" فكانت الأنبياء في العالم نوابه صلى الله عليه وسلم من آدم إلى آخر الرسل عليهم السلام . "
.................................... ابن عربي ـ الفتوحات المكية
= = == = = = = = = =
ورد في الخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " .
وفي صحيح مسلم : " أنا سيد الناس يوم القيامة " فثبتت له السيادة والشرف على أبناء جنسه من البشر ....
وقال عليه السلام كنت نبياً وآدم بين الماء والطين .
فأخبره الله تعالى بمرتبته وهو روح قبل إيجاده الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاده أجسامهم :
" وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ
أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ
قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا " .
وألحقنا الله تعالى بأنبيائه بأن جعلنا شهداء على أممهم معهم
حين يبعث من كل أمة شهيداً عليهم من أنفسهم وهم الرسل .
فكانت الأنبياء في العالم نوابه صلى الله عليه وسلم من آدم إلى آخر الرسل عليهم السلام .
وقد أبان صلى الله عليه وسلم عن هذا المقام بأمور منها قوله صلى الله عليه وسلم :
" والله لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني " .
وقوله في نزول عيسى بن مريم في آخر الزمان أنه : " يؤمنا "
أي يحكم فينا بسنة نبينا عليه السلام ويكسر الصليب ويقتل الخنزير .
ولو كان محمد صلى الله عليه وسلم قد بعث في زمان آدم لكانت الأنبياء
وجميع الناس تحت حكم شريعته إلى يوم القيامة حساً .
فلم تعم رسالة أحد من الرسل سوى رسالته صلى الله عليه وسلم .
فمن زمان آدم عليه السلام إلى زمان بعث محمد صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة ملكه .
فروحانيته صلى الله عليه وسلم موجودة في روحانية كل نبي ورسول
فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة بما يظهرون به من الشرائع والعلوم في زمان وجودهم .
لكن لما لم يتقدم في عالم الحس وجود عينه صلى الله عليه وسلم أولاً نسب كل شرع إلى من بعث به
وهو في الحقيقة شرع محمد صلى الله عليه وسلم
وإن كان مفقود العين من حيث لا يعلم ذلك كما هو مفقود العين الآن .
وأما نسخ الله بشرعه جميع الشرائع فلا يخرج هذا النسخ ما تقدم من الشرائع أن يكون من شرعه
فإن الله قد أشهدنا في شرعه الظاهر المنزل به صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة النسخ
مع إجماعنا واتفاقنا على أن ذلك المنسوخ شرعه الذي بعث به إلينا .
فهذا النسخ لا يخرجها عن كونها شرعاً له صلى الله عليه وسلم .
وكان نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وحكمه بالشرع المحمدي المقرر اليوم
دليلاً على أنه لا حكم لأحد اليوم من الأنبياء عليهم السلام مع وجود ما قرره صلى الله عليه وسلم في شرعه .
فإن قيل فقوله صلى الله عليه وسلم : " لا تفضلوني " ...
فالجواب نحن ما فضلناه بل الله فضله فإن ذلك ليس لنا .
وإن كان قد ورد : " أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده "
فإنه سبحانه قال : " فبهداهم " وهداهم من الله وهو شرعه صلى الله عليه وسلم .
أي الزم شرعك الذي ظهر به نوابك من إقامة الدين ولا تتفرقوا فيه فلم يقل فيهم .
وفي قوله : "ولا تتفرقوا فيه " تنبيه على أحدية الشرائع .
وأما قوله : " اتبع ملة إبراهيم "
وهو الدين فهو مأمور باتباع الدين فإن الدين إنما هو من الله لا من غيره .
وانظروا في قوله عليه السلام : "لو كان موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني " ..
فأضاف الإتباع إليه صلى الله عليه وآله وسلم .
وصلى الله على سيدنــا محمد وآله وصحبه وسلم .