كما كان للحياة العصرية تداخلاتها مع رجالات الفرق الصوفية في السودان،
إذ عمل البعض منهم أو أبناؤهم
في مؤسسات الدولة وصار البعض منهم مستشارين ووزراء وسفراء.
وبرع البعض الآخر في الحياة الأكاديمية،
كما هي الحال مع الشيخ حسن الفاتح قريب الله
احد مشايخ الطريقة السمانية الطيبية،
الذي وصل الى درجة الأستاذية في الحياة الأكاديمية
وترك أكثر من مئة مؤلف علمي .
والشيخ كمال عمر الذي كان أمينا للشؤون السياسية
في الاتحاد الاشتراكي في عهد الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري.
ويصف الدكتور حيدر إبراهيم لحظة نميري
بأنها كانت مثالا للاستخدام السياسي
للطرق الصوفية في المعارك السياسية
لأنه عجز بنظره عن أن يبني حزبا سياسيا يجمع الناس حوله.
ويضيف ان الطرق الصوفية
لا تلعب دورا سياسيا إلا عندما توظف وتستخدم من قبل السياسيين ،
ويبدو أن ذلك هو ديدن السلطات والساسة
الذين تعاقبوا على حكم السودان.
ويرى الدكتور إبراهيم ان هذه السلطات
استخدمتهم لمحاربة مجموعة المثقفين
الذين ظهروا بعد ثورة عام 1924
ونادي الخريجين ثم مؤتمر الخريجين ،
وأنها نجحت في ذلك بل انه حتى الخريجين
والانتلجنسيا السودانية
قد وجدوا انهم لا يستطيعون التعامل مع الجماهير
الا من خلال الطرق الصوفية.
فانقسمت الانتلجنسيا
نفسها إلى جزأين ،
جزء ذهب مع عبد الرحمن المهدي
والجزء الآخر مع عثمان الميرغني .
ولم يخرج عن ذلك إلا جزء بسيط مع الأحزاب العقائدية
إلا انه لم يؤثر سوى في أوساط محددة من الطلبة والطبقة الوسطى.
ويتحدث عن ما يسميه بصوفية (الافندية )،
حيث دخل عدد من المثقفين الحديثين
والموظفين والأكاديميين
في سياق الطرق الصوفية لتحقيق مصالح خاصة،
ويضرب مثلا بالطريقة البرهانية
التي كانت تضم كبار الموظفين
ولذلك كان يتم تحقيق مصالح مشتركة
من خلال تداخل الأخوية الصوفية مع بيروقراطية الدولة.
ويخلص الدكتور حيدر إبراهيم
الى انه إزاء الانشطارات والتي عاشتها
الطرق الصوفية وتوزيعها الافليمي،
وتوزع استخداماتها بين اتجاهات سياسية متعددة،
فان دورها سيقتصر على الجانب الثقافي والاقتصادي
ولن تلعب دورا سياسيا مهما في المرحلة القادمة.
صفاء الصالح ..