دع الخليقة -
لتكون أنت هـــو ، وهو أنت من حيث الحقيقة -
.
و ترك الأهل عند موسي رمز لترك النفس للأهل و الحجب عموما و العلائق ليس عند الحلاج فحسب بل عند الصوفية و الزهاد و الحكمة ككل ليصل صوت الحقيقة من ركن القلب
من لدن الحق
الحلاج الجمالي
صفات الحلاج نفسه
رؤية عاشق تشكيلي
يهندس الحروف و يرسمها و يشكلها في انماط هندسية متشابكة
و يرقي بذلك بالعقل الإيماني الي نظام كبير لا يخطئ عقيدة العاشق
بحقيقة العبد ضحية الإله الكبري للعالمين
للفداء الإنساني كله و الذبح العظيم
فنحن نخاطب الذات علي مستوي الشهود و الإستشهاد و شهادة الشهود
حيثما كانت المقتضيات السياسية و قتها
و لمقام الشهادة مضطهد و مشهد لا يشاهده المشاهدون
فهو مقام ابتلاء عملي لا يقرأه غير صاحبه
غير آبه لعواقب ما يعادي به الآخر الدنيوي البحت
يقول الحلاج
- دنيا تخادعني كأني ليس أعرف حالها
حظر الإله حرامها وأنا اجتنبت حلالها
مدت إليّ يمينها فرددتها وشمالها ورأيتها محتاجةً فرددت جملتها لها
ومتى عرفت وصالها حتى أخاف ملامها - .
ففي تحجر العقول يبزغ مشهد الواحدية و التوحيد و الأحدية
بصخرتها و صحرائها و شهادتها
كالغاطس بين عالمين
و طودين
بغية الوصول للهدف و الهدف بسيط
و هو انطلاق الروح من سجن البدن
قأرواح العشاق تهزم الموت و تدوس العدم
و لا تبالي بالجسد في أي نهر افاضته النار الي الماء
و الحياة من جديد في مشاهدة الحبيب الذي هو متجلي في كل حيث و آن
حق المراد الحي الباقي
- أنا حبيسٌ فقل لي متى يكون الفكاك
حتى يظاهر روحي ما مضها من جفاك
و
أنا الذي نفسهُ تشوقهُ لحتفهِ عنوةً وقد عَلِقَتْ -
و
و هو المحب العاشق بمعني ذلك و تجربته العاطفية جدا و التي تستدعي الشفقة ككل تجارب العشاق و تنتهي نهاية مفجعة لقارئيها صريع العشق و الحب كعادة المعدودين من نجوم العشق بأحزانهم و دموعهم وعذاب المحبوب بنار الحب و تعاقب ذلك بالخوف و السهر و الشوق علي صرعي ليلي
و التي هي الحقيقة علي حرف اللام و التعريف و اللا معرفة
بجنون المحبين و الذاكرين و العشاق مسوقا الي حتفه الذي يتنبأ به كثيرا أنه علي الصليب يموت شهيد حقيقته و فداءا لمبدأه محفوفا بأصحابه و محبيه
مشرقا بروحه و تجربته الي وقتنا
أنا حزينٌ معذبٌ قلقٌ
روحيَّ من أسر حبها أبقت -
كيف بقائي وقد رمى
كبدي بأسهمٍ من لحاظهِ رُشقت
فلو لفطنٍ تعرضت كبدي ذابت بحر الهموم وأحترقت
باحت بما في الضمير يكتمهُ دموعُ بثٍ بسرهِ نطقت - .
------
فافهم إن كنت تفهم يا أيها الصابر كيف تمتزج روح المحب بصورة محبوبه
و هنا محل اتهام الحلاج في اقواله التي اتهموه فيها بالقول بمقولة الإتحاد
دون التفرقة بين خطاب عاطفي يحمل بذور المصطلحات و بين مقولات ذوقية يفسرها المختلفون بمعاني حلولية بينما يخبئ المتصوفة رموزهم داخل الفاظ مسموعة لكن علي نحو رمزي و روحي بعيدا عن تجسيداتنا للكلمات و تحديداتنا لها و تصورها كأنها بناء صوري يسخر منه كثيرا الزهاد و يعلنون عداءهم الواضح للشكل الدنيوي الكاذب و المخادع و الترابي طالبين عالم واحدي متواحد يبقي فيه المحبوب هو الموجود الواحد داخل قلب الولي الذي خلي قلبه لحبيبه بالفعل يراه من خلال قلب مقدس رمزي للإنسان عموما لعبد محب و رب متجلي بالكرم الروحي علي عباده الرحمانيين رب متصل و متواصل و ذلك مثلا حرف الصاد عند الحلاج
و لدرج ذلك أوراد المتصوفة من أذكار و صلوات علي النبي صلي الله عليه و سلم فالصلاة صلة و اتصال
فهو يومه و ليله و نهاره و حتي حروفه و اسماء الأشياء من حيث قلبه و خطابه الداخلي لمحبوب قريب جدا بعيد جدا
مُزجت روحك في روحي كما تمزج الخمرةُ بالماء الزلال -
فإذا مسك شيءٌ مسني فإذاً أنت أنا في كل حال -
--
شغلت جوانحي عن كُلِ شُغُلٍ فكلي فيك مشغولٌ بكلي - -
--- ---
ومثلي مثل تلك الشجرة --
فهذا كلامه
فالحقيقةُ حقيقه -
والخليقةُ خليقه
دع الخليقة