في تتمة أبيات الشيخ محيي الدين في حملة العرش

قوله "وحاملوه وهذا القول معقول"
حاملوه معطوف على العرش فالرحمن حامل للعرش ولحامليه الأربعة، وهذا القول معقول يعني أن يكون الإسم الإلهي الرحمن هو الحامل إذ لايعقل أن تقوى الملائكة المخلوقة الذين لاقيام لهم بأنفسهم على حمل العرش الذي هو أول ظاهر في عالم الخلق، ولذا قال:
"وأي حول لمخلوق ومقدرة لولاه" أي لولا الرحمن" فهذا إثبات لما سبق إذ لولا آدم المخلوق على صورة الله وله الإسم الرحمن الجامع للأسماء لما قوي شيء على حمل العرش.
"جاء به عقل وتنزيل"
والمقصود ما ترجم به رسول الله "ص" عن الوحي المنزل حين قال: "إن الله خلق آدم على صورته"، قال الشيخ في بيان روح الباب الثالث عشر في أخر الفتوحات في الباب 559 : "فإذا كنت إماماً كانت الأكوان عرشي" يشير إلى أن من استوفى الصورة الآدمية كان إماماً مستو على العرش بالإسم الرحمن.
قوله: " جسم وروح وأقوات ومرتبة ما ثم غير الذي رتبت تفصيل"
ليعلم أخوتي أن الشيخ اقتصر في هذا الباب على بيان معنى الملك من معاني ظهور العرش بالإسم الظاهر وهو نصف الدائرة القائم على التربيع وإن ذكر أن ثمة معنى آخر للعرش في يوم القيامة يحمله ثمانية وهو تمام الدائرة، قال: " فالذي نذكر في هذا الباب الطريقة الواحدة التي هي بمعنى الملك لما يتعلق به من الفائدة في الطريق"
وقد وفى بيان المسائل الأربعة على الطريقة الأولى في هذا الباب لمن أراد المراجعة وسكت عن بيان الطريقة الثانية.
وسنقتصر هنا على الإلماح إلى طرف من المسائل على الطريقة الثانية لتتم الفائدة إنشاء الله.
قال الشيخ في هذا الباب: "روينا عن ابن مسرة الجبلي من أكبر أهل الطريق علما وحالا وكشفا العرش المحمول هو الملك وهو محصور في جسم وروح وغذاء ومرتبة فآدم وإسرافيل للصور وجبريل ومحمد للأرواح وميكائيل وإبراهيم للأرزاق ومالك ورضوان للوعد والوعيد وليس في الملك إلا ما ذكر

"
المسئلة الثانية: في الأرواح
النبوة المحمدية وآدم بين الماء والطين حيرت ألباب العارفين، فإذا كان كانت الصورة الآدمية قد جمعت الظهور والبطون واستوعبت العماء وتفصيل الأسماء، فمنهم من قال النبوة برزخ بين الغيب والشهادة وقبل تعين دائرة الأسماء كيف تصح نبوة؟؟ ومنهم من قال: النبوة هداية وتفصيل فكيف صحت قبل مواطن الإجمال والتفصيل؟؟
وهل يمكن أن نقول أن آدم ظاهر محمد (ص) مع أن الظهور والبطون في دائرة آدم؟؟
ومنهم من قال، ومنهم من قال ....
ولا نعلم نسبة بين محمد (ص) وآدم (ع) إلا أن دائرة آدم بمجموعها هي نبوة محمد (ص)، فعلمنا من ذلك أن له الفراغ التام وهو الوجه الذي قابل به إطلاق الواجب تعالى. فمكانه من الهوية حيثية الصورة التي حذا عليها الانسان الكامل كما ذكر القونوي في مفتاح الغيب قال:
"ينبغي لك ان تعرف ان الامكان المسمى بالبحر الكوني وحضرة الكون ونحو ذلك من الأسماء هو في الحقيقة ظل الوجود الحق الظاهر بنوره الذاتي، وسبب امتداده توجه خاص من حضرة الهوية من حيثية الصورة التي حذا عليها الانسان الكامل ، نحو العماء الذي هو مرتبته والمركز الذي تتعين به الدائرة الكونية وتستقر فيه الصورة الآدمية الجامعة ، وذلك بين الظل المذكور وبين من امتد عنه وتعين منه"
وبهذا النور الذاتي تجلى للمهيمين فكان لهم روحاً، قال الشيخ في الفتوحات "فلما أوجدهم تجلى لهم فصار لهم من ذلك التجلي غيبا كان ذلك الغيب روحا لهم أي لتلك الصور
فكانت صورهم في حضرة الكمال الآدمي والرحمانية الذاتية وكان النور الأحمدي الأحدي غيب المهيمين وروحهم ولذا خص ابن مسرة آدم بالصور وخص محمد "ص" بالأرواح.

وإذ قد بلغ بنا الحديث هذا المبلغ فلا يناسب العودة لتفصيل مناسبة تحقق ابراهيم عليه السلام بالقدرة وظهور ميكائيل بالأرزاق المقدرة، فضلاً عن مقابلة جهنم الدرجات المالكية التي من أحصاها دخل الجنة الذاتية التي يقف رضوان على بابها، فليطلب ذلك من محله.
والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين