منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:49 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فثتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الأول
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء.
 
ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه.
 
ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى.
 
فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.
 
فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

20 - نقش فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
أنزله منزلته من الأسماء . فلم يجعل له من قبل سمياً .
فبعد ذلك وقع الاقتداء به في اسمه . ليرجع إليه .
وآثرت فيه همة أبيه لما أشرب قلبه من مريم .
وكانت منقطعة من الرجال .
فجعلهُ حصوراً بهذا التخيل .
والحكماء عثرت على هذا مثل هذا .
فإذا جامع أحدٌ أهله فليخيل في نفسه عند إنزاله الماء أفضل الموجودات .
فإن الولد يأخذ من ذلك بحظٍ وافر . إن لم يأخذه كله .
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
20 - فك ختم الفص اليحيوى
 
20 / 1 - اعلم ان موجب تسمية هذه الحكمة بالحكمة الجلالية امر ان :
أحدهما يختص بحال يحيى عليه السلام والاخر يختص بذاته وصفته واسمه ، فلنبدأ بذكر ما يختص بذاته وصفته واسمه
فنقول: قد ثبت ان الحق سبحانه ذو الجلال والإكرام ، ومن أسمائه الجليل ، وليس في الوجود موجود يستهلك كثرة صفاته وأسمائه في وحدة ذاته بحيث يضمحل لذاتها كل عدد ومعدود الا الحق سبحانه ،
فمن عنايته بشأن يحيى عليه السلام - وان جعل له من هذا الكمال نصيبا - فأنزله منزلة نفسه ، فادرج اسمه وصفته في وحدة ذاته ، ولم يفعل ذلك بغيره ، ممن وجد قبله .
 
2 / 20  - فشرفه بذلك وبالاولية التي هي من امهات نعوت الحق وشرفه ايضا بان أتاه الحكم صبيا وبالبشرى بحسن الخاتمة هنا وفيما بعد الموت والمحشر بقوله تعالى : " وسَلامٌ عَلَيْه يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " [ مريم / 15 ] وهذا من نوع ما نبهت عليه في فك ختم الفص الصالحي في الحاشية من ان كل ما يكون نسبته الى الحق من حيث الأسباب الباطنة اقوى ، كانت اضافته الى الحق اقوى وأتم .


3 / 20  - وحصول الولد بين المرأة العاقرة والشيخ الفاني يبعد اضافته الى الأسباب المعتادة الظاهرة ، وكان صمت أبيه الثلاثة الأيام وامر الحق له بالذكر والتسبيح وامره قومه ايضا بالتسبيح بكرة وعشيا سببا لتكميل استعداده الذي قبل من الحق الحكم والحنان والزكاة في حال صباه ،
كما كان صمت مريم احد الأسباب المعينة بإذن الله في نطق عيسى ، لان مدار امر الوجود على الظهور والبطون ،
فما نقص من الباطن اخذه الظاهر وتقوى به وبالعكس ايضا ، فافهم تصب ان شاء الله .


4 / 20 -  وايضا فليعلم ان الهمة من الأسباب الباطنة ، واول الأسباب في وجود يحيى استحسان الله حال مريم سلام الله عليها ، فتوجه بهمته ملتجئا الى ربه بدعائه ، فاستجاب له ربه ورزقه يحيى ، ولو لا وجود أبيه زكريا واصلاح الحق زوجته له لخرج يحيى مثل عيسى يتكلم بالحكمة في المهد ، لكن لما كان حكم الطبيعة في مثل هذا الامر اقوى من حكم الروحانية ، وكان الامر في قضية عيسى بالعكس ، تأخر ذلك الى عهد الصبى .
 
5 / 20  - والامر الاخر من الأمرين المشار إليهما هو انه ينبغي لك ان تعلم ان الصفات تنقسم بنحو من القسمة الى قسمين : صفات ذاتية وصفات حالية ،
فالصفات الذاتية واضحة عند الأكثرين ،
واما الصفات الحالية : كالغضب والرضاء والقبض والبسط ونحو ذلك .
 
6 / 20 - وهذه الصفات الحالية في اصطلاح اهل طريق الله ترجع الى ثلاثة اصول :
احدها مقام الجلال والاخر مقام الجمال
والاخر مقام الكمال ، فلمقام الجلال الهيبة والقبض والخشية والورع والتقى ونحو ذلك ،
ولمقام الجمال الرجاء والبسط والانس واللطف والرحمة والنعيم والإحسان ونحو ذلك ،
ولمقام الكمال الحيطة بالجلال والجمال وتوابعهما من الأحوال والجمع بين كل ذلك وسواه .
 
7 / 20 - وكان الغالب على ظاهر يحيى الأحوال الجلالية ، فلذلك سمى شيخنا رضى الله عنه حكمته بحكمة الجلالية وورد في الحديث ما هذا معناه :
ان يحيى وعيسى عليهما السلام تفاوضا ، فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه - :
كأنك قد امنت مكر الله وعذابه ؟
فقال له عيسى : كأنك آيست من فضل الله ورحمته ؟
فأوحى الله إليهما : ان أحبكما الى أحسنكما ظنا بى .

فهذا ما يسر الله ذكره من التنبيه على سر الحكمة اليحيوية وحاله وصفته ، فتدبر ترشد ان شاء الله .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:50 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الجزء الثاني
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية 
مصطلح العلم الذوقي  - علم الأذواق

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
علم الأذواق : هو علم لا عن فكر ، وهو العلم الصحيح ، وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا " .
ويقول : " العلم الذوقي : علم نتائج المعاملات والأسرار ، وهو نور يقذفه الله تعالى في قلبك ، تقف به : على حقائق المعاني الوجودية ، وأسرار الحق في عباده ، والحكم المودعة في الأشياء ، وهذا هو علم الحال " .
 
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
علوم الأذواق : وهي العلوم الحاصلة بالتجليات لمن شاء الله تعالى من عباده من القسم الثالث حق اليقين " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي في علوم الأذواق وتعلقها بالجوارح:
لكل جارحة علم من علوم الأذواق يخصها من عين واحدة تختلف باختلاف الجوارح ، كالماء حقيقة واحدة مختلف في الطعم باختلاف البقاع ... وهذه الحكمة من علم الأرجل ، وهو قوله تعالى في الأكل لمن أقام كتبه : " ومن تحت أرجلهم " .
فإن الطريق الذي هو الصراط هو للسلوك عليه والمشي فيه ، والسعي لا يكون إلا بالأرجل . فلا ينتج هذا الشهود في أخذ النواصي بيد من هو على صراط مستقيم إلا هذا الفن خاص من علوم الأذواق " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
العلم الذوقي : هو علم نتائج المعاملات والأسرار ، وهو نور يقذفه الله تعالى في قلبك : تقف به على حقائق المعاني الوجودية ، وأسرار الحق في عباده ، والحكم المودعة في الأشياء ، وهذا هو علم الحال " .
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
العلم الذوقي : هو العلم الحاصل للعبد من جهة المشاهدة والعيان لا بطريق خبر ولا باستدلال ببرهان " .
ويقول : هو العلم الحاصل للعبد من جهة المشاهدة والعيان لا بطريق خبر ولا باستدلال برهان، وقد عرفت معنى الذوق في بابه.
 
يقول الشيخ صدر الدين القونوي :
" اعلموا أن حصول العلم الذوقي الصحيح من جهة الكشف الكامل الصحيح ،
يتوقف بعد العناية الإلهية على تعطيل القوى الجزئية الظاهرة والباطنة من التصرفات التفصيلية ، المختلفة المقصودة وتخليصها لمن تنسب إليه ،
وتفريغ المحل عن كل علم واعتقاد ، بل عن كل شيء ما عدا المطلوب الحق ،
ثم الإقبال عليه على ما يعلم من نفسه بتوجه كلي جملي مقدس من سائر التعينات العادية ، والاعتقادية ، والاستحسانات التقليدية ، والتعشقات النسبية ، على اختلاف متعلقاتها الكونية وغيرها ، مع توحد العزيمة والجمعية ، والإخلاص التام ،
والمواظبة على هذا الحال على الدوام ، أو في أكثر الأوقات ، دون فترة ولا تقسم خاطر ، ولا تشتت عزيمة .
فحينئذ تتم المناسبة بين النفس والغيب الإلهي ، وحضرة القدس الذي هو ينبوع الوجود ، ومعدن التجليات الأسمائية الواصلة الى كل موجود والمتعينة المتعددة في مرتبة كل متجلى له وبحسبه لا بحسب المتجلي الواحد المطلق " .


قال الشيخ رضي الله عنه  في الفتوحات الباب الرابع والتسعون ومائتان:
والذي يعطيه كل موجود من العلم الذوقي لا يعطيه الآخر
ولقد يجد الإنسان من نفسه تفرقة ذوقية في أكله تفاحة واحدة في كل عضة يعض منها إلى أن يفرغ من أكلها ذوقا لا يجده إلا في تلك العضة خاصة والتفاحة واحدة ويجد فرقانا حسيا في كل أكلة منها وإن لم يقدر يترجم عنها ومن تحقق ما ذكرناه يعلم أن الأمر خارج عن طور كل قوة موجودة كانت تلك القوة عقلا أو غيره فسبحان من تعلق علمه بما لا يتناهى من المعلومات لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ
قال تعالى ولا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ من عِلْمِهِ إِلَّا بِما شاءَ وقد بين لك في هذه الآية أن العقل وغيره ما أعطاه الله من العلم إلا ما شاء ولا يُحِيطُونَ به عِلْماً
ولذا قال وعَنَتِ الْوُجُوهُ عقيب قوله ولا يُحِيطُونَ به عِلْماً أي إذا عرفوا أنهم لا يحيطون به علما خضعوا وذلوا وطلبوا الزيادة من العلم فيما لا علم لهم به منه
 
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الرابع والخمسون وثلاثمائة
قلت فإن أهل النار قد علموا صدق الله في إنفاذ الوعيد
وقالوا رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ
فلا نشك أنهم في هذه الحال حصل لهم العلم والله يقول ولَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ مع هذا العلم الذوقي الذي حصل لهم
قلنا لما علم الله أن هذه الدار الدنيا جعلها الله على طبيعة مخصوصة وجعل نشأة الإنسان على مزاج يقبل النسيان والغفلة وحب العاجلة ، ويقبل ضد هذا على حسب ما يقام فيه
فعلم سبحانه أن نشأة هؤلاء الذين عينهم أنهم لو ردوا إلى الدنيا في نشأتهم التي كانوا عليها في الدنيا لعادوا إلى نسيان ما كانوا قد علموا
وجعل على أعينهم غطاء على ما لو شهدوه لعلموا الأمر فعملوا له
فهذا معنى لعادوا لما نهوا عنه
لأن النشأة ليست إلا تلك فلو بقي لهم هذا العلم لما عادوا
ألا ترى النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم يقول في الصحيح عنه إنه يؤتى في القيامة بأنعم
 أهل الدنيا فيغمس في النار غمسة
فيقال له هل رأيت نعيما قط فيقول لا والله
ومعلوم أنه رأى نعيما ولكن حجبه شاهد الحال عن ذلك النعيم فنسيه
وكذلك صاحب البؤس إذا غمس في الجنة غمسة يقال له هل رأيت بؤسا قط فيقول لا والله ما رأيت بؤسا قط فكذلك لو ردوا لكانوا بحسب النشأة والحال التي يردون فيها.
 
وأما عصاة المؤمنين فإنهم عالمون بإنفاذ الوعيد ولكن لا يعلمون فيمن فلو تعين لواحد منهم أنه هو الذي ينفذ فيه الوعيد
لما قدم على سببه الذي علم أنه يحصل له إنفاذ الوعيد به
وإذا جبر في اختياره فذلك لا يعلمه لأنه لا يجد ذلك من نفسه فإن الأمر في ذلك مشترك
وقد تقدم قبل هذا الكلام عليه في بعض المنازل فمن شهد الجبر في اختياره علما من طريق الكشف والشهود أتى المخالفة بحكم التقدير لا بحكم الانتهاك
فكان عاملا بما علم فلم يضره ذلك العمل بل هو مغفور له. أهـ
  
مصطلح الولد سر أبيه

يقول الشيخ ناصر بن الحسن الحسيني السبتي الكيلاني:
لأنّ الولد سر أبيه فسر كل شيء حقيقته أو ثمرته.
فعلى الأول أن الولد سر أبيه لأنه تفضيل ما أجمل فيه، فحقيقة الأب التي كانت بصورة الإجمال ظهرت في مفصله على صورة الكمال بأحسن التقويم و الجمال.
فما ظهر الكمال العطائي بأنواعها و أصنافها إلا فيه بتفضيل الإجمال، فالأمر إجمالي و تفصيل و إجمال.
و على الثاني فلأن السر هو الثمرة المكنونة في أكمامه، فهو سر أبيه و ثمرته لأن القابليات أعطت ذلك،
فالذي بالقوة في الأب يظهر في الولد لأن كل تجلي يتأخر يضمن الأول مع الزيادة
فمنه خرج و إليه عاد أي من آدم خرج شيث علما و وجودا و صورة و معنى، و إليه عاد نفعه.
 
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
 لأن الولد سر أبيه أي من نفس آدم عليه السلام ما يسره أبوه و يضمره، أخرجه عند توجهه بنطفته على رحم الأم، فكان الولد باطن الأب، فكيف ما اتصف باطن الأب يتصف ظاهر الابن .أهـ
 
يقول مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي:
الولد سر أبيه: ليس أمرا خارجا عن وجود أبيه.
 
يقول الشيخ مؤيد الدين الجندي :
والولد سرّ أبيه: وسرّ هذه الصورة الأحدية الجمعية هو الفيض والوهب.
فمنه خرج وإليه عاد، فإنّ الهبات والأعطيات تعود على حقائق القوابل المظهريّة المرتبيّة، والأمر محصور بين الوجود والمرتبة، والإحاطة والجمع بحقائقها يقتضيان الحصر فيهما ويقضيان بهما
 
يقول الشيخ عبد الرزاق القاشاني :
الولد سر أبيه فمنه خرج وإليه عاد، فما أتاه غريب لمن عقل عن الله" أي معانى الأسماء كما عقلها آدم عنه.
 
يقول الشيخ داود القيصري :
الولد سر أبيه: أي، مستور في وجود أبيه وموجود فيه بالقوة.
 
يقول الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي:
الولد سر أبيه أي مستور موجود فيه بالقوة.
 
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الرابع وأربعمائة:
وأما فتنة الولد فلكونه سر أبيه وقطعة من كبده وألصق الأشياء به فحبه حب الشيء نفسه ولا شيء أحب إلى الشيء من نفسه
فاختبره الله بنفسه في صورة خارجة عنه سماه ولدا ليرى هل يحجبه النظر إليه عما كلفه الحق من إقامة الحقوق عليه .
يقول رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم في حق ابنته فاطمة ومكانتها من قلبه المكانة التي لا تجهل لو أن فاطمة بنت محمد سرقت قطعت يدها
وجلد عمر بن الخطاب ابنه في الزنا فمات ونفسه بذاك طيبة وجاد ماعز بنفسه والمرأة في إقامة الحد عليهما الذي فيه إتلاف نفوسهما
وقال في توبتهما رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم وأي توبة أعظم من أن جادت بنفسها ،والجود بإقامة الحق المكروه على الولد أعظم في البلاء.
يقول الله في موت الولد في حق الولد " ما لعبدي المؤمن إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا عندي جزاء إلا الجنة"
فمن أحكم هذه الأركان التي هي من أعظم الفتن وأكبر المحن وآثر جناب الحق ورعاه فيها فذلك الرجل الذي لا أعظم منه في جنسه .أهـ
 
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس والخمسون وأربعمائة
قلته لا إله إلا هو فحضرته لا تحمل الغرباء لأنه وصل للرحم
فهو أرحم الرحماء فقرابته مجهولة والجاهلون بها منهم أنزلهم جهلهم منزلة الغرباء الذين لا نسب بينهم وبينه
وهو سبحانه ما يعامل عبده إلا بما جاءه به لا يزيده عليه وهو قوله وذلِكُمْ ظَنُّكُمُ
فهو لهم في اعتقادهم جار جنب فهم قطعوا رحمهم فقطعهم الله فما أشرف العلم بالأنساب ولهذا كانت العرب تثابر على علم الأنساب حتى قال الله ما قلناه من إثبات النسب بالطريقين طريق أرفع نسبي وطريق الرحم شجنة من الرحمن وهو قوله الولد سر أبيه
 
فكم بين رجل يأتي يوم القيامة عارفا بنسبه مدلا بقرابته متوسلا إلى الرحمن برحمه وبين من يأتي جاهلا بهذا كله يعتقد الأجنبية وبعد المناسبة وإن علم بالخبر فيكون عنده بمنزلة كون أبيه آدم منه وهو ابن آدم فيجعل هذا مثل ذلك فإن هذا النسب لا يعطي سعادة عنده وهو غالط بل يعطي ويعطي
ولقد رأيت ذلك ذوقا بمكة في عمرة اعتمرتها عن أبينا آدم عليه السلام فظهر لي ذلك في مبشرة رآها بعض الناس لنا وللجماعة التي أمرتهم في تلك الليلة بالاعتمار معي عن أبينا آدم رأى فيها من لتقريب الإلهي وفتح أبواب السماء وعروج تلك الجماعة وتلقاهم الملأ الأعلى بالتأهيل والسهل والترحيب إلى أن بهت وذهل مما رأى
فإن رحم آدم منا رحم مقطوعة عند أكثر الناس من أهل الله فكيف حال العامة في ذلك
ولقد وصلتها بحمد الله ووصلت بسببي وجرى فيها على سنني وكان عن توفيق إلهي لم أر لأحد في ذلك. أهـ
 
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب التاسع والخمسون وخمسمائة
ومن ذلك سر النبوة بين الصديقية والنبوة من الباب 168 الولد قطعة من الكبدقد كان ساريا فيه فلهذا كان سر أبيه
 فهو في المنزل الأقرب المعنوي بين الصديق والنبي فهو الولي ما هو صديق ولا نبي
دليله في البشر مسألة موسى وخضر جاء في الآي من السور فمن علم ما علم وحكم من المقام الذي منه حكم علم صاحب القدم
قال له الكليم علمني وقال له الحبيب استغفر لي
انظر إلى هذه التكلمة المحمدية وتنبيهها على هذه المنزلة العلية مع كونه بعث عامة فأكبر الطوام هذه الطامة
فمن هنا يعلم أن الحجاب المنيع والستر الرفيع قد لا يكون في التشريع قد فضل الرسل بعضهم على بعض مع الاشتراك فيما شرعوه من السنة والفرض
فما يكون الفضل إلا عن أمر زائد لا يعرفه إلا الختم أو الفرد أو الإمام الواحد وهو عن غير هؤلاء محجوب مع أنه لكل شخص مطلوب

ومن خرج عن هؤلاء لا يهتدون بمناره ولا يصطلون بناره ولا يبصرون بأنواره بل ينكرونه إذا سمعوه ولا يحصلونه فيما جمعوه فإن عين لهم رموا به وجه من عينه ويقولون هذا من تزيين الشيطان الذي زينه. أهـ.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:50 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية : -      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
   
20   - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
هذا فص الحكمة اليحيوية ، ذكره بعد حكمة أيوب عليه السلام ، لأن سر الحياة الذي في الماء كان من حكمة أيوب عليه السلام ، وبذلك الماء حيي ذكر زكريا بيحيى عليه السلام ، لأنه ماء أبيه فحياة ذكره به ، ومن هنا قولهم : الولد سر أبيه ، لأن في الماء سر الحياة ، وإن كان المني ليس بماء في العرف العام ، فإنه ماء عند أهل الخصوص ولكن سر مادة بدنية مازجة لتفتح فيه صورة أصلها .
قال تعالى :فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ ( 5 ) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ ( 6 ) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ( 7 ) [ الطارق : 5 - 7 ] .
وفي الحديث قال عليه السلام : « الماء من الماء » .  رواه مسلم ورواه ابن حبان ورواه غيرهما .
(فص حكمة جلالية) ، أي منسوبة إلى الجلال وهو الهيبة الإلهية والقبض الرباني والعظمة الرحمانية (في كلمة يحيوية .)
إنما اختصت حكمة يحيى عليه السلام بكونها جلالية ، لأن الغالب عليه عليه السلام كان في حياته الجلال والقبض ، فكان كثير البكاء والحزن من هيبة اللّه تعالى وجلاله ، حتى قيل إنه كان إذا اجتمع بابن خالته عيسى ابن مريم عليه السلام يقول له لما يراه عليه من السرور والبسط كأنك آمن من مكر اللّه تعالى ، فيقول له عيسى عليه السلام لما يرى عليه من غلبة الحزن والقبض كأنك آيس من رحمة اللّه تعالى .
وقيل : إنه رأى مرة أمه توقد النار فبكى من خوف اللّه تعالى فقالت له : ما يبكيك وأنت صغير فقال : إني رأيتك توقدين الحطب الكبار بالصغار أو كما قال صلى اللّه عليه وسلم .
 
قال رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّلية في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا ولم يجعل له من قبل سميّا . فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ .  فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء عليهم السلام)


قال رضي الله عنه :  (هذه) ، أي حكمة يحيى عليه السلام  (حكمة الأوّلية في الأسماء )، أي ظهور اسم جديد لم يكن ظاهرا من قبل لظهور مسمى جديد لم يكن من قبل موجودا فإن اللّه تعالى (سماه) ، أي يحيى عليه السلام باسم يحيى فهي تسمية اللّه تعالى له أوحى تعالى بها إلى أبيه زكريا عليه السلام وقد ابتدأ اللّه تعالى له التسمية بذلك كما ابتدأه في مقامه المخصوص فهي يحيى أي يحيا به ذكر أبيه زكريا عليه السلام بعد موته لأن بالولد يحيا ذكر الأب فيبقى مذكورا به بعد موته كما ورد في الحديث :
« إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية وعمل ينتفع به وولد صالح يدعو له » .
قال رضي الله عنه :  (ولم يجعل اللّه) تعالى له ، أي ليحيى عليه السلام (من قبل) ، أي قبل معنى ما ذكر من نداء زكريا عليه السلام نداء خفيا وكون امرأته عاقرا وطلبه الغلام من اللّه تعالى والبشارة له به وخلقه سميا أي أحدا يسمى بهذا الاسم (فجمع) اللّه تعالى لزكريا عليه السلام (بين) نعمتين عظيمتين (حصول الصفة) له (التي) كانت فيمن غبر ، أي مضى وتقدم من الأنبياء عليهم السلام وهي قوله (ممّن ترك) بعد موته (ولدا) من أولاده (يحيا به ذكره) بحيث كل من رآه وعرفه تذكر أباه أو ظهرت عليه أخلاق أبيه وكمالاته وعلومه فورثه في مقامه ، فإذا مات كان ذكره ، أي ما كان يتذكره من العلم حيا بحياة ابنه بعده (وبين اسمه بذلك) ،
أي يحيى عليه السلام باسم لم يسم به غيره قبله إشارة منه تعالى لفظية إلى حصول الصفة الأولى (فسماه) اللّه تعالى (يحيى) بصيغة الفعل المضارع (فكان اسمه) ، أي اسم زكريا عليه السلام يحيى فلا يموت اسمه بموته (كالعلم الذوقي) ،
أي الذي في ذوق صاحبه ، أي كشفه والتحقق به ، فإنه ذكر صاحبه الذي إذا مات وترك ابنا له فيه من صلبه أو تربيته وتأديبه يحيى ذكره بذلك الابن ، بخلاف العلم الخيالي الذي لا يتجاوز فهم صاحبه وخزانة خياله ، فإنه ليس بعلم بل هو ظن وحدس ، إذ لو كان علما لذاقه صاحبه وتحقق به في نفسه وأخذه عن كشفه لا عن درسه ،
ولكنه علم غيره نقله بفهمه وبيانه ولقلق فيه بلسانه ، فليس بذكر لصاحبه حتى يحيا بعده بابن صلبي أو غيره فإن آدم عليه السلام (حيي ذكره) ، أي صار حيا بعد موته بشيث ابنه الوارث له في العلوم الإلهية (و) أن (نوحا) عليه السلام كذلك حيي ذكره بعد موته بسام ابنه الوارث في العلوم الإلهية .
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك الأنبياء عليهم السلام) كموسى عليه السلام حيي ذكره بعد موته بفتاه يوشع بن نون ، وكان رباه موسى عليه السلام ، وهي أن نبىء بعده ، وكداود عليه السلام أحيا اللّه تعالى ذكره بولده سليمان عليه السلام فعمر بيت المقدس ، ولم تستقم عمارته على يدي داود عليه السلام كما مر ذكره ، وكإبراهيم عليه السلام أحيا اللّه تعالى ذكره بابنيه إسماعيل وإسحاق .
ولهذا قال عليه السلام :الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ [ إبراهيم : 39 ] .
ويعقوب أحيا اللّه تعالى ذكره بيوسف عليه السلام ، ونبينا صلى اللّه عليه وسلم أحيا اللّه تعالى ذكره بعلي رضي اللّه عنه ، لأنه باب لمدينة العلم النبوي كما قال عليه السلام : « أنا مدينة العلم وعلى بابها ". رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في المعجم الكبير وغيرهما
. وفي رواية : « وحلقتها معاوية » أخرجه الديلمي في مسند الفردوس  والعجلوني في كشف الخفاء
وورد أيضا : « إن اللّه جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب » .رواه الطبراني في الكبير
 وورد : "كل بني أنثى تمات عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فإني أنا عصبتهم وأنا أبوهم "
رواه الطبراني في الكبير و أبو يعلى في المسند .


 وإن كان أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما أفضل منه عندنا ، ولكن فضيلتهما من وجه آخر ، فإن ذكر النبي صلى اللّه عليه وسلم بعلوم الأذواق ما ظهر إلا بعلي وأولاده رضي اللّه عنهم ، فأحيا اللّه تعالى ذكره به لأنه رباه فهو ولده من التربية ، وتلقين الذكر في طرق الصوفية كلها راجع بالأسانيد إلى علي رضي اللّه عنه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
 
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
اعلم أن وجه اختصاص كل حكمة في كلمة مخصوصة هو التفاوت في الظهور والتنصيص لا غير فلما كان أثر جلال اللّه تعالى غالبا على يحيى عليه السلام وكان النص واردا في حقه على ذلك اختصت هذه الحكمة بكلمة يحيى عليه السلام ولما كانت الجلال المطلق أولية في الصفات أي في الجمال المطلق إذ الجلال الخفاء وهو يلي الذات والجمال الظهور وهو بعد الخفاء لا بعدية زمانية .
وإلى هذا المعنى أشار بقوله : ( كنت كنزا مخفيا ) وكانت ليحيى عليه السلام أولية في الأسماء صح لحكمة يحيى الأسماء الجلالية والأولية لذلك صرح بالجلالية بقوله حكمة جلالية وبقوله ( هذه ) أي الحكمة الجلالية ( حكمة الأولية في الأسماء فإن اللّه سماه ) أي هذا الشخص ( بيحيى ) .
فسره بقوله : ( أي يحيى به ذكر زكريا ) أعلاما لاعتبار الصفة في هذا الاسم في يحيى عليه السلام ( ولم يجعل له من قبل سميا ) أي لم يسم اللّه بهذا الاسم أحدا قبل يحيى عليه السلام ( فجمع ) اللّه ( بين حصول الصفة التي ) حاصلة ( فيمن عبر ) أي مضى ( ممن ترك ولدا يحيى به ذكره وبين اسمه بذلك ) أي بيحيى ( فسماه ) أي الولد ( فكان اسمه يحيى ) كعينه ( كالعلم الذوقي ) الذي يحيي به قلوب الموتى بالجهل وإنما قلنا ممن ترك ولدا يحيي به ذكر أبيه
قال رضي الله عنه :  ( فإن آدم حي ذكره بشيث ونوحا حي ذكره بسام وكذلك الأنبياء عليهم السلام).
وإنما كان هذا الجمع عناية من اللّه في حق زكريا عليه السلام ، ولم يفعل في غيره من الأنبياء عليهم السلام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام ).


قال رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك. فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام ).


قلت : قال رضي الله عنه، إنما سمي يحيى لما فيه من أحياء ذكر أبيه زکریا، فكانت لفظة واحدة تنبئ بالإحياء وبالتسمية
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )


 20 -  فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية
كان الغالب على أحوال يحيى عليه السّلام الجدّ والجهد والقبض والبكاء ، بكى من خشية الله حتى خدت الدموع في خدوده أخاديد ، وكان لا يضحك إلَّا ما شاء الله ،
وهذه الخلال من حضرة القهر والجلال ، وكان مقتضى حقيقة القيام بمظهرية حضرة الجلال وتجلَّياتها ، ثم قتل في سبيل الله ،
وقتل على دمه سبعون ألفا حتى سكن دمه من فورانه ، ومنبعث تعيّن نفسه ومستقرّها بعد المفارقة سماء الأحمر عند الجليل القهّار ، ولهذا وأمثاله أضيفت هذه الحكمة إلى كلمته .
 
قال رضي الله عنه  : " هذه الحكمية الأوّلية في الأسماء ، فإنّ الله سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا " . « في أكثر النسخ : حكمة الأوّلية . والأولى الحكمة »
يعني : أنّه لمّا طلب زكريّا من ربّه وارثا يرثه ، حتى يحيا به ذكره ، فأجاب الله دعاءه بوارث له يرثه ، وسمّاه يحيى ، أي بيحيى يحيا ذكره من باب الإشارات .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولم "لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّ"   ، فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك ، فسمّاه يحيى ، فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ، فإنّ آدم حيي ذكره بشيث ، ونوحا حيي ذكره بسام ، وكذلك  الأنبياء ، عليهم السلام).
 
يشير رضي الله عنه  : إلى أنّ هذه الحكمة الجلالية تتضمّن حكمة الأوّلية في الأسماء ، والجمع بين العلمية والصفة ، على خلاف العادة والوضع والمفهوم خرقا للعادة ، اختصاصا إلهيا وتشريفا لزكريّا ويحيى ،
كما جمع الاسم « الله » بين العلمية والصفات الدالَّة على حقائق الأحدية الجمعية الإلهية الجامعة لجميع الأسماء الذاتية والصفاتية والفعلية ، على ما استقصينا بيانه في شرح الخطبة .
فلذلك جمع الله لزكريّا في اسم ولده الذي وهبه الله بين كونه اسما علما مع دلالته على أنّ ذكره به يحيا .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام  )


20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية
إنما خصت الكلمة اليحيوية بالحكمة الجلالية ، لأن الغالب على حاله أحكام الجلال من القبض والخشية والحزن والبكاء والجد والجهد في العمل ، والهيبة والرقة والخشوع في القلب ، فمشربه من حضرة ذي الجلال فكان دائما تحت القهر ، وقد خدت الدموع في خده أخاديد من كثرة البكاء ، وكان لا يضحك إلا ما شاء الله ، وكل ذلك من مقتضيات حضرة الجلال والقيام بحقها ، ولذلك قتل في سبيل الله ، وقتل في دمه سبعون ألفا حتى سكن دمه من فورانه .
( هذه حكمة الأولية في الأسماء ، فإن الله سماه يحيى أي يحيى به ذكر زكريا ) الأولية :
صفة لشيء يكون بها أولا ، والأولية في الأسماء أن يكون أول اسم سمى به لقوله -   ( لَمْ نَجْعَلْ لَه من قَبْلُ سَمِيًّا )   -
وقد جمع الله فيه بين العلمية والوصفية على خلاف العادة ، لأنه لما طلب زكريا من ربه وارثا يرث النبوة والعلم منه ويحيى به ذكره أجاب دعاءه بخرق العادة إذ وهبه بين شيخ وعجوز خاص ، وسماه يحيى جمعا بين الوضع والمفهوم وهو أن يحيى به ذكره من باب الإشارة ولسانها تتمة في تسميته لخرق العادة بوجوده لأحد قبله بين التسمية والإشارة إلى الوصف ، عناية من الله بزكريا اختصاصا إلهيا وتشريفا ، كما ذكر في قوله ( فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ) أي مضى.
 
قال رضي الله عنه :  ( ممن ترك ولدا يحيى ذكره وبين اسمه بذلك فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ، فإن آدم عليه السلام حيى ذكره بشيث ، ونوحا حيى ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء عليهم السلام )
أي صادرا من عنده ومن أمره في قوله : " نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُه يَحْيى " .
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
 
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
قد مر أن ما يختص بالقهر من الصفات الإلهية والأسماء الربانية يسمى ب‍ ( الجلال ) ، وكل ما يختص باللطف والرحمة يسمى ب‍ ( الجمال ) .
والأول يعطى القبض والخشية والتقى والورع ، والثاني يعطى البسط والرجاء والأنس واللطف والرحمة .
فلما كان يحيى ، عليه السلام ، لا يزال منقبضا خاشعا من الله ، جاعلا الحزن والبكاء عادة بحيث صار أخاديد من دموعه في وجهه .
وقد أخبر عنه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أنه قال يحيى لعيسى ، عليه السلام ، معاتبا له حين ضحك : ( كأنك قد آمنت مكر الله وعذابه ) .
فأجابه عيسى عليه السلام : ( كأنك قد آيست من فضل الله ورحمته ) .
فأوحى الله إليهما : ( أن أحبكما إلى أحسنكما ظنا بي ) .
وكان عاقبة أمره أنه قتل ، فلا يزال فار دمه حتى قتل من الكفار سبعون ألفا ، قصاصا منه ، فسكن فورانه ، خصت الحكمة ( الجلالية ) بكلمته . " فلا يزال دمه فائرا حتى قتل من الكفار سبعون ألفا ".
 
"" أضاف الجامع :
" قيل: (كان يحيى عليه السلام الغالب عليه الحزن والقبض، وكان عيسى عليه السلام الغالب عليه الفرح والسرور والبسط فتحاكما في هذه الواقعة إلى حضرة رب العزة، فأوحى الله تعالى إليهما إن أقربكما إلي أحسنكما ظنا بي). " السفيري الشافعي المجالس الوعظية في شرح صحيح الإمام البخاري
" (وقيل: إن يحيى بن زكريا لقي عيسى عليه السلام. فقال يحيى: ما لي أراك لاهيا كأنك آمن؟ فقال له عيسى: ما لي أراك عابسا كأنك آيس؟ فقال: لا نبرح حتى ينزل علينا الوحي فأوحى الله إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي، ويروى أن أحبكما إلي الطلق البسام.)  تنقيح القول الحثيث في شرح لباب الحديث للسيوطي . شرح محمد بن عمر النووي ".  ""
 
وأيضا ( الجلال ) يفنى الموجودات ليرجع إلى الأولية - كما قال : ( لمن الملك اليوم ؟ لله الواحد القهار ) . وهما من أسماء الجلال - وكان ليحيى أولية في الأسماء ، فاختص حكمته بها .
 
ولهذا السر افتتح الفص بقوله رضي الله عنه  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء ، فإن الله سماه " يحيى " أي ، يحيى به ذكر زكريا ، ولم يجعل له من قبل سميا . )
( الأول ) في الأكوان هو الذي لم يسبق عليه شئ من جنسه . فلما لم يكن ليحيى ، عليه السلام ، سميا قبله ، كان أول من سمى بهذا الاسم .
وما سمى الله ( يحيى ) بيحيى إلا ليحيى به ذكر أبيه ، وزكريا ، فإنه طلب من الله بقوله : ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب ، واجعله رب رضيا ) .
( فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك . فسماه " يحيى " . ) . غبر :أي مضى " .
ومعناه : أنه جمع بين الاسم والصفة التي بها يحيى ذكر من ترك ولدا من الغابرين ، إذ حيى به ذكر زكريا وسمى عينه بيحيى . ( فكان اسمه يحيى ) من ( الإحياء ) .
( كالعلم الذوقي . ) أي ، كما أن العلم الذوقي يحيى به النفوس الجاهلة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن آدم حيى ذكره بشيث ، ونوحا حيى ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ، عليهم السلام .)
أي ، كل من الأنبياء حيى ذكرهم بأبنائهم ، لكن ما رزقهم الله تعالى من يحيى ذكرهم ويكون صفة الإحياء في اسمه وعلمه كما في يحيى .
فموهبة الحق له من يجمع بينهما ، عناية من الله في حقه .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:51 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية : -      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
الفص اليحيوي
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بأول أسماء اللّه تعالى ، المتضمن للدلالة على جلال الذات ، المندرج فيه سائر الأسماء والصفات ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى يحيى عليه السّلام ، إذ أعطى أسماء لم يسم به من قبله كاسم اللّه الذي هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا[ مريم : 65 ] ، ويتضمن ما فيه من الصفة تضمن اسم اللّه لسائر الأسماء التي معانيها .
 
قال رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي : يحيا به ذكر زكريّا ، ولم يجعل له من قبل سميّا ، فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ ، فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء)
 
وإليه الإشارة بقوله  ( هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ) أي : الحكمة الجلالية
"" أضاف المحقق :
التجلي الصفاتي : يعنون به تجريد القوى والصفات عن نسبتها إلى الخلق بإضافتها إلى الحق ، وذلك لأن العبد عندما يتحقق بالفقر الحقيقي الذي ستعرفه ،
وهو عبارة عن انتفاء الملك شهودا ؛ فإن قلبه حينئذ يصير قبلة للتجلي الصفاتي ، بحيث يصير هذا القلب التقي النقي مرآة ومجلي للتجلي الوحداني الصفاتي الشامل حكمه لجميع القوى والمدارك ( لطائف الإعلام ص 173 ) . ""
 
حكمة الأولية التي ليست لغير اللّه تعالى إذ له القدم الذاتي ، وله بذلك الاعتبار اسم مختص به شامل على سائر الأسماء شمول الأولية على معلولاتها ظهور هذه الأولية في اسم يحيى ، وجعله متضمنا للمعنى الذي يحيى عليه السّلام علته ،
( فإن اللّه سماه يحيى ) حيث قال لزكريا عليه السّلام :إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى[ مريم : 7 ] ، وإنما تولى الحق تسميته لمناسبته اسم اللّه تعالى من حيث شموله على ما فيه من الصفة ، ومن حيث تضمنه معنى الأولية
 
أي : ( يحيى به ذكر زكريا ) ، فهذا ما فيه من الصفة المعلولة له " لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا "[ مريم : 7 ] ، فهذا ما فيه من الأولية والحق ، وإن ظهر فيمن يقدمه بأول الصفات أو بأول الأسماء ، فلم يجمع لأحد قبله بينهما ، فلم يعم في حقّه أولية الأسماء من حيث تضمنها لما دونها من معلولاتها .
 
( فجمع ) في حقه ( بين حصول الصفة التي فيمن عبر ) ، وهي صفة الإحياء لذكر الآباء ( ممن ترك ولدا ) كاملا ( يحيي به ذكره ) ؛ ليكون كدلالة الصفة على الذات ،
( وبيّن اسمه بذلك ) للتنصيص على أن المقصود من اتحاده إحياء ذكر أبيه ، ( فسماه يحيى ) أسماء تدل على المقصود من مسماه ، ( فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي ) يقتضيه الذوق ، ولا يحتاج فيه إلى الوضع والتسمية ، ففي ذلك مزيد عناية وتنصيص لا يوجد في حق من لم يجمع له بين الاسم والصفة ،
( فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوح عليه السّلام حيي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ) عليهم السلام حيا ذكرهم بأولادهم المعنويين والحسيين إذا انضم فيهم إلى الحسي المعنوي ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام  )
 
20 - فصّ حكمة جلالية في كلمة يحيوية
وجه تسمية الفصّ
ووجه اختصاص هذه الكلمة بحكمتها هو أنّ من شأن الجلال القهر لما يقال له الغير والسوي ، ونفي ما يشعر بالثنويّة مطلقا ، واثبات الوحدة الإطلاقيّة قطعا على ما هو مقتضى التعيّنات الجلائيّة ، ولذلك يستلزم الأوليّة والخفاء وإذ كان في يحيى أيضا هذه الوحدة حتى لا تغاير بين اسمه وصفته وصورته ومعناه وبه صار مظهرا للأوليّة بأن لم يكن سميّا قبله اختص بحكمته .
 
وأيضا فإنّ في تلويحه الكلامي ما يدلّ على أنّه تمام الصور الإظهاريّة الإشعاريّة التي بها بعث الخاتم الآخر ، فذلك أيضا من أدلَّة أوليّته وجلاله .
وإلى ذلك الاختصاص أشار بقوله :
 
وجه تسمية يحيى عليه السّلام
( هذه الحكمة ) الجلاليّة هي ( الأولية في الأسماء فإنّ الله سمّاه يحيى ) مطابقا لما عليه في المعنى ، متّحدا به وإليه أشار بقوله : ( أي يحيى به ذكر زكريّا ، ولم يجعل له من قبل سميّا ) ، فبين اسمه العلم ووصفه وفعله اتّحاد في لفظ « يحيى » فإنّه فعله أولا - إذ هو صيغة الفعل - وهو وصفه واسمه والشيخ أدرج الفعل في الصفة
ولذلك قال : ( فجمع بين حصول الصفة - التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيى به ذكره - وبين اسمه ، بذلك ) اللفظ الدالّ على حصول الإحياء بذكره ، ( فسمّاه يحيى ) ، ففي لفظ « الحصول » تنبيه إلى مرتبة الفعل أيضا .
 
فرق العلوم الاستدلاليّة والذوقيّة
ثمّ إن العلوم أيضا لها ثلاث مراتب :
1 - ذات وهو المعلوم الحاصل في العالم ،
2 - ووصف يثبته وهو الدليل ، فإنّ الأوصاف هي الدليل المثبت للأعيان .
3 - وفعل : وهو ما يترتب عليه من الالتذاذ به ، وهو لم يفارق حصول الصفة التي هو الدليل ، فلذلك عبّره به .
ثمّ العلوم الاستدلاليّة تفارق أوصافها الذوات منها فإنّ الدليل منها علوم أخر غير المدلول مادّة وصورة .
وأمّا العلوم الذوقيّة فمنطوية على دليله ، وهو متّحد بالمعلوم منها ، مندرج فيه .
ولذلك ترى العالم يلتذّ به أكثر مما يلتذّ البرهانيّات ، ومن ثمّة تختصّ باسم « الذوقيات » ( فكان اسمه يحيى ) من حيث اشتماله على وصفه ومعناه ( كالعلم الذوقي ) المندرج فيه وصفه ومعناه ، يعني دليله .
 
 إحياء ذكر زكريّا بيحيي عليه السّلام
وإنما قال رضي الله عنه : « يحيى به ذكر زكريّا » ( فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام - وكذلك الأنبياء -)
أي من يحيى ويحتمل أن يرجع إلى « الله » أي الحاصل منه ، والأوّل أظهر ، وبين الصفة إلا لزكريّا ، عناية منه حيث جعل اسمه وعلمه ما يظهر به أوصافه ومعناه .
ثمّ إن هذه العناية وإن كان في حقّ يحيى بحسب الظاهر ، ولكن لما كان مسؤول زكريّا ، وقد أجيب وأعطي له من خزانة الوهب مراده على أتمّ وجه وأكمل ظهور - كان في حق زكريّا أيضا نعمة وعناية .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء. عليهم السلام )
الفص اليحيوي
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
قال رضي الله عنه :  (هذه حكمة الأوّليّة في الأسماء ، فإنّ اللّه سمّاه يحيى أي يحيا به ذكر زكريّا ولم يجعل له من قبل سميّا . فجمع بين حصول الصّفة الّتي فيمن غبر ممّن ترك ولدا يحيى به ذكره ، وبين اسمه).
 
فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
اعلم أن الصفات تنقسم بنحو من القسمة إلى قسمين صفات ذاتية وصفات جلالية ، والصفات الذاتية كالحياة والعلم وغيرهما الصفات الحالية كالغضب والرضا والقبض والبسط ونحو ذلك ، وهذه الصفة الحالية في اصطلاح أهل طريق اللّه يرجع إلى ثلاثة أصول:
أحدها ، مقام الجلال ،
والآخر مقام الجمال ،
والآخر مقام الكمال ،
فلمقام الجلال الهيبة والقبض والخشية والورع والتقى ونحو ذلك ،
ولمقام الجمال الرجاء والبسط واللطف والرحمة والنعيم والإحسان ونحو ذلك ،
ولمقام الكمال الحيطة والجمال والجلال وتوابعهما من الأحوال والجمع بين ذلك تفاوضا ،
 
فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه كأنك قد أمنت مكر اللّه وعذابه .
وقال له عيسى عليه السلام : كأنك آيست من فضل اللّه ورحمته فأوحى إليهما أن أحبكما إلي أحسنكما ظنا بي ،
ولما كان من شأن الجلال القهر لما يقال له الغير والسوى ونفي ما يشعر بالثبوتية ، وذلك يستلزم الأولية وعدم المسبوقية بالغير ، وسرى المعنى في يحيى الذي هو مظهر صفة الجلال بعدم مسبوقيته بالغير في هذا الاسم .
 
أشار رضي اللّه عنه إلى ذلك المعنى بقوله : ( هذه ) ، أي الحكمة الجلالية ( حكمة الأولية في الأسماء ) ، يعني هذه الحكمة الجلالية التي تقتضي في الجناب الإلهي عدم المسبوقية بالغير في الوجود هي بعينها الحكمة التي تقتضي في يحيى الذي هو مظهر صفات الجلال الأولية وعدم مسبوقيته بالغير فيه ( فإن اللّه سماه يحيى أي يحيى به ذكر زكريا ولم يجعل له من قبل سميا ) فلم يكن في هذا الاسم مسبوقا بالغير ( فجمع ) اللّه ( بين ) الدلالة على ( حصول الصفة التي ) هي كائنة ( فيمن غبر ) ، أي مضى ( ممن ترك ) بيان لمن غبر أي فيمن مضى وترك ( ولدا يحيى به ذكره وبين اسمه ) ، أي الولد والمراد بجمعها أن في انفهام حصول صفة حياة الذكر في ذكرنا لا يحتاج إلى غير اسم يحيى ، فإنه باعتبار وضعه المعنى المنقول عنه يدل على حصول هذه الصفة لزكريا ، وباعتبار وضعه للمعنى المنقول إليه على ولده وحصول هذه الجمعية إنما هو
 
قال رضي الله عنه :  ( بذلك فسمّاه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذّوقيّ . فإنّ آدم حيّي ذكره بشيث ، ونوحا حيّي ذكره بسام ، وكذلك الأنبياء ).
 
 ( بذلك ) المذكور من التسمية فالباء في بذلك متعلق بجمع .

وذلك إشارة إلى التسمية المفهومة من سماه بيحيى ( فسماه يحيى فكان اسمه يحيى ) من حيث انفهام حصول صفة حياة الذكر في زكريا منه من غير حاجة إلى أمر آخر ( كالعلم الذوقي ) فكما أن انفهام حصول هذه الصفة لا يحتاج إلى أمر غير اسم يحيى كذلك العلم الذوقي لا يحتاج سوى المعلوم المذوق ، بخلاف العلوم الاستدلالية المحتاجة في حصولها إلى الدلائل والبراهين ، وما فعل سبحانه ذلك إلا بزكريا عليه السلام ( فإن آدم حيي ذكره بشيث عليهما السلام ونوحا حيي ذكره بسام وكذلك الأنبياء ) الباقون .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:52 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة : -      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن ما جمع اللّه لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصّفة إلّا لزكريّا عناية منه .  إذ قال : فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا[مريم: 5] فقدّم الحقّ على ذكر ولده كما قدّمت آسية ذكر الجار على الدّار في قولها :عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ[التحريم: 11] . فأكرمه اللّه بأن قضى حاجته وسمّاه بصفته حتّى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيّه زكريّا ، لأنّه عليه السّلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه إذ الولد سرّ إبيه ، فقال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ [مريم: 6 ] وليس ثمّة موروث في حقّ هؤلاء إلّا مقام ذكر اللّه والدّعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن ما جمع اللّه) تعالى لأحد من الأنبياء عليهم السلام (قبل يحيى) صلوات اللّه عليه (بين الاسم العلم) بالتحريك (منه ) المخترع من اللّه تعالى ، فلم يسم به أحد قبله (وبين الصفة له) بذلك الاسم حيث اقتضى إحياء الذكر إلا لزكريا عليه السلام (عناية )، أي اعتناء منه تعالى بزكريا عليه السلام (إذ قال) ، أي زكريا عليه السلام في دعائه ربه  :"رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ" [ آل عمران : 38 ] ،
أي من عندك بطريق الاختراع الذي لم يسبق نظيره كعلم الذوق الذي قال تعالى فيه لما علمه للخضر عليه السلام : فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) [ الكهف : 65 ] ،
أي من عندنا وَلِيًّا [ مريم :5] ، أي ولدا يتولى أمر أبيه فيخلفه في جميع أحواله ولهذا قال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا( 6 ) [ مريم : 6 ] .


قال رضي الله عنه :  (فقدم) زكريا عليه السلام ذكر (الحق) تعالى بكاف الخطاب على ذكر ولده يحيى عليه السلام أدبا مع اللّه تعالى واحتراما لجنابه (كما قدمت آسية) بنت مزاحم امرأة فرعون (ذكر الجار) الحق سبحانه وتعالى (على) ذكر (الدار في قولها) ، أي آسية كما حكاه اللّه تعالى بقوله (" رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ ") [ التحريم :11] .

قال رضي الله عنه :  (فأكرمه) ، أي زكريا عليه السلام (اللّه) تعالى (بأن قضى حاجته) بخلق يحيى عليه السلام له (وسماه بصفته) فأحيا ذكره به (حتى يكون اسمه) ، أي اسم يحيى عليه السلام تذكارا من اللّه تعالى (لما) ، أي الذي (طلب) ، أي طلبه (منه) ،
أي من اللّه تعالى (نبيه زكريا) عليه السلام من الولي الوارث (لأنه) ، أي زكريا عليه السلام آثر ، أي قدم واختار (بقاء ذكر اللّه) تعالى في عقبه ، أي ذريته إلى يوم القيامة إذ ، أي (لأن الولد سر أبيه) ، فهو حامل كماله ونتيجة حضرة جماله وجلاله.

قال رضي الله عنه :  (فقال) ، أي زكريا عليه السلام في حملة دعائه ( "يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوب َ") وليس ثم بالفتح ، أي هناك موروث في حق هؤلاء من زكريا وآل يعقوب عليه السلام (إلا مقام ذكر اللّه) تعالى بالذوق والعرفان (والدعوة إليه)، أي إلى دينه سبحانه بالقلب واللسان.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )


قال رضي الله عنه :  (ولكن ما جمع اللّه لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عليه السلام عناية منه ) وإنما كان هذا الجمع عناية من اللّه في حق زكريا عليه السلام ، ولم يفعل في غيره من الأنبياء عليهم السلام ( إذ ) أي لأنه ( قال :" فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي " [ مريم : 5 - 6 ] ، فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها عندك بيتا في الجنة فأكرمه اللّه بأن قضى حاجته وسماه ) أي ذلك الولد .


قال رضي الله عنه :  ( بصفته ) فاختص يحيى عليه السلام بهذا الجمع تكرمه من اللّه به لأبيه زكريا عليه السلام ( حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا ) أي يكون اسم يحيى عليه السلام دليلا على ما طلبه زكريا عليه السلام من اللّه ( لأنه أثر بقاء ذكر اللّه في عقبة ) كما بقي ذكر اللّه ببقائه له .

قال رضي الله عنه :  ( والولد سرّ أبيه فقال يرثني ويرث من آل يعقوب وليس ثمة ) أي في مقام طلب زكريا عليه السلام ( موروث في حق هؤلاء ) وهم آل يعقوب عليه السلام ( إلا مقام ذكر اللّه والدعوة إليه ) فلما طلب من اللّه بقاء ذكر اللّه أبقى اللّه ذكره باسم ولده يحيى عليه السلام.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )
قلت : قال رضي الله عنه إنما سمي يحيى لما فيه من أحياء ذكر أبيه زکریا، فكانت لفظة واحدة تنبئ بالإحياء وبالتسمية
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  (  ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه له وبين الصفة إلَّا لزكريّا عناية منه ، إذ قال :  "فهب لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا " .)

يشير رضي الله عنه  : إلى أنّ هذه الحكمة الجلالية تتضمّن حكمة الأوّلية في الأسماء ، والجمع بين العلمية والصفة ، على خلاف العادة والوضع والمفهوم خرقا للعادة ، اختصاصا إلهيا وتشريفا لزكريّا ويحيى ، كما جمع الاسم « الله » بين العلمية والصفات الدالَّة على حقائق الأحدية الجمعية الإلهية الجامعة لجميع الأسماء الذاتية والصفاتية والفعلية ، على ما استقصينا بيانه في شرح الخطبة .
فلذلك جمع الله لزكريّا في اسم ولده الذي وهبه الله بين كونه اسما علما مع دلالته على أنّ ذكره به يحيا .


قال رضي الله عنه :  (  فقدّم الحقّ على ذكر ولده كما قدّمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها : " عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ "  فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسمّاه بصفته ، حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيّه زكريّا ، لأنّه عليه السّلام آثر إبقاء ذكر الله في عقبه ،
إذ الولد سرّ أبيه ، فقال : " يَرِثُنِي وَيَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ " وليس ثمّ موروث في حق هؤلاء إلَّا مقام ذكر الله والدعوة إليه .) .

 
قال العبد : كان الغالب على زكريّا الهيبة والرقّة والخشوع والخوف والتقوى والحزن والمجاهدة وعدم التصرّف ، بل كانت مظهريته لرحمة وجمال ولطف وأنس يتضمّن إجلالا وهيبة وقهرا ، ومن هذا التجلَّي الجماليّ المتضمّن للجلال وجد زكريّا ،
ورحمة الله عبده زكريّا من حضرة الجمال الذي تتضمّنه حضرة الجلال خفي وبطن اللطف في القهر ،
فنادى كذلك نداء خفيّا من حقيقة كلّ شيء فيه كلّ شيء ، ولهذا كان الغالب على حال زكريّا ما ذكرنا ، وتحكَّمت عليه الأعداء أيضا ، كما تحكَّمت على يحيى عليه السّلام .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )
قال رضي الله عنه :  (ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه )
أي صادرا من عنده ومن أمره في قوله : " نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُه يَحْيى " .

قال رضي الله عنه :  ( وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال: " فَهَبْ لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا "  فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها : "عِنْدَكَ بَيْتاً في الْجَنَّةِ "  فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه فقال : "يَرِثُنِي ويَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ " وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقاما ذكر الله والدعوة إليه ) .

كان زكريا عليه السلام مظهر الرحمة والكمال ، وله حظ وافر من الجمال والأنس والجلال والقهر والهيبة ، لكنه قد غلبت على باطنه حالة الدعاء والسؤال والخوف من أولياء السوء ، والهم من ضيقه ما قام به من ذكر الله والدعوة بعده ، ولم يكن له ولى يخلفه ويقوم بأمر النبوة ،
وقد أشرب باطنه  حال مريم وكونها متبتلة منقطعة إلى الله حصورا ، وكانت آيته عند البشارة بالولد الصمت والذكر والحبسة في اللسان من غير ذكر الله .
جاء يحيى على صورة باطنه من غلبة أحكام الجلال على أحكام الجمال ، حصورا مداوما على الذكر والخشية فإن الولد سر أبيه ، وقد حكم حاله على حاله حتى تحكمت عليه الأعداء بحكم القهر والجلال ، حتى تحكمت على يحيى عليه السلام


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه ، وبين الصفة ، إلا لزكريا ، عناية منه . )
أي ، كل من الأنبياء حيى ذكرهم بأبنائهم ، لكن ما رزقهم الله تعالى من يحيى ذكرهم ويكون صفة الإحياء في اسمه وعلمه كما في يحيى .
فموهبة الحق له من يجمع بينهما ، عناية من الله في حقه .
( إذ قال : ) أي ، حين قال . ( "هب لي من لدنك وليا ") . فقدم الحق  :ب‍ كاف الخطاب " على ذكر ولده ، كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها :" عندك بيتا في الجنة" فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته ) ضمير ( بصفته ) عائد إلى ( يحيى ) . أي ، سمى يحيى بصفته التي هي الإحياء .


قال رضي الله عنه :  ( حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه، عليه السلام، آثر بقاء ذكره في عقبه، إذ الولد سر أبيه، فقال : "يرثني ويرث من آل يعقوب ". وليس ثم موروث في حق هؤلاء الأنبياء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. ) .
وإنما آثر بقاء ذكر الله في عقبه ، لأن الأنبياء ، عليهم السلام ، رحمة على العالمين ، فطلب الولد ليكون ظاهرا على سره ، فيذكر الله ويدعو الخلق إليه - كما كان قلبه ذاكر الله دائما - وداعيا إلى الله عباده .
فالعلة الغائية من طلب الولد إظهار أعلام الله وإفشاء أحكامه وإظهار أسمائه وصفاته ، والقيام بتكميل الخلائق وإيصال المستعدين إلى حقيقة الحقائق التي هي منبع الرحمة . 
لذلك قال : "يرثني ويرث من آل يعقوب ". وميراثهم النبوة والولاية والدعوة إلى الهداية والإبعاد عن الضلالة   .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:53 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة : -      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن ما جمع اللّه لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصّفة إلّا لزكريّا عناية منه ، إذ قال :فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا[ مريم : 5 ] فقدّم الحقّ على ذكر ولده كما قدّمت آسية ذكر الجار على الدّار في قولها :رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ[ التحريم : 11 ] ، فأكرمه اللّه بأن قضى حاجته وسمّاه بصفته حتّى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيّه زكريّا ، لأنّه عليه السّلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه إذ الولد سرّ أبيه ، فقال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ[ مريم : 6 ] ، وليس ثمّة موروث في حقّ هؤلاء إلّا مقام ذكر اللّه والدّعوة إليه ) .

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع لأحد مثل يحيى بين الاسم العلم منه ) أي : من هذا اللفظ ( وبين الصفة ) المفهومة منه ( إلا لزكريا ) في ابنه ، وإن كان في حق غيره أيضا كالعلم الذوقي ( عناية منه ) تعالى للدلالة على كمال هذه الصفة فيه ؛ لاعتنائه بالحق في دعوته بتقديمه على مطلوبة ، ( إذ قال :فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا) [ مريم : 5 ] .
قال رضي الله عنه : (فقدم الحق ) للعناية به بقوله :فَهَبْ ،والكاف في "لَدُنْكَ" ( على ذكر ولده ) ، وإن كان هو من حيث مطلوبه أهم له .

( كما ) أعينت آسية بالحق ، فاعتنى بها الحق إذ ( قدمت آسية ) امرأة فرعون ( ذكر الجار على الدار في قولها :رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ) [ التحريم : 11 ]، فقدمت عِنْدَكَ اهتماما بطلب الجار الحق على الدار في الجنة ، فجعلها مثلا للذين آمنوا ، وألحقها بالرجال الكمّل ، فلما أكرم زكريا الحق بتقديمه ، ( فأكرمه اللّه بأن قضى حاجته ) التي ليس من شأنها قضاؤها في وقت دعائها ، وهو وقت الكبر ، فأكرمه بهذه المعجزة ، وزاد في إكرامه بأن ( سماه بصفته ) التي هي إحياء ذكر زكريا به ، ( حتى يكون اسمه تذكارا ، لما طلب منه نبيّه زكريا ) فيه ؛ إشعارا بأنه لا يطلب الولد لزينة الدنيا ولا يرث ماله ، بل إنما طلبه ( لأنه عليه السّلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه ) على ما كان يذكره أيام حياته ، وقد صار ذلك هيئة راسخة في قلبه ، فلابدّ أن يحملها ولده .

قال رضي الله عنه :  ( إذ الولد سر أبيه ، فقال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ،وليس ثمة ) أي : في الواقع ( موروث في حق هؤلاء ) الأنبياء ( إلا مقام ذكره ) اللّه ( والدعوة إليه ) ، فكان مطلوبه إحياء ذكر اللّه، فأجر اللّه تعالى ذكره ، وذكره في اسم ابنه ؛ ليعلم أنه حر وفاق.

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه )
أي من يحيى ويحتمل أن يرجع إلى « الله » أي الحاصل منه ، والأوّل أظهر ( وبين الصفة إلا لزكريّا ، عناية منه ) حيث جعل اسمه وعلمه ما يظهر به أوصافه ومعناه .
ثمّ إن هذه العناية وإن كان في حقّ يحيى بحسب الظاهر ، ولكن لما كان مسؤول زكريّا ، وقد أجيب وأعطي له من خزانة الوهب مراده على أتمّ وجه وأكمل ظهور - كان في حق زكريّا أيضا نعمة وعناية .

قال رضي الله عنه :  ( إذ قال : “ فَهَبْ لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا “  [19 / 5] فقدّم الحقّ على ذكر ولده - كما قدّمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها : “عِنْدَكَ بَيْتاً في الْجَنَّةِ“ [66 / 11] فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسمّاه بصفته ، حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيّه زكريّا عليه السّلام ) .

"" أضاف الجامع قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثاني وثلاثمائة: 
وكمال مريم شهد لها بذلك رسول الله صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم
ولآسية امرأة فرعون فأما كمال آسية فلشرف المقام الذي ادعاه فرعون فلم يكن ينبغي لذلك المقام أن يكون العرش الذي يستوي عليه إلا موصوفا بالكمال فحصل لآسية الكمال بشرف المقام الذي شقي به فرعون ولحق بالخسران المبين وفازت امرأته بالسعادة ولشرف المقام الذي حصل لها به الكمال قالَتْ:" رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً في الْجَنَّةِ "
فما أنطقها إلا قوة المقام بـ "عندك" ،
ولم تطلب مجاورة موسى ولا أحد من المخلوقين ولم يكن ينبغي لها ذلك فإن الحال يغلب عليها فإن الكامل لا يكون تحت الكامل ، فإن التحتية نزول درجة ولما كان كمال مريم بعيسى في نسبته إليها لم تقل ما قالت آسية ،
آسية تقول:" نَجِّنِي من فِرْعَوْنَ وعَمَلِهِ ونَجِّنِي من الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" حتى لا تنتهك حرمة النسبة. ومريم تقول "يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وكُنْتُ نَسْياً مَنْسِيًّا " وهي بريئة في نفس الأمر عند الله ،
فما قالت ذلك من أجل الله كما قالت آسية "عِنْدَكَ" فقدمته وطلبت جواره والعصمة من أيدي عداته ولكن قالت ذلك مريم حياء من الناس ،
لما علمته من طهارة بيتها وآبائها فخافت من إلحاق العار بهم من أجلها ،
ولما ذكرنا أن العالم كان مستورا في غيب الله وكان ذلك الغيب بمنزلة الظل للشخص
فلو سلخ من الظل جميعه أمر ما لخرج على صورة الظل والظل على صورة ما هو ظل له،
فالخارج من الظل المسلوخ منه على صورة الشخص،
ألا ترى النهار لما سلخ من الليل ظهر نورا فظهرت الأشياء التي كانت مستورة بالليل ظهرت بنور النهار ،
فلم يشبه النهار الليل وأشبه النور في ظهور الأشياء به ، فالليل كان ظل النور والنهار خرج لما سلخ من الليل على صورة النور ،
كذلك العالم في خروجه من الغيب خرج على صورة العالم بالغيب كما قررناه ،
فقد تبين لك من العلم بالله من هذا المقام ما فيه كفاية إن عرفت قدره "فَلا تَكُونَنَّ من الْجاهِلِينَ " .أهـ  ""

ولما كان إظهار الأوصاف الكمالية في الاسم من الصورة التي هي مقتضى أمر النبوّة وحكمها ، أفصح عن ذلك بقوله : « نبيّه زكريّا » تنبيها لذلك .

ثمّ إنّه إنما اختصّ بين الأنبياء بهذه الكرامة ( لأنّه عليه السّلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه ) عند استدعائه الولد الذي هو باطن والده ، ( إذ الولد سرّ أبيه ) الظاهر بما في باطنه من الأوصاف الوارث له وهي هاهنا أحكام النبوّة ولذلك ما خصّص زكريّا نفسه بالوارثيّة المذكورة ،

قال رضي الله عنه :  ( فقال : " يَرِثُنِي وَيَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ ")  [ 19 / 6 ] إفصاحا عن ذلك المقصود ، فإنه إذا كان الوارثون هم الأنبياء ( وليس ثمّ موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله ) ، وهو مقام ولايته ( والدعوة إليه ) ، وهو طرف نبوّته .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» فأكرمه الله بأن قضى حاجته وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع اللّه لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصّفة إلّا لزكريّا عناية منه . إذ قال :فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا [ مريم : 5 ] فقدّم الحقّ على ذكر ولده كما قدّمت آسية ذكر الجار على الدّار في قولها :عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ[ التحريم : 11 ] . فأكرمه اللّه بأن قضى حاجته وسمّاه بصفته حتّى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيّه زكريّا ، لأنّه عليه السّلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه إذ الولد سرّ إبيه ، فقال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ[ مريم : 6 ] وليس ثمّة موروث في حقّ هؤلاء إلّا مقام ذكر اللّه والدّعوة إليه .).

قال رضي الله عنه :  ( ولكن ما جمع اللّه لأحد ) من الأنبياء في ولده قبل ولادة يحيى ( بين الاسم العلم ) الواقع ( منه تعالى وبين الصفة ) له الحاصلة في ذلك النبي ( إلا لزكريا ) ، أي لكن جمع لزكريا بينهما بعد ولادة يحيى فالمستثنى منقطع كما لا يخفى ( عناية منه ) ، أي من اللّه وهذه العناية إنما تعلقت به ( إذ قال :فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا[ مريم : 5 ] فقدم الحق تعالى ) حيث كنى عنه بكاف الخطاب ( على ذكر ولده ) حين عبر عنه بالولي.

قال رضي الله عنه :  ( كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها : عندك بيتا في الجنة فأكرمه اللّه ) ، أي زكريا
قال رضي الله عنه :  ( بأن قضى حاجته ) بأن وهبه وليا طلبه ( وسماه ) ، أي ولده ( بصفته ) ، أي بصفة زكريا يعني بما تدل على صفته وهي حياة ذكره (حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا لأنه عليه السلام آثر) ، أي اختار على جميع المطالب (بقاء ذكر اللّه في عقبه) ، أي ولده ( إذ الولد سر أبيه ) ، فكما يتحقق أبوه يتحقق هو أيضا به .


قال رضي الله عنه :  ( فقال :يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وليس ثمة موروث في حق هؤلاء ) يعني زكريا وآل يعقوب ( إلا مقام ذكر اللّه ) وهو مقام الولاية. ( والدعوة إليه ) ، وهو مقام النبوة.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:54 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة : -      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

ثم إنه تعالى بشّره ، أي زكريا عليه السلام بما قدمه تعالى على خلق يحيى عليه السلام وإظهاره من سلامه تعالى عليه ، أي على يحيى عليه السلام "يَوْمَ وُلِدَ"، أي ظهر في الدنيا "وَيَوْمَ يَمُوتُ"، أي يخرج منها إلى البرزخ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا[ مريم : 15 ] ، أي يخرج من البرزخ إلى القيامة ، وعالم الآخرة حيث قال سبحانه :"وَسَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا"[ مريم : 15 ] وسلم هو تعالى على يحيى عليه السلام اعتناء بشأنه فجاء تعالى في ذكر البعث بصفة الحياة له وهي اسمه يحيى عليه السلام وهو الذي يذبح الموت في صورة كبش بين الجنة والنار ، أي يعرضه على أهل الجنة وأهل النار

فيعرفونه كما ورد في الخبر « ونصه : عن ابن عمر قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يجاء بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة هل تعرفون هذا فيشربون وينظرون ويقال : يا أهل النار هل تعرفون هذا فيشرئبون وينظرون ثم يذبح ثم يقال : يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود لا موت ". رواه الطبراني في الكبير ورواه النسائي في السنن الكبرى ورواه غيرهما .

وذلك من خصوصيته عليه السلام بكمال التحقق بصفة الحياة الحقيقة ، حتى يغلب على حقيقة الموت في صورة الكبش فيميته ، وإذا مات الموت فإنه يحيا ويدخل الجنة ، لأن أصله منها ، ولهذا جاء به جبريل عليه السلام إلى إبراهيم عليه السلام فداء لابنه فذبحه في الدنيا ، وهي عالم الخيال المطلق ،
وكان ذبحه في صورة ابنه في عالم خياله المقيد أيضا وهو منامه ، فلم يبرح من البرزخ حتى تقوم الساعة فيذبحه يحيى عليه السلام في ذلك العالم الحقيقي وهو ثالث مرة فيموت ويعود كما
كان في الجنة كبشا أملح ، ولهذا ورد أنه لا يدخل الجنة من الحيوان إلا خمسة :
كبش إسماعيل وناقة صالح ونملة سليمان وحمار العزير وهدهد بلقيس وزاد بعضهم براق النبي صلى اللّه عليه وسلم .

وأعلم أي زكريا عليه السلام أعلمه اللّه تعالى بسلامه سبحانه عليه ، أي على يحيى عليه السلام وكلامه ، أي اللّه تعالى صدقه كما قال :وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا[ النساء : 122 ] فهو ، أي كلام اللّه تعالى مقطوع به فتمت البشارة .
وإن كان قول الروح ، أي عيسى عليه السلام عن نفسه حين تحقق بالروح الحقيقي الروحاني وانسلخ من المقام البشري النفساني والسلام علي ، أي الأمان مني من حيث الهوية القيومية على ذاتي من حيث الصورة اللاهوتية والناسوتية يَوْمَ وُلِدْتُ من أمي بغير أبوَيَوْمَ أَمُوتُبعد هبوطي من السماء وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا[ مريم : 33 ] في يوم القيامة أكمل من السلام على يحيى في تحقيق المقام الاتحاد الروحاني .

قال رضي الله عنه :  (فهذا) السلام اليحيوي (أكمل) منه (في) جمعه بين (الاتحاد) الباطني  (والاعتقاد) الظاهري ، ولا يسلم اللّه تعالى إلا على المتحقق به سبحانه ، لأنه أمان له من الفناء ، وكل ما سواه تعالى يفنى ويزول فهذه دلالته على الاتحاد ، والاعتقاد فيه صريح التمييز بين المسلّم والمسلّم عليه (وأرفع) ، أي أكثر رفعا ، أي إزالة (للتأويلات) حيث لا التباس فيه بخلاف السلام العيسوي (فإن) الأمر (الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى) عليه السلام (إنما هو النطق) في المهد قبل أوان التكلم (فمن تمكن عقله) ،

أي عيسى عليه السلام وتكمل ، أي صار كاملا (في ذلك الزمان الذي أنطقه اللّه فيه) ، وهو صغير في المهد ابن ساعة (ولا يلزم للمتمكن) في نفسه (من النطق) ، أي التكلم بالكلام (على) أي حالة كان سواء كان ممن عادته ينطق أو كان لم يبلغ حد النطق وكان نطقه خرقا للعادة كعيسى عليه السلام (الصدق فيما به ينطق) من الكلام وإن كان قول عيسى عليه السلام وهو في المهد من الإتيان بالسلام منه عليه صدقا فلا شبهة فيه أصلا ، ولكن الخارق للعادة فيه إنما هو نفس النطق لا المنطوق به ، فأي شيء كان المنطوق به كان خارقا للعادة ، فليس معنى ذلك بمقصود في حصول الخارق (بخلاف المشهود له) بالسلام (كيحيى) عليه السلام .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه تعالى بشره ) أي بشر زكريا عليه السلام ( بما قدمه من سلامه عليه ) أي على يحيى عليه السلام : (يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا[ مريم : 15 ] ، فجاء بصفة الحياة وهي اسمه ) أي اسم يحيى عليه السلام وفيه دلالة على أن الاسم قد يطلق على الصفة.


قال رضي الله عنه :  ( واعلم ) اللّه ( زكريا بسلامه عليه وكلامه صدق فهو مقطوع به وإن كان قول الروح والسلام عليّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا أكمل في الاتحاد ) .
 أي هذا القول أكمل في الدلالة على اتحاد عيسى عليه السلام مع الحق فإذا كان قول الحق صدقا مقطوعا به ( فهذا ) أي قول الحق يحيى عليه السلام ( أكمل في الاتحاد ) أي أكمل في الدلالة على اتحاد الحق مع يحيى عليه السلام ( و ) أكمل في ( الاعتقاد ) في عدم الاحتمال على خلافه إذ شهادة الحق على سلامه العبد أقوى من شهادة العبد على سلامة نفسه .
 

قال رضي الله عنه :  ( وأرفع للتأويلات ) بخلاف قول عيسى عليه السلام فإنه يؤول بأن عيسى عليه السلام لسان الحق وبه نطق وشهد على سلامة نفسه فشهادته على نفسه شهادة الحق عليه وكلامه صدق فهو مقطوع به لأنه كلام الحق .
إذ هو شاهد على براءة أمه وبهذا التأويل يصل إلى درجة الأكملية في الاعتقاد فاحتاج قول الروح في رفع الالتباس إلى التأويل والمقصود ما نص سلامة عيسى عليه السلام مثل تنصيص سلامه يحيى وسلامة عيسى عليه السلام بالنسبة إلى سلامة يحيى عليه السلام كخلافة آدم بالنسبة إلى خلافة داود في التنصيص .
كما مر بيانه في موضعه فقوله وإن كان قول الروح الظاهر أنه يتصل إلى ما قبله من قوله فهو مقطوع أي قول الحق في سلامة يحيى مقطوع به وإن كان قول الروح في سلامة نفسه أكمل في الاتحاد لكن لا يصل إلى درجته في القطع .

فإن قول الحق زائد بزيادتين على قول الروح وهما قوله وأكمل في الاعتقاد وارفع للتأويلات وقال بعضهم إن في هذا الكلام تقديما وتأخيرا تقديره فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وارفع للتأويلات وإن كان قول الروح أكمل في الاتحاد وهو عدول عن الظاهر بلا ضرورة ونكتة وإنما كان قول الحق في سلامة يحيى أكمل في الاعتقاد من قول الروح في سلامة نفسه.

قال رضي الله عنه :   ( فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى عليه السلام إنما هو النطق ) وهو تكلمه في المهد ( فقد تمكن ) من التمكين ( عقله وتكمل ) من التكميل ( في ذلك الوقت الذي أنطقه اللّه فيه ولا يلزم للمتمكن من النطق ) أي القادر إلى النطق ( على أيّ حالة كان ) المتمكن أي سواء أتى للمعجزة والشهادة على الحق أولا ( الصدق ) فاعل يلزم ( فيما به نطق ) أي في الكلام الذي تكلم به ( خلاف المشهود له كيحيى ) عليه السلام حيث شاهد الحق له بسلام عليه فإذا كان الأمر كذلك.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا. فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات. فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه. ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قلت : قال رضي الله عنه إنما سمي يحيى لما فيه من أحياء ذكر أبيه زکریا، فكانت لفظة واحدة تنبئ بالإحياء وبالتسمية
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.
باقي النص معناه واضح


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه  : ( ثمّ إنّه بشّره بما قدّمه من سلامه عليه ، " يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلمه بسلامه عليه ، وكلامه صدق ، فهو مقطوع به ، وإن كان قول الروح " وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " أكمل في الاتّحاد ، فهذا أكمل في الاتّحاد والاعتقاد ، وأرفع للتأويلات ) .

يشير رضي الله عنه  : إلى أنّ سلام عيسى على نفسه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا أكمل في الاتّحاد من جهته ، فإنّ الله هو المسلَّم على نفسه من حيث تعيّنه في مادّة عيسوية ، ويدلّ على كمال تمكَّن عيسى من شهود هذه الأحدية ،
ولكن سلام الله على يحيى من حيث إنّ الله هو عين هويّته وربّه ، عليه لا في مادّة يحيى ، بل من حيث هو ربّه أتمّ في الاعتقاد بالنسبة إلى شهود أهل الحجاب .

وأمّا بالنسبة إلى شهود أهل الذوق فالاتّحاد من قبل الحق - من كونه تعالى مسلَّما على نفسه في مادّة يحيوية من كونه ربّه ووكيلا له في التسليم عليه ، إمّا من قبله أو من قبل الحق - أتمّ وأعمّ ، ولكن للالتباس الذي عند الجاهل المحجوب .

قال رضي الله عنه  : ( فإنّ الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنّما هو النطق ، فقد تمكَّن عقله وتكمّل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه ، ولا يلزم للمتمكَّن من النطق - على أيّ حالة كان - الصدق فيما كان به ينطق ، بخلاف المشهود له كيحيى)
فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى "يعني عند المحجوب الجاهل "بإشارة أمّه إليه ، وهو في المهد .
يعني  رضي الله عنه  : مجرّد نطق عيسى - بإشارة أمّه إليه عند سؤال الأحبار عن مريم بأنّى لك هذا و  "ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا " كاف في صحّة مدّعا مريم وبراءتها عمّا توهّمت اليهود ممّا برّأها الله ممّا قالوا ، ولكن لمّا يطرق فيما نطق مثل ما مثّل في نطق الحائط عند الجاهل كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.

قال رضي الله عنه :  ( ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. ثم إنه تعالى بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ، فجاء بصفة الحياة وهي اسمه ، وأعلمه بسلامه عليه وكلامه صدقه فهو مقطوع به وإن كان قول الروح -   "والسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أَمُوتُ ويَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا " أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات ).

 يعنى أن الله بشر بما قدمه على اقترانه من سلامه عليه ، ووصفه بالحياة التي هي صورته الذاتية واسمه الذي يميزه به عن غيره ، وأعلمه بنفسه بالسلام عليه فكان وصفه إياه بذلك أكمل من حيث أن كلامه صدق مقطوع به عن الكل من أهل الحجاب والكشف ،

وإن كان قول عيسى عليه السلام :  ( والسَّلامُ عَلَيَّ )   - أكمل من حيث الاتحاد ، فإن الله هو المسلم على نفسه من حيث تعينه في المادة العيسوية ، ويدل على كمال تمكن عيسى من شهود هذه الأحدية ، وأما سلام الله على يحيى من حيث أن الله هوية لا في مادة يحيى من حيث هويته المطلقة ، فهو أتم وأكمل في الاعتقاد بالنسبة إلى شهود أهل الحجاب ،
وأما بالنسبة إلى شهود أهل الذوق فالاتحاد من قبل الحق من كونه تعالى مسلما على نفسه في مادة يحيوية من حيث كون ربه وكيلا له في التسليم عليه أتم وأعم ، ولكن لا يدل على تمكن يحيى من شهود هذه الأحدية إلا أنه أرفع للالتباس الذي عند الجاهل المحجوب


"" أضاف بالي زادة :   
( أكمل في الاتحاد ) أي هذا القول أكمل في الدلالة على اتحاد عيسى مع الحق ، فإذا كان قول الحق صدقا مقطوعا به فهذا : أي قول الحق في حق يحيى أكمل في الاتحاد ، أي في الدلالة على اتحاد الحق مع يحيى وأكمل في الاعتقاد في عدم الاحتمال على خلافه ، إذ شهادة الحق على سلامه على العبد أقوى من شهادة العبد على سلامه على نفسه وأرفع التأويلات بخلاف قول عيسى ،

فإنه يؤول بأن لسانه لسان الحق وبه نطق وشهد على سلامه على نفسه فشهادته على نفسه شهادة الحق عليه وكلامه صدق ، فاحتاج قول الروح في رفع الالتباس إلى التأويل ، والمقصود أن نص سلامه على عيسى مثل تنصيص سلامه على يحيى ، كخلافة آدم بالنسبة إلى خلافة داود في التنصيص كما مر بيانه اهـ بالى زاده. "".

قال رضي الله عنه :  ( فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق ، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه ، ولا يلزم التمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به نطق بخلاف المشهود له كيحيى). أي عند المحجوب الجاهل

"" أضاف عبد الرحمن جامي :   
فحاصل المعنى ثم أنه تعالى بشر يحيى بما قدمه بشيء قدمه ذلك الشيء وفضله على سائر الأنبياء ، وذلك الشيء سلام عليه في المواطن الثلاثة تفصيلا ، فإنه لم يقع إلى نبي من الأنبياء ومن قوله من سلامه بيانية – "يَوْمَ وُلِدَ "   - من رحم أمه أو أم الطبيعة – "ويَوْمَ يَمُوتُ " - بالموت الطبيعي أو الإرادى –" ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " - يوم القيامة أو بالبقاء بعد الفناء ،

وإذا كان في هذه المرتبة به ذكر زكريا فجاء بصفة الحياة فيها ، وهي ما أخذ منها اسمه الدال على حياة ذكر زكريا وأعلمه بسلامه وكلامه صدق فهو مقطوع به اهـ جامى . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )


قال رضي الله عنه :  (ثم ، إنه تعالى بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا . فجاء بصفة "الحياة " ، وهي اسمه . وأعلم بسلامه عليه ، وكلامه صدق ، فهو مقطوع به . )
( اعلم ) من ( الإعلام ) . أي ، بشر الحق زكريا بأن ابنه موصوف ب‍ ( السلامة ) في أوليته وآخريته . أو يحيى عليه السلام ، بما قدمه من السلام عليه .
يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) سورة مريم"
أي ، بما جعل في عينه الفائضة بالفيض الأقدس من الاستعداد والقابلية ليتجلى له الحق سبحانه باسم ( السلام ) ليسلم من الاحتجاب بالأنانية وظهور النفس بما يوجب البعد من الله يوم ولد ،
أي في أوليته ، ويوم يموت ، أي في آخريته ، ويوم يبعث حيا ، أي يوم تحققه بالوجود الحقاني الباقي بعد الوجود الفاني .
( فجاء ) أي ، الحق سبحانه . ( بصفة الحياة ) في قوله : ( يوم يبعث حيا ) .
وإنما قال : ( وهي اسمه ) أي ، اسم الحق ، أو اسم يحيى ، لأن الاسم والصفة باعتبار كونهما نسبا مترادفين ، وإن كان باعتبار آخر بينهما عموم وخصوص .
والإعلام ب‍ ( السلام ) يوم القيامة موجب لكماله ورفع درجاته في الآخرة ، لأن كلامه صدق مقطوع به .


قال رضي الله عنه :  ( وإن كان قول الروح . ) أي ، قول عيسى ، عليه السلام . ("والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " . أكمل في الاتحاد ، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد ، وأرفع للتأويلات) . اعلم ، أن في هذا الكلام تقديما وتأخيرا.
تقديره : فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات ، وإن كان قول الروح أكمل في الاتحاد .
وإنما كان هذا أكمل في الاتحاد ، لأن قول الحق سبحانه : " وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا " .
عبارة عن تجليه له بما يوجب السلامة من أحكام الكثرة ونقائض الإمكان ، وارتفاع اللازم موجب ارتفاع الملزوم .

وإذا ارتفعت الكثرة والإمكان ظهرت الوحدة والوجوب الذاتي، فحصل الاتحاد من قول الحق. وهو أكمل مما لزم من قول العبد من الاتحاد هذا بالنسبة إلى أرباب الكشف والعرفان .
وأما بالنسبة إلى أهل الحجاب ، وهو أكمل بالاعتقاد ، لأن سلام الحق أقبل على النفوس من سلام العبد على نفسه . وأيضا أرفع للتأويلات .
بخلاف قول عيسى عليه السلام : فإنه يحتاج إلى أن يأول بأن لسانه لسان الحق بحكم الحديث المشهور ، فبالحق نطق وسلم على نفسه ، أو الحق سلم على نفسه في حجابية عيسى وتعينه

قال رضي الله عنه :  ( فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى ، إنما هو النطق ، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه . ولا يلزم للمتمكن من النطق ، على أي حالة كان . ) أي، المتمكن.
( الصدق فيما به ينطق . ) لإمكان أن يتكلم بكلام لا يكون مطابقا لما في نفس الأمر .
( بخلاف المشهود له ، كيحيى . ) حيث قال فيه الحق : ( وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ) . فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للإلتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه ..

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:55 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة : -      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ إنّه بشّره بما قدّمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا ، فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه ، وكلامه صدق فهو مقطوع به ، وإن كان قول الرّوح :وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا[ مريم : 33 ] أكمل في الاتّحاد ، فهذا أكمل في الاتّحاد والاعتقاد وأرفع للتّأويلات ، فإنّ الّذي انخرقت فيه العادة في حقّ عيسى إنّما هو النّطق ، فقد تمكّن عقله وتكمّل في ذلك الزّمان الّذي أنطقه اللّه فيه . ولا يلزم للمتمكّن من النّطق على أيّ حالة كان الصّدق فيما به ينطق ، بخلاف المشهود له كيحيى ).

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد هذه العناية والتكريم من اللّه تعالى لزكريا عليه السّلام ( أنه بشره ) ، أي : زكريا ( بما قدمه ) أي : يحيى على سائر من أحيى ذكر آبائهم بهم ، وعلى عيسى عليه السّلام ( من سلامه ) بما قدمه أي : بسبب تقديمه الحق لفظا ومعنى ، إذ قصد إحياء ذكره عزّ وجل في عقبه دون ذكر نفسه ، فظهر في مطلوبه بما له في قدمه من سلامه ؛ لتنزهه عن التعلق بالعالم في القدم ، فجعل سلامه ( عليه ) حتى سلم من التعلق بغير الحق ، فلم يفعل معصية ، ولا هم بها( يَوْمَ وُلِدَ ) ،فصارت ولادته الطبيعية كالمعنوية ، ويوم( يَمُوتُ ) فصار ثبوته الطبيعي كالاختياري ، ويوم ( يُبْعَثُ حَيًّا )[ مريم : 15 ] ،
فصارت حياته بعد الموت كالبقاء بعد الفناء ، ( فجاء ) لظهوره باسم السلام فيه (بصفة الحياة) ؛ ليدل على تنزيه حياته عن نقائص حياة المحدثات ، وهي وإن كانت بتعلق السلام أجرا ؛ فالأجر راجع إلى الأول والوسط أخذ بحكم الطرفين ، فالسلام متعلق بها في كل حال ، كيف ( وهي اسمه ) ؟ أي : داخل في مفهوم اسمه اللازم له أولا وآخرا ووسطا .


قال رضي الله عنه :  ( وهو ) تعالى وإن لم يصرح بكون سلامه على هذا الاسم ، لكنه ( أعلم ) بطريق الإشارة ( بسلامه عليه ) ، فلا يتوهم عدم عمومه الأحوال ، كيف وهو تعالى صادق في إشارته مثل صدقه في عبارته ، إذ ( كلامه صدق ) من جميع الوجوهلا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ،وهو مفهوم العبادةوَلا مِنْ خَلْفِهِ[ فصلت : 43] ( وهو ) مفهوم الإشارة .

ثم مفهوم الإشارة وإن كان عند البعض ظنّا ، فهو عندنا ( مقطوع به ) ، فهو أي سلام الحق عليه بكل حال مقطوع به ، فسلام الحق على يحيى أرجح من سلام عيسى على نفسه من هذا الوجه ، ( وإن كان قول الروح ) أي : عيسى عليه السّلام :" وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا "[ مريم : 33 ] .

قال رضي الله عنه :  ( أكمل من الاتحاد ) لفظا ؛ لإشعاره بحصر السلام فيه ، فيتحد فيه كل سلام فيدخل فيه سلام الحق ؛ ( فهذا ) أي : سلام الحق على يحيى ( أكمل من الاتحاد ) معنى ؛ لأن سلام الحق في معنى كل سلام مع أنه لم يلتفت إلى سلام الغير فيه أصلا ، ( والاعتقاد ) إذ يعتقد كل سامع أنه سلام الحق بخلاف سلام عيسى ؛ فإنه يتبادر إلى أذهان عامة السامعين أنه من عيسى لا من اللّه تعالى ، ( وأرفع للتأويلات ) أي : لاحتمال الكذب ، فإنه مرفوع في خبر الحق بالاتفاق ، ولا يرتفع في خبر عيسى قبل ظهور نبوته ، وإن ظهر فيه خرق العادة قبلها ، وإن كان له دلالة على صدق من ظهر بسببه .


قال رضي الله عنه :  (فإنّ الّذي انخرقت فيه العادة في حقّ عيسى إنّما هو النّطق ) في المهد ، فهو وإن دل في حقه على أمته المنافية لكونه ولد الزنا لا يدل على صدق المنطوق من أوله إلى آخره ، فإن الكرامة لا تدل على عصمة صاحبها عن الكذب ، إذ لم يبعث أمينا على وحي يجب بسببه عصمته عنه ، وليس كلامه كلام الحق على لسانه ، ( فقد تمكن عقله ) من تكلم بما تكلم به ، وما ينطق الحق على لسانه لا يتمكن عقله من ذلك ، كيف والحق لا يقول :"إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ" [ مريم : 30 ] إلى آخره ؛ وذلك لأنه عليه السّلام تكلم ( في ذلك الزمان الذي أنطقه اللّه فيه ) ، وإن كان في المهد إذ النطق فرع العقل الكامل إذ لم يكن نطق الحق .

قال رضي الله عنه :  ( ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان ) أي : سواء كان ذاكرا أمه أم لا ( الصدق فيما به ينطق ) ، أي : في جميع ما ينطق به ، وإنما دلّ صدق المعجزة على صدق جميع ما ينطق به ؛ لأنه للدلالة على الصدق في الرسالة التي هي محتملة الأمانة الوحي والكرامة ، وإن دلت على صدق الولاية ، فليس فيها أمانة وحي ،
فهذا الاحتمال والتأويل له دخل في سلام عيسى على نفسه قبل النبوة ، وإن كان صاحب كرامة ( بخلاف المشهود له كيحيى ) ، وإن لم يكن صاحب كرامة ،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ ) من جملة ما أكرم الله على يحيى ( أنّه بشّره بما قدّمه ) على الأقران أو بالحياة التي قدّم ذكرها وما يكملها ، أو بشّره بسبب ما قدّم اسم الله على اسمه - وهذا أقرب الوجوه إلى التوجيه ، لكن لا يطابق بيان  ( من سلامه عليه يوم ولد ) أي عند ظهوره من مستجنّ بطون امّهات القوابل واستعداداتها .


أيّام الأنبياء
وذلك لأنّ الأنبياء لهم في استحصال كمال النبوّة ثلاث مراتب ، كلّ مرتبة منها يوم من أيّام ذلك النبيّ باعتبار اشتمال ظهور تلك المرتبة على امتداد يكون مبدأ إعلان جملة من تفاصيل الأعيان وأحكامها، من مبدأ طلوع حكم تلك المرتبة إلى منتهى غروبه وهذا يشمل اليوم الزمانيّ أيضا.

فأولاها عند استخراج ما في قوّة قبول ذلك النبيّ وبطون استعداده على صحائف الأكوان ومجالي الفعل والعيان ومن الحكم والحقائق والمصالح على ما عليه الأمر في نفسه ، وكنّى عنها بيوم الولادة . ووجه المناسبة بها ظاهر .

وثانيها عند ظهور تمام ذلك الكمال واجتلائه عليه بأحديّة جمعيّته عند سكون أمره وانقطاع تلك الحركة الوجوديّة الشوقيّة فيه وبهذه المناسبة عبّر عنه بيوم الموت ، وإليه أشار بقوله : ( “  وَيَوْمَ يَمُوتُ “  ) وأيضا " الموت " يلوح على « التامّ » بمادته.

وثالثها عند بعثها بأحكام النبوّة وإظهار الصور الشرعيّة والسنن العمليّة التي عليها يحشر الأمم يوم القيامة . ولهذا عبّر عنه بيوم البعث ، وإليه أشار بقوله : ( “  وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا “ ).
وإذ كان إحياء اسم زكريّا منه مخصوصا بهذه المرتبة ، نبّه إليه  (فجاء بصفة الحياة ، وهي اسمه ) الدالّ على وصفه - أعني إحياء ذكر زكريّا .


الوجوه المتعددة في تفسير آية واحدة من القرآن الكريم
ثمّ هاهنا نكتة حكميّة ينبغي أن يقف عليها المتدبّر في الكلام المنزل النبوي ووجوه معانيه وتأويلاته كلّ الوقوف ، وهو أنّ كل معنى لا يمانع الظاهر ولا ينفي ما يستفاد منه بحسب أصل معنى العربيّة مما يفهم منه العامة ويستكشفونه عن كتب التفاسير ، بل يعمّه ويشمل غيره من وجوه بطون الكتاب ، المنطوية على الحقائق ،
على ما أشير إليه في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "  إنّ للقرآن ظهرا وبطنا وحدّا ومطَّلعا " قاله الغزالى في الإحياء و اخرجه ابن حبان .
فذلك هو المعتبر المعوّل عليه عند المحقّقين ، كما في الأيّام الثلاثة ، على ما اطَّلعت عليه .

وذلك لأن سائر المعاني مراد الله تعالى ، فإنّ المعنى أمر واحد يتنزّل ويترقّى بحسب مدارك الأمم ومدارج أذواقهم وأذهانهم عند التوجّه إلى الكلام ، وإذ كان القرآن جوامع الكلم كلَّها ، لا بدّ وأن يكون مطابقا لسائر المذاهب والآراء وجملة الأذواق والأذهان ، وعند التحقيق لا تنافي بين شيء من ذلك ، فلا تغفل عن النكتة .


مقايسة بين عيسى ويحيى عليهما السّلام
وحاصل هذه البشارة أنّه جاء بصفة الحياة على وجه يتضمّن إجابة دعاء زكريّا ، وذلك في علمه الذي بمثابة العلم في الاظهار .
قال رضي الله عنه :  ( وأعلم بسلامه عليه ) في الأيام الثلاثة ، ( وكلامه صدق فهو مقطوع به وإن كان قول الروح : “  السَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا “  [ 19 / 33 ] أكمل في الاتّحاد ) ، لأنّه اتّحاد في مادّة التكلَّم التي لا يشوبه غيبة ولا تعدّد ، فهو التنزيه في غاية التشبيه ولكن هذا لسان الولاية لا النبوّة حيث أنّه مصرّح بالاتّحاد الإطلاقي .
وإليه أشار حيث أسند القول إلى الروح ، لا إلى عيسى .
وأيضا فإنّ الروح هو المكنّى عنه بكناية التكلَّم مطلقا ، فلهذا الكلام أكمليّة في طور الولاية والبطون ، ( فهذا أكمل في الاتّحاد ) الذي يتكلَّم به لسان النبوّة ( والاعتقاد ) .


أما في الاتّحاد : فلأنّه وإن اشتملت عبارته على ضمير الغائب ، ولكنّه كناية عن يحيى ، وهو مشهود حاضر ، فله الدلالة على الاتّحاد الكمالي ، مع قيامه بشرائط مقامه الذي يتكلَّم فيه ، فإنّه لسان النبوّة وينبغي أن يتكلَّم به بما لا يأبى مدارك أهل الحجاب عنه .

وأما في الاعتقاد : فلأنّه أدفع للاحتمالات الواهية المرخية لعقود الاعتقادات ( وأرفع للتأويلات ) المشوّشة للمتردّدين من أهل الحجاب ، الذين معهم كلام الأنبياء ظاهرا ( فإنّ الذي انخرقت فيه العادة في حقّ عيسى إنما هو النطق ) فقط ، وذلك إنما يستلزم تمكَّن عقله وتكمّل آلات النطق الإنسانية وتماميته ،

قال رضي الله عنه :  ( فقد تمكَّن عقله وتكمّل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه ، ولا يلزم للمتمكَّن من النطق - على أيّ حالة كان - الصدق فيما به ينطق ) لزوما عقليّا برهانيّا خاليا عن قرائن الأحوال وخصائص المواد ( بخلاف المشهود له ) وقد نبّهت آنفا على وجه هذه العبارة ، من أنّ الضمير وإن كان ضمير غائب ، فإنّ مؤدّاه مشهود حاضر ( كيحيى ) .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّه بشّره بما قدّمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّا .  فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه ، وكلامه صدق فهو مقطوع به . وإن كان قول الرّوح :وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [ مريم : 33 ] أكمل في الاتّحاد ، فهذا أكمل في الاتّحاد والاعتقاد وأرفع للتّأويلات . فإنّ الّذي انخرقت فيه العادة في حقّ عيسى إنّما هو النّطق ، فقد تمكّن عقله وتكمّل في ذلك الزّمان الّذي أنطقه اللّه فيه . ولا يلزم للمتمكّن من النّطق - على أيّ )

قال رضي الله عنه :  ( ثم إنه ) أي الحق سبحانه كما أكرم زكريا بقضاء حاجته بتقديمه على ذكر ولده ( بشره بما قدمه ) ، أي بسبب تقديمه الحق على ذكر ولده ، فما في « قدمه » مصدرية و « من » في قوله ( من سلامه عليه ) للابتداء ، فإن التبشير هو الإخبار بما فيه مسرة ، وصيروته تبشيرا إنما نشأت من المسرة اللازمة للمخبر به والمخبر به ههنا سلام اللّه على يحيى ، فصيرورتها الإخبار به تبشير إنما نشأت مما فيه من المسرة أو المعنى ثم إنه ، أي الحق سبحانه بشر يحيى بما قدمه ،

أي بشيء قدمه ذلك الشيء وفضله على سائر الأنبياء وذلك الشيء سلام اللّه عليه في المواطن الثلاثة تفضيلا ، فإن ذلك لم يقع بالنسبة إلى نبي من الأنبياء ف « من » في " من سلامه عليه " بيانية (يَوْمَ وُلِدَ) من رحم أمه وأم الطبيعة ( ويوم يموت ) بالموت الطبيعي أو بالبقاء أو بالفناء عن مقتضيات الطبيعة في اللّه (وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) [ مريم : 15 ] يبعثه يوم القيامة أو بالبقاء بعد الفناء وإذا كان في هذه المرتبة يحيى به ذكر زكريا

قال رضي الله عنه :  ( فجاء بصفة الحياة ) فيها (وهي) ، أي صفة الحياة ما أخذ منها ( اسمه ) الدال على ذكر حياة زكريا به .
قال رضي الله عنه :  ( واعلم بسلامه عليه وكلامه صدق فهو مقطوع به وإن كان قول الروح ) ، يعني عيسى عليه السلام (وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [ مريم : 33 ] أكمل في ) الدلالة على ( الاتحاد ) ، فإنه يدل على الاتحاد بين المسلم والمسلم عليه في نظر أهل الكشف ، فلأنهما الحق ولكن في حجابية عيسى وتعينه .

( فهذا ) القول الذي وقع في شأن يحيى ( أكمل في الاتحاد والاعتقاد ) ، أي في معنى الجمع بينهما ، أما الاتحاد فلأن المسلم فيه هو الحق باعتبار هويته المتعينة ولا شك أن الهوية المطلقة في الظهور على الهوية المتعينة .

وأما الاعتقاد فلأن اعتقاد الصدق في كلام اللّه وخصوصا من أهل الحجاب أقوى من اعتقاده في كلام العبد ( و ) كما أنه لكل فيما ذكر فهو ( أرفع للتأويلات ) التي تصرفه عن ظاهره (فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق) في الزمان الغير المعتاد فيه النطق (فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه اللّه) على سبيل خرق العادة (فيه . ولا يلزم للمتمكن من النطق على).

قال رضي الله عنه : (حالة كان - الصّدق فيما به ينطق ، بخلاف المشهود له كيحيى )
(أي حالة كان ) ذلك المتمكن ( الصدق فيما به ينطق بخلاف المشهود له ) من الحق ( كيحيى ) عليه السلام .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:55 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة : -      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  (فسلام الحقّ على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهيّة به من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدلّ على قربه من اللّه في ذلك وصدقه ، إذ نطق في معرض الدّلالة على براءة أمّه في المهد ، فهو أحد الشّاهدين ، والشّاهد الآخر هزّ الجذع اليابس فتساقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع معتاد .  لو قال نبيّ آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط ، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول اللّه ، لصحّت الآية وثبت بها أنّه رسول اللّه ، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط . )
 
قال رضي الله عنه :  (فسلام الحق) تعالى (على يحيى) عليه السلام (من هذا الوجه) المذكور (أرفع) ، أي أكثر إزالة (للالتباس الواقع في) جهة (العناية الإلهية) ، أي الاعتناء الإلهي الرباني به ، أي بيحيى عليه السلام حيث أقامه اللّه تعالى في مقام الاتحاد الروحاني الحقيقي كعيسى عليه السلام ولكن ستره منه فلم يظهره عليه ،
 
وأظهره على عيسى عليه السلام وهو في المهد بسلامه على نفسه وبعد نبوّته فكان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص بإذن اللّه تعالى ، وخلق الطير ونفخ فيه الروح بإذن اللّه تعالى (من سلام عيسى) عليه السلام (على نفسه) لظهور معنى الاتحاد فيه الموهم للمعنى الفاسد ، فيحتاج إلى التأويل وعدم كون معناه مقصودا بالذات في وقت صدوره منه (وإن كانت قرائن الأحوال) من عيسى عليه السلام حين نطق وهو في المهد (تدل على قربه) ،
 
أي عيسى عليه السلام (من اللّه) تعالى (في ذلك) القول (و)على (صدقه) عليه السلام فيه إذ ، أي لأنه عليه السلام (نطق) بذلك (في معرض) ، أي لأجل (الدلالة على براءة أمه) مريم عليها السلام مما رموها به وهو طفل في المهد فهو ، أي عيسى عليه السلام أحد الشاهدين ببراءة أمه عليها السلام (والشاهد الآخر) على براءتها (هزّ الجذع) من النخل (اليابس فسقّط) بالتشديد ذلك الجذع عليها (رطبا) من التمر (جنيا) ،
 
أي نضيجا (من غير فحل) لتلك النخلة (ولا تذكير) ، أي تلقيح وهو تأبير النخل لأجل الحمل ، ومن عادته أنه لا يثمر إلا بعد ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  (كما ولدت مريم) عليها السلام (عيسى) عليه السلام (من غير فحل) لها (ولا ذكر) وهي عذراء بتول لا زوج لها عليها السلام (ولا جماع عرفي معتاد) بإيلاج وإنزال ، وإنما جاءها جبريل عليه السلام في صورة بشر سوي كما كان يأتي النبي صلى اللّه عليه وسلم في صورة دحية الكلبي الذي هو أجمل أهل زمانه ليباسطه في الوحي إليه فنفخ في فرجها فحملت بعيسى عليه السلام ، فكان النفخ في ساعة والحمل في ساعة والوضع في ساعة ، ثم جاءت به قومها تحمله فأعابوا عليها واتهموها ، فأشارت إليه فنطق وهو صغير في المهد ببراءتها .
 
قال رضي الله عنه :  (لو قال نبي) من الأنبياء عليهم السلام (آيتي) ، أي الأمر الذي جئت به خارقا للعادة دليلا على صدق دعواي النبوة (ومعجزتي) على ذلك (أن ينطق هذا الحائط فنطق) ذلك الحائط (وقال في نطقه) لذلك النبي مثلا (تكذب ما أنت برسول) اللّه تعالى ولا نبيه (لصحت الآية) ، أي المعجزة الخارقة للعادة الدالة على صدقه في دعواه النبوّة (وثبت بها) ، أي بتلك الآية (أنه) ،
أي ذلك النبي (رسول اللّه) ، لأن المعجزة نطق الحائط وقد حصلت لا معنى ما نطق به من الكلام (ولم يلتفت) بالبناء للمفعول (إلى) معنى (ما نطق به) ذلك (الحائط) من التكذيب لذلك النبي ....
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه ) أي من وجه أنه مشاهد ( أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به ) أي بيحيى والعناية هي سلام الحق عليه إذ الشاهد لرفع الالتباس الواقع في وقوع الأمر فإذا شهد الحق بسلامه عليه علم علما يقينا أن العناية الإلهية قد سبقت عليه بخلاف سلام عيسى على نفسه فإنه وإن كان أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية في حق أمه لأنه أحد الشاهدين في براءة أمه فلا يدخل الاحتمال من هذا الوجه أصلا لكنه ليس كذلك في حق نفسه لدخول الاحتمال الوهمي في حق نفسه فكان كلام عيسى في حق أمه أرفع للالتباس وفي حق نفسه رافع الالتباس لذلك قال فسلام الحق على يحيى أرفع للالتباس.
قال رضي الله عنه :  ( من سلام عيسى عليه السلام على نفسه وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه ) أي على قرب عيسى ( من اللّه في ذلك ) الوقت .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) تدل على ( صدقه ) فيما به نطق ( إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد فهو أحد الشاهدين ) فلا يستوي كلامه مع كلام الحق في رفع الالتباس بوجود هذه القرائن لأنه لما كان هذا الكلام منه بإشارة أمه لم يخلص عن دخول الاحتمال وهو عدم الالتفات إلى ما نطق به مع ثبوت براءة أمه به .
 
قال رضي الله عنه :  ( والشاهد الآخر ) على براءة أمه ( هز ) المريم ( الجذع ) أي النخلة ( اليابس فسقط رطبا جنياًّ من غير فحل ولا تذكير كما ولدت مريم عيسى عليه السلام من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد ) فكان حال الشاهد حال المشهود له .
 
قال رضي الله عنه :  ( لو قال نبيّ آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط فنطق الحائط وقال في نطفة تكذب ما أنت رسول اللّه لصحت الآية وثبت بها أنه رسول اللّه ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد. فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.  )
 
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.
وباقي النص معناه واضح


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع - للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدلّ على قربه من الله في ذلك ، وصدقه ، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمّه  في المهد ، فهو أحد الشاهدين ، والشاهد الآخر هزّ الجذع اليابس ، فسقط " رُطَباً جَنِيًّا " من غير فحل ولا تذكير كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفيّ معتاد. لو قال نبيّ : آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط ، فنطق الحائط ، وقال في نطقه : تكذب ، ما أنت برسول الله، لصحّت الآية، وثبت بها أنّه رسول الله ، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.)
 
فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى "يعني عند المحجوب الجاهل " بإشارة أمّه إليه ، وهو في المهد .
 
يعني  رضي الله عنه  : مجرّد نطق عيسى - بإشارة أمّه إليه عند سؤال الأحبار عن مريم بأنّى لك هذا و  "ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا " كاف في صحّة مدّعا مريم وبراءتها عمّا توهّمت اليهود ممّا برّأها الله ممّا قالوا ، ولكن لمّا يطرق فيما نطق مثل ما مثّل في نطق الحائط عند الجاهل كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية من سلام عيسى على نفسه وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه ، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد فهو أحد الشاهدين ، والشاهد الآخر هز الجذع اليابس فسقط رطبا جنياًّ من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفى معتاد ، ولو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط فنطق الحائط).
وقال في نطقه : تكذب ما أنت رسول الله لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله ولم يلتفت إلى ما نطق به، فلما دخل على هذا الاحتمال أي عند المحجوب الجاهل
 
"" أضاف عبد الرحمن جامي :   
فحاصل المعنى ثم أنه تعالى بشر يحيى بما قدمه بشيء قدمه ذلك الشيء وفضله على سائر الأنبياء ، وذلك الشيء سلام عليه في المواطن الثلاثة تفصيلا ، فإنه لم يقع إلى نبي من الأنبياء ومن قوله من سلامه بيانية – "يَوْمَ وُلِدَ "   - من رحم أمه أو أم الطبيعة – "ويَوْمَ يَمُوتُ " - بالموت الطبيعي أو الإرادى –" ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " - يوم القيامة أو بالبقاء بعد الفناء ،
وإذا كان في هذه المرتبة به ذكر زكريا فجاء بصفة الحياة فيها ، وهي ما أخذ منها اسمه الدال على حياة ذكر زكريا وأعلمه بسلامه وكلامه صدق فهو مقطوع به اهـ جامى . ""
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للإلتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه ، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد . فهو أحد الشاهدين . ) أي ، على براءة أمه وقربه من الله وكونه نبيا
 
قال رضي الله عنه :   ( والشاهد الآخر هز الجذع اليابس ، فسقط رطبا جنيا ) أي ، الشاهد الآخر على البراءة وكونه نبيا من عند الله ، قوله لها : ( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا ) . فهزت الجذع اليابس ، فتساقط التمر حال كونه رطبا جنيا .
 
قال رضي الله عنه :  (من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد ، لو قال ) أي ، حتى لو قال :
قال رضي الله عنه :  ( نبي : آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط . فنطق الحائط ، وقال في نطقه : تكذيب قد ما أنت رسول الله ، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله . ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط .)

أي ، لما دخل احتمال عدم الصدق في قول عيسى ، عليه السلام ، عند الجاهل بالحقائق والأسرار الإلهية ، حين تكلم بإشارة أمه إليه في براءة ذمتها عما نسبوها إليه ، كان سلام الله على يحيى أرفع من سلام عيسى على نفسه من هذا الوجه .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:58 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة : -      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .

قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحقّ على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهيّة به من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدلّ على قربه من اللّه في ذلك وصدقه ، إذ نطق في معرض الدّلالة على براءة أمّه في المهد ، فهو أحد الشّاهدين ، والشّاهد الآخر هزّ الجذع اليابس فتساقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع معتاد ).

قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه ) ، وإن كان ينكره لا يفيد الحصر الكلي ( أرفع للالتباس ) أي : التباس الصدق والكذب من احتمال كل منهما ، وهذا الرفع هو ( الواقع في العناية الإلهية ) بزكريا عليه السّلام ؛ لأنه يدل على الاهتمام بتميز صدقه عن احتمال الكذب .

قال رضي الله عنه :  ( من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من اللّه في ) ظهور ( ذلك ) الخارق عليه ؛ لأنه كرامة أو إرهاص ، والقريب من اللّه بريء من الكذب ؛ لأنه نقص ، وذلك يدل على ( صدقه إذ ) لا واسطة بينهما في الأصح ، ( إذ نطق ) بطريق الكرامة التي تشبه المعجزة في الدلالة على ثبوت ما ظهرت له ( في معرض الدلالة على براءة أمه ) .
وهذا النطق وإن لم يكن خارقا للعادة من حيث هو نطق ، فهو خارق لها من حيث هو ( في المهد ) ، وهي وإن أشبهت المعجزة فلا تبلغ رتبتها في الدلالة على ثبوت ما ظهرت له لاحتمال الاستدراج فيها ، فلابدّ من شاهد آخر معها ،

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي : نطقه في المهد ( أحد الشاهدين ) على براءة أمه ، ( والشاهد الآخر ) وهو الأنسب للمدلول ( هز الجذع اليابس ) هزته ، ( فسقط ) ثمرها ( رطبا جنيّا ) من محل ، ولا تأثير مع أن النخل يحتاج إلى ذلك كالمرأة ، فكان سقوطه بدونها ، ( ولما ولدت مريم عيسى من غير فحل ) من الحيوان ، ( ولا ذكر ) من الإنسان ، ( ولا جماع ) عرفي ( معتاد ) من جبريل عليه السّلام ،

وإن حصل نفخه رطوبة خالطت منيها من سريان الشهوة ، وإنما ذكر المعتاد مع العرفي ؛ لأن ثمة جماعا غير عرفي لكنه معتاد ، وهو إدخال نطفة الرجل في الفرج ، فإنه موجب للتولد على ما تراه الفقهاء ، وإن أنكره بعض الأطباء ، وهذا غير عرفي ولا معتاد بين احتمال الكذب في نظر العقل مع كونه مرجوحا ، بل مردودا بالقرائن المذكورة ، وبدلالة المعجزة بعد ذلك بمثال يفرضه المتكلمون فيما يخالف المعجزة للفرعون ،
وقالوا : إن كانت المخالفة في نفس المعجزة لم يدل على صدق المدعي ، وإلا فالصحيح دلالتهما على الصدق إن كانت المخالفة بعد مدة ، وكذا إن لم يتحلل مدة على الصحيح .

قال رضي الله عنه :  ( لو قال نبيّ : آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط ، فنطق الحائط ، وقال في نطقه : تكذب ما أنت رسول اللّه ، لصحّت الآية ، وثبت بها أنّه رسول اللّه ، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط ؛)

فقال رضي الله عنه  : ( لو قال نبي : آيتي ومعجزتي ) إنما جمع بينهما ؛ ليدل على أن المعجزة إذا خالفت الدعوة مخالفة لا تضر في الدلالة على الصدق ، كانت آية على صدقه ، فلا تكون مخالفته منافية لقوله : إنها آيتي ( أن تنطق هذا الحائط ) قيد بالإشارة ؛ لأنه لو نطق غيره من الحيطان ، فلا دلالة في ذلك أصلا ؛ فلذلك أظهره في قوله : ( فنطق الحائط ) أو لا بما لا تكذيب له فيه ، وإلا كان نفس المعجزة مكذبا ، فيزداد اعتقاد الكذب ،
ويدل على هذا القيد آخر كلام الشيخ رحمه اللّه ولكن ( قال في ) أثناء ( نطقه تكذب ما أنت رسول اللّه ) إنما ذكره ؛ لأن الكذب أعم من أن يكون في دعوى الرسالة أو غيرها ، ( فصحت الآية ) بالنطق الأول الذي لا تكذيب فيه ، ( وثبت بها أنه رسول اللّه ) ، وإنما ذكره لئلا يتوهم أنه إنما يكون أنه لثبوت رسالة نبي آخر ؛ ولثبوت كونه وليّا لا نبيّا ، ( ولم يلتفت )

على الصحيح عند المتكلمين ( إلى ما نطق به الحائط ) بعد ذلك عن اختياره ، أو لا مخالفة في القدر التي تصح بها المعجزة وإن كانت فيما هو من جنسها .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.) .

قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس ) الذي لأهل الحجاب ، فسلام الحق ( الواقع في العناية الإلهية به ) - فيما فيه من أطوار النبوّة وإحكام أحكامها ( من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال ) الخارجة عن دلالة الألفاظ ( تدلّ على قربه من الله في ذلك وصدقه إذ نطق في معرض الدلالة على براءة امّه في المهد ، فهو أحد الشاهدين )
في الوجود الكلامي الذي هو طرف العلم والشهود ، وهو تولَّد الكلام من امّ الفم التي هي مادّة نتيجة التكلم بدون أب العقل وبلوغ إدراكه .


قال رضي الله عنه :  ( والشاهد الآخر ) في الوجود الخارجي الذي هو طرف العين والوجود (هزّ الجذع اليابس ، فسقط رطبا جنياًّ من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد ) ، فإنّك قد عرفت أنّ في تلك القضية ما هو أصل الجماع وحقيقته .

"" أضاف الجامع قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثمانون وأربعمائة : 
وقد بينا عالم الأمر والخلق ما هو وهو الوجه الخاص الذي في عالم الخلق وما عثر عليه أحد من أهل النظر في العلم الإلهي إلا أهل الله ذوقا
ولما كان للصبي حدثان هذا القرب وهو قرب التكوين والسماع ولم يحل بينه وبين إدراك قربه من الله حائل لبعده عن عالم الأركان في خلقه
فلم يكن عن أب عنصري ولكن كان روح الله وكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ فلم يكن ثم ما يغيبه عمن صدر عنه
فقال مخبرا عن ما شاهده من الحال فحكم في مهده على مرأى من قومه الذين افتروا في حقه على أمه مريم فبرأها الله بنطقه وبحنين جذع النخلة إليه إذ أكثر الشرع في الحكومة بشاهدين عدلين ولا أعدل من هذين
فقال إِنِّي عَبْدُ الله فحكم على نفسه بالعبودية لله وما قال ابن فلان لأنه لم يكن
ثم وإنما كان حق تجلى في صورة روح جبريل لما في القضية من الجبر الذي حكم في الطبيعة بهذا التكوين الخاص الغير معتاد
آتانِيَ الْكِتابَ فحصل له إنجيله قبل بعثه فكان على بينة من ربه
فحكم بأنه مالك كتابه الإلهي وجَعَلَنِي نَبِيًّا
فحكم بأن النبوة بالجعل لأن الله يقول في أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ
فهو في الصورة بالجعل لئلا يتخيل أن ذلك بالذات بل هو اختصاص إلهي وجَعَلَنِي مُبارَكاً أي خصني بزيادة لم تحصل لغيري
وتلك الزيادة ختمه للولاية ونزوله في آخر الزمان وحكمه بشرع محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم
حتى يكون يوم القيامة ممن يرى ربه الرؤية المحمدية في الصورة المحمدية
أينما كنت من دنيا وآخرة فإنه ذو حشرين يحشر في صف الرسل ويحشر معنا في أتباع محمد صَلَّى اللهُ عَليهِ وسَلَّم أهـ. ""

المستفاد من تكلم عيسى عليه السّلام في المهد
وإذ كان لكلامه هذا دقّة تأبى نفوس أكثر الناس عنه ، مثّله بمثال يكشف وجه دقّته ، وهو قوله :

قال رضي الله عنه :  ( لو قال نبيّ : « آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط » فنطق الحائط وقال في نطقه : « تكذب ، ما أنت رسول الله » لصحّت الآية وثبت بها أنّه رسول الله ، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط ) فإن الآية هو نفس التكلم ، لا الكلام بمؤدّاه .
وكذلك أمر نطق عيسى .

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه، إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد.
فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط.   ) .

قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحقّ على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهيّة به من سلام عيسى على نفسه ، وإن كانت قرائن الأحوال تدلّ على قربه من اللّه في ذلك وصدقه ، إذ نطق في معرض الدّلالة على براءة أمّه في المهد ، فهو أحد الشّاهدين ، والشّاهد الآخر هزّ الجذع اليابس فتساقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير ، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع معتاد . لو قال نبيّ آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط ، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول اللّه ، لصحّت الآية وثبت بها أنّه رسول اللّه ، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط .)  

قال رضي الله عنه :  ( فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من اللّه في ذلك وصدقه إذ نطق ) إذ تحتمل التعليل والظرفية ، أي حين نطق
( في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد فهو أحد الشاهدين ) ، على براءة أمه ( والشاهد الآخر هز الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد ) .
ثم فرض رضي اللّه عنه لبيان أن احتمال الكذب فيما ينطق به عيسى لا ينافي ما هو المقصود من نطقه من براءة أمه ، فقال رضي الله عنه : ( لو قال نبي : آيتي ومعجزتي أن ينطق هذا الحائط فنطق الحائط ) ، فإن الآية هي نفس المتكلم لا الكلام بمراده ، وكذلك حال نطق عيسى عليه السلام.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 10:59 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة : -      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمّه إليه وهو في المهد ، كان سلام اللّه على يحيى أرفع من هذا الوجه .  فموضع الدّلالة أنّه عبد اللّه من أجل ما قيل فيه إنّه ابن اللّه - وفرغت الدّلالة بمجرّد النّطق - وأنّه عبد اللّه عند الطّائفة الأخرى القائلة بالنّبوّة . وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النّظر العقليّ حتّى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقّق ما أشرنا إليه . )
 
قال رضي الله عنه :  (فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى) عليه السلام (بإشارة أمه) مريم عليها السلام (إليه وهو) صغير (في المهد) ، فاحتمل أن يكون الخارق للعادة المقصودة هو نطقه مع صغره جدا ، وقد حصلت البراءة بذلك ، ويحتمل أن الخارق للعادة في مضمون كلامه أيضا ، ومعلوم أن العصمة إنما تقررت له عند الغير في زمان نبوّته ودعواه الرسالة لا في حال صغره وكونه في المهد .
 
قال رضي الله عنه :  (كان سلام اللّه) تعالى (على يحيى) عليه السلام (أرفع) رتبة من سلام عيسى عليه السلام على نفسه (من هذا الوجه) المذكور (فموضع الدلالة) من مضمون كلامه عليه السلام وهو في المهد على صدق عبوديته للّه تعالى وبطلان ما يدعيه الجاهلون في حقه قوله (أنه عبد اللّه) وهي دعوى ظاهرة لا تحتاج إلى إثبات ، فإنه عبد اللّه بلا شبهة ، وذلك القول (من أجل ما قيل فيه) من الجاهلين به أنه ابن اللّه تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
 
قال رضي الله عنه :  (وفرغت الدلالة منه بمجرد النطق) الذي أتى به (وأنه) ، أي عيسى عليه السلام بلا شك (عبد اللّه عند الطائفة الأخرى) العارفين به عليه السلام وهم المؤمنون (القائلة) تلك الطائفة فيه بالنبوة ، أي أنه نبي من أنبياء اللّه تعالى وبقي ما زاد على ذلك كلامه عليه السلام وهو في المهد وذلك قوله :آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا .
 
قالَ تعالى : إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ( 30 ) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا ( 31 ) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا ( 32 ) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا( 33 ) ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (35)  [ مريم : 30  33 ] ،
 
قال رضي الله عنه :  (في حكم الاحتمال في النظر العقلي) لأنها دعوى قابلة للثبوت (حتى يظهر في المستقبل) بعد كبره صدقه بالمعجزات (في جميع ما أخبر به وهو في المهد) مما ذكر في الآية .
قال رضي الله عنه :  (فتحقق) يا أيها السالك ما أشرنا إليه هنا من هذه الأسرار واللّه فاتح البصائر والأبصار .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد كان سلام اللّه على يحيى أرفع ) للالتباس ( من هذا الوجه ) أي من وجه دخول احتمال في كلام عيسى وعدم دخوله في كلام الحق فلو لم يكن هذا الكلام منه بإشارة أمه ولم يكن في معرض الدلالة على براءة أمه لم يدخل هذا الاحتمال ( فموضع ) أي متعلق ( الدلالة أنه عبد اللّه ) في قوله "إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ".
 
قال رضي الله عنه :  ( من أجل ما قيل فيه أنه ابن اللّه وفرغت أي تمت الدلالة بمجرد النطق ) وهو قولهإِنِّي عَبْدُ اللَّهِإذ قراره يثبت عبوديته وينتفي ما قيل في حقه أنه ابن اللّه ( وأنه عبد اللّه عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوة ، وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل ) عند نزوله ( صدقه ) أي صدق عيسى ( في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه ) من أسرار الكلامين الذين في حق عيسى ويحيى عليهما السلام .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه. فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة. وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه. )
وذكررضي الله عنه المفاضلة بين يحيى وبين عيسى عليه السلام بما يتضح من نفس كلامه.
وباقي النص معناه واضح


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه  : ( فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى "يعني عند المحجوب الجاهل "بإشارة أمّه إليه ، وهو في المهد .)
 
يعني  رضي الله عنه  : مجرّد نطق عيسى - بإشارة أمّه إليه عند سؤال الأحبار عن مريم بأنّى لك هذا و  "ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا " كاف في صحّة مدّعا مريم وبراءتها عمّا توهّمت اليهود ممّا برّأها الله ممّا قالوا ، ولكن لمّا يطرق فيما نطق مثل ما مثّل في نطق الحائط عند الجاهل كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه .
 
قال رضي الله عنه  : ( فموضع الدلالة أنّه عبد الله من أجل ما قيل فيه : إنّه ابن الله - وفرغت الدلالة بمجرّد النطق - وأنّه عبد الله ، عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوّة ، وبقي ما زاد بحكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقّق ما أشرنا إليه ).
يعني : العرفيّ الحجابيّ ، لأنّ النظر الصحيح العقلي - مع ثبوت دلالة القرائن على صحّته في نطقه - يقضي بصحّة جميع ما نطق به عليه السّلام إذ لو تطرّق احتمال نقيض الصدق في بعض ما نطق ، لوقع ارتباك في غير ذلك البعض ،
فإنّ الكذب في بعض الكلام يفضي إلى احتمال الكذب في الباقي ، وبكمال صحّة الصدق في موضعي الدلالة يجب صحّته في الباقي ،
وكذلك سقوط الرطب الجنّي بإخباره في بطن أمّه - مع عدم معقوليّة ذلك من الجذع اليابس - قبل تسليمه على نفسه شاهد بصدق إخباراته كلَّها عقلا مؤيّدا بالنور ،
وكذلك كلامه في المهد ، فإنّ من أقدر على الكلام في المهد - خرقا لعادة العقل والعرف بإذن الله في موضع إقامة المعجزة على براءة أمّه وأنّه نبيّ صادق بكلام متّصل مفتتحه دعوى عبودة الله ومختتمه التسليم على نفسه من قبل الله ، بتمكين الله
 
له في كل ذلك - دليل صحيح تامّ على صدقه في تمام الإخبارات وارتفاع الالتباس وتطرّق الاحتمال في نظر العقل الصحيح الإلهي ، ولكنّ الاحتمال لأهل  الوهم والعقل المحجوب بالعرف والعادة ، وعندهم لا يرتفع الالتباس ، وأمّا عند الشيخ والمحمديّين فليس للاحتمال المذكور وجه أصلا ، ورأسا ، فافهم ، 
" وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ "
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه : ( فلما دخل هذا الإحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه )
يعنى مجرد نطق عيسى بإشارة أمه إليه عند سؤال الأحبار مريم بقولهم : "لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيًّا"
وقولهم " ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا "   كاف في صحة مدعى مريم وبراءتها مما توهمت اليهود في حقها ، إذ برأها الله مما قالوا بنطقه في المهد لكن تطرق فيما نطق به مثل ما مثل به عند الجاهل في نطق الحائط كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه
 
"" أضاف بالي زادة :   
(في العناية الإلهية به ) أي بيحيى والعناية هي سلام الحق عليه ، بخلاف سلام عيسى لنفسه لأنه أحد الشاهدين في براءة أمه لا يدخل الاحتمال من هذا الوجه أصلا ، لكنه ليس كذلك في حق نفسه لدخول الاحتمال الوهمي في حق نفسه ، فكان كلام عيسى في حق أمه أرفع للالتباس ، وفي حق نفسه رافع الالتباس فلا يساوى كلامه مع كلام الحق في رفع الالتباس بوجود هذه القرائن من غير فحل ولا تذكير فكان حال الشاهد حال المشهود له اهـ بالى زادة. ""
 
قال رضي الله عنه : ( فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله ، وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوة ، وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه ) .
 
فرغت الدلالة أي تمت وصحت . والمراد بالنظر العقلي النظر العرفي العادي الحجابى ، لأن العقلي الصريح المجرد لما شاهد صحة بعض كلامه في قوله :
 ( إِنِّي عَبْدُ الله )  حكم بصحة جميع ما نطق به لأن قرائن الأحوال عند أهل الذوق والعقل الخالص عن الوهم والعادة دلائل شاهدة كيف نطق ، ومجرد نطقه دليل على براءة أمه صادق في شهادته ، فمحال أنه لا يدل على صدق نفسه ، ولو تطرق احتمال الكذب في البعض لتطرق في سائر الأبعاض ، صدقه في موضع الدلالة يقتضي صدقه في البواقي ،
وكذلك سقوط الرطب الجنى من الجذع اليابس بإخباره في بطن أمه قبل تسليمه على نفسه يحكم بكونه روحا مقدسا مؤيدا بالنور ، فكيف لا يصدق في تسليمه على نفسه ،
وكفى بكلامه في المهد مع كونه كلاما منتظما مفتتحة دعوى عبودية الله ، ومختتمه تسليمه على نفسه من قبل الله دليلا على صدقه بإخباراته وارتفاع اللبس عنها عند العقول السليمة ،
فظهر أنه ليس عند أهل التحقيق لبس واحتمال .
وأما العقول المحجوبة المشوبة بالوهم فلا اعتبار بنظرها .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد ، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه . ) .
أي ، لما دخل احتمال عدم الصدق في قول عيسى ، عليه السلام ، عند الجاهل بالحقائق والأسرار الإلهية ، حين تكلم بإشارة أمه إليه في براءة ذمتها عما نسبوها إليه ، كان سلام الله على يحيى أرفع من سلام عيسى على نفسه من هذا الوجه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فموضع الدلالة أنه عبد الله ، من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله . وفرغت الدلالة بمجرد النطق . وأنه عبد الله عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوة ، وبقى ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد . فتحقق ما أشرنا إليه . ) أي ، متعلق الدلالة في قوله : ( إني عبد الله ) .
أنه عبد الله لينفى ما يقال فيه : إنه ( ابن الله ) . كأن روحه استشعر بأن أكثر أمته يذهبون إلى أنه ابن الله ، فبدأ بقوله : ( إني عبد الله ) . نفيا لما عندهم .
وذلك لأن الأرواح الكاملة قد يكون بحيث لا يخفى عليها جميع ما يجرى في هذا العالم قبل ظهورها فيه ، لما يشاهد إياه في ألواح كتب السماوات وأرواحها عند المرور عليها .
ويكون ما يشاهد مستصحبا معه باقيا في حفظه ، كما سئل بعضهم : أتذكر عهد (ألست بربكم)؟
قال : كأنه الآن في أذني .
وقال آخر : كأنه كان أمس . فقال بعضهم : أذكر ست مواطن آخر للعهد .
 
قال رضي الله عنه :  ( وفرغت الدلالة بمجرد النطق . ) أي ، تمت الدلالة على أنه عبد الله عند الطائفة الأخرى من أمته القائلة بنبوته .
وإن لم يقل إني عبد الله ، فإنه بمجرد إتيانه بالنطق حصلت الدلالة على كونه عبد الله ونبيا من أنبيائه ، صادقا فيما قال الشيخ رضي الله عنه : "إني عبد الله آتاني الكتاب والحكم والنبوة ".
وقوله رضي الله عنه : ( وبقى ما زاد في حكم الاحتمال ) أي ، عند الجاهلين بحسب نظر عقولهم المشوبة بالوهم ، إذ يتوهم الجاهل أنه يمكن أن يكون كاذبا في قوله : "آتاني الكتاب والحكم والنبوة " .
وفي قوله : " والسلام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا ".
ويبقى الاحتمال مستصحبا معهم إلى أن يظهر عندهم نور الإيمان به ويرتفع عندهم حجاب الكفر.
لا بحسب نظر عقول المنورة ، فإن نطقه في المهد وفي جميع قرائن أحواله براهين لائحة وآيات واضحة ودلائل شاهدة على صدقه في كل ما يقول ويخبر به ، وهو في المهد .
( فتحقق ما أشرنا إليه . ) أي ، من الأسرار واللطائف فيما قال الحق في يحيى وقال عيسى في نفسه من السلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا ، تهتدي بلطائف أخر .

والله الهادي .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 11:00 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة : -      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمّه إليه وهو في المهد ، كان سلام اللّه على يحيى أرفع من هذا الوجه ، فموضع الدّلالة أنّه عبد اللّه من أجل ما قيل فيه إنّه ابن اللّه وفرغت الدّلالة بمجرّد النّطق وأنّه عبد اللّه عند الطّائفة الأخرى القائلة بالنّبوّة ، وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النّظر العقليّ حتّى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقّق ما أشرنا إليه ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في ) آخر ( كلام عيسى ) مع أن أوله ليس بمعجزة تدل على صدقه في جميع ما نطق به بعده ، إذ كان ( بإشارة ) امتثاله ، وكيف يكون أوله معجزة له ( وهو ) الآن ( في المهد ) ولا نبوة إلا بعد أربعين سنة ( كان سلام اللّه على يحيى أرفع من هذا الوجه ) ، إذ لا احتمال فيه أصلا ، وفي كلام عيسى عليه السّلام في آخره هذا الاحتمال بوجه من الوجوه ، وإن ارتفع بالقرائن ودلالة المعجزة بعد ، وإن كانت كرامة لأمه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فموضع الدلالة ) إنما هو كلامه وهو ( أنه عبد اللّه ) ، فإنه من حيث هو كرامة لأمه دل على براءتها من الفجور لمنافاة الكرامة إياه ، لكن تخصص هذا اللفظ ( من أجل ما قيل فيه أنه ابن اللّه ) ؛ لأن الولد إما ولد الحلال أو ولد الزنا ، والكرامة تنافي كونه ولد الزنا ؛ فهو ولد الحلال ، ولكن ولد الحلال لا يكون بلا أب ولا أب له غير اللّه بالاتفاق ، فهو اللّه سبحانه وتعالى والمقدمة الاستثنائية ممنوعة ، فإن ولد الحلال إنما لا يكون بلا أبّ إذا كان بحسب العادة المستمرة لا بخرق العادة ، ( وفرغت الدلالة ) على براءة الأم ( بمجرد النطق ) سواء نطق ( بأنه عبد اللّه ) ، أو بأن اللّه برّأه أم لا ؛
 
ولكن ثبت بقوله :إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ أنه عبد اللّه ( عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوة ) ؛ لأنه إرهاص يجري مجرى المعجزة في الصدق بخلاف من يقول إنه ابن اللّه ، فإنه يؤوله بأنه كعبد اللّه في القيام بأوامره ونواهيه ، وبخلاف من قال إنه ولد الزنا ، فإنه يقول هذا من سحر أمه وشيطنتها ، لعنهم اللّه فأصمهم وأعمى أبصارهم ، ( وبقي ما زاد ) من قوله :آتانِيَ الْكِتابَ[ مريم : 30 ] إلى قوله :وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [مريم : 33 ] في حكم الاحتمال ،
أي : احتمال الكذب في النظر العقلي بدون النظر في القرائن ؛ لخروجه عن موضع الدلالة في صدوره عن اختيار منه بعد كمال عقله في حق من سمعه قبل ظهور المعجزة ، حتى يظهر في المستقبل صدقه بظهور المعجزات على يديه الدالة على صدقه في جميع ما أخبر به ، حتى فيما أخبر به وهو في المهد عناية علم بالمعجزة أنه كان إرهاصا وله حكم المعجزة ؛ لكن إنما يعرف ذلك بعد ظهور المعجزة .
 
فتحقق ( ما أشرنا إليه ) من رفع الالتباس في سلام الحق على يحيى من كل وجه ، بخلاف سلام عيسى على نفسه في بادئ الرأي ، وإن ارتفع عند التحقيق ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
ولما فرغ عن بيان الحكمة الجلالية المتعلقة بأول الأسماء ، وهو الدّال على جلال الذات ، شرع في بيان ما به تعلقها بالعالم مع استغنائها عنه بنفسها ، إذ لو افتقر لم يتقدم على المفتقر إليه لها ، والمتأخر لإمكانه في نفسه يفتقر إلى المتقدم ، فلابدّ له من متعلق به ، وليس تعلق الافتقار لما ذكرنا لبطلان الدور ؛ فهو تعلق الملائكة الذي لا تصرف بدونها ؛
فقال فص الحكمة المالكية في الكلمة الزكرياوية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة امّه إليه - وهو في المهد - فموضع الدلالة أنّه عبد الله من أجل ما قيل فيه ) من قبل المنكرين : ( أنّه ابن الله ، وفرغت الدلالة بمجرّد النطق ) فإنّه كاف في براءة امّه كما سبق بيانه ، لا يحتاج إلى أمر زائد.
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنّه عبد الله عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوّة ) لعيسى ( وبقي ما زاد ) على عبوديّته لله وبراءة امّه - وهو أنّه قد آتاه الله الكتاب وجعله نبيّا وجعله مباركا حيث كان - ( في حكم الاحتمال في النظر العقلي ،حتى ظهر في المستقبل ) .
بعد ظهور الخاتم وتصديقه إيّاه بكتابه المنزل عليه ( صدقه في جميع ما أخبر به في المهد ) ولذلك ما ظهر أمر نبوّة عيسى إلا بعد رفعه واختفائه ،
فإنّه في زمان عيسى ما آمن به إلا شرذمة قليلة ، وما تمكَّن من إبلاغ ما بعث لأجله إلا بعد بعث الخاتم وإبلاغ كتابه الكامل على امّته ،
فحينئذ استعدّوا لتصديق الروح بتمام ما أخبر به في المهد فلذلك تنزل الروح بعد الخاتم ويتمّ أمره الذي خلق له وبعث به ومن ثمّة قال : ( فتحقّق ما أشرنا إليه ).
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه.
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا دخل هذا الاحتمال في كلام عيسى بإشارة أمّه إليه وهو في المهد ، كان سلام اللّه على يحيى أرفع من هذا الوجه .  فموضع الدّلالة أنّه عبد اللّه من أجل ما قيل فيه إنّه ابن اللّه - وفرغت الدّلالة)
 
قال رضي الله عنه :  (وقال في نطقه تكذب ما أنت برسول اللّه صحت الآية ) الدالة على نبوته ( وثبت بها أنه رسول اللّه ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط ) ، فإن الآية هي نفس المتكلم لا الكلام بمراده ، وكذلك حال نطق عيسى عليه السلام ( فلما دخل هذا الاحتمال )
أي احتمال الطائفة للواقع واحتمال عدمها بمجرد النطق العقلي ( في كلام عيسى ) الصادر عنه .
 
قال رضي الله عنه :  ( بإشارة أمه إليه وهو في المهد فموضع الدلالة ) المعتبرة المقبولة في كلامه ( أنه عبد اللّه ) فإن قوله :إِنِّي عَبْدُ اللَّهِيدل عليه فهو موضع الدلالة ومحل وقوعها عليه ، وهذه الدلالة معتبرة عقلا ( من أجل ) أن هذا الكلام إنما وقع في مقابلة ( ما قيل فيه إنه ابن اللّه ) ولا شك أن مرتبة العبدية دون مرتبة البنوة بتقديم الباء على النون فقوله :إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ إقرار بما هو عليه ، والعقل يتبادر إلى قبوله ( وفرغت ) ، أي تمت ( الدلالة ) على براءة أمه .
 
قال رضي الله عنه :  (بمجرّد النّطق - وأنّه عبد اللّه عند الطّائفة الأخرى القائلة بالنّبوّة .
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النّظر العقليّ حتّى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقّق ما أشرنا إليه .)
 
قال رضي الله عنه :   ( بمجرد النطق ) من غير أن يكون المؤدى الكلام فيه ( و ) على ( أنه عبد اللّه ) بقوله :إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ، ولكن هذه الدلالة الثانية إنما اعتبرت ( عند الطائفة الأخرى القائلة بالنبوة ) ، أي نبوة عيسى ، فإن العبدية لا تنافي النبوة بتأخير الباء عن النون بخلاف الطائفة الأولى فإنها تنافي النبوة بتقديم الباء على النون ( وبقي ما زاد ) على ما ذكرنا من قوله :آتانِيَ الْكِتابَ والحكم والنبوة ومن قوله :وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا .
 
قال رضي الله عنه :   ( في حكم الاحتمال بالنظر العقلي ) فإنه إقرار في حق نفسه بما له لا بما عليه ولا يتبادر للعقل إلا قبوله ( حتى يظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد ) بعد البعثة وظهور الآيات والمعجزات وقد اتضح من تقرير كلامه رضي اللّه عنه على هذا الوجه .
أن قوله : فموضع الدلالة ، جواب لما في قوله : ولما دخل ، فلا حاجة إلى زيادة وقعت في بعض الشروح
قبل قوله : فموضع الدلالة ليكون جواب لما وهي قول فلأن سلام اللّه على يحيى أرفع من هذا الوجه ،
وليست هذه الزيادة في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه ، ولا في النسخ الأخر التي رويناها ،
ولا يخفى على الفطن أن مقصود الشيخ من هذه الكلمات ليس تفضيل يحيى على عيسى عليهما السلام كما توهمه بعض القاصرين ،
بل ترجيح ما وقع في شأن يحيى على ما وقع في شأن عيسى عليه السلام من حيث التنصيص على المقصود ،
وأين أحدهما على الآخر وكأنه رضي اللّه عنه نظر إلى أمثال هذه التوهمات
فقال رضي الله عنه : ( فتحقق ما أشرنا إليه ) تهتد إلى فهم المراد واللّه الموفق للسداد والرشاد.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 11:01 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة : -     
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
20 – شرح نقش فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
إنّما اختصّت الكلمة اليحيوية بالحكمة الجلالية لأنّ من شأن الجلال القهر لما يقال له «الغير» و «السوي» و إثبات الوحدة الإطلاقية و نفى ما يشعر بالثنوية على ما هو مقتضى التعيّنات الجلائية، و لذلك يستلزم الأوّلية و الخفاء.
و كان في يحيى أيضا هذه الوحدة حتّى لا تغاير بين اسمه و صفته و صورته و معناه، و به صار مظهرا للأوّلية بأن لم يكن له سميّا قبله.
 
و أيضا كان الغالب على حاله أحكام الجلال من القبض و الخشية و الحزن و البكاء و الجدّ و الجهد في العمل و الهيبة و الرقّة و الخشوع في القلب. روى أنّه بكى من خشية الله حتّى خدّت الدموع في خدّه أخاديد. و كان لا يضحك إلّا ما شاء الله.
و ورد في الحديث ما معناه أنّ يحيى و عيسى عليهما السلام تفاوضا،
فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه، «كأنّك قد أمنت مكر الله و عذابه».
فقال عيسى، "كأنّك أيست من فضل الله و رحمته".
فأوحى الله إليهما "أنّ أحبّكما إلىّ أحسنكما ظنّا بى".
و كل ذلك من مقتضيات حضرة الجلال و القيام بحقّها.
و لذلك قتل في سبيل الله، و قتل على دمه سبعون ألفا حتّى سكن دمه من فورانه.
 
اعلم أنّه ليس في الوجود موجود يستهلك كثرة صفاته و أفعاله في وحدة ذاته بحيث يضمحلّ لديها كلّ عدد و معدود إلّا الحق سبحانه.
فمن عنايته بشأن يحيى عليه السلام أن جعل له من هذا الكمال نصيبا، فأقامه مقام نفسه.
فأدرج اسمه و صفته و فعله في وحدة ذاته بأن جمع في اسمه بين الدلالة على ذاته و بين الدلالة على صفته و فعله فاتّحد الكل بحسب الوجود اللفظي:
أمّا دلالته على ذاته، فللعلمية و أمّا على فعله، فلأنّه صيغة فعل يدلّ على إحيائه ذكر زكريّا عليه السلام و أمّا على صفته، فلأنّه ليس
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أنزله منزلته من الأسماء . فلم يجعل له من قبل سمياً . فبعد ذلك وقع الاقتداء به في اسمه . ليرجع إليه . وآثرت فيه همة أبيه لما أشرب قلبه من مريم . وكانت منقطعة من الرجال . فجعلهُ حصوراً بهذا التخيل .
والحكماء عثرت على هذا مثل هذا .
فإذا جامع أحدٌ أهله فليخيل في نفسه عند إنزاله الماء أفضل الموجودات .
فإن الولد يأخذ من ذلك بحظٍ وافر . إن لم يأخذه كله .)
 
إحياؤه ذكر زكريّا إلّا للاتّصاف بصفاته و الظهور بها.
 
و لمّا كانت الوحدة تستلزم الأوّلية و عدم المسبوقية بالغير، (أنزله)، أي أنزل الله يحيى، أي (منزلة)، أي منزلة نفسه تعالى، (في) أوّلية الأسماء فكما كان لاسمه سبحانه الأوّلية- أعنى الاسم «الله»، حيث لم يسمّ به غيره سبحانه قبله و لا بعده- كذلك أعطاه الأوّلية في الاسم.
(فلم يجعل له)، أي ليحيى، (من قبل)، أي قبل تسميته بـ «يحيى»، (سميا)، أي مشاركا له في هذا الاسم. و المراد بأوّلية اسم الشي‏ء أن يكون اسميّته و علميّته أوّلا بالنسبة إلى ذلك الشي‏ء، لا إلى غيره.
فبعد ذلك، أي بعد أن أعطاه الأوّلية في ذلك الاسم، (وقع) من غيره (الاقتداء به)، أي بيحيى، (في اسمه) هذا، (ليرجع اليه) ، و يجعل أصلا في التسمية بهذا الاسم.
فمن سمّى به إنّما سمّى به على سبيل التطفّل و التبعية.
(و أثرت فيه)، أي في يحيى، (همة أبيه) زكريّا عليه السلام- فانّ الهمّة من الأسباب الباطنة- (لما أشرب قلبه) ، أي قلب أبيه زكريّا، (من) حبّ (مريم)، فانّ أوّل الأسباب في وجود يحيى استحسان أبيه عليهما السلام حال مريم.
فتوجّه بهمّته ملتجئا إلى ربّه بدعائه.
فاستجاب له ربّه و رزقه يحيى عليه السلام. (فجعله) الله أو أبوه (حصورا) لم يقرب النساء، حصرا لنفسه، أي منعا لها عن الشهوات، بهذا التخيل، أي بسبب تخيّله مريم و استحسانه أحوالها عند إرسال همّته على وجود يحيى.
و في بعض النسخ: «فجعله حصورا هذا التخيّل»، على أن يكون «هذا التخيّل» فاعلا لقوله "جعله".
(و الحكماء عثرت) و اطّلعت (على مثل هذا، فإذا جامع أحد أهله، فليخيل هو في نفسه) و أهله أيضا في نفسها (عند انزال الماء) في رحمها (أفضل الموجودات) المستحضرة عنده، (فان الولد يأخذ من ذلك التخيّل بحظ وافر) و نصيب كامل من الأمر المتخيّل و أحواله و أوصافه و أخلاقه، (ان لم يأخذ كله).
و ذلك لأنّ الولد إنّما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين‏ من الصفات و الهيئات النفسانية و الأعراض الجسمانية و الصور الذهنية الخيالية.
 
فالصورة التي يشهدها الوالدان أو يتخيّلانها حال المواقعة لها تأثير عظيم في حال الولد حتّى قيل: "إنّ امرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر، و جسمه جسم الحيّة و لمّا سئلت عنها، أخبرت بأنّها حين المواقعة رأت حيّة."

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 11:02 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة : -    
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص العشرون حكمة جلالية في كلمة يحياوية
(1) حكمة جلالية في كلمة يحياوية
(1) ليس في هذا الفص شيء كثير يستحق الشرح أو التعليق، وهو فص قصير جدا إذا قيس بغيره ويكاد المؤلف يقصر أكبر جزء فيه على شروح تافهة لاسم «يحيى» المشتق من الحياة.
 
ولا يبدو سبب ظاهر لنسبة الحكمة الجلالية إلى يحيى، ولكن شراح الفصوص- متبعين في ذلك القاشاني- يعللون هذه النسبة بأن يحيى كان المظهر الخارجي للصفات الإلهية المعروفة بصفات الجلال.
ومن عادة رجال التصوف أن يقسموا الصفات الإلهية إلى قسمين:
صفات الجمال مثل صفة الرحمة والحب والمغفرة وغير ذلك،
وصفات الجلال مثل صفة القهر والانتقام والكبرياء وغيرها.
فشراح الفصوص يذهبون إلى أن يحيى كان رجلا غلب عليه الحزن والقبض والخشية والورع والتقى إلى غير ذلك من الصفات التي تعكس صفات الجلال الإلهي، ويروون عنه أنه لقي عيسى مرة فعاتبه حين ضحك قائلا له: «كأنك قد آمنت مكر الله وعذابه»
فأجابه عيسى عليه السلام: «كأنك قد آيست من فضل الله ورحمته».
فالفرق بين الرجلين يوضح في الاصطلاح الصوفي الفرق بين صفات الجلال التي ظهرت في أكمل مظاهرها في صورة يحيى، وصفات الجمال التي ظهرت في أكمل مظاهرها في صورة عيسى.
 
(2) «وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات».
(2) يقارن المؤلف هنا بين آيتين وردتا في حق كل من يحيى وعيسى: أي بين قول عيسى عليه السلام: «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا»
وبين قول الله مشيرا إلى يحيى: «وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا» فالفرق بين الحالتين أن المتكلم في الحالة الأولى هو المسيح نفسه. وفي الثانية المتكلم الله.
 
ومن هنا كان قول الله في يحيى أكمل في الاعتقاد وأرفع للتأويلات عن قول عيسى الذي تكلم به في المهد.
أي أن ما ورد في حق يحيى لم يحدث تبلبلا في الاعتقاد ولا خلافا في الرأي كما حدث في أمر عيسى في تفسير ما نطق به.
ولكن للمسألة مغزى صوفيا آخر يرمي إليه المؤلف، فإن المراد بالسلام الوارد في الآيتين هو أمن النفس وطمأنينتها، وهذا قد وهبه الله لكل من يحيى وعيسى يوم ولدا: أي يوم بدءا في سفرهما الروحي إلى الله، كما وهبه لهما يوم ماتا أي عند انتهاء هذا السفر، وفي يوم بعثا إلى الحياة مرة أخرى أي في اللحظة التي حققا فيها وحدتهما الذاتية مع الحق.
فالمراد بالبعث هنا البعث الروحي، وهو في اصطلاح مؤلفنا التحقق بوحدة الوجود.
 
أما إن آية يحيى أكمل في الإشارة إلى الاتحاد فراجع إلى أن عيسى تكلم عن نفسه في قوله: «والسلام علي يوم ولدت» إلخ فأثبت لنفسه وجودا إلى جانب وجود الحق، وهذا أدخل في الثنوية وأبعد عن الاتحاد، بخلاف الحال في آية يحيى التي كان المتكلم فيها
هو الحق نفسه: والحق هو الوجود الكلي أو هو وحدة الوجود.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 11:05 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة : -   
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية
هذه حكمة الأولية في الأسماء، فإن الله سماه يحيى أي يحيا به ذكر زكريا.
و«لم نجعل له من قبل سميا» "2" فجمع بين حصول الصفة التي فيمن غبر ممن ترك ولدا يحيا به ذكره وبين اسمه بذلك.
فسماه يحيى فكان اسمه يحيى كالعلم الذوقي، فإن آدم حيي ذكره بشيث ونوحا حيي ذكره بسام، وكذلك الأنبياء.
ولكن ما جمع الله لأحد قبل يحيى بين الاسم العلم منه وبين الصفة إلا لزكريا عناية منه إذ قال «فهب لي من لدنك وليا» فقدم الحق على ذكر ولده كما قدمت آسية ذكر الجار على الدار في قولها «عندك بيتا في الجنة» "3" 
فأكرمه الله بأن قضى حاجته
……………………………………...
1- المناسبة في تسمية الفص بحكمة جلالية في كلمة يحيوية 
أن الحق جل جلاله من أسمائه الأول وخص يحيى عليه السلام برتبة الأولية في هذا الاسم فإنه لم يجعل له من قبل سيا ، فكانت الأولية هي المناسبة . 
وقيل إن يحيى عليه السلام كان يغاب عليه الجلال ، كما أن عيسى عليه السلام كان يغلب عليه الجمال . 
ويذكر عن يحيى عليه السلام أنه كان في خديه أخدودان من كثرة البكاء فقد يناسب الجلال عیسی عليه السلام من هذه الناحية.
 
2 - «لم نجعل له من قبل سميا » الآية
خص الله تعالى يحيى بأن لم يجعل له سميا من قبل من أنبياء الله . 
وهو وإن كان في العالم يحيى كثيرا إلا أن له مرتبة الأولية في هذا الاسم . 
فتوحات ج 2 / 417 - ج 3 / 364 
 
3 - «رب ابني لي عندك بيتا في الجنة » الآية
شهد رسول الله صلى  لآسية امرأة فرعون بالكمال ، فقالت العارفة المشهود لها بالكمال «رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ، دار المال . 
فقدمت الحق على البيت . 
وقدمت الجار على الدار ، لما علمت أن الدار يصح بالجوار ، وهو الذي جرى به
 
ص 311


وسماه بصفته حتى يكون اسمه تذكارا لما طلب منه نبيه زكريا، لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر الله في عقبه إذ الولد سر أبيه، فقال «يرثني ويرث من آل يعقوب» وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر الله والدعوة إليه.
ثم إنه بشره بما قدمه من سلامه عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.
فجاء بصفة الحياة وهي اسمه وأعلم بسلامه عليه، وكلامه صدق فهو مقطوع به، وإن كان قول الروح «والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا» أكمل في الاتحاد، فهذا أكمل في الاتحاد والاعتقاد وأرفع للتأويلات.
فإن الذي انخرقت فيه العادة في حق عيسى إنما هو النطق، فقد تمكن عقله وتكمل في ذلك الزمان الذي أنطقه الله فيه.
ولا يلزم للمتمكن من النطق على أي حالة كان الصدق فيما به ينطق، بخلاف المشهود له كيحيى.
فسلام الحق على يحيى من هذا الوجه أرفع للالتباس الواقع في العناية الإلهية به من سلام عيسى على نفسه، "4" وإن كانت قرائن الأحوال تدل على قربه من الله في ذلك وصدقه،
………………………………..
المثل في قولهم « الجار قبل الدار » ولم تطلب مجاورة موسى ولا أحد من المخلوقين، بل قدمت الحق وطلبت جواره والعصمة من أيدي عداته 
فتوحات ج 3 / 11 ، 460 - ج 4 / 341 
 
4 - السلام على عيسى ويحيى عليهما السلام *
هذا يخالف ما جاء في الفتوحات المكية ج 3 / ص 346 في إسراء الشيخ رضي الله عنه واجتماعه يحيى عليه السلام وسؤاله عن هذه المسألة حيث يقول : قلت الحمد لله الذي جمعكما في سماء واحدة ، أعني روح الله عیسی ویحیی علیهما السلام، حتى أسألكما عن مسألة واحدة فيقع الجواب بحضور كل واحد منكما ، فإنكما خصصتما بسلام الحق ، فقيل في عيسى إنه قال في المهد "والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا " .
وقيل في يحيى « وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا » 
فأخبر عیسی عن نفسه بسلام الحق عليه ، والحق أخبر بسلامه علی یحیی ، 
فأي مقام أنتم ؟ 
فقال ( يعني يحيى عليه السلام) لي ألست من أهل القرآن؟ 
قلت له بلى أنا من أهل القرآن ، فقال أنظر فيما جمع الحق بيني وبين ابن خالتي ، أليس قد قال الله فيه « ونبيا من الصالحين » فعيني في النكرة ؟ 
فقلت له نعم ، قال ألم يقل في عيسى ابن خالتي "إنه من الصالحين" ، كما قال عني فعينه في النكرة ؟
 
ص 312
 
إذ نطق في معرض الدلالة على براءة أمه في المهد. فهذا أحد الشاهدين، والشاهد الآخر
………………………………………...
ثم قال : إن عيسى هذا لما كان كلامه في المهد دلالة على براءة خالتي مما نسب إليها - لم يترجم عن الله إلا هو بنفسه ، فقال « والسلام علي » يعني من الله ، قلت له صدقت ، قلت ولكن سلم بالتعريف وسلام الحق عليك بالتنكير والتنكير أعم ، فقيل لي ما هو تعريف عين بل هو تعريف جنس . 
فلا فرق بينه بالألف واللام وبين عدم هماه فأنا وإياه في السلام على السواء ، وفي الصلاح كذلك 
وجاء الصلاح لنا بالبشری في " وفي عيسى بالملائكة ، فقلت له أفدتني أفادك الله
وليس أدل على أن ما جاء في هذا الفص يخالف مذهب الشيخ الأكبر جملة وتفصيلا ويخالف القواعد التي أرساها في علمه وفي كتبه أن هذه المسألة تتعلق بذوق الأنبياء وفي ذلك يقول في الجزء الثاني ص 24 
- شرط أهل الطريق فيما يخبرون عنه من المقامات والأحوال أن يكون عن ذوق ولا ذوق لنا ولا لغيرنا ولا لمن ليس بنبي صاحب شريعة في نبوة التشريع ولا في الرسالة ، فكيف تتكلم في مقام لم نصل إليه ، وعلى حال لم نذقه ، لا أنا ولا غيري مسن بليس بنب ذي شريعة من الله ولا رسول ، حرام علينا الكلام فيه ، فما تتكلم إلا فيما لنا فيه ذوق ، فما عدا هذين المقامين فلنا الكلام فيه عن ذوق لأن الله ما حجره .
 
الجزء الثاني الصفحة 51 
- لا ذوق لأحد في ذوق الرسل ، لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل ، وأذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء، وأذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء ، فبعض الرسل عنده الأذواق الثلاثة لأنه ولي ونبي ورسول ، حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين فسأل بعضهم بعضا ، من أي مقام سأل موسى الرؤية؟
فقال له الآخر « من مقام الشوق » 
فقلت له : لا تفعل أصل الطريق أنها نهايات الأولياء بدايات الأنبياء ، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء التشريع ، فلا ذوق لهم فيه ، ومن أصولنا انا لا تتكلم إلا عن ذوق ، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة ، فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه ؟. 
نعم لو سألها ولي أمكنك
 
ص 313
 
هو الجذع اليابس فسقط رطبا جنيا من غير فحل ولا تذكير، كما ولدت مريم عيسى من غير فحل ولا ذكر ولا جماع عرفي معتاد، "5"
لو قال نبي آيتي ومعجزتي أن
…………………………………………...
الجواب ، فإن الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق ، وقد علمنا من باب الذوق أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع ، فالتحق وجوده بالمحال العقلي .
الجزء الثاني الصفحة 85 - ذوق الأنبياء لا يعلمه سواهم . .
الجزء الرابع الصفحة 70 - الرسل صلوات الله عليهم أجمعين لا سبيل لنا إلى الكلام على منازلهم ، فإن كلامنا عن ذوق ، ولا ذوق لنا في مقاماتهم عليهم السلام .
وإنما أذواقنا في الوراثة خاصة ، فلا يتكلم في الرسل إلا رسول ، ولا في الأنبياء إلا نبي أو رسول ، ولا في الوارثين إلا رسول أو نبي أو ولي أو من منهم . 
هذا هو الأدب الإلهي.
فإن قلت هذا الذي جاء في هذا الفص من باب النظر الفكري والعقلي. 
قلنا إن هذا الكتاب مبني على علوم الأذواق والكشف، والشيخ يذكر في الفص السابق أن علم الأذواق لا عن فكر وهو العلم الصحيح وما عداه فحدس وتخمين ليس بعلم أصلا.
 
5 - الشهود على براءة مريم عليها السلام
جاء هذا النص في كتاب النجاة عن حجب الاشتباه حيث يقول: وقام الشاهد الأول بهز الجزع للمناسبة الموجودة فإن النخل لا ينتج إلا بتذكير.،
 فلما هزت الجذع اليابس أتج من غير تذكير للحين، كما فعل الله بعيسى عليه السلام . 
وأما الشاهد الثاني فهو نطق عيسي في المهد، شاهد ثان على أهل الجحد.
ويقول في الفتوحات ج 2 / 417 - ج 4 / 166 
فكان ذلك شهادة مبرئة لمريم عليها السلام بما سقط من الثمر في هزها جذع النخلة اليابس ، ونطق ابنها في المهد بأنه عبد الله وهما شاهدان عدلان عند الله ، إذ أكثر الشرع في الحكومة بشاهدين عدلين ، ولا أعدل من هذين .
 
ص 314
 
ينطق هذا الحائط، فنطق الحائط وقال في نطقه تكذب ما أنت رسول الله، لصحت الآية وثبت بها أنه رسول الله، ولم يلتفت إلى ما نطق به الحائط. "6"
فلما دخل هذا الاحتمال في
……………………………….
6 - نطق الجماد على طريق الإعجاز *
لما كان الله تعالى هو الكبير بما نصبه المشركون من الآلهة لهذا قال الخليل في معرض الحجة على قومه، مع اعتقاده الصحيح أن الله هو الذي كسر الأصنام المتخذة آلهة حتى جعلها جذاذة مع دعوى عابديها بقولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» فاعترفوا أن ثم إلها كبيرة اكبر من هؤلاء، ونسبوا الكبر لله تعالى على آلهتهم، فقال إبراهيم عليه السلام «بل فعله كبيرهم» فجاء بلفظ الكبير، لأنهم قائلون بكبرياء الحق على آلهتهم التي اتخذوها، فهذا الذي قاله إبراهيم عليه السلام صحيح في عقد إبراهيم عليه السلام، 
وإنما أخطأ المشركون حيث لم يفهموا عن إبراهيم ما أراد بقوله «بل فعله كبيرهم» فكان قصد إبراهيم عليه السلام بكبيرهم الله تعالى وإقامة الحجة عليهم، 
وهو موجود في الاعتقادين، وكونهم آلهة ذلك على زعمهم، والوقف عليه حسن تام، وابتدأ إبراهيم بقوله «هذا» إشارة ابتداء وخبره محذوف يدل عليه قوله «بل فعله كبيرهم» أو «هذا قولي» فالخبر محذوف يدل عليه مساق القصة «فاسألوهم إن كانوا ينطقون» إقامة الحجة عليهم منهم، فهم يخبرونكم، ولو نطقت الأصنام في ذلك الوقت. 
لاعترفوا بأنهم عبيد، وأن الله هو الكبير العلي العظيم، ولنسبت الفعل إلى الله لا إلى إبراهيم، فإنه مقرر أن الجماد والنبات والحيوان قد فطرهم الله على معرفته و تستبيحه بحمده، فلا يرون فاعلا إلا الله، ومن كان هذا فطرته كيف ينسب الفعل لغير الله ؟ 
فكان إبراهيم على بينة من ربه في الأصنام أنهم لو نطقوالأضافوا الفعل إلى الله، لأنه ما قال لهم سلوهم إلا في معرض الدلالة ، سواء نطقوا أو سكتوا ، فإن لم ينطقوا يقول لهم «لم تعبدون ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنكم من الله شيئا » ولا عن نفسه، ولو نطقوا لقالوا إن الله قطعنا قطعة ، لا يتمكن في الدلالة أن تقول الأصنام غير هذا ، فإنها لو قالت
 
ص 315
 
كلام عيسى بإشارة أمه إليه وهو في المهد، كان سلام الله على يحيى أرفع من هذا الوجه. "7"
فموضع الدلالة أنه عبد الله من أجل ما قيل فيه إنه ابن الله وفرغت الدلالة بمجرد النطق  "8" وأنه عبد الله عند الطائفة الاخرى القائلة بالنبوة.
وبقي ما زاد في حكم الاحتمال في النظر العقلي "9" حتى ظهر في المستقبل صدقه في جميع ما أخبر به في المهد فتحقق ما أشرنا إليه.
…………………………………...
الصنم الكبير فعل ذلك بنا لكذبت، ويكون تقريرا من الله بكفرهم.
وردا على ابراهيم عليه السلام، فإن الكبير ما قطعهم جذاذا، ولو قالوا في إبراهيم إنه قطعنا لصدقوا في الإضافة إلى إبراهيم، ولا تلزم الدلالة بنطقهم على وحدانية الله ، 
فيقال الكبير، فيبطل کون إبراهيم قصد الدلالة، فلم تقع ولم يصدق.
الفتوحات ج 1 / 243 - ج 3 / 350 - ج 4 / 323
 
7 -  راجع هامش 4
 
8 - نطق عیسی علیه السلام في المهد . 
نطق عليه السلام في المهد بالإقرار والجحد، وبدء عليه السلام في نطقه بالعبودية، فقال لقومه في براءة أمه ، لما علم من نور النبوة التي في استعداده أنه لابد أن يقال فيه إنه ابن الله ، فقال عن نفسه إخبارا بحاله مع الله « إني عبد الله » فبدأ في أول تعريفه وشهادته في الحال الذي لا ينطق مثله في العادة ، فما أنا ابن لأحد فأمي طاهرة بتول ، ولست بابن لله ، كما أنه لا يقبل الصاحبة لا يقبل الولد. ولكني عبد الله مثلكم.
الفتوحات ج 2 / 387 - ج 4 / 116
 
9 - أي قوله عليه السلام «أتاني الكتاب وجعلني نبيا. وجعلني مباركا ۰» الآية، هذا هو ما دخله الاحتمال في النظر العقلي وظهر صدقه عليه السلام في حينه.
 
ص 316 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالثلاثاء فبراير 11, 2020 11:07 am

السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية الفقرة العاشرة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة : -   
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
20 - فص حكمة جلالية في كلمة يحياوية
المرتبة 20 : لفص حكمة جلالية في كلمة يحياوية . من الاسم المحيي ومرتبة الماء وحرف السين ومنزلة النعائم . 
إبقاء كل صفة يستلزم وجود ضدها . . . فلا معنى ولا بقاء للاسم المميت إلا بضده أي المحيي . وما الموت إلا انتقال من هيئة إلى أخرى .
فالخروج من الأولى باسمه المميت هو عين الدخول في الأخرى باسمه المحيي .
أي أن ظهور المميت يستلزم ظهور المحيي فهما وجهان لحقيقة واحدة متلازمان كالوالد وولده .
ولهذا لما كانت للمرتبة 21 لزكريا ، الوالد والأرض والمميت كان للمرتبة 20 يحيى الولد والماء والاسم المحيي .
هذا التلازم يؤكده ما نجده في كتاب العبادلة حيث نجد بابا تحت عنوان :
" عبد اللّه بن يوسف بن عبد المحيي "
والباب الذي يتلوه عنوانه : " عبد اللّه بن يعقوب بن عبد المميت . . . " .
وأما وصف هذه الحكمة بالجلالية فلأن الغالب على يحيى الجلال قبضا وخشية وبكاء وهيبة وقتل شهيدا هو ووالده . وقيل إنه قتل في دمه سبعون ألفا . . .
ومن هذا الجلال نجده مترددا بين سماء هارون الخامسة وسماء عيسى الثانية . . .
ومعلوم أن سماء هارون هي فلك المريخ الأحمر وهي سماء الجلال والقهر والفتن والقتل والأضاحي . . .
ويحيى هو الذي يضحي بكبش الموت في آخر يوم القيامة . . .
وأما علاقة المحيي بالماء الذي له هذه المرتبة فمعروفة كثيرة الورود في القرآن كقوله تعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ( الأنبياء ، 30 )
 
وقد تكلم عليه الشيخ في الفصل 30 من الباب 198 حيث قارن بين وظيفة وقوة الملائكة والماء
ثم قال : ( والماء وإن كان من الملائكة فهو ملك عنصري وأصله في العنصر من نهر الحياة الطبيعية الذي فوق الأركان وهو الذي ينغمس فيه جبريل كل يوم غمسة وينغمس فيه أهل النار إذا خرجوا منها بالشفاعة . فهذا الماء العنصري من ذلك الماء الذي هو نهر الحياة )
 . . . (وهذا الركن هو الذي يعطي الصور في العالم كله وحياته في حركاته . . . ) .
وحيث أن أخص صفات الروح هي الحياة ، وعيسى روح اللّه ، كان يحيى ملازما لعيسى في الدنيا وفي السماء الثانية .
وتلازمهما كتلازم الجلال والجمال . وقد ورد اسمه تعالى .
ذو الجلال الحاكم على حكمة يحيى مرتين في القرآن في سورة الرحمن مقترنا بالإكرام الذي هو من مظاهر الجمال . . .
ومن هذا التلازم قارن الشيخ في هذا الفص بين سلام اللّه على يحيى وسلام عيسى على نفسه . . .
وحتى يكون يحيى مظهرا كاملا للحياة مات شهيدا مع والده والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون . وقتله مظهر جلالي كما أن رفع عيسى للسماء مظهر جمالي وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ ( النساء ، 157 ) .
وأما المنزلة الفلكية المناسبة لهذه المرتبة المتوجه عليها الاسم " المحيي " فهي النعائم ، والحياة والماء من أعظم النعم ، والأنعام هي الحيوانات ، ولها حرف السين الذي له صفات الهمس وا لإرتخاء والانفتاح والصفير والإنسفال وكلها صفات المقهور تحت هيبة الجلال . . .
وكعادة الشيخ في التمهيد لمرتبة الفص الموالي ، ذكر في آخر هذا الفص الحائط والجذع اليابس إشارة إلى التراب –
ومن معاني الحائط في اللغة البستان - وإلى الأرض التي لها فص زكرياء بصفته المالكة حيث أن فلك التراب هو آخر أفلاك المملكة وما بقي بعده إلا المولدات وعمار المنازل .


 
20 : سورة فص يحيى عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الكوثر " التي خصص الشيخ لها الباب " 276 ف " ومداره حول خيال الإنسان وللخيال علاقة بيحيى .
فالشيخ يقول إن صورة مريم الكاملة المنطبعة في خيال زكرياء هي السبب في ولادة يحيى حصورا كما كانت مريم بتولا . . .
وقد تكلم في فص زكرياء التالي عن الوهم وأثره في أصحابه .
والاسم الحاكم على هذا الفص هو " المحيي " المتوجه على إيجاد فلك " الماء " وعلى منزلة " النعائم " .
ومن نعم اللّه على رسوله صلى اللّه عليه وسلم حوض كوثر ماء الحياة الدائمة والعلاقة بين الحياة ويحيى والماء والكوثر ظاهرة .
ووجه المناسبة بين الفص وسورة " الكوثر " يظهر في الآية الأخيرة :إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ أي المقطوع الذكر فلا عقب ولا وارث له .
أما أنت أيها الرسول فسترثك أمتك في مقام الدين .
وهذا ما أكد عليه الشيخ في هذا الفص بقوله : " لأنه عليه السلام آثر بقاء ذكر اللّه في عقبه إذ الولد سر أبيه
فقال : " يرثني ويرث من آل يعقوب " وليس ثم موروث في حق هؤلاء إلا مقام ذكر اللّه والدعوة إليه " .
فيحيى ، حتى وإن كان حصورا ولم يعقب ولدا ، ليس بأبتر لأن ذكره باق في العالمين أبد الآبدين ، بل هو الذي يذبح الموت فينحره على سور الأعراف عند نهاية يوم القيامة واستقرار أهل الجنة وأهل النار فيهما استقرار الخلود ، فهو آخر متحقق بالكلمة الوسطى في " الكوثر " أي :" . . . وانحر " .
 
وقول الشيخ : " . . . فقدم الحق على ذكر ولده " يشير إلى تقدم آية فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ
أي القيام بحق الحق تعالى - على ذكر الولد في آية إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ والمصلي هو المتأخر عن السابق .
وقد توسع الشيخ في تفصيل هذا المعنى في الباب " 369 فـ " الوصل السابع المتعلق بسورة " الكوثر " .
 
علاقة هذا الفص بسابقة ولاحقه
بدأ هذا الفص بمسألة مقام ذكر اللّه والرغبة في دوامه وفي هذا تلويح لسورة الفص السابق أي " الشرح " .
فكما ورث يحيى زكرياء ، ورثت الأمة المحمدية من نبيها مقام الذكر والدعوة إلى اللّه .
فآية : فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ( 7 ) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ تتمثل في آية : فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ وآية : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ تتمثل في آية : إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ وآية :أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ مظهر من مظاهر :إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ.
 
وقوله في هذا الفص :
" إن الولد سر أبيه " تمهيد لسورة فص زكرياء التالي أي " البلد " من آيتها : " ووالد وما ولد " فليحيى الجلال والاسم " الحي " وفلك الماء .
ولوالده الشدة من الاسم " المالك المميت " وفلك التراب ، فالحي والمميت ، كالماء والتراب ، متكاملان لأن الموت من عالم  هو عين الحياة في عالم آخر . . .

وكل من يحيى وزكرياء كابد من اليهود القهر والجلال والشدة فكانا من الذائقين للآيتين : " ووالد وما ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد ". 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: