منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة فبراير 22, 2008 9:32 am

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي 15871612


[size=18]

بسم الله نبدأ في هذا القسم بمعيتكم تصفح كتاب حالة اهل الله مع الحقيقة للامام الجليل أحمد الرفاعي رضي الله عنه :


[ مقدمة الكتاب]



قال شيخنا وسيدنا شيخ الطوائف أبو العَلَمَيْن وارثُ رسولِ الثقلين ، القطبُ الغوثُ الجامعُ الحجةُ العارفُ القدوةُ إمامُ الأولياء السيدُ أحمدُ محيي الدين أبوالعباس الكبير الرفاعي الحسيني بن السيد أبي الحسن علي بن السيد يحيى بن السيد ثابت ، ابن السيد الحازم بن السيد أحمد بن السيد علي بن السيد الحسن، بن السيد المهدي ، ابن السيد أبي القاسم محمد ، بن السيد الحسن بن السيد الحسين ، بن السيد أحمد ، ابن السيد موسى الثاني ، بن السيد إبراهيم المرتضى ، بن الإمام موسى الكاظم ، بن الإمام جعفر الصادق ، بن الإمام محمد الباقر ، بن الإمام زين العابدين علي ابن زُبدة السادة الأئمة ، وعُمدة قادة الأمة ، الذي امتُحِنَ بأنواع البلاء ، أمير المؤمنين أبي عبدالله الإمام الحسين الشهيد بكربلاء ، ابن إمام الأئمة الأولياء ، وقائد أزمّة الأصفياء ذوي السوابق الكبرى ، والمفاخر والمناقب الوُفْرَى ، باب مدينة العلوم والحِكَم ، السيد الذي كلُّ مقامٍ له ممنوح ، المشبَّه بكبار الأنبياء كآدم وإبراهيم ونوح ، الذي قدرهُ كاسمه حسن وعلي ، أمير المؤمنين أبي الحسن علي رضوان الله عليه وعليهم أجمعين .

الحمد لله حمداً نصلُ به إلى كشف الحجاب ، ونعَدَُ به من الأحباب ، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له ، ونشهدُ أن محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ، وحبيبه وصفيُّهُ ، وخيرتُهُ مِنْ خلقه ، بعثه الله بالنورِ السّاطع ، والبيان اللامع ، والسيف القاطع ، فبلّغ الرسالة ، وأدّى الأمانة ، وأوضح السنّةَ ، وأسّس الشريعة ، ونصح الأمة ، وعَبَدَاللهَ حتى أتاه اليقين ، فصلوات الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد فهذه جُمَلٌ نذكر فيها (حالة أهل الحقيقة مع الله) ، ولا حول ولا قوةَ إلا بالله ، وذلك لترتاض(1) النفوس ، ولتتروّح القلوبُ بنسبة ما ألفت إليه، وإلا فمنبعنا وقتي ، وثريدنا(2) طريّ ، من مائدة النبي صلى الله عليه وسلم، بالتنزُّل الإلهي ، ما فيه قَديد(3).



(1) ارتياض النفس: تذليلها، وتدريبها وتمرينها.


(2) الثّريد: ما يُثرَد من الخبز، أي يُفَتّ ثم يُبلّ بمرق .


(3) القديد من اللحم : ما قُطع طولاً ومُلِّحَ وجُفِّفَ في الهواء والشمس . يقول السيد الرفاعي : إن عطاءه غير دسم ، وهذا من تواضعه رضي الله عنه .


عدل سابقا من قبل almosly في السبت فبراير 23, 2008 5:09 am عدل 2 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة فبراير 22, 2008 3:29 pm


الحديث الأول

[ من يذوق طعم الإيمان؟]

حدثنا الشيخ الإمام المُقْري القاضي الثقة ، علي أبو الفضل الواسطي بمدرسته في واسط ، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن علي بن المهذّب ، قال: أنبأنا أبو بكر أحمد ابن جعفر القطيعي ، قال: أنبأنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي ، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد بن الليث بن سعد ، عن ابن الهادي ، عن محمد بن إبراهيم بن الحرث ، عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب ، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً(1)"، وهذا الذوق المنبعث عن هذا الرضا هو المعرفة بالله تعالى . والمعرفة نورٌ أسكنه الله تعالى قلب من أحبه من عباده ، ولا شي أجل وأعظم من ذلك النور ، وحقيقة المعرفة حياة القلب بالمُحيي (أوَمَن كان مَيتاً فأحييناه)(2) وقال تعالى : (ليُنذر من كان حياً)(3)، وقال تعالى (فلنُحييّنه حياةً طيبة)(4)، وقال: سبحانه : (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يُحييكم)(5)، فمن ماتت نفسه ؛ بعدت عنه دنياه ، ومن مات قلبه بعد عنه مولاه ، وسُئل ابن السماك(6): متى يعرف العبد أنه على حقيقة المعرفة ؟ قال: إذا شاهد الحق بعين اعتباره فانياً عن كل من
سواه، وقيل: المعرفة فقدان رؤية ما سواه ، بحيث يصير ما دون الله تعالى عنده أصغر مِن خردلة ، قال تعالى: (قل الله ثم ذَرْهُم)(1)، مَن نظر إلى الله تعالى لم ينظر لا إلى الدنيا ولا إلى العقبى ، وشمس قلب العارف أضوأ من شمس النهار ، وأبهج منها في مطلع الأنوار.

طلعتْ شمسُ من أحَبّكَ ليلاً
إنّ شمسَ النهارِ تغربُ ليلاً


فاستنارتْ فما لديها غروبُ
وشموسُ القلوبِ ليست تغيبُ

قال ذو النون(2): إطلاع الحق سبحانه على الأسرار بمواصلة المدد ، كإطلاع الشمس على الأرض بإشراق الأنوار ، فعليكم بتصفية القلوب ، فإنها مواضع نظره ، ومواطن سره ، فإن من عرف الله لا يختار غيره حبيباً سواه ، وفي الخبر: "إن الله تعالى خلق الخَلْقَ في ظُلمة ، ثم ألقى عليهم شيئاً من نوره ، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى ، ومن أخطأه ضلَّ وغوى"(3) وهو نور يخرج من سرادق المِنّة ، فيقع في القلب ، فيستنيرُ به الفؤاد ، ويبلغ شعاعه إلى حُجُب الجبروت ، ولا يحجبه عن الحق الجبروت ، ولا الملكوت ، فيصير العبد في جميع أفعاله وأقواله وحركاته وإرادته في حياته ومماته صائراً إلى النور، (الله نور السموات والأرض) (يهدي الله لنوره من يشاء)(4).

إن كنتَ لستَ معي فالذكرُ منك معي قلبي يراكَ وإن غُيِّبْتَ عن بصري

قال يحيى بن معاذ (1): المعرفةُ قربُ القلب إلى القريب ، ومراقبة الروح للحبيب ، والانفراد عن الكل بالملك المجيب ، وقال ذو النون: هي تخلية السر عن كل إرادة ، وترك ما عليه العادة ، وسكون القلب إلى الله بلا علاقة. وقال بعضهم: هيئتها جنون ، وصورتها جهل ، ومعناها حَيْرة ؛ فإن العارف يشغله علم الله تعالى عن جميع الأسباب ، فإذا نظر إليه الخَلْق استجهلوه ، ويكون أبداً في ميدان العظمة ولِهاً بين الخَلْق ، فإذا رأوه استجنُّوه ، ويكون بكلّيته فانياً بحب جلال عظمته تعالى ، مشغولاً عن مَن سواه ، فإذا أبصروه استدهشوه ، ولا يقدر أحد أن يُخبِر عن المعرفة بالله تعالى ، فإنها منه بَدت وإليه تعود . فالعارف فانٍ تحت اطِّلاع الحق تعالى ، باقٍ على بساط الحق بلا نفس ولا سبب ، فهو ميّتٌ حي ، وحيٌّ ميّت ، ومحجوبٌ مكشوف ، ومكشوفٌ محجوب ، تراه والهاً على باب أمره ، هائماً في ميدان برّه، مدْلالاً تحت جميل ستره ، فانياً تحت سلطان حكمه ، باقياً على بساط لُطفه . العارفون صارت أنفسهم فانية تحت بقائه وسلطانه عن كل حول وقوة ، تراهم باقين بحوله وقوته ، متلاشين عن كونهم وأسبابهم تحت جلال ألوهيته ، ملوكاً به دون مملكته ، فقرهم به وغناهم به ، وعزّهم به وذلّهم به.

يُروَى أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود اعرفني واعرف نفسك. فتفكّر داود فقال: إلهي عرفتك بالفردانية والقدرة والبقاء ، وعرفت نفسي بالعجز والفناء. فقال : الآن عرفتني. وروي في الخبر: لو عرفتم الله تعالى حق معرفته لعلمتم العلم الذي ليس بعده جهل ، ولزالت الجبال بدعائكم مع أنه لا ينتهي أحد ولا
يبلغ منتهى معرفته أن الله تعالى أعظمُ من أن ينتهي أحد إلى منتهى معرفته(.




[/b]


(1) صحيح. رواه الإمام أحمد في مسنده (دار الحديث) 2/383 و 384 برقم 1778و 1779 (مسند العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه) ومسلم: الإيمان، باب: الدليل على أن من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً فهو مؤمن، رقم34.


(2) سورة الأنعام: 122.


(3) سورة يس: 70


(4) سورة النحل: 97


(5) سورة الأنفال: 24.


(6) أبو العباس بن السماك، كان يقول، يا أخي هب أن الدنيا كلها في يديك، فانظر ما في يديك منها عند الموت. توفي بالكوفة سنة 283 هـ (طبقات الشعراني 1/79-80).


(1) سورة الأنعام 91.


(2) أبوالفيض ثوبان بن إبراهيم توفي سنة 245 هـ. ومن قوله: "من علامات المحب لله عز وجل: متابعة حبيب الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه وأفعاله وأوامره وسننه" (الرسالة القشيرية (دار إحياء التراث العربي) 33).


(3) صحيح: أخرجه أحمد برقم 6644 و 6659 و 6854 عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه والهيثمي في موارد الظمآن: القدر، الباب الثالث، رقم 1812 (صحيح ابن حبّان 61698 والحاكم في المستدرك: الإيمان 1/30.


(4) سورة النور 35.


(1) : أبو زكريا يحيى بن معاذ بن جعفر الواعظ الرازي.. أقام ببلخ مدة ثم عاد إلى نيسابور ومات بها سنة 258 هـ. ومن كلامه رضي الله عنه :كيف يكون زاهداً من لا ورع له ، تورع عما ليس لك ، ثم ازهد فيما لك [الطبقات الكبرى للشعراني 1/106].


(1) أخرج ابن السني عن معاذ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البحور، ولزالت بدعائكم الجبال، ولو خفتم الله حق مخافته لعلمتم العلم الذي ليس معه جهل، ولكن لم يبلغ ذلك أحد . قيل: يا رسول الله، ولا أنت؟ قال: ولا أنا؛ الله عز وجل أعظم من أن يبلغ أحد أمره كله [ كنز العمال (الرسالة) 3/144 برقم 5893]. وإتحاف السادة المتقين 9/75و 477 والدر المنثور 1/196 وحلية الأولياء 8/156 وقال الحافظ العراقي في المغني 4/97: وروى أبو منصور الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه: " لو عرفتم الله حق معرفته لمشيتم على البجور ولزالت بدعائكم الجبال "وانظر المغني 4/267.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالسبت فبراير 23, 2008 4:13 am

وقال الإمام جعفر الصادق (2) عليه الرضوان والسلام : لا يعرف الله حق معرفته من التفت منه إلى غيره ، المعرفة هي طيران القلب في سرادق الأُنس والألفة ، جوّالاً في حُجُبِ الجلال والقُدرة ، وهذه حالة من صُمَّت أذناه عن البطالات ، وعميت عيناه عن النظر إلى الشهوات ، وخرس لسانه عن التكلم بالتُّرُّهات(3)، وقيل لأبي يزيد (4) ترى الخلقَ ، قال: به أراهم ، وسُئل محمد بن واسع (5) هل عرفت ربك فسكت ساعةً ثم قال : من عرف الله تعالى قلَّ كلامُهُ ، ودام تحيُّره ، وفني عن صور الأعمال ، وتحيّر مع الاتصال ، مُتقرِّباً في جميع الأحوال ، منقطعاً عن الحال إلى وليّ الحال ، فإن الأمور بحقائقها لا بالحسِّ وصورها.

قال أبو يزيد: ليس على تحقيق بالمعرفة ، من رضي بالحال دون ولي الحال . فإن من عرف الله كَلَّ لسانُه ، ودهش عقله . العارف إن تكلم بحالِه هَلَكْ، وإن سكت احترق . قال أبو بكر الواسطي(1): المعرفة على وجهين: معرفة الإيقان ، ومعرفة الإيمان ، فمعرفة الإيمان شهادةُ اللسان بتوحيد المَلِك الديّان ، والإقرارُ بصدق ما في القرآن ، وأما معرفة الإيقان فهي دوام مشاهدة الفرد الديّان بالجَنان ، وقال بعضهم : هي على ضربين ، الأول هو أن يعرف أن النعمة من الله تعالى ، قال الله تعالى (وما بكم من نعمةٍ فمن الله)(2) فيقوم بشكره ، فيستزيد به النعمة من الله بدليل قوله تعالى : (لئن شكرتم لأزيدنكم)(3)، والثاني رؤية المُنعِم من غير أن يلتفت إلى النعمة فيزيد شوقه إلى المُنعِم ، ويقوم بحق معرفته ومحبته ، وذلك قوله تعالى: (يا أيها النبي حسبك الله)(4)، (فإن تولّوا فقل حسبي الله)(5)، وقال ذو النون المصري: هي على ثلاثة أوجه : أولها معرفة التوحيد ، وهي لعامة المؤمنين ، والثاني معرفة الحُجّةِ والبيان ، وهي للعلماء والبلغاء والحكماء ، والثالث معرفة صفات الفردانية ، وهي لأهل ولاية الله تعالى وأصفيائه الذين أظهر الله لهم ما لم يُظهر لمن دونهم ، وأعطاهم من الكرامات ما لم يجز أن يوصف ذلك بين يَدَيْ مَن لا يكون أهلاً له ؛ خصّهم الله من بين الخلائق واصطفاهم لنفسه واختارهم له ، فحياتهم رحمة ومماتهم غبطة ، طوبى لهم . وقال غيره: هي على وجهين : معرفة التوحيد ، وهو إثبات وحدانية الواحد القهّار ، ومعرفة المزيد ، وهي التي لا سبيل لأحد إليها .
أقول: هي كشجرةٍ لها ثلاثة أغصان توحيد وتجريد وتفريد ، فالتوحيد بمعنى الإقرار ، والتجريد بمعنى الإخلاص ، والتفريد بمعنى الانقطاع إليه بالكلية في كل حال . وأول مدارج المعرفة التوحيد ، وهو قطع الأنداد(1)، والتجريد ، وهو قطع الأسباب ، والتفريد وهو بمعنى الاتصال بلا سير ولا عين ولا دون ، ولها خمس طرائق. أولها : الخشية في السر والعلانية ، والثانية: الانقياد له في العبودية ، والثالثة : الانقطاع إليه بالكليّة ، والرابعة : الإخلاص له بالقول والفعل والنيّة ، والخامسة: المراقبة في كل خطرة ولحظة.
وحكي عن عبدالباري قال: خرجت مع أخي ذي النون فإذا نحن بصبيان يرمون واحداً بالحجارة ، فقال لهم أخي: ما تريدون منه ؟ قالوا: هذا رجلٌ مجنون ، ومع ذلك يزعم أنه يرى الله تعالى ، قال: فدنونا منه ، فإذا هو شابٌ وسيم ، ظهر عليه سيما العارفين ، فسلَّمنا عليه ، وقلنا: إنهم يزعمون أنك تدَّعي رؤية الله تعالى ، فقال: إليك عني يا بطّال(2)، لو فقدته أقل من طرفةِ عينٍ لَمُتُّ من ساعتي ، وأنشأ يقول:


فقلت له: أمجنون أنت ؟ فقال: أمّا عند أهل الأرض فنعم ، وأما عند أهل السماء فلا ، قلتُ: فكيف حالك مع المولى ؟ فقال : منذ عرفته ما جفوته ، فقلت منذ كم عرفته ؟ قال: منذ جعل اسمي في المجانين.




(2) أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر.. وكان رضي اله عنه يقول: " إذا سمعتم عن مسلم كلمة فاحملوها على أحسن ما تجدون، حتى لا تجدوا لها محملاً فلوموا أنفسكم "توفي بالمدينة سنة 148 هـ ( الشعراني 1/42) أي لوموا أنفسكم بسبب عجزكم عن إيجاد عذر أو محمل لتلك الكلمة.


(3) الترهات : الأباطيل .


(4) محمد بن واسع بن جابر الأزدي، أبو بكر: فقيه ورع، من ثقات أهل الحديث، توفي عام 123 هـ.


(5) أبو يزيد طيفور بن عيسى البسطامي مات سنة 261 وقيل 234 هـ.


(1) : أبو بكر محمد بن موسى الواسطي، من فرغانة، صحب الجنيد والنوري، أقام بمرو، ومات بها بعد عام 320 هـ.


(2) سورة النحل 53.


(3) سورة إبراهيم 7.


(4) سورة الأنفال: 64.


(5) سورة التوبة: 129.


(1) جمع ندّ ، وهو النظير والمثل.


(2) بَطَلَ : العامل بَطالة (مثلثة الباء) : تعطل عن عمله، فهو بطّال.

إليك عني يا بَطّال: تنح عني ؛ لا شغل لك بهذا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالأحد فبراير 24, 2008 7:07 pm

الحديث الثاني
[ الكيِّس والعاجز ]




أخبرنا شيخنا الإمام المُقري القاضي أبو الفضل علي الواسطي بمدرسته بواسطٍٍ ، قال: أنبأنا الشريف النقيب أبو الفوارس طرادُ بن محمد بن علي الزينبي ، قراءة عليه ونحن نسمع ، قال : أنبأنا أبو الحسين علي بن محمد قال : أنبأنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: أنبأنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، قال: أنبأنا الهيثم بن خارجة ، قال: أنبأنا بقية بن الوليد عني أبي بكر بن أبي مريم قال: حدثني حمزة بن جندب ، عن أبي يعلى شداد بن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الكيِّسُ مَن دانَ نفسه وعَمِلَ لِما بَعْدَ الموت ، والعاجزُ مَن أتبعَ نفسه هواها وتمنّى على الله"(1) فالعمل بسرِّ هذا الحديث ، هو المعرفةُ . نعم ، إن المعرفة من العبد والتعريف من الرب تعالى ، وهي أشرف وأعظم الهدايا التي يُهديها إلى عباده ، فإن الله تعالى إذا أراد أن يختار عبداً من عبيده ويفضّله على من سواه من خَلْقِه، ويطْلِعَ في سِرّه شمسَ المعرفةِ ينظر إليه بعين الفضل والرحمة ، ويفتح له أبواب الهداية ثم يكرمه بالانتباه ، ويوقظه من نومة الغافلين ، ويُنعم ويمُنَّ عليه بشرح القلب ، ويُذهب عنه موت القلب بالفهم ، ويذهب عنه الوهم ، ويُكرِمه بالحياء والخوف واليقين ، ويُذهب عنه الشك وجراءة




الأمن ، فإذا اجتمعت في العبد هذه الخصال ، أشرق فؤاده بنور، فيرى ما دون حُجُبِ الجبروت ، وتشتاق إليه الجِنان ، ويخمد منه لهباتُ النيران ، ولو أن المعرفة نقشت على شيء ما نظر إليها أحد إلا مات مِن حسنها وجمالها ، لكل أحد رأس مال ، وهي رأسُ مال المؤمن .

وقال رجل لذي النون : إنّي لأحبك ، فقال : إن كنتَ عرفتَ الله فحسبك الله ، وإن لم تعرفه فاطلب مَن يعرفه حتى يدلك عليه .

وعندي أن المعرفة كشجرة يغرسها ملكٌ في بستانه ، ثمينةٍ جواهرها ، مثمرةٍ أغصانها ، حلوةٍ ثمارها ، طريفةٍ أوراقها ، رفيعةٍ فروعها ، نقية أرضها ، عذب ماؤها ، طيّب ريحها . صاحبها مشفقٌ عليها لعزّتها ، مسرورٌ بحسن زهرتها ، يدفع عنها الآفات ، ويمنع عنها البليّات ، وكذلك شجرةُ المعرفة التي يغرسها الله تعالى في بستان قلب عبده المؤمن ، فإنه يتعهّدُها بكرمه ، ويرسل عليها كل ساعة سحائبَ المِنّةِ من خزائن الرحمة ، فيُمطر عليها قطراتِ الكرامة ، برعد القُدرة ، وبرق المشيئة ، ليطهِّرها من غُبارِ رؤية العبوديةِ ، ثم يُرسِل عليها نسيمَ لطائف الرأفة ، مِن حُجُبِ العناية ، ليتمّ لها شرف الولاية بالصّيانة والوقاية ، فالعارف أبداً يطوفُ بسِرّه تحت ظلالها ، ويشمُّ من رياحينها ، ويقطع منها بِمنْجل الأدب ما فسد من ثمارها ، وحلَّ فيها من الخبث والآفة ، فإذا طال مقام سِرّ العارفِ تحتها ، ودام جولانه حولها ، هاج أن يتلذذ بثمارِها ، فيمدّ إليها يد الصفاء ، ويجتبي ثمارَها بأناملَ الحُرمةِ ، ثم يأكلها بفم الاشتياق ، حتى تغلبه نارُ الاستغراق ، فيضرب يدَ الانبساط إلى بحر الوداد ، ويشرب منه شربةً يسكر بها عن كل ما سوى الحقّ سكرةً لا يُفيق منها إلا عند المعاينة ، ثم يطير بجناح الهِمّة ، إلى ما لا تدركه أوهام الخلائق .

وقيل للواسطي : أي الطعام أشهى ؟ قال: لُقمةٌ مِن ذِكر الله تعالى ، تُرفَعُ بيد اليقين ، من مائدة الخُلْدِ ، عند حُسن الظّن بالله تعالى .


قال النساج (1): يخرجُ أكثر أهل الدنيا من الدنيا ولم يذوقوا طيباتها المقصودة ، قيل: وما هي ؟ قال: سرورُ المعرفة ، وحلاوةُ المِنّة ، ولذائذُ القُربة ، وأنسُ المحبّة .

وقال محمد بن واسع : حُقَّ لمن أعزّه الله بمعرفته أنْ لا يُذِلّ نفسه لغيره ، وحُقَّ لِمَنْ والاه الله بولايته أن يقوم بحقه ، وحُقَّ لمن أكرمه الله بصحبته أن لا يميل إلى غيره، ولا يعمل بهوى نفسه .

وقال أبو يزيد: إن في الليل شراباً لقلوب العارفين ، تطيرُ به قلوبهم حبّاً لله وشوقاً إليه، ألا إنّ الناظرين إليه لا إلى غيره ذهبوا بصفوةِ الدنيا والآخرة .

أقول: وهذا الشراب هو التحيُّر ، وهو على ضربين : تحير وَحشة وتحير دَهشة ، فتحيُّرُ الوحْشةْ للمطرودين ، وتحيُّرُ الدهشةِ للعارفين المشتاقين ، يا دليل المتحيرين زدني تحيُّراً.




(1) أحمد في المسند (مسند شداد بن أوس رضي الله عنه) 13/272 برقم 17059 والترمذي: صفة القيامة، باب: الكيس من دان نفسه (الباب 26) رقم 2461 وقال أبو عيسى الترمذي: هذا حديث حسن. وابن ماجه: الزهد، باب ذكر الموت والاستعداد له 4260 والحاكم 4/251 و 1/57 وصحّحه في الموضعين ووافقه الذهبي في الجزء الرابع، وخالفه في الجزء الأول، من أجل راوٍ في سنده ، هو ابن أبي مريم ، قال الحاكم عنه " واهٍ " ويُروى: ".. وتمنّى على الله الأماني" [ الجامع الصغير للسيوطي (الفكر) 2/303 برقم 6468 وصحّحه ].


(1) أبو الحسين خير النّساج : أصله من سُرَّ من رأى ، إلا أنه أقام ببغداد وعمّر طويلاً ، وكان رضي الله عنه يقول: العمل الذي يبلغ فيه العبد إلى الغايات هو رؤية التقصير والعجز والضعف (الطبقات الكبرى للشعراني 1/136). وقيل كان اسمه محمد بن إسماعيل ، وإنما سُمّي (خيراً النّساج) ، لأنه خرج إلى الحج ، فأخذه رجل على باب الكوفة وقال: أنت عبدي ، وإسمك خير ، وكان (محمد بن إسماعيل) أسود ، فلم يخالفه ، واستعمله الرجل في نسج الخزّ.. (الرسالة القشيرية 89).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
سامر سويلم
مشرف مكتبة المودة
مشرف مكتبة المودة
سامر سويلم


عدد الرسائل : 169
تاريخ التسجيل : 20/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالأحد فبراير 24, 2008 7:55 pm

أكمل سيدي الموصلي

بارك الله فيك على كل مشاركاتك القيمة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
زينب الاسدي
مشرفة منتزه المرأة
مشرفة منتزه المرأة
زينب الاسدي


عدد الرسائل : 301
العمر : 36
الموقع : العراق _بابل
تاريخ التسجيل : 16/10/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالأحد فبراير 24, 2008 8:09 pm

الله............. رحمك الله يا غوث
و بارك الله بك يا موصلي


تقبل مروري
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالإثنين فبراير 25, 2008 5:23 pm

.



أشكر الاخوة الاحبة على مرورهم الطيب ونتابع مع مولانا الرفاعي نفعنا الله به وبكم :

الحديث الثالث
[ الإسلام والإيمان]

أخبرنا العبد الصالح الثقة الشيخ أبو محمد بن عبدالله بن الحسين بن أحمد بن جعفر الآمديُّ الواسطيّ ، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن كاتب الوقف بواسط ، قال: أنبأنا أبوالحسن محمد بن علي الرواسي إملاءً بجامع واسط ، قال: أنبأنا أبو القاسم عبيدالله بن تميم ، قال: أنبانا أحمد بن إبراهيم الإمام ، قال: أنبأنا علي بن حرب بن زيد بن الحباب ، قال: أنبأنا علي بن مَسْعدة الباهلي ، قال: أنبأنا قُتادة ، أنه سمع أنس بن مالك يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الإسلام علانيةٌ والإيمانُ في القلب والتقوى ها هُنا" ، يقولها ثلاثاً ويشير بيده إلى صدره صلى الله عليه وسلم (1)، والتقوى التي تقرُّ في القلب ، فتُحْكِم فيه الإيمان ، هي روح المعرفة .
أي سادة ، إن الله تعالى جعل لكل شيء قَدْراً ، ولكل قَدْرٍ حدّاً ، ولكل حد سبباً ، ولكل سبب أجلاً ، ولكل أجل كتاباً ، ولكل كتاب أمراً ، ولكل أمر معنى ، ولكل معنى صدقاً ، ولكل صدق حقا ، ولكل حق حقيقة ، ولكل حقيقة أهلاً ، ولكل أهل علامة ، فبالعلامة يُعْرَفُ المحقّ من المُبطل ، وكل قلب أقعده على بساط تحقيقِ المعرفة ، وقع بسيماء المعرفة على وجهه ، ويظهر أثرها في حركاته وأفعاله
وأقواله ، كما قال الله تعالى: (تَعْرِفُهُم بِسِيماهمْ)(1)، وقال صلى الله عليه وسلم : " من أسرَّ سريرة ألبسه الله رداءها ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر"(2).
وقيل ليحيى بن معاذ : ما بال العارفين أحسن وجوهاً ، وأكثر هيبةً مِنْ غيرهم ؟ فقال: لأنهم خلوا بالله مستأنسين ، وقربوا إلى الله متوجهين ، وفزعوا إليه متوالهين فكساهم الله بنور معرفته ، فيه ينطقون ، وله يعملون ، ومنه يطلبون ، وإليه يرغبون ، أولئك خواصّ الله السابقون ، سعيهم في طاعة الله من غير علاقة ، وينصحون العامة من غير طمع ، مشتاقون منيبون إلى الله تعالى ، قلوبُهم له وجِلة ، نفوسُهم وحشية وقلوبهم عَرْشية ، وعقولهم مغشيّة ، وأرواحهم ياسينية ، كلهم معصومٌ بلقبه عن فتنة الناس ، وذِكرُ الله يحميه من شر الوسواس ، صدره مشروح ، وجسمه مطروح ، وقلبه مجروح ، وباب الملكوت له مفتوح ، قلبُه مثل القنديل ، وجوارحه خاضعة كالمنديل ، لسانه مشغولٌ بتلاوة القرآن ، ولونه مُصفَرٌّ من خوف الهجران ، ونفسه ذائبةٌ في خدمة الرحمن ، وقلبه زاهرٌ بنور الإيمان ، نفسُه مشغولةٌ بالطلب ، وروحُهُ مشغولةٌ بقُرب الرب ، على لسانه وصف الربوبية ، وعلى أركانه خدمةُ الديمومية ، وعلى نفسه أثرُ العبودية ، وفي قلبه هيبة الفردانية ، وفي سِرِّه الطربُ بالألوهية ، وفي روحه شغف الوجدانية ، أفواهُهُم إليه ضاحكة ، وأعينهم نحْوَه طامحة ، وقلوبُهم به متعلقة ، وهمومُهم إليه واصلة ، وأسرارُهم إليه ناظرة ، رَمَوْا ذنوبهم في بحر التوبة ، وطرحوا طاعاتهم في بحر المِنّة ، وضمائرهم في بحر العظم ، ومرادهم في بحر الصفو ، وهممهم في بحر المحبة ، في ميدان خدمته يتقلّبون ، وتحت ظلال كرمه
يتنفسون ، وفي رياض رحمته يرتَعُون ومن رياحين امتنانه يشمّون . ينظرون إلى الدنيا بعين الاعتبار ، وإلى الآخرة بعين الانتظار ، وإلى أنفسهم بعين الاحتقار ، وإلى طاعتهم بعين الاعتذار لا الاستكثار ، وإلى الغفران بعين الافتقار ، وإلى المعرفة بعين الاستبشار ، وإلى المعروف سبحانه بعين الافتخار . يرمون أنفسهم إلى البلوى ، وأرواحهم إلى العقبى ، وقلوبهم إلى النجوى ، وأسرارهم إلى المولى. أنفسهم تاركةٌ للدنيا ، وأرواحهم للعقبى ، وقلوبهم مستأنسة بالذكرى ، وأسرارهم بحب المولى . قلوبهم معدن التعظيم والهيبة ، وألسنتهم معادن الحمد والمِدْحة ، وأرواحهم مواطن الشوق والمحبة ، وأنفسهم مقهورة تحت سلطان العقل والفطنة ، وأكثر همتهم التفكير والعبرة ، وأكثر كلامهم الثناء والمِدْحة . عملهم الطاعة والخدمة ، ونظرهم إلى لطائف صنع رب العِزّة . أحدهم تراه مُصْفرّاً من خوف فراقه ، ذائبَ الأطراف من هيبة جلاله ، طويل الانتظار شوقاً إلى لقائه ، سلك طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ورمى الدنيا خلف القفا ، وأذاق الهوى طعم الجفا ، وقام على قدم صدق الوفا ، حاله في الدنيا غريب ، وقلبه في صدره غريب ، وسرُّه في نفسه غريب ، فلا يستريح من غَمّ الغُرْبة ووَحْشَتها ، ما لم يصل إلى الحبيب ، فأمره عجيب ، والمولى له طبيب ، وكلامه وجدانيّ ، وقلبه فردانيّ ، وعقله ربّاني ، وهمه صمَداني ، وعيشُه روحاني ، وعمله نوراني ، وحديثه سماوي . جعل الله قلبه موضع سره وموطن نظره ، وزيّنه بحُلِيّ ربوبيته ، وأدخله دار الإمارة من سلطانه ، يدور بالفؤاد حول عزّته ، ويرتع في روضات قُدْسه ، ويطير بجناح المعرفة في سرادقات غيبه ، ويجول في ميادين قدرته ، وحُجُبِ جبروته ، لو رآه الجاهل بشأنه مات فزعاً بعد معرفته له من ساعته . علامَتُه في الدنيا أن يكون البلاءُ عنده عسلاً ، والأحزان رطباً . وفي الآخرة كل واحد يقول : نفسي نفسي ، وهو يقول : ربّي ربّي ، مُرادي مرادي . العارف علامته أربعة : حبُّهُ الجليلَ ، وتركه الكثيرَ والقليل ، واتّباعُه التنزيل ، وخوفه من التحويل . العابدُ ذو نَصَب ، والخائف ذو هَرب ، والمحب ذو شَغَب ، والعارف ذو طرب .







(1) إسناده حسن. ورواه أحمد في المسند (دار الحديث) 10/437 برقم 12322 والسيوطي في الجامع الصغير 1/474 رقم 3060 عن ابن أبي شيبة ورمز إلى ضعفه ، وفي الدر المنثور 6/100 وصححه في كنز العمال للهندي (الكتاب الأول من حرف الهمزة/ حقيقة الإيمان) برقم 44 عن أحمد والنسائي وأبي يعلى. وهو في الكنز أيضاً برقم 19 عن ابن أبي شيبة. ورواه الذهبي في ميزان الاعتدال 5941 والهيثمي في مجمع الزوائد (الفكر) 1/212 برقم 160 وقال: " رواه أحمد وأبو يعلى بتمامه ، والبزار باختصار ، ورجاله رجال الصحيح ما خلا علي ابن مسعدة ، وقد وثقه ابن حبّان وأبو داود الطيالسي وأبو حاتم وابن معين ، وضعّفه آخرون".


(1) سورة البقرة 273.


(2) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 13/326 وكشف الخفاء (العرفان والغزالي) 2/226 برقم 2375 وقال الشيخ إسماعيل العجلوني: رواه ابن أبي الدنيا في الإخلاص عن عثمان رضي الله عنه بلفظ : ما من عبد يَسُرُّ سريرة إلا ردّه الله رداءها علانية ، إن خيراً فخير ، وإن شراً فشر.. قال النجم: وسنده صحيح .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالثلاثاء فبراير 26, 2008 6:56 pm


الحديث الرابع
[ ذو الوجهين]




أخبرنا شيخنا الولي التقي الثقة المُقْري القاضي أبو الفضل علي الواسطي القرشي بمدرسته في واسط ، قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد ، قال: أنبأنا علي أبو طاهر الحسن بن الوزير أبي القاسم علي بن صدقة بن علي ، قال: أنبأنا أبو المطهَّر سعد بن عبدالله الأصبهاني ، قال: أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد الحافظ ، قال: أنبأنا أبو محمد عبدالله بن جعفر بن فارس ، قال: أنبأنا أبو مسعود أحمد بن الفرات ، قال: أنبأنا أبو داود الحضري ، قال: أنبأنا ابن الربيع عن نعيم بن حنظلة ، عن عمار بن ياسر رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ذو الوجهين في الدنيا ذو لسانين في النار"(1) ولهذا صرف العارفون وجوههم إلى الله تعالى فلن ترى للعارف وجهين أصلاً ومن هذا السر أُمروا بعدم الجمع بين أستاذين ، وقالوا: إذا وُجد الأكمل الأفضل في طريق الله تعالى ، الأصح اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى المريد أن يتمسك به ، بل على كل مَنْ كان يزعم المشيخة أن يلتحق به هو وأولاده في الطريق، وهذا ضربٌ من أعظم أضراب المعرفة بالله.


أي سادة ، اعلموا أن العارفين على أصناف مختلفة ، ومناهج متفاوتة ، ومراتبَ متلوّنة ، وأنواعٍ متفرقة ، ومنازلَ متنوعة ، فمنهم مَنْ عرف الله بالقَدْرِ فخافه ، ومنهم من عرفه بالفضل فأحسن الظن به ، ومنهم مَنْ عرفه بالمراقبة فاعتقد الصدق ، ومنهم من عرفه بالعظمة فاعتقد الخشية ، ومنهم مَنْ عرفه بالكفاية فاعتقد الافتقار إليه ، ومنهم من عرفه بالفرادنية فاعتقد الصَّفوة ، ومنهم مَنْ عرفه به فاعتقد الوصلة ، فوُجِدَ أن الخوف على قدر عرفان القدرة ، ووُجْدان حسن الظن على قدر عِرْفان العظمة ، ووجدان الافتقار على قدر عرفان الكفاية ، ووجدان الصَّفوة على قدر عرفان الفردانية ، ووجدان الوصلة على قدر عرفان الربِّ تعالى ، وكذلك أهل السموات في العبادة على مقامات ، فمقام بعضهم الحياءُ والحُرْمة ، ومقام بعضهم القُرْبةُ والمُؤَانسة ، ومقام بعضهم رؤيةُ المِنَّة ، ومقام بعضهم المراقبة ، ومقام بعضهم الهيبة ، كما قال الله تعالى: ( وما مِنّا إلا له مقامٌ معلوم)(1)، فأهل المعرفة عامَّتُهم يعرفونه على سبيل الخبر في التوحيد عن الصادق الأمين ، سيدنا وسيد العالمين محمد صلى اللهُ عليه وسلم ، فصدَّقوه بقلوبهم وعملوا بأبدانهم ، إلا أنهم دنَّسوا أنفسهم بالذنوب والمعاصي ، فعاشوا في الدنيا على الجهل والتقصير ، فهم على خطرٍ عظيم ، إلا أن يرحمَهم أرحمُ الراحمين ، وأناسٌ فوقهم يعرفونه بالدلائل ، وهم أهل النظر والعَقْل والفِكْر ، أيقنوا بالتوحيد من قِبَلِ الدلائل والآثار وآيات الربوبية ، استدلوا بالشاهد على الغائب ، واستيقنوا صحّة الدلالة ، فهم على طريق حسن ، إلا أنّهم عاشوا محجوبين عن الله تعالى برؤية دلائلهم ، وخواصُّ أهل المعرفة من أولي اليقين ، عرفوه به سبحانه ، فوقفوا متمكِّنين مع معرفتهم ، لا تَخْطَفُهم الأدلّة ، ولا تصرفهم العِلّة ، دليلهم رسول الله صلى اللهُ عليه وسلم ، وإمامُهم القرآن ، ونورهم يسعى بين أيديهم ، فمن عرفه تعالى بالخبر ، كمَثَلِ إخوة يوسف ، إذ عرفوا لونه وغفلوا عنه حتى افتضحوا بين


يديه ، حيث: (قالوا إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل)(1) ومن عرفه بالدلائل كمَثَلِ يعقوب ، إذ عرف أن يوسف يُعَدُّ في الأحياء فازداد حُزناً وبكاء ، واحتمل ما احتمل من أنواع البلاء ، حتى ابيضَّت عيناه من الحزن عِلْماً منه بحياته ، وشوقاً إلى لقائه ، حتى قال: (اذهبوا فتحسَّسُوا من يوسف)، وقال: (إنّي لأجد ريحَ يوسف) ، حتى قال مَنْ غفل عنه : (قالوا تاللهِ إنَّكَ لفي ضلالِكَ القديم)(2) وقالوا: (تفتؤُا تذكُرُ يوسُفَ)(3) الآية ، ومَثَلُ مَنْ عرفه به ، كبنيامين (4) حين أخذه يوسف لنفسه ، فقال: يا أخي أمشاهدتي تريد أم الرجوع إلى أبيك؟ قال: بل مشاهدتك أريد ، قال: فإن أردتني فاصبر على مِحْنتي ، قال: نعم أحتمل لأجلك كل بلوى ، أليس أني أبقى معك ولا أفارقك ، ثم أخرج الصاعَ من وعائه ، ونسبه إلى السَّرِقة، حتى عابه أهلُ مصر على ذلك ولاموه ، وشتمه إخوته ، وهو في ذلك كلِّه مسرورٌ ضاحكٌ في سِرِّه ، ولم يَخَفْ من لومة اللائمين ، فهذا مَثَلُ مَنْ عرفه من أهل اليقين .






(1) أبو داود: الأدب ، باب في ذي الوجهين 4873 والهيثمي في موارد الظمآن (مؤسسة الرسالة) 2/879 (الأدب، باب ذي الوجهين) برقم 1979 وحسّنه ابن حبان (صحيحه 5756) والترغيب والترهيب (طبعة ابن كثير وشركائه ط1) 3/568 رقم 4350. ورواه بسندين آخرين ضعيفين وبلفظين مقاربين في 4349 و 4351، وروى نحوه السيوطي في الجامع الصغير (دار الفكر) 1/667 برقم 4345، وحسّنه، والهيثمي في مجمع الزوائد (الفكر) 8/179 ( الأدب: باب الوجهين واللسانين الباب 126 (13151 – 13154 ) وأبو نعيم في حلية الأولياء 2/160 وابن أبي الدنيا في الصمت 282 والطبراني في الكبير 1697 و 9168 والأوسط 6278.


(1) سورة الصفات: 164.


(1) سورة يوسف: 77.


(2) سورة يوسف: 95.


(3) سورة يوسف: 85.


(4) هو شقيق يوسف بن يعقوب عليهما السلام ، وأمهما راحيل بنت لابان (بنت خال يعقوب) وسائر إخوة يوسف عليه السلام إنما هم إخوته لأبيه فقط ، هكذا ذكر الحافظ ابن كثير في قصص الأنبياء (الفكر) 267.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالأربعاء فبراير 27, 2008 5:39 pm



[size=18]وقال شيخ الطائفة الإمام الحسن البصري(5) رضي الله عنه: أهل المعرفة في الدنيا على ثلاث منازل ، رجل لقي العبادة فعانقها وخلط بها لحمَه ودمَه ، وفزع إليها قلبُه ، وعًلِمَ أن الله تعالى رازقُه وكافيه ، فوثِقَ بوعده فلم يشغل نفسه بشيء من
أمور الدنيا ، جعل السماء سقفه ، والأرضَ بساطه ، ولا يبالي على يُسرٍ أصبح أم على عُسر ، أمسى يعبد الله تعالى حتى يأتيَه اليقين ، فهذا الضرب في الدنيا أعز من الكبريت الأحمر . ورجل آخر لم يصبر كما صبر الأول ، فطلب كِسْرَةً من حِلِّها(1)، يقيم بها صُلْبَهُ ، وخِرْقة يواري بها عورته ، وبيتاً يسكنه ، وزوجة يستعفُّ بها ، وهو مع ذلك شديد الخوف عظيم الرجاء ، فهو على طريق حسن وأما الثالث فإنه لا يصدق الله بقوله ، فيبني القصرَ المشيد ، ويركب المركب الفَرِهَ(2)، ويستخدم الخدم ، فليس له في الآخرة من خَلاق(3)، إلا من يرحمه أرحم الراحمين.
رأيت في بعض الأخبار: أن عيسى بن مريم عليه السلام مرَّ بنفر من الناس ، قد نحلت أبدانهم ، وتغيرت ألوانهم ، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ قالوا: الخوف من النار ، فقال: حق على الله أن يُؤَمِّنَ(4) الخائف ، ثم بلغ إلى نفر آخر ، فإذا أبدانهم أشد نحولاً ، وألوانهم أشد تغيراً ، فقال: ما الذي بلغ بكم ؟ قالوا: الشوق إلى الجِنان ، فقال: حق على الله أن يعطيكم ما ترجون ، ثم مر حتى بلغ نفراً ثالثاً فإذا أبدانهم أشد نحولاً وألوانهم أشد تغيراً ، فقال: ما الذي بلغ بكم ما أرى؟ قالوا: الحب لله والشوق إليه ، فقال لهم عيسى عليه السلام : أنتم المقرَّبون ، ثلاث مرات ، فأهل المعرفة ثلاث أصناف ، صنف يمشون على قدم الافتقار والاضطرار ، وصنف يمشون على قدم الاعتبار والانكسار ، وصنف يمشون على قدم الافتخار والاستبشار ، قال الله تعالى: (فمنهم ظالمٌ لنفسه) (5).
والناسُ في مشهد المعرفة على مرتبتين ، إما في يقظة المعرفة فهم في تربية الولاية فينظرون الكرامة ، وإما في نوم الفضلة فهم في تربية العداوة ، فهم ينظرون الأمانة ، إلا أن يرحمهم أرحم الراحمين . فسبحان مَنْ خَصَّ مِنْ عبيده مَنْ شاء وأعطاهم ثم دعاهم إلى نفسه بفضله حيث قال: (وأنيبوا إلى ربكم)(1)، فأجابوه وأنابوا إليه ، فهم على أصنافٍ شتى ، فالتائبون يمشون برِجْل الندامة على قدم الحياء ، والزاهدون يمشون برجل التوكل على قدم الرضا ، والخائفون يمشون برجل الهيبة على قدم الوفاء ، والمحبون يمشون برجل الشوق على قدم الصفاء ، والعارفون يمشون برجل المشاهدة على قدم الفناء ، فالمعرفة طعامٌ أطعمه الله مَنْ شاء من عباده ، فمنهم مَنْ يذوقه ذوقاً ، ومنهم مَن يأكل منه بلاغاً ، ومنهم مَن يأكل منه كَفافاً ، ومنهم مَن يأكل شِبَعاً ، والناس في المعرفة على منازل ، فمنهم من يكون منزله كشِعْب ، ومنهم مَن يكون كقرية ، ومنهم من يكون كمِصْر ، ومنهم من يكون منزله منها كالدنيا والآخرة . رُوي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ أخرجوا مِن النار مَن قال لا إله إلا الله وفي قلبه حبة خردل من الإيمان"(2)
وقد قال عليه أفضل الصلاة والسلام : " الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه(1)، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وما ذلك إلا حقيقة المعرفة ، فيقول لهم الرب تعالى: أنتم عبيدي حقاً ، فقد طال شوقكم إليّ ، وشوقي إليكم ، السلام عليكم عبيدي ، فها أنا حبيبكم ، فبعزتي ما خلقتُ الجنة إلا من أجلكم ، فلكم اليوم ما شئتم .
وحُكي أن مالك بن دينار(2) وثابتاً البناني(3) رحمهما الله ، دخلا على رابعة البصرية(4) فقالت لمالك: أخبرني لم تعبد ربك؟ قال: شوقاً إلى الجنان ، فقالت لثابت : وأنت يا غلام؟ فقال: خوفاً من النيران ، فقالت: أنت يا مالك مثل أجير السوء لا يعمل إلا طمعاً ، وأنت يا ثابت مثل عبد السوء ، تعمل خوفاً من الضرب ، فقالا: وأنتِ يا رابعة ، فقالت: حباً لله تعالى ، وشوقاً إليه.
وحُكيَ أن ذا النون المصري رضي الله عنه كان يعظ الناس ذات يوم وهم
يبكون، وفيهم شابٌّ يضحك ، فقال له: ما لك يا فتى؟ فقال ينشد ويقول:

كلُّهم يعبدون من خوف نارٍ
أو بأن يسكنوا الجنان فيُضحوا
ليس في الخلد والجِنان هوائي



ويرون النجاة حظاً جزيلا
في رياضٍ عيونها سلسبيلا
أنا لا أبتغي بحبّي بديلا




(5) الحسن بن يسار البصري ، أبو سعيد 21-110 هـ، من أفضل التابعين وأعلمهم، كان يقول: " شر الناس للميت أهله يبكون عليه ولا يهون عليهم قضاء دَيْنَهُ " (طبقات الشعراني 1/38). وكان الإمام الغزالي يقول: " كان الحسن البصري أشبه الناس كلاماً بكلام الأنبياء".


(1) أي طلب قليلاً من حلالها.


(2) من الفراهة وهي الجمال والحسن. والفره ، هو البطر.


(3) خلاق: نصيب


(4) ومن أسماء الله تعالى: المؤمن، لأنه سبحانه " منبع كل أمن وتصديق، فكل مَنْ يدخل في حصنه فهو آمن.. فهو المؤمّن من كل خوف "الدكتور ضياءالدين الجماس: التفكُّر في الأسماء (دار الهجرة ط1) ص 110 وما بعدها".


(5) سورة فاطر 32.


(1) سورة الزمر :54.


(2) عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن بُرّة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذَرّة من خير". قال أبو عبد الله (البخاري): قال أبان: حدثنا قتادة: حدثنا أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم : (من إيمان) مكان: (من خير) [ البخاري: الإيمان، باب زيادة الإيمان ونقصانه، رقم 44، ومسلم: الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها 193] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يخرج مِن النار مَن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان" أخرجه الترمذي (في صفة جهنم ، الباب العاشر، رقم 2601 وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح) وفي رواية ذكرها رزين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقول الله: أخرجوا من النار من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان "[جامع الأصول لابن الأثير (المبارك بن محمد 544-606 هـ) (ط 2 دار الفكر) 9/357 رقم الحديث 700].


(1) مسلم: الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان 8 والترمذي: الإيمان، باب ما جاء في وصف جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم الإسلام والإيمان 2613 وأبو داود في السنة، باب في القدر 4695 والنسائي: الإيمان، باب نعت الإسلام 8/97.


(2) مالك بن دينار، من رواة الحديث، بصري ورع، مات سنة 131 هـ.


(3) ثابت بن أسد البناني. كان يقول: إن أهل الذكر يجلسون للذكر وعليهم من الذنوب أمثال الجبال، فيقومون وليس عليهم ذنب واحد (الطقات الكبرى للشعراني 1/47).


(4) أم الخير رابعة بنت إسماعيل العدوية البصرية ، ماتت بحدود 180 هـ، واقرأ إن شئت تاريخ شعراء العربية لمحمد حسني مصطفى، العصر العباسي الأول، العدد التاسع (رابعة العدوية)،، وفيه: لقد أحبّت (رابعة) رب العالمين جل جلاله ، وتجردت لعبادته ، وأيقنت أنه أهلٌ أن يُعبد، طمعاً برضاه وجنته، واتقاءً لعذابه، حتى لو أنه عزّ وجل ما جعل ثواب المتقين جنة، وعذاب العاصين النار، لكان يستحق أن يُعبد ؛ لجلال وجهه، وعظيم صفاته، وإحسانه الذي لا يُحَد، وآلائه الغامرة" ({رابعةالعدوية ص6) وهذا يحتاج الذين يتعرضون لهذه الفكرة إلى دقة بالغة لدى التعبير عنها؛ فإن العلامة أبا العباس أحمد بن زروق يقول تعظيم ما عظم الله مُتعيِّن واحتقار ذلك ربما كان كفراً [ قواعد التصوف (مكتبة الكليات الأزهرية ط2 ) 136].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالخميس فبراير 28, 2008 7:00 pm


الحديث الخامس

[ انصرْ أخاك]

أخبرنا شيخنا الصالح الثقة العارف بالله القاضي أبو الفضل علي الواسطي رضي الله عنه ، قال: أنبأنا القاضي أبو بكر محمد بن عبدالباقي بن محمد البزاز، قال : أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي ، قال : أنبأنا أبو محمد بن عبدالله بن محمد البزاز ، قال: أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبدالله بن مسلم البصري ، قال: أنبأنا أبو عبدالله الأنصاري ، قال: حدثنا حميد عن أنس قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : "انصر أخاك ظالماً كان أو مظلوماً ، قال: أنصُرُهُ مظلوماً فكيف أنصره ظالما ً؟ قال: تمنعه من الظلم فذلك نصرُكَ إياه"(1) أقول : هذا بشأن أخيك ، فكيف بك بشأنك ، أخيفوا نفوسَكم وامنعوها وازجروها.
أي سادة ، للعارف أربع أجنحة ، الخوف ، والرجاء ، والمحبة ، والشوق ، فلا هو بجناح الخوف فيستريح من الهرب ، ولا بجناح الرجاء فيستريح من الطلب ، ولا بجناح المحبة فيستريح من الطرب ، ولا بجناح الشوق فيستريح من الشغب ، والله تعالى بيَّنَ في كتابه نعْتَهم بقوله : (ترى أعيُنَهم تفيض من الدمعِ مما عرفوا من الحق)(2)، وقوله تعالى : (لا تلهيهم تجارة)(3) الآية ، وذلك لأن عمل العارف خالصٌ للمولى ،
وقوله مستأنس بالذكرى ، ونفسه صابرة في البلوى ، وسرّه دائم النجوى ، وفكره بالأفق الأعلى ، فمرَّةً يتفكر في نعم ربه ، ومرَّةً يجول حول سرادقات قدسه ، فحينئذٍ يصير حُرّاً عبدا ً، وعبدا حُرّاً ، وغنياً فقيرا ، وفقيراً غنياً ، هكذا يعدُّ ما أمكنه طَرداً وعكساً من الألفاظ ، مثل الموجود والمعروف ، والعزيز والمسرور ، والقريب والمحمود ، والناطق والساكت ، والمقبول والخائف ، والشاهد والغائب ، والباكي والضاحك ، وذلك لأن ضحكه وسروره في حزنه ، وحزنه في سروره ، وعِزُّه مختلطٌ بذُلِّه ، وذُلّه مختلطٌ بعِزِّه ، وخوفه ممزوجٌ برجائه ، ورجاؤه ممزوجٌ بخوفه ، لا خوف يذهب برجائه ، ولا رجاء يذهب بخوفه ، وهو بنفسه يعيشُ مع الناس ، وبقلبه مع الله تعالى ، لا تغلب معاملةُ نفسه مع الناس معاملةَ قلبه مع الله تعالى ، عزيزٌ ذليل ، فقيرٌ غنيّ ، كما قال أبو يزيد رضي الله عنه في مناجاته : إلهي،
كلّما قلتُ قد دنا حَلُّ قَيدي قَيَّدوني وأوثقوا المِسْمــارا
وكان يسيلُ الدمعُ من عينيه عند هذه الكلمة ، وليس كل مَنْ يُرى عليه أثر الزهد فهو زاهد ، وكذلك أثرُ الرغبة والحماقة والجنون والبطالة والغفلة.
إن الله تعالى كلما نظر إلى قلب عبد من عبيده بالفضل والرحمة كشف عنه حجاب الغفلة ، وأظهر له لطائف القدرة ، فعند ذلك لابد له من إحدى ثلاث ، إما أن يصير حكيماً يتصل به الخلق إلى الله ، وإما أن يكلَّ لسانه فيصير مدهوشاً مبهوتاً ، وإما أن يصير مستوراً في حُجُبِه ، محفوظاً في قبضته ، حتى لا يراه غيره لشدة غيرته عليه ، فسبحان من حجب أهل معرفته عن جميع خلقه ، حجبهم عن أبناء الدنيا بأستار الآخرة ، وعن أبناء الآخرة بأستار الدنيا ، وذلك أن أهل المعرفة عرائس الله تعالى في أرضه ، والله مَحْرَمُهُم، لا مَحْرَمَ لهم غيره ، فهم عند الله مخدورون.
وقد روي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود أوليائي في قباب لا يعرفهم إلا أوليائي ، فطوبى لأوليائي ، ثم طوبى لأحبائي ، يقال: لو بدت ذَرَّةٌ من نور النبي عليه الصلاة والسلام لاحترق ما بين العرش إلى الثرى.
قيل لرابعة : ما كمال حال العارف ؟ قالت: احتراقُهُ بحبه لربه ، وعلامته أن يكون مستغنياً بالمُعطي عن العطاء ، وبالمكوِّنِ عن الكون ، مستغرقاً في بحار سرور وِجْدانِه ، ساكناً بقلبه معه ، مع ترك كل اختيار لنفسه ، ولا يجزع عند الشدائد والبلوى لرؤيته ، ويعلم أن الله تعالى أقرب إليه من كل شيء ، وأرحم عليه من كل أحد ، وأعزُّ وأكبرُ من كل شيء ، وأن لكل شيء خلفاً ما خلا الله تعالى.

لكلِّ شيءٍ عدمتُهُ خَلَفْ وما لفقْدِ الحبيبِ مِنْ خَلَفْ

وإنما يُعرف العارف ، إذا ميّز الخواطر النفسية من الخواطر الروحية ، والإرادة الدنيوية من الأُخْرَوِيّة ، والهمم العُلْوية من السُّفْلية ، فمن رُزِقَ التوفيق إلى حفظ حدود صدق وفاء العبودية ، والقيام بشروطها ، ووجد السبيلَ إلى طريق حفظ تحقيقها ، ثم قام بذكره ، وذَكَرَ ذِكْرَه ، ثم شكره ، وشَكَرَ شُكْرَهُ ، فيصيرُ مع النفسِ بلا نفس ، ومع الروح بلا روح ، ومع الخَلْقِ بلا خلق.
كما قال الإمام ابن عباس رضي الله عنهما : بلغنا أن عيسى ويحيى عليهما الصلاة والسلام بينما كانا يسيران في بعض الطُرُق ، فصدم يحيى امرأة ، فقال له عيسى: يا بن خالتي ، لقد أصبت اليوم ذنباً عظيماً ، قال: ما هو؟ قال: امرأة صدمتَها ، قال يحيى: والله ما شعرتُ بها ، فقال عيسى: سبحان الله نفسُك معي ، فأين قلبُك وروحك ؟ فقال : عند الله ، يا عيسى لو سكن قلبي إلى جبريل ، أو إلى أحد غير الله طرفةَ عين ، لظننتُ أنّي ما عرفتُ الله حقَّ معرفته.
وقيل: المعرفةُ خمسة أحرف ، فمن وجد في نفسه معناها فليعلم أنه من أهلها ، بالميم مَلَكَ نفسَه ، وبالعين عَبَدَالله على صِدْق الوفاء ، وبالراء رغب إلى الله بالكُلّية ، وبالفاء فوّض أمره إلى الله ، وبالهاء هرب من كل ما دون الله إلى الله ، فكل عارف يملك نفسه بقدر معرفته بكبريائه تعالى وعظمته ، ويعبدُ ربه على قدْر معرفته بربوبيته ، ويرغب إليه على قدر معرفته بفضله وامتنانه ، ويفوِّض أمره إليه على قدر معرفته بقدرته ، ويهرب إليه على قدر معرفته بملكه وسلطانه ، فهو عارف.




(1) وهو في صحيح البخاري هكذا: عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً قالوا: يا رسول الله، هذا ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: تأخذ فوق يديه (البخاري: المظالم، باب: أعن أخاك ظالماً أو مظلوماً رقم 2312). وفي رواية: "تحجزه، أو تمنعه، من الظلم، فإن ذلك نصره" [ البخاري: الإكراه، باب: يمين الرجل لصاحبه أنه أخوه، رقم 6552].
(2) سورة المائدة: 83.
(3) سورة النور: 37.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة فبراير 29, 2008 4:55 am

الحديث السادس
[ استجابة الدعوة]

حدثنا الشريف محمد بن عبدالسميع العباسي الهاشمي الواسطي ، قال: أخبرنا الحاجب أبو شجاع محمد بن الحسين ، قال: أنبأنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد ابن علي الزبيبي الهاشمي ، قال: أنبأنا أبو محمد عبدالله بن يحيى بن عبدالجبار السكري ، قال: أنبأنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار ، قال: أنبأنا أبوبكر أحمد ابن منصور الرمادي ، قال أنبأنا عبدالرزاق بن همام ، قال: أنبأنا مَعْمَرٌ عن الزهري عن رجل سمّاه(1)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يُستجابُ لأحدكم ما لم يَعْجَلْ فيقول دعوتُ فلم يُستجب لي"(2) والعَجَلَةُ هنا من غَلَبَةِ الإشتغال بالقَصْدِ دون خالقه ، وهذا من نُقصان المعرفة ، فإن العارف لا يشغله شيء عن ربه.
وسنذكر من أحوال العارفين أشياء بقصد التبرك بِذِكْرِهِم ، قال الله تعالى : (واذكر في الكتابِ إبراهيم)(3) وقال سبحانه: [ نحن نقص عليك] (4)
وفي الخبر: اذكروا الصالحين ، عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة(5). فلولا ذلك لما كان ينبغي لنا أن نشتغل بذكر غير الله تعالى ، ومع ذلك فإن الله تعالى معنا ، قال تعالى:
( وهو معكم أين ما كنتم)(1)
حُكِيَ أن عبدالواحد بن زيد(2) رحمه الله قال: قصدتُ بيتَ المقدس فأضلَلْتُ طريقي ، فإذا بامرأة أقبلت إليَّ فقلتُ لها: يا غريبة ، أنت ضالَّة؟ قالت: كيف يكون غريباً مَنْ يعرفه ، وكيف يكون ضالاً من يُحِبُّهُ ، ثم قالت: خذ رأس عصاي وتقدَّم بين يديَّ مشيا ً، فأخذتُ رأسَ عصاها ، ومشيت بين يديها سبعة أقدام أقل أو أكثر، فإذا أنا في مسجد بيت المقدس ، فدلَّكتُ عيني ، قلت: لعل هذا غلط مني ، فقالت: يا هذا سيرك سير الزاهدين ، وسيري سير العارفين ، فالزاهد يسير ، والعارفُ يطير ، وأنَّى يلحق السَّيَّارُ الطَّيَّارَ؟ ثم غابت فلم أرها بعدها.
قال أبو عمران الواسطي رحمه الله: كنت راكباً البحرَ ، إذ انكسرت
السفينة ، وبقيتُ أنا وامرأتي ، فولدت ولداً ، فأرادت الماء ، فرفعتُ رأسي إلى السماء ، فإذا رجلٌ جالسٌ على الهواء ، وفي يده ركوة من ياقوتةٍ حمراء في سلسلة من ذهب ، وقال :خذْ ، فسألته عن ذلك ، فقال: تركتُ هواي ، فأجلسني في الهواء.
وحُكِيَ أن عبدالواحد بن يزيد قال: لأبي عاصم الربعي: كيف صنعتَ حين طلبك الحَجَّاج ؟ قال: كنت في بيتي فوقفوا على الباب ليدخل عليَّ الرسولُ فصرتُ مدهوشاً ، فإذا بيدٍ أخذت بيدي وجرَّتني قدَماً أو أكثر ، فنظرتُ فإذا أنا علي جبلِ أبي قبيس.
وحُكِيَ أن إبراهيم بن أدهم(1) رضي الله عنه قال: مررتُ براعٍ فقلت له: هل عندك شُربةً من الماء أو من اللبن؟ قال: أيُّهما أحبُّ إليك؟ قلت: الماء ، قال: فضرب بعصاه حجراً صَلداً لا صدْعَ فيه ، فانبجس من الماء ، فشربتُ منه وهو أبرد من الثلج ، وأحلى من العسل ، وبقيتُ متعجباً ، فقال الراعي: لا تتعجب فإن العبد إذا أطاع الله أطاعه كلُّ شيء.
وكانت لرابعة البصرية(2) سَلَّةٌ معلقة في بيتها ، فكلما أرادت الطعام ، ضربت بيدها إلى السلة فوجدتْ فيها أي الطعام شاءت.
وقال شيخ الطائفة الحسن(3)رضي الله عنه: خرج سلمانُ الفارسي )رضي الله عنه من المدائن ومعه ضيف، فإذا بظباءٍ تسير في الصحراء، وطيور تطير في الهواء، فقال سلمان: ليأتني ظبيٌ وطيرٌ سمينان، فقد جاءني ضيفٌ أحب إكرامه، فجاء كلاهما، فقال الرجل سبحان الذي سخَّر لك الطيرَ في الهواء، قال: أوَ تتعجبُ من هذا؟ هل رأيتَ عبداً أطاع الله فعصاه الله.
قال عبد الواحد بن زيد: بينما أنا وأيوب السختياني(1) نسير في طريق الشام، فإذا نحن بأسودَ أقبل إلينا يحمل كارة حطب، فقلت: يا أسودُ مَن ربُك؟ قال: ألمثلي تقول هذا، فرفع رأسه إلى السماء، وقال: إلهي حوِّل هذا الحطب ذهباً، فإذا هو ذهب ، ثم قال: أرأيتم هذا؟ قلنا: نعم، قال: اللهم رُدَّه حطباً، فصار كما كان أولاً، ثم قال: سَلُوا فإن العارفين لا تفنى عجائبهم، فقال أيوب: بقيتُ خَجِلاً من العبد، واستحييتُ منه حياءً ما استحييت مثله من قبل ذلك من أحد قط، ثم قلت: أمَعَكَ شيءٌ من الطعام؟ قال: فأشار فإذا بين أيدينا جامٌ(2) فيها عسل، أشد بياضاً من الثلج، وأطيب ريحاً من المسك، قال: كلوا فوالله الذي لا إله إلا هو ليس هذا من بطن النحل، فأكلنا فما رأينا شيئاً أحلى منه، فتعجَّبنا، فقال: ليس بعارفٍ من تعجّب من الآيات، ومن تعجب فهو بعيد من الله، ومن عبده على رؤية الآيات فهو جاهل بالله.
رحم الله ذلك الأسودَ، ما أعرفَه بالله. وقد كنتُ حاجاً وأردتُ التلبية، فأخذت منديلاً لي فغسلته، وقطعته نصفين، ثم اتزرت بنصف، وارتديت بنصف آخر لحاجة، فإذا بهاتف يهتف: انظر ما بين يديك، فنظرتُ فإذا الباديةُ فضةٌ كلُّها، فغمضتُ عيني ومضيت، وقلت: اللهم إني أعوذ بك من كل إرادةٍ سواك.
وحكي أن رجلاً من العارفين فرغ من أعمال الحج وأركانه، ثم أخذ يُحرم مرة أخرى، وقال: لبيك اللهم لبيك، فقيل له: يا هذا، إن وقت الحج والتلبية قد مضى، فقال: قد أحرمتُ من الوطن إلى زيارة البيت، والآن أحرمت من البيت إلى صاحب البيت، فقيل هنيئاً لمن أحرم عن غيره.
وحُكي أن هرم بن حيّان(1) رحمه الله قال: كنتُ أسيرُ على شاطئ الدجلة فإذا أنا برجُلٍ أقبل إليّ وعليه سيما العارفين، فسلمت عليه فقلت له: كيف حالك وشأنك؟ فقال: (سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا)(2) يا هرم بن حيّان اشتغلْ بما يعنيك، فقلت: رحمك الله مِن أينَ عرفتَ اسمي واسمَ أبي، وما رأيتك قبل اليوم؟ فقال: أما عرفتَ أنَّ العارفين يتعارف بعضُهم بعضاً بنور المعرفة، قال: فتعجبتُ من حسن فصاحته، وتحيَّرتُ من هيبته.
وقال ذو النون رضي الله عنه: بينما أنا أسير فإذا أنا بقريةٍ والناسُ يصيحون، فدنوتُ فإذا أسودُ يسخرون به، فرفع رأسه إليّ وقال: يا ذا النون اعرف قدرَ الله، ولا تمُنَّ على الله، فإن الحبيبَ لا يمُنُّ على الحبيب، فسألتُ عن حاله، قيل إنه مجنون لا يجالس الناس، ولا يأكلُ في أربعين يوماً إلا أكلةً واحدة، ثم نظر إلى السماء وقال: يا غايةَ هِمَم العارفين، إن عرفتُكَ فبمواهبك، وإن شكرتك فبعصمتك

-يتبع.
[/b][/center]


عدل سابقا من قبل almosly في الجمعة فبراير 29, 2008 5:20 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة فبراير 29, 2008 5:03 am

وقال ذو النون أيضاً: بينما أنا أسيرُ على شاطئ النيل فإذا أنا بجارية منطلقة في النيل، وقد اضطربت أمواجه، وتقول: إلهي ترى ما تفعل بي، فقلت: يا جارية أتشكِينَ منه وهو صاحب كل بَرٍّ وفاجر، فقالت: يا ذا النون أنتَ الذي إذا شكرتَ شكرتَ منه، وإذا سخطتَ سخِطتَ عليه، قلت: يا جارية، من أين عرفت اسمي وما رأيتِني؟ فقالت: عرفتك بنور معرفة الجبّار، فقلت لها: اتجدين وحشةً للوَحدة؟ قالت: لا والذي نوَّر قلبي بنور معرفته، ما سكن قلبي قطّ إلى غيره ،فإنه مؤنسُ الأبرار في الخلوات، وصاحبُ الغرباء في الفلوات.
وقال جدُّ والدتي العارفُ الواسطي رحمه الله: بينما أنا أمشي في البادية، إذ أعرابيّ جالس منفرداً، فدنوت منه وسلّمتُ عليه، فردَّ عليّ السلام وأبي أن أكلِّمه، فقال: اشتغلْ بذكر الله فإن ذكرَ الله شفاءُ القلوب.
ثم قال: كيف يتفرغ ابن آدم من ذكره وخدمته، والموت في أثره، والله ناظرٌ إليه؟ ثم بكى وبكيت معه، فقلت له: ما لي أراك فريداً وحيداً؟ قال: ما أنا بوحيد والله معي، وما أنا بفريد والله مؤانسي، ثم قام ومضى مسرعاً، وهو يقول: سيدي، أكثر خلقك مشغولون عنك بغيرك، وأنت عِوَضٌ عن جميع ما فات، يا صاحب كل غريب، ويا مؤنس كل وحيد، ويا مأوى كل فريد، وجعل يمُرُّ وأنا أتبعه، ثم أقبل إلىَّ وقال: ارجعْ عافاك الله إلى من هو خير لك مني، ولا تشغلني عمن هو خير لي منك، ثم غاب عن بصري.
وحُكي أن عبدالواحد بن زيد قال: مررتُ براهبٍ فسألته: منذ كم أنت في هذا المكان؟ فقال: منذ أربع وعشرين سنة، قلت: من أنيسك؟ قال: الفرد الصمد، قلت: من المخلوقين؟ قال: الوحش، قلت، فما طعامك؟ قال: ذكر الله، قلت: مِنَ المأكول، قال: ثمار هذه الأشجار، ونبات الأرض، فقلت: أما تشتاق إلى أحد؟ قال: نعم إلى حبيبِ قلوب العارفين، قلت: إلى المخلوقين، قال: مَن كان شوقه إلى الله فكيف يشتاق إلى غيره، قلت: فلِمَ اعتزلتَ عن الخَلْق؟ قال: لأنهم سَرَّاق العقول، وقُطّاع طريق الهدى، قلت: ومتى يعرف العبد طريق الهدى؟ قال: إذا هرب إلى ربه من كل ما سواه، واشتغل بذكره عن كل مَن سواه.
قال هرم بن حيان: رأيت أويس بن عامر(1) فسلمتُ عليه، فقال: وعليك السلام يا هَرِمُ بن حيان، فقلت: كيف عرفْتَ اسمي واسم أبي؟ قال: عَرَفَت روحي روحَك بنور معرفة ربي، قلت: إني أحبك في الله، قال: ما أظن أن أحداً يحب غير الله فكيف يحب غير الله لله، قلت: أريد الصحبة معك، والأنس بك، قال: ما ظننت عارفاً يستوحش عن الله حتى يستأنس بغيره، قلت: أوصني، قال: أوصيك بالله سبحانه، فإنه عِوَضٌ عن كل ما فاتك.
وقال ذو النون المصري: كنتُ أسير في بعض المفاوز، فإذا أنا برجل مُتَّزِر بحشيش، مرتد بحشيش، فسلمتُ عليه فرد عليّ السلام، ثم قال: من أين الفتى؟ قلت: من مصر، قال: إلى أين؟ قلت: أطلب الأنس بالمولى، قال: اترك الدنيا والعُقبى، يصح لك الطلب، قلت: هذا كلامٌ صحيح، صحَّحْهُ لي، قال، أتتهمنا فيما نقول، وقد أُعطينا خيراً مما نقول، وهو المعرفة، قلت: ما أتهمك، ولكني أريد أن تزيدني نوراً على نور، فقال: يا ذا النون، انظر فوقك، فإذا السماء والأرض كأنهما ذهب يتوقد ويتلألأ، قال: اغضض بصرك، فصارتا كما كانتا، فقلت: كيف السبيل إلى هذا؟ قال: تفرَّد بالفرد إن كنت له عبداً.
وقال محمد المقدسي(1) رحمه الله: دخلتُ دار المجانين يوماً بالشام، فرأيت فيها شاباً على رقبته غُلٌ، وعلى رجليه قَيد، مشدود بالسلسلة، فلما وقع بصره عليّ، قال لي: يا محمد أترى ما فعل بي، وأشار بطرفه نحو السماء، ثم قال: جعلتك رسولاً إليه أن تقول له: لو جعلتَ السموات غلاً على عنقي، والأرضين قيداً على رجلي، ما التفتُّ منك إلى غيرك طرفة عين، ثم أنشأ يقول:


على بُعدكَ لا يصبرُ
ولا يقوى على قطعِكَ
إذا لم تَرَكَ العَينُ



مَن عادته القُرْبُ
مَن تيَّمَهُ الحُبُّ
فقد أبصركَ القلبُ






(1) أويس بن عامر القَرَني من بني قُرن: أحد النُسّاك العُبّاد المشهورين توفي أو قتل سنة 37 هـ.
(1) يلقب بطاهر، "وهو من أجلة مشايخ الشام سماه الشبلي" حبر الشام" (الشعراني 1/133).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة فبراير 29, 2008 5:07 am

الحديث السابع
[ ثلاثة مرضيات، وثلاثة أُخرُ مكروهات]

حدثنا شيخنا المقري الإمام الصالح القاضي أبو الفضل علي الواسطي القرشي رضي الله عنه: قال: قرأت أنا وسديد الدولة محمد بن عبدالكريم بن إبراهيم بن عبد الكريم بن عبدالقاهر بن زيد بن رفاعة الشيباني ويعرف بابن الأنباري على أبي عبدالله بن أحمد ابن عمر الحافظ قلنا: أنباك أبوالحسين أحمد بن محمد فأقر به قال: أنبأنا الحسين محمد ابن عبدالله الدقاق عن يحيى بن محمد إسحاق بن شاهين عن خالد بن عبدالله عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى عز وجل يرضى لكم ثلاثاً ويكره لكم ثلاثاً، يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، وأن تُناصِحوا من ولاّه الله أمرَكم، ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال"(1)
وفي هذا الحديث الشريف من رقائق أحكام المعرفة بالله، ما يكفي العارف عن غيره، فإن الأسرار المطلوبة فيه هي سلم المصطفَين الأخيار إلى الله تعالى.
أي سادة، إن لله تعالى عباداً اصطفاهم لمعرفته، وخصهم بمحبته، واختارهم لصحبته، واجتباهم لمؤانسته، وقرّبهم لمناجاته، وحرّضهم على ذكره، وأنطقهم
بحكمته، وأذاقهم من كأس محبته، وفضلهم على جميع خلقه حتى لم يريدوا به بدلاً، ولا سواه كفيلاً، ولا دونه ناصراً ومعيناً ووكيلاً، ولقد سبقوا مَن دونهم سَبقاً لا بكثرة الأعمال، ولكن بصحة الإرادات، وحسن اليقين، مع دقائق الورع، والانقطاع بالقلب إليه، وتصفية السر عن كل ما دون الحق، فأذاقهم الله طعم لُباب معرفته، وأنزلهم في حظيرة قدسه، لا يصبرون عن ذكره، ولا يشبعون من بِرِّه، ولا يستريحون لغيره، فيا طوبى لهم، هم الأقلون عدداً، والأعظمون خَطَراً، بهم يحفظ الله محبته، حتى يؤدوها إلى نظرائهم، فيا طوبى لهم، هم الزاهدون فيما رغب فيه الغافلون، والمستأنسون فيما استوحش منه الجاهلون، والمشتاقون إلى ما هرب عنه الساهون، هم الذين نظروا بأعين القلوب، إلى حُجُبِ الغيوب، وجالتْ أرواحُهم في الملكوت، فَهِمَّتُهُم في سِرِّهم، وسِرُّهم عند ربهم، به يستمعون، وبه ينظرون، وبه يريدون، وبه يتحركون، قلوبهم بحبها مستأنسة بأنسها.
قال أبو يزيد رحمه الله: الناس يصيحون من إبليس، وهو يصيح مني، قيل له: كيف هذا والمصطفى عليه السلام كان مأموراً بالصياح منه، في قوله تعالى: (وقل رب أعوذ بك من همزات الشيطين)(1).
قال: لأن الله تعالى أمره في هذه الآية بالاعتصام به، وتفويض الأمر إليه، وفَرْقٌ بين الصياح من إبليس، وبين الاعتصام بالله، وقد قال الله تعالى: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان)(2).
قال ذو النون: للعارف نار ونور، نار الخشية، ونور المعرفة، فظاهره محترق بنار الخشية، وباطنه مُنَوَّرٌ بنور المعرفة، فالدنيا تبكي بعين الفناء عليه، والآخرة تضحك بِسَنِّ البقاء إليه(3)، فكيف يقدر الشيطان أن يدنو منه ظاهراً وباطناً إلا
كالبرق الخاطف، أو كالريح العاصف(1)، فإن أتاه عارضٌ من قِبَلِ العَين، أحرقته نار العَبْرة، وإن أتاه مِن قبل النفس، أحرقته نار الخدمة، وإن أتاه من قبل العقل، أحرقته نار الفكرة، وإن أتاه من قبل القلب، أحرقته نار الشوق والمحبة، وإن أتاه من قبل السر، أحرقته نار القرب والمشاهدة، فتارةً يحترق قلبه بنار الخشية، وتارة يتشفى بنور المعرفة، فإذا امتزجت نار الخشية ونور المعرفة، هاجت ريح اللطف من سرادقات الأنس والقُربة، فيظهر صفاء الحق للعبد، فتراها تلاشت الأنانية، وبقيت الألوهية كما هو في الأزل.
قال أبو سليمان(2): يُفتح للعارف وهو نائم على فراشه، ما لا يفتح لغيره وهو في صلاته.
قال أبو يزيد رحمه الله: أدنى مقامات العارف أن يمر على الماء، ويطير في الهواء، وأعلاها أن يمر على الدارين من غير أن يلتفتَ إلى مَن سواه.
قال أبو بكر الواسطي رحمه الله: دوران العارف مع محبوبه على أربعة أوجه: سرور المعرفة، وهو ممزوج برؤية حسن العناية، وحلاوة الخدمة، وهو ممزوج بذكر المِنّة، وأنس الصحبة، وهو ممزوج بلذائذ القربة، وخوف المفارقة، وهو ممزوج بتحقيق كمال القدرة، وقال ذو النون: العارف بين البر والذكر، لا اللهُ يمل من بِرِّه، ولا العارف يشبع من ذكره.
سئل بعضهم عن قوله تعالى (وأنه هو أضحك وأبكى)(3)، فقال: أضحك العارفين بسرور معرفته ثم أبكاهم من خوف مفارقته، وأمات من شاء
بسيف قطيعته، أوحيى من شاء بروح وَصْلَتِه، ليعلم الخلائق أنه فعال لما يريد.
وقيل لعائشة رضي الله عنها: كيف يحاسب المؤمنون العارفون؟ فقالت: ليس مع العارفين حساب، ولكن معهم عتاب.
وروي أن سليمان عليه الصلاة والسلام نظر إلى مملكته يوماً، فأمر الله تعالى الريح حتى كشف عورته، فقال للريح، رُدَّ عليَّ ثوبي، فقال الريح، رُدَّ قلبك إلى مكانه، فطوبى لأهل المعرفة، عرفهم أنفسهم قبل أن يعرفوه، وأكرمهم قبل أن يعرفوا الكرامة، أولئك أقوام أنفسهم روحانية، وقلوبهم سماوية، وهمومهم مَرْضِيَّة، وصدورهم جَزِعة، وقلوبهم خائفة، وأعينُهم دامعة، عقلوا فعلموا، ووجدوا فرحلوا، وانفتح لهم نور القلب.

لله قومٌ مُصْطَفَونَ لنفسِهِ
اختارَهم من قبلِ فِطرةِ خَلقِهِم


إختارَهم(1) من سالفِ الأزمانِ
فيهم ودائعُ حِكمةٍ وبيانِ



(1) الموطأ: الجامع، باب جامع الكلام 2089، وأحمد (مسند أبي هريرة رضي الله عنه) 8785 والبخاري في الأدب المفرد: السرف في المال، برقم 442 وفي صحيحه: الزكاة، باب قول الله تعالى (لا يسألون الناس إلحافاً) (سورة البقرة 273) رقم 1407 والاستقراض، باب: ما ينهى عن إضاعة المال 2277 والأدب، باب: عقوق الوالدين من الكبائر 5630 ومسلم: الأقضية، باب النهي عن كثرة المسائل من غير حاجة 1715. ورواه السيوطي عن أحمد ومسلم (كنز العمال لعلي بن حسام الدين الهندي البرهان فوري (الرسالة) 15/824 رقم 43275).
(1) سورة المؤمنون: 97.
(2) سورة الإسراء: 65.
(3) سَنّ: وضع. إذا مات العبد الصالح بكت عليه السماء والأرض، وفرحت الحور العين له، والملائكة، لتخلّصه بالسلامة من دنياه، واستبشارا بسعادته في أخراه التي جعلها الله تعالى هي دار الخلود والبقاء.
(1) كلمة ريح تُذَكَّر وتؤنث.
(2) أبو سليمان الداراني: عبد الرحمن بن عطية مات سنة 285 وقيل 215 هـ (جامع كرامات الأولياء (دار الفكر – بيروت) 1/144] وأظنه هو المراد، وثمة أبو سليمان: داود بن نصير الطائي، مات سنة 162 هـ (المصدر نفسه 1/63) والداراني أشهر.
(3) سورة النجم: 43.
(1) قطع همزة الوصل لضرورة الشعر.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالخميس مارس 06, 2008 8:57 pm


الحديث الثامن

[ الحياء من الإيمان]

أخبرنا الشيخ صالح الثقة أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، قال: أنبأنا أبو عبدالله مالك بن أحمد بن علي المالكي، قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد ابن محمد بن موسى القرشي، قال: أنبأنا أبو إسحق إبراهيم بن عبدالصمد الهاشمي، قال: أنبأنا أبومصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، عن مالك، عن ابن شهاب الزهري، عن سالم، عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو يعظ أخاه في الحياء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الحياء من الإيمان" (1) والحياء الذي يشمل الوجه من الناس، أنموذج عن الحياء الذي يشمل القلب من الله تعالى، والحياء الشامل للوجه وللقلب، هو من الإيمان بالله وهو طَوْرُ العارفين بالله سبحانه وتعالى، الذي جعل قلوبهم عَيْبَةَ أسراره(2)، وكذلك فإن قلوب العارفين خزائنُ الله في أرضه، وضع فيها ودائع سره، ولطائف حكمته، ودقائق محبته، وأنوار علمه، وإمامةَ معرفته، فكلامهم هو الكشف عما يشاهد القلب، وإظهار علوم السر، وبيان معاملة الضمير، من تميّز الانفصال عن الاتصال، وبيان الأسباب الشاغلة عن الحق، من الأسباب الداعية إلى الحق، أما الداعي إلى الخلق فالدنيا والنفس والخلق، وأما الداعي
إلى الحق فالعقل واليقين والمعرفة، كما ورد: "مَنْ عرف نفسه عرف به"(1)، يعني من عرف ما لنفسه، عرف ما لربه، وكلامهم يدور على خمسة أوجه، به وله ومنه وإليه وعليه، وليس في كلامهم أنا وإني ونحن ولي وبي لأن ألفاظهم فردانية، وحركاتهم صمدانية، وأخلاقهم ربانية، وإرادتهم وحدانية، لا يعرف إشارتهم إلا مَنْ له قلب حريق، فيه خزائن الأسرار، وجواهر القدس، وسُرادِقات الأنوار، وبحار الوداد، ومفاتيح الغيب، وأودية الشوق، ورياض الأنس، فكلما أبرز العارف لسان الحكمة من ينبوع المعرفة بإشارات استأنس بها قلوب المريدين والمشتاقين.
قال يحيى بن معاذ: القلوب كالقدور، ومغارفها الألسن، فكل لسانٍ يغرف لك ما في قلبه
وقيل لأبي بكر الواسطي ما تقول في كلام أهل المعرفة؟ فقال: إن مَثَلَ المعرفة، كمثل سراج في قنديل، والقنديل معلق في بيت، فما دام السراج في البيت، يكون البيت مضيئاً، وربما يفتح الباب فيقع ضوء السراج خارج البيت ويضيء.
كلام أهل المعرفة يقع ضياؤه على قلوب أهل النور فتصير أعينهم دامعة، وألسنتهم ذاكرة. يقول الله تعالى: (وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول)(2)، الآية، مثل نفس العارف كمثل البيت، ومثل قلبه كمثل القنديل، دُهْنُهُ من اليقين، وماؤه
من الصدق، وفتيله من الإخلاص، والزجاجة من الصفاء والرضاء، وعلائقه من العقل، فالخوف نار في نور، والرجاء نور في نار، والمعرفة نور في نور، فالقنديل معلق بباب الكُوَّة، إذا فتح العارف فاهُ بالحكمة التي في قلبه، هاج في كُوَّةِ فمه نورٌ من الأنوار التي في قلبه، فيقع ضياؤه على قلوب أهل النور، فيتعلق النور بالنور، وإنَّ بعض القول أشدُّ ضوءاً من النهار، وبعضها أشدّ ظلمةً من الليل، وكلام أهل المعرفة كنزٌ من كنوز الرب سبحانه، معادنه قلوبُ أهل المعرفة، أمرهم الله تعالى بالإنفاق منه على أهله في قوله تعالى: (ادعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)(1).
قيل لبعض العارفين: أي شيء أضوأ من الشمس؟ قال: المعرفة، قيل: أي شيء أنفع من الماء؟ قال: كلام أهل المعرفة، قيل: وأي شيء أطيب من المسك؟ قال: وقت العارف، قيل: وما حِرفةُ العارف؟ قال: النظرُ إلى صُنع الرُّبوبية، وأعلام لطائف القُدرة.
قيل لأبي سعيد البلخي(2): لِمَ كان كلام السلف أنفعَ من كلام الخلف؟ قال: لأن مرادهم كان عِزَّ الإسلام، ونجاة النفوس، والشفقةَ على الإخوان، ورضا الرحمن، ومرادُنا عِزُّ النفس، وثناء الناس، وطلبُ التنعُّم في الدنيا، فالعبد إذا أطاع ربه، رزقه نهلةً من عين المعرفة، وأنطق بها لسانه، وإذا ترك طاعته لم يسلبها، ولكن أبقاها في قلبه، ولم يُنطق بها لسانه، ليكون ذلك حسرةً عليه، وابتلاه بأنواع المِحَن، وما مِن مؤمنَين يلتقيان فيذكران الله إلا ويزيد الله تعالى في قلوبهما نورَ المعرفة، قبل أن يتفرقا، وإن الله تعالى أطْلعَ أهلَ المعرفة على تلاطم أمواج بحار خواطر القلوب، وأشرفهم على خزائن الأسرار، وبواطن العلوم التي لا يُحصى عددها، ولا ينقطع مددها، ولا يُدرَكُ قعرها، ولا تُفنى عجائبها، حتى يغوصوا بنور
المعرفة في قَعْرِ بواطن إشاراتها المكنونة في معانيها المخزونة، فيستخرجوا عجائبَ فوائد، ولطائفَ زوائد، وحقائقَ إشارات، تحترق منها قلوبُ المحبين، وتستأنس بها أرواح المريدين، وهي نورٌ من أنوار الهداية، يهتدي به العبد إلى طريق حسن الرعاية، إذا أدركه من الحق التوفيق والعناية.
قال يحيى بن معاذ: لقيتُ الحكماء فوجدت أكثرهم مفاليسَ، يفتحون من كيس غيرهم، وكان للّيث المصري(1) أخ، وكان بالإسكندرية، فلما قدم إليه قال: إني كنت مقبلاً على ربي، قال: فأين فوائدُ إقبالك على ربك؟ فسكت، فقال الليث: العبد إذا أقبل على الله بصدق الوفاء، يمده الله بفوائد لم تخطر على قلب بشر.
وكان يحيى بن معاذ يتكلم ذات يوم، فصاح رجل في مجلسه، ومزَّق ثوبه، فقيل له: ما تقول فيه؟ قال كلام أهل المعرفة كلما نبع من عين سر الوحدانية، قرع قلب المحترق بنيران الشوق والمحبة، فتلاشت عن صاحبه صفات الإنسانية، كلام المتقين بمنزلة الوحي، وجرت كلمة على لسان بعضهم، فقيل له: مَن حَدَّثك بهذا؟ قال: حدَّثني قلبي عن فكري عن سِرِّي عن ربي، فإسنادُ الحكمة وجودُها، وهي ضالّة المريد، حيثما وجدها أخذها، فلا يُبالي من أي وعاء خرجت، وبأي لسان نَطَقَت، ومن أي قلب نُقِلَت، أو على أي حائط كُتِبت، أو مِن أي كافر سُمِعَت.
وقد ورد "مَن أراد أن يؤتيه الله علماً من غير تعلم، وهُدى من غير هداية، فليزهد في الدنيا"(2)، وإن للحكمة أهلاً وزماناً، وقد مضي زمنها، والأكثرون مِن
أهلها، وليس علينا إلا أثر المصيبة، فإنا لله وإنا إليه راجعون، اطلبوا مصابيحَ كلام العارفين قبل وفاتهم، نعمة اعرفوا شرفها، وكمال فضلها، وإنما اختار لقمانُ الحكمة لشرفها، هي برهان الصِدَّيقين، ونزهة المتقين، وفردوس العارفين، وميراث النبيين والمرسلين فاطلبوها قبل ذهابها:


مصابيحُ الأنامِ بكلِّ أرضٍ
تلألأ عِلمُهُم في كلِّ وادٍ



هُمُ العلماءُ أبناءُ الكِرامِ
كنورِ البدرِ لاح بلا غَمامِ

[/b]



(1) صحيح. رواه الموطأ: الجامع، باب ما جاء في الحياء 1890 ومسند أحمد: (حديث ابن عمر رضي الله عنهما) 4554 وحديث أبي هريرة رضي الله عنه (صحيفة وهب بن منبه) 10460 والبخاري: الإيمان، باب: الحياء من الإيمان 24 والأدب، باب: الحياء 5767 وأخرجه في الأدب المفرد 602 ومسلم: الإيمان ،باب بيان عدد شعب الإيمان وأفضلها وأدناها، وفضيلة الحياء، وكونه من الإيمان 36.


(2) " ومن المستعار: هو عَيبة فلان إذا كان موضع سره، وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الأنصار كَرِشي وعيبتي " أي أضع فيهم أسراري.." [ الزمخشري: أساس البلاغة (دار المعرفة) 318].


(1) الحاوي للفتاوي للسيوطي (السعادة) 2/412 وكشف الخفاء (دار التراث) 2/362 والأسرار المرفوعة لعلي القاري (الرسالة) 351 والدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة للسيوطي (الحلبي) 152 (موسوعة اطراف الحديث (ط1) 8/395) والمقاصد الحسنة للسخاوي 419، وأسنى المطالب للبيروتي (مطبعة مصطفى البابي الحلبي بمصر) ص214 وفيه: "حديث: (من عرف نفسه فقد عرف ربه) قال السمعاني: إنه لا يُعرف مرفوعاً. وقال النووي: ليس بحديث. ونسبه بعضهم إلى أبي سعيد الخراز وبعضهم إلى يحيى بن معاذ الرازي".


(2) سورة المائدة 83 وتتمة الآية (ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق، يقولون: ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين).


(1) سورة النجل: 125.


(2) أحمد بن عبدالله البلخي، مات بعد سنة 315 هـ"انظر جامع كرامات الأولياء للنبهاني (يوسف بن إسماعيل) طبعة دار الفكر 1/485".


(1) الليث بن سعد، أبو الحارث (94-175 هـ) شيخ مصر لعصره، مجتهد مطلق صاحب مذهب فقهي، لكن أتباعه ذابوا من بعده في بوتقة المذهبين المالكي والشافعي (البوتقة: الوعاء الذي يذاب في المعدن).


(2) تذكرة الموضوعات للهندي الفتني 20 وقال: "لم يوجد" أي لم يوجد له أصل في الأحاديث المرفوعة. وإحياء علوم الدين (دار المعرفة) 4/224 وقال الحافظ العراقي: لم أجد له أصلا. وإتحاف السادة المتقين 9/333. وكشف الخفاء (التراث الإسلامي) 2/305 برقم 2346 وفيه: قال القاري: لم يوجد له أصل، كما في المختصر، ومعناه صحيح مستفاد من قوله عليه الصلاة والسلام: " من عَمِل بما عَلِم أورثه الله علم ما لم يعلم".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 7:37 am

الحديث التاسع
[أولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات]

أخبرنا العبد الصالح الثقة أبو غالب عبدالله بن منصور بجامع واسط، أخبرنا أبو عبدالله محمد بن علي بن الحسين السلمي، قال: أنبأنا أبو الحسن بن أبي الفتح الضرير العثماني، قال: أنبأنا عمر بن محمد المقري، قال: أنبأنا عبدالرحمن بن أحمد ابن الحجاج، قال: أنبأنا أحمد بن محمد بن أبي الرجاء، قال: أنبأنا وكيع بن الجراح، قال حدثنا الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، ويُخفى عنه كبارها، فيقال له: عملت كذا وكذا، وعملت يوم كذا: كذا وكذا، قال: وهو مُقِرٌّ ليس ينكر، قال: وهو مشفق من الكبار أن يُجاءَ بها، فإذا أراد الله به خيراً، قال: أعطوه مكان كل سيئة حسنة، فيقول حين طمع: إن لي ذنوباً ما رأيتها ها هنا "قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه(1). ثم تلا: (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات)(2).
وهذا الإشفاق هو شيء من أسرار اليقين بالله، وحال من سلطانه، يفرغه في قلوب أهل المعرفة به، ولهذا الحديث الشريف شأن جليل، يُنبئ عن كرم إلهي فوق تعبير اللسان، يعرفه العارفون، ويزلق به الغافلون، ويزداد خوفاً من الله به الموفقون.
أي سادة، من أراد أن يتكلم بلسان أهل المعرفة، فينبغي أن يحفظ أدب كلامه، فلا يكشف دقائقه إلا عند أهله، وأن لا يُحَمِّلَ المريدَ فوق طاقته، ولا يمنع كلامه مَن كان مِن أهله، ويكون كلامه مع أهل المعرفة بلسان أهل المعرفة، ومع أهل الصفا بلسان الصفا، ومع أهل المحبة بلسان المحبة، ومع أهل الزهد بلسانهم، ومع كل صنف على قدر مراتبهم ومنازلهم، وقدر عقولهم، فإن الله تعالى جعل للعارف هذه الألسن، نعم كلها تتلاشى عند ظهور سلطان الحق، وينبغي أن لا يحدِّث بحديث لا يبلغ عقل المستمع إليه، فيكون ذلك فتنة، فإن أكثر الناس جاهلون، اشتغلوا بعلوم الظاهر، وتركوا علم تصحيح الضمائر، فلا يحتملون دقائق كلام العارفين، لأن كلماتهم لاهوتية، وإشاراتهم قدسية، وعباراتهم أزلية، فلذلك ينبغي للمستمع أن يكون معه السراج الأزلى، والنور الديمومي، ويقال: لسان الحال أفصح من لسان المقال، فمن رضي بالحال دون وَليِّ الحال، صار مخذولاً عن الحال، ومحجوباً عن ذي الجلال، وأي دهشه أشد من دهشة العارف، إن تكلم عن حاله هلك، وإن سكت احترق، فمن وَرَدَ قلبه الحضرةَ كَلَّ لسانُه، ومَن غاب قلبه عن الحضرة كثر كلامه.
قال ذو النون رحمه الله: ما رأيت محدثاً في قوم يحدثهم بغفلة إلا كان ذلك قسوة، وقال بعضهم: سكوت العارف حكمة، وكلامه نعمة، ويقال: ليس على تحقيق في المعرفة مَن يحدِّث بحديث المعرفة عند أبناء الآخرة، فكيف أبناء الدنيا؟ ما تكلمت مع أحد من الناس، إلا ودعوته إلى الله ثم كلمته.
من لم يكن له حلاوة المعرفة، ورؤية المِنَّة، وشكر النعمة، ولذائذ القُربة، وخوف المفارقة، وأُنس الصُحبة، وإخلاص العبادة، وسرور الهداية، فليس له أن يتكلم بكلام أهل المعرفة، وإن تكلم فلا يحمِّل فوق الطاقة، ولا يمنع أهل الحاجة، ولا يضيع أهل الغفلة.
وحُكي أن رجلاً جاء إلى عارف قال: حدثني، فقال: إن مثلي معك كرجل وقع في القاذورات، فذهب إلى العطار، وقال: أين الطِّيْب، فقال العطار: اذهب اشتر الأشنان(1)، واغسل نفسك ولباسك، ثم تعال فتطيب، وكذلك أنت، لطخت(2) نفسك بأنجاس الذنوب، فخذ أشنان الحسرة، وطين وطين الندامة، وماء التوبة والإنابة، وطهر ظواهرك في إجّانة(3) الخوف والرجاء، من أنجاس الجُرم والجفاء، ثم اذهب إلى حمام الزهد والتقى، واغسل نفسك بماء الصدق والصفاء، ثم ائتني حتى أطيِّبك بعطر معرفتي.
قال بعض الناس لعارف: إني لأعرف كلامكم، قال: كلام الأخرس لا يعرفه إلا أمُّه، ومن كلام عيسى عليه الصلاة والسلام: يا صاحب الحكمة، كُن كالطيب الناصح، يضع الدواء حيث ينفع، ويمنع الدواء حيث يضر، لا تضع الحكمة في غير أهلها، فتكون جاهلاً، ولا تمنعها من أهلها، فتكون ظالماً، ولا تكشف سرك عند كل أحد، فتصير مفتضحاً.
وقال ذو النون رحمه الله: رأيت رجلاً أسود يطوف حول البيت ويقول: أنت أنت أنت، ولا يزيد على ذلك اللفظ شيئاً، فقلت: يا عبدالله، أي شيء عَنَيْتَ به، فأنشأ يقول:


بين المحبينَ سِرٌّ ليس يُفشيهِ
نارٌ تقابِلُهُ، أُنسٌ يمازِجُهُ
شوقي إليه ولا أبغي له بدلاً


خَطٌّ ولا قلمٌ عنه فيحيكهِ
نورٌ يخبِّرُهُ عن بعضِ ما فيهِ
هذي سرائرُ كِتمانٍ تُناجيهِ

[/size]

[/size][/b][/b]



(1) سلم: الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، رقم 190، ولفظه: "عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لأعلم آخر أهل الجنة دخولاً الجنة، وآخر أهل النار خروجاً منها. رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها، فتُعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت يوم كذا وكذا: كذا وكذا. وعملت يوم كذا وكذا: كذا وكذا. فيقول: نعم. لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تُعرض عليه، فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة. فيقول: رب قد عملت أشياء لا أراها ها هنا "فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه. وأخرجه الترمزي في صفة جهنم، الباب العاشر، رقم 2599 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(2) سورة الفرقان" 70
(1) الأشنان (بضم الهمزة وكسرها): شجر من الفصيلة الرمرامية ينبت في الأرض الرملية، يستعمل هو أو رماده في غسل الثياب والأيدي (المعجم الوسيط).
(2) لطّخت: دنّست.
(3) الإجّانة: إناء تغسل فيه الثياب.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 7:52 am


الحديث العاشر

[ أول من يدخل الجنة]

أخبرنا الشيخ أبو طالب محمد بن علي، عن أبي القاسم علي بن أحمد الرزاز، قال أنبأنا أبوالحسين محمد بن مخلد في سنة ثمان عشرة وأربعمائة، قال: أنبأنا أبوعلي إسماعيل بن محمد الصفار، قال: أنبأنا الحسن بن عرَفة العبدي، قال: أنبأنا أبوالنضر هاشم بن القاسم، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "آتى باب الجنة يوم القيامة فأستفتحُ، فيقول الخازن: مَن أنت؟ فأقول محمد، فيقول: بِكَ أمرت أن لا أفتحَ لأحدٍ قَبلَكَ"(1).
وقد علم أهل العلم بالله، أن الجنة التي هي باب الخير الإلهي الأبدي، لا تُفتح إلا بفتح محمد صلى الله عليه وسلم لها، فهو الفاتحُ لكل خيرٍ دنيوي وأخروي، والعلمُ بشأنه هو سر العلم بالله تعالى، فمن أراد أن يُفتح له أبواب الخير الدنيوي والأخروي فعليه أن يتعلق بأذياله صلى الله عليه وسلم، فإن في نفحاتها علم المعرفة.
أي سادة، علم المعرفة هو العلم بالله تعالى، وهو نور من أنوار ذي الجلال، وخصلة من أشرف الخصال، أكرم الله به قلوب العقلاء، فزينها بحسن جماله، وعظيم شأنه، وخص به أهل ولايته ومحبته، وفضَّله على سائر العلوم، وأكثر الناس عن شرفه غافلون، وبلطائفه جاهلون، وعن عظيم خَطره ساهون، وعن غوامض معانيه لاهون، فلا يُدركه إلا أرباب القلوب الموفقون، وهذا العلم أساسٌ بُنيت عليه سائرُ العلوم، به يُنال خير الدارين، وعز المنزلين، وبه يَعرف العبد عيوب
نفسه، ومِنَن ربه، وجلال ربوبيته، وكمال قدرته، به يطيرُ سِرُّ العبد بجناح المعرفة في سرادقات لطائف القدرة، ويجول حول منتهى العزة، ويرتعُ في روضات القدس، فلا تتم العلوم كلها دون امتزاج شيء منه بها، ولا تفسد الأعمال إلا بفقده، ولم تسكن إليه قلوبٌ نظر الله إليها بالرأفة والرحمة، وأمطر عليها أمطار الفهم والبلاغة، وطيبها برياحين اليقين والفِطنة، وجعلها موضع العقل والفراسة، وطهرها من أدناس الجهالة والغفلة، ونوَّرها بمصابيح العلم والحكمة، قال الله تعالى:
يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)(1)، وكل عارف يخشى الله تعالى ويتقيه على مقدار علمه بالله عز وجل، لقوله تعال
(إنما يخشى الله من عباده العلماء)
(2)، بنوره يعرف وساوس الشيطان، الدافعة إلى المعاصي والزلات، ويحذر به آفات الإرادات، قال الله تعالى: (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)(3)، وقال الله تعالى: (ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور)(4).
وفي الخبر: "إن من العلم كهيئة المكنون المخزون، لا يعرفها إلا أهل العلم بالله، ولا ينكرها إلا أهل الغرَّة"(5) وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الأعمال أفضل؟ فقال: "العلم بالله"(6).
ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب، أي العباد أكثر حسنة، وأرفع درجة عندك؟ قال: أعلمهم بي. وقال الإمام الجليل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه: أعلم الناس بالله أشدهم تعظيماً لحرمة لا إله إلا الله، قال أبو الدرداء رضي الله عنه : من ازداد بالله علماً ازداد وَجَلا.
وروي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: أن يا داود تعلم العلم النافع، قال: إلهي، وما العلم النافع؟ قال: أن تعرف جلالي وعظمتي وكبريائي، وكمال قدرتي على كل شيء، فإن هذا الذي يقربك إلي، وإني لا أعذر بالجهالة مَن لقيني.
وقيل لمحمد بن الفضل السمرقندي(1): ما العلم بالله؟ قال: أن ترى قضاءه في الخَلْق مُبْرَماً، والضر والنفع والعز والذل منه، وترى نفسَك لله، والأشياء كلها في قبضته، وأن لا تختار لنفسك غير اختيار، وتعمل لله خالصاً.
يا بني اجتهد في تعلم علم السر، فإن بركته كثيرة أكثر مما تظن، يا بني مَن تعلم علم العلانية دون علم السر هلك وهو لا يشعر. يا بني إن أردت أن يكرمك الله بعلم السر فعليك ببغض الدنيا. واعرف حرمة الصالحين، وأحكِم أمرك للموت، قال الله تعالى: (وقُل ربّ زدني علماً)(2). (وعلّمك ما لم تكن تعلم)(3) (وعلّمناه من لدنا علماً)(4) إلا أنه قال في موضعٍ آخر: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سُبُلنا)(5). فرُبَّ رجل كثير الروايات جاهل بالله، إنَّ عِلم المعرفة فضلٌ من الله يؤتيه من اصطفاه مِن خَلقِهِ، واجتباه لصُحبته.
جاء في الخبر: " العلمُ عِلمان، علم باللسان، وهو حجة الله على العباد
وعلم بالقلب، وهو العلم الأعلى"(1) لا يخشى العبد من الله إلا به وقال صلى الله عليه وسلم: "أشدكم لله خشية أعلمكم بالله"(2
وقال سفيان الثوري(3) رحمه الله: العلماء ثلاثة: عالمٌ بأمر الله غير عالم بالله، فذلك العالم الفاجر الذي لا يصلح إلا للنار، وعالم بالله غير عالم بأمره، فذلك ناقص، وعالم بالله وبأمره به، فهو العالم الكامل.
قيل لبعض العارفين: ما سبيل معرفة الله؟ قال: ليس يُعرَف بالأشياء بل تُعرَف الأشياء به، كما قال ذو النون: عرفتُ الله بالله، وعرفتُ ما دون الله بنور الله
وقال إبراهيم عليه الصلاة والسلام: إلهي، لولا أنت كيف كنتُ أعرف مَن
أنت؟ ومِثله عن رابعة العدوية قالت لذي النون: كيف عرفت الله؟ قال: رزقني الحياء، وكساني المراقبة، فكلما هممتُ بمعصية ذكرتُ جلال الله فاستحييت من
مثل المعرفة كشجرة لها ستة أغصان، أصلها ثابت في أرض اليقين والتصديق، وفرعها قائم بالإيمان والتوحيد
فأول أغصانها الخوف والرجاء مقرونين بغصن الفكرة
والثاني: الصدق والوفاء مقرونين بغصن الإخلاص
والثالث: الخشية والبكاء مقرونين بغصن التقوى.
والرابع: القناعة والرضاء مقرونين بغصن التوكل.
والخامس: التعظيم والحياء مقرونين بغصن السكينة.
والسادس: الإستقامة والوفاء مقرونين بغصن الود والمحبة.
ويتشعب من كل غصن ما لا نهاية له في العدد من أنواع الخير، والصدق في المعاملة، وأنس الصحبة، وفرائد القربة، وصفاء الوقت، وغير ذلك مما لا يصفه الواصفون، وعلى كل شعبة ثمار شتى، لا يشبه لون إحداها الأخرى ولا طعمها، تحتها أنوار التوفيق، جارية من ينبوع الفضل والعناية، والناس في ذلك على تفاوت الدرجات، وتباين الحالات، فمنهم من أخذ بفرعها غافلاً عن أصلها، محروماً من أغصانها، محجوباً عن حلاوة ثمارها، ومنهم من تمسك بفروعها، ومنهم من أخذ بأصلها وأخذ كلها من غير أن يلتفت إلى كلها، لانفراده بوليِّهِ خالقها، مَن لم يكن له نور من سراج التوفيق، ولو جمع الكتب والأخبار والأحاديث كلها، لم يزدد إلا بُعداً ونفوراً، كمثل الحمار يحمل أسفاراً.
يُقال إن رجلاً جاء إلى الإمام علي عليه السلام فقال علمني من غرائب العلم، قال: ما فعلتَ في رأس العلم؟ قال: وما رأس العلم؟ قال: أعرفتَ ربك؟ قال نعم، قال: ما فعلتَ في حقه؟ قال ما شاء الله، قال: فانطلِق فأحكِم هذا، فإنْ أحكمته فَأْتِ أعلمكَ غرائب العلم، قيل: الفرقُ بين علم المعرفة وغيرها كالفرق بين الحي والميت.

[/b]



(1). : صحيح. رواه أحمد في مسنده (دار الحديث) 10/442 (مسند أنس رضي الله عنه( برقم 12337 ومسلم: الإيمان، باب في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أول الناس يشفع في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً" رقم 197.

(1) سورة المجادلة: 11

(2) سورة فاطر: 28.

(3) سورة الزمر: 22.

(4) سورة النور: 40.

(5) ضعيف. رواه الحافظ عبدالعظيم المنذري وقال: "رواه أبو منصور الديلمي في المسند (مسند الفردوس799) وأبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين التي له في التصوف" [ الترغيب والترهيب (دار ابن كثير وشركائها) 1/135 برقم 141] ورواه الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين (دار المعرفة) 1/20 وقال الحافظ العراقي في تخريجه: "رواه أبو عبد الرحمن السلمي في الأربعين له في التصوف من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بإسناد ضعيف".

(6) رواه ابن عبد البر في فضل العلم بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه [ كشف الخلفاء (التراث الإسلامي) 2/111].

(1) بلخي الأصل، عاش في سمرقند، ومات بها سنة 319 هـ (الرسالة القشيرية 73).

(2) سورة طه: 114.

(3) سورة النساء: 113.

(4) سورة الكهف: 65

(5) سورة العنكبوت: 69.

(1) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخه (4/346) بإسناد حسن، وابن عبد البر النمري في جامع بيان العلم [(المنيرية) 1/190] عن الحسن البصري مرسلاً بإسناد صحيح، والديلمي في مسند الفردوس (4194) والأصبهاني في كتابه (الترغيب والترهيب 2192) والبيهقي (في شعب الإيمان 1825) عن الفضيل بن عياض من قوله غير مرفوع (الترغيب والترهيب للحافظ المنذري: الحديثان 139و 140) وذكره الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين 1/59 و 3/24 وقال زين الدين العراقي في المغني: "أخرجه الترمذي الحكيم في النوادر (255).. وأسنده الخطيب في التاريخ من رواية الحسن عن جابر بإسناد جيد. وأعلّه ابن الجوزي "وإعلال ابن الجوزي له وهم (فيض القدير 4/391) ورواه السيوطي من طريقين: طريق ابن أبي شيبة والحكيم والخطيب عن جابر رضي الله عنه (كنز 28667 و 28947) وطريق أبي نعيم عن يوسف بن عطية عن قتادة عن أنس رضي الله عنه (كنز 28946) وقال: "وأورده ابن الجوزي في العلل (المتناهية 1/83) من الطريقين" وهو في فهرسة ابن خير 6 وإتحاف 1/85 و 349 و 7/295 والدر المنثور 5/250 وأمالي الشجري (بيروت) 1/60 (موسوعة أطراف الحديث 5/518).

(2) إحياء علوم الدين (المعرفة) 1/76 وإتحاف 1/422 والكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف لابن حجر (المعرفة) 139. وعقب الحافظ العراقي على روايته المطولة في الإحياء بقوله: لم أجده هكذا بطوله.
(3) سفيان بن سعيد من بني ثور (م مصر) 97-161 هـ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 7:59 am


الحديث الحادي عشر

[ يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته]

أخبرنا شيخنا الإمام المقرئ الجليل الشيخ أبو الفضل علي الواسطي قدس الله روحه، قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد الواعظ، قال: أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن عبد الرحمن الجمحي، قال: أنبأنا علي بن عبد العزيز، عن ابن المبارك، عن حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبي جندب، عن أبي الخير، عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء في ظل صدقته حتى يُقضى بين الناس، أو قال: يحكم بين الناس"(1) هذا لكونه ترك شيئاً قليلاً مما تحبه نفسه لربه، فكيف إذا خرج عن نفسه بالكلية؟
روي أن الله تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه السلام: بشِّر المُذنبين بأني غفور، وأنذر الصِدِّيقين بأني غيور.
ورُوي أن يوسف عليه الصلاة والسلام: لما ألقي في الجب، كان يقول: من
لعب في خدمة مولاه، فغيابة الجب مأواه، وهنا كلمات من طرائف مختصرات القوم، تنشط بها همم الموفقين، يقول قائلهم رضي الله عنهم: حُقَّ لمن عرف المولى، أن لا يشكو من البلوى، إذا لم يعرف العبدُ المولى، فكل لسان له دعوى، ليس للعارف دعوى، ولا للمحب شكوى، إذا سبقت من الرب العناية، هُزِمَت من العبد الجناية، إذا سبقت العناية، وجبت الولاية، بالعناية تحصل الولاية، والولاية تهدم الجناية، ليس الشأن في الولاية، لكن الشأن في العناية، لم يُدرِك الولايةَ مَن فاتته العناية، المُصِرُّ من أَسَرَّ السِّر، طرحُ الخلق وجودُ الحق، اطرح الدعوى تجد المعنى، مَن كان له باطنٌ صحيح، فجميع كلامه مليح، لا تغتر بصفاء الأوقات(1)، فإن تحتها فنون الآفات، لا تغتر بصفاء العبودية، فإن فيها نسيان الربوبية، خل الدارين للطالبين، واستأنس برب العالمين، استَهْدِ بالله فنِعمَ الدليل، وتوكل عليه فنعم الوكيل، ما دام قلب العبد بغير الله معلقاً، كان باب الصفاء عنه مُغلقاً، الأُنس بالله نورٌ ساطع، والأنس بالمخلوق هَمٌّ واقع، مَعدِنُ الأسرار قلوبُ الأبرار، قلوب الأبرار حصونُ الأسرار، القلب إذا ابتُلي بالمربوب، عُزِلَ عن ولاية المحبوب، خيرُ الرزق ما يكفي، وخيرُ الذكر الخفي، توكل تُكفَ وسَلْ تُعطَ، ليس باللبيب مَن اختار على الحبيب، بقدر ما تتعنى تنال ما تتمنى، العبدُ إذا سخط عليه مولاه، سَخِطَ عليه ما سواه، وإذا رضي عنه مولاه، رضي عنه ما سواه، عُذْرُ الحبيب عند الحبيب مبرور، وذنبُ الحبيبِ عند الحبيبِ مغفور، مَن أراد المولى فليتهيأ للبلوى.
هَوِّن الدنيا وما فيها عليك واجعل الحزن لِما بين يديك
الموت جِسرٌ مَهيب، يُوصِل الحبيبَ إلى الحبيب، ينبغي أن يكون العبدُ مشغولاً بما يكون غداً عنه مسؤولاً، اجعل التُقى جليسَك، والدعاءَ أنيسك.
ألا كل شيء ما خلا الله باطلُ وكلُّ نعيمٍ لا محالةَ زائلُ (1
الحبُّ يُحرق، والشوقُ يُقلق، وهذا سرورُ الخير، فكيف سرورُ النظر؟ كل نعمة دون الجنة فانية، وكل بلاء دون النار عافية(2)، التوبة تطهر الحوبة(3)، الاعتراف يهدف الاقتراف، هَب أن اللهَ قد عفا عن المُسيئين، أليس قد فاتهم ثوابُ المُحسنين، أعِدّ للسؤال جواباً، وللجواب صواباً، اطلب ما يعنيك بترك ما لا يعنيك، الرزقُ مقسوم، والحريصُ محروم، العبدُ حُرٌّ إذا قنع، والحُر عبدٌ إذا طمع، أخرج الطمع من قلبك، تحلّ القيدَ من رِجلك، قَدِّم إلى الحشر زادك، فإن إلى الله مَعادك، الدنيا دنيّة، وحُبها خطيّة(4)، والدنيا ساعة، فاجعلها طاعة، الدنيا كلها غرور، والعقبى كلها سرور، الدنيا معدن الخَطا، والعُقبى معدن العطا(5)، الدنيا معدن الجفاء، والعقبى معدن الوفاء، أساس التقوى ترك الدنيا، أخوف الناس آمنهم، ما أغفلك عما خُلقت له، وما أعجزك عما أُمِرتَ له، منعك طولُ الأمل، عن ذكر
أغفلك عما خُلقتَ له، وما أعجزك عما أُمِرتَ له، منعك طول الأمل، عن ذكر الأجل، لا تَعصِ مولاك بطاعة هواك، رأس الوفاء تَرْكُ الجفاء، إن أردتَ المكارم، فاجتنب المحارم، قليلٌ يكفيك خيرٌ من كثيرٍ يُطغيك، المؤمن كثيرُ الفِعال، قليلُ المَقال، والمنافقُ قليلُ الفِعال، كثيرُ المقال، اتق الله إذا خلوت، يَستجب لك إذا دعوت، غضبُ اللهِ أشدُّ من ناره، ورضوانُهُ أكبرُ من جنته، دع التدبيرَ إلى الملك الخبير، طَلَبُ الحلال، أشدُّ من نَقْل الجبال، كل همٍّ وذكر لغير الله فهو حِجاب بينك وبين الله، لا تقع المؤانسة بين العبد وربه، حتى تقع الوحشة بينه وبين خلقه، لا يصل العبدُ إلى الحق، حتى يعتزل عن صُحبةِ الخَلْق، حسبي من سؤالي عِلمُهُ بحالي.


كلُّ محبوبٍ سوى اللهِ سَرَفْ
وهمومٌ وغمومٌ وأسَفْ



وعناءٌ وبلاءٌ وتَلَفْ
ما خلا الرحمنَ ما عنهُ خَلَفْ

ما رأيتُ مثل الجنةِ نام طالِبُها، ولا مثل النار نام هاربُها.


دُرْتُ حولَ المَشْرِقَيْنِ
فوجدتُ الأمرَ كُلاَّ
حُبُّهُ مُنيَةُ قلبي



ثمَّ دُرْتُ المغرِبَينِ
لمَليكِ الثَقَلَيْنِ
ذِكرُهُ قُرَّةُ عَيني

[/b]


(1) صحيح. وأوله: "كل امرئ في ظل صدقته.. " الحديث. أخرجه ابن المبارك في الزهد (دار الكتب العلمية) الجزء الخامس: باب الصدقة ص 227 برقم 645 وأحمد في المسند (دار الحديث) 13/343 برقم 17266 (من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم) وموارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان لللهيثمي (الرسالة) 1/362 برقم 817 (الإحسان 3310) وابن خزيمة 4/94 رقم 243 وحلية الأولياء 8/181 والحاكم في المستدرك: الزكاة 1/416 وصححه ووافقه الذهبي في التلخيص، وعنه وعن المسند في كنز العمال 16068 والسخاوي في المقاصد الحسنة 224 والغزالي في إحياء علوم الدين 1/225 و 3/88 والعراقي بهامشه، وإتحاف السادة المتقين 4/167 و 7/401 وشرح السنة للبغوي 6/136 ومجمع الزوائد (الفكر) 3/285 رقم 4612 والدر المنثور 1/355 و 2/16 (موسوعة أطراف الحديث 6/423) كلهم عن عقبة بن عامر رضي الله عنه.


(1) الوقت: "حادث متوهم علّق حصوله على حادث متحقق، فالحادث المتحقق وقت للحادث المتوهم، تقول: آتيك رأس الشهر، فإلاتيان متوهم، ورأس الشهر حادث متحقق، فرأس الشهر وقت الإتيان.. وقد يعنون بالوقت ما هو فيه من الزمان" (القشيرية 114).


(1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد: ألا كل شيء ما خلا الله باطل.. " [ البخاري: الأدب، باب ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه رقم 5795 ومسلم: أوائل كتاب الشعر رقم 2256].


(2) أمثال هذه العبارة للسيد الإمام الرفاعي تسدد فهم موقف أهل التحقيق من نعيم الآخرة وعذابها، فهم لا يستهترون حيالهما، ولا يُقِلّون من شأنهما، إنما يعظمون الله عز وجل فهو سبحانه الغاية، وهو يستحق العبادة حتى لو لم يخلق جنةً ولا ناراً، فكيف وأمام الناس إما جنة نعيم أو عذاب مقيم؟ ومعروف أن السيدة رابعة العدوية كانت من أكثر من ذاعت عنه هذه المقولة، لكنها من المؤكد أنها كانت ترجو رحمة ربها وتخشى عذابه، وقال عبد الوهاب الشعراني: " كانت (رابعة) رضي الله عنها كثيرة البكاء والحزن وكانت إذا سمعت ذكر النار غشي عليها زماناً" (الطبقات الكبرى (دار الفكر) 1/65).


(3) الحوبة: الإثم.


(4) خطيّة: خطيئة.


(5) الخطا: الخطأ، والعطا، : العطاء، خفّف همزة "الخطأ" ، وقصر " العطا" لإقامة السجع.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 8:10 am


الحديث الثاني عشر

[ الراحمون يرحمهم الرحمن]
أخبرنا الشيخ الجليل المقرئ العارف بالله خالي أبو بكر الأنصاري الواسطي، قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، قال: أنبأنا أبو القاسم منصور ابن النعمي، قال: أنبأنا أبو نصر عبدالله بن سعيد بن حاتم الوائلي، قال: أنبأنا أبو يَعْلى حمزة بن عبد العزيز المهلبي، قال: أنبأنا أبو حامد أحمد بن محمد بن بلال البزّاز، قال أنبأنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، قال: أنبأنا سفيان بن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن أبي قابوس(1)، عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء"(2).
هذا الحديث الشريف فيه من أسرار العلم بالله العجائب، أَمَرَ المصطفى صلى الله عليه وسلم بالرحمة لِمَن في الأرض من المخلوقين، لتحصل بذلك الرحمة للعبد مِن كل مَن في السماء من العُلويين، فإن السماء طريق تنزُّل الرحمات الربانية، ومحل أنبوب الإفاضات الرحموتية، ومقر الملائكة الذين جعلهم الله وسائط أسراره بينه وبين خلقه،
فإذا ألقى الرحمة في سر مَلَك الرزق طاب الرزق، وإذا ألقاها في سر كاتب الأعمال أنساه السيئات، وإذا ألقاها في سر الرقيب أعان ورفق، والرحمة حال العارف، ومعراج قلبه إلى ربه، وإن عباد الله العارفين، مظاهر لرحمة رب العالمين في المخلوقين، وهو سبحانه أرحم الراحمين.
أي بني، إذا تحققتَ بالرحمة للمخلوقين رُحمت، وإذا جالستَ العارفين نجحت، وإذا سألت الحكماء الربانيين تعلمت، أي بني، اعلم أن لكل شيء مفتاحاً، ومفتاح العلم السؤال، فإن قَدَرَ المُريد على أن يجالس أهل المعرفة، فيقتبس من علمهم، وتحقيق رمزهم، ولطائف إشاراتهم، فَبَخٍ بَخْ(1)، فإن شرف العلماء الربانيين، أكبر من أن يدركه أحدٌ غيرالله، لأنهم أحباءُ الله، وأُمَناءُ سِرِّه، فليغتنم حُرمتهم، وليحرك خواطرهم بحسن السؤال، فإن أمواج خواطر العارفين لا تفنى عجائبها، وكفى للمرء جهلاً إمساكُه عن التعلم، واستكفاؤه بما عنده، وقد قال الله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)(2)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "جالسوا الكبراء، واسألوا العلماء"(3).
قال ذو النون: وُصِف لي رجلٌ بالمغرب، فارتحلتُ إليه، فوقفت عنده أربعين صباحاً، فلم أجد وقتاً أقتبس به مِن علمه شيئاً، لكمال شُغله بربه، ولم أترك الحُرْمة فيوماً من الأيام نظر إليّ فقال: من أين المُرتحِل؟ فأخبرته ببعض حالي، قال: بأي شيء جئت؟ قلت: لأقتبس من علمك، قال: اتق الله، واستعن به، وتوكل عليه، فإنه وليٌّ حميد وسكت، فقلت، زدني رحمك الله فإني رجل غريب، جئتك من بلد بعيد، لأسألك عن أشياء اختلجَت في ضميري(1)، فقال: أمُتعلِّمٌ أم عالِمٌ أم مُناظِر؟ فقلت: بل متعلم محتاج، قال: قِف في درجة المتعلمين، واحفظ الأدبَ ولا تتعدَّ، فإنك إن تعدَّيتَ فسدَ عليك النفع، العقلاء من العلماء، والعارفون من الأصفياء، الذين سلكوا سبيل الصدق، وقطعوا أودية الحُزْن، ذهبوا بخير الدارين، فقلت: رحمك الله متى يبلغ العبد إلى ما وصفت؟ قال: إذا كان خارجاً من الأسباب، قلت: ومتى يكون العبد كذلك؟ قال: إذا خرج من الحَول والقوة. قلت: وما نهاية العارف؟ قال: أن يصيرَ بالكُليّة كالمعدوم عندَ وجوده. قلت: ومتى يبلغ إلى مهيمنة(2) الصدّيقين؟ قال: إذا عرف نفسه. قلت: متى يعرف نفسه؟ قال: إذا صار مستغرقاً في أبحر المِنَّة، وخرج من أودية الأنانية، وقام على قدمٍ ياسينيّة(3)،
قلت: ومتى يبلغ العبدُ على ما وصفته؟ قال: إذا جلس على مركب الفردانية، قلت: وما مركب الفردانية؟ قال: القيام بصدق العبودية. قلت: وما صدق العبودية؟ قال: العلم لله تعالى، والرضا بالقضاء. قلت: أوصني. قال: أوصيك
بالله. قلت: زدني، قال: حسبُك.
قال عبد الواحد بن زيد رحمه الله: رأيت رجُلاً في بعض أسفاري، وعليه ثوبٌ من الشعر، فسلمتُ عليه، قلت: رحمك الله أسألك مسألة؟ قال: أوجزْ، فإن الأيام تمضي، والأنفاس تُعَدُّ وتُحصى، والرب مُطَّلعٌ يسمع ويرى، قلت: ما رأس التقوى؟ قال: الصبر مع الله تعالى: قلت: ما رأس الصبر؟ قال: التوكل على الله، قلت: وما رأس التوكل؟ قال: الانقطاع إلى الله. قلت: وما رأس الانقطاع إلى الله؟ قال: الإنفرادُ لله. قلت: وما رأس الانفراد؟ قال: التجريد عما دون الله. قلت: ما ألذّ الأشياء؟ قال: الأُنسُ بذكر الله. قلت: ما أطيبُ الأشياء؟ قال: العيشُ مع الله. قلت: ما أقرب الأشياء؟ قال: اللحوق بالله(1)، قلت: أي شيء أوجع للقلب؟ قال: فراق الله، قلت: ما هِمّةُ العارف. قال: لقاء الله. قلت: ما علامة المحب؟ قال: حب ذكر الله. قلت: ما الأُنس بالله ؟ قال: استقامة السِرِّ مع الله. قلت: ما رأس التفويض؟ قال: التسليم لأمر الله. قلت: وما رأس التسليم؟ قال: ذكر السؤال عند الله(2). قلت: ما أعظم السرور؟ قال: حُسْنُ الظن بالله. قلت: مَن أعظم الناس؟ قال: من استغنى بالله. قلت: من أقوى الناس؟ قال: من استقوى بالله. قلت: من المغبون؟ قال: من رضي بغير الله. قلت: ما المروءة؟ قال: تركُ النزولِ بدون الله. قلت: متى يكون العبد مُبعداً من الله؟ قال: إذا صار محجوباً عن الله. قلت: متى يكون محجوباً عن الله؟ قال: إذا كان في قلبه هَمٌّ غير الله. قلت: ومن الغُمْر(3)؟ قال: مَن أنفق عمره في غير طاعة الله. قلت: ما الزهد في الدنيا؟ قال: تَرْك كل شيء يشغل عن الله. قلت: مَن المُقبِل؟ قال: مَن أقبل على الله. قلت: ومَن المُدبِر؟ قال: مَن أدبر عن الله.
قلت: ما القلب السليم؟ قال: الذي لم يكن فيه سوى الله. قلت: أخبرني من أين تأكل؟ قال: من خزائن الله. قلت: ما تشتهي؟ قال: ما يقضي الله، قلت: أوصني. قال: اعمل بطاعة الله، وارضَ بقضاء الله، واستأنس بذكر الله، تكن من أصفياء الله.
قال ذو النون المصري: كنت في بعض سياحتي، فإذا بشيخ وفي وجهه سيما(1) العارفين، قلت: رحمك الله، ما الطريق إليه؟ قال: لو عرفته لوجدتَ الطريق إليه، قلت: وهل يعبده مَن لا يعرفه؟ قال: وهل يعصيه مَن يعرفه؟ قلت: أليس آدم عصاه مع كمال معرفته؟ قال: فنسيَ ولم نجد له عزماً. ثم قال: يا هذا دع الاختلاف والخلاف. قلت: أليس في اختلاف العلماء رحمة؟ قال: بلى، إلا في تجريد التوحيد، قلت: وما تجريد التوحيد؟ قال: فقدان رؤية ما سواه لوحدانيته. قلت: وهل يكون العارف مسروراً؟ قال: وهل يكون العارف محزوناً؟ قلت: أليس من عرف الله طال هَمُّه؟ قال: بل من عرف الله زال هَمُّه، قلت: وهل تغير الدنيا قلوب العارفين؟ قال: وهل تغير العُقبى قلوبَهم؟ قلت: أليس من عرف الله صار مستوحشاً من الخَلْق؟ قال: معاذ الله أن يكون العارف مستوحشاً، ولكن يكونُ مُهاجراً ومُتجرِّداً، قلت: وهل عرفه أحد؟ قال: وهل جهله أحد؟ قلت: وهل يتأسف العارف على شيء غير الله؟ قال: وهل يعرف غير الله فيتأسف عليه؟ قلت: وهل يشتاق العارف إلى ربه قال: وهل يكون غائباً عن العارف حتى يشتاق إليه؟ قلت: وما اسم الله الأعظم؟ قال: أن تقول: الله. قلت: كثيراً ما قلتُ ولم يداخلني الهيبة، قال: لأنك تقول من حيث أنت لا من حيث هو. قلت عِظني. قال: حسبك من المواعظ علمك بأنه يراك. فقمت من عنده، وقلت: ما تأمر؟ قال: كفى بإطلاعه عليك في جميع أحوالك.
سُئل يحيى بن معاذ الرازي ما علامة القلب الصحيح؟ قال: الذي هو من
هموم الدنيا مستريح. قيل: وما القوت؟ قال: ذكر حيٍّ لا يموت. قيل: وما صدق الإرادة؟ قال: ترك ما عليه العادة، قيل: وما الشوق؟ قال: ملاحظة ما فوق. قيل: متى يتم أمر العبد؟ قال: إذا سكن مع الله بلا هَمّ. قيل: وما علامة المريد؟ قال: أن لا يشتغل بالعبيد. قيل: وما رأس الهدى؟ قال: صدق التقى. قيل وما اللذة؟ قال: الموافقة. قيل: ومَن الغريب؟ قال: الذي ليس له من حبه نصيب. قيل: ومتى يبلغ العبد إلى ولاية مولاه؟ قال: إذا عزل عن قلبه كل مَن سواه. قيل: وما الراحةُ الكُبرى؟ قال: التسليمُ للمولى. قيل: وما أفضل الأعمال؟ قال: ذكر الله على كل حال. قيل: وما الفاقة العظمى؟ قال: دوام الأنس بالمولى. قيل: وما حجاب القلوب؟ قال: الاستكفاء بالمربوب. قيل: وما العيش الجميل؟ قال: العيش مع الجليل. قيل: وما حقيقة الوفاء؟ قال: الصدق والصفاء. قيل: ومن المُحِبُّون؟ قال: العارفون. قيل ومن العزيز؟ قال: من تعزَّزَ بالعزيز، قيل ومن الشريف؟ قال: من آنس اللطيف. قيل: ومن الغُمْر؟ قال: مَن ضيَّع العُمْر. قيل ما الدنيا؟ قال: ما شغلك عن المولى.
نعم، معدن المعرفة القلب لقوله تعالى: (فإنها من تقوى القلوب)(1) ومعدن المشاهدة الفؤاد لقوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى)(2) ومعدن النور الصدر لقوله تعالى (أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)(3) وما ازداد حباً لله تعالى إلا ازداد حباً لرسوله صلى الله عليه وسلم ولأوليائه.
[/b]



(1) أبو قابوس: هو مولي عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم.
(2) صحيح. رواه أحمد في المسند (دار الحديث) 6/46 (مسند عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما) برقم 6494 وأبو داود: الأدب، باب في الرحمة 4941 والترمذي: البر والصلة، باب ما جاء في رحمة الناس 1925 وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. والحاكم في المستدرك 4/159 (كتاب البر والصلة) وصححه هو والذهبي. وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد (الفكر) 8/341 (رقم 13672) عن جرير رضي الله عنه بلفظ : " ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء" وقال: رواه الطبراني، ورجاله رجال الصحيح. ورواه بهذا اللفظ أيضاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه برقم 13674 وقال: رواه أبو يعلى والطبراني في الثلاثة. ورجال أبي يعلى رجال الصحيح إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه فهو مُرسل. لكنه يتقوى بشواهده.

(1) بخ: اسم فعل مضارع بمعنى أستحسن (الغلاييني: جامع الدروس العربية (ط10) 1/164) وقال الفيروز آبادي: "بخ (كقد) أي عَظُم الأمر وفَخُم، تقال وحدها وتكرر.. كلمة تقال عند الرضى والإعجاب بالشيء أو الفخر والمدح" [ القاموس المحيط (بخ)] وضبطها في القاموس بغير وجه.

(2) سورة النحل: 43.

(3) السيوطي في الجامع الصغير (دار الفكر) 1/554 برقم 3577 وعزاه إلى المعجم الكبير للطبراني ورمز إلى صحته، وهو عن أبي جحيفة رضي الله عنه. وفي كنز العمال (24661) عن الطبراني في الكبير، ورواه عن العسكري برقم 25583 ورفعه، وبرقم 25584 موقوفاً. وهو في كشف الخفاء برقم 1059 وفي مجمع الزوائد (الفكر) 1/334 برقم 519 وقال الهيثمي: "رواه الطبراني في الكبير من طريقين، إحداهما هذه (المعجم الكبير 22/125 مرفوعاً) والأخرى موقوفة (22/133) وفيه عبد الملك بن حسين أبو مالك النخعي، وهو منكر الحديث، والموقوف صحيح الإسناد". وقال البيروتي: "فيه عبد الملك بن حسين بن مالك النخعي، ضعفه أبو زرعة، والدارقطني، وساق له مناكير، هذا الحديث منها" أسنى المطالب (طبعة مصطفى البابي الحلبي) ص89].

(1) أي خطرت مع شك.

(2) هيمنة: تمكُّن. من هيمن على كذا: أي سيطر عليه وراقبه وحفظه. ومُهَيمَنة: مصدر ميميّ من هيمن.

(3) ياسينية: محمدية.

(1) أي الموت.

(2) السؤال عند الله: الحساب.

(3) الغُمْر (بضم الغين): الجاهل.

(1) سيما: علامة، مثل سِمة وسيمياء وسُومة وسِيمة.

(1) سورة الحج: 32.

(2) سورة النجم: 11


(3) سورة الزمر: 22.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 8:44 am


الحديث الثالث عشر

[ المَرءُ مع مَن أحَبّ]

أخبرنا الشيخ الجليل الولي الأصيل، فَرْدُ الوقت أبو المكارم الباز(1) الأشهب(2)، خالي وسيدي منصور الرباني الأنصاري البطايحي رضي الله عنه برواقه في نهر دقلا، قال: حدثنا: أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني، قال: أنبأنا أبو عمرو عثمان بن محمد العلاف قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن سليمان إملاء، قال: قرأ عليّ يحيى بن جعفر بي أبي طالب وأنا أسمع، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن الأعمش، عن شقيق عن أبي موسى رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، الرجل يحب القوم ولا يلحق بهم، قال: "المَرءُ مع مَن أحَبّ"(3) هذا الحديث الشريف مُلْزِمٌ بمحبة العارفين، مُبشر بالإلحاق بهم إذا صَحَّت المحبة، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله، وإن من سِرِّ الحب الخالص، أن يرفع العارف إلى مقام السرور والنجوى في المحاضرة عند سواه.
أي بُنَيّ اعلم أن العارف بأسرار المريدين، المتطلع على همم العارفين، كَلَّفَ العبادَ وفاءَ صدق العبودية، ثم بيَّن لهم تحقيق شرائطها، كيلا يتجاوزوا حَدَّ العبودية إلى حَدَّ الربوبية، وحَدَّ الفقر إلى حَدَّ الغنى، قال تعالى:
يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله)(1) الآية، وجعل لكل شيء سبباً، فجعل سبب المخرج من عبودية المخلوقين، القيام بصدق العبودية، قوله تعالى: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً)(2)، مِن عبودية مَن سواه، (ويرزقه) المؤانسة والمحبة والشوق إليه (من حيث لا يحتسب) ومعنى آخر: (ومن يتق الله) بحفظ السر عن آفات الالتفات إلى ما سواه (يجعل له مخرجاً) من حُجُبِ الإبعاد، ويرزقه المشاهدةَ والوَصلة (من حيث لا يحتسب)، وكذلك جعل سبب معرفة العبد ربه معرفة العبد نفسه، بشاهد: مَن عرف نفسه "أي بالعبودية " عرف ربه"(3) بالربوبية، ومَن عرف نفسه بالفناء، عرف ربه بالبقاء، ومَن عرف نفسه بالجفاءِ والخطأ، عرف ربه بالوفاءِ والعطاء، ومَن عرف نفسه بالافتقار، قام لله على قدم الاضطرار، ومَن عرف نفسه لمولاه، قَلَّت حوائجه إلى مَن سواه.
رُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " مَن عرف الله قام بحقه"(4) أي من عرف الله بالهداية سَلَّمَ نفسه إليه، ومَن عرف الله بالربوبية قام له بأشراط العبودية، ومن عرف الله بالجزاء أوقع نفسه في العناء، ومن عرف الله بالكفاية، اكتفى به عن كل ما سواه.
روي أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام: ألا مَن عرفني أرادني وطلبني، ومَن طلبني وجدني، ومَن وجدني لم يختر علَيَّ حبيباً سواي.
قال الشيخ أبو بكر الواسطي رحمه الله: مَن عرف الله أحبه، ومن أحبه أطاعه، ومن أطاعه قطع عن قلبه كل ما دونه، ومَن حُرِم المعرفة، حُرِم حلاوة
الطاعة، ومَن حُرِم حلاوة الطاعة، حُرِم المؤانسة في الخلوة، فلا يجد في المعاملة رؤية المِنَّة، ولا يعرف قَدَرَ اللهِ على الحقيقة، ويُغلب في الأحوال فيسقط عن استقامة السِرِّ مع الحق.
وقال يوسف بن أسباط(1) رحمه الله: مَن عرف الله وفي قلبه هَمٌّ سوى الله، لم يسجد سجدةً خالصةً لله، ومَن عرف الله ولم يستغن بالله، فلا أغناه الله، ومَن قال: الله، وفي قلبه شيء سوى الله فلم يقل: الله، نعم مَن خاف الله في كل شيء آمنه الله من كل شيء، ومَن أنِسَ بمولاه استحوش عن كل ما سواه، ومَن اعتَزَّ بذي العِزِّ عَزّ، ومَن اغتر بغيره فلا فخر ولا عز، ومَن انقطع عن الأسباب الشاغلة عن الله اتصل بالأسباب الشاغلة بالله، ومَن ترك عروة العلاقات صار مستأنساً به في جميع الأوقات، ومَن ذاق حلاوة ذِكرِ مولاه ظهرت له أسرار الغيوب، ومَن جعل الهموم هماً واحداً كفاه الله الهموم، ومن طلب رضاء مولاه لا يبالي بسخط ما سواه، ومن اكتفى بمقامه حُجِبَ عن إمامه، ومَن كان لله قريباً كان مع غيره غريباً، ومَن أراد عِزَّ الدارَين فلينقطع إلى مَن له مُلك الدارَين، ومَن ترك حُسْنَ الرعاية زَلَّ عن سبيل الهداية، ومَن أراد أن يشرب من محبة الله شَربةً فليشرب من بُغض غير الله جُرعة، ومن استأنس بكل شيء استوحش من كل شيء، ومَن سَكَنَ قلبه إلى شيء فليس من الله في شيء، قال عليه الصلاة والسلام: "مَن أصبح وهَمُّه غير الله فليس من الله في شيء" (2)، قال الله تعالى في بعض الكتب: مَن أرادنا أردناه، ومن أراد
مِنّا أعطيناه، ومَن أحَبَّنا أحببناه، ومن اكتفى بنا عمّا لنا كُنّا له وما لنا، ألا مَن طلبني وجدني، ومن طلب غيري لم يجدني، قيل: ألا مَن طلبني بالتوبة وجدني بالمغفرة، ومَن طلبني بشكر النعمة وجدني بالزيادة، ومَن طلبني بالدعاء وجدني بالإجابة، ومَن طلبني بالتوكل وجدني بالكفاية، ومَن طلبني بالقُربة وجدني بالمؤانسة، ومَن طلبني بالمحبة وجدني بالوَصلة، ومن طلبني بالاشتياق وجدني باللقاء والرؤية.
وقال بعضهم: مَن كان لله كان الله له، أي مَن كان في أمر الله كان الله في أمره، ومَن كان في ذكر الله كان الله في ذكره، ومَن كان في حب الله كان الله في حبه، ومن كان في مرضاة الله يكن الله في مرضاته، (ومن يعتصم بالله فقد هُدِيَ إلى صراطٍ مستقيم)(1).
قال صلى الله عليه وسلم (مَن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه)(2)، ومن حكم العارفين قول قائلهم: من ابتُليَ بمعاملة العبيد، فليلبس لهم لباساً من حديد، ومن رضي من الدنيا باليسير فقد استراح من شغل كثير، ومن أصبح على الدنيا حريصاً أصبح من الله بعيداً، ومَن هَتَكَ ستر التُقي لم تستره
السموات العلى، ومن نظر في عواقب الأمور سَلِمَ من نوائب الدهور، ومن لم يقنع بالقليل وقع في غمٍّ طويل، ومن سَلَّ سيف التُقى ضرب به عنق الردى، ومن كان مسروراً لم يزل مغموراً، ومن لم يحفظ لسانه فسد عليه شأنه، ومن لم يعرف موضع ضُرَّه لم يعرف موضع نفعه، ومن أعرض عن صحبة الفجار عوضه الله صحبة الأبرار، ومن أخذ عِزّاً بغير حق أورثه الله ذُلاًّ بحق، ومن ضيَّع أيام حرثه ندم أيام حصاده، ومن توكل على غير الله يعذبه الله به، ومن رضي بالله وكيلاً صار له بكل خيرٍ دليلا، ووجد إلى كل خيرٍ سبيلا، ومَن عرف حلاوة النجوى لا يجد مرارة البلوى، (ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى)(1).
وقيل: ثلاث كلمات كان الأخيار من المتقدمين يوصي بعضهم بعضاً في كتبهم بهن: مَن عمل لآخرته كفاه الله أمر دنياه، ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين الله أصلح الله ما بينه وبين الناس.

[/b]

(1) الباز: ضرب من الصقور يستخدم في الصيد. والبازي: اسم فاعل من باز يبوز إذا انتقل من مكان إلى مكان. ويطلق هذا الاسم على بعض الأولياء المقربين الذين أمدهم الله تعالى بكرامة الطيران المرئي والطيران الخفي، وفي الطيران المرئي يبصرهم الناس وهم في هذه الحالة، وفي الطيران الخفي يذهبون إلى أماكن نائية من دون آلات النقل المادية المعروفة، بقدرة الله تعالى.
(2) الذي يخالط بياضه اسوداد. وهو من شاب قسم من شعره دون بعض.
(3) البخاري: الأدب، باب علامة الحب في الله عز وجل 5816 و 5817 ومسلم: البر والصلة والآداب، باب: المرء مع من أحب 2640 كلاهما عن ابن مسعود رضي الله عنه والبخاري (5818) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وعنه أيضاً مسلم (2641).
(1) سورة فاطر: 1

(2) سورة الطلاق:2

(3) سبق تخريجه في شرح الحديث الثامن.

(4) في تاريخ بغداد للخطيب 2/362 والعجلوني في كشف الخفاء (2533): "من عرف نفسه كَلَّ لسانه" وفي كشف الخفاء 2534: مَن عرف نفسه استراح وقال السيوطي في الأول: ليس بثابت. وقال العجلوني في الثاني: ليس في المرفوع (كشف الخفاء التراث الإسلامي 2/362).

(1) يوسف بن أسباط: توفي سنة نيف وتسعين ومائة (الشعراني 1/62)

(2) ضعيف. رواه الحاكم في المستدرك 4/320. وقال الذهبي في التخليص: إسحاق ومقاتل (يريد إسحاق بن بشر ومقاتل بن سليمان، وهما من حملة هذا الحديث): ليسا بثقتين ولا صادقين. ورواه ابن عدي في "الكامل في الضعفاء" دار الفكر 7/2530 والزبيدي في الإتحاف 8/84 وأبو نعيم في الحلية 3/48 وهو عن ابن مسعود رضي الله عنه. ولفظه في كنز العمال (الرسالة) 16/10 برقم 43706: " مَن أصبح وهَمُّه غير الله فليس من الله (في شيء) ومن لم يهتم بالمسلمين فليس منهم".

(1) سورة آل عمران: 101.

(2) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه" قالت عائشة أو بعض أزواجه رضوان الله عليهن: إنا لنكره الموت. قال صلى الله عليه وسلم: ليس ذاك، ولكن المؤمن إذا حضره الموت بُشِّرَ برضوان الله وكرامته، فليس أحب إليه مما أمامه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا حُضر بُشِّرَ بعذاب الله وعقوبته، فليس شيء أكره إليه مما أمامه، فكره لقاء الله وكره الله لقاءه" (البخاري: الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه 6142 ومسلم: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب: من أحب لقاء الله 2683) وأخرجه البخاري أيضاً من طريق سعيد بن المسيب عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم (6142). ومسلم منه (2684). وأخرجه البخاري برقم 6143 عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه. وأخرجه مسلم برقم 2685 عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(1) سورة الإسراء:72.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 07, 2008 9:50 am


الحديث الرابع عشر

[ الأعمال بالنيات]

أخبرنا شيخنا الشيخ أبو الفضل علي المقرئ القرشي الواسطي رحمه الله تعالى رحمة واسعة، قال: أنبأنا أبو الحسن عبدالرحمن بن محمد بن المظفر الداودي، قال: أنبأنا أبو محمد عبدالله بن أحمد بن حموية السرخسي، قال: أنبأنا أبو عبدالله محمد ابن يوسف الفربري، قال: أنبأنا أبو عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا يحيى بن قزَعة، قال: حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن إبراهيم بن الحارث، عن علقمة بن وقاص، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "العمل بالنية، وإنما لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه"(1). ومن هذا الطريق روى هذا الحديث سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه بنص: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله.."(2) إلى آخر الحديث، وهو نص عليه مدار الدين، وأحكام العلم والعرفان واليقين، وبه قلوب العارفين، إلى حضرة قدس رب العالمين.

خُذْ طارفَ السَيرِ بلا عائق
فكل ما أمَّلتَهُ قائمٌ



لله لا تقصد سوى اللهِ
بهجرةِ القلبِ إلى اللهِ

أي بني، أهل الحجاب يتعجبون من كلام أولي الألباب، وربما ينتهي التعجب بهم إلى طرف من الإنكار، لقوله تعالى: (أفمن هذا الحديث تعجبون) (1) أي تنكرون فعلهم.
روي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت تحت الجدار الذي أخبر الله عنه بقوله: (وكان تحته كنز لهما)(2) لوح من ذهب، والذهب مكتوب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح؟ وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن؟ وعجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك، وعجبت لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله.
قال وهب (3) رحمه الله: بينما كنت أسير في أرض الروم، إذ سمعت صوتاً من شاهق الجبل يقول: إلهي عجبت لمن عرفك، كيف يتعرض لسخطك برضاء غيرك، إلهي عجبت لمن عرفك، كيف يرجو غيرك، فاتبعت الصوت، فإذا أنا بشيخ ساجد، يقول: سبحانك عجباً للخليقة، كيف يريدون بك بدلاً، سبحانك عجباً كيف يشتغلون بخدمة غيرك، سبحانك عجباً للخليقة، كيف يشتاقون إلى غيرك؟ سبحانك سبحانك كيف يتلذذون بغيرك وبشيء دونك. فمضيت وما أشغلته عما رأيت.
قال أبو يزيد رحمه الله: عجبت لأهل الجنة كيف يتلذذون بدونه، أم كيف يستأنسون بغيره، وعجبت ممن يسكن إلى حال دون وليّ الأحوال، والعجب لمن
أقبل على الخَلْق والحق يقول: إليَّ إليّ.
قال أبو عبدالله بن مقاتل رحمه الله: عجبت لابن آدم، اختاره الله لنفسه مع غناه عنه، وهو يُعرض عنه مع فقره إليه، وعجبت لمن يشغل نفسه بشيء وهو يعلم أنه قد فرغ منه، وعجبت ممن يأمر غيره بما لا يفعله، ويغضب على غيره بما يفعله، وممن يكره أن يُعصى وهو عاص، وممن يحب أن يُطاع وهو غير مطيعٍ لربه، وممن يلوم غيره على الظن، ولا يذم نفسه على اليقين(1).
قال حاتم الأصم(2) رحمه الله: عجبت ممن يستحي من الخلق كيف لا يستحي من الخالق، ولمن يطلب رضاء المربوبين كيف لا يطلب رضاء الرب، ولمن يحب أهل الطاعة وهو مقبل على المعصية، ولمن يعرف جلال الله كيف يعرض عنه، ولمن يأكل رزق ربه كيف يشكر غيره، ولمن يشتري المملوك بماله، كيف لا يشتري الأحرار بمعروفه وطيب كلامه.
وقال خُنيس بن عبدالله : عجبت من رجل ليله قائم، ونهاره صائم، ويجتنب المحارم، ولا تلقاه إلا باكياً حزيناً، ورجل ليله نائم، ونهاره لاعب، ويرتكب المحارم، ولا تلقاه أبداً إلا ضاحكاً مستبشراً.
وقال يحيى بن معاذ(3) رحمه الله: عجبت ممن يتذلل للعبيد وهو يجد من سيده ما يريد، وعجبت لمن كان قوته رغيفاً يعصي رباً لطيفاً، وعجبت لمن يخاف على موت نفسه، ولا يخاف على موت قلبه، ولمن يخاف على فوات دنياه، كيف لا يخاف على فوات دينه.
قال يحيى بن معاذ: إلهي ذِكرُ الجنة موت، وذِكرُ النار موت، فيا عجباً لنفسي تحيا بين مَوتين، أما الجنة فلا صبر عنها، وأما النار فلا صبر عليها، وقيل: ذكر الوصال موت، وذكر الفراق موت، كيف يحيا قلب بين موتين، موت العارف عجيب، لأن العارف بين سرور المعرفة وخوف الفرقة، فكيف الموت مع سرور المعرفة، أم كيف الحياة مع خوف الفرقة؟


عجبتُ لِمَن يقولُ ذكرتُ ربي
أموتُ إذا ذكرتكَ ثم أحيا
فأحيا بالمُنى وأموتُ شوقاً
شربتُ الحبَّ كأساً بعد كأسٍ



يا عجباً

تَغَرَّبَ أمري عِندَ كلِّ غريبِ



وهل أنسى فأذكرُ مَن نسِيتُ
ولولا ماءُ وصلكَ ما حييتُ
فكم أحيا عليكَ وكم أموتُ
فما نَفِدَ الشرابُ وما رَوِيتُ





فصِرتُ عجيباً عِندَ كلِّ عجيبِ




[/b]



(1) البخاري: النكاح، باب: من هاجر أو عمل خيراً لتزويج امرأة فله ما نوى، رقم 4783. وفتح الباري 1/12 و 9/115.


(2) أبو داود الطلاق، الباب 718: باب فيما عني به الطلاق والنيات، رقم 2201 وجامع الأصول الكتاب الرابع من حرف النون: في النية والإخلاص رقم 9163 والترغيب والترهيب: الترغيب في الإخلاص والصدق والنية الصالحة، رقم 15.


(1) سورة النجم: 59.


(2) سورة الكهف: 82.


(3) أبو عبدالله وهب بن منبه. توفي سنة 124 هـ (طبقات الشعراني 1/40).


(1) يأخذ غيره بالظن السيئ فيحققه (يجعله حقيقة) ولا يبالي بأخطائه هو نفسه، مع تيقنه من تلبسه بها، ومن وقوعها منه.


(2) حاتم بن عنوان الأصم، زاهد من بلخ، توفي عام 237 هـ.


(3) يحيى بن معاذ الرازي أبو زكريا. كان يقيم في بلخ، ومات في نيسابور سنة 258 هـ.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالخميس مارس 13, 2008 5:51 pm


الحديث الخامس عشر
[ مرحباً بوصية رسول الله
صلى الله عليه وسلم ]

أخبرنا القاضي الإمام المُقري الشيخ علي أبو الفضل القرشي الواسطي بداره بواسط، قال: أنبأنا أبو إسماعيل عبدالله بن محمد الأنصاري، قال: أنبأنا أبو يعقوب، قال: أنبأنا زاهد بن أحمد، قال: أنبأنا محمد بن إبراهيم بن نيروز، قال: حدثنا المطلب بن شعيب بن عبدالله بن صالح، قال: حدثنا الهقل بن زياد، عن بكر ابن خنيس، قال: حدثني عاصم بن عبدالله النخعي، عن أبي هارون العبدي، قال: أتينا أبا سعيد الخدري رضي الله عنه فسألناه عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: " إنه سيأتيكم بعدي أناس من الآفاق يسألونكم عن حديثي وعن السُنَّة فاستوصوا بهم خيراً فكان إذا رآنا قال: مرحباً بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم(1).
هذا الحديث الشريف يجذب العارف إلى طلب حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم وسُنّته، ليكون محل نظره النبويّ، في بُحبوبة التوصية السارية في عوالم الله تعالى، وهل لباب المعرفة بالله، إلا الأخذ بحديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعمل بسُنته السُنية؟ وهذا القامع للنفس.
أي بُنَيّ، اعلم أن معرفة النفس، أحد أصول العبودية وقَلَّ مَن يعرفها، وعَزَّ وجود من يتمنى عرفانها، وما خلق الله تعالى في الدارين سِجناً أضيق على العارف، ولا أوحش ولا أنتن من النفس، فَمَن عرفها على التحقيق، وخالف أمرها "فكُلَّ أرضٍ له ثِغرٌ وطرسوس"(1)، ومن غفل عن معرفتها، فهو على خطرٍ عظيم، ولا يسلم من شرها، فإنَّ مَن لا يعرفها كيف يقوم بمخالفتها.
قال أحمد بن حرب: إني لأشتهي أن أموت ولو ساعة، حتى أعرف نفسي وأخالفها، قال محمد بن الفضل (2): من عرف نفسه لا يتنفس نَفَساً إلا بدوام جهدها، وكثرة عبادتها، ولا يغتر بصفاوة أوقاتها، وحسن أحوالها، ولطائف أنفاسها، وصِدق معاملتها، لما علم من غوامض آفاتها ومكرها وسوء طبعها وكمال شرها، وإني تفكرتُ في جميع عمري، ونظرتُ في شأن نفسي، فما رضيت في عمري من نفسي طرفةَ عين.
قال الأنطاكي(3) رحمه الله: مَن يعرف نفسه فهو مغرور، قال إبراهيم بن
أدهم(1) رحمه الله: خالطتُ الناس سبعين سنة، فما وجدتُ رجلاً إلا وهو راكب هواه، حتى أنه إن أخطأ أحبَّ أن يُخَطِّئ الناس كلهم، ولأن يُضرب ظهري بالسياط، أحب إليّ من أن يُقال أخطأ فلان المسلم، وقال إبراهيم التَّيمي(2): ما عرضتُ قولي على عملي إلا وجدته مكذوبا. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه كثيراً ما يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر نفسي. قال ذو النون: من نظر بعين المعرفة إلى سلطان ربه فَنِيَ عنه سلطانُ نفسه، ومن نظر إلى عظمة ربه صَغُرَت عنده عظمة نفسه، وقُهِرَت تحت جلال هيبته. وقيل لمالك بن دينار حين ماتت زوجته أم يحيى: لو تزوجت يا أبا يحيى، قال: لو استطعتُ لطلقتُ نفسي، ولو أن منادياً ينادي بباب المسجد: لِيخرج شرَّكم رجلاً، فو الله ما سبقني أحدٌ إلى الباب إلا رجل له فضل قوةٍ في السعي.
وقال أبو يزيد: قلت يا رب كيف الوصول إليك؟ قال: يا أبا يزيد دَعْ نفسَكَ وتعال.
لقي حكيمٌ حكيماً فقال: يا أخي إني لأحبك في الله، فقال: يا أخي والله لو علِمتَ مني ما أعلم من نفسي لَبَغِضْتني الحالة.
وكان بكر بن عبدالله المزني(3) ومطرف بن عبدالله(4) بالموقف، فقال مطرف: اللهم لا تردهم لأجلي، وقال بكر: ما أشرف هذه المواضع وأرجاها لولا أنا فيهم! اللهم لا تحبس المغفرة بشؤمي، ولا تردهم لأجلي.
وقال موسى بن القاسم(5) : وقع عندنا زلزلة وريح حمراء، فذهبت إلى محمد
ابن مقاتل، فقلت: يا أبا عبدالله ادعُ الله لنا فأنت إمامنا، فقال: ليتني لا أكون سبب هلاككم، فقال موسى بن القاسم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة في المنام فقال: إن الله دفع عنكم البلاء بدعاء ابن مقاتل.
وكان عطاء السلمي(1) يبكي كلما هبت ريح شديدة، ويقول: هذه من أجلي يصيب بها الخلائق، لو مات عطاء لاستراح الخلائق من بلائه، وكثيراً ما ينوح على نفسه، ويقول: يا عطاءُ لعلك أول مسحوب إلى النار وأنت غافل.
وكان الفضل(2) واقفاً بعرفات، فنظر إلى جميع الناس وقال: يا له من موقف ما أشرفه لولا أنا فيهم، ثم بكى ورفع رأسه وأخذ لحيته وقبض عليها وقال: يا سوأتاه على ما كان من نفسي، فإنها مغرورة وبالثناء مسرورة، وإن من غاية بلاء النفس، أن لو مات نصفها لم يصلح النصف الآخر.
وحُكي أن أبا يزيد البسطامي قال: نظرت في حال عبادتي فرأيتها مختلطة، ثم نظرت إلى نفسي وتركيبها، فإذا هي منسوبةٌ إلى كل بلاء، ورأيتها لا تخلو من الشرك، وعلمت أن الله تعالى لا يقبل الشرك، فقلت لها: يا مأوى كل شر، إلى كم يدعوك الله إلى توحيده ولا تنظرين إليه؟ فاشتد على قلبي غم هذا الإشراك، فعمدتُ وأعددتُ لها كانون الصياغة ثم سَعَّرْتُ فيه نار الحق، ووضعت فيه كير اللَّيْسية، ونصبتُ سندانَ الوحدانية، وضربتها بمِطرقة الأمر والنهي، وطال بي العناء، فلما نظرتُ إليها وجدتها مُشركة، فقلت: إنا لله وإنا إليه راجعون، إنها لا تنظف بالجفاء، فلعلها تنظف بالرفق واللين والمُداراة، فرددتها إلى بستان ذكر المِنَّة، ووضعتُ بين يديها رياحين رؤية اللطف والكرامات، وتروحت بمراوح التحنُّن والبر والإحسان، وطال مني العناء، فلما فتَّشتها وجدتها مُشركة، فقلت لها: يا مأوى
كل شر وبلاء، لا تصلحي بالجفاء ولا بالرفق، ثم رددتها إلى قصار الأحذية، ليضربها على حجر الفردانية، ويغسلها بماء صفوة الصمدانية، فلم يزل يضربها رجاء أن تنظف من الإشراك، وطال مني العناء، فلما نظرت إليها فإذا هي مُشركة، فقلت: إنا لله لعل صلاحها من وجه آخر، ثم أنزلتها بمنزلة امرأة مستحاضة، فلم أزل أنظر إليها كالمُتحيِّرِ المُضطر، وأنظر إلى بلائها حتى أيسْتُ منها، وعلمتُ أن لا يتأتّي مُرادي منها، فطلقتها ثلاثَ تطليقات وتركتُها، وصِرتُ وحدي إلى ربي، وناديته: يا عزيزي أدعوك دعاءَ مَن لم يبق له غيرك بالعتق من عبودية ما سواك، فلما علم الله تعالى صدق الدعاء مني، واليأس من نفسي، كان أول إجابة الدعاء أن أنساني نفسي بالكُلّية.
قال أبو سليمان(1): لو أن الخَلْق اجتمعوا على أن يضعوني كإيضاعي عند نفسي لم يقدروا على ذلك. طوبى لعبدٍ أطلعه الله على شر النفس، وعرف أصل خِلقتها، وأنواعَ عوارضها، ومَقْتَها ومَألفها، وقهرَها وحَقَّرَها، واتَّهمها وَوَضَعَها.



(1) ضعيف. وهو في الترمذي: العلم، باب ما جاء في الاستيصاء بمن طلب العلم 2652 عن أبي سعيد رضي الله عنه، وأوله: إن الناس لكم تبع، وإن رجالاً يأتونكم من أقطار الأرضين.. . الحديث، وابن ماجه: المقدمة باب الوصاة بطلبة العلم 249 وحلية الأولياء 9/273 وكنز العمال 29314 و 29275 و 29276 والترمذي 2653، وأوله: يأتيكم رجال من قبل المشرق يتعلمون.. وابن ماجه 247: سيأتيكم أقوام يطلبون العلم.. عن أبي سعيد رضي الله عنه و 248: " إنه سيأتيكم أقوام من بعدي.. عن أبي هريرة رضي الله عنه . وهو في شرف أصحاب الحديث للخطيب البغدادي 33 و 34 وفهرسة ابن خير 7 و 8 وتاريخ دمشق لابن عساكر 2/247 و 4/0250 ومصنف عبدالرزاق 466 وتاريخ بغداد للخطيب 14/387 وجمع الجوامع للسيوطي (البحوث) 5970 ومشكاة المصابيح للتبريزي 215 وتفسير القرطبي 20/101 والفقه والمتفقه للخطيب البغدادي (بيروت) 2/116 والسلسلة الصحيحة 280 ودلائل النبوة للبيهقي (الكتب العلمية) 6/54 (موسوعة أطراف الحديث 3/262 و 5/250 و 251) وحَسَّن السيوطي أحد طرقه (الجامع الصغير (الفكر) 2/56 رقم 4733).


(1) طرسوس: مدينة بثغور الشام بن أنطاكية وحلب وبلاد الروم، ويشقها نهر البرَدان [ معجم البلدان (صادر) 4/28] ومعنى: "كل أرض له ثغر وطرسوس" أنه كما ينبغي الانتباه إلى نقاط الثغور والمجابهة مع العدو (كطرسوس) وإيلاؤها عناية خاصة، ينبغي أن يولي كل امرئ جوانب الضعف في نفسه وميوله اهتماماً خاصاً، من مجاهدة ومراقبة وتقويم، ليسلم من شرها.


(2) محمد بن الفضل البلخي السمرقندي (ت 319 هـ).


(3) لعله أحمد بن عاصم الأنطاكي، أبو علي (القشيرية 62). أو أبو محمد عبداللطيف بن حنيف الأنطاكي [ الشعراني (الفكر) 1/83].


(1) إبراهيم بن أدهم بن منصور، من كورة بلخ، مات في جبلة سنة 162، وفيها قبره.


(2) قال الأعمش (سليمان بن مهران توفي سنة 148 هـ): قال لي إبراهيم التيمي: ما أكلت منذ أربعين ليلة إلا حبة عنب (جامع كرامات الأولياء للنبهاني 1/384).


(3) بكر بن عبدالله المزني: توفي سنة 108 هـ


(4) توفي مطرف بن عبدالله بن الشخير سنة 107 هـ.


(5) أبو العباس موسى بن القاسم بن مهدي توفي سنة 342.


(1) عطاء السلمي: انظر فيه طبقات الشعراني (الفكر) 1/47 وجامع كرامات الأولياء 2/304.


(2) الفضل بن احمد المهيني ت 440 هـ (جامع كرامات الأولياء 2/439).


(1) أبو سليمان الداراني: "عبدالرحمن بن عطية" منسوب إلى داريا بقرب دمشق. توفي سنة 215 (الشعراني 1/79).
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 14, 2008 11:46 am


الحديث السادس عشر

[ فضل الصحابة رضوان الله عليهم]

أخبرنا سيدنا فرد الوقت أبو المكارم الباز الأشهب الشيخ منصور الرباني البطايحي الأنصاري رضي الله عنه برواقه في بلدة نهر دقلا من واسط، قال: أنبأنا أبو عبدالله مالك بن أحمد بن علي الفرّا قراءة عليه، قال: أنبأنا أبو الحسن أحمد بن موسى بن الصلت، قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، قال: حدثنا عبيد ابن أسباط، عن أبي سفيان، عن عبدالملك بن عمير، عن ربعي، عن حذيفه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اقتدوا باللذَين من بعدي أبي بكر وعمر واهتدوا بهدي عمّار وتمسكوا بعهد ابن أم عبد"(1). فقد أمر عليه الصلاة والسلام بتصحيح القدوة بالشيخين العظيمين، سيدنا أبي بكر الصديق، وسيدنا عمر الفاروق رضي الله عنهما، وبالتحقق بالإهتداء بهدي عمار رضي الله عنه، فإنه مات على حب الصهر العظيم، الصنو الكريم، سيدنا علي رضي الله عنه، وأكد لزوم التمسك بالعهد، كما كان محافظاً عليه ابن أم عبد رضي الله عنه، وفي هذا حكمة الجمع بين حب الصحب والآل، سر يدركه العارفون الموفّقون.
وقد جعل صحة المتابعة له بإتباع الشيخين رضي الله عنهما، وحقيقة الاهتداء بهديه بموالاة الأمير رضي الله عنه، وجمع بين النكتتين بلزوم التمسك بالعهد، ومتى اقتدى العبد اهتدى، ومتى اهتدى تمسك بعهد الله، وهناك وقد عرف، وهل المعرفة بالله تعالى إلا هذا، فإن من اهتدى بهدي محمد صلى الله عليه وسلم واقتدى به، وتمسك بعهده، أقبل على الله، وأعرض عن غيره.
جاء في الخبر أن الله تعالى قال: " يا دنيا اخدمي مَن خدمني، واستخدمي مَن خدمك"(1) وليس من معالي الهمة الاشتغال بما فيه حظ النفس، وفي نَعْتِ النبي صلى الله عليه وسلم بعلوّ همته الشريفة (ما زاغ البصر وما طغى)(2) ولا يصل العبد إلى الله تعالى،
حتى يقطع مفاوز الدنيا وما فيها، ومن زهراتها ولذاتها، وراحاتها وشهواتها، ويجاوز أودية الخَلق وما منهم، من جميل معاشرتهم وثنائهم ومَحْمَدَتِهِم، وأن الله تعالى خلق جميع ذلك ابتلاءً لكل مَن أراد أن يصير مجرداً، حتى إن التفت إلى شيء منها صار مفتضحاً في دعواه، وغرق في أودية الحُسبان(1) والخُسران، فكم مستدرَجٍ بالنعم، محجوبِ عن الخَلق، غافل عن الصدق، جاهل بعرفان النفس، يصبح ويمسي على الحسبان، فيبدو له من ذي العرش ما لم يكن يحتسب؛ قال الله تعالى: [ وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون](2) وأن من معالي الهمة، ما قيل لأبي عبد الله: لو أعطاك الله تعالى الدنيا بجميع ما فيها، ماذا تفعل بها؟ فقال: لو أمكنني أن أجعلها لقمة، وأضعها في فم كافر لفعلت، قيل: ولم؟ قال: لأن الله تعالى يبغض الكافر والدنيا جميعاً، فأفعل ذلك ليقع البغيضُ إلى البغيض.
ثم حُكي من صدق ما ادعاه أن سلطان هراة (3) بعث إليه سبعة أوقار من الحنطة، وكان الشيخ يومئذ بهراة مع أصحابه، فأطعم الخادم منها أولياءه، فقال له أبو عبدالله: أطعم الباقي فقراء العامة فقال: لا يمكن، الأبواب مغلقة، فقال: اذهب به إلى المجوس الذين هم في جوارنا قال الخادم: فخشيتُ عقوبة الله تعالى في ترك أمره، فأعطيته المجوس، فجاؤوا بكرة إليه وقالوا: ما الحكمة في إعطائك إيانا ونحن مخالفوك؟ فقال: الدنيا عدو الله، والكافر عدو الله، ولا يقرب الحبيب من الحبيب حتى يبعد من عدوِّه، قال: فأسلموا جميعاً على يديه.
حُكي أن بعض المريدين كان يمشي في البادية، فحدثته نفسه ببعض حاجتها، فإذا هو على شط بئر، فرمى ركوته في البئر ليستقي الماء فخرجت له الركوةُ مملوءةً من الذهب، فرمى بها في البئر، وقال: يا عزيزي لا أريد غيرك.
قال عمار القرشي: كنت في البادية فأردت التلبية وكنت حاجاً، فأخذت منديل شيخ لي فقددته نصفين، واتزرت بنصفه، وارتديت بالآخر، فلم تزل نفسي تنازعني ببعض الحاجة، فإذا البادية كلها فضة، فمضيت وقلت: إلهي إني أعوذ بك من كل إرادة سواك.
قال عيسى عليه الصلاة والسلام: طوبى لرجلٍ ذَكَرَ الله، ولم يذكر إلا الله، وطوبى لرجل خشي الله، ولم يخشَ إلا الله، وطوبى لعبدٍ سأل الله، ولم يسأل إلا الله.
وحكي أن الإمام بن الإمام سيدنا زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهما، قال: كنت عند أبي عبدالله الحسين عليه السلام، أقرأ في بعض الكتب، وكان في يده سكين، فرأيت حرفاً خطأ، فقلت: ناولني السكين لأصلح هذا الحرف، فناولني فلما قضيتُ الحاجة رددته عليه، فقال لي: يا علي لا تعد إلى هذه مرة أخرى، فتقع إلى ذُلّ السؤال، وخساسة الهمة.
ورُوي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لثوبان رضي الله عنه: "يا ثوبان لا تسأل الناس"(1) فكان ثوبان ربما يسقط السوط من يده، فلا يقول لأحد ناولني إياه حتى ينزل ويرفعه.
وسأل رجل من سفيان رحمه الله كسرة فأعطاه ديناراً، فقيل له في ذلك فقال: إن كان لا يعرف هو قدر نفسه فلا أدع كرم نفسي، وإن كان هذا ترك الهمة فأنا لا أدع الجود، همم العارفين متصلة بمحبة الرحمن، وقلوبهم ناظرة إلى مواضع العز من العزيز، لا راحة لهم في دار الدنيا دون الخروج منها، وكان كثيراً ما يرى
حبيب العجمي(1) رضي الله عنه يوم التروية بالبصرة، ويوم عرفة بعرفات، فقيل له في ذلك فقال: هو أقل ما أطار إليه الهمةَ أهل الهمة.
ودخل علي كرم الله وجهه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أعرابياً في المسجد يقول: إلهي أريد منك شويهة(2)، ورأى أبا بكر الصديق في زاوية أخرى يقول: إلهي أريدك، فشتان ما بين الهمتين، فكلٌّ يطير بهمته، فإذا بلغ طيرانه إلى غاية همته وقف فلم يجاوزها قال الله تعالى: (قل كل يعمل على شاكلته)(3) أي على نيته وهمته.
وقيل لأبي يزيد: سمعنا أنك تمرُّ على الماء، وتطيرُ في الهواء، فقال: المؤمن أعزُّ على الله من السماوات السبع، فأي عجبٍ أن يبلغ مقام طير أو حوت، قُرئ بين يدي ابن المبارك (4) قوله تعالى: ( أولئك يسارعون في الخيرات)(5) فقال: ليس أنه يسبق بدنٌ بدناً، ولا عملٌ يسبقُ عملاً، ولكن هِمةٌ تسبق هِمّة، في جميع الخيرات والإرادات.
قال بعض العارفين: مساكينُ أهل الغفلة، يشتغلون بكثرة الأعمال، ويعظمونها ويفتخرون بها، ولو أن أهل المعرفة عملوا أعمال أهل السموات والأرض من الأزل إلى الأبد كان ذلك أصغر وأحقر في أعينهم من خردلة في السماء والأرض.
قال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تستكثروا طاعتكم، ولا تستقلوا ذنوبكم"(1) ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام كان يمر على شاطئ البحر، فقال إلهي قد اصطكت ركبتاي، وانحنى ظهري، حبيبي فما أنت صانع بي؟ فأمر الله تعالى ضفدعاً أن يجيبه، فقال يا بن عمران. أتَمُنُّ على ربك بعبادتك إياه، وقد اصطفاك وكلمك، وقربك وناجاك، فوالذي خلقني ويراني، إني على صخرة منذ ثلاثمائة وستين سنة، أسبحه ليلا ونهاراً لا أفتر منها لحظة، ومنذ ثلاثة أيام لم آكل، وكل ساعة ترتعد فرائصي من هيبته.
وقال أبو سعيد أبو الخير كنتُ في البادية فنالني جوعٌ شديد، فطالبتني نفسي أن أسأل الله طعاماً، فقال ليس هذا من دأب المتوكلين، فطالبتني أن أسأله اصطباراً، فلما هممت به ثانياً سمعت هاتفاً يقول:



أيجهلُ أننا منهُ قريبُ
يريدُ أبو سعيدَ سؤالَ صبرٍ



وأنّا لا نُضيِّعُ مَن أتانا
كأنّا لا نراهُ ولا يرانا




[/b]




(1) أحمد في المسند 23169 و 23312 وقال محققه: إسناده صحيح، ورواه رواية أخرى أولها: إني لست أدري ما قدر بقائي فيكم.. برقم 23279. والحاكم في المستدرك: معرفة الصحابة 3/75 عن حذيفة رضي الله عنه، وصححه ووافقه الذهبي في التلخيص. فالحديث صحيح. ولكن ثمة مقالات أسوقها للإطلاع، والتفصيل، مع تصحيحه. ففي الجامع الصغير 1/197 (برقم 1319) رواية: "اقتدوا باللذين من بعدي من أصحابي: أبي بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمّار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود" وهي من الترمذي عن ابن مسعود، والروياني عن حذيفة، وابن عدي في الكامل عن أنس. وقال السيوطي: حديث صحيح. وساق الحاكم هذه الرواية في المستدرك 3/76، وعقّب عليها الذهبي بأن سندها واه. ورواهٍ الطبراني =

=في الأوسط 3816 و 5503 و 5840 و 7177. وقال الهيثمي: "وفيه يحيى بن عبدالحميد الحمّاني وهو ضعيف" [ مجمع الزوائد (الفكر) 9/484 برقم 15606] وهو في كنز العمال 32657 و 33117 و 33679 وكشف الخفاء 1/181 برقم 482، وأسنى المطالب 46 وقال البيروتي فيه: "رواه أحمد والترمذي وحسّنه، وأعلّه أبو حاتم. وقال البزّار- كابن حزم-: لا يصح وفي رواية للترمذي – وحسّنها-:" واهتدوا بهدي عمار وتمسكوا بعهد ابن أم مسعود" وقال الهيثمي: سندها واه". ورواه الترمذي في المناقب، باب مناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما كليهما 3663 و 3664 وقال: حديث حسن. والحميدي 1/214 برقم 449 وابن ماجه: المقدمة، باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (فضل أبي بكر رضي الله عنه) 97 ورواه الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه مع اختلاف لفظ (مجمع الزوائد 9/40 برقم 14356). وابن أم عبدالله بن مسعود رضي الله عنه.
(1) في [ اللآلئ المصنوعة للسيوطي] وله شاهد: (يا دنيا، مري على أوليائي وأحبائي، لا تحلولي فتفتنيهم، وأكرمي من خدمني، وأتعبي من خدمك) موضوع. وله طريق آخر، ومدار الطريقين على الحسين بن داود، غير ثقة. [ ورواه] الصغاني: ( يا دنيا اخدمي من خدمني وأتعبي يا دنيا من خدمك" موضوع) [ تذكرة الموضوعات للفتني (محمد طاهر بن علي الهندي) – بيروت – ص 175]. ومري: بفتح الميم، من الباب الرابع، وهي مثل ملَّ يملّ، أي صيري مُرَّة (ذات مرارة) . ويجوز في مضارع خدَم ضمّ الدال وكسرها.
(2) سورة النجم: 17
(1) حُسبان: حساب، ويقال هو جمع حساب، مثل شهاب وشُهبان" [ نزهة القلوب في تفسير غريب القرآن العزيز للسجستاني (محمد بن عُزَيز) – دار المعرفة – ص 212.].
(2) سورة الزمر: 47.
(3) هراة: مدينة بخراسان.
(1) أحمد في المسند (حديث ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) 22285 و 22322 و 22266 وابن ماجه: الزكاة، باب كراهية المسألة 1837 والترغيب والترهيب للمنذري: الصدقات، الترهيب من المسألة، وتحريمها مع الغنى، رقم الحديث، 1200.
(1) أبو محمد حبيب الفارسي المعروف بالعجمي (جامع كرامات الأولياء 2/17).
(2) تصغير شيء: شويئ، أُنِّثَ وأُبدلت الهمزةُ ياء: شُوَيّة، ثم أبدلت الياء الثانية على غير قياس هاء.
(3) الإسراء: 84.
(4) عبد الله بن المبارك المروزي، أمير المؤمنين في الحديث، له كتابان مطبوعان: الزهد، والجهاد، مات سنة 181 هـ. وانظر إن شئت التفصيل كتاب شعر الفقهاء للمحقق (طبعته المكتبة العربية بحلب) ص 320 وما بعدها.
(5) المؤمنون: 61.
(1) أخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لن يُنجي أحداً منكم عمله، ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته.. " .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 14, 2008 11:56 am


الحديث السابع عشر

[ يدخلون الجنة بغير حساب]

أخبرنا شيخنا القاضي العدل الثقة المقري الإمام الشيخ علي أبو الفضل القرشي الواسطي رضي الله عنه، قال: أنبأنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري، قال: أنبأنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، قال: أنبأنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، قال: أنبأنا مالك بن الخليل أبو غسان، قال: أنبأنا ابن عدي، عن أشعث، عن الحسن، عن عمران بن حصين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفاً بغير حساب هم الذين لا يكتوون، ولا يسترقون، ولا يتطيرون، وعلى ربهم يتوكلون" (1).
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم التطيُّر المرتبة الثالثة، بعد ترك الاكتواء والاسترقاء، وهذه مرتبة الخُلَّص من أهل الانمحاق عنهم وعن كونهم في مراد الله تعالى رحمهم الله ما أقلهم في كل عهد، فإن رتبتهم التحقق بالتوكل على الله تعالى، توكلاً تنطوي فيه الأسباب والمرادات، وأولئك هم العارفون بالله حقا رضي الله عنهم.يا هذا لو أن العالم فريقان، فريق يروحني بمراوح من نَدّ(1)، وفريق يقرض جسمي بمقارض من نار، لا ازداد هؤلاء عندي ولا نقص هؤلاء، اعلم أن مَن عرف الله حق معرفته، تلاشت همته تحت سرور وحدانيته، ولا شيء من العرش إلى الثرى أعظم من سرور العارف بربه، والجنة بكل ما فيها في جنب سروره بربه أصغر من خردلة، لِما عَلِمَ أنه أكبر من كل كبير، وأعظم من كل عظيم، فمن وجده فأي شيء لا يجد، وبأي شيء يشتغل بعده، وهل رؤية غيره إلا من خساسة النفس، ودناءة الهمة، وقلة المعرفة به، وهل يكون لباسٌ أجملُ من لباس الإسلام، أو تاج أجلّ من تاج المعرفة، أو بساط أشرف من بساط الطاعة.
قال الله تعالى: ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فيلفرحوا)(2
قال إبراهيم بن أدهم في بعض مناجاته: إلهي إنك تعلم أن الجنة وما فيها لا تزن عندي جناح بعوضة بعدما وهبت لي معرفتك، وآنستني بك، وفرَّغتني للتفكر في عظمتك، ووعدتني النظر إلى وجهك، نعم إن أدنى منازل العارف أن الله تعالى لو أدخله النار، وأحاط به العذاب، لم يزدد قلبه إلا حباً وأنساً به وشوقاً إليه.
قال ابن سيرين(3) لو خُيِّرت بين الجنة وركعتين تخيَّرت الركعتين، لأن في الركعتين رضاء الله تعالى، والقرب منه، وفي الجنة هوى النفس، ومحبةُ الناس.
قيل: لما أُلقي الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام في النار و: (قالوا حرِّقوه وانصروا ءالهتكم) (1) قال: حسبي ربي ونعم الوكيل، نعم المولى ونعم النصير.
قال تعالى: ( يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم)(2.
وروي أن الله تعالى أوحى إليه: يا إبراهيم أنت خليلي وأنا خليلك، فلا تشغل قلبك بدوني فتنقطع الخُلَّةُ بينك وبيني، لأن الصادق في دعوى خُلَّتي: من إذا أُحرق بالنار لم يتحول قلبه عني إلى غيري إجلالاً لحُرمتي، وذَكَرَ الله تعالى ذلك في كتابه بقوله: ( إذا قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين)(3) فعرف صدقه في التسليم حتى أُلقي في النار.
قال أبو عبد الله بن مقاتل في مناجاته: إلهي لا تدخلني في النار فإنها تصير برداً علي من حبي لك. قال أيوب السختياني(4): إنما يخاف النار من نسي مولاه فيقال لهم: ( فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا)(5) مع ثواب أعماله.
قال أبو حفص (6): إني لأخاف على معرفة قوم يكون على جباههم مكتوباً "عتقاء الله" بعد إخراجهم منها، يسألون الله رفعَ تلك العلامة عنهم، ولو كنت أنا لسألته أ يكتب ذلك على جميع أعضائي، ويكفيني فخراً أني من عتقائه، وأنا أقول: إنما الحاصل للمريد في الجنة من الجنة هو الرب تعالى، وقربه ونظره، واستماع كلامه، أما ترى امرأة فرعون إذ قالت( رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة)(7) كما يقال: الجار قبل الدار. قال إبراهيم بن أدهم: إني لأستحي أن يكون غاية همتي
مخلوقاً، وقد قال الله تعالى لبعض أنبيائه: من أرادنا لم يرد سوانا.
قال بعض المشايخ: رأيت شاباً في المسجد الحرام، قد أثَّر فيه الضر والجوع، فأدركتني الرحمة عليه، وكان معي مائة دينار في صُرة، فدنوت منه وقلت: يا حبيبي اصرف هذا في بعض حوائجك، فلم يلتفت إليّ، فألححتُ عليه، فقال: يا شيخ هذه حالةٌ لا أبيعها بالجنة وما فيها، وهي دار الجلال ومعدن القرار والبقاء، فكيف أبيعها بثمنٍ بخس.
قال أبو موسى الدبيلي خادم أبي يزيد: سمعت شيخاً ببسطام يقول: رأيت في منامي كأن الله تعالى يقول: كلكم تطلبون مني، غير أبي يزيد فإنه يطلبني، ويريدني وأنا أريده.
قال أبو عبد الله: اتخِذِ اللهَ جليساً وأنيساً، والزم خدمة مولاك تأتك الدنيا وهي راغمة، وتطلبك الآخرة وهي عاشقة، وقال: يا طالب الدنيا دع الدنيا تطلبك، ويا طالب الآخرة، أو لم يكف بربك أنه على كل شيء قدير؟ قال أبو سعيد الخراز(1): كنت بالموقف، فهممتُ أن أسأل الله شيئاً فهتف بي هاتف: بعد الله تسأل غير الله.
وكتب رجل إلى أخ له: أما بعد فاضرب بالدنيا وجهَ عشاقها، وبالآخرة وجه طلابها، واستأنس برب العالمين، والسلام. قال أبو عبد الله النسّاج(2): لا تستكثر الجنة للمؤمن، فإنه قد وافى لله تعالى بما هو أكثر قدراً من الجنة وهو المعرفة.
وصلى رجلٌ من العارفين على جنازة فكبَّر خمساً، فقيل له في ذلك فقال: كبرت أربعاً على الميت، وواحدة على الدارين. وحكي أنه قرئ بين يدي أبي يزيد (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة)(3) قال: فأين من يريد المولى؟
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لأبي بكر الصديق رضي الله عنهما: يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بماذا بلغت هذه المنزلة حتى سبقتنا؟ فقال: بخمسة أشياء، أولها: وجدت الناس صنفين، طالب دنيا، وطالب عقبى، فكنت أنا طالب المولى، والثاني: منذ دخلت الإسلام ما شبعت من طعام الدنيا، والثالث: ما رويت من شراب الدنيا، والرابع: إذا استقبلني عملان، عمل للدنيا، والآخر للعقبى، اخترت عمل الآخرة على عمل الدنيا، والخامس: صحبت النبي عليه الصلاة والسلام، فأحسنتُ صحبته، فقال له عليّ: هنيئاً لك يا أبا بكر.




(1) صحيح. رواه مسلم في الإيمان، باب الدليل على دخول طوائف من المسلمين الجنة بغير حساب ولا عذاب، رقم 218 وحلية الأولياء ( عن خباب رضي الله عنه) [ كنز العمال (الرسالة) 5701] وعنه الطبراني في الكبير 18/169 و 183 ومسند أبي عوانة (بيروت) 1/87 وانظر كنز العمال 5699 و 5700. وأخرج الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن ربي أعطاني سبعين ألفاً من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" فقال عمر: يا رسول الله، فهلا استزدته؟ قال: " قد استزدته فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفا" قال عمر: فهلا استزدته؟ قال: " قد استزدته فأعطاني هكذا" وفرَّج عبد الله بن بكر (وهو أحد شيوخ ابن حنبل، وعنه روى هذا الحديث) بين يديه، وقال عبد الله: وبسط باعيه، وحثَا عبدالله. وقال هشام (بن حسان، وهو شيخ عبد الله بن بكر): وهذا من الله لا يُدرى ما عدده) [ مسند أحمد ( حديث عبدالرحمن بن أبي بكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) 1706] ورواه أحمد بن محمد البنا الدمياطي عن الإمام أحمد وعن البزار والطبراني وتحدث عن الأعمال الموجبة لذلك" [ الذخائر المهمات (مطبعة البهاء بحلب 1328 هـ = 1910م ) 215 ] وروى نحوهم الترمذي في صفة القيامة، باب: يدخل الجنة من هذه الأمة سبعون ألفاً دون حساب برقم 2439 وأحمد أيضا برقم 22204.

(1) الندّ: عُود الطِّيب.

(2) سورة يونس: 58.

(3) محمد بن سيرين البصري (33-110 هـ)

(1) سورة الأنبياء: 68.

(2) سورة الأنبياء: 69.

(3) سورة البقرة: 131.

(4) أيوب بن كيسان السختياني البصري، أبو بكر (ت 131 هـ).

(5) سورة السجدة: 14.

(6) أبو حفص: عمر بن مسلمة الحداد، مات سنة نيف وستين ومائتين.

(7) سورة التحريم: 11.

(1) أبو سعيد أحمد بن عيسى الخراز ( ت 277 هـ).

(2) محمد خير النساج (محمد بن إسماعيل) توفي سنة 322 هـ.

(3) سورة آل عمران: 152.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 21, 2008 11:43 am


الحديث الثامن عشر

[ أدبني ربي ]

أخبرنا ابن العم الولي الصالح السيد سيف الدين عثمان، قال: حدثني أبوك السيد علي بن يحيى الرفاعي صاحب المشهد المنوّر ببغداد، قال: حدثني ابن عمي السيد حسن بن عسلة، قال: حدثني النقيب الجليل السيد يحيى بن ثابت، قال: حدثني أبي السيد ثابت، عن أبيه السيد علي الحازم أبي الفوارس عن أبيه السيد أحمد ابن علي أبي الفضائل، عن أبيه السيد رفاعة الحسن المكي نزيل إشبيلية، عن أبيه السيد أبي القاسم محمد البغدادي نزيل مكة، عن أبيه السيد الحسن القاسم أبي موسى الرئيس، عن أبيه السيد الحسين عبدالرحمن الرضي المحدث القطيعي، عن أبيه السيد أحمد الأكبر، عن أبيه السيد موسى، عن أبيه الأمير الكبير السيد إبراهيم المرتضى، عن أخيه الإمام الأعظم قبلة أهل الباطن علي الرضا صاحب طوس، عن أبيه الإمام الشهيد موسى الكاظم، عن أبيه الإمام السعيد جعفر الصادق، عن أبيه الإمام محمد الباقر، عن أبيه الإمام زين العابدين علي السَّجّاد، عن أبيه الإمام المظلوم الشهيد السعيد الحسين صاحب كربلاء، عن أبيه أمير المؤمنين يعسوب نحل الموحدين الإمام علي كرم الله وجهه، عن ابن عمه سيد المخلوقين وحبيب رب العالمين نبينا ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أدبني ربي فأحسن تأديبي"(1) هذا الحديث الشريف مُلزم
بالتحقيق بآدابه صلى الله عليه وسلم، فإن مَن زلَّ عنها هوى ومَن فارقها ضلَّ وغوى، وبها تعرج هِمَمُ المقربين، وتُزهِرُ أسرارُ العارفين، ولا وجه يلتحق به العارف بربه إلا طريق الأدب المحمدي وسُلَّمُ كل هذا: الذكرُ المتواصل.
أي بني، اذكر الله تعالى، واعلم أن الله تعالى أعلى درجة الذكر، وعظَّم رُتبته، ورفع شأنه، وشرَّفه وفضَّله، ثم قسَّمه على اللسان والأركان والجَنان، فينبغي أن يكون الذاكرُ على حذر أن يلتفت إلى الذكر، ويكون شريف الهمة والإرادة، لطيف الفطنة في الإشارة، صحيح النية والإرادة، لا يريد بذكره غيره، ولا يلتمس منه فراغه عنه إلى ما دونه، لأن الوصول إلى الكل تحت الرضا به عن غيره، والحرمان من الكل تحت الاشتغال بغيره، ويجب على الذاكر أن يذكره على غاية من التعظيم والحُرمة، لا على العادة والغفلة، فيصير بذلك محجوباً عن المذكور، عقوبة لترك التعظيم والحُرمة، لأن حفظ الحرمة في الذكر، خير من الذكر، وما من عبد ذكره على التحقيق، إلا نسي في جنب ذكره ما سواه، وكان الله له عِوضاً من كل شيء، وربما يريد العارفُ أن يذكره فيهيج في سرِّه أمواج
التعظيم والهيبة، فيكلُّ لسانه ويطير فؤداه من إجلال الوحدانية، ثم يبدو له شعاع الشوق والمحبة من حجب القلب والألفة، فتنتهي همته إلى سرادقات الألوهية، وميادين الربوبية بإذن الله، فحينئذ يكشف له عما سُتر عن غيره من عجائب غيبه، ولطائف صُنعه، وكمال قدرته، وأنوار قدسه، فعند ذلك يعرف العبد أن الله تعالى يفعل ما يشاء بمن يشاء لمن يشاء متى يشاء كيف شاء، بيده المَنُّ والعطاء والإرادة، لا رادَّ لفضله، ولا مُعقِّب لحكمه، فيشتغل به، ويصير فانياً تحت بقائه، وهذا معنى ما رُوي في بعض الأخبار، أن الله تعالى قال في بعض الكتب: مَن يذكرني ولا ينساني حركتُ قلبه لمحبتي، إذا تكلم لي، وإذا سكت سكت لي(1)
قال الله تعالى: ( الذين ءامنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله)(2
وقال يحيى بن معاذ: الذكر أكبر من الجنة، لأن الذكر نصيب الله والجنة نصيب العبد، وفي الذكر رضاء الله، وفي الجنة رضاء العبيد، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: إن الله يتجلى للذاكرين عند الذكر وتلاوة القرآن، ولا يرونه لأنه أعز من أن يُرى، وأظهر من أن يخفى، فتفردوا بالله سبحانه، واستأنسوا بذكره، وما نزلت بأحد نازلةٍ إلا وفي كتاب الله لها دليل من الهدى والبيان.
قال أبو عبد الله النساج: إن لله تعالى في الدنيا جنة، من دخلها كان آمناً
طوبى لهم وحسن مآب)(1) قيل: ما هي ؟ قال: الأنس بذكره، قال الله تعالى في بعض كتبه: أوليائي وأحبائي تنعموا بذكري، واستأنسوا بي، فإني نعم الرب لكم في الدنيا والآخرة.
قيل لأبي بكر الواسطي(2) هل تشتهي طعاماً؟ قال: نعم، قيل: أي شيء؟ قال: لقمة من ذكر الله، بصفاء اليقين، على مائدة المعرفة، بأنامل حُسن الظن بالله، من جفنة الرضا عن الله سبحانه، وروي أن الله تعالى قال للخليل عليه الصلاة والسلام: أتدري لم اتخذتك خليلاً؟ قال: لا. قال: لأنك لا تُغفل قلبك عني، وعلى كل حالٍ لا أراك تنساني.لولا أنك أمرتنا بذكرك، فمَن كان يجتري أن يذكرك، إجلالاً وإعظاماً لك سبحانك؟ عجباً للذاكرين، كيف تثبت قلوبهم في أبدانهم عند ذكر عظمتك، وروي أن الله تعالى قال لموسى عليه الصلاة والسلام: يا موسى إني لم أقبل صلاة ولا ذكراً إلا ممن يتواضع لعظمتي، ويُلزم قلبه خوفي، ويقطع عمره بذكري، يا موسى إن مَثَله في الناس كمثل الفردوس في الجنان، لا يتغير طعمها، ولا يَيْبس ورقُها، فأجعلُ له عند الخوف أمناً، وعند الظلمة نوراً، وأجيبه قبل أن يدعوني، وأعطيه قبل أن يسألني، وروى كعب الأحبار(3) أن الله تعالى قال: من شغله ذكري عن مسـألتي أعطيه أفضل مما أعطي سائلي"(4).
وقال عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام: طوبى لمن ذكر الله، ولم يذكر إلا الله، وطوبى لمن يخشى الله ولم يخش إلا الله.
وروي أن يعقوب عليه الصلاة والسلام لما قال: يا أسفا على يوسف، أوحى الله تعالى إليه: إلى متى تذكرُ يوسف، أيوسف خلقك أو رزقك، أو أعطاك النبوة، فبعزتي لو كنت ذكرتني، واشتغلتَ بي عن ذكر غيري، لفرَّجتُ عنك من ساعتك فعلم يعقوب أنه مخطئ في ذكره يوسف، فأمسك لسانه عن ذكره.
وقالت رابعة البصرية رضي الله عنها: ما أوحش الساعة التي لا أذكرك فيها.
وقال موسى عليه الصلاة والسلام ذات يوم: إلهي أقريبٌ أنت فأناجيك، أم بعيد فأناديك(1) ، فقال الله تعالى: أنا جليس لمن ذكرني، وقريبٌ ممن أنس بي، أقربُ إليه من حبل الوريد(2).
قيل لذي النون: متى يكون ذكر الله للعبد صافياً؟ قال: إذا كان به عارفاً، وممن دونه متبرئاً. قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ذكر الله طعام الروح، والثناء عليه شراب الروح، والحياء منه لباس الروح، وما تلذذ المتلذذون بمثل ذكره، وما تنعم المتنعمون بمثل أنسه.
إن الله تعالى قال في الكتب: "مَن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ، ومن ذكرني من حيث هو، ذكرته من حيث أنا
وقال: إن الخلائق صاحوا من إبليس، وإن إبليس صاح من الذاكرين، وتلا (إن الذين اتقوا إذا مسهم طائفٌ من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون)(2). قال ابن عباس رضي الله عنهما: ما من مؤمن إلا وعلى قلبه شيطان، إذا ذكر الله خنس(3)، وإذا نسي الله وسوس، ذِكرُ الله شفاءٌ لا يضر معه داء، وذكر الناس داء لا ينفع مع دواء، فاجعل ذكر الله قِبلة همك(4)، وإضاءة مسجد فكرتك، واعلم أن حقيقة الاستئناس بذكر الحبيب هو نسيان غيره.
من شغله ذكر الله تعالى فَنِيَ عن ذكر ما سواه، وصار مدهوشاً تحت لطائف صنعه، وتلاشت كُليته تحت جمال حسن غايته، واستغرق في بحار ذكر امتنانه:


للناس عيدان معدودان في سنةٍ
فالذكرُ عادتُهُ، والحمدُ راحتُهُ



وللمريدِ جميعُ العصرِ أعيادُ
والقلبُ في ملكوتِ الربِّ أوّادُ
(5)



[/b]



(1)ضعيف. رواه الشوكاني في الفوائد المجموعة ( السنة المحمدية) 327 والفتني الهندي في تذكرة الموضوعات 87 وقال: سنده ضعيف، وأخرجه ابن السمعاني في أدب الإملاء عن ابن مسعود رضي الله عنه (بسند منقطع ) كنز 31895) وقال محقق الكنز: قال المناوي في الفيض 1/224: إسناده ضعيف. وأخرجه ابن عساكر بلفظ: "أدبني ربي ونشأتُ في بني سعد" [كنز العمال 32024 ].
(1)روى الدارقطني في الأفراد وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه: " قال موسى: يا رب وددتُ أن أعلم من تحب من عبادك فأحبه" . قال: " إذا رأيت عبدي يكثر ذكري فأنا أذنت له في ذلك وأنا أحبه..." الحديث [ كنز العمال 1870] وفي حديث مرسل رواه أبو نعيم عن الحسن البصري يقول الله عزَّ وجل: " إذا كان الغالب على العبد الاشتغال بي جعلت بغيته ولذته في ذكري، فإذا جعلت بغيته ولذته في ذكري عشقني وعشقته، فإذا عشقني وعشقته رفعت الحجاب فيما بيني وبينه، وصيَّرتُ ذلك تغالباً عليه، لا يسهو إذا سها الناس.. [ كنز العمال 1872].
(2) الرعد: 28.
(1) الرعد : 29.
(2) أبو بكر محمد بن موسى الواسطي، كان يستوطن كورة مرو ومات بها بعد 320 هـ.
(3) كعب بن مانع الحميري: تابعي توفي سنة 32 هـ عن مئة وأربع سنوات. أسلم في عهد أبي بكر رضي الله عنه.
(4) البخاري في خلق أفعال العباد، وابن شاهين في الترغيب في الذكر، وأبو نعيم في المعرفة، والبيهقي في شعب الإيمان (عن ابن عمر رضي الله عنهما) وعبد الرزاق في الجامع ( عن جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما) ورواه ابن أبي شيبة عن عمرو بن مُرَّة مرسلاً [ كنز العمال ( الرسالة) 1/434 الحديثان 1874 و 1875].
(1) وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: الدعاء هو العبادة. وقرأ. (ادعوني أستجب لكم، إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) [ غافر 60] فقال أصحابه: أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزلت: (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان) [ البقرة: 176] [ جامع الأصول (دار الفكر) 2/24 ( التفسير – تفسير سورة البقرة) 2/24].
(2) حبل الوريد: عرق في العنق، يضرب به المثل في القرب.
(1) الطبراني في الكبير عن أبي عباس وعن معاذ بن أنس رضوان الله عليهم [ كنز العمال 1866 و 1867 ] وابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه [ كنز 1868] ولفظه فيه قال الله تعالى: من يذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، ومن ذكرني في ملأ من الناس ذكرته في ملأ أكثر منهم وأطيب.
(2) الأعراف 201.
(3) خنس: تراجع وذهب.
(4) همّك: اهتمامك.
(5) أوّاد: معطوف، ومن آد يؤود إذا انثنى وعطف.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة مارس 28, 2008 7:32 pm

الحديث التاسع عشر
[ حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام]

أخبرنا الفقيه الصالح بندار بن بختيار الواسطي، قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن أحمد المهدي الهاشمي، قال أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن محمد، قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبدالله الضبي، قال أنبأنا سليمان بن أحمد، قال: أنبأنا إدريس بن جعفر العطار، قال: أنبأنا يزيد بن هارون بن محمد، عن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة ابن عبدالرحمن، عن عبدالله بن عمرو، قال: دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فقال: " يا عبدالله بن عمرو، ألم أخبر أنك تكلّف قيام الليل وصيام النهار؟ قلت: إني أفعل، قال: " إن حسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، الحسنة بعشر أمثالها، فكأنك صمت الدهر كله"(1).ففي هذا الحديث الشريف أسرار، منها البشارة بتواصل نور الأعمال، وبنور الأعمال من دون انقطاع، وإن تباعدت الأوقات، ومنها مضاعفة ثواب العمل لهذه الأمة، الحسنة بعشر أمثالها، لتنشط قلوبهم لعمل الخير، ومنها الأمر بعدم التكلف، الذي يُفضي بالعبد إلى السأم والملل، ومنها لزوم التذكر، حتى لا تطمّ القلوبَ الغفلةُ، ومنها الإيمان القطعي بوعد الله وحسن كرمه، وكل هذه الخصال خصال العارفين، الذين انقطعوا عن كل الهموم الدنيوية والأخروية، وصار همهم ربهم ومن كان همه ربه فلا هم له.قال يحيى بن معاذ في مناجاته: إلهي إن عرفتك فأنت الذي قد هديتني، وإن طلبتُكَ فأنت الذي أردتني، وإن أجبتك فأنت الذي اخترتني، وإن أطعتك فأنت الذي وفقتني، وإن أنبت إليك فأنت الذي آويتني، وإن الله تعالى لا يَكِلُ العارفين إلى أنفسهم، ولا إلى طاعاتهم، ولا إلى ذكرهم، بفضله ورحمته، بل يكلؤهم بأكاليل شفقته، ويمطر عليهم أمطار رحمته، من سحائب فضله وعنايته.ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: يا رب كيف لي أن أؤدي شكر نعمك، ولك عليّ في كل شعرة نعمتان؟ فقال له: يا موسى، إذا عرفتَ أنك عاجز عن شكري فقد شكرتني، وقيل: إن الله تعالى أوحى إلى داود عليه الصلاة والسلام: اشكر نعمتي عليك. فقال: إلهي كيف لي أن أشكرك وشكري لك على النعم أعظم نعمة علي؟ فأوحى الله تعالى إليه: إذا علمت ذلك فأنت أشكر العباد لي.
وقال محمد بن السمّاك(1) اذكُر مَن كان ذكره لك قبل ذكرك، وحبه قبل حبك، وما ذكرته إلا بذكره لك، وما أحببته إلا بحبه لك. وقال أبو بكر الواسطي: من نسى ذكر الله تعالى كان مستدرجاً.
واعلم أن أدنى أوصاف العارف، عيش القلب مع الله بلا علاقة، وذلك من ذكر الله إياه، وذلك بيِّنٌ في قول الله تعالى (ولذكر الله أكبر)(2)
وقيل في قوله تعالى: ( وقليلٌ من عبادي الشكور)(3)، أي قليل من يرى مِنَّتي عليه عند شكره لي.

ورُوي أن موسى عليه الصلاة والسلام قال: إلهي كيف استطاع آدم أن يشكر نعمتك، إذ خلقته بيديك، ونفخت فيه من روحك، وأسكنته جنتك، وأمرت
الملائكة فسجدوا له؟ فقال الله: يا موسى، علم آدم ذلك مني فحمدني عليه.
فمن أطاعه فبتوفيقه أطاعه فله المنة، ومن عصاه فبمقدوره عصاه، فله الحجة عليه، فقد سبق فضله لمن أطاعه قبل طاعته، وقد سبق عدله لمن عصاه قبل معصيته إياه، لأنه الفعّال لما يريد.
وروي أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام قال: إلهي لولا أنت كيف كنت أعرف مَن أنت؟ وقيل لأبي عبدالله: ما لنا نحب المدح والثناء؟ فقال: لنسيان امتنان الله عليكم، وحسن عنايته التي سبقت منه لكم، فمن نسي المنة، وجحد النعمة، قُلبت له النعمة نقمة.
يا بنيّ، إن الله تعالى أعطاك المعرفة، ووفّقك لطاعته من غير إحسان سبق منك، ومن غير شفاعة كانت لأجلك، فينبغي أن تشتغل بذكره وخدمته، من غير طلب عِوَض ومكافأة منه، فأهل الذكر أصناف مختلفة، فمنهم مَن يذكر على جهة مِنّة الإسلام، ومنهم على جهة السُنة والجماعة، ومنهم مَن يذكره على جهة منة ذكره، حتى يصير قلبه والهاً(1)، ولسانه كليلاً، وعقله هائماً ويصير في عظمته مبهوتاً، ويتيه في كرمه، ويُدهَش في محبته، لما علم أن الأعمال لا تقوم إلا به، والذكر على جهتين، ذكر يتولد منه الخوف والخشية، وذكر يتولد منه الشوق والمحبة، فأما ما يُنتج الخوف والخشية، فهو ذكر مَن يذكر الله مع نفسه، ويرى ذكر الله له سبب ذكر الله تعالى، ويعلم أنه بذكر الله يصل إلى ذكره إياه، وأما الأخر فهو الذكر الذي تذكّر ذكر الله له في الأزل، حيث لم يكن موجوداً، إلى أن يصير في الدنيا مفقوداً، ثم إلى الأبد، فوجد ذكر الله له سابقاً أزلياً، خالداً أبدياً، وذكره مكدراً بالشهوات، ممزوجاً بالغفلات، فشتان بين من يدخل على الله برؤية ذكره، وبين من يدخل على الله برؤية فضله ومنته، واعلم أن ذكر العبد لله تعالى، في إضافة ذكر الله للعبد، كالغبار تحت الأمطار.


بذكرِكَ تحيا مُهجتي يا مؤمِّلي
مننتَ بطَولٍ
(1) لا أقومُ بشكرِهِ


وذكرُكَ لي من قبل ذكريَ أكبرُ
فأيَّ أياديكَ الجزيلة أشكُرُ؟
(2)

[/b]

(1) صحيح. رواه أحمد في مسنده (مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبيصلى الله عليه وسلم) برقم 6878، وزاد عبارة: " ولا أقول افعل" فروايته: " إن حسبك- ولا أقول أفعل – أن تصوم من كل شهر.. الحديث. وهو في البخاري الصوم، باب صوم الدهر، رقم 1875، ومسلم: الصيام، باب النهي عن صوم الدهر 1159.
(1) ابو العباس محمد بن السماك، مات بالكوفة سنة ثلاث وثمانين ومائة (الطبقات الكبري للشعراني (الفكر) 1/61].
(2) سورة العنكبوت: 45.
(3) سورة سبأ: 13.
(1) وله (بفتح اللام) حار من شدة الوجد.
(1) طول (بفتح الطاء) فضل.
(2) أياديك: نعمك.[/center]
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
almosly

almosly


ذكر
عدد الرسائل : 293
تاريخ التسجيل : 19/08/2007

حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Empty
مُساهمةموضوع: رد: حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي   حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي Emptyالجمعة أبريل 11, 2008 9:56 am


الحديث العشرون
[ السُّنَنُ الرواتب]

أخبرنا الشيخ الحجة الثقة العارف أبو بكر بن يحيى النجاري الأنصاري الواسطي، قال أنبأنا أبو القسم طلحة الكتاني، قال: أنبأنا أبو الحسين أحمد بن عثمان الآدمي، قال: حدثنا أحمد بن ماهان السمسار، قال أنبأنا عبد الرحمن بن مهدي، عن شعبة، عن النعمان بن سالم، قال: سمعت عمر بن أوس يحدث عتبة بن أبي سفيان، عن أم حبيبة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مَن صلى اثنتي عشرة ركعة تطوعاً كل يوم غير الفريضة بنى الله له بيتاً في الجنة"(1).
هذا الحديث الشريف يحث على ملازمة النوافل، فإنها من المقربات إلى الله تعالى، وهي زاد العارفين في طريقهم إليه سبحانه، وشأن المتجردين لجنابه جلَّت قدرته.
أي بني، اعلم أن مَن تجرد بسِرِّهِ عن الكُل، وتفرَّد بسر السر الفَرد، كشف له الغطاء، واستبانت له البراهين، عند مشاهدة نور الحق سبحانه، وهنالك يسقيه الله بكأس محبته، حتى يُسكره به عن غيره ويُزيل عنه التعب والنَصَب، ويصير سكوته ذكراً، وأنفاسه تسبيحاً، وكلامه تقديساً، ونومه صلاة، ولا يزال العبد يركب بسره مركب المعرفة، حتى يتصل بالمعروف، فإذا اتصل بالمعروف، بقي معه إلى الأبد، من غير أن يلتفت منه إلى ما سواه، واعلم أن مَثَلَ القلب كالقصر، والمعرفة فيه كالسلطان، والعقلُ أميرٌ على الأركان، له تبعٌ وأعوان، واللسان كالترجمان، والسر من خزائن الرحمن، ولا بد لكل واحد منها من الاستقامة في مواضعه، ودوران كلها على استقامة السر مع الحق، فإذا استقام السر استقامت المعرفة، فيستقيم العقل، وإذا استقام العقل، استقام القلب، وإذا استقام القلب، استقامت النفس، وإذا استقامت النفس، استقامت الأحوال، فالسر مُنَوَّرٌ بنور الجمال والجلال، والعقل منوَّر بنور اليقظة والاعتبار، والقلب منوَّر بنور الخشية والأفكار، والنفس منورة بنور الرياضة والانزجار، فالسر بحر من بحور العطايا، وأمواج الهمة فيه لا يُحصى عددها، ولا ينقطع مددها، وإن استقامة السر مع الحق، هي الدوام على بساط المشاهدة، مع فقد رؤية الاستقامة، واعلم أن صراط الاستقامة السُّرادق، من صراط الآخرة، والمرورُ على جسرها أصعب من المرور على جسر الآخرة، وأن عالم الأسرار غيور، لا يحب أن يكون في قلب العبد حب أو ذِكر لغيره، قال الله تعالى في بعض كتبه: " إذا كان الغالب على عبدي الاشتغال بي، جعلت لذته وهمته في محبتي، ورفعت الحجاب فيما بيني وبينه"(1) ودخل رجلٌ على سري السقطي (2) رضي الله عنه فقال له: أي شيء أقرب إلى الله، ليتقرب به العبد إلى الله؟
فبكى السري، فقال: أمثلك يسأل عن هذا؟ إن أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله سبحانه، أن يطلع الله على قلبك وأنت لا تريد من الدارين غيره.
وقال إبراهيم بن أدهم: غاية همتي ومرادي من الله تعالى، أن يجعل لي الميل إليه، فلا أرى شيئاً دونه، ولا أشتغل بأحد سواه، ثم لا أبالي إلى التراب صيَّرني، أم إلى العدم رجعني. وقيل لإبراهيم عليه الصلاة والسلام: بأي شيء وجدت الخُلة؟ فقال: بانقطاعي إلى ربي، واختياري إياه على ما سواه، وبأني ما أكلتُ قط إلا مع الضيف.
وقالت رابعة البصرية: إلهي همتي ومرادي في الدنيا من الدنيا ذكرك، وفي الآخرة من الآخرة رؤيتك، ثم افعل بينهما ما شئتَ. وقال أبو يزيد البسطامي: رفعتُ السر إلى مواصلة الحق، فطار بأجنحة المعرفة، بنور الفطنة، في هواء الوحدانية، فاستقبلتهُ النفس وقالت: أين تذهب، أنا نفسُكَ، لا بد لك مني، فلم يلتفت السر إليها، ثم استقبلهُ الخَلقُ، وقالوا أين تذهب؛ نحن رفقاؤك وندماؤك، ولابد لك منا ومن معاونتنا إياك، فلم يلتفت إليهم، ثم استقبلته الجنة بكل ما فيها، وقالت: أين تذهب؟ فإني لك، ولابد لك مني؟ فلم يلتفت إليها، ثم استقبلته العطايا والمواهب والكرامات كذلك، حتى جاوز المملكة، وبلغ سُرادقات الفردانية، وجاوز الكلية والأنانية حتى وصل إلى الحق، وهو المطلوب. وروي أن موسى عليه الصلاة والسلام قال في بعض مناجاته: يا رب عجبتُ ممن يجدك ثم يرجع عنك. فقال الله تعالى: يا موسى، إن مَن وجدني لا يرجع عني، وما رجع من رجع إلا عن الطريق.
وقال أبو العباس بن عطاء (1) متى ظهرت على عبدٍ الآخرة، فنِيَت في جنبها الدنيا، وبقي العبد مع دار البقاء، ومتى ظهرت على العبد مشاهدةُ الحق تعالى، فني
عنده ما دون الحق، وبقي العبد مع الحق.
وقال رجل لأبي يزيد: بلغني أن عندك اسم الله الأعظم، أُحِب أن تعلمني ذلك، فقال أبو يزيد: ليس لاسم الله حدٌّ محدود، ولكنه فراغُ قلبك لوحدانيته، وترك الالتفات منه إلى غيره، فإذا كنتَ كذلك، فخذ أي اسمٍ شئت تسير به من المشرق إلى المغرب في ساعةٍ ثم تجيء.
قال ذو النون: كنتُ حاجاً فإذا بشاب يقول: إلهي قد اجتمع وفدُك، وأنت أعلم، فما أنتَ صانعٌ بهم؟ فسمعتُ صوتاً يقول: وفدي كثير، وطلاّبي قليل وسئل بعضهم: كم بين الحق والعبد؟ قال: أربعة أقدام، يرفع قدماً من الدنيا، وقدماً من الخَلق، وقدماً من النفس، وقدماً من الآخرة، فإذا هو. ثم قال السري: مَن قام على طاعة الله بغير علاقة، سقاه الله شَربةً من عين محبته، وبلِّغهُ إلى مقعد صدق.
قال علي رضي الله عنه: العارف إذا خرج من الدنيا لم يجده السائق ولا الشهيد في القيامة، ولا رضوان في الجنة، ولا مالك النار في النار. قيل: وأين يوجد؟ قال: في مقعد صدق عند مليك مقتدر، إذا قام من قبره لا يقول: أين أهلي وولدي، ولا أين جبريل وميكائيل والجنة والثواب، ولكن يقول أين حبيبي وأنيسي.


قلوب العارفين لها عيونٌ
وألسنةٌ بسِرٍّ قد تناجي
وأجنحةٌ تطيرُ بغير ريشٍ
فترعى في رياض القُدسِ طوراً
عبادٌ قاصدون إليه حتى



ترى ما لا يراهُ الناظرونا
تدقُّ عن الكرامِ الكاتبينا
فتأوي عِندَ رب العالمينا
وتشربُ من بحار المرسَلينا
دنوا منه وصاروا واصلينا






(1) صحيح. رواه أحمد في المسند 10410 (مسند أبي هريرةرضي الله عنه) و 26653 و 26654 (مسند أم حبيبة رضي الله عنها) ومسلم: صلاة المسافرين، باب فضل السنن الراتبة 728 والنسائي: قيام الليل، باب ثواب من صلى في اليوم والليلة ثنتي عشرة ركعة سوى المكتوبة 3/264 و 261 وأبو داود: الصلاة، باب تفريع أبواب التطوع 1250 والترمذي: الصلاة باب ما جاء فيمن صلى في يوم وليلة اثنتي عشرة ركعة من السنة، رقم 414 و 415، وقال في الحديث الأخير: حسن صحيح. وابن ماجه في إقامة الصلاة، باب ما جاء في ثنتي عشرة ركعة من السنة 1140- 1142 والهيثمي في موارد الظمآن (الرسالة) 614 والحاكم في المستدرك: صلاة التطوع 1/311. وأم حبيبة هي السيدة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، أم المؤمنين، وجُلَّ روايات هذا الحديث عنها، وبعضها عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أو عن أبي هريرة أو ابن عمر أو أبي موسى رضوان الله عليهم.

(1) أخرجه أبو نعيم في الحلية مرسلاً عن الحسن البصري (كنز 1872).

(2) سري بن المغلس السقطي البغدادي، خال الجنيد توفي سنة 253 هـ.

(1) أحمد بن محمد بن سهل الأدمي، أبو العباس، توفي سنة 309 هـ أو 311.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
حالة أهل الحقيقة مع الله لمولانا الرفاعي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» لكل محب لمولانا رسول الله صلى الله عليه به, وفي ظني أن الدهر ما أراكم مثلها
» المولد الكبير لمولانا رضي الله عنه
» ميمية السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه
» مولد سيدنا الإمام الرفاعي رضي الله عنه
» صلاة رفاعية .. لسيدي أحمد الرفاعي قدس الله سره

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة المنتديات :: تجليات وتراتيل صوفية-
انتقل الى: