صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: مفهوم الإصلاح السياسي عند جمال الدين الافغانى الجمعة مارس 14, 2014 8:32 am | |
| مفهوم الإصلاح السياسي عند جمال الدين الافغانى د.صبري محمد خليل / أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم sabri.m.khalil@hotmail.com سيرته الذاتية : ولد جمال الدین الافغانى عام 1839م- 1254 هـ ، في مدينه أسعد آباد بأفغانستان ، سافر إلى الهند وأقام بها سنة وبضعة أشهر لدراسة العلوم الحديثة و اللغة الإنجليزية، ثم سافر إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج عام 1857 م - 1273 هـ، ، ثم عاد إلى أفغانستان ، وعمل في حكومتها في عهد الأمير درست محمد خان، ثم سافر إلى الهند عام 1869م - 1285 ه ، وسافر إلى مصر لأول مره أوائل عام 1870م - أواخر عام 1286 هـ، وأقام فيها أربعين يوما ً، ثم زار مصر مره أخرى عام 1288 هـ - 1871م ، وبعد إخفاق الثورة العرابية ، واحتلال الإنجليز مصر، خيروه في بالذهاب إلي إي بلد ، فاختار الذهاب إلى أوروبا وسافر إليها عام 1883، فزار مدينة لندن، ثم انتقل إلي باريس، وكان تلميذه محمد عبده منفياً في بيروت عقب إخماد الثورة، فدعاه إلى باريس ، فوافاه إليها، وهناك أصدر جريدة (العروة الوثقى) ، ثم سافر عام 1886 - 1303 هـ إلى إيران ثم روسيا ثم البصرة ، ثم عاد إلى لندن مره أخرى ، ذهب إلى الأستانة عام 1892 ، وتوفى بها صبيحة الثلاثاء 9 مارس سنة 1897م . العروة الوثقى : ركزت جريد ه" العروة الوثقى" ، التي أصدرها الافغانى بمساعده محمد عبده ، على مدى أعدادها الثمانية عشر، على الهجوم على الاستعمار الانجليزي والدعوة إلى الوحدة الإسلامية وشرح الأفكار الإسلامية والتأكيد على عدم تعارضها مع الحياة المعاصرة، إضافة إلى متابعات للأحداث في مصر والسودان والهند وإيران وغيرها، هذا بخلاف المقالات الفلسفية العامة. وقد أزعجت الجريدة سلطات الاحتلال الإنجليزي بما تشنه من هجوم على الاستعمار، لذلك منعت الحكومة المصرية دخول “العروة الوثقى”. وقد توقف إصدار الجريدة في “أكتوبر1884″ لعدم وجود تمويل مالي. الإصلاح الديني: كما دعا الافغانى إلى الإصلاح الديني ، وكان يرى أن القاعدة الأساسية للإصلاح هي الاعتماد على القرآن الكريم، فالقرآن وحده سبب الهداية وأساس الإصلاح، والسبيل إلى نهضة الأمة حيث قول (ومن مزايا القرآن أن العرب قبل إنزال القرآن عليهم كانوا في حالة همجية لا توصف؛ فلم يمض عليهم قرن ونصف قرن حتى ملكوا عالم زمانهم، وفاقوا أمم الأرض سياسة وعلمًا وفلسفة وصناعة وتجارة).. فالإصلاح الديني عنده لا يقوم إلا على القرآن وحده أولاً، ثم فهمه فهمًا صحيحًا حرًا، وذلك يكون بتهذيب علومنا الموصلة إليه، وتمهيد الطريق إليها، وتقريبها إلى أذهان متناوليها. الإصلاح السياسي : كما دعا الافغانى إلى تحقيق الإصلاح السياسي من خلال محاربة الاستبداد ومواجهه الاستعمار الغربي . فكره الجامعة الاسلاميه : ودعا جمال الدين الافغانى إلى الجامعة الاسلاميه ، والتي تأخذ عنده شكل اتحاد العالم الاسلامى ، في حلف دفاعي كبير ، في مواجهه الدول الغربية الاستعمارية ، والتي تنتحل الأعذار للهجوم والعدوان على الدول الاسلاميه ، كما يرى الافغانى انه لكي ينجح هذا التحالف في تحقيق غايته (مواجهه الدول الغربية الاستعمارية )، يجب عليه أن يأخذ بأسباب التقدم في الغرب. الدعوة للوحدة ورفض التتريك: وحذر الافغانى من الصراع القومي بين الأمم المسلمة ، وفى ذات الوقت رفض حركه التتريك التى كانت تهدف إلى فرض اللغة التركية ، ودعا إلى اعتماد اللغة العربية كلغة رسميه للجامعة الاسلاميه باعتبارها لغة القران والإسلام. الوحدة المذهبية والتقريب بين المذاهب : وسعى الأفغاني إلى ردم الهوة التي تفصل بين السنة و الشيعة. إذ اعتبر الأفغاني أن الاختلاف بين التيار السني الرئيس ونظيره الشيعي اختلافاً هامشياً، وأن هذا الانقسام لا يفيد أيّـاً من الطائفتين ولا يخدم إلا مصالح الحكام المستبدين الذين سعوا تاريخياً للتهويل من ذلك الانقسام لاستغلاله في تعزيز حكمهم الاستبدادي. كما انتقد الأفغاني المواقف العدائية التي يتخذها المتطرفون من كلا الطائفتين من بعضهم بعضا. رفض التقليد : كما أدان الأفغاني الاتجاه السائد بين المسلمين نحو التقليد الأعمى لأئمة المذاهب، ورفض أن يلزم نفسه بمذهب أو إمام بعينه، مؤكداً على أنه مسلم بلا مذهب وعالم له اجتهاده الخاص في الإسلام. موقفه من الاشتراكية : أما موقف الافغانى من الاشتراكية فيقوم على تجاوز موقفي الرفض المطلق أو القبول المطلق إلى موقف نقدي يقوم على التمييز بين الدلالات المتعددة لمصطلح الاشتراكية أولا: الدلالة العامة المشتركة : وتتمثل في التحرر من القهر الاقتصادي وسيطرة الشعب على وسائل الإنتاج والتخطيط الاقتصادي والملكية العامة لوسائل الإنتاج الاساسيه .... و يرى أن الإسلام لا يتناقض مع هذه الدلالة من دلالات مصطلح الاشتراكية ، حيث يرى في خاطراته أن الاشتراكية هي التي ستؤدي حقاً مهضوماً لأكثرية من الشعب العامل، وان منبعها الإسلام كثقافة ودين، حيث يشير إلى الإخاء الذي عقده رسول الله بين المهاجرين والأنصار، ويرى أن الدولة العربية الإسلامية الأولى في عهد النبي وخليفتيه أبو بكر وعمر كانت بمثابة تجربة اشتراكية (أول من عمل بالاشتراكية بعد التدين بالإسلام، هم أكابر الخلفاء من الصحابة، وأعظم المحرضين على العمل بالاشتراكية كذلك من أكابر الصحابة أيضا (الأعمال الكاملة للأفغاني، ج,1 ص.107(، ويرى الأفغاني أن البداوة أحد أصول الاشتراكية في الإسلام ( الاشتراكية في الإسلام.. ملتصقة في خلق أهله عندما كانوا أهل بداوة وجاهلية)(الخاطرات ص 234)، كما يقف موقفاً واضحاً تجاه الذين يكفرون مناصري الاشتراكية ويخرجونهم من الملة، حيث يجيب على سؤال لأحد مجالسيه عن تكفير مشايخ الإسلام للاشتراكية، بأن الاشتراكية وإن قل ناصروها اليوم فإنها ستسود العالم عندما يعم العلم الصحيح ويشعر البشر بأنهم إخوة، وأن التفاضل بالأنفع للمجموع وليس بالسلطان السياسي أو المالي أو العسكر وإنما يحتاج الأمر إلى الشجاعة والبسالة والجهر بالحق كما قال المسيح ''بيتي بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة للصوص) (جمال الدين الأفغاني - حسن حنفي ص. 113) ثانيا: الدلالة الخاصة المنفردة : اى ما اكتسبه مفهوم الاشتراكية من معنى كمحصله لتطبيقه في واقع المجتمعات الأخرى، والذي تنفرد بفهمه فلسفات ومناهج معرفه معينه، وهنا يرى الافغانى أن الموقف الإسلامي الصحيح من هذه الدلالة يقوم على اخذ وقبول ما لا يناقض أصول الدين وواقع المجتمعات المسلمة، ورد ورفض ما يناقضهما ، لذا يتحفظ كثير من أوجه الاشتراكية الغربية. موقفه من الثورة : وقد حرض الافغانى الشعوب المسلمة على الثورة على الظلم يقول (“أنت أيها الفلاح المسكين تشق قلب الأرض لتستنبت ما تسد به الرمق وتقوم بأود العيال.. فلماذا لا تشق قلب ظالمك؟ لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون ثمرة أتعابك؟”)، وكان من المحرضين على الثورة العربية في مصر،وغيرها من الثورات في العالم الاسلامى. . الرد على الدهريين : وقد ألف الافغانى كتاب (رسالة في إبطال مذهب الدهريين) باللغة الفارسية ، وقام بترجمته إلى العربية الإمام محمد عبده ، ونقد فيه المذهب الدهرى (المذهب المادي) ، ومضمون هذا النقد أن الأديان هي علة العمران، وعليها تتوقف سعادة الإنسان ، خلافا للدهريون التي تؤدى تعاليمهم إلى إنكار هذه السنن، فتنزل الإنسان منزلة الحيوان، وتفقده الباعث على الخير، . وتعده لحياة جامدة ضيقة جافة لا قلب لها ولا سمو فيها، وهذا انتكاس لخلقه وهدم لكيانه.
| |
|