الإمام المهدي عند الصوفية

أنشد ابن عربي فقال :
ألا إن ختم الأولياء شهيد ... وعين إمام العالمين فقيد
هو السيد المهدي من آل أحمد ... هو الصارم الهندي حين يبيد
هو الشمس يجلو كل غم وظلمة ... هو الوابل الوسمي حين يجود

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :

" المهدي : هو الفرد الكامل والغوث الجامع ، عليه يدور أمر الوجود ، ومنه يكون الركوع والسجود ، وبه يحفظ الله العالم ، وهو المعبر عنه بـ … الخاتم ، وهو الخليفة ، وأشار إليه في قصة آدم ، تنجذب حقائق الموجودات إلى امتثال أمره انجذاب الحديد إلى حجر المغناطيس ، ويقهر الكون بعظمته ، ويفعل ما يشاء بقدرته ، فلا يحجب عنه شيء ، وذلك أنه لما كانت هذه اللطيفة الإلهية في هذا الولي ذاتا ساذجا ، غير مقيد برتبة لا حقيَّة إلهية ولا خلقية عبدية ، أعطى كل رتبة من رتب الموجودات الإلهية والخلقية حقها ". .

وتقول الدكتورة سعاد الحكيم :

1. فكرة المهدي تضرب عمقاً في جذور الفكر الإنساني ، لكأنها محفورة في قوالبه - الفكر - نفسية . فالكل على اختلاف مذاهبهم وتنوع عقائدهم وأحدية ميولهم ، ما بين مادية وغيبية ، ينتظر ( يوماً موعوداً ) يعم فيه العدل ويرتفع الظلم من العالم ... فهذا اليوم ينتظره المفكر المادي الديني كلٌ من خلال بنيانه الفكري أو الفلسفي ... وسواء أكان هذا اليوم يتمثل في شخص أَم في ارتفاع تناقض .... أَم .... أَم .... يبقى هو ( المنتظر ) .

لذلك لا نستطيع أن نقول أن فكرة المهدي هي إسلامية فقط أو شيعية أو صوفية خاصة ... وإن كانت صيغتها الإسلامية بسيطة تتلخص من خلال الأحاديث الشريفة ، بشخص يخرج في آخر الزمان يملأ الدنيا عدلاً بعد ما ملئت جوراً ... ولن نتعرض لما تحويه هذه الفكرة للأوساط الفقيرة والمظلومة من جوانب نفسية تعويضية ، لأننا بذلك نفرغ فكرة ( المهدي ) من دلالتها الفلسفية في بنيان أفسح لها مكاناً فيه .

2 - اهتم الفكر الشيعي ( بالمهدي ) . والفرق الوحيد بينه وبين الفكر الصوفي : أن المهدي في الفكر الشيعي هو شخص معين بالذات وجد في زمن سابق ... وبالتالي طرح أمامهم مشكلة هذه ( الغيبة الطويلة ) ... وما الفائدة منها ؟ والمبرر لها ؟ على حين أنه احتفظ في الفكر الصوفي بصورة بسيطة نراها عند ابن عربي .

" المهدي : خليفة لله ، نص رسول الله على إمامته ، فالعالم كله بانتظار ظهوره ، اسمه : اسم رسول ، وهو من آله .

يقول : " ... هذا الخليفة ( المهدي ) من عترة رسول الله . من ولد فاطمة ، يواطئ اسمه اسم رسول الله ". .

" كما أنه ما نص رسول الله ، على إمام من أئمة الدين يكون بعده ، يرثه ، ويقفو أثره ، ولا يخطئ ، إلا المهدي خاصة . فقد شهد بعصمته في أحكامه ". .

" يظهر ( المهدي ) بكل صفات الولاية من فعل ، فيبدل الأحكام في العالم :

من الجور إلى العدل

من الجهل إلى العلم

من الفقر إلى الغنى

من الضعف إلى القوة

وهذا التبديل أعطاه الحق القدرة عليه فهو : ولي وخليفة وإمام ... يضاف إلى ذلك طاقة الهداية التي أكسبته الاسم : المهدي .

يقول ابن عربي :

1. المهدي : يبدل من الجور إلى العدل :

" ... أن لله خليفة يخرج ، وقد امتلأت الأرض جوراً ، فيملؤها قسطاً وعدلاً . لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد طوّل الله ذلك اليوم حتى يلي هذا الخليفة ". .

" وإذا خرج هذا الإمام المهدي ، فليس له عدو مبين إلا : الفقهاء خاصة . فانهم لا تبقى لهم رياسة ولا تمييز عن العامة ". .

2. المهدي : يبدل من الجهل إلى العلم :

" ... ويعلم ما أشار إليه من عموم البركات عند ظهور الإمام المهدي ، حتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ... إلى سائر ما ذكر لعموم انبساط اللطيف على الكثيف ... ". .

3 . المهدي : يبدل من الفقر إلى الغنى :

" يقسم ( المهدي ) المال بالسوية ، ويعدل بالرعية ، ويفصل في القضية ، يأتيه الرجل فيقول له : يا مهدي أعطني ، وبين يديه المال فيحثى له في ثوبه ما استطاع أن يحمله ". .

هذا نص غريب عن ابن عربي ، لسببين : الأول ، أن إمداد الأولياء عنده هو علمي - روحاني ، الثاني : أن القرن السادس الهجري بعيد عن رؤية المال أحد مقومات الكمال في شخص الإمام أو الولي .

فهل اعتبر ابن عربي هنا كمال المهدي هو : كمال جمعيته للقوى في زمن ظهوره ؟ ولا يخفى ، بنظرة صادقة إلى الواقع ، أهمية المال كقوة اقتصادية فعالة من قوى العالم المعاصر .

4. المهدي : يبدل من الضعف إلى القوة :

أ . قوة السلاح :

" فهو ( ختم الولاية المحمدية ) والقرآن : أخوان ، كما أن المهدي والسيف أخوان ". .

يقول ابن عربي :

" ...... ختم الولاية المحمدية : هو أعلم الخلق بالله ، لا يكون في زمانه ولا بعد زمانه أعلم بالله وبمواقع الحكم منه ، فهو والقرآن أخوان ، كما أن المهدي والسيف أخوان .. "

ب . قوة الجماعة :

" ينفخ ( المهدي ) الروح في الإسلام ، يعز الإسلام به بعد ذله .. يُظْهِر من الدين ما هو الدين في نفسه ، ما لو كان رسول الله لحكم به ، يرفع المذاهب من الأرض . فلا يبقى إلا الدين الخالص ، أعداؤه مقلدة العلماء أهل الاجتهاد ... ". .

المذاهب والفرق تمزق وحدة المسلمين ، وبالتالي تضعف قوتهم ، لذلك دور المهدي هو في إزالة التمزق الحاصل في صفوف المسلمين ، وبرفع التمزق تحصل القوة التي يستتبعها الغنى والعلم ...

" ( المهدي ) يظهر بالولاية إرثاً محمدياً ، بكل ما تحويه من أبعاد :

فعل وعرفان ، في مقابل النبي محمد صلى الله عليه وسلم( ظهر النبوة - ولايته باطنة ) .

يقول ابن عربي : " ... ومحمد ... الرحمة للعالمين ذاتاً وصفاتاً ، وتمام ملكه ( محمد صلى الله عليه وسلم) موقوف على ظهور المهدي ... " .. انتهى

----------------------------------------------------

ويمكن أن نقول هنا أن أغلب المتصوفة يرون أن ختم الولاية المحمدية هو المهدي عليه السلام ... أما ابن عربي فيرى أنه وكما أن للولاية ختم فإن للإمامة ختم وهو الإمام المهدي .. وهو هنا يزيد على ختم الولاية ختم الإمامة .. ليترك الأولى للوارث المحمدي ( ويمكن أن تكون في كل زمان ) .. ويترك الثانية للنص النبوي الشريف ... ويسميه الإمام الأكبر ... عليه السلام ...

وقد رأى بعض المتصوفة أن ختم الولاية هي لسيدنا علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه .. لكونه آخر الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم جميعا ولكونه باب مدينة العلم ....

ونحن نرى أن آخر الخلفاء الراشدين هو سيدنا الإمام الحسن ابن علي ابن أبي طالب سلام الله عليه .. لحديث حضرة النبي : " الخلافة من بعدي ثلاثون عاماً ..."

وبالحساب لما قضاه الخلفاء الراشدين الأربعة نرى أن الستة أشهر التي تولها الإمام الحسن ابن علي ابن أبي طالب سلام الله عليه هي المتممة للثلاثون عاماً المذكورة في الحديث النبوي الشريف .. وبهذا يكون سيدنا الحسن سلام الله عليه هو خاتم الولاية المحمدية وكما أن جده عليه الصلاة والسلام خاتم النبيين : " .. ولكن رسول الله وخاتم النبيين .. " .. (أعلم أن هذا الأمر محل مبادرة من كثير من السادة الصوفية ) .. غير أن هذا هو رأينا .. نقول به .. وكما نرى أن لسيدنا الإمام علي ابن أبي طالب سلام الله عليه .. شأناً آخراً .. ليس هذا محله ...

ويرى ابن عربي وكما أن ختم الأنبياء صلى الله عليه وسلم : " ... أوتي جوامع الكلم .. " فإن ختم الأولياء هو الجامع لعلم كل ولي ......... " ....

ويمكن أن يسأل أحدنا لمّ كل عام بل أقل من هذا نسمع بظهور أحدهم ( المهدي سلام الله عليه ) نقول ما قاله قطب الدين البكري الدمشقي : " .... الهداية : ثوب إلهي يخلع في كل عصر ، على أناس أخيار ، لينتفع بهم العامة في عموم الأطوار ، ومن هنا ادعى كثير من الأولياء الصادقين أنه : المهدي ، لما عاين الحلة عليه بيقين ... "

ولست هنا محل هذا المبحث الموسوعي غير أني أردت أن ينير اسم المنتظر صفحات المودة ... يقول أهلنا من الشيعة : عجل الله فرجه .... ونقول : إنا منتظرون ....

----------------------------------------------------------------

الجزء الأول من هذا المقال من موسوعة الكسنزان

الأبيات صدر المقال من الفتوحات المكية ....

----------------------------------------------------------------

عدد الرسائل : 32 تاريخ التسجيل : 29/01/2008

ان شاء الله من المتبعين والسائرين وراء الامام المهدي وانار لنا ربنا حبيبنا طريقنا في طاعة

آل البيت .

ان هذا الموضوع في غاية الاهميه وارجو ا طرح الكثير من هذه المواضيع التي تساعد

في توعية الامه ومعرفة معنى ظهور الامام المهدي (عجل فرجه الشريف)
مع جزيل الشكر

وأنا أقول المهدي موجود في كل زمان
وكل شيخ هو مهدي زمانه
بارك الله فيك اخي الدرويش على الموضوع المميز
وجزاك الله كل الخير

جزاك الله خيرا يا اخي الدرويش بموضوعك المميز عن الامام المهدي ولقد اردت ان ينير المنتدى باسم المنتظر وها هو الان منور بوجود اسمه الشريف وما كتبته عنه ونحن ننتظره جميعا ان شاء الله

عدد الرسائل : 83 تاريخ التسجيل : 26/01/2008

السلام عليكم
اخي الدرويش بارك الله بك وجزاك الله خير الجزاء على هذا الموضوع
فهو يثير اسئله كثير من الناس واود ان اعترف انه من وجهة نظري انا
ان هذا الموضوع من اروع مواضيع الموده ويستحق الامتياز لانه ابرز
حقيقه لابد من معرفتها ونسال الله الفرج القريب *************

عدد الرسائل : 11 تاريخ التسجيل : 23/10/2007

عجل الله مولده الشريف

و ان كان هناك من يقول انه بالفعل ولد
و انه سيظهر قبل عام 2023 م
و الله اعلم
و استدوا بنزول الروم ( جيوش الغرب ببلاد العرب الموجوده حاليا)
و ان بداية قرب ظهوره انكسار الروم فى بلاد افغانستان و ذلك خلال 5 سنوات من الان
و الله اعلم

» ابن عربي و الإمام المهدي .
» ثلاثون دليلا على صدق المسيح الموعود الإمام المهدي .
» رأي الإمام أحمد بن حنبل في الصوفية
» الإمام علي باب العلوم الروحية ومفتاح السلاسل الصوفية
» المصطلحات الصوفية عند الإمام عبد الكريم الجيلى ..الجزء الخامس عشر.. حرف الصاد