كذلك التصوف الإسلاميِّ كَكفَّتيِّ الميزان ، والصوفيِّ الصادق لسانـه صدق البيان،
عدوُّهُ التطرف لزرع المحبة لا الإساء،وعلى كل حال فالصوفية ليسوا سواء ، ليس بحكيمِ من زهد في الدنيا ، وما خُلقت بالإصالة إلاَّ لنا ، هي مزرعتنا وفيها معايشنا ، وليس بعاقل من هرب منها ، وفي الأثر "لنفسك عليك حقاَ" وقوله تعالى :
( وإنَّ رّبّكَ لَذُو مَغْفْرَةٍ لِلَّنـاسٍ على ظُلْمِهِمْ )
فانظر كيف تكون؟.
وعلى الصوفـيّ الزاهد أن يعلمَ: إنَّ السعيد منَّا من خلع من قلبه حبُّ الجفاء وقد حذََّرنا اللهُ نفسه
أن لن نشاء إلاَّ إن يشاء، فَالْطُفْ اللهم بنا بما تشاء ونعوذ بك من الشك والشرك والرياء ،
وما جعل الله أسماءه الحسنى إلا لندعـوه بها :
اللهم إجعـلِ الدنيا بين أيدينـا ولا تجعلها في قلوبنا إنك أنت البَـرُّ الرَّحيمُ .
فإن طهر القلب فما عليك أيها الصوفي جَناحُ. ورحم الله من قال:
إني إليك مَدَى الأنفاسِ مُحتاجٌ....لو كان في مَفْرقي الإكليلُ والتَّاجُ .
وأما الخراف الشاردة التي ضلَّت عن جادة الطريق القويم الذي رسمه لنا الرسول عليه الصلاة والسلام ،
ليس عليهم إلاَّ إصلاح قلوبهم التي مُلئت بالإغترار والكِبَرِ من ألسنتهم بقذائف قنابل السموم
في أعراض وعلوم الصوفية الصادقين وقالوا ما هي إلاَّ أساطير وأكاذيب وأباطيل وافتراءً على الله !! !
كَلاَّ ؟ ؟
إرتدعوا عن هذا القول والله الذي لا إلَهَ إلاَّ هو ما هي إلاَّ علـوم الأولـين ،
وبقولكم هذا الإفْـك العظيم غلب على قلوبكم الرَّان فامتلئت،وطمست عليها فصدئت
فَحُجِبَ عليكم تنوّرُ بصيرتكم ما كنتم تكسبون من الرذائل التي هي أفحش أنواع الظلـم:
ألاَ يَظُنُّ أوُلئِكَ أُنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ.لِيَوْمٍ عَظِيمٍ.يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمينَ).
فويلٌ للذين أعتبروا زكُّوا أنفسهم زكُّوا عن سواهم من الناس بالفضائل العلمية ( دون العملية )
عُجُبَاً وتَكبُّراً وحَسَداً من عند أنفسِهم:
(أَهَؤُلاَءِ مَنَّ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا ؟. أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بالشَّاكِرينَ!!!)[الأنعام:53] .
اللهم يا ربِّ : ( لَقَدِ أسْتَكْبَرُوا فِيِ أَنْفُسِهِمْ وعَتَوْ عُتُوَّاً كَبِيراً ).
قال عبد العزيز الشرنوبي المتوفي :1348-1929- رحمه الله في شرح الحكـم العطائية رقم :[185]
الذي قال فيها :
رُبَّما بَرَزَتِ الحقائقُ مكسوفةَ الأنوارِ ، إذا لم يُؤْذنُ لك فيها بالإظهارِ . قال :
أي ربما برزتِ الحقائق؛ التي هي العلومُ الوهبيـةُ مكسوفـةَ الأنوارِ إذا لم يُوذنُ لك في إظهارها ،
فتمجُّها الأسماعُ ولا يحصُلُ بهـا للسامعين استبصارٌ . وقد كان أبو العباس المرسي رحمه الله يقول :
كلام المأذون له يخرجُ وعليه كِسْوةُ وطلاوة ، وكلام الذي لم يُوذن له يخرجُ مكسوفَ الأنوارِ.
حتَّى إنَّ الرجلين ليتكَّلمان بالحقيقة الواحدة فَتُقَبَلُ من أحدهما وتُردُّ على الآخر. وكان يقول :
الولي يكون مشحوناً بالعلوم والمعارف ، والحقائق لديه مشهودة حتى إذا أُعطي العبارة
كان كالإذنِ من الله له في الكلام.إنتهى.
وبمناسبة هذا الكلام ، عليك بهذا الدعاء يا من دخل منتدى سمير عبد الحي
حتى يُؤْذنُ لك العليمُ العلاَّم:
{ إلهي ألقِ إليَّ مفتاحُ الإذنِ الذي هو كافُ المعارفِ حتى أنْطِقُ في كُلِّ بِدايةٍ ونهايةٍ بِأسْمِكَ المُبْدِعِ
بفضلِ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيِمِ يافتَّاحُ يارزَّاقُ* ياباسِطَ أرزاقَ العَالَمِينَ* إنَّك على كُلِّ شَيءٍ قديرُ } *
سمير عبد الحي.
الرئيسية 
