وقال العيد عدت إليكم ..
أنا ( الزائر القديم الجديد ) ..
عدت إليكم وفي ضميري صورُ أمسكم - ويا له من أمس -
وآمال مستقبلكم - ويا له من مستقبل
ورأيتُ في حاضركم صورةً سوف تكون لأبنائكم عندي ذكرى ..
ولابد أنني سوف أحكيها لهم يوماً ما ..
هل أنثر من جعبة حكاياتي لكم قصص أجدادكم حينما زرتهم في الأمس فكانوا في سجدة الشكر بعد ( بدر ) وفي نشوة الطواف المكّي بعد ( الفتح )
وفي أفراح ( حطينَ ) و ( عينِ جالوت )
أم أنكم ستجيبون قد أصبحت حكاياتك القديمة أيها ( الزائر القديم الجديد ) مكرورة محفوظة فهاتِ جديداً ..
نعم سأقول جديداً ..
فهل أبدأ بما أحمله في صدري من رجاءٍ وأملٍ في غدكم القريب
أم تريدون الحكاية الجديدة عنكم اليوم ؟
إنني أعرف فيكم ( العَجَل )الذي جبلتم عليه .. ولكني في الأيام القليلة التي أمكثها بينكم مرتين كل عام أحب أن تسمعوني لأنني ربما أتذكر مالا تتذكرون وربما أعرف كثيراً مما لا تعرفون
فأنتم الغريب الذي نسي الكثير من أخبار نفسه وغاب في شواغله حتى عن أهله وأبناء جِلدته وجنسه ..
أنتم مالكوا الدار .. وتبحثون عمن يؤجركم إياها ..
وأنتم الأقمار .. وتسألون عمن ينير لكم طريقكم ..
أنتم الحائر الذي يحتاج العالم كله إلى هدايته ..
وأنتم العَوّام الشهير ( منجدُ الغرقى ) الذي نسي في سكرته مهنته فصاح يطلب منجداً يخلصه من الغرق
أنتم الرجل الحليم الوقور .. وظننتم – من الوهن والوهم – أنكم ذلك الطفل المتشرد اليتيم ..
وأنتم الجبل الشامخ الأشم وترون أنكم قاعُ الغور ، وقعرُ الوادي العميق ..
ينتظركم مقعدُ الربان في السفينة ..
وتتوسلون على رصيف الميناء لعل أحداً يشتري لكم ( تذكرة السفر في الدرجة الثالثة )
لن أحكيَ لكم اليوم من ماضيكم شيئاً ولن أحدثكم عن شمس الغد الواعدة ..
لكنني أترك لكم دقيقة صمت واحدة .. لعلكم إذا تأملتم فيها .. تفيقون من الوهم المطبق , وتتلمسون حقيقة حاضركمُ العجيب .
د.محمود أبو الهدى الحسيني