الباب السادس والثلاثون في التوراة. كتاب الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل للعارف بالله عبد الكريم الجيلي
كتاب الإنسان الكامل في معرفة الأواخر والأوائل سيدي عبد الكريم الجيلي رضي الله عنه
الباب السادس والثلاثون في التوراة
أنزل الله تعالى التوراة على موسى في تسعة ألواح وأمره أن يبلغ سبعة منها ويترك لوحين، لان العقول لا تكاد تقبل ما في ذينك اللوحين، فلو أبرزهما موسى انتقض عليه ما يطلبه و?ان لا يؤمن به رجل واحد،
فهما مخصوصان موسی علیه السلام دون غيره من أهل ذلك الزمان.
وكانت الألواح التي أمر بتبليغها فيها علوم الأولين والآخرين، إلا علم محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلم إبراهيم ، وعلم عيسى، عليهما الصلاة والسلام، وعلم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم .
فإنه لم تتضمنه التوراة خصوصية لمحمد صلى الله عليه وسلم وورثته، وا?راماً لإبراهیم و عیسی عليهما السلام.
و ?انت الالواح من حجر المرمر، أعني الألواح السبعة التي أمر بتبليغها موسى، بخلاف اللوحين فإنهما كانا من نوره.
ولهذا قست قلوبهم لأن الألواح من الحجارة وجميع ما تضمنته الألواح مشتمل على سبعة أنواع من المقتضيات الإلهية على عدد الألواح:
فاللوح الأول: النور.
واللوح الثاني: الهدي.
قال الله تعالى: "إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون" 44 سورة المائدة
واللوح الثالث: الحكمة.
واللوح الرابع: القوى.
واللوح الخامس: الحكم.
واللوح السادس: العبودية.
واللوح السابع: وضوح طريق السعادة من طريق الشقاوة وتبيين ما هو الأولى.
فهذه سبعة اللواح أمر موسی علیه السلام بتبلیغها.
وأما اللوحان المخصوصان بموسى:
فاللوح الأول: لوح الربوبية.
واللوح الثاني: لوح القدرة.
ولهذا لم يكمل أحد من قوم موسى لأنه لم يؤمر بإبراز التسعة ألواح.
فلم يكمل أحد من قومه بعده ولم يرثه أحد من قومه.
بخلاف محمد صلى الله عليه وسلم فإنه ما ترك شيئاً إلا وبلغه إلينا.
قال الله تعالى:"ما فرطنا في الكتاب من شيء" .
وقال تعالى: "وكل شيء فصلناه تفصيلا".
ولهذا كانت ملته خير الملل، ونسخ بدينه جمیع الأديان، لأنه أتى بجميع ما أتوا به وزاد عليهم ما لم يأتوا به، فنسخت أديانهم لنقصها، و شهر دینه ب?ماله.
قال الله تعالى: "الیوم آ?ملت ل?م دین?م و اتممت عليكم نعمتي". 3 سورة المائدة
ولم ينزل هذه الآية على نبي غير محمد صلى الله عليه وسلم، ولو نزلت على أحد لكان هو خاتم النبيين.
وما صح ذلك إلا لمحمد عليه فنزلت عليه فكان خاتم النبيين، لأنه لم يدع حكمة ولا هدى ولا علماً ولا سرّاً إلأ وقد نبه عليه وأشار إليه.
على قدر ما يليق بالنبيين لذلك السر إما تصريحاً وإما تلويحاً وإما إشارة وإما كناية وإما استعارة، وإما محكماً وإما مفسراً وإما مؤولاً وإما متشابهاً، إلى غير ذلك من أنواع كمال البيان.
فلم يبق لغيره مدخلاً فاستقل بالأمر وختم النبؤة، لأنه ما ترك شيئاً يحتاج إليه إلا وقد جاء به.
فلا يجد الذي يأتي بعده من الكمل شيئاً مما ينبغي أنه ينبه عليه إلا وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك فيتبعه هذا الكامل كما نبه عليه ويصير تابعاً.
فانقطع حكم نبؤة التشريع بعده، وكان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، لأنه جاء بالكمال ولم يجيء أحد بذلك.
فلو أمر موسى عليه السلام بإبلاغ اللوحين المختصين به لما كان يبعث عيسى من بعده.
لأن عيسى صلى الله عليه وسلم بلغ سر ذينك اللوحين إلى قومه، ولهذا من أول قدم ظهر عیسی بالقدرة والربوبية وهو ?لامه في المهد وابراً الأكمه والأبرص وأحيا الموتى ونسخ دین موسی.
لأنه أتى بما لم يأت به موسى، ل?نه لما أظهر آح?ام ذلك ضل قومه من بعده فعبدوه.
وقالوا: إنه ثالث ثلاثة، وهو الأب والأم والابن، وسموا ذلك بالأقانيم الثلاثة وافترق قومه على ذلك.
فمنهم من قال إنه ابن الله وهؤلاء المسمون بالمل?انیة من قومه.
ومنهم من قال إنه الله نزل وأخذ ابن آدم وعاد يعني تصور بصورة آدم ثم رجع إلى تعالیه و هؤلاء هم المسمون باليعاقبة في قوم عيسى.
ومنهم من قال إن الله في نفسه عبارة عن ثلاثة، عن أب وهو الروح القدس وأم وهي مریم، و ابن وهو عیسى علیه السلام، فضل قوم عیسی.
لأن جميع ما اعتقدوه لم يكن مما جاء به عيسى.
لأن مفهومهم لظاهر أمرهم أذاهم إلى ما صاروا عليه.
ولهذا لما سأل الله عيسى فقال له: "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله؟
قال: سبحانك".
قدم التنزيه في هذا التشبيه "ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق".
يعني كيف أنسب المغايرة بيني وبينك فأقول لهم اعبدوني من دون الله وأنت عين حقيقتي وذاتي وأنا عين حقيقتك وذاتك فلا مغايرة بيني وبینك.
فنژه عیسی نفسه عما اعتقده قومه، لانهم اعتقدوا مطلق التشبیه فقط بغیر التنزيه.
وليس هذا بحق الله.
ثم قال:" إن كنت قلته يعني من نسبة الحقيقة العيسوية أنها الله وفقد علمته"
يعني أني لم أقله إلا على الجمع بين التنزيه والتشبيه وظهور الواحد في الكثرة، لكنهم ضلوا بمفهومهم ولم يكن مفهومهم مرادي "تعلم ما في نفسي".
يعني هل كان ما اعتقدوه مرادي فيما بلغت إليه من ظهور الحقيقة الإلهية أم كان مرادي بخلاف ذلك "ولا أعلم ما في نفسك" يعني بلغت ذلك إليهم.
ولا أعلم ما في نفسك من أن تضلهم عن الهدى، فلو كنت أعلم ذلك لما بلغت إليهم شيئاً مما يضلهم وإنك أنت علام الغيوب وأنا لا أعلم الغيوب
فاعذرني "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به"117 سورة المائدة .
مما وجدتك في نفسي فبلغت الأمر ونصحتهم ليجدوا إليك في أنفسهم سبيلاً، فأظهرت لهم الحقيقة الإلهية في ذلك ليظهر ما في أنفسهم، وما كان قولي لهم إلا "أن اعبدوا الله ربي وربكم"72 سورة المائدة .
ولم أخصص نفسي بالحقيقة الإلهية، بل أطلقت ذلك في جميعهم فأعلمتهم بأنه كما أنك ربي بمعنى الحقيقة، أنت ربي بمعنى حقيقتهم.
وكان العلم الذي جاء به عيسى زيادة على ما في التوراة هو سر الربوبية والقدرة فأظهره ولهذا كفر قومه، لأن إفشاء سر الربوبية ?فر.
فلو ستر عیسی هذا العلم و بلغه الی قومه في قشور وعبارات وسطور إشارات كما فعله نبینا ل?ان قومه لم يضلوا من بعده.
ولما كان يحتاج في كمال الدين من بعد ذلك إن علم الألوهية والذات اللذين جاء بهما النبي صلى الله عليه وسلم في الفرقان والقرآن، وقد سبق الحديث عليهما من حيث الذات والصفات.
وقد جمع الله له ذلك في آية واحدة وهي: "لیس ?مثله شيء وهو السميع البصير "11 سورة الشورى.
فلیس ?مثله شيء مما يتعلق بالذات، و هو السميع البصير مما يتعلق بالصفات، ولو بلغ موسى ما بلغه عيسى الی قومه ل?ان قومه يتهمونه في قتل فرعون.
فانه قال: "أنا ربكم الأعلى"24 سورة النازعات .
وما يعطي إفشاء سرّ الربوبية إلا ما ادعاه فرعون، لكنه لما يكن ذلك لفرعون بطريق التحقيق قاتله موسى وانتصر عليه.
فلو أظهر موسى شيئاً من علم الربوبية في التوراة لكفر به قومه واتهموه في مقاتلة فرعون.
فأمره الله يكتم ذلك كما أمر نبينا محمداً علاقة بكتم أشياء مما لا يسعه غيره للحديث المروي عنه عقد أنه قال: "أوتيت ليلة أسري بي ثلاثة علوم، فعلم أخذ علي في كتمه، وعلم خيرت في تبليغه، وعلم أمرت بتبليغه".
فالعلم الذي أمر بتبليغه هو علم الشرائع، والعلم الذي خير في تبليغه هو علم الحقائق، والعلم الذي أخذ عليه في كتمه هو الأسرار الإلهية.
ولقد أودع الله جميع ذلك في القرآن، فالذي أمر بتبليغه ظاهر، والذي خير في تبليغه باطن.
لقوله : "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" 11 سورة الشورى
وقوله: "وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق".85 سورة الحجر
وقوله: "وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه"53 سورة فصلت .
وقوله: "ونفخت فيه من روحي" 29 سورة الشورى.
فإن جميع ذلك له وجه يدل على الحقائق، ووجه يتعلق بالشرائع،
فهو كالتحيز، فمن كان فهمه إلهياً فقد بلغ ذلك.
ومن لم يكن فهمه ذلك الفهم وكان مما لو فوجىء بالحقائق أنكرها .
فإنه ما بلغ إليه ذلك لئلا يؤدي ذلك إلى ضلالته وشقاوته.
والعلم الذي أخذ عليه في كتمه فإنه مودع في القرآن بطريق التأويل لغموض الكتم، فلا يعلم ذلك إلا من أشرف على نفس العلم أولاً، وبطریق الكشف الإلهي، ثم سمع القرآن بعد ذلك.
فإنه يعلم المحل الذي أودع الله فيه شيئاً من العلم المأخوذ على النبي صلى الله عليه وسلم في كتمه وإليه الإشارة بقوله تعالى: "وما يعلم تأويله إلا الله " 7 سورة عمران .
على قراءة من وقف هنا، فالذي يطلع على تأويله في نفسه هو المسمى بالله فافهم.
جال بنا جواد البيان في مضمار التبيان إلى أن أبدى ما لم يخطر إظهاره أبداً، فلترجع إلى ما كنا بسبيله من الحديث على التوراة.
إعلام أن التوراة عبارة عن تجليات الأسماء الصفاتية، وذلك ظهور الحق سبحانه وتعالى فى المظاهر الحقية:
فإن الحق تعالى نصب الأسماء أدلة على صفاته، وجعل الصفات دليلاً على ذاته في مظاهره وظهوره في خلقه بواسطة الأسماء والصفات.
ولا سبيل إلى غير ذلك لأن الخلق فطروا على السذاجة.
فهو خال عن جميع المعاني الإلهية.
لكنه كالثوب الأبيض ينتقش فيه ما يقابله به.
فتسمى الحق بهذه الأسماء لتكون أدلة للخلق على صفاته.
فعرفت الخلق بها صفات الحق.
ثم اهتدى إليه أهل الحق فكانوا لتلك الأسماء كالمرأة.
فظهرت الأسماء فيهم والصفات فشاهدوا أنفسهم بما انتقش فيهم من الأسماء الذاتية والصفات الإلهية.
فإذا ذكروا الله تعالى كانوا هم المذكورين بهذا الاسم، فهذا المعنى توراة.
والتورية في اللغة:
حمل المعنى على آبعد المفهومين، فتصريح الحق عند العامة الخيال الاعتقادي وليس لهم غير ذلك.
والحق عند العارفين حقيقة ذواتهم، فهم المراد به، هذا اللسان هو لسان الإشارة في التوراة.
أما ما تضمنه السبعة ألواح التي أنزلت على موسى:
فأما اللوح الأول:
فلوح النور، اعلم أنه يشترط أن لا يكون في اللوح من العلوم إلا ذلك النوع الذي يسمى اللوح به.
بل يكون فيه وغيره مما في باقي الألواح، لكن لما غلب حكم علم على لوح سمي ذلك اللوح به.
كما أن سور القرآن كذلك كلما غلب عليها أمر كانت السورة مسماة بذلك الأمر وهي تتضمن
تعليمه ذلك وغيره.
فلوح النور فيه وصف الحق بالواحدية والأفراد على سبيل التنزيه المطلق.
وحكم ما للحق تعالى مما يتميز به عن الخلق.
وفيه ذكر ربوبية الحق والقدرة التي للحق مع جميع أسمائه الحسنى وصفاته العلا.
كل ذلك على ما هو للحق بطريق التعالي والتنزيه مما استحقه في اللوح المسمى بلوح النور..
وأما اللوح الثاني:
وهو لوح الهدي، ففيه الإخبارات الإلهية لنفسه فهذا العلوم الذوقية.
وذلك صورة النور الإلهامي في قلوب المؤمنين، فإن الهدى في نفسه سر وجودي إلهامي يفجأ عباد الله.
وذلك نور الجذب الإلهي الذي يترقى فيه العارف إلى المناظر العلية على الطريق الإلهي يعني على صراط الله، وذلك عبارة عن كيفية رجوع النور الإلهي المنزل في الهيكل الإنساني إلى محله ومكانه.
فالهدى عبارة عما يجده صاحب ذلك النور من أحدية الطريق إلى المكانة الزلفي والمستوى الأزهی حيث لا حيث.
وفي هذا اللوح علم الكشف عن أحوال الملل وأخبار من كان قبلهم وبعدهم.
وعلم الملكوت وهو عالم الأرواح وعلم الجبروت وهو العالم الحاكم على عالم الأرواح وذلك حضرة القدس.
ومن جملة ما في هذا اللوح علم البرزخ وذكر القيامة والساعة والميزان والحساب والجنة والنار.
ومن جملة ما في هذا اللوح أخبار جمع من الملائكة.
ومن جملة ما في هذا اللوح من علم الأسرار المودعة في الأشكال وأمثال ذلك حتى فعلت بنو إسرائيل بمعرفة تلك الأسرار ما فعلته وأظهرت بذلك من الكرامات ما أظهرته..
اللوح الثالث :
وأما لوح الحكمة ففيه معرفة كيفية السلوك العلمي بطريق التجلي والذوق في الحظائر القدسية الإلهية من خلع النعلين وتراقي الطور ومكالمة الشجرة ورؤيا النار في الليل المظلم فإنها كلها أسرار إلهيات.
فهذا اللوح أصل علم تنزل الروحانيات بطريق التسخير وأمثال ذلك.
ومن جملة ما في هذا اللوح علم يشتمل على جميع هذه الأنواع من الحكمة الإلهية. ومن جملة هذا اللوح أصل علم الفلك والهيئة والحساب وعلم خواص الأشجار والأحجار وأمثال ذلك.
وكل من أتقن من بني إسرائيل علم هذا اللوح صار راهبا، والراهب في لغتهم هو المتأله التارك لدنياه الراغب في مولاه.
وأما اللوح الرابع:
فهو لوح القوى: ، في علم التنزيلات الحكمية وفي القوى البشرية.
وهذا علم الأذواق من حصله من بني إسرائيل كان حبرة.
وهو على مرتبة ورثة موسى.
وهذا اللوح أكثره رموز وأمثال وإشارات نصبها الحق تعالى في التوراة
التنصب الحكمة الإلهية في القوى البشرية.
وقد نبه على ذلك في قوله ليحيى:"يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيا" 12 سورة مريم .
فهذا الأخذ بالقوة لا يكون إلا لمن علم الحكمة واهتدى إلى النور الإلهي.
ثم أفرغ ذلك في قواه على حسب ما اقتضاه علمه من الحكمة الإلهية وهذا أمر ذوقي لا يفهمه إلا من حصل فيه فهو للخواص لا للعوام.
ومن جملة ما في هذا اللوح علم السيمياء وكيفية السحر العالي وهو الذي يشبه الكرامات.
وقولي السحر العالي لأنه بلا أدوية ولا عمل ولا تلفظ بشيء بل بمجرد قوى سحرية في الإنسان تجري الأمور على حسب ما اقتضاه الساحر.
فتبرز الصور التي لا تمكن إلا في الخيال محسوسة مشهودة في الحس.
وقد يدخل بصر الناظرين إلى خيال نفسه فيصور ما يشاء فيرونه بأبصارهم ولكن في خياله ويظنون أنه في عالم الحس.
ولقد وقعت على ذلك في طريق التوحيد، فكنت لو شئت أتصور بأي صورة في الوجود تصورت بها، ولو أردت أي فعل فعلت.
ولكن علمت أنه مهلك فتركته، ففتح الله علي بالقدر المصون الذي جعله بين الكاف والنون.
وأما اللوح الخامس:
فهو لوح الحكم فيه علم الأوامر والنواهي.
وهي التي فرضها الله على بني إسرائيل وحرم عليهم ما شاء أن يحرمه.
وهذا اللوح فيه التشريع الموسوي الذي بني عليه اليهود..
وأما اللوح السادس:
وهو لوح العبودية، فإن فيه معرفة الأحكام اللازمة للخلق من الذلة والافتقار والخوف والخضوع.
حتى إنه قال لقومه:
إن أحدكم إذا جازى بالسيئة سيئة فقد ادعى ما ادعاه فرعون من الربوبية.
لأن العبد لا حق له.
ومن جملة ما في هذا اللوح علم أسرار التوحيد والتسليم والتوكل والتفويض والرضا والخوف والرجاء والرغبة والزهد والتوجه إلى الحق وترك ما سواه وأمثال ذلك.
وأما اللوح السابع:
فهو اللوح الذي يذكر فيه الطريق إلى الله تعالى، ثم بين طريق السعادة من الشقاوة.
ومن جملة ما في هذا اللوح تبيين ما هو الأولى في طريق السعادة من غيره.
وهو الجائز في طريق السعادة.
ومن هذا اللوح ابتدع قوم موسى ما ابتدعوه في دينهم رغبة ورهبانية ابتدعوها واستخرجوا ذلك بأفكارهم وعقولهم لا من كلام موسى.
بل من كلام الله تعالى، فما رعوها حق رعايتها.
فلو أنهم استخرجوا ذلك بطريق الأخبار الإلهية والكشف الإلهي لكان الله يقدر لهم ذلك.
وكيف ولو كان ذلك مما أمكنهم أن يرعوها حق رعايته.
لكان الحق يأمرهم بذلك على لسان نبيه موسى.
فما أعرض موسى عن ذلك جهلا بها ولكن رفقا بهم.
ولما ابتدعوها ولم يرعوها عوقبوا عليها.
وفي هذا اللوح علوم جمة مما يتعلق بالأديان والأبدان، وقد جمعت جميع ما تضمنته التوراة في هذه الورقات على حسب ما ?شف الله لنا عن ذلك.
وقصدنا الاختصار فيه، فإنا لو أخذنا في إبدائه كما هو عليه لاحتجنا إلى تطويل كثير ولا فائدة في ذلك.
فهذا جميع ما تضمنته التوراة على الإجمال فافهم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.