قصة البقال والببغاء وسكب الببغاء للزيت المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )
قصة البقال والببغاء على منتدى عبدالله المسافر بالله
قصة البقال والببغاء المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
قصة البقال والببغاء وسكب الببغاء للزيت في الحانوت
- كان هناك أحد البقالين ، وكان لديه ببغاء حسن الصوت أخضر اللون ، فصيحا .- كان مقيما في الحانوت حارسا له ، وكان يفاكه كل التجار . 250 - وكان عند مخاطبته البشر ناطقا ، كما كان في تغريد اللبغاوات حاذقا . « 2 » - فقفز وهرب من صدر الحانوت يبحث عن ملجأ ما ، فصب زجاجات ماء الورد .- وأتى سيده من الدار إلى الحانوت ، وكعادة التجار جلس مطمئنا أمام الحانوت ................................................................( 1 ) ج / 1 - 134 : وتقدم قليلا حتى أروى لك حكاية ، ربما تجد نصيبا من بيانى .( 2 ) ج / 1 - 144 - : كان السيد قد ذهب إلى منزله ذات يوم ، وكان الببغاء يحرس الحانوت . - وقفز قط فجأة في الحانوت في أثر فأر ، والببغاء خوفا على روحه . . . « 59 » - فرأى الحانوت مليئا بالزيت والقماش بالبقع ، فظل يضربه على رأسه حتى أصيب بالقراع .- فامتنع عن الكلام عدة أيام ، وتأوه البقال ندما . 255 - وأخذ يقتلع لحيته ويقول : وآسفاه ، إن شمس نعمتي قد غطاها السحاب .- ليت يدي قد قطعت حين ضربت حلو اللسان هذا على رأسه .- أخذ يقدم الصدقات لكل الدراويش ، حتى يدعو لطائره بأن يعود إلى النطق .- وكان يبدي لذلك الطائر كل ما يخفيه من " عجيب وغريب " عله يبدأ في النطق . « 1 » 260 - وفجأة مر درويش " قلندرى أو بكتاشى " عارى الرأس ، برأس حليقة كظهر الإناء أو الطست .- فبدأ الببغاء في النطق في تلك اللحظة ، وكأحد العقلاء صاح بالدرويش :- لأي سبب سلكت أيها الأقرع بين القرع ؟ تراك سكبت الزيت من الزجاجة ؟- ومن قياسه ضحك الخلق ، لقد ظن الدرويش مثله ! !- فلا تقس أمور الأطهار على أمورك ، وإن تشابهتا في الكتابة كلمة شير بمعنى أسد وبمعنى لبن . 265 - ولهذا السبب ضل كل الخلق ، وقليل من صار واعيا ، وهم أبدال الحق .- فظنوا أنهم يستوون مع الأنبياء ، وظنوا الأولياء من أمثالهم ................................................................( 1 ) ج / 1 - 144 - : كان يتحدث لحظة بعد أخرى حديثا من كل باب ، ربما يبدأ الببغاء في الكلام . وأملا في يبدأ الطائر في الكلام ، كان يبدي عينيه في صور عديدة .« 60 » - وقالوا : في النهاية هم بشر ونحن بشر ، ونحن وهم في أسر النوم والطعام .- ولم يعرفوا لما فيهم من عمى ، أن هناك فرقا بينهم لا حد له .- فهناك نوعان من النحل يمتصان الرحيق من موضع واحد ، لكن أحديهما يعطى الوخز والآخر العسل . 270 - وهناك نوعان من الغزلان يرعيان ويشربان من مكان واحد ، لكن أحديهما يفرز البعر ، والآخر يفرز المسك .- وهناك نوعان من البوص يسقيان من ماء واحد ، لكن أحديهما خال ، والآخر ملىء بالسكر - وانظر إلى مئات الآلاف من الأشباه ، وانظر بينهما بونا شاسعا " مسيرته " سبعون عاما .- فهذا يأكل فيخرج منه الدنس والقذر ، وذاك يأكل ، فيصبح كله نورا لله .- هذا يأكل فيتولد عنه البخل والحسد ، وذاك يأكل ، فيفيض عنه بأجمعه نور الأحد 275 - هذه الأرض طيبة وتلك بور جرداء ، هذا ملاك طاهر ، وذاك شيطان ووحش .- ومن الجائز أن تكون صورة هذا وذاك واحدة ، فالماء العذب والماء الملح كلاهما يتميزان بالصفاء .- ولا يميز بينهما إلا صاحب ذوق فأدركه ، إنه هو الذي يميز بين الماء العذب والماء المالح . « 1 »...............................................................( 1 ) ج / 1 - 145 : أقصد اللهم إلا صاحب ذوق يعرف الطعوم ، فمتى يميز من لم يذق الشهد بينه وبين الشمع ؟« 61 » - ولقد قاس " الناس " السحر بالمعجزة ، واعتبرا أن كليهما قائم على المكر .- وسحرة فرعون من لجاجهم وخصومتهم ، حملوا عصيا كعصا موسى . 280 - وهناك فرق عميق بين هذه العصا وتلك العصى ، وهناك طريق مهول بين هذا العمل وذاك العمل .- فلعنة الله على ذاك العمل بما يترتب عليه ، ورحمة الله على هذا العمل لما فيه من وفاء .- والكفار في مرائهم لديهم طبع القرود ، وثمة آفة حلت في صدورهم هي الطبع .- فكل ما يقوم به الإنسان يقوم به القرد ، إنه يقوم بما يقوم به المرء لحظة بلحظة .- وهو يظن قائلا لنفسه " لقد قمت بما يقوم به " ومتى يعلم الفرق ذلك اللجوج العنيد؟ ! 285 - إن المرء يفعل ما يفعله بالأمر " الإلهى " وهو يقوم به مراء ، ألا فلتحث التراب في وجوه الممارين .- وإن ذلك المنافق ليدخل إلى الصلاة إلى جوار المؤمن مراء وجدلا لا على سبيل الضراعة .- وفي الصلاة والصوم والحج والزكاة ، يكون المؤمنون في تزاحم مع المنافقين .- والكسب يكون للمؤمنين في نهاية الأمر ، أما الهزيمة فهي للمنافقين في الآخرة .- وإذا كان الفريقان في سباق واحد ، فإن ما بينهما هو ما بين الرازي والمروزي . « 62 » 290 - وكل منهما يمضى صوب مقامه ، ويمضى إلى وفق ما يمليه عليه اسمه .- فمن يطلق عليه اسم المؤمن تطيب به روحه ، وإن كان منافقا يصبح حادا ممتلئا نارا .- والمؤمن اسمه محبوب في حد ذاته ، أما اسم المنافق فمكروه من شروره وآفاته .- وليست حروف الميم والواو " المهموزة " والميم والنون تشريفا ، ولفظ مؤمن ليس إلا من أجل التعريف . –- وإن دعوته منافقا فإن هذا الاسم المنحط ، يلدغه من الداخل وكأنه العقرب . 295 - وإن لم يكن هذا الاسم مشتقا من الجحيم ، فلماذا إذن يكون مذاقه مذاق الجحيم؟- والقبح في ذلك الاسم القبيح ليس من اللفظ ، وملوحة ذلك البحر ليست من الإناء .- فاللفظ كالإناء والمعنى فيه كالماء ، وبحر المعنى عنده " في " أم الكتاب " .- والبحر العذب والبحر المالح كلاهما موجودان في الدنيا ، وبينهما برزخ لا يبغيان- هذا وإن كان كلاهعما ينبعان من أصل واحد ، فدعك منهما معا ، واتجه إلى الأصل 300 - والذهب الزائف والذهب الصحيح عند العيار ، لا تميز بينهما دون محك على سبيل الاعتبار .- وكل من وضع له الله محكا في روحه ، فإنه يستطيع أن يميز بين كل يقين وشك . « 1 »- ولو أن قذى قفز في فم حي ، فإنه لا يستريح حتى يخرج هذا القذى ................................................................( 1 ) ج / 1 - 147 : - وهذا ما قصده المصطفى من " استفت قلبك " ، ويعلم ذلك الذي يكون شديد الوفاء .« 63 » - وبين مئات اللقيمات لو أن عودا صغيرا من القذى دخل الفم لتتبعه حس الحي .- وحس الدنيا سلم لهذه الدنيا ، وحس الدين سلم إلى السماء . 305 - فاطلب صحة ذاك الحس من الطبيب ، واطلب صحة هذا الحس من الحبيب .- وصحة ذاك الحس من عمران الجسد ، وصحة هذا الحس من تخريب البدن .- وإن طريق الروح ليخرب الجسد ، ومن بعد ذلك التدمير يقوم بإصلاحه . « 1 » - لقد هدم الدار من أجل كنز من الذهب ، ومن نفس ذلك الكنز جعلها أكثر عمرانا .- وقطع الماء ثم قام بتطهير الجدول ، ثم أجرى في الجدول ماءً صالحا للشرب . 310 - وشق الجلد وأخرج النصل ، وتكون من بعدها فوقه جلد " جديد " .- وهدم القلعة ، واستولى عليها من الكافر ، ثم أقام عليها مائة برج وسد .- فمن الذي يبين كيفية أمر لا كيفية له ؟ إنما بينت ما دعت إليه الضرورة .- فهو أحيانا ما يبديه هكذا وأحيانا ما يضاد هذا ، ولا يكون أمر الدين إلا الحيرة .- لكن لا كما يكون المرء حائرا بحيث يعطيه ظهره ، بل حيرة تجعله مستغرقا في الحبيب ثملا به 315 - فبينما ولى أحدهم وجهه صوب الحبيب ، هناك آخر صار وجهه وجه الحبيب - فداوم النظر إلى كل وجه وداوم الانتباه إليه ، ربما تصبح من هذا العمل خبيرا بالوجوه .- فكم هناك من إبليس له وجه آدم ، فلا تمدن يدك إذن إلى كل يد ................................................................( 1 ) ج / 1 - 147 : - فما أسعدها من روح تلك التي من أجل العشق والحال ، بذلت الدار والأسباب والملك والمال .« 64 » - ذلك أن الصياد يطلق صفيرا " كصفير الطائر " ، حتى يخدع الطائر ذلك الآخذ للطيور .- إذ يستمع ذلك الطائر إلى صفير طائر من جنسه ، ويحط من الهواء فيجد الفخ والطعن . 320 - والرجل المنحط يسرق ألفاظ الدراويش ، ليجعل منها رقية يقرأها على ملدوغ .- وأعمال الرجال ضياء ومواساة ، أما أعمال الأدنياء فاحتيال ووقاحة .- إنهم يرتدون اللباس الصوفي من أجل التسول « 1 » ، ويلقبون مسيلمة بأحمد .- ويبقى لمسيلمة لقب الكذاب ، ويبقى لمحمد لقب أولى الألباب .- وشراب الحق ختامه المسك الخالص ، أما ختام الخمر فهو النتن والعذاب.