مقدمة مولانا الكتاب المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. محمد الكفافي
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
مقدمة مولانا على مدونة عبدالله المسافرمقدمة مولانا . الجزء الثاني د. محمد عبد السلام الكفافي
المثنوى الكتاب الثاني
“ 34 “بسْم اللَّه الرَّحْمن الرَّحيم
مقدمة الكتاببيان طرف من الحكمة في تأخير المجلد الثاني
لو أن الحكمة الإلهية تكشفت للعبد بكاملها ، فان العبد في تأمله فوائد ذلك الكشف ، يقف ازاءه عاجزا وتدمر ادراكه حكمة الله التي لا حدود لها ، فلا يستطيع اكمال هذا العمل “ 1 “ . ولهذا فان الله تعالى يجذب عبده من أنفه بنفحة من حكمته التي لا حدّ لها ، ويقوده إلى ذلك العمل .
ولو أن الله لم يكشف لعبده أي علم بتلك الفائدة فإنه لن يتحرك قط .
فالعامل المحرك نوع من الرزق الانساني ، فنحن نقبل على عمل معين من أجل مصلحة معينة .
ولو أن الحق أفاض على المرء كل حكمة ذلك العمل ما استطاع حراكا . فالجمل لا يتحرك ان لم يكن في
..........................................................
( 1 ) يقصد المثنوى .
“ 35 “
أنفه مقود ( يجذبه ) . فإن كان الرسن بالغ الكبر ، بقي نائما ( ولم يتحرك ) .
” وَإنْ منْ شَيْءٍ إلَّا عنْدَنا خَزائنُهُ وَما نُنَزِّلُهُ إلَّا بقَدَرٍ مَعْلُومٍ ““ 1 “ .
ان التراب - بدون الماء - لا يتحول إلى لَبنات . وإذا زاد مقدار الماء فيه فهو أيضا لا يصير لبنات
( قال تعالى ) :” وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْميزانَ ““ 2 “ فهو يعطى كل شئ بميزان ، وليس بدون حساب وميزان .
( ولا يصدق ) هذا على الأشخاص الذين تحولوا عن علام الخلق ،
وصاروا ممن ( وصفهم الحق ) بقوله :” وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بغَيْر حسابٍ “ *” 3 “ .
ومن لم يذق لم يدر . ولقد سأل سائل . ما العشق ؟ فأجبت : “ حين تصير مثلنا فسوف تعلم ! “ .
ان العشق هو المحبة بدون حساب . فلقد قيل إنه صفة حقيقة لله ،
وأما اتصاف العبد به فمن قبيل المجاز . فكلمة” يُحبُّهُمْ ““ 4 “ يقين كامل ،
وأما كلمة” يُحبُّونَهُ ““ 5 “ ، فمن ذا الذي يصدق عليه هذا الوصف .................................................................( 1 ) سورة الحجر ، 15 : 21 .( 2 ) الرحمن ، 55 : 7 .( 3 ) البقرة ، 2 : 212 .( 4 ) “ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله يقولم يحبهم ويجبونه أذلة على المؤمنين أغرة على الكافرين “ . ( المائدة ، 5 : 54 ) .( 5 ) “ يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله يقولم يحبهم ويجبونه أذلة على المؤمنين أغرة على الكافرين “ . ( المائدة ، 5 : 54 ) . .