لقد أبصرتْ عينيّ رجالاً تبرقعوا | ولوا حسروا ضجت على أرضها السما |
فمن سالكٍ نهجَ الطريق مسافرٍ | إلى سفرٍ يسمو وفي الغيبِ ماسما |
ومن واصلٍ سرَّ الحقيقة ِ صامتٍ | ولو نطق المسكين عجزه الورى |
ومن قائمٍ بالحال في بيت مقدسٍ | فلا نفسه تظمأ ولا سرُّه ارتوى |
ومن واقفٍ للخلقِ عند مقامهِ | ومنزلهُ في الغيبِ منزلهُ الأسا |
ومن ظاهرٍ وسط المكانِ مبرِّز | له حكمة تسمو على كلِّ مستمى |
ومن شاطحٍ لم يلتفتْ لحقيقة ٍ | قد أنزلهُ دعواهُ منزلة َ الهبا |
ومن نيراتٍ في القلوبِ طوالعٍ | تدل على المعنى ومن يتصل يرى |
ومن عاشقٍ سرَّ الذهابِ متيمٍ | قدأنحله الشوقُ المبرحُ والجوى |
وصاحبُ أنفاسٍ تراه مسلطاً | على نارِ أشواقٍ بها قلبهُ اكتوى |
ومن كاتمٍ للسرِّ يظهر ضده | عليه لطلاَّبِ المشاهدِ بالتقى |
ومن فاضلٍ والفضلُ حَقٌّ وجودُه | ولكنَّ مايرجوه في راحة ِ الندى |
ومن سيِّدٍ أمسى أديبَ زمانه | يقابلُ من يلقاه من حيثُ ما جرى |
ومن ماهرٍ حازَ الرياضة َ واعتلى | فصار ينادي بالأسنَّة ِ واللهى |
ومن ْ متحلٍّ بالصفاتِ التي حدا | بأجسادها حادي المنية ِ للبلى |
ومن متحلّ طالبِ الأنس بالذي | تأزَّر بالجسمِ الترابيّ وارتدى |
ومستيقظٍ بالانزعاجِ لعلة | أصابتهُ مطروحاً على فرشِ العمى |
فقامَ له سرُّ التجلي بقلبهِ | فلم يفنَ في الغير الدنيّ ولا الدنا |
ومن شاهد للحق بالحقِّ قائم | لهُ همتهُ تفني الزوائدَ والفنا |
ومن كاشفٍ وهو الأتمُّ حقيقة ً | ولولا أبو العباسِ ما انصرفَ القضا |
ومن حائرٍ قد حيَّرته لوائحُ | تقولُ له قد أفلحَ اليومَ مَنْ رقى |
ومن شاربٍ حتى القيامة ما ارتوى | ومن ذائقٍ لم يدرِ ما لذة َ الطوى |
ومن عزمة ِ والمكرُ فيها مضمن | ومن اصطلامٍ حلَّ في مضمرِ الحشا |
ومن واجدٍ قد قامَ منْ متواجدٍ | فأبدى له الوجدُ الوجودَ وما زها |
ومن ساترٍ علماً وهو إشارة ٌ | إلى عارفٍ فوقَ الأقاويلِ والحجى |
ومن ناشر يوماً جناحَ يقينه | يطيرُ ويسري في الهواءِ بلا هوى |
ومن باسطٍ كفَّيه وهي بخيلة ٌ | ولولا وجودُ البخلِ مامدح الندى |
وصاحبِ إثباتٍ عظيمٍ جلالُه | تتوجَ بالجوزاءِ وانتعلَ السهى |