قال : الموت صنفان , موت قدري وموت اختياري ,فأما القدري فهو المعروف عند الناس بموت الجسد , وعندنا هو تحرر الروح الحيوانية من الجسد وانقطاع الفعل في الحياة والعلاقة , فيكون لها ما بعد ذلك من حياة البرزخ والبعث والحساب وجنة أو نار , فاعلم انه من كان الجسد شغله الشاغل في هذه الدنيا ( ينعمه بالطعام والشراب والجماع والتنقل وحب المال والظهور بين الناس ...) فانه يفنى , وماذا يبقى له من كل ذلك هذا الشغل والكبد ؟ . ومن كان فيه رشة من نور فان هذه الحياة كلها لا تقنعه فلا يرى في الجسد هدفا بل وسيلة للترقي .
أما الموت الاختياري فهو التخلي عن الرغبات الجسدية والإنسانية عن طريق السلوك إلى الحق بتوفيق من الله وإرادة السالك , فيكون الجسد في هذه الحياة بمثابة الأداة للترقي . ولا ترقى عن الجسد إلا بمعرفة ما يحتويه من الغرائز الحيوانية والإنسانية , فإذا عرفت خصائصه الفرعونية أمدك الله بموسى وصعدت فوق الجبل , فتصعق وتموت الموت الاختياري وتناجي الحق . فيكون الجسد كالقميص الذي خلعته متى شئت وتلبسته عند الضرورة , فافهم .