" ذوق "
بسم الله الرحمن الرحيم .. والصلاة والسلام على المخصوص بالخطاب الإلهي .. البرزخ بين الحق والخلق ... كبير الأنبياء .. صاحب المعراج إلى السماء .. بلا ارني ولا كي يطمئن قلبي وعلى آله وصحبه وسلم ..." وأنذر عشيرتك الأقربين ، واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " [الشعراء 214 : 215 ]
أنت أيها الرءوف الرحيم .. يا صاحب الحواميم .. يا أخا سليمان الذي قال وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ..
اخبر عبادي بأني أنا الجواد الكريم .. واخفض جناحك يا حبيبي لمن اتبعك من المؤمنين .. ودلل علينا بلطيف الدلالة وصحيح البرهان .. وأعلمهم أن الدليل حجاب وأنت الباب ..
لين لهم جنابك يا صاحب الجناب العالي فإنهم على حد الرسم لا حد التحقيق ..
وألبسهم قمصان النسك ...
ولا تلتفت لمن قُد قميصه من قُبُل ...
يا من ترأفت بأمتك ....
فلما كتبت على الأنبياء أن يتبرءوا من قومهم خصصتك بأن تبرأ من عملهم لا منهم :
" فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ " . [الشعراء : 216] .
فأنذر الأقربين يا حبيبي بقربى الإيمان
لا بقربى أبي لهب .. أما ترى يا حبيبي أخيك نوحا لما كفر ابنه كنعان لم تنفعه بنوته ، وهذا الخليلُ إبراهيم عليه السلام لما كَفَرَ أبوه آزر لم تنفع أُبُوَّتُه ...
وهذا أنت يا حبيبي يا محمدٌ - عليك الصلاة والسلام - كثيرٌ من أقاربك كانوا أشدَّ الناسِ عليك في العداوةِ فلم تنفعهم قرابتُهم ....
ها أنت تصعد الصَّفا، وتنادى الأقربَ فالأقرب، وتقول : " يا بَني عبد المطلب، يا بني هاشم، يا بني عبد مناف، يا عباسُ – عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم – يا صفيَّةُ – عمَّة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لا أمْلِكُ لكم من الله شيئاً " .
فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما : صَعدَ النبي صلى الله عليه وسلم الصَّفا، ونادى: " يا صباحَاه " ؛ فاجتمع الناس، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: " يا بني عبد المطلب، يا بني فهر:
إنْ أخبرتُكم أن خَيْلاً بسَفْح هذا الجَبَل، تريد أن تُغير عليكم, صدقتُموني؟ قالوا: نَعَمْ.
قال: فإني نذير لكم بين يَدَيْ عَذَاب شديدٍ .
فقال أبو لهب: تبَّاً لك سائر الشوم، ما جمعتنا إلا لهذا " ؟ فنزلت:
{ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [المسد: 1].
ثم قال يا عائشة بنت أبي بكر ويا حفصة بنت عمر. ويا فاطمة بنت محمد. ويا صفية عمة محمد اشترين انفسكن من النار فانى لااغنى عنكن شيئا " .
وقال عليه السلام " كل حسب ونسب ينقطع إلا حسبي ونسبى " فحسبه الإيمان والتقوى كما قال عليه السلام لما سُئل من آلُ محمد؟ قال : " كل مؤمن تقي " ويشير إلى أن من كان مصباح قلبه منورا بنور الإيمان لا ينور مصباح عشيرته ولو كان والدا له حتى يكون مقتبسا هو لمصباحه من نور مصباحه المنور : " إن أولياؤه إلا المتقون .. "
وهذا سر متابعة النبي عليه السلام والإقتداء بالولي .
وقوله عليه السلام لفاطمة رضي الله عنها
" يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار فإني لا اغني عنك من الله شيئا " كان لهذا المعنى كما أن أكل المرء يشبعه ولا يشبع ولده حتى يأكل الطعام كما اكل والده وليعلم انه لاينفعهم قرابته ولا تقبل فيهم شفاعته إذا لم يكن لهم اصل الإيمان فان الإيمان هو الأصل وما سواه تبع له ولهذا السر قال تعالى عقيب قوله
{ وانذر عشيرتك الأقربين } قوله
{ واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } أى ألن جانبك لهم وقاربهم فى الصحبة واسحب ذيل التجاوز على ما يبدوا منهم من التقصير واحتمل منهم سوء الأحوال وعاشرهم بجميل الأخلاق وتحمل عنهم كلهم فان حرموك فأعطهم وان ظلموك فتجاوز عنهم وان قصروا فى حقى فاعف عنهم واستغفر لهم .
ولهذا فينبغي لمن أُهِّلَ للوعظ والتذكير أن يبدأ بالأقرب فالأقرب، ولو علم أنه لا ينتفع به إلا النزر القليل. فمن تبعه على مذهبه فَلْيُلِنْ له جانبه وليتواضع له، ومن أعرض عنه واشتغل بهواه فليتبرأ من فعله، ولا ينساه من نصحههذا كما قالنا لقوله تعالى:
{ فإن عصوك فقل إني بريءٌ مما تعملون } ، ولم يقل:
" منكم " ، وهذا مذهب الجمهور وأن الأخ إذا زلّ إنما يُبغض عمله فقط.
وعن بعض الصحابة - وقد قيل له في أخيه، فقال: إنما أبغض عمله، وإلا فهو أخي، وذُكر مثل ذلك عن أبي الدرداء. وأن الأخ في الله لا يُبغض لزلته، ولا يترك لشيء من الأشياء، وإنما يبغض عمله، ووافقه على ذلك سلمان، وتابعهما عمر، وخالف في ذلك أبو ذر، فقال: إذا وقعت المخالفة، وانقلب عما كان عليه، فَأَبْغِضْهُ مِنْ حَيْثُ أحببتَهُ.
وأنتم يا أهل المودة :يا أقربين النبي وآله .. يا ملح الأرض .. يا عرض يا مروءة يا شهامة .. يا وسامة يا نبل يا طهر يا فروسية ....
أنتم يا عشيرة .... يا الكامل من العدد يا الأهل والولد .. يا موضع النظر ...
يا أصحاب الفكر والعبر والأمر .. والدر من القول .. وجميل الصفح ..
ألا يكفيكم أن الأزهر الأنور الأبهر .. قد خفض الجناح ...
ألا قد لاح الصباح في مكة ..... وتفجرت ينابيع الحكمة ... ألا فشمروا ساعداً وساق ..
واسمعوا صوت منادٍ مشتاق ... حن للتلاق .. يوم تلتف الساق بالساق ...
من منكم يكشف عن ساق .. ليقول كأنه هو .. بل هو هو ..
ألا من مجيبٍ لمقري الضيف .. ؟؟؟
ألا من محبٍ لجبل أحد ؟؟
ألا فانتسبوا وتشرفوا وتشوفوا وتلطفوا ..
يأتي من بعدي ...
من أحبه وبحبني وأسميهم أحبابي ..
ألا يكفيكم هذا النسب الشريف .....؟؟؟
فزتم ورب الكعبة ... *