[ قصة التاجر الذي حمله ببغاءه الحبيس رسالة إلى ببغاوات هند ]
قصة التاجر الذي حمله ببغاءه الحبيس
رسالة إلى ببغاوات الهند عندما كان ذاهبا للتجارة
- كان هناك أحد التجار ، وكان له ببغاء ، وكان الببغاء الجميل حبيسا في القفص - وعندما أعد التاجر عدة السفر ، عازما على التوجه إلى الهند .- أخذ من جوده يسأل كل عبد وكل جارية قائلا : ماذا أحضر لك ؟ قل سريعا .1560 - وطلب كل واحد منهم طلبا ، ووعدهم جميعا ذلك الرجل الطيب .- وقال للببغاء : أية هدية تريد أن آتيك بها من بلاد الهند ؟- قال ذلك الببغاء : هناك توجد ببغاوات ، عندما تراها ، حدثها عن أحوالي .- " قل لهم " : إن الببغاء فلان مشتاق لكم ، وقد شاء القضاء أن يكون حبيسا عندنا .- لقد أرسل إليكم السلام وطلب الغوث ، وسألكم الوسيلة وطريق الإرشاد ................................................................( 1 ) ج / 1 - 679 : استمع إلى حكاية أيها الرفيق الطيب ، حتى تعلم شرط هذا البحر العميق . - استمع إلى قصة الآن كمثال ، حتى تصبح واقفا على أسرار المقال .« 164 »1565 - وقال : أيليق أن أسلم الروح إشتياقا ، وأموت هنا من الفراق ؟- وهل يجوز أن أكون أنا في الغل الثقيل ، وأنتم حينا فوق الخضرة وحينا فوق الأشجار ؟- أهكذا يكون وفاء الأصدقاء ؟ أنا في هذا السجن وأنتم في الرياض ؟- فتذكروا أيها العظماء هذا الطير المسكين بصبوح بين الرياض .- وذكر الأصدقاء يكون يمنا على الصديق ، خاصة إذا كانوا في مقام ليلى وهو في مقام المجنون .1570 - فيا رفاق حسنائكم الممشوقة ، إنني أحتسي الأقداح مليئة بدمي .- فاشرب كأسا من الخمر على ذكراى ، هذا إذا كنت لا تريد القيام بنجدتي .- أو على ذكرى هذا الساقط فوق التراب ، عندما تشرب ، أرق جرعة فوق التراب .- فواعجباه ، أين ذلك العهد ؟ وأين تلك الأيمان ؟ وأين الوعود من تلك الشفة الشبيهة بالسكر ؟- وإذا كان فراق العبد من سوء قيامه بالعبودية ، وتجازى السوء بالسوء ، ما الفرق إذن ؟1575 - وإن ذلك السوء الذي تقوم به عند الغضب والحرب ، أكثر إطرابا من السماع ومن أنين الصنج .- ويا من جفاؤك أكثر حسنا من الإقبال ، وانتقامك أحب إلينا من الروح .- هذه نارك فكيف يكون نورك ؟ وهذا هو المأتم فما بالك بما يكون عليه عرسك ؟- ومن أنواع اللذات التي يحويها جورك ، ومن اللطف لا يسبر أحد غورك .- إنني أئن ، وأبدي خوفي من أن يصدق " أنيني " ، ومن كرمه يقلل هذا الجور .« 165 »1580 - إنني عاشق لقهره وللطفه جاد في هذا ، وهو أمر شديد العجب ، أن أكون عاشقا لهذين الضدين .- فوالله لو أنني انتقلت من هذا الشوك إلى البستان ، أكون نائحا كالبلبل لهذا السبب .- إنه عجيب ذلك البلبل ، إنه يفتح منقاره ، حتى يأكل الشوك مع " زهور " الرياض .- أي بلبل هذا ؟ إنه تمساح ناري ، وكل البلايا بالنسبة له لذات من العشق .- إنه عاشق للكل وهو بعينه الكل ، إنه عاشق لنفسه ، وباحث عن عشق نفسهصفة أجنحة طيور العقول الإلهية
1585 - إن قصة ببغاء الروح على هذا النسق ، فأين شخص يكون مسموحا له بأسرار الطيور ؟- أين طائر ضعيف برئ وفي باطنه سليمان ذو جيش ؟- وعندما يئن شاكيا ، بلا شكر أو ملام ، تحدث الضجة في الأفلاك السبعة .- وفي كل لحظة له مائة رسالة ومائة رسول من الله ، وإن قال مرة واحدة يا رب ، أجابه الله بلبيك ستين مرة .- وزلته أفضل من الطاعة عند الحق ، وكل أنواع الإيمان خلقة أمام كفره .1590 - وله في كل لحظة معراج خاص ، ويضع فوق مفرقه مائة تاج خاص .- صورته فوق التراب ، وروحه في اللامكان ، اللامكان الذي يعلو على أرواح السالكين .- ذلك اللامكان الذي لا يتأتى لك في فهم ، ويتولد لك منه خيال كل لحظة .- بل إن المكان واللامكان تحت أمره ، مثلما تأتمر الأنهار الأربعة بساكن الجنة . « 166 »- فلتقصر في شرح هذا الأمر ولتحول عنه وجهك ، ولا تتحدث ، والله أعلم بالصواب . 1595 - ولنعد نحن أيها الأصدقاء صوب الببغاء والتاجر والهند .- لقد قبل التاجر هذه الرسالة ، أي أن يبلغ سلامه لمن هم من جنسهرؤية السيد لببغاوات الهند في الوادي
وإبلاغه رسالة ذلك الببغاء
- وعندما وصل إلى أقصى بلاد الهند ، رأى في الصحراء عددا من الببغاوات .- فأوقف مطيته ، ورفع صوته ، وأبلغ ذلك السلام وأدى تلك الأمانة .- فارتعد ببغاء من تلك الببغاوات رعدة شديدة ، ثم سقط ميتا وقد قطع النفس .1600 - فندم السيد من إبلاغه الخبر ، وقال : لقد سعيت في إهلاك كائن حي .- فلعله كان قريبا لذلك الببغاء المسكين ، وربما كانا جسدين والروح واحدة ! ! - لم فعلت هذا ؟ ولم أبلغت الرسالة ؟ لقد قضيت على المسكين بهذا القول الساذج - إن هذا اللسان كالحجر وهو أيضا شبيه بالحديد ، وما ينطلق من اللسان كأنه النار .- فلا تضرب الحديد والحجر معا خبط عشواء ، حينا كراوية ، وحينا مثرثرا .1605 - ذلك أن الجو مظلم ، وفي كل صوب حقل قطن ، وكيف يكون الشرار وسط القطن ؟ ! - وظَلمة أولئك القوم الذين أغمضوا عيونهم ، ومن تلك الألفاظ أحرقوا عالما .- وإن اللفظ الواحد ليدمر عالَما ، ويجعل من الثعالب الميتة أسودا .- والأرواح في أصلها ذوات نفَس كنفس عيسى ، حينا تكون جراحا وحينا تكون مرهما . « 167 »- ولو أن الحجاب رفع عن الأرواح ، لكان قول كل روح على مثال المسيح .1610 - وإذا كنت تريد أن تقول كلاما كالسكر ، فاصبر ، ولا تأكل هذه الحلوى من الحرص .- فالصبر يكون شهوة الأذكياء ، أما الحلوى فهي شهوة الأطفال .- وكل من يصبر ، يرتقي الأفلاك ، وكل من يأكل الحلوى ، يمضي متقهقرا .تفسير قول فريد الدين العطار قدس الله روحه :
إنك صاحب نفس أيها الغافل فداوم على شرب الدم بين التراب
لكن صاحب القلب إن شرب السم يكون عسلا
- إن صاحب القلب لا يصيبه من هذا خسران ، أي أن يشرب السم عيانا .- ذلك أنه قد وجد الصحة ، وخلص من الحمية ، والطالب المسكين في غمرة الحمى .1615 - ولقد قال الرسول : أيها الرجل المماري حذار ، وإياك أن تمارى مطلوبا أبدا .- وفي داخلك نمرود ، فلا تقدم على النار ، وإذا كنت تريد ، فتحول أولا إلى إبراهيم .- وما لم تكن بالسباح أو رجل البحار ، لا تلق بنفسك فيها من عنادك .- إنه يُخرج من النار وردا أحمر ، ومن الأضرار يضع النفع على الرؤوس .- والكامل إن أمسك بالتراب يصبح ذهبا ، والناقص إن حمل الذهب ، يصبح ترابا 1620 - وعندما يكون ذلك الرجل الصادق مقبولا من الحق ، تكون يده في الأمور هي يد الله .- ويد الناقص هي يد إبليس ويد الشيطان ، ذلك أنه في شباك التكليف والحيلة .- والجهل يبدو أمام الكامل فيتحول إلى علم ، أما العلم إن إحتواه المنكر فإنه يصير جهلا« 168 »- وكل ما يمسك به العليل يصير علة ، أما الكامل إن تلقى الكفر ، يصير ملة .- ويا من ماريت ، إن الراجل ينجو برأسه من الراكب ، فاثبُت الآن . تعظيم السحرة لموسى عليه السلام قائلين :
بماذا تأمر ؟ أتلقي عصاك في البداية ؟
1625 - إن السحرة في عهد فرعون اللعين ، عندما جادلوا موسى بالباطل حقدا .- قاموا بتقديم موسى على أنفسهم ، وذلك تكريما منهم له .- وذلك عندما قالوا له : الأمر لك ، وإن أردت ألق بعصاك .- قال : لا ، لتلقوا أتم أولا أيها السحرة ولتعرضوا مكركم .- وبهذا القدر اليسير من التعظيم إشتراهم الدين ، ومن الجدل قطع أيديهم وأرجلهم ، 1630 - وعندما عرف السحرة له حقه ، قامروا بأيديهم وأرجلهم " تكفيرا " عن جرمهم .- ولقمة الكامل وقوله كلاهما حلال ، ولست بالكامل فلا تأكل ، وكن أبكم .- وما دمت أذنا وهو لسان ، فهو ليس من جنسك ، وقد قال الحق للآذان : أنصتوا .- والطفل أول ما يولد ويكون رضيعا ، يبقى مدة صامتا ، ويكون بأجمعه أذنا .- وينبغي عليه أن يضم شفتيه عن الكلام فترة من الزمن ، حتى تعلمه الكلام . « 1 » 1635 - وإن كان فاقد السمع ، يظل يتهته ، ويجعل من نفسه أبكم في هذا العالم .- والذي يولد أصم ويكون فاقدا لحاسة ، السمع من البداية يصبح أبكم ، فمتى ينطلق في النطق ؟...............................................................( 1 ) ج / 1 - 714 : - وما لم يتعلم لا يتحدث ولو بنسبة واحد في المائة ، وإن تحدث فإنه يقول هراء بلا شك .« 169 »- ذلك أنه تلزم حاسة السمع من البداية من أجل النطق ، فتعال إلى النطق عن طريق السمع .- " أدخلوا الأبيات من أبوابها ، واطلبوا الأعراض من أسبابها " « 1 » - والنطق الذي لا يكون موقوفا على طريق السمع ، ليس إلا نطق الخالق الذي لا طمع عنده .1640 - إنه المبدع ، وليس تابعا لأستاذ ، والجميع يُسندون إليه ، ولا يسند هو إلى أحد .- أما سواه فسواء في الحرف أو المقال ، تابعون لأستاذ محتاجون إلى المثال .- وإذا لم تكن غريبا عن هذا الكلام ، فالبس الخرقة ، وداوم على ذرف الدمع في خرابة ما .- ذلك أن آدم نجا بالدمع من هذا الملام ، والدمع الهتون يكون نفسا للتواب الأواب .- ومن أجل البكاء هبط آدم على الأرض ، لكي يكون باكيا نائحا حزينا .1645 - لقد هبط آدم من الفردوس الأعلى ومن فوق السماوات السبع إلى موضع خلع النعال من أجل الاعتذار .- فإذا كنت من نسل آدم ومن صلبه ، داوم على الطلب ، وكن أيضا في طريقه .- واجعل من دمع العين وحرقة القلب غذاءك الشهي ، فالبستان يكون طلقا من " بكاء " السحاب و " حرقة " القلب .- وأي علم لك بلذة الدموع ، وأنت عاشق للخبز كالعميان ................................................................( 1 ) بالعربية في المتن .« 170 »- وإنك إن أخليت مخلاتك من الخبز ، فإنك تملؤها بجواهر ذي الجلال . 1650 - فافطم طفل الروح عن لبن الشيطان ، وبعد ذلك اجعله شريكا للملك .- وما دمت مظلما وملولا وكدرا ، فاعلم أنك تشارك الشيطان اللعين الرضاع .- واللقمة التي تزيد النور والكمال ، هي تلك المجلوبة من الكسب الحلال .- والزيت الذي يأتي ويطفئ مصباحنا ، سمه ماءً ، لأنه يطفئ مصباحا .- والعلم والحكمة يتولدان من اللقمة الحلال ، والعشق والرقة يتأتيان من اللقمة الحلال 1655 - وعندما ترى من اللقمة الحسد والفخ ، ويتولد منها الجهل والغفلة ، فاعلم أنها حرام - فهل زرع أحد قط قمحا وحصده شعيرا ؟ وهل رأيت فرسا ولدت جحشا ؟- واللقمة هي البذرة وثمارها الأفكار ، واللقمة هي البحر ودرها الأفكار .- ومن اللقمة الحلال في الأفواه يتولد الميل إلى العبادة وعزم التوجه إلى تلك الدار«1»رواية التاجر للببغاء ما رآه من ببغاوات الهند
- لقد أتم التاجر أمور تجارته ، وعاد إلى داره راضيا . 1660 - وأحضر لكل غلام هدية السفر ، وأنعم على كل جارية بنصيب .- فقال الببغاء : أين هديتي ؟ إروِ لي ما رأيت وما قلت .- قال : لا ، إنني جد نادم على ذلك ، أعض بنان الندم « 2 » وأضرب كفا بكف ................................................................( 1 ) ج / 1 - 715 : - ومن اللقمة الحلال يتولد أيها العظيم الحضور في قلبك الطاهر والنور في عينيك - وهذا الكلام لا نهاية له أيها المبجل ، فأتمم حكاية التاجر والببغاء .( 2 ) حر : وأعض يدي . « 171 »- فلماذا حملت رسالة ساذجة خبط عشواء ، ثم أديتها من جهلي وغبائي ؟- قال : أيها السيد ، ولم الأسف ؟ وما الذي يسبب لك كل هذا الأسى والحزن ؟1665 - قال : لقد نقلت شكاواك لسرب من الببغاوات من رفاقك ؛ - وأحس أحدها بقدر يسير من ألمك ، فانفجر كمدا وارتعد ومات .- ولقد ندمت ، فأي قول كان هذا القول ، لكن ما دمت قد قلته ، ما جدوى الندم ؟- والفكرة التي انطلقت فجأة من اللسان ، إعلم أنها كالسهم الذي انطلق من القوس .- وذلك السهم لا يعود عن طريقه يا بني ، إذ ينبغي أن يُسد طريق السيل من بدايته 1670 - وما دام قد انطلق من منبعه فقد اجتاح العالم ، ولا عجب إن حطم العالم .- وللأفعال في الغيب آثار قابلة للتولد ، وما يتولد عنها ليس في حكم الخلق .- وكلها مخلوقة لله دون شريك ، نعم هي مواليده ، وإن نسبت إلينا .- لقد أطلق زيد سهما نحو عمرو ، فأصمى سهمه عمرا كالنمر .- ولمدة عام يتولد عن ذلك الألم ، والآلام يخلقها الله لا الإنسان .1675 - حتى وإن مات زيد الرامي لفوره من الوجل ، فإن الآلام تتولد عند عمرو حتى يحين الأجل .- وإذا كان قد مات نتيجة لما تولد عنه من ألم ، فسم زيد إذن مميتا فهو السبب الأول .- وانسب إليه تلك الآلام بالرغم من أنها كلها من صنع الله .- وهكذا الزراعة والتنفس والشباك والجماع ، كلها مواليد في قدرة الحق .- وللأولياء قدرة " موهوبة " من الإله ، بحيث يعيدون السهم المنطلق عن طريقه 1680 - ويغلقون أبواب المواليد من أسبابها ، فكيف يندم الولي من قبل الله ؟« 172 »- ويجعلون ما قبل كأن لم يُقل من شرح صدورهم ، بحيث لا يحترق منها لا السفود ولا الشواء .- وإن سمع نقطة ما من جميع القلوب ، فإنه يجعلها ممحوة غير ظاهرة .- وإذا أردت الحجة والبرهان أيها العظيم ، فاقرأ ثانية " ما ننسخ من آية أو ننسها " .- واقرأ آية " أنسوكم ذكرى " ، وإسناده إليهم قدرة النسيان 1685 - وما داموا قادرين على النسيان والتذكير ، فهم إذن مسلطون على كل قلوب الخلق .- وعندما سد على النسيان طريق النظر ، لا يمكن القيام بفعل ما ، وإن كان ثم فضل .- " إتخذتموهم سخريا " أي أهل السمو ، فاقرأ من القرآن " حتى أنسوكم " .- وصاحب القرية ملك على الجسوم ، وصاحب القلب ملك على القلوب .- والعمل فرع من البصيرة بلا شك ، ومن ثم لا يستحق لقب الإنسان إلا إنسان العين . « 1 » 1690 - وأنا لا أستطيع أن أفصح عن هذا الأمر بتمامه ، ذلك أني أُمنع من قبل أصحاب الصدارة .- وما دام نسيان الخلق وذكرهم من لدنه ، وهو أيضا الذي يغيثهم .- فإن ذلك البهي يفرغ قلوبهم كل ليلة من مئات الآلاف من " أفكار " الخير والشر .- إنه يملأ قلوبهم بها أثناء النهار ، ويجعل تلك الأصداف مليئة بالدرر ................................................................( 1 ) ج / 1 - 726 : - وإنما يراه الناس صغيرا كإنسان العين ، ولم يفهم أحد مدى عظمة إنسان العين .« 173 »- وكل تلك الأفكار الموجودة منذ الآزال ، تعرفها الأرواح من هدايته . 1695 - تأتيك حرفتك ويأتيك فنك ، حتى يفتحا باب الأسباب أمامك .- فلا تنتقل حرفة الحداد إلى الصائغ ، ولا يذهب طبع ذلك الحسن الطبع إلى ذلك القبيح .- والحرف والأخلاق وكأنها المتاع ، تعود إلى أصحابها عند البعث . « 1 » - مثلما تعود الحرف والطباع من بعد النوم مسرعة إلى أصحابها .- فالحرف والأفكار في وقت الصبح ، تعود إلى الموضع الذي كانت فيه من حسن وقبيح . 1700 - ومثل الحمام الزاجل تحمل إلى مدينتها المنافع من المدن " التي كانت فيها " . سماع ذلك الببغاء ما فعله الببغاء الآخر وموته
في قفصه ونوام السيد عليه
- وعندما سمع ذلك الطائر ما فعله ذلك الببغاء ، إرتعد وسقط وبرد جسده .- وعندما رآه السيد ساقطا هكذا ، قفز وألقى بقلنسوته على الأرض .- وعندما رآه السيد على هذا اللون والحال ، قفز وشق جيبه .- وقال : أيها الببغاء حسن التغريد ، ماذا جرى لك ؟ ولماذا صرت على هذا الحال . ؟1705 - وآسفاه على طائرى حلو الصوت ، وآسفاه على نجيى وموطن أسرارى .- وآسفاه على طائرى حلو الألحان ، راحِ روحي وروضتى وريحانى .- ولو كان لسليمان مثل هذا الطائر ، فمتى كان سيشغل بغيره من الطيور ؟...............................................................( 1 ) ج / 1 - 726 : - والصورة التي كانت غالبة على وجودك ، تصويرك عليها واجب في الحشر « 174 » - وآسفاه على الطائر الذي وجدته بسهولة ، وسرعان ما فرطت فيه ! ! - ويا أيها اللسان ، إنك خسارة شديدة على الورى ، وما دمت أنت المتحدث ماذا أقول لك يا ترى ؟1710 - أيها اللسان ، إنك أنت النار وأنت البيدر ، فحتام تضرم النار في هذا البيدر ؟- فالروح صارخة في الباطن منك ، بالرغم من أنها تفعل كل ما تقوله لها .- أيها اللسان إنك أنت الكنز الذي لا ينفد ، أيها اللسان . . وأنت الألم الذي لا علاج له - إنك الصفير والخدعة للطيور ، كما أنك الأنيس لوحشة الهجران . « 1 » - فحتام تعطيني الأمان يا من لا أمان لك ، ويا من شددت علىّ قوسك حقدا . 1715 - وها أنت قد طيرت طائرى ، فكفاك رعيا في مرعى الظلم .- فأجبني ، أو أغثني ، أو فعلمني أسباب الفرح ،،،، - وآسفاه على النور الماحي لظلمتي ، وآسفاه على الصبح المضئ لنهارى .- وآسفاه على طائري حسن الطيران ، الذي طار من سدرة المنتهى حتى مبدئي ! ! - والجاهل عاشق للكبد إلى الأبد ، فانهض ، وأقرأ من " لا أقسم " حتى " في كبد " 1720 - ومع وجهك كنت فارغا من الكبد ، وفي جدولك ، كنت صافيا من الزبد .- وهذه التأوهات ما هي إلا خيال المشاهدة ، والانفصال عن وجودي الحق .- لقد كانت غيرة الحق ، ولا حيلة مع الحق ، وأين هو القلب الذي لم يتمزق إربا من عشق الحق ؟ ! - والغيرة لأنه يكون غير الجميع ، ذلك الذي يزيد عن البيان وعن القول ................................................................( 1 ) ج / 1 - 734 : - إنك الصفير والخدعة للطيور ، كما أنك إبليس وظلمة الكفر . - وأنت الصفير للرفاق والمرشد لهم ، كما أنك أنيس وحشة الهجران .
« 175 »- وآسفاه ، ليت دمعي كان بحرا ، حتى أجود به من أجل الحبيب الجميل . 1725 - ببغائي ، طائري الذكي ، ترجمان فكري وأسراري .- وكل ما أعطيته وما منعته ذات يوم ، أخبرني به من البداية ، علني أذكره .- فالببغاء الذي يأتي من الوحي صوته ، يكون مبدؤه قبل بداية الوجود .- وهذا الببغاء مختفٍ في داخلك ، وأنت ترى إنعكاسه على هذا وذاك .- إنه يسلب سرورك وأنت مسرور به ، وتقبل منه الظلم وكأنه العدل .1730 - ويا من تحرق الروح من أجل الجسد ، لقد أحرقت الروح وأضأت الجسد ! ! - لقد احترقت ، وهل يريد أحد محترقا ؟ حتى يضرم بي النار في الهشيم ؟- والمحترق متى يكون قابلا للنار ؟ والبستان المحترق متى يكون جاذبا للنار ؟- وآسفاه ، وآسفاه ، وآسفاه ، إن مثل ذلك القمر إختفي خلف السحاب ! ! - وكيف أتحدث وقد تأججت نار القلب ، وهاج أسد الهجر ، وصار سافكا للدماء . 1735 - وذلك الذي يكون حار الطبع ثملا وهو مفيق ، كيف يكون حاله عندما يمسك بالكأس ؟ ! - والأسد الثمل الذي يعز على الوصف ، يكون أعظم من ساحة المرج .- إنني أفكر في القافية ، ويقول لي حبيبي : لا تفكر إلا في رؤيتي ، - واقعد هانئا يا من أنت لي ، يا مفكرا في القافية ، إن قافية إقبالك موجودة لدي .- فماذا يكون اللفظ حتى تفكر فيه ؟ ماذا يكون اللفظ ؟ مجرد شوك في سور الكرمة ! ! ! 1740 - فلأحطم اللفظ والصوت والقول ، حتى أتحدث معك دون وجود هذه الثلاثة ! !« 176 » - بذلك الحديث الذي أخفيته عن آدم ، أحدثك به يا من أنت أسرار العالم .- ذلك الحديث الذي لم أتحدث به مع الخليل ، وذلك الحزن الذي لا يعرفه جبريل .- ذلك الحديث الذي لم ينبس منه المسيح بحرف ، ولم يتحدث به الحق إلينا غيرة منه .- وماذا تكون " ما " في اللغة ؟ إثبات ونفي ، وأنا لست بالإثبات ، كما أنني بلا ذات . 1745 - ولقد وجدت هويتي في انعدام الهوية ، ثم جدلت الهوية في انعدام الهوية - وكل الملوك عبيد لعبيدهم ، وكل الخلق موتى " هياما " في موتاهم .- وكل الملوك خاضعون للخاضعين لهم ، وكل الخلق ثملون بمن هم ثملين بهم .- ويصبح الصياد صيدا للطيور ، حتى يقوم فجأة لصيدهم ! ! - والحسان يبحثن بجد عن مسلوبي القلوب ، وكل المعشوقين صيد للعاشقين ! ! 1750 - وكل من تراه عاشقا ، إعلم أنه معشوق ، والأمر نسبي لهذا ولذاك .- وإذا كان الظامئون يبحثون عن الماء في الدنيا ، فإن الماء في الدنيا يبحث أيضا عن الظامئين .- فإذا كان هو عاشقا ، أصمت أنت ، وإذا كان يجر أذنك ، كن أذنا .- وأقم سدا ، ما دام السيل يتدفق ويهمي ، وإلا أحدث الخراب والدمار .- وأي حزن أحس به إن كان ثم دمار ؟ وتحت الخرائب يكون الكنز السلطاني ! ! 1755 - وغريق الحق يريد أن يزداد غرقا ، كأمواج بحر الروح " يصبح " صاعدا هابطا .- فهل قاع البحر أفضل أو سطحه ؟ وهل سهمه أكثر فتنة يا ترى أو درعه ؟- إنك ممزق بالوسوسة أيها القلب ، فليتك تستطيع أن تميز الطرب من البلاء ! ! - وإذا كان لمرادك مذاق السكر ، أليس انعدام المراد هو مراد الحبيب ؟ !« 177 »- وكل نجمة له فداؤها مائة هلال ، وسفك دم العالم له حلال . 1760 - ولقد وجدنا الثمن ووجدنا الدية ، وأسرعنا صوب المقامرين بالروح .- فيا لها من حياة للعاشقين تلك التي تكون في الموت ، وإنك لن تجد القلب إلا في استلاب القلب .- وأنا أكون باحثا عن قلبه وهو بمائة دلال ، يتعلل معي ويبدي الملال .- قلت : في النهاية هذا العقل والروح غريقان فيك ، قال : إمض ، ، إمض ولا تتل على هذا الهراء .- إنني لا أدري فيم تفكر ، يا عيني كيف رأيت الحبيب ؟ ! 1765 - يا ثقيل الروح أتراك رأيته شيئا هينا ، وذلك لأنك قد شريته بثمن بخس .- وكل من يشتري الشئ رخيصا يفرط فيه بثمن بخس ، كالطفل يقايض الجوهرة على رغيف .- وأنا غريق في عشق غرق فيه عشق الأولين والآخرين .- ولقد بحت بالأمر على سبيل الإجمال ، ولم أبن ، وإلا لاحترقت الأفهام كما احترقت الألسنة .- فإن قلت ساحل فإنما أقصد ساحل البحر ، وإن قلت لا ، فإنما أقصد إلا . 1770 - وأنا من شدة اللذة التي أشعر بها جلست عابس الوجه ، ومن كثرة ما لدى للقول صامت .- وذلك حتى تختفى لذتنا عن الدارين في حجاب الوجه العبوس .- وحتى لا يتطرق هذا الكلام إلى كل الأسماع ، أتحدث بواحد في المائة من الأسرار اللدنية
« 178 »تفسير قول الحكيم : في كل ما يجعلك عاجزا عن الطريق يستوى الكفر والإيمان
ومن كل ما وقعت به بعيدا عن الحبيب يستوى الجميل والقبيح في معنى قوله عليه السلام : إن سعدا لغيور وأنا أغير من سعد والله أغير منا ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن
- لقد اتصف الكون كله بالغيرة ، والحق قد حاز قصب السبق في الغيرة على الكون ، - فهو بمثابة الروح والكون بمثابة الجسد ، والجسد يقبل من الروح الخير والشر 1775 - وكل من صار له محراب الصلاة عين الذات " الإلهية " ، إعلم أن عكوفه على " مظاهر " الإيمان شين .- وكل من صار مشرفا على ملابس الملك ، يكون غبنا له الإتجار للملك .- وكل من صار جليسا للسلطان ، يكون جلوسه على بابه ظلما وغبنا .- فما دام قد وصل إلى " مرتبة " تقبيل يد الملك ، فإنه إن اختار أن يقبل قدمه ، يكون قد أذنب .- وبالرغم من أن وضع الرأس على " قدم " الملك من قبيل التبجيل ، فإن ذلك إلى جوار التكريم الآخر خطأ وزلة ، 1780 - وإن الملك ليشعر بالغيرة على ذلك الذي اختار أن يشم الرائحة بعد أن شاهد الوجه .- وغيرة الحق على مثال القمح ، وغيرة الناس هي التبن المنفصل عن البيدر .- فاعلم أن أصل أنواع الغيرة من الإله ، وما عند الخلق من غيرة فروع لها بلا جدال . « 179 » - ولأترك تفسير هذا الموضوع وأبدأ في الشكوى ، من قسوة قلب الحسناء ذات القلوب العشرة .- ولأئن ، فإنما يحلو لي الأنين ، وإنها لتريد من كلتا الدارين الأنين والحزن . 1785 - وكيف لا أنوح بمرارة من تعلاتها ؟ وكيف لا أكون في حلقة السكارى بها ؟- وكيف لا أكون كالليل وأنا محروم من نهارها ؟ محروم من وصال وجهها الذي يضئ النهار .- وكل ما يبدو غير طيب منها تطيب له روحي ، فلتكن روحي فداءً للحبيب الذي يؤلم قلبي .- وأنا عاشق لأوجاعي وآلامي ، وذلك من أجل رضا مليكي الفرد .- وإنني لأجعل من تراب الغم كحلا لعيني ، حتى يمتلئ بحر عيني بالدرر . 1790 - والدمع الذي يذرفه الخلق من أجله ، هو در ، بينما يظنه الخلق دمعا .- أأقوم بالشكوى من روح الروح ؟ ! معاذ الله ، إنني لا أشكو ، بل أبوح .- فالقلب لا يفتأ يقول : إنني متألم منه ، وأنا أضحك من نفاقه المكشوف .- ألا فلتستقم يا فخر المستقيمين ، ويا من أنت الصدر وأنا عتبة لبابك .- وما العتبة وما الصدر بالنسبة للمعنى ؟ وأين " نحن " وأين " أنا " حيثما يوجد الحبيب ؟ 1795 - ويا من تنزهت روحك عن " نحن " وعن " أنا " يا لطيفة الروح في الرجال وفي النساء .« 180 »- وعندما يصير الرجال والنساء واحدا فذلك الواحد هو أنت ، وعندما تنمحى الآحاد ، حينذاك تكون .- لقد صنعت هذه الأنا والنحن من أجل هدف ما ، هو أن تلعب مع نفسك نرد الخدمة ! ! « 1 » - وحتى تصبح كل " أنا " و " أنت " روحا واحدة ، وتصبح في النهاية مستغرقة في الأحبة .- وكل هذا موجود ، فتعال يا أمر " كن " ، يا منزها عن تعال وعن الكلام .1800 - فهل تستطيع عين الجسد أن تبصرك ؟ أو هل يدور لها في خلد حزنك وضحكك ؟ ! - والقلب الذي هو رهين البكاء والضحك ، لا تقل أنه جدير بهذه الرؤية .- وذلك الذي يكون رهن الحزن والسرور ، يكون حيا بهذين الشيئين الطارئين .- وحديقة العشق النضرة التي لا تحدها حدود ، فيها ثمار كثيرة غير الحزن والسرور .- والعشق أعلى من هاتين الحالتين ، فهو أخضر نضر بلا ربيع أو خريف .1805 - فلتؤت زكاة الحسن يا حسن الوجه ، ولتعد حديث الروح التي مزقت إربا .- فمن دلال العين الفاتنة ، نظرة واحدة ، وسمت قلبي بجرح جديد .- ولقد جعلت دمي له حلالا إن سفكه ، وظللت أقول : حلال لك ، وهو يجد في الهرب ................................................................( 1 ) ج / 1 - 760 : - وحتى تصبح جوهرا واحدا مع نحن وأنت ، تصبح في النهاية محض ذلك المحبوب .
« 181 »- فكيف تكون هاربا من أنين أهل التراب ؟ وأي حزن تصبه علي قلوب المحزونين ؟- ويا من كل صبح أشع من المشرق ، وجدك منهاجا مثل نبع المشرق . 1810 - فأية حجة تسوقها للمفتون بك ؟ يا من لا ثمن لشفتيك الفياضتين بالشهد .- ويا من أنت الروح الجديدة للعالم القديم ، إستمع إلى النواح من الجسد الذي بلا روح ولا قلب .- فبحق الله ، دعك من الحديث عن الورود ، وتحدث عن البلبل الذي افترق عن الورود .- فمن الحزن والسرور لا يكون وجدنا ، وإلى الخيال والوهم لا تسكن ألبابنا .- فهناك حالة أخرى ، وهي حالة نادرة ، ولا تنكر ، فالحق شديد القدرة . 1815 - ولا تقم بالقياس على حال الإنسان ، ولا تتخذ منزلا من الجور ومن الإحسان .- فالجور والإحسان والحزن والسرور أمور حادثة ، والحادث يموت ، والحق هو الوارث .- لقد طلع الصباح يا من أنت ملجأه وملاذه ، فاصرف عن محضرك السيد حسام الدين .- وأنت الصارف للعقل الكلي والروح ، وأنت روح الروح وألق المرجان .- لقد أشرق نور الصباح ونحن من نورك ، في صبوح من خمر منصورك .1820 - وما دامت عطيتك تجعلني على هذا الحال ، فما ذا تكون الخمر حتى تشعرني بالطرب ؟ « 182 » - فالخمر في جيشانها لتتسول منا الجيشان ، والفلك في دورانه أسير لألبابنا .- ولقد ثملت منا الخمر ولم نثمل نحن منها ، مثلما وجد منا الجسد ، ولم نوجد نحن منه .- ونحن كالنحل والأجساد كالشمع ، ولقد خلق " الحق " الأجساد خلية خلية كالشمع عودة إلى حكاية السيد التاجر
- لقد طال الأمر بنا ، فتحدث عن السيد ، لنرى ماذا جرى لذلك الرجل الطيب . 1825 - فالسيد في ناره وألمه وحرقته ، ظل يتحدث كيفما أتفق على هذا النسق .- فهو حينا في تناقض ، وحينا في تكبر ، وحينا في ضراعة ، وحينا مفتون بالحقيقة وحينا بالمجاز .- فالغريق الذي يعاني نزع الروح ، إنما يتعلق بكل عشبة " طافية " .- منتظرا أيها يأخذ بيده في الخطر ، فهو يضرب بيديه وقدميه خوفا على رأسه .- والحبيب إنما يحب هذا الاضطراب ، والجهد الذي لا طائل منه أفضل من النوم .1830 - وذلك الذي سيكون ملكا لا يكون عاطلا ، والشكوى أمر عجيب ممن لا يكون مريضا .- ومن أجل هذا قال الرحمن يا بنى ، كل يوم هو في شأن .- فداوم على إزالة العقبات وتحطيمها في هذا الطريق ، وداوم على الجهد حتى النفس الأخير ولا تجلس فارغا .- حتى النفس الأخير ، فقد يكون في نفس أخير ، أن تكون العناية معك صاحبة سر .« 183 »- وكل سعي يُبذل من ذكر أو أنثى ، فإن عين مليك الروح وأذنه تكون مشرفة عليه من الكوة « 1 ».
يتبع