منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 6:40 pm

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

أول من قاس النص بالقياس إبليس على منتدى عبدالله المسافر بالله
أول من قاس النص بالقياس إبليس الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أول من قاس النص بالقياس إبليس
3410 - إن أول من قاس أنوار الله بهذه القياسات الواهية ، كان إبليس .
- وقال : إن النار لا جدال أفضل من الطين ، وأنا من النار ، وهو من التراب الأدنى .
- ولنقس الفرع إذن على أصله ، إنه من الظلمة وأنا من النور المنير .
- وقال الحق ، لا بل هذا زمن " لا أنساب " والزهد والتقوى صارا مقياسا للفضل .
- إن هذا ليس ميراث الدنيا الفانية ، حتى تجده بالأنساب ، إنه روحاني .
 
3415 - بل إنه ميراث الأنبياء ، وإنما ترثه أرواح الأتقياء .
- لقد صار ابن أبي جهل مؤمنا عيانا ، وصار ابن نوح النبي من الضالين .
- وابن التراب صار منورا كالقمر ، وأنت ابن النار ، فامض مسود الوجه .
- وهذه القياسات والتحري في اليوم الملبد بالسحاب وفي الليل ، قام بها الحَبر من أجل القبلة .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 566 : إن السيد يظن أنه يقوم بالطاعة ، غافلا عن أنه يقتلع روحه بالمعصية . 
- فامض واترك قياسك هذا ، فمن قياسك تشيب لحيتك . 

 
« 309 »
 
- ولكن في وجود الشمس والكعبة أمامك ، لا تتوخ هذا القياس وهذا التحري .
 
3420 - ولا تتجاهل الكعبة ، ولا تشح عنها بالوجه من القياس ، والله أعلم بالصواب .
- وعندما تسمع صفيرا من طائر الحق ، وتتعلم ظاهره وكأنه الدرس .
- ثم تقوم آنذاك بقياسات من نفسك ، وتجعل من الخيال المحض حقيقة واقعة .
- وهناك مصطلحات للأبدال ، لا خبر عنها في المعتاد من الأقوال .
- ولقد تعلمت منطق الطير محض صوت ، ورفعت مائة قياس ومائة هوس .
 
3425 - ومثل ذلك المريض جرخت منك القلوب ، ولقد صار الأصم ثملا بمجرد ظن الإصابة .
- وكاتب الوحي ذاك من مجرد صوت الطير ، ظن أنه كان شريكا للطير .
- فضربه الطير بجناحيه ضربة غادرته أعمى ، وحملته في التو إلى قاع الموت والألم .
- فحذار " أيها الملكان " بفكر عكسي أو بظن منكما ، لا تسقطا عن مقامات السما .
- بالرغم من أنكما هاروت وماروت ، ومقدمان عن الجميع في سقف "نحن الصافون
 
 3430 - فأشفقا على إساءات المسيئين ، والعنا الأنية والعُجب .
- حذار وإلا انطلقت الغيرة من مكمنها ، فتقعان منكسين في قاع الأرض .
- وقال كلاهما : يا إلهي ، الأمر لك ، وبلا أمانك ، أين يكون الأمان في الأصل ؟
- أخذا يقولان هذا وقلبا هما يخفقان ، قائلين : أنى يتأتى منا السوء ونحن نعم العبيد ؟
- وإن وخز الشوك لم يترك حتى الملكين ، حتى غرس فيهما بذور العُجب .
 
« 310 »
 
3435 - فأخذا يقولان : يا من أنتم في إسار الأركان ، إنكم بلا علم عن طهر الملائكة .
- إننا نقيم الخيام على هذا الفلك ، فلنهبط إلى الأرض ، ولنضرب مخيمنا . « 1 »
- ولننشر العدل ، ولنجلب العبادة ، ثم لنحلق كل ليلة نحو الفلك .
- حتى نصبح أعجوبة الزمان ، وحتى نضع في الأرض الأمن والأمان .
- وهذا القياس لأحوال الفلك مع أحوال الأرض لا يصح ، فقد كان بينهما ثم فرق خفي .
 
في بيان أنه ينبغي أن تخفي حالك وسكرك عن الجاهلين
 
3440 - إستمع إلى ألفاظ الحكيم " الذي طوته " الحجب : ضع رأسك حيثما شربت الخمر .
- وعندما يخرج ثمل مترنحا من الحان ، يصير سخرية للأطفال وألعوبة لهم .
- ويسقط في طين كل طريق من ناحية إلى أخرى ، ويضحك عليه كل أبله .
- وهو على هذه الحال والأطفال في عقبه ، لا علم لهم عن سكره ولذة خمره .
- والخلق أطفال ، إلا الثمل بالله ، ولا بالغ واحد ، إلا من خلص من الهوى .
 
3445 - ولقد قال " وما الحياة الدنيا إلا لهو ولعب " ، وأنتم أطفال ، وصدق الله .
- وما لم تقلع عن اللعب فأنت طفل ، وبلا حرقة للروح ، متى تكون ذكيا ؟
- واعلم أيها الفتى أن الشهوة التي يمارسونها هنا ما هي إلا جماع أطفال .
- وماذا يكون جماع الطفل ؟ إنه لعب ، إذا قيس بجماع أمثال رستم والغزاة .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 577 : - وقال كلاهما : لا خوف علينا ، فإن طبيعتنا ليست من الماء والطين .

 
« 311 »
 
- وحروب الخلق مثل حروب الأطفال ، كلها حقيرة ، لا معنى لها ولا مغزى .
 
3450 - إن كل حروبهم تتم بسيوف خشبية ، وكلهم يقصدون ما لا ينفع .
- ولقد ركبوا جميعا أعواد من البوص ، وهم يقولون : هذا براقنا ذو الخطي كخطي الدُلدُل .
- وهم حملة قد تسامقوا جهلا ، ظنا منهم أنهم راكبون ومحمولون .
- فانتظر يوما يعبر فيه الذين حملهم الحق إلى الطباق التسع يسوقون خيولهم .
- " تعرج الروح إليه والملك ، من عروج الروح يهتز الفلك " « 1 »
 
3455 - وكلكم كالأطفال ، تركبون ذيول ثيابكم ، وقد وضعتم أطرافها في أفواهكم ، وكأنها الجياد .
- ولقد بلغنا عن الحق " إن الظن لا يغني " ، فمتى أسرع مركب الظن على الأفلاك ؟
- " أغلب الظنين في ترجيح ذا ، لا تماري الشمس في توضيحها " « 2 »
- وترون آنذاك مطاياكم ، وأنكم جعلتم من أقدامكم مطايا .
- واعلم أن أوهامكم وحسكم وإدراككم ، كأعواد البوص ، مطية للطفل ، فانية .
 
3460 - وعلوم أهل الدين حاملة لهم ، وعلوم أهل الجسد أحمال على " كواهلهم " 
- والعلم عندما يطرق القلب يكون معينا ، والعلم عندما يحط على الجسد يكون وقرا .
- وقد قال الله " يحمل أسفارا " ، فإنه يكون حملا ، ذلك العلم الذي لا يكون من لدنه 
- والعلم الذي لا يكون من لدنه بلا واسطة ، لا يثبت ، مثل الأصباغ التي تضعها الماشطة .
...............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
( 2 ) بالعربية في المتن وبعده بيت ج ( 2 / 586 ) : - عندما تستوي شمس الحق يوم القيامة على الراشد والغوي


« 312 »
 
- لكنك عندما تحمل هذا الحمل جيدا ، يضعون عنك الحمل ويهبونك السعادة .
 
3465 - فحذار، لا تتحمل حمل العلم من أجل الهوى ، حتى ترى في الباطن خزانة العلم . « 1 »
- وحتى تصبح ممتطيا مطية العلم المسرعة ، ويقع من بعدها الحمل من فوق كاهلك .
- ومتى تنجو من الأهواء دون كأس " هو " ؟ يا من صرت قانعا من " هو " باسم " هو " .
- وما ذا يتولد من الصفة والاسم ؟ الخيال ، وذلك الخيال يكون لوصاله الدلال .
- فهل رأيت دلالا بلا مدلول قط ؟ وما لم يوجد الطريق ، لا يوجد الغول قط .
 
3470 - وهل رأيت اسما بلا حقيقة قط ؟ أو هل قطفت قط من اسم الوردة وردا ؟
- ولقد قرأت الاسم ، فامض وابحث عن المسمى ، واعلم أن القمر في السماء ، لا في ماء النهر .
- وإذا أردت أن تعبر مرحلة الأسماء والحروف ، فطهر نفسك من نفسك ، هيا ، دفعة واحدة .
- وكالحديد المجلو ، صر خاليا من لون الحديد ، وفي الرياضة اجعل مرآتك خالية من الصدأ .
- واجعل نفسك صافيا من أوصافك ، حتى ترى ذاتك الصافية الطاهرة .
 
3475 - وترى في القلب علوم الأنبياء ، بلا كتاب وبلا أستاذ أو معيد .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 578 : هيا لا تحمل حمل هذا العلم هوى ، حتى تركب مطية العلم المسرعة .



« 313 »
 
- وقد قال الرسول ، من من أمتي يكون في جوهري وفي همتي ؟
- إلا من تراني أرواحهم بذلك النور الذي أراهم أنا به .
- وهذا بدون الصحيحين والأحاديث والرواة ، بل في مشرب ماء الحياة .
- فاعلم سر " أمسيت كرديا " ، واقرأ سر " أصبحت عربيا " « 1 »
 
3480 - وإذا أردت مثالا عن العلم الخفي ، فار وقصة عن أهل الروم وأهل الصين .
 
قصة تنافس أهل الروم وأهل الصين في علم التصوير
 
- قال الصينيون : نحن أكثر مهارة في النقش ، وقال أهل الروم : بل نحن أصحاب الكر والفر فيه .
- وقال السلطان : وأنا أريد امتحانا في هذا الموضوع ، لنرى من المبرز منكم في دعواه . « 2 »
- وعندما حضر نقاشو الصين والروم ، كان الروم أكثر وقوفا على هذا العلم .
- وقال نقاشو الصين : ليخصص لنا منزل ولكم منزل .
 
3485 - وكان المنزلان متواجهين ، أخذ أحدهما نقاشو الروم ، وأخذ الآخر نقاشو الصين .
- وطلب نقاشو الصين مائة لون من الملك ، ففتح خزائنه ذلك الملك العظيم .
- وكان لنقاشي الصين كل يوم من خزانة الألوان جعل معين .
- وقال نقاشو الروم : لا نقش ولا لون جدير بهذا العمل ، اللهم إلا صقل الصدأ .
- وأغلقوا الباب وظلوا يصقلون ، وصار " ما صقلوه " كالسماء بسيطا صافيا .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 578 : - وسر أمسينا وأصبحنا " يوصلك إلى جانب طريق الله .
( 2 ) ج / 2 - 615 : - قال الصينيون : سمعا وطاعة ، وقال الروميون : نحن في الحكمة جسد واحد .

 
« 314 »
 
3490 - فهناك طريق من تعدد الألوان إلى اللالون ، فاللون كالسحاب ، واللالون كالقمر .
- فكل ما تراه في الضوء وفي الأشعة ، إعلم أنه من النجوم ومن الشمس والقمر .
- وعندما فرغ نقاشو الصين من العمل ، أخذوا يدقون الطبول فرحا .
- ودخل الملك فرأى صورا في ذلك المكان ، كانت تسلب العقول والألباب .
- ثم انتقل صوب نقاشي الروم ، فكشفوا ستارة كانت موضوعة أمامه
 
3495 - فانعكست تلك الصور وتلك الأعمال على تلك الجدران الصافية .
- وكل ما رآه هناك ، انعكس هنا أفضل ، فكانت تخطف العيون من محاجرها .
- ونقاشو الروم هم الصوفية أيها الوالد ، بلا حفظ ولا كتاب ولا فضل .
- كلهم صقلوا تلك الصدور ، فهي طاهرة من الطمع والحرص والبخل وأنواع الحقد .
- فصفاء المرآة ذاك ، وصف للقلب ، الذي يكون قابلا لصور لا نهاية لها .
 
3500 - وصورة الغيب التي لاحد لها ولا صورة لها ، انعكست في مرآة قلب موسى من الجيب .
- ومع أن هذه الصورة لا تُستوعب في الفلك ، ولا في الفرش والعرش والبحر والسماء ؛
- ذلك أن هذه المواضع محددة ومعدودة ، فاعلم أن مرآة القلب لا حد لها .
- والعقل هنا إما ساكت وإما مضل لذلك الذي يكون القلب معه ، أو يكون هو نفسه القلب .

 
 
« 315 »
 
- وانعكاس كل صورة لا ينعكس إلى الأبد ، إلا من القلب ، سواء كان مع الأعداد أو منتفيا عنها .
 
3505 - فكل صورة جديدة تنعكس فيه إلى الأبد ، تبدو فيه بلا حجاب .
- لقد نجا أهل الصقل من الرائحة ومن اللون ، وهم في كل لحظة يشاهدون الحُسن دون إبطاء .
- ولقد تركوا صورة العلم وقشوره ، ورفعوا راية عين اليقين .
- ومضى عنهم الفكر وشاهدوا النور ، ووجدوا بر الألفة وبحرها .
- والموت ، ذلك الذي يهلع منه جميع الناس ، يهز أمنه هؤلاء القوم .
 
3510 - ولا يظفر أحد على قلوبهم أبدا ، فإن الضرر يقع على الصدف لا على الدر .
- فبالرغم من أنهم تركوا النحو والفقه ، إلا أنهم ظفروا ب " محو " الفقر .
- ومنذ إن إنبعثت نقوش الجنان الثمانية ، وجدت ألواح قلوبهم قابلة .
- إنهم أعلى من العرش ومن الكرسي ومن الخلاء ، فهم مقيمون عند الله في " مقعد صدق " « 1 »


[ حكاية الرسول صلى اللّه عليه وسلّم مع زيد ]
 
سؤال الرسول صلى اللّه عليه وسلّم لزيد : كيف أصبحت ؟ 
وجوابه : أصبحت مؤمنا يا رسول الله
 
- قال الرسول ذات صباح لزيد : كيف أصبحت أيها الرفيق ذا الصفا ؟
 
3515 - قال : " عبدا مؤمنا " ، فقال : وما علامة حديقة الإيمان إن كانت قد تفتحت .
- قال : لقد أظمأت نهاري ، وأسهرت ليلي ، بالعشق والحُرقات
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 616 : - فهم محو مطلق وإن كانت لهم مائة أمارة ، أية أمارة ؟ بل عين مشاهدة الحق .


 
« 316 »
 
- بحيث نفذت من النهار ومن الليل ، مثلما تنفذ أطراف السنان من الدرع .
- فمن تلك الناحية ، الأمة كلها بمثابة واحد ، وتستوي مئات الآلاف من السنين ولحظة واحدة ! !
- وهناك فيها اتحاد بين الأزل والأبد ، وليس للعقل طريق إلى تلك الناحية ، فهو يفتقده .
 
3520 - قال : أية هدية أتيت لنا بها من هذا الطريق جديرة بفهم أهل هذه الديار وعقولهم ؟
- قال : مثلما ينظر الخلق إلى السماء ، أنظر أنا إلى العرش وإلى ملائكة العرش ،
- والجنان الثمانية ، والنيران السبعة أمامي ، ظاهرة كما يظهر الصنم أمام الوثني .
- وأميز بين خلقها واحدا واحدا ، مثل التمييز بين القمح والشعير في الطاحون .
- فمن هو صائر إلى الجنة ومن هو الغريب المبعد ، ظاهران أمامي كالحية والسمكة .
 
3525 - وفي هذا الزمان يصير ظاهرا لهذه الجماعة ، " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " .
- ومن قبل هذا مهما كانت مليئة بالعيب ، فقد كانت في الرحم وغائبة عن الخلق .
- " الشقي من شقى في بطن الأم ، من سمات الجسم يعرف حالهم " . « 1 »
- والجسد كالأم حامل بطفل الروح ، والموت هو ألم المخاض وهو الزلزلة .
...............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .

« 317 »
 
- وكل الأرواح تبقى منتظرة ، " لترى " على أي شكل تولد تلك الروح البطرة .
 
3530 - فيقول الزنج : إنها منا ، بينما يقول الروم : لا ، إنها شديدة الجمال .
- وعندما تولد في عالم الروح والجود ، لا يبقى الاختلاف بين البيض والسود .
- فإن كانت زنجية حملها الزنج ، وإن كانت رومية حملها الروم .
- وما لم تولد ، هناك مشكلات لا حصر لها ، فقليلون هم الذين يعلمون من لم يولد بعد .
- اللهم إلا إذا كان ينظر بنور الله ، فإن له طريقا إلى ما تحت الجلد .
 
3535 - وأصل ماء النطفة أبيض وجميل ، لكن من انعكاس الروح يكون الأبيض والأسود .
- إنها تضفي على أحدهم لون أحسن التقويم ، بينما ترد أحدهم إلى أسفل سافلين .
- إن هذا الكلام لا نهاية له ، فسق ثانية ، حتى لا نتخلف عن صف القافلة .
- و " يوم تبيض وجوه وتسود وجوه " ، يشتهر الهندي ويشتهر التركي من بين تلك الجماعة .
- ففي الرحم ، لا يظهر الهندي أو التركي ، وعندما يولد تراه سمينا أو نحيلا . .
 
3540 - وأنا أراهم بأجمعهم ، كما يكونون يوم الحشر ، عيانا ، من رجال ونساء .
- هيا ، أأتحدث أو أصمت ؟ فعض المصطفى شفتيه بما معناه : أصمت .
- هل أقول سر الحشر يا رسول الله ؟ وهل أجعل النشور ظاهرا في الدنيا اليوم ؟
- دعني حتى أمزق الحجب ، وحتى يتألق جوهري كشمس ! !
- وحتى تصاب الشمس بالكسوف مني ، وحتى أبدي النخل من الصفصاف .
 
3545 - وحتى أبدي سر الحشر ، والسكة الصحيحة من السكة المخلوطة بالزيف .


 
« 318 »
 
- وأصحاب الشمال ممن قطعت أيديهم ، وأبدي لون الكفر ولون " الختم الملكي " الأحمر .
- ولأكشفن عن فتحات النفاق السبعة ، في ضياء القمر الذي لا يخسف ولا يعتريه المحاق .
- وأبدي سرابيل الأشقياء ، وأسمع طبول الأنبياء وكوسهم .
- وآتي للكاذبين أمام عيونهم ، بالجحيم والجنة والبرزخ بينهما .
 
3550 - وأظهر حوض الكوثر يهدر بالمياه ، بحيث يضرب الماء وجوههم ويصل " خريره " إلى آذانهم .
- وأولئك الظامئون المسرعون حوله ، صاروا أمامي هذه اللحظة عيانا .
- وتحف أكتافهم بكتفي ، وتصل صيحاتهم إلى أذني .
- وأهل الجنة أمام عيني ، يتعانقون اختيارا .
- ويتزاورون والأيدي في الأيدي ، ويتبادلون القبلات المنهمرة .
 
3555 - ولقد صمت أذناي من أصوات الصيحات الصادرة عن الأخساء وصياحهم واحسرتاه .
- ولولا خوفي من عقاب الرسول ، لأظهرت هذه الصيحات من أعماقها .
- وظل هكذا يتحدث ثمل الرأس مهدما ، فأمسك الرسول بخناق ثوبه .
- وقال : انتبه ، أصمت ، فقد تحمس جوادك ، وانعكس عليه قول " إن الحق لا يستحي " وذهب الحياء .
- ولقد قفزت مرآتك من غلافها ، ومتى تكذب المرآة ؟ ومتى يكذب الميزان ؟
 
3560 - ومتى تحبس المرآة والميزان أنفاسهما خشية من تأذي أحد أو خجله ؟

 
« 319 »
 
- فالمرآة والميزان كلاهما معيار عدل ، ولو قمت بخدمتهما مائتي سنة ؛
- ثم قلت لأيهما : أخف الحقيقة ، وأبد الزيادة ، ولا تبد النقصان .
- لقال لك : لا تضحك على لحيتك وشاربك ، أنكون مرآة وميزانا وثم ريآء ومداراة ؟
- فما دام الله قد نشرنا من أجل أن تعرف الحقيقة عن طريقنا ؛
 
3565 - فلا يصح هذا ، فما ذا نساوي بعدها أيها الشاب ؟ ومتى نصبح إذن رهن أيدي الحسان ؟
- لكن فلتغط المرآة باللباد ، إذا كان جبل سيناء قد تجلى من الصدر .
- قال " زيد " : هل تُخفى شمس الحق وذُكاء الأزل تحت الإبط قط ؟
- إنها لتمزقن سواءً المحتال وإبطه ، ولا يبقى أمامها لا جنون ولا عقل .
- قال " الرسول " إنك إن وضعت إصبعا واحدا أمام عينيك ، ترى العالم خاليا من الشمس .
 
3570 - فإن طرف إصبع صار حجابا على القمر ، وهذه دلالة على ستر الله .
- حتى تخفي العالم نقطة واحدة ، وتنكسف الشمس من سقطة واحدة .
- فضم شفتيك ، وانظر إلى عمق البحر ، فقد جعل الحق البحر تحت سيطرة البشر
- مثل عين السلسبيل وعين الزنجبيل ، تكون في حكم ساكن الجنان الجليل .
- وأنهار الجنة الأربعة تحت حكمنا ، وليس هذا بحول منا ، بل بأمر الله .
 
3575 - وحيثما نريد نجريها ، وكأنها السحر تحت سيطرة السحرة .
- مثل هذين النبعين الجارين للعين ، كلاهما تحت سيطرة القلب ، وتحت أمر الروح .
- فإن أرادت ، جرت نحو السم والثعبان ، وإن شاءت ، مضت نحو الاعتبار
 
 
« 320 »
 
- وإن أرادت جرت نحو المحسوسات ، وإن شاءت جرت نحو الملبوسات .
- وإن أرادت ، أسرعت نحو الكليات ، وإن شاءت ظلت حبيسة الجزئيات .
 
3580 - وهكذا الحواس الخمسة ، صارت كالأنابيب ، جائزة بحسب مراد القلب وأمره .
- وحيثما أشار القلب لها ، تمضي الحواس الخمسة جارة أذيالها .
- واليد والقدم ، تحت أمر القلب على الملأ ، مثلما كانت تلك العصا في كف موسى
- فإن أراد القلب ، بدأت القدم في الرقص ، أو أسرعت من الخسران إلى الربح .
- وإن أراد القلب تبدأ اليد في الحساب بالأصابع حتى تسجل الدفاتر .
 
3585 - واليد قد بقيت " تحت سيطرة " يد خفية ، وهي في الداخل ، وأبدت لنا " يد " الجسد .
- فإن أرادت تصبح ثعبانا على العدو ، وإن أرادت تصبح عونا للولي .
- وإن أرادت تصبح مغرفة لما هو مأكول ، وإن أرادت تصبح كالمقمع الذي يزن عشرة أمنان .
- فما ذا يقول القلب لها ويا للعجب ! ! ، ويا له من اتصال طريف ، سببه اتصال خفي .
- فهل وجد القلب خاتم سليمان ؟ بحيث أمسك في يده بزمام الحواس الخمسة ؟
 
3590 - فالحواس الخمسة الظاهرة مسخرة له ، والحواس الخمسة الباطنة تحت سيطرته .
- عشرة حواس ، وسبعة أعضاء ، وغيرها مما لا يتأتى في مقال ، وداوم العد ! !
- وأنت أيها القلب مثل سليمان ، وفي عظمتك ، سلط خاتمك على الجن والشياطين

 
« 321 »
 
- وإذا أصبحت في ملكك بريئا من الرياء ، لما استطاع شياطين ثلاثة " سديو " أن يسلبوا الخاتم من إصبعك .
- ثم يستولي اسمك على العالم ، وتصبح الدار ان طوع أمرك ، كجسمك .
 
3595 - وإذا سلب الشيطان الخاتم من يدك ، فقد فقدت الملك ومات إقبالك .
- ومن بعدها تصبح "يا حسرتا على العباد"، محتومة عليك ، حتى يوم التناد .« 1 »
- وإذا أنت قمت بإنكار سكرك ، فمتى تنجو بروحك من الميزان والمرآة ؟! « 2 »
 
اتهام الغلمان والرفاق في العبودية للقمان بأكله تلك الثمار النضرة التي جلبوها
 
- كان لقمان الأصغر جرما من بين العبيد عند سيده .
- وكان يرسل الغلمان إلى البستان ، لتجلب له الفاكهة ، من أجل أن يتمتع بها .
 
3600 - وكان لقمان من بين العبيد كالطفل الصغير ، مليئا بالمعاني ، داكن البشرة ، كأنه الليل .
- وأكل أولئك الغلمان الفاكهة المقطوعة هنيئا ، من سيطرة طمعهم عليهم .
- وقالوا للسيد : لقد أكلها لقمان ، فغضب السيد على لقمان ، وعبس في وجهه .
- وعندما تحرى لقمان عن السبب ، قال معاتبا سيده :
- يا سيدي : إن العبد الخائن لا يكون مرضيا عنه من الله .
 
3605 - فاختبرنا جميعا أيها الكريم ، واملأ بطوننا جميعا بالماء المغلي .
- ثم خذنا جميعا إلى موضع فسيح ، واجعلنا نجري ، وأنت راكب .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 649 : - وإن كنت منكرا لشيطانك ، عندما تمضي إلى هناك تراه ظاهرا .
( 2 ) ج / 2 - 649 : وهذا الكلام لا نهاية له ، ولأعكف بعده على قصة لقمان .

 
« 322 »
 
- ثم أنظر آنذاك سىء الفعل ، وانظر إلى صنع كاشف الأسرار .
- فأصبح السيد ساقيا الماء المغلي للغلمان ، وشربوا خوفا .
- ثم أخذ يسوقهم في الأودية ، وأخذت هذه الجماعة تعدو بين المنخفضات والمرتفعات .
 
3610 - فغلبهم جميعا القيء من العناء ، وكان الماء المغلي يجلب معه الفاكهة " المأكولة " .
- وعندما تقيأ لقمان جوفه ، كان الماء يتدفق منه صافيا .
- وإذا كانت حكمة لقمان تعلم إبداء هذا " الأمر " ، فما بالك إذن بحكمة رب الوجود ؟
- يوم تبلى السرائر كلها ، بان حكم كامن لا يُشتهى ،
- إذ سقوا ماءً حميما قطعت ، جملة الأستار مما أفظعت " « 1 »
 
3615 - ومن هنا كانت النار عذابا للكافرين ، فإن النار تكون امتحانا للحجر .
- وكم قمنا بترقيق هذا القلب الذي يشبه الحجر ، لكنه لم يقبل النصح .
- وللجرح السيء ، يجد العرق دواءً قاسيا ، وإنما يليق برأس الحمار أسنان الكلب .
- والخبيثات للخبيثين حكمة ، والقبيح للقبيح قرين وقمين .
- ومن ثم ، إمض إلى أي قرين تريد ، وصر ممحوا فيه ، فأنت من نفس شكله وصفاته .
...............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .

 
« 323 »
 
3620 - وإن كنت تريد النور ، كن مستعدا للنور ، وإن كنت تريد البعد ، أنظر إلى نفسك ، وأبتعد .
- وإن كنت تريد طريقا من هذا السجن الخرب ، لا تشح بالرأس عن الحبيب ، واسجد واقترب . « 1 »
 
بقية قصة زيد وأجوبته على الرسول صلى الله عليه وسلم
 
- هذا الكلام لا نهاية له ، فانهض يا زيد ، وضع القيد على براق " القوة " الناطقة .
- ما دامت الناطقة فاضحة للعيب ، ولا تفتأ تمزق أستار الغيب .
- والله تعالى قد طلب الستر والكتم في أوقات كثيرة ، فسق هذا القارع للطبل بعيدا ، وسد طريق " النطق " .
 
3625 - ولا تسق منبتا ، وشد الزمام ، فالستر أولى ، وأفضل أن يكون كل إنسان مسرورا بظنه .
- والحق يريد دوما ألا يترك القانطون فيه هذه العبادة . « 2 »
- ثم يشرفون بالرجاء فيه ، ويسرعون في ركابه عدة أيام .
- إنه يريد أن تشع هذه الرحمة على الجميع ، على الصالح والطالح ، من الرحمة العامة .
- والحق يريد لكل أمير وأسير ، أن يكونوا حذرين ، وبين الرجاء والخوف .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 672 : - فانظر إلى العصاة بأجمعهم في عذاب ، وطأطيء رأسك والله أعلم بالصواب
( 2 ) ج / 2 - 677 : - يتشرفون بعبادته ، ويشغلون بطاعته .

 
« 324 »
 
3630 - وهذا الرجاء والخوف كلاهما في حجاب ، حتى يتناميا من وراء الحجاب .
- وما دامت الحجب قد مزقت ، فأين الخوف والرجاء ، فقد صار للغيب شأن وجلال على الملأ .
- ولقد خطر ظن على حافة الجدول لفتى من الفتيان ، فقال : إن سليمان ما هو إلا مجرد صياد سمك بيننا .
- فإن كان هو هو ، فمن أي شيء هو حزين ومختف ؟ وإلا فأين سيماء " المجد " السليماني فيه ؟
- وكان مستغرقا في هذا التفكير مترددا ، حتى صار سليمان ملكا متربعا .
 
3635 - ومضى الشيطان ، وهرب من ملكه ومن عرشه ، وسفك سيف إقباله دم هذا الشيطان .
- ووضع في إصبعه خاتما ، وحُشر له جند من الشياطين والجن .
- واجتمع الناس لمشاهدته ، وكان من بينهم ذلك الشاك المتردد .
- وعندما رأى الخاتم في إصبعه ، ذهب عنه الظن والشك دفعة واحدة .
- لقد كان الوهم موجودا عندما كان مخفيا عنه ، وكان هذا التحري لأنه لم ير .
 
3640 - ويصير خيال الغائب ضخما في الصدر ، وعندما يصبح حاضرا يمضي الخيال .
- وسماء النور إن لم تكن بلا أمطار ، فإن الأرض المظلمة ، لا تكون بلا سامق أو نام 
- وإنما ينبغي لي مصداق " يؤمنون بالغيب " ، ومن هنا فقد أغلقت كوة الدار الفانية . « 1 »
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 680 : - لكن إعلم أن مقدار واحد في المائة من الإيمان بالغيب أمر طيب ، ودعك من التردد والشك .



« 325 »
 
- وما دمت أشق السماء عند الظهور ، فكيف أقول " هل ترى فيها من فطور " ؟
- وما داموا يتحرون في هذه الظلمة ، فإن كل جماعة تمضي إلى جهة ما .
 
3645 - وتجري الأمور فترة على عكس ما ينبغي ، ويأتي اللصوص بالشرطة إلى المشانق .
- حتى أن كثيرا من السلاطين علاة الهمم ، صاروا عبيدا لعبيدهم فترة من الزمن .
- فالعبودية في الغيب طيبة وسامقة ، وحفظ الغيب يكون طيبا في العبودية " لله " .
- وأين ذلك الذي يمدح الملك في وجهه ، ممن يكون في غيبته خجل الوجه منه ؟
- ومحافظ القلعة الوجود على حدود المملكة ، ويكون بعيدا عن السلطان وظل السلطنة
 
3650 - يحرس القلعة من الأعداء ، ولا يبيع القلعة بمال لا يحصى
- إنه غائب عن المليك ، على الحدود والثغور ، لكنه كالحاضر يحفظ الوفاء .
- ويكون عند الملك أفضل من الآخرين الحاضرين في مجلسه ، المضحين بأرواحهم .
- إذن فإن مثقال ذرة من حفظ العمل في الغيبة ، أفضل من مائة ألف ضعف في الحضور .
- فالطاعة والإيمان يصيران الآن محمودين ، وبعد الموت يصيران مردودين عيانا
 
3655 - وما دام الغيب والغائب يجملان بالحجاب ، فاضمم شفتيك إذن ، فالشفة المضمومة أجمل .
- ويا أخي ، إرفع يديك عن الحديث ، والله نفسه يبدي علمه من لدنه .
- ويكفي شاهدا على الشمس وجهها ، " أي شيء أعظم الشاهد ؟ إله " « 1 »
...............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .

 
« 326 »
 
- لا ، ولأقل ، ما دام قد قرنها به في البيان ، إنه الله والملائكة وأهل العلم .
- " يشهد الله والملك وأهل العلوم ، انه لا رب إلا من يدوم " « 1 »
 
3660 - وما دام الحق قد شهد ، فما ذا يكون الملك حتى يشترك في الشهادة ؟
- ذلك أنه في تألق الشمس وحضورها ، لا تسطع الأبصار ولا القلوب الخربة .
- وتقطع الأمل ، وكأنها خفاش لا يتحمل ضوء الشمس .
- فاعلم إذن أن الملائكة مثلنا ، لهم نفس الحبيب ، الذي يجعل الشمس تتجلى في كبد السماء .
- قائلة : لقد وجدنا نحن هذا الضياء من شمس ما ، ونحن كنواب لها ، سطعنا على الضعفاء .
 
3665 - وكل ملك له من القدر والكمال والنور ، ما يكون لهلال أو لقمر غير مكتمل أو لبدر .
- ومن أجنحة النور ، لكل ملك ذلك الشعاع ، على مراتب ، " مثنى " وثلاث ورباع
- وذلك مثل أجنحة عقول الإنس ، توجد بينها فروق عديدة .
- ومن ثم يكون قرينا للإنسان في الخير والشر ، ذلك الملك الشبيه به .
- ولأن عين الأعمش لا تتحمل الشمس ، صار النجم شمعا له حتى يجد الطريق .
 
قول الرسول صلى اللّه عليه وسلّم لزيد لا تفش هذا السر أكثر ،
واحفظ المتابعة
 
3670 - قال الرسول : أصحابي نجوم ، هم شموع للسالكين وللشيطان رجوم .
...............................................................
( 1 ) بالعربية في المتن .
 
 
« 327 »
 
- وكل من كانت له تلك البصيرة وتلك القوة ، متى كان يأخذ من شمس الفلك النور
- ومتى تكون به حاجة إلى النجم أيها الذليل ، ومتى كانت الشمس دليلا له إلى النور ؟
- إن القمر ليقول للتراب والسحاب والفيء ، لقد كنت بشرا ، لكن يوحى إليّ .
- ولقد كنت مثلكم مظلما بطبعي وجبلتي ، لكن وحى الشمس أعطاني مثل هذا النور .
 
3675 - وإن بي لبعض الظلمة بالنسبة إلى الشموس ، لكن لدي النور من أجل ظلمات النفوس .
- وأنا ضعيف ، من أجل أن تتحمل نوري ، فلست رجل الشمس الأكثر نورا .
- وإنني لأمتزج إمتزاج الشهد والخل ، حتى أجد العلاج لآلام الكبد .
- وما دمت قد نجوت من العلة يا رهينا " لدي " ، دعك من الخل ، وكل الشهد الخالص .
- ولقد عمر عرش القلب طاهرا من الهوى، فانظر إلى "الرحمن على العرش استوى"
 
3680 - وإن الحق ليتحكم في القلب من بُعد بلا واسطة ، ما دام القلب قد وجد هذه الرابطة .
- وهذا الكلام لا نهاية له ، فأين زيد ؟ حتى أنصحه قائلا : لا تبحث عن الإفتضاح . «1»
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 690 : - وليس من الحكمة البوح بهذه الأسرار ، ما دامت القيامة سوف تقوم من أجل الإظهار .


 .
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 6:41 pm

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

أول من قاس النص بالقياس إبليس الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
أول من قاس النص بالقياس إبليس
« 328 »
عودة إلى قصة زيد
 
- إنك لن تجد زيدا الآن ، فقد فر ، وقفز من الصف الأخير ، وأبلى نعله .
- ومن تكون أنت ، إن زيدا لم يجد نفسه ، مثل نجم سطع عليه ضوء الشمس
- ومن ثم لن تجد أنت منه نقشا ولا أثرا ، ولن تجد عود تبن واحد في درب التبانة .
 
3685 - لقد صارت حواس آبائنا وما نطقوا به ، ممحوة في نور علم سلطاننا .
- وأحاسيسهم وعقولهم في الباطن ، موجة بعد موجة ، " لدينا محضرون " .
- وعندما يتنفس الصبح يحين أو ان الاستقبال ، والنجوم المختفية تقوم بفعلها . « 1 » 
- ويهب الحق سبحانه وتعالى الغائبين عن الوعي وعيهم ، ويتحلق العبيد ذوو الحلقات في الآذان .
- راقصين مصفقين مهللين ، مفتخرين قائلين : " ربنا أحييتنا " .
 
3690 - وتلك الجلود ، وتلك العظام النخرة ، تتحول إلى فرسان تثير الغبار .
- وهي تهجم من العدم صوب الوجود يوم القيامة ، سواء الشكور وسواء الكنود .
- وأي عصيان تقوم به ؟ هل تتجاهل ؟ ألم تعاند ونرفض من قبل في العدم ؟
- ولقد كنت قد ثبت قدمك في العدم ، قائلا : أنى له أن يقتلعني من موضعي ؟
...............................................................
( 1 ) هكذا في نسخة إستعلامي ، وعند جعفري ( 2 - 690 ) وعندما يأتي الليل ، وبعدها :
- يصبح خلق العالم جميعا بلا وعي ، يضعون الحجب فوق وجوههم وينعسون .
- وعندما يتنفس الصبح وترفع الشمس أعلامها ، يرفع كل إمريء جسده من النوم . والنص هنا يبدو أكثر منطقية .
 
« 329 »
 
- وألست ترى الآن الصنع الرباني بك ، وأنه يجرك من ناصيتك ؟
 
3695 - حتى يقلبك في كل هذه الأنواع من الأحوال ، التي لم تجر لك في وهم أو خيال .
- وذلك العدم عبد له على الدوام ، فلتعمل أيها الشيطان ، فسليمان لا يزال حيا .
- فالشيطان لا يفتأ يصنع لك جفانا كالجواب ، ولا جرأة لديه على الاعتراض أو الجواب .
- وانظر إلى نفسك ، كيف ترتعد فرقا ، واعلم أن العدم أيضا دائم الإرتعاد .
- وإنك إن انغمست في المناصب ، تعاني نزع الروح خوفا عليها .
 
3700 - وكل ما هو غير عشق الإله الأجل ، هو نزع للروح ، وإن كان قضما للسكر .
- وما هو نزع الروح ؟ إنه الإسراع نحو الموت ، وعدم مد اليد إلى ماء الحياة .
- وللخلق عيون " مسمرة " على التراب وعلى الممات ، ولديهم مائة شك في ماء الحياة .
- فجاهد حتى تقل المائة شك إلى تسعين ، وأسر في الليل ، فإن تنم ، يمضي الليل " هدرا " .
- وابحث في الليل المظلم عن ذلك النهار ، واجعل أمامك ذلك العقل الحارق للظلمة
 
3705 - وفي الليل سئ اللون كثير من الخيرات ، وماء الحياة قرين بالظلمات .
- وكيف تستطيع أن ترفع رأسك من النوم ؟ وأنت قد غرست مائة بذرة من بذور الغفلة ! !
- لقد صار الغائب في النوم كالميت ، قرينا للقمة الميتة ، وإن نام السيد ، جد اللص في العمل .

 
 
« 330 »
 
- وأنت لا تدري من هم خصومك ، والمخلوقون من نار خصوم للمخلوقين من تراب .
- والنار خصم للماء ولأبنائه ، مثلما يكون الماء خصما لدودا لها .
 
3710 - والماء يقتل النار ، لأنها خصم لأبناء الماء وعدو .
- ثم إن هذه النار - أي نار الشهوة - ، أصل للذنب والزلة .
- والنار الظاهرة تنطفيء بقدر من الماء ، ونار الشهوة تحمل إلى الجحيم .
- فنار الشهوة لا تُطفأ بماء ، ذلك أن لها طبع الجحيم في العذاب .
- وأي علاج لنار الشهوة ؟ إنه نور الدين ، " نوركم أطفأ نار الكافرين " « 1 »
 
3715 - وما ذا يقتل هذه النار ؟ إنه نور الله ، فلتتصف بنور إبراهيم أيها الأستاذ .
- حتى ينجو جسدك " النحيل " كالعود ، من نار نفسك التي تشبه نار النمرود . « 2 » 
- والشهوة النارية لا تقل بطردها ودفعها ، بل تقل بإبقائها دون أدنى بد .
- وما دمت تضع الحطب فوق النار ، فمتى تموت النار من مدها بالحطب ؟
...............................................................
( 1 ) ما بين القوسين بالعربية في المتن .
( 2 ) ج / 2 - 692 : - وليس لنار الأطهار ضرر في حد ذاتها ، ومتى يختفي البحر من القذى .
- وكل من يشرب الترياق الإلهي ، لا تقل أنه مات وإن شرب سماء
- إنه يجعل المريض أكثر مرضا ، لكنه يجعل العامر أكثر عمرانا .
- وإن قال لك الطبيب : أيها المريض الشاكي ، فلتتجنب العسل ، حذار ، انتبه .
- فإن أجبته جهلا أيها السقيم ، لما ذا تأكله أنت بلا خوف ولا وجل ؟
- يقول لك في القلب الحكيم المدقق : لقد قمت بقياس معوج كالبله
- وانظر إلى ماء النبع ، يزداد من إنصبابه ، وانظر إلى الدن ، يقلب عندما يفرغ ماؤه .
- ويزيد منك العلة وكأنه النار ، فحذار ، لا تقرن النار بالحطب .
- ومن هاتين النارين منزلك في خراب ، والقالب الحي يصير منها بلا روح .
- وأنا وإن كان في داخلي نار فهي نور ، ونار الصحة تزيد في الجسد السرور .
- ونار الصحة عندما تزداد أوارا في الوجود ، بلا لسان يستمد منها الجسد ألف نفع . 

 
« 331 »
 
- وعندما تمنع الحطب تموت النار ، ذلك أن التقوى ، حملت الماء إلى النار .
 
3720 - ومتى يسود الوجه الجميل من النار ، وهو الذي يضع خضابا من " تقوى القلوب " ؟
 
إندلاع النار في المدينة في عهد عمر رضي الله عنه
 
- شب حريق في عهد عمر رضي الله عنه ، كانت تأكل الحجارة وكأنها الخشب اليابس .
- واندلعت النار في الأبنية والمنازل ، حتى طالت أجنحة الطير وجحور " الحشرات " 
- فأخذ الأذكياء يصبون قرب الخل والماء على النار . « 1 »
 
3725 - فكانت من عنادها تزداد أوارا ، إذ كان يصل إليها المدد مما لا حد له .
- فأهرع الناس إلى عمر قائلين : إن نارنا لا تموت أبدا من الماء .
- فقال : إن هذه النار من آيات الله ، وهي مجرد شعلة من نار شحكم .
- فما الماء والخل ؟ قسموا الخبز فيما بينكم ، واتركوا البخل إذا كنتم من أهلي .
- قال الخلق : لقد فتحنا الأبواب ، وكنا أسخياء وأهل فتوة .
 
3730 - قال : لقد وهبتم الخبز عادة وتقليدا ، ولم تبسطوا أيديكم من أجل الله .
- لقد " بسطتموها " من أجل الفخر والعنجهية والكبرياء ، لا خوفا أو تقوى أو تضرعا .
...............................................................
( 1 ) ج / 2 - 710 : - كانت النار من عنادها تزيد في اللهيب ، وكان يصل إليها المدد من صنع الرب .

 
« 332 »
 
- إن المال بمثابة البذور فلا تغرسه في كل أرض خراب ، ولا تضع السيف في يد كل قاطع طريق .
- وميز أهل الدين من أهل الحقد ، وابحث عن جليس للحق وجالسه .
- وكل إنسان بطبعه يؤثر قومه ، والكسول يظن أنه قام بعمل ذي قيمة .
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 6:42 pm

شرح أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

أول من قاس النص بالقياس إبليس الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
شرح أول من قاس النص بالقياس إبليس

( 3410 - 3417 ) : يسوق مولانا مثالا على القياس الخاطىء ، وهو أول قياس أيضا في تاريخ الخلق ، فإبليس لم يقبل النص الصريح بالسجود لآدم . . . بل قاس . . . وقال : أأسجد لمن خلقت طينا ؟ ! ! وذلك على أساس أنه من النار " والطين لا يسمو سمو النار " لقد قاس الفرع على الأصل ( الأرض ظلمة والنار نور ) . . . وجعل الرفعة وراثة والتقى وراثة ، وكلها أمور لا علاقة لها بأصل القضية ، وهي تكريم الطين بالعلم والتقى ( الحقيقي ) والتواضع ، انه ليس ميزان دنيا حتى يكون بالنسب ، بل هو ميراث العقبى «فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ» ( المؤمنون / 101 ) . . . والتقى والعلم ميراث الأنبياء . . . وإلا فهل ترى ورث عكرمة التقى عن أبي جهل ؟ أو ورث كنعان المعصية عن نوح عليه السّلام ؟ ! ! ! وانظر إلى المفارقة : ابن التراب نور بنور العلم والتقى والطاعة ( المقصود آدم وكم من أبناء التراب يرفعهم العلم ) وابن النور ( إبليس ) ران على وجهه سواد الكفر ، استخدم مولانا في هذا المجال القياس بنوعيه ، القياس المنطقي الذي يستخدم في الاستدلال والقياس الأصولي أي القياس في مواجهة النص ( شرح شهيدى / 126 ) .

( 3418 - 3421 ) : إن استخدام القياس في مواجهة النص بمثابة التحري عن القبلة أي البحث


« 565 » 

عن جهتها الصحيحة والكعبة في مواجهتك ، والحبر كناية عن المتفلسف المنطقي الذي يستخدم المنطق في إثبات البديهيات ، فيخطىء من حيث يظن الصواب ، ويبتعد من حيث يظن القرب .

( 3422 - 3428 ) : وها أنت تقوم بها يقوم به المتحرى عن القبلة في وضح النهار : إنك تستمع إلى بعض أقاويل أهل الحق ، فلا تدرك سوى ظواهرها ، ثم تحرف فيها وتبدل وتقيس من نفسك ، وتصل إلى بعض الأفكار من نفسك دون أن تدرك أعماق مصطلحاتهم ، ولا تدري خبرا حقيقيا عن حقيقة أقوالهم ، وتسرع خلف خيالاتك وأوهامك ، ألا فلتعلم أن كل ما تعلمته من منطق الطير هو مجرد تقليد أصواتهم فهل تراك - مثل سليمان عليه السّلام - علمت بالفعل منطق الطير ؟ ! ! ما أشبهك بكاتب الوحي إياه ، لقد سمع مجرد التغريد ، فظن أنه قد وصل إلى المعنى ، فكان في هذا ضياعه .

( 3429 - 3439 ) : الخطاب من الحق - جل وعلا - لهاروت وماروت : حذار . . . حذار . . .

إنكما في مقام سماوي رفيع ، مقام «وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ ، وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ» ( الصافات / 165 / 166 ) وانجوا من الأنية والعجب ، وأشفقا على إساءات المسيئين ( انظر شرح الأبيات : 3358 - 3362 ) . . . واحذرا الغيرة الإلهية ( تقييم البشر من خصائص الخالق فحسب . . .

والغيرة هي التي تؤدى إلى الامتحان - ( أنظر 1722 و 1775 و 1773 ) من الكتاب الذي بين أيدينا ) . . . لقد كان الله يحذرهما ، وهما يردان : هل يتأتى منا السوء ؟ كيف ذلك ؟ ! ! محال ؟ ! ! وويل لعبد يرى نفسه أعلى من فعل السوء ومن الخطيئة ، فإن الغيرة الإلهية تمتحنه امتحانا مرا . . . لقد وخز شوك النفس الملكية ! ! ! فانبت فيها غرس خطيئة من أكبر الخطايا وهي العجب . . .

وبلا من مراجعة النفس والخوف من الله . . . ازدادا عجبا . . . فإذا بهما يزمعان على النزول إلى الأرض ليمحوا كل ما فيها من خطايا . . . وكأن الأمر كان صعبا على الله جل وعلا لو أنه شاء . . . لقد إدعيا لنفسيهما ما لا يوجد في قدرة مخلوق . . . لقد وقعا في القياس مثل إبليس ، قاسا أحوال الفلك بأحوال الأرض . . . ناسين أن الأرض أرض الامتحان ، وأن الله في سابق علمه خلقها هكذا . . . ولا تكون إلا هكذا . . . لكن تمتع الملكين بقبس من الأنوار جرهما إلى هذا الانبساط وإلى هذه الجرأة . . . وليتك إن أصبت بشئ من هذا السكر بقيت في مكانك حتى تفيق .

( 3440 - 3451 ) : الحكيم المذكور في العنوان هو سنائى الغزنوي ، والمعنى المستعار هنا من
 

« 566 »

 
قول سنائى :

لا تذهب خطوة عن مقام السكر * وضع رأسك في نفس المكان الذي شربت فيه الخمر ( البيت 951 - من الترجمة العربية للحديقة ص 95 ) والسكر في مصطلح الصوفية دهشة تصيب المحب من رؤية جمال المحبوب ، فيفقد حواسه وقد يفوه بما لا يقصد ، ويظن به الجنون ( شرح شهيدى / 133 ) يأخذ مولانا هذه الصورة ويفصل فيها : الثمل الذي يخرج من الحانة يترنح والأطفال في إثره . . . وهكذا الثمل بالجمال الإلهى أمام أهل الدنيا ( وهم أطفال غير راشدين ولا يكون راشدا إلا من خلص من الهوى وتشبيه المتشبث بالدنيا بالأطفال ورد أيضا في ديوان شمس :

هيا إلام نحن كالأطفال في عالم * نملأ جحورنا بالتراب والحصى وقطع الفخار فلترفع أيدينا عن التراب ولتحلق * ولنفر من عالم الطفولة إلى محفل الرجال ( غ 1353 / 525 ) " وجماع الأطفال " كناية عن اللذة المتخيلة المقلدة وليست الحقيقية ، إنهم يقلدون بها الكبار ، وهكذا أيضا خلافا الخلق وحروبهم كلها حول أمور طائرة وعرضية ولا قيمة لها ، هي أيضا كحروب الأطفال ( الصورة أيضا من حديقة سنائى ، أنظر الترجمة العربية ، الأبيات 6957 - 6966 وشروحها ) والدلدل المذكور في البيت 3451 اسم بغل كان للإمام علي رضي الله عنه .

( 3452 - 3455 ) : إنهم مجرد " حملة " للعمل الظاهري ، لكن كم يتيهون عجبا بهذا العلم الظاهري ويظنون أنهم به أصبحوا محمولين على الطريق من الحق ( انظر عن الحامل والمحمول البيتين 940 - 1020 من الكتاب الذي بين أيدينا ) . . . فانتظر يوما ترى فيه قيمة علمك عندما ترى العلماء الحقيقيين يسوقون خيولهم عابرين الطباق السبع إشارة إلى حديث " إن يدخلك الله في الجنة فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوته حمراء تطير بك في الجنة حيث تشاء إلا ركبت " ( عن
 

« 567 »


كنز العمال ومسند أحمد / شرح شهيدى 137 ) وهذا هو المقصود بالآية الكريمة «تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ» ( المعارج / 4 ) فقارن إذن بين هذا العروج والسير المعنوي ، وبين مجرد أطفال يجعلون من ذيول أثوابهم مطايا . . . تراهم لا يسيرون على أقدامهم . . . ومتى توصلهم أقدامهم الواهية إلى شئ ؟ ! ! ( 3456 - 3462 ) : " وما أشبه هؤلاء الذين يعتمدون على الظن بأولئك الأطفال «وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً» ( النجم / 28 ) فكيف تريد أن تتوخى الظن وتستخدم الظن وتتجاوز أقطار السماوات ، حتى ولو رجحت أغلب الظنين ، فأي ظن وأي ظنين والشمس واضحة ولائحة أمامك والحق لا ينكر ؟ ! . . . ويوم أن يظهر لك الحق ، سوف تعلم أنك كنت مثل أولئك الأطفال تركب قدميك ، وإنك ما قطعت منزلا واحدا من الطريق ، بل كانت همتك نفسك ، ووسيلتك وهمك وحسك وإدراكك ، وأنك كنت قد وقرت ظهرك بحمل من العلم ، حملته ولم يحملك ، ووقر ظهرك ، وقعد بك ، إنه لم يكن كعلم الروح معينا حاملا ، وإذا كنت لا تصدق فاقرأ «مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً» ( الجمعة / 5 ) وهو كل علم لا يوصل إلى الله ويشتغل به البشر ، فهو كمصباح في يد لص وشتان بين هذا العلم والعلم الذي يكون من لدنه « وآتيناه من لدنا علما » هو نور يقذف في القلب فتنشرح به الصدور .

( 3463 - 3466 ) : وفرق كبير بين هذين العلمين : علم الديان وعلم الأبدان ، العلم تؤتاه من لدنه ، والعلم الذي تضرب فيه بالأهواء والظنون والحس والحدس ، سرعان ما يزول ، كأنه أصباغ تضعها الماشطة ، تحس من بعد تحصيله ، وبعد ضياع العمر ، أنك ضيعت عمرك في " قيل وقالوا " ولم تسال قلبك مرة واحدة : ماذا يقول هو ، ولم تطلب منه سبحانه وتعالى أن يوفقك إلى خير العلم وصالح العمل . . . لكن هناك طريقا آخر أدلك عليه : إذا قمت حتى للعمل الظاهر بواجبه حق أدائه ، مراعيا فيه حق الله وحق الناس ، عالما عاملا بكل ما تعنيه الكلمة ، فإنك تستطيع أن


« 568 »


تعبر هذه المرحلة - بعون من اله تعالى وكثواب لك . . . إلى أن توهب السعادة ، وتعبر هذه العلوم الظاهرة إلى علوم الروح الممنوحة من الله تعالى . . . تجرد من الهوى ومن الغرض ومن استخدام العلم وسيلة للجاه وللشهرة لإضلال الخلق وممالاة السلاطين ، ترى في باطنك كنزا لا يفنى من العلم قد انبثق ونهرا من الفيض لا ينضب .

( 3467 - 3471 ) : لكن لا سبيل لك إلا أن تشرب كأسا من محبة " هو " الحرفان اللذان أضغم فيها العارفون كل أسماء الله الحسنى فهو فوقها وهي دونه . . . وأي اسم يستطيع أن يعبر عما لا يحده اسم أو رسم ؟ ! ! " وهو مركب من حرفين : الهاء التي مخرجها من أول الحلق وهو مبدأ المخارج ، والواو التي مخرجها من الشفة وهي منتهى المخارج ، إشارة إلى أن كل حادث من الله ابتداؤه وإليه إنتهاؤه ( كذا في شرح الأسماء الحسنى للقشيرى ) والهاء حارة يابسة ، وعلى نسبة التفصيل جامعة للدرجة الأولى والثانية بين حرارتين من حيث الجمع والتفصيل سر للصدر ، وهو في عالم الآخرة سر الكرسي وسر مجمع مياه الرحمة ، وهو الحوض والهاء لوح محفوظ مستدير نوري ، فالعارف إذا تأمل يه يشاهد عجائب الملكوت وأسرار النفوس ، وهو إشارة إلى أنه منزه عن العقول والأفكار والوجوه والأبعاد ، راجع إلى الغيب المطلق ، منفرد بصفات الجلال والجمال عبارة عن الوجود الأزلي بلا اشتراط النسب والإضافات ، وهو أول كلمة دعا الله عباده إليها بقوله قل هو وختم بها الكلام ثم قال : الله أحد ( كذا في شرح الأسماء الحسنى لصدر الدين القونوى ) وبالجملة هو الاسم الأعظم قال على رضى اللّه عنه رأيت الخضر في المنام مثل بدر فقلت له علمني شيئا أنتصر به على الأعداء فقال : قل يا هو يا من لا إله إلا هو ، فلما أصبحت قصصتها على رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم فقال : يا علي علمت الاسم الأعظم ، ولكن المحجوب إذا تلاه الف مرة لا يفيده حتى يلاحظ الصفات الجلالية والجمالية ليهتدى إلى المسمى ( مولوى 1 / 628 وهناك رواية أيضا في الأنقروى 1 / 626 ) . وهذا هو المقصود من أنه لا يتولد من الاسم إلا الخيال ، فإنك إن ذكرت اسما أمام مجموعة من الناس لا يعرفون مسماه ، فإن كل واحد منهم يتخيل مسمى لهذا الاسم . . . والخيال دلال . . . وما فائدة الدلالة بعد حضور المحبوب ، وطلب الدليل بعد حصول المدلول محال . . .

على كل حال : الاسم يدل على حقيقة ما . . . فهل وجد اسم دون مسمى ؟ ! وهل قطفت ورد
 

« 569 »

لمجرد ذكر اسم الوردة ؟ ! ! ( المثل الفارسي : بقول لفظ حلو لا تحس الشفة بالحلاوة ) . . . وما دمت قد عرفت الاسم فانهض في طلب المسمى . . . المهم أن تعرف الطريق . . . تعرف أن القمر في السماء وإن ما هو موجود في ماء الجدول انعكاس له . . . ولتبحث عن الصانع لا عن الصنع وعن المدلول لا عن الدلائل .

( 3472 - 3480 ) ك أقول لك الوسيلة في كلمتين : طهر نفسك ، وفي ثلاث كلمات : أجلُ مرآة صدرك ( أنظر شرح البيت 34 ، من الكتاب الذي بين أيدينا ) فالحديد يصقل فيفقد طبيعة الحديد ويصبح مرآة ، والرياضة هي الصقل بالنسبة للبشر ( أنظر البيتين 939 و 3464 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ، وصف نفسك من أوصاف وتبعات الهوى وتعينات البدن وإضافات المشاغل ، تطل ذاتك الحقيقية ذات النفخة الإلهية ، وحينذاك تحل في النفس الأنوار " العلم اللدني : نور يقذفه الله في القلب " ولا تقل أن هذا الأمر خاص بالرسول صلى اللَّه عليه وسلم والأنبياء صلوات الله عليهم ، فالرسول نفسه إعتبر الذين آمنوا به دون أن يروه إخوانه : " وددت لو لقيت إخواني ، فقال أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلّم :

أوليس نحن إخوانك ؟ قال : أنتم أصحابي ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني " ( بأسانيده أحاديث / 34 ) ومن بين العارفين العظام أويس القرني رضي الله عنه روي أنه لم ير الرسول صلى اللّه عليه وسلّم وآمن به دون أن يراه . يقول صلى اللّه عليه وسلّم : إن من بين أمتي من يكون في همتي . ويقول يوسف بن أحمد : روي عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم قال : واشوقاه إلى إخواني يكونون من بعدي ، شأنهم شأن الأنبياء ، وهم عند الله بمنزلة الشهداء ، ينظر الله إليهم سبعين مرة ، يا أبا ذر ، وإني إليهم لمشتاق " ( مولوي 1 / 630 ) وهذا دون علم من الكتب ، بل من تفهيم لكلام الرسول صلى اللّه عليه وسلّم يوضع في قلب الولي ، وهذا هو المقصود بمشرب ماء الحياة ، مثلما وجد النبي صلى اللّه عليه وسلّم العلم في شربة لبن ليلة الإسراء ( مولوي 1 / 630 ) هذا العلم هو الذي عبر عنه أحد الصوفية بقوله " أمسيت كرديا ، وأصبحت عربيا " كناية عن التحول المفاجيء الذي يطرأ على حياة المرء واتجاهه ( أنظر تفسير القول في شرح مقدمة الكتاب الذي بين أيدينا ) ومعظم سير الصوفية تقص لنا نماذج من هذا التحول المفاجيء ( جلال الدين نفسه - أنظر مقدمة الترجمة ) ، ثم يسوق مولانا حكاية فحواها أن الأمر كليه متوقف على جلاء الصدر حتى يحل فيه هذا العلم الخفي .
 

« 570 »

 

( 3481 ) أصل الحكاية التي تبدأ بهذا البيت فيما رواه فروزانفر ( مآخذ / 33 - 35 ) فيما رواه صاحب إحياء علوم الدين ( 3 / 17 ) كما نظمها الأنورى ( من شعراء القرن الخامس ) ونظامى الكنجوى في إسكندر نامه ، ورواية نظامى مطابقة لرواية الاحياء عن رواية مولانا . . . فقد جعل مولانا أهل الصين ينقشون وأهل الروم يجلوون ويصقلون . . . فجعل الغلبة لأهل الروم مما يناقض الروايات السابقة عليه .

( 3490 - 3491 ) : تعدد الألوان والأضواء والأنوار مصدرها القمر وليس مصدرها السحاب . . .

مصدرها الواحد وليس مصدرها التعينات ( أنظر أيضا شرح البيتين 2478 - 2479 من الكتاب الذي بين أيدينا ) .

( 3497 - 3513 ) : ينقل مولانا إلى الخلاصة من قصته : أنه يقصد بنقاشى الروم الصوفية .

وعلومهم ليس موجودة في الكتب ( امح الأوراق لو كنت رفيقا لنا . . . فعلم العشق لا يكون في دفتر ) ولا دراسة ولا تظاهر بالفضل . . . وسيلتهم هي صقل الصدور وتطهيرها من الحرص والطمع والبخل حينئذ يكون القلب كالمرآة . . . يستطيع أن تعكس الصور غير المحدودة صور المعاني العليا والفيض الذي يتواتر على القلب ، هو النور الذي انعكس على يد موسى فجعلها بيضاء ( الأعراف / 108 - طه / 22 - النمل / 12 - الشعراء / 33 - القصص / 32 ) هذه الصورة التي لم تسعها السماء ولم تسعها الأرض يسعها هذا القلب المصقول الخالي من الحقد والحسد وأمراض النفس ( يسعني قلب عبدي المؤمن ) صور الجمال التي تبقى ولا تنتفى ، تبدو واضحة جلية لا حجاب عليها ولا غطاء تستمر ثابتة ولا تمضى ، وإن الذي يمضى ويتغير هو قشور العلم أما علم مرحلة عين اليقين ( العلم العيانى ) فثابت ، وهم يهزأون من الموت . . . فالموت هو عرس الأبد في رأيهم وهو الميلاد الثاني ( أنظر الكتاب الثالث ( 3529 - 3536 وشروحها ) لأنهم يعلمون أن الضرر يجرى على الجسد ( الصدف ) لا على الدر ( الروح ) لقد تركوا العلوم الظاهرية وانمحوا في الحق وفنوا فيه فسطعت على قلوبهم صور الجنان الثمانية . . . إن قدرهم أعلى من العرش والكرسي والجلاء فهم ساكنون في مقعد صدق عن مليك مقتدر «إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ» ( القمر / 54 / 55 ) ولما سئل أبو يزيد عن الغرباء


« 571 »


قال : الغريب إذا طلبه جبريل في الدنيا لم يجده ولو طلبه رضوان في الجنة لم يجده فقيل فأين يكون يا أبا يزيد فقال : في مقعد صدق عند مليك مقتدر . وقال الواسطي : هم أهل الصفة المتحققون بأنوار المعارف الذين لا يحجبهم الجنة ولا النعيم ولا أي شئ في مقعد صدق . . . الخ وقال صلى اللّه عليه وسلّم : الفقراء جلساء الله ( مولوى 1 / 635 ) .

( 3514 ) : القصة التي تبدأ بهذا البيت فيما أورده فروزانفر وردت في أسد الغابة كما ذكرها صاحب اللمع والغزالي في الإحياء عن حارثة بن سراقة بن حارث الأنصاري " بينما رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم يمشى إذا استقبله شاب من الأنصار فقال له النبي : كيف أصبحت يا حارثة ؟ قال : أصبحت مؤمناً بالله حقا يا رسول الله . . . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلّم : أنظر ما ذا تقول فان لكل قول حقيقة : قال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلى وأظمأت نهارى فكأني بعرش ربى بارزا وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني أنظر إلى أهل النار يتعاوون فيها ، فقال : الزم عبد نور الإيمان قلبه ( مآخذ / 35 - 36 ) ورواها الكافي عن شاب من الأنصار أما الشوشتري فقال إنه حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري ( شرح شهيدى / 154 ) .

( 3516 - 3519 ) : يقول حارثة ( زيد عند مولانا ) : لقد جاوزت تعينات الزمان ( والمكان ) وما يحدد هذه الدنيا ، ورأيت الأمة كلها فيما وراء منافع هذا العالم المادي ، فالعالم كله وحدة واحدة تستوى فيه آلاف السنين مع لحظة واحدة . . . كل شئ مرتبط بالأزل وبالابد ، فالعقل ليس متوجها إلى هذه الدنيا ، بل مرتبط بعالم لا زمان فيه ولا اختلاف " ليس عند ربكم صباح ولا مساء " ( شرح شهيدى / 156 وانظر الكتاب السادس ، العنوان السابق على البيت 2723 وشروحه ) ويقصد المتحدث أن " وقته " موقوف على الحبيب " وبصره " ناظرٌ إلى الواحد ، الأحد وانتفت عنه كل التعينات ، وأصبح كل ما يدركه العق لغير ذي موضوع عنده ، فليس له سبيل إلى " تلك الناحية " التي يسير فيها .

( 3520 - 3527 ) : حدثنا يا حارثة عن إمارات هذا العالم الذي تسيح فيه بما يُفهم أنك تدركه بالفعل . قال : إنني أعاين العرش مثلما يعاين الناس السماء ، أرى الجنان الثمانية ، ودركات النار السبعة " سقر والسعير واللظى والحطمة والجحيم وجهنم والهاوية " ( شرح شهيدى / 157 ) كلها
 

« 572 »

 

أراها رأى العين " كما يرى الوثني الصنم " ، وأهل النار وأهل الجنة ، وعاقبة الخلق في يوم الميلاد الثاني ويوم ظهور الحقيقة " في "يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ" ( آل عمران / 106 ) . . لقد كانوا جميعا غائبين في رحم الخليقة ، وإن كان مصير كل منهم معلوما ، " فالسعيد سعيد في بطن أمه ، والشقي شقي في بطن أمه " إن الله خلق السعادة والشقاوة قبل أن يخلق خلقه ، فمن خلقه سعيدا لم ينغصه أبدا ، وإن عمل شرا أبغض عمله ولم يبغضه ، إن كان شقيا لم يحبه أيدا ، وإن عمل صالحا أحب عمله وأبغضه " عن أصول الكافي - شرح شهيدي / 157 - 158 ) .

 

( 3528 - 3534 ) الحديث لمولانا جلال الدين : يشبه الروح بالجنين الذي يحمله رحم الجسد ، والموت هو المخاض ، وما لم تمت لا يكون شئ عن مصيرها معلوما ، يتنازعها الصالحون " الروم " والطالحون " الزنج " فإن ولدت صارت معلومة اللون " إيمانا أو كفرا " ، وحملها من تنتسب إليهم . . وهناك من يدرك سر الروح من قبل أن تولد في العالم الثاني ، وإبان وجودها في الجسد ، فاتقوا فراسة العبد المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله . ( أنظر الأبيات : 1340 و 1342 و 2646 و 2792 من الكتاب الذي بين أيدينا ) .

 

( 3535 - 3540 ) : والأصل في الروح أنها طاهرة ، والمني أبيض ، وإنما يبيض ويسود في رحم الأم " الدنيا ، الجسد " ، وانظر إلى قوله تعالى "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ، ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ" ( التين / 4 - 5 ) فاللون يأتيها حين تتحول من الوحدة إلى الكثرة ، ومن المعنى إلى المادة ، ومتى يظهر الهندي " الأسود - الطالح " من التركي " الأبيض - الصالح " وهما في الرحم " الدنيا " ؟ إنما يظهران بالميلاد وبالحشر عيانا بيانا "لَقَدْ جِئْتُمُونا كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ" ( الكهف / 48 ) .

 

( 3546 - 3556 ) : "وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ ، فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ" ( الواقعة / 41 - 43 ) كما فسر بعض المفسرين "فَتَأْتُونَ أَفْواجاً" ( النبأ / 18 ) : بأن بعض أهل جهنم يأتون يوم القيامة وقد قطعت أيديهم وأرجلهم ( تفسير أبي الفتوح وكشف الأسرار وتفسير البيضاوي ومجمع البيان - عن شرح الشهيدي / ص 162 ) ولون الكفر السواد " وتسود وجوه " ،
 

« 573 »

 

ولون الختم الملكي الأحمر هو لون أهل الجنة ، واختلف المفسرون حول المقصود بفتحات النفاق السبعة : قال بعضهم هي أبواب جهنم ودركاتها السبعة ، وقال نيكلسون إنها الغرور والحرص والشهوة والحسد والغضب والطمع والحقد ، وقال شهيدي إن صفة واحدة من هذه الصفات لا تنطبق على النفاق ( شهيدي / 163 ) ، وكلها إن شئنا الدقة خفية . وأضاف شهيدي أنه من الممكن أن يكون المقصود بفتحات النفاق السبعة العينين والأذنين وفتحتي الأنف والفم ، وكلها تؤدي عند المنافق عكس ما يحس به قلبه . . . وقال المولوي ( 1 / 640 ) إنها المنهي عنها في قوله عليه السّلام " اجتنبوا السبع الموبقات : الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات " وفي رأى المولوي أن القمر الذي لا يعتريه المحاق هو نور النبوة ، وهو في رأى إستعلامي ( 1 / 408 ) أنه نور الإيمان ، وفي رأى شهيدي أنه نور اليقين . ويواصل حارثة : إن كل ما قلته عن أهل الجنة وأهل النار هو مجرد إشارات ، ومن الممكن أن يستفيض لولا خوفه من رسول الله صلى اللّه عليه وسلّم .

 

( 3557 - 3566 ) : لقد انهمك زيد " أو حارثة أو مولانا جلال الدين إن شئت الدقة " في الحديث ، بحيث أو شك أن يتجاوز المسموح به ، هذا وإن كان يقول الحق ، و " " الله لا يستحيى من الحق " ، ومن ثم انمحى الحياء عن المتحدث ، فأوغل في حديثه ، بحيث كاد يبوح بأسرار لا ينبغي البوح بها ، ولا تتحملها الأسماع ، لقد قفزت المرآة من غلافها " قفز قلبك من جسدك " وآخذ يطوف بمظاهر القيامة ويفشي أسرارها ، والقلب والميزان كلاهما لا يخفي الحقيقة ، ولو قمت بخدمتهما طوال عمرك ، ومرآتك تظهرك على حقيقتك ، وميزانك يزن أعمالك خيرها وشرها ولا يحيد قيد أنملة عن الحق ، والتعبير مأخوذ عن مقالات شمس ( 1 / 69 و 71 ) " المرآة لا تميل ، فلو سجدت لها مائة سجدة قائلا لها : هذا العيب الوحيد الموجود في أخفه عني ، لقالت لك بلسان الحال : هذا غير ممكن " و " إن المرآة هي عين الحق ، وهو يظن أن المرآة غيره ، ومع كل هذا فما دام عنده ميل إلى المرآة ، فالمرآة تميل إليه ، ومن ميل المرآة إليه يكون ميله إلى المرآة والعكس صحيح ، فإن كسرت المرآة كسرتني ، والنتيجة أن تميل المرآة أو تتكلف ، وكذلك المحك والميزان ميله إلى الحق ، فلو قلت ألف مرة : أيها الميزان ، أظهر هذا القليل كثيرا ، فإنه لا يميل إلا إلى الحق . . لو


« 574 »

 
خدمته ألف عام وسجدت له . " ويواصل : إن لم يكن هذان موجودين ، ما قيمة الإنسان أصلا ؟

هل يخلق عبثا ويترك هملا ؟ . كلامك أيها الشاب ووصفك مفيدان جدا ، لكن . . لتخف مرآتك في اللباد إذا كان التجلي قد حدث على طور سيناء الصدر ، فإن موسى عليه السّلام حرم من هذا التجلي ، فخر صعقا ، واندك الجبل دكا ، فهل تراك تتحمل أنت هذا التجلي ؟

( 3567 - 3575 ) : يرد زيد : أجل ، من الممكن لمرآة أن تختفي تحت اللباد ، لكن هل من الممكن إخفاء شمس الحقيقة ؟ أخفها إذن إن استطعت ! ! ( وهل تخفى النار وهي بين صوف وقطن ؟ . . أنظر عن تفصيل الفكرة : الكتاب الثالث ، الأبيات : 4735 - 4738 وشروحها . ) ويرد الرسول صلى اللّه عليه وسلّم : قدرة الحق تيسر إخفاء أسرره " غيرته في الحقيقة " ، ومن ستر الله أن يجعل إصبعا واحدا قادرا على إخفاء الشمس في كبد السماء ، طن وضعته على عينيك . . هذا هو العالم الذي تخفيه نقطة فاصمت ، وانظر إلى سعة البحر وعمقه ، ومع ذلك سخر الله هذا البحر للبشر " كيف لا يستطيع الإنسان كتم أسراره عن التدفق ، وهو الذي أقام السدود أمام البحر ؟ ! " ، والبحر مسخر للإنسان مثلما سخرت أنهار الجنة الأربعة لساكن الجنة ، لا بحوله ولا بطوله ، بل ترجمة لفعله ومقامه في الدنيا ، وهي موجودة في ذواتنا " فنهر الماء هو في هذا العالم نهر ماء العلم والمعرفة ، ونهر اللبن هو نهر العمل ، ونهر الخمر هو نهر العشق ، ونهر العسل هو نهر حلاوة القربة " مولوي 1 / 644 ) ( عن وجود هذه الأنهار على الأرض أنظر الكتاب الثالث الأبيات 3460 - 3464 والكتاب الخامس الأبيات : 1631 - 1640 وشروحها ) .

( 3576 - 3587 ) : وتأثير الله سبحانه وتعالى فسريان هذه الأنهار له مثال في داخلك أنت واضح من تأثير الروح ، فهذان العينان كنهرين جاريين ، يسيرهما القلب حيث يشاء ، حينا إلى الشهوة ، وحينا إلى العبرة ، حينا نحو المحسوسات ، وحينا نحو الملبوسات ، حينا نحو المسائل الكلية وحينا نحو المسائل الجزئية ، ليس العين فحسب ، بل وسائر الحواس كالأنابيب المتصلة بالقلب ، تجري وفق هواه ومراده ، وكذلك الأعضاء كاليد والقدم مطيعة للقلب ، يجعل منها تقوم بالفعل الذي يطلبه ويرتضيه .

( 3588 - 3597 ) : يتساءل مولانا : ما ذا يقول القلب للأعضاء والحواس ؟ وما هي طبيعة

 

« 575 »

 
العلاقة بينهما ؟ وبم وجد عليها هذه السيطرة ؟ تراه يملك خاتم سليمان الذي نقش عليه الاسم الأعظم ، وبه وجد السيطرة على الجن والإنس والطير ؟ بم سيطر على كل هذا الجيش ؟ :

الحواس الظاهرة الخمسة والخمسة الباطنة : الحس المشترك والخيال والوهم والذاكرة والعقل " المتصرفة " ( الفكرة منقولة عن ثالث إحياء الغزالي - عن شهيدي / 171 - 172 ) ، فأنت أيها القلب في عظمة سليمان عليه السّلام ولك سيطرته ، فإن سرت بالعدل والإخلاص ، وبرئت من الرياء ، فلن تستطيع الشياطين الثلاثة : وهي في رأى المكر والشهوة وطلب الجاه ( إستعلامي 1 / 410 ) ، وفي رأي : النفس والهوى والهوس ( نيكلسون - عن شهيدي 176 ) وفي رأى : النفس والشيطان وحب الهوى ( مولوي 1 / 647 ) ويفسرها شهيدي بالنساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة اعتمادا على الآية 14 من آل عمران ( شرح شهيدي ص 177 ) والتعبير مأخوذ من سنائي وقد فسر الشياطين الثلاثة بالمكر والشهوة والزور ( أنظر الترجمة العربية للحديقة البيتين 5468 و 5470 وشروحهما ) ولكن إذا سلبك الشيطان الخاتم فقد خسرت كل شيء ( أنظر لتفصيلات المعنى الكتاب الرابع الأبيات : 1150 - 1155 وشروحها والأبيات :

1265 - 1282 وشروحها ) وبذلك يتحقق فيك منطوق الآية الكريمة "يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ ، ما يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ" ( يس / 30 ) ويوم التناد هو يوم القيامة ، وأنت إن أنكرت فضحتك مرآتك وفضحك قلبك ، مثلما إفتضح العبيد الذين سرقوا الفاكهة وأكلوها ، واتهموا لقمان بأكلها .

( 3598 ) : القصة التي تبدأ بهذا البيت فيما يرى فروزانفر ( مآخذ / 36 ) وردت قبل مولانا في قصص الأنبياء للثعلبي وتفسير أبي الفتوح الرازي ، وذكر زرين كوب مصدرا أقدم وهو حكايات إيسوب ( بحر در كوزه / 162 - 163 ) .

( 3613 - 3621 ) : إذا كانت هذه حكمة لقمان وهو عبد من عباد الله ، فما بالك بالحكمة الإلهية ؟

اقرأ قوله تعالى "يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ" ( الطارق / 9 ) ، واعلم أنه أيضا سوف يخرج المخبوء منك ، واقرأ أيضا "وَسُقُوا ماءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ( محمد / 15 ) ، ولأن قلوب الكافرين كالحجارة أو أشد قسوة ، فقد جعل النار عذابا لها ، فالحجر لا يختبر إلا بالنار ، وعلاج الجرح

 

« 576 »
 

السئ الكي ، والكي علاج فظيع قاس ، والحمار عاقبته الموت ، وتعمل الكلاب في رأسه بأنيابها ، وكل يأخذ ألفه من جنسه ، " والْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ. . .وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ" ( النور / 26 ) و " المرء على دين خليله فلينظر أيكم من يخالل " ، وأنت وما تريد ، فإن أردت إمض إلى قرين سوء ، واندمج معه وخذ من صفاته ، أما إذا كنت تريد نور المعرفة ونور الإيمان فكن مستعدا له بتصفية مرآة التلقي ، وإذا كنت تريد البعد فأنت ونفسك ، إلزمها وابتعد ، وأنت في هذه الدنيا كأنك في سجن خرب ، فإن كنت تريد الخلاص منه ، فمل إلى الحبيب "وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ" ( العلق / 19 ) .

( 3622 - 3638 ) : يعود مولانا إلى إفاضاته التي يسوقها على لسان زيد ، فيعود إلى نصيحة الرسول صلى اللّه عليه وسلّم له بأن يعقل براق الناطقة ، فإنها لا تفتأ تمزق أستار الغيب ، وهي كاشفة لعيوب الناس فاضحة إياها ، وما الكلام إلا طبل أجوف إلا إذا قرن بالفعال ، فلا تتسرع ، ولا تنبت ، فإن كل إنسان مسرور بظنه و "كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ" ( الروم / 32 ) و " الغفلة أساس الدنيا وعمادها " ، فلا تؤيس الناس من رحمة الله ، فربما تركوا عبادتهم ، بل أولى أن يعبدو الله على الرجاء فيما عنده وانتظار فضله وأجره ، فيأمن الخائف من قهره ورده ، ويأمل في هذه الرحمة العامة ، " ورحمتي وسعت كل شيء " وليرين الله الخلائق يوم القيامة من سعة رحمته ، حتى أن إبليس يتطاول في النار يتوقع الرحمة " ( مولوي 1 / 653 ) . والحق تعالى يريد الخلق هكذا :

بين الرجاء والخوف ، وذلك ليمحصهم ، وليجعل قلوبهم بين إصبعي اللطف والقهر ، وهذا التأرجح بين الخوف والرجاء قائم ما دام المرء في حجاب الدنيا ، فإن كشف الحجاب ، فقد صار الغيب كله على الملأ ، فالغيب بمثابة الخاتم الموجود في إصبع سليمان عليه السّلام ، إنك قد ترى سيماء السليمانية والعظمة في وجهه وهو مجرد صياد سمك بعد أن سرق منه الخاتم ، لكنه مجرد صياد سمك فقير ، لكن عندما يعود الخاتم إليه ، ويتربع على عرشه ، ويحشر له الجن والإنس ، يتيقن الناس أنه سليمان ( أنظر تفصيلات أكثر لقصة سليمان والخاتم في الكتاب الرابع الأبيات :

1150 - 1155 و 1265 - 1282 وشروحها ) ، والمعنى المراد أن الشاب ظل على شكه في صياد السمك " الذي عليه سيماء الملك والعظمة " حتى تأكد يوم استوى على عرشه والخاتم في يده .


« 577 »

 

( 3639 - 3644 ) : وهكذا يظل المرء أسير الوهم ، يظل الوهم متضخما في صدوره وفكره وخياله ، حتى يرى الحقيقة ، هذا في حالة وجود الدلائل ، فإن لم يكن ثم قطر في هذه السماء ، فمن أين يكون للأرض النبات والثمر ؟ وإن لم تكن سماء الغيب " سماء النور " بلا فيض أو رحمة ، فكيف تكون الحياة ممكنة ؟ ومن هنا يكون الإيمان بالغيب مطلوبا ، فهو مصداق الطاعة الحقيقة ، فإن آمنت فحسب بما ترى وتعاين وتشاهد ، فأين دليل طاعتك هنا ؟ ( والمعنى وارد في معارف بهاء ولد س 305 ) وعندما يشق الله أقطار السماء فكيف يقول هل ترى فيها من فطور ؟ "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً ، ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ ، فَارْجِعِ الْبَصَرَ ، هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ؟

" - ( الملك / 3 ) ، إنما يكون التساؤل عن الفطور والانشقاق عندما تكون السماوات مخفية عنه ، وهو يريد من العبد التصديق على الغيب ، وإلا فما قيمة التصديق على المشاهدة والعيان ؟ والناس إنما يضربون على العمياء ، ويتحرون في ظلام الحجب ، ومن ثم تمضي كل فئة إلى جهة من الجهات وإلى طريق من الطرق .

( 3645 - 3654 ) : هذا المشي على العمياء كثيرا ما يوقع في الدنيا الكثير من المتناقضات ، فيُعدم الأولياء والأبرياء ، ويجلس المجرمون والخونة واللصوص على كراسي السلطة ، وينقلب السلطان إلى عبد رقيق ، ويجلس العبيد على كراسي الحكم ، ما دامت الأمور ليست ظاهرة وكلنا نعيش في حجب الغيب ، وهذا السيد على الإطلاق ، والذي لا شك في سيادته ، تراك تريد أن تعبده يوم تتأكد من سيادته ؟ وألست ترى في هذه الدنيا أن هناك فرقا شاسعا بين من يؤدي فروض الطاعة للملك في محضره وبين من يؤديها له وهو بعيد عنه ؟ يكون كمحافظ القلعة على الحدود ، هو أقرب إلى العدو بجسده ، لكنه لا يخون ولا يفرط في القلعة ولاءً للملك البعيد عنه . .

ومحافظ القلعة هذا يكون عند الملك أفضل بكثير من أولئك الذين يضحون بأنفسهم من أجله في حضوره وإن " دعوة في السر تعدل سبعين دعوة في العلانية " ( أحاديث مثنوي / 35 ) ، والعبادة في الدنيا ذات قيمة ، وفي الآخرة مرفوضة ولا قيمة لها " فالدنيا عمل ولا حساب ، والآخرة حساب ولا عمل " و "يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً" ( الأنعام / 158 ) . قال نجم الدين : " فيكشف الغطاء يوم اللقاء ،
 

« 578 »


وبعد كشف الغطاء ، لا ينفع نفسا إيمانها " ( مولوي / 1 - 658 ) وقال عليه السلام " والذي لا إله غيره ما آمن أحد إيمانا أفضل من إيمان الغيب " ( أنقروي / 1 - 655 ) .

( 3655 - 3696 ) : الغيب والغائب إذن يجملان بالحجاب ، فالسكوت أولى إذن - يا زيد - ، وانتظر رحمة الله تعالى أن يبدي من الغيوب ما يطمئن القلوب ، وأي شاهد تريده على الشمس ، يكفي الشمس دليلا على الشمس ( أنظر البيتين : 116 - 117 من الكتاب الذي بين أيدينا وشرحيهما ) . . لا . . ولأعترف ، لقد قرن الله تعالى بينه وبين غيره في الآية الكريمة "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ ، لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ( آل عمران / 18 ) ، فإذا كنت أضرب المثل بالشمس " معادل شمس الدين التبريزي " فالله تعالى أشرك معه الملائكة وأولي العلم في الشهادة ، وما دام الله قد شهد ، فما قيمة شهادة الملائكة وأولي العلم ؟

أقول لك : لكي يجعل لأحبابه نصيبا من غيوبه ، ولكيلا يؤيس البشر ، وإلا فإن وجود الملائكة وأولي العلم حيث تسطع شمسه يكون كوجود الخفاش ، لا طاقة لهم على تحمل الضياء ، فالملائكة ذكروا لمجرد إسداء العون لنا ، إنهم مجرد وسيلة ، نواب في الضياء ، قبسة من نور الشمس لتوصيلها ، كل على درجته "جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ" ( فاطر / 1 ) والملائكة والعقل خلقوا من مادة واحدة ، وتشكلوا في صورتين ( أنظر الكتاب الثالث الأبيات :

1195 - 1198 وشروحها ) ، ولذلك كان لكل إنسان قرين من الملائكة يمده بالنور ، ولأن كل إنسان ليس قابلا لهذا النور ، ولا يتحمل هذا النور ، فقد جعل له من النجوم شموعا على قدر طاقته حتى يجد الطريق .

( 3670 - 3681 ) : " أصحابي كالنجوم ، بأيهم اقتديتم اهتديتم " ( أحاديث مثنوي / 19 ) ، هؤلاء النجوم يكونون على قدر من يستهدي بهم ممن لا طاقة لهم على تحمل أنوار الشمس " الحقيقة العليا " أو القمر " الحقيقة المحمدية . وها هو القمر يخاطب من حوله : لقد كنت بشرا مثلكم ، لكن الفرق أنه يوحى إلي "قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ *" ( الكهف / 110 ) ، بالنسبة لله أنا بشر ، وبالنسبة لمظلمي النفوس أنا قمر يهدي إلى النور ، وإنما خلقني الله هكذا حتى يتحمل الخلق نوري ، وامتزاج النور بالجسد ، يشبه تماما امتزاج الخل بالعسل " علاج كان القدماء
 

« 579 »
 

يستخدمونه لعلاج الصفراء " ، أما وقد آمنت ونجوت من مرض الكفر ، فاقتبس النور وخذ الشهد الصراح ، ثم ترتفع مرتبة أخرى ، فيحل الحق في قلبك دون واسطة " يسعني قلب عبدي المؤمن " ، ما دمت قد وجدت الصلة به - جل وعلا - مباشرة .

( 3682 - 3691 ) : يتحدث مولانا : لقد مضى زيد ، أبلى نعله في الطريق ، ومضى عن صف النعال " الدنيا " ، وليس من المهم أن تجد أنت زيدا أو لا تجده ، ما دام النور الذي سطع على زيد وجعل منه على تلك الدرجة من المعرفة لا يزال موجودا ، لقد كان زيد مجرد نجم من النجوم ، وسطع عليه ضوء الشمس فأخفاه ، مثل كل آبائنا ، أضمروا في علم سلطاننا " نبينا " ولم يبق سوى علمه ، كلهم موجودون لم يُعدموا ، أضمروا في الصفات ، وإن كنت تظن أنهم معدومون فاقرأ "وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ" ( يس / 32 ) والمحضرون لا يكونون معدومين ( أنظر لتفصيل الفكرة الكتاب الثالث الأبيات : 442 - 445 وشروحها ) . وعندما يشرق صبح القيامة ( هكذا في نسخة قونية ص 85 وعند شهيدي ونيكلسون : عندما يحل الليل وبهذا لا يستقيم المعنى ) ، يكون الاستقبال في الملأ الأعلى ، وكل هذه النجوم الغارية في ليل الحياة الدنيا تكون راقصة مهللة صائحة "رَبَّناأَحْيَيْتَنَا" ( غافر / 11 ) ينشر الله الموتى ، فتهجم من العدم صوب الوجود .

( 3692 - 3704 ) : وما لك تنكر هذا ؟ ألم تكن من قبل في العدم فأتى بك إلى الوجود ؟ ، ألم تكن تظن أنك ليست بخارج من بطن أمك ؟ وألم تكن منكرا لوجود عالم رحب خارجها ؟ ( أنظر الكتاب الثالث الأبيات : 53 - 61 وشروحها ) ألم تر من قبل صنع الله بك ، وأنه جرك من عالم عدم سابق إلى عالم الوجود ؟ إن سلطانه على عالم العدم الذي انتقلت من الدنيا إليه لا يقل عن سلطانه على عالم الذي خرجت إليه من الدنيا " وضرب لنا مثلا ونسي خلقه ، قال :مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ ، وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ" ( يس / 79 - 80 ) ( أنظر أيضا الكتاب الرابع الأبيات : 889 - 893 وشروحها ) . فانتبه ، واعمل ليوم بعثك ، فلا يزال سليمان على عرشه ، والشياطين تصنع له جفانا كالجواب ، والأشياء ثابتة في علمه ، وإنك لتخشى الموت والعدم ، والعدم في سلطة الله جل وعلا . . . لكنك متشبث بالدنيا ، هلوع على مراتبها ومناصبها وجاهها وسلطانها وهيلمانها ، ولهذا تحس أن نزع الروح صعب ، لأنك واقف
 

« 580 »

على هذه المرتبة ، غير مؤمن بما يليها من مراتب أعمق وأغنى وأكثر ثراءً وحياة وخلودا . . .
فجاهد ، وأسر في ليل الدنيا ، حتى تحمد السرى عند سطوع شمس القيامة ، وإلا مضى إليك هدرا ، وكابدت السفر والسير في غير أو ان السفر والسير .

( 3705 - 3720 ) : وإن بحثك عن النهار يكون في هذا الليل المظلم " الدنيا مزرعة الآخرة " ، وليكن العقل هاديك ومرشدك ، ليس ذلك العقل الذي تدبر به أمور المعاش ، بل عقل المعاد الذي يحرق ظلمات شهوات الدنيا المقعدات عن طلب المعاد والمنتهى ، ذلك أن الدنيا قنطرة الآخرة مثلما يكون المجاز قنطرة الحقيقة . . . وفي الليل " الدنيا " كثير من الخيرات ، وهي دار الاختبار ودار الامتحان ، ومن لا معاش له لا معاد له . واحذر الغفلة ، وإلا سطا اللص على المتاع ، ولا تغفل عن خصومك ، فالشيطان خصمك ، يقعد لك كل مرصد ، وقد أقسم على الانتقام منك . . .

ونحن نعيش في دار خصومة : النار خصم للماء ، والماء خصم للنار ، فأطفىء نار الشهوة بماء التوبة والمعرفة ونور الدين واليقين " تقول النار للمؤمن : جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لتهيبى " ( أحاديث مثنوي / 52 ) ولك في إبراهيم عليه السلام أسوة حسنة ، فإن نار النمرود كانت عليه برحمة الله وبركة إخلاصه وردا وسوسن . وإنك إن حاولت طرد الشهود تزداد أوارا ، فاتركها ، لكن لا تمدها بالغذاء فتقوى عليك ، بل قاومها بالتقوى وتعظيم شعائر الله "ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ ، فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ" ( الحج / 32 ) .

( 3721 ) : الحكاية التي تبدأ بهذا البيت وردت قبل مولانا جلال الدين في نوادر الأصول لمحمد ابن علي الترمذي ، كما وردت في دلائل النبوة لأبي نعيم الأصفهاني ( مآخذ / 36 - 37 ) وأضاف شهيدي أنها وردت في تاريخ الطبري وفي الكامل لابن الأثير . ( شرح شهيدي / 216 ) .

( 3732 ) : "وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ" ( النساء / 5 ) .


( 3734 ) : كثيرون هم الذين ينفقون أموالهم على أقاربهم ويظنون أنهم ينفقون في سبيل الله ، وهذا من قبيل الكسل في العبادة " لا يبحثون عن محتاج بعيد . . هذا بالطبع في حالة ما إذا كان القريب غير محتاج ، وإلا فإنه إن كان محتاجا فهو أولى بالصدقة " .

.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.docx    أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالثلاثاء سبتمبر 08, 2020 6:43 pm

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.docx 

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.txt 

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 1.pdf 


عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
أول من قاس النص بالقياس إبليس المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» في بيان أنّ إبليس كان أول شخص عارض النصَّ بالقياس .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. محمد الكفافي
» ديباجة مولانا الدفتر الأول المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» إيقاظ إبليس لمعاوية قائلا استيقظ فهذا وقت الصلاة المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الثاني ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة عازف الصنج الشيخ الذي كان في عهد عمر المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة البقال والببغاء وسكب الببغاء للزيت المثنوي المعنوي الجزء الأول ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: