|
| العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة | |
| | كاتب الموضوع | رسالة |
---|
العابد الفقير
عدد الرسائل : 33 الموقع : طرابلس ....ليبيا تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة السبت سبتمبر 12, 2009 2:16 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف الانبياء والمرسلين , وعلى اله وصحبه , ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين . هذه رسالة : العلامات الفارقة بين علماء الدنيا وعلماء الاخرة . قال الاستاد احمد العلاوي رضي الله عنه : فلا تعجب من هذا وقد كان قبلنا # هداة على التحقيق في الامم الاولى تُركوا ما بين القوم لم يُسمع قولهم # وقد مرت الايام والناس في غفلة
قال تعالى ( أتامرون الناس بالمعروف وتنسون انفسكم ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( ..... من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ) وانشدوا : يا واعظ الناس قد اصبحت متهما # اذا عبث منهم امورا لنت تاتيها اصبحت تنصحهم بالوعظ مجتهدا # فالموبقلت لعمري انت جانيها تعيب دنيا وناسا راغبين لها # وانت اكثر منهم رغبة فيها ............................................... ورد في العلماء السوء تشديدات عظيمة دلت على انهم اشد الخلق عذابا يوم القيامة . فمن المهمات العظيمة معرفة العلامات الفارقة بين علماء الدنيا وعلماء الاخرة , ونعني بعلماء الدنيا علماء السوء اللذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا , والتوصل الى الجاه والمنزلة عند اهلها , فقال صلى الله عليه وسلم :( ان اشد الناس عذابا يوم القيامة عالم لم ينفعه الله بعلمه ), وعنه صلى الله عليه وسلم ( لا يكون المرء عالما حتى يكون بعلمه عاملا ) , وقال صلى الله عليه وسلم ( العلم علمان : علم في اللسان , فذلك حجة الله على خلقه , وعلم في القلب , فذلك العلم النافع ) , وقال صلى الله عليه وسلم ( يكون في اخر الزمان عُباد جهال وعلماء فساق ) , وقال صلى الله عليه وسلم ( لا تتعلموا العلم لتباهو به العلماء , ولتماروا به السفهاء , ولتصرفوا به وجوه الناس اليكم , فمن فعل ذلك فهو في النار ) وقال صلى الله عليه وسلم ( من كتم علما عنده الجمه الله بلجام من نار ) , وقال صلى الله عليه وسلم ( لانا من الدجال اخوف عليكم من الدجال ؟ فقيل وما ذلك ؟ فقال : من الائمة المضلين ) , وقال صلى الله عليه وسلم ( من ازداد علما ولم يزدد هدى لم يزد من الله الا بعُدا ) . وقال عيسى عليه السلام :( الى متى تصفون الطريق للمدلجين وانتم مقيمون مع المتحيرين ؟ ) فهذا ونظيره من الاخبار يدل على عظيم خطر العلم , فان العالم اما متعرض لهلاك الابد , او لسعادة الابد , وانه بالخوض في العلم قد حرم السلامة ان لم يدرك السعادة . قال عمر رضي الله عنه :( ان اخوف ما اخاف على هذه الامة المنافق العليم ؟ قالوا : وكيف يكون منافقا عليما ؟ قال : عليم اللسان جاهل القلب والعمل . وقال الحسن رحمه الله : لا تكن مما يجمع علم العلماء وطرائف الحكماء وتجري في العمل مجرى السفهاء . وقال رجل لابي هريرة رضي الله عنه : اريد ان اتعلم العلم واخاف ان اضيعه . فقال له : كفى بترك العلم اضاعة له . وقيل لابراهيم بن عيينة : اي الناس اطول ندما ؟ قال : اما في عاجل الدنيا فصانع المعروف الى من لايشكره , واما عند الموت فعالم مفرط . وقال الخليل بن احمد الرجال اربع : رجل يدري ويدري انه يدري , فذاك عالم فاتبعوه . ورجل يدري ولا يدري انه يدري , فذالك نائم فايقضوه . ورجل لا يدري ويدري انه لايدري , فذلك مسترشد فارشدوه . ورجل لايدري ولا يدري انه لا يدري , فذلك جاهل فارفضوه . وقال سفيان الثوري رحمه الله : يهتف العلم بالعمل فان اجابه والا فارتحل . وقال بن المبارك رحمه الله : لايزال المرء عالما ما طلب العلم , فاذا ظن انه قد علم فقد جهل . وقال الفضيل بن عياض رضي الله عنه : اني لارحم ثلاثة : عزيز قوم ذل , وغني قوم افتقر , وعالما تلعب به الدنيا . وقال الحسن رضي الله عنه : عقوبة العلماء موت القلب , وموت القلب طلب الدنيا بالاخرة . وانشدوا : عجبت لمبتاع الضلالة بالهدى # ومن يشتري دنياه بالدين اعجب واعجب من هاذين من باع دينه # بدنياه , فهو من ذين اعجب . وقال اسامة بن زيد رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يؤتي بالعالم يوم القيامة فيلقى في النار فيدور بها كما يدور الحمار بالرحى فيطيف به اهل النار فيقولون مالك ؟ فيقول : كنت امر بالخير ولا اتيه وانهى عن الشر واتيه .). وانما يضاعف عذاب العالم في معصيته لانه عصى عن علم , ولذلك قال الله عزوجل ( ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار ) لانهم جحدوا بعد العلم . وجعل اليهود شرا من النصارى مع انهم جعلوا لله سبحانه وتعالى ولدا ولا قالوا انه ثالث ثلاثة الا انهم انكروا بعد المعرفة اذ قال تعالى ( يعرفونه كما يعرفون ابنائهم ) وقال تعالى ( فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين ) , وقال تعالى : ( واتل عليهم نباء الذي اتيناه اياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان فكان من الغابرين ) , حتى قال سبحانه وتعالى ( فمثله كمثل الكلب ان تحمل عليه يلهث او تتركه يلهث ) فكذلك العالم الفاجر فان بلعام بن باقورا اوتي كتاب الله سبحانه وتعالى فاخلذ الى الشهوات فشبه بالكلب , اي سواء اةتي الحكمة او لم يؤت فهو يلهث الى الشهوات . وقال عيسى عليه السلام : مثل علماء السوء كمثل صخرة وقعت على خم نهر لا هي تشرب ولا تترك الماء يخلص الى الزرع . ومثل علماء السوء مثل القبور ظاهرها عامر , وباطنها عظام الموتى . فهذه الاخبار والاثار تبين ان العلم الذي هو من ابناء الدنيا اخس حالا من الجاهل , وان الفائزين المقربين هم علماء الاخرة ولهم عدة علامات منها --- الا يطلب الدنيا بعلمه : فان اقل درجات العلم ان يدرك حقارة الدنيا وخستها وكدورتها وانصرافها , وعظم الاخرة ودوامها وصفاء نعيمها وجلالة ملكها , ويعلم انهما متضادتان , وانهما كاضرتين مهما ارضيت احداهما اسخطت الاخرى , وانهما ككفتي الميزان مهما رجحت احداهما خفت الاخرى , وانهما كالمشرق والمغرب مهما قربت من احدهما بعدت الاخرى , وانهما كقدحين احدهما مملوء والاخر فارغ فبقدر ما تصب منه في الاخر حتى يمتلي يفرغ الاخر , فان من لم يعرف حقارة الدنيا وكدوراتها وامتزاج لذاتها بألمها , ثم انصرام ما يصفو منها , فهو فاسد العقل , فان المشاهدة والتجربة ترشد الى ذلك , فكيف يكون من العلماء من لا عقل له , ومن لا يعلم عظم امر الاخرة ودوامها فهو كافر مسلوب الايمان , فكيف يكون من العلماء من لا ايمان له ومن لايعلم مضادة الدنيا للاخرة وان الجمع بينهما طمع من غير مطمع , فهو جاهل بشرائع الانبياء كلهم بل هو جاهل بالقران كله , من اوله الى اخره , فكيف يعد من زمرة العلماء ؟ ومن علم هذا كله ولم يؤثر الاخرة على الدنيا فهو اسير الشيطان , قد اهلكته شهوته وغلبت عليه شقوته , فكيف يعد من حزب العلماء من هذه درجته ؟ وفي اخبار داوود عليه السلام حكاية عن الله سبحانه وتعالى ان ادنى ما اصنع بالعالم اذا اثر شهوته على محبتي ان احرمه لذيذ مناجاتي , يا داوود لا تسال عني عالما قد اسكرته الدنيا , فيصدك عن طريق محبتي اولئك قطاع الطريق على عبادي , يا داوود اذا رائيت لي طالبا فكن له خادما , يا داوود من رد الي هاربا كتبته جهبدا ولم اعدبه ابدا . ولذلك قال الحسن رحمه الله : عقوبة العلماء موت القلب , وموت القلب طلب الدنيا بعمل الاخرة . وقال يحي بن معاد : انما يذهب بهاء العلم والحكمة اذا طلب بهما الدنيا . وقال سعيد بن المسيب رحمه الله : اذا رائيتم العالم يغشى الامراء فهو لص . وقال مالك بن دينار رحمه الله : قرات في بعض الكتب السالفة ان الله سبحانه وتعالى يقول : ان اهون ما اصنع بالعالم اذا احب الدنيا ان اخرج حلاوة مناجاتي من قلبه . وكتب رجل الى اخ له : انك قد اوتيت علما فلا تطفئن نور علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى اهل العلم في نور علمهم . وكان يحي بن معاذ رحمه الله يقول لعلماء الدنيا : يا اصحاب العلم قصوركم قيصرية , وبيوتكم كسروية , واثوابكم ظاهرية , واخفافكم جالوتية , ومراكبكم قارونية , واوانيكم فرعونية , ومأثمكم جاهلية , ومذاهبكم شيطانية . فاين الشريعة المحمدية ؟ وانشدوا : وراعي الشاة يحمي الذئب عنها # فكيف اذا الرعاة لها ذئاب وقال غيره : يا معشر القراء يا ملح البلد # ما يصلح الملح اذا الملح فسد وقيل لبعض العارفين : اترى ان من تكون المعاصي قرة عينه لا يعرف الله ؟ فقال : لا اشك ان من الدنيا عنده اثر من الاخرة انه يعرف الله تعالى . ولا تظن ان ترك المال يكفي في اللحوق بعلماء الاخرة , فان الجاه اضر من المال , ولذلك قال بشر اذا سمعت الرجل يقول حدثنا فانما يقول اوسعوا لي . وقال هو وغيره : اذا اشتهيت ان تحدت فاسكت , واذا لم تشته فحدث , وهذا لان التلذذ بجاه الافادة ومنصب الارشاد اعظم لذة من كل تنعم في الدنيا , فمن اجاب شهوته فيه فهو من ابناء الدنيا . ولذلك قال الثوري : فتنة الحديث اشد من فتنة الاهل والمال والول , وكيف لا نخاف فتنة وقد قيل لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم : ( ولولا ان تبثناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا ) . وقال سهل رضي الله عنه : العلم كله دنيا , والاخرة منه العمل به , والعمل كله هباء الا الاخلاص . وقال : الناس كلهم موتى , الا العلماء , والعلماء سكارى الا العاملين , والعاملين كلهم مغرورين الا المخلصين , والمخلص على وجل حتى يدري ماذا يختم له به . وقال ابو سليمان الدراني رضي الله عنه : اذا طلب الرجل الحديث او تزوج او سافر في طلب المعاش فقد ركن الى الدنيا , وانما اراد به طلب الاسانيد العالية او طلب الحديث الذي لايحتاج اليه في طلب الاخرة . وقال عيسى عليه الصلاة والسلام : كيف يكون من اهل العلم من مسيره الى اخرته , وهو مقبل على طريق دنياه ؟ وكيف يكون من اهل العلم من يطلب الكلام ليخبر به , لا ليعمل به .؟ وقال صالح بن كسيان البصري رحمه الله : ادركت الشيوخ وهم يتعوذون بالله من الفاجر العالم بالسنة . وروي ابو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من طلب علما مما ينبغي وجه الله تعالى ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة ) . وقد وصف الله سبحانه وتعالى علماء السوء باكل الدنيا بالعبم , ووصف علماء الاخرة بالخشوع والزهد فقال ( واذ أخذ الله ميثاق اللذين اوتوا الكتاب لتبينه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا ) , وقال تعالى في علماء الاخرة : ( وأن من اهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل اليكم وما انزل اليهم خاشعين لله لا يشترون بايات الله ثمنا قليلا اولئك لهم اجرهم عند ربهم ) . وقال بعض السلف : العلماء يحشرون في زمرة الانبياء , والقضاة يحشرون في زمرة السلاطين , وفي معنى القضاة كل فقيه قصد طلب الدنيا بدينه . وروى ابي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال : ( اوحى الله الى بعض الانبياء قل للذين يتفقهون لغير الدين ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا بعمل الاخرة يلبسون للناس مسوك الكباش وقلوبهم كقلوب الذئاب ألأسنتهم احلى من العسل وقلوبهم امر من الصبر اياي يخادعون وبي يستهزؤن لاتيحن لهم فتنة تذر الحليم حيران ) . وروى الضحاك عن بن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( علماء هذه الامة رجلان , رجل اتاه الله علما فبذله للناس ولم ياخذ عليه طمعا ولم يشتر به ثمنا فذلك يصلي عليه طير السماء وحيتان الماء ودواب الارض والكرام الكاتبون , يقدم على الله عزوجل يو القيامة سيدا شريفا حتى يرافق المرسلين , ورجل اتاه الله علما في الدنيا فظن به على عباد الله , واخذ عليه طمعا , واشترى به ثمنا فذلك يأتي يوم القيامة ملجما بلجام من نار ينادى مناد على روؤس الخلائق هذا فلان بن فلان اتاه الله علما فظن به على عباده , واخذ به طمعا , واشترى به طمعا , فيعذب حتى يفرغ من حساب الناس ) واشد من هذا ما روي ان رجلا كان يخدم موسى عليه السلام , فجعل يقول حدثني موسى صفي الله , حدثني موسى نجي الله , حدثني موسى كليم الله , حتى اثرى وكثر ماله , ففقده موسى عليه السلام فجعل يسال عنه ولا يحس له خبار , حتى جاءه رجل ذات يوم وفي يده خنزير وفي عنقه حبل اسود , فقال له موسى عليه السلام اتعرف فلانا ؟ فقال نعم , هو هذا الخنزير , فقال موسى يا رب اسلك ان ترده الى حاله حتى اساله بم اصابه هذا ؟ فاوحى الله عزوجل اليه لو دوتني بالذي دعاني به ادم فمن دونه ما اجبتك , ولكني اخبرك لما صنعت هذا به , لانه كان يطلب الدنيا بالدين . واغلظ من هذا ما رواه معاذ بن جبل رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من فتنة العالم ان يكون الكلام احب اليه من الاستماع ) . ففي الكلام تنميق وزيادة , ولا يؤمن على صاحبه الخطاء , وفي الصمت سلامة وعلم . ومن العلماء من يخزن علمه فلا يحب ان يوجد عند غيره فذلك في الدرك الاسفل من النار . ومن العلماء من يكون في علمه بمنزلة السلطان ان رد عليه شيء من علمه او تهوون بشيء من حقه غضب , فذلك في الدرك التاني من النار . ومن العلماء من يجعل علمه وغرائب حديثه لاهل الشرف واليسار ولايرى اهل الحاجة اهلا , فذلك في الدرك الثالث من النار . ومن العلماء من ينصب نفسه للفتيا فيفتي بالخطاء والله تعالى يبغض المتكلفين , فذلك في الدرك الرابع من النار . ومن العلماء من يتكلم بكلام اليهود والنصارى ليغزر به علمه , فذلك في الدرك الخامس من النار . ومن العلما من يتخذ علمه مرؤة وذكرا في الناس , فذلك في الدرك السادس من النار . ومن العلماء من يستفزه الزهو والعجب فان وعظ عنف , وان وعظ أنف , فذلك في الدرك السابع من النار . فعليك \يا اخي بالصمت فبه تغلب الشيطان . واياك ان تضحك من غير عجب او تمشي في غير ارب , وفي الخبر ( ان العبد لينشر له من الثناء ما يملاء بين المشرق والمغرب وما يزن عند الله جناح بعوضة ) . وروي ان الحسن حمل اليه رجل من خرسان كيسا بعد انصرافه من مجلسه فيه خمسة الالاف درهم وعشرة اثواب من رقيق البر , وقال ؛ يا ابا سعيد هذه نفقة وهذه كسوة , فقال الحسن عافاك الله تعالى ضم اليك نفقتك فلا حاجة لنا بذلك ان من جلس مثل مجلسي هذا وقبل من الناس مثل هذا لقى الله تعالى يوم القيامة ولا خلاق له . وعن جابر رضي الله عنه موقوفا ومرفوعا قال : قال صلى الله عليه وسلم : ( لا تجلسوا عند كل عالم, الا يدعوكم من خمس الى خمس , من الشك الى اليقين , ومن الرياء الى الاخلاص , ومن الرغبة الى الزهد , ومن الكبر الى التواضع , ومن العداوة الى النصيحة ) . واخيرا قال تعالى :( فخرج على قومه في زينته قال اللذين يريدون الحياة الدنيا يا ليث لنا مثل ما اوتي قارون انه لذو حظ عظيم وقال اللذين اوتوا العلم ويلكم ثواب الله خير لمن امن .... ) فعُرف اهل العلم بايثار الاخرة على الدنيا . ...................................................... ومن العلامات الفارقة : ان لا يخالف فعله قوله . قال سيدي الفيتوري رضي الله عنه : وارث الرسول بالفعل والقول .# ومنها ان لا يخالف قوله فعله بل لا يامر بالشيء مالم يكن هو اول عامل به . قال تعالى : ( اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم . ) وقال تعالى ( كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لاتفعلون ) وقال تعالى في قصة شعيب عيه الصلاة والسلام ( وما اريد ان اخالفكم الى ما انهاكم عنه ) وقال تعالى لسيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام : يا بن مريم عظ نفسك فان اتعظت فعظ الناس والا فاستحي مني . وقال رسول اله صلى الله عليه وسلم : ممرت ليلة اسري بي باقوام تقرض شفاههم بمقاريض من نار , فقلت : من انتم ؟ فقالوا : كنا نامر بالخير ولا ناتيه وننهى عن الشر وناتيه . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هلاك امتي عالم فاجر وعابد جاهل , وشر الشرار شرار العلماء وخير الخيار خيار العلماء . وقال الفضيل بن عياض رضي الله عنه : بلغني ان الفسقة من العلماء يبداء بهم يوم القيامة قبل عبدة الاوتان . وقال ابو الدرداء رضي الله عنه : ويل لمن لا يعلم مرة , ويل لمن يعلم سبع مرات . وقال الشعبي رحمه الله : يطلع يوم القيامة قوم من اهل الجنة على قوم من اهل النار فيقولون لهم : ما ادخلكم النار ؟ فيقولون وانما ادخلنا الله الجنة بفضل تاديبكم وتعليمكم , فيقولون : انا كنا نامر بالخير ولانفعله وننهى عن الشر ونفعله . وقال حاتم الاصم رضي الله عنه : ليس في القيامة اشد حسرة من رجل ععلم الناس علما فعملوا به ففازوا بسببه وهلك هو . وقال مالك بن دينار رحمه الله : ان العالم اذا لم يعمل بعلمه زالت موعظته من القلوب كما يزل القطر عن الصفا . قال ابراهيم بن ادهم رحمه الله تعالى : مررت بحجر مكتوب عليه اقلنني تعتبر , فقلبته , فاذا عليه مكتوب انت بما تعلم لا تعمل , فكيف تطلب علم مالم تعلم . وقال بن السماك رحمه الله : كم من مذكر بالله ناس الى الله , وكم من مخوف بالله جريء على الله , وكم من مقرب الى الله بعيد من الله , وكم من داع الى الله فار من الله , وكم من تال لكتاب الله منسلخ عن ايات الله . وقال ابراهيم بن ادهم رحمه الله : لقد اعربنا في كلامنا فلم نلحن ولحنا في اعمالنا فلم نعرب . وقال الاوازعي : اذا جاء الاعراب هرب الخشوع . وروى مكحول عن عبد الرحمن بن غنم انه قال : حدثني عشرة من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : كنا ندرس العلم في مسجد قباء اذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ( تعلموا ما شئتم ان تعملوا فلن ياجركم الله حتى تعملوا ) . وقال عيسى عليه الصلاة والسلام : مثل الذي يتعلم العلم ولا يعمل به كمثل امراة زنت في السر فحملت فظهر حملها فافتضحت , فكذلك من لا يعمل بعلمه يفضحه الله تعالى يوم القيامة على روؤس الاشهاد . وقال معاذ رحمه الله : احذروا زلة العالم لانه قدوة عند الخلق عظيم فيتبعونه على زلته . وقال عمرو رضي الله عنه : اذا زل العالم زل بزلته عالم من الخلق . وقال عمر رضي الله عنه : ثلات بهن ينهدم الزمان احداهن زلة العالم . وقال بن مسعود رضي الله عنه : سياتي زمان تملح فيه عذوبة القلوب فلا ينتفه بالعلم يومئذ , عالمه ولا متعلمه , فتكون قلوب علمائهم مثل السياخ من ذوات الملح ينزل عليها قطر السماء فلا يوجد لها عذوبة وذلك اذا مالت قلوب العلماء الى حب الدنيا وايثارها على الاخرة فعند ذلك يسلبها الله ينابيع الحكمة ويطفيء مصابيح الهدى من قلوبهم فيخبرك عالمهم حين تلقاه انه يخشى الله بلسانه والفجور ظاهر في عمله , فما اخصب الالسن يومئذ وما اجدب القلوب , فوالله الذي لا اله الا هو ما ذلك الا لان المعلمين عملوا لغير الله تعالى , والمتعلمين تعلموا لغير الله تعالى . وفي الثوراة والانجيل مكتوب : لا تطلبوا علم مالم تعملوا بما علمتم . وقال حذيفة رضي الله عنه : انكم في زمان من ترك فيه عُما يعلم هلك , وسياتي زمان من عمل فيه بعُشر نجا , وذلك لكثرة البطالين . ...................................................... ومن العلامات الفارقة : ان تكون عنايته بتحصيل العلم النافع في الاخرة المرغب في الطاعات , مجتنبا للعلوم التي يقل نفعها ويكثر فيها الجدال والقيل والقال : فمثال من يعرض عن علم الاعمال , ويشتغل بالجدال , مثل رجل مريض به علل كثيرة وقد صادف طبيبا حاذقا في وقت ضيق يخشى فواته , فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والادوية وغرائبالطب وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به , وذلك محض السفه .
يتبع إن شاء الله المصادر -- احياء علوم الدين -- اصناف المغرورين للغزالي | |
| | | العابد الفقير
عدد الرسائل : 33 الموقع : طرابلس ....ليبيا تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: رد: العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة السبت سبتمبر 12, 2009 2:17 am | |
| ومن العلامات الفارقة أن تكون عنايته بتحصيل العلم النافع في الآخرة , المرغب في الطاعات مجتنبا للعلوم التي يقل نفعها ويكثر فيها الجدال والقيل والقال . فمثال من يعرض عن علم الأعمال ويشتغل بالجدال مثل رجل مريض به علل كثيرة وقد صادف طبيبا حاذقا في وقت ضيق يخشى فواته , فاشتغل بالسؤال عن خاصية العقاقير والأدوية وغرائب الطب وترك مهمه الذي هو مؤاخذ به , فذلك محض السفه . وقد روى آن رجلا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : علمني من غرائب العلم ؟ فقال له : وما صنعت في راس العلم ؟ فقال وما راس العلم ؟ قال صلى الله عليه وسلم : هل عرفت الرب ؟ قال : نعم قال : ما صنعت في حقه ؟ قال : ما شاء الله فقال صلى الله عليه وسلم : هل عرفت الموت ؟ قال : نعم قال : فما أعددت له ؟ قال : ما شاء الله . قال صلى الله عليه وسلم : اذهب فاحكم ما هناك ثم تعال نعلمك من غرائب العلم وينبغي أن يكون المتعلم من جنس ما روى عن حاتم الأصم رضي الله عنه تلميذ شقيق البلخي انه قال له شقيق : منذ كم صحبتني ؟ قال حاتم : منذ ثلاث وثلاثين سنة , قال فما تعلمت مني في هذه المدة ؟ قال : ثمان مسائل . فقال شقيق له : انا لله وانا إليه راجعون ذهب عمري معك ولم تتعلم إلا ثماني مسائل . قال : يا إستاد لم أتعلم غيرها ولا احب أن اكذب . فقال هات هذه الثماني مسائل حتى اسمعها . فقال : نظرت إلى هذا الخلق فرائيت كل واحد يحب محبوبا فهو مع محبوبه إلى القبر , فإذا وصل إلى القبر فارقه , فجعلت الحسنات محبوبي فاذا دخلت القبر دخل محبوبي معي . فقال حاتم أحسنت فما الثانية ؟ فقال : نظرت في قول الله عز وجل ( واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى ) , فعلمت إن قوله سبحانه وتعالى هو الحق , فأجهدت نفسي في دفع الهوى حتى استقرت على طاعة الله سبحانه وتعالى . والثالثة : أني نظرت إلى هذا الخلق فرائيت كل من معه شيء له قيمة و مقدار رفعه وحفظه , ثم نظرت إلى قول الله عز وجل ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق ) فكلما وقع معي شيء له قيمة ومقدار وجهته إلى الله سبحانه وتعالى ليبقى عنده محفوظا . الرابعة : آني نظرت إلى هذا الخلق فرائيت كل واحدا منهم يرجع إلى المال والى الحسب والشرف والنسب , فنظرت فيها فإذا هي لا شيء , ثم نظرت إلى قول الله عز وجل ( إن أكرمكم عند الله اتقاكم ) فعملت في التقوى حتى أكون عند الله كريما . الخامسة : آني نظرت إلى هذا الخلق وهو يطعن بعضهم في بعض , ويلعن بعضهم بعض , واصل هذا كله الحسد , ثم نظرت إلى قوله عز وجل ( نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ) فتركت الحسد واجتنبت الخلق وعلمت إن القسمة من عند الله سبحانه وتعالى فتركت عداوة الخلق عني . السادسة : نظرت إلى هذا الخلق يبغي بعضهم على بعض فرجعت إلى قول الله عز وجل ( إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا ) فعاديته وحده فاجتهدت في أن اخذ حذري منه , لان الله تعالى شهد عليه انه عدوا لي فتركت عداوة الخلق غيره . السابعة : نظرت إلى هذا الخلق فرأيت كل واحد منهم يطلب هذه الكسرة , فيذل فيها نفسه , ثم نظرت إلى قوله تعالى ( وما من دابة في الأرض إلا على رزقها ) فعلمت آني واحد من هذه الدواب التي على الله رزقها فاشتغلت بما لله علي وتركت مالي عنده . الثامنة : نظرت إلى هذا الخلق فرائيتهم كلهم متوكلين على مخلوق , هذا على صيغته , وهذا على تجارته , وهذا على صناعته , وهذا على صحة بدنه , وكل مخلوق متوكل على مخلوق مثله , فرجعت إلى قوله تعالى ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه ) فتوكلت على الله فهو حسبي . فقال شقيق : يا حاتم وفقك الله تعالى فاني نظرت في علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم فوجدت جميع أنواع الخير والديانة وهي تدور على هذه الثمانية مسائل , فمن استعملها فقد استعمل الكتب الأربعة . فهذا الفن من العلم لا يهتم بإدراكه والتفطن له إلا علماء الآخرة , آما علماء الدنيا فيشتغلون بما تيسر به اكتساب المال والجاه , ويهملون أمثال هذه العلوم التي نعت الله بها الأنبياء كلهم عليهم الصلاة والسلام . قال الضحاك بن مزاحم : ادر كتهم وما يتعلم بعضهم من بعض إلا الورع , وهم اليوم ما يتعلمون إلا الكلام ومن العلامات الفارقة : إن يكون غير مائل إلي الترف في المطعم والمشرب والتنعم في الملبس والتجمل في الأثاث والمسكن , بل يؤثر الاقتصاد في جميع ذلك , ويتشبه بالسلف رحمهم الله تعالى , ويميل إلى الاكتفاء بأقل في جميع ذلك , وكلما زاد إلى طرف القلة ميله ازداد من الله قربه , وارتفع في علماء الآخرة حزبه . ويشهد لذلك ما حكى آبى عبد الله الخواص وكان من أصحاب حاتم الأصم قال : دخلت مع حاتم إلى الري ومعنا ثلاثمائة وعشرون رجلا يريد الحج وليس معهم جراب ولا طعام , فدخلنا على رجل من التجار متقشف يحب المساكين فاضا فنا تلك الليلة , فلما كان الغد قال لحاتم : آلك حاجة فاني أريد إن أعوذ فقيها لنا هو عليل ؟ قال حاتم : عيادة المريض فيها فضل , والنظر إلى الفقيه عبادة , وآنا أيضا أجيء معك , وكان العليل محمد بن مقاتل قاضي الري , فلما جئنا إلى الباب فإذا قصر مشرف حسن , فبقى حاتم متفكرا يقول : باب عالم على هذه الحالة , ثم آذن لهم , فدخلوا فإذا دار حسناء واسعة فبقى حاتم متفكرا , ثم دخلوا إلى المجلس الذي هو فيه وإذا بفرش وهو راقد عليها وعن رأسه غلام وبيده مذبة , فقعد الزائر عند رأسه وسال عن حاله وحاتم قائم , قاوما إليه بن مقاتل أن اجلس , فقال : لا اجلس , فقال : العلك لك حاجة ؟, فقال نعم ., قال : وما هي ؟ قال مسألة اسالك عنها , قال : سل , قال قم فاستو جالسا حتى اسالك , فاستوى جالسا , قال حاتم : علمك هذا من أين آخذته ؟ فقال : من الثقات حدثوني به , قال : عمن ؟ قال عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن من ؟ , قال : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم عن من ؟ قال عن جبرائيل عليه السلام عن الله عز وجل , قال حاتم : ففيما آداه جبريل عليه السلام عن الله عز وجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وآداه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي أصحابه , واصحابه إلي الثقات وآداه الثقات إليك هل سمعت فيه من كان في داره أشراف , وكانت سعتها اكثر , كان له عند الله عز وجل المنزلة اكبر ؟ قال : لا , قال : فكيف سمعت ؟ قال : سمعت انه من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة واحب المساكين وقدم لأخرته كانت له عند الله المنزلة , قال له حاتم : فآنت بمن اقتديت ابالنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم والصالحين رحمهم الله , أم بفرعون ونمرود أول من بنى بالجص والآجر يا علماء السوء , مثلكم يراه الجاهل المتكالب على الدنيا الراغب فبها فيقول العالم على هذه الحالة آفلا أكون آنا شرا منه , وخرج من عنده , وازداد به مقاتل مرضا , وبلغ آهل الري ما جرى بينه وبين بن مقاتل فقالوا له : إن الطنافيسي بقزوين اكثر منه توسعا , فسار حاتم متعمدا , فدخل عليه فقال رحمك الله أنا رجل أعجمي احب إن تعلمني مبداء ديني ومفتاح صلاتي كيف اتوضاء للصلاة ؟ قال نعم وكرامة , يا غلام هات إناء فيه ماء , فآتي به , فقعد الطنافيسي فتوضاء ثلاث ثم قال هكذا فتوضاء ثلاثة ثلاثة , ثم قال هكذا فتوضاء , فقال حاتم مكانك حتى اتوضاء بين يديك فيكون اوكد لما أريد , فقام الطنافيسي وقعد حاتم فتوضاء ثم غسل ذراعيه أربعا , فقال الطنافيسي : يا هذا أسرفت , فقال له حاتم : فبماذا , قال غسلت ذراعيك أربعا , فقال حاتم يا سبحان الله العظيم أنا في كف من ماء أسرفت وآنت في جميع هذا كله لم تسرف , فعلم الطنافيسي انه قصد ذلك دون التعلم , فدخل منزله فلم يخرج إلي الناس أربعين يوما . فلما دخل حاتم بغداد اجتمع إليه أهلها فقالوا : يا أبا عبد الرحمن أنت رجل آلكن أعجمي وليس يكلمك أحد إلا قطعته , فقال : معي ثلاث خصال اظهر بهن على خصمي , افرح إذا أصاب خصمي , واحزن إذا أخطاء , واحفظ نفسي أن لا اجهل عليه , فبلغ ذلك الإمام احمد بن حنبل رضي الله عنه فقال : سبحان الله ما اعقله قوموا بنا إليه , فلما دخلوا عليه قال له يا أبا عبد الرحمن ما السلامة من الدنيا , قال يا أبا عبد الله لا تسلم من الدنيا حتى يكون معك أربع خصال , تغفر للقوم جهلهم , وتمنع جهلك منهم , وتبدل لهم شيئك , وتكون من شيئهم ايسا , فان كنت هكذا سلمت , ثم سار إلى المدينة فاستقبله أهلها , فقال يا قوم : أي مدينة هذه ؟ قالوا : مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال : فأين قصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اصلي فبه ؟ قالوا : ما كان له قصر إنما كان له بيت لاطي بالأرض , قال : فأين قصور أصحابه رضي الله عنهم ؟ قالوا ما كان لهم قصور إنما كان لهم بيوت لاطئة بالأرض , قال حاتم يا قوم فهذه مدينة فرعون , فآخذوه وذهبوا به إلى السلطان , وقالوا هذا العجمي يقول هذه مدينة فرعون , فقال الوالي ولما ذلك ؟ فقال حاتم : لا تعجل علي أنا رجل أعجمي غريب دخلت البلد فقلت مدينة من هذه ؟ فقالوا : مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فقلت : وأين قصره ؟ وقص القصة , ثم قال وقد قال الله سبحانه وتعالى ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) فانتم بمن تأسيتم ابرسول الله صلى الله عليه وسلم أم بفرعون أول من بنى بالجص والآجر , فخلو عنه وتركوه .فهذه حكاية حاتم الأصم رحمه الله تعالى . والتحقيق : إن التزين بالمباح ليس بحرام , ولكن الخوض فيه يوجب الأنس به , حتى يشق تركه , واستدامة الزينة لا تمكن إلا بمباشرة أسباب في الغالب يلزم من مراعاتها ارتكاب المعاصي من المداهنة ومراعاة الخلق ومراءاتهم وأمور أخرى هي محظورة , والحزم اجتناب ذلك , لان من خاض في الدنيا لا يسلم منها البتة ولو كانت السلامة مبذولة مع الخوض فيها لكان صلى الله عليه وسلم لا يبالغ في ترك الدنيا , حتى انه نزع القميص المطرز ونزع خاتم الذهب أثناء الخطبة إلى غير ذلك من الأمور , والحاصل : إن التعرج على التنعم بالمباح خطر كبير وهو بعيد من الخوف والخشية , وخاصية علماء الله الخوف والخشية , وخاصية الخشية التباعد عن مضان الخطر إن لا يكون مسارعا إلى الفتيا , بل يكون متوقفا ومتحرزا ما وجد إلى الخلاص سبيل , فان سئل عما يعلمه تحقيقا بنص الكتاب أو بنص حديث أو إجماع أو قياس جلي آفتي , وان سئل عما يشك فيه قال لا ادري , وان سئل عما يظنه باجتهاد وتخمين احتياط ودفع عن نفسه واحال على غيره إن كان في غيره غُنية . فهذا هو الحزم , وفي الخبر ( العلم ثلاثة , كتاب ناطق , وسنة قائمة , ولا ادري ) . قال الشعبي : لا ادري نصف العلم , ومن سكت حيث لا يدري لله تعالى فليس بأقل اجر ممن نطق , لان الاعتراف بالجهل اشد على النفس , فهكذا كانت عادة الصحابة والسلف رضي الله عنهم . وقال بن مسعود رضي الله عنه إذ سئل عن الفتيا قال : اذهب إلى هذا الأمير الذي تقلد أمور الناس فضعها في عنقه . وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : إن الذي يفتي الناس في كل ما يستفتونه لمجنون . وقال : جنة العالم لا ادري , فان اخطاها فقد أصيب مقاتله . وقال إبراهيم بن ادهم رضي الله عنه : ليس شيء اشد على السلطان من عالم يتكلم بعلم ويسكت بعلم , يقول انظروا هذا سكوته اشد علي من كلامه . ووصف أحدهم الإبدال فقال : أكلهم فاقة , ونومهم غلبة , وإذا سئلوا ووجدوا من يكفيهم سكتوا , فان اضطروا أجابوا , وكانوا يعدون الابتداء قبل السؤال من الشهوة الخفية . ومر علي وعبد الله رضي الله عنهما برجل يتكلم على الناس فقال : هذا يقول اعرفوني . وقال بعضهم : إنما العالم الذي إذا سئل عن المسألة فكأنما يقلع ضرسه . وقال أبو حفص النيسابوري : العالم هو الذي يخاف عند السؤال أن يقال له يوم القيامة من أين أجبت ؟ وكان إبراهيم التميمي إذا سئل عن مسألة يبكي ويقول : ألم تجدوا غيري حتى احتجتم ألي . وكان إبراهيم بن ادهم والثوري يتكلمون على الاثنين والثلاثة والنفر اليسير , فاذا كثروا انصرفوا ,وقال بعضهم كان الصحابة رضوان الله عليهم يتدافعون أربعة أشياء : الإمامة والوصية والوديعة والفتيا . وكان شغل الصحابة والتابعين رضي الله عنهم في خمسة أشياء : قراءة القران , وعمارة المساجد , وذكر الله تعالى , والنهي عن المنكر , والأمر بالمعروف , لما سمعوه من قوله صلى الله عليه وسلم ( كل كلام بن أدم عليه لا له إلا ثلاثة أمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر الله تعالى ) . وقال تعالى ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) . فلم يزل السكوت دأب آهل العلم إلا عند الضرورة . وفي الحديث ( إذا رائيتم الرجل قد أوتى صمتا أو زهدا فاقتربوا منه فانه يلقن الحكمة ) . وقيل العالم أم عالم عامة وهو المفتي وهم أصحاب السلاطين , أو عالم خاصة وهو العالم بالتوحيد واعمال القلوب وهم أصحاب الزوايا المتفرقون المنفردون ) . وقال أبو سليمان : المعرفة إلى السكوت اقرب منها إلى الكلام . وقيل إذا كثر العلم قل الكلام , وإذا كثر الكلام قل العلم | |
| | | العابد الفقير
عدد الرسائل : 33 الموقع : طرابلس ....ليبيا تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: رد: العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة السبت سبتمبر 12, 2009 2:19 am | |
| ومن العلامات الفارقة كذلك : ---- ان يكون شديد العناية بتقوية اليقين , فان اليقين هو راس مال الدين . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اليقين الايمان كله ) . فلابد من تعلم اليقين , اعني اوئله , ثم ينفتح للقلب طريقه , ولذلك قال صلى الله عليه وسلم تعلموا اليقين . ومعناه جالسوا الموقنين وواظبوا على الاقتداء بهم ليقوى يقينكم, كما قوى يقينهم , وقليل من اليقين خير من كثير العمل . وقال صلى الله عليه وسلم لما قيل له رجل حسن اليقين كثير الذوب ورجل مجتهد في العبادة قليل اليقين , فقال صلى الله عليه وسلم ( ما من أدمي الا وله ذنوب ولكن من كان غريزنه العقل وسجيته اليقين لم تضره الذنوب لانه كلما اذنب تاب واستغفر وندم فتكفر له ذنوبه ويبقى له فضل يدخل به الجنة .) ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ( ان اقل ما اوتيتم اليقين وعزيمة الصبر ومن اعطى حظهما لم يبال ما فاته من قيام الليل وصيام النهار ) . وفي وصية لقمان لابنه قال : يا بني لا يستطيع العمل الا باليقين ولا يعمل المرء الا بقدر يقينه ولايقصر عامل حتى ينقص يقينه ) وقال يحي بن معاذ : ان للتوحيد نورا وللشرك نارا , وان نور التوحيد احرق لسيئات الموحدين من نار الشرك لحسنات المشركين , واراد بذلك اليقين . وقد اشار الله سبحانه وتعالى في القران الكريم الى ذكر الموقنين في مواضع دل بها على ان اليقين هو الرابطة للخيرات والسعادات . فان قلت فما معنى اليقين ؟ وما معنى قوته وضعفه ؟ فلابد من فهمه اولا -- ثم الاشتغال بطلبه وتعلمه , فان ما لا تفهم صورته لا يمكن طلبه . فاعلم ان اليقين لفظ مشترك يطلقه فريقان لمعنيين مختلفين : فاما النظار والمتكلمون فيعبرون به عن عدم الشك , اذ ميل النفس للتصديق بالشيء له اربع مقامات : الاول : ان يعتدل التصديق والتكذيب ويعبر عنه بالشك . الثاني ك ان اميل نفسك لاحد الامرين مع الشعور بامكان نقيضه فهذه الحالة تسمى ظنا والثالث : ان تميل النفس الى التصديق بشيء بحيث يغلب عليها ولا يخطر بالبال غيره , ولو خطر بالبال تابى النفس عن قبوله وهذا يسمى اعتقادا , مقاربا لليقين وهواعتقاد العامة . والربع : المعرفة الحقيقية الحاصلة بطريق البرهان الذي لا يشك فيه ولا يتصور الشك فيه فاذا امتنع وجود الشك وامكانه يسمى يقينا . واعلم ان جميع ما ورد عن الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم من اوله الى اخره من مجاري اليقين فمن رايته يشتغل بالدنيا ويتر الذكر ولا يمارسه الا قليلا فاستدل بذلك عن وجود جهله والعياذ بالله والله ورسوله اعلم | |
| | | العابد الفقير
عدد الرسائل : 33 الموقع : طرابلس ....ليبيا تاريخ التسجيل : 11/05/2008
| موضوع: رد: العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة السبت سبتمبر 12, 2009 11:33 am | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته . . للرفع و التذكير | |
| | | | العلامات الفرقة بين علماء الدنيا و علماء الآخرة | |
|
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |