ملخص دراسة
على في التراث الشعبي
دراسة قدمت لمؤتمر التراث الشعبي بين الأصالة والمعاصرة – جامعة المنصورة -1998
بقلم د . / أميمة منير جادو
باحث أكاديمي
احتل اسم "على " في التراث الشعبي العربي مكانة بارزة ، ولعله حظي بمنزلة وشهرة تفوق باقي الأسماء المناظرة ، ولقد لفت نظر - الكاتبة - بعض ما يشاع حول الاسم سواء في الكنايات كأن يقال "حسن أبو على " أو" على أبو زيدى " وشى الله يا سيدنا على " أو " مدد يا إمام على " ......ألخ
وتواكب مع الملاحظات ما يردده الصغار حول الاسم حين يلعبون ويجرون في البيئات الشعبية بين المدح والذم والسخرية فإذا ما امتدحوه غنوا وقالوا " إضحك ... أضحك يا بو على ، وفرفش فرفش فرفش يا بو على " (بمعنى الضحك أيضاً ) ، وإذا ماهَجَوه قالوا " على يا على بياع الزيت ، أو حسن أبو على سرق المعزة ...... الخ "
وعدتُ بذاكرتي إلى سيرة "على الزيبق المصري " وما يشاع حول " قبائل أولاد على" تراثياً ، وتلك الوجبة الشهية من الحلوى الشرقية المدعوة (بأم على ) ...... وبعض المأثورات الأخرى كما ورد بالبحث .
من هنا اكتشفت - الباحثة - كيف عُدَّ الاسم "على " قاسماً مشتركاً بين بعض الأجناس الفولكلورية ، فأردت أن أرتب مشاهداتي وأدون ملاحظاتي وأستعين بما ورد في مراجع وكتب ودراسات البحوث الشعبية بهدف تأصيل ما ورد حول الاسم لغوياً وشعبياً وجمعه في سياق كُلىِّ واحد يتسق في منظومة أوسع وأشمل بحيث تحتويها عباءة التراث الشعبي ولعل في هذا الجمع في حد ذاته - الذي أوردته في بحثي هذا جديداً وإضافة للدارسات الشعبية حيث لم أقرأ - في حدود علمى - دراسة حول تأصيل " اسم ما " في فروع الفولكلور المختلفة
" عَلى" في التراث الشعبي
احتل اسم " على " في التراث الشعبي العربي مكانة كبيرة ولعله حظي بمكانة وشهرة تفوق باقي الأسماء الأخرى حيث ورد ذكره في الكنايات وألعاب الأطفال وأغانيهم وأغنيات العمل والثقافة المادية من خلال الإبداع الشعبي في أطباق حلوى " أم على " مثلاً ، فضلاً عن السيرة الشعبية والمرثيات ...... الخ كما سيرد
تأصيل الاسم لغوياً .
أشار مختار الصحاح (1) إلى الاسم " على" في باب (ع ل1) - عَلا ، وهو في المكان من باب سَمَا ، وعَلَىِ في الشرف بالكسر ، (علاَءً ) بالفتح والمد و( عَلاَ ) يعلى لُغَةٌ فيه .
وفلان من ( عليِه ) الناس وهو جَمعَ ( عَلّىِ ) أى شرِيفٌ رفيع مثل صبى وصبية ، و( عَلاَهُ ) غَلَبَةُ ، وعَلاَهُ بالسيف ضَرَبَة ، و(عَلاَ ) في الأرض تكبر وباب الثلاثة سَمَا ، و( عِلُوُ ) الدار بضم العين وكسرها ضَدٌ ( سِفُلها ) بضم السين وكسرها ، و ( العلياء) كل مكان مُشرِف . و ( الَعلاَءُ ) و ( العٌلاَ ) الرفعة والشرف وكذا (الَمعلاَةَ ) والجمع ( الَمعالَى ) و( العَاليِهٌ ) ما فوق نجد إلى أرض تهامة وإلى ما وراء مكة وهى الحجاز وما ولاها . و ( العُليةُ ) بضم العين الفرقة والجمع ( العلالُى ) وقال بعضهم : هى ( العِلَيةُ ) بالكسر ، و( المُعلىّ ) بفتح اللام السابع من سهام الميسر ، ( إستَعلىَ ) الرجل عَلاَ ، و ( اَستَعَلاهُ ) عَلاَهُ و (إعتلاهُ ) 000 مثله ( وتَعَلىَّ أى عَلاَ في مُهلةٍ ، وتَعَلتَّ ) المرأة من نَفاسِها أى سلمت ، و( تَعَلىَّ ) الرجُلَ من عِلَّيهَ . و (العَلِىُّ ) الرفيع . و ( أعلاه ) الله رفَعَهُ ، و(عَالاَه ) مثلهُ . ................ ألخ(2)
تسمية المولود عند العرب
درجت البلاد العربية والإسلامية على تسمية مواليدها بأسماء شتى ومن أهمها ( ما حُمد وما عُبد ) مثل أحمد ، محمد ، محمود ..........الخ عبد الله ، وعبد الفتاح وعبد العظيم ............الخ
كما درجت أيضاً على تسمية الأبناء بأسماء تاريخية أو أسماء الصحابة وأهل البيت مثل ( عمر ، عثمان ، عمرو،
" على "..........) الخ
ويشتق من اسم (على) المذكر أيضاً (علية) للأنثى وعلياء وعلا وعالية ... ألخ
ولعل الاسم (على) ينتسب إلى على بن أبى طالب " كرم اله وجهه " والذي أُثر عنه شجاعته حيث بات في فراش النبي (صلى الله عليه وسلم ) ليلة الهجرة فضلاً عن كونه أول من أسلم من فتيان قريش وكان حدثاً صغيراً .
"على " في الغناء الشعبي للأطفال
درجت العادة في مصر على الإشارة لاسم "حسن بأبى على " فتقول المقطوعة الغنائية للأطفال
" حسن أبو على "
سرق المعزة
والمعزة كانت سودة (أي سوداء)
وصاحبها أبيض(3)
وفي غنائيات الأطفال أيضاً (4) في ليالي رمضان ، حيث يمر أمامهم قائدهم وقد يطبل على صفيحة أو طبلة يغنى الجمل الرئيسية وهم يرددون وراءه كلمة " ياللى"
"على عليوة "
على عليوة ياللى
ضرب الزميرة ياللى
ضربها حربى ياللى
نطت من قلبى ياللى
قلبى رصاصى ياللى
أحمر رقاصى ياللى
رقاصى على مين ياللى
على شاهين ياللى
شاهين ما مات ياللى
خلف بنات ياللى
خلفهم تسعة ياللى
قاعدين على القصعة ياللى
وأخويا فيهم ياللى
عاوج طربوشه (5) ياللى
من كتر(6) فلوسه ياللى
كبش (7) وإدانى (8) ياللى
إدانى جنيه (9) ياللى
أجيب به إيه (10) ياللى
أجيب به وزة (11) ياللى
والوزة تكاكى (12) ياللى
وتقول ياوراكى (13) ياللى
ياوراكى الشوم (14) ياللى
عَدَّا الفيوم (15) ياللى
بيبيع لمون (16) ياللى
ولمونه حادق (17) ياللى
طرشق بنادق ياللى
بنت السنوسى ياللى
كسرت فانوسى ياللى
وفانوسى سوسى ياللى
دهب مرصوصى ياللى
رَصَّيته رَصَّة ياللى
ولا حدش شافنى (18) ياللى
إلا الأمير ياللى
أبو عب كبير ياللى
وعلى عليوة ياللى
ضرب الزميرة ياللى ............ ألخ وتكرر مرات
وتعلق د . نبيلة إبراهيم على هذه الأغنية الشعبية بأنه ينتفي فيها الأسلوب المنطقي إلى حد كبير لدرجة يبدو فيها أسلوب اللامعقول واضحاً جلياً ، وهذا يبدو في الانتقال المفاجئ بين كل موضوع وآخر دون سابق تمهيد ، وربما كان طول الأغنية ، بل ورغبة الأطفال في تطويلها قدر الإمكان سبباً في هذا الانتقال المفاجئ بين موضوع وآخر ، (وربما عدها أصحاب مذهب اللامعقول أغنية من النمط اللامعقول الذي ينحو إلى إبراز ما يجول بخاطر الإنسان من أفكار دون أن يقوم بتنظيم ذلك منطق أو فكر ) (19) ونحن هنا لا نبحث عن أية مضامين تحليلية لما تنطوي عليه الغنائية الشعبية بقدر ما نبحث عن الإشارة إليها لما تنطوي عليه من مُسمى شهير يعرفه معظم أطفال البيئات الشعبية في مصر بل ويجرى مجرى الأمثال ، كذلك مثلما يقولون أيضاً وهم يجرون في الشارع عند اللعب أحياناً
"على يا على يا بتاع الزيت "
بأحبك يا على وأحلف بالبيت "(20)
وفي الأغنية الشعبية
" ماشوفتوش (على ) ياناس" (21)
ماشوفتوش (على) ياناس لابس قميص ولباس
وبيلعب البرجاس على قنطرة عباس
والقنطرة أتهدت وعيونها إنسدت
ودموعها إتعدت علشان (على) يا ناس
وهى من أغاني الهدهدة والتهنين للأطفال في الأدبيات الشعبية فيها تحلم الأم بأن ابنها (على) يكبر حيث يرتدى مثل ملابس الأطفال بعدما يتحلل من قماطه ويلعب مع الأطفال (البرجاس ) على قنطرة عباس ولعلها تعود إلى الخديوي عباس " في عصر الدولة الحديثة التي شيدها محمد على في مصر ، ولكن القنطرة ربما هدت وكم من الحزن يكون من أجل خاطر عيون "على " الرمز لطفل الوليد في الأغنية الشعبية .
"على " في اللعبة الشعبية
وهى لعبة يلعبها الكبار مع الصغار أو الصغيران معاً حيث يقول أحدهما :
" عم على " .. نفخ جرابه ( بإيقاع سريع )
وشال فيه زاده
وسافر بلاده
وقال : " هيلاااهوب "
ومع قول "هيلاهوب " يملأ الفم بالزفير ويحبسه مع تسكين حرف الباء الأخيرة ، ويقوم الطفل الآخر بوضع إصبعه ضاغطاً على فم الآخر المملؤ بالهواء ، وعلى غرة منه ، لخروج الهواء بسرعة ، وفي الوقت الذي تكون فترة التنفس على وشك الانتهاء ، ويضحك كلا منهما إثر ذلك ، وهى لعبة فكاهية وتستمد فكاهتها من تكرارها عدة مرات وبسرعة .
" على " في المأثور الشعبي للنداء
وفي مأثورات النداء الشعبي في مصر للبحث عن غائب أو لإستوحاشه يقال " كنت فين ياعلى
وأمك بتدور(22) عليك ؟! "
وتجرى هذه الصيغة الإستفهامية الإستنكارية مجرى المثل السائر حتى إنه من طرائف الأمور في العصر الحديث أن سميت مسرحية بهذا الاسم " كنت فين ياعلى " ومثلت على المسرح منذ أعوام قليلة .
وأيضاً ينادى عليه بكلمة " على ياويكا" ، وقد يزيدون ( على ياويكا يا بتاع أمريكا ) ، وخاصة إذا ماكان مرفهاً مدللاً .
" على في الحكايات الشعبية "
من الحكايات الشعبية الشهيرة التى اشتهر بطلها باسم "على " حكاية " على بابا والأربعين حرامى " وتتلخص أحداثها في وجود "على بابا " الفقير" وقاسم أخوه الجشع ، حيث يلعب الحظ والقدر دوره في عثور
" على بابا " على مغارة تحتوى كنوز اللصوص الأربعين وهذه المغارة تفتح بكلمة السر " افتح ياسمسم " فتفتح المغارة له ، ويغترف من كنوزها إلى ما شاء الله فيغتنى ثم تستمر الأحداث المعروفة للجميع كباراً وصغاراً .
وقد استلهمت الكثير من الأعمال الدرامية الفنية من هذه الحكاية الشعبية في العصر الحديث مثل " محاكمة على بابا " ومثل ( عودة على بابا ) وغيرهما .
ومن الحواديت الشعبية حدوتة " الشاطر على " مثلها مثل الشاطر " محمد " ومثل " الشاطر حسن " الشهيرتين ، ومثل حواديت الشطار الثلاثة (23) معاً - الشاطر حسن والشاطر محمد والشاطر على .
وتنتشر مثل هذه الحواديت الشعبية في أغلب الأقطار العربية ، سواء تسمت بهذا الاسم مباشرة ، أو لعب دور البطولة فيها أحد الشطار. وغالباً ما تتلخص الحكاية الشعبية في بداية عادية تمهد للمشكلة أو للعقدة حيث يخرج فيها الشاطر المذكور باحثاً عن حل لها ويسير من بلاد الله لخلق الله وغالباً ما تُتَوج مسيرته بالفوز والنجاح كما في أغلب الحواديت الخرافية . فهي حكاية إذن تختبر قدرة البطل على القيام بعمل أو التغلب على عدو أو التخلص من مأزق أو العثور على شيء نفيس دونه الأهوال ، كما احتلت حكايات الشطار مكاناً ممتازاً في بعض السير الشعبية ، ووقفت على صعيد واحد في ذاكرة الناس مع أبطال تاريخين مثل( سيف بن زى يزن وعنترة بن شداد والظاهر بيبرس ...الخ ) (24)
" على الزيبق المصرى "
في السيرة الشعبية
تحتل السيرة الشعبية مكانة بارزة في التراث الشعبي إذا يعتبر بطلها " على الزيبق " واحداً من شطار الحكايات والسيرة ، وعنه يقول د. عبد الحميد يونس " والباحثون إذا تعرضوا لهؤلاء الأبطال بالدراسة ووازنوا بين واقعهم التاريخي وملامحهم النفسية ، وفعالهم العجيبة في مخيلة الشعب فإنهم لايستطيعون أن يغفلوا أحد هؤلاء الشطار - مثلا- وهو" على الزيبق المصري " ، وسيرة " على الزيبق المصري " تعد بحق من القصص الشعبي الذي تدور جميع أحداثه تقريباً على هذا الاختبار ، وقد تحول البطل من الابن الثالث الذي ينجح فيما فشل فيه أخواه إلى واحد من الشطار الذين حفروا أسماءهم في الذاكرة الشعبية ، فوضعتهم في مكان أولئك الفتيان ، ولم تعد ابنة السلطان ومن إليها هي الغاية أو المكافأة التي يحصل عليها البطل بعد توفيقه وإنما أصبحت المناصب الإدارية العليا هي الغاية . ففي قصة "على الزيبق " يقوم الصراع في عمومه على الظفر بمقدمية بغداد وهى من أرفع المناصب الإدارية كما يتصور الشعب . ومن هنا كان الصراع الرئيس في مثل قصة (على الزيبق) هو بعينه تأكيد الاختبار باستكماله مقومات (الشطارة ) وما ينبغي لها من مواهب ومعارف وخبرات : كان الصراع بين دليلة المحتالة وبين (على الزيبق) على مقدمية بغداد ، وكانت الوسائل إلى تحقيق انتصار البطل الشاطر عبارة عن مجموعة متعاقبة من الاختبارات التي أطلق عليها مصطلح (الملاعيب) وفي حكاية (على الزيبق ) ترعى الأم ابنها طوال عمره وتخلصه من أكثر المآزق التي يقع فيها أو يوقعه فيها خصومه وهى تجيد التنكر وتحذق الحيلة وتنهض بأعباء الرجال وتَتقن السحر وتتوسل بالتخدير ، ...ألخ ، وأخيراً فإن (على الزيبق) كناية عن التشكل وسرعة الحركة وصعوبة إمساك صاحب اللقب .....ألخ (25)
"على " في أغنيات العمل الشعبية
تبدوا أغنية العمل في أبسط صورها ، كلمات ليس من السهل فهمها أو معرفة أصلها مثل " ياليصا .... ياليصا " أو" هيلا ليصا " أو يوسا ... يوسا " .....ألخ ، وهى ظاهرة موجودة في كل أغاني العمل في العالم كله ، أشار إليها الدارسون وعلقوا عليها وربما جاءت هذه الكلمات السابقة غير كاملة من إحدى اللغات الأجنبية أو لعلها ليست أكثر من كلمات لا معنى لها (26)
والعمال عادة ما يتغنون ببعض المقطوعات وذلك لتسهيل حركة العمل ، أو تهوين الوقت عليهم ولتمضية الزمن بسرعة حتى لا يشعرون بالتعب كثيراً فيما لو كان أداؤهم صامتاً .
ومن أغنيات الصيادين في التراث الشعبي المصري التي ذكرت الاسم "على" موضوع بحثنا المقطوعة الغنائية التالية .
الصياد : لا سعى وأزور النبي
بقية الصيادين : وأرمى حمولي عليه .
الصياد : وإن حصلك ضيم نادى
بقية الصيادين : يا إمام يا "على" (27)
وننتقل إلى مقطوعة أخرى يرددها الفلاحون أثناء الحرث : (28)
على أبو زيدي " ..... على أبو زيدي"
وأنا ياريت من تبكى" على أبو زيدي "
"على أبو زيدي "
وقلعت ثياب العز .... ولبست سويدى (29)
وهنا يُكنى بأبي زيدي ، ويرجع أصلها إلى السيرة الشعبية (أبى زيد الهلالي ) فكما يطلق الشعبيون على اسم حسن (حسن أبو على ) ، فإنهم يطلقون على اسم "على " (على أبو زيدي ) وهو كناية عن الشهامة والفروسية والنبل والأخلاق الكريمة .
"على" في أغانى الزفاف والأعراس
من الأغنيات الشهيرة في التراث الشعبي المصري التي ينشدونها في أغاني الزفاف والأعراس الأغنية الشعبية (العلى على ) وينشدها أحد الشباب ويفتتحها بصوت عال مثيراً للانتباه حتى يتحلق حوله باقي المجموعة ليرددون المقطع النهائي منها معه ، وتبدأ هكذا بأن يقول المؤدى .
هيه .......
فيرددون : إيه ؟ يكررها مرة أخرى بصوت عال وقد يقف في مكان مرتفع بينهم أو على مقعد .
فيقول : ماشوفتوش(30)
المرددون : إيه (31)
هو : الواد "على"
المرددون : إيه ؟
يغنى بإيقاع سريع : العلى على جانَّا(32) العلى على إيه ؟
المرددون : العلى على جانَّا العلى على إيه ؟
المؤدى : العلى على جانَّا وعريسنا دخل الجنة
المرددون : العلى على جانَّا وعريسنا دخل الجنة
المؤدى : العلى على ويكا وعريسنا راح أمريكا
المرددون : العلى على ويكا وعريسنا راح أمريكا ......ألخ
ومن الأغنيات الشعبية الحداثية التي لاقت شهرة أيضاً وقد استمدت الاسم "على" من الأغنية التراثية القديمة أغنية " فرفش(33) يا بو على " إضحك يا بو على " وفيها يفترض أن العريس اسمه "على " حتى ولو لم يكن كذلك ويقال فيها " إضحك إضحك إضحك . إضحك يا بو على " .
فَرفِش فرفش فرفش ... فرفش يا بو على .
روق(34) ....روق ...روق ...روق يا بو على .
إضحك ... فرفش .. روق ....دى ليلتك فوللاَّلى(35)
قبائل " أولاد على " في شمال افريقيا
تعتبر قبيلة " أولاد على " من القبائل التاريخية والتي تحظى بشهرة واسعة على المستويين التاريخي والجغرافي إذ تعتبر قبائل " أولاد على" بالصحراء الغربية المصرية من القبائل التي مازالت تتميز بسمات خاصة وخصوصية عربية أصيلة ومازالت تحتفظ بتراثها الشعبي العربي البدوي ومأثوراتها وعاداتها وتقاليدها ...إلخ (36)
وقد عرضت مجلة المأثورات الشعبية في العدد الثامن والثلاثين دراسة هامة حول " الأمثال الشعبية والضبط الاجتماعي عند قبائل " أولاد على " تناولت فيها الأمثال الشعبية وبيان دلالتها في نسق الضبط الاجتماعي عند قبائل " أولاد على " تُبرز رؤية المجتمع لقيم معينة بصدد شرف المرأة ، والعلاقة الزوجية ، والاختيار الزواجي ، وجمال المرأة ، وبر الوالدين ، ومكانة كبار السن ، وحقوق ابن العم ، والصداقة ، ورفيق السفر ، وحقوق الجيرة ، والتحفظ في العلاقات والغربة ورؤية الغريب ، والحذر ، ومهنة الرعي ، والرزق والسعي والكسل ورؤية المال ، والقناعة والكرم والبخل ، والقضاء والقدر والصبر والتفاؤل والتشاؤم والحسد وحتمية الجزاء والبرود والتعالي و.........و............إلخ (37)
وفي دراسة آخري حول " مجتمع أولاد على " بينت - على سبيل المثال لا الحصر - أن للطعام دلالة هامة في التفرقة بين المراكز المختلفة فتوزيع الذبيحة مثلاً لا يتم عشوائياً ولكن يتم وفقاً لقواعد اجتماعية محددة تعمل على تحديد الأجزاء المناسبة لكل مراكز من المراكز ويتم توزيعها كالآتي :
1- يتم تقديم الساقين للعمد والمشايخ أو كبار السن
2- السهمان للوسط بينهما ( لا هو عمدة ولا شيخ )
3- الكتفان للذين في نفس مستوى العُمد وكبار السن
4- خروقتان لمتوسطي الحال
5- الفخذ أو كما يسمى " أبو فسيخة " للنساء ( وإذا قدمته المرأة لرجل يجب عليها أن تدفع حق عرب )
(6) بيت الكلاوي لمتوسطي الحال
(7) سلسلة الظهر تقسم أربعة أقسام وتوزع على الأطفال وعلى البدوي أن ينحر شاه ليكرم ضيفه أو أن يقدم ذبيحة مشاركة أو عزاء لجاره أو أحد أقاربه ويتم توزيعها كما سبق .
"أم على " حلوى شعبية شرقية شهيرة
تحظى " أم على " كطبق من أطباق الحلوى الشرقية بشهرة شعبية واسعة ، ويكثر تناولها في شهر رمضان وفي بعض المناسبات الدينية مثل عاشوراء والنصف من شعبان والأعياد مثل عيد الفطر وعيد الأضحى ..... ألخ ، كما تقدم أيضاً بعد الغداء للتحلية أو في ليالي السمر الصيفية .
وقد ورد ذكر " أم على " في قاموس أحمد أمين (38) بأنها "طعام لذيذ مشهور ، يُصنع من الرُقاق الرفيع واللبن والسمن ، فإذا فُردت راقات منه وضع في منتصف (الصينية) جوز ولوز وزبيب وبندق مكسر ثم أكملت الصينية مع إضافة اللبن والسمن أيضاً - ثم تدخل في الفرن فتكون أكلة لذيذة . " وقد نال هذا الطبق نوع من تطور الإبداع الشعبي فأصبح يوضع بكميات قليلة صغيرة يكفي الطبق الواحد لفرد واحد وبذلك تم استبدال الصينية بعدة أطباق ، أو أبرمة (جمع برام ) وهو من الفخار ليدخل الفرن لاستكمال النضج وقد تضاف بعض الفانيليا (وهى من مكسبات الطعم المميز والنكهة المحببة الخاصة بحلوى اللبن حديثاً ).
" على لوز" (39)
ومثلما تُعد " أم على " أحد أطباق الحلوى الشهيرة شعبياً فإن "على لوز" - هو الآخر نوع من أنواع الحلوى الخاصة بالصبية وقد أورده أحمد أمين في قاموسه إذ يقول "كان الأطفال في العيد يعقدون السكر ويصبونه في صوانٍ صغيرة ويضعون عليه اللوز المقشر وينادون عليه (على لوز) ، ولا أدرى لِمَ سموه (على ) إلا أن يكون أثراً من آثار التشيّع ، أيام كان التشّيع منتشراً في العهد الفاطمي ، ولذلك كثيراً ما تنسب الأشياء لعلى ، مثل :على لوز ، وعند المطر يقولون : يا فرج على ، وعامل أبو على ، وأم على وعلى عليوه ، وعلى يا على يابتاع الزيت .... إلخ .
غير ذلك وقد يستعمله الأطفال كنية (على لوز) جلباً للعيدية ، فأقارب الطفل يأخذون من حلاوته هذه قطعة صغيرة تُسمى (الملوَق ) ويدفعون له عيدية " .وكان هناك من يتاجر بها في الأعياد فيصنع صوانى كبيرة مملؤة بـ (على لوز ) .
" على عليوة " في الموال الشعبي
الموال لون من ألوان الأدب الشعبي ، ويلعب دوراً هاماً في التنفيس الوجداني لقائله والمستمع إليه " فهو مستودع لأمال وأحزان الفلاح والعامل والأجير وأداة لإخراج ما في نفوسهم من مشاعر مستعينين به للصبر على القسوة وهجير الأيام "(40)
ولأهمية الموال فقد سجل المستشرقون سبقاً في هذه الدراسات تحسب لهم حتى ولو جاءت على مستوى الجمع والتدوين دون الدراسة التحليلية وفي ذلك يقول ميلاد واصف في كتابه قصة الموال " أهتم به المستشرقون اهتماما بالغاً ، فنقلوا الكلام وسجلوا اللحن ، حتى لقد وقف هؤلاء الأجانب جل جهدهم وما لهم ووقتهم في سبيل جمع النصوص الشفوية إلى لغاتهم ، وإصدار مجموعات ضخمة من الشعر العامي بعد تحقيقه والتثبت منه " (41)
ولقد حظي " على " في الموال الشعبي بلفته تضاف إلى الرصيد السابق من المأثورات فقيل في الموال (42) (على عليوة ) بنى له .. فوق الجبل أعشاش
عشان يحوش الهوا .. هوه الهوا ينحاش
والرمل لم ينفتل .. والشوك لم ينداس
واللى يبنى له بيت .. لازم يكون له أساس
وعجبى .
ومجمل القول الذي يعنيه الموال هنا " على عليوة " هذا وهو رمز للإنسان حاول أن يبنى بيتا فوق الجبل ولكنه على هيئة (عش ) دون الصلابة والقوة ظناًَ منه أنه يحميه من تيارات الهواء والرياح والأعاصير والبرد ... ولكنه أخطأ فيما ذهب إليه فمن المستحيل أن نفتل من الرمال أحبالاً أو ليس من اليسير المشي على الشوك دون جراح ، وكان لابد أن يكون للبيت الذي ابتغاه أساس قوى ومتين . هذا هو المعنى القريب للموال أما المعنى البعيد فيرمى إلى كيفية تأسيس البيت ( عند الزواج ) ، بالزوجة الصالحة والزوج المسلم الذي يراعى ربه ودينه حتى ينشأ الأطفال نشأة سوية بعيداً عن العلل والأمراض النفسية والاجتماعية .
وقد يكون من معاني الموال الأخرى أيضاً التي ترمى إليه أن التأسيس لأي مشروع يجب أن يكون سليماً وقوياً ومتقناً حتى يواجه عثرات الحياة وصعوباتها .
" على كاكا " (43) أحد رموز الفكاهة الشعبية
وقد أورد قاموس أحمد أمين للعادات والتقاليد والتعابير المصرية ، بأنه ( شخصية غريبة تدل على ولوع المصرين بعلاقاتهم الجنسية فهي شخصية رجل يلبس الحذاء ويلبس في وسطه حزاماً يتدلى منه قطعة على شكل الآلة الجنسية في أضخم أنواعها وكان هذا المنظر يثير ضحك النساء والرجال على العموم ضحكاً بالغاً) .
وكانوا يصنعون منه نماذج من الحلوى في الموالد ، وكان هناك نوع من الحلوى عبارة عن سكر مجفف فيه شربات ويسمونه أيضاً شربات ويدور البائع في الشوارع والحارات ويقول :
( العروسة من الشربات ، العريس من الشربات ، الحمه من الشربات ، وعلى كاكا من الشربات ) وبالنظر إلى مجمل القول السابق نجد أنه يندرج تحت بند الفكاهة الشعبية ، وهى كما عرفها احمد رشدي صالح : " كل ما يثير المرح في عقل الإنسان أو في نفسه ، وكل ما يدفعه إلى أن يضحك ويمرح " (44) وأحد وظائفها : " أنها تُطهر النفس من همومها تماما كما يفعل البكاء " (45) وهى أيضاً حركة نفسية اختصت بها الشعوب - العربية - لتحيل حياتها المبتلة بالدموع إلى ضحكة كبيرة لامبالية ونكته عارية ناقدة " (46)
وفي الأدب الشعبي لدى العامة يقال عن الفكاهة أو الطرفة ( أضحك يا عم .. هوه حَدّ (47) واخد(48) منها حاجة(49) ) وهى دعوة للابتسامة والضحك لأن الدنيا عندهم بهمومها إلى زوال وحياة المرء قصيرة عليها مهما طالت ولذا فإن الابتسامة تستخدم كقوة لمواجهة الصعاب والأزمات والتحلل من الإضطرابات الإجتماعية والنفسية لأى مجتمع كان ..
"على " في المرثيات الشعبية الأردنية
المراثي الشعبية أو البكائيات أو العديد ....ألخ وكلها مترادفات لمعنى واحد يعنى فن الحزن والرثاء القولي الشفاهي عند الموت أو الإقبال عليه في حالة توقعه عند المرض الشديد ، هذا الفن يعتبر أحد فروع الأدب الشعبي العريقة مثله مثل الأغنية وإن اختلفت المناسبات بينهما وهو يرجع في "أصله للتراث العربي وقد تحول من الفصحى إلى العامية " كما علل ذلك د./ عبد الحليم حفني في كتابه القيم " المراثى الشعبية - العديد " وأهم ما يميز العديد " أنه يكاد يتحاشى التعبير المجرد وأسلوب الحقيقة معتمداً على تجسيد المعاني والمشاعر ، فالمعددة لا تتحدث عادة عن حزنها أو موقفها من المصاب ، وكأنها مجرد شخص محايد ، يرى شيئاً فيرويه ويحكيه كما رآه دون أن يتحدث قط عن أثر ما رآه في نفسه أو مشاعره " (50)
وفي الأبيات الشعبية التي حفظت لنا بعضاً من ألوان العديد في المناسبات المختلفة مثل عديد الزوج أو الأخ أو الولد .....ألخ
ورد ذكر "على " في المرثيات الأردنية ولم يدلنا المرجع (51) على كون هذا الاسم رثاءً لشخص مفقود بعينه ، وإنما كان من الواضح أنه ورد بشكل (رمزي) أكثر من كونه حقيقة كانت يوماً ما . ويشير المرجع إلى أن المنشدة فقدت ابنها في حادث دهس مفجع غير أن البكائية قد تفيد بكونه أخيها فهي تناديه أحياناً ( ياخى) أو (ياخوى) .....ألخ ، رغم كونه ابنها ..والآن مع النص :
بالله إن مرقتوا يا طوى برشين طارشنا "على" معاكو (52)
يا قبر ، هاذى نحسة أمى مظيومة يا قبر جتنى(53)
ختنى أكف الظيم عنها ياخوى يا"على " جتنى
بنات القبر ، بسعَلنكّ إنك عزب ولا مجوز يا"على"(54)
وقف على راسى أو سعلنى حال أمى مَهى معجبتنى (55)
مظيومة يا قبر جتنى مظيومة يا قبر جتنى
يا خوى خيطتكوا إبرة بجيبى لمجبرى وعقاب شيبى(56)
في راس طار وأوقفوا لى ونى خايفة وتنحنحولى(57)
يا خى "ياعلى " وتقول خَيتَك " ياعلى " ثوبى على راسى طويتُه(58)
ها وين أبوى وين بيته يوم جيت أدور ما لقيتُه (59)
يا خى "يا على " عينى أمصِدّه وعن شارة البارود عميانى (60)
ملآن ملعب الصبيان "على"جانى يرطن رطين التركمانى (61)
يا "على " تنحنح أو من المحلب قام ونهر على زرق الوشام (62)
ويَدَّب قليلات الحيا (63)
وَنى يا "على" عينى فاقدتكو مع الحى مانى شايفتكو
ويقول القبر هذى مدللتنا وتقول : مظيومة يا قبر جتنا (64)
عرينا وبدا لحم الكتوف قوم إستند يابى أو شوف (65)
وأرم علىَّ عميمتك لا تميل ولى مبغضين ولى محبين (66)
وقفنا يا خى على روس النساوين وطلبنا الجميل من الدجاجيل (67)
وتقول : جاب أبوى الكساوى طيتين قال : البسى يا مكحولة العين
ومِن خَرّفَك إعتبى على يا عينى (68)
أو هلهلى يا دموعى ورجوع ما فيه رجوع
يا لا يمين أم الجنين وش حالها يا عالمين ، حال الهوان حالها
يا ناركو يا "على" شيح وقادة ما بتستريح (69)
يا بيت يا ملعون أبوك يا بيت خلّونى وخَلّوك (70)
وقع على أو قال يا ستار ردونى على أهلى واحداً على الدار
خيتك وقفت وقالت يادهرى ردّوا عَلَىّ مستند ظهري
وفي ختام هذه البكائية البائسة فمن " البدهى أن يتوارد مع هذا الحديث التساؤل عن موقف الدين من العديد ،والواقع أن موقف الإسلام في هذا شديد الوضوح ، فإن النبى (صلى الله عليه وسلم ) قد نهى نهياً شديداً عن مظاهر الحزن في الحديث الشريف " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ، ودعا بدعوى الجاهلية " ولكنه لم يرد قط أنه نهى عن الكلام الذي يقال لمجرد التعبير عن الحزن سواء أكان شعراً أو نثراً ، بل كان يستمع إلى مثل هذا ، وأحياناً يطلب الاستزادة في السماع كما فعل مع " الخنساء " أشهر شعراء الرثاء والعديد وكانت كلما توقفت عن الإنشاد استزادها بقوله " هيه يا خناس " يعنى استمري في الإنشاء يا خنساء (71) .
الخاتمة
وختاماً لا يسعني إلا الاتفاق مع رأى أحمد أمين (72) أحد روَّاد التراث الشعبي بأن كثرة انتشار اسم "على " واشتهاره شعبياً بين الكثير من مواد التراث الشعبي أو أجناس الفولكلور هوّ إما مأخوذ "من الحسن بن على" أو من "السلطان حسن " سلطان بنى هلال ، فإنهم يلقبونه دواماً بأبي على ، أو يكون أثراً من آثار التشيع أيام كان التشيع منتشراً في العهد الفاطمي ، ولذا نسبت كثيراً من الأشياء "لعلى" وهو على آية حال في اعتقاد - الكاتبة - انتسابا محموداً .