كانت الكلمات تخرج من فمه قوية ، صادعة ، جامعة ، رائعة .. وفي عام الوفود وفد على المدينة بنو تميم ، وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم :
( جئنا نفاخرك ، فأذن لشاعرنا وخطيبنا ) ، فلما أذن لهم وقف خطيبهم يزهو بمفاخر قومه .
فلما انتهى ، قال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس : ( قم فأجبه ) ، ونهض ثابت فقال : الحمد لله الذي السماوات والأرض خلقه ، قضى فيهن أمره ، ووسع كرسيه علمه ، ولم يك شيء قط إلا من فضله .
وشهد ثابت مع الرسول صلى الله عليه وسلم غزوة أحد والمشاهد من بعدها ، وكانت فدائيته من طراز عجيب .
وفي حروب الردة كان في الطليعة دائماً ، يحمل راية الأنصار ، ويضرب بسيف لا يكبو ولا ينبو .
وفي موقعة اليمامة رأى ثابت وقع هجوم جيش مسيلمة الكذاب على المسلمين أول المعركة . فصاح بصوته الجهير : ( والله ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذهب فتحنط ولبس أكفانه ثم صاح : اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به جيش مسيلمة .
وانضم إليه سالم مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان يحمل راية المسلمين،
وحفرا لنفسيهما حفرة عميقة نزلا فيها قائمين ، ثم وقفا يستقبلان بصدريهما جيوش الوثنية والكذب . وراحا يضربان بسيفيهما حتى استشهدا مكانهما والشمس تميل للمغيب . وهكذا نال ثابت بن قيس الشهادة ، فتفوق في حياته خطيبا ، وتفوق في مماته مقاتلا في سبيل لله .