قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: كلمة عن سيرة جلال الدين الرومى الأحد مارس 14, 2010 12:58 pm | |
| جلال الدين الرومي؛ شاعر الإنسانية : هذه المقالة متعلقة بالشاعر جلال الدين الرومي و ليس بفريد الدين العطار : د.فدوى الشكري
مولده ونشأته
يعد جلال الدين الرومي أحد القمم الأربعة في الأدب الفارسي ، فهو الشاعر المبدع والفيلسوف المتميز الذي اتّجه في أدبه اتجاهاً صوفياً.، اذ اعتبره الأدباء والباحثون من أكبر شعراء بلاد فارس. تميز بدقة معانيه وأسلوبه العميق وقلمه الرشيق وبحثه الدقيق وعرفانه العقلي. و هو أحد شعراء الإنسانية المنفردين وعلم شامخ من أعلام الفكر وروّاده الذين جادت بهم حضارتنا الإسلامية الزّاهرة، فأسهمت بتراثه الفكري والفنّي في إغناء تراث البشرية. اسمه كما ورد في المصادر التاريخية جلال الدين محمد بن محمد البلخي القوني. اشتهر بمولانا جلال الدين الرومي نسبةً إلى بلاد الّروم «بلاد الاناضول» التي انتقل إليها الحكيم وقضى بها القسم الأكبر من حياته الحافلة بالخصب والإنتاج. ۲ ولد في مدينة بلخ اليوم السادس من ربيع الأول عام ۶۰۴ ه.ق ولذلك لُقّب أحياناً بجلال الدين محمد البلخي ولكنّ اللقب الذي عُرف به بين الباحثين والعلماء على مرّ العصور هو الرّومي: «كان أبوه محمد بن الحسين الخطيبي البكري الشهير ببهاءالدين ولد ويقال إن جلال الدين انتسب من ناحية الأب إلى أبي بكر «الخليفة الأول» ومن ناحية الأم إلى أسرة خوارزمشاه التي كانت تحكم على إقليم ماوراء النهر وأماكن أخرى من شرق العالم الإسلامي. وكانت أول بلاد إسلامية يهجم عليها المغول في مطلع القرن السابع الهجري «الثالث عشر الميلادي».«۳» ويبدو أنّ أباه كان عالماً دينياً من أتباع المذهب الحنفي والظاهر أنّه أحرز شهرة ومكانة عالية جعلته يلقّب بسلطان العلماء «وهاجم الفلاسفة والمتكلمين في زمنه ولعلّ هذا هو السبب فيما روي من اختلافه مع فخر الدين الرازي الذي كان معاصراً له.«۴» وقد اضطر بهاء الدين ولد إلى أن يترك هذه المدينة مع أسرته عام ۶۰۹ ه.ق. والروايات في بيان أسباب ذلك متعددة، منها أنّه اختلف مع حاكم البلاد علاءالدين محمد خوارزمشاه وقيل أيضاً إنه ترك موطنه حين شعر بقرب هجوم المغول وكان جلال الدين حينذاك لايزال في الخامسة من عمره. «و أخذت الأسرة تنتقل من مدينة إلى أخرى. وسارت إلى نيسابور سنة ۶۰۸ ه.ق وزارت الشاعر الفيلسوف الصوفي الكبير فريد الدين العطّار الذي تذكر الروايات إنّه أخذ الطفل جلال الدين بين ذراعيه وقال لوالده إنّ مستقبلاً زاهرا ينتظر هذا الطفل وسيبلغ المرتبة العليا في التصوف. وقيل إنّ الشيخ العطار أهداه بعض الكتب الدينية منها كتابه المشهور «الهي نامة» ونسخة من منظومته «اسرارنامة» «۵» و من هناك ذهبت هذه الأسرة إلى بغداد ثم إلى مكة وانتقلت بعد ذلك إلى ملطية حيث أقامت فيها أربع سنين وبعدها توجّهت العائلة إلى مدينة لاندرة التي تعرف الآن بقرمان فأقامت فيها سبع سنوات.«۶ ويقال أنّ جلال الدين تزوج خلال هذه الفترة فتاة إسمها جوهر خاتون إبنة أشرف الدين السمرقندي فولدت له ولدين إسمهما علاء الدين وبهاء الدين الذي عرف فيما بعد ببهاء الدين سلطان ولد بعد أن نال شهرة كبيرة لأنّه صاحب أوّل منظومة من أمثلة الأشعار التركية وهي المثنوية المعروفة باسم "رباب نامة"وتشتمل على ۱۵۶ بيتاً." ۷" وبعد إقامة الأسرة في لاندرة، تركت لاندرة إلى قونية التي كانت في ذلك الوقت عاصمة للحاكم السلجوقي علاء الدين السلجوقي الذي كان من سلاجقة آسيا الصغرى. وفي سنة ۶۲۸ ه.ق توفي والد الشاعر بهاء الدين في هذه المدينة. فحزن عليه حزناً عميقاً لأنّه كان يدرسه العلوم والمعارف ويعطف عليه ويحبّه كثيراً."۸" تلقى الشاعر تعليمه في أول الأمر على أبيه وبعد مرور فترة قصيرة على وفاة والده ، وصل إلى قونية العالم برهان الدين محقق الترمذي الذي كان صديقاً لوالد جلال الدين وسمع بكرم سلطانها علاء الدين السلجوقي فأقام فيها بعد أن خرج من موطنه الأصلي بسبب الغزو المغولي وعمل برهان الدين بقونية في المنصب الوعظي الذي كان يعمل فيه أبو الرومي و كان جلال الدين يأخذ عنه العلم والمعرفة بعض الوقت. ۹
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: كلمة عن سيرة جلال الدين الرومى الأحد مارس 14, 2010 1:00 pm | |
| ومما روي إنّه سافر إلى حلب بناء على نصح أستاذه برهان الدين فأقام فيها يدرّس ويتعلّم ويقال أنه انتقل منها إلى دمشق ، وكان في دمشق حينذاك الصوفي الكبير محيي الدين ابن عربي فالتقى به ودرس على يديه العلوم الباطنية والتأويلية، واستفاد من معارفه الحقانية وأصبح زميلاً للشيخ صدرالدين القوني تلميذ الشيخ محيى الدين ابن عربي . 10 بعض الروايات لاتذكر أنّ جلال الدين الرومي لقى ابن عربي كما أنّ شعره لايشير إلى شيء من ذلك، وكذلك زيارته لدمشق وإقامته بها سنين طويلة ليست من الأمور التي عندنا توضيحا عن تفاصيلها. عاد جلال الدين الرومي إلى قونية في عام ۶۳۸ ه.ق وكان غياث الدين كيخسرو سلطاناً فيها وهناك اشتغل بالإرشاد والوعظ. ۱۱ولاشك أنّه كان مرشداً وواعظاً كثيرالتأثير ومعلماً استطاع التأثير في تلاميذه ومريديه، فأسلوبه في مجالسه وفي شعره التعليمي يبين براعته وعمق بلاغته: «تولّى جلال الدين التدريس في مدينة قونية بعد وفاة أستاذ برهان الدين محقق سنة ۶۳۸ ه.ق وعمل بالتعليم والإرشاد نحو أربع سنوات. وهناك عطف عليه السلطان السلجوقي وبقى مقيماً في قونية وهناك تجمّع حوله عدد من التلاميذ والمريدين ولم يكن حينذاك يشتغل بنظم الشعر. ۱۲
لقاء الشاعر بشمس الدّين التبريزي ۱۳
ظهرت عبقرية الرومي كشاعر في فترة وصل فيها إلى مرحلة متقدّمة من التكامل الفكري والنفسي، وتلك العبقرية جعلت إنتاجه العقلي بعد أن قارب الأربعين يختلف اختلافاً كلياً عن إنتاجه السابق على ذلك، لقد كان واعظاً وعُدّ من الفقهاء فأصبح صوفياً شاعراً وحكيماً أخلاقياً.«۱۴» كيف حدث كل هذا؟ إنّ المصادر تصور لنا أنّ هذا الانتقال كان فجائياً، حدث بسبب التقاء الشاعر بصوفي كثير التجول كان يدعى شمس الدين التبريزي. حقّاً لقد كان لهذا الرجل أعمق الأثر في نفس جلال الدين ولكن وقوع هذا التحول في حياة الرومي لا يمكن أن يحدث بتلك الصورة المفاجئة. فلابدّ أنّ الرومي كان ميالاً إلى التصوف، نزّاعاً إلى ذلك التأمل الروحي العمي وإنّه بعد التقائه بذلك الصوفي وجد نفسه وأدرك حقيقته فانطلق في طريق التصوف وخلّد اسمه بين شعراء العالم ومفكريه. و كما ذكرنا، «في يوم السبت من شهر جمادي الثانية سنة ۶۴۲ ه.ق حينما كان الشاعر جالساً بقرب غدير ماء في خلوة نفسية ينظم الشعر، مرّ به شيخ كبير تظهر على وجهه علائم الإجلال والاحترام، فرحّب به وأجلسه بجواره، ثم جرى التعارف بينهما وكان ذلك الشيخ من الدّعاة إلى الدّعوة الإسماعيلية يعرف بشمس تبريز. ۱۵ إنّ لقاء الرومي والتبريزي يمثّل أهمّ نقطة من تطوّر روحي عميق عند هذا الشاعر و قد تمّ هذا اللقاء بين الشاعر والتبريزي في عام ۶۴۲ ه.ق بمدينة قونية.كان شمس الدين صوفياً متجولاً بلغ الستين من عمره وجاء به تجواله إلى تلك المدينة وحينما التقى به جلال الدين وجد فيه الإنسان الكامل والمثل الأعلى. وتذكر تراجم الشاعر إنّه أخذ شمس الدين إلى داره وإنّهما بقيا معاً، لا يفترقان مدّة عام أو عامين ولايعلم أحد ماذا تمّ في هذا اللقاء . ولكنّ المؤرخين مُتّفقون على أنّ الرومي قد تحوّل بعد لقاء شمس الدين التبريزي إلى إنسان آخر، اختلفت كلّ أحواله عن ماضيه. إن كتب التراجم لاتقدّم لنا معلومات واضحة عن التبريزي، فأصله غيرمعروف على وجه اليقين و لقد وصفه البعض بأنّه كان شبه أمّي ولكنه كان يعرف دائماً بالحماس الروحي العظيم في حديثه وبأنّه كان ذا أثر بالغ في نفوس من استمعوا إليه. قيل إنّ هذا الصوفي قد مضى دون أن يترك وراءه أثراً يذكر. ولكنّ الباحثين عثروا أخيراً على نص منسوب إليه عنوانه :المقالات. مهما يكن من أمر فقد كان لصداقة الرومي والتبريزي ولهذه المحبّة الروحية الموجودة بينهما أثر عظيم في أشعار الرومي التي هي وليدة لعبقريته وظهرت ثمارها العظيمة في ديوان شمس الذي حافل بغزليات صوفية رائعة ذكرى لصديقه ومرشده الروحي شمس الدين التبريزي. ولم يقف الشاعر عند حدّ نسبة هذا العمل الأدبي في إجماله إلى صديقه فقد إطلق اسمه على ديوانه بل كان في كثير من غزليات هذا الديوان يتخلّص باسم شمس التبريزي «والتخلّص في الغزل الفارسي هو أن يذكر الشاعر إسمه في البيت الأخير من الغزل» فكأنّه ينسب إليه أفضل في هذا الشعر، لأنّه أثار الوجد والمحبّة في روحه حتى وصلت روحه إلى غاية الصفاء والجمال. أمّا القليل من الغزليات الذي خرج فيه عن ذلك فقد تخلّص الشاعر باسم أدبي اتخذه لنفسه وهو خاموش «يقال إنّ جلال الدين أنشأ طريقته الصوفية التي عرفت فيما بعد بالطريقة المولوية ذكرى لهذا الصديق الروحي. ۱۶
| |
|
قدرى جاد Admin
عدد الرسائل : 7397 العمر : 66 تاريخ التسجيل : 14/09/2007
| موضوع: رد: كلمة عن سيرة جلال الدين الرومى الأحد مارس 14, 2010 1:05 pm | |
| الهوامش:
۱-القمم الأربع في الدب الفارسي: حافظ، سعدي، مولوي وفردوسي. ۲-تاريخ ادبيات ايران، ذبيح الله صفا، ج،۳ ص،۱۰۵ بتصرف. ۳-مناقب العارفين، ج،۲ ص،۱۱۲ بتصرف. ۴-مولوي نامة، همائي، ج،۱ ص،۳۸ بتصرف. ۵-عرفان مولوي، عبدالحكيم، ترجمة محمدي ومير علائي، ص،۲۵ بتصرف. ۶-تاريخ ادبيات ايران، صفا، ج،۳ ص،۱۰۷ بتصرف. ۷-زندكي نامه مولوي، سپهسالار، ص ،۴۵ بتصرف. ۸-پله پله تا ملاقات خدا، زرين كوب، ص،۵۲ بتصرف. ۹-مقدمة رومي وتفسير مثنوي معنوي، نيكلسون، ترجمة اوانسيان، ص،۳۱ بتصرف. ۱۰-مناقب العارفين، افلاكي، ج،۲ ص،۱۱۸ بتصرف. ۱۱-تاريخ ادبيات ايران، صفا، ج،۳ ص ،۱۰۸ بتصرف. ۱۲-مولوي نامة، همائي، ج،۱ ص،۵۲ بتصرف. ۱۳-محمد بن ملك داد التبريزي. ۱۴-مكتب شمس، انجوى شيرازي، ص،۴۷ بتصرف. ۱۵-زندگي نامه مولوي، سپهسالار، ص،۷۸ بتصرف. ۱۶-مولانا وطوفان شمس، ، ص،۴۰۳ بتصرف. بقلم حيدر سهرابي
| |
|