الدرويش
عدد الرسائل : 1213 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 05/09/2007
| موضوع: أصحاب الكهف والرقيم .. وأيام الغرام بيننا دول السبت فبراير 02, 2008 2:30 pm | |
|
السلام عليكم :
إن كان أصحاب الكهف أمرهم عجيب فصاحب القاب والقوسين أمره أجلّ و أعجب ..
وحديثنا اليوم عمن كانو ا فى مراقد الأنس وبساتين القدس في حضرة ربهم غائبون عن غيره ..
قد فنوا في سعة القدرة وعين الأمر بمحض الكن الكائنة بالإرادة الإلهية .. وكيف لا ولو وصلت إلى مشام العالمين نشقة ورد من بساتين الغيب لهاموا في البوادى والقفار ابدا . ولدخلوا كهوف المحبة والغيب سرمدا ..
أصحابنا أصحاب الكهف ... وسماهم جل جلاله بالأصحاب لأنهم صاحبوا المعية الرحمانية والعناية الربانية والعزة السرمدية ....فخفي على العالم آثارهم .. فأخذهم ربهم عنهم وسلبهم منهم إليه به فحال بينهم وبين الخلق بحق الحق ... فما لجأوا إلى غار القدس بمحض الأنس أووا فأمنوا ثم فنوا عن الأغيار وعن أرادتهم فتاهوا في حضرة الحضرة بعين العين .. استحقوا العناية والرعاية والرمز واللغز .. ألم تقرأ قول ربنا : أم حسبت ...
وأما صاحب القاب قوسين أو أدنى صلوات ربي وسلامه عليه فقد أسرى به ربه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وبلغ السدرة وكان في القربى كقاب قوسين أو أدنى ثم رد عند إنقضاء ليلته وحضرته إلى مضجعه .. وهو بهذا أجل وأعجبُ ... الله .. الله .. يا جمال حضرة النبي ....
ولمّا خلع رب أصحاب الكهف عليهم من خلع الهيبة وخيّمهم بستور التعظيم وظللتهم حجب العظمة واستناروا بنور العرش الكريم خاطب الله تعالى نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا فقد أحيا قلوبهم بمحبته والإعتكاف إليه فأدام لهم البقاء إلى حين فحيث ما يعتكف القلب يكون طالباً ابدا لصاحبه.
لقد كانت فتوة أصحاب الكهف في اعراضهم عن غير الله واقبالهم عليه بوصف الإيواء إلى الكهوف وديدان الصفوف مع الرب الواحد المعبود دون غيره ..
فهجعوا إلى ظلال جمال ربهم وارتاضوا في رياض أنس محبوبهم وتنفسوا ورود قدسه فمالوا حيث مالت أرواحهم ما مسهم تعبٌ ولا نصب .. فلاحت لهم أنوار الشهود .. وغيض عليهم من فيض الجود .. فهيجهم نور البسط وآنسهم طيب الرعاية والكلائة فطاشوا بسر الإفتقار إلى سؤال الزيادة في القربى فنادوا وهم مصطلمون {فَقَالُواْ رَبَّنَآ آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً} طمعوا في المعرفة وعزيز التوحيد وتعطفوا ربهم : "هيّئ لنا من امرنا رشدا "
فالطف عليهم الحق سبحانه فغيبهم عن الوجود واخذهم بنفسه عن وجودهم بقوله {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً} فادخلهم فى قباب عصمته .. وأواهم بمنحة نصرته ... وخلى بينهم وبين الأغيار .. بتميكن أصحاب المحبة والإنكسار ..
وآنسهم بحسن مشاهدته وغيبهم عنهم فيه فزالت عنهم رسوم البشرية فبقوا مع الحق بالحق وأخذ عنهم أسماعهم فلا يسمعون إلا من ربهم .. وأخذ عنهم أبصارهم فلا ينظرون إلا لحبيبهم .. حتى لا يكون للغير نصيبٌ في حواسهم ولا إلتفات منهم لغير ربهم .. تقدس ظاهرهم وباطنهم برفعة مقام محبتهم .. وهذا قبل عودتهم إلى هياكلهم .. وصورهم ......
ذلك أنهم استوفوا شروط المقام ولطائف السكر فغُيبوا ...
ولمّا أراد ربهم أن يفيقوا من سكرهم وأنسهم وبديع قدسهم ليعرفوا مقام الإستقامة وليطوفوا بمنازل القرب بنعت الصحو ردهم إلى حال صحوهم .. بقوله سبحانه : " ثم بعثناهم .. "
يقول روزبهان البقلي الشيرازي الصوفي : في قوله سبحانه لحبيبه نحن نقص عليك :
ليس شئ اطيب عند الحبيب من ذكر احبّائه لاحبائه .. ذكر الحبيب الاوّل ما اطيب عند الحبيب ... استطاب الحق ذكر قصّة فتيان محبته ومعرفته لحبيبه الاكبر ليعرف منازل المحبين والعارفين الذين هاموا بوجوههم فى بيداء شوقه وعشقه ليزيد رغبته فى شوقه ومعرفته اى انا احقق خبر اسرارهم لك لتعرفهم اين تاهوا فى مفاوز القيوميّة واين استغرقوا فى بحار الديمومية .
يا حبيبى اعلم ان تلك فتيان محبتي انفردوا بي عن غيري وهم شبان حسان الوجوه قلوبهم مسفرة بانوار شمس جلالي فيها واسرارهم مقدسة بسر اسرار قدسي وابدانهم غائبة فى مجالس انسي آمنوا بربهم عرفوني بي واستانسوا بي واستوحشوا من غيري ما اطيب حالهم معي وما احسن شانهم فى محبتي زدناهم نورا عن جمالي فاهتدوا به طرق معان ذاتي وصفاتي وذاك النور لهم على مزيد الوضوح الى الابد لان نوري لا نهاية له وايضا زدناهم مشاهدة وقربا ووصالا ومعرفة وكمالا ومحبة وشفاء انهم فتية اصحاب الفتوة حيث بذلوا انفسهم لى .
يا حبيبي الفتوة من الفتيان بالحقيقة طلب معادن المحبة والانصراف الى مصرف المعرفة والقاء الوجود بنعت الوجد للموجود القديم جل وعز .انتهى
ثم نرى طرب الشمس تمايلا تطوف بهم وتغبطهم وتحاجي محاجاة الأم الحنون عليهم .. وما لهم من حرقتها سبيل .. فحرقة الشوق إلى المحب أجل وأعظمُ ..
وترى هل كانت الشمس تزاور عن كهفهم خوفا من نورهم على نورها ان يطمسه .... وزدناهم هدى .. يهدي الله لنوره من يشاء ... سبحانه ..
حتى أنه سبحانه حجبهم بلطفه عن سطوات أنوار الشمس .. فكيف بمن أحرقته نيران المحبة .. ولهيب الشوق أن يكون لغير محبوبه عليه سطوة أو سلطان ...
وأرى أن هنا لطيفة بديعة فما أن ظهرت أنوار القدس وشعشعت على شرفات قلوبهم وأرواحهم .. تهافتت أنوار الشمس وكأنها سنا أو كسراب بقيعة ...
هؤلاء الذين آمنوا بالله بلا واسطة .. وهذا سر فتوتهم ....
هؤلاء الذي يزيد فيهم جنوني جنونا .. ويطرب لهم قلبي فتونا .. حملة الأرواح على الأكف والوقوف أمام الرب بالصف .. عزيزي الغاية .. قرآن ربنا .. المدون بحروف النور ...
هؤلاء الذين باهلوا فقالوا : " ربنا رب السموات والأرض " .. أصحاب ثورة النور على بحور الظلام ..
أراهم قد ضجت قلبهم بنور ربهم .. فتلذذت ألسنتهم بذكر حالهم .
إنظر إلى قوله إذ قاموا فقالوا ....... قاموا على قلب رجلٍ واحد .. على القلب المحمدي ... النموذج الفريد .. يا الله .. يا طواسين الفتوة .. ومهد الضجر من الغيّر ...
بالحق للحق قاموا ......
فكان الجواب والمكافأة من جنس الطلب .. ينشر لكم ربكم من رحمته ... ذخائر اللطف من خزائن الغيب .. تجزل العطايا .... وكيف لا وهم الرعايا في المملكة القدسية .. تحت ظل العرش والفرش والكرسي والقلم .. في دولة البسط والتمكين .....
هؤلاء ومن علمونا فقه العزلة .. بمداد وإذا اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله ............
فهنيئا لهم شراب الزلفى .. وهنيئاً لهم سقيا حسن المئاب ....
وطوبى لأهل الفتوة ..... من تقلبوا بين يمين الأزل وشمال الأبد .. فانين في الحق باقين به ......
هموا الصاحين لا يشقى جليسهموا ومن هو في خدمتهم .. ألا ترى ربنا جل وعلا ذكر كلبهم لأنه قام بحق الأدب والخدمة وحسن المجالسة ... فقال ربنا قرآنا يقرأه الناس إلى يوم الدين .. " وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد " ......
ما أعظم جذبات ربنا لعشاق الجمال الأبدي .. ويا لصولجان المحبة .. في دوحة أهل الغرام فيطيبوا ويتطيبوا بلذة القرب ومفازة الدنو ..... هنيئا هنيئا ...... هنيئاً يا أهل الفتوة ...هنيئاً للذين قاموا فقالوا .. فلما قالوا نراهم قالوا من هجير لظى الخلق إلى ظل عرش الحق ...
------------------------------------------------------------------------------
الكتابة من فيض سرد روزبهان البقلي الشيرازي الصوفي رضوان الله عليه
سلمنا يدا بيد بعضا من حبيبنا أبو عمارة عبدُ الله الزاهد الحسين ابن منصور الحلاج
وها هو يفعلها معنا ثانية مع أصحاب الكهف ... وأيام الغرام بيننا دولٌ ... سقوني وقالوا مت غراماً بحبنا .. إذا شئت أن تحيا وتحظى بقربنا
------------------------------------------------------------------------------
| |
|