منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:50 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:   الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
 اعلم أن القضاء حكم الله في الأشياء، وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها.
وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها.
والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد. فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها.
وهذا هو عين سر القدر «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد». «فلله الحجة البالغة».
فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها.
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك.
فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه: كان الحاكم من كان.
فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره، فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح. واعلم أن الرسل صلوات الله عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم.
فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول: لا زائد ولا ناقص.
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض.
فتتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها، وهو قوله تعالى «تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض» كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم، وهو قوله «ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض».
وقال تعالى في حق الخلق «والله فضل بعضكم على بعض في الرزق».
والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم، وحسي كالأغذية، وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم، وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق: فإن الله «أعطى كل شيء خلقه» فينزل بقدر ما يشاء، وما يشاء إلا ما علم فحكم به.
وما علم كما قلناه إلا بما أعطاه المعلوم.
فالتوقيت في الأصل للمعلوم، والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر.
فسر القدر من أجل العلوم، وما يفهمه الله تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة. فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم به، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا.
فهو يعطي النقيضين.
وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، وبه تقابلت الأسماء الإلهية.
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيد، لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي.
ولما كانت الأنبياء صلوات الله عليهم لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري، عن إدراك الأمور على ما هي عليه.
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق.
فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها، وعدمها ووجودها، ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها.
فلما كان مطلب العزير على الطريقة الخاصة، لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر.
فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك.
والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه «أنى يحيي هذه الله بعد موتها».
وأما عندنا فصورته عليه السلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السلام في قوله «رب أرني كيف تحي الموتى».
ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله تعالى «فأماته الله مائة عام ثم بعثه» فقال له «وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما» فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق، فأراه الكيفية.
فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها، فما أعطي ذلك فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي، فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها المفاتح الأول، أعني مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا هو.
وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك.
واعلم أنها لا تسمى مفاتح إلا في حال الفتح، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء، أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير الله في ذلك.
فلا يقع فيها تجل ولا كشف، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد.
فلما رأينا عتب الحق له عليه السلام في سؤاله في القدر علمنا أنه طلب هذا الاطلاع، فطلب أن يكون له قدرة تتعلق بالمقدور، وما يقتضي ذلك إلا من له الوجود المطلق.
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا، فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق.
وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت، فإذا لم تره تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية، وقد علمت أن الله أعطى كل شيء خلقه: ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص، فما هو خلقك، ولو كان خلقك لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه «أعطى كل شي ء خلقه».
فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي.
وهذه عناية من الله بالعزير عليه السلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله.
واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العام، ولهذا لم تنقطع، ولها الإنباء العام.
وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة.
وفي محمد صلى الله عليه وسلم قد انقطعت، فلا نبي بعده: يعني مشرعا أو مشرعا له، ولا رسول وهو المشرع.
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة.
فلا ينطلق عليه اسمها الخاص بها فإن العبد يريد ألا يشارك سيده- وهو الله في اسم، والله لم يتسم بنبي ولا رسول، وتسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال «الله ولي الذين آمنوا»: وقال «هو الولي الحميد».
وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة. فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة: إلا أن الله لطف بعباده، فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام، وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال «العلماء ورثة الأنبياء».
وما ثم ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه.
فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولي وعارف، ولهذا، مقامه من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع.
فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال الولاية أعلى من النبوة، فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه.
أو يقول إن الولي فوق النبي والرسول، فإنه يعني بذلك في شخص واحد: وهو أن الرسول عليه السلام من حيث هو ولي أتم من حيث هو نبي رسول، لا أن الولي التابع له أعلى منه، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه، إذ لو أدركه لم يكن تابعا له فافهم.
فمرجع الرسول والنبي المشرع إلى الولاية والعلم.
ألا ترى الله تعالى قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا «وقل رب زدني علما».
وذلك أنك تعلم أن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أفعال مخصوصة ومحلها هذه الدار فهي منقطعة، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرسالة من حيث هي.
وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم.
والولي اسم باق لله تعالى، فهو لعبيده تخلقا وتحققا وتعلقا.
فقوله للعزير لئن لم تنته عن السؤال عن ماهية القدر لأمحون اسمك من ديوان النبوة فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ويزول عنك اسم النبي والرسول، وتبقى له ولايته.
إلا أنه لما دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحوي عليه الولاية من المراتب.
فيعلم أنه أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة.
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النبوة، يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد.
فإن سؤاله عليه السلام مقبول إذ النبي هو الولي الخاص.
ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن الله يكرهه منه، أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال.
فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت عنده، أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله «لأمحون اسمك من ديوان النبوة» مخرج الوعد، وصار خبرا يدل على علو رتبة باقية، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل لشرع يكون عليه أحد من خلق الله في جنة ولا نار بعد دخول الناس فيهما.
وإنما قيدناه بالدخول في الدارين الجنة والنار لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين، فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنة.
فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول الحق إليكم، فيقع عندهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم.
ويقول لهم اقتحموا هذه النار بأنفسكم، فمن أطاعني نجا ودخل الجنة، ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار.
فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب العملي ووجد تلك النار بردا وسلاما.
ومن عصاه استحق العقوبة فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من الله في عباده.
وكذلك قوله تعالى «يوم يكشف عن ساق» أي أمر عظيم من أمور الآخرة، «ويدعون إلى السجود» وهذا تكليف وتشريع.
فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع، وهم الذين قال الله فيهم «ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون» كما لم يستطع في الدنيا امتثال أمر الله بعض العباد كأبي جهل وغيره.
فهذا قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار، فلهذا قيدناه.
والحمد لله.
 

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
 14 - نقش فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
لله الحجة البالغة على خلقه. لأنهم المعلومون.
والمعلوم يعطي العالم ما هو عليه في نفسه. وهو العلم.
ولا أثر للعلم في المعلوم.
فما حكم على المعلوم إلا به.
واعلم أن كل رسولٍ نبي وكل نبيٍ وليّ وكل رسولٍ ولي.


الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
14 -  فك ختم الفص العزيرى
1 / 14  - اعلم ان الحق لا يعين من نفسه شيئا لشيء اصلا ، صفة كان او فعلا او حالا او غير ذلك ، لأنه امره واحد وامره الواحد عبارة عن التأثير الوحدانى  بافاضة الوجود الواحد المنبسط على الممكنات القابلة له والظاهرة به والمظهرة إياه ، متعددا متنوعا مختلف الأحوال والصفات بحسب ما اقتضته حقائقها الغير المجعولة المتعينة في العلم الأزلي .
 

2 / 14 -  فكان من مقتضى حقيقة عزير عليه السلام واحكام لوازمها انبعاث رغبة منه نحو معرفة سر القدر وانتباه فكره في القرية الخربة بصورة استبعاد اعادتها على ما كانت عليه . فأظهر الله له بواسطة فكره واستبعاده أنواعا من صور الاعادة وأنواعا من احكام القدرة التابعة للعلم ، التابع في التعلق للمعلوم ، هذا وان كان الأكثرون يظنون ان القدرة تابعة الإرادة وان الإرادة تقتضي التخصيص ، والكشف المحقق يعطى ان الإرادة ليس لها الا تعين التخصيص الإلهي العلمي ، لا أنها مبدأ التخصيص ، كما ان العلم لا أثر له في المعلوم ، بل المعلوم تعين  تعلق العلم به على حسب ما هو المعلوم عليه في نفسه من التعين والجزئية لا غير ، وهذه عمدة سر القدر .


3 / 14  - وقد زاد شيخنا رضى الله عنه بسطا فلا حاجة الى التصدي لاعادة الكلام فيه ، هذا  وان كنت قد استوفيت الكلام عليه غير مرة في هذا الكتاب وغيره من تصانيفى وأتممت تقريره ، الحمد لله ، وسانبه الان على احكام القدرة في انواع المعاد وما أظهره الله في حال عزير منها .
 

4 / 14  - فأقول : المعاد يقع على ضروب متعددة : احدها إعادة الصورة المركبة من أجزاء ( 9 ) مخصوصة بعد افتراق تلك الاجزاء وجمعها وعلى نحو هيئتها الاولى واعدادها لاتصال روحها بها اتصال تدبير مقوم لتلك الصورة ممكَّن إياها من التصرف الذي يقتضيه استعدادها واستعداد الروح من حيثها في جانب المنافع ودفع المضار الخصيصين بتلك الصورة وروحها .
 

5 / 14 -  والى هذا النوع الإشارة بقوله تعالى : " أَيَحْسَبُ الإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَه ، بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَه " [ القيامة / 3 و 4 ] ونحو ذلك مما أشار اليه الشريعة بان تلك الاجزاء محفوظة في معادنها الى حين ورود الامر بعودها الى محل اجتماعها بالموجبات المقتضية اجتماعها اولا ، لكن اجتماع الأول موقوف على تعيين الاجزاء من الكليات ، وهذا الاجتماع تأليف من أجزاء موجودة متعينة .
ولذلك قال سبحانه : " هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُه وهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه " [ الروم / 27 ] ان إعادة التأليف من أجزاء الموجودة المتعينة اهون من انشاء أجزاء هي مستهلكة الوجود في الكليات ثم الشروع في تأليفها ، وهو قوله : " وهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه " ، انما بالنظر الى نفس القضية من حيث هي ، لا بالنظر الى الحق سبحانه ، فإنه لا يصعب ولا يعتاص عليه شيء .
 

6 / 14  - والنوع الاخر من الاعادة وهو بطريق حراسة الصورة المركبة من انفكاك اجزائها - مع مفارقة الروح لها - لعدم استعداد الصورة لقيام الحياة بها ، المستلزمة لاقبال الروح على  تدبير تلك الصورة ، وميل هذا الروح لكماله ، اكسب الصورة زمان تدبيره لها صفة من صفات البقاء الذي تقتضيه ذاته ، فان البقاء صفة ذاتية للأرواح .
وايضا : فان اعراض الروح عن تدبير الصورة التي فارقها وإقباله على مظهر آخر واستغراقه فيه حتى استلزم ذلك الاعراض انفكاك أجزاء تلك الصورة وتحللها ، انما ذلك لضعفه وعجزه عن الجمع بين الطرفين ، اعنى الجمع بين ملاحظة عالم الدنيا والعالم الذي انتقل اليه.


7 / 14 - اما امثال هذه الأرواح الكلية المقدسة الكاملة - فإنها لا يشغلها شأن عن شأن ولا يحجبها عالم عن عالم ، لأنها ليست محبوسة في البرزخ ، بل لها تمكن من الظهور في هذا العالم متى شاءت .
فلم يعرض عن هذا العالم بكل وجه - : وقد تحققنا ذلك وشاهدناه ورأينا جماعة قد شاهدوا ذلك وكان شيخنا رضى الله عنه يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن شاء ممن هذه صفته من المنتقلين الى دار الآخرة متى شاء من ليل او نهار .  وجربت ذلك غير مرة .
 

8 / 14 - وهذا النوع هو الذي أشار اليه بقوله صلى الله عليه وسلم ، ان  الله حرم على الأرض ان تأكل أجساد الأنبياء ، وموجبه ما قلت من بركة مصاحبة الروح المقدس ذلك الجسد واكتسابه صفة من صفات بقائه ، مع عدم إعراضه عنه بالكلية بعد مفارقته حالة تدبيره له .
فمثل هذا الجسد المحروس من الانفكاك متى أمد بقوة وامر بكسبه ضربا من الاعتدال ، اتصلت به الحياة واستعد لعود اقبال الروح عليه بالتدبير ، وهذا النوع من الاعادة كانت إعادة عزير عليه السلام .


9 / 14 - والنوع الاخر من الاعادة هو ان الصورة المركبة وان انفكت اجزائها وتحللت الاعراض اللازمة ، فان جواهرها محفوظة عند الله في عالم من عوالمه يشهده اهل الكشف في امر حامل لها ، هو المعبر بعجب الذّنب وهو نفس جسمية تلك الصورة ، لكن من حيث قيام الروح الحيواني وجميع قواه المزاجي بذلك الجزء الجسماني ، ومتى شاء الحق اعادتها ضم الى تلك القوى جواهر تلك الاجزاء الجسمانية إعراضا ملائمة لها شبيهة بالاعراض المتقدمة التي كانت حاملة لها ، فالتأمت بها على نحو ما كانت عليه او على نحو ما يقتضيه الوقت والحال الحاضر ، وخاصية هذا الاجتماع الثاني وما يتصل به من نتائج الصفات والأحوال الناتجة من الاجتماع الأول والتدبير المتقدم ، ومن هذا القبيل كان إعادة حمار عزير عليه السلام .
 

10 / 14 - ولهذا قال سبحانه : " وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة / 259 ] فأظهر الله سبحانه وتعالى في هذا المقام ثلاثة امور حاصرة لاقسام الحفظ :
احدها حفظ الصورة المعهودة عن سرعة تغيرها وعدم بقائها ، فحرسها عن التغير وابقائها  على ما كانت عليه ، وهذا شأن طعام عزير وشرابه.
والصورة الثانية حفظ صورته من التحليل وانفكاك الاجزاء مع اعراض الروح المدبر لصورته - كما نبهت عليه من الموجبات المذكورة .
والصورة الثالثة حفظ جواهر صورة حماره  ان تحللت اجزائها ثم انشاء اعراض آخر حاملة لتلك الجواهر شبيهة بالاعراض المتقدم ، وتم الامر وانحصرت الأقسام . فافهم .
هذا هو سر الحال العزيرى الذي لم ينبه الشيخ رضى الله عنه ، وما يتعلق بسر القدرة فقد ذكره .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:51 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:     الجزء الثاني
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
1 - مصطلح القدر - الأقدار:-
في اللغة :" قدر : قضاء الله تعالى ، كون الأشياء محددة مدبرة في الأزل بحيث تصبح ولا مناص من وقوعها ".
في القرآن الكريم : وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 7) مرات على اختلاف مشتقاتها ، منها في قوله تعالى :] وكان أمر الله قدرا مقدورا ].

في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب : "
القدر ] : هو طريق مظلم فلا تسلكوه ، وبحر عميق فلا تلجوه ، وسر الله فرض الله ... لا تتكلفوه ".
يقول الإمام أبو حامد الغزالي :
القدر : هو توجيه الأسباب الكلية بحركاتها المقدرة المحسوبة إلى مسبباتها المحدودة المعدودة بقدر معلوم لا يزيد ولا ينقص ".
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
القدر : هو توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد ".
وعلقت الدكتورة سعاد الحكيم على هذا النص قائلة :
" في هذا التعريف إشارة إلى المشيئة والإذن . من حيث أن المشيئة هي ما عليه الأشياء في عينها ، والإذن هو التوقيت ".
 
يقول الشريف الجرجاني :
القدر : هو خروج الممكنات من العدم إلى الوجود واحدا بعد واحد مطابق القضاء ، والقضاء في الأزل والقدر لا يزال ".
ويقول : " القدر: تعلق الإرادة الذاتية بالأشياء في أوقاتها الخالصة ، فتعليق كل حال من أحوال الأعيان بزمان معين وسبب معين عبارة عن القدر ".
 
يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار :
القدر : هو مرتبة [ الخزائن الإلهية ] من التعين ، كالنارية أو الحجرية أو الإنسانية أو ما شاء الله من أشخاص صور الأشياء ".
 
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني في منازعة القدر :
" كل الرجال إذا ذكر القدر أمسكوا إلا أنا فتح لي فيه روزنة ، فدخلت فنازعت أقدار الحق بالحق للحق ، فالرجل هو المنازع للقدر المذموم لا الموافق له ".
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في الفرق بين وقوع القدر ووقوع المقدور:
القدر أثر الصفة ، والمقدور أثر الصورة ، وأثر الصفة في الأفعال من القدرة ، وأثر الصورة في الأشخاص من المشيئة ، ووقوع القدر من الله تعالى ، ووقوع المقدور من محمد بإذن الله تعالى ".

ويقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي :
" قال بعض الكبراء : من لم يؤمن بالقدر فقد كفر ، ومن أحال المعاصي على الله فقد فجر ".


2 - مصطلح سر القدر:-
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
سر القدر : هو السر الذي أخفى الله تعالى علمه عن أكثر العالم ، وبه تتميز الأشياء وبه يتميز الخالق من المخلوق والمحدث من القديم .
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
سر القدر يشيرون به : إلى حكم الله تعالى في الأشياء وعليها من هو بها ".
 
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
سر القدر : هو ما علمه الله من كل عين في الأزل مما انطبع فيها من أحوالها التي تظهر عليها وجودها ، فلا يحكم على شيء إلا بما علمه في حال ثبوتها ".
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
سر القدر غير القدر ، وسره عين تحكمه في الخلائق ، وأنه لا ينكشف لهم هذا السر حتى يكون الحق بصرهم ، فإذا كان بصرهم بصر الحق ، ونظروا للأشياء ببصر الحق حينئذ انكشف لهم علم ما جهلوه ، إذ كان بصر الحق لا يخفى عليه شيء قال تعالى : " إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. هو الذي يصوركم في الأرحام "، لكونها مظلمة تمدح بإدراك الأشياء فيها كيف يشاء من أنواع الصور والتصوير .
لا إله إلا هو العزيز ، أي : المنيع الذي نسب لنفسه الصورة لا عن تصوير ولا تصور ، الحكيم بما تعطيه الاستعدادات المسواة لقبول الصور ، فيعين لها من الصور ما شاء مما قد علم أنها مناسبة له ".
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
سر القدر يشيرون به : إلى حكم الله تعالى في الأشياء وعليها من هو بها ".
يقول الدكتور عبد المنعم الحفني :
سر القدر : هو ما علمه الله من كل عين في الأزل مما انطبع فيها من أحوالها التي تظهر عليها وجودها ، فلا يحكم على شيء إلا بما علمه في حال ثبوتها ".
 
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني عن التفكر بسر القدر:
إبليس لما أحال أمره إلى سر القدر كفر وطرد ، وآدم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأكمل السلام لما أضاف عصيانه إلى نفسه أفلح ورحم .
فالواجب على كل مسلم أن لا يتفكر في سر القدر لئلا يتشوش عليه الأمر ويخاف عليه أن يقع في الزندقة ... ولها سر عظيم لم يطلع عليه أحد من البشر سوى
المصطفى ".
 
يقول الشيخ أحمد سعد العقاد :
" سر القدر والتكلم فيه منهي عنه ، لأن العقول لا تصل إلى حقيقته ، لأن الله كتب كتابان :
الأول : كتاب الأحكام القدرية ، أخفاه عنا .
الثاني : الأحكام الشرعية أبرزه لنا ، وكلفنا به ، وأخبرنا أن السعادة في الوقوف عند أحكامه الشرعية ".
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن مفتاح سر القدر:
مفتاح سر القدر : يعنون به اختلاف استعدادات الممكنات الموجب لشرف بعضها على بعض ، حتى صار منها ما هو تام القبول أو ناقص ، وما هو موصوف بالسعادة أو الشقاوة ، وإن ذلك لم يوجبه الحق عليها من حيث هو وإنما ذلك لاستوائها بما هي عليه من اختلاف القبول بالكمال والنقص ، وفي ذلك إيضاح الحجة للحق على القوابل الناقصة والموصوفة بالشقاء ، فإن الذي للحق هو إظهارها بالتجلي الوجودي على نحو ما علمها ".
ويقول : " مفتاح سر القدر: هو اختلاف استعدادات الأعيان الممكنة في الأزل" 


3 - مصطلح علم الأسرار:-
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" أما علوم الأحوال فمتوسطة بين علم الأسرار وعلم العقول ، وأكثر ما يؤمن بعلم الأحوال أهل التجارب ، وهو إلى علم الأسرار أقرب منه إلى العلم النظري العقلي"
 
و يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
علم الأسرار : وهو العلم الذي فوق طور العقل ، وهو علم نفث روح القدس في الروع ، يختص به النبي والولي ".


و يقول الشيخ الأكبر ابن العربي عن الفرق بين علم الأسرار والعلم النظري:
" كل علم إذا بسطته العبارة حسن وفهم معناه أو قارب وعذب عند السامع الفهم . فهو علم العقل النظري ، لأنه تحت إدراكه ومما يستقل به لو نظر ، إلا علم الأسرار ، فإنه إذا أخذته العبارة سمج واعتاص على الأفهام دركه وخشن ، وربما مجته العقول الضعيفة المتعصبة التي لم تتوفر لتصريف حقيقتها التي جعل الله فيها من النظر والبحث ".
 
قال الشيخ في مقدمة الفتوحات عن علم الأسرار:
هو العلم الذي فوق طور العقل ، وهو علم نفث روح القدس في الروع، يختص به النبي والولي ، والعالم بعلم الأسرار يعلم العلوم كلها ويستغرقها كلها ، ولا علم أشرف من هذا العلم المحيط الحاوي على جميع المعلومات ، وما بقي إلا أن يكون المخبر به صادقا عند السامعين له معصوما . 
 
قال الشيخ ابن العربي رضي الله عنه عن علم الأسرار:
العلوم على ثلاث مراتب:
(علم العقل) وهو كل علم يحصل لك ضرورة أو عقيب نظر في دليل بشرط العثور على وجه ذلك الدليل وشبهه من جنسه في عالم الفكر الذي يجمع ويختص بهذا الفن من العلوم ولهذا يقولون في النظر منه صحيح ومنه فاسد.
(و العلم الثاني) علم الأحوال ولا سبيل إليها إلا بالذوق فلا يقدر عاقل على أن يحدها ولا يقيم على معرفتها دليلا كالعلم بحلاوة العسل ومرارة الصبر ولذة الجماع والعشق والوجد والشوق وما شاكل هذا النوع من العلوم فهذه علوم من المحال أن يعلمها أحد إلا بأن يتصف بها ويذوقها وشبهها من جنسها في أهل الذوق كمن يغلب على محل طعمه المرة الصفراء فيجد العسل مرا وليس كذلك فإن الذي باشر محل الطعم إنما هو المرة الصفراء.
(و العلم الثالث) علوم الأسرار وهو العلم الذي فوق طور العقل وهو علم نفث روح القدس في الروع يختص به النبي والولي .
وهو نوعان :
نوع منه يدرك بالعقل كالعلم الأول من هذه الأقسام لكن هذا العالم به لم يحصل له عن نظر ولكن مرتبة هذا العلم أعطت هذا.
والنوع الآخر على ضربين :
ضرب منه يلتحق بالعلم الثاني لكن حاله أشرف .
والضرب الآخر من علوم الأخبار وهي التي بدخلها الصدق والكذب إلا أن يكون المخبر به قد ثبت صدقه عند المخبر وعصمته فيما يخبر به.
ويقوله كإخبار الأنبياء صلوات الله عليهم عن الله كإخبارهم بالجنة وما فيها
فقوله إن ثم جنة من علم الخبر .
وقوله في القيامة إن فيها حوضا أحلى من العسل من علم الأحوال وهو علم الذوق وقوله كان الله ولا شيء معه
ومثله من علوم العقل المدركة بالنظر فهذا الصنف الثالث الذي هو علم الأسرار العالم به يعلم العلوم كلها ويستغرقها وليس صاحب تلك العلوم كذلك
فلا علم أشرف من هذا العلم المحيط الحاوي على جميع المعلومات.


4 - مصطلح الغيب :-

يقول الشيخ أبو سعيد الخراز

: " الغيب : وهو ما أشهد الله تعالى القلوب من إثبات صفات الله وأسمائه وما وصف به نفسه وما أدى إليهم الخبر ...إن كل شيء أشار إليه المتحققون والواجدون والعارفون والموحدون وما عبروا عنه ، وما لم تسعه العبارة ولا يومي إليه بالدلالة ولا يشار إليه بالإشارة من اختلاف المعارف وتباين الأحوال والمقامات والأماكن وغير ذلك مما شاهدوه ظاهرا وباطنا هو الغيب الذي وصفه الله تعالى بقوله : " الذين يؤمنون الغيب"

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
الغيب : هو الله.

يقول الإمام القشيري :
الغيب : هو ما لا يطلع عليه أحد ، وليس عليه للخلق دليل ، وهو الذي يستأثر بعلمه الحق ، وعلوم الخلق عنه قاصرة " .
ويقول : " الغيب : ما لا يعرف بالضرورة ولا يعرف بالقياس من المعلومات .
ويقال : هو ما استأثر الحق بعلمه ولم يجعل لأحد إليه سبيلا " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
الغيب : كل ما ستره الحق عنك منك لا منه " .
ويقول : " الغيب : هو النور الساطع العام الذي به ظهر الوجود كله وماله في عينه ظهور فهو الخزانة العامة التي خازنها منها " .
الغيب : هو روح العالم الكبير الذي خرج عنه " .
يقول : " الغيب : هو ما لا يمكن أن يدركه الحس لكن يعلم بالعقل أما بالدليل القاطع وأما بالخبر الصادق ... والغيب مدركه العلم عينه " .
ويقول : " الغيب : هو كل معدوم العين ظاهر الحكم والأثر ".


يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" الغيب : وهو ما غاب عن العقول البشرية وهو الله تعالى " .

يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
"الغيب : هو إشارة إلى الفيض الأكبر الفائض من حضرة القدس الذي هو حضرة اللاهوت ، ويعبر عنه عند العارفين بالفتح " .


5 - مصطلح مفاتح الغيب :-

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" مفاتح الغيب : هي الاستعدادات من القوابل ... لأنه ما ثم إلا وهب مطلق عام وفيض جود ، ما ثم غيب في نفس الأمر ولا شهود ، بل معلومات لا نهاية لها ، ومنها ما لها وجود ، ومنها ما لا وجود لها ، ومنها ما لها سببية ، ومنها ما لا سببية لها ، ومنها ما لها قبول الوجود ، ومنها ما لا قبول لها ، فثم مفتاح وفتح ومفتوح يظهر عند فتحه ما كان هذا المفتوح حجابا عنه . فالمفتاح استعدادك للتعلم وقبول العلم ، والفتح التعليم ، والمفتوح الباب الذي كنت واقفا معه ".


في أنواع مفاتح الغيب
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" مفاتيح الغيوب نوعان : نوع حقي ونوع خلقي .
فالنوع الحقي : هو حقيقة الأسماء والصفات .
والنوع الخلقي : هو معرفة تركيب الجوهر الفرد من الذات ، أعني ذات الإنسان المقابل بوجوهه وجوه الرحمن ، والفكر أحد تلك الوجوه بلا ريب فهو مفتاح مفاتيح الغيب " .


يقول الشيخ أبو سعيد الخراز :
فتح عليه أولا أسباب التأديب ، أدبه بالأمر والنهي ، ثم فتح عليه أسباب التهذيب وهي المشيئة والقدرة ، ثم أسباب التذويب .
وهو قوله تعالى : " ليس لك من الأمر شيء " ثم أسباب التغييب وهو قوله : "وتبتل إليه تبتيلا" . فهذه مفاتح الغيب التي فتحها "الله تعالى " لنبيه ".
 

ويقول الإمام جعفر الصادق عليه السلام:
يفتح من القلوب الهداية ، ومن الهموم الرعاية ، ومن اللسان الرواية ، ومن الجوارح السياسة والدلالة ".

ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي :
" قال بعضهم : يفتح لأهل الولاية ولاية وكرامة .
ولأهل السر سرا بعد سر .
ولأهل التمكين جذبا وتقريبا .
ولأهل الإهانة بعدا وتصريفا .
ولأهل السخط حجبا وتبعيدا ".


 

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" أشعة مفاتح الغيب : ويقال : أظلة مفاتح الغيب - ويشيرون بذلك إلى ظهور مفاتح الغيب - التي هي أصول الأسماء والصفات - في أقصى مراتب الظهور " .
أو جمع مفتح بكسر الميم وهو المفتاح، اذن مفاتح - مفاتيح." وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ " .


نظر ابن عربي إلى الفتح نظرتين:
1 - نظرة " عرفانية " لم يتخط بها أفق من سبقه من المتصوفين، وكانت بالتالي عباراته فيها مستمدة منهم: فتح حلاوة - فتح عبارة - فتح مكاشفة. . .
وهذا الفتح هو انساني علمي انه: " فتح عرفان ".
2 - نظرة " ايجادية "، تذكرنا بالتجلي الوجودي عنده ، وهي نظرة خاصة، شديدة اللصوق بمذهبه في التجليات والفيوضات.
ولذلك جاءت عباراته فيها اصطلاحية خاصة: المفاتح الأول - المفاتح الثواني - مفاتح الأسباب .
وهذا الفتح هو إلهي إيجادي لا قدم لمخلوق فيه. انه: " فتح خلق وايجاد ".

يقول الشيخ ابن العربي عن الفتح الايجادي:
لقد استعمل ابن العربي صورة تمثيلية قوامها: الفاتح - المفتاح - الفتح - المفتوح.
وذلك ضرب تشبيه لعملية الخلق كما يصورها مذهبه في التجليات، وسنضع هنا تجاه كل ركن من أركان الصورة التمثيلية، مقابلها. لتظهر بالتالي قيمتها الرمزية.
- الفاتحاللّه دائما.
المفتاح: يتغير بتغير المفتوح، ولا يفتح الا ما اختص به فقط (المفاتح الأول - المفاتح الثواني - مفاتح الأسباب).
الفتح: حركة الهية هي حركة المفتاح عند الفتح. وهو حال تعلق التكوين بالأشياء انه فعل الخلق. ومن هنا اختصاصه باللّه فقط" لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ ".
المفتوح: الغيب.
ولكن الغيب عبارة عن باب أو ستر ليس هو المقصود بالفتح بل المقصود ما وراءه اي المغيب. فالفتح يسعى إلى اظهار المغيب وان كان متعلق المفتاح هو الباب.

تقول د. سعاد الحكيم قال الشيخ ابن العربي:
(1) - " والممكنات كلها. . هي في ظلمة الغيب فلا يعرف لها حالة وجود، ولكل ممكن منها مفتاح، ذلك المفتاح لا يعلمه الا اللّه، فلا موجود الا اللّه هو خالق كل شيء، اي موجده " (فتوحات  3/ 279).
(2) - " فان المفاتح تعلو بعلو مغاليق غيبها، وتسفل بذلك " (مفتاح الغيب ق 78).
" فالغيب لا يعلمه الا هو، وهذه كلها "النور، الظلمة" مفاتيح الغيب، ولكن لا يعلم كونها مفاتح الا اللّه، يقول تعالى:" وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ " (6/ 59)
وان كانت موجودة بيننا، لكن لا نعلم أنها مفاتح للغيب، وإذا علمنا بالاخبار انها مفاتح، لا نعلم الغيب حتى نفتحه بها.
فهذا بمنزلة من وجد مفتاح بيت ولا يعرف البيت الذي يفتحه به. . . " (ف 2/ 648).
" فمن المغيبات ما يكون لها مفتاح واحد فصاعدا، ويكون كل مفتاح غيبا لمفتاح آخر، حتى ينتهي إلى المفتاح الأول " (مفتاح الغيب ورقة 79).
(3) - " وما أوجد الحق العالم. . . الا عن حركة الهية وهي حركة المفتاح عند الفتح " (ف 3/ 279).
واعلم أنها لا تسمى مفاتح الا في حال الفتح، وحال الفتح: هو حال تعلق التكوين بالأشياء، أو قل ان شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك، فلا يقع فيها تجل ولا كشف، إذ لا قدرة ولا فعل الا للّه خاصة. . . " (فصوص 1/ 134).
(4) - 
" فثم مفتاح وفتح ومفتوح يظهر عند فتحه ما كان هذا الفتوح حجابا عنه " (فتوحات 3/ 542).
". . . واعلم أن الغيب ليس نفس الغيب [المغيّب]، والمفاتيح إنما تفتح الغيب فيبدو المغيب من خلف حجاب الغيب، فالغيب حجاب كالباب وكالستر، ليس الباب نفس الدار وليس الستر نفس المستور، والمفتاح متعلقه الباب لا ما وراءه. . . " (مفتاح الغيب ق ق 78 - 79).


وننتقل الان إلى أنواع المفاتح كما يقررها الشيخ الأكبر:
المفاتح الأول  - المفاتح الثواني وهي مفاتيح غيب الايجاد العيني.
ان " الوجود المطلق " تدرج في تعيناته من الوحدة المطلقة إلى الكثرة الوجودية، تدرجا اقتضاه المنطق الوجودي لا الواقع الموجود فكان:
الفيض الاقدس ثم الفيض المقدس.
1 -  الفيض الاقدس : وهو تجلي الذات الأحدية لنفسها في الصور المعقولة للكائنات، اي في " القوابل " أو الأعيان الثابتة (انظر فيض أقدس - عين ثابتة) وهذا الفيض هو في الواقع بتعبير آخر من تعبيرات الشيخ الأكبر: فتح. فهو أول فتح، من حيث أنه أول فيض وأول تجل، وبالتالي مفاتحه هي " المفاتح الأول " ولا يعلمها الا الحق، لأنها في وحدانيته حيث لا قدم لمخلوق؛ وهي أسماؤه الذاتية.
2 - الفيض المقدس: وهو تجلي الحق في صور الكثرة الوجودية، أو بتعبير آخر هو ظهور الأعيان الثابتة، التي كانت نتيجة أول فتح، في العالم المحسوس بعدما كانت معقولة. وهذا الفيض هو فتح لغيب، ومفاتجه هي المفتاح الثواني من حيث إنه ثاني فتح. 
وهذه المفاتح هي الأسماء الإلهية التي أظهرت الوجود من عقلي إلى عيني وهي المؤثرة في الكون.
ولذلك يسميها ابن العربي بمفاتيح غيب الايجاد العيني.


يقول الشيخ ابن العربي:
(1) " ان الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الاحصاء عددا، وتنزل دون أسماء الاحصاء سعادة، هي المؤثرة في هذا العالم. وهي المفاتح الأول التي لا يعلمها الا هو " (ف 1/ 99).
" الحمد للّه المنفرد بمفاتيح الأول، المنعوت بها سبحانه عن كونه متكلما في الأزل، الفاتح بها مغاليق القلوب فبرزت الأعيان وظهرت النحل. . . " (مفتاح الغيب ورقة 76).
". . . فسأل (العزيز) عن القدر الذي لا يدرك الا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها، فما أعطي ذلك، فان ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي. فمن المحال ان يعلمه الا هو، فإنها المفاتح الأول اعني مفاتح الغيب التي لا يعلمها الا هو. . . " (فصوص 1/ 133).

(2) " واعلم أن المفاتيح الأول لا يعلمها الا هو، واما المفاتيح الثواني فمعلومه لنا، وهي أسماؤه، وبها فتح غيوب الممكنات، فظهرت في أعيانها بعدما كانت غيبا عدميا " (مفتاح الغيب ورقة 93).
" فكان أول خلق خلقه اللّه من النفس الرحماني الذي هو العماء القابل لفتح صور العالم فيه: العقل وهو القلم ثم النفس وهو اللوح. . . " (ف 2/ 395).
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:53 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .  

14 - فص حكمة قدريّة في كلمة عزيرية
هذا فص الحكمة العزيرية ، ذكره بعد حكمة لوط عليه السلام ، لأنه يذكر فيه تحقيق معنى القضاء والقدر ، المبين ذلك على ما مر في حكمة لوط عليه السلام ، من كون العلم تابعا للمعلوم ، ويذكر فيه بيان مراتب الرسل عليهم السلام من حيث هم رسل تتميما لما ذكر في حكمة لوط عليه السلام .
(فص حكمة قدرية) بفتح الدال نسبة إلى القدر (في كلمة عزيرية .)
إنما اختصت حكمة العزير عليه السلام بكونها قدرية ، لأن معراجه كان في مسألة سئلها في القدر ، فرفعه اللّه تعالى بها من حضيض الحياة الدنيوية الوهمية إلى حضرة الحياة الأبدية الحقيقة ، واخترق به سبع طباق النفوس البشرية على براق الرقيقة الروحانية ، ثم أرجعه عالم المحنة وقرار الفتنة لإنفاد بقية ما في خزائنه من الأقدار الإلهية والأسرار الربانية .

 قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد . فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] .فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] . فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها . فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

(اعلم) يا أيها السالك (أن القضاء) ، أي الحكم الإلهي الأزلي حكم اللّه تعالى العدل والفضل وإلزامه الفصل.
قال رضي الله عنه :  (في الأشياء) كلها محسوسها ومعقولها وحكم اللّه تعالى (في الأشياء) كلها (على حد) ، أي مقدار (علمه) تعالى (بها) أي بالأشياء من حيث ذواتها (و) علمه (فيها) من حيث صفاتها وأحوالها .
(وعلم اللّه) تعالى (في الأشياء) كلها من حيث صفاتها وأحوالها (على) حسب (ما أعطته المعلومات) التي هي أعيان تلك الأشياء وحقائقها الثابتة في عدمها الأصلي (مما هي عليه في نفسها) من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير ولا تبديل أصلا ولا تقديم ولا تأخير .

قال رضي الله عنه :  (والقدر) بالتحريك أي قدر اللّه تعالى الأزلي هو (توقيت) ، أي الحكم بالوقت جميع (ما هي عليه الأشياء) كلها (في عينها) الثابتة في عدمها الأصلي (من غير مزيد) فيها ولا شك أن الوقت من جملة أحوال الشيء ، وهو الترتيب بينه وبين غيره من الأشياء ، وللأشياء أحوال أخرى غير الوقت ، فالحكم بالوقت قدر ، والحكم بغيره من الأحوال قضاء ، وقد يستعمل القدر في الحكم بالكل ، والقضاء كذلك ، وقد يستعملان معا بمعنى الحكم بالكل ، ويقدم القضاء ويكون القدر بعده تفسيرا له .

قال رضي الله عنه :  (فما حكم القضاء) الإلهي (على الأشياء) من الأزل (إلا بها) ، أي بعين ما هي عليه الأشياء في ثبوتها حال عدمها الأصلي (وهذا) الأمر في قضاء اللّه تعالى الأزلي (هو عين سر القدر) الإلهي (الذي أخفاه اللّه تعالى) عن خلقه وأمرهم بالعمل وما هم عاملون إلا عين ما قدره عليهم ، وما قدر عليهم إلا عين ما هم عاملون في أعيانهم الثابتة حال عدمها الأصلي (ولا ينكشف) هذا السر (إلا "لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ " )لا نفس ، لأن النفس بيت الشيطان ، فهو يوسوس فيها الذي يوسوس في صدور الناس ، ونعلم ما توسوس به نفسه ، والقلب بيت اللّه .

قال عليه السلام : « ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن ».
وهو الذي يتقلب في الصور بتجلي الحق تعالى عليه في تلك الصور كلها ، فيؤمن به فيها ولا ينكره ، فهو العبد المؤمن لا الكافر المنكر ("أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ" إلى) ما ورد عن اللّه تعالى ورسوله عليه السلام فيؤمن بما ورد عن اللّه على مراد اللّه .
وبما ورد عن رسول اللّه على مراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا الذي " أَلْقَى السَّمْعَ " إلى ما قالته علماء الأفكار المتأوّلين الأخبار كما سبق بيانه .

 (وَهُوَ)، أي الذي ألقى السمع للّه ولرسوله فهو من المقلدين ("شَهِيدٌ") [ ق :  37] .
 لما وقع في نفسه من الصورة التي تجلى بها عليه ربه وهو في عبادته كأنه يراه ، وهو في قبلته في حال صلاته ، لا الصورة التي اخترعها بنفسه فنحتها بفكره وأداه إليها دليله العقلي ، وبحثه وجداله في اللّه ، قال تعالى : "قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ ( 95 ) وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ "[الصافات : 95 - 96 ]
("فَلِلَّهِ")  على الخلق كلهم ("الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ") [ الأنعام : 149 ] ، وهي إيجادهم على طبق ما هم عليه في أعيانهم الثابتة حال عدمهم الأصلي ، فالسعيد سعيد الأزل والشقي شقي الأزل ، فما حكم عليهم إلا بما هم عليه في ثبوتهم الأزلي .

قال رضي الله عنه :  (فالحاكم في التحقيق) حكمه العدل (تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها ) ، أي تلك المسألة المحكوم بها كما ورد قاض في الجنة وقاضيان في النار .
فالقاضي الذي في الجنة قاض عرف الحق وحكم به ، فهو تابع للحق بما يقتضيه واللّه يقضي بالحق : وقل "رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ" [ الأنبياء : 112 ] ،
والقاضيان :
قاض عرف الحق وحكم بالباطل ولم يحكم بالحق .
وقاض لم يعرف الحق وحكم على جهله ، فهما في النار لعدم متابعتهما لما هو الأمر عليه في نفسه من الحق ، ولا بد أن يكون الحاكم محكوما عليه كما قال .

(فالمحكوم عليه ) باطنا من الخلق أو الحق (بما هو فيه) من الأحوال الثابتة له (حاكم) في الباطن (على الحاكم عليه) في الظاهر وملزوم له (أن يحكم عليه بذلك) .
أي بما هو من أحوال عينه الثابتة عنده (فكل حاكم) من قديم أو حادث (محكوم عليه ) باطنا (بما حكم به) ظاهرا من الأعيان (وفيه) من الأوصاف والأحوال كان الحاكم من كان ربا أو عبدا.
واعلم أن الحق تعالى حاكم الأزل عرضت عليه في الأزل ، أعيان الكائنات جميعها التي لا نهاية لها من ذوات وصفات وأحوال مختلفة في الحس والعقل وهي عدم صرف ، وثبتت عند علمه بشهادة شاهدين عنده بذلك هما سمعه القديم وبصره القديم ، فحكم فيها بما وجدها ثابتة عليه في أعيانها العدمية .
وكان المدعى عليها قائم وهو حضرة الصفات والأسماء الإلهية المؤثرة فيها ، دون السمع والبصر فإنهما كاشفان لا مؤثران بما لذلك المدعي عندها من الحق ، وهو عبوديتها لحضرة الصفات والأسماء الإلهية .
فأجابته بالإنكار لأجل ما هي فيه من ظلمة العدم الأصلي ، ظلما منها للحق والظلم ظلمات يوم القيامة ؛ ولهذا كان السمع والبصر من حضرة الصفات والأسماء الإلهية شاهدين عليها بعبوديتها لمن ادعى الرق فيها ، واكتساء الأشياء كلها بالوجود في هذا العالم هو عين أداء الشهادة من هذين الاسمين الثابت بهما رق الأشياء وعبوديتها للحضرة الصفاتية والاسمائية ، وهي البينة التي قال تعالى :" لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ" [ البينة : 1 ] .

وهي التي قامت عليهم شاهدة بعبوديتم للصفات والأسماء ، فهم لا يزالون على إنكارهم لتلك العبودية والرق فيهم حتى يظهر شاهد الحق من نفوسهم ، وهو قوله تعالى :"رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ" [ البينة : 2 ] كقوله تعالى : "لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ " [ التوبة : 128 ] .
ثم قال:   "َيتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً " [ البينة : 2 ] ، وهي عين الخواطر المستقيمة في الحق تعالى ، فيها كتب : هي نزول العالم في كل نفس من حضرة الغيب ،

 قيمة : من حيث اللوح والقلم ، وسر ظهور هذا كله فيهم كونه هو السميع البصير ، لأنه عين سمعهم الذي يسمعون به ، وعين بصرهم الذي يبصرون به ، كما ورد في الحديث المتقرب بالنوافل : " كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به".
وقال عليه السلام : « البينة للمدعي واليمين على من أنكر »  ؛ ولهذا أقسموا باللّه جهد أيمانهم لا يبعث اللّه من يموت ، وأوّل من أقسم باللّه تعالى كاذبا إبليس "وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ" [الأعراف : 21 ] وقد شرد بنا وارد الإلهام في أثناء هذا الكلام ، فأمسكنا عنان الإقدام أن هذا الميدان ليس لنا ، فإننا فيه خادمون لكلام غيرنا ، فينبغي المتابعة لذلك النظام.
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .  
 

14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
ولما كان العزيز عليه السلام بعينه الثابتة واستعداده الأصلي طالبا للمعرفة بسرّ القدر بقوله :" أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"  [البقرة : 159 ] اختصت كلمته بالحكمة القدرية .
ولما تقدم القضاء على القدر بالذات قدمه عليه بالوضع فقال : ( اعلم أن القضاء حكم اللّه في الأشياء ) القضاء في اصطلاح الطائفة هو الحكم أي الإلهي في الموجودات كلها على ما هي عليها من الأحوال ( وحكم اللّه في الأشياء ) كان ( على حد ) أي على حسب ( علمه بها ) أي بالأشياء ( و ) على حد علمه ( فيها ) فقوله بها إشارة إلى إحاطة علمه تعالى بظواهر الأشياء وقوله : فيها إشارة إلى إحاطته ببواطن الأشياء ( وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها ) فقد استغنى بفي الأشياء عن ذكره بالأشياء لأن من علم باطن الأشياء فبالحريّ أن يعلم ظاهرها .

( والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها ) أي القدر إيجاد الأشياء في أوقاتها بحسب اقتضاء عينها الثابتة ووقوعها في ذلك الوقت ( من غير مزيد ) ونقص عن اقتضاء استعدادها ( فما حكم القضاء ) أي القاضي وهو الحق تعالى ( على الأشياء ) بالكفر والعصيان ( إلا بها ) أي بما هي عليها في عينها فما قدر الكفر للعبيد إلا باقتضاء عينهم الثابتة فلا جبر أصلا من اللّه لا صرفا ولا متوسطا وإنما يلزم ذلك أن لو قدر من عند نفسه من غير اقتضاء عين العبد فهذا البيان رفع توهم الجبر عن أهل الحجاب الذين لم ينكشف لهم أصل المسألة .

( وهذا ) أي كون حكم اللّه على الأشياء بحسب ما هي عليها في حد ذاتها ( هو عين سرّ القدر ) الذي يظهر (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) ولا يظهر لغير هذين الطائفتين فلا حظ لأهل النظر من المتكلمين والحكماء من مسألة سرّ القدر ولا يصل إليه أحد بنظر العقل أبدا( فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ) أي الكاملة التامة يعني إذا كان تقدير الحق أحوال العباد وأفعاله بحسب اقتضاء عينهم الثابتة كان للَّه الحجة التامة على خلقه لا للخلق عليه إذا قيل لم قدر على فلان الإيمان وعلى فلان الكفر أو لم قدر بعض الأشياء على صورة قبيحة وبعضها على الصورة الحسنة وإذا كان للَّه الحجة البالغة على خلقه لا للخلق على اللّه .


( فالحاكم ) وهو الحق تعالى ( في التحقيق تابع ) في حكمه ( لعين المسألة ) وهي عبارة عن المحكوم عليه وبه والحكم ( التي يحكم ) الحق في القضاء والقدر ( فيها ) أي في تلك المسألة ( بما ) أي بحسب ما ( تقتضيه ذاتها ) أي ذات المسألة والمراد بعين المسألة الأعيان الثابتة في العلم ( فالمحكوم عليه بما ) أي بالذي ( هو ) وجد ( فيه ) أي في المحكوم عليه ( حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك ) فحكم العبد المؤمن على الحق بقوله :

فاحكم عليّ بالإيمان فحكم اللّه به إجابة لدعوة العبد فإنه يجب دعوة الداعي إذا دعي وكذاك في الشقاء ( فكل حاكم محكوم عليه بما ) أي بالذي ( حكم به ) ( و ) بما حكم ( فيه كان الحاكم من كان ) ربا أو عبدا فكان كل واحد من الرب والعبد حاكما ومحكوما عليه لكن حكم العبد على الحق بما فيه سابق على حكم الحق على العبد به .
لذلك كانت الحجة البالغة للَّه على العبد لا للعبد على اللّه واعلم أن العبد في الحكم على الحق على وجهين إخبار وهو حكمة عليه بصفاته وأفعاله الصادرة منه تعالى .
وإنشاء كقوله : رب اغفر لي ولا يقال عند أهل الشرع العبد حكم على الحق وأمره مع وجود المعنى الأصلي للحكم والأمر هاهنا .
بل يقال في الأول العبد مسبح أو منزه
وفي الثاني طالب من اللّه المغفرة احترازا عن سوء الأدب فإن الحكم والأمر من العبد.
بقوله : حكمت على الحق أو أمرته أو منك بقولك حكم العبد على الحق وأمره يوهم الجرأة على اللّه تعالى .
وكذا عند أهل الحقيقة في دائرة الشرع إذ ليس لهم لسان واصطلاح غير لسان أهل الشرع واصطلاحه .
وأما في مرتبة الحقيقة ، فقالوا : إن الأعيان الثابتة حاكمة على الحق وآمرة بلسان الاستعداد بيانا لوجود معنى الحكم والأمر في الأعيان فهم لم يقولوا : إن العبد حاكم على الحق باللسان الصوري كما أنهم لم يقولوا كذلك .
والأمر كما قلنا فإن أهل الشرع يتعلق غرضه بلسان الظاهر لسان الصوري الجسماني .
وأهل الحقيقة يتعلق غرضه بلسان الباطن المعنوي الاستعدادي لسان الأعيان الثابتة في العلم .
فإذا لم يتعلق غرض الشرع بالأعيان الثابتة ولسانها نفيا وإثباتا لم تقع المخالفة بينهما إذ المخالفة إنما تكون بين القولين لا بين السكوت .

والقول فهم ما قالوا خلاف ما ثبت عند الشرع حتى يلزم المخالفة ويرتكب التأويل بل قالوا : ما سكت عنه الشرع .
فأهل اللّه أظهر والمعاني اللطيفة من معاني القرآن أو الأحاديث التي لم يبين أهل الشرع هذه المعاني لعدم اطلاعه بانتفاء شروطه وأسبابه .
فلا يلزم من عدم وجود ما قاله أهل اللّه في الشرع أن يكون ذلك مخالفا للشرع ، وهذا إن فهمت يطلعك الموافقة بين العلوم الإلهية والشرعية فتحقق قولنا فإن الموافقة بين العلمين ما جهلت إلا لشدة الظهور يدل عليه السلام .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

14 - فص حكمة قدريّة في كلمة عزيرية

قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد . فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] . فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها . فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

قلت: ظاهر كلامه، رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك. 
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء
وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى. 
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.  فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.

أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.  وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

14 -  فصّ حكمة قدريّة في كلمة عزيريّة
استناد هذه الحكمة إلى الكلمة العزيرية قد ذكر فيما تقدّم ، ويذكر في شرح المتن وفيه من كون العزيز عليه السّلام طلب العلم بكيفية تعلَّق القدرة بالمقدور وهو من سرّ القدر .
"" فأضيفت حكمة عزيرية عليه السّلام إلى القدر لطلبه العثور على سرّ القدر ،وكان الغالب على حاله القدر والتقدير." فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ"  
ولما سأله الله تعالى : " كَمْ لَبِثْتَ " عن قد ما لبث  ، قال بالتقدير : " لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ".
 وقوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها "  استفهام استعظام وتعجّب عن كيفية تعلَّق القدر بالمقدور بالنظر الظاهر على ما سيأتيك نبؤه عن قريب .""
وذلك في قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " ظاهر الدلالة اللفظية على الاستبعاد والاستعظام أن يحيي الأرض الميّتة بعد الموت والدثور ، وليس في استعدادها الحاليّ قبول الإحياء وليس ذلك كذلك .
فإنّ الحقيقة على خلاف ذلك ، والاستبعاد من حيث النظر العقلي من حيث الإمكان الخاصّ ، ولا يستبعد مثله - ممّن شرّفه الله تعالى بالنبوّة - إحياء الله الموتى ، ولكنّ المراد طلب العلم بكيفية تعلَّق القدرة الإلهية بالمقدور حقيقة كما نذكر .

قال رضي الله عنه : ( اعلم : أنّ القضاء حكم الله في الأشياء ، وحكم الله على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم الله في الأشياء على حدّ ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد ،فما حكم القضاء على الأشياء إلَّا بها ، وهذا هو عين سرّ القدر " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " " فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ ")
يشير « رضي الله عنه » إلى أنّ الحكم الإلهي على الأشياء هو بموجب ما اقتضته الأشياء من الحكم الكامن في عينها ، ولا سيّما حكم الحاكم العليم الحكيم لا يقضي بخلاف ما علم من مقتضى عين المعلوم .
وإذا علم الحاكم ما في استعداد المحكوم عليه وقابليته من الحكم ، فحينئذ يحكم عليه بما يستعدّ له ويقتضيه وهو في وسعه وطاقته من غير مزيد حكم من خارج ذات المعلوم المحكوم عليه ممّا ليس في وسعه ، فتخصّصه المشيّة بموجب خصوصه الذاتي ،وتعيّن الحكم بحسب تعيّنه في العلم الأزلي وعلى قدره لاغير .
ثمّ اعلم : أنّ القضاء هو الحكم الكلَّي الأحدي من الله الواحد الأحد في كل مقضيّ عليه بكل حكم يقتضيه المحكوم عليه .
والقدر توقيت ذلك الحكم وتقديره بحسب إقرار المعلومات إلَّا بما هو عليه في نفسه بلا زيادة أمر على ذلك.
فلا يقال كما قالت الجهلة البطلة الظلمة في حكمهم على الله :
 إنّه قدّر على الكافر والجاهل والعاصي الكفر والمعصية والجهل ، ثمّ يؤاخذه عليه ويطالبه بما ليس في قوّته ووسعه ، بل الله سبحانه إنّما كتب عليه وقضى وقدّر بموجب ما اقتضاه المحكوم عليه أزلا باستعداده الخاصّ غير المجعول من الله أن يحكم عليه بالظهور على ما كان عليه .
وإظهار ما فيه كامن بالإيجاد وإفاضة الوجود عليه .
ولا يقال : إنّ الله جعل فيه ذلك الاستعداد الخاصّ إذا وجده في العلم كذلك أو وضعه فيه وما شاكل هذه العبارات ، لأنّ البحث والنزاع قبل الإيجاد .
فلا يقال : إنّ الله أوجدها قبل إيجادها أو وضع فيها ما ليس فيها ، وإذ لم يجعل الله في المعلومات الأزلية قبل إيجادها ما كان خارجا عنها ، ممّا لا يكون ملائمها أو يلائمها من الكمال والنقص ، والمحمود والمذموم ، والنفع والضرّ .
"وَما ظَلَمَهُمُ الله وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " ." فَلِلَّه ِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " علينا بنا ، فإنّ حكمه علينا بموجب حكمته وعلمه ، ومقتضى ذاته وحكمته وعلمه أن يحكم على الأشياء بما هي عليها في أعيانها .

قال رضي الله عنه  : (فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضي ذاتها ، فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك ، فكل حاكم محكوم بما حكم به وفيه ، كان الحاكم من كان . )

يعني رضي الله عنه : أنّ الحاكم الحكمية  إنّما يحكم - كما ذكرنا - على المحكوم عليه بمقتضى حقيقة المحكوم عليه ، ولا يقدّر له إلَّا على قدره وبقدره من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تتعلَّق القدرة إلَّا بالمقدور بحسب قدره ووسعه لا غير ، فالحاكم محكوم حكم المحكوم عليه بما يقتضيه ، وقضاؤه عليه تابع لاقتضائه .

أعني : قضاء الله المقضيّ عليه بالمقضيّ به بحسب اقتضاء المقضيّ عليه من القاضي أن يقضي عليه بما اقتضاه لذاته لا غير ، وهذا ظاهر ، بيّن الوضوح ، ولشدّة وضوحه ذهل عنه وجهل به وطلب من غير موضعه ، فلم يعثر على أصله وسببه ، وليس فوق هذا البيان في سرّ القدر بيان إلَّا ما شاء الله الواسع العليم ، علَّام الغيوب ، وعليه التكلان وهو المستعان .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
إنما اختصت الكلمة العزيرية بالحكمة القدرية لانبعاثه على طلب معرفة سر القدر ، وتعلق القدرة بما يقتضيه العلم من صورة القدر المقدور ، فإن القدرة لا تتعلق إلا بمعلومات ممكنة هي الأعيان وأحوالها المعلومة عند الله ، والقدر هو العلم المفصل بالأعيان وأحوالها الثابتة في الأزل الخارجة عليها عند وجودها إلى الأبد .

قال رضي الله عنه :  (اعلم أن القضاء حكم الله في الأشياء ، وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها ، وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ، وهذا هو عين سر القدر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد " فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " ) .
هي في ما هي عليه الأشياء ضمير منهم تفسيره الأشياء .

"" أضاف بالي زادة (فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ )   يعنى إذا كان تقدير الحق أحوال العباد وأفعالهم بحسب اقتضاء عينهم الثابتة كان لله الحجة التامة على خلقه لا للخلق عليه ، إذ قيل لم قدر لفلان الإيمان وعلى هذا الكفر أو لم قدر بعض الأشياء على الصورة القبيحة وبعضها على الصورة الحسنة ، وإذا كانت الحجة لله على خلقه لا للخلق على الله ( فالحاكم ) وهو الحق ( في التحقيق ) تابع في حكمه ( لعين المسألة ) وهي الأعيان الثابتة عبارة عن المحكوم عليه وبه والحكم اهـ بالى .  "".
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:54 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :     الجزء الثاني
تابع جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
القضاء : حكم الله تعالى في الأشياء بمقتضى علمه بأحوال القوابل في الغيب ، فإنه مطلع بذاته على أحوال كل عين من الأعيان مما يقتضيها ويقبلها إلى الأبد ، وهي الأحوال التي عليها الأعيان حال ثبوتها .
والقدر : توقيت تلك الأحوال بحسب الأوقات وتعليق كل واحد منها بزمان معين ووقت مقدر بسبب معين فالقضاء لا توقيت فيه والقدر تعيين كل حال في وقت معين لا يتقدمه ولا يتأخر عنه ، وتعليقه بسبب معين لا يتخطاه ، ولهذا لما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حذر عن جدار مائل في ممره ، فقيل : أتفر من قضاء الله ؟
قال « أفر من قضائه إلى قدره »
فالقدر : تفصيل القضاء وتقدير ما قضى بحسب الأزمان من غير زيادة ولا نقصان ،
والقضاء : هو الحكم على الأشياء بما عليه أعيانها في أنفسها حال ثبوتها ، فما حكم عليها إلا بها ، فما حكم الله على أحد من خارج ،
والمجازاة : هو ترتيب مقتضيات أعمال الناس عليها وهو أيضا أحوال أعيانهم ، وأما الأعيان ، فإنها تتعين بما لها من الأحوال وتتميز بها في التجلي الذاتي ، فلا يمكن كونها على خلاف ما هي عليه في ذلك التجلي فإنها صور تعيناتها الذاتية " فَلِلَّه الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " ولو صدق عليهم إبليس في قوله  فَلا تَلُومُونِي ولُومُوا أَنْفُسَكُمْ " – "وما ظَلَمَهُمُ الله ولكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ".
 
قال رضي الله عنه :  (فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها . فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك ، فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه كان الحاكم من كان)
أي الحاكم بحكم القضاء السابق تابع في حكمه لسؤال استعداد المحكوم عليه بقابليته ، فإن القابل يسأل بمقتضى ذاته ما يحكم الحاكم عليه ، فلا يحكم الحاكم عليه إلا بمقتضى ذاته القابلة .
فالمحكوم عليه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بما في ذاته أن يقبله ، فكل حاكم أيّ حاكم كان محكوم عليه بما حكم به على القابل السائل إياه ما هو فيه ، ولم تخف هذه المسألة أي مسألة القدر إلا لشدة ظهوره.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .  
 

14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية

والمراد بالحكمة ( القدرية ) سر القدر والأعيان الثابتة والنقوش التي فيها ، لا نفس ( القدر ) الذي هو بعد ( القضاء ) المعبر عنه بتوقيت في عينها ، فإن هذا القضاء والقدر مرتب على الأعيان الثابتة ونقوشها الغيبية .
وإنما اختصت الكلمة ( العزيرية ) بهذه الحكمة القدرية ، لأن عينه كانت باستعدادها الأصلي طالبة لمعرفة سر القدر وشهود الإحياء ، ولذلك قال مستبعدا عند مروره بالقرية الخربة : ( أنى يحيى هذه الله بعد موتها ؟ ) فأشهده الله في نفسه وحماره ذلك بإماتتهما وإحيائهما .
كما قال : فأماته الله مأة عام ، ثم بعثه إظهارا للقدرة على الإعادة .
ولما كان ( القضاء ) حكما كليا في الأشياء على ما يقتضيها أعيانها ، و ( القدر ) جعله جزئيا معينا مخصوصا بأزمنة مشخصة له ، قدم القضاء على القدر فقال :
قال رضي الله عنه : ( اعلم ، أن القضاء حكم الله في الأشياء . ) وراعى فيه معناه اللغوي ، إذ القضاء لغة (الحكم).
يقال : قضى القاضي . أي ، حكم الحاكم من جهة الشرع .
وفي الاصطلاح عبارة عن الحكم الكلى الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه من الأحوال الجارية من الأزل إلى الأبد .
قال رضي الله عنه : ( وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها . ) إذا الحكم يستدعى العلم بالمحكوم به وعليه وما فيهما من الأحوال والاستعدادات .
قال رضي الله عنه : ( وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات بما هي عليه في نفسها . ) قد مر في المقدمات أن العلم في المرتبة ( الأحدية ) عين الذات مطلقا ، فالعالم والمعلوم والعلم شئ واحد لا مغايرة فيها وفي المرتبة ( الواحدية ) ، وهي الإلهية ، العلم  إما صفة حقيقية ، أو نسبة إضافية . أياما كان ، يستدعى معلوما ليتعلق العلم به ، والمعلوم الذات الإلهية وأسماؤها وصفاتها والأعيان .
فالعلم الإلهي من حيث مغايرته للذات من وجه ، تابع لما تعطيه الذات من نفسها من الأسماء والصفات ، ولما تعطيه الأعيان من أحوالها باستعداداتها وقبولها إياها .
( و (القدر ) توقيت ما عليه الأشياء في عينها ) أي ، ( القدر ) هو تفصيل ذلك الحكم بإيجادها في أوقاتها وأزمانها التي يقتضى الأشياء وقوعها فيها باستعداداتها الجزئية .
فتعليق كل حال من أحوال الأعيان بزمان معين وسبب معين عبارة عن (القدر).
قوله : ( من غير مزيد ) تأكيد ورفع لوهم من يتوهم أن الحق من حيث أسمائه يحكم على الأعيان مطلقا ، سواء كانت مستعدة أو غير مستعدة ، كما يقول المحجوب بأنه تعالى حاكم في ملكه يحكم بما يشاء : يقدر على الكافر الكفر وعلى العاصي المعصية ، مع عدم اقتضاء أعيانها ذلك ، ويكلف عبيده بما لا يطاق لحكمة يعلمها .
( فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ) أي ، إذا كان حكم الله على حد علمه بالأشياء وعلمه تابع لها ، فما حكم الحق على الأشياء إلا باقتضائها من الحضرة الإلهية ذلك الحكم ، أي ، اقتضت أن يحكم الحق عليها بما هي مستعدة له وقابلة .
فأطلق القضاء وأراد القاضي على المجاز .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذا هو عين سر القدر الذي يظهر " لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ".)
هذا إشارة إلى قوله : ( فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ) أي ، هذا المعنى هو سر القدر الذي يظهر لمن كان له قلب ، يتقلب في أطوار عوالم الملك والملكوت ، أو ألقى السمع بنور الإيمان الصحيح ، وهو شهيد يشاهد أنوار الحق في بعض عوالمه الحسية والمثالية .

قال رضي الله عنه : ( " فلله الحجة البالغة " . ) أي ، فلله الحجة التامة القوية على خلقه فيما يعطيهم من الإيمان والكفر والانقياد والعصيان ، لا للخلق عليه ، إذ لا يعطيهم إلا ما طلبوا منه باستعدادهم . فما قدر عليهم الكفر والعصيان من نفسه ، بل باقتضاء أعيانهم ذلك وطلبهم بلسان استعدادتهم أن يجعلهم كافرا أو عاصيا ، كما طلب عين الحمار صورته وعين الكلب صورته ، والحكم عليه بالنجاسة
العينية أيضا مقتضى ذاته .
وإذا أمعن النظر في غير الإنسان من الجمادات والحيوانات ، يحصل له ما فيه شفاء ورحمة .
فإن قلت : الأعيان واستعداداتها فائضة من الحق تعالى ، فهو جعلها كذلك .
قلت : الأعيان ليست مجعولة بجعل الجاعل ، كما مر في المقدمات ، بل هي صور علمية للأسماء الإلهية التي لا تأخر لها عن الحق إلا بالذات لا بالزمان ، فهي أزلية وأبدية .
والمعنى بالإضافة ( التأخر ) بحسب الذات لا غير .
قال رضي الله عنه : (فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما يقتضيه ذاتها)  لما أثبت أن الحكم بحسب القابلية التي للأعيان ، وهي أعيان الموجودات ، وكل حال من الأحوال أيضا يقتضى بقابليته حكما خاصا .
عمم القول بقوله ( لعين المسألة ) . إذ ( اللام ) للاستغراق .
أي ، فالحاكم الذي هو الحق في حكمه في الحقيقة تابع للأعيان وأحوالها التي هي أعيان المسائل التي يقع الحكم فيها ، فما يحكم الحاكم في القضاء والقدر إلا بما يقتضيه ذات الأعيان وأحوالها .
قال رضي الله عنه : ( فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم ) بقابليته . ( على الحاكم أن يحكم عليه السلام بذلك . )
ولما كان الأمر في نفسه كما قرره وليس مختصا ببعض الحاكمين دون البعض ، عمم الحكم بقوله رضي الله عنه  : ( فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم من كان . ) .
أي ، سواء كان الحاكم حاكما حقيقيا وهو في الباطن ، كالحق سبحانه تعالى والمجردات المدبرات لأمر العالم لعلمهم بما في نفس الأمر ، أو في الظاهر ، كالأنبياء والرسل لاطلاعهم على ما في نفس الأمر من الاستعدادات بالكشف أو الوحي ، أو مجازيا ، كالملوك وأرباب الدول الظاهرة ، لكونهم آلة وحجابا في صدور الحكم من الحاكم الحقيقي .
فأكثر أحكامهم وإن كان ظاهرا مما ينسب إلى الخطأ ، لكن في الباطن كلها صادرة من الله بحسب طبائع القوم واستعداداتهم .
وإذا كان كل حاكم من وجه محكوما عليه ، كان المجازاة بين مقامي الجمع والتفصيل واقعا.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .  
 

الفصّ العزيري
14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية  
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد ، فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها ، وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهر " لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ ق : 37 ] ،فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) الأنعام : 149 ] .

فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها ، فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم من كان ، فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح ) .

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بسرّ القدر ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى عزير عليه السّلام ؛ لانبعاث همته إلى معرفة سره بمشاهدة ترتيب الأمور الشهادية على الأسباب الغيبية حين استبعد حياء الفقرية الخربة ، فأماته اللّه مائة عام ليشاهد الأسباب في عالم الغيب ، ثم بعثه ليشاهد ترتب الأمور الشهادية عليها ، فشهد ذلك في نفسه ، وحماره ، وطعامه ، وشرابه على أتم الوجوه .

ولما كثر اقتران ذكر القضاء بالقدر ، والتباسه به أورده ؛ فقال : اعلم أن القضاء الإلهي حكم اللّه في الأزل على الأشياء التي ستوجد بما لها من الوجود والصفات والأحوال على حدّ علمه بها أي : بحقائقها المقتضية للوجود الصفات اللازمة ما دامت موجودة ، وبما فيها من الاستعدادات المتعاقبة المقتضية لاختلافات الأحوال ، والعوارض المفارقة ، إذ لم يكن الحكم على حدّ العلم لكان جهلا ، وليست تلك الحقائق والاستعدادات أثرا للعلم ، وإن كان مؤثرا في وجوداتها ، بل ( علم اللّه في الأشياء ) ، ( على ما أعطته المعلومات ) ، وإن لم تكن محدثة للعلم فيه بل ظهرت له ( بما هي عليه في أنفسها ) ، إذ لا معنى للعلم بالشيء سوى ظهوره للعالم على ما هو عليه ، فلو كان بما هو عليه أثرا للعلم لزم الدور ، فالقضاء

إنما اختصت الكلمة العزيرية بالحكمة القدرية لانبعاثه على طلب معرفة سر القدر ، وتعلق القدرة بما يقتضيه العلم من صورة القدر المقدور ؛ فإن القدرة لا تتعلق إلا بمعلومات ممكنة هي الأعيان وأحوالها المعلومة عند اللّه ، والقدر هو العلم المفصل بالأعيان وأحوالها الثابتة في الأزل الخارجة عليها عند وجودها إلى الأبد ( القاشاني ص 195 ) .
حكم كلي بأن يحكم على كل عين على حد علمه بها ، وفيها بما أعطته من نفسه ، فلابدّ له من تفصيل هو القدر .

وإليه الإشارة بقوله : ( والقدر توقيت ) أي : تفصيل ( ما هي عليه الأشياء ) من استعداداتها للوجود والصفات والأحوال ( في عينها ) بحيث تستوعب الأعيان والصفات والأحوال من غير مزيد للاستعداد على ما يقع ، ولا لما يقع على الاستعداد ، وإذا كان الحكم على حدّ العلم ، والعلم على ما أعطيه المعلوم ، ( فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ) ، ولا ظلم في تقدير القبائح والمعاقبة عليها .

( وهذا هو عين ) أي : شهود ( سر القدر ) ما خفي منه على العامة ، فعجزوا عن تطبيق التكليف به ، لكنه ( شهودا لمن كان له قلب ) أدرك بنور بصيرته أن حقائق الأشياء واستعداداتها غير مجعولة من حيث هي معلومة بالعلم الأزلي ؛ لأن الجعل للموجود ، وهي معدومة في الخارج حينئذ ، وإن ما يفيض من الحق لا يخالف ذلك أبدا .

"أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ"[ ق : 37 ] ، إلى أهل الكشف ،وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] ، حاضر بذوقه في فهم كلماتهم ، وفيه تعريض بمن يتمسك بالمقدمات الجدلية ،"فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ"[ الأنعام : 149 ] ، لا للمتمسك بالقدر على نفي العذاب ، ولا لنا فيه بإثبات العذاب ، وإذا كان حكم اللّه على حد علمه ، وعلمه على ما أعطته المعلومات .

( فالحكم ) عليها بالقبائح والمعاقبة عليها ( في التحقيق ) ، وإن توهم ابتداءه بذلك ( تابع لعين المسألة ) أي : جاز عليها لا على ما ورائها ، وإن كان أصلح ، فلا يكون ظلما إذ تلك المسألة غير مجعولة ، بل هي ( التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها ) ، والجريان بمقتضى الذات لا يكون ظلما ، وإذا كان الحكم تابعا لعين المسألة .

( فالمحكوم عليه ) لكونه حكم عليه ( بما فيه ) ، كأنه حاكم بلسان الاستعداد على ( الحاكم ) الإلهي أن يحكم عليه بمقتضى الجود والحكمة ، وإن لم يلجئه إلى ذلك ؛ ولهذا صار مكتسبا مستوجبا للعقاب ، وإذا كان الحق حاكما على الأعيان بإفاضة مقتضياتها ، فالأعيان حاكم عليه باستفاضة ( ذلك ، فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به ) على الآخر .

( وبما حكم فيه ) أي : في نفسه ، فالحق محكوم عليه من جهة الأعيان أن يفيض بمقتضياتها ، وأن يستفيض علم مقتضياتها ، والأعيان محكوم عليها بإفاضة علم مقتضياتها ، واستفاضة مقتضياتها ؛ ولهذا صار الحق خالقا ، والأعيان كاسبة كان الحاكم من كان ، فإن الحق وإن لم يحكم عليه الخلق في ذاته وصفاته يحكمون في صور تجلياته ثم إياهم . " كان الحاكم مّن كان ".
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .  
 

14 - فصّ حكمة قدريّة في كلمة عزيريّة
ووجه اختصاص الكلمة هذه بحكمتها ما لها في أصل جبلَّتها وقابليّتها من النسبة الشوقيّة إلى تلك الحكمة ، والرابطة العشقيّة نحو ضبطها واستكشافها ، ولذلك رأى في طلبها ما رأى من العتاب والملامة والوعيد بالعزل عن عالي منصبه النبوي - على ما ستقف عليه إن شاء الله تعالى .
والذي يلوّح عليه ما في « عزيز » بحسب بيّناته وبيّنات عدده من تفاصيل.
 ااا 113 ما اشتمل عليه بيّنات « القدر » 287 . ين ااا 63 ، ين يم 110 . أف ال ا س ج 113

القضاء والقدر  
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ القضاء حكم الله في الأشياء ) بما يجرى عليها من الأحكام والأوضاع الظاهرة هي بها .
( وحكم الله في الأشياء على حدّ علمه بها ، وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها ) أي في أصل قابليّتها الأقدسيّة.
( والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها ) أي تعيين وقت ظهور الأشياء بأحكامها ، فإنك قد عرفت أن الأعيان في موطن ثبوتها كليّة الحكم ، ليس لها ظهور بأحكامها الخاصّة بها .

ما لم يظهر بصورة شخصيّتها في الخارج ، محفوفة بمشخّصاتها ، من الزمان وما يتبعه ، كالوضع والأين والكيف وسائر الأعراض التي بها يتكوّن الأعيان في الخارج واحدا بالشخص الذي هو ظلّ الوحدة الحقيقيّة - كما نبّهت عليه في المقدمة - وبيّن أن الزمان أصل سائر المشخّصات والأحكام ، فتوقيت كلّ عين بزمانه يترتّب عليه سائر ما عليه العين من الأحكام الأصليّة في ثبوتها ، من غير زيادة على ذلك أصلا .

فقوله : ( من غير مزيد ) إشارة إليه . وإذ كان النقصان مما لا إمكان له فيه - فإنّ الأنزل من المراتب لا بدّ وأن يكون أكمل - ما تعرّض له وبهذا الاعتبار يعبّر عنه بالقدر ، فان القدر والقدر يقال على مبلغ الشيء.


القضاء تابع لسؤال الأعيان وهذا سر القدر
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما حكم القضاء على الأشياء إلَّا بها ) أي بتلك الأشياء وما هي عليه في نفسها ( وهذا هو عين سرّ القدر لمن كان له قلب ) يعلمه بذوقه الجمعيّ من موطنه الإحاطيّ ( أو ألقى السمع ) إلى ما أنزل عليه من الكلام المعرب بموادّ حروفه وصورها على الأمر كلَّه ( وهو شهيد ) مشاهد لما انطوى عليه من الدلائل الملوّحة على الحقائق ( فللَّه الحجّة البالغة ) على عباده ، إذ كان لا يحكم عليهم إلَّا بهم ، ولا يفيض عليهم ويجود إلَّا بما يسأل ألسنة أصلهم وقابليّاتهم عنه .
فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها ) فإنه لو لم يحكم به ما كان حاكما ، بل مفتريا كاذبا ، ( فالمحكوم عليه بما هو فيه ) من الأحكام الخاصّة به ( حاكم على الحاكم ، أن يحكم عليه بذلك) الحكم الذي هو عليه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به ) من الأحكام ، ( و ) كذلك محكوم عليه بما حكم ( فيه ) من الأعيان . فإنّ الحاكم تابع منقاد لهما في حكمه ( كان الحاكم من كان ) ، وهذا يعرفه ولا يتوقّف فيه كلّ من يتفطَّن للأوليّات في بدايات عقوله .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .
فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .
وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ].
فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ[ الأنعام : 149 ] .
فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم مّن كان) .

الفصّ العزيري
14 - فص حكمة قدريّة في كلمة عزيرية
قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّ القضاء حكم اللّه في الأشياء ، وحكم اللّه في الأشياء على حدّ علمه بها وفيها ، وعلم اللّه في الأشياء على ما أعطته المعلومات ممّا هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد .)

فص حكمة قديرية في كلمة عزيرية لما كان من مقتضى عزير عليه السلام وأحكامه انبعاث رغبة عنه نحو معرفة سر القدر وصف الشيخ رضي اللّه عنه حكمته بالقدرية ، ولما كان القدر مسبوقا بالقضاء ، لأنه تفصيله قدمه في البيان .
فقال رضي الله عنه  : ( اعلم أن القضاء حكم اللّه في الأشياء ) أزلا بالأحوال الجارية على أعيانها إلى الأبد ، وإنما قال في الأشياء مع أن المراد على الأشياء تنبيها على استقرار هذا الحكم فيها استقرار المظروف في الظرف فلا تتغير أصلا ، أو الأشياء أعم من أن يكون محكوما عليها أو بها ، والحكم واقع ببعضها على بعض فهو فيما بينها ( وحكم اللّه في الأشياء ) واقع ( على حد علمه بها ) في أنفسها ( وفيها ) معتبرة مع أحوالها .

هذا إذا أردت بالأشياء الذوات المحكوم عليها ، وأما إن أخذت أعم ، فعلمه بها باعتبار تصوراتها وعلمه فيها باعتبار النسب الواقعة فيما بينها ( وعلم اللّه في الأشياء ) واقع ( على ما أعطته ) ، أي اقتضته ( المعلومات ) ، أي تلك الأشياء من حيث معلوميتها ( مما هي عليه ) بيان لما أعطته ، أي من أحوال هي ، أي من المعلومات عليها ( في نفسها ) عند الثبوت في العلم فعلمه تعالى بالأشياء تابع لما لا تقتضيه أعيانها من أحوالها باستعداداتها وقبولها إياها ( والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها ) .

وفي بعض النسح توقيت ما هي عليه الأشياء وهو الموافق للنسخة التي قوبلت بحضور الشيخ رضي اللّه عنه مع أصلها ، فضمير هي مبهم تفسيره الأشياء يعني :
القدر تعيين الأوقات للأحوال والأحكام التي الأشياء عليها في أنفسها حالة الثبوت في العلم بإظهار كل واحد واحد من تلك الأحوال والأحكام في العين في وقته المخصوص به في العلم قبل تخصيص الوقت بالتعيين ، بناء على أن الزمان أصل سائر الأحوال والأحكام المشخصة فتعيينها تعيينها ، ويحتمل أن يراد بالتوقيت التعيين مطلقا ( من غير مزيد ) ، لما

قال رضي الله عنه :  (فما حكم القضاء على الأشياء إلّا بها .  وهذا هو عين سرّ القدر الذي يظهر"لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ"[ ق : 37 ] ."فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ " [ الأنعام : 149 ] . فالحاكم في التّحقيق تابع لعين المسألة الّتي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها . فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك فكلّ حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه ، كان الحاكم من كان) .

في العين على ما في العلم ولا لما في العلم على ما في العين فلا حاجة إلى زيادة النقصان ( فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ) ، أي بتلك الأشياء بما هي عليه في حد أنفسها ( وهذا ) ، أي حكم القضاء على الأشياء بما هي عليه ( عين سر القدر ) ، أي عين حقيقة مستورة عن أعين المحجوبين يترتب عليها القدر . ( الذي يظهرلِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ).

يتقلب في العلوم والمعارف بطريق الذوق والوجدان (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) ، أي من له قلب (وَهُوَ شَهِيدٌ) [ ق : 37 ] حاضر القلب متهيىء لما يرد على سمعه قابل لفهمه (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) غاية التبيين للمقاصد على خلقه في إعطائهم ما يشفيهم من الكفر والعصيان لا للخلق عليهم إذ لا يعطيهم إلا ما طلبوا منه بلسان استعدادهم ، فما قدر عليهم ما قدر لمجرد إرادته من غير اقتضاء قابليتهم واستعداداتهم .
فإن قلت : الأعيان مع استعداداتها مجعولة للحق تعالى فللخلق الحجة البالغة .
قلنا : هي مجعولة له تعالى بمعنى أنها فائضة منه بتجلياته الذاتية بصور شؤونه المستجنة في غيب هوية ذاته بلا تخلل إرادة واختيار بل بالإيجاب المحض.
فليس لأحد أن يقول : رب لم جعلتني كذلك .
فإن قلت : فعلى ذلك ما المثوبات والعقوبات على أعمالنا .
قلنا : كما أن أعمالنا من مقتضيات أعياننا كذلك المثوبات والعقوبات من مقتضيات أعمالنا ، فهي أيضا من أحوال أعياننا ولكن بواسطة .
غاية ما في الباب أن الحق سبحانه جواد مطلق ، فكل ما يطلب منه بلسان الاستعداد الوجود يجود به عليه سواء كان من جنس المثوبات أو العقوبات .

قال رضي الله عنه :  ( فالحاكم بالتحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها ) المسألة مصدر بمعنى اسم الفاعل ، أي تابع لغير الحقيقة السائلة الذي يحكم ذلك الحاكم فيها بما تقتضيه ذاتها .
قال رضي الله عنه :  ( فالمحكوم عليه بما هو فيه ) من الأحكام الخاصة به ( حاكم ) بلسان استعداده ( على الحاكم أن يحكم عليه بذلك ) ، أي بما هو فيه ( وكل حاكم محكوم عليه بما حكم به ) من الأحكام ( و) كذلك محكوم عليه السلام .
بما حكم ( فيه ) من الأعيان فإن الحاكم تابع لهما في حكمه ( كان الحاكم من كان ) حقيقيا أو مجازيا صوريا أو معنويا.
 
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:55 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الثالثة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح . واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص . والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] . كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

(فتحقق) يا أيها السالك (هذه المسألة) المذكورة (فإن القدر) ، أي تقدير الإلهي (ما جهل) في الناس إلا (لشدة ظهوره) وانكشافه (فلم يعرف) لأجل ذلك الظهور الذي له عند كل أحد من حيث إيمانه بعدل اللّه تعالى في خلقه أنه على طبق ما علم اللّه تعالى من الأشياء ، فهو تابع لها وإن لم تعرف تفاصيلها عند الكل في الكل ، فالكل يعلمون أنه تعالى عالم قضى بالحق وقدر على علم منه لا جهل ، ولا يعرفون ما ذكر هنا من البيان الحق (وكثر فيه) ، أي القدر الطلب والإلحاح من الناس في بيان المراد منه للإيمان به ، وتكلم فيه كل عالم على قدر ما عنده من العلم ، وفوق كل ذي علم عليم .

(واعلم) يا أيها السالك (أن الرسل صلوات اللّه عليهم) أجمعين (من حيث هم رسل) من اللّه تعالى إلى أممهم بالتكاليف المختلفة (لا من حيث هم) ، أي الرسل عليهم السلام (أولياء) للّه تعالى (وعارفون) باللّه تعالى فهم من هذا الوجه متفاوتون تفاوتا آخر من كونهم على درجات مختلفة في الولاية والمعرفة حيث هم في أذواقهم ، وليس هذا موضع بيان ذلك ، لأن هذا الباب معطل فيهم ، فليس أخذهم للشرائع منه بل من باب نبوّتهم ، فهم لا يأخذون بكشفهم وعرفانهم واستعدادهم من التجلي الخاص ، بل بما أنبأهم به الملك المنزل عليهم من حضرة ربهم ، فإنهم مع الحق في حكم ما يخبرهم به لا بحكم ما علموه باستعدادهم ، فالقرآن علم الرسالة المحمدية ، والسنة علم النبوّة والولاية (على مراتب) تختلف باختلاف على (ما هي عليه أممهم) من الفضائل المتفاوتة .

(فما عندهم) ، أي الرسل عليهم السلام (من العلم) الإلهي (الذي أرسلوا به) إلى أممهم ليعلموا ما هم عليه في ظواهرهم وبواطنهم (إلا قدر) ، أي مقدار (ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول) ، في اعتقاداتهم وعباداتهم ومعاملاتهم لانتظام معادهم ومعاشهم لا زائد على ذلك ولا ناقص ، والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض في الفضيلة .
(فتفاضل الرسل) عليهم السلام (في علم الإرسال بتفاضل أممها) ، أي الرسل (وهو قوله) تعالى (" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ") [البقرة : 253 ] ،.
أي بسبب ما عندهم من العلوم التي تحتاج إلى أممهم بحسب تفاوت الأمم بالذكاء والحذق كل أمة على حسب استعدادها (كما هم) ، أي الرسل عليهم السلام (أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم) ، أي أنفسهم (عليهم السلام من العلوم الإلهية) من حيث هم أنبياء عليهم السلام (والأحكام) المخاطبين بها على مقتضى أحوالهم الربانية (متفاضلون) فمنهم من هو أفضل من الآخر (بحسب استعداداتهم) لقبول الفيض من وجود الوجود (وهو قوله) تعالى ("وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ") من حيث الفضائل العلمية والعملية ("عَلى بَعْضٍ") [ الإسراء : 55 ] منهم .
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

( فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جعل إلا لشدة ظهوره ) لا لشدة الخفاء فإن الصورة المشاهدة في الحس هي صور القدر .
فكما أن شدة الخفاء لغاية بعدها عن إدراك البصائر سبب للجهل كذلك شدة الظهور لغاية قربها وانحرافها عن الحدّ الأوسط سبب للجهل كالمرآة القريبة من الرائي لم يظهر له صورة فيها لشدة قربها منه .
بل نقول مسائل العلوم الإلهية كلها ما جهلت إلا لشدة ظهورها ( فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح ) فقال إبراهيم عليه السلام "أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى"[ البقرة : 260 ] .
وقال العزيز عليه السلام :"أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 159 ] .
فهذا السؤال من عدم علمهم بسرّ القدر فإن السؤال يطلب حصول ما لم يحصل ( واعلم أن الرسل صلوات اللّه عليهم أجمعين من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء ) .

وقوله : ( وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم ) تفسير لقوله لا من حيث هم أولياء لأن كونهم أولياء لا يكون إلا كذلك فمن حيث كونهم رسلا ( فما ) أي فليس ( عندهم ) من اللّه ( من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما يحتاج إليه أمة ذلك الرسول عليه السلام لا زائد ولا ناقص ). أي لا يكون ذلك العلم زائدا على قدر احتياج تلك الأمة ولا ناقصا عنه ( والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض ) في الكمال وإذا كانت متفاضلة ( فتفاضل الرسل في علم الإرسال ) يزيد بعضها على بعض ( بتفاضل أممها وهو ) أي تفاضل الرسل بتفاضل الأمم معنى ( قوله تعالى "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ"البقرة : 253 ] أي فضلنا بعضهم على بعض في علم الإرسال بتفاضل الأمم .
( كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم ) فهم كانوا ذوي تفاضلين بحسب ذواتهم وبحسب تفاضل أممهم ( وهو ) أي التفاضل بحسب الاستعداد معنى ( قوله تعالى :وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ) في العلوم الراجعة بالكثرة والقلة إلى ذواتهم .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح . واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص . والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] . كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .) ما بقي من هذه الحكمة فظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)


قال رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة ،فإنّ القدر ما جهل إلَّا لشدّة ظهوره ، فلم يعرف ،وكثر فيه الطلب والإلحاح).
يعني رضي الله عنه : أنّ الحاكم الحكمية  إنّما يحكم - كما ذكرنا - على المحكوم عليه بمقتضى حقيقة المحكوم عليه ، ولا يقدّر له إلَّا على قدره وبقدره من غير زيادة ولا نقصان ، ولا تتعلَّق القدرة إلَّا بالمقدور بحسب قدره ووسعه لا غير ، فالحاكم محكوم حكم المحكوم عليه بما يقتضيه ، وقضاؤه عليه تابع لاقتضائه .

أعني : قضاء الله المقضيّ عليه بالمقضيّ به بحسب اقتضاء المقضيّ عليه من القاضي أن يقضي عليه بما اقتضاه لذاته لا غير ، وهذا ظاهر ، بيّن الوضوح ، ولشدّة وضوحه ذهل عنه وجهل به وطلب من غير موضعه ، فلم يعثر على أصله وسببه ، وليس فوق هذا البيان في سرّ القدر بيان إلَّا ما شاء الله الواسع العليم ، علَّام الغيوب ، وعليه التكلان وهو المستعان .

قال رضي الله عنه  : ( واعلم : أنّ الرسل صلوات الله عليهم - من حيث هم رسل ، لا من حيث هم أولياء وعارفون - على مراتب ما هي عليه أممهم ، فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلَّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرسول ، لا زائد ولا ناقص . والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض ، فيتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ، وهو قوله تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم ، وهو قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " ).

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ الرسول برسالته إلى أمّة لا بدّ له من العلم بالرسالة والمرسل - اسم فاعل - من كونه مرسلا وبالمرسل إليه من حيث ما فيه صلاحه دنيا وآخرة ، فهو من كونه رسولا لا يلزمه من العلم إلَّا ما يحتاج إليه المرسل إليه - أعني الأمّة - وتتمّ به الرسالة لا غير ، ولكنّ الرسول - من كونه عالما بالله عارفا به وليّا له - قد يؤتيه الله من العلم ما فيه كماله الخصيص به .
وأمّا التفضيل والتفاضل بينهم من كونهم رسلا وأنبياء فبسعة فلك الرسالة أو عظمها وحيطتها وعمومها ، فإنّ كثرة إيحائها في عمومها تستدعي كثرة علومها ، وقد يكون لهم تفاضل في العلم بالله وعلوّ المقام وقوّة الحال وغير ذلك .

ولكنّ الرسل ما داموا رسلا وكانوا يمهّدون في إبلاغ الرسالة سبلا ، ليس عليهم ولا لهم إلَّا ما يحتاجون إليه في أداء الرسالة وتبليغ الدعوة لا غير ، وقد يطوي الله عنهم العلوم التي لا تقتضيها الرسالة وتنافيها ظاهرا كالعلم بسرّ القدر .
فإنّه يوجب فتور الهمّة عن طلب ما هو غير مقدور ، ودعوى من يعلم أنّ الله قدّر عليه الكفر والجحود والعصيان ، ومقتضى الرسالة الجدّ والعزم والجزم في كلّ ذلك ، فوجب طي ما يوجب الفتور فيما هو بصدده .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال رضي الله عنه :  ( فتحقق هذه المسألة . فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح ) .

أي الحاكم بحكم القضاء السابق تابع في حكمه لسؤال استعداد المحكوم عليه بقابليته ، فإن القابل يسأل بمقتضى ذاته ما يحكم الحاكم عليه ، فلا يحكم الحاكم عليه إلا بمقتضى ذاته القابلة .
فالمحكوم عليه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بما في ذاته أن يقبله ، فكل حاكم أيّ حاكم كان محكوم عليه بما حكم به على القابل السائل إياه ما هو فيه ، ولم تخف هذه المسألة أي مسألة القدر إلا لشدة ظهوره.

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أن الرسل صلى الله عليهم وسلم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول لا زائد ولا ناقص ، والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض ، فتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ، وهو قوله : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ "  كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم ، وهو قوله : " ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ ") .

هي فيما هي عليه أممهم ضمير مبهم تفسيره أممهم .
وللرسل صلى الله عليهم وسلم جهات ثلاثة :
جهة الرسالة وهي تحمل الأحكام الإلهية المتعلقة بأفعال الأمم الموجبة لصلاح معادهم ومعاشهم ، وهم في ذلك أمناء لا يبلغون إلا ما حملوا .
وجهة الولاية : وهي الفناء في الله بقدر ما قدر لهم من كمالات صفاته وأسمائه .
وجهة النبوة : وهي الإخبار عن الله بقدر ما رزقوا من معرفته ، فعلوم كل واحد منهم من جهة الرسالة ليست إلا بقدر ما تحتاج إليه أمته المرسل إليهم لا أزيد ولا أنقص ، لأنه إنما أرسل بسؤال استعدادهم ومقتضاه فلا يكلفهم إلا ما يسعه استعدادهم ، فبقدر ما تتفاضل الأمم في الاستعدادات تتفاضل الرسل في علوم الرسالة .

"" أضاف بالي زادة أي مقتضى خلقه دفعة واحدة في الأزل من الرزق الروحاني والجسماني .أهـ بالي زادة ""

ولهذا قال تعالى : " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا " الآية ، أي في علوم الرسالة لدلالة الرسل عليه ، وترتيب الحكم على الوصف وضمير هو يرجع إلى التفاضل المقدر بتفاضل الأمم .
وربما يطوى الله عنهم بعض العلوم الذي لا يحتاجون إليه في الرسالة وينافيها ظاهرا كالعلم بسر القدر ، فإنه يوجب فتور الهمة في الدعوة عن طلب ما هو غير مقدور.
ومقتضى الرسالة الجد والقوة والعزم فيها ، وكذلك في مراتب النبوة بحسب ذواتهم وأعيانهم متفاضلون في العلوم والمعارف والأحكام على مقتضى استعداداتهم الأصلية .
كما قال:  "ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ "  ولما كانت النبوة ظاهر الولاية والولاية باطنها كان تفاضلهم في النبوة بقدر تفاضلهم في الولاية ، فإن نبأهم الصادق إنما يكون عما هم فيه من الألوهية والربوبية .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .
 

قال رضي الله عنه :  (فتحقق هذه المسألة ،فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره فلم يعرف ، وكثر فيه الطلب والإلحاح.)  أي ، تحقق مسألة سر القدر .
وإنما قال : ( لشدة ظهوره ) لأن كل ذي بصر وبصيرة يشاهد أن وجود الأشياء صادر من الله في كل آن بحسب القوابل ، كإفاضة الصورة الإنسانية على النطفة الإنسانية والصورة الفرسية على النطفة الفرسية .
وهذا أظهر شئ في الوجود . وكما يترتب إفاضة الصور على الأشياء بالاستعداد والقابلية ، كذلك يترتب إفاضة لوازمها على قابلية تلك الصور . وهذا أيضا أمر بين عند العقل .
وكثير من الأشياء البالغة في الظهور قد يختفي اختفاء لا يكاد يبدو ، كالوجود والعلم والزمان ، وأنواع الوجدانيات والبديهيات أيضا كذلك .
والطلب والإلحاح على معرفة سر القدر من الأنبياء ، عليهم السلام ، إنما كان للاحتجاب . فإن النبي إذا اطلع عليه ، لا يقدر على الدعوة وإجراء أحكام الشريعة على الأمة ، بل يعذر كلا منهم فيما هو عليه لإعطاء عينه ذلك  .

قال رضي الله عنه :  ( واعلم ، أن الرسل ، صلوات الله عليهم ، من حيث هم رسل ، لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم ، فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسل ، لا زائد ولا ناقص )

أي ، الرسل من حيث إنهم رسل ، ما أعطى لهم العلم إلا قدر ما يطلب استعدادات أمته ، لا يمكن أن يكون زائدا عليه ولا ناقصا منه ، لأن الرسول إنما هو مبلغ لما أنزل إليه ، كقوله
تعالى : ( بلغ ما أنزل إليك وما عليك إلا البلاغ إن أنت إلا نذير مبين ) . لأحكام أفعالهم لإصلاح معاشهم ومعادهم .
والتبليغ والتبيين لا يكون إلا بحسب استعدادات المبلغين إليهم وأفعالهم ، لا زائدا ولا ناقصا . وأما من حيث إنهم أولياء فانون في الحق ، أو أنبياء عارفون ، فليس كذلك ، لأن هاتين الصفتين بحسب استعداداتهم في أنفسهم ، لا مدخل لاستعداد الأمة فيها .

فقوله : ( وعارفون ) أي ، ولا من حيث إنهم أنبياء . فنبه بهذا الاطلاع على كون النبوة تعطى العلم والمعرفة بالله والمراتب ، وعلى أن العارفين لهم نصيب من النبوة العامة ، لا الخاصة التشريعية .
وقوله رضي الله عنه   : ( على مراتب ما هي عليه أممهم ) بإضافة ( المراتب ) إلى ( ما ) خبر ( أن ) .  و ( هي ) ضمير مبهم مفسره ( أممهم ) .
تقديره : أن الرسل ، من حيث هم رسل ، عالمون على قدر مراتب أممهم على ما هي عليه .
قال رضي الله عنه : ( والأمم متفاضلة ، يزيد بعضها على بعض ، فيتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها . وهو قوله : " تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض " .) معناه ظاهر .

و ( هو ) بمعنى ذلك . أي ، وذلك التفاضل ثابت بقوله : ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض ) .
قال رضي الله عنه :  ( كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم ، عليه السلام ، من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم . وهو ) أي ، ذلك التفاضل هو المشار إليه ( في قوله : ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض . ) أي ، الرسل يتفاضلون بتفاضل أممهم .
كما يتفاضلون فيما يرجع إلى ذواتهم من العلوم والمعارف والأحكام الإلهية .
ففي الكلام تقديم وتأخير . تقديره : كما هم متفاضلون فيما يرجع إلى ذواتهم .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:56 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الثالثة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح ).
 ( فتحقق هذه المسألة ) أي : اعتقد حقيقتها لوضوح مقدماتها من أن الفعل تابع للعلم ، والعلم للمعلوم ، والمعلوم الأزلي غير مجعول ؛ لامتناع حلول الحوادث في العلم الأزلي .
ولا يلزم تعدد القدر ما لكونه معدوما في الخارج ، فمسألة القدر أيضا جلية وإن خفيت على أهل الخبر والاعتزال ، ( فإن القدر ما جهل إلا من شدة الظهور ) ، فإن الشيء إذا جاوز حده أورث ضده ، ( فلم يعرف ، فكثر فيه الطلب )  بالمقدمات الكثيرة الطويلة العريضة العميقة ، (والإلحاح ) في إيراد الشبهات وحلها .

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص ، والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ، وهو قوله تعالى :"تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ "[ البقرة : 253 ] . كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم - عليهم السّلام - من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم ، وهو في قوله :وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ" [ الإسراء : 55 ] . )

ثم أشار إلى فضيلة علم القدر بأن فضائل الأنبياء والخلائق وتفاوت درجاتهم ، إنما تعرف به ، وأنه إنما يعرف به تقابل أسماء اللّه وصفاته ، وإن علمه وإرادته وقضاءه تابعة له .
فقال : ( واعلم أن الرسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل ) أرسلوا إلى أممهم ( لا من حيث هم أولياء وعارفون ) ، فإنهم وإن تفاوتوا بتلك الحيثية أيضا ، لكنه ليس بمقدار استعدادت الأمم .
وكذا من حيث هم أنبياء على ما يصرح به عن قريب ، ولكن لم يذكرهم آنفا ؛ فلهم منزلة الأولياء أو العارفين بهذا الاعتبار ( على مراتب ما هي عليه أممهم ) من الاستعدادات العملية والعلمية ، ( فعندهم من العلم الذي أرسلوا به ) إلى الأمم سواء في العقائد أو الأحكام .

( إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول ) في الاعتقاد أو العمل ( لا زائد ) ؛ لأنه في باب الاعتقاد مضل مثير للشبهات ، وفي باب العمل مشتق ، ( ولا ناقص ) يفوت به الكمال الممكن الذي بعثوا لتحصيله لهم .
وهذا وإن لم يمكن رعايته بالنسبة إلى الأشخاص يمكن بالنسبة إلى الأمم ، إذ ( الأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض ) في درك الدقائق من الأدلة والحقائق ، وفي تحمل أعباء التكليف .

( فتفاضل الرسل في علم الإرسال ) وراء تفاضلهم في أنفسهم ( بتفاضل أممهم ) ، وإن لم يكن تفاضلهم بتفاضل آحاد الأمم ، وهو أي : دليل تفاضل الرسل في علم الإرسال .
قوله تعالى :" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ "البقرة : 253 ] رتب التفضل على وصف الرسالة ، وهي حقيقة واحدة لا تقبل التفاوت في نفسها ، وإنما هو في علم الإرسال .
ثم أشار إلى تفاضلهم باعتبار النبوة والولاية والمعرفة .

"" أضاف المحقق :  الولايات هي أحد الأقسام العشرة ذات المنازل المائة التي ينزلها السائرون إلى اللّه تعالى ، بعد ترقيهم في الأحوال العشرة ، التي عرفت تحولهم فيها بإزالة القيود والتعينات عن سير السائر في تلك الأطوار التي توجب لمن تحقق بها زيادة قوة كلية في ذاته وصفاته وإدراكاته ، وقربه من مدارج نهاياته ، فذلك التقوى بالقرب هو المسمى في اصطلاحهم بقسم الولايات العشرة ، وهي : اللحظ ، والوقت ، والصفاء ، والسرور ، والسر ، والنفس ، والغربة ، والغرق ، والغيبة ، والتمكن . ( لطائف الإعلام ( 375  .أهـ ""

بقوله : ( كما هم أيضا فيما ) متعلق بالخبر ، وهم متفاضلون ( يرجع إلى ذواتهم ) أي : من غير نظر إلى الأمم ( من العلوم ) الاعتقادية ، ( والأحكام العلمية ) ، كوجوب الضحى والأضحى على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( متفاضلون بحسب استعداداتهم ) في أمر النبوة والولاية والمعرفة ، وهو أي : دليل تفاضلهم فيما يرجع إلى ذواتهم .
قوله تعالى :" وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ" [ الإسراء : 55 ] هذا في النبوة ، وأما في الولاية والمعرفة .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتحقّق هذه المسألة ، فان القدر ما جهل إلَّا لشدّة ظهوره ) فإنّ الشيء إذا جاوز حدّه انعكس ضدّه . فهذه المسألة إذ جاوزت في الظهور حدّه اختفت ، ( فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح ) .

علم الرسل عليه السّلام على مراتب علوم أممهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أن الرسل صلوات الله عليهم من حيث هم رسل - لا من حيث هم أولياء وعارفون - على مراتب ما هي عليه أممهم ) في إدراك الدقائق واستشعار الحكم والحقائق ، وذلك لما مهد آنفا من أنّ الحاكم محكوم عليه ، منقاد لما فيه يحكم ، ولا شكّ أنّ الرسول حاكم في الأمم ، فلا بدّ أن يكون تابعا لهم في مقتضى قابليّاتهم ومقترحات نيّاتهم ، ولكن من حيث أنّه رسول وحاكم - لا مطلقا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلَّا بقدر ما تحتاج إليه امّة ذلك الرسول ) ممّا سألوه بألسنة استعداداتهم - ( لا زائد ، ولا ناقص والأمم متفاضلة ، يزيد بعضها على بعض ، فيتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ) .
وفي التنزيل ما يشعر بذلك ( وهو قوله تعالى " تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " ) [ 2 / 253 ] أي في رسالته وعلومها المختصّة بها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم من العلوم والأحكام متفاضلون بحسب استعداداتهم ) وبه أيضا إشعار فيه ( وهو قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " ) [ 17 / 55 ] هذا ما فيه بلسان الخصوص ( وقال تعالى ) بلسان العموم ما يدلّ على ذلك.

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .
واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى : "تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ " [ البقرة  : 253] .
كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ " [ الإسراء : 55 ] .)

قال رضي الله عنه :  (فتحقّق هذه المسألة فإنّ القدر ما جهل إلّا لشدّة ظهوره فلم يعرف وكثر فيه الطّلب والإلحاح .  واعلم أنّ الرّسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم فما عندهم من العلم الّذي أرسلوا به إلّا قدر ما تحتاج إليه أمّة ذلك الرّسول ، لا زائد ولا ناقص .  والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض فيتفاضل الرّسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى :" تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ" [ البقرة : 253 ] . كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السّلام من العلوم والمعارف والأحكام الإلهيّة متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو في قوله : " وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ" [ الإسراء : 55 ] . )

قال رضي الله عنه :  ( فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره ) فإن الشيء إذا جاوز حده انعكس ضده ( فلم يعرف وكثر ما فيه الطلب والإلحاح ) والحكمة في احتجابه عن الأنبياء عليهم السلام أن النبي إذا اطلع عليه لا يقدر على الدعوة وإجراء أحكام الشريعة على الأمة ، بل يعذر كلامهم فيما هو عليه لإعطاء عينه ذلك .

(واعلم أن الرسل صلوات اللّه عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم ) هي ضمير منهم يفسر أممهم أي : على مراتب ما أممهم عليه من الاستعدادات والقابليات ( فما عندهم ) ، أي عند كل رسول منهم ( من العلم الذي أرسلوا به ) ، أي أرسل كل واحد منهم بحصة منه .

قال رضي الله عنه :  ( إلا قدر ما يحتاج إليه أمة ذلك الرسول لا زائد ولا ناقص ) ، لأنه إنما أرسل ليعطي كل واحد من أمته ما سأله بلسان الاستعداد من غير زيادة ولا نقصان ليطابق عطاؤه السؤال ( والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض ) في علوم الرسالة لدلالة الرسل عليه.

قال رضي الله عنه :  ( فيتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها وهو قوله تعالى :تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ[ البقرة : 253 ] كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام ) من حيث أنهم أنبياء .
قال رضي الله عنه :  ( من العلوم والأحكام لا إلهية متفاضلون بحسب استعداداتهم وهو ) يدل على ذلك ( قوله تعالى :وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ[ الإسراء : 55 ]).
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:57 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الرابعة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [طه : 50] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه.
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71] .  والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق . فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّة تبع للقدر . )
 
(وقال) : اللّه (تعالى) أيضا (في حق الخلق) ، أي غير الأنبياء والرسل عليهم السلام من جميع الناس وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ أيها الناس عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ[ النحل : 71 ] فيما يرزقكم إياه (والرزق) قسمان (منه ما هو) رزق (روحاني) تنتفع به أرواحكم المنفوخة فيكم (كالعلوم) الإلهية فإنها غذاء الأرواح تمدها وتقويها على الإدراك والطاعة ومنه ما هو رزق (حسي) ، أي محسوس (كالأغذية) من المآكل والمشارب فإنها غذاء الأجسام تمدها وتقويها على الحركة في كل ما يريده وما ينزله.

أي الرزق بقسميه الروحاني والحسي الحق تعالى ، لأنه من جملة الأشياء التي قال تعالى فيها :وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ[ الرعد : 8 ] "وَما نُنَزِّلُهُ (إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" وهو )[ الحجر : 21 ] .
أي ذلك القدر المعلوم (الاستحقاق الذي يطلبه الخلق) ، أي المرزوق بمقتضى استعدادهم (فإن اللّه) تعالى "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ"، أي مقدار ما يمكن أن يتخلق ذلك الشيء به وما هو قابل له من الفيض الواسع الدائم على مقتضى قسطه من الزمان والمكان والهيئة كما قال تعالى: "الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى" [ طه : 50 ] ، أي دل على ذلك الإعطاء من شاء من عباده أو عليه تعالى بذلك الإعطاء .
(فينزل) سبحانه (بقدر) ، أي مقدار معلوم عنده (ما يشاء) من الرزق كما قال تعالى :" وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ" [ الشورى : 27 ] (وما يشاء) سبحانه (إلا ما علم) من كل شيء (فحكم به) ، أي بالذي علمه (وما علم ) تعالى (كما قلناه) فيما مر غير مرة (إلا بما أعطاه المعلوم) مما هو عليه (في نفسه فالتوقيت) الذي لكل شيء.
(في الأصل) من حيث كشف العلم عنه (للمعلوم) في نفسه فإن كل شيء من المعلومات كما أنه على مقدار مخصوص وصورة مخصوصة هو على ترتيب في ظهوره مخصوص إلى مدة مخصوصة والعلم الإلهي كاشف عن جميع ذلك في كل شيء وحاكم عليه بما هو كاشف عنه فيه (والقضاء) ، أي الحكم الإلهي الأزلي .
(و) كذلك (العلم) الإلهي (والإرادة) الإلهية المتعلقة بالأشياء من حيث زيادتها ونقصانها والمشيئة الإلهية المتعلقة بالأشياء من حيث هي في نفسها فقط فيشاء اللّه تعالى الشيء أن يكون كيفما هو عليه في نفسه من غير اعتبار كونه زائدا أو ناقصا ويريد سبحانه أن يكون الشيء زائدا على الشيء الآخر والشيء الآخر ناقصا عنه وهكذا في بقية الاعتبارات ، فتكون المشيئة باعتبار نفس الشيء ، والإرادة باعتبار أحواله ، وربما كانتا بمعنى واحد ، وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء اللّه تعالى في أوّل الفص اللقماني (تتبع للقدر) الذي هو التوقيت المذكور والتوقيت تبع للمعلوم على ما هو عليه ، فالكل يرجع إلى ما هو عليه المعلوم في نفسه حال عدمه الأصلي .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [طه : 50] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه.
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (وقال اللّه تعالى في حق الخلق وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ) في الأزل ( في الرزق والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم وحسي كالأغذية ) ثم ينزله على الخلق في الشهادة بأوقاتها ( وما ينزله ) أي وما ينزل ( الحق ) الرزق على الخلق روحانيا كان أو حسيا ( إلا بقدر معلوم ) للحق من استعداد الخلق في وقت .
( وهو ) أي القدر المعلوم ( الاستحقاق الذي يطلبه ) أي يطلب ( الخلق ) ذلك الاستحقاق من اللّه وإنما يطلب الخلق ذلك الاستحقاق من اللّه ( فإن اللّه تعالى أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ) مقتضى ( خَلْقَهُ ) في الأزل دفعة واحدة من الرزق المعنوي والصوري .
( فينزل بِقَدَرٍ ما يَشاءُ وما يشاء إلا ما علم فحكم به وما علم توقيت إلا بما أعطاه المعلوم من نفسه ) معناه ظاهر ( فالتوقيت ) أي توقيت ما عليه الأشياء ( في الأصل للمعلوم ) أي من اقتضاء ذات المعلوم فإنه طالب من اللّه ذلك التوقيت باستعداده ( والقضاء والعلم والإرادة والمشية ) كلها ( تبع للقدر ) أي للتوقيت أي يتعلق كلها للأشياء بحسب الأوقات والأزمان التي اقتضت ذات المعلوم.
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71] . والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق . فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .  فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
المعني ظاهر .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه : ( وقال تعالى في خلق الخلق : "وَالله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ في الرِّزْقِ " والرزق منه ما هو روحاني - كالعلوم - وحسّيّ كالأغذية ، وما ينزّله الحقّ إلَّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق . فإنّ الله " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " فينزّل بقدر ما يشاء من نفسه ، وما يشاء إلَّا ما علم فحكم به ، وما علم - كما قلناه إلَّا بما أعطاه المعلوم ، فالتوقيت في الأصل للمعلوم ، والقضاء والعلم والإرادة والمشيّة تبع للقدر)
 
قال العبد : أمّا الراحة فلأنّ العالم بسرّ القدر يتحقّق أنّه لا يكون إلَّا ما أعطته عينه الثابتة أزلا ، والذي أعطته حقيقته أزلا لا يتخلَّف ولا يتغيّر ولا يتبدّل أبدا ، فيريح نفسه من طلب ما لا يدرك إلَّا ما علم أنّ إدراكه بالطلب أيضا في القدر .
قال العبد : ولمّا فتح الله لي في حقيقة سرّ القدر ورزقني التحقّق به ، رأيت في مبشّرة كأنّي في مسجد أو معبد مجموع في دائر حيطانه طاقات رفيعة مرفوعة ، فيها شموع مضيئة موضوعة ، فرأيت في طاقة منها كتابا متوسّط الحجم على قطع كبير أسود الجلد محكما قديما ، فأخذت الكتاب وفتحته باسم الله .
فإذا مكتوب عليه : « كتاب سرّ سرور النوم واليقظة »
فسررت بوجدانه ، وكأنّي كنت عمرا في طلبه ، فأخذته في حضني تحت صنعي ، حتى أطالعه بالتدبّر والتأمّل على الواجب ، ثمّ استيقظت .
فسررت بذلك ، ثمّ علمت أنّي أوتيت سرّ القدر ، وعلمت أنّي أسرّ بسرّ القدر في نومي الذي هو مدّة عمري في النشأة الدنياوية ، ويريحني الله عن طلب ما لم يقدّر لي ، ثمّ أسرّ به أيضا إن شاء الله العليم القدير الحكيم ، إذا استيقظت من هذا النوم عند لقاء الله الموعود المنتظر عند انقضاء الأجل المعلوم ، والحمد لله أوّلا وآخرا وباطنا وظاهرا .
وأمّا كون هذا السرّ يعطي العذاب الأليم فلأنّه يرى أعيانا على أكمل استعداد ، ويتأتّى لهم التحقّق بكل كمال وفضيلة في الدنيا والآخرة وفيما يتعلَّق بالله خاصّة ، وقد تحقّق أنّه ليس في استعداده الذاتي ومقتضى حقيقته الظهور بكلّ كمال إنساني إلهي دنيا وآخرة أو في إحداهما دون الأخرى وإن تيسّر البعض .
فيرى أنّه نقص في كمال العبدانية المظهرية ، فيتألَّم ويتحسّر ويتضجّر يتحيّر أيضا من القدر على عدم بلوغه إلى ما يبلغه غيره ، وأنّه ما ينال ذلك السعي والجهد ، فتتضاعف حسراته وآلامه بالقدر لذلك ، فلهذا معنى سرّ القدر من كونه يعطي العذاب الأليم .
والوجه الآخر في ذلك أنّه يؤمر بما يعلم أنّه ليس في استعداده الإتيان به ، كما سنذكره في الذوق المحمدي إن شاء الله تعالى .

وأمّا ترتّب الرضا والغضب الإلهيّين عليه فلأنّ الغضب يترتّب على الحكم العدمي الذي يفضي إلى عدم القابلية والاستعداد والأهلية والصلاحية لإتيان ما فيه سعادته وكماله . فيتعيّن الغضب الإلهي بموجب ذلك .
وإذا كان مستعدّا لقبول الرحمة والفيض والعناية ، والإتيان بالأعمال والأخلاق والعلوم والأحوال المقتضية للسعادة في خصوص قابليته ، فيترتّب على ذلك ، الرضا من الله .

وأمّا تقابل الأسماء بسرّ القدر فلأنّ أعيانا معينة تقتضي بحقائقها واستعداداتها الذاتية تعيّن الوجود الحق فيها بحسب خصوصياتها الذاتية العينية ، على نحو أو أنحاء يتحقّق بتعيّنها وتسميتها للوجود الحق أسماء إلهية جمالية لطفية أو كمالية قهرية جلالية .
وأعيانا أخر كذلك تقتضي تعيّن الوجود في خصوصياتها بضدّ ما قبلت الأعيان الأولى ، فيظهر التقابل ، فإنّ زيدا - مثلا - تعيّن في مظهريته الاسم « اللطيف » وتعيّن في خصوص مظهرية عمرو القابل ، فتقابل الاسمان - بحسب خصوصيتيهما في قابليتيهما المتقابلتين بالمنافاة - متقابلين كذلك ، هكذا جميع الأسماء ، فتحقّق بذلك إن شاء الله تعالى .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  (وقال الله تعالى في حق الخلق " والله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ في الرِّزْقِ " . والرزق : منه ما هو روحاني كالعلوم ، وحسى كالأغذية ، وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق ، فإن الله أعطى كل شيء خلقه فينزل بقدر ما يشاء ، وما يشاء إلا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلا بما أعطاه المعلوم ) .
 
الخلق أعم من الأنبياء والأمم ، فإن جميع الناس يتفاضلون بذواتهم ومقتضى أعيانهم واستعداداتهم الأصلي في الرزق المعنوي والصوري ، وما ينزل عليهم ذلك الرزق إلا بقدر ما يطلبه كل أحد باستعداده الأصلي ، وفسر القدر المعلوم بالاستحقاق الذي يقتضيه خلقه أي عينه الثابتة عند خلقه ودخوله في الوجود ، والباقي معلوم مما مر .
( فالتوقيت في الأصلي للمعلوم ) أي التعيين بالوقت والسبب في نفس الأمر لما علم الله من أحوال كل عين ، وهو القدر المقدور ( والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر ) أي العين الثابتة ، فإن العلم الإلهي ليس إلا منها والحكم تبع للعلم ، وكذلك الإرادة والمشيئة والتوقيت هو القدر فكلها تبع القدر الذي هو نفس للعين.
""  أضاف بالي زادة :  ( فالتوقيت ) أي توقيت ما هي عليه الأشياء ( في الأصل المعلوم ) أي من اقتضاء ذات المعلوم ، فإنه طالب من الله ذلك التوقيت باستعداده. اهـ بالى زاده
( يعطى الراحة ) لعلمه أن كل الرزق الذي اقتضته ذاته لا بد أن يصل إليه فيستريح عن الطلب (والعذاب الأليم ) لعلمه أن ما لا يلائم غرضه من مقتضى ذاته كالفقر والمرض لا يزول البتة فلا يرى سببا للخلاص فيتألم به ، وهذا حكم سر القدر في الخلق ، وأما حكمه في الحق قوله ( وبه وصف نفسه ) اهـ بالى  . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حق الخلق " والله فضل بعضكم على بعض في الرزق " . والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم ، وحسى كالأغذية . وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم . )
أي ، بقدر يعلمه الحق من استعداد عين العبد في كل حين .
قال رضي الله عنه : ( وهو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق . ) أي ، ذلك ( القدر المعلوم ) هو ما استحق الخلق وطلبه
من الحضرة الإلهية .
( فإن الله "أعطى كل شئ خلقه " . ) أي ، أعطى كل شئ مقتضى خلقه وعينه دفعة واحدة في الأزل ، ثم جعله وديعة في خزائن السماوات والأرض ، بل في نفس كل شئ إلى أن يظهر في الحس .
وإليه أشار بقوله : ( فينزل بقدر ما يشاء . ) أي ، في كل حين .
قال رضي الله عنه : ( وما يشاء إلا ما علم فحكم به . وما علم ، كما قلناه ، إلا بما أعطاه المعلوم من نفسه . ) .
أي ، ما تتعلق المشيئة الذاتية إلا بما علم الله من الأعيان ، فحكم بما علم من أحوالها ، وما علم إلا ما أعطى الأعيان من نفسها بحسب استعداداتها .
 
قال رضي الله عنه : ( فالتوقيت في الأصل للمعلوم ، والقضاء والعلم والإرادة والمشية تبع للقدر . ) .
أي ، تعيين كل حال من أحوال الأعيان بوقت معين وزمان خاص ، إنما هو في الحقيقة مقتضى الأعيان ،فإنها تطلب باستعداداتها ذلك التوقيت.
والعلم الإلهي تابع للمعلوم ، فالقضاء والقدر الذي هو التوقيت والإرادة والمشيئة كلها تابعة للقدر ، أي المقدور ، إذ القدر بمعنى التوقيت تابع للمقدور .
كما مر آنفا فما هو المشهور من أن الإرادة مخصصة ، أو المشيئة أو العناية الإلهية مقتضية أمرا ما ، محمول بالمشيئة والإرادة الذاتية ، لا الأسمائية .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:58 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم

الفقرة الرابعة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق :"وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ"[ النحل : 71 ] .  والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق ، فإنّ اللّه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ "[ طه  : 50].
فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به ، وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه ، فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّة تبع للقدر .)
 
فهو ما ( قال تعالى في حق الخلق ) الداخل فيهم مخصوصا بالأغذية كما يتوهم العامة ، بل منه فيه إشارة إلى أن منه ما هو قلبي كالأحوال ، ونفسي كالأخلاق ( ما هو روحاني كالعلوم ) للعارفين وكالتجليات للأولياء .
إذ العارف تصقل الأرواح فتتصل بالملأ الأعلى ، وتتقوى بالتجليات في التصرف بالهمم والعروج إلى المراتب العالية ، ( وحسي كالأغذية ) ، والكل ( بالقدر ) ؛ لأنهوَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ[ الحجر : 21 ].
 كما قال في كتابه الكريم ، وهو أي : ( المعلوم الاستحقاق ) ؛ لأنه ( الذي يطلبه الحق ) فيعطيهم الحق الجواد ، فإن اللّه :"أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ"[ طه : 50 ] كما نصّ عليه في كتابه المجيد ، ولا جبر في ذلك بل هو بالمشيئة ، ( فينزل بقدر ما يشاء ) ، ولا يتنافى بين القدر والمشيئة ؛ لأنه ( ما يشاء إلا ما علم ) أولا ؛ ( فحكم به ) ثانيا قضاء ، فالحكم تابع للعلم والعلم تابع للمعلوم ؛ لأنه ( ما علم كما قلنا إلا ما أعطاه المعلوم من نفسه ) ، وما أعطاه المعلوم هو التوقيت المعبر عنه بالقدر .
( فالتوقيت في الأصل للمعلوم ) وإن نسب إلى اللّه تعالى باعتبار أنه الحاكم به في الإفاضة بمشيئته وإرادته ، والقضاء التابع للمعلوم التابع للتوقيت ، والإرادة والمشيئة التابعتان للقضاء تبع للقدر ؛ لأن تابع التابع تابع.
فسر القدر علمه بالكشف من أجل العلوم يوجب الاطلاع على علم اللّه وقضائه وإرادته ومشيئته وعلمه بالتلقي من المشايخ .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( في حقّ الخلق ،" وَالله فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ في الرِّزْقِ " ) [ 16 / 71 ] .
( والرزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّي كالأغذية ) وذلك الرزق ( ما ينزّله الحقّ إلَّا بقدر معلوم ) أي مبلغ معين في كلّ زمان ( و ) ذلك القدر ( هو الاستحقاق الذي يطلبه الخلق ) من كلّ شيء ( فإن الله " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " ،   " يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ " [ 42 / 27 ] ، وما يشاء إلَّا ما علم ، فحكم به ، وما علم - كما قلنا - إلا بما أعطاه المعلوم ، فالتوقيت في الأصل للمعلوم ) ، وهو أنت ، ( والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر ) كما بيّن وحقّق غير مرّة .
فالكلّ تابع لك بما أنت عليه من الأحكام الذاتيّة التي من الفيض الأقدس.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حقّ الخلق : "وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ" [ النحل :71]
والرّزق منه ما هو روحانيّ كالعلوم ، وحسّيّ كالأغذية وما ينزّله الحقّ إلّا بقدر معلوم ، وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّئة تبع للقدر . )
 

قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى في حق الخلق ) مطلقا (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ [ النحل : 71 ] ، والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم وحسي كالأغذية وما قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .
فإنّ اللّه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .
فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  (وقال تعالى في حق الخلق ) مطلقا . (وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ [ النحل : 71 ] ، (والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم وحسي كالأغذية ينزله ) ، أي الرزق ("إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" [ الحجر : 21 ] وهو ) ، أي القدر المعلوم.
 
 
قال رضي الله عنه :   (وهو الاستحقاق الّذي يطلبه الخلق .  فإنّ اللّه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فينزّل بقدر ما يشاء وما يشاء إلّا ما علم فحكم به وما علم كما قلناه إلّا بما أعطاه المعلوم من نفسه .  فالتّوقيت في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيّة تبع للقدر . )
 
قال رضي الله عنه :  ( الاستحقاق الذي يطلبه ) ، أي يقتضيه ( الخلق ) ، أي العين الثابتة التي أعطاها اللّه تعالى خلقها فالخلق بمعنى المخلوق ( فإن اللّه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فينزله عليه بقدر ) ، أي بقدر استحقاقه .
( ما يشاء ) ، أي ما يريد من الأرزاق ( وما يشاء إلا ما علم ) أنه استحقه فحكم به وذلك الحكم هو القضاء ( وما علم ) استحقاقه ( كما قلناه إلا بما أعطاه المعلوم من نفسه فالتوقيت ) الذي هو القدر ( في الأصل للمعلوم والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر ) ، والقدر تبع للمعلوم المقدور .
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 9:59 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة . فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين . وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة . فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي . ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه . والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .

قال رضي الله عنه :  (فسر القدر) الإلهي أي علمه (من أجلّ) ، أي أعظم العلوم الإلهية (وما يفهمه) ، أي سر التقدير (اللّه) تعالى لأحد من الناس (إلا من اختصه) ، أي اللّه تعالى (بالمعرفة التامة به) سبحانه ، فيعلم ذلك العارف الذي اعتنى به الحق تعالى فعرف أنه تعالى قدر على الأشياء وألزمها في الأزل بعين ما هي ثابتة من أحوالها في علمه تعالى الأزلي حال عدمها الأصلي ، ثم إنه تعالى يوجد كل شيء منها في وقته المخصوص به في ثبوت عينه وحاله المخصوص كذلك .
فكأنه تعالى أوجد الأشياء بجميع ما هي عليه في أعيانها العدمية ، فقدر عليها وألزمها بما هي عليه .
وبسبب ذلك كان التوجه منه تعالى عليها من الأزل إلى الأبد ، فانصبغت بوجوده وهي على ما هي عليه من عدمها الأصلي ، فجاء التعريف الإلهي بقوله تعالى "كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ " [ القصص : 88 ]
وقوله: " كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ( 26 ) وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ" [الرحمن : 26 - 27 ] .
وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم : « كان اللّه ولا شيء معه وهو الآن على ما عليه كان »
وقوله صلى اللّه عليه وسلم : « أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد : ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل » ، فعرف من عرف وجهل من جهل . رواه البخاري ومسلم وغيرهما.
(فالعلم به )، أي بسر القدر الإلهي (يعطي الراحة) ، أي عدم التعب (الكلية) من حيث الظاهر والباطن (للعالم به) ، أي بسر القدر في بعض الأوقات لحال يقتضيه ، لأنه يرفع من العارف حكم الخوف والرجاء ويقتضي الإلزام بحال واحد لا يتغير فيه العبد مع اللّه تعالى ، لقطعه بما هو كائن لا محالة ، سواء علم عين ما يكون أو لم يعلم ، ولا يقبل العالم به الراحة الكلية إلا إذا كانت ثابتة في عينه العدمية ، فتظهر عليه في حالة إيجاده .
(ويعطي) أيضا ، أي العلم بسر القدر (العذاب الأليم للعالم به أيضا) في بعض الأوقات إذا كان ذلك ثابتا في عينه العدمية ، فيظهر منه كذلك في حالة وجوده بكمال الضجر والتألم أن يكون قد اقتضى ذلك ثبوت شر في عينه ، فيظهر في كونه وإن كان معصوما لعلمه بالعدل الإلهي ، حتى قيل إن إبراهيم الخليل عليه السلام كان يخفق قلبه في صدره حتى تسمع قعقعة عظامه من نحو ميل من شدة خوفه .
وكان نبينا صلى اللّه عليه وسلم يسمع لصدره أزير كأزير المرجل ، أي القدر على النار وهو من باب علمهم بسر القدر الإلهي في حال يقتضي منهم ذلك لثبوته في أعيانهم الأصلية .
(فهو) ، أي العلم بسر القدر (يعطي النقيضين) ، أي الراحة والتعب للعالم به على حسب الأحوال التي تعتريه بمقتضى العين الأصلية (وبه) ، أي بسبب سر القدر (وصف اللّه تعالى نفسه) في كلامه القديم على لسان نبيه عليه السلام (بالغضب) على أقوام بسبب أفعال صدرت منهم وأحوالهم التي هم عليها (وبالرضى) أيضا عن أقوام كذلك فكان ذلك بمقتضى ما عليه تلك الأقوام في أعيانهم العدمية من أحوال تلك الأعيان في الدنيا من المخالفات وفي الآخرة من المجازات بالثواب والعقاب وبه ، أي بسر القدر (تقابلت الأسماء الإلهية ) بأسماء الجلال وأسماء الجمال لتقابل أحوال الأعيان العدمية بما يقتضي ظهور الجلال لها من الحق تعالى ، أو ظهور الجمال منه سبحانه لها ، بل تعينت به جميع الأسماء الإلهية من الذات العلية ، وبه تسمى سبحانه وبه نعت وبه عرف وبه جهل .
)فحقيقته( ، أي سر القدر )تحكم( باعتبار أحوال الأعيان الثابتة في العدم عند تلك الأعيان )في الوجود المطلق( وهو الحق تعالى .
فتسميه بالأسماء وتنعته بالنعوت ، وتقابل بين حضراته وتنوّع أنواع تجلياته ، لا بالنسبة إلى ذلك الموجود المطلق في نفسه ، فإنه غني عن العالمين بحكم قوله سبحانه: “فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ “[ آل عمران : 97 ] .
أي بذاته من حيث هي ، وأما باعتبار المراتب ، فإنها ما تنوّعت وكثرت إلا باختلاف العالمين ، ولولا المراتب لم يكن البحث عن الذات الإلهية مفيدا ، فإنه لا يتصوّر أن يعلم أحد من هذا الوجه ولا يجهل أيضا وحقيقة سر القدر تحكم أيضا )في الموجود المقيد( وهو هذا العالم الحادث ، فكيف ما كان يظهر هذا الممكن على مقتضاه )ولا يمكن أن يكون شيء أتم( ، أي أكمل )منها( ، أي من حقيقة سر القدر أصلا.
)ولا أقوى( في التحكم )ولا أعظم في( الشأن )لعموم حكمها (، أي حكم حقيقة سر القدر )المتعدي( من تلك الأعيان العدمية إلى عين الوجود المطلق في تعين صفاته وأسمائه من ذاته العلية الغنية عما سواها عندها )وغير المتعدي( بل قاصر على تلك الأعيان في حال ظهورها .

)ولما كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها( الإلهية )إلا من الوحي الخاص( بجبريل عليه السلام وهو النبوي )الإلهي( احتراز عن وحي الإلهام فإنه عام في غير الأنبياء كوحي النحل والأرض.
فقلوبهم( ، أي الأنبياء عليهم السلام )ساذجة( ، أي بسيطة غير مركبة خالية )من النظر العقلي( فلا يستعملون عقولهم في العلوم الإلهية أصلا )لعلمهم( ، أي الأنبياء عليهم السلام قطعا )بقصور العقل من حيث نظره الفكري( لا الكشفي )عن إدراك الأمور( الغيبية الإلهية )على ما هي عليه( إلا إذا رفع له حجاب الغيب عنها فإنه يدركها حينئذ بقوّة شهوده وحسه .
)والأخبار أيضا( من الغير له  )يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق( من الحقائق الإلهية والمعارف الغيبية ، ولهذا كانت علوم الأنبياء عليهم السلام بالإخبار من طريق الوحي الخاص النبوي ، إنما هو علوم الرسالة من الأحكام المتعلقة بأحوال أممهم وقصص الماضين ، وأحوال المعاد وما في غيب الملكوت وخبايا الملك .

وأما ما يرجع إلى معرفة الحق تعالى فإن الأنبياء عليهم السلام نالوا ذلك من حيث ولايتهم ، واستعمال أذواقهم المؤيدة بالعصمة والحفظ ، لا من طريق الخبر ولا النظر العقلي .
وقد ورثتهم الأولياء في ذلك على تفاوت مقاماتهم )فلم يبق العلم الكامل( فيما لا ينال إلا بالذوق من علوم الأسماء الإلهية والنعوت الربانية والتجليات القدسية والحضرات الأنسية وغير ذلك )إلا في( حصول طريق )التجلي( ، أي الانكشاف )الإلهي( للعبد وإفادته العلم به منه )و (في أنواع ما )يكشفه الحق( تعالى لعباده الطاهرين من التعلق بالأكوان في ظواهرهم وبواطنهم )من أعين البصائر( القلبية )والأبصار( الحسية )من الأغطية( الوهمية التي هي مجرد قصور في الإدراك ، فيقوى الإدراك فيرى ما لم يكن يراه ، ويعرف ما لم يكن عارفا به من قبل .
)فتدرك( ، أي البصائر والأبصار عند ذلك جميع )الأمور( على ما هي عليه )قديمها( كالتعينات الاسمائية والنعوت الربانية .
)وحادثها( كمظاهر تلك التعينات والنعوت من الآثار الكونية )أو عدمها)،  كالأعيان الثابتة حال عدمها الأصلي بحسب ما قدر لعينه مما يدركه منها ووجودها كمعرفة تجليات الوجود المطلق وشهوده في مظاهر قيوده (ومحالها) .
وهي مراتب التنزيه لذلك الوجود المطلق بحسب ما يقتضيه الوهم والخيال (وواجبها) من تحقيق معرفة الوجود والثبوت (وجائزها) من تقلب الأعيان الكونيتين :
الوجود والعدم والحدوث والقدم (على ما هي) ، أي تلك الأمور (عليه في حقائقها) الموجودة والمعدومة (وأعيانها) الثابتة والمنفية .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
( فسّر القدر ) أي فعلم سرّ القدر (من أجل المعلوم ما يفهمه اللّه تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم به ) .

لعلمه إن كل الرزق الصوري والمعنوي الذي اقتضت ذاته وطلبته لا بد أن يصل إليه فيحصل الاطمئنان فيستريح عن الطلب به ( ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النقيضين ) لعلمه أن ما يلائم غرضه من مقتضى ذاته كالفقر وسوء المزاج وغير ذلك لا يزول البتة فلا يرى سببا للخلاص فيتألم بالعذاب الأليم وهذا حكم سر القدر في الخلق وأما حكمه في الحق فقد بينه بقوله ( وبه ) أي وبسر القدر أو بعلمه.
 ( وصف الحق نفسه بالغضب والرضاء وبه تقابلت الأسماء الإلهية ) وانقسمت إلى اللطف والقهر من جهة العين لأن العين المؤمنة تقتضي أن يتجلى اللّه بها باللطف والعين الكافرة تقتضي أن يتجلى اللّه لها بالقهر فأظهرت الأعيان اللطف والرضاء والقهر والغضب وإذا كان الأمر كذلك ( فحقيقته ) أي فحقيقة سرّ القدر أو حقيقة العلم بسرّ القدر.
( تحكم ) باللطف والرضاء وبالقهر والغضب ( في الموجود المطلق ) أي في الحق ( و ) تحكم بالسعادة والشقاوة أو بالراحة والألم في ( الموجود المقيد ) أي في الخلق ( لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ) أي من حقيقة سرّ القدر .
( ولا أقوى ) منها ( ولا أعظم لعموم حكمها ) باللطف والقهر ( المتعدي ) أي الحق ( و ) لعموم حكمها بالسعادة والشقاوة ( غير المتعدي ) أي الخلق قال بعض الشراح والمراد بالحكم المتعدي بالأحكام والتأثيرات التي تقع من الأعيان وغير المتعدي ما يقع من مظاهرها فيحتاج إلى حذف الموصوف تقديره الحكم المتعدي ( ولما كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم أجمعين لا تأخذ ) أي لا يأخذون ( علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي ) أي الوحي الخاص بهم لا يأخذ غير الأنبياء عليهم السلام من ذلك الوحي.
قوله ( فقلوبهم ) جواب لما ودخول الفاء لكونه جملة اسمية ( ساذجة ) خالية من العلوم التي تكسب ( من النظر العقلي لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه والإخبار أيضا ) كالعقل من حيث نظره الفكري.
( يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق ) فيختص بما يسعه العبارة والذوقيات لا تقبل التعبير ( فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما ) أي وفي الذي ( يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار قوله من الأغطية ) بيان لما ( فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ) .
ولا يكفي فيهن نظر العقل والإخبار فبالتجلي الإلهي والكشف يحصل العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه بخلاف النظر العقلي والإخبار فظهر احتياج أرباب العقول إلى أرباب التجلي في العلم ( فلما كان مطلب العزير ) وهو قوله :"أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها".
( على الطريقة الخاصة ) للَّه تعالى يدل عليه قوله بعد فطلب أن لا يكون له قدرة تتعلق بالمقدور.
وقوله : فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا فلا يجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي كما جوّزه البعض.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة . فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين . وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة . فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي . ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه . والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قلت: ظاهر كلامه رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك.
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى.
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.
فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.
أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.
وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم ، لا يفهمه الله إلَّا لمن اختصّه بالمعرفة التامّة ، فالعلم به يعطي الراحة الكلَّية للعالم به ، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ، فهو يعطي النقيضين ، وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرضا ، وبه تقابلت الأسماء الإلهية ) .
قال العبد : أمّا الراحة فلأنّ العالم بسرّ القدر يتحقّق أنّه لا يكون إلَّا ما أعطته عينه الثابتة أزلا ، والذي أعطته حقيقته أزلا لا يتخلَّف ولا يتغيّر ولا يتبدّل أبدا ، فيريح نفسه من طلب ما لا يدرك إلَّا ما علم أنّ إدراكه بالطلب أيضا في القدر .
قال العبد : ولمّا فتح الله لي في حقيقة سرّ القدر ورزقني التحقّق به ، رأيت في مبشّرة كأنّي في مسجد أو معبد مجموع في دائر حيطانه طاقات رفيعة مرفوعة ، فيها شموع مضيئة موضوعة ، فرأيت في طاقة منها كتابا متوسّط الحجم على قطع كبير أسود الجلد محكما قديما ، فأخذت الكتاب وفتحته باسم الله .
فإذا مكتوب عليه : « كتاب سرّ سرور النوم واليقظة »
فسررت بوجدانه ، وكأنّي كنت عمرا في طلبه ، فأخذته في حضني تحت صنعي ، حتى أطالعه بالتدبّر والتأمّل على الواجب ، ثمّ استيقظت .
فسررت بذلك ، ثمّ علمت أنّي أوتيت سرّ القدر ، وعلمت أنّي أسرّ بسرّ القدر في نومي الذي هو مدّة عمري في النشأة الدنياوية ، ويريحني الله عن طلب ما لم يقدّر لي ، ثمّ أسرّ به أيضا إن شاء الله العليم القدير الحكيم ، إذا استيقظت من هذا النوم عند لقاء الله الموعود المنتظر عند انقضاء الأجل المعلوم ، والحمد لله أوّلا وآخرا وباطنا وظاهرا .
وأمّا كون هذا السرّ يعطي العذاب الأليم فلأنّه يرى أعيانا على أكمل استعداد ، ويتأتّى لهم التحقّق بكل كمال وفضيلة في الدنيا والآخرة وفيما يتعلَّق بالله خاصّة ، وقد تحقّق أنّه ليس في استعداده الذاتي ومقتضى حقيقته الظهور بكلّ كمال إنساني إلهي دنيا وآخرة أو في إحداهما دون الأخرى وإن تيسّر البعض .
فيرى أنّه نقص في كمال العبدانية المظهرية ، فيتألَّم ويتحسّر ويتضجّر يتحيّر أيضا من القدر على عدم بلوغه إلى ما يبلغه غيره ، وأنّه ما ينال ذلك السعي والجهد ، فتتضاعف حسراته وآلامه بالقدر لذلك ، فلهذا معنى سرّ القدر من كونه يعطي العذاب الأليم .
والوجه الآخر في ذلك أنّه يؤمر بما يعلم أنّه ليس في استعداده الإتيان به ، كما سنذكره في الذوق المحمدي إن شاء الله تعالى .

وأمّا ترتّب الرضا والغضب الإلهيّين عليه فلأنّ الغضب يترتّب على الحكم العدمي الذي يفضي إلى عدم القابلية والاستعداد والأهلية والصلاحية لإتيان ما فيه سعادته وكماله .
فيتعيّن الغضب الإلهي بموجب ذلك .
وإذا كان مستعدّا لقبول الرحمة والفيض والعناية ، والإتيان بالأعمال والأخلاق والعلوم والأحوال المقتضية للسعادة في خصوص قابليته ، فيترتّب على ذلك ، الرضا من الله .

وأمّا تقابل الأسماء بسرّ القدر فلأنّ أعيانا معينة تقتضي بحقائقها واستعداداتها الذاتية تعيّن الوجود الحق فيها بحسب خصوصياتها الذاتية العينية ، على نحو أو أنحاء يتحقّق بتعيّنها وتسميتها للوجود الحق أسماء إلهية جمالية لطفية أو كمالية قهرية جلالية .
وأعيانا أخر كذلك تقتضي تعيّن الوجود في خصوصياتها بضدّ ما قبلت الأعيان الأولى ، فيظهر التقابل ، فإنّ زيدا - مثلا - تعيّن في مظهريته الاسم « اللطيف » وتعيّن في خصوص مظهرية عمرو القابل ، فتقابل الاسمان - بحسب خصوصيتيهما في قابليتيهما المتقابلتين بالمنافاة - متقابلين كذلك ، هكذا جميع الأسماء ، فتحقّق بذلك إن شاء الله تعالى .

قال رضي الله عنه : ( فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد ، لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أحكم ، لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي ) .
أمّا حكمها في الوجود المطلق - وهو الله تعالى - فإنّه يقتضي ويحكم أن يحكم الحق على كلّ عين عين بما في استعداده وقابليته وعلى قدره لا غير ، فلا يحكم الحق عليها إلَّا بما استدعت منه أن يحكم عليه بذلك ، فإنّه " لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها " كما ذكر مرارا .
وأمّا حكمه في الخلائق فكذلك ، لا يمكن لعين من الأعيان الخلقية ، أن يظهر في الوجود ذاتا وصفة ونعتا وخلقا وفعلا وغيرها إلَّا بقدر خصوصية قابليته واستعداده الذاتي ، كما ذكرته أيضا ، وهذا سرّ القدر .
وسرّ هذا السرّ : أنّ هذه الأعيان الثابتة أو حقائق الأشياء أو صور معلومياتها للحق أزلا أو ماهياتها أو هويّاتها بحسب الأذواق والمشاهد ليست أمورا خارجة عن الحق .
قد علمها أزلا وتعيّنت في علمه على ما هي عليه ، بل هي نسب ذاتية عينية للحق أو شؤون أو أسماء ذاتية وسمات عينية وحروف عينية ، فلا يمكن أن تتغيّر عن حقائقها .
فإنّها حقائق ذاتيات ، وذاتيات الحق لا تقبل الجعل والتغيّر والتبديل والمزيد والنقصان .
وإن شئت تفهّما فنضرب لك مثلا قريب المأخذ للعقل المنوّر المنصف المتّصف بالحقيّة من كون الواحد جامعا في حقيقته الأحدية الجمعية على النصفية والثلثية والربعية وغيرها من النسب ، فإنّها نسب ذاتية للواحد ، لا تقدح في أحديته .
وإن لم يكن لها بناه كثرة إذا أظهرها الواحد بالفعل لأعيانها ، ولكنّها - من كونها في الواحد عينه - لا تتعيّن بظهور ، ولا يتميّز بعضها عن بعض ، فافهم من هذا ذاك ، إن شاء الله .

قال رضي الله عنه : « ولمّا كانت الأنبياء لا يأخذون علومها إلَّا من الوحي الإلهي الخاصّ ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ، لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه .  والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلَّا بالذوق ، فلم يبق العلم الكامل إلَّا في التجلَّي الإلهي ، وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية ، فتدرك الأمور قديمها وحديثها ، ووجودها وعدمها ، ومحالها وواجبها وجائزها ، على ما هي عليها في حقائقها وأعيانها . )
وورد الجواب على صورة العتب ، وهو لوقوع السؤال منه على أمر يقتضي خلاف ما هو بصدده من الرسالة والأمر والنهي على صيغة الاستبعاد والاستعظام في مقام عظيم يصغر بالنسبة إليه كل عظيم .
فإن كان مطلبه هو سرّ القدر من كيفية تعلَّق القدرة بالمقدور من قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " من طريقة الوحي والإخبار المعهود عند الرسل ، فقد طلبه من الوجه الذي لا يعطى ، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتب الموهم عند من لا تحقّق له بحقائق المخاطبات الإلهية .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه : (فسر القدر من أجل العلوم ، وما يفهمه الله تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة ، فالعلم به يعطى الراحة الكلية للعالم به أيضا ، ويعطى العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطى النقيضين ،وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا وبه تقابلت الأسماء الإلهية)
 
أما إعطاء العلم بالقدر صاحبه الراحة الكلية فظاهر ، لأنه إذا علم يقينا أنه لا يحصل له إلا ما قدر له مما ثبت في عينه الثابتة أزلا .
ولا يمكن فيه الزيادة والتغير والتبدل استراح من تعب الطلب ، وإن قدر له الطلب أجمل في الطلب ولم يتعب ، كما قال عليه الصلاة والسلام « إن روح القدس نفث في روعي : إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها ، ألا فأجملوا في الطلب » .
لأنه يعلم أن جعل الطلب سببا للوصول لم يتخلف وصول المطلوب عنه ، وإن لم يجعل لم يصل إليه إن لم يكن من نصيبه ، فرضى بما رزق وأراح نفسه سيما إن رزق الحظ الأوفر :


.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:00 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :     الجزء الثاني
تابع شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الإمام علي رضي الله عنه في نهج البلاغة : " اعلموا علما يقينا أن الله لم يجعل للعبد وإن عظمت حيلته وقويت مكيدته ؟ واشتدت طلبته أكثر مما سمى له في الذكر الحكيم ، ولم يجعل بين العبد عند ضعفه وعدم حيلته دون ما سمى له في الذكر الحكيم ".
والعارف لهذا العامل به أعظم الناس راحة ، والتارك لهذا الشاك فيه أعظم الناس شغلا بما يضره .  ورب منعم عليه مستدرج بالنعمى، ورب مبتلى مصنوع له بالبلوى.
فزد إيها المستمع في شكرك، وقصر من عجلتك، وقف عند منتهى رزقك."أهـ
وأما عطاؤه العذاب الأليم فلأنه قد يؤمر بما يعلم أنه ليس في استعداده الإتيان به كما سيأتي في الرزق المحمدي ، وقد يرى أعيانا على أكمل استعداد لكل كمال وأوفر حظ في الدنيا والآخرة ، وقد تحقق أنه ليس في استعداده ذلك ولا يمكنه البلوغ إليه فيتألم ويتحسر لنقصان استعداده ، وعلى كل حال يكون أحسن حالا من المحجوب عن سر القدر وأقرب إلى الرضى .
وأما ترتب الرضى والغضب الإلهيين على حكم القدر فلأن الرضى يتبع الاستعداد الكامل المقتضى لقبول الرحمة والرأفة الموفق صاحبه للأعمال الجميلة والأخلاق الفاضلة والكمالات العلمية والعملية والأحوال الموجبة سعادة الدارين ، كما قيل : عنايته الأزلية كفايته الأبدية .
وأما الغضب فقد ترتب على نقصان الاستعداد وعدم القابلية للخير ، ولكمال السعادة والصلاحية لإتيان ما فيه نجاته ، وأهلية العلم والعمل النافع كما قيل في حق إبليس:
فلا سبيل إلى مرضاة ذي غضب  ....   من غير جرم ولا يدرى له سببا
وأما تقابل الأسماء الإلهية بحكم القدر فظاهر مما ذكر في الرضى والغضب ، فإن أعيانا مخصوصة مظاهر الاسم اللطيف والجميل والمنعم ونظائرها ، وأعيانا أخر مظاهر للقاهر والجليل والمنتقم وأمثالها ، وليس ذلك إلا مقتضى استعداد ذاتها الذاتية وحقائقها العينية.
 
قال رضي الله عنه :  ( فحقيقة تحكم في الموجود المطلق والموجود المقيد لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي ) .
المراد بالحقيقة سر القدر وحكمها في الموجود المطلق .
وفي بعض النسخ : في الوجود المطلق ، وهو الحق تعالى اقتضاؤها منه وسؤالها بلسان استعدادها أن يحكم على كل عين عين عند إيجادها بما في استعدادها وقابليتها أن يكون عليه وأن يحكم على كل أحد بما في وسعه .
""  أضاف بالي زادة : 
(لعموم حكمها) باللطف والقهر (المتعدي) أي الحق (و) لعموم حكمها بالسعادة والشقاوة ( غير المتعدي ) أي الخلق .
قال بعض الشراح : المراد بالحكم المتعدي الأحكام والتأثيرات التي تقع من الأعيان ، وغير المتعدي ما يقع في مظاهرها فيحتاج إلى حذف الموصوف بتقديره الحكم المتعدي.اهـ بالى
(لا ينال إلا بالذوق) فيختص بما تسعه العبارة، والذوقيات لا تقبل التعبير فلم تبق. اهـ بالي""
 
 كما قال تعالى : " لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَّا وُسْعَها " وحكمها في الموجود المقيد أن تكون الخلائق كلها على مقتضيات أعيانها لا يمكن لعين من الأعيان الخلقية أن تظهر في الوجود ذاتا وصفة ونعتا واسما وخلقا وفعلا إلا على حالها الثابتة في العدم .
وأما سر هذا السر أن هذه الحقائق والأعيان صور معلوماته الحق ليست زائدة على ذاته بل هي من تجلى ذاته في علمه بذاته بصور صفاته وشئونه الذاتية المقتضية للنسب الأسمائية .
فإن اعتبرت من حيث تعيناتها كانت صفات وشئونا ، وإن اعتبرت الذات المعينة بها كانت أسماء لأن الذات باعتبار كل تعين ونسبة اسم وهي من حروف الكلمات التي لا تتغير ولا تتبدل .
فإنه حقائق ذاتية للحق والذاتيات من صفات الحق لا تقبل الجعل والتغير والتبدل والزيادة والنقصان .
وإذا علمت أنها من تجليه الذاتي فلا وجود لها إلا في العلم ، وحكمها المتعدي تأثيراتها عند الوجود والظهور في الغيب ، ونسب بعضها إلى بعض بالفعل والانفعال والتعليم والتعلم والمحبة والعداوة وغير ذلك .
وغير المتعدي ما اختص بها من كمالاتها وخواصها وأخلاقها وصفاتها المختصة بها من الهيئة والشكل والعلم والجهل ،وكل ما لا يتعين بالغير.

قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت الأنبياء صلى الله عليهم وسلم لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه ، والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق ، فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي ، وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية ، فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ) .
 
النظر الفكري لا يبلغ إلا إلى أفق الوادي المقدس وهو الأفق المبين ، فكأنه باب الغيب ليقتنص منه المطلوب عليه فلا ينكشف المطلوب على صاحبه عيانا ، وكذلك الإخبار الإلهي بواسطة الملك ، ألا ترى إلى قوله:  "ولَقَدْ رَآه بِالأُفُقِ الْمُبِينِ . وما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ " ".
وأما أعيان العيان فلا يكون إلا بالكشف لذوي اللب الذين هم عرجوا إلى الأفق وجازوا إلى مقام " أَوْ أَدْنى " حيث " ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى " .
وهناك تنكشف عليهم الحقيقة بالتجلي فيروا الأعيان والحقائق على ما هي عليه ، و « ما » في ما يكشف الحق مصدرية أي في التجلي الإلهي ، وكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار بعض الأغطية التي عليها ، أو موصولة أي في التجلي الإلهي وفي الذي يكشفه الحق عن أعين
البصائر والأبصار من الأغطية فيكون من بيانا لما هو أقوى.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة ، فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ؛ فهو يعطي النّقيضين ، وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة ، فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم ، وما يفهّمه اللّه تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة ) ، وإذا كانت هذه المعرفة لوازمها ونتائجها كذلك ، ( فالعلم به يعطي الراحة الكلية ) عن تعب الطلب ( للعالم به ) إذا علم في بعض المطالب أنه لم يقدر وجوده ، فلا يفيد فيه الطلب ، ( ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ) إذا اطلع على أمر مهم لم يقدر وجوده ؛ ( فهو يعطي النقيضين ) ، وهذا لا يختص بعالم دون عالم ، بل يعم الكل حتى أنه لو لم يكن له الاتصاف بالراحة والعذاب اتصف بما يناسبها كالحق تعالى كما قال ، ( وبه وصف الحق نفسه بالغضب ) على أعيان تقتضي ستر جماله المحبوب لوقتها ، ( وبه تقابلت الأسماء ) ؛ لأن الأعيان لما اختلفت بذواتها لم تخل عن اقتضاء لأمور المسألة التي لكل منها من الأسماء ( الإلهية ) رب خاص .
وإذا علم أن القدر يفيد الرضا والغضب ، ويقابل الأسماء في الحق والراحة والألم في الخلق ، ( فحقيقته تحكم في الوجود المطلق ) الحق باختلاف التجليات ، وفي ( الموجود المقيد ) الخلق باختلاف الصفات والأحوال ؛ ولذلك ( لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ) إذ حقيقتها كأنها شاملة للحقائق كلها ، ( ولا أقوى ) لتأثيرها في تجليات الحق القديم والأعيان الثابتة في علمه الأزلي ، ( ولا أعظم العموم حكمها المتعدي ) من الأسماء الإلهية وسائر الأسباب ، ( وغير المتعدي ) من الأشياء سيما المسببات .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي ؛ فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه ، والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي ، وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ) .
ثم أشار إلى أن العلم به لا يحصل بطريق النظر ولا بطريق الوحي ، وساق الكلام إلى سبب وقوع العتب على عزير عليه السّلام في طلبه ؛ فقال : ( ولما كانت الأنبياء عليهم السّلام لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص ) ، وهو كشف عالم الملكوت له فتخاطبه الملائكة بإذن اللّه تعالى وقد يأخذون باعتبار ، ولا يتهم عما فوق ذلك من التجلي ( الإلهي ) ، ومن كشف الأغطية عن أعين البصائر والأبصار فيما لا يسعهم فيه ملك ، لكن لا يأخذون عما دونها من النظر العقلي.
واحترز بالخاص عن الإلهام ، كما أوحى إلى أم موسى عليه السّلام ، وبقوله الإلهي عن وحي الشياطين إلى أوليائهم من الزنادقة والفلاسفة ، ( فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ) ؛ لأنه مانع من كمال التصفية الواجبة في أنواع الكشف ، فتركوا قلوبهم ساذجة عنه .
قال رضي الله عنه ( لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه ) ؛ لأنه تنور منه غبار الشبهات وظلماتها .
ولذلك لا يكاد يرتفع اختلاف أرباب النظر ، فلابدّ لإدراك العقل لها من تصفية القلب ، إذ يكون لنظره كنوز الشمس ، فاقتصروا في تحصيل العلم بالوحي وبما فوقه ، ولكن ( الإخبار ) الحاصل بالوحي ( يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق ) المخصوص بالكشف الأعلى .
"" أضافة المحقق : الذوق يراد به أول مبادئ التجليات ، والشرب أوسطها ، والرّيّ نهايتها ، وهو الذوق الإيماني ، تشبيها له بالتذوق في المحسوسات ، فالأذواق التي يشير القوم إليها ، هي علوم لا تنال إلا لمن كان خالي القلب عن جميع العلائق والعوائق كلها ( انظر : التعريفات للجرجاني ص 12 ، ولطائف الإعلام ص ( 470 ) . ""
 
قال رضي الله عنه ( فلم يبق العلم الكامل ) المحصل للمعلوم في العالم بطريق الذوق ( إلا في التجلي الإلهي ) بشهوده بالروح أو القلب أو النفس عند تنورهما بنوره ، ( وما يكشف الحق عن أعين البصائر ) الباطنة ، ( والأبصار ) الظاهرة ( من الأعطية ) التي هي حجب المعقولات والمحسوسات .
( فتدرك ) البصائر والأبصار ( الأمور كلها قديمها وحديثها ) ، وإن لم يكن البصر يدرك القديم من قبل ( وعدمها ووجودها ) ، وإن لم يكن العدم مدركا للبصر والبصيرة ، ولا يختص هذا بالعدم الممكن إذ ( محالها ، وواجبها ، وجائزها ) ، وليس المراد الإدراك بوجه ما ، فإنه غير مشروط بالتجلي والكشف ، بل ( ما هي عليه في حقائقها ) أي : الماهيات المتحققة بإشراق نور الوجود عليها ( وأعيانها ) أي : الماهيات من حيث ثبوتها في العلم الأزلي حال عدمها في الخارج .
فعلم مما ذكرنا أن طريقة الكشف والتجلي عامة كطريق الوحي بخلاف طريقة النظر العقلي ، فإنها مخصوصة بإدراك بعض الأشياء دون بعض ، ومخصوصة بالمقدمات الخاصة ، ويقع الغلط كثيرا في رعاية مناسبها للمطالب وشرائطها .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسر القدر من أجل العلوم ، وما يفهمه الله إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة ). ظاهر .
قال رضي الله عنه :  ( فالعلم به يعطى الراحة الكلية للعالم به ، ويعطى العذاب الأليم للعالم به أيضا ، فهو يعطى النقيضين . ) .
 
أي ، العلم بسر القدر يعطى لصاحبه الراحة الكلية ، لأن العلم بأن الحق ما حكم عليه في القضاء السابق إلا بمقتضى ذاته ، ومقتضى الذات لا يمكن أن يختلف عنها بسبب ، به تحصل الاطمينان على أن كل كمال يقتضيه حقيقته وكل رزق صوري ومعنوي يطلبه عينه لا بد أن يصل إليه .
كما قال ، صلى الله عليه وسلم : " إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى يستكمل رزقها . ألا ، فأجملوا في الطلب " .
فيستريح عن تعب الطلب . وإن طلب أجمل في الطلب ، ولا يخاف من الفوات ، ولا ينتظر لعلمه بأن الله في كل حين يعطيه من خزائنه ما يناسب وقته ، فهو واجد دائما من مقصوده شيئا فشيئا ، وما لا يحصل له لا يراه من الغير ، فيحصل له الراحة العظيمة .
 
وكذلك يعطى العذاب الأليم . لأن صاحبه قد يكون مقتضى ذاته أمورا لا تلائم نفسه ، كالفقر
وسوء المزاج وقلة الاستعداد ، ويرى غيره في الغنى والصحة والاستعداد التام ، ولا يرى سببا للخلاص ، إذ مقتضى الذات لا يزول ، فيتألم بالعذاب الأليم .
 
فالعلم بسر القدر يعطى النقيضين : الراحة وعدمها ، والألم وعدمه وإطلاق النقيضين هنا مجاز ،لأن الراحة والألم ضدان ، وهما ليسا نقيضين .
ولما كان كل منهما يستلزم عدم الآخر ، أطلق اسم النقيضين عليها ، كأنه قال : الراحة وعدمها ،والألم وعدمه . وموضوعهما غير متحد أيضا.
 
قال رضي الله عنه : (وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا ، وبه تقابلت الأسماء الإلهية.)
أي ، وبسبب العلم بسر القدر وصف الحق نفسه بالغضب والرضا ، لأنه يعلم ذاته بذاته ويعلم ما تعطيه ذاته من النسب والكمالات المعبر عنها بالأسماء والصفات ، ومن جملة نسبه الرضا والغضب ، فالعلم بذاته أعطاه الرضا والغضب ، ولهاتين النسبتين انقسم الأسماء إلى .
( الجمال ) و ( الجلال ) ، ومن هذا الانقسام حصل الداران : الجنة والنار .
 
فصح أيضا أن العلم بالذات من حيث الرضا والغضب ، هو سبب تقابل الأسماء الإلهية .
هذا من جهة الذات وأسمائها .
وأما من جهة الأعيان ، فالعلم بها أيضا يعطى الحق الرضا والغضب ، لأن العين المؤمنة المطيعة لأمر الله تطلب من الله تعالى أن يتجلى لها بالرضا واللطف ، والعين الآبية الكافرة يطلب من الله أن يتجلى عليها بالغضب والقهر ، فأظهرت الأعيان أحكام نسبة الرضا والغضب ووجودهما بالفعل .
فتقابلت الأسماء الإلهية ، وانقسمت بالجمال والجلال ، لأن كل ما يتعلق بالرضا واللطف فهو الجمال ، وما يتعلق بالقهر والغضب فهو الجلال .

قال رضي الله عنه :  ( فحقيقته تحكم في الموجود المطلق والموجود المقيد ، لا يمكن أن يكون شئ أتم منها ولا أقوى ولا أعظم ، لعموم حكمها المتعدى وغير المتعدى ) .
أي ، فحقيقة العلم بسر القدر ، أو حقيقة سر القدر ، تحكم في الموجود المطلق .
 
وفي بعض النسخ : ( في الوجود المطلق ) . أي ، في الحق بإثبات الرضا والغضب له
والاتصاف بالأسماء الجمالية والجلالية .
وتحكم أيضا أن توجد كل عين بما يقتضى استعدادها ويقبل ذاتها ، ويحكم في الموجود المقيد بالسعادة والشقاوة ، وكونه مرضيا عند ربه أو مغضوبا عليه ، وأن يوجد بمقتضى عينه في الأخلاق والأفعال وجميع كمالاته .
فلا يمكن أن يكون شئ أتم من حقيقة سر القدر ، لأن حكمها عام : تحكم في الحق وأسمائه وصفاته كلها من حيث إنها تابعة للأعيان ، وتحكم في جميع الموجودات .
والمراد ب‍ ( الحكم المتعدى ) الأحكام والتأثيرات التي تقع من الأعيان في مظاهرها ، ويتعدى منها إلى غيرها بالفعل والانفعال .
وغير المتعدى ما يقع في مظاهرها فقط ، كالكمالات النفسانية من العلم والحكمة وغيرها .

قال رضي الله عنه :  ( ولما كانت الأنبياء ، صلوات الله عليهم ، لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ، لعلمهم بقصور العقل من حيث
نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه . والإخبار أيضا يقصر عن إدراك مالا ينال إلا بالذوق ، فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي ، وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية ، فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها . )
 
أي ، لما كانت علوم الأنبياء ، عليه السلام ، مأخوذة من الوحي ، كانت قلوبهم ساذجة مما يتعلق بالنظر العقلي ، لأنه طريق الانتقاش بالتعمل والكسب .
والأمر ، كما هو ، لا يتجلى إلا في القلب المجلو الفارع عن النقوش .
والإخبار لا يمكن إلا عما يمكن التعبير عنه ويسمع العبارة ، أما مالا يمكن ، كالوجدانيات والمدركات بالذوق ، فيقصر الإخبار أيضا عن إيضاحه ، فلا يحصل العلم التام به ، كمالا يحصل بطريق النظر العقلي .
 
فلم يبق أن يدرك الحقائق على ما هي عليه إلا في التجلي الإلهي ، ليشاهد تارة في العالم المثالي المقيد ، وأخرى في المطلق ، وأعلى منهما في عالم المجردات ، وأعلى من ذلك أيضا في عالم الأعيان ، فيحصل الاطلاع بحقائق الأمور ، قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها ، على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها .
فجواب ( لما ) قوله : ( فقلوبهم ) . و ( ما ) في ( وما يكشف ) مصدرية . أي ، فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي وكشف الحق .
 
و ( من ) في قوله : ( من الأغطية ) للبيان ، والمبين مقدر . وهو ما طرأ على أعين البصائر والأبصار ، فمنعها عن شهود الحقائق والأسرار .
ويجوز أن يكون ( ما ) بمعنى الذي ، و ( من الأغطية ) بيانا له . فمعناه : فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي وفيما يكشف الحق ، أي ، يرفعه الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية . وهذا أنسب .
 
وإنما قال : ( عن أعين البصائر والأبصار ) لأن الأغطية إذا ارتفعت ، يتحد النوران : نور البصيرة ونور البصر ، فيدرك بكل منهما ما يدرك بالآخر ، وكذلك يدرك بالسمع ما يدرك بالبصر وبالعكس . هذا أيضا من خصوصيات الكشف التام الذي هو فوق طور العقل .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة ، فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ؛ فهو يعطي النّقيضين ، وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة ، فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم ، وما يفهّمه اللّه تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة ) ، وإذا كانت هذه المعرفة لوازمها ونتائجها كذلك ، ( فالعلم به يعطي الراحة الكلية ) عن تعب الطلب ( للعالم به ) إذا علم في بعض المطالب أنه لم يقدر وجوده ، فلا يفيد فيه الطلب ، ( ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ) إذا اطلع على أمر مهم لم يقدر وجوده ؛ ( فهو يعطي النقيضين ) ، وهذا لا يختص بعالم دون عالم ، بل يعم الكل حتى أنه لو لم يكن له الاتصاف بالراحة والعذاب اتصف بما يناسبها كالحق تعالى كما قال ، ( وبه وصف الحق نفسه بالغضب ) على أعيان تقتضي ستر جماله المحبوب لوقتها ، ( وبه تقابلت الأسماء ) ؛ لأن الأعيان لما اختلفت بذواتها لم تخل عن اقتضاء لأمور المسألة التي لكل منها من الأسماء ( الإلهية ) رب خاص .
وإذا علم أن القدر يفيد الرضا والغضب ، ويقابل الأسماء في الحق والراحة والألم في الخلق ، ( فحقيقته تحكم في الوجود المطلق ) الحق باختلاف التجليات ، وفي ( الموجود المقيد ) الخلق باختلاف الصفات والأحوال ؛ ولذلك ( لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ) إذ حقيقتها كأنها شاملة للحقائق كلها ، ( ولا أقوى ) لتأثيرها في تجليات الحق القديم والأعيان الثابتة في علمه الأزلي ، ( ولا أعظم العموم حكمها المتعدي ) من الأسماء الإلهية وسائر الأسباب ، ( وغير المتعدي ) من الأشياء سيما المسببات .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي ؛ فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه ، والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي ، وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ) .
ثم أشار إلى أن العلم به لا يحصل بطريق النظر ولا بطريق الوحي ، وساق الكلام إلى سبب وقوع العتب على عزير عليه السّلام في طلبه ؛ فقال : ( ولما كانت الأنبياء عليهم السّلام لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص ) ، وهو كشف عالم الملكوت له فتخاطبه الملائكة بإذن اللّه تعالى وقد يأخذون باعتبار ، ولا يتهم عما فوق ذلك من التجلي ( الإلهي ) ، ومن كشف الأغطية عن أعين البصائر والأبصار فيما لا يسعهم فيه ملك ، لكن لا يأخذون عما دونها من النظر العقلي.
واحترز بالخاص عن الإلهام ، كما أوحى إلى أم موسى عليه السّلام ، وبقوله الإلهي عن وحي الشياطين إلى أوليائهم من الزنادقة والفلاسفة ، ( فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ) ؛ لأنه مانع من كمال التصفية الواجبة في أنواع الكشف ، فتركوا قلوبهم ساذجة عنه .
قال رضي الله عنه ( لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري عن إدراك الأمور على ما هي عليه ) ؛ لأنه تنور منه غبار الشبهات وظلماتها .
ولذلك لا يكاد يرتفع اختلاف أرباب النظر ، فلابدّ لإدراك العقل لها من تصفية القلب ، إذ يكون لنظره كنوز الشمس ، فاقتصروا في تحصيل العلم بالوحي وبما فوقه ، ولكن ( الإخبار ) الحاصل بالوحي ( يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق ) المخصوص بالكشف الأعلى .
"" أضافة المحقق : الذوق يراد به أول مبادئ التجليات ، والشرب أوسطها ، والرّيّ نهايتها ، وهو الذوق الإيماني ، تشبيها له بالتذوق في المحسوسات ، فالأذواق التي يشير القوم إليها ، هي علوم لا تنال إلا لمن كان خالي القلب عن جميع العلائق والعوائق كلها ( انظر : التعريفات للجرجاني ص 12 ، ولطائف الإعلام ص ( 470 ) . ""
 
قال رضي الله عنه ( فلم يبق العلم الكامل ) المحصل للمعلوم في العالم بطريق الذوق ( إلا في التجلي الإلهي ) بشهوده بالروح أو القلب أو النفس عند تنورهما بنوره ، ( وما يكشف الحق عن أعين البصائر ) الباطنة ، ( والأبصار ) الظاهرة ( من الأعطية ) التي هي حجب المعقولات والمحسوسات .
( فتدرك ) البصائر والأبصار ( الأمور كلها قديمها وحديثها ) ، وإن لم يكن البصر يدرك القديم من قبل ( وعدمها ووجودها ) ، وإن لم يكن العدم مدركا للبصر والبصيرة ، ولا يختص هذا بالعدم الممكن إذ ( محالها ، وواجبها ، وجائزها ) ، وليس المراد الإدراك بوجه ما ، فإنه غير مشروط بالتجلي والكشف ، بل ( ما هي عليه في حقائقها ) أي : الماهيات المتحققة بإشراق نور الوجود عليها ( وأعيانها ) أي : الماهيات من حيث ثبوتها في العلم الأزلي حال عدمها في الخارج .
فعلم مما ذكرنا أن طريقة الكشف والتجلي عامة كطريق الوحي بخلاف طريقة النظر العقلي ، فإنها مخصوصة بإدراك بعض الأشياء دون بعض ، ومخصوصة بالمقدمات الخاصة ، ويقع الغلط كثيرا في رعاية مناسبها للمطالب وشرائطها .
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:01 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :      الجزء الثالث
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه عن سرّ القدر :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم ) لأنّها من الخصائص الذاتيّة ( وما يفهّمه الله ) على وضوحه وظهوره ( إلَّا لمن اختصّه بالمعرفة التامّة ) التي للورثة الختميّة - وممّا يدل على أنّها من الخصائص الذاتيّة ما يلزمه من جمعيّة الأضداد وتعانق الأطراف - ( فالعلم به يعطي الراحة الكليّة للعالم به ) من سكونه عن طلب ما لم يطلب في أصله واستراحته عنه ( ويعطي العذاب الأليم أيضا للعالم به ) حيث يدرك أنّ قصوره في الرتبة من تقصيره في السؤال وقناعته بذلك القدر مع جوده الفائض بلا امتنان .
تعضّ ندامة كفّيك ممّا   ....  تركت مخافة المنع السؤالا
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو يعطى النقيضين ) كما هو مقتضى الهويّة المطلقة على ما سبق ، ( وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب وبالرضا ، وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة ) فعلم أن جمعيّة الأضداد التي هي من خصائص الهويّة المطلقة ، مما يلزم سرّ القدر.
وكفى به دلالة على جلالة قدره ، فله الإحاطة التامة التي لا يخرج عنها شيء في الوجود أصلا وإلى ذلك أشار بقوله : ( فحقيقته تحكم في الموجود المطلق ) باستتباع ما هي عليه في صورته العلميّة ، ( والموجود المقيّد ) بجريه على مقتضاها في سائر المراتب - إلهيّة كانت أو كيانيّة - ( لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ) حيطة ( ولا أقوى ) تأثيرا ( ولا أعظم ) قدرا ، ( لعموم حكمها المتعدّي ) منها - كالعلم والإرادة والمشيّة ، فإنّها حاكمة على الكلّ - ( وغير المتعدّي ) كما عليه الأعيان في مراتب ظهورها .
فلا حكم إلَّا تحت حكمها مندرج ، ولا حاكم إلا منقهر تحت سلطانها .
 
يا عين غيب الله يا نور الهدى   ....   يا نقطة الخط البديع الأقوم
يا معدن الأسرار يا كنز الغنى   ....   يا مشرق الأنوار للمتوسّم
يا فاتح الأمر العظيم وخاتم      ....  الخلق البديع ونكتة لم تفهم
اقرأ كتابك قد كفى بك شاهدا   ....        يهديك منك بعلم ما لم تعلم
 
قال رضي الله عنه :  ( ولمّا كانت الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين - لا يأخذ علومها إلَّا من الوحي الخاصّ الإلهي ، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي ، لعلمهم بقصور العقل ، من حيث نظره الفكري ) - دون ذوقه الذاتي – ( عن إدراكه الأمور على ما هي عليه ) .
هذا طريق النظر والاستدلال ، ( والإخبار أيضا ) من طريق النقل والإسناد ( يقصر عن إدراك ما لا ينال إلَّا بالذوق ) ، ضرورة أن فسحة أمر النقل وعلومه أضيق مجالا من الاستدلال ، كما هي لا يخفى .
( فلم يبق العلم الكامل ) الشامل للمعلومات كلَّها ( إلَّا في التجلَّي الإلهي ، وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية ) ، وهي الحجب الاعتقاديّة التقليديّة ، والرسوم المستحسنة العادية المانعة للبصر ، والبصيرة عما خلقا له من المرتبة الإدراكيّة - ف « من » لا سترة به أنّه بيان لـ « ما » وهي معطوفة موصلة ليست الَّا على التجلَّي  
قال رضي الله عنه :  (فتدرك الأمور - قديمها وحديثها ، وعدمها ووجودها ، ومحالها وواجبها وجائزها - على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ) .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .
فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا فهو يعطي النّقيضين .
وبه وصف الحقّ نفسه بالغضب والرّضا وبه تقابلت الأسماء الإلهيّة .
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيّد لا يمكن أن يكون شيء أتمّ منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدّي وغير المتعدّي .
ولمّا كانت الأنبياء صلوات اللّه عليهم لا تأخذ علومها إلّا من الوحي الخاصّ الإلهي فقلوبهم ساذجة من النّظر العقليّ لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ، عن إدراك الأمور على ما هي عليه .
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلّا بالذّوق فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسرّ القدر من أجلّ العلوم وما يفهّمه اللّه تعالى إلّا لمن اختصّه بالمعرفة التّامّة .   فالعلم به يعطي الرّاحة الكلّيّة للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا)
 
قال رضي الله عنه :  ( فسر القدر ) ، أي العلم به ( من أجل العلوم وما يفهمه اللّه سبحانه إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم به ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ) .
 
اعلم أن العلم بسر القدر على نوعين :
أحدهما : على سبيل الإجمال والكلية بأن يعلم أن الأحوال الجارية على الموجودات إنما هي مقتضيات أعيانهم الثابتة ، والحق سبحانه ما يحكم عليهم في القضاء السابق إلا بمقتضى ذواتهم ولمقتضى الذات لا يمكن أن يتخلف عنها .
والراحة الكلية في هذا النوع من العلم الخلاص عن الاعتراض على الخلق في ارتكابهم أسباب الشقاوة دنيا وآخرة ، واجتنابهم عن أسباب السعادة كذلك وعلى الحق تعالى بأنه لم لا يساعدهم على ما يسعدهم ولم لا يجنبهم عما يشقيهم .
وعن المبالغة في نهيهم عن المنكرات وزجرهم عن المحظورات وفي أمرهم بالمرضيات وحثهم على المأمورات ، والعذاب الأليم فيه أن يشاهد على نفسه أو على غيره أنواعا من الأسقام والآلاء والمصائب والمتاعب في الدنيا ووجوها من موجب العذاب والعقاب والنكال والوبال في الآخرة ، ولا يعلم أنه هل من مقتضيات أعيانهم الثابتة الخلاص عنها أم لا فيحترق ويتألم على ذلك شفقة على نفسه وغيره .
 
والنوع الثاني من العلم بسر القدر أن يكاشف العارف بما تقتضيه عينه أو عين غيره من الأحوال والأحكام على سبيل التفصيل ، فالراحة الكلية فيه سكون العارف عن طلب مالا تقتضيه عينه واستراحته عنه إذا كان مكاشفا بعينه ، وسكونه من حيث غيره الذي له شفقة بالنسبة على
ما ليس من مقتضيات عينه إذا كان مكاشفا بعين غيره ، والأمن من زوال ما حصل في الصورتين ، والعذاب الأليم تألمه حيث يدركه أن قصوره أو قصور غيره في تحصيل بعض الكلمات لعدم اقتضاء العين ويأسه عن تداركه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) ، أي سر القدر من حيث العلم به ( يعطى النقيضين ) كما هو مقتضى الهوية المطلقة وهما الراحة الكلية والعذاب الأليم ( وبه ) ، أي بسر القدر يعني الأعيان الثابتة .
( وصف الحق بالغضب والرضا ) ، فإنه إذا تجلى الحق سبحانه عليها وظهر آثار القهر والجلال فهو الغضب ، وإذا تجلى عليها وظهر آثار اللطف والجمال فهو الرضا .
( وبه تقابلت الأسماء الإلهية ) فالأسماء المتعلقة بالرضا جمالية وبالغضب جلالية ( فحقيقته تحكم في الوجود المطلق ) بإثبات الغضب والرضا له وتوصيفه بالصفات المتقابلة الجمالية والجلالية ( و ) في ( الوجود المقيد ) والسعادة والشقاوة وكونه مرضيا عند ربه أو مغضوبا عليه إلى غير ذلك ( لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ) حيطة ( ولا أقوى ) تأثيرا ( ولا أعظم قدرا لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي )
فقوله : المتعدي يحتمل أن يكون مجرورا صفة لحكمها ، أي لعموم حكمها المنقسم إلى قسمين ، أي المتعدي وغير المتعدي ، فالمتعدي ما يتجاوز عن مظهرها إلى الموجود المطلق والمقيد المغير لمظهرها ، وغير المتعدي ما يختص بمظرها وحينئذ يكون مفعول العموم محذوفا .
أي كل الموجودات ، وإن يكون مفعولا للعموم أي لعموم حكمها الحكم المتعدي وغير المتعدي ، والمعنى على قياس ما عرفت .
( ولما كانت الأنبياء صلوات للّه عليهم أجمعين لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي ) الذي هو الإخبار عن الحق سبحانه بواسطة أو غير واسطة ( فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي بعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري ) دون ذوقه الذاتي ( عن إدراك الأمور على ما هي عليه ) هذا طريق الفكر والاستدلال ( والإخبار أيضا ) ، وإن كان وحيا من قبل اللّه تعالى.
( يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق ) لتباين مدركيهما أو مدرك أحدهما السمع ومدرك الآخر الذوق
 
قال رضي الله عنه :  (فلم يبق العلم الكامل إلّا في التّجلّي الإلهي وما يكشف الحقّ عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلم يبق الكامل إلا في التجلي الإلهي ) ( و ) كشف ( ما يكشف ) بكشفه ( الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية ) ، فما في « ما يشكف » موصولة و « من الأغطية » بيان له ولا يتم المعنى إلا بتقدير مضاف كما ذكرنا أعني كشف ما يكشف ( فيدرك الأمور قديمها وحديثها وعدمها ووجودها ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها ولما كان مطلب العزير ) ، أي طلب معرفته القدر.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:02 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة : 259] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة: 259] .  وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ". فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259] . فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .

فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي . فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  (فلما كان مطلب العزير) عليه السلام تحصيل العلم عنده بكيفية إعادة بناء بيت المقدس ، وتعيين السبب والوقت والفاعل بوجه ، جزي ليكشف عن ذلك على الطريقة الخاصة النبوية الحاصلة بالوحي الجبرائيلي (لذلك) ، أي لأجل هذا السبب (وقع العتب) ، أي المعاتبة من اللّه تعالى عليه في ذلك كما ورد في الخبر الإلهي قال اللّه تعالى: "أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها" [ البقرة : 259 ] الآية .
حيث كان عند طريقة العلم الكامل المذكور (فلو) أنه عليه السلام (طلب الكشف) عن ذلك بالوجه (الذي ذكرناه) من طريق التجلي الإلهي بالذوق الوجداني من مقام ولايته (ربما كان لا يقع عليه عتب) من جهة الحق تعالى (في ذلك) السؤال الذي سأله .
قال رضي الله عنه :  (والدليل) عندنا (على سذاجة) ، أي عدم التركيب (قلبه) ، أي العزير عليه السلام كبقية الأنبياء عليهم السلام ، فإنهم يهملون النظر في الأمور من جهتهم عقلا وكشفا ، ويطلبون العلم بها من جهة ربهم بطريقهم النبوي الخاص قوله عليه السلام (في بعض الوجوه) ، أي الجهات التي أرادها حين مر على بيت المقدس ، وقد خربها بختنصر وقتل اليهود ("أَنَّى") أي كيف (" يُحْيِي هذِهِ")، أي القرية بمعنى البلدة بإعادة بنيانها وإرجاع أهلها يسكنون فيها ("اللَّهُ") سبحانه ("بَعْدَ مَوْتِها") [ البقرة  : 259 ].

أي خرابها وذهاب أهلها ، فإنه عليه السلام لولا سذاجة قلبه وعدم تكلفه وتصنعه في الأمور ما وقع منه السؤال عن ذلك ، مع كمال إيمانه بالقضاء والقدر ومعرفته بسعة قدرة اللّه تعالى عن أبلغ من ذلك ؛ ولهذا أجابه اللّه تعالى عن سؤاله ذلك بأن أماته مائة عام ، ثم بعثه وأراه العبرة في نفسه غيرة عليه أن يسأل عن مثل ذلك مع كمال مقامه ورفعة شأنه ، هذا عند طائفة من أهل طريق اللّه تعالى .
قال الغزالي رحمه اللّه تعالى : وانظر كيف تحمل لإخوة يوسف عليه السلام ما فعلوه بيوسف عليهم السلام ، ولم يتحمل للعزير عليه السلام كلمة واحدة سئل عنها في القدر (وأما عندنا) ، أي معشر المحققين من أهل اللّه تعالى.

قال رضي الله عنه :  (فصورته) ، أي العزيز (عليه السلام في قوله هذا) المذكور (كصورة إبراهيم) الخليل (عليه السلام في قوله) طالبا عين اليقين بعد علم اليقين (رب) ، أي رب ("أَرِنِي") ، أي اكشف لي معاينة (" كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ") [ البقرة : 260 ] .
ولهذا ذكرت قصة إبراهيم عليه السلام متصلة بقصة العزير عليه السلام حتى كأنها قصة واحدة ، ولما كان ابن زكريا عليه السلام في مقام معاينة ذلك من نفسه سماه اللّه تعالى يحيى ، ولم يجعل له من قبل سميا ، وكان يحيي دائما بالحياة الإلهية عن كشف وشهود ، قال تعالى: "يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا" [ مريم : 7 ] .

وقد ألبسه اللّه تعالى خلعة هذا الاسم الخاص به مثل خصوصية اسم اللّه به تعالى كما قال سبحانه "هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا "  [ مريم : 65 ] ، أي تعلم أحدا يسمي اللّه غيره تعالى ، فقد نال هذا المقام يحيى عليه السلام من غير طلب بل من باب الاختصاص والمنة .
وقد طلب العزير وإبراهيم عليهما السلام لينالاه من باب الكسب فوصل إليه العزير في نفسه وإبراهيم عليه السلام في الطيور الأربعة ، ولا بد فيه من شهود مثال يظهر فيه ، ولهذا قتل يحيى عليه السلام وقطع رأسه ليتحقق في مثال نفسه على وجه الشهادة ، فإن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون .
ولما كان له هذا المقام لا من باب الكسب فكان هو المطلوب له لا الطالب وهو مستمر له ، لأنه يحيي بصيغة المضارع الشامل للحال والاستقبال كان هو الذي يذبح الموت في صورة كبش يوم القيامة بين الجنة والنار بعد عرضه على أهل الجنة وأهل النار كما ورد في الخبر الصحيح ، وسيأتي في الحكمة اليحيوية مشرب غير هذا من حضرة أخرى إلهية .

قال رضي الله عنه :  (ويقتضي ذلك) ، أي قوله في سؤاله: "رَبِّ أَرِنِي " إلى آخره (الجواب) عن السؤال بالفعل لا بالقول ، فإن القول يوصل إلى علم اليقين وهو موجود فيه عليه السلام ، ولا يوصل إلى عين اليقين ، لا الفعل الذي ( أظهره الحق) تعالى (فيه) ، أي في العزير عليه السلام (في قوله) تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عام " ٍليرى ما سأل عنه ويعاينه ("ثُمَّ بَعَثَهُ") .
أي أحياه اللّه تعالى (فقال له) سبحانه بأن أوحى إليه بذلك : "قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ  (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ")، أي عظام حمار("كَيْفَ نُنْشِزُها")، أي نرفعها ونضم بعضها إلى بعض ("ثُمَّ نَكْسُوها")، أي تلك العظام بأن ننبت لها منها عليها ("لَحْماً") كما كانت من قبل (فعاين كيف تنبت الأجسام) والعظام (معاينة تحقيق) فلما تبين له قال: "أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" [ البقرة : 259 ] .
أي أنا أعلم علم يقين من قبل بذلك والآن عاينته عين اليقين (فأراه) الحق تعالى (الكيفية) ، أي كيفية الإحياء للموتى .

قال رضي الله عنه :  (فسأل) ، أي عزير عليه السلام بما وقع منه مما ذكر (عن) سر (القدر) الإلهي (الذي لا يدرك) من طريق الأنبياء والأخبار (إلا بالكشف) الذوقي (للأشياء) المحسوسة والمعقولة والموهومة (في حال ثبوتها في عدمها) الأصلي من غير وجود لها (فما أعطي) ، أي ما أعطاه اللّه تعالى ذلك وإنما أماته عام فأرجع نفسه إلى عينها الثابتة في عدمها الأصلي ، ثم أعادها كما كانت فذاقت كيفية ذلك ولم تكشف عن عينها الثابتة في العدم كيف هي وكيف أحوالها فإن ذلك الكشف المذكور (من خصائص الاطلاع الإلهي) بالعلم القديم (فمن المحال) عقلا وشرعا (أن يعلمه) ، أي ذلك الكشف عن الأعيان الثابتة على ما هي عليه كلها (إلا هو) سبحانه .

قال رضي الله عنه :  (فإنها) أي تلك الأشياء الثابتة والأعيان العدمية الممكنة (هي المفاتيح الأول أعني مفاتيح الغيب) وهو الوجود الذاتي المطلق .
كما قال تعالى "الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ" [ البقرة : 3 ] ، أي باللّه تعالى الغائب عنهم ، لأن الوجود المطلق القديم فلا ينفتح فيظهر إلا بالمفاتيح المذكورة (التي لا يعلمها) كلها إلا (هو) تعالى بحكم قوله سبحانه "وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ" [ الأنعام : 59 ] .
وقد يطلع اللّه تعالى بطريق الكشف من يشاء من عباده الأنبياء والأولياء بالورثة عن الأنبياء على بعض الأمور من ذلك السر الذي للقدر الإلهي في بعض الأحوال دون بعض ولا يعلم ذلك على التفصيل إلا اللّه تعالى .
قال تعالى :"عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً ( 26 ) إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ" [ الجن : 72 ] الآية .
وقال تعالى : "وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ" [ البقرة : 255 ] .
 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

( لذلك ) أي لكون مطلب العزير على الطريقة الخاصة للَّه تعالى ( وقع العتب عليه ) جواب لما لذلك يتعلق بوقع ( كما ورد ) ذلك العتب ( في الخبر) وهو لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة.

( ولو طلب ) العزير بهذا المطلب ( الكشف الذي ذكرناه ) الذي طريق الأنبياء والأولياء ( ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك ) الطلب كما كان إبراهيم عليه السلام فإن مطلبه أمر ممكن حصوله للإنسان .
لذلك لم يقع عليه عتب الحق على العزير علم أن ما طلبه من الخصائص الإلهية .
( والدليل على سذاجة قلبه قوله عز وجل في بعض الوجوه :أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها) حيث لم يعلم وقوع العتب عليه بهذا السؤال قوله في بعض الوجوه إشارة إلى اختلاف المفسرين في تفسير هذه الآية.
فإن منهم من قال : قائل هذا الكلام العزير وهو ما اختاره الشيخ وقيل : أرميا وقيل : الخضر وقيل : كان علجا كافرا هذا المعنى الذي ذكر في مطلب العزير وهو وقوع العتب عليه في مطلبه الذي على الطريقة الخاصة على أخذ البعض لا مطلقا يدل عليه قوله : ( وأما عندنا فصورته في قوله هذا ) أي فيأَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها ( كصورة إبراهيم عليه السلام في قوله :أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى ويقتضي ذلك ) أي وتقتضي صورة سؤال العزير .

( الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه ) أي في نفس العزير (في قوله فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فقال له : انظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ) كما أراها إبراهيم عليه السلام فلا فرق في المطلب بالنظر إلى الآية وإنما كانت التفرقة في الطلب بين إبراهيم وعزير عليهما السلام من أمر خارج وهو العتب .

( فسأل ) هذا استئناف لما تقدم من قوله : فلما كان مطلب العزير أي فتعين أن سأله ( عن القدر الذي لا يدركه إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطى ) الحق ( ذلك ) السؤال بل ردّه وأعطى ما يمكن في حقه وأنفع في نفسه فأراه الكيفية كما أجاب لمن سأل عن الأهلة فقال : قل هي مواقيت للناس والحج فأعطى الاطلاع على غير الطريقة الخاصة التي طلبها فلا يذوق كيفية الإحياء بل يشاهدها .

( فإن ذلك ) أي الاطلاع بسرّ القدر ذوقا ( من خصائص الاطلاع الإلهي فمن المحال أن يعلمه ) أي أن يعلم سر القدر ذوقا ( إلا هو ) وإنما لم يعلم سرّ القدر على هذه الطريقة الخاصة إلا اللّه ( فإنها ) أي فإن الأعيان الثابتة .
( المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا هو وقد يطلع اللّه من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك ) الغيب كما قال تعالى "عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ " كمحمد عليه السلام في انشقاق القمر .
وعيسى عليه السلام في إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك . والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ". فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]. فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة . فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي . فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )


قلت: ظاهر كلامه رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك. 
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى. 
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.
فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.
أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.
وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )


قال رضي الله عنه :  ( فلمّا كان مطلب العزير عليه السّلام على الطريقة الخاصّة لذلك ، وقع العتب عليه ، كما ورد الخبر . فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما ما كان يقع عليه عتب في ذلك ، والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " ) .
وورد الجواب على صورة العتب ، وهو لوقوع السؤال منه على أمر يقتضي خلاف ما هو بصدده من الرسالة والأمر والنهي على صيغة الاستبعاد والاستعظام في مقام عظيم يصغر بالنسبة إليه كل عظيم .
فإن كان مطلبه هو سرّ القدر من كيفية تعلَّق القدرة بالمقدور من قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " من طريقة الوحي والإخبار المعهود عند الرسل ، فقد طلبه من الوجه الذي لا يعطى ، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتب الموهم عند من لا تحقّق له بحقائق المخاطبات الإلهية .

قال رضي الله عنه : ( وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كقول إبراهيم عليه السّلام في قوله : " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " ويقتضي ذلك ، الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله : " فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه ُ " . فقال له : " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " ، فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية . فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلَّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطي ذلك ، فإنّ ذلك من خصائص الاطَّلاع الإلهي ، فمن المحال أن يعلمه إلَّا هو ، وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )
 

قال العبد : علَّل رضي الله عنه نفي العلم بتعلَّق القدرة بالمقدور ذوقا عن غير الحق ، وأثبته لله خاصّة بقوله : « إذ له الوجود المطلق » لأنّ الوجود المطلق الحقيقيّ لا يتقيّد بعين دون عين ، ولا تحقّق دون خلق ، ولا تعيّن دون حقّ ، فإنّه في الحق المطلق عينه مطلقا كذلك .
وفي الحقائق الغيبية العينية العلمية عينها ، وفي الإله عينه ، فهو القدير الذي تتعلَّق قدرته بالمقدورات وعين المقدورات المقدّرة بالفعل والانفعال والتأثير والتأثّر الذاتي من نفسه لنفسه في نفسه ، فلا بدّ أن يختصّ به ذوقا .
ولا قدم لعين معيّن من الأعيان في ذلك ذوقا ، فقد تعلَّقت الحقيقة التي سمّيت قدرة في الإلهية - وهي الفعل الذاتي والتأثير في الذات - بجميع المقدورات .
حيث لم يوجد عين من الأعيان ، فانفعلت المقدورات بالذات والاستعداد الذاتي ، وكان الحق هو عين كل مقدور وقدرها ، فوقع الفعل والانفعال والتأثير والتأثّر بين فاعل هو عين المنفعل ، وعين الأثر والقدر ، فإن لم يكن وجودا مطلقا يعمّ ويستغرق القادر والقدرة والمقدور والفعل والفاعل والانفعال والمنفعل ، لم يعلم هذا السرّ ذوقا ، فهو مخصوص بالحق أي الوجود المطلق دون الخلق .

وأيضا : إذا كان الوجود مقيّدا بعين ، فلو فرضنا اطَّلاع ذلك العين ذوقا بتعلَّق القدرة بها من حيث قدرها ، وكون الحق عينها ، فليس لها أن يطَّلع على تعلَّق القدرة المطلقة بمقدور آخر ذوقا ، لتقيّد الوجود بها بحسب قدرها ، ثمّ تعلَّق القدرة المطلقة من القدير المطلق تعلَّق مطلق ليس لمقيّد فيه ذوق ولا قدم إلَّا من انطلق من قيوده ، وانحلّ عن عقد عقوده ، فلم يحضر الأمر في معهوده ومشهوده من ختوم الكمّل وكمّل الختوم .
صلوات الله الكاملات ، والتحيّات الفاضلات ، والتجلَّيات الشاملات عليهم .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [البقرة: 259].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه : (فلما كان مطلب العزيز عليه السلام على الطريقة الخاصة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ، فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما ما كان يقع عليه عتب في ذلك ، والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها" ) .

 الطريقة الخاصة طريقة الوحي الإلهي المختصة بالأنبياء ، ولذلك وقع العتب أي ورد الجواب على طريقة العتاب ، لما ورد في الخبر : "لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة "
لأن السؤال منه كان على خلاف مقتضى مقام الرسالة من الأمر والنهى لوقوعه على صيغة الاستبعاد والاستعظام لقدرة الله ، وكان حق مقامه أن يستصغر في جنب قدرة الله كل عظيم ، لأن كل مستبعد ومستعظم عقلا وعرفا فإنه في جنب قدرة الله سهل يسير وأمر حقير ، فإن كان مطلبه في قوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها " الاطلاع على سر القدر وكيفية تعلق القدرة بالمقدور من طريقة الوحي والإخبار المعهود عند الرسل .

""  أضاف بالي زادة :  (فلما كان مطلب العزيز ) وهو قوله "أَنَّى يُحْيِي هذِه الله بَعْدَ مَوْتِها " - ( على الطريقة الخاصة ) لله تعالى ، يدل عليه قوله بعده فطلب أن يكون له قدرة تتعلق بالمقدور ، وقوله فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فلا يجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي كما جوزه البعض .
( لذلك ) أي لكون مطلبه على الطريقة الخاصة لله تعالى ( وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ) وهو « لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة » ( ولو طلب ) بهذا المطلب ( الكشف الذي ذكرناه ) الذي طريق الأنبياء والأولياء .
( ربما كان لا يقع عليه عتب ) في ذلك الطلب كما كان إبراهيم عليه السلام فإن مطلبه أمر ممكن حصوله للإنسان لذلك لم يقع عليه عتب ، فلما عتب الحق على العزيز علم أن مطلبه من الخصائص الإلهية .اهـ بالى"" .

فقد طلبه على الوجه الذي لا ينبغي فلا يعطى ، فلا جرم ورد الجواب على صورة العتاب لأن السؤال سؤال من لا تحقق له بحقائق المخاطبات الإلهية ، فلو طلب الكشف الذي هو طريق علمه فربما لم يقع عليه عتب في ذلك .
والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه " أَنَّى يُحْيِي هذِه الله " أي من حيث أنه طلب الاطلاع من طريق الوحي على وجه الاستبعاد والاستعظام ، فإما أن يكون مطلبه من طريق الكشف والتجلي على وجه الشهود للطمأنينة فلا دليل فيه على سذاجة قلبه وعدمها ولا عتب .
وكان أنى  للتعجب كقول زكريا لمريم " أَنَّى لَكِ هذا " وإن كان من طريق العقل والنظر فلا سذاجة في استحقاق العتب .
هذا إذا كان المراد من الطريق الخاصة طريقة النبوة الخاصة به ، ويجوز أن يكون المراد بها الطريقة الخاصة باللَّه ، أي الاطلاع على القدر ذوقا ، المشار إليه في قوله : فسأل عن القدر ، إلى قوله : فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، وحينئذ يكون المراد من بعض طلب شهود تعلق القدرة بالمقدور ذوقا كما ذكر الشيخ واستدل عليه بالعتب .
لكنه لا يليق ذلك بمنصب النبوة ، فإن جهل ذلك لا يليق بعلماء الأمم فضلا عن الأنبياء.
قال رضي الله عنه :  ( وأما عندنا فصورته عليه الصلاة والسلام في قوله هذا كصورة إبراهيم في قوله تعالى : "أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " . ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله: " فَأَماتَه الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه " فقال له : " وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً".  فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ، فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطى ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي فمن المحال أن يعلمه إلا هو . فإنها المفاتيح الأول أعنى مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، وقد يطلع الله من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك )
يعنى أن قوله :  "أَنَّى يُحْيِي هذِه" عند أهل الحق طلب المعاينة للطمأنينة كسؤال إبراهيم ، فكان حق الجواب أن يريه عيانا وهو الإجابة بالفعل.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:03 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :     الجزء الثاني
تابع شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
ولما كان الاطلاع على سر القدر والشهود لحقائق الأعيان وأحوالها كلها حال ثبوتها مما ليس لعين معين فيه قدم لأن ذلك من حقائق الحضرة الإلهية إذ لا يسع العين المقيد الاطلاع المطلق أراه في عينه بإماتته مائة عام ثم بعثه .
وقوله : "وانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ " حتى عاين كيفية الإحياء وتعلق القدرة بالمقدور معاينة تحقيق ولم يعطه ما دل عليه سؤاله من الاطلاع على تعلق القدرة بإحياء أهل القرية كلها ذوقا .

""  أضاف الجامي بالي زادة : 
(فأراه الكيفية ) كما أراها إبراهيم فلا فرق في المطلب بالنظر إلى الآية ، وإنما كانت التفرقة في المطلب بين إبراهيم وعزيز من أمر خارج وهو العتب ، بل طلب عليه الصلاة والسلام أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ، ليكون في ذلك صاحب شهود لا صاحب نظر واستدلال ، ولا أهل خبر واستخبار.اهـ جامى .
( فما أعطى ذلك ) بل رده وأعطى ما يمكن في حقه وأنفع في نفسه ، فأراه الكيفية كما أجاب لمن سأل عن الأهلة فقال : " قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ " فأعطى الاطلاع على غير الطريقة الخاصة المطلوبة فلا يذوق كيفية الإحياء بل يشاهدها اهـ بالي.
( على بعض الأمور من ذلك ) الغيب كما قال تعالى :" عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِه أَحَداً إِلَّا من ارْتَضى من رَسُولٍ "  كمحمد عليه الصلاة والسلام في انشقاق القمر ، وعيسى في إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص اهـ بالى .""

فإن ذلك إنما يكون بالاطلاع على أعيانهم وأحوالها وهو القدر الذي استأثر الله بعلمه ، فإن حقائق الأعيان مفاتيح الغيب الأول لأنها حقائق الأسماء الذاتية ، إذ الذات مع كل عين اسم إلهي هو مفتاح خزانة الغيب الذي فيها ، وتلك المفاتيح إنما هي بيد الله إذا اطلع عين واحدة على الأعيان الأخرى وإلا لم تكن مقيدة ، لكن قد يطلع من يشاء من عباده على بعض ذلك إلا عين الكامل الخاتم ، فإنه مطلق عن القيود أو أحدى الشاهد والمشهود .
فالأعيان كلها في عينه والأسماء جميعا مندرجة في اسمه الذي هو الاسم الأعظم ، وقوله فسأل ليس عطفا على فأراه عطف الفعل على الفعل .
فإن السؤال ليس بمرتب على الإرادة ولم يعقبها بل هو من باب عطف قصة على قصة بعد تمام القصة الأولى باستثناف هو كالتعليل لما قبله كما في قصة البقرة وعطف أولها على آخرها بقوله  : " وإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً "  فكأنه لما بين كيف إجابة الفعل .
قال : فكان سؤاله عن القدر فلم يعطه ما سأل لكونه محالا بالنسبة إليه ، لامتناع إحاطة المقيد بالمطلق فأراه في عينه .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [البقرة: 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )


قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب " العزير " على الطريقة الخاصة ، لذلك وقع العتب عليه ، كما ورد في الخبر . ولو طلب الكشف الذي ذكرناه ، ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك .)
المراد ب‍ ( الطريقة الخاصة ) طريق الذوق . وهو الاتصاف هنا بصفة القدرة على الإحياء ذوقا . وإنما وقع العتب عليه ، لأنها من الخصائص الإلهية ويدل عليه .
ما ذكره من بعد ، وطلب أن يكون له قدرة يتعلق بالمقدور .
ويجوز أن يكون المراد بها طريق الوحي . لكن الأول أولى ، إذ لا تعتب على ما يطلبه نبي بالوحي .
إلا أن يقال العتب مترتب على الطلب على سبيل التعجب والاستغراب بالنسبة إلى القدرة العظيمة الإلهية . وذلك عين سوء الأدب مع الله .
أي ، لما كان طلب العزير الاطلاع على سر القدر ذوقا واتصافا بالقدرة ، أو بطريق الوحي - إذ هو الطريقة الخاصة بالأنبياء لكونهم يحترزون عن النظر بالعقل في الأمور الإلهية خصوصا في مثل هذا المقام مع الاستغراب والتعجب - وقع العتب عليه .

كما ورد في الخبر من أنه قيل له : ( لئن لم تنته يا عزير ، لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) .
لأن مثل هذا السؤال لا يليق بمن تحقق بالحقائق الإلهية وعلم طريقها .
وكان الواجب أن يستصغر كل عظيم بالنسبة إلى قدرته تعالى .
فمن سذاجة قلبه سأل ما سأل على الطريقة الخاصة حتى وقع في معرض العتب .
ولو كان على طريق الكشف لحصول الاطمينان ، لا على طريق التعجب والاستغراب ، لما وقع عليه العتب .
كما لم يقع على إبراهيم إذ قال : ( رب أرني كيف تحيى الموتى . قال . . . ) - الآية .
وهذا المعنى بلسان أهل الظاهر ، لذلك قال فيما بعد : ( وأما عندنا ) إلى آخره

قال رضي الله عنه :  ( والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها " . ) أي ، والدليل على سذاجة قلبه قوله : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها" .
وإنما قال : ( في بعض الوجوه ) فإن أصحاب التفاسير اختلفوا في أن المار على القرية الخاوية القائل بهذا الكلام من كان ؟
فمنهم من قال إنه عزير ، عليه السلام . وهو قول ( قتادة ) . وقال ( وهب ) : هو ( إرميا ) . وقيل ( الخضر ) وقال ( الحسن ) : ( كان علجا كافرا مر على قرية ، وكان على حمار ، ومعه سلة تبن ) . وقيل : تين وعنب . والله أعلم .
فمعناه : الدليل على سذاجة قلبه هذا القول في بعض الوجوه المذكورة .

قال رضي الله عنه :  ( وأما عندنا فصورته ، عليه السلام ، في قوله هذا كصورة إبراهيم : "أرني كيف تحيى الموتى" . ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله : ( فأماته الله مائة عام ثم بعثه فقال له وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما  . فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية . )
أي ، وأما عند أهل الكشف ، فصورة قوله ، عليه السلام ، من حيث المعنى كصورة قول إبراهيم ، عليه السلام : " رب أرني كيف تحيي الموتى . قال : أو لم تؤمن ؟ " أي ، ليس قوله : " أنى يحيى هذه الله بعد موتها " بمعنى الاستبعاد والتعجب .
فإن المتحقق بمقام النبوة والولاية لا يستبعد من الله القادر الموجد المحيي المميت أن يعيد الأموات ويوجدهم مرة أخرى .
بل المؤمن بالأنبياء ، الكامل في إيمانه ، لا يستبعد ذلك ، فإنه يقدح في إيمانه ، فكيف يتصور من النبي قد وإنما هو شأن المحجوبين بالعادة عن القدرة الإلهية .
بل بمعنى كيف : فإنه ، عليه السلام ، يطلب أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ، ليكون في ذلك صاحب شهود ، ويقتضي ذلك ، أي السؤال ، الجواب بالفعل ، فأجابه بإماتته وإعادته ثانيا ، فيشاهد كيف تنبت الأجسام ، شهودا محققا .
وفي قوله : " كيف تنبت " إشارة إلى ما ذكره في الفتوحات ، في الباب الرابع والستين ، من أن أجسام الأموات تنبت من " عجب الذنب " .
والظاهر أن المراد بالأجزاء الأصلية التي لم تتفتت  .

قال رضي الله عنه :  ( فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها  ، فما أعطى ذلك ، فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي . )
( فسأل ) ليس عطفا على قوله : ( فأراه ) إذ السؤال لم يكن بعد الإراءة ، بل قبلها . فهو استيناف .
ومعناه : أنه سأل الله أن يطلعه على سر القدر الذي هو العلم بالأعيان حال ثبوتها في
عدمها ، وبكيفية تعلق القدرة بالمقدور . فما أعطى ذلك . فإنه مخصوص بالله ولمن أراد أن يطلعه .

كما قال رضي الله عنه  : ( ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء ) . بل أراه كيفية الإحياء في نفسه ، وما أراه الأعيان لا عين نفسه ولا عين غيره من أهل القرية ، وما اطلعه على كيفية تعلق القدرة بالمقدور اطلاعا على سبيل الذوق ، لأنه لا يكون إلا لصاحب القدرة بالإيجاد ، فهو من خصائص الاطلاع الإلهي .
ولا يلزم من شهود كيفية الإحياء الاطلاع بعين نفسه التي هي الثابتة في علم الله تعالى ، ولا الاطلاع بكيفية تعلق القدرة بالمقدور على سبيل الذوق . وما يذكر بعد يدل على ما ذكرناه .
( فمن المحال أن يعلمه إلا هو ، فإنها ) أي ، الأعيان .
قال رضي الله عنه : ( المفاتيح الأول ، أعني ، مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، ) كما قال تعالى : ( وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ) .
واعلم ، أن الأعيان هي المفاتيح الأول بالنسبة إلى الشهادة ، لا مطلقا ، فإن الأسماء الذاتية المقتضية للأعيان هي المفاتيح الأول مطلقا ، لأنها مفاتيح الأعيان وأربابها أيضا
قال رضي الله عنه : ( وقد يطلع الله من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )
كما قال : ( ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء ) .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

 
قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك ، والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه : " أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" [ البقرة : 259]

وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله :"رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى"[البقرة : 260 ] ، ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى :فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ؛فقال له :"وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً"[ البقرة : 259 ] ؛ فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة ، فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك ، فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي ، فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك ) .

قال رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب عزير ) معرفة سر القدر في إحياء الموتى ( على الطريقة الخاصة ) عن طريقة النظر ؛ ( لذلك وقع العتب عليه ، كما ورد في الخبر ) : " أنه لم يزل يسأل عن القدر ، فزجر فلم ينزجر ، فمحي عن النبوة " ، ومعناه أنه لم يجب ، وقطع عليه الوحي ، وإلا فالأنبياء معصومون عن الانعزال بالإجماع ؛ فلهذا عبّر الشيخ رضي اللّه عنه بالعتب ، وليس المراد به قوله تعالى فيما أوحى اللّه : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة » ، فإنه بالوحي إليه ولا قطع للنبوة معه ، بل هو عناية في حقّه عليه السّلام لا عتاب على ما يأتي بيانه ، ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ) أي : الكشف عن أعين البصائر والأبصار .

قال رضي الله عنه :  ( ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك ) ؛ لأنه أعلى من الوحي الذي كان يأخذ منه بنبوته ؛ لأن ولايته أعلى من نبوته ، وإن كانت ليس ولاية من ليس بنبي أعلى من نبوة نبي ، ولا كشفه أعلى من الوحي على ما يأتي في كلام الشيخ - رحمه اللّه - ولفظه ربما يشير أنه لو كان مطلوبه كشف ما لا يمكن كشفه لغير الحق كان العتاب بحاله .
قال رضي الله عنه :  ( والدليل على سذاجة قلبه ) عن المقدمات النظرية ، وطلبها لتقوية ما علم بالوحي ، ونشر تعزيره على أهل النظر قوله : ( في بعض الوجوه أني ) ليس للاستبعاد بمعنى : من أين بل معنى كيف فاندفع شبهة من زعم أن القائل كان كافرا مستبعدا لإحياء من اللّه تعالى ورد بأنه لا يليق به جعله آية للناس بطريق الإكرام له ، ولا يمكنه التشبث في عطف قصته على قصة إبراهيم ، إنها إنما عطفت عليها للتزويد في أن أي : القصتين أعجب قصة من بالغ التلبيس في أمر الإحياء ، وهو إبراهيم المخرج من النور إلى الظلمات ، أم قصة من بالغ في رفع التلبيس فيه وهو عزير المخرج من الظلمات إلى النور .


وقد أشار بإدخال الكاف على قصة دون قصة نمرود أن قصته أعجب ، إذ لا نظير له سابق في دعوى الربوبية ، اضطر لتصحيحها إلى مثل هذه التلبيسات.
قال رضي الله عنه : ( وقصة عزير لها نظير سابق هو قصة إبراهيم عليه السّلام ) ؛ ولذلك أوردها عزّ وجل بعدها بقوله :"وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ " [ الزخرف : 26 ]

فعلم من ذلك أن قوله :"أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] ليس سؤالا عن القدر بل هو متأخر عنه ، فإنه لما تحقق بهذا الجواب وجود الإحياء أخذ يسأل عن أسبابه ؛ ( فسأل عن القدر الذي ) به يعرف ترتب المسببات على أسبابها بمقتضى ذوات كل من الأسباب والمسببات من التأثير والتأثر ؛ فلذلك ( لا يدرك إلا بالكشف للأشياء ) أي :

أعيانها على ما هي عليه تأثيرا وتأثرا ، ولا يتأتى ذلك إلا بالاطلاع على العلم الإلهي ، إذ لا يمكن الكشف عنها إلا ( في حال ثبوتها ) ، ولا ثبوت لها فيما سوى العلم الإلهي ؛ لكونها ( في حال عدمها ) في الخارج فلا مقر لها هناك ولا ثبوت ، ولا معنى للاطلاع على الشيء إلا إدراكه على ما هو عليه والاطلاع على العلم الإلهي ، وإن أمكن في الجملة .
قال رضي الله عنه : ( فما أعطى ) عزير عليه السّلام ( ذلك ) في هذا السؤال ، فإن ذلك ( من خصائص الاطلاع الإلهي ) ، فإنه إنما اطلع عليها لحضور ذاته مع لوازمها لذاته المحررة ، ومن لوازمها ظهوره ، وهو متنوع على ظهوره في ذاته ، وهو بالفعل دائما وإلى ظهوره في المظاهر ، وهو بالقوة في الأزل .

وهو إنما يكمل عند الخروج إلى الفعل وهو فتح ، فلابدّ له من خزانة هي الأسماء الإلهية ، ومن فاتح هو الاسم الأعظم الإلهي ، ومن مفتاح ، وهو نوعان : ثوان هي الأسباب الروحانية والجسمانية ، وأول وهي الأعيان الثابتة ، فإنها مفاتيح الأول إذ لا يتصور سبق شيء عليها .

وإليه الإشارة بقوله : ( أعني : مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ) كما نص عليه في كتابه ، وإذ قد نص على ذلك .
قال رضي الله عنه  : ( فمن المحال أن يعلمه إلا هو ) من جهة مفاتيحها ، وإن كان ( قد يطلع اللّه من يشاء من عباده ) ، فاطلاعه على علمه ( على بعض الأمور من ذلك ) لا على كلها لعدم تناهيها ؛ فلا يسعها علم العبد المتناهي ، ومع ذلك فلا يكون ذلك الاطلاع من حيث مفاتيحها الأولية .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[ البقرة : 259 ] .
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ"
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال رضي الله عنه عما سأله عزير عليه السّلام:  ( فلما كان مطلب عزير على الطريقة الخاصّة ) النبويّة وشارع شريعتها ، المقصورة أمر استفاضتها على الوحي خاصة والإخبار عن الله ،( لذلك ) لما طلب المعرفة المذكورة بهذا الطريق ( وقع العتب عليه - كما ورد في الخبر):
" لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة " - ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ) أنه هو الذي به يدرك الأمور - قديمها وحديثها - ( ربما ما كان يقع  عليه عتب في ذلك . والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه  " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها " ) وهو الاستبعاد والشك ، على ما يفهم من لفظ " أنّى " .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله " رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى " ) [ 2 / 260 ] .

فان ما قصد من الصورتين إنما هو إرادة كيفية إحياء الموتى ، ( ويقتضي ذلك الجواب بالفعل ) لا بالقول ، وذلك هو ( الذي أظهره الحقّ فيه في قوله  : "فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَه ُ " ) [ 2 / 259 ] .
هذا ما يجاب به بلسان الفعل ، وأما بلسان القول ( فقال له : " وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " ) [ 2 / 259 ]، ( فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق ، فأراه الكيفية ) .
ثمّ إذ قد سأل عن عجائب أفعاله وبدائع مقدوراته وأجيب عنها فعلا وقولا وعيانا ، ( فسأل عن القدر ) أي مبدأ ذلك المقدور ، ومصدر ذلك الفعل ، وبيّن أن هذا السؤال مما يترتّب على إراءة تلك الكيفيّة العجيبة ، فيكون معطوفا على « فأراه » بدون تمحّ] .

سرّ القدر من مفاتيح الغيب
ثمّ إن ذلك المسؤول لما كان من ( الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ) واستقرارها على مركز أصلها وقابليّتها ( فما أعطي ذلك ، فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي ) لما عرفت أن حقيقة القدر ومعرفته من الخصائص الذاتيّة ( فمن المحال أن يعلمه إلَّا هو ) .
ومما عرفت ظهر لك أنه أوّل ما بدء به سلسلة أمر الظهور والإظهار ، وانفتح فيه أبواب خزائن السؤال والعطاء ( فإنّها المفاتيح الأول ) - فالضمير عائد إلى القدر وتأنيثه باعتبار الخبر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (أعني مفاتيح الغيب التي لا يعلمها إلا هو ، وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك  . (
ثمّ إن تعدّد الأسماء لمّا كان بحسب اختلاف الاعتبارات ، فإنما يطلق الأسماء حين يعتبر تلك الاعتبارات التي هي كالمبادئ ، وإليه أشار قائلا :


.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:04 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :     الجزء الثالث
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .
والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها"[البقرة: 259].
وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله: "رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى" [ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى: "فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ".
فقال له : "وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً " [ البقرة : 259]
فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة .
فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي .
فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلما كان مطلب العزير على الطّريقة الخاصّة لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ولو طلب الكشف الّذي ذكرناه ربّما كان لا يقع عتب في ذلك .  والدّليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه "أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها "[البقرة : 259]. وأمّا عندنا فصورته عليه السّلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السّلام في قوله :رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى[ البقرة : 260 ] ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الّذي)

 
قال رضي الله عنه :  (ولما كان مطلب العزير ) ، أي طلب معرفته القدر ( على الطريقة الخاصة النبوية ) ، يعني الإخبار بطريق الوحي .
قال رضي الله عنه :  ( لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر ) لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوّة ، فإن طريق حصولها الكشف عن أعين البصائر والأبصار لا الطريقة الخاصة النبوّية التي هي الإخبار عن اللّه تعالى ( فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك والدليل على سذاجة قلبه ) من النظر العقلي .
قال رضي الله عنه :  ( قوله في بعض الوجوه أنى يحيي هذه اللّه بعد موتها ) ، وإنما قال في بعض الوجوه للمفسرين فيه وجوها أحدها : أن القائل بهذا القول عزير عليه السلام وفي الوجوه الأخر غيره .

والأحسن أن يقال : المراد ببعض الوجوه ما ذهب إليه الظاهريون من أن سؤاله هذا إنما هو على سبيل الاستعجاب والاستغراب ، فإن النظر العقلي مما يرفع الاستغراب عن إحياء الموتى بعد موتها لكنه عليه السلام لم يلتفت إليه لأنه ليس من الطريقة الخاصة النبوية .
والوجه الآخر ما أشار إليه بقوله :
( وأما عندنا ) ، أي وأما في الوجود الذي عندنا معاشر أهل الكشف ( فصورته عليه السلام في قوله : هذا كصورة إبراهيم عليه السلام في ) قوله : (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) [ البقرة : 260 ] .
أي ليس قوله هذا كقول إبراهيم عليه السلام بمعنى الاستغراب والاستعجاب ، فإن المتحقق بمقام النبوّة والولاية لا يستبعد من اللّه القادر الموجد المحيي المميت المعيد أن يحيي الأموات ويعيدهم مرة أخرى.
بل طلب عليه السلام أن يريه الحق كيفية إحياء الموتى ليكون في ذلك صاحب  شهود لا صاحب نظر واستدلال ، ولا أهل خبر واستخبار ( ويقتضي ذلك ) ، أي السؤال على هذا الوجه ( الجواب بالفعل ) لا بالقول وذلك الفعل هو الفعل الذي.
قال رضي الله عنه :  ( أظهره الحقّ فيه في قوله تعالى : " فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ فقال له :وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً "[ البقرة : 259 ] فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفيّة.  فسأل عن القدر الّذي لا يدرك إلّا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها فما أعطي ذلك فإنّ ذلك من خصائص الإطّلاع الإلهي . فمن المحال أن يعلمه إلّا هو فإنّها المفاتح الأول أعني مفاتح الغيب الّتي لا يعلمها إلّا هو وقد يطلع اللّه من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك .)

قال رضي الله عنه :  ( أظهره الحق سبحانه فيه ) ببعثه منطويا هذا الفعل من حيث الدلالة عليه ( في قوله :فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُفقال له :وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق فأراه الكيفية ) ، أي كيفية إحياء الموتى .
( فسأله ) عطف على أراه ، أي فسأل بلسان الحال بعد ما سأل عن كيفية إحياء الموتى بلسان القول وأجيب بالفعل ( عن القدر الذي ) هو مبدأ هذه الأفعال العجيبة المعلومة له حين بعثه ونشر عظام حماره وكساه لحما ، بأن كوشف بالأعيان الثابتة وكيفية افتتاح وجود المقدروات عنها وإدراكها إدراك ذوق ووجدان .

فالمسؤول بهذا السؤال مجموع أمره ( لا يدرك ) هذا المجموع ( إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها ) وافتتاح الوجود عنها ( فما أعطي ) عزير عليه السلام ( ذلك ) المجموع ( فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي ) كما يظهر وجهه فيما بعد ( فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها ) ، أي الأشياء في حال ثبوتها في عدمها .

قال رضي الله عنه :  ( المفاتيح الأول ) بالنسبة إلى الموجودات العينية فإن المفاتيح الأول مطلقا أنها هي الشؤون الذاتية التي تكون الأشياء في حال ثبوتها في العدم صورها (أعني مفاتيح الغيب التي لا يعلمها) من حيث إنها مفاتيح علم ذوق ووجدان (إلا هو وقد يطلع اللّه من يشاء من عباده على بعض الأمور من ذلك) المذكور ، بأن يكاشف ببعض الأعيان الثابتة في العلم وجريان أحواله عليه تفصيلا .
ولكن لا يدرك كيفية افتتاح الوجود عنها بالذوق والوجدان أصلا . ولما كان السؤال الثاني ناشئا عن السؤال الأول لازما له كانت الآية الدالة على الأول بالمطابقة كالدال على الثاني بالالتزام ، فالعتب الواقع عليه إنما هو باعتبار المعنى الثاني كما صرح به فيما بعد .
ولما أشار آنفا إلى أن الاطلاع على الأشياء حين ثبوتها في العلم وافتتاح الوجود عنها من خصائص الاطلاع الإلهي وأراد أن يوضحه غاية الإيضاح.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:04 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).


قال رضي الله عنه : ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .  فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد . فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
قال رضي الله عنه : (واعلم أنها) ، أي تلك الأعيان الثابتة في عدمها الأصلي (لا تسمى مفاتيح) تفتح خزانة الغيب الذاتي فتظهر ذلك الوجود المطلق مقيدا بها حين تتصف به عندها وتظهر به لها (إلا في حال الفتح) والإظهار المذكور لا قبل ذلك لأنها قبل ذلك عدم صرف .
وليست ثابتة من دون وجود قبل ظهورها بالوجود إلا في ذلك الحال الذي تفتح به غيب الوجود ، لأن العلم الإلهي القديم تعلق بها أن تكون ثابتة به حين فتحها باتصافها بالوجود على طريق الوهم وليس لها إلا الثبوت في نفس الأمر ، فهي مفاتيح لا مفاتيح كما أن الأجرام إذا قابلت نور الشمس تفتح من نورها بقدر ما قبلت الظهور به منها ونور الشمس منفتح بنفسه فالأجرام مفاتيح إذ لولاها لم يظهر النور للرائي ، والنور ظاهر بنفسه لنفسه لا يغيب عن نفسه أصلا .
قال رضي الله عنه : (وحال الفتح) الذي هي فيه ثابتة من الأزل معدومة بالعدم الأصلي هو حال تعلق التكوين الإلهي للأشياء (بالأشياء) تعلقا أزليا لا بداية له أن تكون تلك الأشياء في أوقات وجودها (أو قل إن شئت) بعبارة أخرى حال الفتح هو حال تعلق القدرة الأزلية (بالمقدور) أن يكون في وقت كونه ، فكونه في وقت كونه هو وقت تعلق القدرة به والوقت باعتبار المقدور ، ولا وقت باعتبار القدرة ، فالأزل محيط بالأوقات باعتبار المقدورات التي يمر عليها الزمان وتتصف بالحدثان ، فهي المرتبة بالمرتب لها ولا ترتيب للمرتب لها في ترتيبه لها (ولا ذوق) ، أي لا علم بطريق الكشف والمعاينة والمشاهدة (لغير اللّه) تعالى (في ذلك السر) الذي للأشياء في حال ثبوتها في عدمها الأصلي .
قال رضي الله عنه : (فلا يقع فيها) ، أي في الأشياء الثابتة في عدمها الأصلي مع بقائها الثابتة كذلك (تجل) للحق تعالى على أحد أصلا (ولا) يقع (كشف) عنها لأحد من حيث هي أشياء ثابتة إلا في بعض الأمور في بعض الأحوال لبعض الأشخاص إذ ، أي لأنه (لا قدرة) على شيء قدرة مؤثرة (ولا فعل) على الحقيقة (إلا للّه) تعالى (خاصة) دون غيره سبحانه إذ ، أي لأنه تعالى (له الوجود المطلق الذي لا يتقيد) من حيث هي تفيد أصلا ، فلا يكشف عن جميع القيود في جميع الأحوال والأزمان والأشخاص سواه تعالى ، وكل ما سواه قيود عدمية وأعيان ممكنة ومقدورات ثابتة في غير وجود في عدمها الأصلي ، فلا يكشف عنها مثلها ولا يعلمها إلا من هو منزه عنها ، لأنه الموجود وهي المعدومة وهو العلم وهي المعلومة .
 
قال رضي الله عنه : (فلما رأينا عتب الحق) تعالى له أي للعزير (عليه السلام في سؤاله في القدر) حين " قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها".
أي يوجدها كما كانت ويكشف بوجوده المطلق عن أعيانها الثابتة في عدمها الأصلي وأحوال تلك الأعيان فيظهر مقيدا بها (علمنا أنه) ، أي العزير عليه السلام (طلب) من اللّه تعالى (هذا الاطلاع) بأن يكشف له اللّه تعالى من طريق نبوته ويخبره بالوحي عما طلب مع بقائه قائما بالوجود الحق (فطلب أن يكون له قدرة) مؤثرة بالحق تعالى (تتعلق بالمقدور) فتوجده بعد الكشف عن ثبوته عما هو عليه ، وهو أمر ممكن لأن اللّه تعالى على كل شيء قدير ، فإن عيسى عليه السلام كشف عن الطير الذي خلقه من طين في حضرة عينه الثابتة وأمده اللّه تعالى بالقدرة المؤثرة فنفخ فيه روحا أيضا بعد أن سوّى جسده ، وكذلك فعل إبراهيم عليه السلام في الطيور الأربعة .
قال رضي الله عنه : (وما يقتضي ذلك) ، أي يقدر عليه في كل شيء (إلا من له الوجود المطلق) ؛ ولهذا قال العزير عليه السلام لما تبين له مقدار ما عرف من كيفية ما طلب أن اللّه على كل شيء قدير ، وحكى الحق سبحانه عن ذلك فقال "فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" .
(فطلب) من الحق تعالى (ما لا يمكن وجوده في الخلق) ، أي من المخلوق (ذوقا) إلا مقدار مجرد النسبة في بعض الأمور وحصل له ما يمكن من ذلك في نفسه وفات ما لم يكن (فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق) وكان جوابه بالفعل ليذوق ما يمكن من ذلك بنفسه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنه لا تسمى ) الأعيان ( مفاتح إلا في حال الفتح وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء وقل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك ) أي في تعلق القدرة بالمقدور .
( فلا يقع فيها ) أي في القدرة ( تجلي ولا كشف ) على طريق الذوق ( إذ لا قدرة ولا فعل إلا للَّه خاصة إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد ) فلا يقدر من له الوجود المقيد على الإيجاد والإعدام إلا لمن ارتضى من رسول فإنه عناية إلهية سبقت له في حقه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما رأينا عتب الحق له عليه السلام في سؤاله في القدر علمنا أنه ) أي العزير ( طلب هذا الاطلاع ) أي الاطلاع المذكور المختص للحق.
( فطلب أن تكون له قدرة تتعلق بالمقدور وما يقتضي ذلك إلا من له الوجود المطلق فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالذوق وما رويناه ) ولما حقق معنى الآية وهو لا يدل على المطلب الخاص إلا بقرينة العتب.
ثم  شرع في تحقيق العتب بقوله :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك . فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد . فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ،وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
المعني ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
قال رضي الله عنه :  واعلم : أنّها لا تسمّى مفاتح إلَّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلَّق التكوين بالأشياء ، أو قل إن شئت : حال تعلَّق القدرة بالمقدور ، ولا ذوق لغير الله في ذلك ، فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلَّا لله خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيّد).

قال العبد : علَّل رضي الله عنه نفي العلم بتعلَّق القدرة بالمقدور ذوقا عن غير الحق ، وأثبته لله خاصّة بقوله : « إذ له الوجود المطلق » لأنّ الوجود المطلق الحقيقيّ لا يتقيّد بعين دون عين ، ولا تحقّق دون خلق ، ولا تعيّن دون حقّ ، فإنّه في الحق المطلق عينه مطلقا كذلك .
وفي الحقائق الغيبية العينية العلمية عينها ، وفي الإله عينه ، فهو القدير الذي تتعلَّق قدرته بالمقدورات وعين المقدورات المقدّرة بالفعل والانفعال والتأثير والتأثّر الذاتي من نفسه لنفسه في نفسه ، فلا بدّ أن يختصّ به ذوقا .
ولا قدم لعين معيّن من الأعيان في ذلك ذوقا ، فقد تعلَّقت الحقيقة التي سمّيت قدرة في الإلهية - وهي الفعل الذاتي والتأثير في الذات - بجميع المقدورات .
حيث لم يوجد عين من الأعيان ، فانفعلت المقدورات بالذات والاستعداد الذاتي ، وكان الحق هو عين كل مقدور وقدرها ، فوقع الفعل والانفعال والتأثير والتأثّر بين فاعل هو عين المنفعل ، وعين الأثر والقدر ، فإن لم يكن وجودا مطلقا يعمّ ويستغرق القادر والقدرة والمقدور والفعل والفاعل والانفعال والمنفعل ، لم يعلم هذا السرّ ذوقا ، فهو مخصوص بالحق أي الوجود المطلق دون الخلق .
وأيضا : إذا كان الوجود مقيّدا بعين ، فلو فرضنا اطَّلاع ذلك العين ذوقا بتعلَّق القدرة بها من حيث قدرها ، وكون الحق عينها ، فليس لها أن يطَّلع على تعلَّق القدرة المطلقة بمقدور آخر ذوقا ، لتقيّد الوجود بها بحسب قدرها ، ثمّ تعلَّق القدرة المطلقة من القدير المطلق تعلَّق مطلق ليس لمقيّد فيه ذوق ولا قدم إلَّا من انطلق من قيوده ، وانحلّ عن عقد عقوده ، فلم يحضر الأمر في معهوده ومشهوده من ختوم الكمّل وكمّل الختوم .
صلوات الله الكاملات ، والتحيّات الفاضلات ، والتجلَّيات الشاملات عليهم .

قال رضي الله عنه : ( فلمّا رأينا عتب الحق له عليه السّلام في سؤال عن القدر ، علمنا أنّه طلب هذا الاطَّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلَّق بالمقدور ، ولا يمكن ذلك إلَّا لمن يكون له الوجود المطلق ) .
أي عن أن يتقيّد بالقادر وحده بالمقدور وحده ، والعلم بتعلَّق القدرة بالمقدور يتعلَّق بتعقّل أحدية عين القادر والمقدور ، ولا ذوق إلَّا لله فيه خاصّة ، لكونه هو هو وحده لا شريك له ، وفيه إشارة منه إلى أنّ طلب سرّ القدر من طريقة الكشف والتجلَّي والتعريف الإلهي والإعلام غير ممنوع ولا مدفوع .
فإنّ ذلك موجود مشهود معهود عند من شاء الله ، ولكن اطَّلاع الخلق على كيفية تعلَّق القدرة الإلهية بالمقدورات حال تعلَّقها به وتعلَّقه بها مخصوص ، وقد فات ذلك العلم بتجلَّي تعلَّق القدرة الكلَّية الإلهية العظمى بجميع المقدورات كلَّها مطلقا أزلا قبل الإيجاد أو حال الإيجاد ، وبقي ظهور سرّ توقيت ذلك أبد الأبد .

أو كان مطلب عزير عليه السّلام طلب القدرة على الإيجاد ، فيشهد كيفية تعلَّق القدرة بالمقدور ، وذلك حقيقته الإلهية ، فإنّ الإلهية هي القدرة على إبداع الإيجاد واختراعه ، فهي مخصوصة أيضا بالحق ، فتعيّن العتب عليه ، فلو طلب الكشف بذلك ، كشف له من حضرة العلم ، فشاهد إقدار المقدورات في قدرة القدير ، بحسب ما شاء بموجب ما علم وتعيّن في علمه صور معلوماته ، فحصل المطلوب بلا طلب ما طلب على ما ذكرنا ، فافهم .

قال رضي الله عنه : « فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيات لا تدرك إلَّا بالذوق. )
يشير رضي الله عنه إلى أنّ الكشف بسرّ القدر يعطي الأدب الحقيقيّ في السؤال والانتهاء عن السؤال ، فإنّ من خصائصه الاطَّلاع على مقتضى الوجود المطلق الإلهي .
والاطَّلاع على مقتضى العين الثابتة التي للسائل ، وخصوص استعداده الذاتي غير المجعول ، فإذا لم يشهد ما يطلب في نوع استعداده الذاتي ، انتهى عن طلبه وسؤاله ضرورة .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أنه لا تسمى مفاتيح إلا في حال الفتح وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ، ولا ذوق لغير الله في ذلك فلا يقع فيها تجل ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد ) .
 
حال الفتح إذ هو حال ظهور ما في الخزانة الغيبية التي هي العين المذكورة ، ولا يكون الظهور إلا حالة تكون الأعيان ، وهي بعينها حال تعلق القدرة بالمقدور ولا شهود لذلك ذوقا لغير الحق تعالى ، فلا يقع فيها تجل ؟
ولا كشف لأحد غيره تعالى ، إذ له الوجود المطلق فله القدرة المطلقة على الكل ، لأن ما عداه مقيد وكل مقيد قابل فلا فعل له ولا تأثير فالقادر المطلق الشاهد قدرته في الكل ليس إلا الله وحده
 قال رضي الله عنه :  ( فلما رأينا عتب الحق له عليه السلام في سؤاله في القدر علمنا أنه طلب هذا الاطلاع ) .
أي شهود تعلق القدرة بالمقدور ذوقا ( فطلب أن تكون له قدرة تتعلق بالمقدور ) أي الشهود الذوقي لتعلق القدر بالمقدور ، ولا يكون القادر بالذات الذي يشهد أحديته بالمقدور لظهور القادر في صورة المقدور بحيث لا تزول أحدية الذات بالنسبة الوصفية في القادر والمقدور.
 
""  أضاف بالي زادة : 
قيل إن كثيرا من الأسرار يعلم ولا يتكلم به كسر القدر ، فإن إبليس أحال أمره إلى سر القدر فلعن بذلك ، وإن آدم أضاف عصيانه إلى نفسه فأفلح ورحم .
وفي الخبر : ناجى بعض العارفين : إلهي أنت قدرت ، وأنت أردت وأنت خلقت المعصية في نفسي ، فهتف هاتف : يا عبدي هذا شرط التوحيد ، فما شرط العبودية ؟
فعاد وقال : أنا أخطأت ، وأنا أذنبت ، وأنا ظلمت نفسي فعاد الهاتف : أنا غفرت ، وأنا عفوت ، وأنا رحمت. أهـ بالي زادة .
فلا يقدر من له الوجود المقيد على الإيجاد والإعدام إلا لمن ارتضى من رسول ، فإنه عناية إلهية سبقت له في حقه ( مما أوحى الله به إليه ) يريد أن الانتهاء عن مثل هذا السؤال واجب عليك ، إما بنهي إلهي وإما بنهي عن نفسك ، والفرق بينهما أن النهى الإلهي يتعلق بوجود المنهي عنه بمعنى وجد في المحل ثم نهاه الله عنه ، والنهى عن النفس يتعلق بعدمه بمعنى لم يوجد في المحل أصلا فلما سأل نهى الله عن السؤال الذي لا يناسب حاله في عالمه فانتهى عن السؤال مع الندامة فقال لا أسأل لظنه أن عدم صدوره خير من أن يصدر عنه ، فبين الله أن وجود السؤال منه ثم النهى عناية له في حقه بقوله ( لئن لم تنته ) بنهي إلهي عن السؤال عن الاطلاع الخاص لله تعالى ( لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) كي يحصل الانتهاء منك بنفسك إذ لا بد من الانتهاء عن السؤال الذي ليس في استعدادك ( أي ارفع ) جواب أما ، حذف الفاء فأقيم أي مقام ( عنك طريق الخير ) .أهـ بالى زادة. ""
 
قال رضي الله عنه :  (وما يقتضي ذلك إلا من له الوجود المطلق فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا).
أي لا يكون شهود أحدية القادر والمقدور ، ولا يمكن إلا لمن له الوجود المطلق الذي لا يتقيد بشيء ، لا بقادر ولا مقدور ولا أمر آخر بوجه من الوجوه فلذلك حصل العتب .
وفي كلام الشيخ إشارة إلى أن طلب ذلك من طريق الكشف والتجلي غير ممنوع ولا مدفوع لمن شاء الله أن يطلعه على بعض ذلك بالتقييد .
وأما الاطلاع المطلق فيكون للخلق من حيث هو خلق أبدا ، ولكن لمن فنى عن اسمه ورسمه ولم يبق من إنيته ولعينه شيء ، فإذا استهلك فيه فقد يطلع على الحق بالحق من حيث هو حق ، وذلك إنما يكون لصاحب الاستعداد الأكمل ، كما قال عليه الصلاة والسلام « أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء » .
قال رضي الله عنه :  ( فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق)
إنما تدرك الكيفيات بالذوق لأنها وجدانية مدركة بقوى نفسانية ومزاج خاص للروح المدرك كما في الطعوم المذوقة أو الروائح المشمومة ، فإن لم يكن له قوة الذوق والشم لا يجد الطعوم والروائح ولا يميزها في المذوق والمشموم ، وإن علمها وتميز بالعقل بعضها عن بعض .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
وقال رضي الله عنه  : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا )
( واعلم ، أنه لا تسمى " مفاتيح " إلا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء . )
أي ، الأعيان لا تسمى بالمفاتيح إلا في حال الفتح .
وهو عند تعلق الإرادة بتكوين الأشياء ولما كان ذلك التعلق غير منفك عن تعلق القدرة بها وأن تعلق الإرادة بالتكوين هو بعينه أن تعلق القدرة بالمقدورات .
قال رضي الله عنه  : ( أو قل إن شئت : حال تعلق القدرة بالمقدور . )
وإنما قال رضي الله عنه  : ( ولا ذوق لغير الله في ذلك . ) لأن كل ما وقع عليه اسم الغيرية محصور مقيد ، وكل ما هو مقيد موصوف بالعجز والقصور لا بالقدرة ، فليس لأحد من العباد قدرة على الإيجاد .
كما قال رضي الله عنه  : (لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يخلقوا ذبابا لم يقدروا عليه) .
قال رضي الله عنه : ( فلا يقع فيها تجل ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة ، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد . ) .
أي ، فإذا لم يكن لغير الله ذوق في القدرة على الإيجاد ، لا يتجلى الحق للعباد من حيث القدرة ، ولا ينكشف لهم هذا الحال ، إذ القدرة على الإيجاد لله لا للغير .
فضمير ( فيها ) عائد إلى ( القدرة ) واتصاف الكمل بالقدرة على الإيجاد والإعدام في بعض الأعيان وبالنسبة على بعض الأعيان - كما هو مقرر عند الطائفة - إنما هو من حيث عدم المغايرة بينه وبين الحق بفناء جهة العبودية في جهة الربوبية .
أو من جهة الخلافة ، لا الأصالة كما قال الله تعالى عن لسان نبيه عيسى عليه السلام : ( وأبرء الأكمه والأبرص بإذن الله وأحيى الموتى بإذن الله ) . فلا يرد
 قال رضي الله عنه : ( فلما رأينا عتب الحق له ، عليه السلام ، في سؤاله في القدر ، علمنا أنه طلب
هذا الاطلاع ) أي ، الاطلاع على كيفية تعلق القدرة بالمقدور على سبيل الذوق .
( فطلب أن يكون له قدرة يتعلق بالمقدور ، وما يقتضى ذلك إلا من له الوجود المطلق.) كالحق تعالى ومن فنى وجوده وإنيته في الحق من العباد .
قال رضي الله عنه :  ( فطلب مالا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق . ) كما لا يمكن للعنين إدراك لذة الوقاع على سبيل السماع . وجميع الوجدانيات بهذه المرتبة .

فمن ليس له قوة الوجدان ، لا يمكن له حصول العرفان .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:05 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك ، فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد ، فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق ، فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق ).
 
وإليه الإشارة بقوله ( واعلم أنها لا تسمى الأعيان الثابتة بالحقيقة مفاتيح إلا في حال الفتح ) لما تقرر أن شرط صدق المشتق استصحاب أصله في الأصح ، ( وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء ) عند القائلين به ، وهو الشيخ أبو منصور الماتريدي وأتباعه ، أو قل على مذهب منكريه كالأشعري ، وكذا على مذهب الماتريدي .
قال رضي الله عنه : ( إن ثبت حال تعلق القدرة بالمقدور ) ، والاطلاع على الحقائق في إحدى هاتين الحالتين بالطريق الذوقي لغير اللّه محال ؛ وذلك لأنه ( لا ذوق لغير اللّه في ذلك ) ، والاطلاع على الشيء إما بالمشاعر أو العقل أو الكشف ، لكن لا دخل للأولين في إدراك الحقائق ؛ لعجز أرباب العقول عن ذلك فضلا عن أرباب الحس ، فما بقي إلا الكشف ، وهو بطريق الذوق ، ولا يمكن حصوله لغير اللّه تعالى .
 
قال رضي الله عنه : ( فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ) ، وإنما امتنع حصول ذلك الذوق لغير اللّه تعالى ( إذ لا قدرة ولا فعل ) حقيقين يتم بهما الفتح ( إلا للّه خاصة ) ؛ لامتناع قيام الصفة الحقيقية بغير الموجود ، وليس إلا اللّه تعالى ( إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد ) ، وإن ظهر فيها قيد ، وإلا لم يكن ظهوره في نقيضه ، ولا في نظيره ، إذ المقيد عدم عند عدم قيده ولو فرضا ، فيجوز نفيه والحقيقي لا يجوز نفيه ، فلا حقيقي إلا المطلق دون المقيد ؛ فلا تقوم الصفة الحقيقية به ، فغاية ما يمكن أن يحصل للعبد من ذلك دون تعلق التكوين والقدرة غير الحقيقيين ، ولكن لا مفتاحية بذلك ، وهذا معنى قول أهل السنة : إنه لا تأثير للوسائط في الأشياء ، بل المؤثر ابتدأ فيها ، وهو اللّه تعالى ، وإن جرت سنته أن يفعل المسببات عند وجود أسبابها .
ولما كان الاطلاع على سرّ القدر متنوعا إلى ممكن في حق المخلوق ، وهو الاطلاع على الأعيان من حيث هي أعيان ، وإلى ممتنع في حقّه ، وهو الاطلاع عليها من حيث مفتاحيتها ، والأول لا يوجب طلبه العتاب ، وإنما يوجبه الثاني .
 
"" أضاف المحقق : يشيرون به إلى أن حكم اللّه تعالى في الأشياء ، وعليها ، إنما هو بها ، وتقرير ذلك : هو أنه لما كان القضاء عبارة عن حكم اللّه في الأشياء على ما أعطته من المعلومات ، مما هي عليه في نفسها ، والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد ، فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها ، وهذا هو عين سر القدر .
فسرّ القدر من أجلّ العلوم ، وما يفهّمه اللّه إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة ؛ فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم به ، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا ، إلا لمن أشهده اللّه عينه الثابتة ؛ لأنه من أكابر السعداء ؛ فهذا الشخص يسميه شيخنا صفاء خلاصة خاصة الخاصة ، كما ذكر ذلك في « الفص الشيثي » ( لطائف الإعلام ص 745 )  ""
 
قال رضي الله عنه : ( فلما رأينا عتب الحق له عليه السّلام في سؤاله في القدر ) ، واحترز به عن سؤاله كيفية الإحياء الذي لا عتاب فيه ( علمنا أنه )  ما طلب الاطلاع عليها من حيث هي أعيان .
بل إنما ( طلب هذا الاطلاع ) المخصوص بالحق ، وهو الاطلاع عليها من حيث هي مفاتيح ، فطلب ( أن يكون له قدرة ) حقيقية ( تتعلق بالمقدور ) أي : بإخراجه عن القوة إلى الفعل والتأثير فيه بخلاف غير الحقيقية اقتصر على ذكرها لعمومها المذهبين ، وما علم أنه محال في حقّه ، وإن فني في الحق وبقي به ، إذ ( لا يقتضي ذلك ) أي : الاتصاف بالقدرة الحقيقية .
قال رضي الله عنه : ( إلا من له الوجود المطلق ) ، والباقي بالحق ليس له ذلك ، وإن تنور بنور خاص من الحق ؛ لأنه معلل ببقائه بالحق فلا يكون مطلقا موجودا لذاته .
 
قال رضي الله عنه : ( فطلب ما لا يمكن وجوده ) من القدرة الحقيقية في حق المخلوق ، وإن بقي بالحق واتصف بصفاته ، لكنه ليس ذلك اتصافا بعين صفاته لامتناع قيام صفة واحدة بموصوفين ، بل غاية ما يمكن من ذلك حصوله بطريق العلم في حق من لم يفن عن نفسه ، ولم يبق بالحق وهو طلب حصوله ( ذوقا ) لا علما ؛ لأن الأنبياء لا يخلون عن علم ذلك .
وقد سأل عن الكيفية في سؤاله المذكور في القرآن ، فالظاهر أنه سأل هنا أيضا عن الكيفية ، فكان سؤاله حصولها له ( ذوقا ، فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق ) إذا لم تكن محسوسة ، ولا معقولة ، والشيء لا يحصل بالذوق لمن ليس فيه دلالة استعداده ، فوقع العتب عليه بقطع الوحي ، وعدم الإجابة إلى سؤاله بعد ما قال له أولا: ( لئن لم تنته لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة ).
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم إنه لا يسمى « مفاتح » إلَّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلَّق التكوين بالأشياء ، و قل إن شئت : حال تعلَّق القدرة بالمقدور) وهذا مبدأ اسم القادر ، كما أن العبارة الأولى مبدأ اسم الفاتح .
قال رضي الله عنه :  ( ولا ذوق لغير الله في ذلك ) التكوين والقدرة ، (فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ،إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيّد) ولا شك أن الإطلاق مبدأ التأثير والفعل ، كما أن القيد مبدأ التأثّر
والقبول:  (فلما رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنه إنّما طلب هذا الاطَّلاع ) أي شهود تعلَّق القدرة بالمقدور ذوقا ( فطلب أن يكون له قدرة تتعلَّق بالمقدور ) ضرورة أنّ ذوق تعلق القدرة بالمقدور إنّما يكون للقادر بالذات.
قال رضي الله عنه :  ( وما يقتضي ذلك ) القدرة والذوق ( إلا من له الوجود المطلق فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ) من حيث هو خلق ( ذوقا ، فإنّ الكيفيات ) فيهم ( لا تدرك إلا بالذوق ) وأما العلوم والمعارف فإنما يعلمها الخلق ذوقا بالحقّ ، لا من حيث أنّه خلق .
ونبّه على ذلك في مطلع هذا البحث حيث قال : « لو طلبها بطريق التجلَّي والكشف ربما لا يمنع ".


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد .
فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق).


قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّها لا تسمّى مفاتح إلّا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلّق التّكوين بالأشياء ؛ أو قل إن شئت : حال تعلّق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير اللّه في ذلك .
فلا يقع فيها تجلّ ولا كشف ، إذ لا قدرة ولا فعل إلّا للّه خاصّة ، إذ له الوجود المطلق الّذي لا يتقيّد . فلمّا رأينا عتب الحقّ له عليه السّلام في سؤاله في القدر علمنا أنّه طلب هذا الاطّلاع ، فطلب أن تكون له قدرة تتعلّق بالمقدور ، وما يقتضي ذلك إلّا من له الوجود المطلق .
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا ، فإنّ الكيفيّات لا تدرك إلّا بالأذواق . )
 
فقال رضي الله عنه  : ( واعلم أنه ) ، أي الشأن أن الأشياء حال ثبوتها في العدم ( لا تسمى مفاتيح ) بالحقيقة ( إلا في حال الفتح وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ) ، فإنه لا اختلاف بينهما إلا بحسب العبارة .
فقال رضي الله عنه  : (ولا ذوق لغير اللّه في ذلك التكوين وتعلق القدرة فلا يقع فيها تجل ولا كشف إذ لا قدرة ولا فعل إلا للّه خاصة إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد ) ولا شك أن مبدأ التأثير والفعل هو الإطلاق كما أن مبدأ التأثر والانفعال هو التقيد .
 
فقال رضي الله عنه  : (فلما رأينا عتب الحق له عليه في سؤاله في القدر علمنا أنه طلب هذا الاطلاع ) ، أي شهوده تعلق القدرة بالمقدور ذوقا ( فطلب أن تكون له قدرة تتعلق بالمقدور ) ليشهد هذا التعلق ذوقا ، لأن ذوق تعلق القدرة ما يكون إلا للقادر بالذات .
فقال رضي الله عنه  : ( وما يقتضي ذلك إلا من له الوجود المطلق فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا فإن الكيفيات ) الوجدانية ( لا تدرك إلا بالأذواق).

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:06 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).


قال رضي الله عنه :   (وأما ما رويناه) في الحديث النبوي (مما أوحى اللّه) تعالى (به إليه) ، أي عزير عليه السلام من قوله له زيادة في المعاتبة (لئن لم تنته) عن طلب ما سألته (لأمحون اسمك) ، أي أزيل حقيقتك (من ديوان النبوّة ) وأوقفك في مقام الولاية أي (أرفع عنك طريق الخبر) بالوحي النبوي ، فلا أكشف لك عن الأمور على مقدار ما هي عليه في نفسها وأدرك إلى أن أفيض عليك الإمداد على قدر استعدادك (وأعطيك الأمور) الغيبية (على) طريق (التجلي) ، أي الانكشاف بحسب استعدادك وأقطع عنك الخبر بالوحي (والتجلي) بالأمور الغيبية (لا يكون) أبدا (إلا بما أنت) كائن (عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك) منك (الذوقي) لذلك الأمر الذي تدركه (فتعلم) حينئذ (أنك ما أدركت أمرا إلا بحسب استعدادك) ، أي قوّتك القابلة ووسعك المتهيىء ، فتنال من كل أمر على قدرك لا على قدر ذلك الأمر في نفسه .
قال رضي الله عنه :  (فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت) وهو الاطلاع على سر القدر (فلما لم تره) وجد عندك مع توجهك على حصوله (تعلم أنه) ، أي الشأن (ليس عندك الاستعداد) ، أي التهيؤ والقبول (للذي تطلبه) من ذلك السر المذكور (و) تعلم (أن ذلك من خصائص الذات الإلهية ) لا يقدر عليه غيره تعالى (وقد علمت أن اللّه) تعالى ("أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ") من استعداده الخاص القابل لما تهيأ له من المدد الفياض الدائم بحكم قوله تعالى: "الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ."
قال رضي الله عنه :  (ولم يعطك) سبحانه (هذا الاستعداد الخاص) لقبول فيض هذا الوسع المذكور للإحاطة بسر القدر الإلهي (فما هو) ، أي هذا الاستعداد (خلقك ولو كان خلقك) ثابتا في الأزل لعينك الثابتة قبل إضافة الوجود في حال العدم الأصلي (لأعطاكه الحق) تعالى (الذي أخبر أنه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ") ولم يمنع شيئا ما استعد له وتهيأ لقبوله أصلا (فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال) المذكور انتهاء صادرا (من نفسك لا تحتاج فيه) ، أي في هذا الانتهاء (إلى نهي إلهي) يرد عليك (وهذا) الأمر الذي وقع للعزير عليه السلام (عناية) ، أي اعتناء (من اللّه) تعالى (بالعزير عليه السلام علم ذلك) المذكور (من علمه) من الناس (وجهله من جهله) منهم وهو حق في نفسه كما ذكر.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
شرع في تحقيق العتب بقوله : ( مما أوحى اللّه به إليه ) يريد أن الانتهاء عن مثل هذا السؤال واجب عليك إما بنهي إلهي وإما بنهي عن نفسك والفرق بينهما إن الإلهي يتعلق بوجود المنهي عنه بمعنى وجد في المحل ثم نهاه اللّه عنه والنهي عن النفس يتعلق بعدمه بمعنى لم يوجد في المحل أصلا فلما سأل نهى اللّه عن السؤال الذي لا يناسب حاله فانتهى عن السؤال مع الندامة فقال : لولا لم أسأل لظنه أن عدم صدوره خير من أن يصدر فبين اللّه أن وجود السؤال منه .
ثم النهي عنه عناية له في حقه بقوله : ( لئن لم تنته ) بنهي إلهي عن السؤال عن الاطلاع الخاص للَّه ( لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة ) كي يحصل الانتهاء منك بنفسك أي لا بد من الانتهاء عن السؤال الذي ليس في استعدادك.
 قوله : ( أي ارفع ) قائم مقام جواب أما تقديره فمعناه ارفع ( عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا ) أي ( الأمر الذي طلبت فإذا لم تره ) أي الأمر الذي طلبته.
( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه و ) تعلم ( أن ذلك ) الأمر ( من خصائص الذات الإلهية وقد علمت أن اللّه تعالى أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فإذا لم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه أعطى كل شيء خلقه فتكون ) على هذا التقدير .
( أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي ) ولم أفعل بك ذلك بل أبقيتك على نبوتك وجعلتك محتاجا إلى نهي إلهي وهذا أعلى مرتبة لك من أن تنتهي من نفسك فإن النبوة لاشتمالها الولاية أعلى مرتبة من الولاية بدونها فلما علم العزير حمد اللّه على عنايته له فزالت ندامته على سؤاله والنهي عنه.
هذا هو الذي انكشف لي في هذا المقام فعلى هذا التحقيق لا عتب على عزير على هذا المطلب بل صح من الأنبياء بمثل هذا السؤال حيث لم يعتب عليه وإن لم تقبل مسألتهم ( وهذا ) أي ما فعله الحق بالعزير ( عناية من اللّه بالعزير عليه السلام ) لا عتب عليه أخبر اللّه بها بقوله : لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة .

فدل قوله : لئن لم تنته على أن مطلب العزير على طريقة خاصة ( علم ذلك ) العناية ذكر الإشارة باعتبار التأديب ( من علمه وجهل من جهله ) فلما علم من كلامه أنه لا يعلم سر القدر إلا اللّه أو ممن يطلعه اللّه من الأنبياء والأولياء شرع في بيان الولاية والنبوة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).


قال رضي الله عنه : ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [طه : 50] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).


قلت: ظاهر كلامه رضي الله عنه، أن القضاء حكم الله في الأشياء وأما سباق المعنى فيقتضي أن القضاء حكم الأشياء في الله فتأمل ذلك. 
والذي أراه أن القضاء حكم الله تعالى وليس للممكنات تأثير وأن المعدوم ليس بشيء
وأن الشيء ليس إلا الموجود وموجوديته شيئيته.
ولا يقال: إن هذا يفضي إلى تجدد العلم لله تعالى. 
فإنا نقول: إن علم الله تعالی تابع للموجودات حال وجودها وذلك ثابت في الأزل إلى الأبد، لأن ما بينهما لا ماضي فيه ولا مستقبل عند الله تعالی بل الجميع حاضر.
فما يتجدد له علم .
وأما الدليل على صحة القدر والقضاء، فإن العالم ممکن وكل ممكن فلا يقع في نفس الأمر إلا أحد طرفيه.
فالممتنع في نفس الأمر ليس بممکن، والممكن الذي لا بد أن يقع فليس إلا واجب.
فصور الواجب بأزمنته وأمكنته معلومة الله تعالى دائما أزلا وإبدا ولا يتعدي الموجود زمانه ، فشيئيته حال وجوده فقط، فيكون سر القدر أنه أحد طرفي الممكن.
أعني الذي لا بد أن يقع في نفس الأمر، وهو أحد المحتملين فلا شيء إلا بقضاء، وهو وقوع أحد المحتملين، وقدر، وهو الترتيب الذي لابد أن يقع، لأن أحكام الأعيان الثابتة في حال عدمها.
فإن المعدوم لا يتصف بالثبوت لأنه ليس بشيء.
وما بقي من هذه الحكمة فظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  وأمّا ما رويناه ممّا أوحى الله به إليه : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوّة » أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلَّي ، والتجلَّي لا يكون إلَّا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلَّا بحسب استعدادك . فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ، وأنّ ذلك من خصائص الذات الإلهية. وقد علمت أنّ الله أعطى كلّ شيء خلقه ، ولم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الذي أخبر أنّه أعطى كلّ شيء خلقه فتكون أنت الذي ينتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه عن نهي إلهي ) .

يشير رضي الله عنه إلى أنّ الكشف بسرّ القدر يعطي الأدب الحقيقيّ في السؤال والانتهاء عن السؤال ، فإنّ من خصائصه الاطَّلاع على مقتضى الوجود المطلق الإلهي .
والاطَّلاع على مقتضى العين الثابتة التي للسائل ، وخصوص استعداده الذاتي غير المجعول ، فإذا لم يشهد ما يطلب في نوع استعداده الذاتي ، انتهى عن طلبه وسؤاله ضرورة .

قال رضي الله عنه : ( وهذا عناية من الله - تعالى - بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه ، وجهل ذلك من جهله .)
يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ رجال الكمال من أهل الله لا يفتخرون بما هو عرضيّ لهم من الربوبية وأسماء الربّ ، ولا يظهرون بها ، وإنّما يظهرون بالذاتيات وهي العبودية ، ويقتضي كمال التحقّق بالعبودية أن لا يشاركوا الحق في اسم كالوليّ .
وأن يظهروا ويتسمّوا باسم يخصّهم من حيث العبودية المحضة ، وليس ذلك إلَّا النبيّ والرسول ، ولم يتسمّ الله بهما ، فلمّا انقطعت النبوّة والرسالة ، لم يبق لهم منهما اسم يتسمّون به ، فانقصم ظهور استظهارهم لأجل ذلك ، وهذا سرّ عزيز المنال ، لم يعثر عليه قبله ، ومن قبله قالوا بغيره


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه « لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي ، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فإذا لم تره تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية ، وقد علمت أن الله أعطى كل شيء خلقه ، فإذا لم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو خلقك ولو كان خلقك لأعطاكه ؟  الحق الذي أخبر أنه " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهى آخر) .

إنما تدرك الكيفيات بالذوق لأنها وجدانية مدركة بقوى نفسانية ومزاج خاص للروح المدرك كما في الطعوم المذوقة أو الروائح المشمومة ، فإن لم يكن له قوة الذوق والشم لا يجد الطعوم والروائح ولا يميزها في المذوق والمشموم ، وإن علمها وتميز بالعقل بعضها عن بعض .
وأما الحديث المروي في عتبه فإنه يفيد أن الكشف سر القدر يقتضي الأدب الحقيقي في السؤال وتركه ، لأنه إذا رفع عنه لإخبار وكشف له عن عينه اطلع على ما في عينه ، فإن رأى فيه الأمر الذي طلبه علم أنه أعطى ذلك باستعداده .
وإن لم يره علم أنه ليس فيه استعداد ذلك الأمر الذي يطلبه وأنه من خصائص الذات الإلهية ، وقد أعطى كل شيء خلقه يعطيه هذا الاستعداد الخاص وإلا كان في عينه الثابتة الغير المجعولة ، فلما لم يكن فيها انتهى عن مثل هذا السؤال من نفسه من غير احتياج فيه إلى نهى إلهي.
 
قال رضي الله عنه : (وهذا عناية من الله بعزير عليه السلام ،علم ذلك من علمه وجهل من جهله)
فإنه تأديب إلهي كما قال عليه الصلاة والسلام « أدبنى ربى فأحسن تأديبى.
""  أضاف بالي زادة : 
(علم ذلك) العناية (من علمه) وحمل هذا الكلام على العناية والمراد به نفسه قدس سره (وجهل من جهل) وحمل القول على العتب فلا يصح حمل الكلام على العتب. أهـ بالى . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).


قال رضي الله عنه :  ( وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه : " لئن لم تنته ، لأمحون اسمك من ديوان النبوة" ) .
أي ، أرفع عنك طريق الخبر ، وأعطيك الأمور على التجلي ، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك ، فتنظر في هذه الأمر الذي طلبت ، فلما لم تره ، تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ، وإن ذلك من خصائص الذات الإلهية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقد علمت أن الله " أعطى كل شئ خلقه " . فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاص ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك ، لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه أعطى كل شئ خلقه . فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج إلى نهى إلهي . وهذا عناية من الله بالعزير ، عليه السلام . علم ذلك من علمه ، وجهله من جهله . )
 
جواب ( أما ) قوله : ( أي أرفع ) . تقديره : وأما ما رويناه من قوله تعالى ب‍ ( لئن لم تنته
لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) . فمعناه : أرفع عنك طريق الخبر ، وأعطيك الأمور على التجلي .
ولما كانت النبوة مأخوذة من ( النبأ ) وهو الخبر ، فسر طريق الكشف ، لأن النبي ولى ، ومن شأن الأولياء الكشف ، فإذا ارتفع الحجاب وانكشف حقائق الأمور ، علم أن الحق ما يعطى لأحد شيئا إلا بحسب الاستعداد .
فإذا نظر ولم يجد في عينه استعداد ما يطلبه ، ينتهى عن الطلب ويتأدب بين يدي الله ، ولا يطلب ما ليس في وسعه واستعداده .
ويعلم أن مطلوبه مخصوص بالحق ، ليس لغيره فيه ذوق ولا كشف .
ويعلم أن الله أعطى كل شئ خلقه ، أي استعداده الذي يخلق في الشهادة بحسبه عند تعين المهيات وفيضها أزلا ، فمن أعطى له الحق هذا الاستعداد الخاص وجعله خليفة ، يصدر منه ذلك ، كالإحياء من عيسى عليه السلام وشق القمر من نبينا ، صلى الله عليه وسلم ، والتصرفات التي يتعلق بالقدرة .
ومن لم يعط له ذلك ، لم يمكن صدوره منه ، سواء طلب ذلك أو لم يطلب .
ولما كان ظاهر الخبر سلب النبوة عنه وإبعاده من حضرته وهذا لا يليق بمراتب الأنبياء صلوات الله عليهم .


لأنهم المصطفون من العباد وأعيانهم مقتضية لها لا يمكن سلبها عنهم - صرح بأن هذا العتب عناية من الله في حقه وتأديب ، كما قال صلى الله عليه وسلم : " أدبني ربي ، فأحسن تأديبي " علم هذا المعنى من علم من أهل الحجاب والطغيان .
أو لما كان الخبر في الباطن والحقيقة وعدا ، لا وعيدا ، والوعيد عناية من الله في حقه .
 قال رضي الله عنه  : ( علم ذلك الوعد  من علمه ، وجهله من جهله . )
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:06 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).


قال رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه ؛ فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر "أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] ، فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ) .
 
وأشار إلى أن ذلك العتاب ليس هو قوله : " لئن تنته . . . إلى آخره " ، بل هو عتابه يتبين به استحالة حصول مسئوله بطريق الكشف .
فقال : ( وأما ما رويناه فيما أوحى اللّه به إليه ) فيه إشارة إلى أنه كيف يكون عتابا يقطع الوحي ، وهو عين الوحي ( لئن لم تنته لأمحون اسمك عن ديوان النبوة ) ، كيف وليس إشارة إلى عزل عن النبوة ، فإن الأنبياء - عليهم السّلام - معصومون عن ذلك بالإجماع .
 
فمعناه ما ذكره الشيخ - رحمه اللّه - ( أي : أرفع عنك طريق الخبر ) أي : الوحي في بيان استحالة حصول هذا المسؤول لقصوره عن إفادة الظمآنية .
( وأعطيك الأمور ) أي : حقائق الأشياء ( على التجلي ) أي : تجلي العلم الإلهي الشامل ما عليها المفيد للظمآنية لكمال ما فيه .
وحينئذ يتبيّن لك استحالة حصول مسئولك إذ ( التجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد ) ، وإنما كان هذا التجلي مفيدا للظمآنية إذ هو ( الذي يقع به الإدراك الذوقي ) ، وهو فوق الإدراك بالحس والعقل ، وإنما تبيّن استحالته مع أنه لا ثبات للأمر المحال أصلا ؛ لأن الاطلاع على هذا العلم الإلهي .
 
وإن لم يفد للعبد الاطلاع على جميع ما فيه يفيده الاطلاع على جميع ما في استعداده ، ( فتعلم أنك ما أدركت ) شيئا مما أدركته ( إلا بحسب استعدادك ) الذي اطلعت فيه على كله ، ( فتنظر ) أي : تتأمل ( في هذا الأمر الذي طلبته ) على ظن عدم استحالته ، ( فلما لم تره ) مع رؤية كل ما كان في استعدادك ( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي يطلبه ) لحصول مسئولك ، فينكشف لك استحالة هذا الأمر في حق المخلوق بطريق الذوق .
 
قال رضي الله عنه : ( وأنه من خصائص الذات الإلهية ) بحيث لا يمكن أن يحصل لغيره تعالى ، وإن اطلع على علمه ؛ فهو إنما ثبت في العلم الإلهي لا مكانة في حقه ، ولا ثبات له من حيث الاستحالة في موضع أصلا ، فهو إنما يعرف ذوقا بهذا الطريق ، وكيف لا تعلم ذوقا أنه محال في حقّك.
 
قال رضي الله عنه :  (وقد علمت أن اللّه أعطى كل شيء خلقه ، ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص ؛ فما هو خلقك ) .
وذلك لأنه ( لو كان ذوقك لأعطاكه الحق ) ، وإن لم يجب عليه شيء بالنظر إلى علو رتبته ، فلا ينافي ذلك وجوب شيء عليه بحسب سنته وحكمته ، ومقتضى خبره الصدق ووعده الحق ؛ فإنه ( الذي أخبر أنه "أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" )[ طه : 50 ] .
وإذا علمت استحالة ذلك بهذا الكشف  فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي الإلهي ) ، وإن أمكن في حق مخلوق إذا رأيت استحالته في حقك ، فكيف إذا علمت استحالته في حق الكل .
 
وهذا الخبر على هذا التأويل ليس عتابا ولا زجرا سابقا عليه ، بل هو ( عناية من اللّه بعزير عليه السّلام في بيان استحالة مسئوله ) بحيث يفيده الطمأنينة الكلية فيه ( علم ذلك من علمه ) ، فأوله بما ذكرنا ، ( وجهل ذلك من جهله ) ، فظنه عتابا أو زجرا سابقا عليه .
ثم استشعر سؤالا بأنه كيف يكون قوله : « لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة » رواه ابن قتيبة في المعارف وكذلك الغزالي في الإحياء وغيرهما.
عناية مع أنه وعيد بمحو رتبة النبوة التي كانت له مع الولاية إذ غاية العناية على ما ذكر ؟ ثم إنه نقله إلى محض الولاية .
فأجاب بأن المحو لا بدّ من وقوعه في حقّ الأنبياء بعد الموت ، فمرجعهم إلى محض الولاية مع أنها لا تنزل لهم عن حالهم ، فذلك بتكميل ولايتهم ، وجعلها أتم مما كانت لهم مع النبوة ، وإن كانت ولاية النبيّ حال نبوته أكمل من ولاية كل ولي غير نبي ، إذ لا نهاية لمراتب القرب من اللّه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه عما أجيب به عزير عليه السّلام:  (وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه : « إن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » أي أرفع عنك طريق الخبر ) - هذا وقع جواب « أما » أي فمعناه أرفع عنك طريق الإنباء والرسالة والخبر الذي هو طرف خلقيّتك .
 ( وأعطيك الأمور على التجلَّي ) الحقّاني ، ( والتجلَّي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي ) إذ الذوقيّ من الإدراك هو الذي بلغ في الاتّحاد الوجودي الذي يستلزم الإدراك مبلغا لا يكون للثنوية الكونية هناك مجال أصلا ، وذلك هو الذي في القابلية الأصليّة الأوليّة .
فإذا أدركت شيئا بمجرّد الذوق إنّما تعرف ذلك وتحقّقه بأن تستقصي فيما عندك من قوى الاستعلام وآلات استحصال النتائج ، ولم تجد شيئا منها مما يستحصل به ذلك ( فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك ) .

ثمّ إنّك إذا عرفت أن التجلَّي بما عليه الاستعداد هو مبدأ الإدراك الذوقي ، فإذا طلبت شيئا (فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت ، فلمّا لم تره ) في ذلك التجلَّي ( تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ) - وهو الذي يعطي ذلك المطلوب وتذوقه به .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأنّ ذلك من خصائص الذات الإلهيّة ) أنها في تجلَّيها لكل أحد إنما يظهر له خصوصيّته المختصّة به .

(وقد علمت أن الله " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ولم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الذي أخبر أنّه:  أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " [ 20 / 50 ] .
فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي .
( وهذه عناية من الله بعزير ) حيث وفّقه الله لهذا السؤال ، ووفّقه على ما يرقيه من مواقف الغيبة ومستفاض النبأ والخبر إلى مواطن الحضور ومشاهد التجلي والعيان ( علم ذلك من علمه ، وجهله من جهله ) فإنّ فهم أمثال هذا الكلام يحتاج إلى ذوق يعزّ واجده جدّا .

الولاية والنبوّة
ثمّ لما استشعر من هذا القول أنّه يستلزم تعظيم أمر الولاية وترجيحها على النبوّة ، أخذ فيما يحقّق ذلك من البيان قائلا :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر أنّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله ).
 
قال رضي الله عنه : ( وأمّا ما رويناه ممّا أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة ، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التّجلّي ، والتّجلّي لا يكون إلّا بما أنت عليه من الاستعداد الّذي به يقع الإدراك الذّوقي ، فتعلم أنّك ما أدركت إلّا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الّذي طلبت ، فلمّا لم تره تعلم أنّه ليس)
 
قال رضي الله عنه : (وأما ما رويناه مما أوحى اللّه به إليه لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة أي أرفع عنك ).
يعني أرفع عنك جواب ما ، أي أرفع عنك ( طريق الخبر ) والإنباء الذي هو طريق الأنبياء.
فقال رضي الله عنه  : (وأعطيك الأمور على التجلي والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت فما لم تره ) .
وفي بعض النسخ فلما لم تره في ذلك التجلي الذي أعطيك الأمور بحسبه
 
قال رضي الله عنه :  (تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الّذي تطلبه وأنّ ذلك من خصائص الذّات الإلهيّة ، وقد علمت أنّ اللّه أعطى كلّ شيء خلقه فإن لم يعطك هذا الاستعداد الخاصّ ، فما هو خلقك ، ولو كان خلقك لأعطاكه الحقّ الّذي أخبر"أنّهأَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ" [ طه : 50 ] فتكون أنت الّذي تنتهي عن مثل هذا السّؤال من نفسك ، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي وهذه عناية من اللّه بالعزير عليه السّلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله .  واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ .)
 
قال رضي الله عنه :  ( تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه ) ، أي تطلب ذلك الاستعداد الأمر الذي طلبته .
( وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية وقد علمت أن اللّه أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ) ، أي استعداده الذي يخلق في الشهادة بحسبه ( ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص فما هو ) ، أي هذا الاستعداد قال رضي الله عنه :  (خلقك ولو كان خلقك لأعطاك الذي أخبر أنهأَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي ،وهذا ) الذي ذكرناه في معنى محو اسمه عن ديوان النبوة ( عناية من اللّه بالعزير ) ووعد لا عتب ووعيد.
 
قال رضي الله عنه :  ( علم ذلك من علمه وجهله من جهله ) . اعلم أن المعاد على ضربين
أحدهما : إعادة الصور المركبة من أجزاء مخصوصة بعد افتراق تلك الأجزاء وجمعها على نحو هيئتها الأولى وإعدادها لاتصال روحها بها اتصال تدبير مقوّم لتلك الصورة وممكن إياها من التصور الخصيص بتلك الصورة وروحها ، ومن هذا القبيل كان إعادة حمار العزير عليه السلام .
والثاني : حراسة الصورة المركبة من انفكاك أجزائها عن مفارقة الروح عنها لعدم استعداد الصورة لقيام الحياة بها المستلزمة لإقبال الروح على تدبير تلك الصورة .
فإن بعض الأرواح لكماله لكسب الصورة زمان تدبيره لها صفة البقاء الذي تقتضيه ذاته ، وأيضا لم يعرض عنها بحيث يوجب انفكاك أجزائها لضعفه وعجزه عن الجمع بين الطرفين : الدنيا والآخرة .
فإن الأرواح الكاملة لا يشغلها شأن عن شأن فلم يعرض عن هذا العالم بكل وجه فمثل هذا الجسد المحروس من الانفكاك متن أمدّ بقوة وأمر بكسبه ضربا من الاعتدال اتصلت به الحياة واستعد لإقبال الروح عليه بالتدبير . ومن هذا النوع كانت إعادة عزير عليه السلام . 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:07 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة . إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )


قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أن) دائرة (الولاية هي الفلك المحيط العام ) فهي شاملة للأنبياء والمرسلين عليهم السلام ، فإنهم أولياء كما أنهم أنبياء (ولهذا لم تنقطع) ، أي الولاية إلى يوم القيامة ، لأنها الميراث الذي تركته الأنبياء عليهم السلام من بعدهم ، فلم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم وهو الولاية ، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ أوفر (ولها) ، أي للولاية (الإنباء) ، أي الإخبار بطريق التجلي الإلهي على مقدار الاستعداد في الأمور كلها (العام) ذلك الإنباء في النبي وغيره .
قال رضي الله عنه :  (وأما نبوّة التشريع) للأحكام (والرسالة) من اللّه تعالى إلى الأمّة (فمنقطعة) لا تكون في كل زمان كنبوّة الولاية ، لأن نبوّة الولاية عامة ونبوّة التشريع والرسالة خاصة ، والعام يبقى ببقاء أفراده وهم باقون إلى يوم القيامة ، والخاص يذهب بذهاب أفراده .
(وفي) نبينا (محمد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت) النبوة التي هي نبوة التشريع والرسالة (فلا نبي بعده) إلى يوم القيامة (يعني) نبيا (مشرعا) للأحكام على الاستقلال بشرع جديد (أو) نبيا قال رضي الله عنه :  (مشرعا له) ، أي محمد صلى اللّه عليه وسلم بأن يكون نبيا جاء مقررا لشريعة محمد عليه السلام كما كانت أنبياء بني إسرائيل يقررون شريعة موسى عليه السلام (ولا رسول) بعده أيضا (وهو) الرسول (المشرع) للأحكام الإلهية .
(وهذا الحديث) "رواه مسلم والبخاري وغيرهما"  في انقطاع نبوّة التشريع والرسالة (قصم) ، أي قطع (ظهور)

جمع ظهر (أولياء اللّه) تعالى ، لأنه ، أي الحادث المذكور (يتضمن انقطاع ذوق العبودية) للّه تعالى (الكاملة التامة) في مرتبتي العلم والعمل في الظاهر والباطن (فلا يطلق عليه السلام ) ، أي على الولي (اسمها) ، أي اسم العبودية (الخاص) ذلك الاسم (بها) ، أي بالعبودية بحيث إذا أطلقت تصرف إليه لأنه فردها الكامل (فإن العبد) المقبل على التحقق بالعبودية (يريد أن لا يشاركه سيده) تعالى (وهو اللّه) سبحانه (في اسم) من أسمائه لينفرد بالعبودية كما انفرد ربه بالربوبية .
قال رضي الله عنه :  (واللّه) تعالى (لم يتسم) في الكتاب ولا السنة (بنبي ولا رسول و) إنما (تسمى بالولي واتصف) سبحانه بهذا الاسم في الكتاب العزيز فقال "اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257 ] .
فولي وصف اللّه تعالى في المعنى وإن كان خبرا عنه في اللفظ (وقال) تعالى في مثل ذلك (وهو) أي اللّه تعالى : ("الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ") [ الشّورى : 28 ] أي المحمود ولايته (وهذا الاسم) أي الولي باق جار في الألسنة على عباد اللّه تعالى المتقين (دنيا وآخرة ).
قال تعالى "إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ" [ الأنفال  : 34] .
قال رضي الله عنه :  (فلم يبق اسم يختص به العبد) المؤمن المتقي (دون الحق) تعالى (بانقطاع النبوّة والرسالة) فإن النبي والرسول اسمان يختص بهما العبد دون الحق تعالى كما ذكر واسم الولي مشترك .
(إلا أن اللّه) تعالى (لطيف بعباده) المؤمنين كما قال سبحانه "اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبادِهِ" [ الشورى : 19 ] ، والضمير راجع إلى اللّه تعالى ، أي بعباد اللّه تعالى لا بعبد الدرهم ولا عبد الدينار ، فإنه لا يلطف به .
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : "تعس عبد الدرهم وتعس عبد الدينار ، وتعس عبد الخميصة وانتكس وإذا شيك فلا انتقش". أي إذا دخلت فيه شوكة لا خرجت منه بالمنقاش .
رواه الطبري والديلمي و البيهقي والبزار والمناوي وغيرهم.

قال رضي الله عنه : (فأبقى) سبحانه (لهم النبوّة العامة) وهي مقام الولاية (التي لا تشريع فيها) ، أي تبيين الأحكام الإلهية للمكلفين بها (وأبقى لهم) سبحانه ، أي لعباده (التشريع في) رتبة (الاجتهاد) الذي للمجتهدين (في ثبوت الأحكام) الشرعية (وأبقى لهم) سبحانه (الوراثة) عن الأنبياء عليهم السلام (في التشريع) باستنباط الأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها الأصلية (فقال) ، أي اللّه تعالى على لسان نبيه عليه السلام ، لأنه لا ينطق عن الهوى ، أي "إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى" [ النجم : 4 ] .
والوحي قول اللّه تعالى (العلماء) باللّه تعالى عن كشف وشهود وعيان وربما يلتحق بهم أصحاب الدليل والبرهان من بعض الوجوه في بعض الأحيان (ورثة) جمع وارث (الأنبياء) المتقدمين عليهم السلام وذلك في وصف العلم الإلهي اللدني الذي هو الولاية .
وقال صلى اللّه عليه وسلم : « العلماء مصابيح الأرض وخلفاء الأنبياء وورثتي وورثة الأنبياء ». اوره السيوطي في الجامع الكبير والصغير والمتقي الهندي القزويني في التدوين .
وقال " ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا" [ فاطر : 32 ] الآية .
قال رضي الله عنه : (وما ثم) ، أي هناك في العلماء (ميراث في ذلك) ، أي في العلم النبوي (إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام) الشرعية الأصلية والفرعية في الاعتقاد وفي العمل بالكشف عن ذلك في الكتاب والسنة (فشرعوه) للأمة المحمدية شريعة نبيهم ، فيأتي كل ولي وارث كامل بالفهم الجديد لا بالشرع الجديد ، كما يأتي المجتهد بالمذهب الجديد لا الدين الجديد ، والمشارب تختلف بالأذواق والحق واحد في عين الكل ، والكل طرق إليه ولا خطأ في الفهم الجديد عند الولي الوارث لقوله تعالى: " قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً" [ الكهف : 109 ] .
ففهوم كلمات الرب لا تنحصر على الأبد ، ولهذا ورد في الحديث أنه يقال للمؤمن في الجنة حيث يقرأ القرآن : " اقرأ وارق ".
لأنه كلما قرأ فهم فهما جديدا فيرقى به مرتبة في الشهود لم يكن عليها والكل صواب ، لأنه معنى الكلمات الإلهية بخلاف مذهب المجتهد في العمل الظاهر فإنه يخطئ ويصيب كما قال صلى اللّه عليه وسلم : " من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد " .
 وسبب الخطأ من المجتهد استعمال عقله فيما اجتهد فيه من الدليل الشرعي ، والعقل قاصر فتارة يصيب بمعونة إلهية ، وتارة يخطئ فتنة له من اللّه تعالى ، وهو مثاب على كل حال ، لأنه ما استعمل عقله في هواه وإنما استعمله في أصول شرعه المأمور باتباعه .
وسبب عدم خطأ الولي الوارث في فهمه أصلا لأنه ما استعمل عقله في ذلك الفهم ، وإنما فرغ المحل بعد طهارته من الأغيار وتنظيفه منها وتطييبه بالأذكار الإلهية والحضور التام ، وقعد ينتظر ما يفيض عليه من كرم ربه من علوم الإلهام ، فهو مصيب على كل حال ويسمى مجتهدا ، وإنما يسمى عالما باللّه وعارفا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
( واعلم أن الولاية ) أي حقيقة الولاية ( وهي الفلك المحيط العام ) الكلي الشامل على النبوة والرسالة.
 ( ولهذا ) أي ولأجل إحاطتها وعمومها ( لم تنقطع ولها الأنبياء العام وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمد عليه السلام قد انقطعت فلا نبي بعده مشرّعا ) على صيغة اسم الفاعل أي لا داخلا تحت شريعته .
فإن عيسى عليه السلام نبي يجيء داخلا تحت شريعته ( أو مشرّعا له ) أي داخلا تحت شريعة نبي مشرّع وتابعا لشريعته كأنبياء نبي إسرائيل عليهم السلام فإنهم على شريعة موسى عليه السلام ( ولا رسول ) عطف على فلا نبي عليه السلام ( وهو ) أي والحال أن ذلك الرسول عليه السلام هو ( المشرع وهذا الحديث ) وهو قوله عليه السلام لا نبي بعدي ( قصم ) أي قطع ( ظهور أولياء اللّه ) بالأنباء عن المعارف الإلهية كما ظهر الأنبياء عليهم السلام بها من جهة ولايتهم ( لأنه ) أي لأن هذا الحديث ( يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ) لأن هذا الذوق لا يكون إلا في الرسول والنبي عليه السلام.

فإذا انقطعت الرسالة والنبوة بعد محمد صلى اللّه عليه وسلم انقطع هذا الذوق فإذا انقطعت العبودية الكاملة ( فلا ينطلق عليها ) أي على العبودية الكاملة .
( اسمها الخاص بها ) وهو النبوة والرسالة وإنما لم يظهر أولياء اللّه بانقطاع العبودية الكاملة ( فإن العبد ) الوليّ ( يريد أن لا يشارك سيده ) في اتصافه بالاسم الولي لعلمه أن الاتصاف ليس من مقتضى ذاته بل يحصل له عند فنائه في الحق بل يريد أن يظهر بمقتضى ذاته وهو العبادة .
فانقطع عن الظهور بالولاية ( وهو اللّه في اسم ) يتعلق بلا يشارك ( واللّه لم يتسم بنبي ولا رسول عليه السلام ويسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال تعالى : " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا"
وقال تعالى :" وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) فلم يبق اسم مختص ظهر به العبد بالولاية وهي واجبة الظهور لمصالح العباد في الدين والدنيا إلى انقراض الزمان .
فأظهرها اللّه تعالى لطفا وعناية بعباده بإبقائه لهم النبوة العامة فظهر بها الولاية كما ظهر بالنبوة والرسالة .
وإليه أشار بقوله : ( إلا أن اللّه لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ) وهي الأنباء أي الأخبار عن المعارف الإلهية فالأولياء وارثون بواطنهم أي جهة ولايتهم يظهرون أحكام ولايتهم من المعارف والحقائق الإلهية يرشدون الأمة إلى اللّه ويفيضون عليهم المعارف الإلهية بقدر نصيبهم منها فإبقاء النبوة العامة ليس إلا لظهور الولاية الخاصة للنبوة عن الأولياء وارثة.
 ( وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال العلماء ورثة الأنبياء وما ثمة ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه ) أي فشرعوا ما اجتهدوا من الأحكام الشرعية فالأئمة الأربعة وغيرهم من المجتهدين وارثون ظواهرهم أي نبوتهم الخاصة بهم لا يرثون ولايتهم الخاصة كما لا يرث ظواهرهم من يرث بواطنهم فلا يجتمع الوراثتان في شخص واحد ولذلك لا يصح نصب المفتي من الأولياء الوارثين لعدم اجتهادهم في ثبوت الأحكام الشرعية فالمجتهدون كلهم أولياء بالولاية العامة لا الولاية بالوراثة ولذلك لم يظهروا بالولاية أي بالأنباء عن الحقائق الإلهية بل ظهروا بالإخبار عن الأحكام الاجتهادية فالمراد بإظهار الولاية الولاية بالوراثة لكونه سببا لإرشاد الخلق وانتفاعه.

وأما الولاية للمؤمنين فلا يظهر أبدا عن صاحبها فلا ينتفع عنه غيره كما في الأئمة الأربعة فإن ولايتهم العامة مستورة مخفية بوارثتهم في التشريع في الاجتهاد والمجتهد لا يتكلم بكلام خارج عن التشريع بل كل كلامه داخل تحت التشريع في الاجتهاد.
كما أن الولي الوارث لا يتكلم بكلام داخل تحت التشريع في الاجتهاد بل كل كلامه خارج عن الأحكام الاجتهادية وهو الأنباء عن الحقائق الإلهية والأنبياء لكونهم جامعين بين الولاية والرسالة يتكلمون بكليهما .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة . إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
المعني ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  واعلم : أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، ولها الإنباء العامّ ، وأمّا نبوّة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى الله عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده - يعني مشرّعا أو مشرّعا له - ولا رسول وهو المشرّع . وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبودة الكاملة التامّة ، فلا يطلق عليها اسمها الخاصّ بها .
فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو الله - في اسم ، والله لم يتسمّ بنبيّ ولا برسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم ، فقال : " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " وقال : " وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة ، فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحق بانقطاع النبوّة والرسالة ) .

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ رجال الكمال من أهل الله لا يفتخرون بما هو عرضيّ لهم من الربوبية وأسماء الربّ ، ولا يظهرون بها ، وإنّما يظهرون بالذاتيات وهي العبودية ، ويقتضي كمال التحقّق بالعبودية أن لا يشاركوا الحق في اسم كالوليّ .
وأن يظهروا ويتسمّوا باسم يخصّهم من حيث العبودية المحضة ، وليس ذلك إلَّا النبيّ والرسول ، ولم يتسمّ الله بهما ، فلمّا انقطعت النبوّة والرسالة ، لم يبق لهم منهما اسم يتسمّون به ، فانقصم ظهور استظهارهم لأجل ذلك ، وهذا سرّ عزيز المنال ، لم يعثر عليه قبله ، ومن قبله قالوا بغيره .
قال رضي الله عنه : ( إلَّا أنّ الله لطف بعباده ، فأبقى لهم النبوّة العامّة التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة . فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّ ميراث في ذلك إلَّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرّعوه)

قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى حقيقتي النبوّة والولاية ، وقد وقع في ذلك خبط عظيم بين العوامّ من حيث جهلهم بهذه الحقائق .
فلو عرفوا حقائق المراتب على ما هي عليها في نفسها وفي علم الله تعالى ، لعلموا الأمر على ما هو عليه ، وقد استقصينا القول في بيان هذه الحقائق وتوابعها ولوازمها في كتاب « النبوّة والولاية » لنا ، وفي كتاب « الختمية » أيضا .
ولقد سبق في الفصّ الشيثي ما فيه مقنع ، وقد يزيد في هذا المقام في الحواشي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وفيما أجمل الشيخ جمل تفاصيل نذكرها وفيه غنية ، وهو أوضح ، والله الموفّق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  (واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العالم ولهذا لم تنقطع ولها الإنباء العام ، وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، وفي محمد عليه الصلاة والسلام قد انقطعت فلا نبي بعده ، يعنى مشرعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرع ، وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة فلا ينطلق عليها اسمها الخاص بها ، فإن العبد يريد أن لا يشارك سيده وهو الله في اسم والله لم يتسم بنبي ولا رسول ، وتسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال: " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " ، وقال " وهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " )
الولاية هو الفناء في الله والله هو المحيط بالكل و " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " يقتضي إحاطته بالكل وعدم انقطاع الولاية لأن الكل به موجود بنفسه فاني هالك ، ولهذه الولاية الإنباء العام أي التعريض الإلهي .
وإخبار كل مستعد طالب بخصائص التوحيد الذاتي والأسمائى لكل عارف باللَّه ، والباقي ظاهر إلى قوله:  وهذا الحديث قصم ، لأن الرجال الكمل يتحققون أن أسماء الرب لهم عارضة ، إنما أطلقت عليهم من حيث فناؤهم في الله تعالى ، وإن ما يختص بهم إنما هو صفات العبودية وأسماؤها ، والهمم العالية سموا إلى الذاتيات الخاصة الكاملة ، ولا أتم في خصائص العبودية ولا أكمل من النبي والرسول .
فإنهما من أشرف خواص العبودية وأفضلها ، إذ الرب لا يسمى بها ويسمى بالولي .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم ) أي الولي ( باقي جاري على عباد الله دنيا وآخرة ، فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة إلا أن الله لطيف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ).
أي الإنباء عن الله تعالى بصفاته وأسمائه وأفعاله وكل ما يقرب به العبد إليه .
قال رضي الله عنه :  ( وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في الشرائع ، فقال عليه الصلاة والسلام « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثم ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه )  
كبيان التخلق بأخلاق الله ، وبيان قرب النوافل وقرب الفرائض ومقام التوكل والرضا والتسليم والتوحيد والتفريد والفناء والجمع والفرق وأمثال ذلك:


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ،  فلا ينطلق عليه اسمها الخاص بها ، فإن العبد يريد أن لا يشارك سيده ، وهو الله في اسم . والله لم يتسم بنبي ولا رسول ، وتسمى ب‍الولى واتصف بهذا الاسم فقال : " الله ولى الذين آمنوا " . وقال : " هو الولي الحميد " . وهذا الاسم باق جار على عباد الله ، دنيى وآخرة . فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة . ) .
 
أي ، قوله ، صلى الله عليه وسلم : ( لا نبي بعدي ) . قصم ظهور أولياء الله ، لأن الكاملين المحققين بالفقر التام والعبادة الكاملة التامة لا يختارون المشاركة في اسم من أسماء الله ، لعلمهم بأن الاتصاف بالأسماء الإلهية ليست مقتضى ذواتهم ، لكونه بالنسبة إليهم عرضيا يحصل لهم عند فنائهم في الحق ، بل يريدون أن يظهروا بمقتضى ذواتهم ، وهو العبادة .
كما قال الشيخ رضي الله عنه  : ( لا تدعني إلا ب‍ " يا عبدها ". فإنه أشرف أسمائي ) .

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه عن نعت المحب بأنه مجهول الأسماء
في الفتوحات الباب الثامن والسبعون ومائة في معرفة مقام المحبة
قال الشاعر : لا تدعني إلا بيا عبدها ..... فإنه أشرف أسمائي
فهذا مثل قولهم فيه إنه مخلوع النعوت فالعبودية له ذاتية فما له اسم معين سوى ما يسميه به محبوبه . فبأي اسم سماه ودعاه به أجابه ولباه .
فإذا قيل للمحب ما اسمك يقول سل المحبوب فما سماني به فهو اسمي لا اسم لي أنا المجهول الذي لا يعرف والنكرة التي لا تتعرف المحب الله لا اسم له يدل على ذاته .
وإنما المألوه الذي هو محبوبه نظر إلى ما له فيه من أثر فسماه بآثاره فقبل الحق ما سماه به .
فقال المألوه يا الله قال الله له لبيك
قال المربوب يا رب قال له الرب لبيك
قال المخلوق له يا خالق قال الخالق لبيك
قال المرزوق يا رزاق قال الرزاق لبيك
قال الضعيف يا قوي قال القوي أجبتك.أهـ ""  .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:08 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :     الجزء الثاني
تابع مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
والنبي والرسول مختصان بالعباد ، لأن الله تعالى لم يتسم بهما . ولا يجوز إطلاق هذين الاسمين عليه "سبحانه" ، بخلاف الاسم ( الولي ) ، فإنه اسم من أسماء الله .
كما قال : " الله ولى الذين آمنوا " .  وقال : " هو الولي الحميد " .
وهذا الاسم ، أي ( الولي ) ، باق وجار ، أي ، مطلق على عباد الله تعالى دنيى وآخرة .
وفي قوله : ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ) وتعليله بانقطاع ذوق العبودية الكاملة ، سر يطلع عليه من أمعن النظر فيه ، وتذكر قوله ،
عليه السلام : ( أنا والساعة كهاتين ) . وتحقق بأسرار القيامة وظهور الحق بفناء الخلق وعبوديتهم   .

قال رضي الله عنه :  ( إلا أن الله لطيف بعباده ، فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التشريع . فقال : " العلماء ورثة الأنبياء " . وما ثمة ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام ، فشرعوه .)
تقدير الكلام : وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة ، إلا النبوة العامة التي هي الإنباء عن المعارف والحقائق الإلهية من غير تشريع ، فإنها غير منقطعة .
أبقاها الله لعباده لطفا عليهم وعناية ورحمة في حقهم . وأبقى لهم من التشريع أيضا نصيبا ، لكن بحسب اجتهادهم ، لا آخذا من الله بلا واسطة أو بواسطة الملك ، فإنه مخصوص بالأنبياء ، لأن المسائل الاجتهادية والأحكام الظنية نوع  من التشريع ، حاصل من المجتهدين فيه ، وجعلهم من الورثة للأنبياء ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( العلماء ورثة الأنبياء ) . وليس لهم ميراث من أموال الدنيا ، كما قال : "نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث " فميراثهم الأموال الأخراوية.
فالأولياء العارفون وارثون للأنبياء في المعارف والحقائق ، والعلماء المجتهدون وارثون للأنبياء في التشريع بالاجتهاد .
فالأولياء ورثة بواطنهم ، والعلماء ورثة ظواهرهم ، والأولياء العلماء ورثة مقام جمعهم .
ولا تجتمع هذه النبوة العامة والتشريع الموروث في شخص واحد ، لذلك ما اجتهد ولى من الأولياء في حكم من أحكام الشرع ، حتى خاتم الأولياء أيضا يتبع الشريعة في الظاهر .

وجعله للمذاهب مذهبا واحدا ليس تشريعا منه ، لأنه يحكم على ما يشاهد في نفس الأمر متابعا لما حكم به خاتم الأنبياء .
والأئمة الأربعة أولياء بالولاية العامة الشاملة حتى للمؤمنين ، لا الخاصة فلا يرد .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ ، وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرّعا له ولا رسول وهو المشرّع ، وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه ؛ لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة ، فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها ؛ فإنّ العبد يريد ألا يشارك سيّده وهو اللّه في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم ؛ فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا"[ البقرة : 257 ] ، وقال :"وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ"[ الشورى : 28 ] ، وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة .  فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة ، إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده ، فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التّشريع ؛ فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » ،وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه .)

وقدّم لبيان ذلك مقدمة ؛ فقال : ( واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط ) بالكمالات ( العامة ) للموجودات الكاملة ، حتى أن كل مؤمن ولى من وجه ، وإن لم يسم بذلك عرفا لدنو رتبة في ذلك إن كان من العوام ، وكذا كل نبي ورسول وولي ، وإن لم يسم بذلك لعدم ظهوره به في العموم ، واللّه تعالى قد يسمى بذلك ؛ ( ولهذا ) أي : ولإحاطتها بالكمالات ( لا تنقطع ) لعدم تناهي الكمالات ، وانقطاع ما لا نهاية له محال ولعمومها الأنبياء الأولياء ( لها الإنباء العام ) للأنبياء الأولياء عن حقائق الموجودات ، وإن اختص بعضهم ببعض الحقائق  والمراتب كالرسل.

قال رضي الله عنه : ( أما نبوة التشريع ) التي بها أنباء الأحكام العلمية ، ( والرسالة ) تبلغها إلى العامة ، ( فمنقطعة ) بجوار انقطاع بعض أفراد غير المتناهي ، وإن لم يكن انقطاعه بكليته ، وقد وقع ذلك في حقّ الأنبياء - عليهم السّلام - فكيف ( وفي حق محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) مع عدم تناهي كمالاته ، ( فقد انقطعت ) له هذه الرتبة الخاصة.

وإن زادت مراتب قوية من ربه ، (فلا نبي بعده مشرعا ) أي : أتيا بشرع خاص ، ( ومشرعا له ) أي : مجعولا شرع من تقدمه شرعا له يتكلم في تأويله بالوحي بحيث يكون تأويله حجة بخلاف تأويل المجتهد ، ولو وليّا من العامة ، فربما لا يكاشفون بأسرار الشريعة ، وإن كوشفوا فلا يكون كشفهم حجة على غير .

ولهذا اختلفت الصحابة مع أن بعضهم أولياء ( ولا رسول ، وهو المشرع ) ، فهو أخص من النبي ، وإن كان أخص من الولي ، ( وهذا الحديث ) أي : شأن انقطاع النبوة التشريعية والرسالة ( قصم ) أي : كسر ( ظهور أولياء اللّه ) التي بها قوة ولايتهم ، وهي كمال العبودية.
قال رضي الله عنه :  ( لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة ) حقيقة ، ومعنى العامة صورة ولفظا ، ( فلا ينطلق عليه ) أي : على الولي ( اسمها ) بالحقيقة ؛ لاختصاص الاسم المطلق بالمسمى الكامل ، وكمال الولي في عبوديته التي هي أصله ، وكمال كل شيء فيما يتميز به عما عداه لا فيما يشاركه .

قال رضي الله عنه : ( فإن العبد يريد ) أي : يقتضي حاله ( ألا يشارك ) سيده ، وهو أي : ( سيده هو اللّه في اسم ) ، وإن شاركه في اسم آخر ليتميز به عنه ، كما أن سيده اختص باسم هو اللّه لا يشاركه العبد فيه قال تعالى :"هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا"[ مريم : 65 ] .
والمراد اسم يدل على كمال المعنى ، وتمام الصورة ، وإلا فلفظ العبد مختص بالعبد ، فذلك الاسم إما الرسول أو النبي أو الولي ، لكن الأخير غير مختص بالعبد الأولان يختصان به ؛ وذلك لأن ( اللّه تعالى لم يتسم بنبي ، ولا رسول ، ويسمى بالولي ) إذ ذكر في أسمائه ، واتصف بهذا الاسم في كتابه ، فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257] .
بالإضافة ، وقال أيضا بدون الإضافة :"وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ" [ الشورى : 28 ] .
ثم رجع إلى المقصود من بقاء الاسم غير المخصوص مع عدم بقاء الاسم المخصوص.


فقال رضي الله عنه  : ( وهذا الاسم ) أي : الولي ( باق ) يعني ( جار ) لفظا فيه إشارة أنه لا غيره بلفظ العارف والمصلي والمزكي والصائم ، فإن العارف في المعنى قريب من العالم ، فهو كالباقي في حق اللّه ، وإن لم يجر عليه ، والألفاظ الباقية كالجارية عليه لفظا ، وإن لم تبق في حقّه معنى ، كما في قوله تعالى : "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ" [ الأحزاب : 43].
وقوله : "وَلا يُزَكِّيهِمْ" ، فإنه يدل على أنه يزكي غيرهم ، وقوله :" وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ " [ الأنعام : 14 ] ، فإنه يقرب من معنى الصائم ( على عباد اللّه ) الأنبياء الأولياء ( دنيا وأخرى ) قبل دخول الجنة والنار وبعدها .
وقد شاركهم فيه مولاهم ، ( ولم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) بعد دخول الجنة أو النار على ما يأتي بالكلية ، وكذا بموت الأنبياء والرسل الذين بعثوا في الدنيا ، فلم يبق في حقهم وحق الأولياء من أمتهم اسم يدل على العبودية الكاملة التامة ، فانقطع ذوقها فقصم ذلك ظهورهم ( إلا أن اللّه لطيف بعباده ) الأولياء التابعين للأنبياء ترك لهم نصيبا من هذا الاسم جبرا لخواطرهم.

قال رضي الله عنه  : ( فأبقى لهم النبوة العامة ) الأنبياء الأولياء ، وهي الإنباء عن اللّه تعالى ، وعن حقائق الموجودات ( التي لا تشريع فيها ) ، وهو اسم خاص العباد باق فيهم معنى ، وإن لم يجر عليهم لفظا ، وهذا في حق الأولياء وأيضا ( أبقى لهم التشريع ) من غير إنباء عن اللّه ( في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ) غير المنصوصة في حق المجتهدين من العلماء ، وأيضا ( أبقى لهم الوراثة في التشريع ) ، وهذا في حق جملة العلماء .

قال رضي الله عنه  : ( فقال : العلماء ورثة الأنبياء ) والوراثة في الأحكام المنصوصة ظاهر ( وما ثمة ) أي : في المسائل غير المنصوصة ميراث ( في ذلك ) أي : نبوة التشريع ( إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام ، فشرعوه ) أي : في جعلهم تلك الأحكام لاحقة بالأحكام المنصوصة باجتهادهم ، فإن المجتهد إذا ظن الحكم وجب عليه الفتوى والعمل به عليه ؛ فعلم مما ذكرنا أن الأنبياء جامعون بين النبوة التشريعية والرسالة والولاية .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أنّ الولاية ) لما لها من غلبة حكم البطون والأصالة الذاتيّة ( هي الفلك المحيط ) بسائر ما في الظاهر من الصور ، ( العامّ ) نسبتها إلى الكل ، عموم نسبة المحيط إلى محاطه ، ( ولهذا لم تنقطع ) ضرورة أن دوران الأفلاك وسائر الحركات الدورية لا ينقطع ، انقطاع الحركة المستقيمة التي للمحاط - ( ولها الإنباء العامّ ) إلى المكلفين - أرباب الأحكام - وإلى المحقّقين من ذوي الإيقان ، ضرورة أن نسبة إحاطته على الكلّ سواء .

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا نبوّة التشريع ورسالته منقطعة ) فإنّ أفلاكها ليست لها الإحاطة التامّة ، ( وفي محمد صلَّى الله عليه وسلَّم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده - يعني مشرّعا ، أو مشرّعا له ولا رسول ، وهو المشرّع ) .

ثمّ إنّ الولاية التي هي حكم البطون والإطلاق لا اختصاص لها بالعبد ، بل هي ذاتيّة للحقّ ، موهوبة للعبد ، وأما النبوّة لما كانت أحكام الصور والقيد ، هي ذاتيّة للعبد ، وهي درجة كماله وذروة عروجه إلى أوج ما أمكن له من مراقي جلاله ولهذا قال : ( وهذا الحديث قصم ظهور أولياء الله ، لأنه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التامّة ) .

فإنّ كمال كل حقيقة وتمامه إنما هو بإظهار ما له من خصوصيّاته المميّزة له عن غيره . والنبوّة هي التي تختصّ بالعبد ، وفصله المميّز له عن الحقّ ، فعند انقطاعها لا يمكن ظهوره بها ، ( فلا ينطلق عليها اسمها الخاصّ بها ) وذلك يوجب كتمان أمر العبد وخفائه ، وإن أطلق عليها الأسماء المشتركة بينه وبين الحق ( فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده "وهو الله" في اسم ) إظهارا لكماله الخاص به ، وإنفاذا لأمر سلطانه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (والله لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ . واتّصف بهذا الاسم فقال : " الله وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا " [ 2 / 257 ] وقال : " وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ " [ 42 / 28 ] وهذا الاسم ) الوليّ ( باق ، جار على عباد الله دنيا وآخرة ) .

 
وهذا له مثال يستفهم منه مغزاه :
وهو أن الشجرة ما لم يظهر عن أكمام نظام أجزائها حكم الثمرة ، يكون الظاهر على العالمين أمر أجزائها الصورية فقط ، كالأوراق والأغصان والأزهار ، ولذلك تراهم يقنعون عنها حينئذ برؤية ألوانها واستشمام نسائمها وروائحها ، منتظرين بدوّ الثمرة في تلك الصورة الحاملة لها ، مترقّبين لذلك كل الترقّب ، حتى فتقت الأكمام عن ثمارها وحكم الزمان بإبرازها وإظهارها.
ويومئذ تنعزل تلك الصورة عن إمرة قبولها ونفوذ سلطانها ولا يقنع العالمون بالاحتظاء عن صورتها ، بل يجنون ثمارها بأيادي الاستعدادات ويملكونها ويغتذون منها ويتّحدون بها .
فعلم أن أمر تلك الثمرة باق ظاهرا وباطنا ما ينقطع حكمها أبدا ، دون الصورة الحاملة لها .


الباقي من أمر النبوة العامّة
قال رضي الله عنه :  (فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ ، بانقطاع النبوّة والرسالة ، إلَّا أن الله لطيف بعباده ، فأبقى لهم النبوّة العامة ) ، أعني الإنباء عن الله تعالى بصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامها وخواصّها من الحكم النظرية (التي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام ، وأبقى لهم الوراثة في التشريع ، فقال: « العلماء ورثة الأنبياء » ) وقد اعتبر العلماء هاهنا على العرف المعروف للعامّة حيث خصّص الوراثة بالتشريع وما عمّها لها وللإنباء .

ويمكن أن يقال : الميراث إنما يطلق على ما تخلَّف عن الميّت مما اختصّ به ملكا له دون غيره ، وإذ كان الإنباء ليس كذلك ما أدخله فيه وإليه أشار بقوله : ( وما ثمّ ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه فشرّعوه) فإن الأنباء الحكميّة والحقائق الإلهية لا يطلق عليها الميراث ، حيث أنّ صاحبها وخاتمها بعد ما مات عنها .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ . وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرعا له ولا رسول وهو المشرّع .
وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا[ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .
إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال : « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه . )

قال رضي الله عنه : ( واعلم أنّ الولاية هي الفلك المحيط العامّ ، ولهذا لم تنقطع ، وله الإنباء العامّ .)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أن الولاية ) التي هي عبارة عن الفناء في الحق سبحانه والبقاء به ( هي الفلك ) ، أي المعنى الكلي ( المحيط ) بكل نبي وولي ورسول ( العام ) لكلتا النشأتين :
الدنيوية والأخروية الشامل لجميع أحيائها ( ولهذا ) ، أي لإحاطتها وعمومها ( لم تنقطع ) في هذه النشأة أصلا بأن تكون هذه النشأة باقية وهي منقطعة فإن عند انقطاعها عن هذه النشأة ينتقل الأمر إلى الآخرة ( ولها ) ، أي للولاية ( الإنباء العام ) الذي يتحقق مع النبوة وبدونها لأن الولي هو الذي فني في الحق سبحانه ، عند هذا الفناء يطلع على المعارف والحقائق بشيء عنها عند بقائه باللّه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا نبوّة التّشريع والرّسالة فمنقطعة ، وفي محمّد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ، فلا نبيّ بعده مشرّعا أو مشرّعا له ولا رسول وهو المشرّع .  وهذا الحديث قصم ظهور أولياء اللّه لأنّه يتضمّن انقطاع ذوق العبوديّة الكاملة التّامّة فلا ينطلق عليه اسمها الخاصّ بها فإنّ العبد يريد أن لا يشارك سيّده - وهو اللّه - في اسم ؛ واللّه لم يتسمّ بنبيّ ولا رسول ، وتسمّى بالوليّ واتّصف بهذا الاسم فقال :"اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 258 ] وقال :وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ[ الشورى : 28 ] وهذا)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما نبوة التشريع ) التي هي خصوص مرتبة من الإنباء العام ( والرسالة ) التي هي خصوص مرتبة في النبوّة ( فمنقطعة ) ، أي كل واحدةمنهما منقطعة في هذه النشأة لا تستوعب جميع أحيانها فلا يبعث رسول ولا نبي آخر ولا يتعدى إلى النشأة الأخرى أيضا ، فلا يبعث فيها الأنبياء المشرعون كل واحد من النبوة والرسالة ( وفي ) نبينا ( محمد صلى اللّه عليه وسلم قد انقطعت ) كما قال صلى اللّه عليه وسلم : « لا نبي بعدي »  . رواه البخاري ومسلم

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا نبي بعده مشرعا ) ، أي آتيا بالأحكام الشرعية من غير متابعة لنبي آخر قبله كموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام ( أو مشرعا له ) ، أي متبعا لما شرعه النبي صلى اللّه عليه وسلم المتقدم كأنبياء بني إسرائيل إذ كلهم كانوا داعين إلى شريعة موسى عليه السلام ( ولا رسول وهو ) ، أي الرسول هو ( المشرع ) ، أي الآتي بشريعة من غير تبعية لنبي آخر.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهذا الحديث ) المنبىء عن انقطاع النبوة بعد نبينا صلى اللّه عليه وسلم ( قصم ظهور أولياء اللّه ) الظاهرين في هذه الأمة ( لأنه ) ، أي ذلك الحديث ( يتضمن ) ويستدعي ( انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة ) التي لا يشوبها ربوبية فإنه لا يكون هذا الذوق إلا في مقام النبوّة بانقطاعها ينقطع ( فلا ينطلق عليه ) ، أي على الولي ( اسمها ) ، أي اسم العبودية ( الخاص بها ) الغير المنطلق على اللّه سبحانه وذلك يوجب قسم ظهورهم.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن العبد ) المترقي في درجات الولاية ( يريد أن ) يذوق العبودية الكاملة ( لا يشارك سيده وهو اللّه سبحانه ) في هذا المقام ( في اسم ) فيكون عبدا محضا ( واللّه لم يتسم ) في مرتبة الجمع ( بنبي ولا رسول ويسمى بالولي واتصف بهذا الاسم ) ، فيشارك العبد فيه فلا يكون من الأسماء الخاصة بالعبد .
واستدل على تسميته سبحانه بهذا الاسم بقوله : ( فقال تعالى :" اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا" [ البقرة : 257 ] وقال تعالى ) أيضا (وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ) [ الشورى : 28 ] ، فهو للّه سبحانه بالأصالة كسائر الأسماء ولعبيده تحققا خلقا أو تعلقا .

قال رضي الله عنه :  (الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة . فلم يبق اسم يختصّ به العبد دون الحقّ بانقطاع النّبوّة والرّسالة .  إلّا أنّ اللّه لطيف بعباده فأبقى لهم النّبوّة العامّة الّتي لا تشريع فيها ، وأبقى لهم التّشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام . وأبقى لهم الوراثة في التّشريع فقال :  « العلماء ورثة الأنبياء » وما ثمّة ميراث في ذلك إلّا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه .)

قال رضي الله عنه :  ( وهذا الاسم باق جار على عباد اللّه دنيا وآخرة ) ، فهو مشترك بين الحق سبحانه وبين عبيده (فلم يبق ) للعبد ( اسم يختص به العبد ) بحسب مرتبته الكمالية بحيث يطلق عليه ( دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة ) فإنهما إذا انقطعتا لم يتسم العبد بالنبي والرسول فلا يكون له اسم خاص به ، ولما ذكر رضي اللّه عنه أن النبوّة التشريعية قد انقطعت بعد نبينا صلى اللّه عليه وسلم أراد أن ينبه أن المنقطعة ما يكون بغير اجتهاد وما يكون بالاجتهاد يدوم بدوام هذه النشأة ، وإن انقطعت في النشأة الأخروية .

فقال رضي الله عنه  : ( إلا أن اللّه سبحانه لطف بعباده فأبقى لهم النبوة العامة ، التي ) هي الإنباء عن المعارف والأحكام الإلهية ( لا تشريع فيها ) من غير اجتهاد ( وأبقى لهم ) ، أي لعباده ( التشريع ) الواقع ( في ضمن الاجتهاد في ثبوت الأحكام وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال ) على لسان نبيه صلى اللّه عليه وسلم « العلماء ورثة الأنبياء »  وما ثم ميراث في ذلك ) التشريع ( إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه ) . رواه أبو داود ورواه الترمذي ورواه غيرهما .

أي إلا في الأحكام اجتهدوا فيها واستنبطوها من مأخذها من الكتاب والسنة فشرعوها بطريق الاجتهاد ( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع ) ، كقوله عليه السلام : « لو دليتم بحبل لهبط على اللّه » . رواه الترمذي

وكحديث قرب النوافل وقرب الفرائض وغير ذلك مما يتعلق بكشف الحقائق الإلهية والأسرار الربانية ( فمن حيث هو ولي عارف ) . رواه الترمذي
أي فذلك النبي من حيث هو ولي وعارف باللّه معرفة ذوق وشهود يتكلم به لا من حيث هو نبي ورسول ،فالولاية جهة حقانية والنبوة جهة خلقية.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:09 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال الشيخ الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف . ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه . أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال الشيخ الله عنه :  (فإذا رأيت) يا أيها السالك (النبي) من الأنبياء عليهم السلام فيما ورد عنه (أنه يتكلم بكلام خارج عن التشريع) أي تبيين الأحكام الشرعية للمكلفين أمرا ونهيا وتخييرا (فمن حيث هو) ، أي ذلك النبي (ولي) للّه تعالى (وعارف به) سبحانه لا من حيث هو نبي ورسول (ولهذا) كان (مقامه) ، أي النبي (من حيث هو عالم) باللّه تعالى وهو مقام ولايته (أتم وأكمل) من مقامه (من حيث هو رسول أو ذو تشريع) ، أي تبيين الأحكام الإلهية من نبي قبله (و) ذو (شرع) جديد ، لأن مقام الولاية بينه وبين اللّه تعالى ومقام الرسالة بينه وبين المرسل إليهم من مؤمنين وكافرين ، ولأن الولاية باللّه والرسالة بالملك ، ولأنهم في حال الولاية مع اللّه تعالى وفي حال الرسالة مع غيره ، ولأن الولاية باقية والرسالة منقطعة ، وهذا كله في ولاية الأنبياء مع رسالتهم عليهم السلام ، لا في الولاية المفردة وحدها من غير رسالة ، كحالة الأولياء أشار إلى ذلك بقوله :
قال الشيخ الله عنه :  (فإذا سمعت) يا أيها السالك (أحدا من أهل اللّه يقول) من تلقاء نفسه (أو ينقل) بالبناء للمفعول ، أي ينقل أحد (إليك عنه أنه قال الولاية أعلى من النبوة ) والرسالة (فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه) من أن النبي من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول ونبي .
قال الشيخ الله عنه :  (أو) سمعت أحدا يقول إن الولي فوق النبي والرسول في المرتبة (فإنه) إنما (يعني) ، أي يقصد (بذلك في) حق (شخص واحد) أنه ولي نبي رسول (وهو) ، أي ما يعنيه بقوله ذلك (أن الرسول عليه السلام من حيث هو ولي أتم ) ، وأكمل (منه) ، أي من نفسه (من حيث هو نبي ورسول) وهذا حق لا شبهة فيه (لا أن) مراده أن (الولي التابع له) ، أي للنبي الكائن من أمته في زمان من الأزمنة الماضية والمستقبلة أو الحالية (أعلى) ، أي أرفع مرتبة (منه ) ، أي من ذلك النبي أو من نبي من الأنبياء عليهم السلام
 
قال الشيخ الله عنه :  (فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا) كائنا من كان ذلك التابع وذلك المتبوع (فيما هو تابع له فيه) من الشرع المقرر وغيره إذ ، أي لأنه لو أدركه ، أي التابع للمتبوع (لم يكن تابعا) لذلك المتبوع وقد فرضنا أنه تابع له فإنه لا يدركه أصلا فضلا عن سبقه له (فافهم) هذا البحث .
فإن كثيرا ممن هو أجنبي عن أهل هذه الطائفة المحققين يشنع عليهم في أنهم يقولون بأن الولي أفضل من النبي والرسول ، وأن الولاية أفضل من النبوّة ولا يعرف قولهم في ذلك ولا كيف قالوا فيفتري عليهم الكذب ويرميهم بالبهتان واللّه بصير بالعباد .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولي وعارف ) بالحقائق الإلهية لا من حيث أنه نبي ورسول كنقله عليه السلام الحديث القدسي عن اللّه .
وكقوله : لو دليتم بحبل لهبط على اللّه .
( ولهذا ) أي ولأجل عدم انقطاع الولاية وانقطاع النبوة والرسالة كان ( مقامه من حيث هو عالم ) باللّه وأسمائه وصفاته ( وولي أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه أو يقول : إن الوليّ فوق النبي والرسول فإنه يعني بذلك في شخص واحد وهو أن الرسول من حيث أنه وليّ أتم منه من حيث هو نبي ورسول لا أن الولي التابع له أعلى منه فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ) .
أما فيما هو غير تابع له فيه فقد يدركه فيه ( إذ لو أدركه ) فيما هو تابع له فيه ( لم يكن تابعا له فافهم ) فإذا كان الرسول من حيث هو ولي أتم منه في العلم من حيث هو نبي ورسول.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .  ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه . أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
المعني ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النبيّ يتكلَّم بكلام خارج عن التشريع ، فمن حيث هو وليّ وعارف ، ولهذا مقامه من حيث هو عالم أتمّ وأكمل منه من حيث هو رسول أو ذو شرع وتشريع ، فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال : الولاية أعلى من النبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلَّا ما ذكرناه ، أو يقول : إنّ الوليّ فوق النبيّ أو الرسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص ، وهو أنّ الرسول من حيث هو وليّ أتمّ منه من حيث هو نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التابع له أعلى منه ، فإنّ التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا ، فافهم)
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى حقيقتي النبوّة والولاية ، وقد وقع في ذلك خبط عظيم بين العوامّ من حيث جهلهم بهذه الحقائق .
فلو عرفوا حقائق المراتب على ما هي عليها في نفسها وفي علم الله تعالى ، لعلموا الأمر على ما هو عليه ، وقد استقصينا القول في بيان هذه الحقائق وتوابعها ولوازمها في كتاب « النبوّة والولاية » لنا ، وفي كتاب « الختمية » أيضا .
ولقد سبق في الفصّ الشيثي ما فيه مقنع ، وقد يزيد في هذا المقام في الحواشي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وفيما أجمل الشيخ جمل تفاصيل نذكرها وفيه غنية ، وهو أوضح ، والله الموفّق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
 قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولى وعارف ، ولهذا مقامه من حيث هو عالم وولى أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع ، فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة ، فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه ) .
التخلق بأخلاق الله ، وبيان قرب النوافل وقرب الفرائض ومقام التوكل والرضا والتسليم والتوحيد والتفريد والفناء والجمع والفرق وأمثال ذلك:
أي من أن النبي له مقام الولاية ومقام النبوة فمقام الولاية هي الجهة الحقانية الأبدية التي لا تنقطع ، ومقام النبوة هي الجهة التي بالنسبة إلى الخلق لأنه ينبئهم عن الله وآياته وهي منقطعة ، فالجهة الحقانية الأبدية التي لا تنقطع أبدا أعلى من الجهة الخلقية المنقطعة .

قال رضي الله عنه :  ( أو يقول : إن الولي فوق النبي والرسول ، فإنه يعنى بذلك في شخص واحد ، وهو أن الرسول من حيث هو ولى أتم من حيث هو نبي ورسول ، لا أن الولي التابع له أعلى منه . فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا له فافهم .)  المعنى واضح
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع ، فمن حيث هو ولى وعارف ) وذلك كقوله ، صلى الله عليه وسلم : " لو دليتم بحبل إلى الأرض السفلى لهبطتم على الله " .
وكنقل الحديث القدسي : ( لا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل . . . ) - إلى آخره ، والأحاديث المبينة للمقامات والمظهرة لأحوال الآخرة والدرجات ، وغير ذلك مما يتعلق بكشف الحقائق والأسرار الإلهية ، فهو من مقام عرفانه وولايته ، لا من مقام نبوته ورسالته .
قال رضي الله عنه : ( ولهذا مقامه من حيث هو عالم وولى أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع . ) أي ، ولأجل أن الولاية غير منقطعة والنبوة منقطعة ، صار مقام النبي ، من حديث إنه عالم بالله وأسمائه وصفاته ، وولى فان عبوديته في ربوبيته ، أتم وأكمل من مقام نبوته ورسالته ، لأن الولاية جهة حقانية ، فهي أبدية ، والنبوة جهة خلقية ، فهي منقطعة غير أبدية .
قال رضي الله عنه :  ( فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول ، أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة . فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه . )
من أن ولايته أعلى من نبوته ، لا أن ولاية الولي أعلى من نبوة النبي .
وذلك كما يقول فيمن يكون عالما تاجرا خياطا : هو من حيث إنه عالم أعلى مرتبة من حيث إنه تاجر أو خياط . أو من حيث إنه تاجر أعلى من حيث إنه خياط .
 
قال رضي الله عنه :  ( أو يقول إن الولي فوق النبي والرسول ، فإنه يعنى بذلك في شخص واحد . وهو أن الرسول من حيث إنه ولى أتم منه من حيث هو نبي ورسول . لا أن الولي التابع له ) أي ، للرسول .
( أعلى منه ، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه ، لم يكن تابعا ، فافهم . ) ظاهر مما مر .
قوله : ( إذ لو أدركه ) أي ، بالذوق والوجدان ، كما يدرك المتبوع ذلك . ( لم يكن تابعا ) لأنه مثله وفي مرتبته حينئذ .
( فمرجع الرسول والنبي المشرع إلى الولاية والعلم . ) أي ، إذا علمت أن الرسول والنبي لا يشرع لأمته الأحكام ولا ينبئ عن الحقائق إلا من حيث إنه ولى وعالم بالله ، فمرجعهما إلى الولاية والعلم بالله . فليس المراد بالعلم العلم الكسبي بل اليقيني الذي هو من الشهود الذاتي وما ينتجه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى أن الله قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره ، فقال له آمرا : " قل رب زدني علما " . )
أي ، ألا ترى أن الله تعالى أمره بطلب زيادة العلم بقوله : " وقل رب زدني علما ". وما أمر بطلب زيادة النبوة والرسالة ، لأن تعلقهما بالنشأة الدنياوية ، والولاية متعلقة بالنشأة الأخراوية . فأمره بالطلب ، لأنه كلما يتوجه إلى الله ، يحصل له الترقي في مراتب الولاية ، ويطلع بحسب كل مرتبة على علوم تختص بها .
فالأمر بطلب العلم أمر بالترقي في مراتب الولاية ، إذ الأمر بتحصيل اللازم للشئ أمر بتحصيل ملزومه .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:09 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع ؛ فمن حيث هو وليّ عارف ، ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتمّ وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع ) .
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع ) ، فالتكلم في أحوال الصوفية ومقاماتهم ، وفي الحقائق التي لا يصح كشفها للعامة ، وبالجملة ما وراء الأحكام الفرعية والأصلية التي يجب على العامة اعتقادها ، ( فمن حيث هو ولي عارف ) أوردهما ؛ ليشير أن نبوتهم العامة باقية من هذين الوجهين فيهم ، وفي أتباعهم الذين هم في حكمهم ؛ ( ولهذا ) أي : ولبقاء اسم الولي والعارف عليهم بعد انقطاع النبوة التشريعية والرسالة عنهم مع أنهم لا ينزلون عن درجتهم العالية بالإجماع ( مقامه من حيث هو عالم ) بالحقائق .


قال رضي الله عنه : ( وولي ) عامل بمقتضى علمه يحصل علمه بالكشف ( أتم وأكمل ) منه ( من حيث هو رسول ) مبعوث إلى الخلق أو ( ذو تشريع ) أي : ( شرع ) متسابق أو شرع سابق ، ولكنه مخصوص بولاية النبي لاستقلالها ، وعدم توقفها على أعمال ظاهرة يتابع فيها النبي السابق بخلاف ولاية الولي .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال : الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه ، أو يقول : إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد ، وهو أنّ الرّسول من حيث إنّه وليّ أتمّ منه من حيث إنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ؛ فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا ؛ فافهم .)
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول ) بخلاف ما يسمع من الكرامية القائلين بتفضيل الولي عن النبي ، ومن ملحدة المتصوفة ، ( أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلى من النبوة ، فليس يريد ذلك القائل ) من أهل اللّه ( إلا ما ذكرناه ) من تفضيل ولاية النبي على نبوته التشريعية ورسالته ، أو ينقل إليك بعبارة توهم المغايرة بين صاحبيهما ( بأن يقول : إن الولي فوق النبي والرسول ؛ فإنه يعني ذلك في شخص واحد ) .
فإن لفظه عام خص عند صورة المغايرة ، ( وهو ) أي : معناه في شخص ( أن الرسول ) الجامع بين النبوة والرسالة والولاية ( من حيث هو ولي ) ( أتم منه من حيث هو نبي ورسول) ، فإنه يجوز تفضيل الشيء على نفسه إذا تغايرت فيه الجهات .
كما يقال : الإنسان من حيث ناطقيته أفضل منه من حيث حيوانيته ، فإنه بالناطقية يشارك الملائكة ، وبالحيوانية الدواب ؛ وذلك لأن ولايته باقية غير متوقفة على أمور غير باقية ، وهي الأعمال الظاهرة في الابتداء والانتهاء ( لا أن الولاية الولي التابع له ) في الأعمال الظاهرة التي بها تفارق ولايته الاستدراج لو أعطى خوارق العادة بدونها ( أعلى منه ) أي : من النبي ، ولو من حيث النبوة ، ( فإن التابع لا يدرك المتبوع فيما هو تابع له فيه ) ، وهو في ولايته تابع لنبوة النبي لما ذكرنا ، فلا تكون ولايته أفضل من نبوة نبي .
قال رضي الله عنه : ( إذ لو أدركه لم يكن تابعا ) ؛ لأنهما إن تساويا ، فليس أحدهما بالتبعية أولى من الآخر ، وإن كان التابع زائدا ؛ فهو بالمتبوعية أولى من التابعية ؛ ( فافهم ) ولا تتوهم أن الولي تابع في الأعمال الظاهرة دون الأحوال والمقامات التي هي ثمرات ذلك ، فإن لم تكن ثمرات بل وهبية ، فلابدّ من توقفها على تلك الأعمال تميزا لها عن الاستدراج ، وإذا كانت النبوة التشريعية والرسالة منقطعتين .
قال رضي الله عنه : ( فمرجع الرسول والنبي المشرع ) بعد انقطاع الرسالة والنبوة التشريعية ، وقيّد النبي بالمشرع احترازا عن صاحب النبوة العامة ، وهم الأولياء وإن لم يطلق عليهم اسم النبي ( إلى الولاية ) المتمحضة ، وهي أكمل من ولايتهم التي كانت لهم مع النبوة ؛ لارتفاع الحجب عنهم بالكلية علو الناطقية التي للإنسان عند لحوقه بالملائكة من ناطقيته التي كانت له مع الحيوانية ، وهو الرجوع إلى العلم باللّه وبالحقائق ، وهو لا ينتهي إلى حد لعدم تناهي علومه 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال رضي الله عنه ان كلّ نبيّ وليّ :  ( فإذا رأيت النبيّ يتكلَّم بكلام خارج عن التشريع ) من الأنباء الحكميّة والحقائق الذوقيّة وتبيين مقامات القوم ومراتب الناس فيها وعوائقهم عن البلوغ إلى أقاصي كمالاتهم ( و ) ذلك كلَّه ( من حيث هو وليّ وعارف ) ، ضرورة أنّ النبي مفهومه كمال خاصّ يتضمّن الولاية والعرفان ، وهي رقيقة نسبته إلى الحقّ في بطونه ، كما يتضمّن النبوّة التشريعية ، وهي رقيقة نسبته إلى الخلق في ظهوره .
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا مقامه من حيث هو عالم ووليّ أكمل وأتمّ من حيث هو رسول أو ذو تشريع أو شرع .  فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال : « الولاية أعلى من النبوّة » فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه ، أو يقول : « إنّ الوليّ فوق النبيّ والرسول » فإنّه يعني بذلك في شخص واحد ، وهو أنّ الرسول عليه السّلام من حيث هو وليّ أتمّ منه من حيث هو نبيّ ورسول لا أن الوليّ التابع له أعلى منه ، فإنّ التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه إذ لو أدركه لم يكن تابعا له . فافهم )
 
 ولا تغفل عن حيثية قيد التابعيّة ، فإن أمر الرسالة والتشريع في الشخص إنما يتعلَّق بنشأته هذه دون الولاية ، فإنها مما يلازم حقيقته ولا يفارقه أبدا .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف .
ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .
فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .
أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا رأيت النّبيّ يتكلّم بكلام خارج عن التّشريع فمن حيث هو وليّ عارف  ولهذا ، مقامه من حيث هو عالم ووليّ أتمّ وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع .   فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنّه قال الولاية أعلى من النّبوّة ، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرناه .   أو يقول إنّ الوليّ فوق النّبيّ والرّسول ، فإنّه يعني بذلك في شخص واحد وهو أنّ الرّسول من حيث أنّه وليّ أتمّ منه من حيث أنّه نبيّ ورسول ، لا أنّ الوليّ التّابع له أعلى منه ، فإنّ التّابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه ، إذ لو أدركه لم يكن تابعا فافهم . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا ) ، أي لأجل كون الولاية جهة حقانية والنبوة جهة خلقية ( مقامه ) ، أي مقام النبي ( من حيث هو عالم ) باللّه عارف به ( و ) من حيث هو ( ولي أتم وأكمل من مقامه من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع ، فإذا سمعت أحدا من أهل اللّه يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال : الولاية أعلا من النبوّة فليس يريد ذلك القائل إلا ما ذكرناه ) من أن مقامه من حيث ولايته أعلا من مقامه من حيث نبوّته ، لأن الولي التابع أعلى من النبي جامع لجهتي الولاية والنبوّة والولاية فيه أتم وأكمل .
 
والولي فائت لجهة النبوّة والولاية فيه ديدن ولاية النبي فكيف يكون أعلى من النبي ( أو ) سمعت أحدا من أهل اللّه ( يقول : إن الولي فوق النبي والرسول فإنه يعني بذلك القول ) تفوق الولي على النبي ( في شخص واحد ) جامع لجهتي النبوة والولاية .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو ) ، أي ما يعنيه ذلك القائل ( أن الرسول من حيث أنه ولي أتم منه من حيث أنه نبي ورسول ، لا أن الولي التابع له ) ، أي للرسول ( أعلى منه ) ، أي من الرسول ( فإن التابع لا يدرك المتبوع ) ولا يصل إلى مرتبته ( أبدا فيما هو تابع له فيه ) وإنما قيد بذلك إشارة إلى ما سبق من أن الرسل مع أنهم متبوعون يأخذون من مشكاة خاتم الأولياء .
 
وإنما قلنا : إن التابع لا يدرك المتبوع ( إذ لو أدركه ) ووصل إلى مرتبته ( لم يكن تابعا له ) من هذه الحيثية فإن مرتبة المتبوع الأخذ من غير تبعية نبي ولا رسول ( فافهم ) .
فإن قلت : الولاية جهة حقانية والنبوة جهة خلقية فهي أتم وأعلى من النبوة مطلقا سواء تحققت في الولي أو النبي ، ولا يلزم من ذلك تفضيل الولي على النبي فلا حاجة إلى التقيد في كونهما في شخص واحد .
قلت : نعم لكن الشيخ رضي اللّه عنه إنما قيد بذلك مبالغة في الأدب ودفعا لأن يتوهم الجهال من كلامه تفضيل الولي على النبي.

 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:10 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم . ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :"وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً"[ طه : 114 ] . وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).


قال رضي الله عنه :  (فمرجع) ، أي ما يكون إليه رجوع (الرسول والنبي المشرّع) للأمة أحكام ربها في نفسه (إلى الولاية والعلم) باللّه تعالى ألا ترى أن اللّه تعالى قد أمره ، أي النبي صلى اللّه عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم لا من غيره ، أي العلم فقال تعالى له آمرا بذلك "وَقُلْ رَبِّ"، أي يا رب (" زِدْنِي عِلْماً " وذلك) ، أي كون العلم والولاية مرجع النبي والرسول .
قال رضي الله عنه :  (إنك) يا أيها السالك تعلم قطعا أن الشرع تكليف من اللّه تعالى لعباده (بأعمال مخصوصة أو نهي عن أفعال مخصوصة ومحلها)، أي تلك الأعمال والأفعال (هذه الدار) التي هي دار الدنيا فقط ولا محل لها في الآخرة (فهي) ، أي تلك الأعمال والأفعال (منقطعة) بموت المكلف وذهاب التكليف عنه بانتقاله إلى دار الآخرة ، فالنبوّة والرسالة المتعلقتان بما هو منقطع منقطعتان أيضا (والولاية ليست كذلك) ، أي هي ليست منقطعة لعدم تعلقها بالأعمال والأفعال المنقطعة (إذ لو انقطعت) بانقضاء هذه الدار والدخول إلى دار الآخرة لا نقطعت من حيث هي ، ولاية فلم تكن توجد في ولي أصلا إلى يوم القيامة.


قال رضي الله عنه :   (كما انقطعت الرسالة من حيث هي) رسالة لا من حيث الولاية التي في ضمنها ، وكذلك النبوة انقطعت من حيث هي نبوة فلا يوجد رسول جديد ولا نبي جديدا إلى يوم القيامة (وإذا انقطعت) ، أي الولاية (من حيث هي) ولاية (لم يبق لها اسم) إلى يوم القيامة .
(والولي اسم) من أسماء اللّه تعالى (باق للّه) تعالى إلى الأبد (فهو) ، أي اسم الولي باق أيضا (لعبيده) ، أي اللّه تعالى غير منقطع في الدنيا والآخرة .
(تخلقا) ، أي من جهة التخلق وهو الاتصاف في النفس على وجه التكليف بمقتضى معنى الولاية ، وهي تنفيذ القول والحكم في الغير بطريق القهر ، فاللّه تعالى الولي على كل شيء لنفوذ قوله وحكمه في ملكه الذي هو كل شيء إيجادا وإمدادا ، فإذا اتصف العبد بهذا الوصف في نفسه فنفذ قوله وحكمه في ملكه الذي جعله اللّه تعالى له من أعضائه وقواه الظاهرة والباطنة إيجادا وإمدادا أيضا بمعونة اللّه تعالى له فقد تخلق باسم اللّه تعالى الولي وإنما يكون هذا للعبد إذا ألقت أرض نفسه ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت .
قال رضي الله عنه :  (وتحققا) ، أي من جهة التحقق أيضا وهو الكشف والمعاينة لما هو في نفس الأمر من وصف الولاية واسم الولي ، والتحقق ثلاث مراتب : علم اليقين بالفهم الجازم والإدراك اللازم ، وعين اليقين بالحس والمشاهدة ، وهاتان المرتبتان أجنبيتان من المقصود ، والمقصود هو المرتبة الثالثة وهي حق اليقين وهو الاتحاد الأزلي الأبدي الذي يستهلك جميع النسب والاعتبارات ولا يتصور فيه علم أصلا ولا عنه خبر في الدارين ، وهذان القسمان التخلق والتحقق مقاما سلوك لا وصول فالتخلق معرفة نهاية العبودية والتحقق معرفة نهاية الربوبية وبهاتين المعرفتين يكون الوصول لأهله .
(وتعلقا) ، أي من وجه التعلق وهو لزوم العبودية للربوبية وقيام الربوبية على العبودية فيتعلق العبد بالرب والرب بالعبد ، وهو الوقوف في عين القسمين الأوّلين ، وذلك نهاية السير من حيث الجملة وإن كان السير لا نهاية له ، فإن عدم النهاية فيه من حيث الخلق الجديد بالتجلي الجديد في هذه المراتب المذكورة وعلى حسب الموازين الكلية .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
( فمرجع الرسول والنبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم ) باللّه وبأسمائه وصفاته .
واستدل عليه بقوله : ( ألا ترى أن اللّه قد أمره ) أي الرسول ( بطلب الزيادة من العلم لا من غيره ) أي من غير العلم وهو الرسالة والنبوة .
ولم يقل رب زدني رسالة أو نبوة ( فقال له أمرا : "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" وذلك ) أي بيان الأمر بطلب زيادة من العلم لا من غيره .
وهو ( أنك تعلم أن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلها ) أي محل الأعمال المخصوصة أمرا أو نهيا ( هذه الدار ) فإذا كان محل الرسالة هذه الدار ( فهي ) أي الرسالة ( منقطعة ) كمحلها لكونها صفة بشرية حادثة وكل حادث متناه .
( والولاية ليست كذلك ) أي لا تنقطع أبدا في الدنيا والآخرة كانقطاع الرسالة ( إذ لو انقطعت لا لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرسالة من حيث هي ) أي من حيث الحقيقة ( وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها ) أي للولاية ( اسم ) لا في حق الحق ولا في عباده .
( والولي اسم باق للَّه ) كما قال في حق يوسف :" أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ " ( فهو ) أي الولي اسم ( لعبيده تحققا ) في إفناء ذاته في ذات الحق ( وتخلقا ) في إفناء صفاته في صفات الحق ( وتعلقا ) في إفناء أفعاله في أفعال الحق فقد ظهر لك من هذا البيان أن الولاية مع الرسالة
أعلى مرتبة منها بدون الرسالة فإذا كانت الولاية مع الرسالة أعلى مرتبة منها بدونها.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .  ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :"وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً"[ طه : 114 ] .  وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
المعني ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).


قال رضي الله عنه :  (فمرجع الرسول والنبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم ، ألا ترى أنّ الله قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره. فقال له آمرا : " وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " وذلك أنّك تعلم أنّ الشرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلَّها هذه الدار ، فهي منقطعة والولاية ليست كذلك ، إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرسالة من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق لله ، فهو لعبيده تخلَّقا وتحقّقا وتعلَّقا » .)
 
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى حقيقتي النبوّة والولاية ، وقد وقع في ذلك خبط عظيم بين العوامّ من حيث جهلهم بهذه الحقائق .
فلو عرفوا حقائق المراتب على ما هي عليها في نفسها وفي علم الله تعالى ، لعلموا الأمر على ما هو عليه ، وقد استقصينا القول في بيان هذه الحقائق وتوابعها ولوازمها في كتاب « النبوّة والولاية » لنا ، وفي كتاب « الختمية » أيضا .
ولقد سبق في الفصّ الشيثي ما فيه مقنع ، وقد يزيد في هذا المقام في الحواشي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها ، وفيما أجمل الشيخ جمل تفاصيل نذكرها وفيه غنية ، وهو أوضح ، والله الموفّق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمرجع الرسول أو النبي المشرع إلى الولاية والعلم ألا ترى الله قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا " قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " . وذلك أنك تعلم أن الشرع تكلف بأعمال مخصوصة ، أو نهى عن أفعال مخصوصة ، ومحلها هذه الدار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت من حيث هي كما انقطعت الرسالة من حيث هي وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والولي اسم باق لله ) .


لقوله تعالى عن يوسف :" أَنْتَ وَلِيِّي في الدُّنْيا والآخِرَةِ "  ( فهو لعبيده تخلقا ) بأخلاقه ومكتسبا لها في السلوك ( وتحققا ) بألوهيته والفناء في أوصافه وذاته حتى يتحقق العبد بوجود الحق وصفاته من غير أن يبقى فيه شيء من السوي ( وتعلقا ) بالبقاء بعد الفناء في مقام التدلي حتى يكون متعلقا في صورته الخلقية به من جهة الاختصاص ، كولى الله وعبده المخلص.
 
"" أضاف بالي زادة : 
(فلم يبق مختص ) ظهر ( به العبد ) بالولاية وهي واجبة الظهور لمصالح العباد في الدين والدنيا إلى انقراض الزمان ، فأظهرها الله تعالى لطفا وعناية بعباده بإبقائه لهم النبوة العامة ، فظهر بها الولاية كما ظهر بالنبوة والرسالة ، وإليه أشار ( إلا أن الله لطيف بعباده ) اهـ بالى  زادة .


(لعبيده تحققا) في إفناء ذاته في ذات الحق (وتخلقا) في إفناء صفاته في صفات الحق (وتعلقا) في إفناء أفعاله في أفعال الحق ، فظهر لك من هذا أن الولاية مع الرسالة أعلى مرتبة منها بدون الرسالة ، فإذا كان الأمر كذا .أهـ بالي زادة . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك أنك تعلم أن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهى عن أعمال مخصوصة ، ومحلها هذه الدار ، فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك ، إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي ، كما انقطعت الرسالة من حيث هي ، وإذا انقطعت الولاية من حيث هي ، لم يبق لها اسم ، و الولي  اسم باق لله . ) .
كما قال : " إن الله هو الولي الحميد " .
وقال عن لسان يوسف ، عليه السلام : "أنت ولى في الدنيا والآخرة " .
( فهو لعبيده تخلقا تحققا وتعلقا . ) أي ، فالاسم ( الولي ) للعباد يطلق بحسب تخلقهم بالأخلاق الإلهية .
وهو إشارة إلى الفناء في الأفعال والصفات ، وتحققهم بالذات الإلهية المسماة ب‍ (الولي).
وهو إشارة إلى الفناء في الذات ، لأن ذواتهم إنما يتحقق بهذا الاسم إذا فنيت في الحق وتعلق أعيانهم الثابتة أزلا بالاتصاف بصفة الولاية وطلبهم إياها من الله باستعدادتهم ، أو تعلقهم بالبقاء بعد الفناء .

فالولي اسم لمن فنى عن صفاته وأخلاقه وتخلق بأخلاق الله ولمن فنيت ذاته فيه وتسترت في العين الأحدية وتحققت بها ، ولمن رجع إلى البقاء وتوجه ثانيا وتعلق بعالم الخلق والفناء .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:12 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم ) .
قال رضي الله عنه : ( فمرجع الرسول والنبي المشرع ) بعد انقطاع الرسالة والنبوة التشريعية ، وقيّد النبي بالمشرع احترازا عن صاحب النبوة العامة ، وهم الأولياء وإن لم يطلق عليهم اسم النبي ( إلى الولاية ) المتمحضة ، وهي أكمل من ولايتهم التي كانت لهم مع النبوة ؛ لارتفاع الحجب عنهم بالكلية علو الناطقية التي للإنسان عند لحوقه بالملائكة من ناطقيته التي كانت له مع الحيوانية ، وهو الرجوع إلى العلم باللّه وبالحقائق ،وهو لا ينتهي إلى حد لعدم تناهي علومه.
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] ، وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي ، وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا )
 
قال رضي الله عنه : ( ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره ) كالرسالة والنبوة إذ الأولى في الزائل المنقطع الاقتصار على قدر الحاجة ، وإن كان من المراتب العالية المفيدة في الآخرة.
( فقال له ) أي : لأكمل أنبيائه عليه السّلام علما به ( آمرا ) عناية "وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً" [طه : 114 ] .
لأنه زيادة في المراتب الباقية والزيادة في مراتب الرسالة ، وإن قلنا : إنها لم تتناه إلى حدّ أيضا ليس زيادة إلا في المراتب التي تنفي فينفي عند مفارقتها .
( وذلك أنك تعلم أن الشرع تكليف ) أي : أمر ( بأعمال مخصوصة ) واجبة ومندوبة ، أو مباحة ، ( أو نهي عن أعمال مخصوصة ) محبوبة أو مكروهة ، ( ومحلها هذه الدار ) المنقطعة فينقطع ما فيها ، وإن فرض غير متناه ، ونبوة التشريع والرسالة من أجل هذه الأعمال ، ( فهي منقطعة ) بانقطاع هذه الأعمال المخصوصة بهذه الدار في حق المبعوثين الأنبياء في الدنيا ، وأممهم المكلفين .


قال رضي الله عنه : ( والولاية ليست كذلك ) أي : منقطعة بانقطاع هذه الدار ، ولو في حق الأولياء المتمحضين ، إذ ولايتهم ، وإن كانت ثمرات الأعمال ؛ فلا يلزم من تلف الشجر تلف ثمراتها ، فليست تابعة للأعمال في النهاية ؛ فلا تنقطع ، ( إذ لو انقطعت ) مع عدم تبعيتها لشيء منقطع ( لانقطعت من حيث هي ) ، ( كما انقطعت الرسالة من حيث هي ) ، إذ لا تتصور فيها التبعية لاختصاصها بصاحب الشرع المستقل ؛ لكنه يتصور الانقطاع في  الرسالة ، إذ لا يبقى اسمها صادقا على الولي أصلا ، وعلى الرسول إلا مجازا باعتبار ما كان عليه ، لكن لا يجوز نفي الرسالة عنه لإيهامه التكذيب كنفي القرآن عن هذه الكلمات لإيهام ذلك نفي دلالتها على الكلام الأزلي .
وإن صحّ القول بأن القرآن حقيقة في الألفاظ أيضا فافرض البحث في عدم جواز نفي كلام اللّه تعالى ، فقد وقع الإجماع على أن ما بين دفتي المصحف كلام اللّه ، وكذا المقروء والمحفوظ مع أن الكلام الحقيقي هو القائم بذات اللّه تعالى ، وكذلك لا يجوز نفي المؤمن عن النائم لإيهامه كفره مع أنه لا تصديق له بالفعل حالة النوم ، بل غايته أن يجعل في حكم الباقي .
(فإذا انقطعت الولاية لم يبق لها اسم) يصدق حقيقة على أحد ، ولكنه باطل ، فإن (الولي اسم باق للّه) ، وإذا كان له بقاء في الجملة مع أنه ليس تابعا في النهاية للأعمال في حق الأولياء في البداية أيضا في حق الأنبياء ، وهي الأسماء الجميلة التي تقتضي الظهور .
(فهو لعبيده) الأنبياء الأولياء (تخلقا) يؤثر بها العبد في نفسه ، (وتحققا) يؤثر بها في حق غيره ، (وتعلقا) يتأثر بها عن ربه .
ثم رجع إلى المقصود بعد بيان المقدمة
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فمرجع الرسول والنبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم ) الذي هو صورتها ومظهرها ( ألا ترى الله قد أمره ) - أي الرسول النبيّ المشرّع - ( يطلب  الزيادة من العلم ، لا من غيره ) ممّا يتعلق بأمر الرسالة والتشريع .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقال له آمرا : " قُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) [ 20 / 114 ] ( وذلك أنّك تعلم أن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة ، أو نهي عن أعمال مخصوصة ، ومحلَّها هذه الدار ).
 أي محلّ تلك الأعمال والأفعال التي هي موضوع الشرع ، ومحلّ أحكامه هذه الدار الفانية .
 
انقطاع النبوّة وبقاء الولاية
قال رضي الله عنه :  ( فهي منقطعة والولاية ليست كذلك ، إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي هي ) بدون اعتبار إلى محل خاصّ وشخص معيّن ( كما انقطعت الرسالة من حيث هي هي ) بدون اعتبار محل خاصّ ، فإنّها منقطعة بذاتها ، فلا يوجد لها شخص تتقوّم به أبدا .
 
نسبة العبد إلى الأسماء الإلهيّة
قال رضي الله عنه :  ( و ) الولاية ( إذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق لله ) بالأصالة ( فهو لعبيده تخلَّقا ) - وذلك في قيامهم بها وتقويمهم إيّاها على ما يليق بالعبيد في إظهارها - ( وتحقّقا ) - وذلك في معرفتها والتيقّن بحقيقتها بالنسبة إلى الله وبالنسبة إليهم - ( وتعلَّقا ) .
وذلك في انتسابهم من حيث الافتقار والعبوديّة إلى الذات من حيث الولاية كما في سائر الأسماء الإلهية .
فإن العبد له ثلاث مراتب بالنسبة إليها كما قال الشيخ في بعض الرسائل :
للعبد بأسماء الله تعالى تعلَّق وتحقّق وتخلَّق .
فالتعلَّق افتقارك إليها مطلقا من حيث ما هي دالَّة على الذات .
والتحقّق معرفة معانيها بالنسبة إليه سبحانه وبالنسبة إليك .
والتخلَّق أن تقوم فيها علي ما يليق بك ، كما انتسب إليه ما يليق به .
فجميع أسمائه تعالى يمكن تحقّقها والتخلَّق بها إلا اسم « الله » عند من يجريه مجرى العلميّة ، فيقول إنّه للتعلَّق خاصة.أهـ » - إلى هنا كلامه بعبارته الشريفة .
وإنما أوردت ذلك ليعلم أن هذا تدرّج من الأعلى إلى الأدنى على - خلاف ما توهّمه البعض - فالتخلَّق عند قيام العبيد بمقتضيات الأسماء أعلى من التحقّق وإن كان التحقّق في الحقائق العلميّة والمواطن الشهوديّة أعلى منه .
وأما التعلَّق فهو الأدنى مطلقا .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .
ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً[ طه : 114 ] .
وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمرجع الرّسول والنّبيّ المشرّع إلى الولاية والعلم .)
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمرجع الرسول والنبي المشرع ) ، أي رجوعهما في تشريع الأحكام وتبليغها إلى طوائف الأنام .
( إلى ) جهة ( الولاية والعلم ) فإنهما ما لم يأخذا الأحكام من اللّه سبحانه بجهة الولاية لم يتمكنا من التشريع والتبليغ بجهة الرسالة والنبوّة ، وعطف العلم على الولاية تفسيري ، فإن حقيقة الولاية هي العلم باللّه سبحانه كشفا وشهودا ، وتعريفها بالفناء في اللّه والبقاء به تعريف بما لا يمكن ذلك العلم والشهود في الخلق إلا به
 
قال رضي الله عنه :  (ألا ترى أنّ اللّه أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا : بقوله :" وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " [ طه : 114 ] .  وذلك أنّك تعلم أنّ الشّرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أعمال مخصوصة ومحلّها هذه الدّار فهي منقطعة ، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرّسالة من حيث هي . وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم ، والوليّ اسم باق للّه تعالى ، فهو لعبيده تخلّقا وتحقّقا وتعلّقا . )
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى أن اللّه سبحانه ) حيث أراد تكميل جهة رسالة نبينا صلى اللّه عليه وسلم ( قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره ) ، فلم يكن العلم بما ترجع إليه النبوّة وتزداد بزيادته لما أمره سبحانه بطلب زيادته حيث أراد تكميل جهة رسالته .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال آمرا له صلى اللّه عليه وسلم :"رَبِّ زِدْنِي عِلْماً") [ ط : 114 ] بزيادة تجلياتك الذاتية والأسمائية والأفعالية والآثارية التي هي جهة ولايتي لتقوى به جهة رسالتي ونبوتي .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك ) المذكور من انقطاع النبوة وانختامها على نبينا صلى اللّه عليه وسلم وعدم انقطاع الولاية دنيا وآخرة من أجل ( أنك تعلم أن التشريع تكليف ) من اللّه سبحانه لعباده ( أو نهي لهم عن أعمال مخصوصة بأعمال مخصوصة ومحلها ) ، أي محل تلك الأعمال المخصوصة (هذه الدار ) المنقطعة ( فهي ) ، أي تلك الأعمال ( منقطعة ) بانقطاع هذه الدار ، فإذا انبعث نبي يأتي بشرع يكفي إلى زمان انقطاع تلك الأعمال ينبغي أن تنقطع النبوّة به وتنختم عليه ولا يكون بعده نبي ( والولاية ليست كذلك ) ، أي منقطعة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذ لو انقطعت لا انقطعت ) حقيقتها ( من حيث هي ) ، أي مطلقا لا من حيث خصوصية معينة إذ انقطاعها من حيثية مخصوصة لا محذور فيه ( كما ) أنه حيث
 
قال رضي الله عنه :  ( انقطعت الرسالة ) انقطعت ( من حيث هي وإذا انقطعت ) الولاية (من حيث هي لم يبق لها اسم ) والتالي باطل ( إذ الولي اسم باق للّه ) أبدا كما قال إن اللّه هو الولي الحميد .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو ) ، أي الاسم الولي للّه سبحانه بالأصالة ( لعبيده ) بالتبعية ( تخلقا ) بأسماء اللّه بالنظر إلى بعض العبيد ( وتحققا ) بها بالنظر إلى بعض آخر ( وتعلقا ) بالنسبة إلى بعض آخر فللولاية حقيقة واحدة في الواجب والممكن ، لكن حصوله في الواجب تعالى بالأصالة .
وفي الممكن على سبيل التخلق أو التحقق أو التعلق ، فلا يرد ما قبل هذا الكلام إنما يتم لو كانت حقيقة الولاية في الواجب تعالى والممكن حقيقة واحدة بالذات مختلفة بالإضافة وذلك ممنوع ،وإذا عرفت أن النبوّة منقطعة دون الولاية.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:13 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة . ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ . ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه :  (فقوله) تعالى (للعزير) في الخبر المذكور فيما مضى (لئن لم تنته عن السؤال عن ماهية القدر) الإلهي لتعلم مقدراته الجزئية على ما هي عليه في عدمها الأصلي (لأمحون اسمك) ، أي أرفعك وأزيلك (من ديوان) ، أي جملة أصحاب (النبوّة) الإلهية المقتضية للأنبياء والأخبار من طرف اللّه تعالى للعبد بالوحي من الملائكة .
(فيأتيك الأمر) الإلهي (على) طريق (الكشف) منك عنه والمعاينة له (بالتجلي) الإلهي عليك من غير واسطة وحي ولا ملك (ويزول عنك اسم النبي) لعدم النبأ وهو الخبر من الغير لك (و) اسم (الرسول) لعدم إرسالنا لك إلى غيرك بتبليغ أحكامنا ، فيزول حينئذ عنه اسم نبوته ورسالته لزوال ما هو سبب وجودهما فيه وهو النبأ والإرسال (وتبقى له ولايته) التي هي له لا باعتبار شيء زائد على حقيقته فكأنها ذاتية ، ولهذا بقيت النبوّة والرسالة عرضيان زائلان بزوال الدنيا وبطلان التكليف ؛ ولهذا ختما فلم يأت منهما أحد غير ما كان من قبل .
قال رضي الله عنه :  (إلا أنه) ، أي الشأن (لما دلت قرينة الحال) عند من يتأمل هذا الكلام الذي قال اللّه تعالى له : (أن هذا الخطاب) المذكور منه تعالى للعزير عليه السلام (جرى مجرى الوعيد) المستعمل في الشر لاقتضائه هبوط مرتبة العزير عليه السلام حيث يسد عليه طريق زائد في التلقي من حضرة الغيب وهو طريق الوحي بالملائكة عليهم السلام .
قال رضي الله عنه :  (علم) من ذلك (من اقترنت عنده هذه الحالة) المذكورة (مع) هذا (الخطاب) المقتضي (أنه) ، أي الخطاب (وعيد) منه تعالى للعزير عليه السلام (بانقطاع) متعلق باقترنت (خصوص بعض مراتب الولاية) ، وهي مرتبة الإنباء والإخبار بالملك في حق أحكام التكليف في هذه الدار الدنيوية (إذ) ، أي لأن (النبوة والرسالة خصوص رتبة) من المراتب (في) مقام (الولاية محتوية) تلك المرتبة (على بعض ما تحتوي عليه الولاية من المراتب) الإلهية.

 فإن الإنباء والإخبار في مقام النبوة ، والتبليغ في مقام الرسالة كشف في نفس الأمر بحسب الاستعداد الذي خلقت عليه الأنبياء والمرسلون لقبول فيض التجلي الدائم ، فالكل ولاية وأخذ بطريق الكشف والتجلي ، ولكن النبوة والرسالة خصوص حالة من ذلك ، فإذا نقص هذا الخصوص كان هبوط مقام في الجملة (فيعلم) ، أي من اقترن عنده ذلك (أنه) ، أي النبي والرسول الجامع لجميع مراتب الولاية خصوصها وعمومها (أعلى) مرتبة عند اللّه تعالى (من) مرتبة (الولي الذي) نقصت ولايته بحيث (لا يكون) خصوص مرتبة (نبوّة تشريع) للأمة (عنده) فيها (ولا) خصوص مرتبة رسالة ومن اقترنت عنده حالة أخرى).

 تأتي الإشارة إليها قريبا مع هذا الخطاب المذكور (تقتضيها) ، أي تلك الحالة (أيضا مرتبة النبوّة) والرسالة (ثبت عنده أن هذا) أي الخطاب من اللّه تعالى (وعد) بالخبر للعزيز عليه السلام (لا وعيد) بالشر (فإن سؤاله) ، أي العزير (عليه السلام مقبول) عند اللّه تعالى إذ ، أي لأن (النبي هو الولي الخاص) ، أي صاحب الولاية الخاصة التي من جملة مراتبها النبوة والرسالة ، ثم أشار إلى القرينة الأخرى بقوله (ويعرف بقرينة الحال) وهي تحقق الكمال (أن النبي من حيث له في) مقام الولاية الإلهية (هذا الاختصاص) الذي لا يوجد في غيره من بقية الأولياء الذين ليس عندهم هذا الخصوص في ولايتهم محال عقلا وشرعا أن يقدم على ما يعلم من الأقوال والأفعال أن اللّه تعالى (يكرهه منه) ولا يحبه له (أو يقدم على ما يعلم أن حصوله) من اللّه تعالى (محال) إذ الجهل على الأنبياء عليهم السلام بما يجب في حق اللّه تعالى وما يجوز وما يستحيل محال عليهم ، فإنهم أعرف الناس باللّه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
( فقوله للعزير : لئن لم تنته عن السؤال عن ماهية القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ويزول عنك اسم النبي والرسول قوله : ويبقي له ولايته ) التفات من الخطاب إلى الغيبة قوله فقوله : مبتدأ خبره فيأتيك الأمر أي معناه يأتيك الأمر .
فلما تبين أن هذا الخطاب عنده غاية له شرع في اختلاف القوم فيه بقوله:  ( ألا ) أي غير ( أنه لما دلت قرينة الحال ) أي حال السؤال وهي كونه على الطريقة الخاصة ( إن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة ) .
وهي حالة السؤال ( مع الخطاب ) وهو قوله : لئن لم تنته ( أنه ) أي الخطاب ( وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحوي عليه الولاية من المراتب ) أي خصوصيان زائدتان على الولاية في هذه الدار وتنقطعان عنها فيها ويبقي الولاية مجردة عنها .
( فيعلم أنه ) أي النبي والرسول عليه السلام ( أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة ) فعلى تقدير الوعيد .
يكون معناه يا عزير انته عن السؤال عن ماهية القدر التي لا يمكن حصوله لك ولا تسألني مرة أخرى لئن لم تنته لأخذتك بهذه العقوبة وهي الإسقاط عن الدرجة العالية درجة النبوة والرسالة مع الولاية .
فلم يقل سؤاله الذوقي فأراه كيفية الإثبات كما في إبراهيم عليه السلام ( ومن اقترنت عنده حالة أخرى ) وهي أن النبي عليه السلام لكونه وليا عارفا لا يمكن أن يسأل عن اللّه ما لا يمكن حصوله : ( تقتضيها أيضا ) كالحالة الأولى ( مرتبة النبوة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد وأن سؤاله عليه السلام مقبول ) بالفعل وهو كشف سر القدر بالإماتة .
( إذ النبي هو الولي الخاص ) المستجاب الدعوة ( ويعرف هذا ) الشخص ( بقرينة الحال أن النبي من حيث له في الولاية هذا الاختصاص ) وهو كونه عارفا بربه وأسمائه.
( محال أن يقدم على ما يعلم أن اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال) أي مرتبة العزير وهي الولاية


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة . ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ . ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
المعني ظاهر .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه : ( فقوله للعزير : « لئن لم تنته » عن السؤال عن ماهيّة القدر « لأمحوّن اسمك من ديوان النبوّة » فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلَّي ويزول عنك اسم النبيّ والرسول ، وتبقى له ولايته إلَّا أنّه لمّا دلَّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب يجري مجرى الوعيد ، علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار ، إذ النبوّة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري « 2 » عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالته ، ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها مرتبة النبوّة أيضا يثبت عنده أنّه وعد لا وعيد ، وأنّ سؤاله عليه السّلام مقبول ، إذ النبيّ هو الوليّ الخاصّ ) .
يعني : أنّ الخاصّ يستلزم العام ، فتبقى لعزيز بعد محو اسمه من ديوان النبوّة ولايته فينال الأمر بالكشف والتجلَّي اللذين هما طريقتا حصول هذا السرّ المطلوب والمسؤول المرغوب .

قال رضي الله عنه : ( « ويعرف بقرينة الحال » أي الشخص الذي اقترنت عنده القرينة الأخرى « أنّ النبيّ عليه السّلام من حيث ما له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ الله يكرهه منه ، أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال .)
 
قال العبد : كلّ هذا التشريع تكليف بأمر ونهي ومحلَّه الدنيا ، والذين لم يستأهلوا في الدنيا وحسمت أعمارهم ، وبعد الدار الدنيا لا دار إلَّا الجنّة والنار ، واستحقاق الدخول فيهما وإن كان بفضل الله أو بسخطه ، فإنّهما بحسب الأعمال الصالحة أو غيرها ، وهؤلاء ليس لهم عمل ، فأبقى الله تعالى من حضرة الاسم الحكم وحضرة الاسم العدل قدرا من الشرع  وأخّر هذا القدر من التشريع ، لظهور الاستحقاق ونيل الثواب والعقاب ، بحسب الإجابة والطاعة أو المعصية والمخالفة ، والله عليم حكيم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فقوله العزيز « لئن لم تنته » عن السؤال عن ماهية القدر « لأمحون اسمك من ديوان النبوة » فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ويزول عنك اسم النبي والرسول وتبقى له )  أي لله .
قال رضي الله عنه :  ( ولايته إلا أنه لما دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار ، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحتوى عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنه أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة ).
الولاية أعم من النبوة والرسالة لأن كل رسول نبي وكل نبي ولىّ ، وليس كل ولى رسولا ولا نبيا ، فإذن النبوة والرسالة رتبتان خاصتان في الولاية .
وعند كشف سر القدر بالتجلي يقوى مقام الولاية ويضمحل حالتئذ مقام النبوة والرسالة ، ولا بأس بذلك إن كان لقوة بالاختصاص والتوغل في الثاني ، فإن مقام النبوة والرسالة تزولان في الآخرة وينقطعان ، وفي الدنيا يعودان عند القضاء حال التجلي.
 
كما قال عليه الصلاة والسلام: « لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل » أو عند استمراره بالاستقامة إلا إذا دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب وعيد علم من مدت عنده اقتران الوعيد بالخطاب أنه إنذار بانقطاع رتبة خاصة في الولاية في الدنيا وإذا انقطعت الرسالة انقطعت النبوة .
لأن نسبة الرسالة إلى النبوة نسبة النبوة إلى الولاية وارتفاع العام يستلزم ارتفاع الخاص ، فيفقد له بعض مراتب خاص في الولاية هي أخص أنواعها وأشرفها ، لأنه معلوم أن الولي النبي الرسول أعلى شأنا وأرفع قدرا من الولي الذي ليس بنبي مشرع ولا رسول.
وقوله على بعض ما تحتوى ، متعلق بمحذوف صفة لرتبة أي تحويه على بعض ما تحوى على الولاية من المراتب .
 
قال رضي الله عنه:  ( ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النبوة ثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد ،فإن سؤاله عليه الصلاة والسلام مقبول إذ النبي هو الولي الخاص).
 
فإن الخاص ملزوم العام أي مدت عنده قرينة أخرى من مقتضيات مرتبة النبوة أيضا ، وهي أن النبي الذي هو ولى خاص لا يقدم على ما يكرهه الله تعالى منه ، ولا على سؤال ما يعلم أن حصوله محال علم أن هذا وعد لا وعيد .
لأن الذي له هذا الاختصاص لا يكون سؤاله إلا مقبولا ، فيكون معنى محو اسمه من ديوان النبوة كشف سر القدر المطلوب بالتجلي له ، ونيل المسؤول المرغوب بموهبة رتبة في الولاية بقي أعلى مراتبها باقية عليه أبدا.
 
 قال رضي الله عنه :  (ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن الله يكرهه منه ، أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال)
"" أضاف بالي زادة : 
(بعد الدخول فيهما ) فعلى هذا التقدير كان معناه يا عزير انته عن السؤال عن ماهية القدر التي ممكن الحصول لك ، لكن ليس هذا وقته ، لئن لم تنته في حصوله بغير أوانه ، لأمحون اسمك من ديوان النبوة ، وهي أدنى من مرتبتك ، وأبقيتك على ولايتك وهي أعلى مرتبة لك من نبوتك فحينئذ يحصل مرادك ، فما كان في شأنك في هذا الوقت إلا حصول لكيفية سر القدر لا ذوقه ، فأراه الكيفية الآن ، ووعد ذوقه في الآخرة فكان هذا الخطاب وعد الحصول مطلب العزيز وهو الذوق بسر القدر وخبرا يدل على بقاء مرتبة العزيز وهي المرتبة الباقية على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام اهـ بالى . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه : ( فقوله للعزير : " لئن لم تنته " عن السؤال عن ماهية القدر " لأمحون اسمك من ديوان النبوة " ) .
فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ، ويزول عنك اسم "النبي " و " الرسول " ، وتبقى له ولايته . ( فقوله ) مبتداء ، وخبره أحد الأمرين المذكورين من الوعيد والوعد . أي ، هذا القول وعيد عند قوم ووعد عند آخرين . حذفه لدلالة الكلام الآتي عليه .
وقوله : ( وتبقى له ولايته ) أي ، وتبقى لله ولايته ، لأن " الولي " اسم لله بالأصالة ، واسم العبد بالتبعية .
ويجوز أن يكون ضمير ( له ) عائد إلى النبي الذي هو ( العزير ) . أي ، ويزول عنك اسم النبي وتبقى لعزير ولايته ، إذ لا يلزم من انتفاء النبوة والرسالة انتفاء الولاية .
وإنما أتى بضمير الغائب بعد الخطاب ، لأنه كان على سبيل الحكاية عن الله ، وبعد تمامها قال : ( وتبقى لعزير ولايته ) . والباقي ظاهر مما مر .
قال رضي الله عنه :  ( إلا أنه لما دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد ، علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار ، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحوي عليه الولاية من المراتب . )
قوله : ( إلا ) بمعنى ( غير ) . وضمير ( أنه ) للشأن . وجواب ( لما ) ( علم ) .
أي ، غير أنه لما دلت قرينة الحال ، وهي حال السؤال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد - لأن الخطاب وقع في صورة العتاب - علم من جعل حالة السؤال مقترنة مع الخطاب أن هذا الكلام وعيد .
وذلك لأن الولاية أعم من النبوة ، وهي أعم من الرسالة ، فالنبوة هي الولاية مع خصوصية أخرى ، والرسالة هي النبوة مع خصوصية أخرى زائدة عليها .
وهاتان الخصوصيتان متعلقتان بدار الدنيا ، ولا يعطيهما إلا الاسم ( الظاهر ) ، كما لا تعطى الولاية إلا  الاسم ( الباطن ) .
فإذا انقطعتا ، تزول فضيلتهما وشرفهما اللذان أعطاهم الاسم ( الظاهر ) ويبقى مجرد الولاية ، فيكون هذا الكلام وعيدا من هذه الحيثية .
وقوله رضي الله عنه  : ( على بعض ما تحوي ) متعلق بمحذوف ، هو صفة ( رتبة ) . أي ، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة مندرجة في الولاية ، مشتملة على بعض ما يحتوي عليها الولاية من المراتب . وفيه إيماء إلى أن رتبة النبوة والرسالة من جملة خصوصيات رتب الولاية باطنا ، وإن كان ظهورهما متوقفا إلى الاسم ( الظاهر ) كما مر .
 
ويظهر حقية هذا المعنى عند من يعلم أن كل ما في الخاص بالفعل من الخصوصية ، فهو في العام بالقوة ، فالعام مشتمل عليه باطنا ، وإن لم تكن الخصوصية فيه ظاهرا .
( فيعلم أنه أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة . ) أي ، إذا كانت النبوة والرسالة خصوصيتين زائدتين على الولاية ، فيعلم أن النبي أعلى من الولي الذي ليس عنده نبوة تشريع ، ولا عنده رسالة . وكذلك الرسول أعلى من النبي لما فيه خصوصية أخرى زائدة على النبوة التشريعية .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النبوة ، تثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد ، وأن سؤاله ، عليه السلام ، مقبول ، إذ النبي هو الولي الخاص .)
 الحالة التي تقتضيها مرتبة النبوة هي أن النبي لكونه وليا واصلا عارفا بالحقائق الإلهية مشاهدا لظهور الحق في جميع مراتبه ، لا يمكن أن يسأل عنه ما لم يمكن حصوله . فإذا سأل ، لا بد أن يجاب دعوته ويقبل سؤاله .
واعلم أن قبول السؤال ليس معناه أن الله تعالى أعطى ما سأل من الاطلاع على سر القدر ، لأنه قال أولا ، فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء حال ثبوتها في عدمها ، فما أعطى ذلك . بل معناه أنه أراه كيفية الإحياء عيانا .
والوعد محمول على الآخرة ليكشف فيها عن سر القدر بإشهاد الأعيان أنفسها في حال عدمها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث ماله في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن الله يكرهه منه ، أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال . )
أي ، يعرف الذي اقترنت عنده حالة أخرى أن النبي من حيث إنه ولى عارف بحقه وأسمائه وصفاته ، محال أن يقدم على طلب ما يكرهه الحق ، أو يقدم على طلب ما يعلم أن حصوله محال .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:14 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير : لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة  ، فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ، ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته ، إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة ).
 
فقال : ( قوله عزّ وجل للعزير (، وإذا كانت الولاية مرجعا للرسل والأنبياء بعد انقطاع الرسالة والنبوة ، وهذا القول ( لئن لم تنته ) يا عزير (عن السؤال عن ماهية القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة ) .
وهو عين السؤال عن الاطلاع على أعيان الممكنات من حيث مفتاحيتها الموجب للعتب لاستحالة حصول المسؤول عنه فيه بخلاف هذا السؤال .
فمعناه : إني أقطع عنك طريق الخير الذي لا يتم فيه الذوق ، (فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي) أي : الكشف عن أعيان الموجودات واستعدادتها لا من حيث مفاتيحها بتجلي العلم الإلهي من جهة ولايتك ، والولاية وإن اجتمعت مع النبوة والرسالة ، ولكن ( يزول عنك اسم النبي والرسول ) قبل أوان زواله.
وهو الموت أو دخول الجنة والنار إذ لا فائدة في الإخبار بالوحي لمن تجلي له هذا العلم الإلهي بما فيه على أتم الوجوه بخلاف تجليه للأولياء من العامة ؛ لأن رؤيتهم الأشياء في هذا العلم أقصر مما يحصل بالوحي للنبي عليه السّلام ، فإن من رأى الشيء من بعد يحتاج إلى إخبار من رآه عن قرب وحقق ما فيه .
ولهذا يحتاج الولي من العامة في صحة كشفه إلى شواهد الكتاب والسنة وإجماع الأمة بخلاف الأنبياء ، ويدل على هذا قوله تعالى :”عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ”[ الجن : 26 ] أي : إظهارا تامّا ( على غيبه ) أي : على ما في الغيب ( أحدا إلا من ارتضى ) ممن كملت ولايته من رسول ، وأما سائر الرسل ، والأنبياء ، وعامة الأولياء ، فيقصرون عن كمال هذه الرتبة ، ( وتبقى له ) أي : للمتجلى له عالم الغيب من الرسل.
 (ولايته ) أي : ولاية الرسول ، ولا تصير كولايته من تمحض وليّا من أول الأمر ؛ فإنها تقصر عن كمال هذه الرتبة ، والرسل أهل العناية ، وكذا الأنبياء لا تقصر رتبتهم بعد كمالها .


"" أضاف المحقق : اعلم أنه لما كان للنبي جهتان : جهة ولاية ولها شرف حال ، وجهة نبوة ولها فضيلة وكمال ، فعند كشف سر القدر بالتجلي يقوم مقام الولاية ويضمحل مقام النبوة والرسالة لقوة الاختصاص والتوغل في التأله ، فالإخبار بمحو النبوة وإزالتها باعتبار أن فيه فوات فضيلة وكمال وعيد ، وباعتبار أن فيه شرفا حال وعد ( شرح الجامي ص 322 ) . ""
 
وهذا التأويل مستقر عندنا إلا أنه خالفنا فيه البعض ؛ ( لأنه لما دلت قرينة الحال ) أي : حال سؤاله عليه السّلام إذ نهى عنه ورتب عليه محو النبوة على ( أن هذا الخطاب ).
أي : لئن لم تنته لأمحون اسمك عن ديوان النبوة ( جرى مجرى الوعيد ) ، وإن كان وعدا بالكشف عن التجلي المذكور ، إذ ( علم من اقترنت عنده هذه الحالة ) أي : ترتب محو النبوة على النهي عن السؤال ( مع الخطاب أنه وعيد ) ، وإن نفيت ولايته التي كانت له حال النبوة والرسالة تامة في حقّ التجلي المذكور ( بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية ) فلا يكون تمامها كتمام ولاية النبي والرسول .
وإن كان من شأن تلك الرتبة الانقطاع بالموت أو دخول الجنة والنار لكنها كمال لهم ما داموا في الدنيا ، وقد أوعده اللّه تعالى بانقطاعها ( في هذه الدار ) .
وإنما قلنا : إنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية ، ( إذ النبوة والرسالة ) ، وإن تميزتا عن الولاية فهما (خصوص رتبة في الولاية ) ، إذ لها مزية (على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب) ؛ فإنها أعلى من مراتب سائر الأنبياء من الفناء في اللّه ، والبقاء به ، والجمع والتوحيد والتفريد ، (فيعلم) هذا المخالف ( أنه ) أي : الباقي على رتبة نبوته ورسالته ( أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع ، ولا رسالة عنده ) سواء بمحوهما عنه أو لا بمحوهما عنه ؛ إلا أن من انقطعت عنه الرسالة أو دخول الجنة والنار ، ولا تنزل رتبته لا حاجة إلى ذلك ، ولا تبقى رتبته في الولاية بخلاف الآن ، فحين كونها رتبة خاصة فيها إذا أشير بمحوها يكون وعيدا .
 
قال رضي الله عنه :  (ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد ؛ فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ ، ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال)
 
ثم أشار إلى التقصي عن هذه الشبهة ؛ فقال : ( ومن اقترنت عنده ) فحال سؤاله المقتضية نقص رتبة خاصة من الولاية هي نبوة التشريع ، والرسالة ( حالة أخرى ) تقتضي زيادة مرتبة أخص من الولاية بدل تلك المرتبة تكمل بها ولايتهم أكبر من كمالها حال النبوة المقتضية كمالها بالنسبة إلى ولاية العامة من الأولياء ( تقتضيها ) أي : تلك الحالة ( أيضا مرتبة النبوة ) ، وإن انقطعت من حصول تلك الحالة من حيث أن هذه الرتبة مانعة من التنزل من أعلى إلى أدنى ، وهذه الرتبة هي رتبة كمال الاصطفاء للمخصوصة بهم اقتضت أولا رتبة النبوة ، ورتبة خاصة من الولاية ، ثم أخص منها عوضا عنها .
قال رضي الله عنه :  ( يثبت عنده ) أشار بصيغة المضارع إلى استمرار هذا الثبوت من الحال إلى الاستقبال (أن هذا) أي : قوله : " لأمحون اسمك عن ديوان النبوة " .
وإن تضمن زوال هذه الرتبة الخاصة ؛ فهو ( وعد ) بتعويض رتبة أخص بجعل ولايته أكمل مما كانت حال النبوة ( لا وعيد ) ، وإن زالت جمعيته بين النبوة والولاية تكن كملت ناطقيته بإلحاقه بالملائكة ، وسلبت جمعيته منها وبين الحيوانية ، وكيف يكون وعيدا ، وهو إنما يتصور عند ردّ وسؤاله غير مردود كان ( سؤاله عليه السّلام مقبول ) ، وكيف يرد سؤال الولي من العوام ، وهذا من خواصهم .
قال رضي الله عنه :  ( إذ النبي هو الولي الخاص ) ، وإن سلم رد سؤال الولي من العوام ؛ لأنه لقصوره يجوز أن يسأل ما يكرهه أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال ، إذ ( يعرف بقرينة الحال ) أي : حال هذا السائل الذي هو النبي الكامل الولاية ( أن النبي من حيث أن له في الولاية هذا الاختصاص ) بحيث لا ينزل من أعلى إلى أدنى أصلا ، وإن انقطعت نبوته .
قال رضي الله عنه :  ( محال أن يقدم على ) سؤال (ما يعلم أن اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ) هو كما توهم ذلك القائل في سؤال عزير عليه السّلام عن ماهية القدر أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال .
وإنما سأل عن الاطلاع على أعيان الموجودات من حيث مفتاحيتها لعدم علمه باستحالته ثم علم ذلك ، وعلم من بعده بما جرى عليه ، وبقوله تعالى :"عِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ"[ الأنعام : 59 ] .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
ما خوطب به عزير كان على مجرى الوعد ، لا الوعيد
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير : لئن لم تنته عن السؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ) في مشاهد الحضور والاتّحاد .
( ويزول عنك اسم النبيّ والرسول ) في موطن التفرقة والبعاد ، وحينئذ يكون الوجود لله (وتبقى له ولايته ) ، فإنّك أنت به وليّ تخلَّفا وتحقّقا .
ويمكن أن يرجع ضمير إلى العزير ، وتكون هذه الجملة خبرا لمبتدأ أو قرينة لحذفه - والأول أولى ، فإنّ الأكابر لا يلتفتون إلى معهودات المصطلحات كثير التفات ، فأتى بالواو تكثيرا للفائدة وتبيينا للمعنى الأول - وحاصل ذلك أنّ قوله للعزير : « لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » يبقي له ولايته ، ويبشّره على الكشف بالتجلَّي ، فيكون من قبيل الوعد .
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أنّه لمّا دلَّت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار ، إذ النبوّة والرسالة خصوص رتبة في الولاية ).
فإنّهما الصورة الظاهرة المنطوية عليها ، فلا بدّ من احتوائهما ( على بعض ما تحتوى عليه الولاية ) المطلقة ( من المراتب ) وإلا لم تكن صورة لها .
فإنّك قد عرفت أنّ الرسالة والنبوّة من صور تنزّلات الولاية ومظاهر أحكامها ، فالرسول النبيّ هو الولاية الظاهرة أحكامها في العين ، النافذة أوامرها على الخلق ( فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة ).
قال رضي الله عنه :  ( ومن اقترنت عنده حالة أخرى ) غير هذه الحالة ( تقتضيها أيضا مرتبة النبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد ، وأنّ سؤاله عليه السّلام مقبول ، إذ النبيّ هو الوليّ الخاصّ ) الذي لا يقدم على ما لا يرضى الله تعالى به ، ولا يسأل ما لا يعلم أنّه يعطيه ويمنحه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويعرف بقرينة الحال أنّ النبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ الله يكرهه منه ، أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال . )
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .
إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقوله للعزير لئن لم تنته عن السّؤال عن ماهيّة القدر لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة)
قال رضي الله عنه :  ( فقوله تعالى ) خطابا ( للعزير لئن لم تنته عن السؤال عن ماهية القدر لأمحون اسمك من ديوان النبوة ) معناه باعتبار الجزء الذي هو لأمحون " إسمك من ديوان النبوّة ".
 
قال رضي الله عنه :  (فيأتيك الأمر على الكشف بالتّجلّي ويزول عنك اسم النّبيّ والرّسول ، وتبقى له ولايته .   إلا أنّه لمّا دلّت قرينة الحال أنّ هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنّه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدّار ، إذ النّبوّة والرّسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تجري عليه الولاية من المراتب ، فيعلم أنّه أعلى من الوليّ الّذي لا نبوّة تشريع عنده ولا رسالة .  ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النّبوّة يثبت عنده أن هذا وعد)
 
باعتبار الجزء الذي هو لأمحون ( فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ) الذي تقوى به جهة الولاية وتفنى جهة النبوة والرسالة كما أشار إليه عليه السلام بقوله : " لي مع اللّه وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل " ( ويزول عنك ) بذلك التجلي ( اسم النبي والرسول وتبقى له ) ، أي للنبي الذي هو أنت ( ولايته ) أو تبقى للّه ولايته كما قال .
والولي اسم باق للّه أو تبقى لعزير ولايته من أن يكون الإتيان بضمير المخاطب على سبيل الحكاية عن اللّه تعالى ، وبعد تمامها يقول الشيخ وتبقى له أي العزير ولايته .
 
اعلم أنه لما كان للنبي جهتان :
جهة ولاية ولها شرف حال ، وجهة نبوة ولها فضيلة وكمال ، فعند كشف سر القدر بالتجلي يقوم مقام الولاية ويضمحل مقام النبوة والرسالة لقوة الاختصاص والتوغل في التألّه.
فالإخبار بمحو النبوّة وإزالتها باعتبار أن فيه فوات فضيلة وكمال وعيد ، وباعتبار أن فيه شرف حال وعد.
 
ولذلك ذهب بعضهم إلى أنه وعيد وبعضهم إلى أنه وعد كما أشار إليه الشيخ رضي اللّه عنه بقوله رضي الله عنه   : ( إلا أنه لما دلت قرينة الحال ) ، أي حال عزير عليه السلام وهي مروره على القرية الخاوية وسؤاله الظاهر في الاستغراب والاستعجاب عن كيفية إحيائها على ( أن هذا الخطاب ) ، يعني الخطاب بمحو اسمه من ديوان النبوّة لم ينته عن السؤال ( جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة ) ، أي حالة المرور والسؤال الظاهر في الاستغراب .
 
قال رضي الله عنه :  ( مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة ) محتوية ( على بعض ما تحتوي عليه الولاية من المراتب ) الكمالية ولا يوجد في الرتبة الأخرى .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيعلم ) من الوعيد بانقطاع النبوة ( أنه ) ، أي النبي ( أعلى ) رتبة ( من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة ، ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النبوة ) .
وهي أن النبي لكونه وليا واصلا عارفا بالحقائق الإلهية مشاهد الظهور الحق في جميع مراتبه
 
قال رضي الله عنه :  (لا وعيد فإنّ سؤاله عليه السّلام مقبول إذ النّبيّ هو الوليّ الخاصّ .
ويعرف بقرينة الحال أنّ النّبيّ من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أنّ اللّه يكرهه منه أو يقدم على ما يعلم أنّ حصوله محال . )
 
لا يمكن أن يستغرب شيئا من مقدوراته ولا أن يسأل عما لا يمكن حصوله ( يثبت عنده أن هذا وعد ) حال أشرف ( لا وعيد وأن سؤاله عليه السلام عن القدر مقبول ) يجاب ( إذ النبي هو الولي الخاص ) المكاشف بما في استعداده فلا يسأل ما ليس في استعداده .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن اللّه يكرهه ) من الاستغراب والاستعجاب ( أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال ) وهو الاطلاع على كيفية تعلق القدرة بالمقدور ذوقا .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:14 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
 قال رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما .
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم . ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)


قال رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال) مع الخطاب الإلهي (عند من اقترنت عنده وتقررت) ، أي ثبتت في نفسه (أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده) الوارد منه تعالى في حق عزير عليه السلام (في قوله تعالى : لأمحون اسمك من ديوان النبوة) كما سبق بيانه (مخرج الوعد له) بالخير .
قال رضي الله عنه :  (فصار) ذلك (خبرا) من اللّه تعالى (يدل) في حق عزير عليه السلام (على علو مرتبة له باقية) إلى الأبد لا تزول عنه ولا تنقطع وهي مرتبة الولاية الإلهية (وهي المرتبة الباقية) إلى يوم القيامة وإلى ما بعد ذلك (على الأنبياء والرسل) عليهم السلام (في الدار الآخرة) أيضا.
قال رضي الله عنه :  (التي ليست بمحل شرع يكون عليه أحد من خلق اللّه) تعالى (في جنة ولا نار بعد الدخول فيهما) ، أي في الجنة والنار ، فالنبوّة والرسالة تزولان بزوال الدار التي هي محل التكليف ولا يبقى إلا الولاية ، فالمحو من ديوان النبوّة على هذا زيادة شرف في حقه عليه السلام ، وهو قد طلب ما يقتضي ذلك بسؤاله عن سر القدر .
فوعده اللّه تعالى بحصول ذلك له إن لم ينته عن ذلك السؤال ، لأن النبوّة والرسالة مقامان لأحكام المكلفين من المؤمنين والكافرين وأحوال التبليغ إليهم ، وذلك يقتضي الهبوط عن مقام الولاية العالي الذي هو في الأنبياء والمرسلين عليهم السلام أفضل من مقام نبوتهم ومقام رسالتهم كما سبق بيانه .
قال رضي الله عنه :  (وإنما قيدناه) ، أي الشرع الذي يكون عليه أحد من الخلق (بالدخول في الدارين) دار (الجنة) ودار (النار لما شرع) ، أي لأجل أنه ورد في الأخبار الصحيحة


أن اللّه تعالى شرع (في يوم القيامة لأصحاب الفترات) جمع فترة وهي انقطاع الوحي وفقد تواتر الدين الصحيح بين كل رسولين كالفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام (والأطفال الصغار) الذين ماتوا قبل البلوغ ولعلهم أطفال المشركين ، فإن أطفال المسلمين كلهم في الجنة كما ورد في الأخبار النبوية (والمجانين) الذين ماتوا قبل أن يجري عليهم قلم التكليف في الدنيا .
قال رضي الله عنه :  (فيحشر هؤلاء) يوم القيامة (في صعيد واحد) ، أي أرض واحدة غير محشر الناس (لإقامة العدل) الإلهي عليهم (والمؤاخذة بالجريمة) في أصحاب النار منهم (والثواب العملي) ، أي العمل الصالح (في أصحاب الجنة) منهم .
قال رضي الله عنه :  (فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم) يبلغهم بإرساله إليهم (وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث) إليهم (في ذلك اليوم فيقول لهم : أنا رسول الحق) تعالى (إليكم فيقع عندهم التصديق به) عند البعض منهم ويقع التكذيب به عند بعضهم الآخر .
قال رضي الله عنه :  (ويقول لهم اقتحموا) ، أي ادخلوا (هذه النار بأنفسكم فمن أطاعني نجا ودخل الجنة ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار) فتنة لهم منه تعالى بذلك واختبارا ومحنة في طاعة اللّه تعالى .


قال رضي الله عنه :  (فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها) ، أي في تلك النار (سعد ونال الثواب العملي) ، أي ما يثاب عليه أهل العمل الصالح (وجد تلك النار) ، التي رمى بنفسه فيها ("بَرْداً وَسَلاماً")[ الأنبياء : 69 ] ، عليه أي أمانا له من التأذي بها ودخل الجنة مع الطائعين ومن عصاه فلم يرم بنفسه فيها (استحق العقوبة) لمخالفة ما كلف به من حكم اللّه تعالى فدخل النار ، أي نار العقاب مع المخالفين (ونزل فيها) ، أي في نار العقاب (بعلمه المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في) جميع (عباده) فهذا تكليف يبقى في يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة فخرج الوعد وصار ) الخطاب ( خبرا يدل على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية ) أي مرتبة العزير وهي الولاية .


( على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست ) تلك الولاية ( بمحل الشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنة ولا نار بعد الدخول فيهما ) فعلى هذا التقدير كان معناه يا عزير انته عن السؤال عن ماهية القدر التي ممكنة الحصول لك .
لكن ليس هذا وقته لئن لم تنته في حصوله بغير أوانه لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة وهي أدنى مرتبتك أو أبقيتك على ولايتك وهي أعلى مرتبة لك من نبوتك فحينئذ يحصل مرادك فما كان من شأنك في هذا الوقت .
إلا حصول كيفية سرّ القدر لا ذوقه فأراه الكيفية الآن ووعد ذوقه في الآخرة .
فكان هذا الخطاب وعد لحصول مطلوب العزير وهو الذوق بسر القدر .


وخبر يدل على بقاء علوّ مرتبة العزير ، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل وأما عند الشيخ فبهذا الخطاب عتاب عناية ولطف لا عتاب قهر .
إذ العتاب في حق الأنبياء عليهم السلام اللطف والتأديب لا وعد ولا وعيد.
( وإنما قيدناه بالدخول في الدارين الجنة والنار لما يشرع يوم القيامة لأصحاب الفترات ) وهم الذين ما بعث في زمانهم نبي مشرّع لهم ولم يصل إليهم شريعة من كان قبلهم ( والأطفال الصغار ) وهم الذين ماتوا قبل أوان التكليف ( والمجانين ) وهم الذين عرض لهم ما ينافي العقل فسقط التكليف معه في الدنيا ( فيحشر هؤلاء في صعيد واحد ) كلهم عقلاء بالغين لأن من لم يكن بالغا لا يستحق المؤاخذة بالجريمة والثواب العملي ( لإقامة العدل )
قوله : ( والمؤاخذة بالجريمة ) في حق أصحاب النار ( والثواب العملي في أصحاب الجنة ) تفسير للعدل .
( فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل ) أي بمكان بعيد ( عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم : أنا رسول اللّه إليكم فيقع عندهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ). وفي الكلام تقديم وتأخير وتقدير الكلام هكذا
 ( فيقول لهم ) : أنا رسول اللّه إليكم ( اقتحموا ) أي ادخلوا ( هذه النار بأنفسكم فمن أطاعني نجا ودخل الجنة ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار ) فيقع عندهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم .
( فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب العملي ووجد تلك النار بردا وسلاما ) وفي الكلام تقديم وتأخير مع التقدير أصل الكلام هكذا روى بنفسه فيها سعد ووجد تلك النار بردا وسلاما فدخل الجنة.
فنال الثواب العملي ، وهو التمتعات بحور العين وغير ذلك من طعوم الجنة التي لا ينال إلا بأسبابه ( ومن عصاه استحق العقوبة فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ) وإنما فعل ذلك ( ليقوم العدل من اللّه في عباده ) إذ لا بد من إقامة العدل فيهم .
فالأطفال والمجانين والمؤمنين كلهم سعدوا ونالوا نتائج أعمالهم لورود النص إن أطفال المؤمنين يشفعون لآبائهم وأمهاتهم فلا يجوّز أحد منهم أن يعصي أمر نبيه .
بخلاف أطفال الكفار ومجانينهم فجاز منهم العصيان والامتثال فعلى هذا لا فضل من اللّه إلا وفيه عدل ولو لم يفعل ذلك لفات العدل وهو يخالف الحكمة .
وإنما أتى بالنار دون غيرها لأن باطنها نور إلهي يناسب النفوس النورانية لذلك اختار الدخول بعضهم وظاهرها نار يناسب النفوس الظلمانية.
لذلك أبى بعضهم فلما أخبر عما رآه في كشفه الصحيح أورد دليلا على ذلك قوله تعالى :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده).


قال رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.  وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم . ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
المعني ظاهر.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على مرتبة باقية ، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق الله في جنّة ولا نار بعد الدخول فيهما . وإنّما قيّدناه بالدخول في الدارين الجنّة والنار ، لما شرع الله يوم القيامة لأصحاب العثرات والأطفال الصغار والمجانين يوم القيامة ، فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنّة ، فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل من الناس ، بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النبيّ المبعوث في ذلك اليوم ، فيقول لهم : أنا رسول الحق إليكم ، فيقع عندهم التصديق  ويقع التكذيب عند بعضهم .ويقول لهم : اقتحموا هذه النار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان أهل النار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها ، سعد ونال الثواب العمليّ ، ووجد تلك النار بردا وسلاما ، ومن عصاه استحقّ العقوبة ، ودخل النار ، ونزل فيها بعمله المخالف ، ليقوم العدل من الله من عباده.)
 
قال العبد : كلّ هذا التشريع تكليف بأمر ونهي ومحلَّه الدنيا ، والذين لم يستأهلوا في الدنيا وحسمت أعمارهم ، وبعد الدار الدنيا لا دار إلَّا الجنّة والنار ، واستحقاق الدخول فيهما وإن كان بفضل الله أو بسخطه ، فإنّهما بحسب الأعمال الصالحة أو غيرها ، وهؤلاء ليس لهم عمل ، فأبقى الله تعالى من حضرة الاسم الحكم وحضرة الاسم العدل قدرا من الشرع  وأخّر هذا القدر من التشريع ، لظهور الاستحقاق ونيل الثواب والعقاب ، بحسب الإجابة والطاعة أو المعصية والمخالفة ، والله عليم حكيم .
 


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عندما اقترنت عنده وتقررت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله « لأمحون اسمك من ديوان النبوة » مخرج الوعد ، فصار خبرا يدل على مرتبة باقية ، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل لشرع يكون عليه أحد من خلق الله في جنة ولا نار بعد الدخول فيهما ) ..
إنما لا يبقى في الدار الآخرة إلا الولاية لأنها دار الجزاء لا دار التكليف والتشريع.


قال رضي الله عنه :  ( وإنما قيدناه بالدخول في الدارين الجنة والنار لما يشرع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنة ، فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم ، وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك القوم ، فيقول لهم : أنا رسول الله إليكم ، فيقع عندهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ويقول لهم : اقتحموا هذه النار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنة ، ومن عصاني وخالف أمرى هلك وكان من أهل النار ، فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب ووجد تلك النار بردا وسلاما ، ومن عصاه استحق العقوبة ودخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ، ليقوم العدل من الله في عباده ) .
 
أصحاب الفترات هم الذين نشئوا في زمان الفترة بين رسولين ، فلم يعلموا بشريعة الرسول المقدم لأنه لم يدركها ولم يشرع بعد شرع النبي الآنى ، ولعل الصعيد الذي يحشرون فيه من أرض الساهرة ، فمن أراد أن يطلع بحقيقته فليطلبه من التأويلات التي كتبناها في القرآن ، والنار التي تمثلت لهم هي صورة تكليف النبي المبعوث في ذلك اليوم والباقي ظاهر .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت ، أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : "لأمحون اسمك من ديوان النبوة " فخرج الوعد فصار ) أي ، هذا الخطاب الإلهي .
 
قال رضي الله عنه : ( خبرا يدل على علو مرتبة باقية . وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل لشرع يكون عليه ) أي ، على ذلك الشرع .
( أحد من خلق الله في جنة ولا نار بعد الدخول فيهما) .
 
قال رضي الله عنه : ( تلك المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل إنما هي الولاية لا غير ، فإن النبوة التشريعية والرسالة منقطعة في دار الدنيا ، وعند خرابها يرتفع التكليف ، فلا يبقى لهم إلا الولاية .  وإنما قيدناه بالدخول في الدارين : الجنة والنار ، لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين . فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس ، بعث فيهم نبي من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم . فيقول لهم : أنا رسول الله إليكم . فيقع عندهم التصديق به ، ويقع التكذيب عند بعضهم . ويقول لهم : اقتحموا هذه النار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجى ودخل الجنة ، ومن عصاني وخالف أمري ، هلك وكان من أهل النار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها ، سعد ونال الثواب العملي ، ووجد تلك النار بردا وسلاما . ومن عصاه ، استحق العقوبة فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ، ليقوم العدل من الله في عباده . )
أي ، إنما قيدنا بالدخول في الجنة والنار ، لأن يوم الفصل قبل الدخول في المقامين تكلف بعض الناس فيه كأصحاب الفترات . وهم أهل زمان ما بعث فيهم نبي مشرع لهم ، واندرس شريعة من كان قبلهم ، وكالأطفال الذين توفوا قبل البلوغ الذي هو أوان التكليف وشرطه ، وكالمجانين لعروض مزاج ينافي وجود التكليف معه في الدنيا .
 
وإنما كلفوا لاقتضاء حكم العدل ذلك ، فإن الثواب أو العقاب يترتب كل منهما على أسباب توصل إليه .
والنار التي يأتي نبيهم بها ، هو النور الإلهي الذي تناسبه النفوس النورانية أزلا ، فكانت نوريتهم مختفية فيهم لعوارض النشأة الدنيوية ، فإذا زالت ، ظهرت النورية ، فمالت إلى جنسها ، فدخلوا فيها فنجوا .
والنفوس التي كانت ظلمانية ، تنفروا منها ، فعصوا أمر نبيهم ، فحق عليهم القول .
وقوله : ( فاقتحموا هذه النار بأنفسكم ) . أي ،أدخلوا أنفسكم في هذه النار . ف‍ ( الباء ) للتعدية.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:15 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية ، وهي المرتبة  الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن اقترنت هذه الأحوال ) وهو عدم تنزل النبي عن درجة أعلى إلى أدنى ، وأنه لا يقدم في سؤاله على المكروه والمحال مع علمه بذلك ، وإن سؤاله مقبول لا محالة لكمال ولايته بسؤاله عن ماهية القدر التي لا تستحيل معرفتها لعامة الأولياء فضلا عن الأنبياء.
( عند من اقترنت عنده ) أي : من يعتبر اقترانها ، ( وتقررت ) بحيث لا تزيلها شبهة [ ظاهرة ] تكون كالجامع بين النبوة والولاية .
 
قال رضي الله عنه :  ( أخرج هذا الخطاب الإلهي ) أي : الذي خاطب اللّه به عبده ، وهو لا يشأ بخطأ له من ليس من أهل اصطفائه ، وإنما خاطب إبليس بواسطة الملائكة عنده أي : عند سؤاله عن أو غير مكروه ولا محال ، وإن كان هذا الخطاب مصبوبا في قالب الزجر والعنف جاريا مجرى الوعيد ( في قوله : لأمحونّ اسمك عن ديوان النبوة مخرج الوعد ) بتفويض رتبة أخص من المسلوبة ، فصار ما هو إنشاء وعيد في الصورة خبرا يدل على حصوله علو رتبة في ولايته أخص من رتبة النبوة ، ومع ذلك هذه الرتبة باقية ، ورتبة الولاية العامة ، وإن بقيت لا تبلغ هذه الرتبة .
 
إذ ( هي الرتبة الباقية على الأنبياء والرسل ) الذين لا ينزلون عن رتبة أعلى إلى أدنى سيما إذا انتقلوا إلى الدار الآخرة ، فيؤتون هذه الرتبة من الولاية ( في الدار الآخرة ) عوضا عن نبوتهم ورسالتهم لانقطاعهما بالكلية ؛ لأنها الدار .
قال رضي الله عنه :  ( التي ليست بمحل لشرع يكون على أحد من خلق اللّه ) لا نبي مشرع ، ولا مشرع له ، ولا مجتهد ، ولا عامي بعمل شيء من ذلك ( في جنة أو نار ) ، وهما دار الجزاء المترتب على ذلك العمل ، فلو كان ثم عمل لكان لأهلها دار جزاء أخرى ، فلا يتصور شرع يعمل به أحد ( بعد الدخول فيهما ) بخلاف ما قبله ؛ فإنه ليس بدار جزاء ، فيتصور فيه التكليف بل هو واقع .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين الجنّة والنّار لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين ، فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة ، فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم ، وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم ؛ فيقول لهم : أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم ، ويقول لهم : اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار ؛ فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ، ووجد تلك النّار بردا وسلاما ، ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ، ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده ) .


كما أشار إليه بقوله : ( وإنما قيدناه ) أي : انقطاع الشرع والتكليف المستلزم به انقطاع النبوة التشريعية والرسالة ( بالدخول في الدارين الجنة والنار ) بيّن لئلا يتوهم أن المراد البرزخ والقيامة ( لما شرع يوم القيامة )، وهو من وقت النفخة الأولى الثانية إلى دخول الكل الجنة والنار ( لأصحاب الفترات ) أي : الذين كانوا في وقت فترة النبوة ومحو شرائع الأنبياء لم تبلغهم دعوتهم ولا شرائعهم .
 
قال رضي الله عنه :  (والأطفال الصغار ) الذين لا يعقلون التكليف ، فإن من عقله من غير البالغين في حكم المكلفين يوم القيامة ، فإن التكليف حقيقة منوط به ، وإنما نيط بالسن والاحتلام للضبط في حقّ الدنيا ، ( والمجانين ) الذين كانوا من حين وقت التعقل من الصبا إلى الموت على الجنون لم يعقلوا التكليف أصلا ، أنه لا بدّ من دخول إحدى داري الجزاء المترتب على التكليف الذي لم يتحقق لهم في الدنيا ، فلابدّ من تحققه في حقهم بعد الخروج عنها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فيحشر هؤلاء ) الذين لم يتحقق تكليفهم في الدنيا لعدم تعقلهم إياه ( في صعيد واحد ) ؛ لئلا يقول بعضهم : إنه لم يبلغه دعوة هذا النبي ، ولا يحتاج إلى تعديده في مدة قريبة اقتصارا على قدر الحاجة ؛ ( لإقامة العدل ، والمؤاخذة بالجريمة ) في حق المعذب منهم لم يقل في أصحاب النار اكتفاء بما يقول في ضده ، وإقامة ( الثواب العملي في أصحاب الجنة ) والثواب الفعلي ، وإن كان أيضا في الجنة ؛ فليس من حيث إنها دار الجزاء وذا خلاف وضعها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا حشروا في صعيد واحد ) ليكون أقرب إلى اجتماع كلمتهم على التصديق به ( بمعزل عن الناس ) ؛ لئلا يدعوا متابعة آبائهم الناجين ، ولا يقلدوا من روا فيه النجاة من غيرهم ( بعث فيهم نبي ) لعقلهم التكليف حينئذ ( من أفضلهم ) ؛ لأن أهل الفصل أبعد من تهمة الكذب ، ( ويمثل لهم نارا ) ، أي : يأتي بها من عالم المثال ابتلاءهم وإيهام إخراقها من دخلها من غير أن تكون محرقة بالحقيقة .
 
قال رضي الله عنه :  ( يأتي بها هذا النبي ) لا ملك ؛ إذ يقع التصديق به حينئذ ضروريّا ( للمبعوث في ذلك اليوم ) لا المشهور بالنبوة قبله ، إذ يكون تصديقه ضروريّا إذا بلغهم الخبر من يحشر المكلفين إذا علموا بذلك ، ( فيقول لهم : أنا رسول الحق إليكم ) لم يذكر معجزته ؛ لأن كونه من أهل الفضل كاف من أن يكذب على الحق سيما في ذلك اليوم ، ( فيقع عندهم ) أي : في قلوب جميعهم (التصديق) القلبي ( به ) ، أي : بكونه رسول الحق إليهم ، ولكن لا يذعن بعضهم لهذا التصديق ، وحينئذ (يقع التكذيب عند بعضهم ،ويقول لهم: ) هذا النبي في التكليف العملي ( اقتحموا هذه النار بأنفسكم ) أي : باختياركم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أطاعني ) بالتصديق والعمل ( نجا ) من حرقة هذه النار ونار جهنم ، ( ودخل الجنة ) ، فإن صدقه ولم يعمل به لم ينج ، ولكن سيدخل الجنة بعد حين ، ( ومن عصاني ) بالتكذيب ، (وخالف أمري هلك) بالكفر والمعصية العملية جميعا ، ( وكان من أهل النار ) أبدا ، وإن لم يكن مكلفا في الدنيا ، ( فمن امتثل أمره منهم ) لإطاعته بالتصديق والعمل ، ( ورمى بنفسه فيها ) من غير أن يشير إلى غيره بجذب أو دفع وذلك لقوة إيمانه وتصديقه ، ( سعد ) بالنجاة عن نار جهنم ، ( ونال الثواب العملي ) بدخول الجنة ، وزيد له فيها ما زيد تفضلا مع قصور عمله ، ( ووجد تلك النار بردا وسلاما ) إذ كانت من عالم المثال لا محرقة بالحقيقة .
( ومن عصاه ) بالتكذيب وترك العمل ( استحق العقوبة ) عليهما ، ( فدخل النار) أي : نار جهنم ، وليس ذلك بظلم في شأنه لقصور مدة عمله .
إذ ( نزل فيها بعمله المخالف ) لمقتضى التكليف ، فهو ينزل منزلة من أنكر أمر الملوك يستحق القتل ؛ ليقوم العدل من اللّه في عباده ، ولا يكون متحكما بالإثابة والانتقام ، وإن كان متفضلا في حق من أثاب ، لكن الحكمة تقتضي ألا يدخل دار وضعت للجزاء لا للجزاء بالقصد الأول .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وراء مرتبة النبوّة التشريعيّة ، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحلّ الشرع ، يكون عليه أحد من خلق الله ) .
 أي حال كون ذلك الشرع عليه أحد من خلق الله ليست الدار الآخرة محلا لها - ( في جنّة ولا نار ، بعد الدخول فيهما ).
 
فقوله تعالى للعزير عند سؤاله عن ذلك السرّ : « لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوّة » خبر فيه ضرب من التشويق إلى المسؤول عنه - لا نهي عن السؤال - عند الفطن .
وهذا من الكنايات المستعملة والملحقات بالبطن الأوّل .
فإنّ المصنف قلَّما يستشهد بآية ويستكشف عنها المعاني غير ما في ذلك البطن وملحقاته .
"" أضاف الجامع : تجدر الإشارة والبشارة في جمال الله ولطفه لكونه سبحانه المعلم والمربي وصانع  عباده المخلصين المختاريين :
فتحذيره لأولياؤه وعباده المخاصي اللذين صنعهم على عينة تكون من راعيهم ومعلمهم المحب الى عباده المحبين له فلا تكون من ديوان المنتقيم أو الشديد البطش تكون بدون عقوبة السلب والآلام للعذاب ، نذكر أمثال :-
 
1 - قوله تعالي لرسول الله صلى الله عليه وسلم  :
 وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) سورة الإسراء.
وقوله تعالى : مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68) سورة الأنفال .
 
2 - أبينا آدم عليه السلام :
لما عصى ربه لم يسلبه النبوة وعلمه كلمات وتاب عليه السلام  وأنزله بالنبوة ليتولى وظيفته بالخلافة في الأرض لحقق إرادة الله فبه.
 
3 - نبي الله ذا النون يونس عليه السلام :
وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88) سورة الأنبياء .
ولم يسلبه الله سبحانه واللهمة كلمات التوبة وعفا عنه وارسله الى مائة ألف او يزيدون
وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (145) وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ (148) سورة الصافات
 
4 - رسول الله ونبيه موسى عليه السلام :
قال تعالى : وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ (145) سورة الأعراف
ولكن رسول الله موسي عليه السلام ، ألقى الألواح من الغضب ولم يعاقبه الله ولم يسلبه بل أعانه وساعده ليأخذ الألواح مرة أخرى  بل كفأؤه وقومة وحدد لهم ميقاتا لملاقاه الله سبحانه .
قال تعالى :  وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (150) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (151) سورة الأعراف
قال تعالى :  وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ (154) سورة الأعراف
قال تعالى :   وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ أَنْتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ (155) سورة الأعراف  أهـ""
 
الباقي من أمر الشرع في القيامة
( و ) الانطلاق عن الشرع ورفع أحكامه ( إنما قيّدناه بالدخول في الدارين ) أعني - ( الجنّة والنار - لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات ) الذين زمان ظهورهم ما بين نبيّين ما أدركوا حكم أحد منهما .
قال رضي الله عنه :  ( والأطفال الصغار والمجانين ، فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة ) في أصحاب الجحيم .
( والثواب العملي في أصحاب الجنّة ) وإنما لم يصرّح بأصحاب الجحيم لما عليه كلمته من أنّ الجحيم ومقتضياتها أمر موهوم - « وما لوعيد الحق عين تعاين » - فليس له ظهور مثل ظهور نعيم الجنة .
قال رضي الله عنه :  ( فإذا حشروا في صعيد واحد ) - لغلبة حكم البرزخ على أرواحهم ، فهم في موضع مرتفع عن أهله ( بمعزل عن الناس - بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار ).
أي تصوّر العقل الذي هو مبدأ التكليف والتمييز بصورة مثاليّة ناريّة ( يأتي بها هذا النبيّ المبعوث في ذلك اليوم ) وذلك لأنّ النار لها نوريّة يهتدي به الناس ، وإحراق يستتبع تفريق المختلفات وجمع المتماثلات ، وهو فيه التمييز المترتّب على إدراكه .
قال رضي الله عنه :  ( فيقول لهم : « أنا رسول الحقّ إليكم » فيقع عندهم التصديق به ، ويقع التكذيب عند بعض ) على ما هو مقتضى أمر النسبة من ظهور حكم التقابل .
( ويقول لهم : « اقتحموا هذه النار بأنفسكم ) وادخلوا في ورطات مهالكها - إذ الاقتحام هو الدخول في المهالك .
قال رضي الله عنه :  ( فمن أطاعني نجا ودخل الجنة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار » - فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب العملي ، ووجد تلك النار ) بشهوده اليقيني.
قال رضي الله عنه :  ( بردا وسلاما ومن عصاه استحقّ العقوبة ، فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ، ليقوم العدل من الله في عباده ).

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما.
وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم .
ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده)
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقرّرت أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : « لأمحونّ اسمك من ديوان النّبوّة » مخرج الوعد ، وصار خبرا يدلّ على علوّ مرتبة باقية وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرّسل في الدّار الآخرة الّتي ليست بمحلّ لشرع يكون عليه أحد من خلق اللّه في جنّة ولا نار بعد الدّخول فيهما .  وإنّما قيّدناه بالدّخول في الدّارين - الجنّة والنّار - لما شرّع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصّغار والمجانين فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثّواب العملي في أصحاب الجنّة . فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن النّاس بعث فيهم نبيّ من أفضلهم وتمثّل لهم نار يأتي بها هذا النّبيّ)
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت ، أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله : " لأمحون اسمك من ديوان النبوّة " مخرج الوعد ) لا الوعيد .
قال رضي الله عنه :  ( وصار هذا الخطاب خبرا يدل على علوّ مرتبة باقيه ) بعد محو النبوّة في هذه الدار (وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل الشرع يكون عليه ) ، أي على ذلك الشرع ( أحد من خلق اللّه أنه في جنة ولا نار بعد الدخول فيها ، وإنما قيدناه بالدخول في الدارين : الجنة والنار لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات ) الذين لم يبعث فيهم نبي شرع . واندرست شرائع من قبلهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( والأطفال الصغار ) الذين ماتوا قبل أوان التكليف ( والمجانين ) الذين لم يكن لهم صلاحية التكليف ( فيحشر هؤلاء ) المذكورون ( في صعيد واحد ) من الساهرة ( لإقامة العدل و ) لأجل ( المؤاخذة بالجريمة و ) لأجل ( الثواب العملي ) ، أي الثواب المثوب على العمل كدرجات الجنة لا الحاصل من محض الوهب .
( في ) حق ( أصحاب الجنة ، فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم ويمثل لهم نار ) ، بل نور في صورة نار.
 
قال رضي الله عنه :  (المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول اللّه إليكم ، فيقع عندهم التّصديق به ويقع التّكذيب عند بعضهم . ويقول لهم اقتحموا هذه النّار بأنفسكم ، فمن أطاعني نجا ودخل الجنّة ، ومن عصاني وخالف أمري هلك ، وكان من أهل النّار . فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثّواب العملي ووجد تلك النّار بردا وسلاما . ومن عصاه استحقّ العقوبة فدخل النّار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من اللّه تعالى في عباده . )
 
قال رضي الله عنه :   ( يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم فيقول : أنا رسول اللّه إليكم فيقع عندهم ) ، أي عند بعضهم ( التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم ويقول لهم : اقتحموا ) ، أي ادخلوا ( هذه النار بأنفسكم ) من غير أن يدخلكم غيركم جبرا .
قال رضي الله عنه :  ( فمن أطاعني ) فيما أمرته من الاقتحام ( فقد نجا ) من النار ( ودخل الجنة ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار ، فمن امتثل أمره ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب العملي ووجد تلك النار بردا وسلاما ، ومن عصاه ) ولم يقتحم النار.
قال رضي الله عنه :  ( استحق العقوبة ، فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ) ، لما أمره النبي به ( ليقوم العدل من اللّه في عباده .) يدل على اعتبار ذلك التقييد .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:19 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :     الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين).
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين).


قال رضي الله عنه :   (وكذلك) ، أي مثل ما ذكر في بقاء التكليف يوم القيامة (قوله) تعالى : (" يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ")  أي يتميز الأمر الملتبس أو تنفصل شدة البعث من قولهم : قامت الحرب على ساق ، أي شدة وقيل : الساق الذات الإلهية ويشمل ذلك تفسيره بقوله (أي أمر عظيم من أمور الآخرة "وَيُدْعَوْنَ" )، أي أهل المحشر كلهم ("إِلَى السُّجُودِ") للّه تعالى من تلقاء أنفسهم (فهذا تكليف وتشريع) أيضا في حق الجميع في ذلك اليوم .


قال رضي الله عنه :  (فمنهم من يستطيع) السجود للّه تعالى كما كانوا يسجدون له في الدنيا (ومنهم من لا يستطيع) السجود (وهم) ، أي من لا يستطيعون الذين قال اللّه فيهم : "وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ"[ القلم : 42 ] .
أن يسجدوا قيل : إن ظهورهم تصير كأنها صحيفة فولاذ . قال تعالى : "وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ" [ القلم : 43 ] .
قال رضي الله عنه :  (وهذا كما) كان (لم يستطع في) الحياة (الدنيا امتثال أمر اللّه) تعالى (بعض العباد كأبي جهل وغيره) من الكافرين (فهذا) المذكور هو (قدر ما يبقى من) التكليف بأحكام (الشرع في) الدار (الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار فلهذا) ، أي ولأجل ما ذكر (قيدناه) ، أي الشرع الذي لا يبقى بالدخول في الجنة والنار (والحمد للّه ) على أنعامه بتحقيق تعليمه وإلهامه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى :"يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" [ القلم : 42 ] ) أي أمر عظيم من أمور الآخرة.
( ويدعون إلى السجود فهذا ) أي هذا الأمر ( تكليف وتشريع فيهم فمنهم من يستطيع ) كما استطاع في الدنيا .
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من لا يستطيع وهم الذين قال اللّه فيهم ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون كما لا يستطيع في الدنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره فهذا ) التكليف والتشريع ( قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول النار والجنة فلهذا قيدناه والحمد للَّه رب العالمين ) . وتحقيق هذا المقام لما قال اللّه تعالى: "أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ "
وقالوا بلى فالخطاب عام فالإجابة عامة على معنى بيان الطريق الموصل إليّ منكم والسلوك إليه منا .
إذ ما يظهر ما في استعداد الشخص إلا بالتكليف ولا يكلف العبد إلا بما قال لمولاه بلسان استعداده كلفني فكلفه اللّه بحسب الأوقات ليظهر ما في استعداده من الكمالات اللائقة به.
فلا بد من التكليف إما في الدنيا كما كان وإما في الآخرة كما يكون في هؤلاء الطائفة وعد اللّه لهم أن يبين طريق الهداية بسبب طلبهم ذلك من اللّه على حسب قابليتهم .
فلما لم يبين لهم طريق الهداية في الدنيا لعدم مساعدة أمزجة الأطفال والمجانين والمانع في أصحاب الفترات في يوم القيامة وفاء لعهده السابق .
ولا يتوهم أن هذا القول لا يقوله أهل الشرع ولا يذهب إليه أحد منهم فكان مخالفا للشرع .
لأن أحوال هذه الطوائف مختلف فيها عند أهل الشرع فمثل هذا الخلاف لا يعدّ مخالفا للشرع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين).
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
المعني ظاهر .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله : " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ "  أي أمر عظيم من أمور الآخرة . " وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ " فهذا تكليف وتشريع ، فمنهم من يستطيع ، ومنهم من لا يستطيع وهم الذين قال الله فيهم : " وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ " كما لم يستطع في الدنيا  امتثال أمر الله بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر ما بقي من التشريع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنار ، فلهذا قيّدناه ، والحمد لله » .)

قال العبد : كلّ هذا التشريع تكليف بأمر ونهي ومحلَّه الدنيا ، والذين لم يستأهلوا في الدنيا وحسمت أعمارهم ، وبعد الدار الدنيا لا دار إلَّا الجنّة والنار ، واستحقاق الدخول فيهما وإن كان بفضل الله أو بسخطه ، فإنّهما بحسب الأعمال الصالحة أو غيرها ، وهؤلاء ليس لهم عمل ، فأبقى الله تعالى من حضرة الاسم الحكم وحضرة الاسم العدل قدرا من الشرع  وأخّر هذا القدر من التشريع ، لظهور الاستحقاق ونيل الثواب والعقاب ، بحسب الإجابة والطاعة أو المعصية والمخالفة ، والله عليم حكيم .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله تعالى : " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ "  أي أمر عظيم من أمور الآخرة ويدعون إلى السجود فهذا تكليف وتشريع ، فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم " ويُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ "  كما لا يستطيع في الدنيا امتثال أمر الله بعض العباد كأبي جهل وغيره ، فهذا قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار ، فلهذا قيدناه والحمد لله الولي ) .
 
وإنما يبقى هذا القدر من الشرع إلى يوم القيامة لأن الدار الآخرة دار الجزاء ، والمذكورون من الطوائف هم الذين لم يعملوا عملا يترتب عليه الثواب والعقاب ، فإن استحقاقهما وإن كان أصلا من رضى الله وسخطه فلا بد من عمل يكون سبب ظهورهما وليس لهم عمل.
 فأبقى الله تعالى من حضرته اسم العدل والحكم ، هذا القدر من الشرع أخره إلى ذلك اليوم ليظهر استحقاقهم لنيل الثواب والعقاب بحسب الطاعة والمعصية .
وأما الذين يدعون إلى السجود مع عدم الطاعة فذلك تصوير وتذكير بحالهم في دار التكليف لهم إلزاما للحجة عليهم .
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله : " يوم يكشف عن ساق " . أي ، عن أمر عظيم من أمور الآخرة . " ويدعون إلى السجود " . فهذا تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ، ومنهم من لا يستطيع . وهم الذين قال الله تعالى فيهم : " ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون " كما لا يستطيع في الدنيا امتثال أمر الله بعض العباد ، كأبي جهل وغيره . فهذا قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول النار والجنة ، فلهذا قيدناه . والحمد لله رب العالمين . ) .

وإنما يدعون إلى السجود يوم يكشف عن ساق بالأمر الإلهي ، وإلى الانقياد لله مع عدم إمكان صدوره ممن لم يسجده في الدنيا ، ولم ينقد لأمر رب السماوات العلى ، إلزاما لهم وحجة عليهم
وتذكرا لهم أنهم ما قدروا أن يسجدوا في الدنيا ، كما لم يستطيعوا أن يسجدوا في العقبى ، فلا يستحقون الجنة .
ومن يسجد في الدنيا وانقاد ، يسجد في الآخرة وأجاد ، فاستحق الجنة وأخلص من النار نجى من عذاب ( المنتقم ) و ( القهار ) .
اللهم اجعلنا من الفائزين بجنتك والناجين من عذابك .
والحمد لله وحده ، والصلاة على خير خلقه بعده  .
.
.يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني.موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:20 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني.موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :     الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله تعالى :يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ[ القلم : 42 ] ، أي : أمر عظيم من أمور الآخرة " وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ" [ القلم : 42 ] ، تكليف وتشريع فيهم ، فمنهم من يستطيع ، ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :" وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ" [ القلم : 42 ] ، وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره ؛ فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه ، والحمد للّه ربّ العالمين .)
 
ثم أشار إلى تكليف آخر يوم القيامة ؛ فقال رضي الله عنه  : ( وكذلك ) أي : ومثل تكليف أصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين بما ذكرنا يوم القيامة فيه تكليف آخر يدل عليه السلام .
 
قال رضي الله عنه :  ( قوله تعالى :"يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" [ القلم: 42 ] أي : عن أمر عظيم من أمور الآخرة ) يكشف عن ساق من وقع في الدنيا في مثله عند السعي فيه ، إذ تظهر فيه الهيئات الحاصلة للأرواح على الأعمال "وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ" [ القلم : 42 ] .
لتظهر تلك الهيئات فيهم ، فيفتضحوا برذائلها ويبتهجوا بفضائلها ، فهذا الدعاء إلى السجود ( تكليف ) ، وكل تكليف (تشريع ) ، فهو بقاء للنبوة في الجملة ، وإن لم يكن بقاء لشرع من كان نبيّا في الدنيا ، ( فمنهم من يستطيع ) لحصول هيئة الانقياد لأمر من اللّه لروحه ، ولم يذكره في القرآن اكتفى بالشق الآخر الذي فيه يظهر الافتضاح برذائل تلك الهيئات .
 
قال رضي الله عنه :  (ومنهم من لا يستطيع ، وهم الذين قال اللّه فيهم :"وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ" [ القلم : 42 ] ) ، وإن كان المدعو إليه الكل (فلا يستطيعون) ، إذ صار عدم امتثالهم أمر اللّه هيئة ظلمانية مانعة لهم من السجود ، وإن اضطروا إليه ، وافتضحوا بتركه ، (كما لم يستطع في الدنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد) لغلبة الصفات النفسانية التي هي مبادئ هذه الهيئات إلا أنه كان القلع لتلك الصفات هناك ممكنا ، ولو اضطروا هناك هذا الاضطرار لم تمنعهم تلك الصفات من السجود ، وهنا قد امتنع بالكلية (كأبي جهل) غلب عليه هيئة الكبر والجهل ، (وغيره) كأبي لهب .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهذا ) المذكور من تكليف أصحاب الفترات والأطفال والمجانين والتكليف بالسجود قدر ما يبقى ( من الشرع في الآخرة ) يلزمها بقاء النبوة التشريعية في الجملة ، لكنه إنما يكون ( يوم القيامة ) ؛ لاختصاصه ببيان ما تستحقه الناس من الجزاء .
قال رضي الله عنه :  ( قبل دخول الجنة والنار ) ، إذ لو بين الجزاء فيهما لكان إعطاء الجزاء على سبيل التحكم في أول الأمر.
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي : فلاختصاص انقطاع الشرع والتكليف قيدناه ، أي : الانقطاع بالدخول فيهما ، ( والحمد للّه رب العالمين ) بما جعل لكل شيء دارا مخصوصة ، وقوما مخصوصين عن علم كامل وحكمة بالغة ، ولما فرغ عن بحث سر القدر بالاطلاع على أعيان الموجودات .
وهي رتبة خاصة في الولاية أخذ يبحث في رتبة خاصة في النبوة ، وهي الظهور بها في بطن الأم والمهد والكهولة ؛ فقال : فص حكمة نبوية في كلمة عيسوية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك ) يدلّ على بقاء حكم التشريع في الآخرة ( قوله : " يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ " [ 68 / 42 ] أي أمر عظيم ) .
إذ الساق عضو عظيم ذو عظم عظيم من الأعضاء ( من أمور الآخرة ) فإنّه آخر الأعضاء للشخص - ( " وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ " ) والامتثال والإذعان ، مثل كشف هذا الأمر على الشيخ ، فإنّه أمر عظيم من أمور الآخرة ، وكذلك سائر أصول مكاشفات الكمّل .
ويمكن أن يجعل مشيرا إلى ذلك قوله رضي الله عنه  : ( فهذا تكليف وتشريع ، فمنهم من يستطيع ) في الدنيا امتثال أمر الله ( ومنهم من لا يستطيع ، وهم الذين قال الله تعالى فيهم : " وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ " ). [ 68 / 42 ]
قال رضي الله عنه :  ( كما لم يستطع في الدنيا امتثال أمر الله بعض العباد - كأبي جهل وغيره ) .
( فهذا ) السجود المدعوّ إليه وتكليف الأطفال والمجانين على صعيد المحشر بالاقتحام في نار عقولهم وتمييزهم التشريعي ( قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار فلهذا قيّدنا) بذلك .
( والحمد لله ) على أن علَّمنا ذلك الحقائق التي تتعلَّق بالأنبياء وأولي النهايات منهم .
تم الفص العزيري
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ [ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين)
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله تعالى :يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍأي أمر عظيم من أمور  الآخرةوَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِتكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع ، وهم الّذين قال اللّه تعالى فيهم :وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ[ القلم : 42 ] وهذا كما لم يستطع في الدّنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره . فهذا قدر من الشّرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنّة والنّار ، فلذا قيّدناه . والحمد للّه ربّ العالمين ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وكذلك قوله تعالى : "يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ" أي أمر عظيم من أمور الآخرة "وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ " [ القلم : 42 ] ، تكليف وتشريع فيهم . فمنهم من يستطيع ) السجود ( ومنهم من لا يستطيعون السجود وهم الذين قال اللّه تعالى فيهم :"وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ") ، أي السجود .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما لم يستطع في الدنيا امتثال أمر اللّه بعض العباد كأبي جهل وغيره فهذا ) الذي ذكرنا من الصورتين (  قدر ما يبقى من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبيل دخول النار والجنة ، فلهذا قيدناه والحمد للّه رب العالمين ) .
والصلاة على نبيه وآله أجمعين .
تم الفص العزيري بحمد الله

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:21 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :   
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

14 – شرح نقش فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (لله الحجة البالغة على خلقه. لأنهم المعلومون.  والمعلوم يعطي العالم ما هو)
"القضاء" عبارة عن الحكم الكلى الإلهي في أعيان الموجودات على ما هي عليه من الأحوال الجارية من الأزل إلى الأبد.
و «القدر» هو تفصيل ذلك الحكم بإيجادها في أوقاتها و أزمانها التي تقتضي الأشياء وقوعها فيها باستعداداتها الجزئية.
فتعليق كل حال من أحوال الأعيان بزمان معيّن و سبب معيّن عبارة عن "القدر".
و سرّ القدر أنّه لا يمكن لعين من الأعيان الخلقية أن يظهر في الوجود ذاتا و صفة و فعلا إلّا بقدر خصوصية قابليته و استعداده الذاتي.
و سرّ سرّ القدر أنّ هذه الأعيان الثابتة ليست أمورا خارجة عن الحق- قد علمها أزلا، و تعيّنت في علمه على ما هي عليه، بل هي نسب أو شئون ذاتية، فلا يمكن أن تتغيّر عن حقائقها فانّها حقائق ذاتيات، و ذاتيات الحق سبحانه لا تقبل الجعل و التغيير و التبديل و المزيد و النقصان.


فبهذا علم أنّ الحق سبحانه لا يعيّن من نفسه شيئا أصلا- صفة كان أو فعلا أو حالا أو غير ذلك- لأنّ أمره واحد، كما أنّه واحد. و أمره الواحد عبارة عن تأثيره الذاتي الوحدانى بافاضة الوجود الواحد المنبسط على الممكنات القابلة له، الظاهرة به و المظهرة إيّاه، متعدّدا متنوّعا مختلف الأحوال و الصفات بحسب ما اقتضته حقائقها الغير المجعولة المتعيّنة في علم الأزل.
 
فكان من مقتضى حقيقة عزيز عليه السلام و أحكام لوازمها انبعاث رغبة
منه نحو معرفة سرّ القدر و انتشاء فكره في القرية الخربة بصورة استبعاد إعادتها على ما كانت عليه. فأظهر الله له بواسطة فكره و استبعاده أنواعا من صور الاعادة و أنواعا من أحكام القدرة.
فلذلك‏ نسب رضى الله عنه الحكمة القدرية إلى الكلمة العزيرية.
 
"فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ" التامّة القوية (على خلقه) فيما يعطيهم و يحكم به عليهم من الكفر و الايمان و الطاعة و العصيان- لا للخلق عليه، كما قالت الجهلة البطلة الظلمة في حكمهم على الله سبحانه أنّه قدّر على الكافر و الجاهل و العاصي الكفر و المعصية و الجهل، ثمّ يؤاخذهم عليها بما ليس في قوّتهم و وسعهم- (لأنهم)، أي الخلق هم، (المعلومون) له، و هو العالم بهم.
(و المعلوم)، كائنا ما
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (عليه في نفسه. وهو العلم. ولا أثر للعلم في المعلوم. فما حكم على المعلوم إلا به. واعلم أن كل رسولٍ نبي وكل نبيٍ وليّ وكل رسولٍ ولي.)
كان، (يعطى العالم) به، كائنا من كان. أي يجعله بحيث يدرك، (ما هو عليه في نفسه)، أي في حدّ ذاته من الأحوال الجارية عليه من الأزل إلى الأبد و استعداداتها.
(و هو)، أي ذلك الإدراك هو، (العلم. و لا أثر للعلم في المعلوم) بأن يحدث فيه ما لا يكون له في حدّ ذاته، بل هو تابع للمعلوم، و الحكم على المعلوم تابع له.
(فلا حكم) من العالم (على المعلوم الا به)، أي بالمعلوم و بما يقتضيه‏ بحسب استعداده الكلى و الجزئى.
فما قدّر الله سبحانه على الخلق الكفر و العصيان من نفسه، بل باقتضاء أعيانهم و طلبهم بلسان استعداداتهم أن يجعلهم كافرا أو عاصيا، كما يطلب عين الكلب صورته الكلبية و الحكم عليه بالنجاسة العينية. و هذا هو عين سرّ القدر.
 
(واعلم أن كل رسول نبى) من غير عكس كلى فالرسالة خصوص مرتبة في النبوّة.
(و كل نبى ولى) من غير عكس كلى فالنبوّة خصوص مرتبة في الولاية.
(فكل رسول ولى)، كما أنّه نبى.
فالرسل صلوات الرحمن عليهم أعلى مرتبة من غيرهم لجمعهم بين المراتب الثلاث : الولاية و النبوّة و الرسالة.
 
ثمّ الأنبياء لجمعهم بين المرتبتين لكنّ مرتبة ولايتهم أعلى من نبوّتهم، و نبوّتهم أعلى من رسالتهم، لأنّ ولايتهم جهة حقّيّتهم لفنائهم فيه، و نبوّتهم جهة ملكيّتهم- إذ بها يحصل المناسبة لعالم الملائكة، فيأخذون الوحى منهم- و رسالتهم جهة بشريتهم المناسبة للعالم الإنساني.
 
و إليه أشار الشيخ رضى الله عنه بقوله،
مقام النبوّة في برزخ    ...... دوين الولى و فوق الرسول‏
أي النبوّة دون الولاية التي لهم و فوق الرسالة
فالولى هو الفاني في الله سبحانه و الباقي به و الظاهر بأسمائه و صفاته
 
قال الشيخ رضى الله عنه:
«إذا سمعت أحدا من أهل الله، أو ينقل إليك عنه أنّه قال، "الولاية أعلى من النبوّة"، فليس يريد ذلك القائل إلّا ما ذكرنا».و هو أنّ ولاية النبي أعلى من نبوّته .
«أو يقول، : «إنّ الولى فوق النبي و الرسول»، فانّه يعنى بذلك «في شخص واحد»، و هو أنّ الرسول من حيث أنّه ولى أتمّ منه من حيث أنّه نبى أو رسول، لا أنّ الولى التابع له أعلى منه".

 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:22 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :  
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
14 - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
(1) فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
(1) يتصل موضوع هذا الفص اتصالًا وثيقاً بموضوع الفص السابق في كثير من الوجوه لأنه يبحث في مشكلة القضاء والقدر التي هي مشكلة عالم الغيب حيث التقدير الأزلي والجبرية التي يخضع لها الوجود بأسره.
وقد شرحنا في مواطن أخرى من هذا الكتاب معنى «سر القدر» وما يتصل به من بعض المسائل، و لكننا لم نشر بعد إلى الصلة بين القضاء والقدر، ولا بين القدر ومسألة الخلق، كما أننا لم نتعرض لذكر معرفة الإنسان بعالم الغيب ومدى إمكان هذه المعرفة.
وهذه كلها أمور يناقشها المؤلف في هذا الفص.
وقد صوِّر لنا عُزَيْراً في صورة النبي الذي ينشد المعرفة بعالم الغيب عن طريق الوحي ويطلب الاطلاع على سر القدر، وساق لنا الآية التي أخبر اللَّه عز وجل فيها عن عزير أنه قال في قرية من القرى «أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها؟»، مظهراً بذلك شكه وعَجَبه، ومستلهماً من اللَّه حكمته الأزلية في إماته القرية. ثم بيَّن أن العلم بسر القدر ليس مما يوحَى به إلى الأنبياء، وإنما هو أمر ينكشف للعارفين من الأولياء انكشافاً ذوقياً، وهنا نراه يقابل بين الأنبياء والأولياء من جهة، وبين علم الأولين ومعرفة الآخرين من جهة أخرى.
والحقيقة: أن مسألة عزير عن القرية ليس لها كبير صلة بموضوع الفص ولكنه يتخذ الآيات القرآنية الواردة فيها أساساً يبني عليه آراءه في القضاء والقدر ويخرج منها المعاني الفلسفية والصوفية التي يريدها.


(2) «فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ» (قرآن س 6 آية 150).
(2) أي فللّه الحجة البالغة على عباده، لأنهم استحقوا الثواب والعقاب بذواتهم، فمنهم تصدر الأفعال، و في ذواتهم تتقرر من الأزل.
و لا يحكم قضاء اللَّه على الأشياء إلا بها- أي بمقتضى طبيعتها، فهي الحاكمة على نفسها بما استقر في أعيانها الثابتة. و ليس للَّه في الأمر إلا أن تقتضي عنايته تحقق ما في هذه الأعيان على ما هي عليه.
فإن فَعَلَ الإنسان الخير فمن استعداده الأزلي لفعل الخير، و إن فعل الشر فمن استعداده الأزلي لفعل الشر، و هو يجني في الحالين ثمرة غرسه، أو ثمرة ما غُرسَ في جبلته.
فإن قيل فما معنى الجزاء، و ما معنى الثواب و العقاب في مذهب جبري كهذا المذهب، أجاب ابن العربي أن الثواب و العقاب ليسا إلا اسمين لما عليه حال العباد من طاعة أو معصية، و ما يعقب هذه الحالة من لذة أو ألم في حياة العباد في هذه الدنيا نتيجة لأفعال طاعتهم أو معصيتهم. بل إن هذه الحال نفسها من جملة الأحوال التي تقتضيها أعيان العباد في فطرتها الأولى.
فكما أن العبد مفطور على فعل الخير أو الشر ومفطور على عمل الطاعة أو المعصية، كذلك هو مفطور على أن يكون شقياً أو سعيداً بأفعاله.
ومعنى هذا أن الثواب والعقاب ليسا جزاء من اللَّه يقضي به في الدار الآخرة، بل هما أقرب ما يكون إلى الجزاء الطبيعي الذي يجلبه على الفاعل فعله.
قارن ما ورد في الثواب والعقاب وحمد الإنسان وذمه نفسه: الفص الخامس: التعليقان 6، 7، والسابع: التعليق 11، والثامن التعليقان 5، 6، والعاشر: التعليق 2 إلخ.
 
(3) «تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ» (قرآن س 17 آية 55).
(3) التفاضل حاصل بين الرسل كما نصت عليه الآية المذكورة وبين النبيين بدليل قوله تعالى «ولَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ»، بل بين الناس عامة كما قال تعالى «وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ».
وعلى هذه الآيات يبني ابن العربي نظرية لا تخلو من طرافة في معنى أفضلية بعض الرسل على بعض، وأفضلية بعض الخلق على بعض، كما يشير إلى اختلاف الرسل في رسالاتهم باختلاف الأمم التي أرسلوا إليها.
فاللَّه قد فضل بعض الرسل على بعض- لا بمعنى أنه خص بعضهم بفضل ما وحرم الآخرين منه، أو أكرم بعضهم أكثر مما أكرم غيره، أو غير ذلك مما هو أدخل في المعاني الخلقية، ولكنه بمعنى أنه أرسل بعض الرسل برسالات لم يرسل بها غيرهم لاختلاف الأمم في مدى استعدادهم لقبول الرسالات الإلهية والعمل بها.
فاختلفت الرسل، واختلفت رسالاتهم باختلاف أممهم.
وفي هذا الاختلاف معنى التفاضل، ولكنه ليس تفاضلًا أخلاقياً ولا تفاضلًا يستند إلى قيمة الرسول عند اللَّه. ليس أحد من الرسل أفضل من الآخر في عمله ولا في درجة قربه من اللَّه، ولكن الرسل يتفاوتون فيما أرسلوا به من الشرائع والأحكام، كل في الزمان والمكان وإلى الأمة التي هي أحق من غيرها برسالته.
فالشرائع إذن تختلف بساطة وتعقيداً كما تختلف في أنواعها، ويحددها في حالة كل رسول طبيعة الأمة التي أرسل إليها وظروفها، فهي متفاضلة أي مختلفة متفاوتة، وكذلك الرسل المرسلون بها.
ولكن لكل رسول نوعين من العلم يختلف فيهما عن غيره من الرسل:
الأول العلم الخاص بشريعته: وهذا مقيد كما قلنا بظروف الأمة التي بعث إليها.
الثاني علم بالأمور الأخرى غير المتصلة بشريعته وهذا مقيد بطبيعته هو واستعداده.
أما الأنبياء فيقع التفاضل بينهم- أي الاختلاف- في النوع الثاني فقط، ومن أهم أجزائه العلم بالمغيبات وأما غير الأنبياء والرسل من الخلق فيقع التفاضل بينهم في الرزق، والرزق منه ما هو مادي كالأغذية ومنه ما هو روحاني كالعلوم. ولا يعطي الحق العباد من الرزق إلا بقدر استحقاقهم، واستحقاقهم هو استعدادهم أو ما تتطلبه حقائقهم وأعيانهم الثابتة. فالتفاضل في الأحوال الثلاثة اختلاف وزيادة ونقص لا تمييز وأفضلية.
 
(4) «فالتوقيت في الأصل للمعلوم، والقضاء و العلم و الإرادة و المشيئة تبع للقدر».
(4) عرَّف «القدر» في أول الفص بأنه «توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد»، كما عرَّف القضاء بأنه «حكم اللَّه في الأشياء».
فالقدر هو تعيين حدوث شي ء من الأشياء على ما هو عليه في عينه الثابتة في وقت معين، والقضاء هو حكم اللَّه في الأشياء أن تكون كيت وكيت على النحو الذي قدِّر لها أن تكون عليه.
وعليه كان القدر سابقاً على القضاء.
واللَّه ينفذ حكمه في الأشياء بحسب علمه بها، وعلمه بها راجع إلى ما تعطيه الأشياء نفسها مما هي عليه في ذاتها.
فكأن القضاء والعلم تابعان للمعلوم، وكذلك الإرادة والمشيئة.
أما القدر، وهو تعيين الوقت، فسابق على هذه كلها.
وهو راجع إلى الشي ء المقدر نفسه- المشار إليه بالمعلوم.
و يظهر أنه يستعمل كلمتي الإرادة و المشيئة بمعنيين مختلفين جرياً على عادته (راجع الفص الثالث و العشرين) مع أنه لا فرق بينهما في الاصطلاح العادي.
فالارادة عنده تتعلق بوجود ما لا وجود له فقط، و لكن المشيئة تتعلق بوجود ما لا وجود له كما تتعلق بعدم ما هو موجود.
وهذه التفرقة نفسها ملاحظة في القرآن الكريم الذي يظهر أن ابن العربي أخذها منه. يقول اللَّه تعالى «فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً».
و يقول «وَ لَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ»، «إِنْ يَشَا يُذْهِبْكُمْ وَ يَاتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ» *.
 
(5) «فسِرُّ القدر من أجلِّ العلوم ... فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالِم به، و يعطي العذاب الأليم للعالم به أيضاً».
(5) سر القدر إما الأعيان الثابتة للموجودات الحاصلة من الأزل في العلم القديم، أو كون الموجودات تظهر في وجودها على نحو ما كانت عليه في ثبوتها.
فالعلم بسر القدر إذن هو العلم بسر الوجود و حقيقته، لأن به ينكشف معنى الوجود و معنى شيئية الأشياء، و كيف ظهرت على النحو الذي ظهرت عليه.
كذلك تنكشف به الصلة بين الحق وبين هذا النظام الوجودي الذي نسميه بالعالم، ويظهر للعالم به كيف يقرر كل موجود مصيرَه بنفسه.
لا عجب إذن أن العلم بسر القدر مصدر راحة تامة لصاحبه ومصدر عذاب أليم له أيضاً.
فهو مصدر راحة من حيث إنه يكشف لصاحبه أن كل ما يجري في الوجود إنما هو نتيجة للقوانين المغروسة في طبيعة الوجود ذاتها، وأن كل إنسان مقدّر عليه أن يكون ما هو عليه في الواقع، وأن يظهر بالصورة التي ظهر فيها.
لا مناص من ذلك ولا معدى عنه.
ومن شأن هذا العلم أن يبعث في نفس صاحبه الرضا التام بكل ما يحكم به القضاء، وأن يوقفه من الوجود كله موقف التفاؤل.
وأي شيء أدعى للتفاؤل وأجلب لرضا النفس من أن تعلم أن كل ما يصد منها إنما هو من غرس يدها ومن مقتضى طبيعتها، وأن كل جزاء تلقاه إنما هو جزاء عادل؟
وأي رحابة صدر بل أي تسامح أعظم من ذلك الذي يشعر به الواقف على سر القدر وهو ينظر إلى غيره من العباد وقد ضلوا سواء السبيل وارتكبوا المعاصي و الآثام؟
بل أي الناس أقبل منه لما يأتي به قضاء اللَّه المحتوم من محن وآلام، وأبعد عن الشكوى ولو كانت إلى اللَّه؟
ولكن العلم بسر القدر كما يورث صاحبه كل الراحة والطمأنينة النفسية والتفاؤل، يورثه، من ناحية أخرى الألم والقلق والتشاؤم، لأنه يرى في الكون شقاءً كثيراً وآلاماً مبرحة ومعاصي ترتكب ضد أوامر الدين ونواهيه، ولكنه قد لا يعلم في الوقت نفسه إذا كان الخلاص من كل هذه الشرور وقد قُدِّر أيضاً في طبيعة الوجود كما قدرت الشرور ذاتها.
 
والعلم بسر القدر من مكنونات أسرار اللَّه وحده، ولكنه قد يطلع عليه من يختصه بفضله من عباده، وهؤلاء قد يقفون على سر القدر مجملًا أو مفصلًا، وبذلك يعلمون ما في علم اللَّه، وتنكشف لهم أعيان الموجودات الثابتة وانتقالات الأحوال عليها إلى ما لا يتناهى.
وبذلك يأخذون العلم بحقائق الأشياء من نفس المعدن الذي يأخذ اللَّه منه علمه بها.
راجع الفص الثاني.
 
(6) «وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، وبه تقابلت الأسماء الإلهية».
(6) سر القدر هو القانون المتحكم في الوجود كما قلنا، ومن أجله وصف الحق نفسه بالغضب والرضا بل وسائر الأسماء الإلهية المتقابلة.
والمراد بالغضب هنا جملة الصفات الإلهية التي يسميها الصوفية «صفات الجلال»، وبالرضا جملة الصفات التي يسمونها «صفات الجمال».
وكلا النوعين يتصف به الحق من حيث صلته بالخلق أو بالعالم.
وقد ذكرنا أن كل ما يظهر في الوجود إنما يظهر بالصورة التي تقتضيها عينه الثابتة. فمن الموجودات ما تتجلى فيه جميع الصفات الوجودية كالإنسان الكامل، ومنها ما هو دون ذلك كسائر بني الإنسان، ومنها ما هو على حظ من الوجود أدنى من ذلك كالحيوان والنبات والجماد.
ومن الخلق من تصدر أفعاله موافقة لأوامر الشرع، ومنهم من يخالفه.
وكذلك منهم من قدر له أن يفعل ما يسميه العرف خيراً ومن يفعل ما يسميه العرف شراً وهكذا.
وهذه تفرقة نجدها في الديانات المنزلة جميعها، ونجد أن الحق قد وصف نفسه بالرضا بالاضافة إلى نوع من الخلق وبالغضب بالاضافة إلى نوع آخر.
ولكن «الحق» كما يتصوره ابن العربي ليس ذلك الإله الذي يغضب ويرضى ويحب ويكره كما تتحدث عنه الأديان، لأنه ليس «شخصية» تتجمع فيها هذه الصفات، وإنما هو الوجود كله، أو هو باطن الوجود والعالَمِ ظاهره.
لم يبق إذن إلا أن نقول إن هذه الصفات إن هي إلا أسماء تعبر عن نسب أو إضافات بين الحق والخلق من وجهة نظر خاصة هي وجهة نظر الدين.
فإذا أتى الإنسان معصية مثلًا اقتضى ذلك- من ناحية الدين- عقابه وغضب اللَّه عليه.
ولكن ابن العربي لا يقول بالعقاب، ولا بغضب اللَّه إلا من ناحية أنه مجرد اسم أطلق عليه. بإزاء العبد العاصي.
إن منطق مذهبه في الجبر لا يسمح إلا بهذا وإلا تناقض مع نفسه، فإن العالم الذي تصور كل ما يجري فيه خاضعاً لطبيعة وجوده لا يمكن أن يكون به متسع لغضب اللَّه ورضاه.
وقد صرح نفسه بذلك في الفص السابع عند ما قال: والسعيد من كان عنده مرضياً، وما ثَمَّ إلا من هو مرضي عند ربه (أي الاسم الذي يتجلى فيه).
قارن التعليق الرابع على هذا الفص.
أما تقابل الأسماء- ود أشار إليه فيما مضى بتقابل الحضرتين- فراجع إلى أن الوجود الواحد الذي هو الحق، يتجلى في صور أعيان الممكنات كل أنواع التجلي الممكنة ويظهر فيها بكل أنواع الأسماء المتقابلة.
ولهذا لا تحدِّد الجبرية التي يقول بها ابن العربي الوجود المقيد وحده (الخلق) بل الوجود المطلق أيضاً (الحق).
وهذا ظاهر في قوله: «فحقيقته (حقيقة سر القدر) تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيد، لا يمكن أن يكون شي ء أتم منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي».
 
(7) «مطلب العُزَيْر».
(7) لما مرّ عُزير ببيت المقدس (أورشليم) بعد أن هدمه «نبوخادنصر» ورأى القرية خاوية على عروشها صاح قائلًا: «أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها؟» (قرآن س 2 آية 261).
فأماته اللَّه مائة عام ثم بعثه وطلب منه أن ينظر إلى طعامه الذي لم يفسد، وإلى حماره الذي مات وبلي فلم يبق منه إلا عظامه، فإذا به يرى الحمار وهو يبعث حياً وتكسى عظامه باللحم.
هذه هي القصة كما وردت في القرآن، ويفهم منها عادة أن عزيراً قد داخله الشك وتملكه العجب من بعث أورشليم الحربة وأهلها إلى الحياة مرة أخرى، فأراه اللَّه بعث الأجسام رأي العين فيما فعل بحماره.
ولكن ابن العربي لا يفهم أن هذا كان مطلب عزير، فعزير- في نظره- لم يشك في إحياء اللَّه الموتى ولم يستعظم ذلك على اللَّه، وإنما أراد أن يعرف سرّ القدر في الخلق: أي أراد أن يعرف كيف خلق اللَّه الخلق وأخرجه إلى الوجود، لا كيف يحيي ميتاً أو أمواتاً بالذات، وأراد أن يعرف ذلك عن طريق الوحي وهو الطريق الذي يتلقى به الأنبياء علمهم من اللَّه.
وبعبارة أخرى أراد عزير أن يقف على أحوال الممكنات في أعيانها الثابتة في العلم الإلهي القديم- أو بلغة ابن العربي نفسه- أراد أن يعرف «مفاتح الغيب» التي لا يعلمها إلا اللَّه وحده بدليل قوله: «وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ» (قرآن س 6 آية 59).
ولذلك لم يحبه إلى طلبه حيث لا إجابة على مثل ذلك، إذ لا وسيلة إلى العلم به عن طريق الوحي.
وكل ما أجيب به كان برهاناً عملياً في كيفية إحياء اللَّه الموتى، تنبيهاً لعزير بأن يقطع عن مطلبه الأصلي.
ولكنه ألحّ في السؤال حتى عاتبه اللَّه- كما ورد بذلك الخبر- بقوله له: «لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة لأن طريق الأنبياء إلى العلم هو الوحي- أي ولأثبتنّ اسمك في ديوان طائفة أخرى هي أصحاب الكشف والذوق الذين خصَّهم اللَّه بالعلم بمثل ذلك.
فكأنه أراد بهذا العتاب تنبيه عزير إلى أن مثل هذا الطلب لا ينبغي أن يكون من نبي ولا أن يصدر منه على هذه الصورة، لأن ذلك ليس من علم الأنبياء، بل هو من علم اللَّه الذي قد يطلع عليه من شاء من خاصة أوليائه بطريق الكشف لا الوحي.
على أن العتب قد وقع على عزير من طريق آخر، وذلك أنه أراد أن يقف على سرّ الخلق أي حال تعلق القدرة الإلهية بالموجودات، ولا ذوق لغير اللَّه في ذلك إذ لا قدرة ولا فعل إلا للَّه خاصة.
فكأنه بهذا السؤال أراد أن يكون له ما للَّه: أي أراد أن تكون له قدرة تتعلق بالمقدور، فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق.
ومما يدلنا على أنه طلب هذا المطلب المستحيل إلحاحه في السؤال بعد أن أراه اللَّه كيفية إحياء الموتى، و لو أنه أراد معرفة هذه الكيفية لاكتفى بالدليل العملي الذي أظهره اللَّه له، و لكنه تمادى في السؤال فعاتبه اللَّه.
 
(8) «واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العام».
(8) أعظم ما يمتاز به الولي المسلم في نظر ابن العربي هو تحققه بالوحدة الذاتية مع الحق، وفناؤه التام فيه، وإدراكه ذوقاً أن الكثرة الوجودية عين الوحدة.
هذه أيضاً هي صفات «الإنسان الكامل» عنده، ولذلك كانت الولاية صفة عامة أو قدراً مشتركاً بين أفراد الإنسان الكامل جميعهم، لا فرق في ذلك بين ولي أو نبي أو رسول.
كل هؤلاء يجمعهم عنصر واحد هو عنصر الولاية- بالمعنى الذي أسلفناه- وتفرقهم صفات أخرى يمتاز بها كل منهم عن الآخر، و هي صفات عارضة لا تتنافى مع جوهرهم الذي هو الولاية.
فالنبي ولي اختص إلى جانب ولايته بالقدرة على الإنباء ولإخبار بالمغيبات، والرسول ولي اختص إلى جانب ولايته بتبليغ رسالة إلهية إلى الناس.
والولي ولي وحسب، ولو أنه يستطيع هو الآخر أن يطلع على عالم الغيب في بعض أحواله، ولكن ليس له هذا المقام بين الناس.
والولاية- بهذا المعنى- لا تنقطع ما دام في الناس من يصل إلى مقامها، بينما تنقطع الرسالة والنبوة الخاصة، بل إنهما قد انقطعا فعلًا بموت النبي محمد صلى اللَّه عليه وسلم آخر الأنبياء والمرسلين الذي قال «لا نبي بعدي»: أي لا نبي بعده مشرِّعاً أو مشرَّعاً له ولا رسول: والنبي المشرِّع هو الرسول مثل موسى وعيسى ومحمد، والمشرَّع له هو الداخل في شريعة مشرِّع. مثل أنبياء بني إسرائيل.
يقول ابن العربي «وقد قصم هذا الحديث ظهور أولياء اللَّه» لأن الكاملين من الأولياء لا يريدون أن يتسموا باسم من الأسماء الإلهية تحقيقاً لعبوديتهم الخالصة، واسم «الولي» من الأسماء التي أطلقها الحق على نفسه في مثل قوله تعالى: «اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا» وقوله: «وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ».
فلم يبق للكاملين إذن اسم يختصون به دون الحق لانقطاع اسمي النبوة والرسالة، بل لم يبق لهم سوى اسم الولي الذي يشاركون فيه سيدهم وهذا عزيز عليهم، لأن مقامهم الحقيقي الجدير بهم هو مقام العبودية الخالصة وما يلزمها من صفات.
 
(9) «فإذا رأيت النبي يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولي وعارف».
(9) المراد بالنبي هنا أي نبي كان، وقد سبق أن ذكرنا أن كل رسول وكل نبي هو إلى جانب رسالته أو نبوته ولي.
فإذا رأيت نبياً من الأنبياء يتكلم بكلام لا وجود له ولا أصل له في الشرع الخاص الذي يتبعه، فإنما يأتيه علمه بما يتكلم فيه من جهة ولايته لا من جهة نبوته.
وبعبارة أخرى يريد ابن العربي أن يقول إن هذا العلم هو من علم الوراثة، ككلام الصوفية في التخلق بأخلاق اللَّه وكلامهم في قرب النوافل والفرائض وفي مقام التوكل والرضا والتسليم والفناء والتوحيد والجمع والفرق وما شاكل ذلك مما يمكن إدخاله تحت «الرهبانية» التي قال اللَّه فيها إن أتباع عيسى بن مريم ابتدعوها ولم يكتبها اللَّه عليهم.
ولكن الرهبانية ليست قاصرة على المسيحيين، فإن الإسلام فيما يوازيها وهي تعاليم الزهاد والصوفية، وكلها مستمد- في نظر الصوفية- من العلم الباطن الذي ورثوه عن صاحب هذا العلم وهو محمد عليه السلام: فإن محمداً كان له في زعمهم علمان: علم بظاهر الشرع وهذا هو الذي أوحى اللَّه به إليه، وعلم بباطن الشرع ورَّثه أولياء المسلمين من بعده.
على هذه النظرية التي شرح فيها ابن العربي ماهية الرسالة والنبوة والولاية بنى دفاعه عن الرهبانية والتصوف، ونظر إلى تعاليم الصوفية على أنها جزء من تعاليم الإسلام بمعنى أعمّ من المعنى الذي يفهمه الناس عادة- لا الإسلام الذي يحتوي قواعد الشرع المنزل وحده، بل الإسلام الذي يحتوي هذه، كما يحتوي علم باطن الشريعة الذي أشرق في قلب النبي من عالم الغيب بلا وساطة، وانكشف له من حيث هو ولي لا من حيث هو نبي، والذي ما زال ينكشف في كل ولي مسلم من بعده.


و يظهر لي أنه لا تناقض مطلقاً بين هذه النظرية و ما ذكره القرآن عن الرهبانية التي ابتدعها المسيحيون، بل أرى- على العكس من ذلك- أن نظرية ابن العربي تفسر لنا الآية القرآنية المشكلة التي وردت فيها الإشارة إلى الرهبانية تفسيراً معقولًا (راجع القرآن س 57 آية 27).
فالقرآن يقول إن الرهبانية نظام ابتدع ابتداعاً ولم يكتبه اللَّه على أصحابه:
ومعنى هذا أنه لم يكن في وقت من الأوقات جزءاً من شرع منزل.
ألا يمكن أن يكون هذا الابتداع من عمل قلوب الأولياء، وراجعاً إلى طبيعة بواطنهم كما يقول ابن العربي؟
بل إنه ليذهب إلى أبعد من ذلك كما يدل عليه الفص فيما بعد، فيضع العلم الباطن في درجة أعلى من علم الشرع الذي هو علم الظاهر كما فعل أوائل الصوفية، ويعتبر أي رسول من حيث هو ولي أتم وأكمل منه من حيث هو رسول أو نبي: أي أن الولي فوق الرسول والنبي في شخص واحد، لا أن مطلق ولي أفضل من مطلق نبي أو رسول كما فهم بعض الكتاب خطأ.
 
(10) «والولي اسم باق للَّه تعالى، فهو لعبيده تخلقاً وتحققاً وتعلقاً».
(10) «الولي» اسم من أسماء اللَّه كما قلنا، ولكنه يطلق على العبد أيضاً إذا اكتملت فيه صفات الولاية ووصل إلى مقامها.
وأخص صفات الولاية الاسلامية في نظر ابن العربي هي الفناء في اللَّه والتحقق بالوحدة الذاتية بين الحق والخلق.
فإذا وصل الصوفي إلى هذا المقام فقد وصل إلى غاية الطريق الصوفي كما يرسمه متصوفه وحدة الوجود، وحق له أن يسمي نفسه لا باسم الولي وحده، بل بأي اسم من الأسماء الإلهية.
وللفناء عندهم درجات لكل منها اسم خاص: فإذا فني الصوفي عن صفاته البشرية وتخلق بصفات الألوهية سموا ذلك تخلقاً، وإن فني عن ذاته وتحقق بوحدته مع الحق، سموا ذلك تحققاً، وإن بقي بعد الفناء، وعرف أن لا وجود له ولا قوام إلا باللَّه وحصل في مقام القرب الدائم منه، سموا ذلك تعلقاً.
ولكن ابن العربي قد استعمل هذه الألفاظ الثلاثة استعمالًا آخر في رسالة في «شرح أسماء اللَّه الحسنى» فأضاف هذه الصفات إلى الأسماء ذاتها لا إلى المتصفين بها، أو اعتبرها دلالات مع نسب ثلاث بين الحق والخلق، أو بين الواحد والكثرة. فالتخلق هو نسبة كل اسم من الأسماء الإلهية إلى الخلق: أي ظهوره وتجليه في الكثرة الوجودية.
والتحقق هو دلالته على الحق (اللَّه) من حيث ذاته.
أي أن التخلق يشير إلى جهة الكثرة في حين أن التحقق يشير إلى جهة الوحدة. أما التعلق فهو دلالة الأسماء الإلهية على النسبة بين الحق والخلق.
الوسيلة التي بها يصير ما بالقوة موجوداً بالفعل.
 
(11) «إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية».
(11) لما كان كل نبي و كل رسول ولياً، كانت النبوة و الرسالة مرتبتين خاصتين تلحقان بالولاية و تزولان عنها بزوال أسبابهما، كما تزول عن المَلِك صفة الملكية فيرجع إلى ما كان عليه.
والنبوة والرسالة من شئون هذا العالم لاتصال أصحابهما به. أما الولاية فلا صلة لها بشأن من شئون العالم، ولذلك لم يكن لها زمان دون زمان.
وسواء فهمنا خطاب اللَّه لعُزَيْر في قوله: «لئن لم تنته لأمحونّ اسمك من ديوان النبوة» بمعنى الوعد أو بمعنى الوعيد، فإن النبوة وهي إحدى مراتب الولاية- مقضي عليها بالانقطاع لأنها من الصفات التي تزول عمن يتصفون بها. أما الولاية فلا زوال لها.
فإذا أخرج هذا الخطاب الإلهي مخرج الوعد، دلّ على أن اللَّه تعالى أبقى على عُزير مرتبة الولاية التي هي مرتبة جميع الأنبياء و الرسل في الدار الآخرة التي لا تشريع فيها.
 
(12) «لما شرع يوم القيامة لأصحاب الفترات والأطفال الصغار و المجانين».
(12) لما ذكر أن لا شرع ولا تكليف في الدار الآخرة، قيده بأن ذلك لا يكون بعد دخول الخلق الجنة أو النار.
أما قبل الدخول في الدارين فسيكون في الآخرة تشريع وتكليف لأصحاب الفترات وصغار الأطفال والمجانين، وتكليف لبعض الخلق بالسجود بين يدي اللَّه كما يَدل عليه قوله تعالى: «يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ».
أما الأطفال فسيحشرهم اللَّه في دور الرشد، وأما المجانين فسيرد إليهم صوابهم ثم يجمع الجميع في صعيد واحد ويُرسَل إليهم رسول من أفضلهم يأتي لهم بنار عظيمة ويطلب إلى من آمن به منهم أن يلقي بنفسه فيها، فيطيعه بعضهم ويقتحم هذه النار ويعصاه البعض الآخر.
فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه في النار وجدها برداً وسلاماً كنار إبراهيم واستحق بطاعته الجنة: ومن عصاه استحق العقوبة بنار جهنم.
هذا لسان أهل الظاهر يردده ابن العربي في كتابه من غير أن يحاول وضع تأويل باطني عليه، ولكن لا بدّ لنا من تأويل عباراته وإلا وقع في تناقض صريح لأنه قرر في مواضع أخرى من هذا الكتاب ما يفهمه من معنى الدار الآخرة ومعنى الجنة والنار والثواب والعقاب وما إلى ذلك.
إذا كانت الدار الآخرة في مذهبه ليست إلا الحال التي يكون عليها الموجود بعد اختفاء صورته وظهوره بصورة أخرى، وإذا كانت الجنة والنار ليستا سوى مقامين من مقامات المعرفة بحقيقة الوجود، فما ذا يا ترى يقصد بالأطفال والمجانين وبحشرهم على النحو الذي وصفه، أمام نبي يدعوهم إلى اقتحام نار أعدها لاختيار إيمانهم به أو تكذيبهم به؟
 
إنني لا أرى مخرجاً من التناقض الذي يوقعه فيه أخذ هذه العبارات على ظاهرها إلا أن نفترض أن الأطفال والمجانين رمز للقاصرين عند تحصيل المعرفة الكاملة بالحق، وأن النبي الذي يرسل لهم يوم القيامة رمز للشخص الذي يرشد هؤلاء لضالين إلى معرفة الطريق المؤدية إلى اللَّه- أو هو رمز للصوفي العارف الذي يرشد مريديه، وأن النار التي يدعوهم إلى اقتحامها رمز للطريق الصوفي الشاق الذي يطالبهم بالدخول فيه، فإذا سلكوه فازوا بالمعرفة التي هي جنتهم، وإذا أبوا الدخول فيه شقوا بالجهل الذي هو نارهم

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:24 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :  الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
14  - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أن القضاء حكم الله في الأشياء، وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها.
وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها. "2"
والقدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد. فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها.
وهذا هو عين سر القدر «لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد». «فلله الحجة البالغة».
فالحاكم في التحقيق تابع لعين المسألة التي يحكم فيها بما تقتضيه ذاتها.
فالمحكوم عليه بما هو فيه حاكم على الحاكم أن يحكم عليه بذلك.
فكل حاكم محكوم عليه بما حكم به وفيه: كان الحاكم من كان.
فتحقق هذه المسألة فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره، فلم يعرف وكثر فيه الطلب والإلحاح. 
واعلم أن الرسل صلوات الله عليهم من حيث هم رسل لا من حيث هم أولياء وعارفون على مراتب ما هي عليه أممهم.
فما عندهم من العلم الذي أرسلوا به إلا قدر ما تحتاج إليه أمة ذلك الرسول: لا زائد ولا ناقص.
والأمم متفاضلة يزيد بعضها على بعض.
فتتفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها، وهو قوله تعالى «تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض» "3"
 كما هم أيضا فيما يرجع إلى ذواتهم عليهم السلام من العلوم والأحكام )
_______________________________
1 -  المناسبة في تسمية الحكمة :
هي أن العزير عليه السلام كان كثير السؤال عن القدر حتى نهاه الحق تعالی عن ذلك ، وهذا الفص يتعلق بعلم القدر وأنه محال علمه كما سيأتي في شرح الفص ، وان الذي يمكن أن يعلم هو سر القدر ، وهو أن العلم تابع للمعلوم ، واستطرد الشيخ في تفسير نهي الحق العزير بقوله تعالى له «لأمحون اسمك من ديوان النبوة » يعني النبوة الخاصة والرسالة ويبقى عليه اسم الولي وهذا من أشق ما يتجرع مخاضته عباد الله تعالى كما سيأتي ذلك في شرح الفص .
 
2 - العلم تابع للمعلوم يراجع فص 2 هامش 3 ص 42
 
3 - ( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض » الآية.
الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر رسولا منهم الفاضل والأفضل وإن سبح الكل في فلك الرسالة ، لأن كل مسف أشخاصه يفضل بعضهم بعضا، ولا تفاضل إلا بالعلم .
 
ص 207
 
 
متفاضلون بحسب استعداداتهم، وهو قوله «ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض». 
____________________________________________
فهؤلاء مع اجتماعهم في الرسالة والكمال يفضل بعضهم بعضا ، فيما لهم من الأخلاق الخاصة بهم ، وهي مائة وسبعة عشر خلقا ، وقد جمعها كلها محمد صلى الله عليه وسلم  ، جمعت له عناية أزلية ، فإن الله تعالى لما خلق الخلق خلقهم أصنافا ، وجعل في كل صنف خيارا . 
واختار من الخيار خواص وهم المؤمنون ، واختار من المؤمنين خواص وهم الأولياء، واختار من هؤلاء الخواص خلاصة وهم الأنبياء ، واختار من الخلاصة نقاوة وهم أنبياء الشرائع المقصورة عليهم ، واختار من النقاوة شرذمة "قلة من الناس" قليلة وهم صفاء النقاوة المروقة وهم الرسل أجمعهم .
واصطفى واحدة من خلقه هو منهم وليس منهم وهو المهيمن على جميع الخلائق ، جعله عمدا أقام عليه قبة الوجود ، جعله أعلى المظاهر وأسناها ، صح له المقام تعيينا وتعريفة ، فعليه قبل وجود طينة البشر ، وهو محمد صلى الله عليه وسلم  ، لا يكاثر ولا يقاوم ، هو السيد ومن سواه سوقة "الرعية و العامة" .
قال عن نفسه : « أنا سيد الناس ولا فخر » بالراء والزاي ، روايتان ، أي أقولها غير متبجح بباطل ، وأقولها ولا أقصد الافتخار على من بقي من العالم وإن كنت أعلى المظاهر الإنسانية فأنا أشد الخلق تحققا بعيني .
« تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض » فمن حيث ما هي رسالة فلا فضل إذ الاسم يعم هذه الحالة ، ومن حيث ما هي رسالة بأمر ما يقع التفاضل ، فوقع التفاضل بين الرسل وهم الخلفاء لاختلاف الأزمان و اختلاف الأحوال ، ولهذا اختلفت آیات الأنبياء باختلاف الأعصار « منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات و آتينا عيسى ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس » .
فاية كل خليفة ورسول من نسبة ما هو الظاهر والغالب على ذلك الزمان وأحوال علمائه ، أي شيء كان من طب أو سحر او فصاحة أو ما شاكل هذا، وأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم جميع ما فضلت به الرسل بعضهم على بعض ، ليتبين شرفه ، وما فضله الله به على غيره في الدنيا بما اختص به ، وفي
 
ص 208
 
بعض. » ."4" 
وقال تعالى في حق الخلق «والله فضل بعضكم على بعض في الرزق».
والرزق منه ما هو روحاني كالعلوم، وحسي كالأغذية، وما ينزله الحق إلا بقدر معلوم، وهو 
________________________________
البرزخ والقيامة والجنة والكثيب .
قال تعالى « کنتم خير أمة أخرجت للناس » لظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم  بصورته فيها .
وكذلك القرن الذي ظهر فيه خير القرون لظهوره فيه بنفسه ، فكانت الأمة المحمدية خير أمة أخرجت للناس عناية منه تعالى لحضوره صلى الله عليه وسلم وظهوره فيها ، وإن كان العالم الإنساني والناري كله أمنه ، فإنه المرسل إلى الناس كافة ، ولكن لهذه الأمة خصوص وصف ، فجعلهم تعالی خير أمة أخرجت للناس ، هذا الفضل أعطاه ظهوره صلى الله عليه وسلم  بنشأتيه ( الروحانية والجسدية ) . 
فتوحات  ج 1 / 522 - ج 2 / 68 ، 73 ، 135 - ج 3 / 53 ، 142 ، 145 ، 169 ، 442 - ج 4 / 75 - کتاب ذخائر الأعلاق .
 
* قارن بين ما جاء في هذا الشرح وبين ما جاء في هذه الفقرة من أن تفاضل الرسل في علم الإرسال بتفاضل أممها ، والعكس هو الصحيح ، فلا يصح نسبة ما جاء هنا إلى الشيخ رضي الله عنه ألبتة مع مقارنته بالثابت عنه في الشرح .
 
4 -  « ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض » الآية 
« ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض » مع أن النبوة موجودة ، فما زالوا في النبوة مع فضل بعضهم على بعض ، فتفضل منازلهم بتفاضالهم وإن اشتركوا في الدار. فقوله تعالی « ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض » بما يقتضيه الشرف مع اجتماعهم في درجة النبوة .
أي يزيد كل واحد على صاحبه برتبة تقتضي المجد والشرف ، أي جعلنا عند كل واحد من صفات المجد والشرف ما لم نجعل عند الآخر ، فقد زاد بعضهم على بعض في صفات الشرف والمراتب التي فضلوا بها بعضهم على بعض . 
أي أعطينا هذا ما لم نعط هذا ، وأعطينا هذا ما لم نعط من فضله ، ولكن من مراتب الشرف ، فمنهم من كلمه الله ، « وآتينا عيسى » البينات وأيدناه بروح القدس . ومنهم من فضله بأن خلقه بيديه وأسجد له الملائكة ، ومنهم من فضله بالكلام القديم
 
ص 209
 
 
الاستحقاق الذي يطلبه الخلق: فإن الله «أعطى كل شي ء خلقه» فينزل بقدر ما يشاء
____________________________________
الإلهي بارتفاع الوسائط ، ومنهم من فضله بالخلة ، ومنهم من فضله بالصفوة وهو إسرائيل « يعقوب » .
فهذه كلها صفات شرف ومجد ، ولا يقال إن خلته أشرف من كلامه ، ولا إن كلامه أفضل من خلقه بيديه ، بل كل ذلك راجع إلى ذات واحدة . 
لا تقبل الكثرة ولا المفاضلة ، ومذهب الجماعة أن كل واحد من الأنبياء فاضل مفضول ، فخص آدم بعلم الأسماء الإلهية ، وخص موسى بالكلام ، وخص رسول الله و بما ذكره عن نفسه ، وخص عيسى بكونه روحا ، ومع علمنا بأن الله فضل بعضهم على بعض ، فله سبحانه أن يفضل بين عباده بما شاء ، وليس لنا ذلك .
 فإنا لا نعلم ذلك إلا بإعلامه ، فإن ذلك راجع إلى ما في نفس الحق سبحانه منهم ، ولا يعلم أحد ما نفس الحق ، ولا دخول هنا للمراتب الظاهرة والتحكم ، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نفضل بين الأنبياء ، وأن تفضله صلى الله عليه وسلم عليهم إلا بإعلامه أيضا ، وعين يونس عليه السلام وغيره . 
فمن فضل من غير إعلام الله فقد خان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعدی ما حده له رسول الله صلى الله عليه وسلم .
أما الرسالة ونبوة الشرائع العامة أعني المتعدية إلى الأمم ، والخاصة بكل نبي فاختصاص إلهي في الأنبياء والرسل ، لا ينال بالاكتساب ولا بالتعمل ، فخطاب الحق قد ينال بالتعمل ، والذي يخاطب به إن كان شرعا يبلغه أو يخصه . 
ذلك هو الذي نقول فيه لا ينال بالتعسل ولا بالكسب ، وهو الاختصاص الإلهي المعلوم، وكل شرع ينال به عامله هذه المرتبة فإن نبي ذلك الشرع من أهل هذا المقام ، وهو زيادة على شريعة نبوته له ، فضلا من الله ونعمة ، وهو لمحمد صلى الله عليه وسلم  بالقطع ، وكل شرع لا ينال العامل به هذا المقام ، فإن نبي ذلك الشرع لم يحصل له هذا المقام الذي حصل لغيره من أنبياء الشرائع .
قال تعالى « ولقد فضلنا بعض النبيين على بعض » وقال جل جلاله « تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض » في وجوه منها هذا .
الفتوحات  ج 1 / 522 - ج 2 / 19 ، 52 ، 61 - ج 3 / 422 - ج 4 / 139 
 
ص 210
 
 
(وما يشاء إلا ما علم فحكم به.
وما علم كما قلناه إلا بما أعطاه المعلوم. "5"
فالتوقيت في الأصل للمعلوم، والقضاء والعلم والإرادة والمشيئة تبع للقدر.
فسر القدر من أجل العلوم، وما يفهمه الله تعالى إلا لمن اختصه بالمعرفة التامة. فالعلم به يعطي الراحة الكلية للعالم به، ويعطي العذاب الأليم للعالم به أيضا.
فهو يعطي النقيضين. "6"
وبه وصف الحق نفسه بالغضب والرضا، وبه تقابلت الأسماء الإلهية. )
_________________________________
*  قارن بين ما جاء في هذا الشرح الثابت عن الشيخ من أن التفاضل راجع إلى ما في نفس الحق ولا دخول هنا للمراتب الظاهرة والتحكم ، وبين ما نسب إلى الشيخ في هذه الفقرة من أن تفاضل الأنبياء بحسب استعدادهم .
 
5  - العلم تابع للمعلوم يراجع فص 2 هامش 3 ص 42


 "" العلم تابع للعلوم - الفص 2 رقم 3 ص 42
3 - العلم تابع للمعلوم
ليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه الا اتباع العلم المعلوم ، فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد ، فإن العلم تابع للمعلوم ما هو المعلوم تابع للعلم فافهمه.
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحدا نبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا ، وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها ، وفرق يا أخي بين كون الشيء موجودا فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصورة في حال عدمه الأزلي ، فهو مساوق للعلم الإلهي به ومتقدم عليه بالرتبة .
لأنه لذاته أعطاه العلم به ، فإن المعلوم متقدم بالرتبة على العلم وإن تساوقا في الذهن من كون المعلوم معلوما ، لا من  کونه وجودا أو عدما ، فإنه المعطي العالم العلم .
فاعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر الذي قضاه حالك ، فلو لم يكن في هذا الكتاب « الفتوحات المكية » إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سدید و عقل سلیم .
واعلم أن الله تعالى ما كتب إلا ما علم ولا علم إلا ما شهد من صور المعلومات على ما هي عليه في أنفسها ما يتغير منها وما لا يتغير ، فيشهدها كلها في حال عدمها على تنوعات تغييراتها إلى ما لا يتناهی ، فلا يوجدها إلا كما هي عليه في نفسها ، فمن هنا تعلم علم الله بالأشياء معدومها وموجودها ، وواجبها وممكنها ومحالها ، ومن هنا إن عقلت وصف الحق نفسه بأن له الحجة البالغة لو توزع .
فإنه من المحال أن يتعلق العلم إلا بما هو المعلوم عليه في نفسه ، فلو احتج أحد على الله بأن يقول له علمك سبق فيه بأن أكون على كذا فلم تواخذني ، يقول له الحق هل علمتك إلا بما أنت عليه ؟
فلو كنت على غير ذلك لعلمتك على ما تكون عليه ، ولذلك قال « حتى تعلم » فارجع إلى نفسك وأنصف في كلامه ، فإذا رجع العبد على نفسه ونظر في الأمر كما ذكرناه علم أنه محجوج، وأن الحجة لله تعالى عليه.
أما سمعته تعالى يقول: « وما ظلمهم الله" "وما ظلمناهم" .
وقال « ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، كما قال « ولكن كانوا هم الظالمين » يعني أنفسهم .
فإنهم ما ظهروا لنا حتى علمناهم وهم معدومون إلا بما ظهروا به في الوجود من الأحوال ، فعندنا ما كانت الحجة البالغة لله على عباده إلا من كون العلم تابعا للمعلوم ما هو حاكم على المعلوم.
فإن قال المعلوم شيئا كان الله الحجة البالغة عليه بأن يقول له ما علمت هذا منك إلا بكونك عليه في حال عدمك ، وما أبرزتك في الوجود إلا على قدر ما أعطيتني من ذاتك بقبولك ، فيعرف العبد أنه الحق فتندحض حجة الخلق ، فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى تعلم ما كنا
فيه ، فإنه لا يحكم فينا إلا بنا.
فمن وقف في حضرة الحكم وهي القضاء على حقيقتها شهودا علم سر القدر ، وهو أنه ما حكم على الأشياء إلا بالأشياء ، فما جاءها شيء من خارج ، "ولا ينكشف هذا السر حتى يكون الحق بصر العبد" ، فإذا كان بصر العبد بصر الحق نظر الأشياء ببصر الحق، حينئذ انكشف له علم ما جهله، إذ كان بصر الحق لا يخفى عليه شيء ، ومن وقف على سر القدر ،" وهو أن الإنسان مجبور في اختياره "، لم يعترض على الله في كل ما يقضيه و يجريه على عباده وفيهم ومنهم ، وهذا يشرح ما ذكره الشيخ في كتابه المشاهد القدسية من أن الحق قال له « أنت الأصل وأنا الفرع ".
وعلامة من يعلم سر القدر هو أن يعلم أنه مظهر ، وعلامة من يعلم أنه مظهر ، أن تكون له مظاهر حيث شاء من الكون كقضيب البان ، فإنه كان له مظاهر فيما شاء من الكون حيث شاء من الكون.
وإن من الرجال من يكون له الظهور فيما شاء من الكون لا حيث شاء ، ومن كان له الظهور حيث شاء من الكون كان له الظهور فيما شاء من الكون.
فتكون الصورة الواحدة تظهر في أماكن مختلفة ، وتكون الصور الكثيرة على التعاقب تلبس الذات الواحدة في عين المدرك لها ، ومن عرف هذا ذوقا .
كان متمكنا من الاتصاف بمثل هذه الصفة ، وهذا هو علم سر القدر الذي ينكشف لهم .
 راجع الفتوحات ج2 / 2 , 13 .  ج4/ 16 , 70 , 74 , 182 , 235. أهـ. ""


6 - سر القدر
قد يعلم سر القدر وتحكمه في الخلائق . وقد أعلمنا به فعلمناه بحمد الله . 
وليس سر القدر الذي يخفي عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم ، فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد ، فإن العلم تابع للمعلوم ما هو المعلوم تابع للعلم فافهمه. وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحدا نبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد تحققها يمكن له إنكارها ، وفرق يا أخي بين كون الشيء موجودا فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصورة في حال عدمه الأزلي ، فهو مساوق للعلم الإلهي به ومقدم عليه بالرتبة ، لأنه لذاته أعطاه العلم به ، فاعلم ما ذكرناه فإنه يقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر ، الذي قضاه حالك ، فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه ، فإنه لا يحكم فينا إلا بنا . فمن وقف في حضرة الحكم وهي القضاء على حقيقتها شهودا ، علم سر القدر وهو أنه ما حكم على الأشياء إلا بالأشياء فيما جاءها شيء من خارج ، ولا ينكشف هذا انسر حتى يكون الحق بصر العبد، فإذا كان العبد بصر الحق نظر الأشياء ببصر الحق ، حينئذ انكشف له علم ما جهله ، إذ كان بصر الحق لا يخفى عليه شيء .
ومن وقف على سر القدر وهو أن الإنسان مجبور في اختياره لم يعترض على الله في كل
 
ص 211
 
 
فحقيقته تحكم في الوجود المطلق والوجود المقيد، لا يمكن أن يكون شيء أتم منها ولا أقوى ولا أعظم لعموم حكمها المتعدي وغير المتعدي.
ولما كانت الأنبياء صلوات الله عليهم لا تأخذ علومها إلا من الوحي الخاص الإلهي، فقلوبهم ساذجة من النظر العقلي لعلمهم بقصور العقل من حيث نظره الفكري، عن إدراك الأمور على ما هي عليه.
والإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال إلا بالذوق.
فلم يبق العلم الكامل 
_______________________________
ما يقضيه ويجريه على عباده وفيهم ومنهم ، وقد ذكرنا في كتابنا المشاهد القدسية أنه فال لي «أنت الأصل وأنا الفرع »
وفي ذلك أقول:
إن الإله بجوده   ..... يعطي العبيد إذا افتقر
ما شاءه مما له   ..... ما ثم إلا ما ذكر
لما وقفت تحققا   ..... منه على سر القدر
وشهدته فرأيته   ..... سمع الحبيب مع البصر
فيه بدت أحكامه   ..... وله نهي وله أمر
ويقال هذا مؤمن   ..... ويقال هذا قد كفر
فلنا الحقائق كلها   ..... ولنا التحكم والأثر
ما الأمر إلا هكذا   ..... ما الأمر ما يعطي النظر
الحكم ليس لغيرنا   ..... في كل ما تعطي الصور
والأمر فيه فيصل   ..... في الكون من خير وشر
لم تستفد منه سوى   ..... أكواننا وكذا ظهر
وانظر بربك لا   ..... بعقلك في شئونك واعتبر
هذا هو الحق الصراح   ..... لمن تحقق وادكر
الحكم حكم ذواتنا   ..... لا حكمه فاعدل وسر
عنه إليه بما لنا   ..... تعثر على الأمر الخطر
لا تأتلي لا تأتني   ..... فإليك منك المستقر
إن الغني صفة له   ..... عنا فنستر ما ستر
لو لا افتقار المحدثات   ..... إليه ما جاء الخبر
هذا هو الميت الذي   ..... يوم القيامة قد نشر
 
 
ص 212
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إلا في التجلي الإلهي ، "7" وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها، وعدمها ووجودها، ومحالها وواجبها وجائزها على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها.
فلما كان مطلب العزير على الطريقة الخاصة، لذلك وقع العتب عليه كما ورد في الخبر.
فلو طلب الكشف الذي ذكرناه ربما كان لا يقع عليه عتب في ذلك.
والدليل على سذاجة قلبه قوله في بعض الوجوه «أنى يحيي هذه الله بعد موتها».
وأما عندنا فصورته عليه السلام في قوله هذا كصورة إبراهيم عليه السلام في قوله «رب أرني كيف تحي الموتى». "8"
ويقتضي ذلك الجواب بالفعل الذي أظهره الحق فيه في قوله تعالى «فأماته الله مائة عام ثم )
______________________________
إن هذا هو السر الذي أخفاه الله عمن شاء من عباده ، قد ظهر في حكم افتقارنا في غناه ، فأظهره الله لمن شاء أيضا ، فتأمل هذا الغني وهذا الفقر ، وانظر بنور بصيرتك في هذا الوجود والفقد.
وقل الله الأمر من قبل ومن بعد .
فلله الحجة البالغه على خلقه ، لأنهم المعلومون . والمعلوم بعطي العالم ما هو عليه في نفسه وهو العلم . ولا أثر للعلم في المعلوم ، فما حكم على المعلوم إلا به .
الفتوحات ج 1 / 405 - ج 2 / 63 - ج 4 / 16 ، 147 ، 182 ، 237 ، 245  
 
7 ۔ علم التجلي وهو علم الأذواق يراجع فص 12 هامش 9  
كلمة ساذجة لا تفيد المعنى المقصود بخالية أو فارغة ، قال ابن سيده أراها معربة وعسى أن يكون أصلها سادة ، يقال حجة ساذجة أي غير بالغة ( لسان العرب ).
 
8 - قول إبراهيم عليه السلام « رب أرني كيف تحيي الموتى »  
قال تعالى « وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أولم تؤمن . قال بلى ولكن ليطمئن قلبي . قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ، ثم اجعل على کل جبل منهن جزءا ، ثم ادعهن يأتينك سعيا ، واعلم أن الله عزيز حكيم » 
فطلب إبراهيم عليه السلام كيفية إحياء الموتى لاختلاف الوجوه في ذلك ، لا إنكار إحياء الموتى « قال أو لم تؤمن قال بلى » يقول بلى آمنت ولكن وجوه الإحياء كثيرة ، كما كان وجود الخلق ، فمن الخلق ما أوجدته عن كن ، ومنهم من أوجدته بيدك ، ومنهم من أوجدته بيديك ، ومنهم من أوجدته ابتداء ، ومنهم من أوجدته عن خلق آخر ،
 
ص 213
 
بعثه» فقال له «وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما» فعاين كيف تنبت الأجسام معاينة تحقيق، فأراه الكيفية.
فسأل عن القدر الذي لا يدرك إلا بالكشف للأشياء في حال ثبوتها في عدمها، فما أعطي ذلك فإن ذلك من خصائص الاطلاع الإلهي، فمن المحال أن يعلمه إلا هو فإنها المفاتح الأول، أعني مفاتح الغيب
 ________________________________
فتنوع وجوه الخلق ، وإحياء الخلق بعد الموت إنما هو وجود آخر في الآخرة ، فقد يتنوع وقد يتوحد ، فطلب العلم بكيفية الأمر ، هل هو متنوع أو واحد ، فإن كان واحدا فأي واحد من هذه الأنواع .
لذلك قال « ولكن ليطمئن قلبي » أي يسكن ، فإذا أعلمتني به اطمأن قلبي وسكن بحصول ذلك الوجه ، والزيادة من العلم مما أمرت به ، فيطمئن قلبي أي يسكن إلى الوجه الذي يحيى به الموتى ويتعين لي إذ الوجوه لذلك كثيرة ، فأحاله الله على الكيفية بالطيور الأربعة التي هي مثال الطبائع الأربع .
فقال « فخذ أربعة من الطير » إخبارا بأن وجود الآخرة طبيعي يعني حشر الأجساد الطبيعية .
وأما حشر الأرواح التي يريد أن يعقلها إبراهيم من هذه الدلالة انتي أحاله الحق عليها في الطيور الأربعة ، فهي في الإلهيات كون العالم يفتقر في ظهوره إلى إله قادر على إيجاده ، عالم بتفاصيل أمره ، مريد إظهار عينه ، حي لثبوت هذه النسب التي لا تكون إلا لحي ، فهذه أربعة لابد في الإلهيات منها ، فإن العالم الا بظهر إلا ممن له هذه الأربعة ، فهذه دلالة الطيور له عليه السلام في الإلهيات في العقول والأرواح وما ليس بجسم طبيعي ، كما هي دلالة على تربيع الطبيعة لإيجاد الأجسام الطبيعية والعنصرية « فصرهن إليك » أي ضمهن والضم جمع عن تفرقة ، وبضم بعضها إلى بعض ظهرت الأجسام « ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا » وهو ما ذكرناه من الصفات الأربع الإلهيات ، وهي أجبل لشموخها وثبوتها.
« ثم ادعهن يأتينك سعيا ، وما كان أذهب منهن شيئا إلا فساد عين التركيب ، وأما الأجزاء فهي باقية بأعيانها ، ولا يدعى إلا من يسمع ، وله عين ثابتة ، فأقام له الدعاء بها مقام قوله « کن » من قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن تقول له کن فیکون » فلما أشهد الله خليله إبراهيم عليه السلام الكيفية سكن عما كان يجده من القاق لتلك الجذبات
 
ص 214
 
 
التي لا يعلمها إلا هو. "9"
وقد يطلع الله من شاء من عباده على بعض الأمور من ذلك.
واعلم أنها لا تسمى مفاتح إلا في حال الفتح، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء
 ______________________

التي للوجوه المختلفة ، وسكن سكونا لا يشوبه تحير ، ولا تشويش في معرفة الكيفية ، وزاد يقينه طمأنينة بعامه بالوجه الخاص من الوجوه الإمكانية ، وهنا دقيقة وهي ان تعلق القدرة الأزلية بالإيجاد حارت فيها المشاهد والعقول وقد قال تعالى الإبراهيم عليه السلام حين قال « رب أرني كيف تحيي الموتى » لما أراه آثار القدرة لا تعلقها .
عرف كيفية الأشياء والتحام الأجزاء : حتى قام شخصا سويا ، ولا رأی تعلق قدرة ولا تحققها، قال له الخبير العليم « واعلم أن الله عزيز حكيم » لما تقدمه في صور الأطيار وتفريقه الأطوار . 
الفتوحات ج 2 / 36 ، 59 ، 520 ، 615 - ج 3 / 213 - عقلة المستوفز - عنقاء مغرب.
9 - القدر
كان العزير رسول الله عليه السلام كثير السؤال عن القدر إلى أن قال له الحق تعالی یا عزیر لئن سألت عنه لأمحون اسمك من ديوان النبوة ، فأفعال الحق لا ينبغي آن تعلل فإنه ما ثم علة موجبة لتكوين شيء إلا عين وجود الذات وقبول عين الممكن الظهور الوجود .
فالسبب الذي لأجله طوي علم القدر هو أن له نسبة إلى ذات الحق ونسبة إلى المقادير ،فعز أن يعلم عز الذات ، وعز أن يجهل لنسبة المقادير. 

فهو المعلوم المجهول ، ونهي العالم عن طلب العلم بالقدر ، فأولياء الله لا يطلبون علمه للنهي الوارد عن طلبه ، فمن عصى الله طلبه من الله ، وهو لا يعلم بالنظر الفكري . 
فلم يبق إلا أن يعلم بطريق الكشف الإلهي ، والحق لا يقرب من عصاه بمعصيته . وطالب هذا العلم قد عصاه في طلبه ، فلا ينال من طريق الكشف ، وما ثم طريق آخر يعلم به علم القدر ، فلهذا كان مطوية عن الرسل فمن دونهم ، فإن مرتبته بين الذات والمظاهر ، فمن علم الله علم القدر ، ومن جهل الله جهل القدر ، والله سبحانه مجهول فالقدر مجهول ، فمن المحال أن يعرف المألوه الله لأنه لا ذوق له في الألوهية .

ص 215
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:25 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :  الجزء الثاني

أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق لغير الله في ذلك.
فلا يقع فيها تجل ولا كشف، إذ لا قدرة ولا فعل إلا لله خاصة، إذ له الوجود المطلق الذي لا يتقيد. "10"
فلما رأينا عتب الحق له عليه السلام في سؤاله في القدر علمنا أنه طلب هذا الاطلاع، فطلب أن يكون له قدرة تتعلق بالمقدور، وما يقتضي ذلك إلا من له
___________________________________

فما من وجه من المعلومات إلا وللقدر فيه حكم لا يعلمه إلا الله ، فلو علم القدر علمت أحكامه ، ولو علمه أحكامه لاستقل العبد في العلم بكل شيء وما احتاج إلى الحق في شيء وكان الغني له على الإطلاق ، فلما كان الأمر بعلم القدر يؤدي إلى هذا طواه الله عن عباده فلا يعلم ، ومن الأسباب التي لأجلها طوى علم القدر عن الإنسان ، لكون ذات الإنسان تقتضي البوح به ، لأنه أسنى ما يمدح به الإنسان، وأسنى ما يمدح به العبد العلم بالله ، وعلمه بالقدر علمه بالله .
مفاتح الغيب هي الأسماء الإلهية التي لا يعلمها إلا الله العالم بكل شيء، والأسماء نسب غيبية، إذ الغيب لا يكون مفتاحه إلا غيبا، و بالمشيئة ظهر أثر الطبيعة وهي غيب، فالمشيئة مفتاح ذلك الغيب والمشيئة نسبة إلهية لا عين لها فالمفتاح غيب ، وقد تكون مفاتح الغيب هي استعدادات القوابل وهي غير مكتسبة بل منحة إلهية، فلهذا لا يعلمها إلا الله ولا تعلم إلا بإعلام الله . 
فتوحات ج 2 / 64 - ج 3 / 397 ، 542 .


10 - تعلق القدرة بالمقدور
هو حال الفعل عند تعلق الفاعل بالمفعول وكيفية تعلق القدرة الأزلية بالإيجاد الذي حارت فيه المشاهد والعقول ، وكل من رام الوقوف نكص على عقبه ورجع إلى مذهبه.
وقد قال تعالى في أنفسهم وأقدسهم حين قال «رب أرني كيف تحيي الموتى » فلما أراه آثار القدرة لاتعلقها عرف كيفية الأشياء والتحام الأجزاء حتى قام شخصا سويا.
ولا رأی تعلق القدرة ولا تحققها ، فقد تفرد الحق بسر نشأة خلقه ونشره ، فإنه ليس في حقائق ما سوى الله ما يعطي ذلك ، فلا فعل لأحد سوى الله.
فقوله تعالی « ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم » هذه الآية دليل على عدم تجلي الحق في الأفعال، أعني نسبة ظهور الكائنات عن الذات التي تكون عنها،
 

ص 216 


قال الشيخ رضي الله عنه :  (الوجود المطلق.
فطلب ما لا يمكن وجوده في الخلق ذوقا، فإن الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق.
وأما ما رويناه مما أوحى الله به إليه لئن لم تنته لأمحون اسمك من ديوان النبوة، أي أرفع عنك طريق الخبر وأعطيك الأمور على التجلي، والتجلي لا يكون إلا بما أنت عليه من الاستعداد الذي به يقع الإدراك الذوقي، فتعلم أنك ما أدركت إلا بحسب استعدادك فتنظر في هذا الأمر الذي طلبت، فإذا لم تره تعلم أنه ليس عندك الاستعداد الذي تطلبه وأن ذلك من خصائص الذات الإلهية، وقد علمت أن الله أعطى كل شيء خلقه: ولم يعطك هذا الاستعداد الخاص، فما هو خلقك، ولو كان خلقك لأعطاكه الحق الذي أخبر أنه «أعطى كل شي ء خلقه».
فتكون أنت الذي تنتهي عن مثل هذا السؤال من نفسك، لا تحتاج فيه إلى نهي إلهي.
وهذه عناية من الله بالعزير عليه السلام علم ذلك من علمه وجهله من جهله.)
___________________________________
فما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم ،أي صدورها إلى الوجود.
أراد حالة الإيجاد ، فما شاهد أحد تعلق القدرة الإلهية بالأشياء عند إيجادها.
فإن الخلق يريد به المخلوق في موضع مثل قوله « هذا خلق الله » ويريد به الفعل في موضع مثل قوله : " ما أشهدتهم خلق السموات" فهنا يريد به الفعل بلا شك، لأنه ليس لمخلوق فعل أصلا.
فما فيه حقيقة من الله يشهد بها فعل الله، وما لمخلوق مما سوى الله ولا العقل الأول أن يعقل كيفية اجتماع نسب يكون عن اجتماعها عين وجودية مستقلة في الظهور وغير مستقلة في الغني . 
مفتقرة بالإمكان المحكوم عليها به ، وهذا علم لا يعلمه إلا الله تعالى ، وليس في الإمكان أن يعلمه غير الله تعالى .
ولا يقبل التعليم أعني أن يعلمه الله من شاء من عباده ، فأشبه العلم به العلم بذات الحق ، والعلم بذات الحق محال حصوله لغير الله .
فمن المحال حصول العلم بالعالم أو بالإنسان نفسه أو بنفس كل شيء لنفسه لغير الله.
فنفهم هذه المسألة فإني ما سمعت ولا علمت أن أحدا نبه عليها ، فإنها صعبة التصور . 
مع أن فحول العلماء يقولون بها ولا يعلمون أنها هي .
الفتوحات ج 1 / 195 - ج 2 / 70 ، 606 - ج 3 / 577 - ج 4 / 289 ، 296 - عنقاء مغرب - ذخائر الأعلاق .
 

11 - راجع فص 12 هامش 9 ص 189


ص 217

واعلم أن الولاية هي الفلك المحيط العام، ولهذا لم تنقطع ولها الإنباء العام. "12"
وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة.
وفي محمد صلى الله عليه وسلم قد انقطعت، فلا نبي بعده: يعني مشرعا أو مشرعا له، ولا رسول وهو المشرع.
وهذا الحديث 
______________________________
12 - مرتبة الولاية والنبوة والرسالة 
يقول الشيخ في كتابه « التنزلات الموصلية »: 
سماء النبوة في برزخ   …. دوين الولي وفوق الرسول 
ويقول في الفتوحات المكية ح 2 ص 23 : الولاية أعم فلك إحاطي
وهو قوله في التنزلات الموصلية في الباب الثالث :
سماء الولاية علوية   ..... تحيط بكل مقام جليل

ويقول في الفتوحات المكية في الجزء الأول ص 229 :
بين النبوة والولاية فارق   ..... لكن لها الشرف الأتم الأعظم
يعنو لها الفلك المحيط بسره  ..... وكذلك القلم العلي الأفخم
إن النبوة والرسالة كانتا  ..... وقد انتهت ولها السبيل الأقوم
وأقام بيتا للولاية محكما  ..... في ذاته فله البقاء الأدوم
لا تطلبنه نهاية يسعى لها  ..... فيكون عند بلوغه يتهدم
صفة الدوام كذاته نفسية  ..... فهو الولي فقهره متحكم
يأوي إليه نبيه ورسوله  ..... والعالم الأعلى ومن هو أقدم

ولهذا يقول رضي اللّه عنه في الفتوحات الجزء الثاني ص 246 :
الولاية نعت إلهي ، وهو للعبد خلق لا تخلق ، وتعلقه من الطرفين عام ، لكن لا يشعر بتعلقه عموما من الجناب الإلهي ، وعموم تعلقه من الكون أظهر عند الجميع ، فإن الولاية نصر الولي ، أي نصر الناصر ، فهو ذو النصر العام في كل منصور ، ولما كان نعتا إلهيا هذا النصر المعبر عنه بالولاية ، تسمى سبحانه به وهو اسمه الولي - وهذا معنى قوله في البيت الأخير - ومن هو أقدم - .
ثم يزيد رضي اللّه عنه شرحا لمقام الولاية ، في الفتوحات المكية في الجزء الثاني ص 256 فيقول . 

ص 218 

 
قصم ظهور أولياء الله لأنه يتضمن انقطاع ذوق العبودية الكاملة التامة.
فلا ينطلق عليه اسمها الخاص بها فإن العبد يريد ألا يشارك سيده- وهو الله في اسم، والله لم يتسم بنبي ولا رسول، وتسمى بالولي واتصف بهذا الاسم فقال «الله ولي الذين 
______________________________
اعلم أن الولاية هي المحيطة العامة ، وهي الدائرة الكبرى ، فمن حكمها أن يتولى اللّه من شاء من عباده بنبوة ، وهي من أحكام الولاية ، وقد يتولاه بالرسالة وهي من أحكام الولاية أيضا ، فكل رسول لابد أن يكون نبيا ، وكل نبي لابد أن يكون وليا ، فكل رسول لابد أن يكون وليا ، فالرسالة خصوص مقام في الولاية ، والرسالة في الملائكة دنيا وآخرة ، لأنهم سفراء الحق لبعضهم وصنفهم ، ولمن سواهم من البشر في الدنيا والآخرة ، والرسالة في البشر لا تكون إلا في الدنيا ، وينقطع حكمها في الآخرة ، وكذلك تنقطع في الآخرة بعد دخول الجنة والنار ، نبوة التشريع لا النبوة العامة ، وأصل الرسالة في الأسماء الإلهية ، وحقيقة الرسالة إبلاغ كلام من متكلم إلى سامع ، فهي حال لا مقام ، ولا بقاء لها بعد انقضاء التبليغ . إهـ.

هذا ما أشرنا إليه من كتاب القربة من قوله :
مرتبة الولاية والمعرفة ، ( أي النبوة العامة لا نبوة التشريع ) دائمة الوجود ، ومرتبة الرسالة منقطعة .
لذلك نرى الشيخ رضي اللّه عنه في التكلم عن الولاية والأولياء .

يقول في الفتوحات من الجزء الثاني ص 24 :
فمن الأولياء رضي اللّه عنهم الأنبياء صلوات اللّه عليهم ، تولاهم اللّه بالنبوة ، فالولاية نبوة عامة ، والنبوة التي بها التشريع نبوة خاصة .
ثم يقول : ومن الأولياء رضوان اللّه عليهم ، الرسل صلوات اللّه وسلامه عليهم تولاهم اللّه بالرسالة ، فهم النبيون المرسلون إلى طائفة من الناس ، أو يكون إرسالا عاما إلى الناس ، ولم يحصل ذلك إلا لمحمد صلى اللّه عليه وسلم .
ويقول في ص 26 : ومن الأولياء أيضا رضي اللّه عنهم المؤمنون والمؤمنات ، تولاهم اللّه بالإيمان الذي هو القول والعمل والاعتقاد . إهـ

ولذلك نراه يقول في كتاب القربة :
الرسل من كونهم أولياء عارفين أرفع من كونهم رسلا ، فإن الولاية والمعرفة تحصرهم في بساط المشاهدة في الحضرة المقدسة ، والرسالة تنزلهم إلى العالم الأضيق ومشاهدة الأضداد ومكابدة الأسماء الإلهية القائمة بالفراعنة والجبابرة ، فلا شيء أشد عليهم من مقارعة الأسماء بالأسماء ، ولهذا كان يقول صلى الله عليه وسلم  بعد استعاذاته من
 

ص 219 


آمنوا»: وقال «هو الولي الحميد».
وهذا الاسم باق جار على عباد الله دنيا وآخرة. فلم يبق اسم يختص به العبد دون الحق بانقطاع النبوة والرسالة: إلا أن الله لطف 
________________________
الأفعال والأحوال « أعوذ بك منك »لشدة سلطان هذا المقام ، فإذا سمعتم لفظة من عارف محقق مبهمة ، وهو أن يقول : إن الولاية هي النبوة الكبرى ، والولي العارف مرتبته فوق مرتبة الرسول ؛ فاعلموا أن الاعتبار بالشخص من حيث ما هو إنسان ، فلا فضل ولا شرف في الجنس بالحكم الذاتي ، وإنما يقع التفاضل بالمراتب ، فالأنبياء صلوات اللّه عليهم ما فضلوا الخلق إلا بالمراتب ، فالنبي صلى اللّه عليه وسلم له مرتبة الولاية والمعرفة والرسالة ، ومرتبة الولاية والمعرفة دائمة الوجود ، ومرتبة الرسالة منقطعة ، فإنها تنقطع بالتبليغ ، والفضل للدائم الباقي ، والولي العارف مقيم عنده ، والرسول خارج ، وحالة الإقامة أعلى من حالة الخروج ، فهو صلى اللّه عليه وسلم من كونه وليا عارفا ، أعلى وأشرف من كونه رسولا ، وهو الشخص بعينه ، واختلفت مراتبه ، لا أن الولي منا أرفع من الرسول ، نعوذ باللّه من الخذلان ، فعلى هذا الحد يقولها أصحاب الكشف والوجود ، إذ لا اعتبار عندنا إلا للمقامات ، ولا نتكلم إلا فيها لا في الأشخاص . إ هـ

ويقول في كتابه تلقيح الأذهان :
ففلك الولاية أعلا وأعم من فلك النبوة ، ولا تحجب فتقول الولي أفضل من النبي ، لا ، ولكن النبوة درجة في الولاية ، فالولي الذي ليس بنبي ناقص عن رتبة النبوة ، وإنما النبي من حيث ولايته اتم منه من حيث نبوته ، كالإنسان من حيث إنسانيته أتم منه من حيث حیوانيته ،
كما أن النبوة في حق ذات النبي أعم وأشرف من الرسالة ،فإنه يدخل فيها ما اختص به في نفسه وما أمر بتبليغه لأمته الذي هو منه رسول.فتوحات ج 1 / 429 .
 فالكلام في المراتب وتفاضلها من حيث المقام والرتبة والأصل والفرع وعلو الأصل على الفرع والأساس على البناء والمقام على الحال والمستند إليه على المستند ومقام النصرة على التبليغ ، فمن نظر إلى المراتب وسعتها وان مرتبة الولاية وسعت الأنبياء والرسل ، وأن مرتبة النبوة وسعت الرسل واقتصرت مرتبة الرسالة على الرسل فقط ، ونظر إلى أن الولاية هي الأساس وأنها هي الفلك المحيط الأوسع ،


ص 220
 

بعباده، فأبقى لهم النبوة العامة التي لا تشريع فيها، وأبقى لهم التشريع في الاجتهاد في ثبوت الأحكام، وأبقى لهم الوراثة في التشريع فقال «العلماء ورثة الأنبياء».  وما 
________________________
قال إن مرتبة الولاية أعلى وأشرف من مرتبة النبوة والرسالة ، ومن تنظر إلى أن مرتبة الولاية لها البقاء في الدنيا والآخرة ، وأن مرتبة النبوة والرسالة منقطعة بالدنيا والحشر ، قال بعلو مقام الرتبة التي لها البقاء والدوام على الرتبة المنقطعة ، و من نظر إلى الاستناد إلى الأسماء الإلهية وأن مرتبة الولاية مستندة إلى الاسم الإلهي الولي وأن النبوة والرسالة من أسماء العبودية قال بشرف المرتبة بشرف المستند إليه ، ومن نظر إلى المعنى قال إن الولاية نصرة ، ومقام النصرة له الشرف على مقام الإخبار ومقام التبليغ.
كان محمد صلى الله عليه وسلم أعظم خليفة وأكبر إمام ، وكانت أمته خير أمة أخرجت للناس وجعل الله ورثته في منازل الأنبياء والرسل . 

فأباح لهم الاجتهاد في الأحكام ، فهو تشريع عن خبر الشارع ، فكل مجتهد مصيب كما أنه كل نبي معصوم ، وتعبدهم الله بذلك ليحصل لهذه الأمة نصيب من التشريع وتثبت لهم فيه قدم ، فلم يتقدم عليهم سوى نبيهم صلى الله عليه وسلم ، فتحشر علماء هذه الأمة حفاظ الشريعة المحمدية في صفوف الأنبياء لا في صفوف الأمم ، فهم شهداء على الناس ، وهذا نص في عدالتهم ، ولولا أن الشارع قرر حكم المجتهد من علماء هذه الأمة ما ثبت له حكم ، فالمجتهدون من علماء الشريعة ورثة الرسل في التشريع ، وأدلتهم تقوم لهم مقام الوحي للأنبياء ، واختلاف الأحكام كاختلاف الأحكام ، إلا أنهم ليسوا مثل الرسل .

فاختص الله هذه الأمة أعني علماءها بأن شرع لهم الاجتهاد في الأحكام ، وقرر حكم ما أداه إليه اجتهادهم وتعبدهم به ، ونعبد من قلدهم به، كما كان حكم الشرائع للأنبياء ومقلديهم ، ولم يكن مثل هذا الأمة نبي ما لم يكن نبيا بوحي منزل ، فجعل الله وحي علماء هذه الأمة في اجتهادهم ، كما قال لنبيه عليه السلام " لتحكم بين الناس بما أراك الله » فالمجتهد ما حكم إلا بما أراه الله في اجتهاده.
 راجع الفتوحات ج 1 / 545 - ج 2 / 261 - ج 3 / 400 ، 401.  کتابنا « الفقه عند الشيخ الأكبر » ص 65

 
ص 221


ثم ميراث في ذلك إلا فيما اجتهدوا فيه من الأحكام فشرعوه. "13"
فإذا رأيت النبي 
_______________________________________
13 - حدیث «لا نبي بعدي ولا رسول »
" وقوله تعالى للعزير : لئن لم تنته .." - الحديث . 

يقول الشيخ في الفتوحات ج 1 / 229  : -
اعلم أنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال : إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي - الحديث بكماله - فهذا الحديث من أشد ما جرعت الأولياء مرارته ، فإنه قاطع للوصلة بين الإنسان وبين عبوديته ، وإذا انقطعت الوصلة بين الإنسان وبين عبوديته من أكمل الوجوه انقطعت الوصلة بين الإنسان وبين الله ، فإن العبد على قدر ما يخرج من عبوديته ، ينقصه من تقريبه من سيده ، لأنه يزاحمه في أسمائه ، وأقل المزاحمة الاسمية ، فأبقى علينا الاسم الولي وهو من أسمائه سبحانه ، وكان هذا الاسم قد نزعه من رسوله وخلع عليه وسماه بالعبد والرسول ،ولا يليق بالله أن يسمي بالرسول.

فهذا الاسم من خصائص العبودية التي لا تصح أن تكون للرب ، والرسالة قد انقطعت فارتفع حکم هذا الاسم بارتفاعها من حيث نسبتها بها من الله .

 ويقول في الفتوحات ج 2 / 253 :  -
اعلم أن الحق لم يطلق على نفسه من النبوة أو الرسالة اسما كما أطلق في الولاية فسمى قفسه وليا وما سمى نفسه نبيا مع كونه أخبرنا وسمع دعاءنا .

ويقول في الفتوحات ج 2 / 253 : -
فالنبي اسم خاص بالأنبياء والرسل ما هو لله ولا للأولياء بل هو اسم خاص للعبودية التي هي عين القرب من السيد وعدم مزاحمة السيد في رتبته ، بخلاف الولاية ، فإن العبد مزاحم له في اسم الولي تعالى ، ولهذا شق على المستخلصين من العبيد انقطاع اسم النبي واسم الرسول لما كان من خصائصها ولم يكن له في الأسماء الإلهية عين .

ولذلك يقول رضي الله عنه في الفتوحات ج 1 / 229 :  -
ولما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في أمته من يجرع مثل هذا الكأس ، وعلم ما يطرأ عليهم في نفوسهم من الألم ، لذلك رحمهم . فجعل لهم نصيبا ، فقال للصحابة « ليبلغ الشاهد الغائب » فأمرهم بالتبليغ كما أمره الله بالتبليغ لينطلق عليهم أسماء الرسل التي هي مخصوصة بالعبيد ، وقال صلى الله عليه وسلم « رحم الله امرأ سمع مقالتي
 

ص 222
 

يتكلم بكلام خارج عن التشريع فمن حيث هو ولي وعارف، "14"  ولهذا، مقامه من حيث هو عالم أتم وأكمل من حيث هو رسول أو ذو تشريع وشرع.
فإذا سمعت أحدا من أهل الله يقول أو ينقل إليك عنه أنه قال الولاية أعلى من النبوة، فليس يريد ذلك 
________________________________
فوعاها فأداها كما سمعها » یعنی حرفا حرفا ، ومن هنا تعرف شرف مقام العبودية وشرف المحدثين تقلة الوحي بالرواية ، فهذا القدر بقي من العبودية ، وهو خير عظیم امتن به عليهم ، ومهما لم ينقله الشخص بسنده متصلا غير منقطع فليس له هذا المقام ولا شم له رائحة . 
وكان من الأولياء المزاحمين الحق في الاسم الولي فنقصه من عبوديته بقدر هذا الاسم.


14 - علم الأسرار  
هو العلم الذي فوق طور العقل ، وهو علم نفث روح القدس في الروع، يختص به النبي والولي ، والعالم بعلم الأسرار يعلم العلوم كلها ويستغرقها كلها ، ولا علم أشرف من هذا العلم المحيط الحاوي على جميع المعلومات ، وما بقي إلا أن يكون المخبر به صادقا عند السامعين له معصوما . 

هذا شرطه عند العامة ، وأما العاقل اللبيب الناصح قفسه فلا يرمي به ولكن يقول هذا جائز عندي أن يكون صدقة أو كذبة ، وكذلك ينبغي لكل عاقل إذا أتاه بهذه العلوم غير المعصوم وإن كان صادقا في نفس الأمر فيما أخبر به ، ولكن كما لا يلزم هذا السامع صدقه لا يلزمه تكذيبه ولكن يتوقف ، وإن صدقه لم يضره لأنه أتي في خبره بما لا تحيله العقول بل تجوزه أو تقف عنده ، ولا يهد ركن من أركان الشريعة ولا يطل أصلا من أصولها ، فإذا أتي بأمر جوزه العقل وسكت عنه الشارع، فلا ينبغي لنا أن نرده أصلا ، ونحن مخيرون في قبوله ، فعلوم النبوة والولاية وراء طور العقل ، ليس للعقل فيها دخول بفكر ، لكن له القبول خاصة عند السليم العقل الذي لم يغاب عليه شبهة خيالية فكرية ، يكون من ذلك فساد نظره ،فإن العقل بين النظر والقبول.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « إن من العلم كهيئة المكنون لا يعلمه إلا العلماء بالله ، فإذا نطفوا به لم ينكره إلا أهل الغرة بالله » قال طبقة في هذا العلم إنه وراء طور العقل ،


ص 223

القائل إلا ما ذكرناه.
أو يقول إن الولي فوق النبي والرسول، فإنه يعني بذلك في شخص واحد: وهو أن الرسول عليه السلام من حيث هو 
_______________________________
ومنه ما يستحيل عند الفكر ويقبلها العقل من الفكر مستحيلة الوجود، لا يسكن أن يكون له تحت دليل الإمكان ، فيعلمها العقل من جانب الحق واقعة صحيحة غير مستحيلة . 
ولا يزول عنها اسم الاستحالة ولا حكم الاستحالة عقلا ، ومن هذا العلم ما يكون تحت النطق ، فما ظنك بما عند هؤلاء العلماء من العلم مما هو خارج عن الدخول تحت حكم النطق ، فما كل علم يدخل تحت العبارات ، مثل علوم الأذواق كلها ، وجعل الله هذا العلم كهيئة المكنون ما جعله مکنونا ، إذ لو كان مكنونا لاتفرد به تعالى ، فلما لم يعلمه إلا العلماء بالله ، علم أن العلم بالله يورث العلم بما يعلمه الله . فهو مستور عن العموم معلوم للخصوص ، ومعنى العلم بالله أنه لا بعلم ، فقد علمنا أن ثم ما لا يعلم على التعيين ، وما عداه فيسكن العلم به ، فآکنه قلوب العلماء بالله ، فإذا نطقوا به فيما بينهم إذ لا يصح النطق به إلا على هذا الحد، واتفق أن يكون في المجلس من ليس من أهله ولا من أهل الله، فإن أهل الله هم أهل الذكر وهم العلماء بالله ، أنكره عليهم أهل الغرة فأضاف أهليتهم إلى الغرة ، وهم الذين يزعمون أنهم عرفوا الله ، قال أبو هريرة « حملت عن النبي صلى الله عليه وسلم جرابين ، أما الواحد فبثثته فيكم ، وأما الآخر فلو بثثته لقطع مني هذا البلعوم ».

يشير أبو هريرة رضي الله عنه إلى ما كان يقول فيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه حين يضرب بيده إلى صدره و يتنهد ويقول « إن ههنا لعلوما جمة لو وجدت لها حملة » .
وإلى ما كان يقوله عبد الله بن عباس البحر ، كان يلقب به لاتساع علمه ، فكان يقول في قوله عز وجل د الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن » : لو ذكرت تفسيره لرجمتموني ، وفي رواية ، لقلتم إني كافر ، وإلى هذا العلم كان يشير علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، زین العابدین ، عليهم الصلاة والسلام بقوله ، فلا أدري هل هما من قوله أو تسئل بهما
یا رب جوهر علم لو أبوح به    ….. لقيل لي أنت ممن يعبد الوثنا 
 ولا ستحل رجال مسلمون دمي   …. يرون أقبح ما يأتونه حسنا . 
الفتوحات  ج 1 / 200 ، 261 ، 483 - ج 2 / 114 - ج 3 / 244 

ص 224


قال الشيخ رضي الله عنه :  (القائل إلا ما ذكرناه.
أو يقول إن الولي فوق النبي والرسول، فإنه يعني بذلك في شخص واحد: وهو أن الرسول عليه السلام من حيث هو ولي أتم من حيث هو نبي رسول، لا أن الولي التابع له أعلى منه، فإن التابع لا يدرك المتبوع أبدا فيما هو تابع له فيه، إذ لو أدركه لم يكن تابعا له فافهم. "15"
فمرجع الرسول والنبي المشرع إلى الولاية والعلم.
ألا ترى الله تعالى قد أمره بطلب الزيادة من العلم لا من غيره فقال له آمرا «وقل رب زدني علما».
وذلك أنك تعلم أن الشرع تكليف بأعمال مخصوصة أو نهي عن أفعال مخصوصة ومحلها هذه الدار فهي منقطعة، والولاية ليست كذلك إذ لو انقطعت لانقطعت من حيث هي كما انقطعت الرسالة من حيث هي.
وإذا انقطعت من حيث هي لم يبق لها اسم.
والولي اسم باق لله تعالى، فهو لعبيده تخلقا وتحققا وتعلقا.
فقوله للعزير لئن لم تنته عن السؤال عن ماهية القدر لأمحون اسمك من ديوان النبوة فيأتيك الأمر على الكشف بالتجلي ويزول عنك اسم النبي والرسول، وتبقى له ولايته. "16"
إلا أنه لما دلت قرينة الحال أن هذا الخطاب جرى مجرى الوعيد علم من اقترنت عنده هذه الحالة مع الخطاب أنه وعيد بانقطاع خصوص بعض مراتب الولاية في هذه الدار، إذ النبوة والرسالة خصوص رتبة في الولاية على بعض ما تحوي عليه الولاية من المراتب.
فيعلم أنه أعلى من الولي الذي لا نبوة تشريع عنده ولا رسالة.
ومن اقترنت عنده حالة أخرى تقتضيها أيضا مرتبة النبوة، يثبت عنده أن هذا وعد لا وعيد.
فإن سؤاله عليه السلام مقبول إذ النبي هو الولي الخاص.
ويعرف بقرينة الحال أن النبي من حيث له في الولاية هذا الاختصاص محال أن يقدم على ما يعلم أن الله يكرهه منه، أو يقدم على ما يعلم أن حصوله محال.
فإذا اقترنت هذه الأحوال عند من اقترنت عنده وتقررت عنده، أخرج هذا الخطاب الإلهي عنده في قوله «لأمحون اسمك من ديوان النبوة» مخرج الوعد، وصار خبرا يدل على علو رتبة باقية، وهي المرتبة الباقية على الأنبياء والرسل في الدار الآخرة التي ليست بمحل لشرع يكون عليه أحد من خلق الله في جنة ولا نار بعد دخول الناس فيهما. "17"
وإنما قيدناه بالدخول في الدارين الجنة والنار لما شرع يوم القيامة )
__________________________
و الخلاف هنا في صحة العبارة الواردة في هذه الفقرة ، فلا يصح نسبتها بحال إلى الشيخ رضي الله عنه ، مع دقته في التعبير وانتقاء اللفظ كما يتضح من الشرح.

15 -  راجع هامش 12 ص 218
16 -  راجع هامش 13 ص 221
17  - راجع هامش 12 ص 218
 

ص 225


قال الشيخ رضي الله عنه :  (لأصحاب الفترات والأطفال الصغار والمجانين، فيحشر هؤلاء في صعيد واحد لإقامة العدل والمؤاخذة بالجريمة والثواب العملي في أصحاب الجنة.
فإذا حشروا في صعيد واحد بمعزل عن الناس بعث فيهم نبي من أفضلهم وتمثل لهم نار يأتي بها هذا النبي المبعوث في ذلك اليوم فيقول لهم أنا رسول الحق إليكم، فيقع عندهم التصديق به ويقع التكذيب عند بعضهم.
ويقول لهم اقتحموا هذه النار بأنفسكم، فمن أطاعني نجا ودخل الجنة، ومن عصاني وخالف أمري هلك وكان من أهل النار.
فمن امتثل أمره منهم ورمى بنفسه فيها سعد ونال الثواب العملي ووجد تلك النار بردا وسلاما.
ومن عصاه استحق العقوبة فدخل النار ونزل فيها بعمله المخالف ليقوم العدل من الله في عباده. "18"
وكذلك قوله تعالى «يوم يكشف عن ساق» أي أمر عظيم من أمور الآخرة، «ويدعون إلى السجود» وهذا تكليف وتشريع.
فمنهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع، وهم الذين قال الله فيهم «ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون» كما لم يستطع في الدنيا امتثال أمر الله بعض العباد كأبي جهل وغيره.
فهذا قدر ما يبقى )
___________________________________
18 - حديث الحميدي *
ما ورد في هذه الفقرة هو الحديث الذي أخرجه الحميدي ، في كتاب الموازنة ، ولم يثبت عند الشيخ ، لأنه يقول بخلاف ما جاء به ، فهو القائل في حكم أطفال الكفار : الذي أقول به إنه متى قدر المسلم على الصلاة على من مات من الأطفال الصغار الذين لم يحصل منهم التمييز ولا العقل أنه يصلى عليهم ، فإنهم على فطرة الإسلام ، فالطفل يصلي عليه إذا مات بكل وجه ، ولا معنى لترك الصلاة عليه ، فإن الذرية تابعة للاباء في الإيمان ولا يتبعونهم في الكفر إن كان الآباء كفارا.
أما في حق أهل الفترات فيقول : قبل التكليف لا يقيد الإنسان بل يجري بطبعه من غير مؤاخذة أصلا ، فوجد العذر لمن لم تبلغه الدعوة الإلهية ، وحكمه حكم من لم يبعث الله إليه رسولا ، وهو قوله تعالى:" وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " وما كانت دعوة الرسل قبل رسول الله من عامة ، فيلزم أهل كل زمان الإيمان .
الفتوحات  ج 1 / 326 ، 519 ، 536 - ج 3 / 135 - ج 4 / 162

ص 226

من الشرع في الآخرة يوم القيامة قبل دخول الجنة والنار، فلهذا قيدناه. "19"
والحمد لله.
 _________________________________
19 - ما بقي من التكليف يوم القيامة 
يوم يكشف عن ساق الآخرة ، تقول العرب : كشفت الحرب عن ساقها ، وهي إذا حمي وطيسها ، واشتدت الحرب وعظم الخطب .
وكشف الساق كما يؤذن بالشدة ، كذلك يؤذن بسرعة انقضاء المدة ، فمع كل زعزع رخاء ، وعند انتهاء الشدائد يكون الرخاء ، يقال كشفت الحرب عن ساقها ، وعقدت عليها إزرة طوقها ، فاشتد اللزام ، وكانت نزال لما عظم القيام ، وجاء ربك في ظلل من الغمام ، والملائكة للفصل والقضاء والنقض والإبرام ، وعظم الخطب واشتد الكرب ، وماج الجميع بحكم الصدع ، ففي الموقف ترفع الحجب بين الله وبين عباده ، وهو كشف الساق ، ويأمرهم داعي الحق عن أمر الله بالسجود ، فلا يبقى أحد سجد لله خالصا على أي دین كان إلا سجد السجود المعهود ، ومن سجد اتقاء وریاء جعل الله ظهره طبقة نحاس ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، فهذا قوله « فلا يستطيعون » .
فقوله تعالی « يدعون إلى السجود » هو دعاء تمييز لا دعاء تكليف ، فإن الآخرة ليست بمحل تكليف إلا في يوم القيامة في موطن التمييز حين يدعون إلى السجود، إلا الحديث الذي أخرجه الحميدي في كتاب الموازنة ، ولم يثبت ، ولما اقترن به الأمر أشبه التكليف . 

فجوزوا بالسجود جزاء المكلفين ، فالتشريع لا يكون في الآخرة إلا في موطن واحد حين يدعون إلى السجود ، ليرجح بتلك السجدة میزان أصحاب الأعراف،لأنها سجدة تکلیف ، فيسعدون فينصرفون إلى الجنة بعد ما كان منزلهم في سور الأعراف ، ليس لهم ما يدخلهم النار ولا ما يدخلهم الجنة ، وإن شئت قلت سجود تسييز لا سجود ابتلاء ، فيتميز في دعاء الآخرة إلى السجود من سجد لله ممن سجد اتقاء ورياء ، وفي الدنيا لا يتميز لاختلاط الصور . 
الفتوحات ج 1 / 314 ، 509 ، 733 ، 751 - ج 2 / 211 - ج 3 / 439 - ج 4 / 367 

ص 227
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء ديسمبر 03, 2019 10:26 pm

السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :  
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
14  - فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية

المرتبة 14 : لفص حكمة قدرية في كلمة عزيرية من الاسم النور وسماء الشمس ومنزلة السماك وحرف النون
كلما سوى اللّه صورة إلا وتوجه الروح الكلي بالنفخ فيها فتحيا مسبحة بحمد ربها لسريان نور الروح فيها ، كما يسري نور الشمس في الكون فتتجدد الحياة فيه . ولهذا كثيرا ما يشبه الشيخ الروح بالشمس .
وقد قرن الحق تعالى إشراقها بنفس الحياة فقال : "وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ " (التكوير:18) إذن فاسمه المصور يستلزم ظهور اسمه النور الذي به تحيا الصور فتدرك نفسها وتعرف ربها .
وبتوجه النور وجدت حضرة القطب في الدنيا وهي السماء الرابعة حيث فلك الشمس قلب العالم ، ومنبع النور حتى سماها اللّه تعالى : "سِراجاً وَهَّاجاً " ( النبأ : 13 ) فوقها 13 مرتبة كونية وتحتها مثلها .
وفوقها 7 أفلاك وتحتها مثلها . وفوقها 3 سماوات وتحتها مثلها .
كما ذكره الشيخ في فص إدريس عليه السلام ورفع اللّه تعالى إدريس لهذه السماء لأنه قطب الأرواح فهو قطب عالم الأنفاس الذي سماه الشيخ في الباب 15 من الفتوحات بمداوي الكلوم لأن الكلوم هي الجراحات وهو بجراحات الهوى خبير فهو الذي علم الطب والفلك والحروف والكيمياء .
وكل هذه العلوم تتعلق بتقويم الصحة في الإنسان بدنا ونفسا وروحا أو في المولدات والمعادن أو في الكون أو في الكلام.
وكلمة كلوم تشير إلى الكلام كما أن لفظة ( مداوي ) تشير إلى الدواة .
دواة حبر الحروف . وإدريس هو أول معلم للحروف الرقمية .
وكلمة كلوم تشير أيضا للملك . وكلما بعدت الدوائر عن المركز القطبي ازدادت كلوم الملك بالانحرافات ، وبتوسع الملك تتضاعف الكلمات .
 
ولعلاقة إدريس بالاسم النور تجد في كتاب العبادلة بابا عنوانه ، " عبد اللّه بن إدريس بن عبد النور " ولعلاقته بكلوم الملك نجد عنوانا آخر عنوانه " عبد اللّه بن إدريس بن عبد الملك " .
 
أولا : ما علاقة القدر بالشمس وإدريس حتى توصف حكمة هذا الفص بالحكمة القدرية ؟
" القدر توقيت فهو متعلق بالوقت " .
يقول الشيخ : " القدر توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها من غير مزيد " والوقت متعلق بحركة الشمس وبنورها تدرك الأشياء وهو لا يدرك لأنه كما قيل : "من شدة الظهور الخفاء " وكذلك يقول الشيخ : " فإن القدر ما جهل إلا لشدة ظهوره " . . . ولعلاقة هذه المرتبة بالزمان يقول الشيخ في الباب 15 من الفتوحات إن أول سر أطلع عليه مداوي الكلوم أي إدريس - هو الدهر الأول الذي عنه تكونت الدهور .
وإن خليفته المستسلم للقضاء والقدر كان غالب علمه علم الزمان . . .
ولعلاقة هذا الفص بالنور ترددت فيه مشتقات كلمات : كشف ، تجل ، ظهور ، فتح ، إدراك
. . .  
كقوله مثلا : " فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار فتدرك الأمور . " . . .
وقد ورد في الحديث الصحيح أن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة كالشمس ليس دونها سحاب .
وفي الفصل الرابع من الباب 371 من الفتوحات يقول :
" ونور الشمس ما هو من حيث عينها بل هو من تجل دائم لها من اسمه النور .
فما ثم نور الا نور اللّه الذي هو نور السماوات والأرض .
فالناس يضيفون ذلك النور إلى جرم الشمس ولا فرق بين الشمس والكواكب في ذلك إلا أن التجلي الشمسي على الدوام فلهذا لا يذهب نورها إلى زمان تكويرها " .


ثانيا : ما علاقة عزير بالنور والشمس ؟
كما يشرق نور الشمس على الأرض يشرق نور الروح على الجسد فتتجدد الحياة . . .
وهذا هو الذي وقع لعزير بعد أن أماته اللّه تعالى مائة عام . . . وبالنور الذي أنزل عليه أعاد كتابة التوراة بعد أن نسيت .
روى ابن كثير في كتابه " قصص الأنبياء " الخبر : " أمر اللّه ملكا فنزل بمغرفة من نور فقذفها في عزير فنسخ التوراة حرفا بحرف حتى فرغ منها " .
وروى أيضا : " نزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل . فمن ثم قالت اليهود : عزيز ابن اللّه ".


ثالثا : ما علاقة عزير بالقدر ؟
الجواب : هي تشوفه لعلم سر القدر .
فقد ورد في سيرته أنه ناجى ربه قائلا : " يا رب تخلق خلقا فتضل من تشاء وتهدي من تشاء ؟ 
فقيل له : أعرض عن هذا . فعاد .
فقيل له : لتعرضن عن هذا أو لأمحون اسمك من الأنبياء إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون " .
 
وسر القدر متعلق بكيفية تعلق القدرة بالمقدور ولا ذوق للمقدور المخلوق في ذلك .
ولهذا لما أراه اللّه وأذاقه كيفية إعادة البعث والحياة في نفسه وحماره وطعامه .
قال عنه تعالى: "فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" ( البقرة ، 259 ) والتبين من الإبانة التي هي صفة النور .


رابعا : ما علاقة عزير بعلم الزمان الإدريسي الشمسي ؟
في يوم أو بعض يوم انطوت مائة سنة في مشهد عزير لما مات كما ورد في القرآن .
وعلم الزمان وطيه ونشره من فروع علم الدهر الأول الذي عنه تكونت الدهور .
وهو من أخص العلوم الإدريسية كما سبق ذكره وخليفة إدريس المسمى المستسلم للقضاء والقدر ما مات حتى علم 36500 علما من تلك العلوم حسبما قاله الشيخ في الباب 15 من الفتوحات وهذا العدد موافق لعدد الأيام التي ماتها عزير قبل عودته للحياة مائة سنة أي 36500 يوم.
 
خامسا : لماذا خصص الشيخ فقرة طويلة للولاية في هذا الباب ؟
أثبت المراتب وأدومها وأوسعها هي دائرة القطبانية التي لها هذا الباب الأوسط الرابع عشر . وكذلك هي الولاية التي هي الفلك المحيط العام الدائم من اسمه تعالى :
الولي والتي من أعز علومها علم سر القدر ، خلافا لنبوة التشريع والرسالة المنتهيين بنهاية يوم القيامة ولهذا رفع إلى  هذا المكان القطبي القلبي إدريس لأنه ليس برسول مشرع وإنما هو ممثل للولاية البشرية السماوية الدائمة .
كما أن الخضر ممثل للولاية البشرية الأرضية الدائمة حسبما فصله الشيخ في الباب 73 من الفتوحات .
وكذلك عزير ليس بمشرع بل مجدد لنور التوراة .
وهذا التجديد هودور الأولياء في كل زمان كما عبر عنه البوصيري رحمه اللّه في همزيته :
كيف نخشى بعدك الضلال وفينا   ...... وارثو نور هديك الأولياء
 
سادسا : هل لهذه المرتبة الإدريسية لقطبية الولاية الدائمة مظهر عكسي ظلماني سفلي يقاوم نورها الشمسي ؟
نعم للولاية الشيطانية قطبها الممثل لاستمراريتها وهو الدجال الأعور ومركزه في جزيرة الشمال وله مراكز ثانوية مبثوثة في العالم منها سبعة رئيسية مقابلة لمراكز أقاليم الأبدال السبعة الذين هم على أقدام أقطاب السماوات السبعة .
ومن هذه السباعية لم يذكر الشيخ لإدريس مداوي الكلوم - في الباب 15 من الفتوحات - إلا ستة خلفاء . فهو سابعهم .....
ومن هذه المقابلات ذكر الشيخ عبد الكريم الجيلي في الانسان الكامل أن عرش إبليس يوجد في الأرض الرابعة قطب الأرضين السبعة . . .
ودركته في النار هي الرابعة ليذوق كل أنواع العذاب من فوقه ومن تحته لأنه - كما يقول عنه الشيخ في الباب 61 -:
 " إن أشد الخلق عذابا في النار إبليس الذي سن الشرك وكل مخالفة وسبب ذلك أنه مخلوق من نار فعذابه بما خلق منه " . . . "
فعذاب إبليس في جهنم بما فيها من الزمهرير فإنه يقابل النار التي هي أصل نشأته " .
ولعلاقة إبليس والدجال باستمرارية الولاية الشيطانية .
والجنة والنار ذكر الشيخ في آخر هذا الفص النبي المبعوث يوم القيامة لأصحاب الفترات والمجانين فمن اقتحم ناره دخل الجنة ومن أبى دخل النار . . .
وكذلك الدجال عند ظهوره في آخر الزمان له جنة ونار .
فمن دخل جنته وجدها نارا ومن دخل ناره وجدها جنة . . .
وفي كل هذا تمهيد من الشيخ للدخول في فص عيسى الموالي إذ هو عليه السلام الذي يقتل الدجال ويختم الولاية العامة عند نزوله آخر الزمان.

 
سابعا : ما نسبة منزلة السماك الأعزل من برج السنبلة مع هذا الفص ؟
الجواب - واللّه أعلم - من حيث النفس اللفظي : كلمة " سمك " تعني رفع
يقال : سمك اللّه السماء أي رفعها ، وسمك البيت سقفه . فالسماك هو المرتفع.
وقد وصف الحق تعالى مرتبة سماء هذا الفص الإدريسية بالمكان العلي المرتفع فقال عن إدريس :" وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا" سورة مريم .
 

14 : سورة فص عزير عليه السلام
هي سورة العاديات المناسبة لوسطية مرتبة هذا الفص الشمسي من آيتها الخامسة : " فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً " ( العاديات ، 5 ) والمناسبة للاسم " النور"  الممد لشمس هذا الفص من آيتها الثانية : " فَالْمُورِياتِ قَدْحاً" (العاديات ، 2 ) .
وإلى هذه الأنوار يشير في قوله : " فلم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك . . . " .
ولهذا نجده في الوصل الخامس عشر من الباب 369 وهو المخصوص بالعاديات يبدأه بقوله :
" من خزائن الجود وهو ما تخزنه الأجسام الطبيعية من الأنوار التي بها يضيء كونها " إلى آخره .
ويرجع إلى هذه الأنوار في الباب 284 الخاص بمنزل العاديات ، وفيه يقول :
وأورى زناد الفكر نارا تولدت  .... من الضرب بالروح المولد عن جسم
فسبحان من أحيا الفؤاد بنوره   .... وخصصني بالأخذ عنه وبالفهم
وكلامه في هذا الفص حول النبوة العامة وفلك الولاية المحيط العام مناسب للفلك الشمسي العام المخصوص بهذه المرتبة القطبية الرابعة عشر كما يشير إلى مقام القربة للسابقين من قوله تعالى في سورة الواقعة الآية ( 10 - 11 ) "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ( 10 ) أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ " هو


سباق "وَالْعادِياتِ ضَبْحاً ( 1 ) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً ( 2 ) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً "( العاديات ، 1 - 3 ) في حلبة العلوم الدينية والأخلاق الإلهية التي أشار إليها في أبيات الباب المذكور كقوله :
تجارت جياد الفكر في حلبة الفهم  ..... تحصل في ذاك التجاري من العلم
بأسرار ذوق لا تنال براحة  ...... تعالت عن الحال المكيف والوهم
 
وكقوله فيه أيضا :
فكم لنا مآثر    ..... منصوبة مثل العلم
ليهتدى بضوئها  ..... في عرب وفي عجم
معلومة مشهورة  ..... مذكورة بكل فم
 
وأما علاقة " العاديات " بسر القضاء والقدر موضوع الفص فتظهر في كلماتها : " العاديات - الموريات - المغيرات . . . "
لأنه مما يجري على الألسنة قولهم : " جرت المقادير بكذا - وسبق القضاء بكذا " فالمقادير الجاريات هي العاديات وسوابق القضاء هي الموريات المغيرات ولهذا جعل الشيخ عنوان منزل هذه السورة في الباب 284 " المجاراة الشريفة وأسرارها " .
وأما كلام الشيخ حول قصة عزير القائل :
" أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها" ( البقرة ، 259 ) وموته ثم بعثه في الدنيا وحفظه في صدره للتوراة فمن الآيتين :" أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ ( 9 ) وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ" ( العاديات ، 9 - 10 )
وكلام الشيخ حول الذوق كقوله :
" الإخبار أيضا يقصر عن إدراك ما لا ينال الا بالذوق  .. فان الكيفيات لا تدرك إلا بالأذواق .. الاستعداد الذي يقع به الإدراك الذوقي " فمرجعه للاسم " الخبير " من الآية الأخيرة :" إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ" ( العاديات ، 11 ) لأن الخبرة هي الإدراك الذوقي .


وإلى هذا الذوق يشير في الأبيات الأولى من باب منزل العاديات 284 فيقول :
تعالت عن الحال المكيف والكم  ..... بأسرار ذوق لا تنال براحة
 
وكما قارن الشيخ في هذا الفص بين الولاية والنبوة والرسالة فكذلك في الباب " 284 " - أي منزل العاديات - تكلم على الفرق بين الأولياء والأنبياء ، وفيه أشار إلى مرتبته الشمسية أي مرتبة خاتم الولاية المحمدية فقال :
أغار  على جيش   الظلام .....   فأسفر عن شمسي وأعلن  عن
فقمت على ساق الثناء ممجدا .....  فجاءت بشارات المعارف بالختم ".
 
علاقة فص عزير عليه السلام بلاحقه
سورة " العاديات " نزلت مباشرة بعد سورة " العصر " .
كذلك تجاور فصا السورتين : فسورة فص عيسى التالي هي " العصر " .
وقد تكلم الشيخ في هذا الفص عن مسألة تعلق القدرة بالمقدور لتكوين الأشياء ، وهو ما ظهر به عيسى في إحيائه للموتى وخلقه للطير بإذن اللّه تعالى .
وفي هذا الفص إشارات لكلمة " العصر " والزمان بذكر الوقت والحال وذكر اليوم في آخر الفص :
لا تسمى مفاتيح إلا في حال الفتح ، وحال الفتح هو حال تعلق التكوين بالأشياء ، أو قل إن شئت حال تعلق القدرة بالمقدور.... يوم يكشف عن ساق ...... يوم القيامة " .


ولهذا الفص الشمسي علاقة بفص " إلياس " الثاني والعشرين لأن إلياس صعد على فرس النار إلى سماء النور أي فلك الشمس المتوجه على إيجادها اسمه تعالى " النور " .
ولهذا نجد الشيخ في آخر فص إلياس يتكلم عن التحقق بالحيوانية .
ومن الحيوانات : " العاديات ضبحا " أي جياد الجهاد .
ولهذا سمى الشيخ سورة " العاديات " في الباب 22 : "منزل النفوس الحيوانية ".
وجريان الجياد في الميدان يشبه جريان الشمس في الفلك .
ومن أسماء الشمس الغزالة يقول الشيخ في ديوانه :
" من روح سورة العاديات :
ألا إن علم الصبح يعسر دركه  .... كشقشقة الفحل الغبيق إذا رغا   

.
تم بحمد الله
السفر الرابع عشر فص الحكمة القدرية في الكلمة العزيرية
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: