أمير جاد
عدد الرسائل : 3071 تاريخ التسجيل : 25/07/2007
| موضوع: الإدريسي: التشيع والتصوف.. افتراق لحد التنافر الثلاثاء أغسطس 25, 2009 1:22 pm | |
| هل ما زال السؤال مطروحا؛ سعيا لرؤية منطقية لمفردة من حالة التأزم التي تعيشها التنوعات الإسلامية المختلفة.. ما علاقة التصوف بالتشيع؟ وهل بالفعل يعد الأول مدخلا للثاني؟ السؤال طرحناه على أحد العاملين في الوسط الصوفي وهو الشيخ أحمد مصطفى الإدريسي شيخ الطريقة الأحمدية الإدريسية، ورئيس المجلس العالمي للرابطة العالمية للشرفاء الأدارسة الذي له فروع عديدة في العالم العربي؛ حيث يتواجد في مصر، والسودان، والحجاز، واليمن، وموريتانيا، وليبيا، والجزائر، والمغرب العربي. الإدريسي أكد على أن الصوفية لها شخصيتها المستقلة التي ظهرت بها قبل التشيع، عازيا هذا الظهور إلى "أهل الصفة" الذين ظهروا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالتالي فإن الصوفية لا تحتاج لأن تستنبط شكلها وانتماءها العقدي من عقيدة شيعية. ورأى الإدريسي أن اتفاق بعض المنطلقات الصوفية والشيعية ليس دليلا على اتفاق ووجود علاقة بين الاثنين، وإنما يرى العكس؛ لأن جوهر مثل تلك الأمور يؤكد على الاختلاف.. ضاربا المثل بحب آل البيت الذي يعتبر عاملا مشتركا بين الفريقين، مؤكدا أنه عند الصوفية نابع من العقيدة الإسلامية الوسطية، بينما هو عند الشيعة نابع من توجهات سياسية ومصالح ذاتية. *في الفترة الأخيرة ظهر تداخل بين مفاهيم الصوفية والشيعة لدرجة أنها تتهم الآن بأنها باب للتشيع؟ - الصوفية لها شخصيتها المستقلة التي ظهرت بها قبل التشيع؛ فهي قديمة ولم تكن مستحدثة حتى تستنبط شكلها وانتماءها العقدي من عقيدة شيعية، فالصوفية هي التجرد إلى الله، والبحث عن كل ما يرقي النفس، ويهذب الروح، ويرقي الإنسان بكل ما يعرف من أخلاق سامية تبعد الإنسان عن التمسك بالدنيا إلى التمسك بالله، والرباط على سنة رسول الله، والأخذ بالحياة الدنيا بأنها وسيلة للطاعة والعبادة، فهذه منهجية التصوف. أما الشيعة فمنهجيتها مختلفة؛ فقد ظهرت كفكر مضاد لحركة نتجت عن الفتن الإسلامية نتيجة الخلاف الذي صار بين الإمام علي وسيدنا معاوية، وتطور الفكر الشيعي شيئا فشيئا إلى أن رأيناه بالصورة التي هي عليه الآن. ولا تشترك الصوفية مع الشيعة إلا في جزئية واحدة وهي محبة آل البيت، لكن هذه المحبة عند الصوفية تنطلق من خلال الكتاب والسنة؛ فهم يحبونهم من باب التعبد والتقرب لله تعالى، وكباب من التواصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن الصوفية تحب آل البيت جميعا أبناء الحسن والحسين دون أن تفرق بين أي منهم، بعكس الشيعة فإنهم يحبون أشخاصا دون غيرهم من أهل البيت. ومع ذلك نقول إن الشيعة تغالوا في المحبة فجعلوها ذاتية، أما الصوفية فهم يربطون المحبة بالعقيدة الإسلامية فيجعلونها بما أرادها الله تعالى محبة تقربية تعبدية معتدلة لا غرض دنيوي فيها. مخاوف غير صحيحة * إذا كان الأمر على هذا النحو من الفوارق بين الشيعة والمتصوفة، فلماذا انتشرت إذن فكرة إمكانية التشيع عن طريق الصوفية؟ - هذه الفكرة بدأت في الآونة الأخيرة نتيجة بعض المخاوف غير الصحيحة، مع أن الصوفية تُحارَب من جهات عديدة، حتى من الشيعة أنفسهم الذين ينظرون إلى المنهج الصوفي على أنه فكر غير سوي؛ لأنه يدعي محبة آل البيت وتخاذل في نصرتهم. وهناك أيضا من يعتقد أن الصوفية دراويش، وأن منهجهم غير وارد في القرآن والسنة، وأمثال هؤلاء لا يفهمون الصوفية على وجها الحقيقي. * لكن هل يتم استغلال الصوفية من قبل الشيعة؟ - لا يمكن للشيعة أبدا استغلال الصوفية لتشييع الناس؛ لأنها مذهب وفكر، ولها شخصيتها المستقلة وروحها المستقلة، ولا يمكن القول بأن الشيعة ستدخل للناس من طريق التصوف. وعلى علماء الصوفية أن يتصدوا لتلك الدعاوى من خلال توضيح المفاهيم، حيث حدث تشدق في منهج السلفية إلى أن وصل إلى تطرف، وتشدق الشيعة إلى أن ابتعدوا عن المعنى الحقيقي للتشيع الذي هو في أصله التشيع لمحبة آل البيت؛ حيث ذهبوا بها إلى التشيع للذوات والأشخاص، وأصبح عملا يخلط بين الدين والسياسة. ومشكلة التشيع الآن أنه يعمل لمصالح ذاتية، أما الصوفية فتخدم العقيدة الإسلامية الوسطية التي تقوم على الكتاب والسنة ومحبة آل البيت. * لكن هناك بعض المظاهر الآن يقوم بها الصوفية تشبه ما يقوم بها الشيعة، وهو ما يجعل هناك اتهاما للصوفية الآن بأنها باب للتشيع، فما تعليقك؟ - معظم هذه المظاهر تتعلق بالموالد التي تشبه موالد الشيعة، لكن موالد الصوفية تبرز مناقب أهل البيت وما لهم من مكانة فرضها الله تعالى، ورتبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونجعل هذه الموالد منتديات إسلامية لتقريب الناس من محبة آل البيت محبة عقدية سليمة. دور جماعي * هل ترى في العمل الصوفي ما يجب التخلي عنه حتى لا يكون سببا للتشيع؟ - لكل فكر شواذ، وهذا ليس دور الصوفية وحدها، وإنما هو دور علماء الأمة أيضا، والآن أصبحت هناك فجوات تباعد بين المذاهب الإسلامية.. فجوة كبرى بين الشيعة والسلفيين، والشيعة والمتصوفة، والمتصوفين والسلفيين.. فلابد أن يقف العلماء المسلمون برباط واحد للعودة بالمذاهب الإسلامية جميعا إلى المنهج الذي ارتضاه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وهو تصفية النفس من الشوائب، وإقرار السلام الذي يبعث لهذه الأمة سلامها ووحدتها، ويجعل محبة آل البيت ركنا عقديا وليس سياسيا. * إلى أي مدى ترى الطرق الصوفية وجود عمل مكثف للتشيع في العالم الإسلامي؟ - في الواقع أن كل فكر يعتقد أنه هو الفكر الصحيح وأن باقي الأفكار كلها على غير حق، فيعتقد بعقيدته أنه لابد أن تعود كل الأفكار إلى مساره هو، وهذا لن ينتهي إلا باجتماع علماء المسلمين، والتفاهم فيما بينهم، واستخدام لغة الحوار التي تجمع المسلمين على رباط واحد ألا وهو الإسلام الصحيح. ونحن ندعو الأمة للاجتماع على الثوابت وهي: الكتاب، والسنة، ومحبة آل البيت التي هي ثابتة بنصوص قطعية، والارتباط الحقيقي بكل ما فيه وحدة الإسلام. * إذن ما الدور الذي تقومون به كطرق صوفية لحماية العالم الإسلامي من أفكار الشيعة؟ - الطرق الصوفية تعتمد في ذلك على بناء الفكر؛ فنحن في الطريقة الأحمدية الإدريسية مثلا نعقد مؤتمرا سنويا في الهجرة النبوية، والعديد من الندوات التي يحضرها كثير من علماء المسلمين لتوجيه أفكار المتصوفة وأتباع الطرق، ونتبنى فكرة سنوية نقوم بالدعوة لها كل عام. وكل طريقة عندنا مطالبة بتوعية أتباعها من أفكار التشيع وغيرها من الأفكار غير السوية والدخيلة على الإسلام، فالطرق الصوفية شريكة في رفض أي فكر يبعد المسلمين عن وسطية الإسلام، ولابد أن نجعل محبة آل البيت سلاح المواجهة في ذلك. _________________ و آخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين
| |
|