أبو بكر أيوب بن تميمة السَّخْتيانى ، ولد سنة 66 هــ ( 685 م ) ، وتوفى سنة 131هـ ( 748 م ) فى طاعون البصرة مع فرقد السبخى ، وكان من العباّاد الرهبان ، وفقيهاً محجاجاً ، وناسكاً حجاجاً ، قال عنه الحسن البصرى : " هذا سيد الفتيان " ، وقال : " أيوب سيد شباب أهل البصرة " .
ولقى سفيان بن عيينة سنة 86 هـ فقال عنه : " ما رأيت مثل أيوب " . وإذا تحدث عنه محمد بن سيرين قال : " حدّثنى الصدوق " . وقيل فيه أيوب سيد الفقهاء ، وجهبذ العلماء وليس فى البصريين مثله ، ولا خرج من العراق من هو أفضل منه .
وأيوب كان من البكّائين وقال الإمام مالك : كنا ندخل على أيوب فإذا ذكرنا له حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بكى حتى نرحمه .
وحج أيوب أربعين حجة ومن أصحابه : عبد الواحد بن زيد ، وموسى الأسوارى ، وكان موسى لم يكن يرى فى البصرة أفضل من الحسن البصرى وأيوب السختيانى . وكان أيوب يقول عن نفسه : إذا ذكر الصالحون كنت عنهم بمعزل . ويقول : وددت أنى أغفلت من هذا الأمر كفافاً " يقصد التصوف " . وقال فى زهد أحد تلاميذه : ليتق الله ، إن زهد فلا يجعلن زهده خير من أن يعلنه . وكان أيوب ممن يخفى زهده ويعتذر عن ذلك قائلاً : " والله ما صدق عبد إلا سَرّه أن لا يُشعر بمكانه " .
والزهد عنده فى ثلاثة أشياء ، أحبها إلى الله ، وأعلاها عنده ، وأعظمها ثواباً ، الزهد فى عبادة من عُبد من دون الله ، من كل مَلك وصنم وحجر ووثن ، ثم الزهد فيما حرم الله تعالى من الأخذ والعطاء ، ومنه زهد الفقراء وهو أخس أنواع الزهد عند الله ، ثم الزهد فى حلال الله عز وجل .
فأنت ترى أن التصوف عند السختيانى طريقة ومنهج أكثر منه فلسفة ، ولأنه طريقة فهو أجدر بأن يتبع وليس أن يستمع إليه . وكان يحب مع ذلك أن يخفى تصوفه ، فإذا قام الليل سلك فى الصباح كأنه قد استيقظ تواً . وقال عنه ابنه : كان أبى يحب الجهر بالقرآن من الليل جهراً شديداً ، وكان يقوم السحر الأعلى . وكان شديد التبسم للناس ويدعوا : اللهم أسألك الإيمان وحقائقه ووثائقه ، وكريم ما مننت به علىّ من الأعمال التى يُنال بها منك حسن الثواب ، واجعلنا ممن يتّقيك ويخافك ويرجوك ويستحيك . اللهم استرنا بالعافية.