منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:50 pm

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

الحكماء يقولن أن الإنسان هو العالم الأصغر على مدونة عبدالله المسافر بالله

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

في بيان أن الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر ويقول الحكماء الإلهيون : إن الإنسان هو العالم الأكبر
ذلك لأن علم الحكماء كان مقصوراً على صورة الإنسان وعلم هؤلاء
الحكماء والإلهيين كان متصلا في الحقيقة بحقيقة الإنسان
« 86 » 
- إذن فأنت في الصورة العالم الأصغر ، وأنت في المعنى إذن العالم الأكبر .
- وفي الظاهر يكون ذلك الغصن أصلا للثمرة ، لكن الفرع في الحقيقة صار من أجل الثمرة .
- فإن لم يكن الميل إلى الثمرة والأمل فيه ، متى كان البستاني يغرس جذور الشجر ؟
- ومن ثم فإن ذلك الشجر على سبيل المعنى ولد من الثمر ، وإن كان الثمر قد ولد منه على سبيل الصورة .
 
525 - ومن هنا قال المصطفى عليه السلام ، إن آدم والأنبياء خلفي تحت لوائي .
- ومن أجل هذا ساق صاحب الفنون قوله : نحن الآخرون السابقون .
- فبالرغم من أنني ولدت من آدم بالصورة ، فإنني كنت في المعنى جدا للجد .
- ومن أجلى كانت سجدة الملائكة ، ومن أجلى صعد إلى الفلك السابع .
- ومن ثم فمنى ولد أبى في المعنى ، ومن ثم ولد الشجر في المعنى من الثمر .
 
530 - وفي البداية يكون الفكر وفي النهاية يكون العمل ، خاصة ذلك الفكر الذي يكون وصفا للأزل .
- والنتيجة ، إنه في لحظة واحدة ، تأتى قافلة من السماء وتذهب قافلة .
- وليس هذا الطريق طويلا على القافلة ، فمتى تكون المفازة صعبة على سالكها ؟! «1» .
- إن القلب ليذهبن إلى الكعبة كل لحظة ، ويتطبع الجسد بطبع القلب امتنانا .
..............................................................
( 1 ) في تفسير للسبزواري « متي تمتلئ الصحراء بسالكيها ؟ شرح المثنوي ص 275 .
 
« 87 »
  
- إن هذا الطول والقصر يكون بالنسبة للجسم ، فأي طول وقصر حيثما يكون الله .
 
535 - وعندما بدل الله الجسم ، جعل ذهابه وسيره ( لا يقاسان ) بفراسخ أو أميال .
- وفي هذه اللحظة يوجد مائة أمل ، فاخط أيها الفتى بعشق وخل الكلام .
- وبالرغم من أنك تطبق جفنى عينيك ، إلا أنك تقطع طريقك نائما في سفينة .
 
تفسير هذا الحديث : مثل أمتي كمثل سفينة نوح من تمسك بها
نجا ومن تخلف عنها غرق
 
- من أجل هذا قال الرسول عليه السلام : إنني كالسفينة في طوفان الزمن .
- أنا وأصحابي مثل سفينة نوح ، وكل من تعلق بها يجد الفتوح .
 
540 - وما دمت ( عاكفا ) على شيخ فأنت بعيد عن القبح ، أنت مسافر ليل نهار ، لكنك ( مستريح ) في سفينة .
- وفي حمى الحبيب الذي يهب الروح ، تقطع طريقك نائما في سفينة .
- ولا تنقطع عن رسول زمانك ، وقلل الاعتماد على فنك وعلى هواك .
- وحتى إن كنت أسدا ، حينما تمضى في الطريق بلا دليل ، فأنت مغرور وفي ضلال وذليل .
- انتبه ، ولا تحلق إلا بجناح الشيخ ، حتى ترى العون من جنود الشيخ .
 
545 - ففي لحظة يكون موج لطفة بمثابة القوادم لك ، وفي لحظة أخرى تكون نار قهرة حمالة لك .
 
« 88 » 
 
- وقلل اعتبار قهرة مضادا للطفة ، وانظر إلى اتحادهما معا في التأثير .
- وهو في لحظة يجعلك أخضر كما يخضر التراب ، وفي لحظة أخرى يملؤك بالريح فيجعلك ضخما .
- إنه يعطى جسد العارف صفة الجماد ، حتى ينمو عليه الورد والنسرين نضرين .
- لكن ما يراه هو لا يراه غيره ، ولا يعطى الخلد عبيره إلا للعقل الطاهر .
 
550 - فافرغ العقل من إنكار الحبيب ، حتى تجد الريحان من روضة الحبيب .
- حتى تجد عبير الخلد من حبيبي ، كما وجد محمد عليه السلام رائحة الرحمن من قبل اليمن .
- وإن وقفت في صف أهل المعراج ، يجذبك العدم كأنه البراق .
- ليس كمعراج الأرضي حتى ( وصوله ) إلى القمر ، بل كمعراج البوص حتى ( وصوله ) إلى مرتبة السكر .
- وليس كمعراج البخار حتى السماء ، بل كمعراج الجنين إلى ( أن يكون من أهل ) النهى .
 
555 - لقد صارت مطية العدم براقا جيدا ، يأتي بك إلى الوجود إن كنت عدماً .
- إن حافره يحول الجبال والبحار إلى نحاس ، حتى يجعل عالم الحس تابعا له .
- فضع قدمك في السفينة وداوم على السير ( خفيفا ) حاذا ، كالروح تمضى نحو محبوب الروح .
- فسر نحو القدم ، ولا يد ولا قدم ، مثلما تهجم الأرواح من العدم .
- وإن لم يكن هناك كلل من سمع السامع ، لمزقت في الكلام حجب القياس .
  
« 89 »
  
560 - فلتمطر أيها الفلك جوهرا على أقواله « 1 » ، ولتخجلى أيتها الدنيا من ( عظمة ) عالمه .
- وإن فعلت تضاعف جوهرك مئات المرات ، بل يصير جامدك ناطقا ومتحدثا .
- وبذلك يكون نثارك ( وجودك ) من أجل نفسك ، ما دام كل رأسمال عندك يتضاعف مئات المرات .
 
[ إرسال بلقيس هدية ]
قصة إرسال بلقيس هدية من سبأ إلى سليمان عليه السلام
 
- كانت هدية بلقيس أربعين جملا ، كلها محملة بلبنات الذهب .
- وعندما وصلت إلى الصحراء السليمانية ، وجدتها كلها مفروشة بالذهب النضار .
 
565 - أخذت تسير مسيرة أربعين منزل على أرض من الذهب ، حتى لم يعد هناك رونق للذهب في أنظارهم .
- فقالوا مرارا : لنرد الذهب إلى مخزنه ، فأية سخرية هذه وعمل لا طائل من ورائه ( نقوم به ) .
- إنه من البلة أن يحمل الذهب إلى الساحة التي يكون ترابها ذهباً خالصا .
- ويا من حملت العقل هدية إلى الله ، العقل هناك أقل من تراب الطريق .
- وعندما صار كساد هديتهم ظاهرا لهم ، كان خجلهم يجذبهم إلى الوراء .
 
570 - ثم قالوا : إذا كانت هديتنا كاسدة أو رائجة ، ماذا علينا . . إننا عبيد مأمورون .
..............................................................
( 1 ) الضير هنا عائد علي الشيخ أو المرشد .
  
« 90 »
  
- فإذا كان علينا أن نحمل الذهب أو نحمل التراب ، فيجب علينا أن ننفذ الأمر فحسب .
- وإن أمرو أن عودوا بها وردوها . . فما علينا إلا طاعة الأمر .
- وعندما رآها سليمان عليه السلام غلبه الضحك . . وقال : متى طلبت منكم ثريداً ؟ !
- إنني لا أقول لكم قدموا لي هدية ، إنني أقول لكم : كونوا لائقين للهدية جديرين بها .
 
575 - إن لدى من الغيب هدايا نادرة ، لا يجرؤ البشر على مجرد طلبها .
- إنكم تعبدون كوكبا هو الذي يصنع الذهب ، فامضوا وتوجهوا إلى صانع هذا الكوكب .
- إنكم تعبدون شمس الفلك ، وأرخصتم الروح التي هي غالية الثمن .
- إن الشمس ( تقوم لنا بعمل ) الطباخ بأمر الحق ، ومن البله أن نقول أنها الإله .
- وماذا تصنع إذا أصاب الكسوف شمسك ؟! وكيف تطرد عنها ذلك السواد .
 
580 - ألست تصرخ على الأعتاب الإلهية داعيا : إكشف السواد ( يا إلهي ) وأعد الشعاع .
- وإذا هم أحد بقتلك في منتصف الليل ، فأين الشمس لكي تجأر إليها بالشكوى أو تطلب منها الغوث ؟ !
- وأغلب الحادثات إنما تقع بليل ، وفي ذلك الزمان يكون معبودك غائبا .
- وإنك إذا انحنيت بصدق أمام الله ، لتخلصت من ( عبادة ) الكوكب وصرت من المسموحين لهم ( بالسر ) .
 
« 91 »
  
- وعندما تصير من المسموحين لهم أتحدث معك ، حتى ترى الشمس في منتصف الليل .
 
585 - وليس لهذه الشمس من مشرق إلا الروح الطاهرة ، وليس عندها في الطلوع فرق بين ليل أو نهار .
- يكون النهار عندها إذا أشرقت ، ولا يبقى الليل ليلا لو أنها برقت .
- وكيف تبدو الذرة أمام الشمس ؟ هكذا تكون شمس ( المعنى ) ( أمام أولى ) الألباب .
- والشمس التي تكون ساطعة ، وتصبح العين أمامها كليلة حائرة .
- نراها كالذرة أمام نور العرش ، أمام نور العرش الموفور الذي لا حد له .
 
590 - تراها ذليلة مسكينة لا قرار لها ، لكن البصر أكتسب قوة من الخالق .
- وكيمياء ( الخلق ) التي هي مأثرة واحدة من مآثرة ، سقطت على الدخان فصار منه كوكب .
- إنه أكسير النار الذي كان منه خافتا ، رمى به على الظلام فحوله إلى شمس .
- إنه الكيميائى العجيب الذي جعل لزحل كل هذا العدد من الخواص بعملية واحدة .
- وقس على هذا أيها الطالب بقية الكواكب وجواهر الروح .
 
595 - إن بصر الحس ضعيف أمام الشمس ، فابحث عن البصيرة الربانية تجدها .
- حتى تضعف أمام تلك البصيرة ، شعشعات الشمس التي تلقى بالشرر .
 
« 92 »
  
- فإن هذه البصرة نورانية بينما هذه ( أي الشمس الحسية ) نارية ، والنار أمام النور تكون مظلمة جدا .
كرامات الشيخ عبد الله المغربي قدس الله سره ونوره
- قال الشيخ عبد الله المغربي : أنني لم أر ظلمة من الليل طيلة ستين عاما .
- أنني لم أر ظلمة خلال الستين سنة ، لا في نهار ولا في ليل ولا من علة .
 
600 - قال الصوفية : إنه صادق في قوله ، كنا نسير ليلا في أثره .
- وفي الصحارى المليئة بالشوك والحفر ، كان قائدا ( ودليلا ) لنا كبدر التمام .
- وكان يقول ليلا دون أن يدير وجهه ، انتبه فهناك حفرة ، مل ناحية اليسار .
- وبعد لحظة كان يقول : بل مل إلى اليمين ، فأمام القدم شوكة .
- وفي الصباح كانت قدمة تتحول إلى موضع لقبلنا ، وكانت قدمه كقدمى العروس .
 
605 - فلا أثر من التراب أو من الطين عليها ، ولا من خمش الشوك وأذى الحصى .
- لقد جعل الله المغربي مشرقا ، وجعل المغرب كالمشرق مشعا بالنور .
- ونور هذه الشمس الغالب ظاهر وباهر ، وهو حارس ليوم الخواص ويوم العوام .
- وكيف لا يكون حارسا ذلك النور المجيد ، الذي يبدع آلافا من الشموس .
- فامض على نوره في أمان ، بين الأفاعي وبين العقارب .
  
« 93 »
  
610 - فإن هذا النور الطاهر يتقدمك ، يمزق كل قاطع طريق إربا .
- وأعلم أذن أن « يوم لا يخزى الله النبي » قوله صادقة ، واقرأ «نورهم يسعى بين أيديهم».
- وهذا النور وإن كان يزداد يوم القيامة ، فاطلب من الله قبسا منه هنا .
- فهو الذي يهب السحاب والضباب نور الله ، والله أعلم بالصواب .
 
رد سليمان عليه السلام لرسل بلقيس بتلك الهدايا التي كانوا
قد أحضروها ودعوة بلقيس إلى الإيمان وترك عبادة الشمس
 
- عودوا خجلين أيها الرسل ، فالذهب لكم ، وايتونى بالقلب الذي هو قلب .
 
615 - وذهبي هذا ضعوه على ذهبكم ذاك ، ومن عمى قلوبكم إجعلوه على مؤخرة البغال .
- إن مؤخرة البغل جديرة بحلقة الذهب ، وذهب العاشق وجه أصفر شاحب .
- فهو موضع نظر الله ، ومن نظرة من الشمس يكون المنجم .
- وأين موضع نظر شعاع الشمس من موضع نظر رب الأرباب .
- واجعلوا من الروح مجنا من أخذى ، بالرغم من أنكم الآن أسارى لي . .
 
620 - إن الطائر المفتتن بالحبة موجود على السطح ، لقد فتح الجناح لكنه مقيد بالفخ .
- وما دام قد أعطى جماع قلبه للحبة ، اعتبره أسيرا وإن لم يؤخذ بعد .
- وتلك النظرات التي يلقيها على الحبة ، أعلم أنها عقدة عقدت حول قدمة .
 
« 94 »
  
- إن الحبة تقول : إذا كنت تسترق النظر ، فإنني أسرق منك الصبر والقرار .
- وما دام ذلك النظر قد جذبك في أثرى ، أعلم إذن أنني لست غافلة عنك .
 
قصة العطار الذي كان حجر الميزان عنده من الطفل وسرقة المشترى
آكل الطين من ذلك الطين عند وزن السكر خلسة وخفية .
 
625 - ذهب أحد آكلي الطين إلى عطار ، كي يشترى قطعة ضخمة خاصة من السكر الأبيض .
- وكان عند العطار السارق المرائي ، حجر للميزان من حجر الطفل .
- فقال هل : إن موازينى من حجر الطفل ، إذا كانت لديك رغبة في شراء السكر .
- قال : إنني أريد السكر في أمر مهم ، ولتكن موازينك ما تكون .
- وقال في نفسه : بالنسبة لآكل الطين . . ماذا يكون الحجر ؟! إن الطين عنده أفضل من الذهب .
 
630 - مثل تلك الخاطبة التي قالت ( لأحدهم ) : يا بنى ، لقد وجدت ( لك ) عروسا باهرة الجمال .
- إنها حسناء جدا لكن هناك أمرا واحدا ، إن هذه العقيلة ابنة صانع للحلوى .
- قال : إنني أفضل أن تكون هكذا ، فإن هذه العروس تكون أحلى وأطعم .
- وهكذا ، إن لم يكن لديك صنج وصنجك من الطين ، فهذا أفضل ، وأفضل لي الطين ثمرة للقلب .
 
« 95 »
 
- فوضع وهو واثق تماما في كفة الميزان الأخرى طينا بدلا من الصنج .
 
635 - وأخذ بيديه يقطع السكر ويضعه في الكفة الأخرى بقدر ذلك الطين .
- وتأخر في عمله إذ لم تكن لديه بلطة ، وجلس المشترى ينتظر هناك .
- كان وجهه إلى الناحية الآخرى آكل الطين المسكين ، وأخذ في سرقة الطين ( من الكفة ) خلسة .
- كان خائفا وجلا يقول لنفسه : علّ عينيه لا تقع على فجأة وتكون ضجة وبلاء .
- ورأى العطار ذلك وشغل نفسه عنه ، قائلا لنفسه : اسرق أكثر من هذا يا أصفر الوجه .
 
640 - فإذا كنت تسرق من طيني ، فامض إذ أنك تأكل من جانبك ونصيبك .
- إنك تخشانى وهذا من حماريتك ، إذ أنني أخشى أن تأكل أقل .
- وبالرغم من أنني مشغول إلا أنني لست ذلك الأحمق . . بحيث أجعلك تأخذ من بوصى سكراً أكثر .
- وعندما ترى السكر في الميزان ، تعلم إذن من الذي كان أحمق غافلا .
- إن الطائر ينظر سعيدا إلى الحبة ، والحبة أيضا على البعد تقطع الطريق عليه .
 
645 - ألست عندما تنال حظا من زنا العين . . تأكل الشواء من جنبك ؟!
- فهذا النظر من على بعد كالسهم والسم ، يجعل عشقك زائدا والصبر قليلا .
- إن مال الدنيا هو شبكة الطيور الضعيفة ، وتلك العقبى هي شبكة الطيور الشريفة .
 
« 96 »
 
- حتى أنهم بهذا الملك وهو فخ عميق ، يقومون بصيد الطيور الضخمة .
- إنني سليمان ولا أريد ملككم ، لكني أخلصكم من كل هلاك .
 
650 - إنكم أنفسكم الآن مملوكون للملك ، ومالك الملك هو الذي نجا من الهلاك .
- ويا أسير هذه الدنيا ، إنك على العكس قد سميت نفسك أميرا على هذه الدنيا .
- ويا من أنت عبداً لهذه الدنيا حبيبا لها بالروح ، حتام تسمى نفسك سيدا للدنيا !!إ
 
كرام سليمان لأولئك الرسل وملاطفتهم ودفع الخوف والضيق عن قلوبهم ،
وشرح الاعتذار عن عدم قبول الهدية لهم .
 
- أيها الرسل ، سوف أرسلكم رسلا ( منى ) ، إن ردى أفضل لكم من القبول .
- فقولوا لبلقيس ما رأيتموه من العجب ، وحدثوها عن صحراء الذهب .
 
655 - حتى تعلم أننا لسنا طامعين في الذهب ، لقد أتيتنا بالذهب من خالق الذهب .
- ذلك الذي إن شاء جعل كل تراب الأرض ذهبا ودراثمينا .
- من أجل هذا يا من اخترت الذهب ، يجعل الله الأرض يوم القيامة من الفضة .
- إننا لا نفكر في الذهب . . فإن لدينا الكثير من الفنون ، نجعل بها أهل التراب بأجمعهم من الذهب .
 
« 97 » 
 
- فمتى نتسول نحن الذهب منكم . . ونحن نقوم بالكيمياء ( الروحانية ) من أجلكم ؟ !
 
660 - واتركوا هذا بأجمعة ، فإن كان هناك ملك سبأ ، فهناك كثير من الممالك خارج الماء والطين .
- إنه جبيرة ساق ذلك الذي تسمونه عرشا ، تظنه صدر ( المجلس ) وهو قد بقي على الباب .
- وإن لم يكن هناك سلطان لك على لحيتك ، فكيف تقوم بالملوكية على الخير والشر .
- تصير لحيتك بيضاء على الرغم منك ، فاخجل من لحيتك يا معوج الأمل .
- إنه هو مالك الملك وكل من يطأطئ الرأس أمامه ، يهبه مائة ملك خارج عالم التراب .
 
665 - ولذة سجدة واحدة أمام الله ، تفضل لديك مائتي دولة .
- فتشكو حينذاك صائحا : لست أريد الممالك ، لكن سلمني ملك تلك السجدة .
- وإن ملوك الدنيا من دناءتهم ، لم ينالوا النذر اليسير من العبودية « 1 » .
- وإلا ( صاروا ) ذاهلين مشردين كأدهم ، وجعلوا عالي ملكهم سافله في التو واللحظة .
- لكن الحق وضع الختم على أفواههم وعيونهم ، من أجل ثبات هذه الدنيا .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : لم يشموا رائحة من العبودية .
 
« 98 »
  
670 - حتى يحلوا لهم العرش والتاج ، ( وقولهم ) : إننا نأخذ من أهل الدنيا الخراج .
- وإنك إن جمعت الخراج مالا كالرمل ، فإنه يبقى عنك في النهاية ميراثا .
- ولا يكون الملك والذهب رفيقين لروحك ، فادفع الذهب وخذ الكحل من أجل ( جلاء ) البصر .
- حتى ترى هذه الدنيا بئراً ضيقة ، فتثبت كأمثال يوسف عليه السلام بهذا الحبل .
- حتى تقول الروح : يا بشرى هذا غلام ، عندما تصعد من البئر إلى سطح ( الأرض ) .
 
675 - وفي هذه البئر أنعكاسات النظر ، وأقل ما يبدو فيه هو حجر الذهب .
- وعند اللعب ، يبدو ذلك الخزف عند الأطفال ذهبا ومالا من عدم نضج عقولهم .
- لقد صار العارفون به من محترفى كيمياء ( الروح ) ، حتى صارت المناجم أمامهم بلا قيمة .
 
رؤية درويش لجماعة من المشايخ في النوم ، وطلبه لرزق حلال دون انشغال بالكسب عن العبادة وإرشادهم إياه وتحول فاكهة الجبل المرة الحامضة إلى فاكهة حلوة في فمه بهمة أولئك المشايخ .
 
- قال أحد الدراويش في سمره ، لقد رأيت المنسوبين إلى الخضر عليه السلام في النوم .
- فقلت لهم : من أين أطلب رزقا حلالا . . خاليا من وبال ( الكدح ) ؟ . 
 
« 99 » 
 
680 - فقادونى إلى الجبل ، وكانت الثمار تتساقط من الغابة في ذلك المكان .
- وقالوا : إن الله تعالى قد قسم أن تكون هذه الفاكهة حلوة في فمك بهمتنا ودعائنا .
- هيا . . كل . . أكلا طاهرا حلالا بلا حساب وبلا تعب وبلا سعى هنا وهناك .
- ومن ذلك الرزق انبعث في نوع من النطق بحيث كانت لذة أقوالي تخطف القلوب .
- قلت : هذه فتنة يا رب العالمين . . هبني عطاءً خفيا عن كل الخلق .
 
685 - فذهب هذا النطق عنى ، وصرت سعيدا ، وأخذت اتشقق حلاوة كأنني الرمان .
- وقلت : لو لم يكن هناك شئ في الجنة إلا هذا السرور الذي أحس به في جبلتى .
- فإنني لن أتمنى نعمة أخرى ، ولن أشغل عنها بالحور أو بقصب السكر .
- وكانت قد بقيت معي حبة وحبتان (من الذهب)، خطت عليهما بطانة جبتى من أيام الكسب.
 
قوله في نفسه : لقد نويت أن أعطى هذا الذهب لذلك الحطاب حيث أنني
وجدت الرزق بكرامات المشايخ وضيق ذلك الحطاب مما في ضميره ونيته .
 
- وكان هناك فقير يحمل الحطب ، قد وصل من الغابة متعبا مهدودا .
 
690 - فقلت في نفسي : أنني فارغ من أمر الرزق ، ومن الآن فصاعدا ليس عندي هم الرزق .
 
« 100 » 
 
- إن الفاكهة الممجوجة قد صارت حلوة بالنسبة لي ، وحصل جسدي على رزق خاص به .
- وما دمت قد أصبحت فارغاً من أمر الخلق . . فلأعطه هذه الحبات « من الذهب » .
- لأعط هذا الذهب لذلك الذي يعاني التكليف ، حتى يفرغ من أمر الرزق يومين أو ثلاثة .
- لكنه كان يعلم حتى ما في ضميري ، وذلك أن سمعه كان ذا نور من شمعه ( جل وعلا ) .
 
695 - كان سر كل فكر موجوداً عنده . كأنه مصباح داخل زجاجة .
- لم يكن الضمير يخفى عليه قط ، كان أميرا على مضامين القلوب .
- ومن ثم أخذ يهمس لنفسه جوابا على نيتي ذلك ( الرجل ) العجيب .
- ( قائلا ) : أمثل هذا التفكير من أجل الملوك ؟ ! « كيف تلقى الرزق إن لم يرزقوك » ؟ « 1 » .
- لم أكن أفهم كلامه جيدا ، لكن عتابه كان يدق على قلبي شديدا وعنيفا .
 
700 - واتجه إلى بهيبة كهيبة الأسد ، وقد حط حمل الحطب عن كاهله .
- إن شعاع الحالة التي إنتابته عندما وضع الحطب ، جعل الرعدة تصيب كل عضو فىَّ .
- وقال : يا رب ، إن كان لك خواص دعوتهم مباركة وخطاهم مباركة .
- فإني التمس من لطفك أن يكون مشتغلا بكيمياء ( التبديل ) ، وتتبدل حزمة الحطب هذه إلى ذهب في التو واللحظة .
..............................................................
( 1 ) ما بين القوسين بالعربية في المتني الفارسي .
  
« 101 » 
 
- فرأيت أن حطبه قد تبدل إلى ذهب على الفور . . أخذ يلمع لمعانا شديدا على الأرض كأنه النار .
 
705 - فقدت الوعي برهة من الزمن ، وعندما عدت إلى وعيى أصابني الوله .
- ثم قال : يا إلهي : إذا كان هؤلاء الكبار غيورين جدا زاهدين في الشهرة .
- فاجعل هذه ثانية حزمة من حطب على الفور وعلى نفس الحال التي كانت عليها .
- فصار ذلك الذهب حطبا في التو واللحظة ، وحار في عمله هذا العقل والنظر .
- ثم حمل حطبه ومضى نحو المدينة متقدما إياي مسرعاً جلدا .
 
710 - فأردت أن أسير خلف هذا السلطان ، أساله عما لدى من مشكلات واسمع منه .
- لكن الهيبة التي كانت عليه قيدتنى ، فليس هناك طريق للعوام إلى الخواص .
- وإذا أصبح هناك طريق لأحد ، فقل له ضح بروحك ، فهذا يكون من رحمتهم وجذبهم .
- ثم اغتنم إذن هذا التوفيق ، عندما تجد صحبة صديق .
- ليس مثل ذلك الأبله الذي يجد القرب من الملك سهلا يسيرا فيسقط في تلك اللحظة خارج الطريق .
 
715 - وعندما يعطونه من الأضحية نصيبا أكبر ، يقول : لعل هذه فخذ بقرة .
- ليست هذه فخذ بقرة أيها المفترى ، إنما تبدو لك فخذ بقرة من حماريتك .
- إن هذا بذل الملوك دون مقابل « 1 » ، هو عطاء محض من الرحمة .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : دون رشوة .
  
« 102 »

حث سليمان عليه السلام الرسل على التعجيل في
هجرة بلقيس من أجل الإيمان .
 
- وهكذا فإن الملك سليمان في نزاله ، جذب خيل بلقيس وعسكرها .
- قائلا : تعالوا أيها الأعزاء على وجه السرعة ، فقد تعالت الأمواج من بحر الجود .
 
720 - إن هدير أمواجه يقذف صوب الساحل كل لحظة مائة جوهرة بلا خطر .
- لقد قلنا : هيا : هيا يا أهل الرشاد ، ففي هذه اللحظة فتح في هذا الدين .
- ثم قال سليمان : اذهبوا أيها الرسل صوب بلقيس وادخلوا في هذا الدين .
- ثم قولوا لها أن تأتى إلى هنا سريعا فإن الله يدعو للسلام .
- هيا أسرع وتعال يا طالب الدولة ، فالفتوح موجود في هذه اللحظة ، وانفتاح الأبواب .
 
725 - وتعالى أيضا يا من لست بطالب ، حتى تجد الطلب من هذا الصديق الوفي .
 
سبب هجرة إبراهيم بن أدهم قدس الله سره
وترك ملك خراسان
 
- أهجر الملك مثل أدهم سريعا حتى تجد مثله ملك الخلود .
- كان ذلك الملك نائما ليلا في فراشه ، والحراس فوق السطح يمارسون الضبط والربط .
- ولم يكن هدف الملك من الحرس ، هو أن يدفع بهم اللصوص والغوغاء .
- فقد كان يعلم أنه عادل ، وأنه فارغ من الحادثات ، مطمئن الفؤاد .



« 103 »
 
730 - إن العدل هو حارس الرغائب ، وليس بمن يدقون العصى على السطوح ليلا .
- لكن هدفه من صوت الرباب ، كان « كهدف » المشتاقين ، خيال ذلك الخطاب .
- إن أنين المزمار وهدير الطبول ، فيه شبه قليل من ذلك الناقور العام .
- ومن ثم قال الحكماء : لقد أخذنا هذه الألحان من « حركة » دوران الفلك .
- إنها أنغام دوران الفلك ، تلك التي يتغنى بها الخلق بالطنبور والحلق .
 
735 - ويقول المؤمنون إن آثار الجنة ، جعلت كل صوت قبيح حلوا .
- لقد كنا جميعا أجزاء من آدم ، وسمعنا تلك الألحان في الجنة .
- وبالرغم من أن الماء والطين قد صبا علينا شكا ( في هذا الأمر ) ، فإننا لا نزال نتذكر منها النذر اليسير .
- لكن ( هذا التذكر ) عندما امتزج بالتراب ، كيف « لو ترى » الخفيض والجهير أن يمنحا الطرب ؟ !
- إن الماء عندما اختلط بالبول وبول الحيوان ، صار مزاجه من هذا الاختلاط مرا حريفا ! !
 
740 - وهناك في جسده ( أي الإنسان ) شئ من الماء ، فاعتبره بولا يطفئ النيران .
- وبالرغم من أن هذا الماء قد صار نجساً فقد بقيت طبيعته فيه ، هو بهذه الطبيعة أطفأ نيران الحزن .
- ومن هنا فإن السماع كان قوت العاشقين ، فإن فيه خيالا للوصال .
 
« 104 »
 
- و ( به ) تقوى خيالات الضمير ، بل تتحول إلى صور ( من تأثير ) الصوت والصفير .
- ولقد أسعرت نار العشق من الألحان ، مثل ( أسعرت ) نار ذلك الذي كان يرمى الجوز .
 
حكاية ذلك الرجل الظمآن الذي كان يلقى بالجوز من فوق شجرة جوز في جدول ماء كان في منخفض ولم يكن يصل إلى الماء ، فكان يفعل هذا حتى يسمع صوت الماء من سقوط الجوز فيه ، إذا كان يطربه هذا الصوت كسماع حسن .
 
745 - كان الماء غورا فتسلق ذلك الظمآن شجرة جوز ، وأخذ يلقى الجوز فيه .
- وكان الجوز يسقط من فوق شجرته في الماء ، وكات صوت ( ذلك ) السقوط يبلغ مسمعه ، ويرى الحباب .
- فقال له أحد العقلاء : أقلع عن هذا الأمر أيها الفتى ، إن الجوز في حد ذاته يصيبك بالظمأ .
- فكلما كثر سقوط الثمر في الماء ، ابتعد عنك الماء وغار أكثر .
- وحتى تنزل أنت من عل بكل مشقة ، يكون ماء الجدول قد حملها بعيدا عنك .
 
750 - قال : ما إلى هذا قصدت من إلقاء الجوز ، أنظر بعمق أكبر ولا تقف عند الظاهر .
- إنما أقصد أن أسمع صوت الماء وأرى هذا الحباب على سطحه .
- وأي عمل للظمآن في هذا العالم ، إلا أن يطوف دائما بجوار ( حوض ) الماء ؟ ! !
 
« 105 »
 
- ( والطواف ) حول النهر وحول الماء وخرير الماء ، كالحاج الطائف حول كعبة الصواب .
- وكذلك مقصودى من هذا المثنوى ، هو أنت يا ضياء الحق ويا حسام الدين .
 
755 - فالمثنوى بأصوله وفروعه كله لك ، وقد جعلته ( أنت ) كله مقبولا .
- إن الملوك يقبلون الحسن والقبيح ، وعندما يقبلون ، فالغالب ألا يكون رد .
- وما دمت قد زرعت غرسا فاروه ، وما دمت قد سمحت له بالسموق ، ففك ما فيه من عقد .
- إن هدفى من ألفاظة هو سرك ، وهدفى من إنشائه هو صوتك .
- إن صوتك عندي هو صوت الله ، وحاشا أن يكون العاشق منفصلا عن المعشوق .
 
760 - وهناك اتصال بلا كيفية أو قباس ، لرب الناس مع أرواح الناس .
- لكني قلت الناس ، لا النسناس ، والناس ليسوا سوى الروح العارفة بروح الروح .
- الناس هم البشر وأين البشر ، إنك لم تر رؤوس البشر ، فأنت ذيل .
- لقد قرأت « ما رميت إذ رميت » ، لكنك جسد ، فبقيت في تحلل وتجزؤ « 1 » .
- فاترك ملك جسدك أيها الغبي ، مثلما فعلت بلقيس من أجل سليمان النبي .
..............................................................
( 1 ) عند يوسف بني أحمد ( 4 / 106 ) بقيت في التحري ( بدلا من التجزي ) أي بقيت تسأل وهذا في رأيي أقرب إلي المعني
« 106 »
 
 
765 - أنني أستعيذ بالله ، ليس من قولي ، بل من وساوس ذلك الذي يعبد الظن .
- إنه يستريب في قولي ، وفي قلبه ما فيه من الوساوس وانكارات الظن .
- أنني أقول « لا حول ولا قوة إلا بالله » أي لا حيلة ، ما دام هناك في قلبك حديث ضدى جدير بالقول .
- وما دام حلقك قد غص بقولي ، فها أنا قد صمت ، فهات ما عندك .
- كان أحدهم من نافخى الناى ينفخ في نايه سعيداً ، فخرج من مقعده ريح على حين غرة .
 
770 - فوضع الناى على مؤخرته قائلا : إذا كنت تستطيعين النفخ أفضل منى فانفخى .
- أيها المسلم ، إن الأدب في الطلب ، ليس إلا التحمل من كل من لا أدب عنده .
- فكل من تراه يشكو قائلا : إن فلانا سئ الطبع وسئ الجبلة .
- فأعلم أن ذلك الشاكى سئ الطبع ، ذلك أنه أساء القول في سئ الطبع ذاك .
- ذلك أن حسن الطبع ذلك الذي يكون في استسلام متحملا لسئ الطبع والجبلة .
 
775 - لكن الشكوى ( الصادرة ) من الشيخ هي بأمر الله ، ليس من الغضب أو المراء والهوى .
- ليست شكوى بل هي إصلاح للروح ، إنها مثل الشكوى التي تصدر عن الأنبياء .
- وعدم احتمال الأنبياء أعلم أنه بأمر الله ، وإلا فإن أحلامهم حمالة للسوء .
 
« 107 »

- لقد قتلوا طبعهم ( كبشر ) في تحملهم للسوء ، فإن كان هناك ثمة عدم تحمل فهو بأمر الله .
- فيا سليمان كن حكما بالحق بين البزاة وطيور الزاغ ، وأئتلف مع كافة الطيور .
 
780 - ويا من المئات « 1 » مثل بلقيس ضعيفات أمام حلمك ، عندما قال : اللهم إهد قومي فإنهم لا يعلمون .
 
.

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: شرح الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا   الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:51 pm

شرح الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ ) 

الحكماء يقولن أن الإنسان هو العالم الأصغر على مدونة عبدالله المسافر بالله

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر المثنوي المعنوي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

في شرح بيان أن الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر ويقول الحكماء الإلهيون : إن الإنسان هو العالم الأكبر ذلك لأن علم الحكماء كان مقصوراً على صورة الإنسان وعلم هؤلاء

( 521 - 530 ) : الإنسان هو العالم الأصغر والكون أو العالم هو الإنسان الأكبر . . هكذا تعارف الحكماء على أساس أن الإنسان بخلقه هو مثال لهذا العالم والكون بكل كواكبه وأفلاكه ومظاهر الطبيعة فيه ( انظر جامع الحكمتين لناصر خسرو ، الترجمة العربية للمترجم 377 - 382 )
وينسبون إلى الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه تعبيره عن هذه الفكرة شعرا :
دواؤك منك وما تشعر * وداؤك فيك وما تبصر
وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر
وتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر
 
« 406 »
 
وينسب إليه أيضا رضي الله عنه :
والصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه وهي الكتاب الذي كتبه بيده وهي الهيكل الذي بناه بحكمته وهي مجموع صور العالمين وهو المحضرة من اللوح المحفوظ وهي الشاهدة على كل غائب ، وهي الحجة على كل جاحد وهي الطريق المستقيم إلى كل خير وهي الجسر الممدود إلى الجنة والنار ( سبزوارى 4 / 274 )
لكن الفكرة عند مولانا جلال الدين شأنه في هذا شأن الصوفية من قبله ومن بعده تتخذ أبعادا أخرى فإذا كان جسد الإنسان هو العالم الأصغر ، فإن روحه أو باطنه أو قلبه الملىء بالنور هو العالم الأكبر ، وكل ما في الكون إلى جواره صغير ،
بل هو المقصود من الخلق والخليقة كما تكون الثمرة هي المقصودة من الشجرة وهي أصل الشجرة هي الآخرة السابقة ( لنظر تفسير نحن الآخرون السابقون في شروح الكتاب الثالث في شرح البيت 1128 )
ولا يكتفى مولانا بهذا القدر بل يشير إلى تطبيق نفس الفكرة على الرسالة المحمدية وعلى شخصية محمد - صلى الله عليه وسلم - فهو آخر الأنبياء بعثا لكنه أولهم خلقا ، وكان نبينا وآدم بين الماء والطين « وآدم ومن دونه تحت لوائي يوم القيامة »
والأب مولود منه بالمعنى وإن هو ولد منه بالصورة :وإني وإن كنت ابن آدم صورة * فلى فيه معنى شاهد بأبوتىهذا هو أول الفكر آخر العمل ،
والعلة الغائية في العالم فاعل مقدم وفي العين مؤخرة للفعل ، إذن فأول الفكر آخر العمل ،
( انظر أيضا حديقة سنائى المقدمة ) خاصة إذا كان المقصود تلك الفكرة العظيمة أي وجود خاتم الأنبياء والمرسلين « لولاك ما خلقت الأفلاك » .
 
« 407 »
 
( 531 - 537 ) : وهكذا يدوم الفيض الإلهى وتظل الصلة بين العالمين موجودة على الدوام وظاهرة في كل مظاهر الكون ، ويكفى دليلا على وجودها تلك القوافل التي تمضى وتذهب من المواليد والموتى ، وربما يقصد مولانا جلال الدين أن أرواح الأنبياء وكل أرواح البشر هي في حالة تجوال دائم من الأرض إلى السماء . . ألا يمكن في لحظة ما أن ينفصل الإنسان عن كل ما يحيط به بحيث يكون جسده فحسب هو الموجود بينما روحه هائمة في ملكوت آخر ( جعفري 9 / 488 )
وفي الكتاب الأول :
ففي كل لحظة يا رب قافلة وراءها قافلة تسير من العدم إلى الوجود أو ليست جملة الأفكار والعقول - خاصة - تصير كل ليلة غرقى في سحر عميق ؟
 
أو ليست كل الملكات الإلهية ترفع كالأسماك رؤوسها في وقت الصباح ؟ !
وفي الخريف تذهب آلاف الأغصان والأوراق إلى بحار الموت وثانية يجئ الأمر من سيد الأرض فيقول للعدم رد ما أكلت ( 1 / - 1889 - 1894 ) ، قد تكون السماء هنا هي السماء المعنوية ولعل هنا في قول نكلسون نقله استعلامى 4 / 211 إشارة إلى قول ابن الفارض :
أسافر عن علم اليقين لعينه * إلى حقه حيث الحقيقة رحلتي
العلم المعنوي هو علم الله الحاكم والمحيط بجميع الأشياء ، فكما أن السماء الصورية مواليدها صور الأجسام تذهب وترجع كل آن بواسطة الكواكب وقطرات الأمطار فتوجد منها المواليد وتحيى بطريق تجديد الأمثال فإن وجود أفراد العالم في كل زمان تارة معدوم وفان وتارة حي وموجود ورؤيته على الدوام موجود من سرعة فيض الله ودوام إفاضته ( مولوى 4 / 76 ) ،
وليس الطريق بالطويل ، بل إن معجزة الخلق واستمرارية الخليقة تتم في هدوء وسكينة وبسرعة ، وانظر إلى السالك القوى الجلد ، إنه يجتاز كثيرا من
 
« 408 »
 
العوالم في نفس واحد ، ألا يعرج القلب ويحج إلى الكعبة في لحظة واحدة ؟ ! ! يستطيع القلب إن اتخذ صفة القلب ( نجا من الكدر وسكنه النور الإلهى ) أن يقوم بنفس الأمر ( طي المسافات عند الصوفي ) . 
( انظر سيرة ابن خفيف ص 153 وما بعدها - الترجمة العربية للمترجم - لجنة نشر الثقافة الإسلامية - القاهرة 1977 م ) ، فلا مسافات هناك أمام القلب ، إنما توصف الأجساد بالطول والقصر ، أما بالنسبة لله الواحد القهار فهلا قرب ولا بعد ولا طول ولا قصر في المسافات ، وعندما يشاء الله سبحانه وتعالى يبدل الجسم ( انظر فكرة التبديل في الكتاب الثالث شرح 4001 وما بعده ) فإن ذهابه يكون بلا مسافات . .
 
والمعراج خير دليل على ذلك وهذا في حد ذاته أيها الفتى يبعث في نفسك كثيرا من الآمال فخل الكلام واهتم بالعمل والرياضة الصوفية ، وسلوك طريق الله وتنقية القلب وجعله محلا للأنوار ، وإن فعلت فإنما مثلك يكون كمثل النائم في سفينة تقطع به الطريق وهو في حماية الربان ( النبي بالنسبة للأمة والمرشد بالنسبة للطريق ) تمضى بك السفينة هونا ، وأنت امن من أمواج البحر ( مصائب الحياة ووعورة الطريق ) .
 
( 538 - 551 ) : ولست أنا الذي أقول هذا بل يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل أمتي كسفينة نوح . . إلى آخره والخلاف هنا : هل قال الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل أمتي أو قال مثل أهل بيتي ويميل الشيعة بالطبع إلى الرواية مثل أهل بيتي وقد اعترف بصحتها الإمام الشافعي نفسه في أبيات :
ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم * مذاهبهم في أبحر الغى والجهل
ركبت على اسم الله في سفن النجا * وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم * كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل
( جعفري 9 / 494 )
 
« 409 »
 
أي كن من الأمة وإن لم تلحق بالنبي فأمامك الولي الشيخ المرشد فهو كالنبي في أمته وهو نبي وقته ( وانظر هنا شروح الأبيات 1774 - 1775 من الكتاب الثالث والأبيات 2283 - 2384 من الكتاب الثاني ) .
فاستمسك به ، وحذار من اعتمادك على حولك وقوتك وطولك واحتيالك ، استسلم لقيادة الشيخ الذي عونه جنده ، وجنود الأولياء من أنفاس الرحمن ولا تقس الشيخ بلطفه وبقهره ، فإن عاملك باللطف أو عاملك بالقهر فإن النتيجة واحدة ، وإنما هو يريد خيرك وأدرى بالوسيلة التي تليق بك . . .
إنه يجعل جسدك هذا التراب ينبت السوسن والريحان مما يراه الشيخ ولا يراه غيره ، فإياك وإنكار الشيخ حتى نجد الريحان في روضته ( الأسرار من عالمه )
وحتى تشم رائحة الخلد من الشيخ مثلما شمها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من قبل اليمن ( إني لأشم رائحة الرحمن قبل اليمن ) كناية عن ظهور أويس القرني رضي الله عنه .
 
( 552 - 562 ) : مثلما كان للرسول - صلى الله عليه وسلم - معراج وكان للأولياء أيضا معارج فإن لكل سالك في هذا الطريق بعون من المرشد معراجا ، والمرشد هو الذي يهيىء البراق ، والغاية هنا هي الوسيلة إذا كنت تريد الفناء أو العدم فإنما سيكون الفناء براقك الذي يجذبك ، إياك أن تفكر في المسافات وفي الأجسام وفي المراحل وفي الأرض وفي السماء ، فليس السفر هنا كسفر البحار من الأرض إلى السماء ، ولا المعراج من الأرض حتى القمر . . ؟ ! !
 
ولكنه كمعراج الجنين يتطور إلى مرحلة العقل والنهى ، أو كمعراج البوص يتحول إلى قصب سكر ، هذا معراج براقه الفقر والسلوك ، يكون أعلى من البحار والأقمار والكواكب يجوب هذه العوالم فلا يكاد يمسها بحافر ، فهيا عليك بتلك السفينة التي هي إرشاد الشيخ امض إليها خببا كأنك ماض إلى لقاء
 
« 410 »
 
معشوق ، أو كأنك روح من الأرواح تأتى من جانب العدم فلا يد لها ولا قدم ، عودتك إلى عالم الروح هي المقابل لمجىء الأرواح من عالم العدم إن كل ما أقوله هنا إنما أقوله على سبيل القياس ، وكان في إمكانى أن أترك هذا القياس وأتحدث صراحة لو لم يكن السامع غير متصف بالحيطة الكاملة ، إنما يريد الكلام الصريح المباشر مستمعا وها هو يدعو نفسه بضمير الغائب تواضعا فيدعو الغوث الأعظم وهو بمنزلة الفلك أن يمطر جواهر العطاء الروحي عليه ، فإنه إن فعل فسوف ترد عليه عطاياه فيضا ربانيا من عطاء الشيخ من حيث تتضاعف عطاياه وشفته صامته فكأن عطاء الشيخ للفلك يكون فوق عطاء الفلك للشيخ .
 
( 563 - 572 ) : قصة إرسال بلقيس ملكة سبأ هدية إلى سليمان . .
والحديث هنا موضعه تبادل الهدايا بين الشيخ والملك ( سليمان وبلقيس ) وكيف أن ما يمنحه الشيخ خير وأبقى ، لقد أرسلت بلقيس إلى سليمان عليه السلام هدايا الذهب والرواية واردة في قصص الأنبياء للثعالبي ص 266 لكن الصحراء السليمانية كانت مفروشة بالذهب النضار . .
وقبل أن تصل القافلة إلى سليمان أحست بعدم قيمة الهدية . فهيا . . انظر أية هدية تحملها من عندك إلى الحضرة الإلهية ؟ !
هدية من العقل ؟ !
وما قيمة عقلك الجزئي هذا إلى جوار العقل الكلى الذي يسيطر على العالم ؟ !
لكن هل كانت القافلة التي تحمل هذه الهدية تستطيع أن تعود ؟ ! لا ؟ ! بل لابد وأن تنفذ الأمر .
 
( 573 - 584 ) : ها هو سليمان عليه السلام يسخر من هذه الهدية التي يحملونها إليه ويسميها مجرد ثريد . . إنه لم يطلب هدية من بلقيس لكنه طلب منها أن تكون لائقة بالهدية التي يقدمها لها ، وكيف تقدم الهدية لمن أفاض عليه الغيب بالهدايا النادرة التي لم تتوفر لإنسان من قبله أو من بعده ؟ !
ألأنكم تسجدون للشمس التي تصنع هذا الذهب ترون أنه أفضل ما يقدم لإنسان ؟ ؟
 
« 411 »
 
اسجدوا للذي خلق الشمس إذن وأي سجود للشمس تقومون به ؟ ! إن الشمس مجرد منضج لطعامنا . . ليس أكثر . . فكيف تجعلون منها آلهة ؟ ! وماذا تصنع إذا أصاب هذه الشمس الكسوف ؟ !
ألست تتضرع إلى الله تعالى أن يعيد إليها ضياءها . . وإذا أرادوا قتلك في منتصف الليل ، فأين هذه الشمس لكي تشكو إليها في حادثات الليل ؟ ! ! . .
إنك إن سجدت لله صرت مسموحا له بالأسرار مثلنا . . وإذا بلغت هذه الدرجة لتحدثت معك بحيث خرجت تاما من آثار الطبيعية . .
ولا ستطعت أن تسيطر على الشمس نفسها وأن تستحضرها في منتصف الليل ، بل تستحضر شمس وجوده ، شمس الحقيقة . . أنوار التجليات وتشاهد الجمال الإلهى .
 
( 585 - 597 ) : تسألني عن شمس الحقيقة . . ماذا أقصد بها ؟ ! إنها تلك التي تشرق في الأرواح الطاهرة ليل نهار ، تلك الأرواح التي تبدلت فلا يحجب هذه الشمس أمامها حاجب . . فهي نور دائم في نهار دائم ليلها كنهارها . . هي المحجة البيضاء . .
إن شمس الفلك بالنسبة لشمس المعاني كأنها الذرة لا قيمة لها ولا خطر منها أمام تلك العين التي نورت بالنور الإلهى وذلك النور الإلهى فعله كفعل الكيمياء إن ضعت على دخان جعلت منه كوكبا . . فكيف إذا وقع هذا الأكسيد النادر على ظلام . . ويستمر مولانا في تعبيراته الفنية . .
إن هذا الفنان يعجب بعمل واحد جعل خواص كوكب زحل كالشعلة الدائرة في الكوكب فيه خواص السماء السابعة وخواص الأرض . .
وهكذا فاعتبر كل كواكب الروح وجواهرها . . افتح عين الروح تستطيع أن تتمثل كل هذه الكواكب والأفلاك داخل وجودك وداخل نفسك . .
وتحتوى على عالم كامل داخلك وانظر إلى عين الحس . . إنها لا تستطيع أن تحدق في هذه الشمس الأرضية فهي قطر ناري . .
لكن انظر بنورى أي بنور الله تختلف تماما عنه .
 
« 412 »
 
( 598 - 612 ) : تريد مثالا إذن عن ذلك الذي قبل النور والذي كان وجوده مشرقا للأنوار الإلهية ولم يكن نوره يغيب ليل نهار فإليك الشيخ أبو عبد الله المغربي الذي كان يمشى معه أصحابه بالليل ووراءه فكان إذا حاد أحدهم عن الطريق يقول يمينك يا فلان يسارك يا فلان ، وقد ورد في نفحات الأنس لعبد الرحمن الجامي وهو متأخر عن مولانا جلال الدين أن شيخ الإسلام ( وهو الأنصاري ) روى أنه لم ير ظلمه قط وما كان يبدو للخلق ظلاما كان له نورا . . وعندما كان يتحدث فوق جبل سيناء كان الحجر يتفتت ويتساقط إلى الوادي ( نفحات الأنس ص 90 )
وقال القشيري إنه مات سنة 299 عن مائة وعشرين سنة ( الرسالة / 38 ) علق فروزانفر على البيت 606 :
وجعل المغرب كالمشرق مشعا بالنور ( مأخذ / 133 ) .
 
ولقد جعله الله غارقا في الأنوار ، إنه الذي تنطبق عليه الآية الكريمةيَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا( التحريم : 8 ) . .
اطلب من الله تعالى هذا النور حتى في الدنيا ، . . فإنه يهب هذا النور للسحاب وللظلمة وهو نور الروح الذي لا تبقى بعده ظلمة ، حتى وإن كف البصر ، فالحديث عن النور الباطني لا النور الخارجي ، بهذا النور الذي يهبك الإله إياه تستطيع أن تمضى في أمان بين عقارب الناس وأفاعيهم .
 
( 614 - 624 ) : عودة إلى قصة سليمان عليه السلام وهدية بلقيس ، ها هو يطلب من الرسل أن يعودوا بذهبهم وأن يأتوه بقلوبهم ، يقول لهم : ضعوا ذهبي على ذهبكم . . فإن كانت له قيمة لما تزينت به مؤخرات البغال ( التعبير من سنائى ديوان ص 148 )
فهي لائقة بهذا الذهب ، لكن صفرة وجه العاشق تفضل صفرة الذهب ، فهي من عشقه الله تعالى . ومن نظرة الله تعالى له ، لكن صورة الذهب من تأثير الشمس وشتان بين من هو موضع نظر الله تعالى وبين
 
« 413 »
 
ما هو موضع نظر الشمس . . وإياكم وغضبى وأخذى . . وعليكم بالإيمان بالله تعالى وإن كنت أسارى لي . . وأنتم بصيرون . .
ما أشبهكم بطائر يفتح جناحيه يرفرف بهما على سطح منزل لكن بصره مثبت على الفخ وعلى الحب فهو مأخوذ مأخوذ حتى ولو لم يؤخذ بعد . هذا هو القيد الداخلي ، الوسوسة ، الوهم ، العكوف على التفكير ، في أمر يعنى مراقبة الظاهر دون مراقبة الباطن يقال إن فلانا ( سقط فجأة ) لا يسقط أحد فجأة . . هذه هي الأمور التي تحرم الإنسان الحرية الحقيقية ( جعفري 9 / 511 )
إنه سوف يسقط في الحمى ما دام يحوم حوله . . ها هو الطائر ينظر إلى الحب . . والحب في نفس الوقت ينظر إليه . . وأنت مأخوذ بالدنيا . . والدنيا سوف تأخذك ، إنك أدَمْتَ إليها النظر . .
 
وهي تأخذ منك أيضا الصبر والقرار وما دام هذا النظر يجذبك إلىَّ . . فأنا أيضا أحس بانجذابك إلىَّ وأسحبك خلفي .
 
( 625 - 652 ) : وما أشبه هذا الذي يحس أنه مأخوذ بالدنيا ميال إليها يجعلها كل همه ومبلغ علمه بذلك الذي ذهب يشترى سكرا لكنه عاشق للطين فأخذ يسرق من صنج الميزان وهي من حجر الطفل ( مأخوذة من حديقة سنائى أنظر الترجمة العربية الأبيات 6086 - 6100 ) إن الذي يسرق الطين ليأكله لا يدرى أنه بهذا ينقص من نصيبه من الكسب وهكذا أهل الدنيا جميعا ، يستغرقون فيها ، وهم يظنون أنهم يكسبونها .
 
( 653 - 677 ) : عودة إلى قصة سيدنا سليمان مع رسل بلقيس إنه يحدثهم عن الملك الإلهى ، والملك الدنيوي ، وما الملك الدنيوي بجوار الملك الإلهى إلا جبيرة ساق ، والممالك الإلهية أدنى درجاتها تفضل هذا الملك الدنيوي ، وذلك الذي لا يستطيع أن يسيطر على شبابه ، أن يمنع نفسه العجز والهرم والشيب كيف يسمى نفسه ملكا ؟ !
إن ملك الملوك يمنحك في مقابل العبودية ملكا عظيما
 
 
« 414 »
 
إن أحسست به مثقال ذرة لتركت الملك الصوري كما فعل إبراهيم ابن أدهم ، وملوك الدنيا هؤلاء من دناءتهم وخستهم لا يحسون بهذا الملك العظيم الذي يحس به من سجد للإله سجدة طاعة واحدة من القلب . . .
لكن الله تعالى زين في قلوبهم عروشهم وتيجانهم من أجل عمارة الدنيا . . وهم وإن فخروا بأنهم يجمعون من الناس الخراج . . إلا أنهم يتركون هذا الخراج ميراثا عنهم فدعك من هذا الذهب . .
ودعك من هذا الملك . . وأطلب من الله بصيرة سليمة تستطيع أن تدرك أن هذه الدنيا مجرد بئر متعلق بحبل الله فيوسف تعلق به فخرج به من البئر فكان أول ماصك مسمعه . . يا بشرى »
وفي ديوان شمس :
يا من أنت في روح يوسف * لماذ تبقى في البئر تمسك بحبل القرآن * فاصعد من بئر الظلمات وحتى إنهم يخسرون كل شئ حتى أنفسهم ، كم من ظامىء منهوم إلى مال أو حياة أو منصب يستغرقه هذا النهم ويفسد عليه دنياه وأخراه معا كآهل الطين تماما ، ويقدم مولانا مثالا آخر للطائر والحب ، من المشترى والعطار ،
فالمشترى يظن أنه بأكله للطين من صنج العطار إنما يغبن العطار ، والعطار يلاحظه ويراه ويتغافل عنه أملا في أن يأكل أكبر قدر من الطين فإن هذا سوف ينقص بالتأكيد نصيبه من السكر . . تماما كالطائر والحبة . . الطائر ينظر على البعد ، والحبة تقطع الطريق إليه . . الصياد يطلب الفريسة ، والفريسة نفسها تطلب الصياد . .
وهكذا تصاد الطيور حتى الطيور الضخمة تصاد من سهام النظر ، ومن هنا حذر الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال : إن النظرة سهم من سهام الشيطان ، وفكرة أكل الشواء من الجنب تبدو من أفكار سنائى وعن
 
« 415 »
 
الإمام الصادق - رضى اللَّه عنه - « ما اعتصم أحد بمثل ما اعتصم بغض البصر فإن البصر لا يغض عن محارم الله إلا وقد سبق إلى كلية مشاهدة العصمة والجلال ( جعفري 9 / 515 ) .
فالشهوة تجعل الناس أسارى للدنيا وهم يظنون أنهم أمراؤها ، يظنون أنهم ملوك وهم مملوكون ، سادة وهم عبيد ، وما السيد إلا من خلص روحه من إسار هذه الدنيا ، إن العارفين بالله هم الكيمياء التي تحول المعادن الرخيصة إلى ذهب فكيف يمكن أن يكون للذهب قيمة في عيونهم ؟ ! !
 
( 678 - 688 ) : إن لم تكن تصدق أن أولياء الله قادرون بنظراتهم على تحويل كل شئ ينظرون إليه إلى ذهب فإليك هذه القصة عن هذا الدرويش الذي طلب من الأولياء العظام رزقا بلا تعب . . .
فدلوه على غاية في جبل وجعلوا فواكهها البرية حلوة في فمه . . ومن هذه الفاكهة الحلوة جرى لسانه بالحكمة بحيث أصبحت أقواله فتنة للخلق أجمعين وكان الدرويش يخاف شبهة الرياء ، فأدرك ما في إقبال الخلق من فتنة تقف أمام سيره الصوفي ، فدعا الله أن يسلبها عنه ، فاسستجاب لدعائه . .
أعقبه سعادة في قلبه . .
هي سعادة الإخلاص والبعد عن الرياء تلك السعادة التي لا يحسها إلا ذلك الذي جعل علاقته مع محبوبه بحيث لا يطلع عليها بشر ولا يدركها ( غيره ) ، لقد بلغ درجة من السرور الباطني بحيث أصبح يظن أنه إن لم يكن في الجنة سوى هذا السرور جزاء للمؤمنين لكفاهم هذا . . . إلى هنا . .
الحكاية تعتبر مقدمة للحكاية الحقيقية التي يريد أن يضربها كمثال على قرة أولياء الله على تحويل كل شئ إلى ذهب مما يجعل الذهب غير ذي قيمة في أنظارهم .
 
« 416 »
 
( 689 - 710 ) : يقدم مولانا جلال الدين الجزء الثاني من الحكاية وهو مأخوذ من كشف المحجوب للهجويرى ( ص 297 - 298 مآخذ 134 - الترجمة العربية لكشف المحجوب ص 279 ) كان الدرويش يملك حبتي ذهب من أيام حاجة خاط عليهما جبته رأى حطابا فقيرا فحدثته نفسه أن يهبه حبتي الذهب ما دام قد فرغ من أمر الرزق ، عليه يفرغ هو الآخر من أمر رزقه عدة أيام ، لقد ظن الدرويش نفسه مقسما للأرزاق فلا بد وأن يأتيه الدرس الإلهى . . لقد كان الحطاب الفقير من رجال الله المطلعين على الأسرار السماعين لله وبنور الله . .
لقد أخذ يهمس :
أهذا يليق بالملوك ؟ ! كيف تفكر في أن تتصدق على ملك ؟ لقد كان يتحدث بلا لسان وكان حديثه ينطلق مباشرة إلى قلب الدرويش . . وها هو يبدي المعجزة . .
 
فإذا بهيبة شديدة تمطر عليه . . هيبة حولت كومة الحطب بدعائه إلى ذهب ثم أعادها ببركاته خوف الشهرة والفتنة إلى حطب مرة ثانية وحملها وانصرف إلى المدينة . . دون أن يجرؤ الدرويش أن يسأله الصحبة ، وقد خاطب ابن سينا منكري الكرامات بقوله « ولعلك قد يبلغك من العارفين أخبار تكاد تأتى بقلب العادة فتبادر إلى التكذيب مثلما يقال : إن عارفا استسقى للناس فسقوا أو استشفى لهم فشفوا أو دعا عليهم فخسف بهم وزلزلوا أو هلكوا بوجه آخر ، ودعا لهم فصرف عنه الوباء والموتان والسيل والطوفان ، أو خشع لبعضهم سبع ، أو لم ينفر عنه طائر أو مثل ذلك مما لا تؤخذ في طريق الممتنع الصريح فتوقف ولا تعجل فإن لأمثال هذه الأشياء أسبابا في أسرار الطبيعة
ثم يقول : « إياك أن يكون تكيسك وتبرؤك عن العامة هو أن تنبرى منكرا لكل شئ فذلك طيش وعجز وليس الخرق في تكذيبك ما لم يستبن لك بعد طلبه دون الخرق في تصديقك ما لم تقم بين يديك بينة بل عليك الاعتصام بحبل التوقف وإن أزعجك استنكار ما يقرع سمعك ما لم تتبرهن استحالته لك ، فالصواب أن
 
« 417 »
 
تطرح أمثال وتمده إلى بقعه الإمكان ما لم يذرك عنه قائم البرهان ، واعلم أن في الطبيعة عجائب وللقوى العالية الفعالة والقوى السافلة المنفعلة اجتماعات على غرائب ( عن جعفري - 9 / 533 - 534 )
وقد فسر مولانا جلال الدين في الكتاب الخامس كيف يعرف المرشد ما في ضمير السالكين :
- لقد كنست المنزل في الخير والشر فصار منزلا ممتلئا من عشق الأحد - وكل ما أراه غير الله ليس ملكي بل انعكاس صورة ذلك الشحاذ .
- فلو ظهر في الماء انعكس نخلة أو عرجون . . . فليس منه بل من النخل :
- وإن رأيت في قاع الماء صورة ما تكون انعكاسا لشئ في الخارج أيها الفتى - ولكن بشرط تنقية لماء من القذى فالتنقية شرط في نهر البدن - حتى لا يبقى فيه كدر أو غثاء حتى تصبح أمينا في عكس الوجوه - فأين في بدنك سوى الماء والطين أيها المقل صف الماء من الطين يا خصم القلب - وأنت مقيم في كل لحظة من النوم والأكل في طمس هذا النهر بالتراب أكثر ( الكتاب الخامس أبيات 2804 - 2811 ) .
 
( 711 - 716 ) : مثل هذا الرجل هم الملوك الحقيقيون ، هيبتهم هيبة
 
« 418 »
 
 حقيقية ، وعظمتهم عظمة حقيقية ، ليس المهم أن تملك ، بل المهم أن يكون في إمكانك أن تملك وأن تزهد في الملك ، كثيرهم أولئك البلهاء الذين يلتقون بهؤلاء الملوك دون أن يغتنموا الفرصة ، إنهم يستكثرون عطاءهم ، مثل ذلك المتسول الذي أعطوه كثيرا من لحم الأضحية فاعتقد أن الأضحية بقرة ، دون أن يعرف أنه هكذا يكون عطاء الملوك .
 
( 717 - 725 ) : إن مزاولة سليمان للملوكية هي في هذا القبيل ، إنه ملك في المجاز والحقيقة ، ومن ثم فعطاؤه هو عطاء الملوك الحقيقيين إنه يدعو بلقيس وكل من عندها أن يغترفوا من بحر الجود ، إنه يدعوهم إلى عطاء الجنة . .
يدعوها لتطلب ويدعو من لا يطلب لكي يضم طلبه إلى طلبها . . هكذا فأساس العطاء الطلب . . ادعوني استجيب لكم . . . لا تستكبر عن الدعاء ( الطلب ) لكي يكون الفتوح .
 
( 726 - 730 ) : ليست بلقيس ببدع في الملوك الذين تركوا الملك الصوري من أجل الملك الحقيقي . . فكثيرون هم الذين أشرقت عليهم هذه اللحظة فبدلتهم تماما ودلتهم على الطريق . . وكما يكون في الأنبياء . .
يكون في الأولياء وها هو إبراهيم بن أدهم مثال حي على أولئك الذين تركوا العرش المجازى في سبيل العرش الحقيقي ليس هذا فحسب فقد يجلس أحدهم ينظر خلفه عبر رحلة عمره ،
فيرى أنه قد أفنى هذا العمر في سبيل أن يكسب الدنيا ، وها هو في سبيله إلى الخروج منها كما دخلها عاريا ، فلا هو اكتسبها ولا هو اكتسب نفسه ، عشرات النماذج تقدمها سير الصوفية في هذا المجال بحيث لا يكاد يوجد صوفي واحد لم يخبر الدنيا قبل أن يسلك طريق الآخرة ، بل عاش معظمهم في حضيضها ،
فقد كان منهم قاطع الطريق والغانية والغارق في الفجور حتى أذنيه ، درس تقدمه سير الصوفية ، إن جوهر الإنسان يظل غاليا مهما تمرغ في الطين ، ويستطيع
 
« 419 »
 
بعد هذا التدهور ، ونسيان الأصل أن ينطلق من هذا الطين فإذا بالنفخة الإلهية ترفعه إلى آفاق لم تصل إليها الملائكة . . وإبراهيم بن أدهم مثال حي ، كان على كرسي الإمارة . . أي أن الدنيا كانت ملك يمينه والسبب هداية إلهية تأتى عبر حكاية غير متصورة ، وحادثة غير عقلانية فما الذي يوصل أولئك الذين يبحثون عن الجمل إلى سطوح دار الإمارة ؟ ! ! وهل يبحث الإنسان عن بعير ضال فوق سطوح دار الإمارة ؟ ! نعم . . إنه تماما كمن يبحث عن الحقيقة الإلهية وهه وفوق كرسي الإمارة ( انظر تذكرة الأولياء للعطار ج 1 ص 88 ) ويعلق شمس الدين التبريزي : هذا ما كان فحسب ومضى والقلوب في أثره ! ! ( مقالات ص 27 ) .
 
( 730 - 744 ) : كما لا يأتي الأمن من الحرس ، بل يتأتى من العدل ، فإن طرب ابن آدم لم يكن يتأتى من أصوات الصنج والرباب ومن ذوات الأوتار ، بل لأن هذا الطرب هو شوق إلى الخطاب الإلهى « فقد كانت هذه الأصوات موجودة في الجنة يستمع إليها آدم ونحن من أبنائه فيؤثر فينا إذن هذه الأَصوات وذلك الشوق الكامن في كل منا إلى الجنة أو إلى الخطاب الإلهى ألست بربكم » . .
 
ثم انظر إلى جلال الدين وهو يشبه صوت المزمار بالأنين وقرع الطبول بالتهديد ( لا يزال الموسيقويون الكبار بعبرون بالآلات الإيقاعية ومن أهمها الطبول عن ضربات القدر أو هزيم الرعد أو البعث . . ومثلها مثلا السيمفونية السابعة لبيتهوفن المسماة بالإيقاعية ) ويرى مولانا جلال الدين : أن هذا الحزن والتهديد لأنها صورة من الناقور الكلى « إشارة إلى الآية الكريمة »فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ» ( المدثر : 28 )
 
والفكرة كلها كما ذكر نيكلسون مأخوذة من آراء فيثاغورث ومنه اتخذت سبيلها إلى أعمال فلاسفة الإسلام في رسائل إخوان الصفا ، ويواصل مولانا جلال الدين : من هنا قال الحكماء ( والمقصود فيثاغورث ) أنهم أخذوا ألحانهم من مقامات وسبعة أصوات وأربعة وعشرين شعبة وثمانية وأربعين تركيب ، فالمقامات مقابلة للأبراج والأصوات
 
« 420 »
 
للكواكب السيارة والشعبة للساعات والتراكيب لجمعات السنة ( مولوى 4 / 103 انقروى 4 / 147 ) والخلق يحاكون هذه الحركات سواء بالموسيقى أو بالغناء ، هذا ما يقوله الحكماء ، أما ما يقوله المؤمنون فهو أن هذه الألحان هي آثار أصوات أشجار الجنة وأنهار وجدرانها فهي التي تجعل كل قبيح لطيفا حسنا مقبولا . .
 
ونحن جميعاً من آدم سمعنا كل هذه الأصوات في الجنة ولا زلنا نشتاق إليها . .
نشتاق إلى خطاب اللطف الإلهى «أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ» والشوق إلى الخطاب هو الشوق إلى يوم ألست يوم أقرت النطف في الأصلاب بالربوبية كما فسرها مولانا نفسه ( أتدري ما هو السماع ، إنه الاستماع إلى قوله بلى . . . وهو الانقطاع عن النفس والاتصال به ( استعلامى 4 / 229 ) .
 
لكن شتان بين هذه الألحان في أصولها الطاهرة وبين صورتها الإنسانية تمتزج الروح الطاهرة بالجسد النجس وتختلط على هذه الموسيقى برغائبنا وشهواتنا - وفي كليات شمس التبريزي يقول مولانا في إحدى الغزليات : إن علم الموسيقى هذا علم كأنه شهادة ، ولما كنت مؤمنا فإنني أتوق إلى الإيمان والشهادة ( غزل 457 ص 210 ) –
 
كما يختلط الماء العذب بالبول فيفقد عذوبته وطهر يختلط طهر الموسيقى بدنس الجسد ، لكن الماء مهما صار نجسا فإنه يستطيع أيضا أن يطفى نيران الهموم ، فكذلك الموسيقى والمعشوق الأوحد لا يمكن أن تطفى ناره هذه الموسيقى لكن السماع هو مدار العاشقين ، إذ أن « خيال » أو « ظن » اللقاء بالمحبوب يمكن في هذا السماع ، إنه مجرد شاهد للرغبة أيا كانت هذه الرغبة فإذا كانت رغبة في الدنيا اشتدت وإذا كانت رغبة في الآخرة اشتدت ، فالموسيقى والسماع إذن في رأى مولانا جلال الدين تحرك في الإنسان ما في داخله هو « وفي تعليق آخر نقله الأفلاكى ( 1 / 431 - 432 )
« سئل مولانا لماذا تقرع الطبول وتدق النقارات أيام الأعياء قال : إن الطبل من أجل الآذان الثقيلة حتى تنتبه من غفلتها وتستعد للعيد وهذا المعنى مأخوذ من نقر
 
« 421 »
 
صور القيامة وطبل يوم العرض فهي لبعضهم عيد ولبعضهم وعيد ، والعاشق إنما يجد لذة العشق في مجرد توهمه اللقاء بالمعشوق .
« فمن على سمعي بلن منعت أن أراك فمن قبلي لغيرى لذت » تماما كقصة من كان يلقى بالجوز في الماء .
 
( 745 - 759 ) : لم يورد فروزانفر هذه الحكاية في كتابه عن مصادر قصص المثنوى ، وقد وردت رواية أخرى للحكاية في الكتاب الثاني من كتب المثنوى
 
( الأبيات 1196 - 1212 ) كان يقف على الجدار الذي يحجزه عن الماء . .
وكان يقتلع منه الطوب ويلقى في الماء فيسر بصوت سماع الماء من ناحية . .
ويسرع في إزالة الجدار من ناحية أخرى . لقد كان ذلك الرجل فوق شجرة الجوز يلقى بثمارها في الماء الذي يجرى أسفلها في عمق وها هو ذلك العاقل الذي يقيس كل الأمور بعقله ، يعذله . . ما هذا الذي يقوم به ؟ !
يفقد الجوز ويزداد ظمأ إذ أن الماء يزداد ابتعادا لكن من الذي قال : إن الظمآن مراده الماء ؟ !
إنه إذا ظمأ إلى الماء لم يكن هذا الماء في متناول يده ، فإنما يكفيه أن يرى حباب الماء أن يسمع مجرد صوت الجوز في الماء نعم إنه الخيال والتصور فالظن الذي يبنى به الإنسان عالما خاصا به ، يجد فيه العزاء عن هذا الحرمان الذي يحيط به ، وأي حرمان أقبح من أن يحرم الإنسان الجنة ؟
وما الذي يهدف إليه الظمآن في هذه الدنيا إلا أن يطوف دائما حول حوض الماء إنه يجده من صوت الماء ؟
ومن خرير الماء - تماما كالحاج الذي يود أن يطوف حول الكعبة - وهكذا أيضا وانظر إلى جلال الدين في بعض تفسيره للعمل الأدبي والفنى يكون هذا المثنوى . إنه مجرد تعبير عن المقصود ، هو أنت يا حسن حسام الدين . .
إنه أنت الذي يجعل هذا المثنوى ينطلق من فمي ، ومن خيالي ومن وجداني أقدم هذا البناء الفنى العظيم الجدير بهذا الحرمان العظيم ، وقد يتساءل سائل هل من الممكن أن يكون هذا الأمر كما يعبر عنه جلال الدين . . أيكون ديوان شمس الدين التبريزي كله من أجل شمس الدين
 
« 422 »
 
والمثنوى بكل ما فيه من أجل حسن حسام الدين ويقدم جعفري ثلاثة احتمالات لهذا الموضوع : - الاحتمال الأول : إن الحالة النفسية لمولانا جلال الدين كانت تدفعه إلى أن يركز عالمه الذاتي الداخلي على نقطة معينة . . . يجعل نقطة محسوسة كجسر من الحقائق والصور التي يقدمها . . وبين عالم الوجود .
 
الاحتمال الثاني : إنه لم يقصد بشمس الدين أو بحسن حسام الدين شخصين محدودين بهذا الاسم . . بل كل السائرين في طريق الحقيقة والذين يرون فيه مصدر نجاتهم ومرشدهم ودليلهم إلى العالم الروحي العظيم .
 
الاحتمال الثالث : أن مولانا كان يرى في حسن حسام الدين المريد القادر على مواصلة الطريق والزهرة التي تبعث فيه التغريد فإن أرواح أولياء الله جديرة بالعشق الروحي ( جعفري 9 / 562 - 563 ) وأضيف أن كثيرا من المعلمين والأساتذة يرون في طالب معين من بين طلابهم مقدرة على سماعهم وتلقى أفكارهم فيكون بمثابة الملهم والجاذب لفكرهم ولأعظم ما فيهم . . الملهم موجود في التراث الإسلامي . . لكن منذ أن ابتلينا بغزو الثقافة الغربية . .
أصبح الملهم لا بد وأن يكون ملهمة وإلا فالويل كل الويل والاتهامات بالشذوذ الجنسي ( التفصيلات أكثر حول هذا المعنى انظر الكتاب الثالث شروح أبيات المقدمة الشعرية ) إنه النبات الذي زرعت أنت بذرته . . تنمو أزهارها وتنبثق بملازمتك أنت ، إنما أحب من ألفاظه أن أسمعها منك ، فإن صوتك هذا متصل بالأنوار الإلهية تنصب علىَّ هذه الأنوار الإلهية من هذا الصوت الذي يبدو في الظاهر صوتك . . ويجعل هذا المثنوى ينبثق بالرياضة والزهور .
 
( 760 - 764 ) : نعم هناك اتصال بلا تكيف ولا قياس ولا بشكل من الأشكال المصورة لرب الناس مع الناس « فإن روح المؤمن لأشد اتصالا
 
« 423 »
 
بروح الله من اتصال شعاع الشمس بالشمس ( حديث نبوي ) كما قال - صلى الله عليه وسلم : « ذهب الناس وبقي النسناس ، والناس كإبل مائة لا تجد منها راحلة وكما عبر نظامى عن هذا المعنى : إن من تراهم ليسوا كلهم بالبشر ، أغلبهم ثيران وحمر بلا ذيول لقد سلبت المعرفة من البشر فلم يعد هناك بشر موجودين ( أنقروى 4 / 155 ) ، الآدميين ، الأناسى - ولم أقل جنس النسناس الذي يشبه البشر في الشكل وليس ببشر ، أولئك الذي لهم صور البشر وأجساد البشر ينقرون كما ينقر الطائر ويرعون كما ترعى البهائم ( سبزوارى 4 / 278 ) ليس البشر إلا أولئك العارفين من أصحاب الأرواح التي تعرف روح الروح . .
 
الناس هم البشر وأين إنسان واحد ، « لقد كان الشيخ يطوف بالأمس بمصباحه في المدينة قائلا أبحث عن انسان . . أبحث عن إنسان كأسد الله وكرستم بن دستان . فقد ضاق صدري من هؤلاء الرفاق المخنثين . . الذين يتشدقون بالرجولة وما هو بالرجال . . حقيقة إنه يبحث عما لا يوجد ولكن البحث عما لا يوجد هو نهجنا الذي نسير عليه
( كليات ديوان شمس الدين التبريزي غزل 441 ص 203 ) إنك لم تر إنسانا واحدا ذلك لأنك ذيل من الذيول ( ترجمها الانقروى لم تر إنسانا لحظة ( 4 / 155 ) ولا شك إنه خطأ لأن « مردم » في الشطرة الأولى مضمومة الدال ولا بد أن تكون « دم » مضمومة الدال وليست مفتوحتها وهي بمعنى ذيل ) ولأنك ذيل تسير خلف العوام والسوقة والرعاع فإنك لا تستطيع أن تعرف الرؤوس أي الأولياء الذين يعرفون الناس . .
إن كل هذا الاتصال بين رب الناس والناس يتجلى في الآية الكريمة « وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى » لقد تجلى الله على عبده بصفة من صفاته فظهر عليه فعل هذه الصفة . تجلى على عيسى عليه السلام بصفة الإحياء وتجلى على محمد عليه السلام بصفة القدرة ( مولوى 4 / 107 ) فاترك الجسم من أجل الروح . .
أترك ملك الجسم من أجل الروح كما فعلت بلقيس من أجل سليمان النبي .
 
 
« 424 »
 
( 765 - 770 ) : يخاطب مولانا مستمعا وهميا يتصور أنه ينكر عليه هذا الحديث ، إنه يستعيذ بالله منه ويلجأ إلى الله من خيالاته التي تنكر عليه ما يقول ولا نستطيع أن تستوعب هذه الإفاضات ، وما ذلك الإنكار إلا من خياله الفاسد وظنونه الحمقاء . .
إنني ألجأ إلى الله تعالى وأستعيذ به لأنه في مثل هذه المواقف لا يملك الإنسان إلا أن يلجأ إلى الله تعالى فإنما يكون فهم كل إنسان بقدر همته ، ورب قارىء للقرآن لم يفهم فيه سوى الحرف ، وألم يقل أبو جهل إنه أساطير الأولين ( انظر الكتاب الثالث شروح أبيات 4385 وما بعدها ) فما دام حديثي قد وقف في حلقك لأن هذا الحلق لا يتسع لهذه اللقمة فلأ صمت أنا . .
وهات أنت ما عندك ، وحدثنا لا فض فوك بما تعلم أنت فها نحن كلنا آذان صاغية . . ما دام الفم لا يستطيع أن ينفخ في النادي جيدا . .
فانفخى أيتها المؤخرة وهذه الطريفة واردة في مقالات شمس تبريز ( ص 52 ) انظر كيف هبط مولانا في الحديث لكن هذا الهبوط في الحديث عند كبار شعراء الصوفية كان يحدث عندما يكون المخاطب من هذا القبيل « خاطبوا الناس على قدر عقولهم » لكن داخل هذا الهزل يكمن التعليم فالعارف هو في البداية معلم قد يلجأ داخل درسه إلى فكاهة قد توصل إلى طلابه ما لم يستطع الجد أن يوصله . .
 
وها هو الحكيم سنائى رغم جهامته الشديدة يهزل أحيانا . . لكن حذار من اعتباره هزلا . . إنه توحيد . . بل وقال مولانا جلال الدين في موضع آخر : إن بيت شعري ليس بيتا إنه إقليم كما أن هزلى ليس هزلا إنه تعليم ( مولوى 4 / 108 ) .
 
( 771 - 780 ) : يحدثنا مولانا جلال الدين عن الأدب ، ليس المقصود بالطبع الأدب المكتوب بل بمعناه الأخلاقي كعماد من عمد الطريقة ، فالأدب ليس إلا تحمل عديم الأدب ، بهذا تغلق أبواب عديده من الجدل ، ومن التلاحى ، ومن التعصب ، ومن ثم فإن كل شكاء من سوء خلق الناس لا بد وأن يكون هو نفسه
 
« 425 »
 
سىء الخلق ، فهو يشكو بدلا من أن يصبر ، لكن شكوى الشيخ مختلفة . إنها ليست غضبا ولا جدلا ولا هوى ، إنها من أمر الله تماما كأنها شكوى الأنبياء ، وإلا فهل يمكن أن نتصور نبيا لا يتحمل ، لا . . .
إنه في الحقيقة أكثر تحملا من الجبل ، أن يصدر ما يدل على الضعف من نبي تركيز على جانبه البشرى وتقريب له من أتباعه ، وإصلاح لأرواح قومه ، فهيا يا سليمان يا حسن حسام الدين ، كن مثالا على حلم الحق وتواءم مع الغربان « الوقحاء » أو الصقور ( الشرفاء ) من الناس . .
فإن كثيرا من أولئك المستعدين للدخول في الطريقة والمهيأين للإيمان كما هيئت بلقيس للإيمان بسليمان عليه السلام . هيا اقتد بالرسول - صلى الله عليه وسلم : - وقل اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون ولا تدع عليهم .
.
الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء الرابع د. أبراهيم الدسوقي شتا 
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.docx   الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا Emptyالجمعة يناير 22, 2021 6:52 pm

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.docx

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.txt

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 4.pdf




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحكماء يقولون أن الإنسان هو العالم الأصغر وإن الإنسان هو العالم الأكبر .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أطوار خلق الإنسان ومنازلة من البداية .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» ديباجة مولانا الدفتر الرابع المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» الهوامش والشروح 01 - 3858 المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» فهرس الموضوعات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» مقدمة المترجم والمحقق المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء الرابع ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: