إني محدثكم اليوم عن الطير الخضر وقناديل الضياء ..
والسماء التي بها الملائكة المقربون على قدم النجوم واقفون ..
يسبحون بتراتيل من كلام له لون الفضة والذهب والياقوت ... ..
وكأني شربت معهم شربة هنيئة من نهر الكوثر .. والعسل المصفى ..
وكأني أردد لا أريد غيرك أنت أنت حبيبي ..
وكأن صوتا من فضاء شاسع يقول أحببتنا فأحببناك ..
وكل ملك في ذهول ما هذا الأدمي الذي يخاطب من علٍ .. وهو ليس بنوري ...
وتمتمت بكلمات هي لي حرز ومعين فقلت :
لا أريد الحور العين ولا القصور ولا الخيام .. لا أريد غيرك .. ولا أبغي سواك يا حبيبي .. ..
وكانت الشمس في سنا الإشراق تتبسم في صمت المحبين خشية الدهشة ..
ورأيت الملائكة صفا صفا وكأن ظهورهم كبطونهم ..
وكأن منهم من لم يرفع رأسا من سجود منذ آلاف السنين ..
وسمعت أحدهم في سجوده يقول .. قربني قربني .. أدنو منك ..
وكأن السماء البيضاء بالضياء تجلت في أبهى حلة ..
والحجب حجابا بعد حجاب تضج بها قلوب المتهتكين من العشاق والمحبين ..
أيا حبيبي .. الياء تصلني وأنا من أنا في حضرة الهو ..
وهذه مخلوقاتك النورانية من حولي أخشى من الإلتفات إليهم إتقاءا لحرماتك ..
وكأني أطوف بباب له من اللؤلؤ والزمرد والبيلسان ستارا ..
وكأني أقف ببحر من النور علية سفائن من القوارير .. ولعلي قلت كأنه هو ..
فتلمست طريقي بين الأنوار والبسائط السندسية الممدودة على مد البصر ..
وكأني بقصر على بساطه كتبت عليه كلمات ما عرفت منها غير يمر من هنا الوارثون ...
ودخلت الباب وإذا بالباب رجلا أبهى من طلعة الشمس واضوى من طلة القمر .. فقال من ؟؟ ..
وكأني قلت : أحدهم .. قال محمدي أم أحمدي ..؟؟ قلت : أحمدي ..
قال : هذا بساط الأحمديين .. في عز شرف المحبين تجول .. هنيئا لك بمن أحببت ..
وكأن اللؤلؤ ينساب من عيني شوقا للقيا من أحب ... والقلب مشغول والعقل مذهول ..
والدهشة لزوم ما يلزم .. فقال الزم .. وتزمزم ...
وكأني أغسل بماء الضياء وأتطهر من البقية الباقية من آدميتي ..
وإذا بجناحين خضراوين يكسواني .. وكأني أطير في رحب القصر الأحمدي الواسع ..
ويا لعجب ما رأيت .. رأيت أقواما كنت لا أحسب لهم حسابا .. ولا تفتح لهم أبوابا ..
ورأيتني أنظر حولي والنجوم في بسمة ودهشة من هذا الآدمي الوافد ..
لكني في شدة سعتي وبهجتي تذكرت أني من الموعودين بالرؤيا .. رأي العين ...
وكأن هاتفا من بعيد يقول : يا من تطلب الرؤيا ... لن تراني .. لكن أنظر إليك ..
فإن تخليت وتحليت ونفضت الأكدار عن نفختي تجليت لك في أحد مخلوقاتي ..
قلت : أي حبيبي وأنا الطائر في سماء البهاء .. وأي تخلي أكثر من أني أطير ..
ولا أملك لا نفسا ولا هوى ولا قمطير ... وكأن من يقول : هذا أول طريق المحبين ..
والسفر طويل .. لكنك لزمت الباب .. فأرنا همم المحبين .. تدخل في حضرة التمكين
... واذا بي ينزل من السماء ماءً وكأنه برد .. وكأني أشق قميص الأنــا ..
واستتر من باهر الأنوار الممدودة على مرمى العين ... واذا بصوت من بعيد يقول : ابن من أنت ؟ ...
قلت : ما كان محمدا أبا أحدٍ من رجالكم ..
وهمس في جبتي : لا تبك .. ولا تغمض عينيك .. هذا يومك ..
فلا تكن كي تكن ... وتلمس الأعتاب فيبدو أنك قريب ....
قلت : يطيب .. يا طيّب .. يا طيبة ... يا طبي يا طبطابي .. يا طيي .. يا طائي .. يا طه ...
ونادى منادي .. أمسك عليك حروفك يا هذا .. اليوم لك حرف أو حرفين ..
قلت : آآآآه ...
قال : وتبقى اللام المشددة .