المحبة تستولي على المحب فلا يشاهد غير المحبوب.. فإذا صدقت هذه الحالة تلاشت أوصاف المحب وبقيت أوصاف المحبوب.
فإن المحب إذا أخلص في الحب عُصم قلبه وأوحي إلى خاطره وحُرس سره أن يهجس فيه غير محبوبه..
فإن من راقب الحب عند خطرات قلبه عصمه عند حركات جوارحه.
" حركاتِ القلبِ والجوارحِ إذا كانت كلُّها لله فقد كمُلَ إيمان العبد بذلك ظاهراً وباطناً ،
ويلزم من صلاح حركات القلبِ صلاحُ حركات الجوارح ،
فإذا كان القلبُ صالحاً ليس فيهِ إلاَّ إرادةُ الله وإرادة ما يريده لم تنبعث الجوارحُ إلاَّ فيما يريده الله ،
فسارعت إلى ما فيه رضاه ، وكفَّتْ عمَّا يكرهه ، وعمَّا يخشى أنْ يكونَ مما يكرهه وإنْ لمْ يتيقن ذلك ."جامع العلوم والحكم (1/213 ) .
الحب فى طبقات الصوفية
قال ذا النون - وسئل عن المحبَّة – قال : " ان تُحبَّ ما أحَبَّ اللهُ ؛ وتبْغضَ ما أبغض اللهُ؛ وتفعلَ الخيرَ كلَّه؛
وترفضَ كلَّ ما يشغَلُ عن الله؛ وألا تخافَ في اللهِ لومه لائم؛ مع العطْفِ للمؤمنين، والغِلْظة عَلَى الْكافرين ؛
واتِّباع رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، في الدِّين " .
وقال أبو يزيد البسطامى : " الجنَّةُ لا خَطَر لها عندَ أَهْلِ المَحَبَّةِ. وأَهْلُ المحبَّة مَحْجوبون بمحبَّتِهِمْ " .
قال معروفٌ عن المحبَّةِ ، : " المحبَّةُ ليست من تعليم الخلقِ، إنما هى من مواهب الحَقِّ وفَضْلِه " .
قال أحمدُ بنُ أبى الحواريِّ : " من أحبَّ أن يُعرَف بشيءِ من الخير، أ، يُذكَرَ به،
فقد أَشْرَك في عِبادته؛ لأَنَّ من عَبَد على المحبَّة، لا يُحِبُّ أن يرى خِدْمتَه سوى محبوبِه " .
وقال أحمد : " حقيقةُ المعرفة : المحبةُ له بالقلب، والذِّكْر له باللسان، وقطعُ الهِمَّة عن كلِّ شيءٍ سواه " .
سألت الجُنَيْد عن المحبةِ، فقال: تريد الإشارة؟. قلت : لا. قال: تريد الدَّعْوى؟، قلت : لا. قال: فأَيْش تريد؟. قلت: عينَ المحبة.
فقال : أن تحب ما يحب اللهُ تعالى في عباده ، و تكره ما يكره الله تعالى في عباده " .
قالَ رُوَيْم
قالَ، و سُئِل عن المحبَّة، فقال: " الموافَقَةُ في جميع الأحوال " . و أنشد: و لو قُلتِ لي: مُتْ، مُتُّ سَمْعًا و طاعةً و قلتُ لِداعي الموتِ أَهلاً و مَرحباً
عَمْرُو بنُ عثمان المكىُّ : " اعلم أن المحبَّة داخلة في الرِّضا،
ولا محبة إلا بالرضا ولا رِضاً إلا بمحبة؛لأنك لا تحب إلا ما رَضِيتَ وارتَضَيْتَ، ولا ترضى إلا ما أحببتَ ".
العباس بنَ مَسروق:
" شجرةُ المعرفة تُسقَى بماء الفِكْرة. و شجرةُ الغفلة تُسْقَى بماء الجهل. و شجرة التوبةِ تُسْقَى بماء الندامة. و شجرة المحبَّةِ تُسْقَى بماء الاتِّفاقِ و المراقبةِ و الإيثارِ "
علي الجُوزْجَانِيَّ يقول: " ثلاثةُ أشياء من عَقْد التوحيد: الخوف، و الرجاء، و المحبَّة. فزيادةُ الخوف من كَثْرة الذنوب لرؤية الوعيد.
و زيادةُ الرجاءِ من اكتساب الخير لرؤية الوَعْد، و زيادةُ المحبَّة من كثرة الذكر لرؤية المِنَّة.
فالخائفُ لا يستريح من الهَرَب، و الراحي لا يستريح من الطَّلَب، و المحبُّ لا يستريح من ذِكْر المحبوب.
فالخوف نار مُنَوَّرة، و الرجاء نور منوِّر، و المحبَّة نور الأنوار " .
أبا عمرو الدمشقى، يقول : خواص خصال العارفين أربعة أشياء:
السياسة، والرياضة، والحراسة، والرعاية، فالسياسة والرياضة ظاهرا؛ والحراسة والرعاية باطنان.
فبالسياسة يصل العبد إلى التطهير، وبالرياضة يصل إلى التحقيق. والسياسة حفظ النفس ومعرفتها، والرياضة مخالفة النفس ومعاداتها،
والحراسة معاينة بر اللّه فى الضمائر، والرعاية مراعاة حقوق المولى بالسرائر.
وميراث السياسة القيام على وفاء العبودية، وميراث الرياضة الرضا عند الحكم، وميراث الحراسة الصفوة والمشاهدة،
وميراث الرعاية المحبة والهيبة ثم الوفاء متصل بالصفاء، والرضا متصل بالمحبة ، علمه من علمه، وجهله من جهله .
محمد بن حامد، يقول : الفكرة على خمسة أوجه: فكرة فى آيات اللّه وعلاماته، يتولد منها المعرفة.
وفكرة فى آلاء اللّه ونعمائه، يتولد منها المحبة .
قال أبو الحسن ابن الصائغ أهل المحبة - فى لهيب شوقهم إلى محبوبهم - يتنعمون فى ذلك اللهيب ، أحسن مما يتنعم أهل الجنة، فيما أُهلوا له من النعيم..
سمعت ابا عبد اللّه الصبيح
ابتلى الخلائق، بأسرهم فى الدعاوى العريضة فى المغيب؛ فإذا أضلَّتهم هيبة المشهد خرسوا، وانقمعوا، وصاروا لاشيء.
ولو صدقوا فى دعواهم لبرزوا - عند المشاهدة - كما برز نبينا، صلى اللّه عليه وسلم،
وتقدَّم الخلائق بقدم الصدق حين طلب إليه الشفاعة، فقال: أنا لها. لم ترعبه هيبة الموقف، لما كان عليه من قدم الصدق .