قال في حق طائفة : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " ثم نكر وعمم ، فقال : " وما أنزل إليهم من ربهم " . فدخل في قوله : " وما أنزل إليهم من ربهم " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ، " لأكلوا من فوقهم " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه الحق " ومن تحت أرجلهم " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ، صلى الله عليه وسلم . ) .
 
لما قال : إن نسبة الفوقية والتحتية إليه سبحانه سواء ، أراد أن يبين أنه تعالى يربي عباده منهما.
فقوله : ( لا مطعم إلا الله ) مأخوذ من قوله تعالى : ( وهو يطعم ولا يطعم ) .
وإنما جاء به ، لأنه تعالى قال في حق قوم موسى وعيسى ، عليهما السلام : ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ، أي ، أحكامهما .  ( وما أنزل إليهم من ربهم )
 
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية .
( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
بقوله : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:48 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )
قال رضي الله عنه : ( ولا مطعم إلا الله ، وقد قال في حق طائفة "ولَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ والإِنْجِيلَ ".  ثم نكر وعمم فقال :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " فدخل في قوله :" وما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم .  " لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ " هو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه " ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه عليه الصلاة والسلام ).
هذا بيان الإحاطة وحفظه للعبد من جميع الجهات ، فإن الإحاطة والحفظ من الصفات الرحمانية ، ومن الحفظ الإطعام فإنه من الأمداد الرحمانية التي لو انقطعت لهلك العبد ،
وقد قال الله تعالى :" لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ ومن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ " . أي لو أقاموا ما في الكتب الإلهية وهيأوا الاستعداد لأطعمناهم من جميع الجهات ،
والتحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله وهو قوله « لو دليتم بحبل الله لهبط على الله » .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"

"" أضاف بالي زادة : من حيث أنه مخلوق على الصورة ، وهو الجاهل بنفسه لأنه لو عرف نفسه عرف ربه ولو عرفه ما كبر وما اعتلى ( على لسان رسول الله ) ولم يوجد ذلك الحكم نسخا أو إثباتا في التوراة والإنجيل ، وإلا لكان منهما كسائر الأحكام الموجودة ، ويدل عليه قوله (أو ملهم) من ربهم على قلوبهم والمقصود (تعميم) الحكم بما لا يدخل فيهما (لأكلوا) من المعارف الإلهية وهي الأرزاق الروحانية (من جهة فوقهم ) المعنوي كما أكلوا الرزق الصوري بسبب المطر ، فعلى أي حال (وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه و) لأكلوا الرزق المعنوي (من تحت أرجلهم) بالسلوك والمجاهدات كما أكلوا الرزق الصوري من أنواع الفواكه من الأرض التي تحت أرجلهم اهـ بالى زادة. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )

قال رضي الله عنه :  (ولا مطعم إلا الله . وقد قال في حق طائفة : " ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل " ثم نكر وعمم ، فقال : " وما أنزل إليهم من ربهم " . فدخل في قوله : " وما أنزل إليهم من ربهم " كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ، " لأكلوا من فوقهم " وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه الحق " ومن تحت أرجلهم " وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه ، صلى الله عليه وسلم . ) .

لما قال : إن نسبة الفوقية والتحتية إليه سبحانه سواء ، أراد أن يبين أنه تعالى يربي عباده منهما.
فقوله : ( لا مطعم إلا الله ) مأخوذ من قوله تعالى : ( وهو يطعم ولا يطعم ) .
وإنما جاء به ، لأنه تعالى قال في حق قوم موسى وعيسى ، عليهما السلام : ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل ) ، أي ، أحكامهما .  ( وما أنزل إليهم من ربهم )
من الكتب الإلهية على لسان أي رسول كان ، أو على قلوب عباده بطريق الإلهام ، ( لأكلوا ) أي ، الرزق المعنوي من العلوم والمعارف والحكم . ( من فوقهم ) أي ، من ربهم الذي يطعمهم ويربيهم من الجهة الفوقية .
( ومن تحت أرجلهم ) ، أي ، لأكلوا رزق الوجدانيات ولذاقوا ذوق التجليات ونالوا الحالات الذوقية والواردات الإلهية التي تحصل بالسلوك بالأرجل والحق هو المطعم والمربى من جهة التحتية أيضا ، كما نسبها رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
بقوله : " لو دليتم بحبل لهبط على الله " .
"وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت"

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )

قال رضي الله عنه :  (ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة :وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ثمّ نكّر وعمّم ؛ فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ [ المائدة : 66 ] ، فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ، كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ[ المائدة : 66 ] ، وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم).

وهو أي : الدليل على ذلك ( قوله عليه السّلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه ») باعتبار ماله من نسبة التحت ، ( فأشار إلى أن نسبة التحت إليه ) ؛ لأن قوامه به ،
 ( كما أن نسبة الفرق إليه المذكورة في قوله :يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ[ النحل : 50 ] ، وقوله :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ) [ الأنعام : 18 ] .
وإذا ثبت ( له الفوق ) بالقرآن ( والتحت ) بالحديث قلة الفوق ، وإن نفاه الجاهل المتكبر المتعالي عليه والتحت ، وإن نفاه العامة وهما الجهتان الحقيقيتان المحتجبتان إلى المقوم لهما بالوجود بخلاف الجهات الست ، فإنها باعتبارته لتبدلها بتبدل أوضاع الإنسان .

""أضاف الجامع :
 وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126) سورة النساء
وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) سورة الأنفال
إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (92) سورة هود
أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ (54) سورة فصلت
وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ (20) سورة البروج ""

( ولهذا ) أي : والاختصاص الحق بالجهتين الحقيقيتين المتحدد بهما محيط العالم ، ومركزه دون الجهات الست ( ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان ) من حيث أن له عبد قيامه الذي هو الوضع الطبيعي له رأسا ورجلا ووجها وظهرا ويدين إحديهما أقوى من الأخرى ، غالبا يتعين بذلك ما تقرّب من كل واحد منهما ، ويتبدل بتبدل توجهاته ، ( وهو على صورة الرحمن ) المستوي على المحدد للجهات ، فنسب إليه الجهات لست بواسطته ، وإلا فالمحدد إنما حدد بالذات جهة الفوق ما يقرب من المحيط ، وجهة التحت ما هو غاية البعد منه ، وحفظ الحق يلحق بهاتين الجهتين لا غير ، والدليل عليه أنه ( لا مطعم إلا اللّه ) ، وهو من أسباب الحفظ ، ولا فرق بين هذا السبب وبين غيره .

( وقد قال في حق طائفة ) : لو كانوا كما قال فهم أكمل الطوائف ما يدل على انحصاره في الجهتين في حقهم ، فغيرهم أولى بألا يزيد لهم جهة أخرى ،وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ[ المائدة : 66 ] ، ( ثم نكّر ) ولم يقصد به الأفراد بل ( عمّم ) ؛ حتى يدل على أنه لا جهة للإطعام سواهما أصلا ، ( فقال ) :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ[ المائدة : 66 ] ،

( فدخل ) بطريق التصريح بعد دخوله في إقامة التوراة والإنجيل بطريق من الطرق ( في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ) كل أمر حكيم أي : محكم مؤيد بموافقة الكتاب والسنة والأدلة العقلية غير متزلزل بوجه من الوجوه ، وفي بعض النسخ ( كل حكم منزل على لسان رسول ) في الظاهر ، ( أو ملهم ) في الباطن لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ ،ولا أكل في جهة ما لم يكن الموكل منسوبا إليها ، وهو واحد ؛

ولذلك يقول : هو المطعم من الجهة الفوقية ، وكيف لا وهي ( التي نسبت إليه ) في الكتاب ، ونفي الجهة عنه إنما بطريق تحيزه فيها ،وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ ،( وهو المطعم من التحية التي نسبتها إلى نفسه ) ، وإن لم ينص عليها في كتابه ، بل يكفي في ذلك كونها ( على لسان رسوله المترجم عنه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، فلا يقول عنه ما لم يقل ، فليس سواها بمجرد قول الجاهل المذكور ، فلا يبعد موافقة قوله الحق على أنه ليس على الوجه الذي توهمه .

ولما انحصر الحفظ في هاتين الجهتين ، وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. )

وكيف لا يكون الأمر على هذا ( و ) قد أفاد الذوق الصحيح أنّه ( لا مطعم إلا الله ) ، أي لا مفيض لما يتغذّى به الشخص في أطواره روحانيّا ذلك أو نفسانيّا أو جسمانياًّ إلا الله ، ( وقد قال في حقّ طائفة : “  وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالإِنْجِيلَ “  ) بإنفاذ أحكامهما وهما الكتابان المنزلان على الرسولين : أحدهما الغالب عليه التنزيه ، والآخر التشبيه .


ولما كان فيض الحقّ لا يختص بأن يكون من الرسول أو كتابه ، فإنّ لكل أحد مدرجة خاصّة إلى فيضه العامّ ، لذلك قال - : ( ثم نكَّر وعمّم وقال : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “  - فدخل في قوله : “وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ من رَبِّهِمْ “  كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم )
على غيره من الناس “لأَكَلُوا من فَوْقِهِمْ “  ، وهو المطعم من الفوقيّة التي نسبت إليه ) عقلا وعقدا من العلو التنزيهي .

قال رضي الله عنه :  (“وَمن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ“  [ 5 / 66 ] وهو المطعم من التحتيّة التي نسبها إلى نفسه ، على لسان رسوله المترجم عنه صلَّى الله عليه وسلَّم “).
المعرب عن الأشياء والمظهر إيّاها على ما هي عليه في نفسها ، وذلك في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « لهبط على الله » ، وهو طرف التشبيه الحقيقيّ الختميّ ، الذي فيه نهاية التنزيه - كما نبّهت عليه غير مرّة .
ويمكن أن ينزل هذين الطرفين للفيض الوارد من الحقّ إلى طريقي الكسب والوهب ، فإنّ الوهب من جهة فوق الامتنان وعلوّ رحمته تعالى ، والكسب من طرف تحت السؤال ومساعي أرجل جدّ العبد وتعبه .
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. 

قال رضي الله عنه :  ( ولا مطعم إلّا اللّه ، وقد قال في حقّ طائفة : وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ ثمّ نكّر وعمّم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كلّ حكم منزل على لسان رسول أو ملهم ،"لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ " وهو المطعم من الفوقيّة الّتي نسبت إليه ،"وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ" [ المائدة : 66 ] وهو المطعم من التّحتيّة الّتي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم .)

قال رضي الله عنه :  ( ولا مطعم ) بالغذاء الروحاني والجسماني ( إلا اللّه وقد قال في حق طائفة ) : وهم قوم موسى وعيسى عليهما السلام (وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ) [ المائدة : 66 ] بالانقياد لأحكامهم ( ثم نكر وعمم فقال :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ فدخل في قوله :وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ كل حكم منزل منه على لسان رسول أو ملهم ) ، أي معلم بالإلهام الرباني لأرباب القلوب
(لَأَكَلُوا) الأرزاق الروحانية من العلوم والمعارف الوهبية ( من فوقهم وهو المطعم من الجهة الفوقية التي نسبت إليه و ) من الأحوال والمواجيد الكسبية الحاصلة لهم بسلوك الطريقة بالأرجل ( من تحت أرجلهم وهو المطعم من الجهة التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى اللّه عليه وسلم ) ،
وإنما قال رضي اللّه عنه في الجهة الفوقية " نسبت" على صيغة المجهول وفي الجهة التحتية " نسبها "  بإسناد نسبتها إليه سبحانه نظرا إلى حال المحجوبين فإنهم لا يتوحشون من نسبة الفوقية إليه تعالى كما يتوحشون من نسبة التحتية ، كيف وقد ذهب بعضهم إلى إثبات الجهة الفوقية له تعالى وأسند إليه سبحانه نسبة التحتية مع أنها وقعت على لسان رسوله صلى اللّه عليه وسلم دفعا لتوحشهم .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:49 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42 ] يعني ماء بارد - وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء . ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه . ).
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن العرش) العظيم (على الماء) كما أخبر تعالى (ما انحفظ) عليه (وجوده) لمحة من اللمحات (فإنه) ، أي الشأن (بالحياة) السارية (ينحفظ وجود الحي) فلا يموت.
(ألا ترى) يا أيها السالك أنّ الحيوان (الحي إذا مات الموت العرفي) ، أي المعروف تنحل ، أي تتفرق (أجزاء نظامه) ، أي تركيبه المخصوص (وتنعدم قواه) العرضية الصادرة فيه (عن ذلك النّظم) ، أي التركيب (الخاص قال اللّه تعالى لأيوب) عليه السلام (أركض) ، أي اضرب الأرض (برجلك) تخرج لك
 
عين ماء صافية ، فركض برجله فخرجت فقيل له : (هذا مغتسل يعني ماء بارد) تغتسل به (وشراب) تشرب منه فيشفيك (لما) ، أي قيل له ذلك لأجل (ما كان) أيوب عليه السلام (عليه من إفراط )، أي كثرة حرارة الألم ، أي الوجع الذي فيه (فسكنه) ، أي إفراط الحرارة (اللّه) تعالى (ببرد الماء) الذي أخرجه له (ولهذا) ، أي لأجل ما ذكر (كان الطب) عند علمائه في حصول صحة الأبدان معناه (نقصا) في المزاج من الخلط الزائد والكيفية الزائدة كالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والزيادة في الخلط .
 
قال رضي الله عنه :  (الناقص) والكيفية الناقصة حتى تعتدل الأخلاط والكيفيات في البدن ، وإن كان الاعتدال الحقيقي لا يمكن حصوله إلا بالنسبة إلى المزاج الكثير الانحراف ، فهو اعتدال نسبي إذ لو كان حقيقيا لما قبل الموت والانحلال ، ولهذا لما تتركب الأجسام في يوم القيامة تركبا معتدلا اعتدالا حقيقا كما زعم بعضهم لا تفسد بعد ذلك أصلا إلى الأبد ، ولا يغلب عليها الحرارة بمجاورة النار ولا البرودة بمجاورة الزمهرير في جهنم بل يبقى الاعتدال فيها ، لأنها نشأة أخرى صحيحة غير نشأة الدنيا كما قال تعالى وأن عليه النشأة الأخرى .
 
قال رضي الله عنه :  (فالمقصود) من علم الطب في معالجة أجسام المرضى (طلب) حصول (الاعتدال) الحقيقي فيها حتى يستقيم نشؤها (ولا سبيل) ، أي لا طريق إليه ، أي إلى ذلك الاعتدال المطلوب فلا يمكن حصوله إلا أنه ، أي الاعتدال المطلوب يعني الطب يقاربه ، أي يقارب ذلك الاعتدال الحقيقي وهو الاعتدال النسبي كما ذكرنا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
فقال رضي الله عنه  : ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ينحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) وكل شيء حي وكل حي ينحفظ وجوده بالحياة ومن الماء كل شيء حي فإذا لم يكن العرش على الماء لم ينحفظ وجوده من تحته فلم يكن حيا بل ينحل أجزاءه عن الظلم الخاص وتبدلت أخرى فاختص حفظ الإنسان بالنص الإلهي بالحق وحفظ العرش بالماء ، مع أنه هو حافظ أيضا تعظيما لشأن الإنسان فعظمه اللّه حق تعظيم فلو علم الإنسان قدره عند اللّه لم يخالف قط .
ولما فرغ عن بيان خواص الماء وما يتوقف عليه من معرفة حال أيوب شرع في بيان حال أيوب عليه السلام
قال رضي الله عنه :  ( قال اللّه تعالى لأيوب :ارْكُضْ) أي اضرب بِرِجْلِكَ الأرض فلما ركض خرج منها الماء فقال : (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ[ ص : 42 ] أي ماء بارد ) ، يزيل باغتساله مرضك من بدنك وإنما كان الماء باردا ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه اللّه ) إفراطها (ببرد الماء ) من التسكين الضمير يرجع إلى الإفراط فسكن اللّه إفراطها الزائد المهلك فبقي الحرارة النافعة للإنسان والإشارة فيه .
وهي أن اللّه تعالى أمر نبيه بضرب الرجل على الأرض ليخرج منها الماء لإزالته ألم البدن فهو أمر لنا بالسلوك والمجاهدة ليخرج الماء الحياة وهو العلم باللّه والأرض وجودنا لإزالة أمراض أرواحنا وهي الحجبات المبعدة عن الحق وفي هذه الآية سر لطيف .
وهو أن السالكين سلوك التقوى بالمجاهدة والرياضات إذا اجتمعوا في منزل وذكروا اللّه كثيرا بأعلى صوت وضربوا أرجلهم على الأرض مع الحركة أيّ حركة كانت
وكانت نيتهم بذلك لإزالة ألم الروحاني جاز منهم ذلك إذ ضرب الرجل الصوري على الأرض الصورية مع الذكر الصوري بنية خالصة يوصل إلى الحقيقة إذ ما من حكم شرعي إلا وله حقيقة يوصل عامل إلى حقيقته ( ولهذا ) أي لكون الإزالة إفراط الحرارة مطلقا ( كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص فالمقصود ) من نقص الزائد وازدياد الناقص ( طلب الاعتدال ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه ) فكان المزاج المنحرف قريبا من الاعتدال بالتداوي


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي. ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟ قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص. والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال: وكل شيء حي ومسبح بحمد الله ولا يفقه تسبيحه إلا أهل معرفة لغة الله، عز وجل، وأما كون العرش على الماء، فلكون العرش مرادا لأنه جسم.
قال: الحق تعالی تحت كل تحت بدليل قوله: «لو دليتم بحبل لسقط أو لهبط على الله» 
قال: وهو فوق الفوق بدليل قوله تعالى يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (النحل: 50)، وهو القاهر فوق عباده (الأنعام: 18) فله الفوق والتحت.
 
ثم بعد قليل ذكر أن الطب طلب الاعتدال قال وهو غير واقع
ونحن نقول: إن الأطباء قالوا: إنه غير واقع ولسنا نقول ذلك بل ما يكون موجود واحد إلا باعتدلال ما يخص ذلك الموجود.
 
فإن قلت: المراد هو الاعتدال المطلق. قلنا: ما لنا شيء مطلق إلا ما فاق الاعتدالات كلها ولا كل لها، إذ ليست متناهية وغير المتناهي ما له كل، فالذي يقتضيه الشهود أنه لا يقع في الوجود إلا الاعتدال لأن كل انحراف فهو اعتدال فإن الانحراف الذي يقتضي فساد صورة هو اعتداله يقتضي كون صورة أخرى ولا يلزم أن تكون الصورة المعدومة أنقص من الصورة المتجددة بانعدامها.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه في الحياة ينحفظ وجود الحيّ ، ألا ترى الحيّ إذا مات الموت العرفيّ ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاصّ ؟ )
 
يعني  رضي الله عنه  : إذا عدم الحيّ الحياة التي الماء صورته ، انحلَّت أجزاء نظامه ، وذلك لأنّ الحرارة الغريزيّة التي بها حياة الحيّ إنّما تنحفظ بالرطوبة الغريزيّة ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة ، وهي صورة الماء ، فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، فافهم .
ثم عدل رضي الله عنه بعد هذه المقدّمات إلى أن
قال رضي الله عنه  : ( قال الله تعالى لأيّوب :  "ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ "  يعني ماء " بارِدٌ وَشَرابٌ " لما كان عليه من حرارة الألم ، فسكَّنه الله ببرد الماء ، ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد والزيادة في الناقص ) .
 
يعني : طبّة الله تعالى بنقص حرارة الألم وزيادة البرد والسلام منها ، فإنّها كانت أعني الآلام  نارا أوقدها الشيطان سبع سنين في أعضاء أيّوب ، فشفاه الله عنها بهذا الطبّ الإلهي
.
ثم قال رضي الله عنه  : ( والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلَّا أنّه يقاربه)
قال العبد : كان  رضي الله عنه  يريد الكون الخلقيّ والحقيّ الأسمائيّ وبموجب النظر العقلي لا غير ، فإنّ الوارد ورد بأنّ ذلك الاعتدال  المفقود في الأكوان قد انفرد به الله ، فهو له وهو فيه ، فلا يقبل الزيادة ولا النقص ، ولا يقبل الكون والفساد تبارك وتعالى من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) .
 
يعنى إذا عدم الحي الحياة التي الماء صورتها انحلت أجزاء نظامه ، وذلك لأن الحرارة الغريزية التي بها حياة الحي إنما تنحفظ بالرطوبة الغريزية ، فحياة الحرارة أيضا بالرطوبة وهي صورة الماء فبفقدانه وجود الموت الذي هو افتراق أجزاء الإنسان ، وهذا مقدمات مهدها لبيان حال أيوب عليه السلام .
 
ثم عدل إلى قوله : ( قال الله تعالى لأيوب " ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ " يعنى لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه ببرد الماء ، ولهذا كان الطب النقص من الزوائد ، والزيادة في الناقص ).
 
يعنى طبه الله تعالى بنقص حرارة الألم وزيادة البرد والسلام منها، فإن الآلام كانت نارا أوقدها الشيطان سبع سنين في أعضاء أيوب عليه السلام، فشفاه الله منها بهذا الطب الإلهي .
( والمقصود طلب الاعتدال،  ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه ) .
ولا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، فإنه لا يوجد في هذا العالم كما بين في الحكمة إلا أن الاعتدال الإنسانى يقاربه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن العرش على الماء ، ما انحفظ وجوده ، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي ، تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه
عن ذلك النظم الخاص . ).
أما العرش الجسماني ، فإنه لولا الهيولى القابلة للصورة الجسمانية ، لما كان للصورة العرشية وجود ضرورة .
وأما العرش بمعنى ( الملك ) فإنه لولا النفس الرحماني القابل لصور حقائق العالم ، لما كان شئ منها موجودا ، فضلا عن دوامها .
وأما السماوات والأرض التي كل منها عرش لاسم من الأسماء ، فلأنه لولا وجود الماء المتعارف ، لما كان شئ منها موجودا .
وقد تقدم أن الهيولى والنفس الرحماني يسمى في اصطلاح أهل الله ب‍ ( الماء ) ، كما يسمى الماء
المتعارف به .
ولما كان الماء مظهرا للإسم ( الحي ) وكل شئ حي قال : ( فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي . ) والباقي ظاهر .
ولما كان ما ذكره من أول الفص إلى هاهنا تمهيدا للمقدمات في بيان حال أيوب عليه السلام ،
 
قال رضي الله عنه :  ( قال تعالى لأيوب : " أركض برجلك هذا مغتسل بارد" ، يعنى ماء بارد . ولما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، فسكنه الله ببرد الماء . ) .
 
ولما كان  عليه من إفراط حرارة الألم ، ( فسكنه الله ببرد الماء . ) أي ، قال تعالى لأيوب ، عليه السلام : اضرب برجلك الأرض ، ليظهر لك ماء تغتسل به ، بارد مسكن حرارة الألم ، مطهر لبدنك من الأمراض والأسقام . فلما أتى بالمأمور به ، سكن الله إفراط الحرارة ببرودة الماء هذا ظاهره .
 
وأما باطنه ، فهو أمر بالرياضة والمجاهدة بضرب أرض النفس ، ليظهر له ماء الحياة الحقيقة متجسدا في عالم المثال : فيغتسل به ، فيزول من بدنه الأسقام الجسمانية ومن قلبه الأمراض الروحانية . فلما جاهد وصفا استعداده وصار قابلا للفيض الإلهي ، ظهر له من الحضرة الرحمانية ماء الحياة ، فاغتسل به ، فزال من ظاهره وباطنه ما كان سبب الحجاب والبعد من ذلك الجناب .
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص . والمقصود طلب الاعتدال . ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه . ) .
 
أي ، أزال الحق منه إفراط الحرارة الذي كان سبب الآلام ، لا الحرارة مطلقا . ولهذا المعنى كان الطب والتداوي بالتنقيص من الكيفية الزائدة ، والازدياد من الناقصة ، ليحصل المقصود وهو القرب من الاعتدال ، إذ لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي إلا أن الطبيب يجعل المزاج قريبا من الاعتدال .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:50 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي).

وحفظ كل حي بحياته وحياة العرش فائضة عن الماء ، ثبت أنه ( لو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ) ، وإن كان وجود ما ليس على الماء ، ولو من الأشياء المخلوقة منه محفوظا بدون كونه على الماء ، إذ حياته التي بها استوى اسمه الرحمن عليه لتدبير العالم منوطة بالماء ، فإنها وإن كانت بالنفس المنطبعة فيه لكن لا بد لتعلقها به من اعتدال المزاج ، وليس ذلك إلا بهذا الماء الحامل له ، وإلا فليس فيه طبائع مختلفة فضلا عن حصول المزاج منها ، وإذا كانت حياته به فحفظه به ؛ ( فإنه بالحياة يحفظ وجود الحي ) وإن انحفظ بدونها وجود أجزائه ، واستدل عليه بالاستقراء والتمثيل .
 

قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟ قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42 ] يعني ماء بارد ؛ وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء ، ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص ، والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه ، ) .


فقال رضي الله عنه : ( ألا ترى أن الحي إذا مات الموت العرفي ) ، فيدبه للإشعار ببقاء نوع حياة في أجزائه بل في جملته بلا بنية سيما في روحه ( تنحل أجزاء نظامه ) الجسمانية العنصرية ، فتصير إلى أحيازها ، وتنفك بعضها عن بعض بعد امتزاجها ، ( وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص ) بأجزاء جسمه ، وإن كانت باقية منتظمة بروحه وقلبه بوجه ونظام آخر ، حتى يدرك بذلك اللذة وآلام الواقع له في عالم البرج .

ولما فرغ عن بيان هذه المقدمات أعني : سريان سر الحياة في الماء ، وأفادته الحياة لما حمله على أكمل الوجوه ، وحفظه من تحته شرع في المقصود منها في حق أيوب عليه السّلام ؛ ( فقال : قال اللّه تعالى :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) [ ص : 42 ] .
أي : اضرب برجلك الأرض ؛ ليحصل لك من الجهة السفلية المناسبة لجسمك تدبيره بما ينبع منها من الماء الحامل سر الحياة ، مع دفع وجوه الأذيّات من الظاهر والباطن ، فضربها فنبعت عين ، فقيل :هذا مُغْتَسَلٌ.

ولما توهم من سكانته عليه السّلام أنه ذو دواء يغسل العلة غير أنها إذا لم يعتد جعله ذو المثل هذه العلة بينه بقوله : ( يعني ماء ) ، ثم بيّن وجه كونه دواء ، وإن كان على خلاف العادة بأنهبارِدٌ ،فصار دافعا ( لما كان ) أيوب عليه السّلام ( عليه إفراط حرارة الألم ) ، وهذه الحرارة المفرطة ، وإن لم تجر العادة بزوالها ببرودة الماء ، ولكن جعل اللّه ذلك أنه في حقّه ، ( فسكنه اللّه ببرد الماء ) ، وهو سبحانه وتعالى ، وإن كان قادرا على الأشياء بلا واسطة ، فلا بدّ لرفع أحد الضدين من الضد الآخر ، فكان برد الماء ضدّا لإفراط حرارة الألم.


( ولهذا ) أي : ولأجل أن أحد الضدين لا يندفع إلا بالضد الآخر ، (كان الطّبّ ) فعل أمرين جميعا معا أو على الترتيب ( النّقص من ) الخلط ( الزائد ) المتصف بأحد الضدين ، ( والزيادة في ) الخلط ( الناقص ) المتصف بالضد الآخر ، وإذا استويا دفع كل واحد سورة الآخر إلى أن يستوي المزاج الموجب كمال الحياة الموجبة حفظ النظام وكمال الأفعال ؛ ولذلك كان المطلوب من هذا النقص والزيادة طلب الاعتدال ، فلا يكتفي بأي مقدار حصل من الزيادة والنقصان بل لا بدّ من ( طلب الاعتدال ) ،
وإن كان ( لا سبيل إليه ) على الوجه الحقيقي ( إلا ) أنه أي : المطلوب حصول ( ما تقاربه ) ، فيكون له حكم الاعتدال واسمه .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )


الماء مبدأ نظام الأركان ، وسر الإرجاع إليها في قصة أيوب عليه السّلام
ثمّ إذا تقرّر أنّ الماء الذي عليه العرش هو الذي يحفظه ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحيّ ) على هيأته الشخصيّة المزاجيّة ،
( ألا ترى الحيّ إذا مات - الموت العرفي - تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاصّ ) فإنّ لتلك الأجزاء والقوى نظما في كلّ عالم بما يناسبه ، وحياة يقبله ويوافقه ولذلك قيّد الموت بـ "العرفي " والنظم ب « الخاص » ظهر من هذه المقدّمات أنّ الماء هو مبدأ نظام الأجزاء والأركان والقوى ، التي عليها بناء المزاج الشخصي والهيئة الوحدانيّة الجمعيّة .

ولذلك ( قال تعالى لأيّوب عليه السّلام ) حين أشرف مزاجه على الانحلال ، ونظام أمره إلى الاختلال : “ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ“ يعني ماء “بارِدٌ “)  [ 38 / 42 ] .
وكأنّك قد نبّهت على وجه خصوصيّة العبارة في مطلع الفصّ واختصاص ذلك بأيّوب ( لما كان عليه من إفراط حرارة الألم ، فسكَّنه الله ببرد الماء ) وكسره شدّة حرارته ونقصه لها .

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا كان الطبّ النقص من الزائد ، والزيادة في الناقص ) حتّى يستقرّ في مقام الاعتدال ( والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه ) أي إلى الاعتدال الحقيقيّ المطلق ، الذي شهد البراهين بامتناعه واستحالة تكوّنه .

فإنّ المبادر إلى الأفهام مما قال من « أنّ المطلوب من الطبّ زيادة الناقص ونقصان الزائد » : هو أنّ التساوي المطلق والاعتدال الحقيقي هو المطلوب ولا يخفى أنّه لا يصلح لأنّ يكون غاية لحركة حكمية ، لأنّه ممتنع .
فقال : ولا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، ( إلا أنّه يقاربه ) ، أي المطلوب في الطبّ هو ما يقرب الاعتدال وهو غير ممتنع .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.  ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال، ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه. )

قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده ، فإنّه بالحياة ينحفظ وجود الحي.  ألا ترى أنّ الحيّ إذا مات الموت العرفيّ تنحلّ أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النّظم الخاصّ ؟  قال تعالى لأيّوب :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ [ ص : 42] يعني ماء بارد - وشراب لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكّنه اللّه ببرد الماء .  ولهذا كان الطّبّ النّقص من الزّائد ، والزّيادة في النّاقص . والمقصود طلب الاعتدال ، ولا سبيل إليه إلّا أنّه يقاربه . )

قال رضي الله عنه :  ( ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده فإنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص )
ولما ظهر من أنه بالحياة ينحفظ وجود الحي ولا مادة للحياة إلا الماء
قال رضي الله عنه :  ( قال تعالى : لأيوب ) حين أشرف على زوال الحياة لشدة الحرارة المفنية برودة الماء ورطوبتها (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ  [ ص : 42 ] يعني ماء باردا لما كان عليه من إفراط حرارة الألم فسكنه ) ، أي أيوب أو إفراط الحرارة ( اللّه ببرد الماء ) نقص عن حرارته الزائدة على ما ينبغي وزاد على برودته الناقصة عما ينبغي ( ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص والمقصود من ذلك ) النقص والزيادة ( طلب الاعتدال ) ، أي تساوي الناقص والزائد.

قال رضي الله عنه :  ( ولا سبيل إليه ) ، أعني إلى الاعتدال مطلقا سواء كان في الكيفيات المتضادة كما في المزاج ، أو في غيرها كما في الصور التي ذكرها الشيخ رضي اللّه عنه ( إلا أنه ) ، أي المقصود من النقص والزيادة ( يقاربه ) ، أي الاعتدال .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:51 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال .  وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات . والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل .) .
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا هنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال) الحقيقي في الحياة الدنيا ولا في الآخرة في مزاج من الأمزجة مطلقا (من أجل أن الحقائق) ، أي أعيان الأشياء المخلوقة كلها (وأن الشهود) ، أي المعاينة لها من بعضها لبعض بالحس أو العقل (يعطى) ذلك لمن كشف عنه (التكوين) ، أي الإيجاد الجديد مع الأنفاس فكل نفس بفتح الفاء يذهب اللّه تعالى فيه بجميع المخلوقات ويأتي بمخلوقات أخرى غيرها على صورتها وشكلها مما يشبه الأولى أو يقاربها على الدوام في الدنيا والآخرة كما قال تعالى :بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ[ ق : 15 ] ، وقدمنا ذكر هذا مفصلا (ولا يكون) هذا (التكوين) المذكور (إلا عن ميل) ، أي توجه من الذي يكون عليه (يسمى) ذلك الميل إذا ظهر (في) عالم (الطبيعة) الإنسانية وغيرها (انحرافا) ، أي خروجا عن حد الاعتدال النسبي أو يسمى (تعفينا) لاقتضائه فساد الأخلاط وتغير المزاج (وفي حق الحق) تعالى يسمى (إرادة وهي) ، أي الإرادة الإلهية ميل ، أي توجه قديم أزلي أبدي ليس بمعنى غرضي ولا يشبهه إلى المراد اللّه تعالى الخاص في علمه سبحانه دون غيره من بقية المرادات ، فكل مراد له ميل يخصه عن تلك الإرادة الإلهية هو عين تلك الإرادة باعتبار فاعليته ، وغيرها باعتبار انفعاله لما اقتضاه العلم القديم .
 
قال رضي الله عنه :  (والاعتدال) الحقيقي (يؤذن بالسواء في) طبيعيات (الجميع) وكيفيات أمزجتهم (وهذا) الأمر (ليس بواقع) أصلا ولا يمكن وقوعه إلا إذا شاء اللّه تعالى كما قال سبحانه :أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً[ الفرقان : 45]
، فأشار إلى حركة ظل الكائنات عن شمس أحدية وجوده القديم ، ولو شاء لجعله ساكنا بإرجاعه إلى الثبوت العلمي كما قال سبحانه :وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ[ الأنعام : 13 ] ، يعني والمتحرك لنفسه لا له لدعواه الاستقلال في الخلق الجديد ، وهو قوله تعالى :وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ [ الأعراف : 143] 
، يعني في الثبوت العلمي والعدم الأصلي فسوف تراني ؛
 
قال رضي الله عنه :  (فلهذا) ، أي لكون الأمر كما ذكر (منعنا من) وجود (حكم الاعتدال) الحقيقي أصلا كيف (وقد) ورد إلينا (في العلم الإلهي) النبوي ، أي المنقول عن النبي صلى اللّه عليه وسلم اتصاف الحق تعالى فيه (بالرضا) عن قوم (وبالغضب) على قوم (وبالصفات) من ذلك كالراضي والغضبان وغير ذلك من المتقابلات (والرضا مزيل للغضب) ، لأنه يقابله في كل ما تعلق به (والغضب) أيضا (مزيل للرضا عن المرضى) عنه كذلك .
(والاعتدال) في ذلك (أن يتساوى الرضا والغضب) معا في حقيقة واحدة فتقبل ظهور الأثرين معا وهو ممتنع (فما غضب الغاضب) القديم سبحانه والحادث (على من غضب عليه وهو) ،
 
 أي ذلك الغاضب (عنه) ، أي المغضوب عليه (راض) أصلا (فقد اتصف) تعالى (بأحد الحكمين) ، أي حكم الرضى وحكم الغضب (في حقه) ، أي حق ذلك المغضوب عليه الواحد (وهو) ، أي الاتصاف بأحد الحكمين ميل إلى أحدهما عن الآخر ينافي الاعتدال وما رضي الحق تعالى (عمن رضي عنه) من عباده (وهو غاضب عليه أصلا فقد اتصف) تعالى (بأحد الحكمين) المذكورين أيضا (في حقه) ، أي في حق ذلك المرضي عنه (وهو) ، أي الاتصاف بأحد الحكمين أيضا ميل إلى أحدهما عن الآخر فلا اعتدال .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود يعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ولا يكون التكوين إلا عن ميل يسمى ) ذلك الميل ( في الطبيعة انحرافا ) كالإنسان وغيره من الحيوانات ( أو تعفينا ) كما في المأكولات والمشروبات كالفاكهة واللبن أو عصيرا وغيرها إذا تغيرت أمزجتهم .
قال رضي الله عنه :  ( وفي حق الحق ) يسمى ذلك الميل ( إرادة وهو ) راجع إلى الإرادة باعتبار الميل ( إلى المراد الخاص دون غيره والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع وهذا ) السواء ( ليس بواقع ) لإعطاء الحقائق والشهود خلاف ( فلهذا ) أي فلأجل عدم وقوع التسوية في الجمع أو فلأجل هذا المذكور ( منعنا من حكمة الاعتدال ) بقولنا ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضى وبالغضب وبالصفات المتقابلة والرضى مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه ( والغضب مزيل للرضي عن المرضى عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضى والغضب ) وهذا ليس بواقع كما أمر آنفا فإذا ثبت أن حقيقة الرضى إزالة الغضب عن المغضوب عليه وحقيقة الغضب إزالة الرضى عن المرضى عنه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض فقد اتصف ) الحق ( بأحد الحكمين في حقه ) أي في حق المغضوب عليه ( وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المغضوب عليه وهي الرضى والغضب ( ميل ) من الاتصاف بالرضى إلى الاتصاف بالغضب فكان الغضب قبل اتصافه بالغضب متصفا بالرضى في حقه إذ الغضب إزالة وجود الرضى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما رضي الحق عن من رضي عنه وهو ) أي الحق ( غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ) أي الاتصاف بأحد الحكمين في حق المرضى عنه وهو الرضى ( ميل ) من الاتصاف بالغضب إلى الاتصاف بالرضى والمقصود أن اللّه لا يخلو عن الاتصاف في حق عباده بأحد هذين الحكمين المتقابلين فلا بد اتصافهما بأحدهما في حق شخص قبل أن يسبق اتصافه بالآخر في حق ذلك الشخص لعدم الاعتدال فانقطع التسلسل
 
بقوله سبقت رحمتي على غضبي ألا ترى أيوب عليه السلام كيف اتصف الحق بأحد الحكمين في حقه فاتصف الحق بالغضب عند المرض إذ الغضب عين الألم فأزال ذلك الألم بالماء فاتصف في حقه بالرضى إذ زوال الألم عين الرضى فقد اتصف الحق في حق الأنبياء عليهم السلام بأحد الحكمين فإنهم يتألمون بآية الورود وإن لم تمسهم النار
 
فقد اتصف الحق في حقهم بالرضى وبإدخال الجنة فزال عنهم ذلك الألم فقد ظهر من هذا التحقيق إن أهل النار ما غضب اللّه عليهم إلا وهو عنهم راض فكان حكم الرضى ثابتا في حقهم فلا يدوم غضب اللّه عليهم في النار فلهم حكم الرضى من اللّه الذي سبق على الغضب وإنما يدوم عذابهم إذا لم يتصف الحق في حقهم بأحد الحكمين بأن يتساوى الرضاء والغضب وليس بواقع فالواقع اتصاف الحق بأحد الحكمين في حقهم فالواقع في حقهم حكم الرضاء من اللّه بإزالة الغضب وهذا معنى قوله


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره. والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال. وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات. والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض. فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
ذكر أن الطب طلب الاعتدال قال وهو غير واقع ونحن نقول: إن الأطباء قالوا: إنه غير واقع ولسنا نقول ذلك بل ما يكون موجود واحد إلا باعتدلال ما يخص ذلك الموجود.
 
فإن قلت: المراد هو الاعتدال المطلق. قلنا: ما لنا شيء مطلق إلا ما فاق الاعتدالات كلها ولا كل لها، إذ ليست متناهية وغير المتناهي ما له كل، فالذي يقتضيه الشهود أنه لا يقع في الوجود إلا الاعتدال لأن كل انحراف فهو اعتدال فإن الانحراف الذي يقتضي فساد صورة هو اعتداله يقتضي كون صورة أخرى ولا يلزم أن تكون الصورة المعدومة أنقص من الصورة المتجددة بانعدامها.
 
ثم إنا ما فسرنا الاعتدال بأنه السواء في الجميع، فإن السواء في الجميع يكون فيما له أجزاء متساوية والتساوي نسبي فقد يكون الربع مساويا للثلثين في تکوین موجود ما بحيث لو وضع من الثلثين أكثر أو أقل من الربع لما حصل تكوين ذلك الوجود الخاص.
وأما حكم الرضا والغضب في حق الله تعالى، فهما اعتباران في زمانين أو في زمان واحد باعتبارین أو باعتبارات.
 
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.  


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قلنا : « ولا سبيل إليه » أعني الاعتدال ، من أجل أنّ الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلَّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حق الحق إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره ، والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع ) .
قال العبد : كان  رضي الله عنه  يريد الكون الخلقيّ والحقيّ الأسمائيّ وبموجب النظر العقلي لا غير ، فإنّ الوارد ورد بأنّ ذلك الاعتدال  المفقود في الأكوان قد انفرد به الله ، فهو له وهو فيه ، فلا يقبل الزيادة ولا النقص ، ولا يقبل الكون والفساد تبارك وتعالى من حيث ذاته الغنيّة عن العالمين ، وحقيقته العينية الغيبيّة الجامعة بين التعيّن واللاتعيّن ، والقيد والإطلاق ، وقبوله كلّ حكم وضدّه من كل حاكم ، وكونه عين النقيضين والمتباينين والمتناسبين والمتنافيين والمتشاكلين معا أبدا دائما ، فما بها أبدا ميل عن مقتضى ذاته ، ولا حيد عمّا وجب له لذاته الأحدية الجمعية الكمالية المطلقة عن كلّ قيد حتى عن الإطلاق عنه .
 
قال رضي الله عنه : ( فلهذا منعنا عن الاعتدال ، وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتّصاف الحق بالرضى والغضب وبالصفات ، والرضى مزيل الغضب والغضب مزيل للرضي عن المرضيّ عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضى والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل )
قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ،
فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ،

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.  وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعنى الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطى التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلا عن ميل يسمى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره ، والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع ) .
 
أي ولا سبيل إلى الاعتدال في عالم الكون والحضرة الأسمائية دون الذات الإلهية ، فإن التعين واللا تعين والجمع بين المتنافيين والنسبة إلى الأسماء المتقابلة في الحضرة الأحدية سواء ،
وأما في حضرة التكوين فلا ، فإن الشهود يحكم بالتكوين وتجديد الخلق مع الأنفاس دائما ، ولا يمكن التكوين إلا عند الانعدام ،
وإلا لا يسمى تكوينا فإن تحصيل الحاصل محال أفيدوم الانعدام في الخلق وذلك عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا ، والتجديد عن الحق وذلك عن ميل للحق يسمى في حقه إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص ، والاعتدال يؤذن بالسواء ،
وهذا ليس بواقع في الحضرتين المذكورتين وتنفرد به الذات الإلهية بالنسبة إلى الجمعية الواحدية دون الربوبية يعنى نسبة الذات إلى الصفات وهي نسبة الأحدية إلى الواحدية ، وأما في نسبة الإلهية إلى الربوبية فلا بد من الميل دائما ( فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ) أي في هذا العالم
( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضى والغضب وبالصفات ) أي المتقابلة .
 
قال رضي الله عنه :  ( والرضى مزيل الغضب والغضب مزيل الرضا عن المرضى عنه ، والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل ، وما رضى الحق عمن رضى عنه وهو غاضب عليه فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل ) .
 
زوال الغضب عند انصاف الحق بالرضا وزوال الرضا عند اتصافه بالغضب إنما هو بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضى عنه معينين ،
وأما بالنسبة إلى الغضب الكلى القهري الجلالي ، والرضا الكلى اللطفى الجمالي ، فلا يزول اتصافه بهما من حيث كونه إلها وربا مطلقا ،
وكذلك من حيث غناه الذاتي فإنه من حيث كونه غنيا عن العالمين لا يتصف بشيء منهما ، فظهر أن الميل والانحراف ليس إلا من قبل القابل ،
والربوبية المحضة المقيدة بمربوب معين لظهور حكم الرضا والغضب في القابل ، وعدم ظهوره في غير القابل ،
وأما باعتبار حقيقتي الرضا والغضب الكلبين أحكامهما أبدا سرمدا في المرضى عنهم والمغضوب عليهم من العالمين ، فهما ثابتان لله تعالى رب العالمين على السواء فلا يتصف بأحدهما بدون الآخر ، إلا أن حكم سبق الرحمة الغضب أمر ذاتي دائم لا يزال ولا يتغير .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا : ولا سبيل إليه ، أعني الاعتدال ، من أجل أن الحقائق والشهود يعطى التكوين مع الأنفاس على الدوام . ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة ،
يسمى انحرافا أو تعفينا ، وفي حق الحق إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره .
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع . وهذا ليس بواقع . فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ).
 أي ، وإنما قلنا : لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي ، لأن معرفة  الحقائق والشهود اليقيني ، يعطى للعارف المشاهد أن الأشياء لا تزال تتكون في كل آن ونفس على الدوام ، كما قال تعالى : ( بل هم في لبس من خلق جديد ) .
 
والكون لا يكون إلا بعد الانعدام ، وكل منهما لا يمكن بلا ميل أما الانعدام ، فلأنه لا يحصل إلا بالميل إلى الباطن .
 
وهذا الميل في الحيوان يسمى ( انحرافا ) في الطبيعة ، وفي غيره من المركبات يسمى ( تعفينا ) ، كما إذا تغير مزاج فاكهة أو لبن أو عصير ، أو غير ذلك ، يقال : عفن . وذلك الميل بالنسبة إلى جناب الحق يسمى ( إرادة ) .
 
وذلك لأنها المخصصة والمرجحة في حق الممكنات ، إما إلى الوجود ، أو العدم ، والتخصيص والترجيح عين الميل بأحد الحكمين المتساويين نسبتهما إلى ذات الممكن ، وإذا كان التكوين لا يحصل إلا بالميل ، فلا يمكن الاعتدال الحقيقي ، لأنه الجمع بين الشيئين على السواء ، فلا يمكن وقوعه   .
 
واعلم أن الاعتدال وعدمه لا يكون إلا بالنسبة إلى المركب من الشيئين المتغائرين ، وليس بين الوجود والعدم تركيب حتى يعتبر فيه الاعتدال أو عدمه .
وغرض الشيخ رضي الله عنه ، من هذا الكلام إثبات أن العالم وجد عن الميل المسمى ب‍ ( الإرادة ) ، فلا يزال الميل متحققا فيه ، سواء كان المائل بسيطا أو مركبا .
ومع وجود الميل لا يمكن الاعتدال ، لأنه إنما يتصور إذا كان الشئ مركبا بحيث لا يكون لشئ من أجزائه بحسب الكمية والكيفية زيادة على الآخر .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب وبالصفات . ) أي ، المتقابلة . ( والرضا مزيل للغضب . ) أي ، عن المغضوب عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( والغضب مزيل للرضا عن المرضى عنه . والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . ) .
أي ، ويرضى عنه أبدا ، كما يذكر من بعد من أنه زعم المحجوبين .
( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه . ) أي ، فقد اتصف الغاضب الذي هو الحق بأحد الحكمين ، وهو الغضب في حقه ، أي في حق المغضوب عليه السلام.
(وهو ميل ) أي ، فقد اتصف الراضي وهو الحق بأحد الحكمين ، وهو الرضا في حقه ، أي في حق المرضى عنه .
( وما رضى الحق عمن رضى عنه وهو غاضب عليه.) أي ، يغضب عليه أبدا .
( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه . ) أي ، فقد اتصف الراضي الذي هو الحق بأحد الحكمين ، وهو الرضا في حقه ، أي في حق المرضى عنه . ( وهو ميل . ) فليس فيها أيضا اعتدال ، لأن كلا منهما موجب لعدم الآخر . وهذا بالنسبة إلى القوابل .
وأما بالنسبة إلى أعيان تلك الصفات الحاصلة في الجناب الإلهي والحضرة الأسمائية ، فليس كذلك ، لأنه مقام الجمع ولا غلبة لأحدهما على الآخر ، وإن كان يسبق بعضها بعضا ، كسبق الرحمة الغضب .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:52 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة الجزء الثانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :  الجزء الثانية
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .

قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قلنا : ولا سبيل إليه ، أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ، وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ، فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ، وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل ).

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا : لا سبيل إليه أعني : الاعتدال ) بينه ؛ لئلا يتوهم عوده على طلبه مع أن الطلب ليس بمحال ، وإنما هو حصول المطلوب من هذا الوجه ( من أجل أن الحقائق ) أي : علم الحقائق ودلائلها والشهود إنما ذكره ؛ لأنه ربما يمنع تلك الدلائل ( تعطي التكوين ) أي : تبدل كل شيء من حال إلى حال ( مع ) مقادير ( الأنفاس على الدوام ) ؛ لدوام غلبة من حركات الأفلاك التي لا تسكن أصلا ، ( ولا يكون التكوين ) ؛ لكونه حركة في الكيف أو الكلم ( إلا عن مثل في ) المكون الفاعل ، والمكون القابل وهو ( الطبيعة ) القابلة لتلك الأحوال المتبدلة يسمى ذلك الميل في الطبيعة ( انحرافا ) إن قرب من الاعتدال ، ( أو تعفينا ) إن بعد منه ، ( وفي حق الحق إرادة ) ؛ لأن اسم الميل يوهم عدم العدل ؛ ولكن لما كانت صفة توجب تخصص أحد المقدورين : ( هي ميل إلى المراد الخاص دون غيره ) مع استواء نسبتهما إلى قدرته ، وحينئذ لا يكون فيها اعتدال إذ ( الاعتدال يؤذن بالسّواء ) أي : استواء الأمرين ( في الجميع ) أي :

في جميع الصور والتي فيها الاعتدال سواء كان في حق الحق والخلق جميعا ، وإن كان في حق الحق يوجد الاعتدال في قدرته ، لكن لا حكم لها بدون الإرادة ، وكيف لا يكون في إرادة الحق ميل .

قال رضي الله عنه :  ( وقد ورد في العلم الإلهي ) ، ولما توهم أن العلم المنسوب إلى الفلاسفة بينه بقوله ( النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة التي لا تخص الأشياء بظهور بعضها دون بعض إلا بالميل لامتناع اجتماعها ؛ وذلك لأن ( الرضا مزيل للغضب ) في حق المرضي عنه ، ( والغضب مزيل للرضا ) عن المغضوب عليه ، بل ( عن المرضي عنه ) لبعض الأسماء ، فإن الضال مرضي للاسم المضل ،

لكن الاسم القهار المنتقم مزيل تحكم هذا الرضا ، وإذ زال حكم أحدهما بالآخر بالكلية ، فليس فيه اعتدال إذ ( الاعتدال بتساوي الرضا والغضب ) " في نسخة : « يتساوى الرّضا والغضب » "
ولو على سبيل التقريب ، كاستواء حكم الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة في المزاج ، وليس هنا كذلك .
قال رضي الله عنه :  ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض ) حتى يتصور الاجتماع بينهما فيتفرع عليه الاعتدال ، ( فقد اتصف ) الغاضب ( بأحد الحكمين ) فقط ( في حقه ) ، وإن كان متصفا بهما في الجملة ،

( وهو ) أي : اتصافه في حق أحدهما بصفة ، وفي حق الآخر بأخرى مع أنه متصف بهما في الجملة ( ميل ) ، سيما باعتبارات لا تعطيه حكم الرضا الذي لبعض أسمائه بالنسبة إلى المغضوب عليه ، ( وما رضي الحق عنهم ، وهو غاضب عليه ) ،
وإن كان لبعض الأسماء كالمضل الغضب عليه ، وكذا للاسم القهار والمنتقم إذا كان غاضبا مغفورا له ، ( فقد اتصف بأحد الحكمين في حقّه ) مع أنه قد يتصف بالحكمين معا في حق العصاة ، ( وهو ميل ) ، فلا اعتدال في ذلك ، وتسمية الحق عدلا ليس باعتبار الاستواء ، بل باعتبار كون ما فعل بهم جزاء وفاقا .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .

لا سبيل إلى الاعتدال الحقيقي وإلا يلزم التعطيل
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإنما قلنا : « ولا سبيل إليه » - أعني الاعتدال - من أجل أنّ الحقائق الحكمية والشهود ) الذوقي ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ، ولا يكون التكوين إلا عن ميل ) من أحد أجزاء ذلك المكوّن فإنّ التكوين إنما يلحق المركَّبات من الطبائع وليس في الوجود إلا ذلك ، كما سبق تحقيقه ، فإنّ الطبائع ما لم يحصل بينها تفاعل وتقاهر لم يتكوّن منها مزاج واحد بالشخص - كما بيّن تحقيقه في الصنائع الحكميّة - وهذا الميل الذي عند التفاعل والتقاهر ( يسمّى في الطبيعة انحرافا ) إذا كان ذلك الميل مبدأ فساد مزاج ( أو تعفينا ) إن كان مبدأ كون ذلك المزاج ، هذا في عالم الطبائع .

وإذ كان الأمر متطابق الأحكام ، لا بدّ وأن يكون في الحضرات الأسمائيّة هذا الميل ، وإليه أشار بقوله : ( وفي حقّ الحقّ إرادة ، وهي ميل إلى المراد الخاصّ ) من مقتضيات الأسماء فإنّ لكلّ منها اقتضاء حكمه الخاصّ به ، وأحديّة جمع الكل قد حكم بإطلاق خزائن الجود المطلق على سائر تلك الأحكام لكنّ الإرادة ما لم تخصّص أحد الأحكام الخاصّة لم يتكوّن .

فعلم أنه ما لم يحصل في هذه الحضرة أيضا ميل إلى مراد خاصّ ( دون غيره ) لم يمكن التكوّن ، ( والاعتدال ) الذي هو مقتضى أحديّة الجمع والإطلاق ( يؤذن بالسواء في الجميع ، وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال ) وظهور ذلك في مظهر كونيّ ، والتفاوت بين المكوّنات هو بحسب مدارج قربه إليه وبعده عنه . ومن هاهنا ترى المقام المحمدي يعبّر عنه ب « أَوْ أَدْنى » فإنّه لا أعدل منه في المكوّنات ، فهو الأقرب على الإطلاق ، كما هو مؤدّى قوله تعالى : “ أَوْ أَدْنى“  [ 53 / 9 ] هذا في المظاهر الكونيّة .


تقابل الأسماء تنفي الاعتدال الحقيقي
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد ورد في العلم الإلهيّ النبويّ اتّصاف الحقّ بالرضا والغضب ، وبالصفات ) المتقابلة جملة ( والرضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرضا عن المرضيّ عنه ) ، أيّ لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند التوجّه إلى المحكوم عليه ، فإنّ الحقّ في نفسه له الإطلاق في سائر هذه الأوصاف ، كما سيشير إليه .
وإذ كان لا بدّ من إنفاذ أحد الحكمين المتقابلين عند ملاحظة المحكوم عليه ، فكيف يتصوّر الاعتدال ،
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ، فما غضب الغاضب على من غضب عليه ، وهو عنه راض فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) ، وإن كان للحقّ في نفسه سائر المتقابلات مطلقا ، ( وما رضي الراضي عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه ، وهو ميل ) .
وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما.
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض.
فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل. ) .

 قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قلنا ولا سبيل إليه أعني الاعتدال من أجل أنّ الحقائق والشّهود تعطي التّكوين مع الأنفاس على الدّوام ، ولا يكون التّكوين إلّا عن ميل يسمّى في الطبيعة)
( وإنما قلنا ولا سبيل إليه ) ، أعني الاعتدال ( من أجل أن الحقائق والشهود ) ، أي معرفة الحقائق وشهودها على ما هي عليه ( تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام ) ، يعني يعطي العلم نار الأشياء تتكون في كل آن على الدوام ( ولا يكون التكوين ) مع الأنفاس إلا بعد انعدام المكون ( إلا عن ميل ) من الكون تارة إلى العدم وتارة إلى الوجود فلو اعتدل الميلان وتساويا يلزم إما خلوه من الوجود والعدم ، أو اتصافه بهما معا وكلاهما محال ، فلا سبيل إلى الاعتدال ( يسمى ) هذا الميل ( في الطبيعة ) ، أي في علم الطبيعة أو في الطبائع المتضادة المستقرة على حالة وحدانية معتدلة

 قال رضي الله عنه :  (انحرافا أو تعفينا ، وفي حقّ الحقّ إرادة وهي ميل إلى المراد الخاصّ دون غيره . والاعتدال يؤذن بالسّواء في الجميع وهذا ليس بواقع فلهذا منعنا من حكم الاعتدال . وقد ورد في العلم الإلهيّ النّبويّ اتّصاف الحقّ بالرّضا والغضب ، وبالصّفات .
والرّضا مزيل للغضب ، والغضب مزيل للرّضا عن المرضيّ عنه والاعتدال أن يتساوى الرّضا والغضب ؛ فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . وما رضي الحقّ عمّن رضي عنه وهو غاضب عليه ؛ فقد اتّصف بأحد الحكمين في حقّه وهو ميل . )
 

قال رضي الله عنه :  ( انحرافا أو تعفينا ) ، إذا كان مبدأ فساد مزاج ( و ) يسمى هذا الميل ( في حق الحق إرادة وهي ) ، أي الإرادة ( ميل إلى ) وجود ( المراد الخاص ) أو عدمه ( دون غيره ) ، فإن استوت نسبته تعالى إلى وجوده وعدمه بخلوه عن إرادتهما أو لاتصافه بإرادتهما من غير ترجيح لزم إما خلو هذا المراد الخاص عن الوجود والعدم واتصافه بهما وذلك محال ،

قال رضي الله عنه :  ( والاعتدال يؤذن بالسواء ) ، بين الأمور المتضادة ( في الجميع ) ، أي في جميع هذه الصور ( وهذا ) ، أي الاعتدال ( ليس بواقع ) في صورة منها لامتناعه كما بين ( فلهذا منعنا من حكم الاعتدال وقد ورد في العلم الإلهي ) الفائض من الحضرة الألوهية ( النبوي ) الجاري على لسان النبي صلى اللّه عليه وسلم ( اتصاف الحق بالرضا وبالغضب وبالصفات ) المتقابلة ( والرضا مزيل للغضب ) عن المغضوب عليه

قال رضي الله عنه :  ( والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب ) ، ولا سبيل إليه ( فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض . فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه ) ، يعني الغضب ( وهو ميل . ) يعني الرضا ، والكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه .

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:53 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود .  فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا . فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت .  فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ .)

قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا هذا) الكلام المذكور هنا (من أجل من يرى) ، أي يعتقد من الناس (أهل النار) الذين هم أهلها وهم الكافرون (لا يزال غضب اللّه) تعالى عليهم في جهنم يوم القيامة دائما أبدا من غير تناهي (في زعمه) ، أي زعم هذا القائل المذكور (فما لهم) ، أي لأهل النار (حكم الرضا من اللّه) تعالى أصلا بل لهم حكم الغضب فقط (فصح المقصود) حينئذ لثبوت حكم إحداهما عند هذا القائل دون الآخر وهو ميل والميل هو المقصود إثباته (فإن كان) الأمر في حق أهل النار يوم القيامة كما قلنا فيما تقدم مآل ، أي مرجع حال أهل النار في جهنم (إلى إزالة الآلام) ، أي الأوجاع وأنواع العذاب عنهم وإن سكنوا النار ولم يخرجوا منها بحيث يصير لهم فيها نعيم مخصوص من جنس طبائعهم يلائم أمزجتهم النارية كالسمك في الماء يلائم مزاجه طبيعة الماء فلو خرج منه تألم بمفارقته .

قال رضي الله عنه :  (فذلك) المقدار رضا لهم من الحق تعالى حكم به عليهم فاقتضى ظهور أثره فيهم (فزال) عنهم (الغضب) الإلهي لزوال الآلام التي هي أثر ذلك الغضب فيهم (إذ) ، أي لأن (عين الألم) من حيث هو ألم (عين الغضب) الإلهي عليهم كان معلوما في نفس الحق تعالى مقدرا مقتضيا به على مقتضى الإرادة الإلهية فتوجه الحق تعالى به عليهم فأظهره في نفوسهم فهو في نفسه تعالى يسمى غضبا وفي نفوسهم يسمى ألما وأوجاعا إن (فهمت) ،

يا أيها السالك فما زالت الآلام من نفوسهم الا وقد تحوّل التوجه الإلهي بالغضب الذي في نفسه عنهم وتوجه عليهم بما يقابل ذلك ولا يقابله إلا الرضى فظهرت في نفوسهم اللذة بالعذاب فانقلب عذوبة وقد بين ذلك بقوله :
قال رضي الله عنه :  (فمن غضب) على أحد (فقد تأذى) في نفسه ، أي وصل إليه الأذى ممن غضب عليه .
وقد ورد في الكتاب والسنة وصف اللّه تعالى بالتأذي من خلقه ، قال تعالى :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً( 57 )  [ الأحزاب : 57 ]
، وفي الحديث قال عليه السلام : « لا أحد أصبر على أذى سمعه من اللّه عز وجل ، إنه ليشرك باللّه ويجعل له الولد ، ثم يعافيهم ويرزقهم » ، أخرجه البخاري ومسلم  بإسنادهما إلى أبي موسى.

قال رضي الله عنه :  (فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه) ، أي انتقامه منه (بإيلامه) له (إلا ليجد الغاضب) في نفسه الراحة ، أي الفراغ من حمل ألم الغضب الذي يسمى غضبا في نفسه ، ويسمى آلاما في نفس المغضوب عليه .
وقد وصف اللّه تعالى نفسه بالفراغ في قوله سبحانه :سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ( 31 ) [ الرحمن : 31 ] ، أي نضع في نفوسكم يوم القيامة ما هو في نفسنا اليوم لكم من حمل ألم الغضب على قوم مما يسمى غضبا فينا ويسمى آلاما فيكم .
وحمل لذة الرضى كذلك ( بذلك) - السعي في الانتقام وإن كان اللّه تعالى منزها عن صورة ما يفهمه الغافل القاصر من ذلك الذي وصف اللّه تعالى به نفسه من غضب غيره .

قال رضي الله عنه :  (فينتقل الألم الذي كان عنده) ، أي في نفس الغاضب حيث يسمى غاضبا بسبب وجوده في نفسه المتوجه به على المغضوب عليه ليفرغ منه ويصيغه فيه ما سمي غاضبا عليه (إلى) ذلك (المغضوب عليه) من الناس (والحق) تعالى إذا (أفردته) ، أي اعتبرته متميزا (عن العالم) جميعه غير متعلقة صفاته وأسماؤه بشيء أصلا (يتعالى) ، أي يرتفع ويتقدس ويتنزه (علوا كبيرا عن هذه الصفة) التي هي وجود الراحة في نفسه بالانتقام من المغضوب عليه والتشفي منه (على هذا الحد) المفهوم بحسب ما يجده المخلوق في نفسه إذا غضب على غيره .  


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال الشيخ رضي الله عنه :   ( وإنما قلنا هذا ) المذكور ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه ) فإذا كان غضب اللّه عليهم دائما في زعمه ( فما لهم حكم الرضى من اللّه ) في زعمه فإذا قلت هذا من أجل ذلك قلنا ( فصح المقصود ) وهو أن لهم حكم الرضا من اللّه فلا يصح قول من زعم أنه ما لهم حكم الرضى من اللّه فكان الأمر كما قلناه لا كما قاله فكان هذا القول منه ردا لمن زعم أن أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما .

قال الشيخ رضي الله عنه :   ( فإن كان كما قلنا حال أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم فلا يقع أن يكون العذاب دائما لهم فيؤدي أدلته إلى التوقف بين جواز دوام وقوع العذاب وبين جواز إزالته فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل وسنبين إن شاء اللّه تعالى في مسألة فرعون فقد أعاد الشيخ رضي اللّه عنه هذه المسألة في هذا الكتاب كثيرا في مواضع لتضمنه في كل إعادة فائدة جديدة للطالبين لذلك شرحت في كل مرة وإن كان البيان كافيا في موضع .

فلما بين غضب اللّه وهو إيصال الألم إلى عباده أراد أن يبين غضب الناس فقال ( فمن غضب ) من الناس على غيره ( فقد تأذى ) بذلك الغضب ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلام إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ) الإيلام فإذا وجد الراحة بإيلام المغضوب عليه ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه الحق إذا أفردته ) أي إذا نظرته من حيث غنائه ( عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا: فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت. فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  ).


ثم إنا ما فسرنا الاعتدال بأنه السواء في الجميع، فإن السواء في الجميع يكون فيما له أجزاء متساوية والتساوي نسبي فقد يكون الربع مساويا للثلثين في تکوین موجود ما بحيث لو وضع من الثلثين أكثر أو أقل من الربع لما حصل تكوين ذلك الوجود الخاص.
وأما حكم الرضا والغضب في حق الله تعالى، فهما اعتباران في زمانين أو في زمان واحد باعتبارین أو باعتبارات.
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.  
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض، 
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي . 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال رضي الله عنه :  (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه ، فما لهم حكم الرضي من الله ، فصحّ المقصود ، وإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة آلام أهل النار ، فذلك رضى ، فزال الغضب ، لزوال الآلام ، إذ عين الغضب عين الألم ، إن فهمت ) . " في بعض النسخ : إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار "


قال العبد : الغضب والرضي إذا اتّصف الحق بأحدهما ، زال الآخر ، ولكن بالنسبة إلى مغضوب عليه أو مرضيّ عنه معيّنين ، وإلَّا فهو بالنسبة الكلَّية الغضبيّة القهرية الجلالية أو الرضى الكلي اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ الكليّ اللطفي الجمالي لا يزال اتّصافه بهما من كونه إلها وربّا ،
وأمّا من حيث غناه الذاتيّ فلا يتّصف بشيء منهما ، فهو غنيّ عن العالمين ،
فصحّ أنّ الميل والانحراف ليس إلَّا من قبل القابل ، لظهور حكم الرضى أو الغضب في القابل وغير القابل ، لا بالنسبة إلى الحق وإن كانت حقيقتا الرضى والغضب - الكلَّيّين الإلهيين الظاهر أحكامهما أبدا دائما في المرضيّين عنهم والمغضوبين عليهم من العالمين - ثابتتين لله ربّ العالمين على السواء ،
لا يتّصف بأحدهما دون الآخر إلَّا بالنسبة والإضافة إلَّا بحسب حكم سبق الرحمة الغضب - وهو ذاتيّ - وبالنسبة الأحدية الجمعية ، فحكم الغضب والرضى المتضادّين باعتبار ما ذكرنا ،
وفي صلاحية الوجود الحق الإلهي من حيث ظهوره في الأعيان والأكوان بحسب القوابل ، وظهور الميل والانحراف بحسب القابل وغير القابل ، وفي وقت دون وقت ، وبالنسبة إلى أمر دون أمر ، فافهم .

قال رضي الله عنه: ( فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بالملامة " بإيلامه " إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه، والحق إذا أفردته عن العالم، يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحدّ،)

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من الله فصح المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار فذلك رضى فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .

إنما قلنا إن الاتصاف بأحد الحكمين دون الآخر لأنه لم ير أن غضب الله على أهل النار لا يزول أبدا ولا يكون لهم حكم الرضا قط ، فإن كان كما زعموا فالمقصود حاصل ، وإن كان كما قلنا مآلهم إلى زوال الآلام مع كونهم في النار ، فذلك عين الرضا لزوال الغضب بزوال الألم.

"" أضاف بالي زادة : ( إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) تصريح منه بأن الوجوه المذكورة في إثبات حكم الرضى والرحمة تدل على جواز وقوع ذلك الحكم لهم ، فلا يقطع أن يكون العذاب دائما لهم ، فتؤدي أدلته إلى التوقف ، فمذهبه التوقف في مثل هذه المسألة كما بيناه من قبل اهـ بالى زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( فمن غضب فقد تأذى فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ، والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة ) على هذا (الحد) أي الألم ، وفي بعض النسخ : على هذا الحد ، من متن الكتاب .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود. فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )

قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه . فما لهم حكم الرضا من الله ، فصح المقصود . ) .
أي ، إنما قلنا لا يتعلق حكم الرضا على من يتعلق به حكم الغضب عليه ، وبالعكس ، بناء على زعم أهل الحجاب من أن أهل النار لا يزال حكم الغضب جار عليهم دائما أبدا ، ولا يتعلق بهم حكم الرضا من الله . فإن كان الأمر كما زعموا ، فصح المقصود .

فقوله : ( فصح المقصود ) جواب الشرط المحذوف يدل عليه قوله : ( فإن كان كما قلنا ، مآل أهل النار إلى إزالة الآلام ، وإن سكنوا النار ، فذلك رضا ، فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ) .
أي ، فإن كان مآل أهل النار إلى إزالة الآلام والنعيم المناسب لأهل الجحيم ، كما قررناه من قبل في مواضع وذلك عين الرضا منهم ، لأن زوال الألم عين زوال الغضب ، وإذا زال الغضب ، حصل الرضا .

وإنما قال : ( فإن كان كما قلنا ) مع أنه على يقين من ربه أن الأمر كما قال إلزاما للمحجوبين . 
وذلك كما قال أمير المؤمنين ، كرم الله وجهه في بعض أشعاره :
قال المنجم والطبيب كلاهما  .... لن تحشر الأجسام ، قلت إليكما  
إن كان قولكما فلست بخاسر  .... أو كان قولي فالخسار عليكما

مع أنه عليه السلام ، قال : " لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا " .
قال رضي الله عنه :  ( فمن غضب فقد تأذى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه ، إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه .  والحق إذا أفردته عن العالم ، يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد . )

أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام ، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه .
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:54 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )
 
قال رضي الله عنه :  (وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود ، فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت ، فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا ) أي : كون الغضب مزيلا لحكم الرضا ( من أجل من يرى أن أهل النار ) من الكفار ( لا يزال غضب اللّه عليهم دائما ) ، ولو حال نضج جلودهم قبل حصول البدل بأن يكون حصول البدل قبل تمام النضج أو يتم النضج ، ولكن يكون لهم عذاب عقلي أو خيالي أو بالنار في بواطنهم ، ولا ينضج ( أبدا ) ولو بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ، ( فما لهم حكم الرضا من اللّه ) وهو إزالة الآلام عنهم ، وإن كان راضيا بكونهم معذبين أو باعتبار بعض أسمائه كالمضل والمذل ، ( فصح المقصود ) من بيان الميل وإلا كانا مجتمعين ، ولو بلا اعتدال فلا يكون ميلا كليّا .
قال رضي الله عنه :  ( فإن كان كما قلنا مآل أهل النار ) عند نضج الجلود قبل حصول البدل بعد استيفاء الحقوق غير الكفر ( إلى إزالة الآلام ) الحسية والعقلية والخيالية ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن سكنوا النار ) فتألموا بصورتها بما علموا أنها المحرقة لهم المؤلمة عند حصول البدل عن قريب ؛ ( لذلك رضي ) ، وإن قل زمانه بحيث لا يعتد به ، فلا يسمى الحق بذلك راضيا عنهم ، ولكن هذا الحكم نقيض حكم الغضب ، والحكم لا يتخلف عن التسبب ، ( فزال الغضب ) حينئذ وإن كان يعود في حقهم عن قريب ؛ لأنه لم يبق في حقهم إرادة الانتقام في ذلك الوقت ( لزوال الآلام ) التي بها الانتقام ،ومراد الحق واقع لا محالة ، ولا معنى لغضب الحق سوى إرادة الانتقام ، إذ هو بالمعنى الحقيقي محال في حقّ الحق ،

( إذ عين الألم ) المحال في حق اللّه تعالى ( عين الغضب ) بالمعنى الحقيقي ( إن فهمت ) حقيقة الغضب ، وهو غليان دم القلب وخروجه إلى سائر البدن .
قال رضي الله عنه :  ( فمن غضب ، فقد تأذى ) بما ذكرنا ، وهو ألم ، ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا لنجد الغاضب الراحة عن ذلك ) الألم بذلك الانتقام ، إذ يرجع به الذم إلى مكانه ، ويسكن غليانه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) أي : يزول عن الغاضب ألم ، ويحصل بدله في المغضوب عليه ، وإن تخالفا بالشخص والنوع والسبب ، وهذا المعنى لا يتصور في حق الحق أصلا ، إذ ( الحق إذا أفردته عن العالم ) أي : عن ظهوره في العالم ، وإيجاده له ، وتدبيره وتصرفه فيه .
 
قال رضي الله عنه :  ( يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) أي : صفة الغضب إذ لا يتصور في شأنه الذم ولا غليانه ولا تأمله ، وإنما هو بمعنى إرادة الانتقام بخلاف ما إذا اعتبر ظهوره فيه ، فإنه تلحقه هذه الصفات المحدثة  "(على هذا الحد.)"، وإليه الإشارة بقوله :
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا ) الكلام هنا - وهو أنّه لا بدّ من إنفاذ حكم أحد المتقابلين - أعني الرضا والغضب - بالنسبة إلى العبد ، ولا يزال العبد تحت أحدهما - ( من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا ) هذا ( في زعمه ، فما لهم حكم الرضا من الله فصحّ المقصود ) من عدم التساوي والاعتدال على زعمهم .
 
هذا إن كان كما قالوا فهو يطابق الظاهر ، ( فإن كان - كما قلنا - مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقي عندهم صورتها النوعية الناريّة على ما عليه ذوق اولي الألباب من أهل الباطن. ( فذلك رضى ) عنهم ، لأنه زال تألَّمهم منها .

قال رضي الله عنه : (فزال الغضب لزوال الآلام ، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلَّا ليجد الغاضب الراحة بذلك ، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه ) فلا يزال هذا الميل متحقّقا .
فعلم أنّ هذا الكلام يوافق عقائد أهل الظاهر ويطابق أذواق أهل الباطن .
 
تعالى الحق تعالى في مقامه الإطلاقي عن الرضا والغضب
ثمّ إنّه لما كان سوق كلامه هذا إلى مساقه المذكور مع أهل الظاهر ولأجلهم نزّله إلى مداركهم الجزئيّة ، لأنّ أمثال هذه الأحكام التي قيل للغضب والغاضب من الانتقام والالتذاذ به يختصّ به المظاهر الكونيّة ،
والكلام في صفات الله تعالى على ما هي عليه في نفسها عند أهل التحقيق في مشهدهم الذوقيّ لذلك أشار إلى وجه تحقيق الأمر بما عنده بقوله : ( والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوّا كبيرا عن هذه الصفة ) فإنّك قد عرفت أنّ أحكام هذه الأسماء المتقابلة وظهور تنافيهما وتقابلهما ليس إلا باعتبار المحكوم عليه وملاحظة المظاهر الكونيّة ، وإذا أفردت الحقّ عنها فله الإطلاق في سائر هذه الأسماء والتقدّس بها عنها .

وفي بعض النسخ ( على هذا الحدّ ) ، وأنت عرفت أن الكلام بإطلاقه صحيح ، فلا احتياج إلى هذا القيد إلا لمجرّد تبيين خصوصيّة المحلّ والظاهر أنّه كان من الحاشية فوقع في المتن .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه .  فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا:
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه. والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.  )
 
قال رضي الله عنه :  (  وإنّما قلنا هذا من أجل من يرى أنّ أهل النّار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرّضا من اللّه فصحّ المقصود . فإن كان كما قلنا مآل أهل النّار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النّار ، فذلك رضا .)
 
قال رضي الله عنه :  (وإنما قلنا هذا ) الكلام على وجه لا يدل على زوال غضب الحق عن العبد مطلقا بل قيدناه بشرط المرضي ووجود الشرط مسكوت عنه ( من أجل من يرى أهل النار لا يزال غضب اللّه عليهم دائما أبدا في زعمه فما لهم حكم الرضا من اللّه ) ، فما كان الأمر كما زعمه
( فصح المقصود ) يعني وجود الميل وعدم الاعتدال ( فإن كان كما قلنا ) مرارا وقررناه ( مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار ) وبقيت عليهم الصورة النارية (فذلك رضا ) اللّه عنهم لأنه زال تألمهم بها


قال رضي الله عنه :  ( فزال الغضب لزوال الآلام، إذ عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذّى ، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلّا ليجد الغاضب الرّاحة بذلك ، فينتقل الألم الّذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحقّ إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصّفة على هذا الحدّ . وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه . وهو قوله تعالى :وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفافَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ[ هود : 123] حجابا وسترا . فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن.)

قال رضي الله عنه :  ( فزال الغضب لزوال الآلام إذ عين الألم عين الغضب ) ، أي عين ألم العبد عين غضب الحق إذ ليس عنده تعالى في مرتبة الجمعية شيء من الآلام حتى يكون زوال الغضب بزواله كما يكون عند العبد من التأذي من المغضوب عليه ، فلا يحكم بزوال غضب الرب إلا بزوال ألم العبد ، فعين الألم عين الغضب ( إن فهمت ) المقصود من هذه العينية .
ثم شرع في بيان ما يضاف إلى الحق من الغضب باعتبار مقامي جمعه وتفصيله فقال ( فمن غضب ) من الخلائق ( فقد تأذى ) من المغضوب عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه . والحق إذا أفردته عن العالم ) ، باعتبار غناه الذاتي عن العالمين ( تعالى ) علوا كبيرا عن هذه الصفة يعني الغضب ( على هذا الحد ) الذي تعارفه الخلق من أنفسهم فقوله : على هذا الحد لا بد منه وهو موجود في متن النسخة التي قوبلت بحضور الشيخ رضي اللّه عنه مع الأصل ،
فيسقط ما قاله بعض الشارحين من أن الكلام بدونه تمام ، والظاهر أنه كان من الحاشية فوقع في المتن

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:54 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه. وهو قوله تعالى :"وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة و"كشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ" [هود : 123] حجابا وسترا .  فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن . أوجده اللّه أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة . )
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق) تعالى (هوية العالم) كله محسوسه ومعقوله وموهومه ، لأن الهوية ما به الشيء هو هو ، والعالم كله ليس هو هو إلا بالحق تعالى لا بشيء غيره أصلا ،
فالحق تعالى هوية العالم بهذا الاعتبار لصدق تعريفهم الهوية عليه ، ولأن الكل ثابت في علمه تعالى غير منفي عنه من غير وجود له أصلا فيه ، والوجود كله واحد مطلق قديم ظاهر على كل ما هو فيه مشرق عليه به من غير أن يحل فيه شيء من ذلك الذي فيه أصلا ،
ولا يحل هو في شيء منه أصلا ، إذ الكل معدوم والمعدوم لا يتصوّر فيه حلول أصلا لا منه في غيره ولا من غيره فيه .
 
ولا يضر الجاهلين الغافلين إلى رؤيتهم العالم موجودا بقيومية وجود اللّه تعالى عليه وظنهم ، إذ كلامنا عنه في تلك الحالة ، وإنه في حال وجوده باللّه تعالى حال في اللّه تعالى ، واللّه تعالى حال فيه ، وهو فهم قبيح جدا وقصور بليغ وتناقض فاحش ، إن عقلوا ما هم قائلون به من أنه تعالى قيوم على كل شيء ،
وإنما مرادنا من ذلك اعتبار العالم في نفسه مع قطع النظر عن وجود اللّه تعالى القيوم عليه ، فإنه كله حينئذ معدوم صرف بالإجماع منا ومن هؤلاء الجاهلين الغافلين ، ولا وجود حينئذ إلا وجود واحد قديم هو وجود اللّه تعالى المطلق المنزه عن كل شيء بالإجماع منا ومنهم ، وهذه وحدة الوجود التي قصدناها إذا أطلقناها ،
وهي مذهب العارفين المحققين قبلنا ، بل هي مذهب كل أحد من الناس لو عقل الكل وفهموا لمرادهم ، ولكن أهلها يناديهم مناديها من مكان قريب واستمع "يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ "ق : 41 ] يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج ،
وغير أهلها إنما هم حولها يدندنون ويحومون عليها ، أولئك ينادون من مكان بعيد ، ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون .
 
قال رضي الله عنه :  (فما ظهرت الأحكام) الإلهية بإيجاد كل شيء معدوم صرف ثابت في الحضرة العلمية من غير وجود (كلها) ، أي جميع تلك الأحكام قال تعالى :وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ[ الرعد : 41 ] إلا فيه ، أي في الحق تعالى إذ لولا الوجود لما كان شيء أصلا ، والوجود كله للّه تعالى كما ذكرنا ، فالكل ظاهر فيه .
 
ومنه سبحانه أيضا ، قال تعالى :قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[ النساء : 78 ] وهو قوله سبحانه ("وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ" حقيقة )، أي في نفس الأمر وإن جهله الجاهلون وأنكره المنكرون وكشفا عند العارفين به المحققين (له "فَاعْبُدْهُ ") يا أيها السالك إليه بما صوّر لك في نفسك من الحول المخلوق والقوة المخلوقة ("وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ") [ هود : 123 ] ، أي فوّض أمرك إليه في ظاهرك وباطنك فلا تعتمد على حولك وقوتك حجابا ، أي في حال انحجابك عنه بشهود نفسك وسترا ، أي في وقت استتاره عنك بظهوره عليك على مقدار ما قبل ثبوت عينك في علمه القديم من تجلي وجوده وأنت لا تشعر لاشتغالك بك عنه .
 
قال رضي الله عنه :  (فليس في الإمكان) الاعتباري مما تراه العقول الفاضلة (أبدع من هذا العالم) المحسوس والمعقول والموهوم (لأنه) ، أي هذا (على صورة) مجموع صفات (الرحمن) عز وجل المستوي على العرش الذي هو مجموع العالم كله (أوجده) ، أي العالم اللّه تعالى (أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم) فهو يتبدل به في الصور المختلفة على حسب ما يريد سبحانه ، ويتحوّل في الحس والعقل إلى الأبد من غير أن يتغير تعالى عما هو عليه في الأزل (كما ظهر الإنسان) في الدنيا من حيث الروحانية اللطيفة الحاملة للمعاني الشريفة (بوجود الصورة الطبيعية) الآدمية الجسمانية المتركبة من العناصر الأربعة ، ثم يختفي الإنسان بموت هذه الصورة وزوال تركيبها واضمحلالها ، ثم يعود إليها في النشأة الآخرة ظاهرا بها إلى الأبد .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسمائه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) مع أنه متعال منزه بالانفعال والتأثير بالأحكام كظهور أحكام الرائي في المرآة فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم به الرائي أو نقول إذ كان الحق هوية العالم ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به وهو الحق الخلق وهو العبد فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق فلا يستريح الخالق باستراحة المخلوق ،
ولا يتألم بتألمه فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة والإرادة وغير ذلك يقال له حق ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ومن حيث وجوبه الذاتي خالق  وموجد جرى اصطلاحهم على ذلك
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو ) أي ظهور الأحكام كلها في معنى قوله لاحتياجه إليه ( قوله وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) في الظهور فيه كما إن الصورة في المرآة ترجع في الظهور إلى صاحبها ( حقيقة وكشفا ) أي يعلم هذا المعنى من هذا القول بالحقيقة والكشف فكل شيء يرجع إليه لاحتياجه إليه من كل الوجوه لا يرجع هو إلى شيء أصلا وهو المرجع والمآب فإذا كان الأمر في نفسه على ما قلناه فأنت عبد ضعيف ( فاعبده ) بما أمرك ( وتوكل عليه حجابا ) أي حياء من ربك ( وسترا ) أي وكن مستور الحال بين الناس بحفظ آداب الشريعة والطريقة ( فليس في ) عالم ( الإمكان ) وهو عالم الأول والآخر والظاهر والباطن ( أبدع من هذا العالم ) وهو العالم الظاهر الجامع جميع ما في العوالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( لأنه على صورة الرحمن ) يتعلق بقوله ( أوجده اللّه تعالى ) أي وإنما كان هذا العالم أبدع من غيره من العوالم لأن اللّه أوجده على صورة الرحمن قوله ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) تفسير لقوله على صورة الرحمن أوجده اللّه أي وإنما كان أبدع لأنه ظهر وجود الحق بظهور العالم لا ببطونه وفيه دليل على أن علم الشريعة لكون ظهور وجود الحق بظهوره ظهورا تاما أبدع من العلم المسمى بالباطن فكان أبدع العلوم كلها ( كما ظهر ) حقيقة ( الإنسان ) وهي الروح الانساني ( بوجود الصورة الطبيعية ) وهي هذا الهيكل المحسوس


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.  
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض، 
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي . 
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هويّة العالم، فما ظهرت الأحكام كلَّها إلَّا فيه ومنه، وهو قوله :"  وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ " حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ " حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن ، أوجده الله ، أي ظهر وجوده بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية)
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ، وهو قوله :" وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه "  حقيقة وكشفا " فَاعْبُدْه وتَوَكَّلْ عَلَيْه " حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن أوجده الله : أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية).
 
قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ، وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،


"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه ) .
أي ، الغاضب والمنتقم إنما يغضب وينتقم ليجد الراحة بذلك الانتقام، وينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق تعالى من حيث ذاته وانفراده عن العالم غنى عن العالمين ، متعال عن هذه الصفة علوا كبيرا .
ومن حيث إن هوية العالم عين هوية الحق ، فما ظهر أحكام الرضا والغضب كلها إلا من الحق وفي الحق .
فإن خطر ببالك أن هذا الكلام مبنى على أن الغضب والانتقام المنسوب إليه تعالى كالغضب والانتقام المنسوب إلينا ، وأما إذا كان بمعنى آخر فلا يكون كذلك .
فعليك أن تتأمل في قوله ، صلى الله عليه وسلم : " إن الله خلق آدم على صورته " ليندفع ذلك الوهم .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو قوله : "وإليه يرجع الأمر كله " . حقيقة وكشفا " فاعبده وتوكل عليه " حجابا وسترا . ) أي ، قولنا : ( فما ظهرت الأحكام إلا فيه ومنه ) .
 
وهو معنى قوله تعالى : " وإليه يرجع الأمر كله " . أي ، مآل الأمور ، حسنها وقبيحها ، نعيمها وجحيمها ، كلها يرجع إليه تعالى حقيقة وكشفا ، كما قال تعالى : "قل كل من عند الله " .
فإذا كان الأمر كذلك ، فاعبده بما أمرك به وما استطعت عليه، وتوكل على الله حال كونه محجوبا مستورا عن نظرك.
أو حال كونك في الحجاب والستر عن الله . والمعنى واحد .

قال رضي الله عنه :  ( فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه على صورة الرحمن. ).
أي ، فإذا كان هويته تعالى هوية العالم ، ويرجع جميع ما في العالم من الأمور إليه تعالى ، فليس في الإمكان أبدع وأحسن من نظام هذا العالم ، لأنه مخلوق على صورة الرحمن .
وإنما جعل العالم مخلوقا على صورة الرحمن ، لأنه تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية المخلوقة على صورة الرحمن ( أوجده الله ، أي ، ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية . ) أي ، أوجد الحق العالم .
ثم ، لما كان وجود العالم مستدعيا لوجود الحق - لأنه محدث ولا بد له من محدث أحدثه وهو الحق سبحانه - فسر ( أوجده الله ) تعالى بقوله : ( أي ظهر ) .
وذلك لأن الحق غيب العالم وباطنه ، فظهر بالعالم ، كما أن الحقيقة الإنسانية غيب هذه الصورة الطبيعية ، فظهرت بها .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:55 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحقّ هويّة العالم ، فما ظهرت الأحكام كلّها إلّا منه وفيه ، وهو قوله تعالى : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ حقيقة وكشفا فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ [ هود : 123 ] حجابا وسترا ، فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنّه على صورة الرّحمن ، أوجده اللّه أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصّورة الطّبيعيّة ).

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق ) بإشراق نور وجوده على حقائق العالم ( هوية العالم ) أي : كونه ، ( فأظهرت الأحكام ) كالغضب بالمعنى الحقيقي والانتقام واللطف والإنعام ( إلا ) فيه أي : في صور ظهوره .
( ومنه ) أي : من ظهوره بصفة القهر والحلال أو اللطف والجمال أو غير ذلك ، وهو أي : دليل ظهور الأحكام ( فيه ) ، ومنه قوله :(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود : 123] حقيقة وكشفا)،

وإن رجع بعضه إلى غيره حجابا وسترا ، فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ عبادة وتوكلا يرجعان إليك حجابا وسترا ، وهما من أفعاله في صور ظهوره في مرآتك ؛ فهو الموجد لهما ،
وإن كان لك كسبهما تكون صورته التي هي مجليهما منطبعة في مرآتك حديث فيها بنظره إليها ، وإن لم يكن صورة في ذاته ؛ ولذلك لا يسمى عابدا متوكلا إذ لا يتصف بهما في ذاته ،
بل في ظهوره بصورة ليست له في ذاته ، وهي لك حجابا وسترا ، وإذا كان الكل راجعا إلى الحق بكونهم صور أسمائه ، وكون أحكامهم ظاهرة فيه ومنه ، ولا كمال وراء كماله ،
 

قال رضي الله عنه :  ( فليس في الإمكان أبدع ) أي : أكمل ( من هذا العالم ) ، وإن كان مشتملا على النقائض والشرور ؛ ( لأنه على صورة الرحمن ) ، وهو الاسم المفيض للوجود العام الشامل على سائر الأسماء المفيضة إذا ( وجده اللّه ) بإشراق نوره على أعيانه ، وهو نور واحد قبل كل عين منه ما يسعها ولا نقصان ، ولا شر في إشراقه ، وإنما هما من أعيان العالم ، ولا يمكن تبديلهما لامتناع قلب الحقائق ؛
ولكون إيجاده على صور أسماء الحق صح فيه أن يقال : ( أي : ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) ؛ لأن الوجود العام الشامل على صور الأسماء صورة وجود الحق الشامل على أسمائه صارت في المرايا محسوسة بعد ما كانت في ذاته معقولة .

وهذا الظهور للحق بهذه الصورة مع تنزهه عنها ( كما ظهر الإنسان ) ، أي : روحه مع تنزيهه عن الصورة المحسوسة في ذاته ( بوجود الصورة الطبيعية ) لبدنه ظهر فيها بالتدبير ، وسائر ما فيه من المعاني تصورت فيه بالصور المحسوسة كالسمع والبصر وغير ذلك ، وإذا كان العالم للحق بمنزلة الصورة الطبيعية لنا ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).

قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحقّ هويّة العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه)
فلا يكون الغضب والانتقام إلا له ، (وهو قوله : “وَإِلَيْه ِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه ُ“ [ 11 / 123 ] حقيقة وكشفا ) .

وينبغي أن يعلم هاهنا أنّ العلم له مدرجتان في العالم عند إنفاذ حكمه فيه - يعني إظهار المعلوم - إحداهما تبيّنه في نفس العالم وتيقّنه وتحقّقه فيها ، ويلزمه إظهار المعلوم للعالم فقط .
والأخرى هي مبدأ تبيّنه مع ذلك التيقّن وكشفه ، ويلزمه الإظهار للعالم ولمن يقربه في النسبة ممن يفهم عرفه ووجوه تخاطبه . ثمّ إنّه إذ قد وقع في عبارته ما هو مبدأ لهذين المرتبتين ،

حيث قال : « ما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ومنه » أي متحقّقة فيه ، وظاهرة منه أفصح عنهما في مرتبة العلم والعين ، بجميع الأحوال التابعة لهما ، تبيينا لكليّة حكمته وتعميما لخصائص ذوقه ، فإنّ ذلك هو المستتبع لانتظام قوانين التوحيد وتطبيق لطائف جمال الإجمال منه بدقائق جلائل التفصيل وإلى المرتبتين الأخريين

أشار بقوله : (" فَاعْبُدْه ُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْه ِ") أي فاعبده تحقّقا ، وتوكَّل عليه كشفا وتبيينا ، حتى تكون العبادة ( حجابا و ) التوكَّل ( سترا ) فقد طابق بهذا التحقيق الإجمال بالتفصيل علما وعينا وحالا .

ظهور الحقّ بظهور العالم
ثمّ إنّه إذا كان العالم هذا - مع أنّ الحقّ عين هويّته - يكون محلا للأحكام المتقابلة ، والكلّ منه وفيه .
ولهذا قال : ( وليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنّه على صورة الرحمن أوجده الله ) وهو شامل لجميع الأسماء ، فله أحديّة الجمع الوجوديّة فكلّ شيء على صورته له وجود الحقّ ، وبه ظهوره .

ولهذا قال : ( أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ) فإنّه ظهر بالعالم أحكام سائر الأسماء جمعا وفرادى ( كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعيّة ) فإنّه ما لم توجد هذه الصورة لم تكن لأوصاف الإنسان وأحكامه أثر .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا.
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا «فاعبده وتوكل عليه» حجابا وسترا. فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما ظهر الإنسان بوجود الصورة الطبيعية.  ).

قال رضي الله عنه :  ( وإذا كان الحق هوية العالم فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه ) ، باعتبار أنه محل لظهورها ( ومنه ) باعتبار أنه مبدأ لها فلا عليك إذا أسندتها إليه تعالى ( و ) ما يدل على ما ذكرناه من عدم ظهور الأحكام إلا فيه ومنه ( هو قوله : وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ) ، أي أمر الوجود ذاتا وصفة وفعلا ( كله حقيقة وكشفا ) ولا تمتنع من عبودته بانكشاف هذه الحقيقة عليك ( فاعبده وتوكل عليه حجابا وسترا ) ،

أي من حيث أن حجاب العبودية بينك وبينه مسدول ، وهو به عنك مستور . وإذا كان هويته تعالى هوية العالم وترجع جميع أمور العالم إليه (فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأنه) تفصيل ما تجمعه الحقيقة الإنسانية وهي مخلوقة.

قال رضي الله عنه :  ( على صورة الرحمن أوجده اللّه تعالى ، أي أظهر وجوده تعالى بظهور العالم كما الصّورة الطّبيعيّة ) . العنصرية
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:56 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).

قال رضي الله عنه :  ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا . )

قال رضي الله عنه :  (فنحن) معشر الكائنات (صورته) تعالى (الظاهرة) في الدنيا والآخرة لأنا موصولون بما هو موصوف به على حد ما يليق به ، فنحن علمه بنفسه لأنه علم نفسه فعلمنا ، ونحن كثيرون وهو واحد لكمال تنزيهه ورفعة شأنه عن أن يدركه علمه فيحصره فضلا عن علم غيره لعظمة إطلاقه الكلي ، ونحن نتبدل ونتحوّل وهو ثابت لا يتغير لفنائنا واضمحلالنا ووجوده وتحققه وثبوته أزلا وأبدا وهويته سبحانه ، أي وجوده الحق (روح) ، أي قيوم (هذه الصورة) الظاهرة التي مجموع روحانية وجسمانية المدبر هو سبحانه لها ، أي لتلك الصورة ، قال تعالى يدبر الأمر .

قال رضي الله عنه :  (فما كان التدبير) للصورة المذكورة (إلا فيه) تعالى ، لأن الكل في علمه أزلا وأبدا (كما لم يكن) ذلك التدبير (إلا منه) سبحانه وإن ظهر بالأسباب العلوية فقال تعالى :فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً( 5 ) ، لأنها مظاهره تعالى ، فإنها مدبرة به وهو المدبر بها ، فلا مدبر سواه (فهو الأول) قبل ظهور كل شيء (بالمعنى) الذي في علمه تعالى من أحوال كل شيء وهو المرتبة الألوهية التي له تعالى بما صدر عنه كل شيء ، فإن وجوده المطلق من حيث هو لا يتكلم عنه إذ لم يصدر عنه شيء من هذا الوجه أصلا ، لأنه لا يفيد الكلام عن الشيء إلا من حيث رتبته كالقاضي إذا تكلمت عنه من حيث هو إنسان ، فلا تميز له عن غيره من هذا الوجه ، ولا كبير فائدة في ذلك وإن تكلمت عنه من حيث هو قاض فقد تكلمت عنه من حيث رتبته فالكلام عنه مفيد حينئذ وهو لا يتحكم إلا من حيث رتبته ، لا من حيث ذاته .

 
قال رضي الله عنه :  (و) هو أيضا (الآخر بالصورة) التي هي مجموع الكائنات ، لأنه عين من قام به ذلك المعنى وتبين به هذا المبنى
وهو أيضا (الظاهر بتغيير الأحكام) الإيجادية والإعدامية والأحوال الملكية والملكوتية.
قال رضي الله عنه :  (و) هو أيضا (الباطن) بالتدبير في الكل على ما تقتضيه الحكمة وتشمله الرحمة وهو سبحانه وتعالى بعد ذلك "بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ البقرة : 29 ] أزلا وأبدا .

قال رضي الله عنه :  (فهو على كل شهيد كذلك ليعلم) بكل شيء (عن شهود) ومعاينة (لا عن فكر) وتخيل لاستحالة ذلك في علم اللّه تعالى (فكذلك) ، أي مثل علم اللّه تعالى في هذه الصفة السلبية علم الأذواق ، أي الكشف والمنازلة عند الأنبياء والأولياء لا ذلك العلم حاصل (عن فكر) كعلم الظاهر من علماء الرسوم (وهو) ، أي علم الأذواق (العلم الصحيح) الموروث عن الأنبياء عليهم السلام كما ورد في الحديث : « العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء » . رواه القزويني في أخبار قزوين  وعزاه العجلوني في كشف الخفاء إلى ابن عدي عن علي رضي اللّه عنه وهو حديث صحيح كما قال المناوي » .
وفي رواية : « العلم ميراثي وميراث الأنبياء قبلي » أخرجه السيوطي في جامعه الصغير ورواه أبو حنيفة في مسنده.
وعلماء الظاهر إن وعوا ما في الكتاب والسنة من العلوم الظاهرة فهم حملة العلم وليسوا بعلماء،

وإن وعوا غير ذلك من علوم العربية والعلوم الفلسفية ونحو ذلك فليسوا بحملة العلم ولا علماء أصلا ؛ ولهذا قال رضي اللّه عنه .
(وما عداه) ، أي غير علم الأذواق (فحدس) ، أي ظن وتوهم (وتخمين) افتتنت به أهله كما افتتن أهل الدنيا بالدرهم والدينار (وهو ليس بعلم أصلا) ،
قال صلى اللّه عليه وسلم : « العلم ثلاثة : كتاب ناطق وسنة ماضية وقول لا أدري » . أخرجه السيوطي أيضا في جامعه الصغير ،
فقول : لا أدري في مقابلة ذلك الحدس والتخمين ، فالعالم يقول : لا أدري والجاهل يتكلم بالحدس والتخمين .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[الحديد : 3] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).


قوله رضي الله عنه  : ( فنحن ) يجوز أن يكون عبارة عن الإنسان خاصة أي فإذا كان الأمر كذلك فنحن مع أرواحنا وأبداننا .
( صورة الظاهرة ) أي الصورة الفائضة لأرواحنا منه ( وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ) لظهور وجود الحق بوجودنا لكوننا على صورة الرحمن كما ظهر الحق بوجود هذا العالم لكونه على صورة الرحمن فالعالم من حيث كونه عبارة عن الهيئة الاجتماعية كان على صورة الرحمن أي يظهر الحق فيه مع جميع صفاته وأسمائه وأفعاله وليس كذلك أجزاؤه إلا الإنسان فإنه وإن كان جزءا منه لكنه لكونه جامعا لما فيه كان على صورة الرحمن ويجوز أن يكون كناية عن العالم كله فنحن أي العالم من حيث صورته الجمعية

قال رضي الله عنه :  ( فما كان التدبير ) أي تدبير الحق العالم كله ( إلا فيه ) أي في الحق ( كما لم يكن ) التدبير ( إلا منه ) فكان الحق مدبرا فيه ومدبرا منه أي يقع التدبير منه وفيه بالاعتبارين هذا لسان الوحدة ( فهو الأول بالمعنى ) أي يظهر أوليته بسبب المعنى ( والآخر بالصورة ) أي يظهر آخريته بسبب ظهور الصورة ( وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال ) إذ لا بد من متغير فيظهر الحق بسبب تغير الأحوال .


قال رضي الله عنه :  ( والباطن بالتدبير ) أي بتدبير خلقه وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ فإذا كان بكل شيء عليم ( فهو على كل شيء شهيد ) وإنما قال اللّه في حقه وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيد ٌ( ليعلم ) أن علمه بكل شيء ( عن شهود لا عن فكر ) ويجوز ليعلم أن يكون مبينا للفاعل من الأعلام ليعلم الحق خلقه أو من العلم ، أي ليعلم الخلق وأن يكون مبنيا للمفعول ( فكذلك علم الأذواق ) عن شهود ( لا عن فكر وهو ) أي علم الأذواق ( العلم الصحيح ) لأنه حاصل بتجلي الحق لعباده بعلمه فلا يقع في هذا العلم خطأ ( وما عداه ) من العلم
( فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) ثم رجع إلى بيان حكمة مسألة أيوب عليه السلام .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).

قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).

 
ثم أشار أن الحق تعالى هو هوية العالم، قال: وإليه يرجع الأمر كله کشفا فاعبده وتوكل عليه سترا وهذا هو معنى قول صاحب المواقف عنه تعالى أنه قال رؤيتي لا تأمر ولا تنهى وغيبتي تأمر وتنهي.  
ثم قال كما قال الغزالي: (ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم)، فإن أراد بقوله هذا العالم العرش والكرسي والأفلاك التسعة إلى نقطة مركز الأرض، 
فقوله: ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم، هو قول موقوف في ذوقي . 
أما إن قال : ليس في الإمكان أبدع من العالم فيصدق، لأن العالم أكره "كثرة" غير متناهية وعوالمه غير متناهية وأنواع جزئياته غير متناهية فضلا عن جزئياته ، وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
قد ورد في المناجاة" یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).


قال رضي الله عنه :  ( فنحن صورته الظاهرة ، وهويّته روح هذه الصورة المدبّرة لها ، فما كان التدبير إلَّا فيه ، كما لم يكن إلَّا منه ، فـ هُوَ " الأَوَّلُ " بالمعنى و" الآخِرُ " بالصورة ، وهو "الظَّاهِرُ" بتغيير الأحكام والأحوال ، و" الْباطِنُ " بالتدبير   "َهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " فهو على كل شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق ، لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ) .

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ العبد بتعيّنه حجاب على الحق المتعيّن به وفيه ، فهو هوية العبد ، والعبد صورة إنّيّة ربّه وأنانيّته ، فـ " الإنّي " المقيّد العينيّ و "الأنا " يقيّدان "الهو " الغيبيّ العينيّ فـ « الهو » المطلق روح هذا « الأنا » و « الإنّي » المقيّدين المتعيّن وحصّة هذا « الإنّي » المقيّد من « الهوية » المطلقة روحه المدبّر لصورته ، فـ « إنّا » و « إنّي » و « نحن » و « أنا » و « أنت » و " أنتم " كنايات عن الحق المتعيّن في الصور والتعيّنات ، و « هو » كناية عنه في الغيب الذاتي ، وهو غيب الذات وما لا يعلم ولا يضاف من العين المطلقة تعالى ، والهويات المقيّدة بالأعيان المتعيّنة في الصور وبها باعتبار الأنيّات والإنيّات الوجودية الشهودية ، وبدون هذا الاعتبار ليست إلَّا هو هو ،
فنحن صور تفصيل الإنّية العظمى الإلهية وشخصيات أنانيتها من حيث ظاهرنا وجسمانيتنا وصورتنا ، ومن حيث الباطن والروحانية فصور تفصيل هويته الكبرى ، فنحن له ، وهو لنا ، وهو فينا نحن ، ونحن فيه هو ، فافهم.


قال رضي الله عنه  : ( وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم)
قال العبد : سمّي الشيطان شيطانا ، لبعده عن الحقائق ، فاشتقاقه من شطن : إذا بعد ، أو من شاط : إذا نفر ، وإذا بعد عن إدراك الحقائق ، فقد بعد عن الله في عين القرب ، لكونه صورة الانحراف التعيّني .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).

قال رضي الله عنه :  ( فنحن صورته الظاهرة وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه ، فهو الأول بالمعنى والآخر بالصورة ، وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال والباطن بالتدبير ، وهو بكل شيء عليم ، فهو على كل شيء شهيد ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح ، وما عداه فحدس وتخمين وليس بعلم أصلا ) .

قد مر أن الحق عين كل شيء فإذا كان عين هوية العالم أي حقيقته فالأحكام الظاهرة في العالم ليست إلا في الله وهي من الله ،
وهو معنى قوله : " وإِلَيْه يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّه " حقيقة وكشفا فإنه تعالى باعتبار التجلي الذاتي الغيبي يسمى هو ، وذلك التجلي هو الصورة بصور أعيان العالم ، فكان هوية العالم وهوية كل جزء حجابه وستره ليتوكل عليه ، فإنه به موجود وهو الفاعل فيه لا فعل للحجاب ، والحجاب الذي هو العبد صورة أنية ربه والرب هويته ،

وهو معنى قوله : فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم ، لأن العبد صورة العالم والعالم صورة الرحمن ، ومعنى أوجده الله ،


"" أضاف بالي زادة : ( فإذا كان الحق هوية العالم ) أي إذا نظرته من حيث أسماؤه وصفاته كان مرآة للعالم ( فما ظهرت الأحكام كلها إلا فيه وبه ) مع أنه تعالى منزه عن الانفعال والتأثر بالأحكام ، كظهور أحكام الرائي في المرآة، فإن صورة المتألم في المرآة لا تتألم بما يتألم الرائي.
أو نقول ( إذا كان الحق هوية العالم ) ففي حق كل فرد من العالم هوية من الحق مختصة به ، يظهر جميع أحكامه في الهوية المختصة به ، وهو الحق الخلق وهو العبد ، فالمتألم هو الحق الخلق لا الحق الخالق ، فلا يستريح الحق الخالق باستراحة المخلوق ولا يتألم بتألمه ، فهوية العالم هو الحق المخلوق لا الحق الخالق ،
فالإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية من الحياة والقدرة وغيرها يقال له حق ، ومن حيث إمكانه وتحققه بالصفات الكونية عبد وخلق ، والله من حيث تحققه بالصفات اللائقة بشأنه حق ، ومن حيث وجوبه الذاتي خالق وموجد ، فقد جرى اصطلاحهم على ذلك اهـ بالى زادة. ""

 
ولهذا أي ولأجل كون الشهود قربا للبصر وهو الحجاب الذي يمس عين قلبه ، فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى ، فطلب من الله إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه اهـ بالى زادة .
ظهر بصورته ، وشبه ظهور وجوده تعالى بظهور العالم بظهور حقيقة الإنسان بوجود صورته الطبيعية أي بدنه ، ثم قال : فنحن ، أي نحن مع جميع العالم صورة الحق الظاهرة ، وهوية الحق روح هذه الصورة المدبرة لها ، والباقي ظاهر مما ذكر .
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).

قال رضي الله عنه :  ( فنحن ) أي ، أعيان العالم مع جميع الصور الروحانية والجسمانية
( صورته الظاهرة ، وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبرة لها ، فما كان التدبير إلا فيه.) أي ، في الحق .(كما لم يكن) أي ، التدبير .
( إلا منه . فهو " الأول " بالمعنى ، و " الآخر " بالصورة . وهو " الظاهر " بتغير الأحكام والأحوال ، و " الباطن " بالتدبير . ) .
أي ، الحق هو " الظاهر " بهذه الصورة المتغيرة وأحكامها وأحوالها ، و " الباطن " بحسب التدبير والتصرف ، كما قال تعالى " يدبر الأمر من السماء إلى الأرض" .
 

قال رضي الله عنه :  ( "وهو بكل شئ عليم " . وهو على كلي شئ شهيد . ) أي ، حاضر مشاهد ، ( ليعلم عن شهود ، لا عن فكر . ) و ( العليم ) محيط بمعلومه ، مشاهد له شهودا أعيانيا ، فعلمه شهودي لا مستفاد عن القوة الفكرية .
هذا إذا قرئ ( ليعلم ) مبنيا للفاعل . أما إذا قرئ مبنيا للمفعول ، فمعناه : "فهو على كل شئ شهيد " أي ، حاضر ليعلم ، أي ليعلمه كل شئ عن شهود ، لا عن فكر ، إذا الفكر لا يكون إلا للغائب . والأخير أنسب .

قال رضي الله عنه :  ( فلذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح . وما عداه فحدس وتخمين ، ليس بعلم أصلا . ) ظاهر .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:57 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
 
قال رضي الله عنه :  ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه ؛هُوَ الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة ، وهو الظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال الْباطِنُ بالتّدبير ، والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر ، فكذلك علم الأذواق لا عن فكر ، وهو العلم الصّحيح ، وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ونحن ) من العالم فنحن ( صورته الظاهرة ) أي : صور ظهوره في الظاهر ، وإن لم يكن له صورة في ذاته ، ولا في ظهوره في ذاته ( وهويته ) أي : ذاته ( روح هذه الصورة ) إذ هي ( المدبرة لها ) تدبير أرواحنا لأبداننا ، وإذا كان هو المدبر ومحل التدبير محل ظهوره ، ( فما كان التدبير إلا فيه ) من حيث ظهوره بالصور ( كما لم يكن ) التدبير من حيث المبدأ إلا ( منه ) ، فالكل بطريق المعنى فيه ، وقد تصور ذلك المعنى في ظهوره في المظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي : الحق تعالى هُوَ الْأَوَّل ُأي : المبدئ كل صورة ( بالمعنى ) الذي ظهر بها ، ( وَالْآخِرُ بالصورة ) المرتبة على ذلك المعنى الذي صار صورة محسوسة بعد كونه معنى معقولا ، ( وهو ) الظَّاهِرُ لا بالصورة ، وإن قلنا أنه ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، فإن ظهوره به ليس من حيث كونه صورة إذ لا صورة له تعالى ،
بل من حيث دلالته عليه وهو ( بتغير الأحكام والأحوال ) ؛ لأن التغيير فيها يدل على أنها ليست من ذوات الأشياء بل مبدأ آخر هو كالروح لها ؛
ولذلك قلنا : هو( الْباطِنُ بالتدبير ) نعم ظهر ما فيه من المعنى بالصور بطريق التمثيل ، لكنه غير الظهور الحقيقي المطلوب بالدلالة ، فلا يحمل ما في القرآن عليه مع أنه لا يحمل للآخر سواه ، فلو حمل عليه الظاهر تكرر .
 
وإذا عرفت هذا فخذه فيما نحن فيه ، فالحق هو الأول القائم به معنى الحياة السارية في الماء والآخر بصورة الماء ، والظاهر بما فيه من التغيير العلة وغسلها ، والباطن بتدبير الصحة ، وكيف لا يكون باطنا بالتدبير ، والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ الحديد : 3 ] ،
فيعلم عواقب الأمور ، فيعلم بما ينتظم بها تلك العواقب ، وكيف لا يعلم كل شيء ، وإنما تصور به ليشاهد وجوه تجلياته ؟
فهوعَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ، فأوجه كل شيء ( ليعلم ) تجلياته ( عن شهود ) بصري ( لا عن فكر ) أي : لا عن علم الحاصل بالفكر في الأمور المغيبة من حيث غيبه المعلوم عن البصر ، وإذا كان مطلوب الحق الشهود دون الاكتفاء بعلمه مع كمال علمه في ذاته ، فهو كمال بعد كمال ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( فكذلك علم الأذواق ) إنما يكمل إذا كان عن شهود ( لا عن فكر ) مع غيبة العلوم ، فهو مطلب الكمّل ، كيف ( وهو العلم الصحيح وما عداه ) سواء حصل المقدمات النظرية أو بالنقل ،
( فحدس ) إن لم يتزلزل بأدنى شبهة ، ( وتخمين ) إن تزلزل به ( ليس بعلم أصلا ) ، وإن كان الحدس شبه الضروريات بل منها لكن فيه خفاء يوجب التردد بالتسكيك ، فأيوب عليه السّلام وإن علم ذلك بالفكر أشهده الحق ذلك في نفسه ؛ فافهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
 
ظهور الحقّ بظهور العالم
قال رضي الله عنه :  ( فنحن ) بجميع أعيان العالم وأحكامها ( صورته الظاهرة ، وهويّته روح هذه الصورة المدبّرة لها ) ، ولا شكّ أنّ الروح باطن الصورة ( فما كان التدبير ) الذي هو حكم الروح ( إلَّا فيه ، كما لم يكن ) ظهور الأوصاف والأحكام الخارجيّة ( إلَّا منه .
فهو "الأَوَّلُ "  بالمعنى "وَالآخِرُ "  بالصورة ، وهُوَ " الظَّاهِرُ "  بتغيير الأحكام والأحوال "وَالْباطِنُ "  بالتدبير ) .
فعلم أنّ سائر هذه الأحكام التي للعالم إنما هو في الحقّ من حيث الباطن ، ومنه من حيث الظاهر ، (" وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ) [ 57 / 3 ] في الباطن ، ( فهو " عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ") [ 58 / 6 ] في الظاهر .
فإنّ العلم الصحيح هو أن يكون مبدؤه الذوق القلبي ، أو الشهود الحسّي ، كما أشير إليه في قوله تعالى : “  لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ “  [ 50 / 37 ] .
 
العلم الصحيح هو علم الأذواق
ولذلك قال رضي الله عنه:  ( ليعلم عن شهود ، لا عن فكر فكذلك علم الأذواق ، لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ، وما عداه ) - أي ما عدا ما كان عن شهود وذوق
( فحدس وتخمين ) ، فإنّ الحدسيّات والمتواترات والتجربيّات وإن عدّت من اليقينيّات عند أهل النظر ، ولكن لما أمكن فيها تطرّق الشبه من قوّتي الوهم والخيال ما عدّها من العلم وكذلك البرهانيّات إذا استحصلت بمجرّد الفكر العاري عن الذوق جملة ، ولذلك أطلق عليه التخمين ، الذي فيه بقيّة تردّد الظن وتشويشه .


ولذلك قال رضي الله عنه : ( ليس بعلم أصلا ) ، ولذلك لا تراها لمتعطَّشي بوادي الطلب عند الاستفاضة منها أنّها تشفي غلَّتهم ، ولا لمتخمّصي سني الافتقار أنها تسمنهم أو تغنيهم من جوع وأنت عرفت أنّ الماء صورة العلم ، فهو الذي يزيل ألم العطش الذي من نصب المتعلَّقات المحلَّلة للروح وعذابها .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو الْأَوَّلُ بالمعنى وَالْآخِرُ بالصّورة وهو وَالظَّاهِرُ بتغيّر الأحكام والأحوال وَالْباطِنُ بالتّدبير ،وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ الحديد : 3 ] فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر .
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا .).
 
قال رضي الله عنه : ( فنحن صورته الظّاهرة وهويّته تعالى روح هذه الصّورة المدبّرة لها . فما كان التّدبير إلّا فيه كما لم يكن إلّا منه . فهو "الْأَوَّلُ" بالمعنى "وَالْآخِرُ" بالصّورة وهو "وَالظَّاهِرُ" بتغيّر الأحكام والأحوال "وَالْباطِنُ " بالتّدبير ،"وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "[ الحديد : 3 ]  فهو على كلّ شيء شهيد ، ليعلم عن شهود لا عن فكر . فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصّحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا . )


قال رضي الله عنه : ( فنحن ) يعني أعيان العالم كلها ( صورته الظاهرة وهويته تعالى روح هذه الصورة المدبر لها فما كان التدبير إلا فيه ) ، أي في الحق باعتبار ظهوره بصورة العالم ( كما لم يكن ) ، أي التدبير ( إلا منه ) باعتبار هويته ( فهو الأول بالمعنى ) ، المنطوي تحت الصورة يعني غيب هويته ( وهو الآخر بالصورة ) التي هي تجلي صورة (وهو الظاهر بتغيير الأحكام والأحوال) ، أي بهذه الصورة المتغيرة الأحكام والأحوال ( وهو الباطن بالتدبير ) والتصرف في هذه الصورة الظاهرة (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [ البقرة: 29]  من حيث أوليته وبطونه .
 
قال رضي الله عنه : ( فهو على كل شيء شهيد ) من حيث آخريته وظهوره في الخلق شاهدا ومشهودا ( ليعلم ) على البناء للفاعل ، أي ليعلم بك ( عن شهود لا عن فكر ) كما كنت قبل الشهود أو على البناء للمفعول ومعناه ظاهر ( فكذلك علم الأذواق ) يكون عن ذوق وشهود لا عن فكر ( وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا ) لإمكان تطرق الشبه من قوتي الوهم والخيال إليه .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:58 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . فيكون بإدراكها في محلّ القرب . فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر . كيف كان . فهو قرب بين البصر والمبصر . ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ فقال البعيد منّي قريب لحكمة فيّ . )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء) الذي خرج بركض رجله شرابا يشربه (لإزالة ألم العطش الذي هو من النّصب) بضم النون وسكون الصاد المهملة ، أي الشر والبلاء .
قال الجوهري في صحاحه : والنصب الشر والبلاء ومنه قوله تعالى :مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ[ ص : 41 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (و) من (العذاب) وهو العقوبة (الذي مسه) ، أي أيوب عليه السلام (به الشيطان) من قولهم شطت داره إذا بعدت (أي البعد عن الحقائق) الإلهية (أن يدركها) أيوب عليه السلام (على ما هي عليه السلام ) في نفسها لا على حسب ما يعطي البعد عنها من المعاني النفسانية .
 
قال رضي الله عنه :  (فيكون) ، أي أيوب عليه السلام (بإدراكها) ، أي تلك الحقائق كذلك (في محل القرب) إلى اللّه تعالى (فكل) شيء (مشهود) من تلك الحقائق على ما هو عليه قريب من العين الشاهدة له ولو كان بعيدا عنها بالمسافة الجسمانية ( فإن البصر) من تلك العيون (متصل به) ، أي بذلك المشهود (من حيث شهوده) ،
أي البصر لذلك المشهود وهو الاتصال المعنوي الروحاني الأصلي ، إذ جميع الأشياء في الأصل الأوّل وهو العلم الإلهي واحدة لا كثرة فيها ، وكذلك في الأصل الروحاني الطبيعي والعنصري ثم تفترق بالتولد وتظهر فيها صورة الأصول فإذا أدركت بعضها بعضا إنما تدركه بصورة تلك الأصول التي فيها .
 
قال رضي الله عنه :  (فلو لا ذلك) الاتصال (لم يشهده) ولهذا انفصل عنه بالصورة المتولدة من الأصول المذكورة فغابت عنها الصورة الأخرى (أو يتصل) ذلك الشيء (المشهود بالبصر) من حيث اتصاله الأصلي كما ذكرناه فيشهده البصر (كيف كان) الأمر في نفسه (فهو قريب) روحاني (بين البصر والمبصر) بصيغة اسم المفعول ؛
(ولهذا) ، أي ما ذكر من القرب (كنى أيوب عليه السلام في المس) ، أي أصابته بالسوء (فأضافه) ، أي المس يعني نسبه (إلى الشيطان) حين قال :مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ [ ص : 41].
 
(مع قرب المس) حين هو مشهود له دون قرب الشيطان ، لأنه لم يشهده لانفصاله عنه بحقيقة أخرى سرت في حقيقته عليه السلام الجسمانية من قوله صلى اللّه عليه وسلم :  "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " . رواه ابن إسحاق بن راهويه والديلمي في الفردوس عن أبي هريرة ورواه غيرهما .
 
وقدمنا بيان عصمة الأنبياء عليهم السلام منه من أي وجه هي فاقتضى سريانها فيه ما أصاب من النصب والعذاب بتقدير اللّه تعالى
قال رضي الله عنه :  (فقال) ، أي أيوب عليه السلام في تقرير معنى كلامه (البعيد مني) بحيث لم أشهده (قريب) إلي (لحكمة) ، أي إظهاره (فيّ) ، أي في جسدي أثره المؤلم من النصب والعذاب جزاء على عدم شهودي له كما قال تعالى :"وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ" [ الزخرف : 36 ] .
وهذا حكم عام لا خصوص له فيشمل المعصوم وغير المعصوم وأما قوله بعد ذلك :وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ " [ الزخرف : 37 ] ،
فهو حال الالتباس وذلك مخصوص بغير المعصوم من الناس ولهذا غير اللّه نظام الآية بالجمع بين صيغة الإفراد .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
فقال رضي الله عنه   : ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) أي الماء الذي سرى الحياة فيه فكان ذلك الماء ماء الحياة ( شرابا لإزالة ألم العطش ) وهو نار الاشتياق ( الذي هو ) حاصل له ( من النصب ) أي الضرّ بفتحتي النون والصاد وضمتيهما وضمة وسكون ( والعذاب الذي مسه به ) أي بذلك العذاب ( الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليها ) فلما اغتسل أيوب زال حرارة بدنه التي كانت من مس الشيطان بضرّ فإذا شرب زال حرارة العطش من روحه التي حصلت من مس الشيطان أي البعد عن إدراك الحقائق وهو الحجاب الذي يقع على عين القلب فيبعده عن الإدراك فأشار عليه السلام في كلامه إلى ألمه الروحاني فإذا شرب أدرك الحقائق وإنما فسر الشيطان بالبعد عن إدراك الحقائق مع أن الشيطان بعيد عن إدراك الحقائق ليس يبعد لكون البعد من صفة الشيطان فكان المعنى أني مسني شطن الشيطان ، فتركت الإضافة إلى الشيطان مبالغة .
 
قال رضي الله عنه   : ( فيكون ) أيوب عليه السلام ( بإدراكها في محل القرب وكل مشهود قريب من العين ولو كان ) ذلك المشهود ( بعيدا بالمسافة ) من البدن ( فإن البصر ) بسبب خروج الشعاع منه ( يتصل به ) أي بالمشهود ( من حيث شهود ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده ) أي لم يشهد الشاهد المشهود ( أو يتصل المشهود بالبصر ) بحسب انطباعه به ( كيف كان ) قلت ( فهو ) أي الشهود ( قريب بين البصر والمبصر ولهذا ) أي ولأجل كون الشهود قريبا بين البصر والمبصر ( كنى ) أي أتى ( أيوب عليه السلام ) كلامه ( في المس ) بالكناية ( فأضافه إلى الشيطان ) بقوله أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ وهو البعد ( مع قرب المس فقال البعيد مني ) وهو الشيطان ( قريب مني لحكمة فيّ ) وهذه الحكمة هو الحجاب الذي يمس عين قلبه فالشيطان يقرب منه بسبب هذا المعنى فطلب من اللّه إزالة الحجاب عنه خوفا عن تصرف الشيطان فيه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب. فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة. فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر. ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في. ). المعنى واضح
 
وهذا الفتح ما رأيت شيخنا، رضي الله عنه، ألم بذكره ولا يمكن سواه ولا حق ينافيه والباطل هو كل شيء نافاه والحق يقول الحق.
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
قال رضي الله عنه  : (ثم كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا بإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسّه به الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ، فيكون بإدراكها في محلّ القرب فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا ، من المسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده أو يتّصل المشهود بالبصر كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر ) .
 
قال العبد : سمّي الشيطان شيطانا ، لبعده عن الحقائق ، فاشتقاقه من شطن : إذا بعد ، أو من شاط : إذا نفر ، وإذا بعد عن إدراك الحقائق ، فقد بعد عن الله في عين القرب ، لكونه صورة الانحراف التعيّني .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولهذا كنّى أيّوب في المسّ ، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المسّ ، فقال : البعد منّي قريب لحكمه في ) .
يشير رضي الله عنه : إلى أغلبية حجابية التعيّن بالنسبة إليّ ، وإلَّا لم يكن للانحراف فيه حكم ، وإنّما حكم عليه وفيه الانحراف والبعد ، لبعده عن حقيقة الاعتدال الذي انفرد به العين والحقيقة ، كما أشرنا إليه ، فتذكَّر .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب ذلك الماء شرابا بإزالة ألم العطش الذي هو من النصب ، والعذاب الذي به مسه الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب ، فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ، ولولا ذلك لم يشهده أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان ، فهو قريب بين البصر والمبصر ) .
 
سمى الشيطان شيطانا لبعده عن الحق والحقائق ، من شطن شطونا إذا بعد ، وقيل من شاط إذا نفر فهو فيعال أو فعلان بمعنى المبالغة أي البعيدة في الغاية ، ولهذا أطلق الشيخ رضي الله عنه تسميته بالمصدر للمبالغة ، كقولهم : رجل عدل ، والمراد الذي هو في غاية البعد عن إدراك الحقائق على ما هي عليه ، وإذا كان كذلك فهو في غاية البعد عن الحق ،
لأن المدرك للحقائق على ما هي عليه يكون بإدراكها في محل القرب ، ألا ترى أن المشهود قريب من العين ولو كان بعيد المسافة ، لأن البصر يتصل به على مذهب خروج الشعاع ، أو يتصل المشهود بالبصر على مذهب الانطباع ، فإنه ليس هذا موضع تحقيقه ، وكيف كان فالمشهود قريب بين البصر والمبصر ، وإنما كان الشيطان لا يدركها على ما هي عليه لكونه على صورة الانحراف العيني ، أي جبلت عينه على الانحراف والميل عن العالم العقلي إلى العالم السفلى ، ولهذا كان من الجن .
 
"" أضاف بالي زادة : ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثر فيه كان محلا لأن يقال البعد والقرب أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج ، فكيف يكون لهما أثر وحكم في الموجودات الخارجية ، دفع ذلك بقوله : وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان اهـ بالى زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا كنى أيوب في المس فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس ، فقال : البعيد منى قريب لحكمه فىّ ) .
أي ولأن الشيطان بعيد عن محل القرب كنى في المس :
أي أوقعه على كناية المتكلم مضافا إلى الشيطان فقال :"أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وعَذابٍ "   أي خصني البعيد بالمس الذي هو غاية القرب لحكمه فىّ بالضر الذي هو النصب والعذاب ، شكى إلى الله من غلبة حجابية تعينه وإلا لم يكن للانحراف فيه حكم ،
فإن الشيطان الذي هو العين المنفردة بالانحراف والبعد ، إنما حكم على نفسه بالانحراف عن الاعتدال لاحتجابه بتعينه عليه ، فإن قرب البعيد منه إنما يكون لبعده .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، كان لأيوب ، عليه السلام ، ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان ، أي ، البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . )
( النصب ) بفتحتين وضمتين وضمة وسكون ، وهي لغات فيه . والمعنى من الضر في البدن .
والعذاب الذي مسه به الشيطان ، هو عذاب الحجاب من الجناب الإلهي والبعد والحرمان من النعيم الأبدي .
لذلك فسر ( الشيطان ) بالبعد عن الحقائق وإدراكها ، لأنه ( فيعال ) من ( شطن ) ، و (الشطن) هو البعد عن الحقائق وإدراكها  .
وإن كان معذبا بالعذاب الجسماني ، لكن لما كان العذاب الروحاني أشد ايلاما ، قلنا هو عذاب الحجاب مسمى ب‍ ( نصب ) وعذاب .
فلما شرب ماء الحياة وحيى به ظاهره وباطنه وتنور قلبه بإدراك الحقائق، زال منه ألم الفراق ونار الشوق والاشتياق.
( فيكون بإدراكها في محل القرب ) لأن المدرك قريب من مدركه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا بالمسافة ، فان البصر متصل به من حيث شهوده ، ولولا ذلك ) الاتصال .
( لم يشهده . ) إشارة إلى مذهب من يقول بخروج الشعاع من البصر في زمان الإبصار .
( أو يتصل المشهود بالبصر . ) إشارة إلى مذهب من يقول بالانطباع .
( كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر . ) أي، سواء كان الأول حقا أو الثاني ، كيف ما كان ، فلا بد من القرب بين البصر والمبصر.
 
( ولهذا كنى أيوب في المس ، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس . ) أي ، ولأجل هذا القرب أتى أيوب ، عليه السلام ، بكناية المتكلم وضميره في فعل ( المس ) .
أي ، جعل المس قريبا من نفسه ، مع أنه نسبه إلى الشيطان بقوله : ( إني مسني الشيطان بنصب وعذاب ) . وهو البعد .
( فقال ) أيوب ، عليه السلام بلسان الإشارة في هذا القول : ( البعيد منى قريب لحكمه في . ) أي ، البعيد قريب منى لمعنى ركزه الله في عيني ، وهو الحجاب الذي حصل من التعين ، فإن الشيطان لا يدخل على أحد ولا يتصرف فيه إلا لمعنى له فيه .
 
فهذا الكلام شكاية إلى الله من نفسه وتعينه الموجب للثنوية والبعد من الرحمن والقرب من الشيطان .
ويمكن أن يحمل على معنى آخر . وهو أن البعيد ، الذي هو الشيطان ، قريب منى لحكمة في . أي ، لمعنى حاصل في باطني ، وهو أن الشيطان أيضا مظهر من المظاهر الحقانية ، والمظهر قريب من الظاهر فيه .
فالبعيد الذي هو الشيطان في نظري قريب من الحق الذي هو ظاهر في صورتي .
ولما قال البعيد منى قريب - كأن القائل يقول : كيف يكون البعيد قريبا منه ؟
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:58 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي : البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ، فيكون بإدراكها في محلّ القرب ، فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ، كيف كان ؟ فهو قرب بين البصر و المبصر ، ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ ؛ فقال : البعيد منّي قريب لحكمة فيّ)
 
ثم أشار إلى أن من فوائد ذلك الماء من حيث جهله سر الحياة كشف الحقائق ، كما أن من فوائده إزالة العلل عن البدن ؛

فقال رضي الله عنه  : ( ثم كان لأيوب عليه السّلام ) بطريق المعجزة ( ذلك الماء شرابا ) كما ورد به القرآن ، وإنما ورد دفعا لشكوى الألم ، والشراب إنما يدفع ألم العطش ، ويكفي لدفعه كل ماء ولاصق فيه على الخلائق حتى يشتكي من أجله إلى الخالق ، فهو ( لإزالة ألم العطش ) إلى الاطلاع على الحقائق ، وله ألا يندفع إلا بدفع اللّه تعالى ، فيحتاج فيه إلى الشكوى عنده ؛ وذلك لأنه الذي ( هو من النصب ) أي : الشدة ؛ وذلك لشدة شوقه إلى ذلك ، ( والعذاب ) من التحيز في ذلك ، وهذا النصب والعذاب هو ( الذي مسه به الشيطان ) ؛ لأنه الذي ليس عليه الحقائق حتى تحيز ، واشتد شوقه إلى الاطلاع عليها ، فهو الحجاب عنها كما ورد في الخبر : « لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم ، لنظروا في ملكوت السماوات والأرض » . رواه أحمد وابن أبي شيبة .
فهو بوسوسته يشوق إلى تحصيلها ، ويمنع عن الوصول إلى ما اشتاقوا إليه ، فيشتد عليه الأمر ، ويتعذب به لبعده عن المحبوب بحجابه مع قربه في نفس الأمر وإلى هذا يشير لفظ الشيطان من حيث اشتقاقه من الشطن ، وهو البعد .


فلذلك فسره بقوله : ( أي : البعد عن الحقائق ) لا في الواقع لدوام قربها منه ، بل عن ( أن يدركها على ما هي عليه ) مع أنه مستشعر بها فيشتاق إليها ، فأزال اللّه عزّ وجل شكواه بالكشف عنها ، ( فيكون بإدراكها في محل القرب ) عنها ؛ ليزول عنه النصب والعذاب عن البعد عنها ، وكيف لا يكون بالكشف في حالة القرب ، وهو موجب للشهود ، وهو موجب لقرب البعيد في نفس الأمر ، فكيف لا يوجب قرب القريب في نفس الأمر ، وإنما عرض فيه من الحجاب إذ صار به لا يصل إليه كالبعد .

قال رضي الله عنه  : ( فكل مشهود قريب من العين ) ، أي : القوة الباصرة ، ( ولو كان بعيدا ) من الشخص الرائي ( بالمسافة ، فإن ) البعيد بين الرائي والمرئي لا ينافي القرب بين الرؤية والمرئي ،
فإن ( البصر متصل به ) أي : بالمشهود لا من حيث غرضه له ، بل هو من عوارض الرأي ( من حيث شهوده ) الموجب لاتصال الشعاع منه بالمشهود ،
( ولولا ذلك لم يشهده ) على قول من يراه باتصال الشعاع ، ( أو يتصل المشهود بالبصر ) على قول من يراه بانطباع صورة المرئي في الباصرة .

ثم قال رضي الله عنه  : ( كيف كان ) أي : سواء كان المشهود باتصال الشعاع والانطباع أو غيرها ، ( فهو ) أي : المشهود ( قرب بين البصر والمبصر ) مع بعد المسافة فكيف مع قربها .
( ولهذا ) أي : ولكون الحقائق قريبة في نفس الأمر بعيدة بالحجاب ( كنّي أيوب ) عن بعدها بالحجاب ( في ) لفظ ( المس ) لا من حيث دلالته على الالتصاق بل من حيث إسناده إلى الشيطان .
 

ثم قال رضي الله عنه  : ( فأضافه ) أي : أسنده ( إلى الشيطان ) المشعر من استقامة بالبعد مع أنه سبب الحجاب ( مع قرب المس ) من حيث دلالته على الالتصاق ؛ ليدل على قربها في الواقع بطريق الإشارة حين بعدها بالحجاب ؛ ليدل ذلك على موجب الثبوت إليها مع الامتناع عن الوصول إليها .
ثم قال رضي الله عنه  : ( فقال : ) أي : وكأنه قال في سكانته ( البعيد مني ) من الحقائق بسبب الحجاب بعد الشيطان عنك ، وهو الموجب لهذا الحجاب ( قريب ) مني في الواقع قرب المس ( لحكمة فيّ ).
"" أضاف المحقق : حاصله أنه عليه السّلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ، ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج ؛ فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية ؟.  شرح الجامي "" .

فإن الحقائق حاكمة في كل شيء سواء علمها أو احتجب عنها ، فهي من حيث القرب موجبة للشوق إليها ، ومن حيث البعد مانعة من الوصول إليها ، فقد أصابه من ذلك نصيب وعذاب فرفع ذلك بالماء من حيث تضمنه سر الحياة المترتب عليها العلم بحسبها ؛
فإن الجهل موت معنوي فصار شرابا مزيلا لعطش طلبه إياها ، وهذا لا ينافي شكايته الألم الظاهر إذ لا يدرك مع استراحة الباطن إذا اجتمع ألم الظاهر مع ألم الباطن تأكد كل واحد بالآخر .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يجتمع القرب والبعد في الحقائق بالنسبة إليه ، وهما متقابلان ؟
فأجاب عنه بقوله :
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ كان لأيّوب ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب ) - أي التعب - وهي التعلَّقات الناصبة للشخص في مناصب المتجوّهين وأنصابهم الشاغلة المتعبة ، ( والعذاب ) وهو ما يستعذبون منها من مؤلمات الروح ومكدّرات لطائف صفوه ، وهو (الذي مسّه به الشيطان - أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه .فيكون بإدراكها في محلّ القرب).


 الشيطان والبعد
ولما كان الشيطان مبدأ الأحكام العدميّة كلها ، وأصل ذلك هو النسبة التي مبدأ سائر التعيّنات ، فهو النسبة التي هي مبدأ الأوصاف العدميّة .
وفي تحليل موادّ « إبليس » ما يدلّ على هذا ومن ثمّة ترى المصنّف عرّفه بالبعد عن الحقائق أن يدرك . فبالبعد أفصح عن النسبة ، وبالباقي عن مبدئيّته للأوصاف العدميّة العامّة ، كالجهل والإباء للإذعان .
فعلم أنّ هذا بيان ماهيّة الشيطان حقيقة ، وليس فيه ارتكاب مجاز كيف وهو في صدد التعريف والإبانة عن حقيقته بما هو عليه ، وأدب هذا المقام يأبى أن يستعمل فيه غير الحقيقة - على ما بيّن في صناعته .
والذي يلوّح على هذا الكلام أنّ البعد إذا أخذ مع بيّناته هو عدد الشيطان ناقصا منه عقدان من العشرة، الدالَّة على هيأتيه الفرقيّة والعلميّة فتأمّل.

وهاهنا تلويح آخر : وهو أنّ « العين » الذي هو الدالّ على عين الجمع ، إذا ظهر على باء البينونة والبيان والإباء .
التي هي بدؤ التعينات - إذ بها انتشاء النقطة ومنها ظهرت فهو العبد الذي له الإطاعة .
وأمّا إذا ظهر الباء المذكورة على العين ، واختفيت هي تحتها ، فهو البعد الذي منه الإباء ، وهو الشيطان .
ثمّ إنّه لما كان هو البعد عن إدراك الحقائق ، فإنّ المدرك قريب لمن يدركه فإنّ المدرك مشهود ( فكل مشهود قريب من العين ، ولو كان بعيدا بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به ) على رأي الذاهبين إلى الشعاع .
قال رضي الله عنه :  ( من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر ) على رأي الذاهبين إلى الانطباع ( كيف كان ، فهو قرب بين البصر والمبصر ) .

فقد علم أنّ الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، والبعد من جملة الإضافة ( ولهذا كنّى أيّوب في المسّ ) الذي هو من الإضافات ( فأضافه إلى الشيطان ) الذي هو البعد ، إضافة إسناد ( مع قرب المسّ ) أي مع أنّ المسّ هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعد منى قريب بحكمه في ) ، أعني البعد .
ثمّ إنّه يمكن أن يقال : إنّ حكم القريب إنما هو القرب ، كما أن حكم البعيد هو البعد . فكيف جعل حكم القريب هو البعد ؟
فدفع ذلك بقوله :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب.
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.  )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ كان لأيّوب عليه السّلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الّذي هو من النّصب والعذاب الّذي مسّه به الشّيطان ، أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه . فيكون بإدراكها في محلّ القرب . فكلّ مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا)

قال رضي الله عنه :  ( ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء ) المدلول عليه بقوله تعالى : هذا مغتسل بارد ( شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان أي البعد عن الحقائق أن يدركها على ما هي عليه ) وفسر الشيطان بالبعد على لسان الإشارة لأنه من شطن إذا بعد على رأي .

قال رضي الله عنه :  ( فيكون ) عطف على يدركها أي يدركها فيكون ( بإدراكها في محل القرب ) منها لأن كل مدرك قريب من المدرك ( فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا) ، أي نوره وشعاعه.

قال رضي الله عنه :  (بالمسافة ، فإنّ البصر يتّصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده أو يتّصل المشهود بالبصر . كيف كان . فهو قرب بين البصر والمبصر . ولهذا كنّى أيّوب عليه السّلام في المسّ ، فأضافه إلى الشّيطان مع قرب المسّ فقال البعيد منّي قريب لحكمة فيّ . )

قال رضي الله عنه :  (بالمسافة فإن البصر ) ، أي نوره وشعاعه ( متصل به من حيث شهوده ) على رأي الذاهبين إلى خروج الشعاع ( ولولا ذلك ) الاتصال ( لم يشهده أو يتصل المشهود بالبصر ) ، على مذهب القائلين بالانطباع ( كيف كان ) الشهود بالشعاع أو بالانطباع ( فهو قرب بين البصر والمبصر ) فقد علم أن الشيطان هو البعد عن هذا القرب ، ولا شك من ابتلي بهذا البعد فهو قريب منه ( ولهذا كني أيوب ) ، أي أتى بالكناية ( في المس ) بأن جعله كناية عن القرب فإنه من لوازمه ضرورة أنه إذا مس شيء شيئا فقد قرب منه وقيل : معناه ، ولهذا كنى أيوب عن نفسه بضمير المتكلم في إيقاع المس فقال :"مَسَّنِيَ " .

قال رضي الله عنه :  ( فأضافه ) إضافة إسناد ( إلى الشيطان ) الذي هو البعد ( مع قرب المس ) ، أي مع أن المس هو القرب فأسند القرب إلى البعد ( فقال : البعيد مني قريب بحكمه في ) بان جعلني بعيدا فعلى هذا معنى قوله :
مسني الشيطان قرب مني البعد عن إدراك الحقائق على ما هي عليه ، وقرب هذا البعد مني بسبب ثبوت حكمه أي حكم البعد فيّ وهو كوني بعيدا عن ذلك الإدراك ،
وحاصله أنه عليه السلام كان يشكو من بعده عن إدراك الحقائق عما هي عليه بواسطة حجابية بعينه المانعة له عن إدراكها ،
ولما ذكر أن للبعد وقربه من أيوب حكما وأثرا فيه كان محال أن يقال : القرب والبعد أمران اعتباريان لا وجود لهما في الخارج فكيف يكون لهما حكم وأثر في الموجودات الخارجية دفع ذلك بقوله :
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 4:59 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه السلام ، أعني على أيوب ، بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علمت أنّ القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في القريب والبعيد . واعلم أنّ سرّ اللّه في أيّوب الّذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليّا تقرؤه" . هذه الأمّة المحمّديّة لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها . فأثنى اللّه عليه - أعني على أيّوب - بالصّبر مع دعائه في رفع الضّرّ عنه . فعلمنا أنّ العبد إذا دعا اللّه في كشف الضّرّ عنه لا يقدح في صبره . وأنّه صابر وأنّه نعم العبد كما قال تعالى :إِنَّهُ أَوَّابٌأي رجّاع إلى اللّه لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب لأنّ العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد العين ).
 
قال رضي الله عنه :  (وقد علمت) يا أيها السالك من غير هذا المحل (أن البعد والقرب أمران إضافيان) لا يعقلان إلا من شيئين باعتبار الزمان كما يقال مصنف هذا الكتاب قدس اللّه سره أقرب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم منا ،
أي من زمانه أقرب إلى زمان النبوة من زماننا أو باعتبار المكان
قال رضي الله عنه :  (كما يقال) : داري أقرب إلى الجامع من دارك (فهما) ، أي القرب والبعد (نسبتان) ، أي أمران منتزعان من النظر في حقيقتين باعتبار زمان أو مكان (لا وجود لهما) ، أي لتلك النسبتين (في العين) ، أي في عين كل واحدة منهما مع ثبوت ، أي تحقق (أحكامهما) ، أي القرب والبعد (في) الشيء (البعيد) عن الشيء الآخر البعيد عنه (و) الشيء (القريب) إلى الشيء الآخر القريب إليه .
قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أن سر اللّه) تعالى (في أيوب) عليه السلام (الذي جعله) اللّه تعالى عبرة لنا نعتبر به في أحوالنا مع اللّه تعالى (و) جعله (كتابا مستورا) ، أي آيات قرآنية نزلت في حق أيوب عليه السلام (حاكيا) ." وفي نسخة : حاليا  بدل حاكيا ".
 ذلك الكتاب ما كان في الزمان الأوّل ، فنزل جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى اللّه عليه وسلم فتلاه علينا بلسان عربي مبين (تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه) من الأسرار والعلوم (فتلحق) ، أي هذه الأمة (بصاحبه) ، أي صاحب هذا الكتاب المسطور بطريق الإرث النبوي (تشريفا لها) وتعظيما لشأنها (فأثنى اللّه) تعالى (عليه السلام ) ، أي مدحه في القرآن العظيم (أعني على أيوب) عليه السلام (بالصبر) حيث قال تعالى :إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ[ ص : 44 ] مع دعائه ، أي أيوب عليه السلام في رفع ، أي إزالة الضر ، أي البلاء عنه .
قال تعالى : "وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ "[ ص : 41 ] ، وقال تعالى : " وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" ( 83 ) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ( 84 ) [ الأنبياء : 83 - 84 ] .


قال رضي الله عنه :  (فعلمنا) من ذلك (أن العبد) المؤمن (إذا دعا اللّه) تعالى (في كشف الضر) والسوء (عنه لا يقدح) ذلك ، أي لا ينقص ولا يطعن (في صبره) على ذلك الضر والسوء (فإنه) ، أي ذلك العبد مع طلبه من اللّه تعالى وتضرعه في إزالة ضره عنه صابر على ما أصابه به وأنه ، أي ذلك العبد حينئذ .
قال رضي الله عنه :  (نعم العبد كما قال تعالى) في أيوب عليه السلام :" إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "، أي رجاع ، من نفسه إلى اللّه تعالى على وجه الكثرة فإذا كان بنفسه دعا اللّه تعالى في إزالة الضر عنه ثم رجع إلى اللّه تعالى فترك الدعاء وقام بالتفويض إليه سبحانه والتوكل عليه ،
ثم كان بنفسه وقام بالأسباب ، ثم رجع ذلك وتكرر منه هذا الحال ، فهو أوّاب صيغة مبالغة من آب إذا رجع ، ورجوعه في كل مرة إلى اللّه تعالى.
 
قال رضي الله عنه :  (لا إلى الأسباب) من نفسه ودعائه ونحو ذلك بل من الأسباب إلى مسببها تعالى وهي أكمل الأحوال ، لأنها قيام بالحق تعالى من حيث أسماؤه كلها لا بعضها ، فإنه إذا كان في الأسباب قام باسمه تعالىالْأَوَّلُ،وَالْباطِنُوإذا أعرض عن الأسباب قام باسمه تعالى الآخر والظاهر ، وهذه الأسماء الأربعة أمهات الأسماء الفاعلة وغيرها .


قال رضي الله عنه :  (والحق) تعالى (يفعل عند ذلك) ، أي عند رجوع العبد إليه سبحانه (بالسبب) وهو رجوع العبد إليه (لأن العبد يستند إليه) ، أي إلى الحق تعالى في حال رجوعه إليه سبحانه فيكون ذلك الإسناد سببا يفعل اللّه تعالى به ما يريد لعبده (إذ الأسباب المزيلة لأمر ما) يعني أي أمر كان حسي أو معنوي (كثيرة) جدا (والمسبّب) لتلك الأسباب كلها (واحد العين) ، أي الذات لا كثرة فيه أصلا وهو الحق تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ) فكان البعيد من الشيء لمعنى قريبا منه لمعنى آخر كما ذكر في المشهود فإنه قريب من الشاهد من مشهوده بعيد من حيث المسافة .
( واعلم أن سر اللّه في أيوب عليه السلام الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا ) أي لا يعرف معنى ذلك الكتاب إلا أهل الحال ومنسوبا إلى حال أيوب عليه السلام ( تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه )  من الأعلام على البناء للفاعل أو من العلم على البناء للمفعول أو على صيغة الغيبة
وكذا قوله ( فتلحق بصاحبه ) أي فتصل هذه الأمة في الدرجة بمقام صاحب ذلك الكتاب وهو أيوب عليه السلام في الرضاء بالقضايا والصبر على البلايا فمن صبر منا على الأعمال الشاقة في طريق الحق فقد أعطى اللّه له ما أعطى أيوب عليه السلام وإنما جعله اللّه هكذا ( تشريفا لها ) أي لهذه الأمة وأيّ تشريف وتكريم أعظم من هذا الذي ابتلي نبيه لنا ( فأثنى اللّه عليه ) أي
فإذا كان البصر أجمل الوصف الجميل وأكرمه عند اللّه أثنى عليه .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أعني على أيوب عليه السلام بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه فعلمنا ) من معاملة الحق مع أيوب عليه السلام ( أن العبد إذا دعا اللّه في كشف الضرّ عنه ) أي عن نفس العبد ( لا يقدح في صبره ) وإلا لما أثنى على أيوب عليه السلام ( وإنه ) أي والحال أن أيوب عليه السلام ( صابر وأنه نعم العبد ) ولو كان دعاؤه في كشف الضرّ عنه يقدح في صبره لما جعله متصفا بهذه الصفة الحسنة ( كما قال ) تعالى في حقه (إِنَّهُ أَوَّابٌ أي رجاع إلى اللّه ) في كشف الضرّ ( لا إلى الأسباب ) فلا ينافي صبره إذ الرجوع إلى اللّه في كل أمر أحسن الصفة الحسنة فلا ينافي الصبر بل إنما ينافيه الرجوع إلى الأسباب في رفع الضرّ ( والحق يفعل ) ما دعاه العبد ( عند ذلك ) أي عند دعائه ( بالسبب ) وإنما أعطى الحق ما طلبه العبد منه بالسبب مع أن اللّه قادر أن يفعله بدون سبب
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لأن العبد ) وإن كان رجّاعا إلى اللّه لكنه ( يستند إليه ) أي السبب ولما اتجه أن يقال لم لا يجوز رجوع العبد إلى الأسباب مع أن الرجوع إلى الأسباب رجوع إلى اللّه بحسب العين على أن الإزالة لا يكون إلا بالأسباب فلا يذمّ العبد في رجوعه إلى ما يزيل به ضرّه فلا ينافي ذلك الرجوع أيضا صبره أجاب ذلك بقوله له ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) من الأمور المضارّة ( كثيرة ) والعبد لا يعلم يقينا أن الحق بأيّ سبب كشف ضرّه ( والمسبب واحد العين)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب. واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها. فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
 
فقد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
""  أضاف الجامع :  ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )


قال رضي الله عنه  : ( وقد علمت أنّ البعد والقرب أمران إضافيّان فهما نسبتان لا وجود لهما في العين ، مع ثبوت أحكامهما في القريب والبعيد . واعلم : أنّ سرّ الله في أيّوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا يقرؤه هذه الأمّة المحمدية ، لتعلم ما فيه ، فتلحق بصاحبه تشريفا لها ، فأثنى الله على أيّوب بالبصر مع دعائه في رفع الضرّ عنه ، فعلمنا أنّ العبد إذا دعا الله في كشف الضرّ عنه ، لا يقدح في صبره ، وأنّه صابر ، وأنّه " نِعْمَ الْعَبْدُ " ، كما قال : " إِنَّه ُ أَوَّابٌ " أي رجّاع إلى الله لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب ، لأنّ العبد مستند إليه ).
يعني : في وجوده المقيّد أو المطلق إلى الحق المتعيّن في السبب ، فلمّا حمد الله تعالى أيّوب عليه السلام، علمنا أنّ رجوعه أوّلا وآخرا ما كان إلى الأسباب من حيث حجابياتها .
 
قال رضي الله عنه  : ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد المعيّن ، فرجوع العبد إلى الواحد العين)
يعني أنّ المتقدّمين من المشرقيين من أهل التصوّف قالوا به .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
ولهذا قال الشيخ رضي الله عنه :   ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ).
 
 فإنهما مع كونهما معدومين في الأعيان يحكمان على الموجودات العينية بمعناهما ، ألا ترى أن الشيطان في عين القرب لوجوده بالحق بعيد عن الله لانحرافه العيني ، فقربه من أيوب نفس كونه بعيدا منحرفا عن الاعتدال ،
فحكم على أيوب في عين القرب منه بالبعد عن الحق والانحراف عن الاعتدال .
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها ، فأثنى الله عليه أي على أيوب بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه ، فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد ، كما قال : " نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّه أَوَّابٌ ". أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب ، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين ).
 
أي المتقدمين من الشرقيين من أهل التصوف القائلين بأن الصبر هو حبس النفس عن الشكوى مطلقا.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
فقال رضي الله عنه  : ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان ، لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في القريب والبعيد ) .
 
ألا ترى أن الحق تعالى إذا تجلى لعين من الأعيان ، يقرب منه كل بعيد ، فيشاهده شهودا عيانيا ، كما يقرب البعيد بالمسافة من عين الناظر إليه .
وإذا خفى عن عين ، يبعد منه كل قريب لغلبة الظلمة واستيلائها عليها ، مع أن هويته تعالى في هوية كل عين . فالقرب والبعد أمران إضافيان بالنسبة إلى الأعيان واستعداداتها .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم ، أن سر الله في أيوب الذي جعله الله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاكيا ، تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه ، فتلحق بصاحبه تشريفا لها . ).
 
أي ، السر في  قصة أيوب ، عليه السلام ، الذي جعل الله عينه مع أحوالها ، عبرة لنا وكتابا
مسطورا مقروا بلسان الحال ، ما كتب فيها يقرؤه عرفاء هذه الأمة المحمدية ، لتعلم ما فيه من الأسرار .
وهو إظهار الماء المطهر للظاهر والباطن من أرض نفوسهم ، وطلب الفناء في الله وتحمل المشاق والصبر على المجاهدات ، فتلحق بمقامه ، فيكون هذا الإخبار تشريفا لها
.
(فأثنى الله عليه ، أعني على أيوب عليه السلام ، بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه . فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه ، لا يقدح في صبره . ) بل عدم الدعاء بكشف الضر مذموم عند أهل الطريقة ، لأنه كالمقاومة مع الله ودعوىالتحمل بمشاقه .
 
كما قال الشيخ المحقق ابن الفارض رضي الله عنه :
(ويحسن إظهار التجلد للعدى  .... ويقبح غير العجز عند أحبة )
( وأنه صابر وأنه نعم العبد ، كما قال تعالى : ) أي ، كما قال الله في حقه ، ( نعم العبد ) و ( ( إنه أواب ) . أي ، رجاع إلى الله ، لا إلى الأسباب ، والحق يفعل عند ذلك بالسبب ) أي ، الحق يعطى ما يطلبه على يد عبد من عبيده فيجعله سببا .
 
( لا أن العبد يسند إليه ) أي ، إلى السبب . وفي بعض النسخ : ( لأن العبد يسند إليه ) .
أي ، لأن وجود العبد مستند إلى الله تعالى ، فينبغي أن يرجع إلى مستنده .
( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) أي ، من المضار .
 
قال رضي الله عنه :  ( كثيرة ، والمسبب واحد العين )
والحال أن العبد الداعي لم يدع الحق ، بل دعا ما يطلق عليه اسم الغيرية ومال إليه، وهو السبب القريب في الصورة.

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:01 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال رضي الله عنه:  (وقد علمت أنّ القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في القريب والبعيد).
 
(وقد علمت) أي : في علم الحكمة والكلام (إذ القرب والبعد أمران إضافيان) ؛ لأن قرب أحد الأمرين من الآخر وبعده لا يتصور بدون قرب الآخر وبعده ؛ والإضافة نسبة بين الشيئين معدومة في الخارج.
 
 قال رضي الله عنه  : (فهما نسبتان لا وجود لهما في العين) أي : الخارج فليستا من المتقابلين الذين لا بدّ وأن يكون أحدهما موجودا (مع ثبوت أحكامها في القريب والبعيد) أي : أحكام البعد في البعيدين ، وأحكام القرب في القريبين بالتقابل ، إنما هو بين أحكامها ، وتختلف الأحكام باختلاف الجهات ، فيكفي لتقابلها تقابل الجهات .


قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ سرّ اللّه في أيّوب الّذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليّا تقرؤه هذه الأمّة المحمّديّة لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها ، فأثنى اللّه عليه - أعني : على أيّوب - بالصّبر مع دعائه في رفع الضّرّ عنه ؛ فعلمنا أنّ العبد إذا دعا اللّه في كشف الضّرّ عنه لا يقدح في صبره، وأنّه صابر، وأنّه نعم العبد كما قال تعالى :إِنَّهُ أَوَّابٌ [ ص : 17 ] ،  أي : رجّاع إلى اللّه لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب ؛ لأنّ العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد العين).
 
ثم أشار إلى تقريب الحق إياه بما أعطاه من الصبر مع الأوب إليه حتى أثنى بذلك عليه ، فقال : ( واعلم أنّ سرّ اللّه في أيّوب ) أي : المعنى القائم باللّه الظاهر في أيوب هو الصبر مع الشكوى المتضمنة للأوب إليه ؛ فإن اللّه تعالى يصبر على العصاة ويرزقهم ويعافيهم ، ومع ذلك شكا عنهم
؛ فيقول : « يؤذيني ابن آدم يسب الدهر ، وأنا الدهر أقلب الليل والنهار ، ويقول : كذبني ابن آدم ، ولم يكن له ذلك ، وشتمني ابن آدم ، ولم يكن له ذلك ، أما تكذيبه إياي ، فقوله : لن يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق ، فأهون عليّ ما أعدته ، وأما شتمه إياي ، فيقول :اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً [ الكهف : 4 ] ، وأنا الأحد الصمد لم ألد ولم أولد ، ولم يكن لي كفوا أحد ، ويقول :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ لأحزاب :57 ] . رواه البخاري ومسلم
 
( الذي جعله ) غيره ( لنا نعبر ) عنه إلى أنفسنا ، فيفعل مثل فعله ؛ لينال مثل ما ناله من نعم العبد أو إلى اللّه ، فينظر إلى صبره مع شكواه ( وكتابا مسطورا ) ؛ لئلا تقع الغفلة عنه ( حاكيّا ) عن نبي من الأنبياء ما نال به الرتبة العالية بعد النبوة ( بقراءة هذه الأمة المحمدية ) التي "علماؤها كأنبياء بني إسرائيل " ذكره المناوي في فيض القدير والعجلوني في كشف الخفاء.


( ليعلم ما فيه ) من الأسرار العظيمة في الجمع بين الصبر والشكوى إلى اللّه تعالى ، ودعائه في إزالة الضر من معرفة المقصود من الابتلاء ، وهو الأوب إلى اللّه تعالى ، وإظهار العجز عن مقاومة قهره ، ورفع ما يشبه الأذى عن جنابه ، وهو الغضب بالتضرع والافتقار من العبد .
 
( فيلحق بصاحبه ) أي : صاحب ذلك السر وهو أيوب عليه السّلام في هذا المعنى ، وإن لم يكن لها تحصيل مثل مرتبته سريعا لها بما هو ( شرف ) بعض الأنبياء ، فتكمل بذلك ولا يتهم ، وإذا كان في أيوب هذا السر الإلهي ، ( فأثنى اللّه عليه ) بقوله :إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ ص : 44 ] ،
وبيّن الضمير بقوله : « ( أعني على أيوب ) ؛ لئلا يتوهم عوده إلى السر أو الكتاب ( بالصبر ) لا وحده لاشتراكه بينه وبين كثير من الناس ، بل ( مع دعائه في رفع الضر عنه ) بقوله :أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [ الأنبياء : 83 ] ، إذ صار جامعا بين الضر والدعاء الذي هو مخ العبادة ، إذ تحقق عليه السّلام به بالعبودية والافتقار . رواه الترمذي والحكيم الترمذي في  نوادر الأصول .
( فعلمنا أن العبد إذا دعا اللّه في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره ) . ذكره الجرجاني في  التعريفات.
إذ لا منافاة بينهما لما سيذكر في حد الصبر كيف ، ( وأنه صابر ) بالنص الإلهي ، ومع ذلك ( أنه ) بالدعاء نِعْمَ الْعَبْدُ بالنصّ أيضا ، وكيف لا وهو يصير بذلك أوابا ؟
 
( كما قال :إِنَّهُ أَوَّابٌ) [ ص : 30 ] ، فجعله نعم العبد بكونه أوابا مع صبره بل هو المقصود من الصبر ، إذ لو تجرد كصبر المشركين على آلهتهم ، وصبر المتمردين على أسباب معاصيهم لم يكن مستحقا للمدح والثواب بل للذم والعقاب ،
( أي : راجع إلى اللّه تعالى ) أورده بصيغة المبالغة ؛ لأنه في معنى تكرر الرجوع إليه ؛ لأنه لما خص رجوعه إليه ( لا إلى الأسباب ) ، فكان رجوعه إليه مكان كل رجوع له إلى كل سبب .
 
( والحق ) وإن كان ( يفعل ) رفع الضر عنه ( عند ذلك ) الرجوع إليه ( بالسبب ) ، فليس ذلك رجوع العبد إلى السبب ؛ ( لأن العبد إنما يسند ) حاجته ( إليه ) أي : إلى اللّه ، وإن كان من حيث هو مسبب الأسباب ، فليس رجوعه إليها من حيث ما فيها من الكثرة بل إلى وحدة الحق ،
 
( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) أي : سواء سهل أو صعب كبيرة ؛ لئلا يضطر الإنسان عند فقدان سبب معين ، فيعجز عن دفعه بالكلية ، فوسع اللّه تعالى في الأسباب لا حتى يرجعوا إليها ؛ بل ليفعل بأنه شاء لجريان سنته أن يفعل بالسبب غالبا ، ( والمسبب واحد العين ) وإن ظهر في كثرة الأسباب ، فيسهل الرجوع إليه ويحصل المقصود بجمع الهم فيه ، ولو رجع إلى الأسباب الكثيرة ،
فإن رجع إلى جميعها ربما أضر به دون بعض ، فربما لا يفيده كما قال ، فرجوع العبد إلى الواحد العين مع ما فيه من التحقق في العبودية ونفي الشركة ، وإن كان رجوعا إلى...
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال رضي الله عنه : ( وقد علمت أنّ القرب والبعد أمران إضافيّان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين ) .
فلئن قيل : فكيف يكون الشيطان هو البعد ، وله وجود في العين كما لا يخفى ؟
قلنا : إن البعد المطلق - من حيث هو هو - وإن لم يكن له وجود عيني ، ولكن أفراده المشخّصة منه موجودة في الخارج وهو البعد المشخّص في البعيد .
وإلى ذلك أشار بقوله : ( مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ) .
 
لا مباينة بين صبر العبد ودعائه لكشف الضرّ
ثمّ إنّ هاهنا سرّا عزيزا يدلّ على علوّ ذوق أيوب في العلم باللَّه ، وعلى قرب صاحب هذه الإضافات المتقابلة من الذات وهي أنّ أبين وصف للهويّة الذاتيّة الإطلاقيّة هو جمعيّة الأضداد - كما عرفت غير مرة - وقد أشير في قوله : “  مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ “  [ 38 / 41 ]
 
إلى تلك الجمعية على ما لا يخفى على الفطن وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( واعلم أن سرّ الله في أيّوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاكيا ، يقرؤه هذه الامّة المحمديّة ) ، التي لها جمعيّة كمالات الأمم السالفة ، وقابليّة استفهام جوامع الكلم وتعلَّمها ،
 
ولذلك قال رضي الله عنه : ( لتعلم ما فيه ، تلحق بصاحبه ، تشريفا لها ) ، وحسبهم تشريفا وتعظيما أنّ سائر أساطين الأنبياء السالفة وأممهم قد ظهر لهم بالوجود الكلامي كاشفا عن دقائق عرفانهم وإيقانهم ، حاكيا عن كنه تجاربهم ومآل آمالهم ، عبرة لهذه الامّة الشريفة عن جملة ما كانوا عليه في أحوالهم . وذلك الظهور تارة في الصور الكتابيّة مسطورا ، منبّها بها إلى جلائل المعاني بلطائف الإشارات ، وأخرى في الصور الكلاميّة مقروّا ، دالا بها على دقائق الحقائق بخفيّ المناسبات . وإلى هذا كلَّه إشارة في المتن  فلا تغفل.
 
 الترجي من الله تعالى وأو من الأسباب
ومن جملة تلك الحكم التي هي عبرة المعتبرين ما صدر منه ( فأثنى الله عليه - أعني على أيوب - بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه . فعلمنا أنّ العبد إذا دعي الله في كشف الضرّ عنه ، لا يقدح في صبره ) ، بل الكفّ عن ذلك الدعاء - بما فيه من رائحة رعونة الدعوى والتجلَّد وقوّة الاحتمال - ينافي كمال العبوديّة .
 
ولذلك قال تعالى حين أظهر ما به : ( وأنّه صابر ، وأنّه " إِنّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنّهُ أَوّابٌ "  ، كما قال ) في بيان تحققه بكمال العبوديّة :  ( “ إِنَّه ُ أَوَّابٌ “  أي رجّاء إلى الله ، لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل ) فيما يفعل ( عند ذلك ) الفعل ( بالأسباب ) فهي الآلة ، والفاعل هو الحقّ ( لأنّ العبد ) الكامل في عبوديّته هو الذي ( يستند إليه ) نفسه وسائر الأفعال ، ويسأل عنه سائر ما يستحصل من الأسباب ، لا عنها ،
قال رضي الله عنه : ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة ، والمسبّب واحد العين )
اللذان هما مدارج تنزّل الصور العلمية إلى العين هذا بيان تحقّقه بكمال العبوديّة وأنّه نعم العبد .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لا يقدح في صبره وأنه صابر وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين. )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد علمت أنّ القرب والبعد أمران إضافيان ، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في القريب والبعيد . واعلم أنّ سرّ اللّه في أيّوب الّذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليّا تقرؤه هذه الأمّة )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد علمت أن القرب والبعد أمران إضافيان ) يحصلان من إضافة أحد الشيئين إلى آخر ( فهما نسبيان )  بين أطرافهم ( لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامهما في البعيد والقريب ) فإن البعد وإن كان نسبة بين طرفيه غير موجودة في العين ، فإنه يثبت لكل واحد منهم البعد عن الآخر وكذلك القرب ، ولا شك أن ثبوت شيء لشيء في الخارج لا يستلزم إلا وجود المثبت له فيه لا وجود الثابت .
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أن سر اللّه ) المودع ( في أيوب ) عليه السلام هو السر ( الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاكيا أحواله تقرؤه هذه الأمة ) التي لها قابلية تعلم جميع ما حكي عن الأنبياء السالفة وأممهم والعمل بمقتضاه


قال رضي الله عنه :  ( المحمّديّة لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها . فأثنى اللّه عليه أعني على أيّوب بالصّبر مع دعائه في رفع الضّرّ عنه . فعلمنا أنّ العبد إذا دعا اللّه في كشف الضّرّ عنه لا يقدح في صبره .  وأنّه صابر وأنّه نعم العبد كما قال تعالى :" إِنَّهُ أَوَّابٌ " أي رجّاع إلى اللّه لا إلى الأسباب ، والحقّ يفعل عند ذلك بالسبب لأنّ العبد يستند إليه ، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبّب واحد العين .).
 
قال رضي الله عنه :  ( لتعلم ) ، أي هذه الأمة ( ما فيه ) ، أي في هذا الكتاب المسطور ( فتلحق بصاحبه ) يعني صاحب الكتاب ( تشريفا لها ) ، أي لهذه الأمة مفعول له لجعل . فمن جملة ما جعل عبرة لنا ما صدر منه من الصبر على الضر ( فأثنى اللّه عليه أعني على أيوب بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه فعلمنا أن العبد إذا دعا اللّه في كشف الضر عنه لا يقدح ) هذا الدعاء ( في صبره ) ، أي في تحققه بالصبر في نفس الأمر
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه صابر ) ، أي وفي الحكم بأنه صابر ( وإنه نعم العبد كما ) حكم بتحققه بكمال العبودية حيث ( قال تعالى :"إِنَّهُ أَوَّابٌ ") ، أي ( رجاع إلى اللّه لا إلى الأسباب والحق يفعل عند ذلك ) ، أي عند الفعل الظاهر من الأسباب ( بالأسباب ) فهي آلاته والفاعل هو الحق تعالى لاقتضاء عمله بالأسباب والمسببات ذلك ( لا أن ) ، أي لا لأن ( العبد يستند إليه ) ،

أي إلى هذا السبب الخاص ويصير به محجوبا عن المسبب ( إذ الأسباب المزيلة لأمر ما ) من الآلام ( كثيرة والمسبب واحد العين فرجوع العبد إلى الواحد المعين ).
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:09 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسّبب ذلك الألم أولى من الرّجوع إلى سبب خاصّ ربّما لا يوافق علم اللّه فيه . فيقول إنّ اللّه لم يستجب لي وهو ما دعاه ، وإنّما جنح إلى سبب خاصّ لم يقتضه الزّمان ولا الوقت .   فعمل أيّوب بحكمة اللّه تعالى إذ كان نبيّا . لمّا علم أنّ الصّبر هو حبس النّفس عن الشّكوى عند طائفة وليس ذلك بحدّ الصّبر عندنا ، وإنّما حدّه حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه لا إلى اللّه . فحجب الطّائفة نظرهم في أنّ الشّاكي يقدح بالشّكوى في الرّضا بالقضاء ،وليس كذلك ، فإنّ الرّضا بالقضاء لا تقدح فيه الشّكوى إلى اللّه ولا إلى غيره ، وإنّما تقدح في الرّضا بالمقضيّ ونحن ما خوطبنا بالرّضا بالمقضيّ . والضّرّ هو المقتضيّ ما هو عين القضاء.)


قال رضي الله عنه :  (فرجوع العبد) إذا أصابه الضر أودعته حاجة (إلى الواحد العين) المزيل عنه (بالسبب ذلك الألم) الذي هو فيه (أولى) ، أي أحق وأسهل (من الرجوع) عند ضرورته (إلى سبب خاص) يتعلق به من دعاء ونحوه (ربما لا يوافق) ذلك السبب الخاص (علم اللّه) تعالى (فيه) ، أي في الألم بزوال أو بقاء (فيقول) ذلك العبد حينئذ (إن اللّه) تعالى (لم يستجب لي) دعائي (وهو) ، أي ذلك العبد ما دعاه في نفس الأمر ، أي ما دعا اللّه تعالى فيستجيب له .

(وإنما جنح) ، أي مال في دعائه اللّه تعالى (إلى سبب خاص) عينه في نفسه وهو صورة المدعو التي تخيلها الداعي ، أي داع كان فإنه لا بد من الصورة في كل داع وكل عابد ، كما ورد أن اللّه في قبلة المصلي  .
وذلك لا يضر في الإيمان باللّه تعالى إذا لم يقتض الحصر في صورة من ذلك إذ هو من صورة الخيال ، فإذا استسلم العارف إلى اللّه تعالى بالتفويض إليه لم يقف عند الصورة الخيالية لانحلالها بعدم القصد إليها ، فإن الدعاء فعل والتفويض ترك الفعل (لم يقتضه) ، أي ذلك السبب الخاص
قال رضي الله عنه :  (الزمان ولا الوقت) لتحصل الإجابة به وقد يقتضيه الزمان فيستجاب له بذلك السبب (فعمل أيوب) عليه السلام (بحكمة اللّه تعالى) التي أوتيها كما قال سبحانه :يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ "[ البقرة : 269 ]
إذ ، أي لأنه يعني أيوب عليه السلام كان نبيا من أنبياء اللّه تعالى المعصومين القائمين بالحكمة والنبوّة .

لما تعليل للقول بأنه عليه السلام عمل بالحكمة علم بالبناء للمفعول (أن الصبر) على البلوى (هو حبس) ، أي إمساك (النفس عن الشكوى) إلى أحد (عند الطائفة) الصوفية (وليس ذلك) المذكور (بحد) ، أي تعريف صحيح (للصبر عندنا) معشر العارفين المحققين وإنما حدّه ، أي الصبر عندنا حبس ، أي إمساك النفس الإنسانية (عن الشكوى لغير اللّه) تعالى من البلوى لا حبس النفس عن الشكوى إلى اللّه تعالى (فحجب الطائفة) الصوفية القائلين بما ذكر (نظرهم) ، أي قياسهم (في أنّ الشاكي يقدح) ،

 أي يطعن (بالشكوى) ولو إلى اللّه تعالى (في الرضى بالقضاء) الإلهي ، والتقدير الأزلي على العبد فالصبر مثل الرضى يقدح فيه الشكوى ولو إلى اللّه تعالى وليس الأمر (كذلك) ، أي كما قالوا في ذلك كما نظروا (فإن الرضا بالقضاء) والتقدير على العبد (لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه) تعالى (ولا إلى غيره) سبحانه أيضا (وإنما يقدح) ذلك (في الرضا بالمقضي) وهو الشيء الذي قضى اللّه تعالى به كالبلاء مثلا ، فمن شكى من البلاء لم يكن راضيا بذلك البلاء ولا يطعن شكواه من ذلك في الرضى بقضاء اللّه تعالى عليه بذلك البلاء .

(ونحن ما خوطبنا) ، أي خاطبنا اللّه تعالى (بالرضا بالمقضي) وإنما خوطبنا بالرضى بالقضاء الذي هو حكم اللّه تعالى والضر ، أي البلاء الذي شكى منه أيوب عليه السلام (هو المقضي ما هو) ، أي ذلك الضر (عين القضاء) ، أي حكم اللّه تعالى الذي يجب الرضا به .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى ) أي أوجب ( من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ) ذلك الرجوع ( علم اللّه فيه فيقول ) العبد ( إن اللّه لم يستجب لي ) دعائي ( وهو ما دعاه ) أي والحال أن العبد لم يدعو فافترى على اللّه وعلى نفسه وهو لا يشعر بذلك وأساء الأدب .

( وإنما جنح ) أي مال العبد في وقت دعائه ( إلى سبب خاص لم يقتضه ) أي السبب ( الزمان ولا الوقت فعمل أيوب عليه السلام بحكمة اللّه إذ كان نبيا لما علم ) أيوب عليه السلام ( إن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى ) مطلقا ( عند الطائفة ) الذين لم يروا الأمر على ما كان عليه ( وليس ذلك ) أي ما ذهب الطائفة ( بحد للصبر عندنا ) أي عند الأنبياء والأولياء الكاملين ( وإنما كان ) هذا عندنا

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه لا إلى اللّه فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضاء بالقضاء ) كما يقدح في الصبر بالبلاء ( وليس كذلك فإن الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا غيره وإنما يقدح ) الشكوى ( في الرضاء بالمقتضيّ ونحوه ما خوطبنا بالرضا بالمقتضيّ والضرّ هو المقضيّ ما هو عين القضاء ) إذ المقضيّ هو المحكوم به والقضاء حكم اللّه فظهر أن الصبر أخص مطلقا من الرضاء

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم. فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا. وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.  فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي. ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
فقد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "

""  أضاف الجامع :  ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه  : ( المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاصّ ربما لا يوافق علم الله فيه ، فيقول : إنّ الله لم يستجب لي وهو ما دعاه ، وإنّما جنح إلى سبب  معيّن لم يقتضه الزمان ، فعمل أيّوب بحكمة الله إذ كان نبيّا ، لما علم أنّ الصبر هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة ) .
يعني أنّ المتقدّمين من المشرقيين من أهل التصوّف قالوا به .

قال رضي الله عنه  : ( وليس ذلك بحدّ للصبر عندنا ، وحدّه حبس النفس عن الشكوى لغير الله ، لا إلى الله ، فحجب الطائفة نظرهم في أنّ الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء ، وليس كذلك ، فإنّ الرضي بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره ، وإنّما تقدح في الرضى بالمقضيّ ، ونحن ما خوطبنا بالرضى بالمقضيّ ، والضرّ هو المقضيّ ، ما هو عين القضاء .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ القضاء حكم الله بمقتضى حقيقة المقضيّ عليه وحاله واستعداده بالمقضيّ به كائنا ما كان ، فالقضاء هو الحكم غير المقضيّ به وهو المحكوم به ، فلا يلزم من الرضا بحكم الله الرضا بالمحكوم ، لتغايرهما ، فإنّ المتغايرين متفارقان بما هما متغايران .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه :  (فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ذلك علم الله فيه ، فيقول : إن الله لم يستجب لي ، وهو ما دعاه وإنما جنح إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان ولا الوقت ، فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن شكوى عند الطائفة ).

أي المتقدمين من الشرقيين من أهل التصوف القائلين بأن الصبر هو حبس النفس عن الشكوى مطلقا.

قال رضي الله عنه :  ( وليس ذلك بحد الصبر عندنا ، وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله ، فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء وليس كذلك ، فإن الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره وإنما يقدح في الرضا بالمقضى ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضى والضر هو المقضي ما هو عين القضاء ).

إذ المقضي به أمر يقتضيه عين المقضي وحاله واستعداده ، والقضاء حكم الله بذلك وهما متغايران فلا يلزم من الرضا بحكم الله الرضا بالمحكوم به ، فإنه مقتضى حقيقة العبد المقضي عليه لا مقتضى حكم الله .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه : (فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ذلك علم الله فيه، فيقول : إن الله لم يستجب لي . وهو ما دعاه) .
( ما ) نافيه . أي ، والحال أن العبد الداعي لم يدع الحق ، بل دعا ما يطلق عليه اسم الغيرية ومال إليه ، وهو السبب القريب في الصورة .

وهذا معنى قوله ( وإنما جنح إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان ولا الوقت . فعمل أيوب بحكمة الله ، إذ كان نبيا ، لما علم أن الصبر هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة . )
أي ، عند علماء الظاهر وأهل السلوك الذين لم يصلوا إلى مقام التحقيق بعد .

قال رضي الله عنه :  ( وليس ذلك بحد للصبر عندنا . وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغيره الله ، لا إلى الله . ) .
لأن الشكاية إلى الغير يستلزم الإعراض عن الله وعدم الرضا أيضا بأحكامه ، وذلك يستلزم ادعاء العبد بالعلم بالأولوية ، وكلها مذمومة .
والشكاية إلى الله تستلزم إظهار العجز والمسكنة والافتقار إلى الله ، وإظهار أن الحق قادر على إزالة موجبات الشكوى ، وكلها محمودة .
 

قال رضي الله عنه :  ( فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء .  وليس كذلك . فإن الرضا بالقضاء لا يقدح فيه الشكوى إلى الله ، ولا إلى غيره ، وإنما يقدح في الرضا بالمقضى .  ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضى ، والضر هو المقضى ، ما هو عين القضاء ) .
أي ، وإنما منع هذه الطائفة عن الشكاية نظرهم في أن من يكون شاكيا لا يكون راضيا بالقضاء ، سواء كانت الشكاية إلى الله ، أو إلى غيره .

ووليس كذلك . لأن القضاء حكم الله في الأشياء على حد علمه تعالى بها ، وما يقع في الوجود المقضى به ، الذي يطلبه عين العبد باستعداده من الحضرة الإلهية ، ولا شك أن الحكم غير المحكوم به والمحكوم عليه ، لكونه نسبة قائمة بهما .
فلا يلزم من الرضا بالحكم الذي هو من طرف الحق الرضا بالمحكوم به ، ومن عدم الرضا بالمحكوم به لا يلزم عدم الرضا بالحكم .
وإنما لزم الرضا بالقضاء ، لأن العبد لا بد أن يرضى بحكم سيده .
وأما المقضى به فهو مقتضى عين العبد ، سواء رضى بذلك ، أو لم يرض .

كما قال : ( من وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد دون ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) .
ولو قال قائل : المقضى به لازم للقضاء ، وعدم الرضا باللازم الذي هو المقضى به يوجب عدم الرضا بملزومه الذي هو القضاء .
نقول : إن القضاء هو الحكم بوجود مقتضيات الأعيان وأحوالها ، فوجودها لازم للحكم لأنفسها.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:10 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسّبب ذلك الألم أولى من الرّجوع إلى سبب خاصّ ربّما لا يوافق علم اللّه فيه ، فيقول : إنّ اللّه لم يستجب لي وهو ما دعاه ، وإنّما جنح إلى سبب خاصّ لم يقتضه الزّمان ولا الوقت ، فعمل أيّوب بحكمة اللّه تعالى إذ كان نبيّا ، لمّا علم أنّ الصّبر هو حبس النّفس عن الشّكوى عند طائفة وليس ذلك بحدّ الصّبر عندنا ، وإنّما حدّه حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه لا إلى اللّه ، فحجب الطائفة نظرهم في أنّ الشّاكي يقدح بالشّكوى في الرّضا بالقضاء ، وليس كذلك ، فإنّ الرّضا بالقضاء لا تقدح فيه الشّكوى إلى اللّه ولا إلى غيره ، وإنّما تقدح في الرّضا بالمقضيّ ونحن ما خوطبنا بالرّضا بالمقضيّ والضّرّ هو المقضيّ ما هو عين القضاء ).

وإن ظهر في كثرة الأسباب ، فيسهل الرجوع إليه ويحصل المقصود بجمع الهم فيه ، ولو رجع إلى الأسباب الكثيرة ، فإن رجع إلى جميعها ربما أضر به دون بعض ، فربما لا يفيده كما :

قال رضي الله عنه  : (فرجوع العبد إلى الواحد العين ) مع ما فيه من التحقق في العبودية ونفي الشركة ، وإن كان رجوعا إلى ( المزيل ) ما لبست ذلك الألم ، فإن النظر إلى الإزالة .

قال رضي الله عنه  : ( والسبب ) والألم ليس تفرقه لنظر الوحدة في حق الكمّل ، ومع ( ذلك ) أولى من الرجوع إلى سبب خاص ، وإن نظر فيه إلى اللّه وحده ؛ لأنه ( ربما لا يوافق ) ذلك ، أي :
كونه سببا لرفع ذلك الألم بعينه ( علم اللّه فيه ) أي : في حق ذلك الألم ، أو في ذلك الشخص ، أو في ذلك الوقت وإن كان سببا لنوع آخر ، أو شخص آخر ووقت آخر ،

فيقول : الراجع إلى اللّه من حيث ظهوره ( في سبب خاص ) بدعاء ربه وطلبه الشفاء فيه ( إن اللّه لم يستجب له ، وهو ما دعا ) لا من حيث هو هو ، ولا من حيث هو مسبب الأسباب ، ( وإنما جنح إلى سبب خاص ) وإن كان في زعمه أنه جنح إلى اللّه كما زعم بعض عبدة الأصنام أنه إنما يعبد اللّه فيه ، ولكنه لم يعبده من حيث هو هو ، ولا من حيث هو الظاهر في الكل ، بل خص بعض ظهوراته القاصرة للعبادة ورأى كماله فيها ،

وهو عين القصور في رؤيته ، ومع ذلك ( لم يقتنصه الزمان ) الجامع ( للأوقات ) ، إذ لم يكن مزيلا لنوع علته ، وإن كان مزيلا لنوع آخر من جنسها ولا الوقت الخاص لممانعة طبيعة الفصل أو الشخص أو البلد ، وإذا كان المقصود من الابتلاء الرجوع إلى اللّه تعالى بالشكوى إليه ، والدعاء في رفع البلاء والصبر بترك الشكوى إلى الغير والرجوع إلى الأسباب ، ( فعمل أيوب بحكمة اللّه ) في الابتلاء وهي الأمور المذكورة لا الصبر بترك الشكوى مطلقا وحده 
 

قال رضي الله عنه  : ( إذ كان نبيّا ) فتم اطلاعه على الحكم فوق اطلاع من دونهم من الأولياء الذين يرى أكثرهم أن المقصود منه الصبر بترك الشكوى مطلقا وحده ، فشكا إلى اللّه تعالى ودعاه في رفع ما ابتلاه به ( لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى ) مطلقا ليس بمقصود منه ، وإن كان مقصودا ( عند الطائفة ) المخصوصة من الأولياء ، وهم جمهور هم كأنهم - بل الطائفة - بل المقصود الأصلي هو الرجوع إلى اللّه ؛ فإن انضم إليه الصبر بترك الشكوى إلى غير اللّه ، فهو مزيد في رتبة الكمال موجب للبناء على الصبر لا من حيث هو صبر ، بل من حيث هو صبر الالتفات إلى الغير .

ولذلك نقول : ( ليس ذلك ) الذي ذكروه في حدّ الصبر ( بحد للصبر عندنا ) جماعة المحققين ؛ لخروج صبر من شكا إلى اللّه تعالى مع أن اللّه تعالى سماه صابرا ، ( وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه ) ؛ لتضمنها نوعا من الشرك ( لا إلى اللّه ) ، كقول أيوب عليه السّلام :إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ [ يوسف : 86 ] ، مع قوله :فَصَبْرٌ جَمِيلٌ[ يوسف : 18 ] ، كيف وقد اتفق الكل على استحباب الدعاء في دفع البلاء مع وجوب الصبر فيه ، فلو أخلت الشكوى بالصبر لتنافى اجتماعهما مع استحالة الدعاء ؛ للتنافي بين واجب ومستحب ، وإذا كان هذا حدّ الصبر عند تمام الكشف النبوي ، ولم يتم للطائفة المذكورة .

قال رضي الله عنه  : ( فحجبت الطائفة نظرهم في أن الشاكي ) ، ولو إلى اللّه ( يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء ) مع أنه واجب ، فترك ما يقدح فيه واجب ، ( وليس كذلك ؛ فإن الرّضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى اللّه ، ولا إلى غيره ، وإنما تقدح فيه ) لو شكا عن نفس القضاء ، فليس منع الشكوى إلى الغير لقدحه ( في الرضا ) ، بل لما فيه من الشرك الخفي ، وإنما تقدح الشكوى عن البلاء في الرضا بالقضاء الذي هو البلاء والضر ، ( ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي ) ، وإلا لوجب الرضاء بالكفر الذي هو مقضي عندنا مع أن الرضاء بالكفر كفر.

قال رضي الله عنه  : (والضر هو المقضي ما هو عين القضاء ) ولا مما يتوقف عليه القضاء لسبقه ، والسابق لا يتوقف على اللاحق ، ولا مما يستلزم الرضا بالقضاء الرضا به ، فإنه يجوز أن يرضى بفعل الشخص ولا يرضى بمفعوله ، كمن يرضى بجماع ولده بالزنا لظهور رجوليته ، ولا يرضى به من حيث هو زنا والرضاء بفعل المحبوب لا يستلزم الرضاء بمفعوله إذا قصد به أن يتدلل له المحب ويعجز عنده ويدعوه في رفعه .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاصّ ، إذ ربما لا يوافق علم الله فيه فيقول : إن الله لم يستجب لي ، وهو ما دعاه ، وإنّما جنح إلى سبب خاصّ لم يقتضه الزمان ولا الوقت )
اللذان هما مدارج تنزّل الصور العلمية إلى العين هذا بيان تحقّقه بكمال العبوديّة وأنّه نعم العبد .

الصبر هو عدم الشكوى إلى غير الله ، لا إلى الله
وأمّا وجه أن هذا الدعاء لا يقدح في صبره وأنّه صابر ، فقوله : ( فعمل أيّوب بحكمة الله ، إذ كان نبيّا ) عارفا بدقائق الأحوال والمقامات ووجوه كمالها ونقصها ، ( لما علم أنّ الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة ) من متصوّفة أهل الظاهر ، ( وليس ذلك بحدّ للصبر عندنا وإنّما حدّه حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله ).
كما قال صاحب التائيّة :
ولم أحك في حبّيك حالي تبرّما   ... بها لاضطراب ، بل لتنفيس كربتي
ويحسن إظهار التجلد للعدى      .... ويقبح إلَّا العجز عند الأحبّة
ويمنعني شكواي حسن تصبّري  ..... ولو أشك ما بي للأعادي لأشكت
وعقبى اصطباري في هواك حميدة  .... عليك ، ولكن عنك غير حميدة
والذي حمل المتصوّفة على الوقوف في هذا المدحض أنّهم رأوا أن الشكوى تنافي الرضا

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فحجب الطائفة نظرهم في أنّ الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء ، وليس كذلك . فإنّ الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ، ولا إلى غيره . وإنما تقدح في الرضا بالمقضي ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضيّ والضرّ هو المقضيّ ، ما هو عين القضاء) .

فحبس النفس عن الشكوى إليه تعالى مقاومة قهره
 وهي مما يأباها العبوديّة إذا كان الشخص له وقوف على مواقف العبوديّة وعلم .
ثمّ أخذ في تبيين دقائق كشف أيّوب في الشكوى المذكورة وعلوّ ذوقه في ذلك بقوله :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي. والضر هو المقضي ما هو عين القضاء.).  

قال رضي الله عنه :  (  فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسّبب ذلك الألم أولى من الرّجوع إلى سبب خاصّ ربّما لا يوافق علم اللّه فيه . فيقول إنّ اللّه لم يستجب لي وهو ما دعاه ، وإنّما جنح إلى سبب خاصّ لم يقتضه الزّمان ولا الوقت .  فعمل أيّوب بحكمة اللّه تعالى إذ كان نبيّا . لمّا علم أنّ الصّبر هو حبس النّفس عن الشّكوى عند طائفة وليس ذلك بحدّ).

قال رضي الله عنه :  (المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق ذلك ) السبب الخاص ( علم اللّه فيه ) ، أي في شأن العبد له مكان تعلق علمه بسبب آخر لإزالة ألمه

قال رضي الله عنه :  ( فيقول : إن اللّه لم يستجب لي وهو ما دعاه ) ، أي والحال أن العبد لم يدع المسبب الواحد العين ( وإنما جنح إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان ولا الوقت ) ، أي وقت الداعي وحاله ( فعمل أيوب ) في الدعاء لرفع الضر ( بحكمة اللّه إذ كان نبيا ) ، عارفا حكمه ومصالحه في جميع الأفعال والأحوال والمقامات ثم إنه ( لما علم ) على صيغة المبني للمفعول ( أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة ) ، الظاهرية من الصوفية.

قال رضي الله عنه :  (الصّبر عندنا، وإنّما حدّه حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه لا إلى اللّه .
فحجب الطّائفة نظرهم في أنّ الشّاكي يقدح بالشّكوى في الرّضا بالقضاء ، وليس كذلك ، فإنّ الرّضا بالقضاء لا تقدح فيه الشّكوى إلى اللّه ولا إلى غيره ، وإنّما تقدح في الرّضا بالمقضيّ ونحن ما خوطبنا بالرّضا بالمقضيّ . والضّرّ هو المقضيّ ما هو عين القضاء . )

قال رضي الله عنه  : ( ليس ذلك بحد للصبر عندنا وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه لا إلى اللّه) ، لا ينافي الشكوى إلى اللّه فهذه الجملة مقدرة ههنا ليكون خبر إن، وإما جواب لقوله : (فحجب) ، أي فعلم أنه حجب ( الطائفة ) المشار إليها عن معرفتهم حقيقة الصبر وعدم منافاة الشكاية إلى اللّه ( نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء وليس ) الأمر كذلك

قال رضي الله عنه  : ( فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى اللّه ولا إلى غيره وإنما يقدح في الرضا بالمقضي ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي والضر هو المقضي ما هو عين القضاء . ).

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:11 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وعلم أيّوب عليه السّلام أنّ في حبس النّفس عن الشّكوى في دفع الضرّ إلى اللّه مقاومة القهر الإلهيّ وهو جهل بالشّخص إذ ابتلاه اللّه بما تتألّم منه نفسه ، فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم ، بل ينبغي له عند المحقّق أن يتضرّع ويسأل اللّه في إزالة ذلك عنه ، فإنّ ذلك إزالة عن جناب اللّه عند العارف وصاحب الكشف . فإنّ اللّه تعالى قد وصف نفسه بأنّه يؤذى فقال :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ الأحزاب : 57 ] . وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهيّ لا تعلمه لترجع إليه بالشّكوى فيرفعه ، فيصحّ الافتقار الّذي هو حقيقتك ، فيرتفع عن الحقّ الأذى بسؤالك إيّاه في رفعه عنك . إذ أنت صورته الظّاهرة ، كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفنّ معاتبا له ، فقال العارف : « إنّما جوّعني لأبكي » يقول إنّما ابتلاني بالضّرّ لأسأله في رفعه عنّي ، وذلك لا يقدح في كوني صابرا . فعلمنا أنّ الصّبر إنّما هو حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه . )
 
قال رضي الله عنه :  (وعلم أيوب) عليه السلام كمال حكمته وشريف فطنته (أنّ في حبس) ، أي إمساك (النّفس) الإنسانية (عن الشكوى إلى اللّه) تعالى (في رفع الضر) ، أي البلاء عنه (مقاومة القهر الإلهي) كما قال تعالى :وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ[ الأنعام  : 18]
، وقال تعالى :وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ[ الرعد : 16 ] ، (وهو) ، أي فعل المقاومة المذكورة (جهل بالشخص) ، أي الإنسان (إذا ابتلاه اللّه) تعالى (بما تتألم) ، أي تتوجع (منه نفسه) من أنواع البلاء (فلا يدعو اللّه) تعالى (في إزالة ذلك الأمر المؤلم) ، أي الموجع عنه (بل ينبغي له) ، أي الشخص المبتلي بشيء من البلوى عند المحققين من أهل اللّه تعالى أن يتضرع في دعائه ويسأل اللّه تعالى في إزالة ذلك البلاء عنه المؤلم له .
 
فإن إزالة ذلك البلاء عنه إزالة عن جناب اللّه تعالى الظاهر له بصورته عند العارف باللّه تعالى (صاحب الكشف) الإلهي (فإن اللّه) تعالى (قد وصف نفسه) في كلامه القديم (بأنه يؤذى فقال) سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ [ الأحزاب : 57 ] وسبق أيضا وصفه تعالى بذلك في الحديث كما ذكره .
 
قال رضي الله عنه :  (وأي أذى أعظم من أن يبتليك) ربك أيها العبد (ببلاء) مؤلم لك (عند غفلتك عنه) سبحانه أو غفلتك (عن مقام إلهي لا تعلمه) أنت أي ذلك المقام وهو يريد أن يوصلك إليه (لترجع) يا أيها العبد إليه تعالى (بالشكوى) من ذلك البلاء (فيرفعه) سبحانه ، أي يزيله (عنك) بتضرعك إليه .
قال رضي الله عنه :  (فيصح) منك إليه سبحانه (الافتقار) في جميع أحوالك الظاهرة والباطنة (الذي هو حقيقتك) الذاتية (فيرتفع) بذلك (عن الحق) تعالى الظاهر لك بصورتك المتجلي بها عليك الأذى الذي هو بلاء باعتبارك وأذى باعتباره تعالى إذ لم يرد أنه تعالى يوصف بالبلاء ، وورد أنه يوصف بالأذى كما مر في الآية والحديث .
 
قال رضي الله عنه :  (بسؤالك) ، أي دعائك إياه سبحانه (في رفعه) ، أي إزالة ذلك الأذى (عنك إذ) ، أي لأنك (أنت صورته) تعالى (الظاهرة) بتجليه عليك (كما) ورد أنه (جاع بعض العارفين) باللّه تعالى (فبكى) من جوعه (فقال له في ذلك) ، أي البكاء (من لا ذوق له) ، أي لا تحقيق عنده (في هذا الفن) ، أي العلم الإلهي (معاتبا له) على بكائه من الجوع (فقال العارف) المذكور (إنما جوّعني لأبكي يقول) ، أي ذلك العارف (إنما ابتلاني) اللّه تعالى (بالضر) ، أي البلاء المؤلم (لأسأله) ، أي أطلب منه تعالى وأدعوه (في رفعه) ، أي إزالة ذلك الضر الذي ابتلاني به (عني وذلك) ، أي السؤال في رفعه والبكاء منه ل(ا يقدح) ، أي لا يطعن في كونه ، أي كون ذلك المبتلى بالضر صابرا على بلواه وضره .

قال رضي الله عنه :  (فعلمنا) مما ذكر (أن الصبر) عند المحققين من أهل اللّه تعالى (إنما هو حبس النفس) ، أي إمساكها (عن الشكوى لغير اللّه) تعالى من الناس .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).

قال رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب عليه السلام أن في حبس النفس عن الشكوى إلى اللّه في رفع الضرّ مقاومة القهر الإلهي وهو ) أي مقاومة القهر الإلهي ذكر الضمير باعتبار حبس النفس أو باعتبار ما بعده ( جهل بالشخص إذا ابتلاه اللّه بما تألم منه نفسه فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل إلى اللّه في إزالة ذلك الألم عنه ) أي عن نفسه
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن ذلك إزالة عن جناب اللّه عند العارف صاحب الكشف فإن اللّه قد وصف نفسه ) على البناء للفاعل ( بأنه يؤذي ) على المبني للمفعول ( فقال إن الذين يؤذون اللّه ورسوله ) فإن الرسول وجه خاص من الوجوه الإلهية فمن يؤذيه فقد أذى اللّه واللّه منزه عن التألم لكن لما كان الأذى غاية كراهة عنده وصف نفسه بما يتأذى به عبده ( وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو ) عند غفلتك ( عن مقام إلهي لا تعلمه ) أي لا تعلم أنت أن ابتلاء أعظم أذى للحق فإنه يتأذى بما تتأذى به أي لا يرضى الحق أن يتأذى عباده فكانت غفلتك سببا لابتلاءك باشتغالك بغير اللّه والغفلة في الحقيقة إعراض عن الحق .
 
قال رضي الله عنه :  ( لترجع إليه بالشكوى فيرفعه ) أي فيرفع اللّه ذلك الابتلاء ( عنك ) فالبلاء عناية ورحمة من اللّه على عباده المحبين والإشارة في هذه المسألة يقول اللّه لعباده المحبين السالكين في طريق الحق بالرياضات والمجاهدات إذا ابتلاهم اللّه عند غفلتهم يا عبادي إن رضيتم ببلائي فقد رضيت بغفلتكم عني وإن شكيتم إليّ من ضرّي فقد شكيت إليكم من غفلتكم فهذا الكراهة غفلة العبد عبد اللّه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك ) أي لازم لحقيقتك وبه تميز العبد عن ربه كأنه عين حقيقة العبد لذلك قال هو حقيقتك ( فيرتفع الأذى عن الحق بسؤالك إياه في رفعه عنك إذ أنت صورته الظاهرة ) أي أنت مظهر من مظاهرة فإذا رفع الأذى عنك فقد ارتفع عن الحق الذي هو حقيقتك ونصيبك عن الحق الواجب الوجود الخالق والحق من هذه الحيثية لا يوصف بأنه يؤذي فقد عرفت أن الإنسان من حيث تحققه بالصفات الإلهية يوصف بأنه حق في الحقيقة كان معناه فترفع الأذى عن جهة حقيتك بسؤالك إياه في رفعه عن جهة حقيتك واللّه تعالى منزه عن الأذى إذا أفردته عن العالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك ) البكاء ( من لا ذوق له في هذا الفن ) أي في العلوم الإلهية ( معاتبا له فقال العارف ) المبتلى مجيبا له ( إنما جوّعني لأبكي يقول ) العارف ( إنما ابتلائي بالضرّ لأسأله في رفعه عني وذلك ) السؤال ( لا يقدح كوني صابرا فعلمنا ) من قول هذا العارف ( أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله». وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا. فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال : وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
 
فقد ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
""  أضاف الجامع :  ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه : ( وعلم أيّوب أنّ في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضرّ مقاومة القهر الإلهي ، وهو جهل بالشخص ، إذا ابتلاه الله بما يتألَّم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقّق أن يتضرّع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإنّ ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف، فإنّ الله قد وصف نفسه بأنّه يؤذى،
فقال رضي الله عنه  : "إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَه ُ " وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إلى الله بالشكوى، فيرفعه عنك؟  فيصحّ الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤلك إيّاه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة، كما جاع بعض العارفين فبكى،  فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفنّ معاتبا له، فقال العارف: إنّما جوّعني لأبكي يقول: إنّما ابتلاني بالضرّ لأسأله في رفعه عنّي، وذلك لا يقدح في كونه صابرا،
فعلمنا: أنّ الصبر إنّما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله،)
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ السبب الذي يتوجّه إليه غير العارف إنّما هو حجابية التعيّن ، والمتعيّن بذلك التعيّن الخاصّ هو السبب ، فهو من كونه متعيّنا في ذلك التعيّن والمعيّن وجه خاصّ من وجوه الله المتعيّنة في كل وجه وجهة ووجهة ، وهو وإن كان حقّا معيّنا من الله في تلك الجهة ، فإنّما هو وجه من وجوه الله ، لا هو هو.


فالأوّاب هو الرّجاع إلى الهوية الإلهيّة المحيطة بجميع الهويات المتعيّنة بالمسمّيات أسبابا ، وهي أيضا - من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها - وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا كذلك وجه من الوجوه الإلهية ، ولكن لا يتوجّه ولا توجّه وجه قلبك إلَّا إلى مستندك ، وهو الذي استندت إليه الوجوه كلَّها، ولا يتقيّد بوجه خاصّ، فقد لا يجيبك فيه، لعلمه أنّ ما تسأله في وجه آخر، فإذا سألت أحدية جميع جميع الوجوه وتوجّهتها ، فقد أصبت ، فالزم ، ولا يلزم التقيّد ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  (وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي وهو جهل بالشخص إذا ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه ، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله إزالة ذلك عنه ، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف ، فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذى فقال : " إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله ورَسُولَه " وأي أذى أعظم من أن يبتليك الله ببلاء عند غفلتك عنه ، أو عن مقام إلهي لا تعلمه ، لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك) .   باعتبار التعين الذي أنت به عبد.
 
"" أضاف بالي زادة : وهو ما دعاه : أي والحال أن العبد لم يدع فافترى على الله وعلى نفسه وهو لا يشعر بذلك ، وأساء الأدب اهـ بالى زادة .
إذ المقضي هو المحكوم به والقضاء حكم الله ، فظهر أن الصبر أخص مطلقا من الرضا اهـ بالى زادة.


فإن الرسول وجه خاص من الوجوه الإلهية فمن يؤذيه فقد آذى الله ، والله منزه عن التألم ، لكن لما كان غاية كراهة عنده وصف نفسه بما يتأذى به عبده اهـ بالى زادة .


لا تعلمه أنت أي إن ابتلاءك أعظم أذى الحق ، فإنه يتأذى بما تتأذى به أي لا يرضى الحق أن يتأذى عباده يقول الله : يا عبادي إن رضيتم ببلائى فقد رضيت بغفلتكم عنى ، وإن شكيتم إلى من ضري فقد شكيت إليكم من غفلتكم ، اهـ بالى زادة.  ""
 
قال رضي الله عنه :  ( فيرتفع عن الحق الأذى لسؤالك إياه في دفعه عنك إذ أنت صورته الظاهرة ، كما جاع بعض العارفين فبكى ، فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معانيا له ، فقال العارف : إنما جوعنى لأبكى ، يقول : إنما ابتلائى بالضر لأسأله في رفعه عنى ، وذلك لا يقدح في كونى صابرا ، فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله).
 
قد مر أن لله تعالى في كل تعين وجها خاصا ، فالهوية المتعينة بذلك التعين هي السبب ، وغير العارف إنما يتوجه إلى حجابية التعين لاحتجابه ويدعو له لدفع الضر ، وكل متعين وجه من وجوه الله وسبب من الأسباب ،
وهو وإن كان حقا لكنه من حيث تعينه وجه وسبب وغير ، لا أنه أعرض في التوجه إليه عن الوجوه الأخر ، وقد يكون رافع الضر من جملتها ، فالذي يوجه إليه ليس إلا هو من حيث التفصيل لأنه من حيث أحدية الجمع هو هو ،
فهو لا هو من حيث الخصوصية ، فالأواب هو الرجاع إلى الهوية الإلهية المطلقة الجامعة المحيطة بجميع الهويات المتعينة ، فلا يوجه وجهه إلا إلى السيد الصمد المطلق الذي تتوجه الوجوه كلها واستندت الأسباب جميعا إليه ، ولا يتقيد بوجه خاص فقد لا يجيبك فيه لعلمه أن ما تسأله في وجه آخر ، فإذا سألت حضرة جمع جميع الوجوه ووجهت وجهك نحو الأحد الصمد والوجه المطلق فقد أصبت .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  (وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي . وهو جهل بالشخص إذا ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه ، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المولم ، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه ، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف . )
لأنه هويته هوية الحق ، فالإزالة عن نفسه إزالة عن الحق تعالى ما يؤذيه .
( فإن الله تعالى قد وصف نفسه بأنه يؤذى به ) على المبنى للمفعول .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال : "إن الذين يؤذون الله ورسوله " . وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه ؟ أو عن مقام إلهي لا تعلمه ؟ ).
 أي ، الابتلاء إنما يحصل للعبد بسبب الغفلة عن الله ، أو عن حضرة من حضراته الكلية ، وذلك من غيرته على عبده ، فابتلاؤه إياك من محبته فيك ، لأن المحبوب يحب من يحبه ويغار عليه إذا اشتغل بغيره .
فإذا رأى أنك اشتغلت عنه بغيره ابتلاك ببلاء .
 
( لترجع إليه بالشكوى ، فيرفعه عنك ، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك . ) إنما جعل الافتقار الذي هو صفة العبد عين حقيقته ، لكونه لازما ذاتيا له وبه يتميز العبد عن ربه .
( فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك . ) وذلك لأن حقيقتك هوية الحق الظاهر في صورتك ، فإذا سألت رفع الأذى عنك ، سألت رفع الأذى عنه .
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ أنت صورته الظاهرة . كما جاع بعض العارفين ، فبكى . فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له . فقال له العارف : إنما جوعني لأبكي . فيقول :" أي صاحب البلاء . " إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عنى ، وذلك لا يقدح في كوني صابرا . فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله . ) ظاهر .

.
يتبع 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:12 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  (وعلم أيّوب عليه السّلام أنّ في حبس النّفس عن الشّكوى في دفع الضرّ إلى اللّه مقاومة القهر الإلهيّ ، وهو جهل بالشّخص إذ ابتلاه اللّه بما تتألّم منه نفسه ، فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم ، بل ينبغي له عند المحقّق أن يتضرّع ، ويسأل اللّه في إزالة ذلك عنه، فإنّ ذلك إزالة عن جناب اللّه عند العارف وصاحب الكشف ، فإنّ اللّه تعالى قد وصف نفسه بأنّه يؤذي ؛ فقال :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [ الأحزاب : 57 ].  وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهيّ لا تعلمه لترجع إليه بالشّكوى فيرفعه، فيصحّ الافتقار الّذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحقّ الأذى بسؤالك إيّاه في رفعه عنك ، إذ أنت صورته الظّاهرة ، كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفنّ معاتبا له ،
فقال العارف : « إنّما جوّعني لأبكي » ، يقول : إنّما ابتلاني بالضّرّ لأسأله في رفعه عنّي ، وذلك لا يقدح في كوني صابرا ؛ فعلمنا أنّ الصّبر إنّما هو حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه ).
 
وإليه الإشارة بقوله رضي الله عنه : ( وعلم أيّوب عليه السّلام أنّ في حبس النّفس عن الشّكوى في دفع الضرّ إلى اللّه مقاومة القهر الإلهيّ ) ، ( وهو ) وإن كان صابرا لا تشترط فيه الشكوى إلى اللّه ، كما لا يشترط فيه تركه ( جهل ) لازم ( بالشخص ) المبتلى بمقصود الابتلاء ( إذا ابتلاه بما تتألم منه نفسه ) ؛ ليتضرع ، ويبتهل إلى اللّه بالدعاء ، وإظهار العجز له ، والافتقار إليه ، فإذا جهل هذا المقصود ، ( فلا يدعو إلى اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم ) ، فيفوته مقصود الابتلاء وفائدة الدعاء ، ويتحصل من هذا الصبر مقاومة القهر الإلهي ، ويتضرر بها فوق ضرر ترك الصبر ،

( بل ) ثم نكتة أخرى ألطف مما ذكرنا هي أنه ( ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ) إظهارا للعجز ، ( ونسأل اللّه في إزالة ذلك ) الألم ( عنه ، فإن ذلك ) التضرع والسؤال من حيث كونه موجبا للرضاء عنه ( إزالة ) لموجب الغضب عليه الذي كان سببا لابتلائه بمقتضى قوله تعالى :وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ[ الشورى : 30 ] .
 
والغضب أذى في حق الغاضب منا ، فهو يشبه الأذى في حق اللّه تعالى ، فكأنه يزيل بذلك التضرع والسؤال نفس الأذى ( عن جناب اللّه عند العارف وصاحب الكشف ) ، وإن استبعده العامة ، ولكن قد صحّ ذلك الكشف بالنص الإلهي ، ( فإن اللّه قد وصف نفسه ) في كتابه ( بأنه يؤذى ؛ فقال :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [ الأحزاب : 57 ] ،
 
قال رضي الله عنه  : ( وأي أذى أعظم ) في حق اللّه من أن تؤذيه أنت بإخلال ما قصده في ابتلائك ، وهو أنه ( يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه بالكلية أو عن مقام إلهي ) يقتضي أمر الشيء ، أو النهي عن شيء ، وإن كنت ( لا تعلمه ) بعينه ، فابتلاؤه إياك ( لترجع إليه ) تداركا لتلك الغفلة الموجبة للغضب عليك ( بالشكوى ) ، والدعاء ، والتضرع ، وغير ذلك مما يوجب الرضا عنك ؛ ( فيرفعه ) عنك ، فيرتفع عنه إرادة الانتقام الذي هو الغضب في حقه ، وهو الأذى في حق الغاضب كيف ؟ !
 
وإنما كان ابتلاؤه إياك عند غفلتك ؛ لإخلالك ( بافتقارك ) إليه ( الذي هو حقيقتك )  
، فإذا رجعت إليه بالشكوى ، ( فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك ) ، ومقصود الحق في كل شيء تحقيق مقتضى حقيقته ، فإذا لم يتحقق غضب عليه ، فترك الشكوى موجب لترك الافتقار الموجب للغضب الإلهي ، وإن شكوت إليه حصلت مقصوده ، ( فيرتفع عن الحق ) الغضب الذي هو ( الأذى بسؤالك إياه ) أي : الحق .
 
قال رضي الله عنه  : ( في رفعه )  أي : الأذى ( عنك ) لا عنه ؛ لأنه يستلزم ارتفاعه عنك ارتفاعه عنه ، ( إذ أنت صورته الظاهرة ) التي إنما لحقه الأذى بالنظر إليها لما رأى فيها من القصور ومطلوبه الظهور بالكمال ، فإذا ارتفع عنها لحصول الكمال لها ارتفع عن الحق .


واستدل على أن هذا الافتقار والتصريح مقصود الحق بقول بعض العارفين ، فقال :
قال رضي الله عنه  : ( كما جاع بعض العارفين ، فبكى ؛ فقال له في ذلك : من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له ) بترك الصبر على الجوع مع كونه عارفا ، ( فقال العارف : « إنما جوعني لأبكي ) .
 
ولما أوهم ظاهره أن المقصود نفس البكاء ، وليس كذلك ، بل إنما هو التصريح بالبكاء ، والانتقال به إلى اللّه تعالى بينه بقوله : يقول : ( إنما ابتلاني بالضر لأسأله ) بالتصريح والبكاء ( في رفعه عني ) ؛ لأنه إذا ارتفع عني ارتفع موجب الغضب منه ، وهو أذى ، ولما كان هذا جوابا لعنى به بترك الصبر ،
 
فكأنه قال رضي الله عنه  :  : ( وذلك لا يقدح في كوني صابرا ) ؛ لأن غايته الشكوى إلى اللّه ، وإنما تقدح فيه الشكوى إلى الغير ، ( فعلمنا ) من النص الإلهي على كون أيوب عليه السّلام صابرا مع شكواه إلى اللّه ، ومن قول هذا العارف ، ومن قول المقصود من الابتلاء التصريح والدعاء : ( أن الصبر ) كما بينا حده إنما ( هو حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه ) لما فيه من الرجوع إلى غيره .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
ثمّ أخذ في تبيين دقائق كشف أيّوب في الشكوى المذكورة وعلوّ ذوقه في ذلك بقوله :
قال رضي الله عنه : ( وعلم أيّوب أنّ في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضرّ مقاومة القهر الإلهي ) ، وهي مما يأباها العبوديّة إذا كان الشخص له وقوف على مواقف العبوديّة وعلم .
 
ولذلك قال رضي الله عنه : ( وهو جهل بالشخص إذا ابتلاه الله بما تتألَّم نفسه ، فلا يدعوا الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم ) ،
فالجهل هذا يمكن أن يحمل على ما يقابل العلم كما عرفت ، ويمكن أن يحمل على فعل في غير موقعه ، فإنّ من جملة معاني الجهل فعل الشيء بخلاف ما حقّه أن يفعل ، سواء اعتقد فيه اعتقادا صحيحا أو فاسدا ، كمن يترك الصلاة متعمّدا ،
وعلى ذلك قوله : “  أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِالله أَنْ أَكُونَ من الْجاهِلِينَ “  [ 2 / 67 ] ، فجعل فعل الهزء جهلا .
 
قال رضي الله عنه : ( بل ينبغي له عند المحقّق أن يتضرّع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه ، فإنّ ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف ) ،
فإنّ العبد في صحائف الوجود ممحوّ ، والعبوديّة ممحوّة الأثر عندهم فمرجع اللذة والألم إنما هو الموجود الحقّ ، وذلك غير ممنوع في ظاهر الشرع
قال رضي الله عنه : (فإنّ الله قد وصف نفسه بأنّه يؤذى، فقال :"إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الله وَرَسُولَه ُ").[ 33 / 57 ]


قال رضي الله عنه :  (فأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه ، أو عن مقام إلهيّ لا تعلمه ، لترجع إليه بالشكوى، فيرفعه عنك ، فيصحّ الافتقار الذي هو حقيقتك ) تصحيحا لنسبة العبوديّة وإقامة لك في مواقف العجز والاستكانة ( فيرتفع عن الحقّ الأذى بسؤالك إيّاه في رفعه عنك إذ أنت صورته الظاهرة )
 
ولا شكّ أنّ الصورة من الشيء إذا كانت متأذّية يكون الكلّ متأذّيا وإزالة الأذى عنها إزالة عنه .
قال رضي الله عنه :  (كما جاع بعض العارفين ، فبكى . فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له . فقال العارف : إنما جوّعني لأبكي ) . وكذلك فيما نحن فيه


قال رضي الله عنه : ( يقول : إنما ابتلاني بالضرّ لأسأله في رفعه عنّي ، وذلك لا يقدح في كوني صابرا . فعلمنا أنّ الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله).
ثمّ إنّه يمكن أن يقال هاهنا : إنّ الغير الذي هو معدوم العين عندكم كيف يتصوّر الشكوى له ؟
فأشار إلى جوابه بقوله :
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله».
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة.
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا.
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وعلم أيّوب عليه السّلام أنّ في حبس النّفس عن الشّكوى في دفع الضرّ إلى اللّه مقاومة القهر الإلهيّ وهو جهل بالشّخص إذ ابتلاه اللّه بما تتألّم منه نفسه ، فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم ، بل ينبغي له عند المحقّق أن يتضرّع ويسأل اللّه في إزالة ذلك عنه ، فإنّ ذلك إزالة عن جناب اللّه عند العارف وصاحب الكشف . فإنّ اللّه تعالى قد وصف نفسه بأنّه يؤذى فقال :إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [الأحزاب: 57] . وأيّ أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهيّ لا تعلمه لترجع إليه بالشّكوى فيرفعه ، فيصحّ الافتقار الّذي هو حقيقتك ، فيرتفع عن)
 
قال رضي الله عنه :  (وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى اللّه في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي وهو) أليس من آداب العبودية ومقتضيات المعرفة بأوصاف الربوبية بل ( جهل ) متلبس ( بالشخص إذا ابتلاه بما تتألم منه نفسه فلا يدعو اللّه في إزالة ذلك الأمر المؤلم ) فالمراد الجهل ههنا إما مقابل العلم أو فعل الشيء بخلاف ما ينبغي أن يفعل وعلى قوله تعالى :"أَتَتَّخِذُنا هُزُواً قالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ"[ البقرة : 67 ]
فجعل فعل الهزء جهلا ( بل ينبغي عند المحققين أن يتضرع ويسأل اللّه في إزالة ذلك عنه فإن ذلك إزالة من جناب اللّه عند العارف صاحب الكشف ) ، فإن العبد مع العبودية ممحو الأثر عنده فمرجع اللذة والألم هو الوجود الحق وذلك غير ممنوع في الشرع ( فإن اللّه تعالى قد وصف نفسه بأنه يؤذى ) على البناء للمفعول .
 
قال رضي الله عنه :  ( فقال : إن الذين يؤذون اللّه ورسوله وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك ) المميزة نسبة العبودية عن الربوبية (فيرتفع عن الحق).
 
قال رضي الله عنه :  ( الحقّ الأذى بسؤالك إيّاه في رفعه عنك .  إذ أنت صورته الظّاهرة ، كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفنّ معاتبا له ، فقال العارف : « إنّما جوّعني لأبكي » يقول إنّما ابتلاني بالضّرّ لأسأله في رفعه عنّي ، وذلك لا يقدح في كوني صابرا . فعلمنا أنّ الصّبر إنّما هو حبس النّفس عن الشّكوى لغير اللّه . )
 
قال رضي الله عنه :  (عنك فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك ) المميزة نسبة العبودية عن الربوبية (فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه رفعه عنك إذ أنت صورته الظاهرة ) والصورة عين ذي الصورة من وجه فأذاها أذاه ، وزوال الأذى زوال الأذى عنه
 
قال رضي الله عنه :  ( كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له فقال العارف : إنما جوعني لأبكي . يقول : إنما ابتلاني بالضر لأسأله في دفعه عني وذلك لا يقدح في كونه صابرا فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير اللّه ) .
ولما كان الغير معدوم العين عندهم قال :

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:13 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالث عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه اللّه . وقد عيّن الحق وجها خاصّا من وجوه اللّه وهو المسمّى وجه الهويّة فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضّرّ عنه لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا ، وليست إلّا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه . فالعارف لا يحجبه سؤاله هويّة الحقّ في رفع الضّرّ عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثيّة خاصّة . وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ، فإنّ للّه أمناء لا يعرفهم إلّا اللّه ؛ ويعرف بعضهم بعضا . وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل ).

قال رضي الله عنه :  (وأعني) ، أي أقصد (بالغير) ، أي غير اللّه تعالى (وجها خاصا) ظاهرا بالشيء الهالك من وجوه اللّه تعالى الكثيرة كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[ القصص : 88 ] ،
وقال :فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ[ البقرة : 115 ] ، (وقد عين الحق) تعالى في الشرع (وجها خاصا من وجوه اللّه) تعالى الكثيرة (وهو المسمى وجه الهوية) الإلهية في قلب العارف باللّه تعالى وهو من جملة تلك الوجوه الكثيرة ، وما تميز عنها إلا بتعيين اللّه تعالى له بحكمه الشرعي لضرورة صرف العبادة إليه والرجوع في المهمات (فيدعوه) ،
أي يدعو اللّه تعالى ذلك العبد المؤمن من ذلك الوجه الذي عينه الحق تعالى (في رفع) ،
أي إزالة (الضر) ، أي البلاء المؤلم عنه لا يدعوه من تلك (الوجوه الأخر) الكثيرة التي له تعالى (المسماة) بين المؤمنين أسبابا يفعل اللّه تعالى المسببات عندها لا بها وليست ،
أي تلك الوجوه الأخر (إلا هو) سبحانه (من حيث تفصيل الأمر) الإلهي الواحد (في نفسه) بصور الخلق المختلفة .


قال رضي الله عنه :  (فالعارف) باللّه تعالى الكامل (لا يحجبه سؤاله) ، أي طلبه ما يريد من (هوية) ، أي ذات (الحق) تعالى الظاهرة له بصورة كل شيء محسوس أو معقول (في رفع) ، أي إزالة الضر الذي ابتلاه اللّه تعالى به عنه ، أي عن ذلك العارف عن أن متعلق بيحجبه تكون جميع الأسباب التي هي وجوه الحق تعالى إلى كل شيء عينه ، أي عين الحق تعالى من حيثية خاصة يعرفها العارف باللّه تعالى في نفسه ذوقا وكشفا ، وتخفى على الجاهل المحجوب .

وهذا المقام المذكور لا يلزم طريقته إلا الأدباء جمع أديب من عباد اللّه تعالى المحققين الأمناء جمع أمين وهو المحتفظ على أسرار اللّه تعالى في خلقه ، وقد ورد أن يعقوب عليه السلام كان يجلس على طرق من طريق العامة فيشكو لهم ما يجده من فقد يوسف عليه السلام ، ويحكى حالته للمارة حتى قال له بقية أولاده :"تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ"[ يوسف : 85 ] ،

فقال لهم مجيبا من هذا المقام المذكور "أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ"[ يوسف : 86 ] وهو علمه بوجه الحق تعالى من تلك الحيثية الخاصة مما لا يعلمه غيره.

قال رضي الله عنه :  (فإن للّه) تعالى (أمناء) على أسراره من عباده (لا يعرفهم) أحد إلا اللّه تعالى (و) هم (يعرف بعضهم بعضا) بأسرار سيشيرون إليها وأحوال يقفون عليها (وقد نصحناك) يا أيها السالك بما شرحنا لك من العلم الإلهي (فاعمل) عليه في باطنك وظاهرك (وإياه سبحانه) ، أي لا غيره (فأسأل) ، أي أطلب منه كل ما تريد فإنه لطيف بالعبيد .

 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه اللّه ) متعينا بتعينات متعددة وهو الوجه المفصل والمقيد ( وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى وجه الهوية فيدعوه ) أي فيدعو العبد المبتلى من الحق ( من ذلك الوجه في رفع الضرّ لا ) يدعو ( من الوجوه الأخر المسماة أسبابا وليست ) أي والحال إن الوجوه الأخر والأسباب ليست ( إلا هو ) أي الأعين ذلك الوجه الخاص المدعوّ في رفع الضرّ .

قال رضي الله عنه :  ( من حيث تفصيل الأمر في نفسه فالعارف لا يحجب سؤاله هوية الحق في رفع الضرّ عنه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ) فإذا سأل غير العارف زيدا في رفع ضرّه عنه فقد سأل عن الحق المتعين بذلك الوجه الخاص من وجوه اللّه فسؤاله إنما يكون هوية الحق لكن سؤاله يحجبه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة بخلاف العارف وإن كان سؤاله عما سأله غير العارف لكن لا يحجبه سؤاله عن أن يكون جميع الأسباب عينه فسؤال العارف حين سأل وجه الهوية الخاصة سؤال عن وجه الهوية المطلقة التي تجمع جميع الوجوه وهو الاسم اللّه ولا كذلك غير العارف لاحتجابه عن العينية كان سؤاله عن الغير لا عن اللّه .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي ما ذكرناه ( لا يلزم طريقته ) أي لا يلازم ولا يداوم عن السؤال الذي على هذه الطريقة ( إلا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه فإن اللّه أمناء لا يعرفهم إلا اللّه ويعرف بعضهم بعضا وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل ) فكن من عباد اللّه الأمناء .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله. وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه. فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة. وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )


قال  : وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
ورد في المناجاة: " یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "
""  أضاف الجامع :  ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه : (وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه الله، وقد عيّن الله وجها خاصّا من وجوه الله وهو المسمّى وجه الهوية، فيدعوه في ذلك الوجه برفع الضرّ عنه، لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا، وليست إلَّا هو من حيث تفصيل الأمر فيه نفسه).


يشير رضي الله عنه : إلى أنّ السبب الذي يتوجّه إليه غير العارف إنّما هو حجابية التعيّن ، والمتعيّن بذلك التعيّن الخاصّ هو السبب ، فهو من كونه متعيّنا في ذلك التعيّن والمعيّن وجه خاصّ من وجوه الله المتعيّنة في كل وجه وجهة ووجهة ، وهو وإن كان حقّا معيّنا من الله في تلك الجهة ، فإنّما هو وجه من وجوه الله ، لا هو هو.

فالأوّاب هو الرّجاع إلى الهوية الإلهيّة المحيطة بجميع الهويات المتعيّنة بالمسمّيات أسبابا ، وهي أيضا - من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها - وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا كذلك وجه من الوجوه الإلهية ، ولكن لا يتوجّه ولا توجّه وجه قلبك إلَّا إلى مستندك ، وهو الذي استندت إليه الوجوه كلَّها، ولا يتقيّد بوجه خاصّ، فقد لا يجيبك فيه، لعلمه أنّ ما تسأله في وجه آخر، فإذا سألت أحدية جميع جميع الوجوه وتوجّهتها ، فقد أصبت ، فالزم ، ولا يلزم التقيّد ، فافهم .

قال رضي الله عنه : ( فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضرّ عنه ، عن أن يكون جميع الأسباب عينه ، وهذا لا يلزم طريقته إلَّا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله ، فإنّ لله أمناء لا يعرفهم إلَّا الله ، ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك فاعمل ، وإيّاه - سبحانه - فاسأل ) .

يعني رضي الله عنه : وجه الهوية الذي عيّنه على لسان الشارع ، فعليك بالسؤال عن الحق من ذلك الوجه في كلّ قليل وكثير ، وبالجزم بالإجابة إيمانا وتصديقا لقوله تعالى : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " .
 "وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعنى بالغير وجها خاصا من وجوه الله ، وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية ، فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر عنه لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا ، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه ) .

قد مر أن لله تعالى في كل تعين وجها خاصا ، فالهوية المتعينة بذلك التعين هي السبب ، وغير العارف إنما يتوجه إلى حجابية التعين لاحتجابه ويدعو له لدفع الضر ، وكل متعين وجه من وجوه الله وسبب من الأسباب ،

وهو وإن كان حقا لكنه من حيث تعينه وجه وسبب وغير ، لا أنه أعرض في التوجه إليه عن الوجوه الأخر ، وقد يكون رافع الضر من جملتها ، فالذي يوجه إليه ليس إلا هو من حيث التفصيل لأنه من حيث أحدية الجمع هو هو ، فهو لا هو من حيث الخصوصية ،
فالأواب هو الرجاع إلى الهوية الإلهية المطلقة الجامعة المحيطة بجميع الهويات المتعينة ،
فلا يوجه وجهه إلا إلى السيد الصمد المطلق الذي تتوجه الوجوه كلها واستندت الأسباب جميعا إليه ، ولا يتقيد بوجه خاص فقد لا يجيبك فيه لعلمه أن ما تسأله في وجه آخر ،
فإذا سألت حضرة جمع جميع الوجوه ووجهت وجهك نحو الأحد الصمد والوجه المطلق فقد أصبت .

قال رضي الله عنه :  (فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ، هذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله ، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا لله ، ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك فاعمل ، وإياه سبحانه فاسأل ) .
 
الهوية الحقانية التي سألها العارف هي التي عينها الساعي بالخصوصية الإلهية، ولا يحتجب العارف بسؤال الخصوصية الإلهية عن أن تكون هي جميع الأسباب وجميع الأسباب عينها،
ولا يلزم طريقة الخصوصية الإلهية إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسراره، فعليك بالسؤال من ذلك الوجه في كل قليل وكثير وبالجزم بالإجابة إيمانا وتصديقا،
فإن الله يقول : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "  ومنه التوفيق .


"" أضاف بالي زادة : فكانت غفلتك سببا لابتلائك باشتغالك بغير الله ، الغفلة في الحقيقة إعراض عن الحق .
فإذا سأل غير العارف في رفع ضره عنه فقد سأل عن الحق المتعين بذلك الوجه الخاص من وجوه الله فسؤاله إنما يكون هوية الحق ، لكن سؤاله يحجبه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ، بخلاف العارف فإنه وإن كان سؤاله عما سأله غير العارف ،
لكن لا يحجبه سؤاله من أن يكون جميع الأسباب عينه ،
فسؤال العارف عين سؤال وجه الهوية الخاصة سؤال عن وجه الهوية المطلقة التي تجمع جميع الوجوه وهو الاسم « الله » ولا كذلك غير العارف لاحتجابه عن العينية ، كان سؤاله عن العين لا عن الله اهـ بالى زادة. ""
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  (وأعنى بالغير وجها خاصا من وجوه الله . وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه الله ، وهو المسمى وجه الهوية ، فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر عنه ، لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا . وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه . )
هذا جواب عن سؤال مقدر .

وهو قول القائل : جميع الموجودات مظاهر الحق وليس للغير وجود ، فكيف يتصور الشكوى لغير الله ؟
فأجاب بأن المراد بالغير هو الهوية المتعينة بتعينات مقيدة ، جزئية كانت أو كلية ، وهي الوجوه الخاصة .
والحق سبحانه قد عين وجها خاصا ، وهي المرتبة الإلهية الأحدية الجامعة ،  لتكون قبلة الحاجات ، فيطلب المطالب من ذلك الوجه الجامع لجميع الوجوه والتعينات بأحدية جمعه .

 (وهو المسمى وجه الهوية) أي وجه الهوية المطلقة التي يجمع الوجوه كلها، وهو الاسم (الله) . فيدعوه الداعي من ذلك الوجه ، لا من الوجوه الأخر التي هي منعوتة بالسوى والغيرية والأسباب .
وإن كانت هذه الوجوه أيضا ليست إلا تفصيل ذلك الوجه الجامع ، فهي هو في الحقيقة لكن من حيث التفصيل ، لا من حيث الجمع ، كما قيل :
كل الجمال غدا لوجهك مجملا  ..... لكنه  في العالمين  مفصلا

قال رضي الله عنه :  ( فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة .  وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله . فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا. وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.)
أي ، العارف إذا سأل عن الوجه الجامع الإلهي في رفع الضر عنه ، لا تحتجب به عن الوجوه الأخر التي هي الأسباب في كونها عينه من حيثية أخرى خاصة ، كما احتجب به غيره وحكم بالمغايرة بين ذلك الوجه وبين الوجوه الآخر مطلقا ، بل يحكم بأن الوجوه كلها مجتمعة في حقيقة
واحدة هي يجمعها .
والوجه الذي صار قبلة الحاجات في الشرع ، مجمل تلك الوجوه ومجمعها، وهي تفصيله ، فبالجمع والتفصيل وقعت المغايرة بينهما لا بالحقيقة.
وهذا المعنى لا يلزم طريقته ولا يعرف حقيقته إلا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله ، لا يعرفهم حق المعرفة الا الله والعارفون .
وقد نصحناك في أن لا تسأل في البلوى والضراء إلا من الله .
فاعمل بمقتضاه ، ومن الحق سبحانه فاسئل لا من غيره وسواه .
والله الموفق للخير وهو يهدى السبيل .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:13 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالث عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه اللّه . وقد عيّن الحق وجها خاصّا من وجوه اللّه وهو المسمّى وجه الهويّة فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضّرّ عنه لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا ، وليست إلّا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه . فالعارف لا يحجبه سؤاله هويّة الحقّ في رفع الضّرّ عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثيّة خاصّة . وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ، فإنّ للّه أمناء لا يعرفهم إلّا اللّه ؛ ويعرف بعضهم بعضا . وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل ).

قال رضي الله عنه :  (وأعني) ، أي أقصد (بالغير) ، أي غير اللّه تعالى (وجها خاصا) ظاهرا بالشيء الهالك من وجوه اللّه تعالى الكثيرة كما قال تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ[ القصص : 88 ] ،
وقال :فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ[ البقرة : 115 ] ، (وقد عين الحق) تعالى في الشرع (وجها خاصا من وجوه اللّه) تعالى الكثيرة (وهو المسمى وجه الهوية) الإلهية في قلب العارف باللّه تعالى وهو من جملة تلك الوجوه الكثيرة ، وما تميز عنها إلا بتعيين اللّه تعالى له بحكمه الشرعي لضرورة صرف العبادة إليه والرجوع في المهمات (فيدعوه) ،
أي يدعو اللّه تعالى ذلك العبد المؤمن من ذلك الوجه الذي عينه الحق تعالى (في رفع) ،
أي إزالة (الضر) ، أي البلاء المؤلم عنه لا يدعوه من تلك (الوجوه الأخر) الكثيرة التي له تعالى (المسماة) بين المؤمنين أسبابا يفعل اللّه تعالى المسببات عندها لا بها وليست ،
أي تلك الوجوه الأخر (إلا هو) سبحانه (من حيث تفصيل الأمر) الإلهي الواحد (في نفسه) بصور الخلق المختلفة .
 

قال رضي الله عنه :  (فالعارف) باللّه تعالى الكامل (لا يحجبه سؤاله) ، أي طلبه ما يريد من (هوية) ، أي ذات (الحق) تعالى الظاهرة له بصورة كل شيء محسوس أو معقول (في رفع) ، أي إزالة الضر الذي ابتلاه اللّه تعالى به عنه ، أي عن ذلك العارف عن أن متعلق بيحجبه تكون جميع الأسباب التي هي وجوه الحق تعالى إلى كل شيء عينه ، أي عين الحق تعالى من حيثية خاصة يعرفها العارف باللّه تعالى في نفسه ذوقا وكشفا ، وتخفى على الجاهل المحجوب .

وهذا المقام المذكور لا يلزم طريقته إلا الأدباء جمع أديب من عباد اللّه تعالى المحققين الأمناء جمع أمين وهو المحتفظ على أسرار اللّه تعالى في خلقه ، وقد ورد أن يعقوب عليه السلام كان يجلس على طرق من طريق العامة فيشكو لهم ما يجده من فقد يوسف عليه السلام ، ويحكى حالته للمارة حتى قال له بقية أولاده :"تَاللَّهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهالِكِينَ"[ يوسف : 85 ] ،
فقال لهم مجيبا من هذا المقام المذكور "أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ"[ يوسف : 86 ] وهو علمه بوجه الحق تعالى من تلك الحيثية الخاصة مما لا يعلمه غيره .

قال رضي الله عنه :  (فإن للّه) تعالى (أمناء) على أسراره من عباده (لا يعرفهم) أحد إلا اللّه تعالى (و) هم (يعرف بعضهم بعضا) بأسرار سيشيرون إليها وأحوال يقفون عليها (وقد نصحناك) يا أيها السالك بما شرحنا لك من العلم الإلهي (فاعمل) عليه في باطنك وظاهرك (وإياه سبحانه) ، أي لا غيره (فأسأل) ، أي أطلب منه كل ما تريد فإنه لطيف بالعبيد .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )
 

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه اللّه ) متعينا بتعينات متعددة وهو الوجه المفصل والمقيد ( وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى وجه الهوية فيدعوه ) أي فيدعو العبد المبتلى من الحق ( من ذلك الوجه في رفع الضرّ لا ) يدعو ( من الوجوه الأخر المسماة أسبابا وليست ) أي والحال إن الوجوه الأخر والأسباب ليست ( إلا هو ) أي الأعين ذلك الوجه الخاص المدعوّ في رفع الضرّ .


قال رضي الله عنه :  ( من حيث تفصيل الأمر في نفسه فالعارف لا يحجب سؤاله هوية الحق في رفع الضرّ عنه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ) فإذا سأل غير العارف زيدا في رفع ضرّه عنه فقد سأل عن الحق المتعين بذلك الوجه الخاص من وجوه اللّه فسؤاله إنما يكون هوية الحق لكن سؤاله يحجبه عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة بخلاف العارف وإن كان سؤاله عما سأله غير العارف لكن لا يحجبه سؤاله عن أن يكون جميع الأسباب عينه فسؤال العارف حين سأل وجه الهوية الخاصة سؤال عن وجه الهوية المطلقة التي تجمع جميع الوجوه وهو الاسم اللّه ولا كذلك غير العارف لاحتجابه عن العينية كان سؤاله عن الغير لا عن اللّه .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) أي ما ذكرناه ( لا يلزم طريقته ) أي لا يلازم ولا يداوم عن السؤال الذي على هذه الطريقة ( إلا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه فإن اللّه أمناء لا يعرفهم إلا اللّه ويعرف بعضهم بعضا وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل ) فكن من عباد اللّه الأمناء .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله. وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه. فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة. وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )


قال  : وأما أن السؤال من الله تعالى أن يرفع الضر فمشروع في الحجاب ولا يقدح السؤال في حقيقة وجود الصبره وأما في عالم الكشف فيمتنع السؤال. 
ورد في المناجاة" یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة وطلبك مني وأنت تراني استهزاء. "

""  أضاف الجامع :  ورد في المواقف والمخاطبات لعبد الجبار النفرى : "
يا عبد إن لم تؤثرني على كل مجهول ومعلوم فكيف تنتسب إلى عبوديتي.
يا عبد كيف تقول حسبي الله وأنت تطمأن بالجهل على المجهول كما تطمأن على العلم بالمعلوم.
يا عبد طلبك مني أن أعلمك ما جهلت كطلبك أن أجهلك ما علمت فلا تطلب مني أكفك البتة".أهـ ""

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )
 
قال رضي الله عنه : (وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه الله، وقد عيّن الله وجها خاصّا من وجوه الله وهو المسمّى وجه الهوية، فيدعوه في ذلك الوجه برفع الضرّ عنه، لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا، وليست إلَّا هو من حيث تفصيل الأمر فيه نفسه).

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ السبب الذي يتوجّه إليه غير العارف إنّما هو حجابية التعيّن ، والمتعيّن بذلك التعيّن الخاصّ هو السبب ، فهو من كونه متعيّنا في ذلك التعيّن والمعيّن وجه خاصّ من وجوه الله المتعيّنة في كل وجه وجهة ووجهة ، وهو وإن كان حقّا معيّنا من الله في تلك الجهة ، فإنّما هو وجه من وجوه الله ، لا هو هو.

فالأوّاب هو الرّجاع إلى الهوية الإلهيّة المحيطة بجميع الهويات المتعيّنة بالمسمّيات أسبابا ، وهي أيضا - من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها - وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا من حيث عدم تحقّقها بدون المتعيّن ومن حيث تحقّقها بالمتعيّن فيها وجه من وجوه الحق ، وأنت أيضا كذلك وجه من الوجوه الإلهية ، ولكن لا يتوجّه ولا توجّه وجه قلبك إلَّا إلى مستندك ، وهو الذي استندت إليه الوجوه كلَّها، ولا يتقيّد بوجه خاصّ، فقد لا يجيبك فيه، لعلمه أنّ ما تسأله في وجه آخر، فإذا سألت أحدية جميع جميع الوجوه وتوجّهتها ، فقد أصبت ، فالزم ، ولا يلزم التقيّد ، فافهم .


قال رضي الله عنه : ( فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضرّ عنه ، عن أن يكون جميع الأسباب عينه ، وهذا لا يلزم طريقته إلَّا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله ، فإنّ لله أمناء لا يعرفهم إلَّا الله ، ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك فاعمل ، وإيّاه - سبحانه - فاسأل ) .

يعني رضي الله عنه : وجه الهوية الذي عيّنه على لسان الشارع ، فعليك بالسؤال عن الحق من ذلك الوجه في كلّ قليل وكثير ، وبالجزم بالإجابة إيمانا وتصديقا لقوله تعالى : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " .
 "وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

 
قال رضي الله عنه :  ( وأعنى بالغير وجها خاصا من وجوه الله ، وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية ، فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر عنه لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا ، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه ) .

 
قد مر أن لله تعالى في كل تعين وجها خاصا ، فالهوية المتعينة بذلك التعين هي السبب ، وغير العارف إنما يتوجه إلى حجابية التعين لاحتجابه ويدعو له لدفع الضر ، وكل متعين وجه من وجوه الله وسبب من الأسباب ،
وهو وإن كان حقا لكنه من حيث تعينه وجه وسبب وغير ، لا أنه أعرض في التوجه إليه عن الوجوه الأخر ، وقد يكون رافع الضر من جملتها ، فالذي يوجه إليه ليس إلا هو من حيث التفصيل لأنه من حيث أحدية الجمع هو هو ، فهو لا هو من حيث الخصوصية ،
فالأواب هو الرجاع إلى الهوية الإلهية المطلقة الجامعة المحيطة بجميع الهويات المتعينة ،
فلا يوجه وجهه إلا إلى السيد الصمد المطلق الذي تتوجه الوجوه كلها واستندت الأسباب جميعا إليه ، ولا يتقيد بوجه خاص فقد لا يجيبك فيه لعلمه أن ما تسأله في وجه آخر ،
فإذا سألت حضرة جمع جميع الوجوه ووجهت وجهك نحو الأحد الصمد والوجه المطلق فقد أصبت .

قال رضي الله عنه :  (فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ، هذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله ، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا لله ، ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك فاعمل ، وإياه سبحانه فاسأل ) .

الهوية الحقانية التي سألها العارف هي التي عينها الساعي بالخصوصية الإلهية، ولا يحتجب العارف بسؤال الخصوصية الإلهية عن أن تكون هي جميع الأسباب وجميع الأسباب عينها،
ولا يلزم طريقة الخصوصية الإلهية إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسراره، فعليك بالسؤال من ذلك الوجه في كل قليل وكثير وبالجزم بالإجابة إيمانا وتصديقا،
فإن الله يقول : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ "  ومنه التوفيق .

"" أضاف بالي زادة : فكانت غفلتك سببا لابتلائك باشتغالك بغير الله ، الغفلة في الحقيقة إعراض عن الحق .
فإذا سأل غير العارف في رفع ضره عنه فقد سأل عن الحق المتعين بذلك الوجه الخاص من وجوه الله فسؤاله إنما يكون هوية الحق ، لكن سؤاله يحجبه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة ، بخلاف العارف فإنه وإن كان سؤاله عما سأله غير العارف ،
لكن لا يحجبه سؤاله من أن يكون جميع الأسباب عينه ،
فسؤال العارف عين سؤال وجه الهوية الخاصة سؤال عن وجه الهوية المطلقة التي تجمع جميع الوجوه وهو الاسم « الله » ولا كذلك غير العارف لاحتجابه عن العينية ، كان سؤاله عن العين لا عن الله اهـ بالى زادة. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )

قال رضي الله عنه :  (وأعنى بالغير وجها خاصا من وجوه الله . وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه الله ، وهو المسمى وجه الهوية ، فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر عنه ، لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا . وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه . )
هذا جواب عن سؤال مقدر .
وهو قول القائل : جميع الموجودات مظاهر الحق وليس للغير وجود ، فكيف يتصور الشكوى لغير الله ؟
فأجاب بأن المراد بالغير هو الهوية المتعينة بتعينات مقيدة ، جزئية كانت أو كلية ، وهي الوجوه الخاصة .
والحق سبحانه قد عين وجها خاصا ، وهي المرتبة الإلهية الأحدية الجامعة ،  لتكون قبلة الحاجات ، فيطلب المطالب من ذلك الوجه الجامع لجميع الوجوه والتعينات بأحدية جمعه .

 (وهو المسمى وجه الهوية) أي وجه الهوية المطلقة التي يجمع الوجوه كلها، وهو الاسم (الله) . فيدعوه الداعي من ذلك الوجه ، لا من الوجوه الأخر التي هي منعوتة بالسوى والغيرية والأسباب .
وإن كانت هذه الوجوه أيضا ليست إلا تفصيل ذلك الوجه الجامع ، فهي هو في الحقيقة لكن من حيث التفصيل ، لا من حيث الجمع ، كما قيل :
كل الجمال غدا لوجهك مجملا  ..... لكنه  في العالمين  مفصلا

قال رضي الله عنه :  ( فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة .  وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله . فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا. وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.)
أي ، العارف إذا سأل عن الوجه الجامع الإلهي في رفع الضر عنه ، لا تحتجب به عن الوجوه الأخر التي هي الأسباب في كونها عينه من حيثية أخرى خاصة ، كما احتجب به غيره وحكم بالمغايرة بين ذلك الوجه وبين الوجوه الآخر مطلقا ، بل يحكم بأن الوجوه كلها مجتمعة في حقيقة
واحدة هي يجمعها .


والوجه الذي صار قبلة الحاجات في الشرع، مجمل تلك الوجوه ومجمعها ، وهي تفصيله ، فبالجمع والتفصيل وقعت المغايرة بينهما لا بالحقيقة.
وهذا المعنى لا يلزم طريقته ولا يعرف حقيقته إلا الأدباء من عباد الله ، الأمناء على أسرار الله ، لا يعرفهم حق المعرفة الا الله والعارفون .
وقد نصحناك في أن لا تسأل في البلوى والضراء إلا من الله .
فاعمل بمقتضاه ، ومن الحق سبحانه فاسئل لا من غيره وسواه .
والله الموفق للخير وهو يهدى السبيل .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الإثنين يناير 27, 2020 5:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:14 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الثالث عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالث عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )
 
قال رضي الله عنه :  (وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه اللّه ، وقد عيّن الحق وجها خاصّا من وجوه اللّه وهو المسمّى وجه الهويّة فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضّرّ عنه لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا ، وليست إلّا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه ، فالعارف لا يحجبه سؤاله هويّة الحقّ في رفع الضّرّ عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثيّة خاصّة ، وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ؛ فإنّ للّه أمناء لا يعرفهم إلّا اللّه ؛ ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك ؛ فاعمل وإيّاه سبحانه فاسأل ) .
 
ثم استشعر سؤالا بأن الغير منتف عند أهل التوحيد ، فكيف يتصور عندهم الشكوى إلى الغير ؟
فقال رضي الله عنه  : ( وأعني بالغير وجها خاصّا ) ، وهو ظهوره في المظاهر المحدثة ، فإنها باعتبار محالها غيره وإن كانت ( من وجوه ) تجلي ( اللّه ) التي عينيتها بذلك الاعتبار عند أهل التوحيد ، فلا منافاة بين عينيتها وغيرتها ، فلما كانت فيها العينية والغيرية لم تكن وجوها معينة للعبادة والتصريح والدعاء ؛
 
ولذلك ( قد عين الحق ) للعبادة والدعاء والتصريح ( وجها خاصّا ) هو تجليه في ذاته ، وهو وإن كان من ( وجوه اللّه ) ، فليس كسائر الوجوه التي فيها الغيرية ، كيف ( وهو المسمى وجه الهوية ) إذ هو هو من كل وجه فلا غيرته فيها أصلا ، ( فدعوه من ذلك الوجه ) ؛ لأنه عينه الحق لذلك فلا وجه للغيرية فيه ، وكيف لا يدعوه من ذلك الوجه وهو الذي لحقه الأذى بالنهج المذكور ؟
 
فكأنك تدعوه ( في رفع الضر عنه لا من الوجوه الأخرى ) التي هي باعتبار الظهور في المظاهر ، وإن كانت رافعة للضر عنك لكونها ( المسماة أسبابا ) لرفع الضر ، وإن كانت تلك الوجوه ( ليست إلا هو ) أي : الوجه المسمى وجه الهوية لا ( من حيث ) هي في الظاهر ، بل من حيث ( تفصيل الأمر ) أي : أمر التجلي ( في نفسه ) ، فإنه لما تجلى في نفسه ظهرت له الأعيان الثابتة للأشياء وتفصل فيها هذا التجلي الذي له في نفسه .
 
ولذلك ترى العارف يستعمل الأشياء مع أنه لا يسأل إلا من الوجه الذي عينه الحق له ، فإن ( العارف لا يحجبه سؤال هوية الحق ) الذي عينه الحق للسؤال ( في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه ) ، فيستعملها مع ذلك من حيث هي عينه ، إذ لا رجوع إلى الغير أصلا ، وهي وإن كانت غيرت من حيث ظهورها في المظاهر المحدثة ؛ فهي عينه ( من حيثية ) حاجته هي كونها تفصيل تجليه في ذاته ، والتفصيل عين المجمل .
 
قال رضي الله عنه  : ( وهذا ) أي : سؤال الهوية مع استعمال الأسباب من حيث عينيتها ( لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد اللّه ) الذين ينزهون عن الحدوث ولا يرون له غير ( الأمناء على أسرار اللّه ) ، فلا يفشون سر ظهوره في الأسباب على العامة ؛ لئلا يتوهموا تأثيرها بالاستقلال ولا بعد في ذلك ، ( فإن للّه أمناء لا يعرفهم إلا اللّه ) ؛ لأنهم إنما يعرفون بتلك الأسرار المودعة عندهم وهم لا يفشونها إلى العامة فلا تعرفهم العامة ،
 
ولكن ( يعرف بعضهم بعضا ) إما لإفشائهم تلك الأسرار إليهم ، وإما لأنهم يكاشفون بأنهم كوشفوا بذلك ، ( وقد نصحناك ) بالشكوى في الضر ، وبالدعاء من الوجه المسمى وجه الهوية لا من سائر الوجوه ، وتحفظ الأمانة حتى لا تفشى الأسرار إلى غير أهلها ، ( فاعمل وإياه سبحانه ، فسأل ) لا الأسباب ، ولو باعتبار ظهور الحق فيها .


ولما فرغ عن الحكمة الغيبية التي كمالها إشراق نور الحياة ، التي هي أول الصفات على الماء ، الذي هو أول الأركان شرع في الحكمة الجلالية ، التي هي إشراق نور أول الأسماء ، وهو اسم الذات الذي لا اسم قبله ؛
فقال : فص الحكمة الجلالية في الكلمة اليحيوية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه الله ) عيّنه الشاكي نفسه للشكوى إليه ، تصوّرا منه أنّه السبب في ذلك ، ( وقد عيّن الحقّ وجها خاصّا من وجوه الله ، وهو المسمّى وجه الهوية ) للدعاء وإزالة الشكوى
كما قال : فادعوه مخلصين له الدينفَادْعُوا اللّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ " .
قال رضي الله عنه :  ( فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضرّ - لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا - وليست ) تلك الأسباب ( إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالعارف لا يحجبه سؤاله هويّة الحقّ في رفع الضرّ عنه ، عن أن يكون جميع الأسباب عينه من حيثيّة خاصّة ) كل بحسب خصوصيّته في حضرة النسب الأسمائيّة .


قال رضي الله عنه :  (وهذا ) وإن أمكن طروقه لبعض الموقنين من المؤمنين ، ولكن ( لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله ) العارفون بآداب العبوديّة والموفون حقّها والأمناء على أسرار الله من الذين لا يظهرون منها على غير أهله ، كما قيل :
ومستخبر عن سر ليلي رددته ..... بعمياء من ليلي بغير يقين
يقولون خبرنا فأنت أمينها ..... وما أنا إن أخبرتهم بأمين


قال رضي الله عنه :  ( فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ، ويعرف بعضهم بعضا ، وقد نصحناك فاعمل ).
( وإيّاه سبحانه فاسأل ).
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله.
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه.
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا.  وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصّا من وجوه اللّه . وقد عيّن الحق وجها خاصّا من وجوه اللّه وهو المسمّى وجه الهويّة فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضّرّ عنه لا من الوجوه الأخر المسمّاة أسبابا ، وليست إلّا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه . فالعارف لا يحجبه سؤاله هويّة الحقّ في رفع الضّرّ عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثيّة خاصّة . وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ، فإنّ للّه أمناء لا يعرفهم إلّا اللّه ؛ ويعرف بعضهم بعضا .).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه اللّه ) عينه الشاكي لرفع الضر عنه توهما منه أنه السبب في ذلك ( وقد عين الحق وجها خاصا من وجوه اللّه وهو المسمى وجه الهوية ) للدعاء وإزالة الشكوى كما قال تعالى :" فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ " [ غافر : 14 ] .
( فيدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر لا من الوجوه الأخر المسماة أسبابا و ) إن كانت هذه الوجوه ( ليست إلا هو ) ، أي الوجه الجامع لجميع الوجوه ( من حيث ) أنها ( تفصيل الأمر ) الجامع للوجوه ( في نفسه ) ، أي في نفس ذلك الأمر الجامع لا في الخارج عنه ولا شك أن للمفصل عين المجمل لا فرق بينهما إلا بالتفصيل والإجمال .
 
قال رضي الله عنه :  (فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب ) ، أي كل واحد منهما ( عينه من حيثية خاصة ) هي عينية لاسم خاص هو عين الهوية المطلقة ( وهذا ) المعنى لا يعرف و ( لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد اللّه ) المتأدبون بآداب العبودية و ( الأمناء على أسرار اللّه ) الذين لا يظهرون على غير أهله ( فإن للّه أمناء لا يعرفهم إلا اللّه وهم يعرف بعضهم ) من حيث فناؤه في اللّه ( بعضا ) فتكون معرفته معرفة اللّه ، فلا ينافي حصر المعرفة في اللّه أولا
قال رضي الله عنه :  (وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل .)
 
( وقد نصحناك ) بلب الحقائق ( فاعمل ) عمل أولي الألباب ( وإياه سبحانه ) من حيث وجه هويته العينية الأحدية ( فاسأل ) لا وجوهه المسماة بالعلل والأسباب وهو الموفق .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:15 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :  
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

 19 – شرح نقش فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
لمّا كانت أحواله عليه السلام في زمان الابتلاء و قبله و بعده غيبية، أسندت هذه الحكمة الغيبية إلى الكلمة الأيوبية:  أمّا قبل زمان الابتلاء، فلأنّ الله تعالى أعطاه من الغيب بلا كسبه ما لم يعط أحدا من المال و البنين و الزرع و الضرع و الخول و العبيد.
و أمّا في زمان الابتلاء، فلأنّه كان يصعد له من الأعمال الزاكية مثل ما يصعد من أهل الأرض أو أوفى، فغار عليه إبليس و بنوه، و قصده بالأذية هو و ذووه.
و كانوا يستكبرون ما يعمل و يستكثرونه. و كان الله تعالى يشكره في الملإ الأعلى و يذكره.
فقال إبليس، "مع هذه المواهب و النعماء و الآلاء التي أنعم بها الله عليه أعماله قليلة".
فلو كان في حال الابتلاء والفقر وصبر و لم يجزع، لكان ما يأتى من الأعمال أعظم قدرا و أعلى مكانة». فأذن له في اختباره و ابتلائه.
و القصّة مشهورة في بلائه . فسلّط الشيطان على ما تمنّى، فغارت العيون، وانقطعت الأنهار، وخربت الديار، ويبست الأشجار والثمار، وهلكت مواشيه، ومات من كان من بناته و بنيه، وهجره جلّ أهله و ذويه.
كل هذا ابتلاء غيبى من غير سبب معهود و موجب مشهود في مدّة يسيرة.
وبعد غيبته عن أهله وماله مسّه الشيطان بضرّ في نفسه. فظهرت من غيوب جسمه الآلام والأسقام، و تولّد الدود في جسمه و غيوب أعضائه و أجزائه.
فصبر لما عرف السرّ. و لم يجزع و لم يقطع الذكر و الشكر متلقّيا بحسن الصبر هذا الأمر. و لم يشك إلى غير الله إلى انقضاء مدّة الابتلاء.
و أمّا بعد زمان الابتلاء، فلأنّه لمّا بلغ الابتلاء غايته، و تناهي الضرّ نهايته، و لم ينقص من أعماله و طاعاته و أذكاره و أنواع شكره شيئا، و لم يظهر الشكوى و الجزع، تمّت حجّة الله على اللعين و على غيره من الشياطين.

فتجلّى من غيبه ربّه تجلّيا غيبيا، فنادى ربّه، "أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ".
فكشف عنه ما به من ضرّ و وهب «لَهُ أَهْلَهُ وَ مِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً» من عنده و خزانة غيبه.
و أظهر له من غيب الأرض

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لمّا لم يناقض الصبر الشكوى إلى الله ولا قاوم الإقتدار الإلهي لصبره .
وعُلم هذا منه . أعطاه الله أهله ومثلهم معهم .  وركض برجله عن أمر ربه . )

مغتسلا باردا و شرابا. و كل ذلك كان من قوّة إيمانه بالغيب و ثقته بما ادّخر الله له في الغيب. فكان أمره كله من الغيب.
(لما لم يناقض الصبر الشكوى الى الله سبحانه) - و لذلك أثنى الله‏ على أيّوب بالصبر مع دعائه في رفع الضرّ عنه.
(و لا قاوم) ، يعنى أيّوب عليه السلام، (الاقتدار الإلهي بصبره ) و حبسه النفس عن الشكوى إليه تعالى بل شكى إليه و ناداه، «أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ» .
(و علم هذا) الأمر، يعنى عدم المقاومة، (منه)، أي من أيّوب، (أعطاه الله أهله) بأن أحيا من مات من بنيه و بناته و رزقه (مثلهم معهم) من الأولاد.
ذهب علماء الظاهر و أهل السلوك الذين لم يصلوا إلى مقام التحقيق بعد إلى أنّ الصبر هو حبس النفس عن الشكوى مطلقا، زعما منهم أنّ من يكون شاكيا لا يكون راضيا بالقضاء، سواء كانت الشكاية إلى الله أو إلى غيره.
و ليس كذلك، لأنّ القضاء حكم الله في الأشياء على حدّ علمه بها و ما يقع في الوجود المقضي به الذي تطلبه عين العبد باستعداده من الحضرة الإلهية.
و لا شكّ أنّ الحكم غير المحكوم به و المحكوم عليه، لكونه نسبة قائمة بهما.
فلا يلزم من الرضا بالحكم- الذي هو من طرف الحق- الرضا بالمحكوم به و من عدم الرضا بالمحكوم به لا يلزم عدم الرضا بالحكم.

و إنّما لزم الرضا بالقضاء، لأنّ العبد لا بدّ أن يرضى بحكم سيّده و أمّا المقضي به، فهو مقتضى عين العبد، سواء رضى بذلك أو لم يرض.
و ذهب المحقّقون من هذه الطائفة إلى أنّ الصبر هو حبس النفس عن الشكوى إلى غير الله، لا إلى الله، لأنّ الشكاية إلى الغير تستلزم الاعراض عن الله، و هو مذموم.
و الشكاية إلى الله تستلزم إظهار العجز و المسكنة و الافتقار إلى الله سبحانه و إظهار أنّ الحق قادر على إزالة موجبات الشكوى، و كلها محمودة.
قال الشيخ رضى الله عنه في فتوحاته المكية الباب الثالث والسبعون :
«إن كان الدعاء إلى الله في رفع الضرّ و دفع البلاء يناقض الصبر المشروع المطلوب في هذا الطريق، لم يثن الله على أيّوب بالصبر و قد أثنى عليه به. بل عندنا من سوء الأدب مع الله أن لا يسأل العبد رفع البلاء عنه، لأنّ فيه رائحة من مقاومة القهر الإلهي بما يجده من الصبر و قوّته.

قال العارف: "إنّما جوّعنى لأبكى"فالعارف و إن وجد القوّة الصبرية، فليفرّ إلى موطن

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأزال بتلك الركضة آلامه . ونبع الماء الذي هو سر الحياة السارية في كل حي طبيعي . فمن ماءٍ خُلق . وبه يرى . فجعله رحمةً لهُ . وذكرى لنا وله .
ورفق به فيما نذره تعليماً لنا ليتميز في الموّفين بالنذر .
وجعلت الكفارة في أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم لسترهم عما يعرض لها من العقوبة في الحنث .
والكفارة عبادة .)

الضعف و العبودية و حسن الأدب، فانّ القوّة للَّه جميعا.
فيسأل ربّه رفع البلاء عنه أو عصمته منه إن توهّم وقوعه.
و هذا لا يناقض الرضا بالقضاء، فانّ البلاء إنّما هو عين المقضي، لا القصاء: فيرضى بالقضاء و يسأل الله في رفع المقضي عنه فيكون راضيا صابرا."

(و ركض) أيّوب عليه السلام (برجله)، أي ضرب الأرض بها، ركضة صادرة (عن أمر ربه)، حيث أمره بها بقوله، «ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَ شَرابٌ».
(فأزال) ربّه (بتلك الركضة آلامه) و أماط بها أسقامه، (و نبع‏) بها، أي بتلك الركضة، من تحت رجله الماء، الذي هو سر الحياة و أصلها، فانّ بالماء حيى ما حيى من الأجسام الطبيعية العنصرية.
فهو أصل الحياة، أي الحياة (السارية في كل حى) جسمانى (طبيعى) عنصرى، فانّ كلّ ما له حيوة من الأجسام الطبيعية العنصرية خلق من الماء.

إذ النطف التي يخلق منها الحيوان ماء. و ما يتكوّن بغير توالد، فهو أيضا بواسطة المائية المتعفّنة.  و كذلك النبات لا تنبت إلّا بالماء.
(فمن ماء)، يعنى النطفة، خلق، و به، أي بالماء حين نبع من تحت رجله، (بري‏ء) من الآلام و الأسقام، فانّه عليه السلام لمّا ضرب برجله الأرض، نبعت عينان، فاغتسل بإحداهما حتّى ذهب الداء من ظاهره.
ثمّ شرب من الأخرى، فذهب الداء من باطنه. (فجعله)، أي جعل الله سبحانه الماء النابع من تحت رجله، (رحمة) من عنده (و ذكرى)، أي تذكيرا، (لنا و له)، أي لأيّوب عليه السلام.
يعنى جعله رحمة و ذكرى لكل واحد منّا و منه: أما كونه رحمة له، فلما بري‏ء به من الأسقام و أمّا كونه رحمة لنا، فلأنّ جعله تذكيرا لنا، هو عين الرحمة.
و أمّا كونه تذكيرا لنا، فلأنّ إذا سمعنا بما أنعم عليه لصبره، نرغب في الصبر على البلاء و أمّا كونه تذكيرا له، فبالنسبة إلى سائر أحواله و أوقاته.

و يجوز أن يكون قوله «لنا و له» نشرا على غير ترتيب اللفّ بأن يكون رحمة له و ذكرى لنا. و في بعض النسخ: «رحمة له و ذكرى لنا و له»، فيكون رحمة بالنسبة إليه عليه السلام و ذكرى بالنسبة إلى الكل.
(و رفق) الله سبحانه (به)، أي بأيّوب، و رخص له (فيما نذره) حين حلف في مرضه ليضربنّ امرأته مائة إن بري‏ء.
فلمّا بري‏ء، أمره الله سبحانه‏ أن يأخذ ضغثا، أي حزمة من الحشيش، يضرب بها امرأته.
فحلّل الله يمينه بأهون شي‏ء عليه و عليها،

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والأمر بها أمرٌ بالحنث . إذ رأى خيراً مما حلف عليه . فراعى الإيمان . وإن كان في معصية ذاكرٌ لله فيطلب العضو الذاكر نتيجة ذكره إياه .
وكونه في معصية أو طاعة حكم آخر لا يلزم الذاكر منه شيء . )


لحسن خدمتها إيّاه و رضاه عنها.
ثمّ إنّه سبحانه أخبرنا بذلك (تعليما) و ترخيصا (لنا، لنتميز) بهذا الرفق و الترخيص (في الموفين بالنذر)، أي فيما بين الذين يوفون بنذورهم و أيمانهم، فان هذه الرخصة باقية.
و عن النبي صلّى الله عليه و سلّم أنّه أتى بمخدج قد خبث بأمة، فقال، «خذوا عثكالا فيه مائة شمراخ، فاضربوه بها ضربة".  رواه النسائي في السنن و أبن أبي عاصم في الآحاد والمثاني والحافظ ابن حجر العسقلاني في بلوغ المرام من أدلة الأحكام.

(و جعلت الكفارة) و شرعت (في أمة محمد صلّى الله عليه و سلّم لتسترهم) الكفّارة (عما يعرض لها)، أي لهذه الأمّة، و يتوجّه إليها (من العقوبة) الواقعة (في) مقابلة (الحنث) في الأيمان.
و فيه إشارة إلى أنّ الكفّارة من «الكفر» بمعنى الستر، سمّيت بها لأنّها تستر الحالف و تحفظه عمّا يعرض له من عقوبة الحنث.
(و الكفارة عبادة) مأمور بها. (و الامر بها) قبل الحنث (أمر بالحنث)، ضرورة توقّف تحقّقها على تحقّقه فيكون الحنث أيضا مأمورا به،
لكن (إذا رأى) الحالف (خيرا مما حلف عليه، فراعى الله) سبحانه (الايمان)، أي راعى حقّها لاشتمالها على ذكره تعالى حيث شرع الكفّارة المانعة عن أن يعرض للحالف، عقوبة.


(و ان كان) الحالف (في معصية) بسبب الحنث، (فانّه)، أي الحالف، ذاكر للَّه في يمينه ببعض الأعضاء.
(فيطلب العضو الذاكر) منه- و هو اللسان- (نتيجة ذكره إياه سبحانه) من الرحمة و الثواب و حفظه مع سائر الأجزاء من العقاب، فانّه بالجزء الذاكر يحفظ باقى الأجزاء، كما يحفظ العالم بوجود الكامل، الذي يعبد الله في جميع أحواله، فكما أنّ الدنيا لا تخرب، و لا يستأصل ما فيها، ما دام الكامل فيها، فكذلك وجود العالم الإنساني يكون محفوظا بالعناية الإلهية ما دام جزء منه ذاكرا للحق سبحانه.

و كونه، أي كون الحالف، (في معصية أو طاعة حكم آخر لا يلزم) العضو (الذاكر منه)، أي من ذلك الحكم، (شي‏ء) من عقوبة و مثوبة فانّ الإنسان- من حيث أنّه مركّب من حقائق مختلفة روحانية أو جسمانية- كثير ليس أحدى العين، و إن كان من حيث كلّه المجموعى أحديا.
و ما يلزم من طاعة جزء ما و معصيته طاعة جزء آخر و معصيته.

 
اعلم أنّ البلايا و المحن التي تلحق بالأنبياء و الأكابر من أهل الله تنقسم إلى ثلاثة أقسام، لكل قسم منها موجب و حكم و ثمرة:
فتارة تكون بالنسبة إلى البعض مصاقل لقلوبهم و متمّمات لاستعداداتهم الوجودية المجعولة، ليتهيّئوا بتلك الأمور لقبول ما يتمّ به لهم أذواق مقاماتهم التي حصّلوها، ولم يكمل لهم التحقّق بها.
فيكون تلبّسهم بتلك المحن سببا لاستيفائهم ذوق مقامهم الناقص وترقّيهم فيه إلى ذروة سنامه‏  الموجب للاطّلاع على ما فيه فانّه من لم يتكلّم على المقام، أيّ مقام كان، ولم يترجم عنه بطريق الحصر لأصوله والاستشراف على جملة ما فيه، فانّه إنّما يتكلّم على ذوقه من ذلك المقام، ليس بحاكم عليه و لا محيط به.  فافهم.

و موجب القسم الثاني هو سبق علم الحق سبحانه بأنّ المقام الفلاني سيكون لزيد، لا محالة، مع علم الحق أيضا أنّ حصول ذلك المقام لمن قدّر حصوله له لابدّ وأن يكون للكسب فيه مدخل فلا يتمحّض الموهبة الذاتية فيه.
فان ساعد القدر الإلهي والتوفيق بارتكاب الأعمال التي هي شروط في حصول ذلك المقام، كان ذلك ...
وإن لم يساعد القدر ولم يف العمر باستيفاء تلك الأعمال المشترط ارتكابها للتحقّق بذلك المقام، أرسل الله المحن على صاحب المقام ورزقه الرضا بها و الصبر عليها و حبس النفس فيها عن الشكوى إلى غير الله و الاستعانة في رفعها بسواه.
فكان ذلك كلّه عوضا عن تلك الأعمال المشترطة فيما ذكرنا و قائمة مقامها.

فحصل المقام المقدّر حصوله لصاحبه بالشروط التي يتوقّف حصوله عليها، فانّ الصبر والرضا والإخلاص للَّه دون الالتجاء إلى غيره وطلب المعونة من سواه كلها أعمال باطنة يسرى حكمها في الأحوال الظاهرة، كالنية ونحوها.
فاعلم ذلك و تدبّر ما ذكر لك تعرف كثيرا من أسرار محن أيّوب عليه السلام و ما ابتلى به وثمراته.
و أمّا موجب القسم الثالث، فهو سعة مرآة حقائق الأكابر المضاهية للحضرة الإلهية المترجم عنها بقوله تعالى، «وَ إِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ».

فمن كانت مرآة حقيقته أوسع، كان قبوله ممّا في الحضرة وحظّه منها أوفر.
فكما أنّ حظّهم ممّا يعطى السعادة و يثمر مزيد القرب من الحق سبحانه والاحتظاء بعطاياه الاختصاصية أوفر، فكذلك قبول ما لا يلائم الطبع والمزاج العنصري الذي به تمّت الجمعية، وصحّت المضاهاة المذكورة، يكون أكثر.
فافهم، فقد بيّن لك أسرار المحن و البلايا المختصّة بالأكابر محصورة الأقسام.

وأمّا الخصيصة بعموم المؤمنين، فهي وإن كانت من بعض فروع القسم الأوّل، لكن قد أخبرت الشريعة بأحكامها و ثمراتها فلا حاجة إلى ضبط القول فيها.
والله المرشد.
 .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:16 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فثتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :  
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص التاسع عشر حكمة غيبية في كلمة أيوبية
(1) فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
(1) يبحث هذا الفص بوجه عام في عالم الغيب الذي يشير إليه أصحاب وحدة الوجود بهوية الحق و يشير إليه ابن العربي خاصة باسم النفس الرحماني و باسم الماء الوارد ذكره في القرآن في قصة أيوب.
 و ليس المراد بأيوب هنا النبي المعروف المشهور بالصبر و احتمال الأذى و البلاء الذي ابتلاه الله به، بل يصوره ابن العربي بصورة السالك إلى الله الباحث عن العلم اليقيني بعالم الغيب.
أما الألم الذي يحسه ذلك السالك فليس بالألم الجسماني الذي يصاحب أحيانا أدواء البدن، و لكنه عذاب روحي يشعر به رجل محجوب عن حقائق العلم اليقيني، فهو يدعو الله أن يكشف عنه ضره فيكشف الله عنه ضره بأن يريه مغتسل الماء الذي تحت قدميه و يأمره بأن يغتسل فيه.
فلما اغتسل أيوب بالماء ذهب عنه ضره لأنه رفع عنه الحجاب و ظهر له الطريق إلى الله.
فالماء رمز لعالم الغيب كما قلنا أو هو رمز لمبدإ الحياة الساري في جميع أجزاء الوجود، أو هو الله. 
فباغتساله في الماء أي بانغماسه في بحر الوجود عرف سر الوجود، أو بعبارة أخرى بشربه من الماء أروى تعطشه إلى العلم بحقيقة الوجود و هي الله.
أما ما عدا هذه المسألة من المسائل التي يعالجها الفص فمرتبط بها ارتباط النتيجة بالمقدمات لا سيما مسألة الأسباب النوعية و السبب الواحد العام الذي هو الله.

(2) «فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه».
(2) يرى المؤلف أن نسبتي «الفوق» و «التحت» نسبتان لله بمعنى خاص سنشرحه فيما بعد.
أما القرآن فقد وردت فيه نسبة «الفوق» إلى الله في مثل الآيات الآتية: «يخافون ربهم من فوقهم» و «و هو القاهر فوق عباده» و غيرهما.
و لكن المراد بالفوقية هنا مجموع صفات الألوهية فإن كل آية وردت فيها هذه الفوقية تشير إلى ناحية خاصة من نواحي صلة الألوهية بالكون.
و لكن ابن العربي يشير إلى نسبة أخرى بين الحق و الخلق أو بين الله و العالم و هي نسبة «التحتية» ثم يشرع في تلمس مصدر من القرآن أو الحديث يعزز به فكرته فلا يجد إلا الحديث القائل «لو دليتم بحبل لهبط على الله»، و هو في نظره دليل كاف على نسبة التحتية إلى الله على معنى أن الله أصل كل الموجودات و أساسها.
على أنه تلمس لفكرته أسانيد من القرآن أيضا فعثر على بعض النصوص التي أولها تأويلا بعيدا خرج بها عن معناها الأصلي مثل قوله تعالى: «و لو أنهم أقاموا التوراة و الإنجيل و ما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم و من تحت أرجلهم».
و الفكرة التي يريد أن يشير إليها بسيطة و واضحة بقطع النظر عما يؤيدها به من حديث أو نص قرآني، ذلك أن نسبة التحتية عنده نسبة الذات الإلهية الواحدة إلى صور الموجودات الكثيرة المتجلية فيها. هي بعبارة أخرى مذهبه في وحدة الوجود.

و قد يبدو أن بين نسبتي الفوقية و التحتية تناقضا ظاهرا لأن الأولى تشير إلى فكرة عن الله (بالمعنى الديني) في حين أن الثانية تشير إلى فكرة الواحد في الكل (فكرة وحدة الوجود).
و لكن لا وجود لهذا التناقض في الحقيقة، لأن ابن العربي لا يعتبر الفوقية و التحتية إلا وجهين لنظرنا نحن إلى حقيقة الوجود الواحدة: فإن الله في نظره ليس الإله الذي يصوره الدين و إنما هو الحقيقة الوجودية التي إن نظرنا إليها من وجه قلنا إنها «فوق» كل شيء بمعنى أنها تتعالى عن كل شيء، و هذه هي صفة التنزيه التي شرحناها من قبل،
و إذا نظرنا إليها من وجه آخر قلنا إنها «تحت» كل شيء أو إنها أصل كل شيء- و هذه هي صفة التشبيه التي ذكرناها أيضا.


(3) «و إنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم دائما أبدا في زعمه».
(3) الإشارة هنا إلى مسألة النعيم الدائم و العذاب الدائم في الدار الآخرة،
و قد شرحنا هذه المسألة في الفص السابع (التعليقين 15، 16) (راجع أيضا الفتوحات ج 3 ص 98 السطر الرابع من أسفل).

 
(4) «فزال الغضب لزوال الآلام ... إلى قوله حجابا و سترا».
(4) أي فزال غضب الله عن أهل النار بزوال الآلام عنهم، و ذلك لأن صفة الغضب لا تكون لله إلا عند ما يعذب أهل النار بآلامها، فإن زالت هذه الآلام عنهم ارتفع وصف الغضب عن الله، و ابن العربي يعتقد أن عذاب أهل النار إلى حين، و أن مآلهم في النهاية إلى النعيم المقيم، كما يعتقد أن وصف الغضب وصف يزول عن الله بزوال سببه و أن وصفه بالرضا إنما هو الوصف الدائم الذي لا يزول عنه أبدا.
غير أننا يجب أن نتذكر أن اللغة الرمزية التي يصوغ بها المؤلف نظريته في وحدة الوجود لا تسمح بوجود جنة حقيقية ولا نار حقيقية في دار غير هذه الدنيا.
فإن النار عنده ليس لها معنى إلا «ألم الحجاب» أو الحال التي لا يدرك فيها الإنسان الوحدة الوجودية للموجودات، كما أن الجنة عنده ليست سوى الحال التي يدرك فيها الإنسان هذه الوحدة.
والحجاب عن الحقيقة يستلزم الألم كما أن إدراكها على الوجه الصحيح يستلزم السعادة.
وحيث إن الحق في زعم ابن العربي هو هوية كل موجود فإنه يلزم من ذلك أنه هو الذي يشعر بهذه السعادة أو ذلك الألم في صورة كل من يشعر بهما.
فأهل التنزيه عنده محجوبون عن الحقيقة لأنهم ينزهون الحق عن الاتصاف باللذة أو الألم أو ما شابههما من صفات الحوادث، أما أصحاب الكشف والذوق فلا يتحرجون عن وصف الحق بهذه الأوصاف بل ينسبون كل ما يجري في الكون إليه على أنه حادث فيه.

يقول ابن العربي إن قوله تعالى: «وإليه يرجع الأمر كله فاعبده وتوكل عليه» 
يمكن تفسيره على وجهين: 
الوجه الصوفي وهو الذي يرد كل شيء إلى الله لأن كل شيء منه وإليه، 
والوجه الآخر هو رأي المتكلمين الذين يعتبرون الله مخالفا لجميع الحوادث وينظرون إليه من حيث هو إله معبود، 
فإن العبادة تتضمن اثنينية العابد والمعبود ولا يقول بهذه الاثنينية إلا المحجوبون عن حقيقة الوحدة الوجودية.


(5) «ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان».
(5) كلمة شيطان مشتقة من شطن التي من معانيها بعد، فالشيطان الذي مس أيوب و ورد ذكره في القرآن في قوله: «أني مسني الشيطان بنصب و عذاب» إنما هو البعد عن الحقيقة و الجهل بها.
ومن معاني كلمة شيطان في اللغة العربية عطش الصحراء لأن العرب يسمون العطش شيطان القلا.
ولهذا قرن المؤلف الشيطان بالماء الذي شربه أيوب ليزيل عنه ألم ذلك العطش، فهو لا يريد بالشيطان مطلقا المعنى المتعارف. فالعطش الذي أحس أيوب بألمه- كما شرحنا ذلك في التعليق الأول من تعليقات هذا الفص- إنما كان شوقه إلى معرفة الحقيقة التي كان يجهلها، و الشيطان الذي مسه بالنصب و العذاب لم يكن سوى حالة الحرمان الروحي التي كان عليها. (راجع الفيروزآبادي في مادة شطن).


(6) «فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة، فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولو لا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر».
(6) تشير هذه العبارة إلى نظريتين من أقدم النظريات في الإبصار:
الأولى نظرية أفلاطون في طيماوس وهي أن البصر كغيره من الحواس يدرك المبصرات إدراكا لمسيا بواسطة شعاع يخرج من العين ويقع على الأشياء المبصرة،
والثانية هي نظرية أرسطاطاليس وهي أن المبصرات تنطبع صورها على شبكية العين عند ما ينيرها مصدر من مصادر الضوء، وعلى كلتا النظريتين يحصل اتصال مباشر بين البصر والمبصرات مهما بعدت المسافة بينهما.


(7) «ولهذا كني أيوب في المس فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس».
(7) لو فهمنا الشيطان على أنه حالة البعد، والمس على أنه حالة القرب، كان معنى قول أيوب: «أني مسني الشيطان» أن حالة البعد عن إدراك الحقيقة قد قربت مني قرب اللامس من الملموس.
فهو يستعمل كلمة مس على سبيل الكناية بدلا من كلمة قرب، وينسب المس إلى الشيطان الذي هو البعد، بالرغم من أن المس يقتضي القرب أو أنه هو القرب نفسه.
فكأنه قال: «إنني قريب من حالة البعد عن إدراك الحقيقة».
ويتضح المعنى بعض الشيء عند ما نقرأ قول المؤلف بعد ذلك «البعيد مني قريب لحكمه في».
فالبعيد منه هو إدراكه للحقيقة الوجودية، و هو يلمس في نفسه أثر ذلك البعد (و هو الذي يسميه بالحكم)، أو أن حالة الحجاب عن الحقيقة شديدة القرب مني لأني أحس بها.
 

(8) «و اعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا و كتابا مسطورا حاليا ... »
(8) يمكننا أن نقرأ الكلمة حاليا بتشديد الياء على أنها نسبة إلى الحال أو بالياء المخففة حاليا على أنها من الحلية
و يقرؤها جامي في شرحه على الفصوص (ج 2 ص 243) حاكيا أي مخبرا،
فمعنى الجملة:
على الوجه الأول أن الله جعل من قصة أيوب لنا كتابا مسطورا ندرك معناه بالحال أي بالذوق الصوفي،
و على الوجه الثاني أن الله صاغ لنا قصة أيوب في كتاب مسطور مزدان بالحكمة و الموعظة،
و على الوجه الثالث أن الله أخبرنا بقصة أيوب في كتاب مسطور يحكي لنا أمره.
وجامي هو المفسر الوحيد الذي انفرد بهذه القراءة الأخيرة ولم أجد في نص من النصوص القديمة ما يؤيدها.


(9) «و إنما جنح إلى سبب خاص لم يقتضه الزمان و لا الوقت».
(9) يشير إلى عدم استجابة الله لدعاء بعض الناس لأنهم لا يتوجهون في دعائهم إلى الله ذاته وإنما يتوجهون إلى الأسباب الخاصة:
أي لا يتوجهون إلى المسبب بل يتوجهون إلى الأسباب التي لا فعل لها ولا أثر لها من ذاتها، وإنما تفعل وتؤثر لأن الله يفعل عند حضورها.
والأسباب الخاصة التي يفعل الله عند حضورها كثيرة. 
فإذا اتجه الإنسان بالدعاء إلى الله أن يكشف عنه ضرا بواسطة سبب خاص ولم يتعلق العلم الإلهي بهذا السبب ولم يقتضه زمان معين أو وقت خاص قدر الله فيه رفع الضر عن هذا الداعي، لم يحصل له استجابة من الله، فيظن الداعي أنه دعا الله ولم يستجب له، والواقع أنه لم يدع الله وإنما دعا ذلك السبب.
 
بقي أن نشرح الوقت و الزمان.
أما الزمان فهو في عرف الفلاسفة مقياس حركة الفلك الأطلس.
و في عرف المتكلمين مجموعة من الآنات نستطيع بوساطتها أن نعين وقوع حدث غير معلوم بحدث معلوم.
أما الوقت فهو «الحال» في عرف الصوفية و هو «الآن» الذي يكون فيه أي شيء على ما هو عليه.
فالسبب الخاص الذي لم يحن زمانه و لا وقته في رفع الضر عمن يتوجه إلى الله برفعه بوساطته ليس من الأسباب التي يستجيب الله عندها لدعاء الداعي.
 
ويفرق ابن العربي بين السبب الكلي والأسباب الكونية الخاصة على نحو ما فرق بين الحق والخلق والواحد والكثير والله والعالم.
وهو يرى أن الأسباب الخاصة إنما هي أمور اختلقها العقل في محاولته فهم حقيقة الوجود: لأن العقل البشري غير المؤيد بالوحي أو الإلهام الصوفي قد عجز عن إدراك الوجود في وحدته.

أما السبب الكلي فهو أصل كل ما نسميه بالأسباب أي أنه هو الفاعل على الحقيقة والمؤثر في كل ما نعزوه إلى الأسباب الخاصة.
هو الجزء الإلهي في كل موجود، الصادر عنه كل تغير و كل حركة.
وإذا كان لا بد لنا من القول بوجود كثرة في الأسباب لوجود كثرة في المسببات، فإننا لا بد أن نعترف بأن هذه الأسباب ليست إلا وسائل أو وسائط على يديها يعمل المسبب الواحد الذي هو الحق.
و هذه نظرية تذكرنا من بعض الوجوه بالنظرية الحديثة المعروفة باسم "نظرية المناسبات" Occasionalism"
إلا أن الفرق بينهما هو أن ابن العربي في نظريته لا يعترف بوجود كثرة حقيقية في الأسباب ولا في الموجودات إطلاقا، ويعتبر ما نسميه كثرة ضربا من ضروب الأوهام، وهذا رأي قد لا يوافقه عليه كثير من أنصار النظرية الحديثة.
وإذا كانت الأسباب كلها ترجع إلى سبب واحد هو الفاعل على الحقيقة، ففيم التوجه إلى أي سبب خاص لإحداث أثر من الآثار؟
إن علمنا بالأسباب الخاصة علم ناقص وكذلك علمنا بالأوقات التي تقع فيها آثار هذه الأسباب.
لهذا يجب أن نغفل الأسباب الخاصة في دعائنا ونتوجه إلى مسبب الأسباب.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:17 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فثتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :  الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
19 - فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية  
اعلم أن سر الحياة سرى في الماء فهو أصل العناصر والأركان، ولذلك جعل الله «من الماء كل شيء حي»: وما ثم شيء إلا وهو حي، فإنه ما من شيء إلا وهو يسبح بحمد الله ولكن لا نفقة تسبيحه إلا بكشف إلهي.
ولا يسبح إلا حي. فكل شيء حي. فكل شيء الماء أصله. "2"
ألا ترى العرش كيف كان على الماء لأنه منه
……………………………………….
1 -  المناسبة في تسمية الفص بحكمة غيبية في كلمة أيوبية ، 
هي أن سر الحياة غيب باطن في الماء ، كما أن الصبر والرضا غيبان بأطنان في الشكوى إلى الله ، فناسبت الغيبية بينهما بتسمية الفص ونسبته إلى أيوب عليه السلام ، وخاصة أن الحق قد جمع بين أيوب عليه السلام والماء في قوله « هذا مغتسل » فعم الاغتسال بالماء أيوب عليه السلام كما عم باطنه الصبر والرضا عن الله .


2 - سر الحياة سري في الماء
قال تعالى : "وجعلنا من الماء كل شيء حي " هذا الماء هو الماء الذي هو أصل في وجود كل شيء ، وبه حياته ، ولحياته وصف بالتسبيح ، وهو غير هذا الماء المركب البسيط المعهود ، فالماء أصل الحياة في الأشياء ، فهو سر الحياة ، 
حتى العرش لما خلقه الله ما كان إلا على الماء فسرت الحياة فيه منه ، فبالماء حياة الأحياء لما فيه من سر الحياة ، فكل شيء من الماء عينه ومن الهواء حياته ، 
وأما قوله " فهو أصل العناصر والأركان" ، فالمراد به ما أشار إليه بقوله « وهو غير هذا الماء المركب البسيط » .
لذلك نراه يقول : الأرواح كلها آباء والطبيعة أم لما كانت محل الاستحالات ، وتتوجه هذه الأرواح على هذه الأركان التي هي العناصر القابلة للتغيير والاستحالة ، تظهر فيها المولدات ، وهي المعادن والنبات والحيوان والجان ، والإنسان أكملها ، كذلك الأركان من عالم الطبيعة أربعة، وبنكاح العالم العلوي لهذه الأربعة يوجد الله ما يتولد فيها ، واختلفوا في ذلك على ستة مذاهب ، فطائفة زعمت أن كل واحد من

 
ص 298


 

تكون "3"
فطفا عليه فهو يحفظه من تحته، كما أن الإنسان خلقه الله عبدا فتكبر على ربه وعلا عليه، "4"
فهو سبحانه مع هذا يحفظه من تحته بالنظر إلى علو
……………………………………………………...
هذه الأربعة أصل في نفسه ، وقالت طائفة ركن النار هو الأصل فما كثف منه كان هواء وما كثف من الهواء كان ماء وما كثف من الماء كان ترابا ، وقالت طائفة ركن الهواء هو الأصل فما سخف منه كان تارا وما كثف منه كان ماء ، وقالت طائفة الأصل أمر خامس ليس واحدة من هذه الأربعة ، وهذا المذهب بالأصل الخامس هو الصحيح عندنا وهو المسمى بالطبيعة ، فإن الطبيعة معقول واحد عنها ظهر ركن النار وجميع الأركان . 
فتوحات ج 1 / 138 ، 293 ، 332 - ج 2 / 174 - ج 4 / 219 ، 356 .


3 - «وكان عرشه على الماء » الآية 
و على هنا بمعنى في . أي كان العرش في الماء ، كما أن الإنسان في الماء ، أي منه تكون ، فإن الماء أصل الموجودات كلها ، وهو عرش الحياة الإلهية ، 
ومن الماء خلق الله كل شيء حي ، وكل ما سوى الله سبح بحمد الله ، ولا يكون التسبيح إلا من حي ، فالعرش عبارة عن الملك ، و « کان » حرف وجودي، فمعناه أن الملك موجود في الماء ، أي الماء أصل ظهور عينه .
فتوحات ج 3 / 65.


4 - التكبر على الحق  *
عناية ربي أدركت كل كائن    …. من الناس في ختم القلوب وفي الطبع 
ومن أجل ذا لم يدخل الكبر قلبهم  …. على موجد الصنع الذي جل من صنع
قال تعالى : « كذلك يطبع الله على كل قلب متکبر جبار ، وهذا من رحمة الله الخفية ، فإنه طبع على قلب كل من ظهر في ظاهر لقومه بصفة الكبرياء والجبروت ، وما جعل ذلك في قلوبهم ، فهم عند أنفسهم بما يجدونه من العلم الضروري أذلاء صاغرون لذلك الطبع ، فما دخل الكبرياء على الله قلب مخلوق أصلا ، وإن ظهرت منه صفات الكبرياء فثوب ظاهر لا بطانة له منه ، فالله يطبع على قلب كل متكبر جبار أن يدخله كبرياء الهي أصلا ، إذ لا ينبغي ذلك الوصف إلا لمن لا يتقيد وهو الحق تعالى ، فلا يدخل القلب الكبرياء والجبروت وإن ظهر بهما ، فإن الإنسان يعرف في
 

"" القصيدة في وصف الحج وعرفات وتساوي الخلق في المشهد
لقد سحت في شرق البلاد وغربها…  ..... …وما حفيت نعلي ولا انقطعت شسعي 
وفي عرفات ما عرفت حقيقتي…  ..... …ولا عرفت حتى أتيت إلى جمع 
ولما شهدناها وجئت إلى منى…  ..... …بذلت له بالنحر ما كان في وسعي
حصبت ندوّى جمرة بعد جمرة…  ..... …ببضع من الأحجار بورك من بضع
ولما أتيت البيت طفت زيارة…  ..... …حنينا بها من فوق أرقعة سبع 
عناية ربي أدركت كلّ كائن…  ..... …من الناس في ختم القلوب وفي الطبع
ومن أجل ذا لم يدخل الكبر قلبهم…  ..... …على موجد الصنع الذي جل من صنع
ولولا وجود السمع في الناس ما اهتدوا…  ..... …وليس سوى علم الشريعة والوضع
فكم بين أهل النقل والعقل يا فتى…  ..... …وهل تبلغ الألباب منزلة السمع""
 

ص 229

هذا العبد الجاهل بنفسه، وهو قوله عليه السلام «لو دليتم بحبل لهبط على الله».
فأشار إلى نسبة التحت إليه كما أن نسبة الفوق إليه في قوله «يخافون ربهم من
………………………………………………………….
قلبه أنه لا فرق بالأصالة بينه وبين من نكبر عليهم وتجبر ، فلا يدخله كبر وإن ظهر به ، فإنه مجبول على الذلة والافتقار والحاجة بالأصالة ، لا يقدر أن ينكر هذا من قفسه ، وذلك يعني أن الطابع الإلهي يستع أن تدخل هذه الصفات الفاب . 
فيظهر المدعي في ظاهره الكبرياء والجبروت على من استحق من قومه ، إما في زعمه وتخيله وإما في نفس الأمر ، وهو في قلبه معصوم من ذلك الكبرياء والجبروت ، لأنه يعلم عجزه وذلته وفقره لجميع الموجودات ، وأن قرصة البرغون توله . 

والمرحاض يطلبه الدفع الم البول والخراء عنه ، ويفتقر إلى كسيرة خبز يدفع بها عن نفسه ألم الجوع؛ فمن صفته هذه كل يوم وليلة كيف يصح أن يكون في قلبه كبرياء وجبروت ، وهذا هو الطابع الإلهي على قلبه ، فلا يدخله شيء من ذلك . فإن الاسم الغيور ختم على كل قلب أن تدخله ربوبية الحق نعتا له ، فما من أحد يجد في قلبه أنه رب إله ، بل يعلم من نفسه أنه فقير محتاج ، وأما ظهور ذلك على ظاهره فسام . 

فالكبرياء والعظمة من النعوت التي غار الله عليها أن تكون لغير الله ، فحجرها ولذلك قال : «يطبع الله على كل قلب متکبر جبار» فلا يدخل مع هذا الطابع قلب کون من الأكوان تكبر على الله ولا جبروت لأجل هذا الطبع ، فعلم كل من أظهر من المخلوقين دعوی الألوهية كفرعون وغيره وتكبر وتجبر ، كل ذلك في ظاهر الكون ، وهذا الذي ظهرت منه صفة الكبرياء مطبوع على قلبه أن يدخل فيه الكبرياء على الله ، فإنه يعلم من نفسه افتقاره وحاجته وقيام الآلام به ، من ألم جوع وعطش وهواء ومرض ، التي لا تخلو هذه النشأة الحيوانية عنه في هذه الدار ، وتعذر بعض الأغراض أن تنال مرادها ، وتألمه لذلك ، ومن هذه صفته من المحال أن يتكبر في نفسه على ربه ، فهذا معنى الطابع الذي طبع الله على قلب المتكبر الذي يظهر لكم به الدعوى .
بالعلم يطبع رب العالمين على قلب العبيد فلا كبر يحل به لأنه يجد الأبواب مغلقة بفطرة هو فيها أو بمكسبه وكيف يدخل كبر من حقيقته فقر وعجز وموت عند منتبه


ص 300


فوقهم»، «وهو القاهر فوق عباده». فله الفوق والتحت. "5"
ولهذا ما ظهرت الجهات الست إلا بالإنسان، وهو على صورة الرحمن.
ولا مطعم إلا الله، وقد قال في حق طائفة «ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل»، ثم نكر وعم فقال «وما أنزل إليهم من ربهم»، فدخل في قوله «وما أنزل إليهم من ربهم» كل حكم منزل على لسان رسول أو ملهم، «لأكلوا من فوقهم» وهو المطعم من الفوقية التي نسبت إليه، «ومن تحت أرجلهم»، وهو المطعم من التحتية التي نسبها إلى نفسه على لسان رسوله المترجم عنه صلى الله عليه وسلم. "6"
ولو لم يكن العرش على الماء ما انحفظ وجوده، فإنه
………………………………………………...
ويقول : 
لقد طبع الله القلوب بطابع    ….. من الطبع حتى لا يداخلها الكبر
وكيف يكون الكبر في قلب عاجز ….   ذليل له من ذاته العجز والفقر 
فتوحات ج 1 / 436 - ج 2 / 244 ، 328 ، 342 - ج 3 / 220 ، 514 - ج 4 / 230 - ديوان / 152 ، 202 ، 461 .
 

5 - «لو دليتم بحبل لهبط على الله » الحديث
فإن نسبة العلو والسفل إلى الله واحدة ، فإن الله بكل شيء محيط ، وهو حفيظ للعلو والسفل ، فنبه صلى الله عليه وسلم بذلك الحديث أن نسبة التحت والفوق إليه سبحانه على السواء لا تحده الجهات ولا تحصره ، وفي الحديث إشارة بديعة في الاعتصام بحبل الله أنه يوصلنا إلى الله . 
فتوحات ج 1 / 506 ، 681 - ج 3 / 152 - ج 4 / 189 ، 431


" وهو القاهر فوق عباده "
لا يلزم من الإيمان القول بالجهة ، فلا يلزم الشبه ، الجهة ما وردت ، والفوقية الإلهية قد ثبتت .
فتوحات ج 4 / 374

 

6 - "لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم"  نفس المعنى في فتوحات ج 4 / 431 
حيث يقول : و «لأكلوا من فوقهم » پریده استواءه على العرش والسماء ، بل كل ما علا « ومن تحت أرجلهم » يريد نسبة التحت إلى الله من قوله صلى الله عليه وسلم  « لو دليتم بحبل لهبط على الله » مع أنه ليس كمثله شيء فالنسب إليه على السواء ، فلله الفوق والتحت .

 
ص 301


بالحياة ينحفظ وجود الحي.
ألا ترى الحي إذا مات الموت العرفي تنحل أجزاء نظامه وتنعدم قواه عن ذلك النظم الخاص؟
قال تعالى لأيوب «اركض برجلك هذا مغتسل»، يعني ماء، «بارد» لما كان عليه من إفراط حرارة الألم، فسكنه الله ببرد الماء.
ولهذا كان الطب النقص من الزائد والزيادة في الناقص.
والمقصود طلب الاعتدال ولا سبيل إليه إلا أنه يقاربه.  "7" 
وإنما قلنا ولا سبيل إليه- أعني الاعتدال- من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام، ولا يكون التكوين إلا عن ميل في الطبيعة يسمى انحرافا أو تعفينا وفي حق الحق إرادة وهي ميل إلى المراد الخاص دون غيره.
والاعتدال يؤذن بالسواء في الجميع، وهذا ليس بواقع، فلهذا منعنا من حكم الاعتدال.
وقد ورد في العلم الإلهي النبوي اتصاف الحق بالرضا والغضب، وبالصفات.
والرضا مزيل للغضب، والغضب مزيل للرضا عن المرضي عنه والاعتدال أن يتساوى الرضا والغضب، فما غضب الغاضب على من غضب عليه وهو عنه راض. فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.
وما رضي الراضي عمن رضي عنه وهو غاضب عليه، فقد اتصف بأحد الحكمين في حقه وهو ميل.  "8"
وإنما قلنا هذا من أجل من يرى أن أهل النار لا يزال غضب الله عليهم
………………………………...

أما من حيث المعاني في تفسير الآية والإشارات فيها ، فمن أراد زيادة معان فليراجع فتوحات ج 1 / 192 ، 631 - ج 2 / 488 ، 594 ، 595 
أما قوله « ولو أنهم أقاموا التوراة » يعني امة موسى عليه السلام « والإنجيل » وهم أمة عيسى "وما أنزل إليهم من ربهم" ، وهم أهل القرآن وجميع كل من أنزلت عليه صحيفة • فتوحات ج 4 / 431


7 - نفس العبارة في  فتوحات ج 2 / 236
"" قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس عشر :-
"روينا عن مسلمة بن وضاح مسندا إليه وكان من أهل قرطبة فقال :-
قال الله في بعض ما أنزله على أنبياء بنى إسرائيل إني خلقت يعني آدم من تراب وماء ونفخت فيه نفسا وروحا
فسويت جسده من قبل التراب ورطوبته من الماء وحرارته من النفس وبرودته من الروح 
قال ثم جعلت في الجسد بعد هذا أربعة أنواع أخر لا تقوم واحدة منهن إلا بالأخرى وهي المرتان والدم والبلغم 
ثم أسكنت بعضهن في بعض فجعلت مسكن اليبوسة في المرة السوداء ومسكن الحرارة في المرة الصفراء ومسكن الرطوبة في الدم ومسكن البرودة في البلغم 
ثم قال جل ثناؤه فأي جسد اعتدلت فيه هذه الأخلاط كملت صحته واعتدلت بنيته فإن زادت واحدة منهن على الأخرى وقهرتهن دخل السقم على الجسد بقدر ما زادت وإذا كانت ناقصة ضعفت عن مقاومتهن فدخل السقم بغلبتهن إياها وضعفها عن مقاومتهن 
فعلم الطب أن يزيد في الناقص أو ينقص من الزائد طلب الاعتدال ".أهـ ""

 
8 ۔ الاعتدال لا يكون عنه شيء
اعلم أن الطبيعة حكمها في الصور لا يمكن أن يثبت على حالة واحدة فلا سكون عندها ، ولهذا الاعتدال في الأجسام الطبيعية العنصرية لا يوجد ، فهو معقول
لا موجود ، ولو كانت الطبيعة تقبل الميزان على السواء لما صح عنها وجود شيء ، ولا ظهرت عنها صورة ، ثم نشأة الصور الطبيعية دون العنصرية إذا ظهرت أيضا لا تظهر والطبيعة معتدلة أبدا ، بل لابد من ظهور بعض حقائقها على بعض الأجل الإيجاد ، ولولا ذلك ما تحرك فلك ولا سبح ملك ولا وصفت الجنة بأكل وشرب


ص 302


دائما أبدا في زعمه .
فما لهم حكم الرضا من الله، فصح المقصود.
فإن كان كما قلنا مآل أهل النار إلى إزالة الآلام وإن سكنوا النار، فذلك رضا "9"
فزال الغضب لزوال الآلام إذا عين الألم عين الغضب إن فهمت.
فمن غضب فقد تأذى، فلا يسعى في انتقام المغضوب عليه بإيلامه إلا ليجد الغاضب الراحة بذلك، فينتقل الألم الذي كان عنده إلى المغضوب عليه.
والحق إذا أفردته عن العالم يتعالى علوا كبيرا عن هذه الصفة على هذا الحد.
وإذا كان الحق هوية العالم، فما ظهرت الأحكام كلها إلا منه وفيه، وهو قوله «وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا "10"
«فاعبده و توكل عليه» حجابا وسترا .
فليس في الإمكان أبدع من هذا العالم لأنه على صورة الرحمن، أوجده الله أي ظهر وجوده تعالى بظهور العالم ، "11"   
كما ظهر الإنسان
…………………………………………………….

وظهور في صور مختلفة ولا غيرت الأنفاس في العالم جملة واحدة ، فإن الطبيعة أظهرت حكمها في الجسم الكل فقبل الحرارة والرطوبة والبرودة واليبوسة ، بحکم التجاوز في النقيضين ، فتحرك بغلبة الحرارة عليه ، 
فإن الاعتدال لا يظهر عنه شيء أصلا ، ولهذا وصف الحق نفسه بالرضا والغضب ، والرحمة والانتقام . 
والحلم والقهر ، فالاعتدال لا يصح معه وجود ولا تكوين . 

الا ترى أنه لولا التوجه الإلهي على إيجاد کون ما ما وجد، ولولا ما قال له كن ما تكون، وأصل ذلك في العلم الإلهي کونه تعالى "كل يوم هو في شأن" ، واليوم الزمن الفرد ، والشأن ما يحدث الله فيه ، فمن أين يصح أن تكون الطبيعة معتدلة الحكم في الأشياء ، وليس لها مستند في الإلهيات ؟ 
فتوحات ج 2 / 431 ، 433 .
 

9 - شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب
راجع فص 7، هامش 17 ، ص 117
"" 17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب  فص 7 رقم ۰17ص 117
من اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة ، أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، والله هو التواب .
 فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه کما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .
فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .
فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.
ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .
فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة ، فحجروا وضيقوا ما وسع الله .

فلو أن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة ، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ، وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه .

وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم .

وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .

فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباريء لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.

وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .

فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .

وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .

لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .
الفتوحات : ج 2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 . - ج 4 / 163 .  ""

 
10 – "وإليه يرجع الأمر كله» حقيقة وكشفا 
راجع الظاهر في المظاهر - فص 5 ، هامش 1  ص 84 

"" 6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر فص 5 ، هامش 1 ص 84
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم،
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.
فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج 2 / 40 ، 42 ، 99 ، 160 ، 435 ، 606.  ""
راجع كنت سمعه وبصره - فص 9، هامش 9 ، ص 136

""   9 - «كنت سمعه وبصره » الحديث فص 9، هامش 9 ، ص 136
يقول تعالى : « ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ۰۰. الحديث »

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:17 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :  الجزء الثاني
اعلم أن العبد حادث فلا تنفي عنه حقیقته لأنه لو انتفت ، انتفت عينه ، وإذا انتفت عينه فمن يكون مكلفا بالعبادة .
 ففي هذا الحديث أثبتك و نفاك ، فتكون أنت من حيث ذاتك ، ويكون هو من حيث تصرفاتك وإدراكاتك .
فأنت مكلف من حيث وجود عينك ومحل للخطاب ، وهو العامل بك من حيث أنه لا فعل لك .
إذ الحادث لا أثر له في عين الفعل ، ولكن له حكم في الفعل إذ كان ما كلفه الحق من حركة وسكون لا يعمله الحق إلا بوجود المتحرك والساكن .
إذ ليس إذا لم يكن العبد موجودا إلا الحق ، والحق تعالی عن الحركة والسكون أو يكون محلا لتأثيره في نفسه ، فلابد من حدوث العبد حتى يكون محلا لأثر الحق ، فإذا كان العبد ما عنده من ذاته سوى عينه بلا صفة ولا اسم سوى عينه ، حينئذ يكون عند الله من المقربين و بالضرورة يكون الحق جميع صفاته .
و يقول له : أنت عبدي حقا ، فما سمع سامع في نفس الأمر إلا بالحق ولا أبصر إلا به ولا علم إلا به ولا حيي ولا قدر ولا تحرك ولا سكن ولا أراد ولا قهر ولا أعطى ولا منع ولا ظهر عليه وعنه أمر ما هو عينه إلا وهو الحق لا العبد.
فما للعبد سوى عينه سواء علم ذلك أو جهله ، وما فاز العلماء إلا بعلمهم بهذا القدر في حق كل ما سوى الله لا أنهم صاروا كذا بعد أن لم يكونوا.
فالضمير في قوله «كنت سمعه» هو عين العبد . والسمع عين الحق في كل حال. فكشف له سبحانه عن ذلك فإن قوله « کنت » يدل على أنه كان الأمر على هذا وهو لا يشعر .
فكانت الكرامة التي أعطاها هذا التقرب الكشف والعلم بأن الله كان سمعه وبصره فهو يتخيل أنه يسمع بسمعه وهو يسمع بربه .
كما كان يسمع الإنسان في حال حياته بروحه في ظنه لجهله وفي نفس الأمر إنما يسمع بريه ، ألا ترى نبيه الصادق في أهل القليب كيف قال : ما أنتم بأسمع منهم ، فأثبت الله للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له .
وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد .
فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته وحق الخلق عبوديته .
الفتوحات ج 1 / 203 ، 305 ، 378 ، 397 ، 406 ، 407 ، 415 ، 434 ، 445 ، 468 ، 675 .
الفتوحات ج 2 / 65 ، 189 ، 323 ، 341 ، 479 ، 502 ، 513 ، 559.
إكماله فص 10 هامش 9  ص 137

اعلم أن القرب قربان:
قرب في قوله تعالى «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » وقوله تعالى «وهو معكم أينما كنتم».
وقرب هو القيام بالطاعات وهو المقصود في هذا الحديث ، فالقرب الذي هو القيام بالطاعات فذلك القرب من سعادة العبد من شقاوته ، وسعادة العبد في نيل جميع أغراضه كلها ، ولا يكون ذلك إلا في الجنة ، وأما في الدنيا فإنه لابد من ترك بعض أغراضه القادحة في سعادته .
فالقرب من السعادة بأن يطيع ليسعد ، وهذا هو الكسب في الولاية بالمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها ، أما قوله « من أداء ما افترضته عليه » لأنها عبودية اضطرارية « ولا يزال
العبد يقترب إلي بالنوافل » وهي عبودية اختيار « حتى أحبه » .
إذ جعلها نوافل ، فإذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه ، وإذا کنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره .
وتكون يدك يد الحق « إن الذين بیا یعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم » وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل ، فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد ونظره ، فانظر ما تنتجه محبة الله ، فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية .
ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض ، فالحق سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده ، فبه يسمع العالم و به يبصر وبه يتكلم وبه يبطش و به يسعى ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات ، كما ورد في الحديث الصحيح ، فانتبه لقوله « كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان، وفي الإيمان الرحمن ، فمن كذب العيان كان قوي الإيمان ، ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه ، فلا إيسان عنده ولا عيان ، فما هو صاحب مكان ولا إمكان .
ومن صدق العيان وسلم الإيمان كان في أمان ، فإن الله أثبت أن ذلك للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له ، وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته ، وحق الخلق عبوديته.
فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا ، فإن التعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة.
ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا .
فقوله تعالی « كنت سمعه وبصره » جعل کینوتنه سمع عبد منعوت بوصف خاص ، وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قواه من قواه ويقوم بکینوته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول
ولا بدليه ، فإنه أثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله « كنت سمعه » فهذه الهاء عينه ، والصفة عين الحق لا عينه ، فالشخص محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره .
كما يليق بجلاله ، فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته ، فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو ، وهذا من ألطف ما يكون فظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له کيفية ولا تنفك عنه بينية .
والكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف والاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان ، والجاهل إذا سمع ذلك أداه إلى فهم محظور من حلول أو تحديد ، فبالوجه الذي يقول فيه الحق إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته .
فمثلا سر الحياة سري في الموجودات فحييت بحياة الحق ، فهي نسب وإضافات وشهود حقائق ، والله هو العلي الكبير عن الحلول والمحل.
الفتوحات ج 3 / 14 ، 63 ، 68 ، 184 ، 298 ، 356 ، 531 ، 557 - ج 4 / 5 ، 362 ، 449 . أهـ . ""
 

11 - ليس في الإمكان أبدع من هذا العالم
اعلم أن العالم خلقه الله في غاية الإحكام والإتقان ، كما قال الإمام أبو حامد الغزالي من أنه لم يبق في الإمكان أبدع من هذا العالم ، فصدق لأنه ليس أكمل من الصورة التي خلق عليها الإنسان الكامل ، فلو كان لكان في العالم ما هو أكمل
 

ص 303


بوجود الصورة الطبيعية.
فنحن صورته الظاهرة، وهويته روح هذه الصورة المدبرة لها. "12"
فما كان التدبير إلا فيه كما لم يكن إلا منه.
فـ هو «الأول» بالمعنى «والآخر» بالصورة وهو «الظاهر» بتغير الأحكام والأحوال، «والباطن» بالتدبير، "13"
«وهو بكل شيء عليم» فهو على كل شيء شهيد، ليعلم عن شهود لا عن فكر.
فكذلك علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا. "14"
ثم كان لأيوب عليه السلام ذلك الماء شرابا لإزالة ألم العطش الذي هو من النصب والعذاب الذي مسه به الشيطان، أي البعد عن
………………………………………………………….
من الصورة التي هي الحضرة الإلهية ، وقد قال صلى الله عليه وسلم إنه تعالی خلق آدم على صورته. 
والإنسان مجموع العالم ، والعبد الكامل المخلوق على الصورة الجامع للحقائق الإمكانية الإلهية هو المظهر الأكمل الذي لا أكمل منه ، 
الذي قال فيه أبو حامد ما كان أبدع من هذا العالم لكمال وجود الحقائق كلها فيه : وهو العبد الذي ينبغي أن يسمي خليفة ونائبا . 
فتوحات ج 1 / 4 ، 259 - ج 2 / 103 ، 345 

وليس الكون بزائد عن كن بواوها الغيبة ، فظهر الكون على صورة کن ،
وكن أمره ، وأمره كلامه ، وكلامه علمه ، وعلمه ذاته ، 
فظهر العالم على صورته ، فالأمر في نفسه صعب تصوره من الوجه الذي يطلبه الفكر ، سهل في غاية السهولة من الوجه الذي قرره الشرع . 
فتوحات ج 2 / 402 ، 403 


12 -  هويته روح هذه الصورة المدبرة لها هو الظاهر في المظاهر

راجع الهامش 10 بالفص الحالي
 

13 - هو الأول في الوجود، والآخر في الشهود
فالأول الحق بالوجود     ….. والآخر الحق بالشهود 
ولما كان العالم له الظهور والبطون كان هو سبحانه الظاهر لنسبة ما ظهر منه والباطن لنسبة ما بطن منه . 
فتوحات ج 3 / 178 - دیوان 181


14 - علم الأذواق - راجع فص 10 ، هامش 8 ، ص 144
""  8 - العلوم الإلهية الذوقية فص 10 ، هامش 8 ، ص 144
علوم الأذواق لا سبيل إليها إلا بالذوق، فلا يقدر عاقل على أن يحدها ولا يقيم على معرفتها دليلا، كالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والعشق والوجد والشوق وما شاكل هذا النوع من العلوم.
فهذه علوم من المحال أن يعلمها أحد إلا بأن يتصف بها ويذوقها ، وبالذوق تتميز الأشياء عند العارفين .
والكلام على الأحوال لا يحتمل البسط وتكفي فيه الإشارة إلى المقصود ، ومهما بسطت القول
فيه أفسدته ، فعلوم الأذواق لا تنقال ولا تنحكي ، ولا يعرفها إلا من ذاقها ، وليس في الإمكان أن يبلغها من ذاقها إلى من لم يذقها .
وبينهم في ذلك تفاضل لا يعرف ، ولا يمكن أن يعرف عين ما فضله به ، وما من أمر إلا وهو يقبل التعبير عنه ، ولا يلزم من ذلك فهم السامع الذي لا يفهم ذلك الاصطلاح ولا تلك العبارة ، فإن علوم الأذواق والكيفيات وإن قبلت لا تنقال ، ولكن لما كان القول بها والعبارة عنها لإفهام السامع .

لذلك قالوا ما ينقال ، ولا يلزم ما لا يفهم السامع - المدرك له أن لا يصطلح مع نفسه على لفظ بدل به على ما ذاقه ، ليكون ذلك اللفظ منبها ومذكرة له إذا نسي ذلك في وقت آخر ، وإن لم يفهم عنه من لا ذوق له فيه ، فالله يرزقنا الإصابة في النطق والإخبار عما أشهدناه وعلمناه من الحق علم کشف و شهود وذوق ، فإن العبارة عن ذلك فتح من الله تأتي بحكم المطابقة ، وكم من شخص لا يقدر أن يعبر عما في نفسه، وكم من شخص تفسد عبارته صحة ما في نفسه ، والصحيح أن كل علم لا يكون عن ذوق فليس بعلم أهل الله .

ولما كانت العلوم تعلو وتنضع بحسب المعلوم ، لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زکت نفسه وعظمت مرتبته ، فأعلاها مرتبة العلم بالله .
وأعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ، ودونها علم النظر ، فالتجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، وهي علوم الأذواق .
ولما لم تر إلا التقليد ترجح عندنا تقلید هذا المسمى برسول والمسمى بکلام الله ، وعملنا عليه تقليدا حتى كان الحق سمعنا وبصرنا فعلمنا الأشياء بالله .
فرجال الله علموا الله بإعلام الله ، فكان هو علمهم كما كان بصرهم.
 فمثل هؤلاء لو تصور منهم نظر فکري لكان الحق عين فكرهم كما كان عين علمهم وعين بصرهم وسمعهم ، لكن لا يتصور من يكون مشهده هذا وذوقه أن يكون له فكر البتة في شيء إنما هو مع ما يوحي إليه على اختلاف ضروب الوحي ، وإنه من ضروب الوحي الفهم عن الله ابتداء من غير تعكر ،

فإن أعطي الفهم عن تفكر فما هو ذلك الرجل فإن الفهم عن الفكر يصيب وقتا ويخطىء وقتا ، والفهم لا عن فكر وحي صحيح صريح من الله لعبده ، وذوق الأنبياء عليهم السلام في هذا الوحي يزيد على ذوق الأولياء .
وأهل الله من الأنبياء والأولياء ينسبون فيما يدركونه من العلوم على غير الطريق المعتادة ، فإذا أدركوها تسبوا إلى تلك الصفة التي أدركوا بها المعلومات ، فيقولون فلان صاحب نظر أي بالنظر يدرك جميع المعلومات .
وهذا ذقته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفلان صاحب سمع ، وفلان صاحب طعم ، وصاحب نفس وأنفاس يعني الشم ، وصاحب لمس.
فمن علوم الوهب العلم عن النظرة والضربة والرمية وكيف نقوم هذه الأمور مقام کلام العالم للمتعلم ، وذوقنا من هذا الفن ذوق النظرة فتستفاد علوم كثيرة من مجرد ضرب أو نظر ، قد رأينا هذا كله بحمد الله من نفوسنا فلا نشك فيه .
الفتوحات ج 1 / 31 ، 166 ، 214 ، 483 ، 551 - ج 2 / 298 ، 482 ، 608 ، 754 - ج 3 / 60 - ج 4 / 38 .  أهـ ""

ص 304


الحقائق أن يدركها على ما هي عليه فيكون بإدراكها في محل القرب. "15"
فكل مشهود قريب من العين ولو كان بعيدا بالمسافة.
فإن البصر يتصل به من حيث شهوده ولولا ذلك لم يشهده، أو يتصل المشهود بالبصر كيف كان.  فهو قرب بين البصر والمبصر.
ولهذا كنى أيوب في المس، فأضافه إلى الشيطان مع قرب المس فقال البعيد مني قريب لحكمه في.
وقد علمت أن البعد والقرب أمران إضافيان، فهما نسبتان لا وجود لهما في العين مع ثبوت أحكامها في البعيد والقريب.
واعلم أن سر الله في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا حاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتلحق بصاحبه تشريفا لها.
فأثنى الله عليه- أعني على أيوب- بالصبر مع دعائه في رفع الضر عنه.
فعلمنا أن العبد إذا دعا الله في كشف الضر عنه لايقدح في صبره وأنه صابر "16"
وأنه نعم العبد كما قال تعالى «إنه أواب» أي رجاع إلى الله لا إلى
……………………………………………….

15 ۔ مخالفة لأصول الشيخ *
راجع فص 16، هامش 15، ص 263


16 - الشكوى إلى الله لا تقدح في الصبر
إن كنت صاحب غرض وتحس بسرض وألم فاحبس نفست عن الشكوى لغير من آلمك بحكمه عليك ، كما فعل أيوب عليه السلام . وهو الأدب الإلهي الذي علمه أنبياءه ورسله ، وإنه ما آلمت وحكم عليك بخلاف غرضك إلا لتسأله في رفع ذلك عنك ، فإن من لم يشك إلى الله مع الإحساس بالبلاء وعدم موافقة الغرض فقد قاوم القهر الإلهي ، فالأدب كل الأدب في الشكوى إلى الله في رفعه لا إلى غيره . 

ويبقى عليك اسم الصبر كما قال تعالى في رسوله أيوب عليه السلام « إنا وجدناه صابرا » في وقت الاضطراب والركون إلى الأسباب ، فلم يضطرب ولا ركن إلى شيء غير الله إلا إلينا لا إلى سبب من الأسباب ، فلا يرفع اسم الصبر عن العبد إذا حل به بلاء ، فسأل الله تعالى في رفع ذلك البلاء ، كما فعل أيوب عليه السلام . ولذلك إذا ابتلاك الحق بضر فاسأله رفعه عنك ولا تقاومه بالصبر عليه ، وما سماك صابرا إلا لكونت حبست نفسك عن سؤال غير الحق في كشف الضر الذي أنزله بك « إنه أواب » أي رجاع الينا فيما ابتليناه به ، وهذا يدل على أن الشكوى إلى الله لا تقدح في الصبر ؛ بل من آداب العبودية الشكوى إلى الله في رفع الضر والبلاء . 
فتوحات ج 2 / 29 ، 206 - ج 4 / 143 ، 408 .


ص 305

الأسباب، والحق يفعل عند ذلك بالسبب لأن العبد يستند إليه، إذ الأسباب المزيلة لأمر ما كثيرة والمسبب واحد العين.
فرجوع العبد إلى الواحد العين المزيل بالسبب ذلك الألم أولى من الرجوع إلى سبب خاص ربما لا يوافق علم الله فيه، فيقول إن الله لم.
فعمل أيوب بحكمة الله إذ كان نبيا، لما علم أن الصبر الذي هو حبس النفس عن الشكوى عند الطائفة، وليس ذلك بحد للصبر عندنا.
وإنما حده حبس النفس عن الشكوى لغير الله لا إلى الله.
فحجب الطائفة نظرهم في أن الشاكي يقدح بالشكوى في الرضا بالقضاء، وليس كذلك، فإن الرضا بالقضاء لا تقدح فيه الشكوى إلى الله ولا إلى غيره، وإنما تقدح في الرضا بالمقضي.
ونحن ما خوطبنا بالرضا بالمقضي.
والضر هو المقضي ما هو عين القضاء. "17"
وعلم أيوب أن في حبس النفس عن الشكوى إلى
……………………………………………………………...

17 - الرضا بالقضاء
اعلم أن الله تعالى قد أمرنا بالرضا قبل القضاء مطلقا ، فعلمنا أنه يريد الإجمال فإنه إذا فصله حال المقضى عليه بالمقضي به انقسم إلى ما يجوز الرضا به وإلى ما لا يجوز ، فلما أطلق الرضا به علمنا أنه أراد الإجمال ، والقدر توقيت الحكم ، 
فكل شيء بقضاء وقدر أي بحكم مؤقت ، فمن حيث التوقيت المطلق يجب الإيمان بالقدر خيره وشره ، حلوه ومره ، 
ومن حيث التعيين يجب الإيمان به لا الرضا ببعضه ، وإنما قلنا يجب الإيمان به أنه شر كما يجب الإيمان بالخير أنه خير فتقول إنه يجب على الإيمان بالشر أنه شر ، وأنه ليس إلى الله من كونه شرا ، لا من كونه عين وجود . إن كان الشر أمرا وجودية ، 
فمن حيث وجوده أي وجود عينه هو إلى الله ، ومن كونه شرة ليس إلى الله قال له في دعائه ربه « والشر ليس إليك » فالمؤمن ينفي عن الحق ما نفاه عن نفسه وجناب الله أوسع من أن أرضي منه باليسير ، فإن متعلق الرضي اليسير ، 
ولكن أرضي عنه لا منه ، لأن الرضى منه يقطع همم الرجال ، فإن الله لا يعظم عليه شيء طلب منه ، لأن الرضى منه جهل و نقص ،
 ويكون الرضا بقضاء الله لا بكل مقضي ، فإنه لا ينبغي الرضا بكل مقضي ، 

فلا يلزم الراضي بالقضاء الرضى بالمقضي ، فالقضاء حكم الله ، وهو الذي أمرنا بالرضا به ، والمقضي المحكوم به ، فلا بلزمنا الرضى به.
فتوحات ج 1 / 45 - ج 2 / 213 - ج 4 / 18 


ص 306

الله في رفع الضر مقاومة القهر الإلهي، وهو جهل بالشخص إذ ابتلاه الله بما تتألم منه نفسه، فلا يدعو الله في إزالة ذلك الأمر المؤلم، بل ينبغي له عند المحقق أن يتضرع ويسأل الله في إزالة ذلك عنه، فإن ذلك إزالة عن جناب الله عند العارف صاحب الكشف: فإن الله قد وصف نفسه بأنه يؤذي فقال «إن الذين يؤذون الله ورسوله». "18"
وأي أذى أعظم من أن يبتليك ببلاء عند غفلتك عنه أو عن مقام إلهي لا تعلمه
………………………………………………………….
18 - « إن الذين يؤذون الله ورسوله ۰۰۰ » الآية *
إن الذين يؤذون الله بالتكلم فيه بما لا نبغي ، فوصف الله نفسه بأنه يؤذي . ولم يؤاخذ عن أذاه في الوقت من آذاه . فأمهلهم ولم يؤاخذهم ، وجعل له ذلك الأذى اسم الصبور . فوصف نفسه بالصبور ، وذكر لنا من يؤذيه و بما يؤذيه . 
وطلب من عباده رفع الأذى - مع قدرته على أن لا يخلق فيهم ما خلق - مع بقاء اسم الصبور عليه ، ليعلمنا أنا إذا شكونا إليه ما نزل بنا من البلاء أن تلك الشكوى إليه لا قدح في نسبة الصبر إلينا ، فنحن مع هذه الشكوى إليه في رفع البلاء عنا صابرون ، كما هو صابر مع تعريفنا وإعلامه إيانا بين يؤذيه : وبما يؤذيه ، لننتصر له وندفع عنه ذلك . 
وهو الصبور ، فمن كان عدوا لله فهو عدو للمؤمن ، وقد ورد في الخبر "ليس من أحد أصبر على أذى من الله" ، وقد كذب وشتم ، لكونه قادرا على الأخذ وما يأخذ. ويهل باسمه الحليم ، 
ورد في الصحيح « شتمني ابن آدم ولم يكن ينبغي له ذلك ، وكذبني ابن آدم ولم يكن ينبغي له - الحديث - » رواه ابن حبان و أحمد و النسائي 
فقوله « ولم يكن ينبغي له ذلك » لما له عليه من فضل إخراجه من الشر الذي هو العدم ، إلى الخير الذي بيده تعالى وهو الوجود ، فكان التعريف بذلك ليرجع المكذب عن تكذيبه ، والشاتم عن شتمه ، فإن الدنيا موطن الرجوع والقبول منه . 

والآخرة وإن كانت موطن الرجوع ولكن ليست بموطن القبول ، واتصف الحق بالصبر على أذى العبد ، وعرف أهل الاعتناء من المؤمنين بذلك ، صورة الشاكي ، ليدفعوا عنه ذلك الأذى ، فيكون لهم من الله أعظم الجزاء ، فلا أرفع ممن يدفع عن الله أذى . 
ثم تمم فقال « لعنهم الله في الدنيا والآخرة » أي أبعدهم ، واللعنة البعد ، وسببه وقوع الأذى منهم ، فوجبت عليهم اللعنة ، « وأعد لهم عذابا مهينا » لو كان الأمر كما يتوهمه


ص 307

لترجع إليه بالشكوى فيرفعه عنك، فيصح الافتقار الذي هو حقيقتك، فيرتفع عن الحق الأذى بسؤالك إياه في رفعه عنك، إذ أنت صورته الظاهرة. "19"
كما جاع بعض العارفين فبكى فقال له في ذلك من لا ذوق له في هذا الفن معاتبا له، فقال العارف «إنما جوعني لأبكي». 
يقول إنما ابتلاني بالضر لأسأله في رفعه عني، وذلك لا يقدح في كوني صابرا. "20" 
فعلمنا أن الصبر إنما هو حبس النفس عن الشكوى لغير الله، وأعني بالغير وجها خاصا من وجوه الله. 
وقد عين الله الحق وجها خاصا من وجوه الله وهو المسمى وجه الهوية فتدعوه من ذلك الوجه في رفع الضر ، "21"  لا من الوجوه
……………………………………………….
من لا علم له من عدم مبالاة الحق بأهل الشقاء ، ما وقع الأخذ بالجرائم ولا وصف الله نفسه بالغضب ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قال في أهل الشقاء « وأعد لهم عذابا مهينا » فتوحات ج 1/ 356 ، 612 ، 680 ، 730 - ج 2 / 206 - ج 3 / 36 ، 463 - ج 4 / 317 ، 318


19 - إذ أنت صورته الظاهرة (لأنه الظاهر في المظاهر)
راجع هامش 10 "وإليه يرجع الأمر كله" حقيقة وكشفا   من هذا الفص
أو راجع فص 5 ، هامش 6 ، ص 84 

 

20 - هذه الكلمة لأبي يزيد البسطامي
فالعارف وإن وجد القوة الصبرية يفر إلى موطن الضعف والعبودية وحسن الأدب ، فإن القوة لله جميعا ، فيسأل ربه رفع هذا البلاء عنه ، وهذا لا يناقض الرضا بالقضاء ، فإن البلاء إنما هو عين المقضي لا القضاء ، فيرضى بالقضاء ويسأل الله في رفع المقضي عنه ، فيكون راضيا صابرا ، فهو يبكي له وعليه ، فإن الأكابر لا يحبسون نفوسهم عن الشكوى إلى الله . 
فتوحات ج 2 / 29 ، 208 


21 - الدعاء بالأسماء الإلهية لا بالهوية *
لما كان الاسم الله جامعا للنقيضين فهو وإن ظهر في اللفظ فليس المقصود إلا اسما خاصا منه تطلبه قرينة الحال ، فإذا قال طالب الرزق المحتاج إليه «یا الله ارزقني» والله هو المانع أيضا. 
فما يطلب بحاله إلا الاسم الرزاق، فما قال بالمعنى إلا « يا رزاق


ص 308


الأخر المسماة أسبابا، وليست إلا هو من حيث تفصيل الأمر في نفسه. 
فالعارف لا يحجبه سؤاله هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة.  "22"
وهذا لا يلزم طريقته إلا الأدباء من عباد الله الأمناء على أسرار
……………………………………………………..
ارزقني » فمن أراد الإجابة من الله فلا يسأله إلا بالاسم الخاص بذلك الأمر . 
ولا يسأل باسم يتضمن ما يريده و غیره . 
ولا يسأل بالاسم من حيث دلاله على داب المسي . 
ولكن يسأل من حسن المعنى الذي هو عليه . 
الذي لأجله جاء وتسبز عن غيره من الأسماء تميز معنى لا تسيز لفظ .
فتوحات ج 2 / 462 


22 - الأسباب مظاهر الحق وصور حجاب عن الحق
إثبات الأسباب أدل دليل على معرفة المثبت لها بربه . ومن رفعها رفع ما لا يصح رفعه ، وإنما ينبغي له أن يقف مع السبب الأول ، وهو الذي خلق هذه الأسباب ونصبها ، فتبارك الله رب العالمين وضع الأسباب ، وجعلها له كالحجاب . 
فهي توصل إليه تعالى من علمها حجابا ، وهي تصد عنه كل من اتخذها أربابا . 
فذكرت الأسباب في إنبائها أن الله من ورائها ، فإنه يستحيل أن يكون للأسباب أثر في المسببات فإن ذلك لسان الظاهر . 
يقول الحق ، جميع ما تراه من المحدثات : ما لأحد فيه أثر . 
ولا شيء من الخلق ، فأنا الذي أخلق الأشياء عند الأسباب لا بالأسباب .
واعلم أن الممكنات مفتقرة بالذات فلا يزال الفقر يصحبها دائما . 
لأن ذاتها دائمة ، فوضع لها الأسباب التي يحصل لها عندها ما افتقرت فيه .
 فافتقرت إلى الأسباب ، فجعل الله عين الأسباب أسماء له ، فأسماء الأسباب من أسمائه تعالى حتى لا يفتقر إلا إليه ، لأنه العلم الصحيح ، 
فلا فرق عند أهل الكشف بين الأسماء التي يقال في العرف والشرع إنها أسماء الله وبين أسماء الأسباب أنها أسماء الله ، فإنه قال "أنتم الفقراء إلى الله"، ونحن نرى الواقع الافتقار إلى الأسباب. 
فلابد أن تكون أسماء الأسباب أسماء الله تعالى ، فندعوه بها دعاء حال لا دعاء الفاظ ، ولذلك أمر بشکر الأسباب لأنه أمر بشكره فهو الثناء عليه بها ، فالملامية من الصوفية عبيد خالصون


ص 309

الله، فإن لله أمناء لا يعرفهم إلا الله ويعرف بعضهم بعضا. 
وقد نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل.
………………………………………………..
مخلصون لسيدهم ، مشاهدون إياه على الدوام في أكلهم وشربهم و يقظتهم ونومهم وحديثهم مع الناس ، يضعون الأسباب مواضعها ، ويعرفون حكمتها ، حتى تراهم
كأنهم الذي خلق لهم كل شيء مما تراهم من إثباتهم الأسباب وتحضيضهم عليها ، يفتقرون إلى كل شيء ، لأن كل شيء عندهم هو مسمى الله ، 
ورأوا الناس قد افتقروا إلى الأسباب الموضوعة كلها وقد حجبتهم في العامة عن الله ، وهم على الحقيقة ما افتقروا في نفس الأمر إلا إلى من بيده قضاء حوائجهم وهو الله ، قالوا فهنا قد تسمى الله بكل ما يفتقر إليه في الحقيقة ، 
فمن رفع الأسباب في الموضع الذي وضعه فيه واضعه وهو الحق فقد سفه واضعه وجهل قدره ، ومن اعتمد عليه فقد أشرك وألحد وإلى أرض الطبيعة أخلد ، فالملامتية قررت الأسباب ولم تعتمد عليها ، فلا يرفع الأسباب إلا جاهل بالوضع الإلهي ، ولا يثبت الأسباب إلا عالم كبير أديب في العلم الإلهي . 
قال أبو بكر الصديق الطبيب أمرضني ، فالعلة إثبات السبب والحق عين السبب ، فإنه أثبت افتقار الناس إليه لا إلى غيره ، ليبين لهم أنه المتجلي في صور الأسباب وأن الأسباب التي هي صور حجاب عنه ، ليعلم العلماء لعلمهم بالمراتب . 
الفتوحات ج 2 / 16 ، 123 ، 204 ، 469 ، 490 - ج 3 / 35 ، 73 ، 208 ، 416 ، 558 .


ص  310

 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالإثنين يناير 27, 2020 5:20 pm

السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
 19 – فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية
المرتبة 19 - لفص حكمة غيبية في كلمة أيوبية . من الاسم الحي وفلك الهواء وحرف الزاي ومنزلة الشولة .
فعل الإحياء لا يظهر الا ممن له الحياة الذاتية ، فهو لا يستمد حياته من غيره أي أن الاسم : المحيي يستلزم ظهور الاسم : الحي .
فلهذا جاءت المرتبة 19 للحي الذي هو أول الأسماء الصفاتية وينبوع الكمالات وإليه ترجع الأسماء الأمهات .
ولمكانته القطبية ظهر بتوجهه أقوى الأركان وأعمها وسبب حياة الكائنات جميعها أي الهواء الذي يقول عنه الشيخ في الفصل 29 ن الباب 198 باختصار : ( ولا يسمى الهواء ريحا إلا إذا تحرك وتموج .
وهو ذو روح يعقل كسائر أجسام العالم وهبوبه تسبيحه وما ثم شيء أقوى منه إلّا الإنسان حيث يقدر على قمع هواه الذي أوجده اللّه فيه فيظهر عقله في حكمه على هواه.
فإنه لقوة الصورة التي خلق عليها ، الرياسة له ذاتية ، ولكونه ممكنا الفقر والذلة له ذاتية .
فإذا غلب فقره على رياسته فظهر بعبوديته ولم يظهر لربوبية الصورة فيه أثر لم يكن مخلوق أشد منه .
فالهواء موجود عظيم وهو أقرب الأركان نسبة إلى نفس الرحمن .
وهو نفس العالم الكبير وهو حياته وله القوة والاقتدار ، وهو أقوى المؤثرات الطبيعية في الأجسام والأرواح . 
وهو أصل حياة العالم الطبيعي كما أن الماء أصل الصور الطبيعية . فصورة الهواء من الماء وروح الماء من الهواء . ولو سكن الهواء لهلك كل متنفس وكل شيء في العالم متنفس فان الأصل نفس الرحمن .

وجعله اللّه لطيفا يسوق الأرواح إلى المشام ويوجد النغمات فيؤثر السماع الطبيعي في الأرواح ويحرك ويطفي ويشعل وفيه تظهر صور الحروف والكلمات فلولا الهواء ما نطق ناطق ولما كان الباري متكلما ويحدث فيه صور الجنين في النكاح والثمر في اللقاح
قال تعالى :وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ ( الحجر ، 22 ) ووصف الحق تعالى نفسه بأن له نفسا وإن كان ليس كمثله شيء ولكن نبه عباده العارفين أن علمه بالعالم علمه بنفسه ووصف نفسه سبحانه بأنه ينفخ الأرواح فيعطى الحياة في الصور المسواة فجاء بالنفخ الذي يدل على النفس .

فحياة العالم بالنفخ الإلهي من حيث أن له نفسا فلم يكن في صور العالم أحق بهذه الحياة من الهواء فهو الذي خرج على صورة النفس الرحماني الذي ينفس اللّه به عن عباده ما يجدونه من الكرب والغم الذي تعطيه الطبيعية ) انتهى .

وأنسب الأنبياء لهذا النفس الرحماني الهوائي هو أيوب عليه السلام الذي نفس عليه ما يجده من كرب المرض وغم فقدان الأهل والمال بعد أن قال له :ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ( ص ، 42 ) ، فجعل الشيخ هذا الباب 19 للكلمة الأيوبية وبدأه بذكر سر الحياة ، أي الهواء الساري في الماء كسريان الاسم : الحي في الاسم : المحيي .

ثم أشار إلى علاقة هذا الفص بالهواء والنفس
فقال : " من أجل أن الحقائق والشهود تعطي التكوين مع الأنفاس على الدوام " .
وفي أول الباب مقارنة خفية بين العرش المحمول على الماء ، والماء على الهواء ، وبين أيوب الذي انفجر الماء تحته فسرى فيه نفس الرحمة والحياة ،
وفي هذا إشارة إلى أن الإنسان الكامل مكتنف بالرحمة من جميع جوانبه كالعرش إذ كلاهما مجلى استواء الرحمانية ومن تحتهما تتفجر مياه الحياة الأزلية . . .
وأما وصف حكمة أيوب بالغيبية فلأنّ أقرب الأركان للغيب هو الهواء لأنه هو أصل الأركان والأصل غيب الهوية ولهذا تكلم الشيخ في هذا الفص على الهوية
فقال : فالعارف لا يحجبه سؤال هوية الحق في رفع الضر عنه عن أن تكون جميع الأسباب عينه من حيثية خاصة .
وهذا لا يلزم طريقته إلّا الأدباء من عباد اللّه الأمناء على أسرار اللّه ، فإن للّه أمناء لا يعرفهم الا اللّه ويعرف بعضهم بعضا

( وكتم أسرار الأمانة من مظاهر الغيب الدال على أن صاحبه ممن ملك هواه . يقال : الريح نمامة أي تشيع الخبر والروائح والأنغام كما يشيع النمام الحديث . . . والأديب الأمين بتحكيم عقله على هواه كاتم للأسرار فباطنه غيب . . . ) وقد تكلم الشيخ في الباب 371 من الفتوحات المخصوص بسورة الرعد عن علاقة الهواء بالغيب
 فيقول : ( فالعرش إنما يحمله الماء الجامد ، والحملة التي له إنما هي خدمة له تعظيما وإجلالا . وذلك الهواء نفس الظلمة التي هي الغيب 
ولا يعلم أحد تلك الظلمة إلا اللّه كما قال :عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً( الجن ، 26 ) ، وفيها يكون الناس على الجسر إذا بدلت الأرض غير الأرض .

ويقول الشيخ في هذا الباب :
 فإن الهواء هو الأصل عندنا ولذلك هو أقرب نسبة إلى العماء الذي هو نفس الرحمن
فجمع بين الحرارة والرطوبة .
فمن حرارته ظهر ركن النار ،
ومن رطوبته ظهر ركن الماء
ومن جمود الماء كان الأرض .
فالهواء ابن للنفس وهو العماء
والماء والنار ولدان للهواء والأرض ولد الولد وهو ما جمد من الماء ).

( وأما علاقة أيوب بالغيب فلأن كل أحواله عطاء من الغيب بلا كسب كالأموال والبنين ثم الابتلاء بفقدهم وصبره على ذلك ثم كشفه الضر عنه بالماء المتفجر تحته وبإعادة أهله وأمواله ومثلهم معهم كل ذلك من يقينه بغيب اللّه فرحمه اللّه من غيبه .
حتى ورد في الحديث الذي رواه أحمد وابن أبي حاتم وابن حبان : ( لما عافى اللّه أيوب عليه السلام أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذ منه بيده ويحمل في ثوبه فقيل له : يا أيوب أما تشبع ؟   قال : يا رب ومن يشبع من رحمتك ) .

وأما الحرف اللفظي التاسع عشر الموجود عن توجه الحي فهو الزاي الذي له صفات .
الجهر والإرتخاء والانفتاح والإنسفال والصفير .
وهو عند الشيخ من الحروف المقدسة التي تتصل بها الحروف وهو لا يتصل بها فهو أحد حروف الذات السبعة " أدذرزولا " وهو مخصوص بالتتريه الذاتي وتتريهه هذا مناسب لحكمته الغيبية فالغيب الباطن هو المتره .

يقول الشيخ عنه في تعريفه في الباب الثاني من الفتوحات :
في الزاي سرّ إذا حققت معناه ... كانت حقائق روح الأمر مغناه
إذا تجلى إلى قلب بحكمته ... عند الفناء عن التنزيه أغناه
فليس في أحرف الذات النزيهة من ... يحقق العلم أو يدريه إلا هو

فانظر كيف ختم الأبيات بهوية الغيب المترهة .
وأما المترلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة الأيوبية فهي الشولة .
وفعل " شال " يعني : رفع .
فالشولة تشير إلى الحركة نحو العلو كما يرفع الهواء الأجسام ، والرفع إلى العلو تتريه .
والثلثان الأولان للشولة في برج العقرب الذي له طبع الماء البارد الرطب ، وبيد ملك هذا البرج مفتاح خلق النباتات .
وثلثها الأخير في برج القوس الناري الحار اليابس ولملكه تدبير الأجسام النورية والظلمانية ومفتاح خلق النار حسب ما ذكره الشيخ في " عقلة المستوفز ".
 ولتأكيد المناسبات بين الاسم الإلهي وما يوجد عنه من مراتب وحروف ومنزلة فلكية

يقول الشيخ في آخر هذا الفصل 29 من الباب 198 :
" فله - أي للهواء - حرف الزاي وهو من حروف الصفير فهو مناسب لأن الصفير هواء بشدة وضيق وله الشولة وهي حارة فافهم " .

19 : سورة فص أيوب عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الشرح " المناسبة تماما لحال أيوب الذي شرح اللّه صدره بالنبوة ووضع وزره الذي أنقض ظهره من البلاء العظيم الذي أصابه ، ورفع ذكره في القرآن وجعل له بعد العسر يسرا ، ووفقه للصبر ،
 ورغب من ربه وحده في رفع الضر عنه متحققا بآخر آية من " الشرح " الآية ( 8 ) :وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ ولهذا ختم الشيخ الفص بالشكوى إلى اللّه والرغبة إليه فأيوب أواب إلى اللّه تعالى أي راغب في فضله رجاع له لا إلى الأسباب .
وأتى الشيخ بجملة هي كالشرح للآيتين الأخيرتين من " الشرح " فقال في نهاية الفص : " فقد نصحناك فاعمل " إشارة إلى الآية ( 7 ) :فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ
ثم قال : " وإياه سبحانه فاسأل " إشارة إلى "وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ" والاسم الحاكم على هذا الفص - هو " الحي " المتوجه على إيجاد الهواء . وبالهواء يشرح الصدر حسا .

وفي الفص كلام عن إزالة الآلام وزوال الغضب ، كل ذلك من الآيات :وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ. . .إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً( الشرح ، 2 - 6 ) وهو نفس ما نجده في الوصل " 21 " من الباب " 369 فـ " وهو الوصل الخاص بسورة " الشرح " حيث يقول : " . . . وزال ما كان يجده من ثقل الكون الذي من أجله سمي الجن والإنس : الثقلين .
وهو اسم لكل موجود طبيعي . وزال عنه ما كان يحس به من الألم النفسي والحسي ورفعه اللّه عند هذا مكانا عليا وهو نصيبه من مقام إدريس عليه السلام فارتفعت مكانته وزالت زمانته وحمد مسراه وحمد ما أعطاه سراه . . . "
وأما الآية ( 4 ) : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ
فيناسبها قول الشيخ : " وأعلم أن سر اللّه في أيوب الذي جعله عبرة لنا وكتابا مسطورا خاليا تقرؤه هذه الأمة المحمدية لتعلم ما فيه فتحلق بصاحبه تشريفا لها . "

علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
الفص السابق تكلم عن القتل والموت من تباب سورة " المسد " . وكل موت من موطن هو حياة في موطن آخر .
فجاء هذا الفص يتكلم عن الحياة بعد الهلاك من سورة " الشرح " لأيوب .
وفي الفص السابق كلام حول الذكر ورفعته :وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ ، كذكر يونس :لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ( الأنبياء ، 87 ) وفي هذا الفص كلام عن تسبيح كل شيء .
وآخر ما ختم به هذا الفص " نصحناك فاعمل وإياه سبحانه فاسأل " من آخر الشرح الآية " 7 - 8 " :فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ هو ما نجده عمليا في سورة " الكوثر " الآية " 2 " التي لها فص يحيى التالي :فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ.

ولفص " يحيى " الاسم " المحيي " وفلك الماء الذي حيي به أيوب والذي لفصه الاسم " الحي " : فالفصان متكاملان وسورتاهما في غاية المناسبة فموضوعهما ذكر النعم والتكاليف المخاطب بها سيدنا محمد صلى عليه وسلم وفيهما كبرى البشائر له .
فناسب شرح صدره صلى اللّه وعليه وسلم فص أيوب وناسب كوثره صلى اللّه عليه وسلم فص يحيى عليه السلام.
 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: