منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:40 am

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين 

الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي.

شرح التجلي 31 تجلي الإستواء .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 31 على مدونة عبدالله المسافر بالله

31. متن نص تجلي الاستواء :-

إذا استوى رب العزة على عرش اللطائف الإنسانية ، كما قال ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي .
ملك هذا العرش جميع اللطائف فيتصرف فيها ويحكم بحكم الملك في ملكه ، وتصرف تصرف المالك في ملكه ألا هو القطب .

31 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«نص قول الشيخ : إذا استوى رب العزة على عرش اللطايف.. ألا فهو القطب . 
فقال ما هذا معناه : إن الحق سبحانه إذا استوى على عبده استولى عليه بحيث الا يترك فيه رسم دعوى ، لأن في هذا التجلي يظهر للعبد حقيقته وعينه .
وما تجلى سبحانه لعبده في العزة إلا ليوفقه على حقيقته التي هي العدم المحض . فإذا حصل من هذا القهر والغلبة ما حصل ورجع العبد إلى نفسه ، وهبه الله تعالى ذلك التجلي الذي هو القهر والعز، فظهر به العبد إلى جميع الأكوان .
وهذا لا يكون إلا للقطب خاصة.
وأما الأفراد فإنه يتجلى لهم في هذا المشهد ولكن لا يخلع عليهم هذه الخلعة، الكون القطب صرف وجهه إلى الكون.
وأما المنفردون فلم يصرفوا وجوههم إلى الكون أصلا.
ولذلك يقول القطب إنه إذا تجلى له سبحانه في هذا التجلي ولم يخلع عليه أثره كان أفضل له ، لأنه إذا خلع عليه صرفه إلى الخلق ، وإذا لم يخلعها عليه أبقاه مع الحق.
قيل للشيخ : فهل يطرد "يجوز" هذا الحكم في حق الأنبياء عليهم السلام ؟
فقال : ولاية الرسول أتم له من رسالته وأوسع ، لكون رسالته جزءا من نبوته ؛ ونبوته جزء من ولايته ونسبة من نسبها .

ولذلك زالت الرسالة بمجرد التبليغ فبقي عشرين سنة أو ما بقي .
وأما ولايته فلم تحدد ولم تنقطع ، فصح أن النبوة دايمة وهي ولايتهم عليهم السلام . وإنها الفلك الواسع. فتحقق ترشد.
قال رضي الله عنه : و للنبوة وجهان :
وجه بما شرع له من تعبداته الخاصة بها، فهذا هو الذي ينقطع.
والوجه الآخر هو الإخبار الخاص الذي بينه وبين الحق ، وهو الذي استأثرت به الأنبياء من كونهم أنبياء على الأولياء . والله يقول الحق».


31 - شرح تجلي الاستواء




243 - كمال المحاذاة بين المتجلي والمتجلى له يعطي الاستواء وهذه المحاذاة لا تدع للعبد رسما يظهر منه ح?م ما بنسبة أنيته .
فشأنه حينئذ كشأن شبح تحاذي الشمس عند الزوال سمت رأسه ؛ فيأخذ نورها جميع جهاته ، فلم يبق له من فيئه أثرا فمن كان هذا حكمه وصفته، في تجلي العزة والاستطالة صار كله نورا.
فظهر بحكم انصباغه بالتجلي ومقتضياته ، بالمنعة والعزة الظاهرة إلى الأكوان الجمة ، حيث ظهر أن لا نور لحقيقته ، بل هي باقية حالة وجودها على عدميتها، مع امتلائها من النور وظهورها بالمنعة والعزة .


ولذلك قال قدس سره : ( إذا استوى رب العزة على عرش اللطائف الإنسانية، كما قال: "ما وسعني أرضي ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي" ملك هذا العرش جميع اللطائف) الكونية ، بنسبة جامعيتها لها وانتهاء رقائق الجميع إليها (فتصرف فيها ويحكم بحكم الملك في ملكه و تصرف المالك في مل?ه) إذ التصرف في الحقيقة للحق الظاهر فيه ، حينئذ يتجلى العزة والاستطالة.


244 - (ألا فهو القطب) الذي هو صاحب الوقت ، بمعنى أن يكون الوقت له ، لا هو للوقت .
بيده أزمة التدبير الأعم، يتبع تدبيره علمه ؛ وعلمه شهوده ، وشهوده القدر.
فلا يتصرف في شيء مع كونه مالكه إلا على الوزن والتحرير ، فهو قلب الكون، والقلب إذا جاد على إلزامه من القوى والأعضاء جاد بقدرها.
وعموم تدبيره قائم من الروح الكلي المدبر للصورة العامة الوجودية ، ولا بد له في هذا التدبير من مظهر إنساني في كل حين.


.




عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 9:03 am عدل 3 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح التجلي 32 تجلي الولاية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:40 am

شرح التجلي 32 تجلي الولاية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 32 على مدونة عبدالله المسافر بالله

32 - متن نص تجلي الولاية :-

الولاية هو الفلك الأقصى من سبح فيه اطلع ومن اطلع علم ومن علم تحول في صورة ما علم .
فذلك الولي المجهول الذي لا يعرف .
والنكرة التي لا تتعرف لا يتقيد بصورة ولا تعرف له سريرة يلبس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بؤسها :
يوماً يمانِ إذا لاقيت ذا يمنٍ ..... وإن لقيت معدياً فعدنانِ

32 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«قال رضي الله عنه في الأصل : 
«الولاية هي الفلك الأقصى ....... لما في فلكه من السعة » .
فقال في شرحه ما هذا معناه : 
الولاية هي الفلك الأقصى لكونها تعم جميع المقامات من الملائكة والأنبياء والأولياء وجميع المختصين بها .
فمن اطلع علم، ومن علم تحول في صورة علمه ، لكون النفس تكتسي صورة هيئة علمها وتتجلى بها .
وانظر إلى كون الإنسان إذا علم أمرا يخشاه كيف يلبس صورة الوجل ، لكون نفسه لبست هيئة من الخوف.
فالولي الذي وقف مع ولايته لا يعرف.
فإذا نزل إلى نسبة من نسب ولايته عرف بالنسبة التي ظهر بها، وعرف من الوجه الذي ظهر به، وصار معرفة من ذلك الوجه .
وإذا كان في مطلق ولايته كان نكرة لكونه لم يتقيد بصورة ولا ظهرت له نسبة من النسب .
ومتى أردت أن تقيد الولي بعلامة تحكم عليها به تجلى لك في النفس الآخر بخلاف ما قيدته به . 
فلا ينضبط لك، ولا يمكنك الحكم عليه بأمر ثبوتي.
لطيفة : واعلم أن جميع الموجودات يترقون في كل نفس إلى أمر غير الأمر الآخر فالعارف شهد ذلك التنوع الإلهي فكان بصيرا عليها ؛ وغير العارف عمي عن ذلك ، فوصف بالعمى والجهل .
فأتم الموجودات حضورا مع الحق أقربهم إلى الحق.
فكل حالة شهد العين فيها ربه حاضرا معه كان نعيما في حقه .
وإن غفل عنه في حالة كان ذلك بؤسه وحجابه ووبالا عليه . فاعلم ذلك».

32 - شرح تجلي الولاية
245 - عود الحقيقة الإنسانية من أنهی متنزلها إلى الحق الذي هو محتدها الأصلي ، وقيامها به بعد تجردها عن الرسوم الخلقية ومحوها وفنائها في تجليه الذاتي ، إن كان باقتضاء حكم الأحدية المشتملة على المفاتح الأول الذاتية ،وسرايتها أفاد القرب الأقرب، المستهلك في إفراطه حكم التميز وأثره.

وهذا القرب إنما يضاف إلى الحقيقة السيادية المحمدية بالأصالة ، وإلى غيرها بحكم الوراثة .

فقيام الحقيقة الإنسانية بالحق ، من حيثية هذا القرب ، هي الولاية الخاصة المحمدية التي فيها جوامع تفصيل الولايات الجمة وإن كان عود الحقيقة الإنسانية من أنهی متنزلها إلى الحق باقتضاء الحضرة الإلهية الواحدية المشتملة على الأمهات الأصلية، وسرايتها ولكن باعتبار غلبة حكم اسم من الأمهات أو من الأسماء التالية ، أفاد القرب القريب القاضي بخفاء التميز بين القربين .
وهذا القرب إنما يضاف إلى الحقائق الكمالية الإنسانية والقيام بالحق من حيثية هذا القرب هي الولاية التي تعم حقائق الكمل .
وهذه الولاية متنوعة التفصيل متفرعة من الولاية الجامعة السيادية حسب اقتضاء الأسماء الإلهية ، وحقائق الكمل


246 -  فإذا تقررت لك هذه القاعدة، وتبين بها معنى الولاية الخاصة والعامة فاعلم أن (الولاية هي الفلك الأقصى) فإن دائرتها دائرة عموم الأحدية والإلهية كما أومأنا إليه .
وهي الدائرة الكبرى المحيطة بالولاية الذاتية الأحدية والاسمائية ، جمعا وفرادی ومن وجوهها، دوائر نبوات التشريع والرسالة ، والنبوة المطلقة اللازمة للولاية ، وهي نبوة لا تشريع فيها .
إذ من حيثية هذا القرب المقرر، تنصرف حقائق الأولياء والأنبياء والرسل إلى الخلق.
فإن انصرفت ، وهي تشاهد كيفية توجه الخطاب ونزول الوحي إلى الأنبياء والرسل، في فضاء عالم الكشف والشهود؛ وتشاهد خصوصية مآخذهم وخصوصية ما يأخذون من الله بواسطة الملك أو بغیر واسطة ، من غير أن يتعين لها التشريع ، فلها النبوة المطلقة .
ولها أن تتبع نبيه «نبي التشريع» فيما شاهدت له من الأحكام المنزلة عليه عن بصيرة .
وإن انصرفت وهي مأذونة في تبليغ ما أخذت ، تعينت بالنبوة .
وإن انصرفت وهي مأمورة بتبليغه ، تعينت بالرسالة .
وإن أبدت بالملك والكتاب ، تعينت بالعزم.
وإن أيدت بالسيف ، تعينت بالخلافة الإلهية .
ولا يمكن عود الولي إلى مجنی ثمرة ولايته ، في القرب القريب أو في القرب الأقرب ، إلا بإيمانه أولا بالغيب .
ولا يصح إيمانه إلا أن يؤمن بما جاء به الرسول . فالولي يتبع النبي مقتديا به .
وإذا عاد إلى حضرة القرب القريب أو الأقرب ،كان شهوده من حيثية شهود من كان قلبه على قلبه من الأنبياء والرسل ، فكان وارثا له في ذلك.
فالولي إذن لا خروج له أصلا من حدود الاقتداء بهم «الأنبياء».
فافهم وادفع عن خاطرك خدوش الهم هذا وقد تبين كون الولاية هي الفلك الأقصى .

ثم قال قدس سره :
247 - (من سبح فيه اطلع ) الاطلاع: إدراك يسنح للنفس عند إشرافها على شيء.
والسابح في الفلك الأقصى مشرف على ما فيه من الأفلاك شهودا (ومن اطلع علم) ما في باطن ما أشرف عليه وظاهره ، وما في حيثية جمعه بينهما (ومن علم تحول في صورة ما علم) فإن النفس الإنسانية في طور الشهود ،إنما تتلبس باطنا بصور علمها وعقائدها وأخلاقها؛ وظاهرا بصور أعمالها.
فهي إذا علمت شيئا تخشاه ظهرت بصورة الرجل وتلبست بهيئة الخوف.

248 - (فذاك الولي المجهول) أي المطلع بسباحته في الفلك الأقصى ، العالم باطلاعه على ما فيه من الأفلاك، التحول في صورة ما علمه في البرازخ المثالية ، هو ولي مجهول إذا وقف مع ولايته ولم يحد عنها إلى نسبة من نسبها فإن الوقوف معها من حيث كونها تقتضي التجريد المحض ، لا يعطى الظهور والشهرة .
اللهم إلا إذا نزل إلى نسب من نسبها فإنها تعرفه حسب تقيده بها .
فما دام الولي واقفا مع ولايته لا ينضبط ؛ فإنك إذا حكمت عليه بنسبة وحكم، وجدته في أخرى .
ولذلك قال فيه : (الذي لا يعرف والنكرة التي لا تتعرف، لا يتقيد بصورة) يعني في عالم الكشف والشهود.
فإنه في إنسانيته ، مقيد بالصورة الحسية ؛ ولئن شاء تحول عنها أيضا وأهل الكشف لا يعرفون أحدا من أهل طريقهم، في العوالم الشهودية إلا بما ظهر به في تجولاته من العلائم الإلهية المدركة بالعلوم الذوقية ، ومن الهيئات الروحانية والمثالية .
(ولا تعرف له سريرة) لسرعة تقلباته في الأحوال الإلهية والإمكانية ، في كل آن. ولذلك تتضمن كل لمحته دهرا وكل قطرته بحرا .
(يلبس لكل حالة لبوسها) فإن العارف يشاهد التنوعات الإلهية ، في تجدد الخلق الجديد في كل نفس .
فمن شاهده منهم على حضور مع الحق الظاهر فيه ، عامله معاملة أهل النعيم.
ومن شاهده في حجاب منه ، عامله معاملة أهل البؤس .
وربما أن يكون شيء في حالة تقتضي لبوس النعيم، وفي حالة أخرى تقتضي لبوس البؤس .
فالولي المطلق مع أحوال الوجود (إما نعيمها وإما بؤسها) وحاله في سرعة تقلباته كما قيل :
يوما يمان إذا لاقيت ذا يمن      …. وإن لقيت معديا فعدنان
فهو كمشهوده مع كل شيء بصورة ذلك الشيء و حاله ووصفه .
ولذلك قال فيه : (إمعة لما في فلكه من السعة).

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:40 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح التجلي 33 تجلي المزج .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:45 am

شرح التجلي 33 تجلي المزج .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 33 على مدونة عبدالله المسافر بالله

33 - متن نص تجلي المزج :-

دار المزاج يشبه نطفة الأمشاج ، فما اردأ ما يكون بينهما النتاج ، لكن الحق جعل للشقي دلالة وللسعيد دلالة .
وجعل للوصول إليهما عيناً مخصوصا  في أشخاص مخصوصين ونوراً مخصوصاً من حضرة مخصوصة إلهية .
فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه عين وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار ، واستعجلت قيامتهم لما تخلصوا وأخلصوا .

33 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«قال سیدنا في أول التجلي : «دار المزج يشبه نطفة الأمشاج ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة"
فقال ما هذا معناه : إن تجلي المزج هو أن يتجلى الحق في صورة الخلق ، والمطلق في صورة المقيد.
فيعلم أن عزته سبحانه لا تقتضي له ذلك . و«دار المزج تشبه نطفة الأمشاج».
فكانت الدنيا للعبد بمنزلة الرحم. فقام التجلي لك في هذا الدار بحكم الموطن ، فأعطاك المزج .
فحكم المشبه على الحق بحقيقة الصورة التي اقتضاها الموطن ولم يقتضها الحق لنفسه من حيث هو.
وقوله : «فـ للشقي علامة و للسعيد علامة، قال : وللسعادة مراتب ، فثم سعيد مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في كل تجل يكون منه مع بقائه مع :" ليس كمثله شيء". والسعيد الذي هو دون هذا في المرتبة الثانية ، هو المنزه الذي إذا رأى صورة المزاج قال : أعوذ بالله ، كما جاء في الحديث .
وأما المشبه فلا يخلو من أحد أمرين :
إن كان مؤمنا ووقف مع الخبر والإيمان فهو سعيد .
وإن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله فهو شقي .
فهذه ثلاث مراتب السعداء . فتحقق ترشد».

33 - شرح تجلي المزج
249 -  وهو تجل يقتضي ظهور الحق في الخلق ، والمطلق في المقيد؛ مع أن مقتضى ذاته في توحيده الأنزه الذاتي : " ليس كمثله ، شيء" [الشورى:11] .
فحكم المتقابلات ?الهداية والضلالة ،والتشبيه والتنزيه في المقيد الذي ظهر به المطلق ، والخلق الذي ظهر به الحق في العاجل ، المزج والاختلاط . فلا يظهر تخصصه بأحد المتقابلين إلا بعلامة ودليل .
ولذلك قال قدس سره : (دار المزج يشبه نطفة الأمشاج) إذ حكم المقيد في دار المزج كحكم النطفة في الرحم.
فكونها «النطفة سعيدة أو شقية ، منزهة أو مشبهة ، مشتبه ممتزج ، وأحد الحكمين غير ممتاز فيها عن الآخر.
فكما حكم التجلي بمزج الدار، حكم الموطن القاضي بتحقق الصور الخلقية ، على المشبه أن يحكم على الحق بحقيقة الصور التي اقتضاها موطنه الحسي .
وإن لم يقتض الحق ذلك لنفسه، من حيث تجرده وتوحيده الأنزه .
فـ للسعيد إذا تخلص من سواد المزج وظهر بحكم السعادة ، ثلاث مراتب :
سعید مطلق ، وهو الذي لا ينكر الحق في أي تجل ظهر به سواء أثمر التنزيه أو التشبيه ، غير أنه يعلم بقاؤه تعالى في موطن التشبيه مع ليس كمثله شيء .
وسعيد مقيد بالتنزيه ، وهو الذي إذا رأى الحق في صورة المزج.
قال : أعوذ بالله منك ، كما ورد في الخبر الصحيح .
وسعيد مقید بالتشبيه ، من حيث كونه واقفا مع الخبر الصدق والإيمان به ، من غير أن ينظر في التكييف أو يرده إلى التنزيه ، بضرب من التأويل .
فمن وقف مع التشبيه بعقله وتأويله ، فهو شقي .
ولما كان ح?م المزج مبهما يختلف إثماره وإنتاجه بحسب المواطن ،
قال (فما أردأ ما يكون بينهما) أي بين دار المزج و نطفة الأمشاج ،(النتاج) إذ الشيء لا يثمر ما يضاده ، والنتيجة على شاكلة ما نتج منه.

250 - (لكن الحق جعل للشقي دلالة) أي علامة ، يعني لما كان المزج يعطي في موطن ما حكم السعادة ، وفي الآخر حكم الشقاوة ، جعل الحق تعالی للشقي في موطنه القاضي بشقاوته ، علامة يعرف بها.
(و للسعيد) في موطنه (دلالة) يعرف بها ؛ (وجعل للوصول إليها) أي إلى الدلالة الفارقة بين السعداء والأشقياء ، (عينة مخصوصة) ناقدة لن تجدها إلا (في أشخاص مخصوصين) من أهل العناية من الأولياء فإن هذا التمييز موقوف على الظفر بانتهاء الكشف إلى استجلاء ماهيات الأشياء وحقائقها ، من حيث ثبوتها في عرصة العلم الإلهي ، على وجه استجلاها العلم الإلهي في الأزل؛ بحيث لو قوبل علمه تعالى مع علم الكاشف ، لطابق علمه علم الحق من جميع الوجوه في هذا الكشف. وليس للإنسان في كشفه وراء هذه الغاية منال .
ولذلك قال : وجعل للعين المخصوصة (ونورا مخصوصا من حضرة مخصوصة إلهية). ولعل هذه الحضرة؛ والله أعلم؛ هي الحضرة العلمية الإلهية ، إذ ليس وراءها إلا الحضرة الذاتية الكنهية التي يعود الكشف فيها عمى ، والعلم جهالة.
والعلم الكاشف هنا عن الحقيقة الذاتية الكنهية ، لا ينسب إلى الغير؛ وإلا يقال في محل : «ما عرفناك حق معرفتك» عرفناك حق معرفتك . فافهم المقصود.

251 - ( فإذا كشف غطاء الأوهام عن هذه العين ) بصيرورتها مطرح أنوار التجلي الأعظم القاضي ب?شف أسرار الساعة وأحكامها المصونة ؛ (وطرد ذلك النور المخصوص ظلام الأجسام عن هذا الكون) الإنساني (أدركت الأبصار بتلك الأنوار علامات الأشقياء والأبرار؛ فاستعجلت قيامتهم) حيث أعطوا العلم المختص بالمواطن الآجلة التي هي موقع التمييز مطلقا .
فإن الرحمة المشوبة بالغضب في العاجل ، خالصة في الجنة ، والغضب المشوب بالرحمة فيه، خالص في النار.
ولذلك صح أن يقال في الآجل : "في الجنة وفريق في السعير" [الشورى :7] و«هؤلاء في الجنة ولا أبالي ، وهؤلاء في النار ولا أبالي».
و المعني بأمر الأمر في العاجل القاضي بالمزج ، امتياز المهتدين عن الضالين مطلقا .

ولكن العارفين (لما تخلصوا) من القيود والرسوم العاجلة ، بالفناء المطلق ، (وخلصوا) كل واحد من الفريقين من أعماق المزج متميزة عن الآخر، بالعلائم المصحوبة لهم من الحضارات الثبوتية العلمية.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:41 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح التجلي 34 تجلي الفردانية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:46 am

شرح التجلي 34 تجلي الفردانية .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 34 على مدونة عبدالله المسافر بالله

34 - متن نص تجلي الفردانية :-

لله ملائكة مهيمون في نور جلاله وجماله في لذة هائمة ، ومشاهدة لازمة ، لا يعرفون أن الله خلق غيرهم ما التفتوا قط إلى ذواتهم فأحرى ولله قوم من بني آدم الإفراد الخارجون عن حكم القطب لا يعرفون قد طمس الله عيونهم.
فهم لا يبصرون حجبهم عن غيب الأكوان حتى لا يعرف الواحد منهم ما ألقي في جيبه أخرى أن يعرف ما جيب غيره أحرى أن يتكلم على ضميره يكاد لا يفرق بين المحسوسات .
وهي بين يديه جهلاً بها لا غفلةً عنها ولا نسياناً وذلك لما حققهم به سبحانه من حقائق الوصال واصطنعهم لنفسه فما لهم عرفة لغيره فعلمهم به ووجدهم فيه وحركتهم منه وشوقهم إليه ونزولهم عليه وجلوسهم بين يديه لا يعرفون غيره .
قال عليه السلام سيد هذا المقام : " أنتم أعرف بمصالح دنياكم " .

34 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«قال الشيخ في نصه : «لله ملائكة.. أنتم أعرف بمصالح دنیا?م».
فقال ما هذا معناه : هذا المقام هو مقام الأفراد، وهو المقام الذي يحن إليه الأنبياء عليهم السلام.
وقد اختلفت الصوفية في تجلي الأحدية : هل يصح فيها تجل أم لا ؟
ولم يختلفوا في تجلي الفردانية أنه يصح فيه التجلي ، لكون الفردية لا تثبت إلا بعد وجود العبد ، وأما الأحدية فإنها تثبت بغیر وجود العبد.
والأفراد الخارجون عن نظر القطب هم على قدم الملايكة المهيمين ، الذين تقدم ذكرهم .
ولله تعالى في كل عالم اختصاص اختص منهم لنفسه من اختص، دون غيرهم. فهؤلاء الأصل هم الفردانیون، حجبهم نور الحق عن الخلق ، فاشتغلوا بالحق عن الخلق والغير من الخلق ، حجبتهم الغفلة عن الأكوان لا الحق .
فلا يستوي حجاب هؤلاء عن الكون بحجاب غيرهم. «فاجتمعنا المعاني وافترقنا لمعاين»..


34 - شرح تجلي الفردانية
252 - هذا التجلي هو مستند الإيجاد ، فإن الفردية تستلزم التثليث ، وهو صورة الإنتاج التي يطلبها الإيجاد فإنه قاض بوجود الفاعل والقابل ونسبة التأثير والتأثر بينهما . وأول الأفراد الثلاثة .
فالفردية الأولى في نسبة التثليث حقيقة تسمى في عرف التحقيق بحقيقة الحقائق الكبرى ولها نسبتان ذاتيتان : اللاتعين و التعين الأول. وحكمهما إليها على السواء.
والتعين الأول الأحدي الذي تعين ذاتيته الذات في نسبة التثليث ، هو أيضا وتر بنفس امتیازه عن اللاتعين ؛ وهو شفع بكونه ثاني مرتبة اللاتعين
والبرزخية الكبرى التي هي حقيقة الإنسان الفرد في نسبة تثليث الفردية الأولى جامعة بين الأحدية المسقطة للاعتبارات ، والواحدية المثبتة لها .
فأولية الأحدية التي هي تعين الذات بذاتيتها، لا تطلب الثاني ولا تتوقف عليه وأولية الفردية الأولى.
من حيثية تثليثها بالمؤثرية والمتأثرية ونسبة التأثير والتأثر بينهما تطلب الثاني وتتوقف عليه وهو وجود الفرد الذي هو الأصل الشامل للفرديات الجمة . فمن هذه الحضرة وتجليها وجود المهيمات من الملائكة ؛ ووجود الأفراد من البشر خصوصا، وإن استند الإيجاد إليها عموما.


ولذلك قال قدس سره في هذا التجلي :
253 - (لله) من حيثية هذه الفردية وتجليها ، (ملائكة مهيمون في نور جماله وجلاله) الجلال معنی يرجع منه إليه ، فمن هام فيه لا يرجع إلى غيره . والجمال هنا جمال الحلال لا الجمال الذي يقابل الجلال .
فإنه لو كان الذي يقابله ، لما هام أحد فيه ، فإنه معنی يرجع منه إلينا، فإنه لا هيام فيما هو الذي لنا. 
والهيام في الجمال إنما هو في جلاله لا فيه .
(في لذة دائمة ومشاهدة لازمة) ولولا وجود اللذة في دوام المشاهدة الذهب شبح الجلال بآنياتهم فلم يبق لهم ما يشاهدون به ، فهم في فرط هيامهم في المشاهدة (لا يعرفون أن الله خلق غيرهم ، ما التفتوا قط إلى ذواتهم فأحرى) أن لا يلتفتوا إلى غيرهم.


254 -  (ولله قوم من بني آدم) هم في البشر نظير المهيمات في الملائكة (هم الأفراد الخارجون عن حكم القطب) ؛ فإن القطب قبل توليته منصب التدبير الأعم، وقيامه بالتصرف على مقتضى خلافته الكبرى وإحاطته الوسعی؛ كان واحدا من الأفراد.
وربما أن كان أنزل مرتبة منهم ، قربة وشهودة. ولكنه تولى الأمر على مقتضى حكم السابقة لا بحكم الأفضلية ، كتولية المفضول الملك مع وجود الفاضل فيه .
وتولية القطب بين الأفراد منصب التصرف، كتولية العقل من بين المهيمات التدبير والتفصيل فالأفراد في تطرفهم عن التصرف واستغراقهم في طلق المشاهدة وصحبة الحق ، (لا يعرفون ولا يعرفون، قد طمس الله عيونهم فهم لا يبصرون) غير مشهودهم الظاهر لهم بتجلي الجلال ، لانحصار إدراكاتهم على شهود النور الذي من شأنه أن يخطف الأبصار ويبهت الإدراك .
وقوله : «لا يعرفون» على بناء المفعول ؛ فإنهم في المواطن الشهودية لا يتقيدون بسمات يعرفون بها .
إذ لا ضابط لهم في ولايتهم. فإنهم في وقت وجدوا بحكم، وجدوا فيه بحكم آخر. وربما أن يسري في ظاهرهم حكم الغربة وحكم غرابة مقامهم وحالهم فلا يستأنسون بأحد ، ولا يستأنس بهم أحد فلا يعرفون (حجبهم) من طمس على عيونهم
(عن غيب الأكوان) مع أنهم أساطين المواطن الكشفية ، (حتى لا يعرف الواحد منهم ما ألقي في جيبه، أحرى أن يعرف ما في جيب غيره) بل (أحرى أن يتكلم على ضميره) بما فيه من الإلهام والوسواس .
وهو حينئذ (يكاد لا يفرق بين المحسوسات، وهي بين يديه، جهلا بما لا غفلة عنها ولا نسيانا؛ وذلك لما حققهم به سبحانه من حقائق الوصال) أي التجليات الذاتية المشهودة في ولاية العين والذات ، عند سقوط الحجاب بالكلية .
(و اصطنعهم لنفسه فما لهم معرفة بغيره، فعلمهم به ووجدهم فيه وحركتهم منه وشوقهم إليه ونزولهم عليه وجلوسهم بين يديه، لا يعرفون غيره) فإنه لما سلبهم شهود العين انخلعوا عن شهود شواهدها بالكلية . فلهم الوصل الدائم بلا مزاحمة السوي .

255 -  (قال عليه السلام: سيد هذا المقام: أنتم أعرف بأمور دنياكم) فإنه صلى الله عليه إذ ذاك كان مأخوذة إلى ولاية شهود العين ، منخلعة عن التعلق بشواهدها الكونية ، ولذلك لما أمر التأسيس أحكام النبوة والإعراض عن أمنياته بأمر: "فاستقم كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا " [هود/112 ] .
قال : «شیبتني سورة هود».
ولكمال ائتماره ، قال : «إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله سبعين مرة». فكان يطلب ستر شهود يشغله عن تأسيس ما أمر به .
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:41 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: شرح التجلي 35 تجلي التسليم .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:47 am

شرح التجلي 35 تجلي التسليم .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 35 على مدونة عبدالله المسافر بالله

35 - متن نص تجلي التسليم :-

لا تعترضوا على المجتهدين من علماء الرسوم ولا تجعلوهم محجوبين على الإطلاق فإن لهم القدم الكبير في الغيوب وإن كانوا غير عارفين وعلى غير بصيرة بذلك .
ولذلك يحكمون بالظنون وإن كانت علوماً في أنفسها حقاً وما بينهم وبين الأولياء أصحاب المجاهدات إذا اجتمعوا في الحكم إلا اختلاف الطريق.
وكان غاية أولئك الكشف فكان ما أتوا به علماً في نفسه علماً لهم فدعوا إلى الله في ذلك الحكم على بصيرة .
قال عليه السلام في تلاوته القرآن : " أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي " [يوسف : 108] .
وهم أهل المجاهدات الذين اتبعوه في أفعاله أسوة واقتداء فأوصلهم ذلك الإتباع إلى البصيرة وكان غاية المجتهدين غلبة الظن .
فكان ما أتوا به علماً في نفسه ظناً لهم فدعوا إلى الله على بصيرة .
فلهم حظ في الغيوب مقرر ولهم شرع منزل " من حيث لا يعلمون " .


35 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
"قال الشيخ في نص هذا التجلي : «لا تعترضوا على المجتهدين. . من حيث لا يعلمون».
فسمعته يقول في أثناء الشرح ، عند قوله : "فإن لهم القدم الكبيرة في الغيوب وإن كانوا على غير بصيرة".
ما هذا معناه : أي لكونهم يستنبطون الحكم على طريق غلبة الظن . وقد قرر الله تعالى حكمهم وثبته وجعله علما صحيحا في نفسه .
فهم وإن لم يقطعوا بأن ذلك الحكم مراد الله تعالی من دون جميع الأحكام التي تقبلها تلك المسألة ، بل غلبوا ظنونهم به .
فإن الحق جعل ذلك حكمه وقرر تلك الغلبة الظنية . وأما العارفون فعلموا حكم الله تعالى على بصيرة ، لكون الحق ?شف لهم عن ذلك من اللوح المحفوظ ، وعاينوا ذلك مثبوتة .
فأمر الولي أن لا ينكر على علماء الرسوم علمهم لكونهم لم يصلوا إلى هذا الكشف الذي لم ينل بالسعايات ، إنما هو من مواهب الله تعالى ، فلعلماء الرسوم حظ من الغيوب وشرع منزل من حيث لا يعلمون .
فعلماء الرسوم أقرب إلى الرسالة لأنهم أخذوا من الملك وحيه ، من حيث لا يشعرون . وأخذ العارف من الحق سبحانه من غير واسطة ، أو ی?اشف بها في اللوح المحفوظ .
ولا يصح للعارف أن يتلقى حكما شرعية من الملك على الكشف ، لكون هذه الرتبة رتبة الرسالة والنبوة فإن أخذ الولي الحكم عن الملك ، كما يأخذه 
الفقيه من وراء حجاب ، فهو في ذلك الحكم كالفقيه . وهذه مسألة مفيدة" .


35 - شرح تجلي التسليم  
256 -  مقتضى هذا التجلي إذعان نفس العارف لتقليد المجتهدين وإن كان ما أتى به علما في نفس الأمر علما له ؛ وما أتي به المجتهد علما في نفس الأمر ظنا له . 
فإن العارف إذا أخذ من الله بلا واسطة ، أو شاهد ما ثبت في اللوح المحفوظ، لا جائز له أن يجعل ذلك شرعا مالم يأخذ من طريق النبوة .
ومأخذ المجتهد هو الوحي المنزل في نفس الأمر؛ فجاز له أن يأخذه شرعا له ، فإنه أخذ من طريق النبوة .
فالمجتهد أقرب من الرسالة من العارف ؛ فإنه أخذ من النبوة بلا واسطة . والعارف أخذ من الله كشفا، أو من اللوح مطالعة ؛ ثم أخذ من النبوة بواسطة الحق واللوح على بصيرة من ربه .
وما أخذه العارف كشفا ، لا جائز له أن يحكم به على نفسه وغيره . وما أخذه المجتهد من الوحي بلا واسطة من النبوة ، جاز له أن يحكم به على نفسه وغيره . فإن ذلك أحكام تستفاد من الوحي استنباط ، بلا واسطة ، فعلى هذا لا بد للعارف أن يقلد المجتهد ولا يأبي عن تقليده .
ولذلك قال قدس سره :
257 -  (لا تعترضوا على المجتهدين من علماء الرسوم ولا تجعلوهم محجوبين على الإطلاق) عما هو العلم في نفس الأمر، (فإن لهم القدم الكبيرة في الغيوب) فإنهم يطلعون على مراد الله ، فيما أنزل وحية، وعلى مراد النبي فيما يشرع أمرا ونهيا (وإن كانوا غير عارفين) في اطلاعهم (وعلى غير بصيرة بذلك) وكشف موصل إلى يقين ، ولا تصادمه الشبه (ولذلك يحكمون بالظنون وإن كانت ظنونهم في نفس الأمر (علوما في أنفسها حقا. وما بينهم وبين الأولياء أصحاب المجاهدات إذا اجتمعوا في الحكم ، إلا اختلاف الطريق ، فكان غاية أولئك) الأولياء (الكشف، فكان ما أتوا به علما في نفسه علما لهم ؛ فدعوا إلى الله في ذلك الحكم على بصيرة.
قال عليه السلام في تلاوته القرآن:" أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " [يوسف/108] وهم أهل المجاهدات الذين اتبعوه في أفعاله أسوة واقتداء ؛ فأوصلهم ذلك الاتباع إلى البصيرة . 
وكان غاية المجتهدين غلبة الظن، فكان ما أتوا به علما في نفسه ظنا لهم ؛ فدعوا إلى الله تعالى على غير بصيرة. 
فلهم حظ في الغيوب مقرر، ولهم شرع منزل) منها (من حيث لا يعلمون).

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:42 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 36 - شرح تجلي نور الإيمان .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:50 am

36 - شرح تجلي نور الإيمان .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 36 على مدونة عبدالله المسافر بالله

36. متن نص تجلي نور الايمان :-

الإيمان نور شعشعاني ممزوج بنور الإسلام فإنه ليس له بوحدته استقلال فامتزج بنور الإسلام أعطي الكشف والمعاينة والمطالعة فعلم من الغيوب على قدره حتى يرقى إلى مقام الإحسان وهو حضرة الأنوار .

36 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«قال إمامنا رضي الله عنه : «الإيمان نور شعشعاني.. إلى مقام الإحسان». فسمعته يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما هذا معناه : إن الإيمان نور شعشعانی وهو الذي يمنع إدراك البصر أن يستند إليه ، وهو وصف خاص . وهو ممزوج بنور الإسلام، لأنه ليس له وحده استقلال؛ وبامتزاجه صار شعشعانية.
وذلك لأن الإيمان ليس هو مرادة لنفسه ، بل مراد لنفسه ولغيره . ولما كان الإيمان هو التصديق بالله تعالى وبما جاء من عنده ، وكان العمل بالأركان فرضا واجبا وهو الإسلام فلذلك امتزجا ؛ وبامتزاجهما حصلت النتيجة التي هي الفتح الإسلام هو عملك بما آمنت به على الحد المشروع.
فالعمل من غير إيمان ينتج الروحانيات ، لا ينتج الفتح .
والإيمان بمفرده لا ينتج الفتح ، فإذا امتزج الإيمان بنور الإسلام أنتج الفتح والسعادة».


36 - شرح تجلي نور الإيمان
258 - (للإيمان نور شعشعاني) ، يقال : شعشعت الشراب ، إذا مزجته ؛ فنوره «الإيمان» (ممزوج بنور الإسلام) فالإيمان تصديق ما جاء من عند الله ، على مراد الله . والإسلام هو العمل بالأركان على الحد المشروع .
والإيمان ليس هو مرادة لنفسه فقط ، بل هو مراد لنفسه ولغيره .
فإنه ليس له بوحدته استقلال في الإنتاج ، إذ المطلوب من امتزاجهما الفتح ، وهو ?شف حجاب الكون المشهود عن الحق الباطن فيه ، بتجلياته الذاتية .

وهو على ثلاثة أقسام :
1 - الفتح القريب.
2 -  والفتح المبين.
3 - والفتح المطلق.
فالفتح القريب : هو كشف حجاب الكون المشهود الملكي عن الحق ، من حيث ظاهر وجوده بالترقي من أفق الطبيعة النفسية إلى الأفق المبين القلبي، في المقامات الإسلامية وغلبة أحكامها .
وهذا الفتح هو المقول عليه: " نصر من الله وفتح قريب " [الصف/13] ، "وأثابهم فتحا قريبا" [الفتح/18] .
والفتح المبين : وهو كشف حجاب الكون المشهود الملكوتي عن الحق من باطن وجوده بالترقي من الأفق المبين القلبي إلى الأفق الأعلى الروحي في المقامات الإيمانية وغلبة أحكامها.
وهذا الفتح هو المقول عليه : "إنا فتحنا لك فتحا مبينا" [الفتح/1] .
والفتح المطلق : وهو ?شف حجاب الكون المشهود الجامع عن الحق من حيث جمع وجوده بين الظاهر والباطن ، بالترقي من الأفق الأعلى .
إلى حضرة : «قاب قوسين» أو إلى حضرة : «أو أدني»،
في المقامات الاحسانية وغلبة أحكامها .
وحضرة «قاب قوسين» إنما تشعر في هذا الفتح المطلق، بوجود القرب القريب القاضي بخفاء حكم التمييز بين القربين .
وحضرة «أو أدنى» إنما تشعر بوجود القرب الأقرب القاضي باستهلاك حكم التمييز بينهما .
وهذا الفتح هو المقول عليه : " وإذا جاء نصر الله والفتح " ، أي الستر في الأطوار الأكملية التي لا منتهى لغایتها، بعد ?شف حجاب الكون بالكلية .
هذا تقريب قوله : «ليس له بوحدته استقلال». .

259 -  (فإذا امتزج) نور الإيمان (بنور الإسلام) بسراية تجليات باطن الوجود ، بالنسبة الإيمانية من باطن القلب إلى المشاعر والأعضاء الظاهرة ؛ وبسراية تجلیات ظاهر الوجود، بالنسبة الإسلامية من ظاهر الأعضاء والمشاعر إلى باطن القلب ؛ (أعطى الكشف) من حيث النسبة الباطنية الإيمانية (و المعاينة) من حيث النسبة الظاهرية الإسلامية والمطالعة) من حيث النسبة الجامعة الإحسانية فإن القلب الكامل من حيثية النسبة الجامعة كتاب مرقوم ، يستدعي المطالعة من وجهيه .
(فعلم) أي القلب الذي هو مجمع التجليات الباطنة والظاهرة، ومحل نتائج النسب الإيمانية والإسلامية ، (من الغيوب على قدره) صفاء وقوة وسعة .
(حتى يرتقي) هذا القلب في تحققه بوسطية تتمانع فيها التجليات الباطنة والظاهرة ، إلى مقام الإحسان فينطلق في تحققه بالوسطية عن كل ما يقيده قسرا، ويأخذه إليه قهرة.
فيقوم إذ ذاك به حضرة الجمع والوجود، بما فيه من الحقائق الباطنة والظاهرة ، اختیارا منه في بقائه على ذلك ، وتحوله إلى اسم من أسمائها ووجه من وجوهها (وهو) أي مقام الإحسان بما في إحاطته من الحقائق الباطنة والظاهرة ، (حضرة الأنوار) المنكشفة من الأستار.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:44 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 37 - شرح تجلي معارج الأرواح .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 9:51 am

37 - شرح تجلي معارج الأرواح .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 37 على مدونة عبدالله المسافر بالله
37. متن نص تجلي معارج الأرواح :-
للأرواح الإنسانية إذا صفت وزكت معارج في العالم العلوي المفارق وغير المفارق فينظر مناظر الروحانيات المفارقة فترى مواقع نظرهم في أرواح الفلاك ودورانها بها فينزا مع حكم الأدوار وترسل طرفها في رقائق التنزيلات حتى ترى مساقط نجومها في قلوب العباد فتعرف ما تحويه صدورهم وما تنطوي عليه ضمائرهم وما تدل عليه حركاتهم فطرق علم الغيب كثيرة .

37 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
«ومن تجلي معارج الأرواح، وهي الأرواح الإنسانية إذا صفت وزكت لها معارج في العالم العلوي المفارق وغير المفارق.. فطرق علم الغيب كثيرة».
فسمعته يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ما معناه : «إن المفارق من الأرواح كل روح دبرت جسدا ثم فارقته .
وعين المفارق هم الملائكة عليهم السلام. ويتفرع من الملائكة قسم آخر متوسط ، له نسبة إلى المفارقة ونسبة إلى غير المفارقة .
وهو كل ملك تجلى في صورة برزخية ، كجبريل عليه السلام في الصورة الدحيية وغيره، فهو بالنظر إلى هذه الصورة الدحيية مفارق، وبالنظر إلى هيكله النوري غير مفارق . 
وأما الملايكة المهيمون عليهم السلام فلم يفارقوا ، فالملائكة التي يمكن نزولها إلينا على المعارج تنصبغ بالأمر الذي تنزل به، فبمجرد رؤيتها يعلم ما عندها ، فإذا نزلت فليصحبها المكاشف بنظره إلى أن تنتهي إلى شخص بعينه، فيعرف المكاشف ما أعطاه ذلك الروح فهذا من بعض وجوه علم الغيب ، إذ للغيب طرق . وساقط نجومها هي العلوم التي تنزل بها ؛ والمحل الذي يأخذ عنها العلم هو الذي سقط إليه النجم .
وكذلك يشهد الأرواح المدبرة الأفلاك وتأثيرها فيها ، ثم يدرك ما ينبعث عنه ذلك التأثير ، فينبعث من الأفلاك رقائق تنزل إلى العالم فيتبعها نظره فيعلم. وهذا ضرب آخر من الغيب".

37 -  شرح تجلي معارج الأرواح

260 - (للأرواح الإنسانية إذا صفت) عن خلطات الطبيعة (وزكت) عن كل ما يعوقها عن الوصول إلى محتدها (معارج في العالم العلوي المفارق) يعني الأرواح التي فارقت أشباحها، المقامة بتدبيرها بعد تعلقها بها ؛ (وغير المفارق) كالأرواح الملكية الغير المفارقة من أشباحها النورية .
(فتنظر) بعد صفائها وتقدسها ، (مناظر الروحانيات المفارقة) عن اشباحها، (فتری مواقع نظرهم في أرواح الأفلاك ودورانها بها ) يشير إلى الأرواح الكاملة الإنسانية المفارقة من أشباحها العنصرية إما بحكم الانسلاخ أو بحكم الموت الطبيعي.
فإن كلا منها بعد مفارقته إنما يسرح في برزخية فلك من الأفلاك على مقتضی غلبة حكم المناسبة ، فتعين روحانيته المدبرة له على دفع الإفراط والتفريط ، الناشئ من الطبيعة العنصرية المختصة بجرمه الدخاني المفضي ذلك إلى غلبة حكم فساده على كونه . 
ومن هذا الباب ، إعانة الأقطاب والأوتاد ومن دونهم من الأعداد بتدبيرهم الروحاني جميع العوالم .
إذ مذهب التحقيق أن الأرواح الكاملة الإنسانية بما لها من حضرة الجمع والوجود ، من السعة والاقتدار والقوة، لا تلج في عالم إلا وقد تظهر فيه القوة والنماء والعدالة والعمارة .
وتتأید روحانيته ، في تدبيرها وأفعالها بسريان تلك الأرواح الكاملة فيها؛ حتى يقوم سلطانها في الفعل والتأثير وإلقاء حوادث الأقدار والتدبير على أتم الوجوه وأكملها. 
ويحصل للأرواح الكاملة أيضا من مقارنة روحانية ذلك العالم، النفوذ التام في أقطاره وآفاقه وأعماقه ؛ والعثور على ما استجن من الأسرار الإلهية والكونية فيها، وعلى ما توجه أيضا من الأحكام الوجودية والأقسام الجودية إليها .

ولذلك قال :
261 -  (فتنزل) أي الأرواح العافية المقدسة الزاكية الناظرة إلى مناظر الروحانيات المفارقة ومواقع نظرها في أرواح الأفلاك ؛ (مع حكم الأدوار) الفلكية ، (وترسل طرفها في رقائق التنزيلات) الإلهية ، المختصة بتلك الأدوار وأحكامها ؛ (حتى ترى مساقط نجومها) أي محالا تسقط إليها ما حملته تلك الرقائق من الأسرار الإلهية والكونية والعلوم اليقينية الناصعة من الشبهات (في قلوب العباد، فتعرف) الأرواح إذن ، (ما تحويه صدورهم وما تنطوي عليه ضمائرهم وما تدل عليه حركاتهم) وسكناتهم ، عرفا تفصيليا ، بحيث لا تشتبه عليها رقيقة برقيقة ، ولا حكم بحكم.

.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:45 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 10:16 am

38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 38 على مدونة عبدالله المسافر بالله

38 - متن نص تجلي ما تعطيه الشرائع :-

تنزلت الشرائع على قدر اسرار الخليقة إلا أن الشريعة تنزلت عيوناً تقوم كل عينٍ بكثير من أسرار الخليقة .
فإذا كان عين الوحدة منها أو الاثنين أدرك اسرار الخليقة في النوم وإذا انضافات العيون بعضها إلى بعض أدركها في اليقظة وهذا الإدراك أحد الأركان الثلاثة التي يجتمع فيها الرسول والولي .
والإدراك لها على الحقيقة للرسول من كونه ولياً لا من كونه رسولاً ولهذا وقعت المشاركة من عمل بما علم ورثة الله ما لم يعلم واتقوا الله ويعلمكم الله .


38 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
« ومن شرح تجلي ما تعطيه الشرائع، ولنذكر نص التجلي أولا . قال : «تنزلت الشريعة" ...  " واتقوا الله ويعلمكم الله" .
قال جامعه : سمعت الشيخ يقول ما هذا معناه : إن للأنبياء عليهم السلام خصایص لا يعلمها إلا الأولياء . 
وتنسب العوام إلى الأولياء أمورا كثيرة تخصصهم بها . وليس الأمر كذلك . 
واعلم أن الشرائع تنزل على قدر المصالح وما تعطيه مصلحة الوقت بإرادة الله تعالى . وتنزل الشرائع عيونا ، أي مختلفة قال تعالى : "لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً " [المائدة/48]
فيجيء الشارع يحرم عين ما حلل الآخر، وذلك بالنسبة إلى الزمان والأشخاص. 
فالشريعة أحكام كثيرة نزلت بحسب ما تطلب الشريعة ، من حيث لا تشعر الأمة ، وذلك كاختلال مزاج المريض الذي يجهل حاله ويعلمه الطبيب دونه ، فصارت العلامة تطلب من الطبيب ما فيه مصلحة ذلك الشخص، وهذه السنة الذوات الحقيقية ، يخاطب النفوس بها بأربابها ، وإن لم يدرك الحس ذلك. وهذا هو كلام النفس الذاتي، وهو اللسان الذي لا يكذب ولا يغلط ، بخلاف لسان الظاهر.
ولهذا نهى عليه الصلاة والسلام عن كثرة السؤال الظاهر، إذ يتصور الغلط والفضول في لسان الحس .
واعلم أن الإدراك منه ما يكون حسا، ومنه ما ی?ون خيالا ، كإدراك النائم والمكاشف بالمثل.
إذا اجتمعت العينان أدرك صاحبها الأسرار نوما. وإذا كثرت العيون له أدرك الأسرار نوما ويقظة .



38 - شرح تجلي ما تعطيه الشرائع
262 -  (تنزلت الشريعة على قدر أسرار الخليقة) أي على قدر ما تعطيه مصلحة أوقاتهم ويقتضيه تعديل أحوالهم .
ولذلك تختلف الشرائع بحسب اختلاف الأزمنة والأحوال والأخلاق فالشريعة تحلل في زمان عين ما حرم في زمان آخر، وتأتي بما يقوم به سلطان حملتها، على أهل زمانهم، فيما غلب عليهم من التصرفات الخارقة ، كالسحر في زمان موسی، المقابل منه بأية العصا ؛ والطب في زمان عیسی ، المقابل منه بإبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ؛ والبلاغة الخارقة في زمان سيدنا محمد صلى الله عليه ، المقابل منه بالقرآن المنزل عليه في حد الإعجاز المقول عليه : "فأتوا بسورة من مثله " [البقرة:23] .
(إلا أن الشريعة تتزلت عيونا ، يقوم كل عين بكثير من أسرار الخليقة) أي تنزلت الشريعة عيونة متنوعة الآثار، تجري على النفوس الممتثلة لها كماء الحياة المطهر إياها من الأدناس الطبيعية ، الرافع عنها حدث الإمكانية ، المنشئ في ذواتها قوة الإشراف والاطلاع الكشفي.


263 - (فإذا كان عين الواحدة منها أو الاثنين أدرك) النفوس بها (أسرار الخليقة في النوم) إذ كل ما أخذت النفوس من أسرارها في النوم، فإنما مأخذها إما عالم الشهادة ، الذي هو أحد طرفي الخيال النومي؛ فلها في هذا المأخذ من الشريعة عين ؛ وإما مأخذها عالم الغيب الذي هو الطرف الآخر له، فلها أيضا من هذا المأخذ منها عين أخرى . ولذلك خصص النوم من عيون الشريعة بالعينين.


264 - (وإذا انضافت العيون بعضها إلى بعض، أدركها) أي أدركت النفوس المطهرة بها أسرار الخليقة في الخيال المطلق (في اليقظة).
ولذلك قال : ( وهذا الإدراك ) النفسي للخيال المطلق في اليقظة (أحد الأركان الثلاثة التي يجتمع فيها الرسول والولي)، وهي العلم اللدني ، ورؤية الخيال المطلق في اليقظة .
والفعل بالهمة فهما يجتمعان في هذه الثلاث ، وينفصلان بكون الرسول متبوعة وكون المولى تابعة فشأن النفوس المطهرة في انضياف العيون لها ، إدراك الخيال المطلق في اليقظة ، كما كان إدراكه بالعينين في النوم.
وربما أن يكون المراد بالعيون التي نزلت به الشريعة ، عيون البصائر والأبصار، فإن منتهى أمر المذعن لها الممتثل أمرها ونهيها الملتزم حكم العبودية على مقتضاها، غاية التقدس القاضية بفتح عيون البصائر ونفوذ عيون الباصرة حتى يرى بها المذعن ويشاهد ما لا يعهد برؤيته وشهوده في عالم الخليقة، كرؤية الخيال المطلق في اليقظة . وهو ظرف لتروحن كل صورة ، وتجد كل معنى .
ويرى الشيء في سعته ونوریته ولطافته ، من البعد الأبعد قريبا.
ومن هنا قال حارثة : «رأيت عرش ربي بارزا». وقد زوي له صلى الله عليه في سعته الأرض ، حتى رأى مشارقها ومغربها.


265 -  (والإدراك لها) أي لتلك الأركان الثلاثة المشتركة ، (على الحقيقة للرسول من كونه وليا لا من كونه رسولا، فهو) أي هذا الإدراك (الولاية) خاصة ، (ولهذا وقعت المشاركة) بين الرسول والولي فيها .
(من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم) سواء كان العامل رسولا أو وليا ( واتقوا الله ويعلمكم الله ) [البقرة: 282].
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد مايو 10, 2020 7:46 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: 39 - شرح تجلي الحد .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين   كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالخميس مايو 07, 2020 10:17 am

39 - شرح تجلي الحد .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 39 على مدونة عبدالله المسافر بالله

39 - متن نص تجلي الحد:-

إذا توجهت الأسرار نحو قارئها بفناءٍ وبقاء، وجمعٍ وفرق.
سقطت عليها أنوار الحضرة الإلهية من حيثها لا من حيث الذات.
فاشرقت أرض النفوس بين يديه.
فالتفت فعلم ما أدركه بصره وأخبر بالغيوب وبالسرائر وبما تكنه الضمائر وما يجري في الليل والنهار.

39 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل:
«ومن تجلي الحد. وهو إذا توجهت الأسرار نحو باريها . في الليل والنهار .
قال جامعه سمعت إمامنا يقول في أثناء شرحه لهذا التجلي ماهذا معناه .
إن العبد محدود وغير محدود، يشير رضي الله عنه ، إلى جسد الإنسان وروحه التي هي اللطيفة الإنسانية .
ثم قال : فهذا التجلي من حيث ما يقتضيه حد العبد. وإذا كان العبد محدود  كان للإلهية حد أيضا في قبالة حد العبد، لكونه يطلبها وتطلبه من كل وجه . فالمراتب تطلب الحدود.
فلكل مرتبة وجه من الإلهية ليس هو للمرتبة الأخرى . فهذه هي الحدود. وهذا حكم المتضايفين أبدا، وهذا بخلاف ح?م الذات . وقد يكون للإنسان في أي المقامات قدر ويكون له هذا المقام، لكون هذه الأحوال كلها حدودة . والتعريف أبدا من
جناب الحق سبحانه إنما هو من كونه إلها لا من كونه ذاتا ، عز وجل ، فتشرق على العبد في مقام التعريف أنوار الإلهية .
فيدرك من غيوب العالم إدراكا مخصوصا لكون النظرة كانت نظرة خاصة . تعطي ما تتوجه عليه .
ومن هذه النظرة الخاصة ، كان ، صلى الله عليه وسلم، يعلم ما ينزل به جبريل ، عليه السلام ،حتى قيل له : "لا تحرك به لسانك لتعجل به").
وكذلك المريد، إذا كاشف خاطر الشيخ لا ينبغي له أن يتكلم عليه فإن الأدب لا يقتضيه ..فاعلم » .


39 - شرح تجلي الحد

266 - الإنسان من حيث إنه نسخة جامعة لعموم الحقائق الإلهية والإمكانية . لا حد السعته ولا غاية لحيطته .
فيسع فيه من هذا الوجه كل شيء وهو لا يسع في شيء وهو محدود . من حيث إن عموم الإلهية تطلبه وهو يطلبها .
فإن المراتب تطلب الحدود. إذ لكل مرتبة حد يغایر حد مرتبة أخرى. 
فلكل مرتبة عبدانية وجوه شتى تقابلها وجوه الإلهية وللألوهية وجوه شتى أسمائية. 
تقابلها وجوه الحقيقة العبدانية . فمقتضى هذا التجلي تبيين هذه الحدود من حيثية الألوهية لا من حيثية الذات .
فإن الذات لا يقيدها حد أصلا ولا غاية.

ولذلك قال قدس سره :

267 - (إذا توجهت الأسرار) الإنسانية (نحو بارئها بفناء و بقاء وجمع و فرق سطعت عليها أنوار الحضرة الإلهية من حيثها لا من حيث الذات) يريد بالأسرار هنا ، الأسرار الوجودية المنفصلة من غيب الهوية بالتجليات بلا انقطاعها عنه ، المنفوخة في قابلية الأرواح المنفوخة في تسوية القلوب ، المستجنة في باطن النفوس ، الظاهرة في لبس اعتدالات الأمزجة القائمة بالصور الحسية .
فإنها إذا انتهت في تنزلاتها إلى أنهى المراتب الحسية ، وعادت إلى محتدها الأصلي مع عدم انقطاعها عنه لا وصول لها إليه إلا بفناء الرسوم الخلقية، وجمع ما لمحتدها عليه بسراية روح البقاء فيها.
فإذا طرحت رسوم الأغيار سطعت عليها أنوار الحضرة الإلهية من حيثها لا من حيث الذات التي لا تقبل التحديد. فعادت من حيث اللمحة الذاتية باقية بالبقاء بعد أن كانت باقية بالإبقاء .
وقامت من حيث المنحة الإلهية ، ناظرة إلى حدود مرتبية تظهر فيها حدود كمالاتها التفصيلية .
(فأشرقت) إذ ذاك (أرض النفوس) التي هي مطايا ظهورها ( بين يديه ) أي بين يدي كل سر من تلك الأسرار الوجودية الإنسانية . (فالتفت) السر الوجودي منصبغا بنور تجلي الحد حينئذ، حسبما تقتضيه مرتبته القاضية بتعين الحدود .
(فعلم ما أدركه بصره فأخبر بالغيوب وبالسرائر وما تكنه الضمائر وما يجري في الليل والنهار) من الحوادث والأقدار .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين    كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين  Emptyالأحد مايو 10, 2020 7:47 am

40 - شرح تجلي الظنون .كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي شرح بن سودكين

كتاب التجليات الإلهية الشيخ الأكبر والنور الأبهر سيدى الإمام محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي الأندلسي

شرح التجلي 40 على مدونة عبدالله المسافر بالله

40 - متن نص تجلي الظنون:-

ظنون الولي مصيبة فإن كشف له من خلف حجاب الحسد فيجد الشيء من نفسه ولا يعرف من أين جاء ويعرف مقامه.
فيعرف أن ذلك لغيره فينطق به فيكون حال الغير فهذا ظن عندنا.
وفي هذا المقام أيضاً يكون الأكابر منا وليس بظن في حقهم وإنما يجري الله على لسانه ما هو الحاضر عليه من الحال.
فيقول الحاضر قد تكلم الشيخ على خاطري والشيخ ليس مع الخاطر حتى لو يقل له ما في ضمير هذا الشخص ما عرف.
سئل أبو السعود البغدادي عن هذا المقام فقال: لله قومٌ يتكلمون على الخاطر وما هم مع الخاطر ".
وأما صاحب الظن فلولا السكون الذي يجده عنده بلا تردد ما تكلم به. 
وهذا المقام عييٌ على الأولياء وحصرهم فما بالك بفهمهم.
ومن هنا ينتقلون إلى تلقي الأقدار قبل نزولها على أن لها بطأً في النزول يدور القضاء في الجو في مقعر فلك القمر إلى الأرض ثلاث سنين وحينئذٍ ينزل ويعرفون الأولياء ذلك بحالة يسميها القوم: " فهم الفهم ".
ومعنى فهم الفهم لفهمهم الأعمال أولاً ثم يفصلون بقوة إحدى ذلك الأعمال فتلك قوة فهم الفهم.

40 - إملاء ابن سودكين على هذا الفصل :
« ومن تجلي الظنون . قوله في أول هذا التجلي : ظنون الولي مصيبة . فيكون حال الغير.
فسمعته يذكر في أثناء شرحه لهذا التجلي : إن هذا الظن في الأولياء ليس بظن . لكونه خطرله أمر محقق . لكن صاحب ذلك الأمر غير معين عند الولي باسم وعينه . وصاحب هذا المقام أعلى من تعين لكون الأول مشغولا بربه لم يلتفت إلى الكون . فإذا ورد الوارد وهو غير مناسب المرتبة الولي ، علم أنه لغيره . كما لو خطر له خاطر التنزه والفرجة في بستان ، وهذا لا يقتضيه مقامه ، فيعلم الشيخ حينئذ أن بعض من يرتبط به قد قام عنده ذلك .
فيخبر الشيخ به جملة ، فيسر به صاحبه.
وربما قال صاحب الخاطر: إن هذا كان خاطري .
فيقول الشيخ : الحمد لله . ثم قال الشيخ ، رضي الله عنه : وهذا مقام عن الأولياء وحصرهم. .
فتلك القوة : فهم الفهم. قال الشيخ رضي الله عنه : ومن أجل هذا البطء به ، أمكن تلقي الشياطين لكثير من الأحكام والقضايا النازلة إلى العالم بعد حين ، قبل وصولها إلى الأرض.
فيغربها كثير من الصلحاء فضلا عن العوام فيقول الصالح : هذا غيب قد اطلعت عليه وليس هو غيبة ولا حقا. فتفطن ترشد".


40 - شرح تجلي الظنون
268 - إذا استجلب التجلي من الغيوب إلى الولي الحاضر بسره مع الحق، واردة لا يناسب مقامه وحاله وتجهل نسبته حيث لا يتعين له محل مناسب باسمه وعينه ، يسمى ذلك في حقه ظنة وذلك في الحقيقة ليس بظن ، فإنه كشف محقق من وراء حجاب .
وليس من شأن الولي الحاضر مع الحق أن يمعن بنظره الكشفي في تعيين محل مناسب . فإنه حالتئذ لا يلتفت إلى الكون من غير داع ذي سلطان .


ولذلك قال قدس سره :
269 -  (ظنون الولي مصيبة فإنه كشف له من خلف حجاب الجسد . فيجد الشيء في نفسه) ولا يقدر على دفعه .
(ولا يعرف من أين جاء ويعرف مقامه) حيث يعرف أنه غير مناسب الحاله ومقامه . كما لو وجد في خاطره الشغف إلى طلب المناصب الدنيوية المعينة .
(فيعرف أن ذلك لغيره) لا له ، فينطق به فيكون ذاك (حال الغير ) ولكن انعكست صورته في مرآة خاطره ، بمناسبة ما .
قال قدس سره : (فهذا) أي ظهور الوارد الغريب المجهول المحل ، خاطر الولي (ظن عندنا) فإطلاق الظن علیه راجع إلى مجرد العرف.

270 - (وفي هذا المقام أيضا يكون الأكابر منا. وليس بظن في حقهم وإنما يجري الله على لسانه ما هو الحاضر عليه من الحال) أي حال من هو الحاضر عليه (فيقول الحاضر) إذن : (قد تكلم الشيخ على خاطري، والشيخ في الواقع (ليس مع الخاطر) لذهوله في الحضور مع الحق عن الكون. (حتى لو قيل له ما في ضمير هذا الشخص ) مع وروده بعينه على خاطره وجريانه على لسانه (ما عرف) أنه وارده المنطوق به .
(سئل أبو السعود البغدادي عن هذا المقام فقال: الله قوم يتكلمون على الخاطر وما هم مع الخاطر) حيث ذهبت قلوبهم في غمرات الشهود وهي الاهية عن غير مشهودها .
(وأما صاحب الظن فلولا السكون الذي يجده عنده بلا تردد ما تكلم به) فإنه علم ذوقة أن السكون وعدم التردد ، من علامات الكشف الصحيح واليقين التام.
فاستدل بوجودهما في ذوقه . أن الظنون الناشئة من آثار التجلي ، هو الكشف المحقق في نفس الأمر ولذلك نطق به .
ألا ترى أن البرودة الناتجة من السكون ، كيف يضاف إليها اليقين فيقال : حصل برد اليقين وتثلج الخاطر في فهم المقصود.


271 - (وهذا مقام عي الأولياء وحصرهم) مع كونهم عبروا عما وجدوا فيه من الظنون بأبلغ البيان ونطقوا بها (فما ظنك بفهمهم) في مقام الإشراف الشهودي والاطلاع الكشفي الخالص عن الشوائب التي تقبل التسمية بالظنون .
(ومن هنا) أي من مقام فهمهم (ينتقلون إلى تلقي) معرفة (الأقدار) و تحقیق تفصيلها (قبل نزولها) إلى المحل المتعين لها (على أن لها بطئا في النزول يدور القضاء في الجو من مقعر فلك القمر إلى الأرض ثلاث سنين، وحينئذ ينزل ويعرف الأولياء ذلك بحالة يسميها القوم فهم الفهم ومعنى «فهم الفهم» لفهمهم الإجمال أولا ثم يفصلون بقوة أخرى ذلك الإجمال. فتلك القوة ) المفصلة هي (فهم الفهم).


272 -  اعلم أن الأقدار إذا انفصلت عن الغيب ، على حكم ما ثبت في لوح القضاء المنطبع في العرش، إنما انفصلت على حكم الإجمال والشعور الإنساني المتعلق بها من هذه الحيثية الإجمالية هو الفهم.
وإذا انفصلت الأقدار عنه «الغيب» على حكم ما ثبت في لوح القدر المنطبع في الكرسي ، إنما انفصلت على حكم التفصيل والإدراك الإنساني المتعلق بها من هذه الحيثية التفصيلية . هو فهم الفهم.
فالأقدار المنفصلة على حكم ما ثبت في اللوحين ، بعد مرورها على الأدوار السماوية ، لا يتم تفصيلها محققة إلا في عالم الاستحالة الطبيعية العنصرية.
فإن عالمها يعطي الكون والفساد. إذ الأعلى يستحيل إلى الأدني ، والأدنى إلى الأعلى .
بخلاف العالم السماوي ، فإنه لا يعطي إلا الكون فقط . فتدور الأقدار قبل نزولها إلى الأرض في العوالم الثلاث، في كل عالم منها تحت حكم دور كامل من أدوار العرش والكرسي الحاملين لوح القضاء ولوح القدر، فتتم في قوتها المتضاعفة ، بسراية حكم المزجة والاستحالة فتقوى في طلب محلها.
ففهم الأولياء إنما يتعلق بها ، قبل نزولها إلى محالها المخصوصة بها. بالنسبة القضائية العرشية ، وفهم فهمهم يتعلق بها بالنسبة الكرسوية القدرية فافهم.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب التجليات الإلهية من 31 - 40 الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي رضي الله مع تعليقات وشرح ابن سودكين
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: