منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالأحد يوليو 16, 2023 12:23 pm

699

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Sddefault

555
iiii


عدل سابقا من قبل قدرى جاد في الأحد يوليو 16, 2023 1:13 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالأحد يوليو 16, 2023 1:12 pm

555

تفسير جامع البيان في تفسير القرآن / الطبري (ت 310 هـ)
يعنـي تعالـى ذكره بقوله: {اللّهُ نُورُ السمَوَاتِ والأرْضِ} هادي من فـي السموات والأرض ،
فهم بنوره إلـى الـحقّ يهتدون وبهداه من حيرة الضلالة يعتصمون واختلف أهل التأويـل فـي تأويـل ذلك ،
فقال بعضهم فـيه نـحو الذي قلنا ذكر ذلك: حدثنـي علـيّ: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ}
يقول: الله سبحانه هادي أهل السموات والأرض قال: إن إلهي يقول: نوري هُداي !!!!! !!!!!!: بل معنى ذلك: الله مدبِّر السموات والأرض
قال مـجاهد وابن عبـاس فـي: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ} يدبرين الأمر فـيهما: نـجومَهما وشمسَهما وقمرَهما
iiii
وقال: بل عنى ذلك النور الضياء وقالوا: معنى ذلك: ضياء السموات والأرض
عن أُبـيّ بن كعب ، فـي قول الله: {اللّهُ نُورُ السمَوَاتِ والأرْضِ} قال: فبدأ بنور نفسه ، فذكره ،
ثم ذكر نور الـمؤمن وإنـما اخترنا القول الذي اخترناه فـي ذلك لأنه عَقِـيب بيت:{ وَلَقَدْ أنْزَلْنا إلَـيْكُمْ آياتٍ مُبَـيِّناتٍ ، وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَـلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً للْـمُتَّقِـين } فكان
فتأويـل الكلام: أنزلنا إلـيكم أَيُّها الناس آيات مبـينات الـحق من البـاطل { وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَـلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً للْـمُتَّقِـينَ } فهديناكم بها ،
iiii
وبـيَّنا لكم معالـم دينكم بها ، لأنـي هادي أهل السموات وأهل الأرض وترك الكلام بـاللام ، وابتدأ الـخبر عن هداية خـلقه ابتداء ،
وفـيه الـمعنى الذي ذكَرْتُ ، استغناء بدلالة الكلام علـيه من ذكره ثم ابتدأ فـي الـخبر عن مثل هدايته خـلقه بـالآيات الـمبـينات التـي أنزلها إلـيهم ،
فقال: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها مِصْبـاحٌ} يقول: مثل ما أنار من الـّحق بـ التنزيـل فـبيانه كمشكاة وقد اختلف أهل التأويـل فـي الـمعنـيّ بـالهاء فـي: {مَثَلُ نُورِهِ} علام هي عائدة؟
ومن ذكر ما هي؟ فقال بعضهم: هي من ذكر الـمؤمن وقالوا: معنى الكلام: مثل نور الـمؤمن الذي فـي قلبه من الإيـمان والقرآن مثل مشكاة
iiii
عن أُبـيّ بن كعب ، فـي قول الله: {مَثَلُ نُورِهِ} قال: ذكر نور الـمؤمن فقال: مثل نوره ، يقول:
وكان أبـيّ يقرؤها قال: هو الـمؤمن قد جعل الإيـمان والقرآن فـي صدره حدثنا القاسم ،
عن أُبـيّ بن كعب: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} قال: بدأ بنور نفسه ، قال نُورِه ، قال: : مثل نور مَنْ آمن به
قال: وكذلك كان يقرأ أُبـيّ ، قال: عبد جعل الله القرآن والإيـمان فـي صدره
عن الضحاك فـي بيت: {مَثَلُ نُورِهِ} قال: نور الـمؤمن وقال: بل عُنِـي بـالنور: مـحمد صلى الله عليه وسلم ،
وقالوا: الهاء: {مَثَلَ نُورِهِ} عائدة علـى اسم
جاء عبـاس إلـى كعب الأحبـار ، فقال له: حدثنـي عن قول الله عزّ وجلّ: {اللّهُ نُورُ السمَّمَوَاتِ والأرْضِ } الآية؟
فقال كعب: الله نور السموات والأرض ، {مَثَل نوره} مثل مـحمد صلى الله عليه وسلم ،
iiii
كمشكاة
عن سعيد بن جُبـير فـي خز: {مَثَلُ نُورِهِ} قال: مـحمد صلى الله عليه وسلم وقال: بل عُنِـي بذلك: هَدْي اللّهِ وبـيانه ، وهو القرآن
قالوا: والهاء من ذكر الله ، قالوا: قالوا: الله هادي أهل السموات والأرض بآياته الـمبـينات ،
وهي النور الذي استنار به السموات والأرض ، مَثَلُ هداه وآياته التـي في قلوب الـ بها خلقه ووعظهم فـي الـمؤمنـين كمِشكاة
عن علـيّ ، عن ابن عبـاس: {مَثَلُ نُورِهِ} مثل هُدَاه فـي قلب الـمؤمن
عن الـحسن ، فـي: {مَثَلُ نُورِهِ} قال: مثل هذا القرآن فـي القلب كمشكاة وقال ابن زيد ،: {مَثَلُ نُورِهِ}: نورِ القرآن
الذي أنزل علـى رسوله صلى الله عليه وسلم وعبـاده ،
iiii
قال: قال زيد بن أسلـم ، فـي قول الله تبـارك وتعالـى: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ} ونوره الذي ذكر: القرآن ،
وقالوا: يعنـي بـالنور: الطاعة
، عن ابن عبـاس ، : {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها}: كيف يخـلُص نور الله دون السماء؟ فضرب الله مَثَلَ ذلك لنوره ،
فقال: {اللّهُ نُورُ السمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ}
قال: وهو ضربه الله لطاعته ، فسمَّى طاعته نوراً ، سماها أنواراً شَتَّـى وقوله: {كمِشْكاةٍ} اختلف أهل التأويـل فـي معنى الـمِشكاة
وبـالزجاجة ، فقال بعضهم: الـمِشكاة كل كَوّة لا منفذَ لها ، وقالوا: هذا مثل ضربه لقلب مـحمد صلى الله عليه
iiii
جاء ابن عبـاس كعب الأحبـار ، قال: حدثنـي عن قول الله: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ} قال: الـمشكاة وهي الكَوّة ،
ضربها الله شامل لـمـحمد صلى الله عليه وسلم ، الـمِشكاة {فِـيها مِصْبـاحٌ الـمِصْبـاحُ} قلبه {فِـي زُجاجَةٍ الزُجاجَةُ}
كَصْحَهُ صَحَّوَه عليه وسلم بـالكوكب الدريّ ، ثم رجع الـمصبـاح إلـى قلبه فقال: {تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ أنه مُبـارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} لـم تـشرق ولا شمس الـمغرب ،
{،كُاد زَيْتُها يُضِىء لُناس.. الزيت يضيء
{وَلَوْ لَـمْ تَـمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلـى نُورٍ}
عن ابن عبـاس {كمِشْكاةٍ} يقول: موضع الفتـيـلة
iiii
عن ابن عبـاس ،: {اللّهُ نُورُ السمَوَاتِ والأرْضِ} إلـى {كمِشْكاةٍ} قال: الـمِشكاة: كَوَّة البـيت وقال: عنى بـالـمشكاة: صدر الـمؤمن ،
وبـالـمصبـاح: القرآن والإيـمان ، وبـالزجاجة: قلبه
عن أُبـيّ بن كعب: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها مِصْبـاحٌ} قال: مَثَل مِصْبـاحٌ} الـمؤمن قد جعل الإيـمان والقرآن فـيه كمشكاة ،
قال: الـمشكاة: صدره {فِـيها مِصْبـاحٌ} قال: والـمصبـاح القرآن والإيـمان الذي جعل فـي صدره {الـمِصْبـاحُ فِـي زُجاجَةٍ}
قال: والزجاجة: قلبه {الزُّجاجَةُ كأنَّها كَوْكَبٌ دُرّيّ يوقَدُ} ، قال: فمثله مـما استنار فـيه القرآن والإيـمان كأنَّه كوكب درّيّ ، يقول: مُضِيء
، عن أُبـيّ بن كعب: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها مِصْبـاحٌ} قال: مَثَل الـمؤمن جعل الإيـمانـاة: صدره: صدره صدره {فِـيها مِصْبـاحٌ}
قال: والـمصبـاح القرآن والإيـمان الذي جعل فـي صدره {الـمِصْبـاحُ فِـي زُجاجَةٍ} قال: والزجاجة: قلبه {الزُّجاجَةُ كأنَّها كَوْكَبٌ دُرّيّ يوقَدُ} ،
قال: فمثله مـما استنار فـيه القرآن والإيـمان كأنَّه كوكب درّيّ ،
iiii
، عن أُبـيّ بن كعب: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها مِصْبـاحٌ} قال: مَثَل الـمؤمن جعل الإيـمانـاة: صدره: صدره صدره {فِـيها مِصْبـاحٌ}
قال: والـمصبـاح القرآن والإيـمان الذي جعل فـي صدره {الـمِصْبـاحُ فِـي زُجاجَةٍ} قال: والزجاجة: قلبه {الزُّجاجَةُ كأنَّها كَوْكَبٌ دُرّيّ يوقَدُ} ،
قال: فمثله مـما استنار فـيه القرآن والإيـمان كأنَّه كوكب درّيّ ، يقول: مُضِيء
تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ..والشجرة الـمبـاركة ، أصله الـمبـاركة الإخلاص لله وحده وعبـادته ، لا شريك له {لا شَرْقَـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ}
قال: فمثله مَثَل شجرة التفّ بها الشجر ، فهي خضراء ، لا تصيبها الشمس علـى أيّ حال كانت ، إذا غَرْبت ، وكذلك هذا الـمؤ قدمن أجير من أنيبه شيء من الغَيرِ
وقد ابتُلِـي بها فثبته فـيها ، من أربع خلال:
إن أُعطِى شكر ، وإن وإن حَكَم عدل ، وإن قال صدق فهو فـي سائر الناس كالرجل الـحيّ يـمشي فـي قبور الأموات
iiii
قال: {نُورٌ عَلـى نُورٍ} يتقلَّب فـي خمسة من النور: فكلامه نور ،
وعمله نور ، ومَدْخـله نور ، ومَخْرجه نور ،
ومصيره إلـى النور يوم القـيامة فـي الـجنة
عن ابن عبـاس: {مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ} قال: مثل هداه فـي قلب الـمؤمن كما يكاد الزيت الصافـي يضيء قبل أن تـمسَّه النار ، نسبة مسته النار ازدادت علـى ،
كذلك يكون قلب الـمؤمن يعمل بـالهدى قبل أن يأتـيَه العلـم ، ظهره العلـم تربت علـى هدى ونوراً علـى نور ،
كما قال إبراهيـم صلوات الله علـيه قبل أن تـجيئه الـمعرفة:{ قالَ هَذَا رَبّـي } ربه كان يظهر عند ظهوره منذ أن كان يخبره أحد أن له ربًّـا
iiii
عن ابن عبـاس ،: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ وذلك فِـيها مِصْبـاحٌ عليه: أنـَـيها مِصْبـاحٌ}: كيف يخـلص نور الله من دون السماء؟ ف
ضرب الله مَثَلٍ ذلك لنوره ، فقال: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كمِشْكاةٍ فِـيها مِصْبـاحٌ} والـمِشكاة: كَوّة البـيت فـيها مصبـاح
والـمِشكاة: كَوّة البـيت فـيها كمَشْكاةٍ والـمصبـاج: السراج يكون فـي الزجاجة ، وهو مثل ضربه الله لطاعته ، فسمى طاعته نوراً وسماها أنواعاً شتـى:
{يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبـارَكَةٍ زَيْتَونَةٍ لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قال: هي شجرة لا يفـيء علـيها ظلّ شرق ولا ظلّ غرب ، ضاحية ،
ذلك أصفـى للزيت {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَـمْ تَـمْسَسْهُ نارٌ} قال معمر ، وقال الـحسن: لـيست من الدنـيا ، لـيست شرقـية ولا غربـية
وقال: مثل للـمؤمن غير أن الـمصبـاح وما فـيه مثل لفؤاده ، والـمشكاة مثل لـجوفه
قال مـجاهد وابن عبـاس جميعاً: الـمصبـاح وما فـيه مثل فؤاد الـمؤمن ، الـمصبـاح مثل الفؤاد ،
والكوّة مثل الـجوف قال ابن جُرَيج: {كمِشْكاةٍ}: كوّة غير نافذة قال ابن جُرَيج ، وقال ابن عبـاس: {نُورٌ عَلـى نُورٍ} يعنـي: إيـمان الـمؤمن وعمله
بل ذلك مثل للقرآن قلب الـمؤمن
عن الـحسن ، فـي: {اللّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ مَثَلُ نُورِه كمِشْكاةٍ قال: ككوّة فِـيها مِصْبـاحٌ الـمِصباح دُرّيّ
قال ابن زيد ،
: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ} قال: إشراق ذلك الزيت ، والـمشكاة: التـي فـيها الفتـيـلة التـي فـي الـمصبـاح ، والقناديـل تلك الـمصابـيح
عن سعيد بن عياض فـي: {كمِشْكاةٍ} قال: الكوّة
قال ابن عمر: الـمشكاة الكَوّة وقال: الـمِشكاة القنديـل
، عن مـجاهد ، فـي قول الله: {كمِشْكاةٍ} قال: القنديـل ، ثم العمود الذي فـيه القنديـل
عن مـجاهد: {كمِشْكاةٍ}: الصُّفْر فـي جوف القنديـل
عن مـجاهد ، قال: الـمِشكاة: القنديـل وقال: الـمشكاة: الـحديد
الذي يعلق به القنديـل
iiii
عن مـجاهد: {كمِشْكاةٍ}: الصُّفْر فـي جوف القنديـل
عن مـجاهد ، قال: الـمشكاة: الـحدائد التـي يعلق بها القنديـل وأولـى فـيـه بـالصواب فـيـه بـما فـيه ، فـيـ قلوب الـمؤمنـين ، مثل مِشكاة ،
وهي عمود القنديـل الذي فـيه الفتـيـلة وذلك من نظير الكَوّة التـي تكون فـي الـحيطان التـي لا منفذ لها
وإنـما جعل ذلك العمود مِشكاة ، لأنه غير نافذ ، وهو مكان مفتوح من أجل إجوف مفتوح الأعلـى ، كالكَوّة التـي فـي الـحائط التـي لا تنفذ
ثم قال: {فِـيها مِصْبـاحٌ} وهو السراج ، وجعل السراج وهو الـمصبـاح لـما فـي قلب الـمؤمن من القرآن والآيات الـمبـينات
ثم قال: {الـمِصْبـاحُ فِـي زُجاجَةٍ} يعنـي أن السراج الذي فـي الـمِشكاة فـي القنديـل ، وهو الزجاجة ، وذلك مثل للقرآن ،
iiii
يقول: القرآن الذي فـي قلب الـمؤمن الذي أنار الله قلبه فـي صدره ثم مثل الصدر فـي خـلوصه من الكفر بـالله والشكّ فـيه واستنارته بنور القرآن
واستضاءته بآيات ربه الـمبـينات ومواعظه فـيها ، بـالكوكب الدرّيّ ، فقال: {الزُّجَاجَةُ} وذلك صدر الـمؤمن الذي فـيه قلبه دُرّيّ}
فقرأته عامة قرّاء الـحجاز: دُرِّيّ بضم الدال ، وترك الهمز قراءة بعض قراء البصرة والكوفة: «دِرِّيءٌ» بكسر الدال وهمزة وقراءة بعض قرّاء الكوفة:
«دُرّيء» بضمّ الدال وهمزة قاله أهل التفسير ،
الذي ذكرنا عنهم ، من أن الزجاجة فـي صفـائها وحسنها كالدرّ ، وأنها منسوبة إلـيه وصفتها ووجه الذين قرءوا ذلك بكسر داله وهمزه ،
إلـى أنه فِعِّيـل من دُرِّىءَ الكوكبُ: دُفِع ورجم به الشيطان ،
فتأويـل الكلام: الزجاجة: وهي صدر الـمؤمن ، {كأنها}: يعنـي كأن الزجاجة ، وذلك مثل لصدر الـمؤمن ،
iiii
{كَوْكَب}: يقول: فـي صفـائها وضيائها وحسنها وإنـما يصف صدره بـالنقاء كلّ ريب وشكّ فـي أسبـاب الإيـمان بـالله وبعده من دنس الـمعاصي ،
كالكوكب الذي يُشبه الدرّ فـي الصفـاء والضياء والـحسن واواوا قراءة قراءة قراءة: «تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبـارَكَةٍ» فقرأ ذلك الـمكِّيـين والـمدنـيِّـين وبعض البصريين:
اسماهم وجهوا معنى ذلك إلـى تَوَقَّدَ الـمصبـاحُ من شجرة مبـاركة اقرأه بعض عامة قرّاء الـمدنـيـين: {يُوقَدُ} بـالـياء ،
بـمعنى: يُوقِدُ الـمصبـاح مُوْقِدُه من شجرة ، ثم لـم يُسَمّ فـاعله اقرأ ذلك عام قرّاء الكوفة: «تُوقَدُ» بضم التاء ل ،
بـمعنى: يُوقِدُ الزجاجةُ مُوقِدُها من شجرة مبـاركة لـم يسمّ فـاعله ، فقـيـل تُوقَد وقرأه بعض أهل مكة: «تَوَقَّدُ ، وتشديد القاف ، وضم الدال بـمعنى: تَتَوَقَّد الزجاجة من شجرة
وذلك أن الزجاجة إذا وُصِفت بـالتوقد أو تفسيرها ، أقرأت بقراءات في ذلك: «تَوَقَّدَ» بتشديد القاف ، وفتـح الدال ،
بـمعنى: وصف الـمصبـاح بـالتوقد: التوقد ، دون الزجاجة
فمعنى الكلام إذن: كمشكاة فـيها مصبـاح ، الـمصبـاح من دهن شجرة مبـاركة ، زيتونة ، لا شرقـية ولا غربـية
iiii
وقد ذكرنا بـاقـي ما كانـ لـمـاً قبل فقال بعضهم: إنـما قـيـل لهذه الشجرة لا شرقـية ولا غربـية ولكن هي غربـية آخر ،
فتصيبها الشمس بـالعشيّ إذا مالت إلـى جانب الغرب ، ولا تصيبها بـالغدَاة شرقـية غربـية ، تطلع علـيها الشمس بـالغداة وتغرب علـيها ،
فـيصببها حرّ الشمس بـالغداة والعشيّ قالوا: وإذا كانت كذلك ، كان أجود لزيتها
عن عكرمة ،
: {زَيْتُونَةٍ ، لا شَرْقِـيَّةٍ} قال: لا يسترها من الشمس جبل ولا واد ، إذا غربت حدثنا ابن الـمثنى
عكرِمة ، فـي: {لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قال: الشجرة تكون فـي مكان لا يسترها من الشمس ، تطلع علـيها وتغرب علـيها حدثنا القاسم ،
قال مـجاهد وابن عبـاس: {لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قالا: هي التـي بشِقّ الـجبل ، التـي يصيبها شروق الشمس وغروبها ،
إذا طلعت أصابتها وإذا غربت أصابتها الصورة الثالثة: بل معنى ذلك: لـيست شرقـية ولا غربـية
عن ابن عبـاس: {لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قال: شجرة وَسْط الشجر من الشرق ولا من الغرب
قال ابن زيد: {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} متـيامنة الشأم ، لا شرقـيّ ولا غربـيّ: لـيست هذه الشجرة من شجر الدنـيا
عن الـحسن ، فـي قول الله: لا {شَرْقِـيَّةٍ} قال: والله لو في الأرض لكانت شرقـية أو غربـية ، ولكنـما هو مثل ضربه الله لنوره
عن الـحسن ، فـي قول الله: {زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قال: في حين أن ضربه الله لنوره
iiii
عن الـحسن ، فـي بيت: {لا شَرْقِـيَّةٍ وَلا غَرْبِـيَّةٍ} قال: هذا الشجرة في الدنـيا لكانت شرقـية وإما غربـية هذه الأقوال بتأويـل ذلك ،
فهي شرقـية غربـية أنـما قلنا ذلك أولـى بـمعنى الكلام ، لأن الله إنـما وصف الزيت الذي يُوقَد علـى هذا الـمصبـاح بـالصفـاء والـجودة ،
نوع الصورة في غربـيًّا وقوله: {يَكادُ زيْتُها يُضِيءُ} يقول تعالـى ذكره: يكاد زيت هذه الزيتونة يضيء من صفـائه وحسن ضيائه {وَلَوْ لَـمْ تَـمْسَسْهُ نار}
يقول: فكيف إذا مسته النار وإنـما أُريد بقوله: {تُوقَدُ مِنْ شَجَرَةِ مُبـارَكَةٍ} أن هذا القرآن من عند الله كلامه ، فجعل مَثَله ومَثَل كونه من عنده
مثلَ الـمصبـاح الذي يوقد من الشجرة الـمبـاركة التـي وصفها في هذه الآية وعُنِـي بقوله: {يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ}: أن حُجَج الله تعالـى ذكره علـى خـلقه
تكاد من بـيانها ووضوحها تضيء لـمنظر فيها ونظر أو عرض عنها وَلَها {وَلَوْ لَـمْ تَـمْسَسْهُ نارٌ} يقول: ولو لـم يَزِدها الله بـياناً ووضوحاً بإنزاله هذا القرآن إلـيهم ،
منبهاً لهم علـى توحيده ، فكيف إذا نبههم به وذكَّرهم بآياته فزادهم به حجة إلـى حُجَجه علـيهم قبل ذلك؟ هذا ما بـِ ،
والنور الذي كان يعرض لهم ونصبه قبل نزوله وقوله: {نُورٌ عَلـى نُورٍ} يعنـي النار علـى هذا الزيت الذي كاد يضيء ولو لـم تـمسسه النار
iiii
عن مـجاهد: {نُورٌ عَلـى نُورٍ} قال: النار_ الزيت
قال أبو جعفر: وهو عندي كما ذكرت مَثَلُ القرآن ويعنـي بقوله: {نُورٌ عَلـى نُورٍ}
هذا القرآن نور من عند الله ، أنزله إلـى خلقه يستضيئون به {علـى نور} علـى الـحُجج والبـيان الذي قد نصبه لهم قبل مـجيء القرآن إنزاله إياه ،
مـما يدلّ علـى حقـيقة وحدانـيته فذلك بـيان من الله ، ونور علـى البـيان ، والنور الذي كان يظهر لهم ونصبه قبل نزوله
iiii
قال زيد بن أسلـم ، فـي خز: {نُورٌ عَلـى نُورٍ} يضيء بعضه بعضاً ، يعنـي القرآن وقوله: {يَهْدِى اللّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ}:
يقول تعالـى ذكره: يُوَفِّق الله لاتبـاع نوره ، وهو هذا القرآن ، من يشاء من عبـاده وقوله:
{وَيَضْرِبُ اللّهُ الأمْثالَ للنَّاسِ} يقول: يمثل الله الأمثال والأشبـاه للناس كما مثَّل لهم مثل هذا القرآن فـي قلب الـمؤمن
فـي الـمشكاة و الخسائر ما فـي هذه الآية من الأمثال {وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِـيـمٌ} يقول: والله بضرب الأمثال وغيرها من الأشياء كلها ، ذو علـم

iiii
ggg
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالأحد يوليو 16, 2023 1:28 pm

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Images?q=tbn:ANd9GcQhhJd0KEPhJGslp4oFnkYpD1f-LunoRbSxYOSVwtJMuNa9eWrMkRn6QQAg9nEDijbzue0&usqp=CAU

* تفسير الكشاف / الزمخشري (ت 538 هـ) مصنف و مدقق
566
اللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ ، و يَهْدِى اللَّهُ لِنُورِهِ قولك زيد كرم وجود ، ثم تقول ينعش الناس وجوده. والمعنى ذو نور السموات.
وصاحب نور السمٰوات ، ونور السمٰوات والأرض ، شبهه بالنور في ظهوره وبيانه ، كقوله تعالى
  اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ ءامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ الظُّلُمَـٰتِ إِلَى النُّورِ   البقرة 257
أي من الباطل إلى الحق وإما أن يراد أهل السمٰوات والأرض وأنهم يستضيئون به مَثَلُ نُورِهِ
أي صفة نوره العجيبة الشأن في الإضاءة كَمِشْكَاةٍ كصفة مشكاة وهي الكوّة في الجدار غير النافذة فِيهَا مِصْبَاحٌ سراج من ضخم ثاقب فِيه زُجَاج.
شبهه في زهرته بأحد الدراري من الكواكب وهي المشاهير ، كالمشتري والزهرة والمرّيخ وسهيل ونحوها
566
يُوقُدُ هذا المصباح مِن شَجَرَةٍ أي ابتدأ ثقوبه من شجرة الزيتون ، يعني مُّبَـٰرَكَةٍ كثيرة المنافع.
أو أنت تنبت في الأرض التي بارك فيها للعالمين. وقيل بارك فيها سبعون نبياً ، منهم إبراهيم عليه السلام.
لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ أي منبتها الشام. وأجود الزيتون زيتون الشام. وقيل لا في مضحى ولافي مقنأة.
ولكن الشمس والظل يتعاقبان عليها وذلك أجود لحملها وأصفى لدهنها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
"لا خيرَ في شجرةٍ في مقنأة ، ولا خيرَ فيهما في مضحَى"
566
وقيل ليست مما تطلع عليه الشمس وفي وقت شروقها أو غروبها فقط ،
وصف الزيت بالصفاء لتلألئه يَكَادُ يضيء من غير نار نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ. بإضاءة ، وذلك بإضاءة ،
وذلك أن المصباح كان في نفس الضوء ، وذلك في ضوء إجمالي الضوء ، وينتشر ،
والقنديل شيء على زيادة الإنارة ، وكذلك الزيت وصفاؤه يَهْدِى اللَّهُ لهذا النور الثاقب مَن يَشَآء من عباده ،
أي يوفق لإصابة الحق من نظر وتدبر بعين عقله والإنصاف من نفسه ،
566
ولم يذهب عن الجادة الموصلة يميناً إلىاً. ومن لم يتدبر كالأعمى الذي سواء كان عليه جنح الليل الدامس وضحوة النهار الشامس.
وعن عليّ رضي الله عنه «الله نور السمٰوات والأرض» أي نشر فيها الحق وبثه فأضاءت بنوره ، أو نور قلوب أهلها به ،
وعن أبيّ بن كعب رضي الله عنه مثل نور آمن به. وقرّ زجاجة الزجاجة »بالفتح والكسر ودرّيّ منسوب إلى الدرّأ أي أبيض متلألىء.
ودرّى بوزن سكيت يدرأ الظلام بضوئه. ودرىء كمريق. ودري كالسكينة ،
566
عن أبي زيد. وتوقد بمعنى تتوقد. والفعل للزجاجة. ويوقد ، وتوقد ، بالتخفيف. ويوقد ، بالتشديد. ويوقد بحذف التاء وفتح الياء ،
لاجتماع حرفين زائدين وهو غريب. ويمسه بالياء ، لأن التأنيث ليس بحقيقي ، والضمير فاصل
566
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالأحد يوليو 16, 2023 1:39 pm

888
آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد DrUNBrBX0AAHlfh
900
تفسير النكت والعيون / الماوردي _ت 450 هـ

اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ فيه أربعة أقاويل: أحدها: معناه الله هادي السموات والأرض ،
قاله ابن عباس ، وأنس الثاني: الله مدبر السموات والأرض ، قاله مجاهد
الثالث: الله ضياء السموات والأرض ، قاله أُبي الرابع: منور السموات والأرض صور هذا
900
فبما نورهما ثلاثة أقاويل:
أحدها: الله نور السموات بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء
الثاني: أنه نور السموات بالهيبة ونور الأرض بالقدرة
الثالث: نورهما بشمسها وقمرها ونجومها
900
مَثَلُ نُورِهِ فيه أربعة أقاويل:
أحدها: مثل نور الله ، قاله ابن عباس
900
الثاني: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله ابن شجرة
الثالث: مثل نور المؤمن ، قاله أُبي
الرابع: مثل نور القرآن ، قاله سفيان
900
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: تفسير الرازي — فخر الدين الرازي ٦٠٦ هـ    آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالأحد يوليو 16, 2023 1:42 pm

555
تفسير الرازي — فخر الدين الرازي ٦٠٦ هـ
آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد F1NVi2vXoAAMN-H?format=jpg&name=small
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: رد: آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالإثنين يوليو 17, 2023 4:21 am

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
قدرى جاد
Admin
قدرى جاد


عدد الرسائل : 7304
العمر : 66
تاريخ التسجيل : 14/09/2007

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Empty
مُساهمةموضوع: تفسير القرطبي — القرطبي (٦٧١ هـ)   آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد Emptyالثلاثاء يوليو 18, 2023 5:48 am

آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد 544895_146904722147991_1474300602_n
﴿ الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة
الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء
ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليم ﴾
[ النور: 35]
0010
قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الآية(١) النُّورُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ:
الْأَضْوَاءُ الْمُدْرَكَةُ بِالْبَصَرِ وَاسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِيمَا صَحَّ مِنَ الْمَعَانِي وَلَاحَ
فَيُقَالُ مِنْهُ: كَلَامٌ لَهُ نُورٌ وَمِنْهُ: الْكِتَابُ الْمُنِيرُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
نَسَبٌ كَأَنَّ عَلَيْهِ مِنْ شَمْسِ الضُّحَا  نُورًا وَمِنْ فَلَقِ الصَّبَاحِ عَمُودَا
وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: فُلَانٌ نُورُ الْبَلَدِ، وَشَمْسُ العصر وقمره وقال:فإنك(٢) شمس والملوك كواكب
0010
وَقَالَ آخَرُ:هَلَّا خَصَصْتَ مِنَ الْبِلَادِ بِمَقْصِدٍ  قَمَرَ الْقَبَائِلِ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ
وَقَالَ آخَرُ:إِذَا سَارَ عَبْدُ اللَّهِ مِنْ مَرْوَ لَيْلَةً  فَقَدْ سَارَ مِنْهَا نُورُهَا وَجَمَالُهَافَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ:
لِلَّهِ تَعَالَى نُورٌ مِنْ جِهَةِ الْمَدْحِ لِأَنَّهُ أَوْجَدَ الْأَشْيَاءَ وَنُورُ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ مِنْهُ ابْتِدَاؤُهَا وَعَنْهُ صُدُورُهَا
وَهُوَ سُبْحَانَهُ لَيْسَ مِنَ الْأَضْوَاءِ الْمُدْرَكَةِ جَلَّ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَقَدْ قَالَ هِشَامٌ الْجُوَالِقِيُّ وَطَائِفَةٌ مِنَ الْمُجَسِّمَةِ: هُوَ نُورٌ لَا كَالْأَنْوَارِ،
وَجِسْمٌ لَا كَالْأَجْسَامِ وَهَذَا كُلُّهُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى عَقْلًا وَنَقْلًا عَلَى مَا يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ عِلْمِ الْكَلَامِ
ثُمَّ إِنَّ قَوْلَهُمْ مُتَنَاقِضٌ، فَإِنَّ قَوْلَهُمْ جِسْمٌ أَوْ نُورٌ حُكْمٌ عَلَيْهِ بِحَقِيقَةِ ذَلِكَ،
وَقَوْلُهُمْ لَا كَالْأَنْوَارِ وَلَا كَالْأَجْسَامِ نَفْيٌ لِمَا أَثْبَتُوهُ مِنَ الْجِسْمِيَّةِ وَالنُّورِ،
0010
وَذَلِكَ مُتَنَاقِضٌ، وَتَحْقِيقُهُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَالَّذِي أَوْقَعَهُمْ فِي ذَلِكَ ظَوَاهِرُ اتَّبَعُوهَا مِنْهَا هَذِهِ الآية،
وقول عَلَيْهِ السَّلَامُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ يَتَهَجَّدُ (اللهم لك الحمد أنت نور السموات وَالْأَرْضِ)
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَدْ سُئِلَ: هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ فَقَالَ: (رَأَيْتُ نُورًا) إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِ هَذِهِ الْآيَةِ،
فَقِيلَ: الْمَعْنَى أَيْ بِهِ وَبِقُدْرَتِهِ أَنَارَتْ أَضْوَاؤُهَا، وَاسْتَقَامَتْ أُمُورُهَا،
وَقَامَتْ مَصْنُوعَاتُهَا فَالْكَلَامُ عَلَى التَّقْرِيبِ لِلذِّهْنِ، كَمَا يُقَالُ: الْمَلِكُ نُورُ أَهْلِ الْبَلَدِ،
أَيْ بِهِ قِوَامُ أَمْرِهَا وَصَلَاحُ جُمْلَتِهَا، لِجَرَيَانِ أُمُورِهِ عَلَى سَنَنِ السَّدَادِ فَهُوَ في الملك مَجَازٌ،
0010
وَهُوَ فِي صِفَةِ اللَّهِ حَقِيقَةٌ مَحْضَةٌ، إِذْ هُوَ الَّذِي أَبْدَعَ الْمَوْجُودَاتِ وَخَلَقَ الْعَقْلَ نُورًا هَادِيًا،
لِأَنَّ ظُهُورَ الْمَوْجُودِ بِهِ حَصَلَ كَمَا حَصَلَ بِالضَّوْءِ ظُهُورُ الْمُبْصَرَاتِ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَا رَبَّ غَيْرُهُ
قَالَ مَعْنَاهُ مُجَاهِدٌ وَالزُّهْرِيُّ وغيرهما قال ابن عرفة: أي منور السموات وَالْأَرْضِ
وَكَذَا قَالَ الضَّحَّاكُ وَالْقَرَظِيُّ كَمَا يَقُولُونَ: فُلَانٌ غِيَاثُنَا، أَيْ مُغِيثُنَا وَفُلَانٌ زَادِي، أَيْ مُزَوِّدِي
قَالَ جَرِيرٌ:وَأَنْتَ لَنَا نُورٌ وَغَيْثٌ وَعِصْمَةٌ  وَنَبْتٌ لِمَنْ يَرْجُو نَدَاكَ وَرِيقُأَيْ ذو ورق
وقال مجاهد: مدبر الا امور في السموات وَالْأَرْضِ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَالْحَسَنُ وَأَبُو الْعَالِيَةِ:
مزين السموات بِالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنُّجُومِ، وَمُزَيِّنُ الْأَرْضِ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَنَسٌ:
الْمَعْنَى اللَّهُ هادي أهل السموات وَالْأَرْضِ وَالْأَوَّلُ أَعَمُّ لِلْمَعَانِي وَأَصَحُّ مَعَ التَّأْوِيلِ أَيْ صِفَةُ دَلَائِلِهِ الَّتِي يَقْذِفُهَا فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ،
وَالدَّلَائِلُ تُسَمَّى نُورًا وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى كِتَابَهُ نُورًا فَقَالَ: ﴿وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً﴾
0010
[النساء: ١٧٤](٣) وَسَمَّى نَبِيَّهُ نُورًا فَقَالَ: ﴿قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ﴾ [المائدة: ١٥]
وَهَذَا لِأَنَّ الْكِتَابَ يَهْدِي وَيُبَيِّنُ، وَكَذَلِكَ الرَّسُولُ وَوَجْهُ الْإِضَافَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ مُثْبِتُ الدَّلَالَةِ وَمُبَيِّنُهَا وَوَاضِعُهَا
وَتَحْتَمِلُ الْآيَةُ مَعْنًى آخَرَ لَيْسَ فِيهِ مُقَابَلَةُ جُزْءٍ مِنَ الْمِثَالِ بِجُزْءٍ مِنَ الْمُمَثَّلِ بِهِ، بَلْ وَقَعَ التَّشْبِيهُ فِيهِ جُمْلَةً بِجُمْلَةٍ،
وَذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ مَثَلَ نُورِ اللَّهِ الَّذِي هُوَ هُدَاهُ وَإِتْقَانُهُ صَنْعَةَ كُلِّ مَخْلُوقٍ وَبَرَاهِينُهُ السَّاطِعَةُ عَلَى الْجُمْلَةِ، كَهَذِهِ الْجُمْلَةِ مِنَ النُّورِ
الَّذِي تَتَّخِذُونَهُ أَنْتُمْ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ، الَّتِي هِيَ أَبْلَغُ صِفَاتِ النُّورِ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِي النَّاسِ،
فَمَثَلُ نُورِ اللَّهِ فِي الْوُضُوحِ كَهَذَا الَّذِي هُوَ مُنْتَهَاكُمْ أَيُّهَا الْبَشَرُ والمشكاة: الكوة في الحائط غير النافذة، قال ابْنُ جُبَيْرٍ وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ،
وَهِيَ أَجْمَعُ لِلضَّوْءِ، وَالْمِصْبَاحُ فِيهَا أَكْثَرُ إِنَارَةً مِنْهُ فِي غَيْرِهَا،
وَأَصْلُهَا الْوِعَاءُ يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ وَالْمِشْكَاةُ وِعَاءٌ مِنْ أَدَمٍ كَالدَّلْوِ يُبَرَّدُ فِيهَا الْمَاءُ، وَهُوَ عَلَى وَزْنِ مِفْعَلَةٍ كَالْمِقْرَاةِ(٤) وَالْمِصْفَاةِ
0010
قَالَ الشَّاعِرُ :كَأَنَّ عَيْنَيْهِ مِشْكَاتَانِ فِي حَجَرٍ  قِيضَا اقْتِيَاضًا بأطراف الْمَنَاقِيرِ(٥)
وَقِيلَ: الْمِشْكَاةُ عَمُودُ الْقِنْدِيلِ الَّذِي فِيهِ الْفَتِيلَةُ وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الْقِنْدِيلُ وَقَالَ "فِي زُجاجَةٍ" لِأَنَّهُ جِسْمٌ شَفَّافٌ،
وَالْمِصْبَاحُ فِيهِ أَنْوَرُ مِنْهُ فِي غَيْرِ الزُّجَاجِ وَالْمِصْبَاحُ:
الْفَتِيلُ بِنَارِهِ أَيْ فِي الْإِنَارَةِ وَالضَّوْءِ وَذَلِكَ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا بِالْمِصْبَاحِ كَذَلِكَ، وَإِمَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا لِصَفَائِهَا وَجَوْدَةِ جَوْهَرِهَا كَذَلِكَ
وَهَذَا التَّأْوِيلُ أَبْلَغُ فِي التَّعَاوُنِ عَلَى النُّورِ قَالَ الضَّحَّاكُ: الْكَوْكَبُ الدُّرِّيُّ هُوَ الزهرة أي من زيت شجرة،
فحذف المضاف والمبارة الْمُنَمَّاةُ، وَالزَّيْتُونُ مِنْ أَعْظَمِ الثِّمَارِ نَمَاءً،
0010
وَالرُّمَّانُ كذلك والعيان(٦) يَقْتَضِي ذَلِكَ وَقَوْلُ أَبِي طَالِبٍ يَرْثِي مُسَافِرَ بْنَ أَبِي عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شمس:
ليت شعري مسافر بن أبى عم  رو وَلَيْتٌ يَقُولُهَا الْمَحْزُونُبُورِكَ الْمَيْتُ الْغَرِيبُ كَمَا بُورِكَ نَبْعُ الرُّمَّانِ وَالزَّيْتُونُ
وَقِيلَ: مِنْ بَرَكَتِهِمَا أَنَّ أَغْصَانَهُمَا تُورِقُ مِنْ أَسْفَلِهَا إِلَى أَعْلَاهَا وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فِي الزَّيْتُونَةِ مَنَافِعُ، يُسْرَجُ بِالزَّيْتِ،
وَهُوَ إِدَامٌ وَدِهَانٌ وَدِبَاغٌ، وَوَقُودٌ يوقد بحطبه وتفله، وليس فيه شي إِلَّا وَفِيهِ مَنْفَعَةٌ، حَتَّى الرَّمَادُ يُغْسَلُ بِهِ الْإِبْرِيسَمُ(٧) وَهِيَ أَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ فِي الدُّنْيَا،
وَأَوَّلُ شَجَرَةٍ نَبَتَتْ بَعْدَ الطُّوفَانِ، وَتَنْبُتُ فِي مَنَازِلِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، وَدَعَا لَهَا سَبْعُونَ نَبِيًّا بِالْبَرَكَةِ،
مِنْهُمْ إِبْرَاهِيمُ، وَمِنْهُمْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ(٨) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ قَالَ: (اللَّهُمَّ بَارِكْ في الزيت والزيتون)
0010
قاله مرتين(٩) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:
"لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ" فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُهُمْ:
الشَّرْقِيَّةُ الَّتِي تُصِيبُهَا الشَّمْسُ إِذَا شَرَقَتْ وَلَا تُصِيبُهَا إِذَا غَرَبَتْ لِأَنَّ لَهَا سِتْرًا والغربية عكسها،
أو أَنَّهَا شَجَرَةٌ فِي صَحْرَاءَ وَمُنْكَشَفٍ مِنَ الْأَرْضِ لا يواريها عن الشمس شي وَهُوَ أَجْوَدُ لِزَيْتِهَا،
فَلَيْسَتْ خَالِصَةً لِلشَّرْقِ فَتُسَمَّى شَرْقِيَّةً وَلَا لِلْغَرْبِ فَتُسَمَّى غَرْبِيَّةً، بَلْ هِيَ شرقيا غَرْبِيَّةٌ
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّهَا شَجَرَةٌ فِي دَوْحَةٍ قَدْ أَحَاطَتْ بِهَا،
فَهِيَ غَيْرُ مُنْكَشِفَةٍ مِنْ جِهَةِ الشَّرْقِ وَلَا مِنْ جِهَةِ الْغَرْبِ قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ:
وَهَذَا قَوْلٌ لَا يَصِحُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لِأَنَّ الثَّمَرَةَ الَّتِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ يَفْسُدُ جَنَاهَا وَذَلِكَ مُشَاهَدٌ فِي الْوُجُودِ
0010
وَقَالَ الْحَسَنُ: لَيْسَتْ هَذِهِ الشَّجَرَةُ مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا، وَإِنَّمَا هُوَ مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنُورِهِ،
وَلَوْ كَانَتْ فِي الدُّنْيَا لَكَانَتْ إِمَّا شَرْقِيَّةً وَإِمَّا غَرْبِيَّةً
الثَّعْلَبِيُّ: وَقَدْ أَفْصَحَ الْقُرْآنُ بِأَنَّهَا مِنْ شَجَرِ الدُّنْيَا، لِأَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الشَّجَرَةِ، فَقَالَ "زَيْتُونَةٍ" وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: إِنَّهَا مِنْ شَجَرِ الشَّأْمِ،
فَإِنَّ شَجَرَ الشَّأْمِ لَا شَرْقِيٌّ وَلَا غَرْبِيٌّ، وَشَجَرُ الشَّأْمِ هُوَ أَفْضَلُ الشَّجَرِ،
وَهِيَ الْأَرْضُ الْمُبَارَكَةُ وَ "شَرْقِيَّةٍ" نَعْتٌ لِ"- زَيْتُونَةٍ "وَ" لَا "لَيْسَتْ تَحُولُ بَيْنَ النَّعْتِ وَالْمَنْعُوتِ،
" وَلا غَرْبِيَّةٍ" عَطْفٌ عليه قوله تعالى: (يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ) مُبَالَغَةٌ فِي حُسْنِهِ وَصَفَائِهِ وَجَوْدَتِهِ
(نُورٌ عَلى نُورٍ) أَيِ اجْتَمَعَ فِي الْمِشْكَاةِ ضَوْءُ الْمِصْبَاحِ إِلَى ضَوْءِ الزُّجَاجَةِ وَإِلَى ضَوْءِ الزَّيْتِ
فَصَارَ لِذَلِكَ نُورٌ عَلَى نُورٍ وَاعْتُقِلَتْ هَذِهِ الْأَنْوَارُ فِي الْمِشْكَاةِ فَصَارَتْ كَأَنْوَرِ مَا يَكُونُ،
0010
فَكَذَلِكَ بَرَاهِينُ اللَّهِ تَعَالَى وَاضِحَةٌ، وَهِيَ بُرْهَانٌ بَعْدَ بُرْهَانٍ، وَتَنْبِيهٌ بَعْدَ تَنْبِيهٍ، كَإِرْسَالِهِ الرُّسُلَ وَإِنْزَالِهِ الْكُتُبَ،
وَمَوَاعِظُ تَتَكَرَّرُ فِيهَا لِمَنْ لَهُ عَقْلٌ مُعْتَبِرٌ ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى هُدَاهُ لِنُورِهِ مَنْ شَاءَ وَأَسْعَدَ مِنْ عِبَادِهِ،
وَذَكَرَ تَفَضُّلَهُ لِلْعِبَادِ فِي ضَرْبِ الْأَمْثَالِ لِتَقَعَ لَهُمُ الْعِبْرَةُ وَالنَّظَرُ الْمُؤَدِّي إِلَى الْإِيمَانِ وَقَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَيَّاشٍ بْنِ أَبِي رَبِيعَةَ وَأَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ
"اللَّهُ نُورُ" بِفَتْحِ النُّونِ وَالْوَاوِ الْمُشَدَّدَةِ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَوِّلُونَ فِي عَوْدِ الضَّمِيرِ فِي "نُورِهِ" عَلَى مَنْ يَعُودُ،
فَقَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَابْنُ جُبَيْرٍ: هُوَ عَائِدٌ على محمد صلى اله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
أَيْ مَثَلُ نُورِ مُحَمَّدٍ ﷺ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: "اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" وَقْفٌ حَسَنٌ،
ثُمَّ تَبْتَدِئُ "مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ" عَلَى مَعْنَى نُورِ مُحَمَّدٍ ﷺ
0010
وَقَالَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَابْنُ جُبَيْرٍ أَيْضًا وَالضَّحَّاكُ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَفِي قِرَاءَةِ أُبَيٍّ: "مَثَلُ نُورِ الْمُؤْمِنِينَ" وَرُوِيَ أَنَّ فِي قِرَاءَتِهِ
"مَثَلُ نُورِ الْمُؤْمِنِ" وَرُوِيَ أَنَّ فِيهَا "مَثَلُ نُورِ مَنْ آمَنَ بِهِ" وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْقُرْآنِ وَالْإِيمَانِ
قَالَ ما: وَعَلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ يُوقَفُ عَلَى قَوْلِهِ: "وَالْأَرْضِ"
قَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ: وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ فِيهَا عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى مَنْ لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ،
وَفِيهَا مُقَابَلَةُ جُزْءٍ مِنَ الْمِثَالِ بِجُزْءٍ مِنَ الْمُمَثَّلِ، فَعَلَى مَنْ قَالَ الْمُمَثَّلُ بِهِ مُحَمَّدٌ ﷺ، وَهُوَ قَوْلُ كَعْبٍ الْحَبْرِ،(١٠)
فَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ هُوَ الْمِشْكَاةُ أَوْ صَدْرُهُ وَالْمِصْبَاحُ هُوَ النُّبُوَّةُ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا مِنْ عَمَلِهِ(١١)
وَهُدَاهُ، وَالزُّجَاجَةُ قَلْبُهُ، وَالشَّجَرَةُ الْمُبَارَكَةُ هِيَ الْوَحْيُ، وَالْمَلَائِكَةُ رُسُلُ اللَّهِ إِلَيْهِ وَسَبَبُهُ الْمُتَّصِلُ بِهِ،
وَالزَّيْتُ هُوَ الْحُجَجُ وَالْبَرَاهِينُ وَالْآيَاتُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا الْوَحْيُ
0010
وَمَنْ قَالَ: الْمُمَثَّلُ بِهِ الْمُؤْمِنُ، وَهُوَ قَوْلُ أُبَيٍّ،
فَالْمِشْكَاةُ صَدْرُهُ، وَالْمِصْبَاحُ الْإِيمَانُ وَالْعِلْمُ، وَالزُّجَاجَةُ قَلْبُهُ، وَزَيْتُهَا هُوَ الْحُجَجُ وَالْحِكْمَةُ الَّتِي تَضَمَّنَهَا
قَالَ أُبَيٌّ: فَهُوَ عَلَى أَحْسَنِ الْحَالِ يَمْشِي فِي النَّاسِ كَالرَّجُلِ الْحَيِّ يَمْشِي فِي قُبُورِ الْأَمْوَاتِ
وَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُمَثَّلَ بِهِ هُوَ الْقُرْآنُ وَالْإِيمَانُ،
فَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ: مَثَلُ نُورِهِ الَّذِي هُوَ الْإِيمَانُ فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ فِي قَلْبِهِ كَمِشْكَاةٍ،
أَيْ كَهَذِهِ الْجُمْلَةِ وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ فِي مُقَابَلَةِ التَّشْبِيهِ كَالْأَوَّلَيْنِ، لِأَنَّ الْمِشْكَاةَ لَيْسَتْ تُقَابِلُ الْإِيمَانَ
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الضَّمِيرُ فِي "نُورِهِ" عَائِدٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا ذَكَرَ الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَالْمَهْدَوِيُّ،
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ وَلَا يُوقَفُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ عَلَى "الْأَرْضِ" قَالَ الْمَهْدَوِيُّ: الْهَاءُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، والتقدير: الله هادي أهل السموات وَالْأَرْضِ،
مَثَلُ هُدَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ كَمِشْكَاةٍ،
0010
وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَذَلِكَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَالْحَسَنُ: إِنَّ الْهَاءَ لِلَّهِ عز وجل
وكان أبى وابن مسعود يقرءانها "مَثَلُ نُورِهِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ كَمِشْكَاةٍ"
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ التِّرْمِذِيُّ: فَأَمَّا غَيْرُهُمَا فَلَمْ يَقْرَأْهَا فِي التَّنْزِيلِ هَكَذَا، وَقَدْ وَافَقَهُمَا فِي التأويل أن ذلك نوره قَلْبِ الْمُؤْمِنِ،
وَتَصْدِيقُهُ فِي آيَةٍ أُخْرَى يَقُولُ:" أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ فَهُوَ عَلى نُورٍ مِنْ(١٢) رَبِّهِ" [الزمر: ٢٢]
وَاعْتَلَّ الْأَوَّلُونَ بِأَنْ قَالُوا: لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْهَاءُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، لِأَنَّ اللَّهَ عز وجل لا حد لِنُورِهِ وَأَمَالَ الْكِسَائِيُّ
فِيمَا رَوَى عَنْهُ أَبُو عُمَرَ الدُّورِيُّ الْأَلِفَ مِنْ "مِشْكِاةٍ" وَكَسَرَ الْكَافَ الَّتِي قَبْلَهَا وَقَرَأَ نَصْرُ بْنُ عَاصِمٍ: "زَجَاجَةٍ" بفتح الزاي و "الزُّجاجَةُ" كَذَلِكَ،
وَهِيَ لُغَةٌ وَقَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ: "دُرِّيٌّ" بِضَمِّ الدَّالِ وَشَدِّ الْيَاءِ، وَلِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَجْهَانِ: إِمَّا أَنْ يُنْسَبَ الْكَوْكَبُ إِلَى الدُّرِّ لِبَيَاضِهِ وَصَفَائِهِ،
وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أصله درئ مَهْمُوزٌ، فُعِّيلٌ مِنَ الدَّرْءِ وَهُوَ الدَّفْعُ،
وَخُفِّفَتِ الْهَمْزَةُ وَيُقَالُ لِلنُّجُومِ الْعِظَامِ الَّتِي لَا تُعْرَفُ أَسْمَاؤُهَا: الدَّرَارِيُّ، بِغَيْرِ هَمْزٍ
فَلَعَلَّهُمْ خَفَّفُوا الْهَمْزَةَ، وَالْأَصْلُ مِنَ الدَّرْءِ الَّذِي هُوَ الدَّفْعُ وَقَرَأَ حمزة وأبو بكر عن عاصم: "درئ" بِالْهَمْزِ وَالْمَدِّ،
وَهُوَ فُعِّيلٌ مِنَ الدَّرْءِ، بِمَعْنَى أَنَّهَا يَدْفَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا
0010
وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ وَأَبُو عمرو: "درئ" بِكَسْرِ الدَّالِ وَالْهَمْزِ مِنَ الدَّرْءِ وَالدَّفْعِ،
مِثْلُ السِّكِّيرِ وَالْفِسِّيقِ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَيْ يَدْفَعُ بَعْضُ ضَوْئِهِ بَعْضًا مِنْ لَمَعَانِهِ
قَالَ النَّحَّاسُ: وَضَعَّفَ أَبُو عُبَيْدٍ قِرَاءَةَ أَبِي عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ تَضْعِيفًا شَدِيدًا، لِأَنَّهُ تَأَوَّلَهَا مِنْ دَرَأْتُ أَيْ دَفَعْتُ،
أَيْ كَوْكَبٌ يَجْرِي مِنَ الْأُفُقِ إِلَى الْأُفُقِ وَإِذَا كَانَ التَّأْوِيلُ عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ،
وَلَا كَانَ لِهَذَا الْكَوْكَبِ مَزِيَّةٌ عَلَى أَكْثَرِ الْكَوَاكِبِ،
0010
أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَا يُقَالُ جَاءَنِي إِنْسَانٌ مِنْ بَنِي آدَمَ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَوَّلَ لِمِثْلِ أَبِي عَمْرٍو وَالْكِسَائِيِّ مَعَ عِلْمِهِمَا وَجَلَالَتِهِمَا هَذَا التَّأْوِيلُ الْبَعِيدُ،
وَلَكِنَّ التَّأْوِيلَ لَهُمَا عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ مَعْنَاهُمَا فِي ذَلِكَ: كَوْكَبٌ مُنْدَفِعٌ بِالنُّورِ،
كَمَا يُقَالُ: انْدَرَأَ الْحَرِيقُ إِنِ انْدَفَعَ وَهَذَا تَأْوِيلٌ صَحِيحٌ لِهَذِهِ الْقِرَاءَةِ وَحَكَى سَعِيدُ بْنُ مَسْعَدَةَ أَنَّهُ يُقَالُ: دَرَأَ الْكَوْكَبُ بِضَوْئِهِ إِذَا امْتَدَّ ضَوْءُهُ وَعَلَا
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: وَدَرَأَ عَلَيْنَا فُلَانٌ يَدْرَأُ دُرُوءًا أَيْ طَلَعَ مُفَاجَأَةً وَمِنْهُ كَوْكَبٌ درئ،
عَلَى فِعِّيلٍ، مِثْلُ سِكِّيرٍ وَخِمِّيرٍ، لِشِدَّةِ تَوَقُّدِهِ وتلألئه وقد درأ الكوكب دروءا
وقال أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ سَأَلْتُ رَجُلًا مِنْ سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ مِنْ أَهْلِ ذَاتِ عِرْقٍ
فَقُلْتُ: هَذَا الْكَوْكَبُ الضَّخْمُ مَا تُسَمُّونَهُ؟ قَالَ: الدري، وَكَانَ مِنْ أَفْصَحِ النَّاسِ
قَالَ النَّحَّاسُ: فَأَمَّا قِرَاءَةُ حَمْزَةَ فَأَهْلُ اللُّغَةِ جَمِيعًا قَالُوا: هِيَ لَحْنٌ لَا تَجُوزُ،
لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ اسْمٌ عَلَى فِعِّيلٍ وَقَدِ اعْتَرَضَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي هَذَا فَاحْتَجَّ لِحَمْزَةَ
فَقَالَ: لَيْسَ هُوَ فُعِّيلٌ وَإِنَّمَا هُوَ فُعُّولٌ، مِثْلُ سُبُّوحٍ، أُبْدِلَ مِنَ الْوَاوِ يَاءٌ،
0010
كَمَا قَالُوا: عُتِيٌّ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ: وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ وَالِاحْتِجَاجُ مِنْ أَعْظَمِ الْغَلَطِ وَأَشَدِّهِ،
لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ الْبَتَّةَ، وَلَوْ جَازَ مَا قَالَ لَقِيلَ فِي سُبُّوحٍ(١٣) سُبِّيحٌ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ، وَلَيْسَ عُتِيٌّ مِنْ هَذَا،
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَخْلُو عُتِيٌّ مِنْ إِحْدَى جِهَتَيْنِ:
إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَمْعَ عَاتٍ فَيَكُونَ الْبَدَلُ فِيهِ لَازِمًا، لِأَنَّ الْجَمْعَ بَابُ تَغْيِيرٍ،
وَالْوَاوُ لَا تَكُونُ طَرَفًا فِي الْأَسْمَاءِ وَقَبْلَهَا ضَمَّةٌ،
0010
فَلَمَّا كَانَ قَبْلَ هَذِهِ سَاكِنٌ وَقَبْلَ السَّاكِنِ ضَمَّةٌ وَالسَّاكِنُ لَيْسَ بِحَاجِزٍ حَصِينٍ أُبْدِلَ مِنَ الضَّمَّةِ كَسْرَةٌ فَقُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَإِنْ كَانَ عُتِيٌّ وَاحِدًا كَانَ بِالْوَاوِ أَوْلَى،
وَجَازَ قَلْبُهَا لِأَنَّهَا طَرَفٌ، وَالْوَاوُ فِي فُعُّولٍ لَيْسَتْ طَرَفًا فَلَا يَجُوزُ قَلْبُهَا
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ إِنْ ضَمَمْتَ الدَّالَ قُلْتَ دُرِّيٌّ، يَكُونُ مَنْسُوبًا إِلَى الدُّرِّ، عَلَى فُعْلِيٍّ وَلَمْ تَهْمِزْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ فُعِّيلٌ
وَمَنْ هَمَزَهُ مِنَ الْقُرَّاءِ فَإِنَّمَا أَرَادَ فُعُّولًا مِثْلَ سُبُّوحٍ فَاسْتُثْقِلَ [لكثرة(١٤) الضمات]
فَرُدَّ بَعْضُهُ إِلَى الْكَسْرِ وَحَكَى الْأَخْفَشُ عَنْ بعضهم: "درئ" مِنْ دَرَأْتُهُ،
0010
وَهَمَزَهَا وَجَعَلَهَا عَلَى فَعِّيلٍ مَفْتُوحَةَ الْأَوَّلِ قَالَ: وَذَلِكَ مِنْ تَلَأْلُئِهِ
قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: وقرا سعيد بن المسيب وأبو رجاء: "درئ" بِفَتْحِ الدَّالِ مَهْمُوزًا
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْكَلَامِ فَعِّيلٌ،
فَإِنْ صَحَّ عَنْهُمَا فَهُمَا حُجَّةٌ(يُوقَدُ) قَرَأَ شَيْبَةُ وَنَافِعٌ وَأَيُّوبُ وَسَلَّامٌ وَابْنُ عَامِرٍ وَأَهْلُ الشَّامِ وَحَفْصٌ:
"يُوقَدُ" بِيَاءٍ مَضْمُومَةٍ وَتَخْفِيفِ الْقَافِ وَضَمِّ الدَّالِ وَقَرَأَ الْحَسَنُ وَالسُّلَمِيُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ الْبَصْرِيُّ:
"تَوَقَّدَ" مَفْتُوحَةَ الْحُرُوفِ كُلِّهَا مُشَدَّدَةَ الْقَافِ، وَاخْتَارَهَا أَبُو حَاتِمٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ قَالَ النَّحَّاسُ:
وَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ مُتَقَارِبَتَانِ، لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا لِلْمِصْبَاحِ،
0010
وَهُوَ أَشْبَهُ بِهَذَا الْوَصْفِ، لِأَنَّهُ الَّذِي يُنِيرُ وَيُضِيءُ، وَإِنَّمَا الزُّجَاجَةُ وِعَاءٌ لَهُ وَ "تَوَقَّدَ" فِعْلٌ مَاضٍ مِنْ تَوَقَّدَ يَتَوَقَّدُ،
وَيُوقَدُ فِعْلٌ مُسْتَقْبَلٌ مِنْ أَوْقَدَ يُوقِدُ وَقَرَأَ نصر ابن عَاصِمٍ: "تُوقَدُ" وَالْأَصْلُ عَلَى قِرَاءَتِهِ تَتَوَقَّدُ حَذْفُ إِحْدَى التَّاءَيْنِ لِأَنَّ الْأُخْرَى تَدُلُّ عَلَيْهَا
وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ: "تُوقَدُ" بِالتَّاءِ يَعْنُونَ الزُّجَاجَةَ فَهَاتَانِ الْقِرَاءَتَانِ عَلَى تَأْنِيثِ الزُّجَاجَةِ(مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهِ
(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ) عَلَى تَأْنِيثِ النَّارِ
وَزَعَمَ أَبُو عُبَيْدٍ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ إِلَّا هَذِهِ الْقِرَاءَةَ
وَحَكَى أَبُو حَاتِمٍ أَنَّ السُّدِّيَّ رَوَى عَنْ أَبِي مَالِكٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَ: "وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ" بِالْيَاءِ
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: التَّذْكِيرُ عَلَى أَنَّهُ تَأْنِيثٌ غَيْرُ حَقِيقِيٍّ، وَكَذَا سَبِيلُ المؤنث عندهوَ
قَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْمِشْكَاةُ جَوْفُ مُحَمَّدٍ ﷺ، وَالزُّجَاجَةُ قَلْبُهُ، وَالْمِصْبَاحُ النُّورُ الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِهِ يُوقَدُ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ،
أَيْ أَنَّ أَصْلَهُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ شَجَرَتُهُ، فَأَوْقَدَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَلْبِ مُحَمَّدٍ ﷺ النُّورَ كَمَا جَعَلَهُ فِي قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: الْمِشْكَاةُ إِبْرَاهِيمُ،
0010
وَالزُّجَاجَةُ إِسْمَاعِيلُ، وَالْمِصْبَاحُ مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ، سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِصْبَاحًا كَمَا سَمَّاهُ سِرَاجًا فَقَالَ:
" وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً(١٥) " [الأحزاب: ٤٦]
يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ وَهِيَ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بُورِكَ فِي نَسْلِهِ وَكَثُرَ مِنْهُ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ
وَقِيلَ: هِيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ،
سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مُبَارَكًا لِأَنَّ أَكْثَرَ الْأَنْبِيَاءِ كَانُوا مِنْ صُلْبِهِ(لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ) أَيْ لَمْ يَكُنْ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَإِنَّمَا كَانَ حَنِيفًا مُسْلِمًا
وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْيَهُودَ تصلى قبل المغرب والنصارى تصلى فبل المشرق
(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ) أَيْ يَكَادُ مَحَاسِنُ مُحَمَّدٍ ﷺ تَظْهَرُ لِلنَّاسِ قَبْلَ أَنْ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ
(نُورٌ عَلى نُورٍ) نَبِيٌّ مِنْ نَسْلِ نَبِيٍّ وَقَالَ الضَّحَّاكُ: شَبَّهَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ بِالْمِشْكَاةِ وَعَبْدَ اللَّهِ بِالزُّجَاجَةِ وَالنَّبِيَّ ﷺ بِالْمِصْبَاحِ كَانَ فِي قَلْبِهِمَا،
فَوَرِثَ النُّبُوَّةَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ "مِنْ شَجَرَةٍ" أَيْ شَجَرَةِ التُّقَى وَالرِّضْوَانِ وَعَشِيرَةِ الْهُدَى وَالْإِيمَانِ شَجَرَةٌ أَصْلُهَا نُبُوَّةٌ،
وَفَرْعُهَا مُرُوءَةٌ، وَأَغْصَانُهَا تَنْزِيلٌ، وَوَرَقُهَا تَأْوِيلٌ، وَخَدَمُهَا جِبْرِيلُ وَمِيكَائِيلُ
0010
قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ ابن الْعَرَبِيِّ:
وَمِنْ غَرِيبِ الْأَمْرِ أَنَّ بَعْضَ الْفُقَهَاءِ قَالَ إِنَّ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِإِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ وَلِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ،
فَالْمِشْكَاةُ هِيَ الْكُوَّةُ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ، فَشُبِّهَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بِالْمِشْكَاةِ فِيهَا الْقِنْدِيلُ وَهُوَ الزُّجَاجَةُ،
وَشُبِّهَ عَبْدُ اللَّهِ بِالْقِنْدِيلِ وَهُوَ الزُّجَاجَةُ، وَمُحَمَّدٌ كَالْمِصْبَاحِ يَعْنِي مِنْ أَصْلَابِهِمَا، وَكَأَنَّهُ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ وَهُوَ الْمُشْتَرِي
"يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ" يَعْنِي إِرْثَ النُّبُوَّةِ مِنْ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الشَّجَرَةُ الْمُبَارَكَةُ،
يَعْنِي حَنِيفِيَّةً لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ، لا يهودية ولا نصرانية "يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ"
يَقُولُ: يَكَادُ إِبْرَاهِيمُ يَتَكَلَّمُ بِالْوَحْيِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ "نُورٌ عَلى نُورٍ" إِبْرَاهِيمُ ثُمَّ مُحَمَّدٌ ﷺ قَالَ الْقَاضِي: وَهَذَا كُلُّهُ عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ،
وَلَيْسَ يَمْتَنِعُ فِي التَّمْثِيلِ أن يتوسع المرء فيهقُلْتُ: وَكَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ لِعَدَمِ ارْتِبَاطِهِ بِالْآيَةِ مَا عَدَا الْقَوْلَ الْأَوَّلَ،
وَأَنَّ هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِنُورِهِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُضْرَبَ لِنُورِهِ الْمُعَظَّمِ مَثَلًا تَنْبِيهًا لِخَلْقِهِ إِلَّا بِبَعْضِ خَلْقِهِ،
لِأَنَّ الْخَلْقَ لِقُصُورِهِمْ لَا يَفْهَمُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ،
وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا عَرَفَ اللَّهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ،
0010
قَالَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا مَثَلُ نُورِ اللَّهِ وَهُدَاهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ كَمَا يكاد الزيت الصافي يضئ قَبْلَ أَنْ تَمَسَّهُ النَّارُ، فَإِنْ مَسَّتْهُ النَّارُ،
زَادَ ضَوْءُهُ، كَذَلِكَ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ يَكَادُ يَعْمَلُ بِالْهُدَى قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَهُ الْعِلْمُ،
فَإِذَا جَاءَهُ الْعِلْمُ زَادَهُ هُدًى عَلَى هُدًى وَنُورًا عَلَى نُورٍ، كَقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَجِيئَهُ الْمَعْرِفَةُ:" هَذَا رَبِّي(١٦) "،
مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخْبِرَهُ أَحَدٌ أَنَّ لَهُ رَبًّا، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ اللَّهُ أنه ربه زاد هدى، ف﴿- قالَ لَهُ رَبُّهُ: أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ»﴾ [البقرة: ١٣١]
وَمَنْ قَالَ إِنَّ هَذَا مَثَلٌ لِلْقُرْآنِ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ قَالَ: كَمَا أَنَّ هَذَا الْمِصْبَاحَ يُسْتَضَاءُ بِهِ وَلَا يَنْقُصُ فَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ يُهْتَدَى بِهِ وَلَا يَنْقُصُ،
فَالْمِصْبَاحُ الْقُرْآنُ، وَالزُّجَاجَةُ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ،
0010
وَالْمِشْكَاةُ لِسَانُهُ وَفَهْمُهُ، وَالشَّجَرَةُ الْمُبَارَكَةُ شَجَرَةُ الوحى(يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ)
تَكَادُ حُجَجُ الْقُرْآنِ تَتَّضِحُ وَلَوْ لَمْ يُقْرَأْ(نُورٌ عَلى نُورٍ) يَعْنِي أَنَّ الْقُرْآنَ نُورٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِخَلْقِهِ، مَعَ مَا أَقَامَ لَهُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ وَالْإِعْلَامِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ،
فَازْدَادُوا بِذَلِكَ نُورًا على نور ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ هَذَا النُّورَ الْمَذْكُورَ عَزِيزٌ، وَأَنَّهُ لَا يَنَالُهُ إِلَّا مَنْ أَرَادَ اللَّهُ هُدَاهُ
فَقَالَ: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ) أَيْ يُبَيِّنُ الْأَشْبَاهَ تَقْرِيبًا إِلَى الْأَفْهَامِ(وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أَيْ بِالْمَهْدِيِّ وَالضَّالِّ
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ، كَيْفَ يَخْلُصُ نُورُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ دُونِ السَّمَاءِ، فَضَرَبَ الله تعالى ذلك مثلا لنوره
0010
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.scribd.com/document/626833380/%D9%82%D9%85%D8%B1-%D8
 
آية مثل نوره فى التفاسير_ مختصر قدرىمتجدد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة السمـــــــاع و الصــــور :: القرآن الكريم -
انتقل الى: