منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Empty
مُساهمةموضوع: حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا    حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Emptyالأحد مارس 28, 2021 5:40 pm

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد على مدونة عبدالله المسافر بالله
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد ،
ناما في منزل للغراب ذات ليلة ، وكدس الأمرد طوب اللبن على مقعده ،
لكن رجلًا دب عليه ، وحمل من فوقه تلك اللبنات بالحيلة والخفة ،
فاستيقظ الولد وتشاجر ، وقال : أين تلك اللبنات ؟! وإلى أين حملتها ؟!
ولماذا أخذتها ؟!  فقال له : وأنت لماذا وضعت هذه اللبنات ؟! إلى آخره . . .
- حضر أمرد وأجرد حفلا ، وكان هناك جمع في ذلك المكان .
- وانشغل هؤلاء القوم المختارون ، حتى انقضى النهار وذهب من الليل ثلثاه .
- فلم يذهبا عن منزل الغراب ذاك ، وناما في ذلك المكان ، خوفا من العسس .
 
3860 - كان للأجرد على ذقنه شعيرات أربعة ، لكن وجهه كان كالبدر .
- لكن الولد الأمرد كان قبيح الوجه ، فوضع خلف مقعده عشرين لبنة .
- فدب عليه لوطى بليل في الزحام ، ونقل اللبنات ذلك الذي تمكلته الشهوة .
- وعندما مد عليه يده ، قفز من مكانه . . . وقال . . . هه ، من أنت يا عابد الكلب ؟ !
- فقال له : كيف جمعت هذه اللبنات الثلاثين ؟ ! فأجاب : وكيف أخذتها إذن تلك اللبنات الثلاثين ؟ ! « 1 » .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 395 :
- وقال أيها الدب الجهنمي التافه ، يا أيها الأبله فاقد الخاصية كالرمل .
 
« 325 »
 
3865 - إنني ولد مريض ومن ضعفي ، وضعتها احتياطاً ، ومن أجل أن أستند إليها .
- فقال : إذا كنت تتقى المرض ، لماذا لم تذهب إلى دار الشفاء ؟ !
- أو إلى منزل طبيب مشفق ، حتى يشفيك من سقامك هذا .
- فقال : من أين أعلم إذن . . . أنني حينما أذهب أصير ممتحنا ؟ !
- وأن زنديقا نجسا مثلك ، سوف يطل برأسه أمامى كالوحش ؟ !
 
3870 - والتكية التي هي أفضل مكان ، لم أر الأمان فيها لحظة واحدة .
- فإن شرذمة من أكلة الجرجير ، يلتفتون إلىّ ، عيونهم مليئة بالشهوة ، وأيديهم تحك خصيهم ! !
- والشريف منهم يسترق النظر إلى ، وهو يحك في ذكره « 1 » .
- فإذا كانت الخانقاه على هذا الحال ، فكيف يكون السوق العام ، قطيع من الحمر ، ومجمع للأجلاف .
- فأين الحمار من الشرف والتقوى ، وأي معرفة للحمار بالخشية والخوف والرجاء ؟ !
 
3875 - وعندما يكون عقل يكون باحثاً عن الأمن والعدل ، سواء على الرجل أو على المرأة ، لكن أين العقل ؟ !
- وإذا هربت ومضيت صوب النساء ، فإنني أسقط في الفتنة كيوسف عليه السلام ! !
..............................................................
( 1 ) ج : 14 : 395 :
- إن صديقنا الشريف ليس له إلا النظر ، لكن الدين على خطر شديد من هذا النظر .
 
« 326 »
 
- لقد لقى يوسف عليه السّلام من المرأة السجن والعذاب ، أما أنا فسوف أوزع على خمسين مشنقة .
- فإن أولئك النسوة من جهلهن يتجمعن على ، أما أولياؤهن فيهمون بقتلى ! !
- فلا حيلة لدى سواء من الرجال أو من النساء ، وماذا أفعل ولست من هؤلاء أو أولئك ؟ !
 
3880 - ثم نظر ذلك الولد إلى الأجرد وقال : لقد نجا من الحزن بشعرتين .
- إنه فارغ من اللبنات وسخرة اللبنات ، ومن ابن زنا قبيح عملاق مثلك .
- أن ثلاث أو أربع شعرات على الذقن كنموذج ، أفضل من ثلاثين لبنة حول المقعد .
- وذرة من ظل العناية ، أفضل من آلاف الجهود من عابد للطاعة .
- ذلك أن الشيطان يقتلع لبنات الطاعة ، وإن كان هناك مائتا لبنة يجد طريقا « 1 » .
 
3885 - واللبن وإن كان كثيرا فهو من وضعك أنت ، وتلك الشعرتان أو الشعرات الثلاثة من عطاء تلك الجهة .
- والحقيقة أن كل شعرة منها بمثابة الجبل ، فإن صك الأمان هذا عطاءٌ ملكي ! !
- إنك إن وضعت مائة قفل على باب ، يقوم ظالم باقتلاعها جميعاً .
- ولو وضع شرطي ختما من الشمع ، فإن قلوب الأبطال تهلع منه .
- إن هذين الخيطين أو الخيوط الثلاثة من العناية صارت سدا كالجبل ، مثل بهاء السيماء في الوجوه .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 396 :
- فإنه لا يجرؤ على عنايته ، حتى يجعل لنفسه نصيبا منها .
 
« 327 »
 
3890 - فلا تترك اللبنات يا حسن الخلقة ، لكن لا تنم آمنا أيضا من الشيطان القبيح .
- وامض ، واحصل على شعرتين من ذلك الكرم ، وحينذاك فنم آمنا ولا تهتم .
- فنوم العالم أفضل من العبادة ، لكن ذلك العلم الذي يكون موقظاً ! !
- وذلك السكون للسباح في عومه ، أفضل من جهد الجاهل بيده وقدمه « 1 » .
- لقد جاء الجاهل بيده وقدمه وغرق ، بينما يمضى السباح ساكنا كالعمد .
 
3895 - والعلم بحر بلا حد ولا شاطىء ، وطالب العلم غواص في البحار .
- وإذا كان عمره آلاف السنين ، فإنه لا يشبع من البحث والتحقيق .
- فإن رسول الحق قال في بيانه إنهما منهومان لا يشبعان .
 
في تفسير هذا الخبر عن المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم إذ قال :
منهومان لا يشبعان طالب الدنيا وطالب العلم ، وأن هذا العلم ينبغي
أن يكون غير علم الدنيا حتى يكونا قسمين ، لأن علم الدنيا دنيا . . .
وإذا كان هو المقصود لكان الأمر تكرارا طالب الدنيا وطالب الدنيا ولما كان تقسيما . . .
مع بيانه
 
- " طالب الدنيا وتوفيراتها ، طالب العلم وتدبيراته " « 2 » .
- إذن فإنك عندما تمعن النظر في هذا التقسيم ، فإن هذا العلم يكون غير الدنيا ، أيها الأب .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 396 :
- إن السباح في الماء ساكن اليد والقدم ، يمضى أفضل من الجاهل الذي يتخبط .
( 2 ) ما بين القوسين بالعربية في المتن .
 
« 328 »
 
3900 - وماذا يكون غير الدنيا ؟ ! إنها الآخرة ، التي تقتلعك من هنا وتصير مرشدا لك « 1 » .
 
تباحث هؤلاء الأمراء الثلاثة في تدبير تلك الواقعة
 
- التفت هؤلاء الثلاثة المفتنون إلى بعضهم ، فهم الثلاثة في تعب واحد وألم واحد وحزن واحد ! !
- وثلاثتهم يفكرون في شئ واحد ، ويشاركون في شهوة واحدة ، وثلاثتهم مرضى من علة واحدة وألم واحد .
- وفي الصمت يكون خاطر الثلاثة واحداً ، وعند الكلام حجة الثلاثة واحدة .
 
3905 - فحينا يكونون جميعا ذارفين للدمع ، نازفين للدم ، على مائدة المصيبة .
- وحينا يكون هؤلاء الثلاثة من تأثير نار القلب منتفسين بحرقة كأنهم المجمر .
 
مقال الأخ الأكبر
 
- قال ذلك الأخ الأكبر : يا إخوان الخير ، ألم نكن شجعان في نصح الغير ؟ ! !
- وكل من كان يشكو إلينا من الحشم ، من البلاء والفقر والخوف والزلزلة .
- كنا نقول له : قلل من التفجع عند الحرج ، واصبر فالصبر مفتاح الفرج .
- فماذا حدث لمفتاح الصبر الأن ، وواعجبا هل نسخ هذا القانون ؟ ! وماذا حدث ؟ !
 
3910 - ألم نكن نقول في الملمات : اضحكوا سعداء في النار كأنكم الذهب .
- ألم نقل للجيش إبان إحتدام المعركة ، انتبهوا لا تشحبن وجوهكم ؟ !
- وفي ذلك الزمان الذي كانت فيه الجياد تطأ الرؤوس المقطوعة تحت أقدامها ؛
..............................................................
( 1 ) ج : 14 : 389 :
- وغير الدنيا تكون الأخرة يقينا ، تحملك من هذا المكان إلى هناك أيها الأمين .



 
« 329 »
 
 
- كنا نشجع جندنا قائلين ، هيا . . . هيا . . . تقدموا قاهرين كالسنان ! !
- لقد أبدى العالم كله بالصبر ، ذلك أن الصبر هو مصباح الصدر ونوره .
 
3915 - وحل دورنا ، فلماذا دارت رؤوسنا ؟ ! ولبسنا الطراحات كالنساء القبيحات .
- ويا أيها القلب الذي قمت بتشجيع الجميع ، شجع نفسك واخجل من نفسك .
- ويا أيها اللسان الذي كنت ناصحاً للجميع ، جاءت نوبتك ، فلماذا صمتت ؟ !
- ويا أيها العقل ، أين نصائحك الحلوة ، الدور دورك الأن فأين صارت تنبيهاتك ؟ !
- ويا من شفيت القلوب من مائة اضطراب ، لقد حل دورك فحرك لحيتك ! !
 
3920 - فإذا كنت لا تحرك اللحية الأن من أبنتك ، فقد كنت تسخر قبل الآن من لحيتك .
- فأنت في وقت نصح الأخرين عالي الصوت ، وفي غم حاق بك صارخ كالنسوة .
- وكيف كنت دواء لألام الآخرين ، ثم حل بك الألم ضيفا فصمتت ؟ !
- كان الصياح بالمعسكر لحنا لك ، هيا صح فما الذي حبس صوتك ؟ !
- إن ما نسجته خمسين سنة بلبك ، أليس من نسيجك هذا فقطان حرب ؟ إلبسه . .
 
3925 - كانت آذان الأصدقاء سعيدة من صوتك ، فأخرج يدك الأن ، واسحب أذنك .
- كنت رأسا دائماً ، فلا تجعل نفسك ذيلا ، ولا تفقد يدك وقدمك ولحيتك وشاربك ! !
 
« 330 »
 
- إن اللعبة هي لك الآن على وجه البساط ، فكن على طبيعتك ونشط نفسك « 1 » .
 
ذكر ذلك الملك الذي أتى بذلك العالم إلى مجلسة بالإكراه وأجلسه ،
وعرض الساقي الشراب على العالم ووضع الكأس أمامه فاعرض بوجهه
وبدأ في العبوس والحدة ، فقال الملك للساقي : هيا . . .
أجعله على طبيعته فضربه الساقي بضع لكمات
على رأسه وجرعه الشراب . . . إلى آخره
 
- كان أحد الملوك ثملا في مجلسه ، وكان يمر على بابه أحد الفقهاء .
- فأمر بأن يجروه إلى المجلس ، وأن يسقوه ، من الشراب الياقوتى .
 
3930 - فجروه إلى الملك بالرغم منه ، فجلس في المجلس عبوسا كأنه السم والأفعى .
- وعرضوا عليه الخمر فأبى بغضب ، وأشاح بعينه عن الملك وعن الساقي .
- وقال : إنني لم أتناول الشراب طوال عمرى ، وأفضل عندي مساغاً من الشراب السم الزعاف .
- هيا . . . أعطونى سما بدلا من الخمر حتى تخلصونى من نفسي وتخلصوا أنفسكم منى . . .
- وبدأ في العربدة دون أن يشرب خمرا ، فصار ثقيلًا في المجلس كالموت والألم .
 
3935 - مثل أهل النفس وأهل الجسد ، جالسوا أصحاب القلوب في الدنيا .
- والحق لا يخفى خاصته ، فهم لا يشربون إلا من خمر الأحرار .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 399 :
- واستمع إلى هذه الحكاية أيها العاقل ، حتى تعلم سنداً في هذا المعنى .
 
« 331 »
 
- إنهم يعرضون الكأس على المحجوب ، ولا يجد الحس منها غير الكلام .
- فيعرض عن إرشادهم ، إذ لا يرى عطيتهم بالبصيرة .
- ولو كان هناك طريق من أذنه حتى حلقه ، لدخل سر نصحهم في باطنه .
 
3940 - ولأنه كله نار ، ليست روحه نوراً ، ومن الذي يلقى في النار المحرقة إلا القشور ؟
- لقد بقي اللب خارجا وتشرب قشر الكلام ، ومتى تصير المعدة من القشر شبعى نشطة ؟ !
- وليس من حطب لنار جهنم إلا القشر ، وليس للنار عمل قط مع اللب .
- وإذا كان لنار ما لهيب على لب ، فاعلم أن هذا من أجل الإنضاج لا من أجل الإحراق .
- وما دام الحق الحكيم موجوداً ، فاعلم أن هذه القاعدة مستمرة ، فيما مضى وفيما لم يأت بعد .
 
3945 - فالألباب الذكية والقشور كلها مغفور لها منه ، فكيف يحرق اللب إذن ؟ ! تعالى عن ذلك .
- فإذا كان يدقه على رأسه من العناية ، فذلك من أجل أن يشتهى الشراب الأحمر .
- وإن لم يدقه ، لبقى مغلق الفم " محروماً " كالفقيه ، من شراب هؤلاء الملوك ومن مجلسهم .
- قال الملك لساقية : يا حسن الخطى ، لماذا أنت صامت ؟ هيا واجعله سريعا على طبيعته .
- فهناك حاكم خفى على كل عقل ، يفصل كل من يرد - بفنه - عن رأسه .
 
« 332 »
 
3950 - وشمس المشرق وقيامها ببث النور ، مقيدة في أغلاله كالأسرى .
- إنه يجعل الفلك يدور في لحظة واحدة ، عندما يقرأ على رأسه نصف " رقية " من فنه .
- إن العقل هو من سخر عقلا آخر له ، إنه أستاذ في النرد يلقى الزهر سريعاً .
- فضربه بضع لكلمات على رأسه قائلًا : خذ ، فتجرع خوف الصفع ذلك الشراب المر .
- فثمل وصار فرحا ضاحكا كالبستان ، وانطلق في المنادمة والضحك وقول الفكاهات .
 
3955 - صار جريئا سعيدا وطرقع بأصابعه ، ومضى نحو المرحاض كي يبول .
- وكانت في المرحاض جارية كالقمر ، جميلة جداً ، من محظيات الملك .
- وعندما رآها ، بقي فمه مفتوحاً ، وغاب العقل ، وبدأ " دور " الجسد الذي يزاول الظلم .
- كان قد عاش عمرا وهو أعزب مشتاق ، فتشبث في الجارية في التو واللحظة بكلتا يديه .
- وقاومت تلك الجارية كثيراً وصرخت ، لكن ذلك لم يؤثر فيه ولم يجد فتيلا .
 
3960 - فإن المرأة في يد الرجل عند اللقاء ، تكون كالعجين في يد الخباز .
- يعجنه حينا لينا وحينا غليظا ، ويجعله يطلق أصواتا تحت قبضته .
- أحياناً يبسطه عريضا فوق اللوح ، وأحيانا يجمعه كله في قطعة واحدة .
- حينا يصب فيه الماء وحينا الملح ، ويجعل له المحك من تنوره وناره .
 
« 333 »
 
- وهكذا يلتف كل على بعضه ، المطلوب والطالب ، في هذه اللعبة ، المغلوب والغالب .
 
3965 - وليس هذا اللعب قاصرا على الزوج والزوجة ، بل هذا الفن لكل معشوق وعاشق .
- ومن القديم والحادث والعين والعرض ، التفاف مفترض مثل " ويس ورامين " .
- لكن لعب كل واحد ذو لون مختلف ، والتفاف كل " على الآخر " من فن مختلف .
- ولقد ذكر الزوج والزوجة على سبيل المثال ، بما يعنى : أيها الزوج ، لا تسىء معاملة الزوجة .
- ففي ليلة الزفاف ، ألم تضع الكنة يدها في يدك كأمانة طيبة ! !
 
3970 - قائلة : إن ما تفعله معها أيها المعتمد ، يفعله معك الله من خير وشر
- الخلاصة : أن هذا الفقيه من فقدانه لنفسه ، لا بقيت عنده عفة ولا زهد .
- لقد وقع ذلك الفقيه على تلك الحورية ، وأضرمت ناره في ذلك القطن .
- التقت الروح والتقت الأجساد ، وأخذا يتقلبان كطائرين ذبيحين .
- فما السقاية ؟ وما الملك ؟ وما الأسد ؟! وما الحياء ، وما الدين ، وأين الخوف والخشية على الروح ؟!
 
3975 - واستدارت حدقتاهما ، وجحظتا ، فلا حسن ظاهر هنا ولا حسين .
- وطال الأمر . . . وأين طريق العودة ؟ وطال انتظار الملك عن الحد .
- وجاء الملك ليرى الواقعة ، فرأى هناك زلزلة القارعة .
 
« 334 »
 
- ونهض ذلك الفقيه خوفا ومضى صوب المجلس ، واختطف الكأس سريعاً .
- والملك كالجحيم ملىء بالشرار والنكال ، صار ظامئاً لدم هذين الشريرين .
 
3980 - وعندما رأى الفقيه وجهه شديد الغضب والقهر وقد صار عبوساً دمويا مثل كأس السم .
- صاح بساقيه : يا أيها المضياف ، لم جلست حائرا ؟ ! إجعله على طبيعته .
- فضحك الملك وقال : أيها العظيم ، لقد صرت على طبيعتي ، وهذا الفتاة لك .
- إنني ملك وعملي هو العدل والإنصاف ، وآكل مما أعطاه جودي للصديق .
- وذلك الذي لا أشربه كالشهد ، كيف أطعمه للرفيق والقريب والصفى ؟ !
 
3985 - ومن هنا فإنني أطعم غلماني ، مما آكله أنا على مائدتي الخاصة .
- ومن هنا فأنا أطعم عبيدي من الطعام الذي آكله سواء كان ناضجا أو نيئاً .
- ولأنى ألبس من الخز وألبس من الأطلس ، فإنني من هنا لا أكسى الحشم بالخرق .
- إنني استحيى من النبي صاحب الأفضال الذي قال : [ ألبسوهم مما تلبسون ] .
- ولقد أوصى النبي أبناءه في " الدعوة " قائلًا : [ أطعموا الأذناب مما تأكلون ] « 1 » « 2 » .
 
3990 - ولقد جعلت الكثيرين على طبيعتهم ، وجعلتهم في الصبر خفافا راغبين .
- فاجعل نفسك على طبيعتك برجولة ، وأجعل العقل المفكر في الصبر دليلا
..............................................................
( 1 ) ما بين الأقواس بالعربية في المتن .
( 2 ) ج : 14 / 404 :
- وانصرف الفقيه وحمل معه زوجة طيبة من العطاء الخاص لكشاف الكروب .
 
« 335 »
 
- وعندما يكون مرشد الصبر جناحا لك ، فإن الروح تحلق إلى أوج العرش والكرسي .
- وانظر إلى المصطفى صلى اللَّه عليه وسلّم الذي صار صبره براقا ، جذبه إلى أعلى الطباق « 1 » .
 
مضى الأمراء بعد تمام المناقشة وما جرى صوب الصين حيث المعشوق
والمقصود حتى يكونوا بقدر الإمكان أقرب إلى المقصود فإذا كان طريق الوصل
مسدودا فالقرب بقدر الإمكان محمود . . . إلى آخره
« 2 »
- لقد قالوا هذا وبدأوا في السير سريعاً ، وكل ما كان يا رفيقي كان في تلك اللحظة .
 
3995 - اختاروا الصبر وصاروا من الصديقين ، ثم اتجهوا إلى بلاد الصين .
- وتركوا الوالدين والملك ، وسلكوا طريق المعشوق .
- مثل إبراهيم بن أدهم ، جعلهم عشقهم من سرير الملك فقراء ، لا يعرفون لأنفسهم رأسا من قدم .
- أو كإبراهيم المرسل عليه السّلام ، ألقى بنشوة رأسه في النار .
- أو كإسماعيل الصبار المجيد عليه السّلام ، مد حلقه أمام العشق وخنجره ! !
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 404 - 405 :
- وعندما احترف أيوب العظيم الصبر ، فتح له من البلاء باباً من الرحمة
- فالصبر هو الصدر على أي حال يكون ، فلا تفرط في الصبر من يدك ما استطعت
- ألم تسمع الصبر مفتاح الفرج ، بحيث عكفت على هذه العجلة ؟ !
- إن الصبر يأتي للعشاق برغبة القلب ، ولمسلوبى القلوب يكون الصبر راحة لها
- ولا حد لهذا الكلام فالقصر فيه ، وتحدث عن حديث العاشقين .
( 2 ) ج : 14 / 417 :
- عد أيها العاشق وسق سريعا ، فأولئك الأمراء في انتظارك
- فالأمراء الثلاثة مثل القاعدين عن العمل ، عذبهم العشق في حد ذاته .
 
« 336 »
 
حكاية امرئ القيس الذي كان ملكا على العرب وكان على قدر كبير من الجمال في خلقته ،
وكان نسوة العرب كزليخا قتيلات هواه كما كان شاعرا موهوبا نظم : قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل . وإذا كن النسوة يبحثن عنه بأرواحهن فعجبا مما كان غزله وتوجعه ؟ !
تراه علم أنهن كلهن تماثيل مصورة نقشت على لوح التراب ؟ !
وفي النهاية وجد امرئ القيس هذا حالا بحيث هرب في منتصف الليل من ملكه وهجر ولده وأخفى نفسه في خرقة درويش وتنقل من ذلك الإقليم إلى إقليم آخر في طلب ذلك الذي يكون منزها عن الإقليلم يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ *إلى آخره
 
4000 - إن امرئ القيس قد جذبه هو الآخر العشق من بلاد العرب ومن الممالك متيبس الشفة « 1 » .
- حتى جاء وأخذ يقوم بصناعة الطوب اللبن في تبوك ، فقيل للملك إن ملكاً من الملوك ؛
- اسمه امرؤ القيس جاء هنا للكد ، وهو في صيد العشق يقوم بصنع الطوب .
- فنهض ذلك الملك وسار إليه بليل ، وقال له : أيها الملك الجميل ؛
- إنك يوسف الأوان وكمل لك الملكان ، وأطاعتك البلاد ودان لك الجمال .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 419 :
- كان رقيق الطبع وكان صاحب جمال ، وكان شاعراً وصاحب أصول الكمال
- وعندما طرق العشق الحقيقي قلبه ، برد لديه ملكه وأهله ومنزله
- فلبس خرقة في منتصف الليل ومضى ، وهرب من ملكه سريعاً
 
« 337 »
 
4005 - صار الرجال عبيداً لك بسيفك ، وأولئك النسوة ملك لقمرك الذي بلا سحاب .
- وأن تكون عندنا فهذا من إقبالنا ، وروحنا من وصلك تصير مائة روح .
- فأنا وملكي كلانا مملوكان لك ، يا من تركت أعمالك بهمتك .
- أخذ يتحدث إليه كثيرا بالفلسفة وهو صامت ، وفجأة كشف له القناع عن السر .
- وما إن همس في أذنه عن العشق والألم ، حتى جعله مثله في الحال شريداً .
 
4010 - فأخذ بيده وصار رفيقا له ، إذ صار هو أيضاً ضائقا من العرش ومن الحزام .
- وذهبا معا هذان المكان إلى بلاد بعيدة ، والعشق لم يقم بهذا الذنب مرة واحدة .
- إنه شهد عند الكبار ولبن عند الأطفال ، وهو في كل سفينة يكون المن الأخير « 1 » .
- وغير هذين الاثنين هناك ملوك بلا حصر ولا عدد ، اختطفهم العشق من الملك والآل .
- وأرواح هؤلاء الأمراء الثلاثة حول الصين ، صارت كالطيور تلتقط الحب من كل صوب .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 419 :
- الذي عندما يوضع في سفينة يغرقها ، ويجعلها في القاع بأجمعها - وقصة كيخسرو ملك الزمان ، مشهورة بين الإنس والجان .
 
« 338 »
 
4015 - فلا جرأة لديهم لكي يفصحوا عما في الضمير ، ذلك أنه كان سرا شديد الخطورة .
- ومئات الآلاف من الرؤوس بقطعة واحدة من النقود في تلك اللحظة ، شد من أجلهم العشق الغاضب وتر القوس .
- والعشق حتى في وقت السعادة ودون غضب ، لديه خصلة ، وهو أنه يقتل خبط عشواء لحظة بلحظة .
- وهكذا يكون في تلك اللحظة التي يكون فيها راضياً ، فماذا أقول عنه عندما يكون غاضباً ؟ !
- لكن مرج الروح فداء لأسده ، ذلك الذي يقتله هذا العشق بسيفه ! !
 
4020 - فهو قتل أفضل من آلاف من أنواع الحياة ، إن أنواع الملوكية قتيلة من أجل هذه العبودية .
- أخذوا يتحدثون إلى بعضهم البعض كناية بالأسرار ، وأخذوا يتهامسون بمائة خوف وحذر .
- فليس على السر من مطلع إلا الله ، وليس من نجى للآهة إلا السماء .
- كانوا قد اصطلحوا فيما بينهم على بعض المصطلحات من أجل إيراد الخبر .
- فلو تعلم العوام من لسان الطير هذا ، لألقوا بالرئاسة والفيهقة بعيداً .
 
4025 - إن ذلك الكلام هو صورة أصوات الطير ، أما الرجل الساذج فهو غافل عن حال الطير ! !
- فأين سليمان عليه السّلام الذي يعلم منطق الطير ؟ ! فالشيطان وإن استولى على الملك ، فهو غير " سليمان " .
 
« 339 »
 
- لقد وقف الشيطان على شبيه سليمان ، كان لديه علم المكر ، ولم يكن لديه مصداقعُلِّمْنا.
- وعندما كانت بشاشة سليمان عليه السّلام من الإله ، كان لديه منطق الطير ، ومصداق علمنا .
- وافهم أنت هذا من ذلك الطائر الهوائي ، إذ انك لم تر الطيور التي من لدن " الله " ! !
 
4030 - إن موضع العنقاوات يكون الجهة الأخرى من قاف ، وليس لكل خيال يد ناسجة .
- اللهم إلا ذلك الخيال الذي رآه اتفاقا ، ثم وقع له بعد العيان الفراق .
- ليس الفراق النهائي ، بل فراق المصلحة ، فإن تلك المنقبة آمنة من كل فراق .
- ومن أجل استبقاء تلك الروح في ذلك الجسد ، تسحب الشمس لحظة نفسها من الثلوج . . .
- ومن أجل روحك اطلب الصلاح منهم ، وانتبه ولا تسرق منهم مصطلحاتهم .
 
4035 - لقد سمت زليخا كل الأشياء من الحرمل حتى العود باسم يوسف عليه السّلام .
- وأخفت اسمه في الأسماء ، لكنها أخبرت خلصاءها بسر ذلك .
- فعند ما كانت تقول أن الشمع قد لان من النار ، فإنها تعنى : أن ذلك الحبيب كان رفيقا بنا .
- وإذا قالت " انظروا قد طلع القمر " أو قالت " إخضر غصن الصفصاف " .
- أو قالت إن الأوراق تهتز سعادة أو قالت " إن البخور تحترق جيدأً " .
4040 - أو قالت باح البلبل بالسر للوردة ، أو قالت : باح الملك بسر الأميرة .
- أو قالت " أي حظ ميمون " أو قالت " ابسطن المتاع " .
 
« 340 »
 
- أو قالت " جاء السقاء بالماء " أو قالت " ارتفعت الشمس " .
- أو قالت " بالأمس طبخوا قدرا " من الطعام " أو أنهم جعلوا المواد كلها من الإنضاج قطعة واحدة ! !
- أو قالت : إن أرغفة الخبز بلا ملح أو قالت : إن الفلك يسير مقلوبا .
 
4045 - أو قالت " رأسي تصدعنى " أو قالت " لقد خف ألم صداعى " « 1 » .
- فإن قالت ما فيه مدح ، فهذا يعنى قربه ، وإن قالت ذما فهذا يعنى فراقه .
- وإن كانت تختلط مئات الأسماء ببعضها ، فإنها كانت تقصد يوسف وتعنيه ! !
- ولو كانت جائعة وذكرت اسمه ، كانت تشيع وتثمل بكأسه .
- كان ظمؤها يرتوى من اسمه ، كان اسم يوسف يصير لها شراباً باطنياً .
 
4050 - وعندما كانت تشكو ألما فمن ذلك الاسم السامي ، كان العلاج الناجع لألمها في الحال .
- كان بالنسبة لها الفراء في وقت البرد ، وهذا ما يفعله عند العشق اسم الحبيب
- والعوام يقرأون في كل لحظة الاسم الطاهر ، لكنه بلا تأثير ، لأن ذاكره ليس عاشقاً .
- وما فعله عيسى عليه السّلام باسم الله ، كان يتحقق لها " أي زليخا " عند ذكر اسمه " أي يوسف " .
- وعندما صارت الروح متصلة بالحق ، فذكره ذكرها ، وذكرها ذكره .
 
4055 - تكون خالية من نفسها مليئة بعشق الحبيب ، وكل إناء ينضح بما فيه .
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 421 :
- وكان الخلصاء يعرفون أخبارها من قولها ، وعما إذا كان قد حدث لها ما يوافق أو ما يخالف ! !
 
« 341 »
 
- إن الضحكة تفوح بعبير الوصل ، بينما يفوح البكاء بمرارة البعاد « 1 » .
- وكل امرئ له مائة مراد في قلبه ، وهذا لا يكون في مذهب العشق والوداد .
- إن شمس العشق في النهار هي وجه المحبوب ، وتكون الشمس لوجهه كأنها النقاب .
- وذلك الذي لا يعرف النقاب من وجه الحبيب ، هو عابد للشمس ، اخلع اليد منه ! !
 
4060 - فهو النهار وهو أيضاً رزق العاشق ، هو القلب ، وهو حرقة القلب عند العاشق .
- لقد صار متاحا للأسماك من نفس الماء ، الخبز والشراب والكساء والدواء والنوم .
- مثل الطفل راضع اللبن من الثدي ، لا يعرف من العالمين سوى اللبن .
- سواء عرف الطفل اللبن أو لم يعرفه ، فلا طريق للتدبير إلى هذه الناحية .
- لقد أصحاب هذا الكتاب المستدير الروح بالذهول وذلك حتى تجد الفاتح والمفتوح .
 
4065 - فلا تكون ذاهلة في المسير بل هي فيه ، ذلك أن البحر هو الذي يحملها لا السيل ولا الجدول .
- وحين يجدها من يجدها يضيع ، ويصير كالسيل غريقا في البحر .
- إن البذرة ضاعت وآنذاك صارت شجرة تين ، وهذا هو معنى ما لم تمت لا أهب الذهب .
..............................................................
( 1 ) حرفيا : بزعفران الوداد وبرائحة البصل .
 
« 342 »
 
بعد مكثهم متوارين في بلاد الصين في حاضرة الملك وبعد طول الصبر ،
ونفاد صبر الأخ الأكبر وقوله : إني ذاهب أعرض نفسي على الملك فوداعاً :
" إما قدمي تنيلنى مقصودى * أو القى رأسي كفؤادى ثمة إما توصلني قدمي إلى المقصود والمراد * أو أفقد رأسي هناك كما فقدت قلبي وعدم جدوى نصيحة أخويه له : يا عاذل العاشقين دع فئة * أضلها الله كيف ترشدها
 
- قال الأكبر : يا أخوى ، لقد بلغت روحي الحلقوم من الانتظار .
- لقد صرت لا مبالياً ولم يبق لي صبر ، وهذا الصبر يلقى بي في النار .
 
4070 - لقد فلت طاقتى من هذا الصبر ، وصارت واقعتى هذه عبرة للعشاق .
- ولقد مللت الروح في الفراق ، والحياة في الفراق من النفاق .
- فحتام يقتلني ألم فراقها ؟ ! فلأقطع الرأس حتى يهبنى العشق رأساً .
- إن ديني هو الحياة من العشق ، والحياة " المستمدة " من هذه الرأس وهذا الجسد عارٌ علىّ .
- والسيف هو نافض الغبار عن روح العاشق ، ذلك أن السيف هو محاء الذنوب .
 
4075 - وعندما انتفى غبار الجسد فقد تألق قمري ، ووجد قمر روحي الهواء الصافي .
- ولأعمار على طبل عشقك أيتها الحسناء ، أدق " لحن " إن في موتى حياتي .
- ولقد ادعت الروح أنها من الطيور المائية ، فمتى تصرخ من طوفان البلاء ؟ !
- وأي حزن للبط من غرق السفينة ، وتكفيه قدمه سفينة على الماء .
 
« 343 »
 
- وروحي وجسدي يعيشان على هذه الدعوى ، فكيف أكف إذن عن هذا الادعاء ؟ !
 
 4080 - إنني أرى الأحلام لكني لست بنائم ، وأنا مدع ، لكني لست بالكذاب .
- وإن أنت ضربت عنقي مائة مرة ، أكون كالشمع ، أنشر الضياء .
- والنار إن أضرمت في البيدر من قدام ومن وراء ، تكفى السراة هالة ذلك القمر .
- لكن حيلة الأخوة جعلت يوسف عليه السّلام مخفيا عن يعقوب النبي عليه السّلام .
- لقد أخفوه باصطناعهم الحيلة ، لكن القميص دل عليه آخر الأمر .
 
4085 - وقد نصحه "أخواه" عند حديثه، وقالا له : لا تكن غافلا عن الأخطار المحدقة بك .
- انتبه ، ولا تنثر الملح على جراحنا ، وحذار لا تشرب هذا السم " إعتماداً " على التجلد والشك .
- وكيف تمضى إلا بتدبير شيخ خبير ، وكيف لا يكون لك قلب بصير ؟ !
- فويل لذلك الطائر الذي لم ينبت له جناح ، يطير إلى الأوج ويسقط في الخطر .
- والعقل يكون للمرء بمثابة الجناح والقوادم ، وعندما لا يكون لديه عقل ، " فليأخذ " عقل مرشد ما .
 
4090 - فكن مظفراً أو باحثا عن مظفر ، وكن ذا نظر أو باحثا عن ذي نظر .
- وبلا مفتاح العقل يكون هذا القرع على الباب ، من الهوى ، وبعيدا عن وجه الصواب .
- فانظر إلى عالمٍ قد سقط في الفخ من الهوى ، ومن الجراح التي تشبه الدواء .
 
« 344 »
 
- لقد وقفت الحية على صدرها كأنها الموت ، وفي فمها ورقة شجرة من أجل الصيد .
- إنها واقفة بين الأعشاب كعشبة ، ويظنها الطائر غصن نبات ! !
 
4095 - وعندما يقف من أجل الطعام على ورقة الشجرة ، يسقط في فم الحية والموت .
- لقد فتح تمساح فمه عن آخره ، وحول أسنانه ديدان طويلة .
- ومن بقية الطعام التي بقيت في أسنانه ، نمت الديدان ، ووقفت على الأسنان .
- وترى الطيور الدود والقوت ، وتظنه مرجاً ذلك التابوت .
- وعندما يمتلئ الفم بالطيور ، يبتلعها فجأة ، ويغلق فمه ! ! .
 
4100 - فاعتبر هذه الدنيا المليئة بالخبز والبقل مثل الفم المفتوح لذلك التمساح ! ! .
- فلا تأمن يا مختلق الرزق للديدان والفرائس من حيل تمساح الدهر .
- والثعلب يسقط ممددا تحت التراب ، وفوق التراب حبوب ماكرة .
- حتى يأتي الزاغ غافلا نحوها ، فيمسك بقدمه بمكره ذلك الماكر .
- وإذا كانت هناك آلاف من أنواع المكر عند الحيوان، فكيف يكون مكر الإنسان وهو سيدها؟!.
 
4105 - يكون في كفه مصحف كزين العابدين رضي اللّه عنه ، وفي كمه خنجر شديد القهر .
- يقول لك ضاحكاً " يا مولاي " وفي قلبه بابلى شديد السحر والحيلة .
- يكون سما قاتلا وصورته شهد ولبن ، فحذار ، ولا تمضِ دون صحبة شيخ خبير .
- إن كل لذائذ الهوى مكر وحيلة ، هي حرقة وظلمة حول نور البرق .

- والبرق نوره قصير وكذب ومجاز ، وحوله ظلمات ، وطريقك طويل .
.
يتبع

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Empty
مُساهمةموضوع: حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا    حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Emptyالأحد مارس 28, 2021 5:41 pm

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد على مدونة عبدالله المسافر بالله
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد ،
4110 - فلا أنت تستطيع أن تقرأ كتابا في نوره ، ولا أنت تستطيع أن تسوق الجواد إلى المنزل .
- لكن جزاءك عندما تصبح رهين البرق ، أن تخفى وجهها عندك أنوار الشرق « 1 » .
- ويحملك مكر البرق بلا دليل ، في مفازة الليل المظلمة ميلا بميل .
- حينا تسقط على جبل ، وحينا في جدول، حينا تمضى إلى هذه الناحية وحينا إلى تلك الناحية.
- إنك لا ترى دليلا في الأصل يا باحثا عن الجاه ، وإن رأيته ، تشيح بالوجه عنه ! ! .
 
4115 - قائلًا : لقد سافرت في هذا الطريق ستين ميلا ، ولعل هذا الدليل يضلنى بقوله ! ! .
- ولو أسلمت أذني إلى " قوله " هذا العجيب ، ينبغي علىّ إذن أن أبدأ الطريق من جديد .
- لقد أفنيت عمرى رهن هذا الطريق ، وليكن ما يكون ، فامض عنى أيها السيد ! !
- لقد قطعت الطريق ، لكن على ظن كالبرق، فسر عشر هذا الطريق في أثر الوحي كالشرق.
- لقد قرأتإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ *، ومن مثل ذلك البرق ، عجزت " عن الوصول " إلى الشرق !
..............................................................
( 1 ) ج : 14 / 431 :
- وتغضب عليك تلك الشمس ، إذا أنت طلبت النور من عطارد .
 
« 346 »
 
4120 - هيا واركب سفينتنا أيها الضال ، أو اربط تلك السفينة بهذه السفينة .
- فيقول " كيف اترك هذه المعمعة ؟ ! وكيف امضى كالأعمى طفيليا لك ؟ ! "
- ومن الأفضل للأعمى أن يكون مع المرشد من أن يكون وحيداً ، فمن هذا عار واحد ، لكن من ذاك " السلوك " مائة عار .
- أتهرب من بعوضة إلى عقرب ؟ ! ، وتفر من قطرة إلى اليم ؟ ! .
- أتهرب من أنواع شدة الأب ، " لتعيش " بين الشواذ والفتنة والشر ؟ !
 
4125 - تهرب مثل يوسف من هم واحد ، حتى تقع من ( ترتع وتلعب ) في بئر .
- ومن هذه النزهة تسقط في البئر مثله ، لكن أين لك من هذه العناية رفيقا ؟ ! .
- ولو لم يكن هذا الأمر قد تم بأمر من أبيه ، لما رفع رأسه من البئر حتى يوم الحشر .
- لقد أعطاه الأب ذلك الإذن من "رغبة" قلبه ، قائلًا : ما دامت هذه هي رغبتك ، لتكن خيراً.
- وكل ضرير يعصى من له معجزات المسيح ، فإنه يعجز كاليهود عن الوصول إلى الرشد.
 
4130 - لقد كان قابلا للضياء بالرغم من أنه كان أعمى ، فصار من هذا الإعراض أعمى تماما .
- يقول له عيسى عليه السّلام استمسك بي بكلتا يديك، أيها الأعمى، إن معي الكحل العزيزي.
 
« 347 »
 
- فإنك تجد منى الضياء بالرغم من أنك أعمى ، فتحسس قميص يوسف الروح ! !
- فإن الأبهة والعظمة التي تصل إليك من بعد الانكسار ، فيها الإقبال والمنهاج والطريق .
- والعظمة التي تكون دون رأس أو قدم ، اتركها وانتبه أيها الحمار العجوز ، واشتر شيخا ! ! .
 
4135 - فلا كان غير الشيخ أستاذا وقائدا ، ليس شيخ الفلك لكنه شيخ الإرشاد .
- ففي لحظة ما دام قد صار تابعا لشيخ ، رأى النور ذلك العابد للظلمة .
- والشرط هو التسليم ، وليس العلم المضنى ، ولا نفع للمهاجم على الضلالة ، هجوم التركي .
- إنني لا أبحث من الان فصاعداً عن طريق الأثير ، بل ابحث عن الشيخ . . أجل . . . الشيخ . . . الشيخ ! !
- فالشيخ يكون سلما إلى السماء ، فمم يكون السهم منطلقاً ؟ ! من القوس ! ! .
 
4140 - أليس النمرود الغليظ قد قام بسفر مع النسور إلى السماوات بتأثير "صحبة إبراهيم"؟!.
- لقد حلق كثيرا في الهواء ، لكن النسر لا يطير فوق الفلك ! ! .
- فقال له إبراهيم عليه السّلام : يا رجل السفر ، لأكون النسر بالنسبة لك ، وهذا أفضل لك ! ! .
- وعندما تجعل منى سلما إلى أعلى ، فإنك تمضى إلى السماء دون طيران .
- مثلما يمضى القلب إلى الغرب والشرق دون زاد أو راحلة مثل البرق ! ! .
 
4145 - مثلما تعود أحاسيس الناس من الغربة إلى مواطنها عند النوم .
 
« 348 »
 
- مثلما يمضى العارف وهو جالس سعيداً في مكانه ، من طريق خفى إلى مائة عالم!!.
- وإن لم يكن قد حدث له مثل هذا السير ، فمن أين له هذه الأخبار عن الولايات " البعيدة "؟!.
- هذه الأخبار وهذه الروايات الحقيقية ، والتي اتفق عليها مئات الآلاف من المشايخ .
- ولا خلاف واحد بين هؤلاء العيون " من المشايخ " مثلما تكون " الخلافات " موجودة في علم الظنون .
 
4150 - فذلك "العلم" هو التحري في الليل الداجى ، وهذا "العلم" هو حضور الكعبة وسط النهار !!.
- فانهض أيها النمرود واطلب الجناح من الرجال ، فلا يأتيك سلم من هذه النسور .
- فالعقل الجزئي هو النسر أيها المقل ، وجناحه قائم على أكل الجيف .
- وعقل الأبدال مثل جناح جبريل ، يطير حتى ظل السدرة ميلا بميل .
- إنني بازى السلطان ، جميل مبارك القدم ، إنني فارغ من الجيف ولست نسراً .
 
4155 - فاترك النسر ، وأكون أنا رجلك ، وجناح واحد منى أفضل من مائة نسر .
- فحتام تسوق الجواد على العمياء ؟ ! ينبغي أن يكون هناك أستاذ من أجل الحرفة ومن أجل الكسب .
- ولا تجعل نفسك مفتضحا في بلاد الصين ، وابحث عن عاقل ، ولا تبتعد عنه
- وما يقوله أفلاطون العصر ذاك ، امض وفقاله ، وحذار ، اترك الهوى .
 
« 349 »
 
- وجميعهم في الصين يقولون جادين عن ملكهم أنه لم يلد .
 
4160 - يقولون : إن مليكنا لم يلد قط ، بل لم يترك لامرأة طريقا إليه .
- ومن قال غير ذلك من الملوك ، قطع عنقه بالسيف البتار .
- وقال له : ما دمت قد قلت هذا المقال ، إما أن تثبت أن لي أولادا ؛
- وأن لي ابنة ، فإن أثبت هذا ، وجدت الأمان من سيفي البتار ؛
- وإلا فإني بلا شك أذبحك ، وأخلع خرقتك عن صوفي الروح .
 
4165 - إنك لن تنجو برأسك من السيف أبدا ، يا من جدفت بهذا الكذب والخلط .
- فانظر يا من نطقت جهلا بالباطل ، إلى خندق ملىء بالرؤوس المقطوعة .
- خندق من قاعة وحتى حافته ، ملىء بالرؤوس المقطوعة بسبب هذا الغلو .
- لقد انغمس جمع من الناس في هذا الادعاء ، فضربوا رقابهم .
- فحذار ، وانظر إلى هذا بعين الاعتبار ، ولا تفكر في هذه الدعوى ، ولا تأت بها .
 
4170 - إنك سوف تمرر علينا عمرنا ، فما الذي يدعوك إلى هذا أيها الأخ ؟ ! .
- فمن لا علم له ، إن سار على العمياء مائة عام ، فليس هذا من حساب الطريق .
- ولا تمض بلا سلاح إلى المعركة ، ولا تلق بنفسك كالمتهورين إلى التهلكة .
- لقد تحدثنا بهذا كله إليه ، لكنه قال نافذ الصبر : إنما يأتيني من أقوالكما هذه النفور .
- فلى صدر ملىء بالنار وكأنه الموقد ، لقد تم نضج الزرع ، والوقت وقت المنجل .
 
« 350 »
 
4175 - كان في الصدر صبر لم يبق الآن ، لقد أضرم العشق النار في مقام الصبر .
- لقد مات صبري في تلك الليلة التي ولد فيها العشق ، مات وللحاضرين العمر .
- ويا أيها المحدث عن الخطاب وعن الخطوب ، لقد تجاوزت هذا الأمر فلا تدق الحديد البارد .
- إنني منكس ، انتبه ، دع قدمي ، فأين الفهم في كل أعضاء " بدني " .
- إنني بعيرٌ أحمل ما أستطيع حمله ، وما دمت قد سقطت عاجزاً ، فإني سعيدٌ بالذبح .
 
4180 - فلو أن هناك مائة خندق مليئة بالرؤوس المقطوعة ، فإنها كلها أمام ما أحس به من أمل مجرد مزاح .
- ومن الخوف والهلع ، لن أقرع ثانية طبل الهوى هذا تحت الكليم .
- إنني سوف أرفع العلم علنا الأن ، إما التضحية بالرأس ، وإما رؤية المحبوب .
- وإن لم يكن الحلق جديرا بذلك الشراب ، من الأفضل أن يكون مذبوحاً بالسيف والحراب .
- والعين التي لا تكون من وصلة في بهاء ، أفضل لهذه العين أن تبيض وتعمى .
 
4185 - والأذن التي لا تكون خليفة بسره ، اقتلعها ، فأولى بها ألا تكون على رأس .
- وتلك اليد التي تكون خالية من هذه العطية ، من الأفضل بترها بساطور القصاب .
 
« 351 »
 
- ومثل تلك القدم . . . التي من سيرها ، لا تتصل الروح ببستان نرجسه ؛
- أولى بهذه القدم أن توضع في الحديد ، فإن العاقبة أن تلك القدم تسبب الصداع للرأس .
 
بيان المجاهد الذي لا يكف عن المجاهدة بالرغم من أنه يعلم أن بسطة عطاء الحق وهي المقصود تصل إليه من جهة أخرى وبسبب نوع آخر من العمل ربما ليس في حسبانه ،
وكل همه ورجائه ربما يكون معقوداً على طريق معين ، فهو يدق حلقة نفس الباب وربما يوصل إليه الحق ذلك الرزق من باب آخر ربما لم يكن قد دبر له ويرزقه من حيث لا يحتسب ، العبد يدبر والله يقدر ، وربما يكون عند العبد وهم العبودية فيقول : أنه يصلنى من غير هذا الباب بالرغم من أنني أدق هذا الباب ، فيوصل إليه الحق تعالى الرزق من نفس هذا الباب والخلاصة أنها كلها أبواب لدار واحدة . . . مع تقريره
 
- فإما أن أنال مقصودى من هذا الطريق ، أو " أناله " عندما أعود من هذا الطريق صوب الوطن .
 
4190 - ربما يكون مقصودى موقوفا على السفر ، وما دمت قد سافرت أجده في الحضر .
- أبحث عن الحبيب بجد وجلد ، حتى أعلم أنه لم يكن على أن أبحث عنه .
- فمتى تمضى هذه المعية في أذني ؟ ! ما لم أطف حول دوران الزمن .
 
« 352 »
  
- ومتى أفهم من المعية السر ؟ اللهم إلا بعد أسفار طويلة .
- لقد تحدث الحق عن المعية وختم القلب ، حتى يحدث الإنعكاس على أذن القلب ، لا الطرد .
 
4195 - وعندما قام بالأسفار وأعطى الطريق حقه ، فتح الختم من بعدها عن قلبه .
- ولما كان ذلك الحساب يحتوى على خطأين ، فقد جعله واضحاً محلولًا بعد الخطأين .
- فيقول بعد ذلك ، لو كنت عالما بهذه المعية ، متى كنت أبحث عنه ؟ !
- كانت معرفة ذلك موقوفة على السفر ، ولا تتأتى هذه المعرفة بحدة الفكر .
- مثلما كان أداء دين الشيخ موقوفا على بكاء ذلك المخلوق ومرتبطاً به .
 
4200 - لقد بكى طفل بائع الحلوى بكاءً شديداً ، فأدى دين ذلك الشيخ الكبير .
- لقد ذكرت تلك القصة المعنوية من قبل في كتاب المثنوى .
- إنه يلقى الخوف في قلبك من موضع ما ، ما دام لا يكون لك في غيره مطمع .
- ويضع في الطمع فائدة أخرى ، ويعطيك مرادك من إنسان آخر .
- فيا من عقدت الطمع بشدة في مكان ما ، وتقول : إن الفاكهة تأتيني من تلك الشجرة العالية .
 
4205 - إن ذلك الطمع لن يوفى من ذلك المكان ، بل يأتي ذلك العطاء من مكان آخر .
- فلماذا وضع ذلك الطمع إذن فيك ، ما دام لم يرد أن يعطيك شئياً من تلك الناحية ؟ !
 
« 353 »
 
- من أصل حكمه وصنعة ، وأيضاً حتى يظل قلبك في حيرة .
- حتى يظل قلبك حائراً يا طالب الفائدة ، وتظل تتساءل من أين يصلنى مرادي . . . يا ترى ؟ ! ! .
- وحتى تعرف عجزك وجهلك ، وحتى تزداد يقينا في الغيب .
 
4210 - وأيضاً ليكون قلبك حائرا في المنتجع ، ويتساءل ترى ماذا يريد المصرف من هذا الطمع ؟ ! .
- إنك تطمع في الرزق عن طريق الحياكة ، وأن تنال الذهب من الحياكة وتعيش .
- فيأتي لك الرزق من عمل الصياغة ، وقد كان هذا المكسب بعيدا عن وهمك .
- إذن فمن أي شئ كان الطمع في الحياكة، ما دام لم يرد أن يفتح أمامك أبواب الرزق منها؟!
- من أجل حكمة نادرة في علم الحق ، فقد كتب ذلك الحكم في سابق علمه .
 
4215 - وأيضاً لكي يكون فكرك حائرا ، وحتى يكون كل علمك هو التحير .
- ترى أيصلنى وصال الحبيب من سعيى هذا ، أو من طريق خارج عن سعى الجسد .
- إنني لا أقول أن المراد يتأتى من هذا الطريق ، إنني أتقلب إلى أن أعرف من أين سيأتي الفرج .
- إن الطائر الذبيح يقع في كل ناحية ، فمن يدرى في أية ناحية ستنجو الروح من الجسد ؟ !
- فهل يأتيني مرادي من هذا الخروج ، أو من برج آخر من ذات البروج ؟ ! .

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Empty
مُساهمةموضوع: شرح حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا    حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Emptyالأحد مارس 28, 2021 5:42 pm

شرح حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا 

مولانا جلال الدين محمد بن محمد البلخيَّ المعروف بالرومي ( 604 - 672 هـ )    

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد على مدونة عبدالله المسافر بالله
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا
شرح حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد ،
( 3851 - 3856 ) : يعود مولانا إلى مبحث الموت قبل الموت " كل لحظة موت وحياة " ويعبر سنائى بأن الصوفية يقيمون في كل لحظة عيدين ( انظر الحديقة الترجمة العربية البيت رقم 5394 وشروحه ) ، وكل موت يؤدى إلى مرحلة من اكتمال ، من جماد إلى نبات ومن نبات إلى حيوان ومن حيوان إلى إنسان ومن إنسان إلى ملاك ثم إلى ما لا يحده وهم ( انظر الكتاب
 
« 615 »
 
الثالث الأبيات 3903 - 3909 وشروحها والكتاب الخامس الأبيات 800 - 810 وشروحها ) ، وليس ثم كمال إلا عن هذا الطريق ، وعنايته سبحانه وتعالى أفضل من مائة جهد فجذبة من الحق تساوى عمل الثقلين ، عنايته موكولة بالموت قبل الموت ( انظر سنائى مت قبل الموت أيها الصديق إن كنت تريد الحياة ، فمن هذا الموت صار إدريس إلى الجنان قبلنا - ديوان ص 52 ) . ونقل الأنقروى ( 6 - 2 / 372 ) : العناية تهدم الجناية وتوجب الهداية وتورث الولاية . بل إن هذا الموت نفسه موكول بالعناية ، فالعناية هي بمثابةالزمرد الذي يقتلع عين هذه الأفعى ( الدنيا ) وهذا في اعتقاد القدماء .
 
( 3857 - 3882 ) : يسوق مولانا حكاية هازلة لعلها تخفف عن المريدين هذا السيل من الفيض ، وليس الهزل مقصودا لذاته فقد أشار مولانا نقلا عن سنائى أن هزله ليس هزلا لكنه تعليم ( انظر البيت 3550 من الكتاب الرابع و 1247 من الكتاب الذي بين أيدينا - وقد اعتبرها استعلامى من المأثور الشعبي ، 6 / 414 ) .
 
( 3857 - 3882 ) : ليس من المفهوم ما هو المقصود بيت العزاب هنا هل هو موضع كان العزاب من غير المتزوجين يجتمعون فيه من أجل اللهو أو مكان أشبه بالبنسيونات الحديثة يقيم فيه من لا أسر لهم من المغتر بين وعابري السيل ، وإن كان قد اتضح فيما بعد انه خانقاه ، على كل حال من الواضح أن البيت لم تكن فيه إقامة مشتركة ولم يكن هناك من داع لسوق هذه الحكاية الطويلة لبيان أن ذرة من العناية الإلهية خير من مائة احتياط
( شعيرات في الوجه تحمى أكثر من كثير من الاحتياط )
والحكاية تدل على واقع اجتماعي شديد التدنى لم يكن ليغيب عن نظر مولانا جلال الدين الذي صوره الغرب كمحلق في السماوات العلا ، لكنه يستفيد من هذه الحكايات ، وأشباهها لبيان معان شديدة العمق من أجل المريدين من غير ذوى العلم والثقافة ،
وفي البيت رقم 3872 لا يزال استعلامى يفسر " حمزه خوار " بآكل حساء البرغل وقد سبق أن ناقشنا هذا الموضوع في تعليقات البيت 1332 من الكتاب الذي بين أيدينا فليطلب من موضعه .
 
« 616 »
 
( 3883 - 3900 ) : يعود مولانا فيتحدث عن العناية الإلهية وأهميتها بالنسبة للعبد ، وعلى العبد ألا يعتمد على الطاعات ، لأن الشيطان قد يذرى طاعة عمر أدراج الرياح ، فالعناية من الله ، والطاعات من جهدك أنت ، وانظر إلى بعض تجار الحياة ، إنك لو وضعت مائة قفل على بابك فإن اللص لا يتورع عن سرقتك لكن ختما واحدا من الشمع يضعه شرطي على بابك يهلع اللصوص من مجرد رؤيته ، طاعاتك كالأقفال المائة وحفظ الله كختم الشرطي ، لكن هذا لا يعنى أنني أصرفك عن الطاعات بل داوم عليها ، لكن كن حريصا حذرا دائم التنبه من وساوس النفس وشهوات الدنيا ، فإن حصلت بعدها على العناية الإلهية ، فاشعر بالأمان ، والعارف على كل حال يقظ متنبه عابد حتى في نومه مصداقا للحديث النبوي : [ نوم على علم خير من عبادة على جهل ] ( جامع 2 / 188 ) . إن الأمر أشبه بالسباحة في بحر لجي :
فالعارف ساكن مطمئن والجاهل يتخبط بكلتا يديه وقدميه يسير على العمياء ويغرق ، ذلك أن بحار الغيب لا شطآن لها ، وطالب معرفتها لا يشبع مصداقا لقوله صلى اللَّه عليه وسلّم : [ منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا ] ،
ويفسر مولانا الخبر بأنه ما دام قد وضع العلم في مقابل الدنيا فلا شك أنه غير علم الدنيا ، وليس هناك سوى الدنيا إلا الآخرة .
 
( 3901 - 3927 ) : عودة إلى حكاية الأمراء الثلاثة وقلعة ذات الصور : لقد صاروا جميعا يعانون همّا واحدا ، ويتحملون حزنا واحدا ، ويواجهون هذه المشكلة بسلوك واحد ، ويحترقون في أتون واحد هو أتون العشق . وها هو الأخ الأكبر يقوم بينهم خطيبا يذكرهم بما كانوا عليه فيما مضى قبل أن يفتنوا : إنه يذكرهم بأنهم كانوا الناصحين للناس بالصبر وطالما قالوا لكل ممتحن إن الصبر مفتاح الفرج . فكيف لا يلجأون إلى هذا المفتاح ؟ ! ماذا جرى ؟ !
هل نسخ هذا القانون الأزلي ؟ !
إن هذا العالم قد خلق في ستة أيام وكان سبحانه وتعالى يستطيع أن يخلقه بحرفى " كن " والأن وقد جاء دورنا في تجربة هذا العلاج الناجح ، مالنا أصبحنا كالنساء لا نفعل إلا النواح ؟ !
هيا أيها العاقل اعمل ، وأيها اللسان انصح ، وأيها
 
« 617 »
 
المليك حرك لحيتك ومر بالصفح عنا " إشارة إلى حكاية السلطان محمود الغزنوي وعصابة اللصوص في الكتاب الذي بين أيدينا " ؛ ( انظر الأبيات 2825 و 2847 و 2918 ) ، هذا أو أن الرجولة فأظهرها ، كيف تكون عالي الصوت خطيبا مفوها واعظا ناصحا عند مصائب الآخرين ، فإذا وقعت أنت في المصيبة أخذت في النواح والعويل ، إن ما قمت به من أعمال خلال عمرك الطويل لا بد وانه قد جعل منك مستعدا للحرب والمقاومة فيها ، لقد آن أو ان النزال ، وحافظ على رئاستك وعلى كرامتك ، لا تفقد مظاهر رجولتك ، والدور عليك الآن في اللعب ، فانشط وعد إلى طبيعتك .
 
( 3928 - 3947 ) : على ذكر وجوب عودة المرء إلى طبيعته يذكر مولانا جلال الدين حكاية أخرى هازلة ، صمت المفسرون عن البحث عن مصدر لها ، ويقدم مولانا شخصية الفقيه ساخرا ، فقد كان من الممكن أن يعتذر عن الشراب دون أن يحدث هذه الضجة المبالغ فيها إظهارا لزهده وورعه ، ثم يترك مولانا سياق الحكاية لحديثنا عن أهل المعنى عندما يبتلون بصحبة أحد من أهل الدنيا أو أهل الظاهر ، إن الحق سبحانه وتعالى يسقى خواصه من خمر ليست هي خمر الدنياإِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً( الإنسان / 5 ) ،
هذه هي معرفة عالم الغيب وعندما يعرضون خمرهم على من لم يؤذن له بها يعرض عنها ، وينصرف إلى قشور المعرفة ، فمتى كانت المعدة تستريح من القش ؟ ! إن هذه القشور التي يهرع إليها أهل الدنيا هي حطب جهنم ، وإذا أضرمت النار في لب أنضجته ولم تحرقه ، إن الحق الحكيم ، دائما يفرق بين القشور واللباب ، وهو أدرى بها ،
 
وهذه هي سنته في خلقه ، إن هذا ليس إحراقا بل إنضاج ، " نار المحنة تحرق الفج الجاهل وتنضج العالم العارف العاقل " ، وهكذا أيضاً خمر الكرام ، هي إنضاج ونور لأهل المعرفة ، لكنها سم زعاف لأرباب الجهل ، والله تعالى ينبه عباده المخلصين دوما ، ويبتليهم لكي يعودوا إلى طبيعتهم ، ولو لم يفعل ذلك لحرموا من عطائه ومكافأته .
 
« 618 »
 
( 3949 - 3952 ) : إن الله تعالى جلت قدرته يستطيع أيضاً أن يسلب العقل من الرأس ، حتى الشمس التي تبث النور هي أيضاً أسيرة في يد الحق ، ويجعل الفلك يدور حول نفسه إن أمره بذلك ، والعقل الذي يسيطر على عقل آخر ويوجهه إنما يحمل قبسا من نور الله ، فالعقول بمثابة قطع الشطرنج في يد القدرة يوجهها حيث يشاء .
 
( 3964 - 3970 ) : المقصود أن المرأة تتطبع بما يعودها زوجها عليه ، أحياناً يعطف وأحيانا يقسو ، لكن لا غنى لأحدهما عن الآخر ، هذه هي لعبة الحياة ، لا غالب فيها ولا مغلوب ، بل إن كل عنصر يكمل الآخر ، وليست هذه اللعبة قاصرة على الزوج والزوجة ، بل هي لكل معشوق وعاشق ، القديم والحادث ، والجوهر والعرض ، فكلاهما يلتف حول الآخر ويطوف حوله ، مثل التفاف العاشقين ويس ورامين ، وكل عشق سواء كان جسديا أو روحانيا فيه هذا الالتفاف بين العاشق والمعشوق ، لكن له صوراً أخر ، لكني ذكرت الزوجة والزوج على سبيل المثال لأنه مثال واضح ، ومولانا ناظر في هذه الأبيات إلى قول الرسول صلى اللَّه عليه وسلّم في خطبة الوداع ، [ اتقوا الله في النساء فأنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ] ( مولوى 6 / 541 )
 
( 3974 - 3993 ) : ليس التقاء الجسدين في رأى مولانا مجرد شهوة وتطفاً ، بل هو التقاء روحين في المقام الأول ، وهكذا نسي الفقيه زهده وورعه " المصطنع " ، ونسيت الجارية خوفها وتمنعها ، ويطول اللقاء ، ليضبطهما الملك متلبسين بالجرم المشهود ، لكن الأمر لا يثير عنده سوى بعض الغضب ثم السخرية من الفقيه " الورع " الذي سقط من أول مجلس شراب ، ويسوق مولانا على لسان الملك سمة محببه في الملك في تصرفه تجاه الرعية بأن يرضى لهم ما يرضاه لنفسه وأن يطعمهم مما يطعم وذلك مصداقا للحديث النبوي الشريف :
[ إخوانكم خولكم جعلهم الله فتية تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه من طعامه ويلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليعينه ] ( جامع / 1 - 14 ) . ويعود
 
« 619 »
 
الابن الأكبر للملك ( في قصة قلعة ذات الصور ) إلى الحديث : لقد حدث قبل ذلك أن أعاد الكثيرين إلى طبيعتهم ، وحثهم على الصبر ، فهيا تصبر ، وعد إلى نفسك الصابرة برجولة ، واستخدم هذا العقل المفكر دليلا لك إلى الصبر ، مثلما كان صبر محمد صلى اللَّه عليه وسلّم على الكفار وأذاهم سببا في معراجه وقربة من الله سبحانه وتعالى ، وهكذا يكون لك الصبر جناحا تحلق به إلى أوج العرش والكرسي .
 
( 3994 - 3999 ) : لقد كان من المفهوم في الأبيات السابقة أن الأمير يوصى نفسه بالصبر عن طلب المحبوب ، وإيثار السلامة ، لكن الأمور تجرى على غير ما هو مفهوم فالصبر المطلوب هنا هو الصبر في طلب الحبيب ، قال كبيرهم هذا ، وانطلقوا في طريقهم ، فلم يعد الأمر في أيديهم ، وهكذا انطلقوا إلى بلاد الصين ، فإن كان طريق الوصل مسدودا ، فالقرب بقدر الإمكان محمود ، أو ما لا يدرك كله لا يترك كله ، والعاشق يظن أن طريق الوصل خطوتان وقد وصل ، أو يقول أبى اليزيد البسطامي " خطوة بالجهد وأخرى بالتوفيق " ، ( استعلامى 6 / 420 وانظر البيت رقم 1550 من الكتاب الرابع ) ، لم يكن الأمراء وحداء في هذا الطريق ، فمن قبلهم كم من أناس تركوا الملك ، مثل إبراهيم بن أدهم ( انظر البيت 727 من الكتاب الرابع ) ، وكم من نبي صبر من أجل المحبوب ، ألم يدخل إبراهيم عليه السّلام نار النمرود ؟ ! وألم يسلم إسماعيل عليه السّلام رقبته للذبح ؟ !
 
( 4000 - 4013 ) : يقدم مولانا جلال الدين نموذجا آخر من الملوك الذي شردهم العشق ، وزهدهم في عروشهم وسطوتهم وصولجانهم ، ويقدم سيرة امرؤ القيس الشاعر الجاهلي الشهير من وجهة نظر صوفية ، فامرؤ القيس لم يترك الملك إلا لمقتل والده ، وقولته الشهيرة " اليوم خمر وغدا أمر " ، وذهابه مستنجدا بملك الروم ، ومقتله غيلة أو بمؤامرة ، إلى آخر هذه الروايات غير الثابتة ، بل هو في رواية مولانا جلال الدين ترك الملك زهدا ، وترك النساء المتراميات عليه لجماله تعففا ولأن جمالهن صوري ، وانطلق يبحث عن الملك الخالد
 
« 620 »
 
ملك العشق ، والجمال الخالد جمال الحقيقة ، واحترف الملك صناعة الطوب اللبن في تبوك ، وها هو ملك الروم يعرض عليه ملك الدنيا ، لكن امرئ القيس يبوح له بالسر الذي شرده ، سر العشق ، فيجره إلى عالمه بهمسة واحدة ، ويسيحان معا في البلاد ، ولم يكونا أول الملوك أو آخرهم ، فالعشق قد ارتكب هذا الأمر كثيرا ، ( خاصة بالنسبة للملوك الذين أصبحوا أنبياء وأولياء بوذا والنعمان بن المنذر ولهراسب في الشاهنامه وإبراهيم بن أدهم وغيرهم وغيرهم ) ، ( استعلامى 6 / 421 ) إن العشق بمثابة الثقل الأخير الذي يوضع في سفينة الحياة الوتيرية الهادئة الناعمة ويجعلها تمخر عباب بحر الحقيقة الهائج .
 
( 4014 - 4023 ) : يعود إلى قصة قلعة ذات الصور والأمراء الثلاثة ، الذين نسوا مملكة والدهم ، وطافوا بمملكة الصين أملا في التقاط " حبوب " المعرفة ، كانوا يعلمون أنهم يملكون سرا خطيراً لا يملكون البوح به حتى بينهم وبين أنفسهم ، ولو كانوا قد باحوا به ، لفنوا وانعدموا دون نتيجة تذكر ، ولضحوا بأنفسهم بشروى فقير وبثمن بخس ، فالعشق من غيرته قاتل ، حتى في أوقات الرضا ، فما بالك إن كان غاضبا ، إنه أشبه بالأسد الذي يهاجم مرج الروح ، لكن دعه يقتل ، فإن في قتله هذا حياة الأبد وعيشة الخلود ( انظر مقدمة الترجمة العربية للكتاب الثالث ، وانظر الأبيات 3835 - 3839 من الكتاب الثالث وشروحها ) إن الأمراء الثلاثة يتحدثون بالكناية والرمز فأي لغة هذه التي تصلح للعشق ، إن الخوف - خوف نتيجة البوح - يسيطر عليهم سيطرة شديدة ، الخوف من غيرة الحق ، ومن عواقب ذيوع السر ، ومن ثم كانوا يتحدثون إلى بعضهم بلغة الكناية التي لا يفهمها " الأغيار " ممن لم يجربوا عالم العشق .
 
( 4024 - 4034 ) : يسمى مولانا هذه اللغة الخاصة لغة العشق ب " منطق الطير السليماني " ( انظر الكتاب الثاني ، البيت 3774 والكتاب الرابع الأبيات 851 - 858 وشروحها ) وفي هذه اللغة مصطلحات يعرفها أعزاء الحق ، وهي ليست من قبيل الألفاظ التي نجد معانيها في
 
« 621 »
 
المعاجم ، ويسمى هذه اللغة بلسان الطير ، وهي لغة لا يعرفها الغافلون والسذج ، حتى وإن تشابهوا مع سليمان عليه السّلام ( أو مع الأولياء ) في الصورة والجسد ، فأشباه سليمان عليه السّلام هم الأولياء الواصلون ، أما الشيطان وإن سرق الخاتم وتشبه بسليمان وجلس على كرسيه ، فلم يكن له بهاء سليمان ولا معرفة سليمان ولا فهم سليمان للغة الطير
( انظر تفصيلات في الترجمة العربية للكتاب الرابع البيت 1264 وما يليه ) ، لقد كان تعليم سليمان من الإله ، ومن ثم أعلن ذلك بقوله عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ( النمل / 16 ) .
وما دمت لا تفهم لسان طيور الهواء ( الأولياء والعارفين ) فافهم أنك لا تملك علم الباطن مثل سليمان ، ولم تر الطيور المقصودة التي هي من لدن الله تعالى ، ومن أين لك أن تفهم وهذه الطيور كطائر العنقاء ( الأسطورى ) تعيش فيما وراء جبل قاف ( في ما وراء حدود هذا العالم المادي ) ،
هذا اللهم إلا أولئك الذين انشغلوا بعلوم الدنيا وسطع في قلوبهم شعاع في نور الحقيقة إتفاقاً وعلى سبيل الصدفة ، لكنهم لم يتشبثوا به فمنوا بالفراق ، لكن هذا الفراق ليس فراقاً نهائياً ، فإن من ذاقه مرة لم ينسه ولم تنقطع صلته به ، وهذا الفراق فراق مصلحة من أجل ألا يذوب ذلك الجسد الروحاني ( الذي وجد قبساً من الروح ) وينتهى كلية ، ومن أجل أن يساعد في المسيرة الروحانية ، فاطلب من المرشدين الصلاح ، ولا تسرق مصطلحاتهم ويضيف الانقروى ( 6 - 2 / 403 ) " مشاهدة الأبرار بين التجلي والاستتار " وينقل عن سعدى بيتين عربيين :أشاهد من أهوى بغير وسيلة * فيلحقنى شأن أضل طريقا
يؤجج نارا ثم يطفى برشة * لذاك تراني محرقا وغريقا
 
( 4035 - 4051 ) : يشير مولانا إلى أن الأمراء الثلاثة كانوا يستخدمون فيما بينهم مصطلحات خاصة بهم ، ويتحدث عن لغة زليخا ( امرأة العزيز ) الخاصة التي كانت تتحدث بها عن يوسف عليه السلام ، وكان صويحباتها يعرفن كنايتها ويفهمن لغتها الخاصة ، والرواية هنا ذات أصول وردت في كتاب بحر المؤدة في أسرار المحبة المنسوب إلى أحمد
 
« 622 »
 
الغزالي وفي كتاب شرح التعرف لإبراهيم بن المستملى البخاري ( 1 / 106 ) ( عن فروزانفر مآخذ 219 - 20 ) ويطور مولانا الروايتين المذكورتين ، فعندما تذكر زليخا شيئاً محببا من قبيل " ليونة الشمع " أو " طلوع القمر " و " اخضرار عود الصفصاف " وما إليه فهذا يعنى أن الحال بينها وبين يوسف على خير ما يرام ، وإن ذكرت شيئاً منفراً فمعنى ذلك أنها تعاني من الحبيب الهم والفراق ، لقد كانت زليخا لا تتحدث في الواقع إلا عن يوسف ، مهما ذكرت من أسماء ، كان ذكر يوسف طعامها عند الجوع وماءها عند العطش ودواءها عند المرض ، وفراءها عند البرد " في رواية شرح التعرف ورووا في قصص زليخا أنها عندما كانت تغلبها المحبة كانت الصفات كلها تتحول إلى يوسف ، فعند البرد كانت تنطق اسم يوسف فتشعر بالدفء بحيث يتصبب منها العرق ، وكانت إذا نظرت إلى يوسف حدث لها نفس الشئ ، وعند الحر كانت تذكر يوسف فتشعر بالراحة وكذلك عند العطش والجوع كانت تذكر اسم يوسف أو تنظر إليه فتستغنى عن الطعام والشراب ، ( شرح التعرف 1 / 106 ) .
 
( 4052 - 4067 ) : أنظر إلى زليخا إنها تذكر يوسف المحبوب في كل ما تقول ، ما تلفظ من قول إلا وفيه إيماءة أو إشارة أو ذكر ليوسف ، فما بالك بأولئك العوام الذين يذكرون اسم الله على طرف اللسان ، ولا حضور له سبحانه وتعالى ولا عشق في قلوبهم ، شتان ما بينهما ، فما كان اسم يوسف يفعله في زليخا ، كان اسم الله يفعله في عيسى عليه السّلام ، إن الروح المتصلة بالحق ، ذكرها ذكره ، وذكره ذكرها
أو كما قال ابن الفارض :
ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها * وذات بذاتى إذ تجلت تجلت
فوصفى إذن لم يدع اثنين وصفها * وهيئتها إذ واحد نحن هيئتى
فإن دعيت كنت المجيب وإن أكن * منادى أجابت من دعائي ولبت
( انقروى 6 - 2 / 406 ) ،
إنها روح تكون خالية من نفسها ممتلئة بالله سبحانه وتعالى ، ومصداقاً للقول المأثور " كل إنا بما فيه ينضح " ، فلا ذكر إلا الله ، ولا وجود إلا الله ، ولا فعل


« 623 »
 
يصدر عن الولي ورجل الحق إلا عن الله ، ومن هنا يقوم الأولياء بخوارق العادات فلا هي تجرى على أيديهم ولا بحولهم بل بحول الله تعالى وطوله . ( انظر 202 من الكتاب الثاني و 905 من الكتاب الرابع ) ، إن رضا الولي وابتسامه وتهلل وجهه إنما هو رضا الوصل وسروره ( انظر الترجمة العربية للكتاب الرابع الأبيات 3242 - 3254 وشروحها ) .
وما هذا الحزن والاكتئاب عند بعضهم إلا لأنهم مطرودون عن عتبة الحق مبعدون عنها ، ذلك أن كل إنسان يحس في قلبه بمائة مراد ، تتفرق به السبل والأودية فلا يبالي في أي واد هلك ، وهذا ليس من مذهب العشق ولا الوداد فليس ثم إلا وجهه ونقل الأنقروى عن ابن الفارض :وعن مذهبي في الحب مالي مذهب * وإن ملت يوماً عنه فارقت ملتى
ولو خطرت لي في سواك إرادة * على خاطري سهواً قضيت بردتى
( انقروى 6 - 2 / 407 ) ،
والشمس نفسها على عظمتها وجلالها بين الكواكب هي مجرد نقاب أمام هذا الوجه ، إنها مظهر من مظاهر تجلى الحق ، والذي لا يعرف الوجه من النقاب يكون مشركاً ( انظر آية 24 من سورة النحل والأبيات 577 - 580 من الكتاب الرابع وشروحها )
 
فالحق بالنسبة للعشاق هو كل شئ ، هو النهار وهو الرزق وهو القلب وهو حرقة القلب مثلما تحصل الأسماك من البحر على كل شئ ( انظر إننا أسماك وأنت بحر الحياة من الكتاب الثالث البيت 1342 وشروحه )
 
والعاشق كالطفل الرضيع والحق بالنسبة له كاللبن الذي يرضعه سواء عرفه أو لم يعرفه لا محيص له منه ولا مهرب له عنه ، ولا تدبير له في سواه ، إنه مثل تلك الورقة المستديرة التي تكتب فيها سورة من القرآن على نية شفاء المريض أو عودة الهارب ، فإذا كان المرء يؤمن بهذه الورقة ، فأولى به أن يؤمن أنه لا مهرب من الحق ، ولا محيص منه ، ويؤمن أنه مرتبط به إيماناً لا يقل عن إيمانه بتأثير هذه الورقة التي تحفظ المريض بين دفتيها وترد الهارب ، فالفاتح هو الله ، والمفتوح هو السر المراد ، والروح وإن كانت ذاهلة ، إلا أنها ليست ذاهلة في عودتها ، فهي عودة طبيعية مثل عودة السيل إلى البحر ، إن البحر


« 624 »
 
هو الذي يدعوه ، لا جدول ماء ولا غيره ، وعندما ما يجد أحدهم النداء ، نداء البحر ، فإنه يضيع فيه . ويصير بأجمعه غريقاً في البحر ومن هذا الغرق يجد الوجود الحقيقي ، مثلما تضيع البذرة في التراب ، وبعدها تتخلق شجرة ذات ورق وثمر ووجود حقيقي ( أية حبة غرست في الأرض ولم تنبت ، فكيف يكون ظنك هذا بحبة الإنسان ؟ كليات ديوان شمس غزلية 911 ص 367 ) وفي الشطرة الثانية إشارة إلى قصة صدر جهان آنفة الذكر والفقيه الذي تظاهر بالموت لينال العطاء ( انظر 3850 من الكتاب الذي بين أيدينا ) .
 
( 4068 - 4084 ) : البيتان العربيان المذكوران في العنوان لم أعثر لهما على أصل . عودة إلى قصة الأمراء الثلاثة وقد وصلوا إلى الصين متوارين مختفين . وها هو الأخ الأكبر يجد نفسه قريباً من الهدف لكنه لا يناله ، ويفقد صبره واحتماله . ودخل في مرحلة اللامبالاة ، وعدم تحمل الانتظار ، وهكذا نكون كلنا عندما نقترب من الهدف ، وأصعب ما في صعود الجبل صعود قمته ، ما هذا الانتظار وما هذا القلق وإلى متى تحمل هذه الواقعة التي تفت العضد وتفل الطاقة ؟ ! إن تحمل هذا الفراق من علامات النفاق ، أصبر على المحبوب وهو قيد خطوات ؟ ! إن هذا ليس من العشق في شئ ، وعلام أخاف ؟ أعلى الرأس ؟ إن العشق يهب رؤوساً بدلًا من هذه الرأس ، وأية حياة هذه أشبه بالموت بل إن الموت أفضل منها ، إن السيف لا يقتل روح العاشق " من عاشق بالعشق لم يمت أبداً ، إنه ينفض الغبار ، غبار أدران الدنيا وأدران الجسد عن هذه الروح
[ فالسيف محاء الخطايا ]
 
( حديث نبوي ) ، وعندما ينتفى غبار الجسد فإن قمر الروح يتألق من تحت سحاب الجسد وغبار الدنيا ، إنني دائماً في عشق هذه الحسناء أغنى لحناً واحداً غناه من قبلي الحسين بن منصور الملاح " إن في موتى حياتي " ألست أدعى أنني من الطيور المائية طيور هذا البحر (التعبير من مقالات شمس الدين وانظر 3782 من الكتاب الثاني و3490 من الكتاب الثالث)،
 
فإذا كنت حقاً من هذه الطيور فلماذا أصرخ من طوفان البلاء ؟ ! وهل يهلع السالك من غرق سفينة جسده ، إنني أدعى العشق ،
 
« 625 »
 
كيف ؟ وجسدي حي وروحي حية ، إنني مدع ، لكنني مدع ولست كذاباً ، أدعى العشق وإن كنت غير جدير بالوصال ، إنني أشبه الشمع تقطع رقبتي فأزداد ضياء ( الصورة من شعر منوحهرى الدامغاني المتوفى سنة 432 ه ) ، إن عشاق الحق إذا احترق كل ما يملكون فإنما يكفيهم ويعوضهم إن يتألق عليهم شعاع واحد من نور الحق وأعزاء الحق لا يحتفون ، لقد جاهد إخوة يوسف في أن يخفوا يوسف عن أبيهم لكن آية واحدة من آيات الحق ( القميص ، بل ريح يوسف في القميص ) دلت يعقوب عليه وجعلت حيلة أخوة بدداً .
 
( 4085 - 4107 ) : يقوم الأخوان الآخران بنصح الأخ الأكبر : لا تكن غافلًا عما يحيط بك من أخطار ، لا تحرك آلامنا ، إنك لست موقناً من الوصول ، فكيف تلقى بنفسك في الخطر لمجرد الاحتمال والشك في إنك سوف تصل تقوم بهذه الفعلة ، دون أن تعدلها عدتها ، وما هي عدتها ؟ إنها تدبير الشيخ المرشد الذي يأخذ بيدك ، كيف يستطيع سالك مبتدىء أن يمضى إلى نهاية الطريق ؟ لقد كنت معتمداً على العقل ، وها أنت بقولك هذا تدل على أن عقلك قد ضاع منك ، فلا بد لك من عقل المرشد ، فإن لم تكن مظفراً فعش في ظل مظفر ، وإن لم تكن ذا بصيرة فتتبع خطو ذي بصيرة ( انظر الكتاب الثالث الأبيات 276 - 279 وشروحها ) ،
 
وكيف بك تمضى دون مرشد ؟ ألست ترى الفخاخ حولك ؟ وكلها جراح تبدو لك في صورة الدواء ( عن الفخاخ انظر الكتاب الثالث 269 - 275 وشروحها ) انظر الحية تمسك في يدها ورقة شجرة يظنها الطائر قوتاً فيسقط في فم الحية ( الصورة مكررة في البيت 281 من الكتاب الثالث ) ، ويمكن أن تكون الإشارة هنا إلى المثل العربي القائل " المال حية " انظر البيت 5290 من الكتاب الخامس ) ،
والتمساح يصيد الطيور التي تطحن الديدان العالقة بأسنانه مائدة شهية ، نعم ، هذه هي صورة الدنيا تماماً ، تمد إليك صنوف النعيم ، لتقتلك ( ثبت طبياً أن الأمر حقيقة وليست مجازاً ، والموت بالأمراض المستعصية وأمراض القلب نسبتها الأكبر في الدول المرفهة ) ،
إنني أضرب لك صوراً من مكر الحيوان فكيف بالإنسان ومكره وهو سيد على كل
 
« 626 »
 
هذه الحيوانات قد غلبها وسيطر عليها بمكره ، فإياك من نفاقه وتظاهره ، يكون أحدهم متظاهراً بتقوى على الأصغر بن الحسين السجاد رضي الله عنه ، لكنه يخفى خنجره القاتل في كمه ، يتهلل في وجهه ، وفي قلبه كل سحر أهل بابل ( انظر عن الملكين ببابل ، البيت 539 من الكتاب الأول والبيت 797 من الكتاب الثالث والرابع 2674 والخامس 623 - 626 ) أو كما يقول عليه السلام عن بعضهم [ ألسنتهم أحلى من السكر وقلوب الذئاب ] ( انقروى 6 - 2 / 415 ) .
 
( 4108 - 4119 ) : إن متاع الدنيا قليل ، ونورها كالبرق الخاطف لا يدوم ، وبعدها ظلمة مترامية ، ومفازة دون شعاع من نور ، فإن قنعت بنور البرق حرمت من نور ربة الشرق ، فتتفرق بك السبل في الظلام ، وتتوه وتضل بلا دليل ، بل إنك عندما ترى الدليل تنصرف عنه ، وأنت في سعيك وبحثك عن جاه الدنيا تتخبط ، ففرق بين طالب الجاه وطالب الله ،
 
إنك ترى أنك في نهاية الطريق ، وأنت لا زلت في بدايته ، بل إنك لم تبدأ الطريق أصلًا ، إنك تقطع الطرق على الظن ، ولو أنك تسير مع مرشد لقطعت الطريق الأصلي في عشر معشار ما قطعت فيه كل هذه الطرق ، وهذا بعيد عنك وعن رشدك بعد أن قرأتإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً *( يونس 36 ) فتركت ربة الشرق وسرت في نور البرق .
 
( 4120 - 4136 ) : الحديث يبدو من الأخوين إلى الأخ الأكبر لكنه من إفاضات مولانا جلال الدين في الحقيقة يحدث المغرورين المبتعدين عن دائرة الإرشاد ، واركب سفينتنا أيها الضال خطاب نوح عليه السلام في الحقيقة إلى ولده كنعان ( انظر تفصيلات الكتاب الثالث ، الأبيات 1310 - 1335 وشروحها ) ،
 
واربط سفينتك بسفينتنا أي الحق وجودك بوجودنا ، إن العمى عيب واحد ، لكن العمى والابتعاد عن المرشد في نفس الوقت هو العمى المركب ، أتراك تهرب من مجرد الاتباع والاقتداء إلى المتاهات والضلال ، فيا لك من هارب من بعوضة إلى عقرب وهارب من القطر إلى اليم ، وهارب من شدة الأب وحرصة على تأديبك بالشدة إلى
 
  « 627 »  
صحبة الشواذ وإلى الفتنة وإلى الشر ( انظر شدة الأب خير من حنان الأم الكتاب الذي بين أيدينا الأبيات 1437 - 1443 وشروحها ) وانظر إلى سيدنا يوسف عليه السّلام ، لقد أخذ الإذن من أبيه لكي يرتع ويلعب ، وأخذته يرتع ويلعب هذه من أحضان أبيه وألقت به قاع البئر ( انظر الكتاب الثالث البيت 417 ) ،
ولو لم يكن أبوه قد أذن له ، لضاع وانتهى في غيابة الجب ، وهكذا فكل أعمى البصيرة وسالك مغرور غير خبير يعصى أوامر الشيخ ، فإنه يحرم من فيضه ، وقد تكون فيه نهايته ومهما يناديه عيسى الإرشاد ، هيا تعادل فأنا البشير معي قميص يوسف ألقيه على وجهك فترتد بصيراً ، فتعال أيها الحمار العجوز العنيد الكسول ، واختر الشيخ ، فلا كان هناك غير الشيخ قائداً أو دليلًا ، ولا أقصد بالشيخ ذلك الذي شيبته الأيام
( انظر لشيخ العقل وشيخ الأيام الكتاب الرابع الأبيات 2160 - 2168 وشروحها وانظر أيضاً الكتاب الأول 2943 )
 
إن هذا الشيخ هو الذي يستطيع أن يخرج بك من الظلمات إلى النور ، ويوفر عليك المجهود ، فتنجو بفضله من عبادتك للظلمة وانغماسك في الضلال .
 
( 4137 - 4150 ) : إن الشيخ لا يطلب منك سوى شرط واحد : أن تستسلم له بكليتك وألا تجادل أو تناقش وأن تبرأ من كل حول وقوة لك ، إن السهم لا ينطلق إلا بالقوس ، وأنت لن تنطلق إلى السماء إلا بقوس الشيخ ، لن تكون أكثر قوة من النمرود الذي أراد أن يطير إلى السماوات محلقا بأجنحة عشرة نسور فلم يجده ذاك نفعا ،
 
وكان يستطيع أن يصل عن طريق إبراهيم عليه السّلام لو أنه أطاعه ، إن المرشد هو السلم إلى السماء ولا سلم سواه ، لماذا تفكر دائما في سفر الجسد ، إن سفر الروح لا وسيلة له سوى المرشد ، انظر : ألا تسافر أحاسيس الناس وهم نيام ثم تعود عند اليقظة ؟
 
( انظر الأبيات 1691 - 1700 ، البيت 2100 من الكتاب الأول وشروحها ) ،
والمعارف أيضاً يمضى إلى مئات العوالم وهو جالس مستريح في مكانه ، وإذا لم يكن هذا السير الروحاني قد حدث له فمتى عن له وتيسر له أن يخبر عن الولايات البعيدة ( انظر الكتاب الرابع ، الأبيات 1802 وما بعدها وشروحها ) وهم متفقون في هذا لا
 
« 628 »
 
يختلفون كعلماء الظاهر ، ذلك أن عملهم كحضور الكعبة وسط النهار في حين أن علم علماء الظاهر كالتحرى ( البحث ) عن الكعبة ( جهة القبلة ) في الليل الداجى .
 
( 4151 - 4154 ) : لا يزال إبراهيم عليه السّلام يحذر النمرود أو بمعنى أصح لا يزال يبين للسالك العاصي الذي يريد أن يسير في هذا الطريق وحده وكلها في إطار نصح الأخوين لأخيهم الأكبر ، هيا أيها النمرود ودعك من أجنحة النسور واطلب أجنحة من الرجال ، ودعك من عقلك الجزئي الذي يسير به في طريق عالم الغيب وهو لا يصلح إلا للدنيا وإلا لما تمليه عليه الحواس ( انظر البيت 1559 من الكتاب الثالث والبيت 2723 من الكتاب الذي بين أيدينا )
ودعك يا قليل الهمة من جيفة الدنيا ( انظر 1042 من الكتاب الرابع و 3485 من الكتاب الذي بين أيدينا )
 
وعقول الأولياء بمثابة جناح جبرئيل تطير حتى سدرة المنتهى مرحلة بمرحلة ، إنني - والكلام على لسان إبراهيم عليه السّلام للنمرود - بازى السلطان ، لي صلابة البازي وطهره وزهده وملازمته السلطان - الخالق - وبمعونة جناح واحد منى تستطيع أن تصل أنت أيضاً إلى ساعد السلطان
( انظر الغزلية رقم 441 ، ص 203 من ديوان شمس الدين التبريزي ) فحتام تسير على العمياء ؟ إنما يلزم لكل حرفة وكسب أستاذ فكيف تمضى بلا أستاذ ؟ ! ( لتفصيل الفكرة انظر الكتاب الخامس ، الأبيات 1425 - 1431 وشروحها ) .
 
( 4156 - 4172 ) : عودة إلى حديث الأميرين إلى أخيهما الأكبر ويبين مولانا في هذه الأبيات صراحة أن بنت ملك الصين ليس لها وجود صوري وإن ملك الصين نفسه وجود روحاني ومعنوي وأن معظم السالكين والباحثين بالرغم من أنهم وجدوا ارتباطاً روحانياً مع هذا الوجود ، إلا أنهم لم يصلوا قط إلى بنت ملك الصين وهي سر من أسرار الغيب ،
وكل ما قاله لك الشيخ امض وفقاله ، لا تخدعه ، ولا تشح عنه بوجهك ، إن الناس جميعا يقولون إن ملك الصين " لم يلد " ( الإخلاص / 3 ) ، وأنهمَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً( الجن / 3 ) ، ومن قال هذا فقد عرض روحه للدمار ، فإن الملك يطلب منه إثبات ما لا سبيل إلى إثباته ، وهناك
 
« 629 »
 
خندق ملىء برؤوس فصلت عن أجساد أصحابها لأنهم " جدفوا " بهذا الباطل وخاضوا فيه ، وهكذا كانت نهايتهم مهما كان سيرهم ، وهكذا السائر مائة عام على العمياء ودون هداية المرشد ، وأقرأ يا أخانا قول الله تعالى وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ( البقرة / 195 ) .
 
( 4173 - 4188 ) : يجيب الأخ الأكبر مستبعداً أن الأوان أوان انتظار المرشد أو انتظار الدليل ، إن الزرع قد استوى على سوقه وقد آن أوان المنجل والحصاد ، أي صبر والعشق قد أضرم النار في مقام الصبر ، فكفاكم حديثا ، وكفاكم تحذيرى بالخطوب ، فلا صبر عندي ، مات صبري ولكم طول البقاء ، أي رأس تخاطبه وأي عقل تخاطبه ، لقد انقلبت رأساً على عقب ، أنت تحدث الآن قدمي ، فهل تفهم القدم ؟ !
لقد سقط البعير من شدة الحمل ولم يعدله من حل سوى الذبح ؟ !
أي خندق وأية رؤوس مقطوعة ، إنها مجرد مزاح إلى جوار هذا الألم الذي أحس به ، فهل أخفى الهوى ؟ !
وهل يمكن إخفاءه ؟ ! كأنني أدق الطبول تحت الغطاء ! !
 
فإما أن أرى محبوبى وأما أن أفقد رأسي ، وجدير بهذا الرأس أن يفقد في سبيل هذا الهدف ، وأولى بالحلق الذي لا يتحمل شراب الهوى أن يذبح ، أو كما نقل الأنقروى عن ابن الفارض ( 6 - 2 / 426 ) :
وانى إلى التهديد بالموت راكن * ومن هوله أركان غيرى هدتوأولى بالعين التي لا تبصره أن تعمى ، والأذن التي لا تسمع سره أولى بها أن تقطع ، واليد التي تخلو من هذه العطية عطية رؤية الحبيب أولى بها أن تقطع بيد القصاب ، والقدم التي لا تتنزه في رياض أسراره أولى بها أن تغل في الأغلال حتى تستريح منها الرأس ! !
 
( 4189 - 4198 ) : يقدم مولانا عنوانا جديداً ، إن الأخوين ينصحان أخيهما الأكبر بأن يدق باب المرشد ، وما وقر في ذهن الأخ الأكبر أن أبواب الله كلها واحدة ، وأنه من الممكن أن يدق على باب ، بينما ميسر له الله العطية من باب آخر ، إنه " معه " أي مع الله سبحانه وتعالى . والله يقولوَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ، والله
 
« 630 »
 
سبحانه وتعالى يعرف بفسخ العزائم ونقض الهمم ، ( انظر الكتاب الثالث ، الأبيات 4465 - 4470 وشروحها ، والبيت 3695 والبيت 3489 من الكتاب الذي بين أيدينا ) يقول الأخ الأكبر : إنني سوف أصل إلى بغيتي إما في هذا السفر وإما عند عودتى ( إشارة إلى الحكاية التي تبدأ بالبيت 4220 من الكتاب الذي بين أيدينا ) ، المهم أن أحافظ على المعية ، ألا يفارق قلبي أنه جل شأنه معي وذلك مصداق للآية الكريمة : وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ ( الحديد / 4 ) ،
 
والمهم أن يظل هذا القول في أذني ، لقد قال ( وهو معكم ) بحيث يطرد عن القلب اليأس من أن يظن أنه مختوم عليه ، وحتى يجاهد ويسعى ولا يدرك أن الحبيب موجود في قلبه ، وأنه ليس عليه أن يبحث خارج هذا القلب . فاطلب المعية كما كان يطلبها الحسين بن علي رضي الله عنه في دعاء عرفة : " إلهي ترددى في الآثار يوجب بعد المزار فاجمعنى بخدمة توصلني إليك " ( جعفري ، 14 / 452 ) .
 
وحتى يدله بعد السعي والسير والسفر أن مطلوبك في الدار وأنت تبحث خارجها إنه يريد - أحيانا - من العبد أن يسير في الطريق العكسى وأن يبذل جهدا خارقا في طريق المعرفة ، ويستخدم مولانا الفريضة الرياضية التي تصل إلى الحل الصحيح من فرض خطأين ( استعلامى 6 / 431 ) ، بعدها يعلم العبد ، بعدها وليس قبلها ، المهم أن يسعى ، والله يحقق طلبه من أي باب آخر .
 
( 4199 - 4201 ) : ويشير مولانا إلى أنه قد تحدث عن هذه الموضوعات في أجزاء سابقة - ويضرب المثل بقصة الشيخ أحمد خضرويه الذي كان مدينا في آخر أيامه - ومع ذلك فقد اشترى كل الحلوى التي يحملها بائع متجول وأعطاها لغرمائه دون أن يستطيع دفع نصف دينار هي ثمن الحلوى ، لكن بعد صراخ ابن بائع الحلوى يصل الفتوح ، ويحصل على المبلغ المدين به وفوقه نصف دينار هي حق بائع الحلوى . ( انظر الكتاب الثاني ، الأبيات 379 - 447 وشروحها ) .
 
( 4202 - 4219 ) : ولله - جل شأنه - في خلقه شؤون ، إنه يلقى في قلبك الخوف من
 
« 631 »
 
المكان الذي يكون لك فيه - وليس في غيره - مطمع ويكون لك في الطمع نفسه فائدة ، إذا يعطيكه الله تعالى من موضع آخر ، وفي هذه الألعاب المقلوبة حكمة أخرى ومصلحة ( انظر 1641 و 1745 وشروحها من الكتاب الذي بين أيدينا ) ،
فلماذا طمعك إذن من هذه الناحية ما دام يريد أن يصرفك عنها ، هذه هي حكمته وهذا هو صنعه ، لكي تزداد فيه تحيرا ، وتقر بعجزك وجهلك ، ويوصل لك اليقين بعالم الغيب وتزداد حيرة في المنتجع ، ( المكان الذي تطلب منه القوت ) والمصرف : مصرف القلوب الذي يجذبها من ناحية ويصرفها إلى ناحية أخرى . فترى نفسك تطلب الرزق من عمل ثم يأتيك الرزق من عمل آخر ، فلماذا إذن وجهك نحو العمل الأول وهو يعلم أن الرزق سوف يأتيك الرزق من عمل آخر ، هذا من أجل حكمة نادرة في علم غيبه جل شأنه ، حتى يدفعك إلى التحير في خلقه والتحير عبادة الواصلين ، ومن ثم قال أحد الصوفية : " يا دليل المتحيرين زدني تحيرا " ( انظر الكتاب الثالث ، الأبيات 1108 - 117 وشروحها ) .
ويواصل أكبر الأمراء : وها أنا في حيرة ، هل أصل إلى الحبيب من سعيى هذا أو سأصل إليه من طريق آخر خارج هذا الطريق الذي أسعى به وهو جسدي وذلك بعد أن ينتفى جسدي ، ها أنتم ترون أنه من الممكن بعد التضحية بالجسد أن يحدث المطلوب ، هل يكون مرادي من وصلى هذا ، أو من عالم الغيب المختفى خلف ذات البروج ؟ !


.
الهوامش والشروح المجمعة فى المثنوي المعنوي الجزء السادس د. أبراهيم الدسوقي شتا
* * * 
 أبيات المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة د. إبراهيم الدسوقي شتا 

* * *

عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Empty
مُساهمةموضوع: تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 6.docx    حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا  Emptyالأحد مارس 28, 2021 5:43 pm

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 6.docx 

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 6.txt

تحميل المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي د. ابراهيم الدسوقي ج 6.pdf



عبدالله المسافربالله يعجبه هذا الموضوع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حكاية أخوين أحدهما أجرد والآخر أمرد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكاية قول بلال رضي اللّه عنه أحد أحد .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» حكاية الصوفي والقاضي .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» حكاية ذلك الرجل الذي كان يتقاضى راتبا من محتسب تبريز .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» ديباجة مولانا الدفتر السادس .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا
» قصة تلك الخريطة للكنز .المثنوي المعنوي جلال الدين الرومي الجزء السادس ترجمة وشرح د. إبراهيم الدسوقي شتا

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  حضرة مولانا جلال الدين الرومي-
انتقل الى: