كلمة فى التوسل بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
التوسل بالنبي قبل وجوده
توسل آدم به :
وقد جاء في الحديث أن آدم توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحاكم في المستدرك : عن عمر – رضي الله عنه – قال :
((قال رسول الله r : لما اقترف آدم الخطيئة قال : يارب أسألك بحق محمد لما غفرت لي ، فقال الله: ياآدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه ؟ قال : يارب لأنك لما خلقتني بيدك ونفخت فيَّ من روحك رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ، فقال الله : صدقت يا آدم ، إنه لأحب الخلق إليَّ ، أدعني بحقه فقد غفرت لك ، ولولا محمد ما خلقتك)) .أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه [ج2 ص615] ، ورواه الحافظ السيوطي في الخصائص النبوية وصححه ، ورواه البيهقي في دلائل النبوة وهو لا يروي الموضوعات ، كما صرح بذلك في مقدمة كتابه ، وصححه أيضاً القسطلاني والزرقاني في المواهب اللدنية [ج1 ص62] ، والسبكي في شفاء السقام ، قال الحافظ الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه من لم أعرفهم (مجمع الزوائد ج8 ص253) .وجاء من طريق آخر عن ابن عباس بلفظ : فلولا محمد ما خلقت آدم ولا الجنة ولا النار . رواه الحاكم في المستدرك ( ج2 ص615 ) وقال : صحيح الإسناد ، وصححه شيخ الإسلام البلقيني في فتاويه ، ورواه أيضاً الشيخ ابن الجوزي في الوفا في أول كتابه ونقله ابن كثير في البداية ( ج1 ص180 ) .
شواهد لحديث توسل آدم
روى أبو الفرج ابن الجوزي بسنده إلى ميسرة قال : قلت : يا رسول الله ! متى كنتَ نبياً ؟ قال (لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ، وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء ، وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام ، وآدم بين الروح والجسد ، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله إنه سيد ولدك ، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه)) .وروى أبو نعيم الحافظ في كتاب دلائل النبوة عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله r (لما أصاب آدم الخطيئة رفع رأسه فقال : يارب ! بحق محمد إلا غفرت لي ، فأوحى إليه : وما محمد ومن محمد ؟ فقال : يا رب ! إنك لما أتممت خلقي رفعت رأسي إلى عرشك فإذا عليه مكتوب : لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك عليك إذ قرنت اسمه مع اسمك ، فقال : نعم ، قد غفرت لك ، وهو آخر الأنبياء من ذريتك ، ولولاه ما خلقتك)) ..فهذا الحديث يؤيد الذي قبله ، وهما كالتفسير للأحاديث الصحيحة 0
الشاهد الآخر لحديث توسل آدم هو ما أخرجه ابن المنذر في تفسيره عن محمد بن علي بن حسين بن علي عليهم السلام قال : لما أصاب آدم الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه فجاءه جبريل عليه السلام فقال : ((يا آدم ! هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه ؟ قال : بلى يا جبريل ، قال : قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدح ، فليس شيء أحب إلى الله من المدح ، قال : فأقول ماذا يا جبريل ؟ قال : فقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير كله وهو على كل شيء قدير ، ثم تبوء بخطيئتك فتقول : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ، اللهم إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي)). قال : ففعل آدم ، فقال الله : يا آدم ! من علّمك هذا ؟ فقال : يا رب ! إنك لما نفخت فيَّ الروح فقمت بشراً سوياً أسمع وأبصر وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوباً بسم الله الرحمن الرحيم ، لا إله إلا وحده لا شريك له محمد رسول الله ، فلما لم أر على أثر اسمك اسم ملك مقرب ، ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك ، قال : صدقت ، وقد تبت عليك وغفرت لك . (كذا في الدر المنثور للسيوطي ج1 ص146) .ومحمد بن علي بن الحسين هو أبو جعفر الباقر من ثقات التابعين وساداتهم خرّج له الستة ، روى عن جابر وأبي سعيد وابن عمر وغيرهم .
الشاهد الرابع ما رواه أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة قال عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال : من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال : اللهم إني أسألك بحق محمد عليك ، قال الله تعالى : وما يدريك ما محمد ؟ قال : يارب ! رفعت رأسي فرأيت مكتوباً على عرشك لا إله إلا الله محمد رسول الله ، فعلمت أنه أكرم خلقك . فانضمام هذا الأثر إلى حديث عبد الرحمن بن زيد يفيده قوة كما لا يخفى .
الجنة حرام على الأنبياء حتى يدخلها محمد r
ومن أمثال هذا التفضل الإلهي على حضرة النبي r ما جاء في الحديث من كون الجنة حراماً على الأنبياء حتى يدخلها نبينا r ، عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – عن رسول الله r قال (الجنة حرمت على الأنبياء وحرمت على الأمم حتى تدخلها أمتي)) ..( رواه الطبراني في الأوسط ، وقال الهيثمي : إسناده حسن ) .. [مجمع الزوائد ج10 ص69].
ارتباط الكون باسمه صلى الله عليه وسلم
ومن أمثال هذا التفضل الإلهي ما جاء في الآثار من انتشار اسمه محمد في الملأ الأعلى ، قال كعب الأحبار : إن الله أنزل على آدم عصياً بعدد الأنبياء والمرسلين ، ثم أقبل على ابنه شيث فقال : ابني أنت خليفتي من بعدي فخذها بعمارة التقوى والعروة الوثقى ، وكلما ذكرت الله فاذكر إلى جنبه اسم محمد فإني رأيت اسمه مكتوباً على ساق العرش وأنا بين الروح والطين ، ثم إني طفت السماوات فلم أر في السماوات موضعاً إلا رأيت اسم محمد مكتوباً عليه ، وإن ربي أسكنني الجنة فلم أر في الجنة قصراً ولا غرفة إلا اسم محمد مكتوباً عليه ، ولقد رأيت اسم محمد مكتوباً على نحور الحور العين وعلى ورق قصب آجام الجنة وعلى ورق شجرة طوبى ، وعلى ورق سدرة المنتهى ، وعلى أطراف الحجب وبين أعين الملائكة ، فأكثروا ذكره فإن الملائكة تذكره في كل ساعاتها . اهـ (المواهب اللدنية ج1 ص186) .قال الزرقاني في شرحه : رواه ابن عساكر .
قلت : وقد ذكر نحو هذا الخبر الشيخ ابن تيمية ، فقال : وقد روى أن الله كتب اسمه على العرش وعلى ما في الجنة من الأبواب والقباب والأوراق ، وروى في ذلك عدة آثار توافق هذه الأحاديث الثابتة التي تبين التنويه باسمه وإعلاء ذكره حينئذ .وفي رواية لابن الجوزي عن ميسرة قال : قلت : يا رسول الله ! متى كنت نبياً ؟
قال (لما خلق الله الأرض واستوى إلى السماء فسواهن سبع سموات ، وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء ، وخلق الله الجنة التي أسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام ، وآدم بين الروح والجسد ، فلما أحياه الله تعالى نظر إلى العرش فرأى اسمي فأخبره الله إنه سيد ولدك ، فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي إليه)) . اهـ (الفتاوى ج2 ص150 ) .
فوائد مهمة من حديث توسل آدم : وفي الحديث التوسل برسول الله r قبل أن يتشرف العالم بوجوده فيه وأن المدار في صحة التوسل على أن يكون للمتوسل به القدر الرفيع عند ربه عز وجل وأنه لا يشترط كونه حياً في دار الدنيا . ومنه يعلم أن القول بأن التوسل لا يصح بأحد إلا وقت حياته في دار الدنيا قول من اتبع هواه بغير هدى من الله .
حاصل البحث في درجة الحديث :والحاصل أن هذا الحديث صححه بشواهدهونقله جماعة من فحول العلماء وأئمة الحديث وحفاظه الذين لهم مقامهم المعروف ومكانتهم العالية وهم الأمناء على السنة النبوية فمنهم الحاكم والسيوطي والسبكي والبلقيني . ونقله البيهقي في كتابه الذي شرط فيه أن لا يخرج الموضوعات ، والذي قال فيه الذهبي : عليك به فإنه كله هدى ونور . [كذا في شرح المواهب وغيره] .وذكره ابن كثير في البداية واستشهد به ابن تيمية في الفتاوى ، وكون العلماء اختلفوا فيه فرده بعضهم وقبله البعض ليس بغريب لأن كثيراً من الأحاديث النبوية جرى فيها الخلاف بأكثر من هذا وانتقدها النقاد بأعظم من هذا .
وبسبب ذلك ظهرت هذه المؤلفات العظيمة ، وفيها الاستدلالات والتعقبات والمراجعات والمؤاخذات ، ولم يصل ذلك إلى الرمي بالشرك والكفر والضلال والخروج عن دائرة الإيمان لأجل الاختلافات في درجة حديث من الأحاديث ، وهذا الحديث من جملة تلك الأحاديث .)
https://www.facebook.com/sidi.salama/photos/a.735334759829514/3803971589632467/?type=3&theater