صبرى محمد خليل
عدد الرسائل : 187 تاريخ التسجيل : 19/12/2009
| موضوع: الإصلاح السياسي عند عبد الرحمن الكواكبي السبت مارس 15, 2014 9:12 pm | |
| الإصلاح السياسي عند عبد الرحمن الكواكبي د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفة القيم الاسلاميه بجامعه الخرطوم sabri.m.khalil@hotmail.com سيرته الذاتية : ولد عبد الرحمن الكواكبي في 23 شوال سنة 1271هـ الموافق 9 يوليو 1855 في مدينة حلب السورية ، درس الشريعة والأدب وعلوم الطبيعة والرياضة في المدرسة الكواكبية التي كان يشرف عليها ويدرّس فيها والده مع نفر من كبار العلماء في حلب، بدأ حياته العملية بالكتابة إلى الصحافة، وعين محرراً في جريدة الفرات التي كانت تصدر في حلب ، أصدر على صحيفيتى «الشهباء» و «الاعتدال» التوالي وقامت السلطات بإيقافهما عن الصدور، درس الحقوق وتقلد عدة مناصب في ولاية حلب ، سافر الكواكبي إلى الهند والصين وسواحل شرق آسيا وسواحل أفريقيا ، وإلى مصر التي ذاع صيته فيها وتتلمذ على يديه فيها الكثيرون ، توفي في القاهرة يوم الجمعة 6 ربيع الأول لعام 1320 هـ الموافق 13 يونيو 1902 .
مقاومه الاستبداد : أساس الإصلاح السياسي عند الكواكبي هو مقاومه الاستبداد ، وقد تطرق لهذا الموضوع في اغلب كتاباته ، فضلا عن تخصيصه كتاب «طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد» لتناوله ، حيث يرى الكواكبي أن الاجابه على السؤال : ما هو داء الشرق وما دواؤه ؟ تشكل مبحث أولى في علم السياسة الذي يعرفه بـأنه " إدارة الشـؤون المشتركـة بمقتضـى الحكمـة " ،وهو ما يتناقض مع الاستبداد الذي يعني عنده " التصرف في الشؤون المشتركة بمقتضى الهـوى " ، ويرى الكواكبي أن الاستبداد المقصود هنا استبداد الحكومات ، ويعرف في اصطـلاح السياسـة بأنه "هـو تصـرف فـرد أو جمـع في حقـوق قـوم بالمشيئـة و بلا خـوف تبــعه ". الإسلام يرفض الاستبداد: كما يناقش الكواكبي العلاقة بين الاستبداد والدين، وهنا لا يـوافق الكواكبي من يقـولون أن الاستبداد السياسي متولـد مـن الاستبداد الـديني ، لأن الاستبداد في نظـره هـو الذي يحـرف الـدين عـن طـريق أعـوانه من العلماء و الفقهاء ، فالإسلام جـاء محكمـا لقـواعـد الحـريـة السياسية ونـزع كـل سلطـة تغلبيه... ووفق هـذه القـواعد بنيت دولـة الإسـلام عهد النبي (عليه السلام) و عهد الخلفاء الراشدين , وعليه لا مجـال لـرمي الديانة الإسلاميـة بتـأييد الاستبداد لأنـه ليس فيها نفـوذ مطلـق في غيـر المسـائـل الشعائـريـة . استبدال نظام الاستبداد بنظام الشورى والعدل : كما تبنى الكواكبي أسلوب عملي دعي من خلاله إلى هـدم النظـام القائـم الذي وصفه بأنه " نظـام مستبد مطلق قـدري جبـري مذهبي طبقي تقليدي وأسيـر للأوهـام و التعصب والجهل و النفاق و التخلف " ، و استبداله بنظـام أخـر قـائم على مبـادئ العدل و الشورى . أساليب التغيير عند الكواكبي : يتبنى الكواكبي أسلوبا للتغيير يعتمد المرحلية و التدرج حيث يقول(انه يلـزم أولا تنبيه حس الأمـة بآلام الاستبداد , ثم يلزم حملها على القواعد الأساسية المناسبة لها , بحيث يشمل ذلك كل أفكار كل طبقاتها , و الأولى أن يبقى ذلك تحت مخض العقول سنين بل عشرات السنين حتى ينضج تماما , وحتى يحصل ظهور التلهف الحقيقي على نوال الحرية في الطبقات العليا و التمني في الطبقات السفلى )، ومع ذلك فان الكواكبي لـم ينف فكرة الثورة نهائيا , ولكنه نصح باللجوء إليها وفق تخطيط عقلاني يوجه مسارها ، حيث يقول( الاستبداد لا ينبغي أن يقام بالعنف كي لا تكـون فتنة تحصد الناس حصـدا ,نعم , الاستبداد قد يبلغ من الشدة درجـة تنفجر عندهـا الفتنة انفجارا طبيعيا فإذا كان في الأمـة عقـلاء يتباعـدون عنهـا ابتداء , حتى إذا اسكنت ثورتها نـوعا , وقضت وظيفتها في حصد المنافقين , حينئذ يستعملون الحكومة في توجيه ألأفكـار نحو تأسيس العدالـة وخير ما تؤسس يكـون بإقامة حكومة لا عهد لرجالها بالاستبداد و لا علاقة لهم بالفتنـة ) العدالة الاجتماعية والاشتراكية عنـد الكواكبـي: كما تناول الكواكبي قضيه العدالة الاجتماعية والاشتراكية في كتابه " طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد" ، حيث عالج في فصل بعنوان " الاستبداد والمال " هذه القضية من خلال بحثه عن علاقة الإنسان بالإنسان ، ودور السلطة في تنظيم هذه العلاقة ، التي يراها قائمة على الظلم القائم في فطرة الإنسان ، حيث يقول( إن بحث الاستبداد والمال بحث قوي العلاقة بالظلم القائم في فطرة الإنسان ، ولهذا رأيت أن لا بـأس في الاستطراد لمقدمات تتعلـق نتائجهـا بالاستبداد الاجتماعي المحمي بقلاع الاستبداد السياسي " والاستبداد الاجتماعي يحدث في نظر الكواكبي عندما يجتمع المال في أيدي الأغنياء بالغلبـة والخداع ، وهذا ما يعرف بالاحتكار الذي يساعد على إيجاد نوع من الاستبداد المالي، الذي يمهد الطريق إلى إحداث نظام طبقي داخل المجتمع بين أفراد الشعب " فئة المستغلين والمستعلين " ، فتعمل فئة المستغلين على توطيد الاستبداد السياسي .. وفى ذات الوقت فان الكواكبي يرفض القول بالمساواة المطلقة بين كل أفراد الشعب بقطع النظر عن الجهد و العمل النافع والعلم، كما في النزعات الاشتراكبه المتطرفة. الوحدة الاسلامبه: كما تناول الكواكبي قضيه الوحدة الاسلاميه من خلال كتابه " أم القرى "، الذي يتصور فيه مؤتمر خيالي عقدا في مكة المكرمة ، و يضم (24) مندوباً يمثلون أقطار العالم الإسلامي ، ويصف فيه أعراض المرض لدى المسلمين ،و المتمثل بالجهل المطلق ، والخلل من التسلط والقمع، وينبه إلى سوء العاقبة ، و يوجه اللوم إلى العلماء والأمراء كافة ، فحين يتم إصلاح أنفسهم تنصلح الرعية، ثم يشرح من خلال مداخلات الأعضاء مفاصل الداء وأعراضه وجراثيمه ، ويصف الدواء مفصلاً عبر اجتماع الأمة وصولاً لوضع قانون لتأسيس جمعية تعليمية فيها 48 قضية بحاجة إلى حل وإصلاح. الرياده العربية للجامعة الاسلاميه : كما يدعو الكواكبي لعودة الخلافة إلى العرب ، حيث يقول على في كتاب" أم القرى" على لسان الأمير الهندي ( من الضروري وجود خليفة عربي يستلم زمام الرابطة الدينية، ولا يكون حاكماً وتدار البلاد ذاتياً بحاكم مدني يخضع لمجلس الشورى) ، كما اختار لرئاسة مؤتمر"أم القرى" و أمانة سره رجال عرب ، كما يرى الكواكبي أن هناك 26 سبباً يجعل العرب محور العالم الإسلامي و قادته منها : المركز الاستراتيجي للمنطقة العربية، ودورها الحضاري ، والاماكن المقدسة للديانات الثلاث على أرضها، وعراقة لغتها لغة القرآن الكريم كتاب المسلمين الأوحد لديانتهم. تجديد الدين : كما تناول الكواكبي في اغلب دراساته ضرورة تجديد الدين ، وإزالة الزيادات الباطلة (البدع) ، فالدين كما يراه ليس رديفاً للاستبداد و لا عوناً له ، وهو يرى أن ما يدين به أكثر المسلمين هو دين تشويش و تشديد ، يقوده رجال أسماهم بالمتعممين يضللون المسلم بتفاسير، و استعارات أسطورية وخرافية لا أصل لها في دين الإسلام ولا في غيره من الأديان التي اعتمدت الحكمة و العقل.
| |
|