محمد و أحمد ابنا أبي الورد
و منهم محمد و أحمدُ ابنا أبي الوَرْد.
و هما من كبار مشايخ العِراقِيِّين و جِلَّتهم.
و كانا من جُلَساء الجُنَيْد و أقرانِه.
صحبا سَرِيًّا السَّقَطِيَّ، و أبا الفَتْح الحَمَّال،
و حارثاً المُحاسِبِيَّ، و بِشْراً الحافيَ.
و طريقتُهما في الوَرَعِ قريبةٌ من طريقة بِشْر.
و أسند محمد الحديثَ:
1 - أخبرنا سَعيدُ بن القاسم بن العلاء البَرْذَعِيَّ، قال: حدثنا أبو طَلْحة، أحمدُ بنُ عبد الكريم، القاريءُ بالبَصْرة، قال: سمعتُ بن أبي الوَرْد، قال: سمعتُ بِشْر بن الحارث، يقول: حدثنا المعافي بنُ عِمْران؛ عن اسرائيل؛ عن مُسْلِم؛ عن حَبَّة؛ عن علي بن أبي طالب، قال:
قال رسول الله، صلى الله عليه و سلم:
(يَا عَلِيُّ!. كُلْ الثَّوْمَ نِيًّا، فَلَوْلاَ أَنَّ الْمَلَكَ يَأتِيِني لاَكَلْتُه).
* * * 2 - سمعتَ أبا الفَرَج الوَرْثَانِيَّ، عبد الواحد بن بكْر، يقول:
سمعتُ أبا العَبَّاس الدِّمَشْقِي، يقول: سمعتُ الجُنَيْد، يقول:
سمعتُ محمد بن أبي الوَرْد يقول:
في ارتفاع الغَفْلة ارتفاعُ العبوديَّة.
ثم الغَفْلة غَفْلتان: غفلةُ رحمةٍ، و غفلةُ نِقْمة.
فأما التي هي رَحْمة، فلو كُشِف الغِطاء، و شَهِد القومُ العظَمة، ما انقطعوا عن العُبوديَّة، و مُراعاة السِّر.
و أما الَّتِي هي نِقْمة فهي الغَفْلة التي تَشْغلُ العَبْدَ عن طاعةِ الله بمَعْصيته.
3 - سمعتُ مَنْصور بن عبد الله، يقول: سمعتُ جعفراً الخُلْدي،
يقول: قال أحمد بن أبي الورد:
بَسَط بِساط المجد للأولياء، ليأنسوا به،
و ليرفَع عنهم حِشْمة بَديهة المشاهدة؛
و بِساطَ الهَيْبة بسطَ للأعداء،
ليستوحِشوا من قبائح أفعالهم،
فلا يشاهدوا ما يَسْتَروِحون منه إليه في المشهد الأعلى .
4 - و بهذا الأسناد، سمعتُ أحمد بن أبي الوَرْد يقول:
وصل القوم بخمس: بلُزوم الباب، و تَرْك الخِلاف،
و النَّفَاذِ في الخِدْمة، و الصبر على المصائب، و صِيانَةِ الكرامات .
* * * 5 - وبهذا الأسناد، سمعتُ محمدَ بن أبى الوَرْد،
وسُئِل: مَن الوَلِىُّ؟ .فقال: من يُوالِى أولياءَ الله ويُعادى أعداءَه .
6 - وبهذا الأسناد، قال محمد بنُ أبى الورد:
من كانت نَفْسه لا تُحبُّ الدُّنيا فأهل الارْض يُحِبُّونه.
ومن كان قلبُه لا يُحِبُّ الدنيا فأهل السماء يحبونه .
7 - وبهذا الأسناد،
سمعتُ أحمد بن أبى الوَرْد يقول
:إذا زاد الله فى الَولِىِّ ثلاثة أشياء زاد منه ثلاثة أشياء:
إذا زاد جاهُه زاد تواضُعه؛وإذا زاد مالُه زاد سخاؤه؛
وإذا زاد عُمْره زاد اجتهاد .
8 - وبهذا الأسناد،سمعتُ محمد بن أبى الوَرْد،
وسُئِل عن قوله تعالى:(أَفَمَنْ زُيِّنَ لُهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً)
.فقال: مَن ظَنَّ فى إساءَتِه أنه مُحْسن .
9 - وبهذا الأسناد، سمعتُ أحمد بنَ ابى الوَرْد يقول:
العالم كلُّه فى حاشيةٍ من حواشى المُلْك،والمُلْك فى ناحيةِ .
10 - وبهذا الأسناد،سمعتُ محمدَ بن أبى الوَرْد يقول:
طَرْح الدنيا إلى من أَقْبل عليها،والأعراضُ عنها،
وعَّمن أقبل عليها، من عَمَل الأكياس .
11 - وبهذا الأسناد،سمعتُ بن أبى الوَرْد، يقول:
من آداب الفقير فى فَقْره تركُ الملاَمةِ،والتعبير لمن ابتُلِى بِطَلب الدُّنيا،والرحمةُّ والشفقةُ عليه،والدُّعاء له، ليُرِيحَه الله من تَعَبِه فيها .
12 - أخبرنا علىُّ بن أحمد بن واصل، قال:
حدثنا عبدُ الخالقِ بنُ الحسن البَغَوِىُّ،قال حدثنا محمدُ بن هارون الهاشمى،قال:حدثنا محمدُ بن أبى الوَرْد، قال سمعتُ بشْر ينَ الحارث، يقول
:رحَلتُ إلى عيسى بنِ يونس على قدَمَىَّ ماشياً،فأكرمنى وأدنانى،
وقال لى:ماالذى أَقْدَمَك؟.
قلت:أحبَبْتُ لقاءَك، والنظرَ إليك.فبكى،
وقال:ياأخى! ومَن أنا؟! وأىُّ شىء أُحْسِن أنا؟!
ثم قال:معك شىء تَسْأل؟
فقلت حَدِّثْنى حديث عبد الله بن عِرَاك بن مالك
وحديث الحسن عن عائشة أم المؤمنين
.فقال عيسى:نعم! حدثنا عبد الله ابن عراك بن مالك؛عن أبيه؛
عن أبى هريرة رضى الله عنه،
قال:قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:
(لَيْسَ عَلَى الْمُسْلِمِ فِى عَبْدِهِ وَلاَ فِى فَرَسِهِ صَدَقَةٌ).
ثم قال عيسى:وحدثَنا عمرو بن عبيد المحدِّث المذموم عن الحسن؛عن عائشة، أنها قالت:
(يَا رَسُولَ اللهِ! هَلْ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ
قَالَ:نَعَمْ جِهَادٌ بِلاَ قِتَالٍ:الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ)
.الكتاب : طبقات الصوفية
المؤلف : أبو عبد الرحمن السلمي
مصدر الكتاب : موقع الوراق