نحو تصوف استخلافي :دراسة في أصول ومفاهيم التصوف الاستخلافى(1)
د. صبري محمد خليل / أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
اولا: ملخص الدراسة : تهدف هذه الدراسة إلى التأسيس لما يمكن أن نطلق عليه اسم ” التصوف الاستخلافى” ، والذي مضمونه محاوله الربط بين مفهوم الاستخلاف القرانى ، بأبعاده الحكمية "الفلسفية" والمعرفية والمنهجية، والتصوف الاسلامى ” السني” ، القائم على الضبط الشرعي للاعتقاد والسلوك الصوفي، والذي يلزم منه تدعيم الاستخلاف بأبعاده المتعددة “السياسية ، الاجتماعية ، ألاقتصاديه..”. لأنه يثبت الوجود الانسانى بأبعاده المتعددة- ومن ثم يثبت فاعليته. وهو نقيض لنمط أخر من أنماط التصوف ، يمكن أن نطلق عليه اسم التصوف الاستضعافى، لأنه يلزم منه تكريس ، الاستضعاف بإلغائه للوجود الانسانى – بإلغائه لبعض أبعاده – ومن ثم إلغاء فاعليته ، ومن ثم يفتح الطريق إمام الخضوع للاستكبار بإشكاله المتعددة ” الخارجي والداخلي: السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي… وهذا النمط من أنماط التصوف يستند إلى التصوف البدعى ” الذي يطلق عليه خطا اسم التصوف الفلسفي”، والمستند إلى مفاهيم أجنبيه “كالحلول والاتحاد ووحده الوجود”، والذي لا يلتزم بالضبط الشرعي للاعتقاد والسلوك الصوفي . هذا الربط بين مفهوم الاستخلاف القرانى والتصوف الاسلامى ” السني” ، يتضمن محاوله الدراسة استنباط أصول التصوف الاستخلاف، التي تلزم من الأبعاد الحكمية "الفلسفية" والمعرفية والمنهجية لمفهوم الاستخلاف. كما تقرر الدراسة أن التصوف الاستخلافى يقوم على الضبط الشرعي لمفهوم” الأحوال والمقامات – الذي أشار إليه أعلام التصوف الاسلامى – من خلال: أولا: اعتبار أن الأحوال والمقامات هي درجات “مراحل” الترقي الروحي "الذاتية والموضوعبه " للإنسان ،استنادا إلى تقرير القرآن أن الوجود الإنساني ينبغي أن يكون في صعود دائم عبر درجات كما في قوله تعالى ﴿ يرفع الله الدين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات﴾، ثانيا: رفض تصور التصوف البدعى للأحوال والمقامات ، والقائم على أن لهذا الترقي الروحي نهاية هي الوصول إلى الله تعالى “بالحلول أو الاتحاد أو الوحدة “) ، وان كل درجه من درجات هذا الترقي الروحي تنعدم بالانتقال إلى درجه اعلي ، لأنه يتعارض مع العقيدة الاسلاميه . والأخذ بتصور للأحوال والمقامات – يقارب تصور التصوف السني لها – مضمونه انه ليس للترقي الروحي للإنسان نهاية ، وان كل درجه من درجات هذا الترقي الروحي لا تنعدم بالانتقال إلى درجه اعلي . كما تقرر الدراسة أن التصوف الاستخلافى يستند إلى مذهب الإثبات المقيد لمراتب الولاية ودرجاتها- والتي عبر عنها الصوفية بمصطلحات: كالأقطاب والإبدال والأوتاد والنقباء والنجباء – و الذي يتجاوز موقفي الإثبات والنفي المطلقين لها ، ويلتزم بموقف قائم على إثبات هذه المراتب والدرجات ، في حال اتساقها – أو عدم تعارضها- مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكلية ، ونفى هذه المراتب والدرجات في حال تعارضها مع هذه المفاهيم والقيم والقواعد ، فهذا الموقف يتجاوز مذهب الإجمال اى المذهب الذي يضع حكما كليا بالرفض أو القبول لهذه المراتب والدرجات، إلى المذهب التفصيل اى المذهب الذي يميز بين الكيفيات المتعددة لهذه المراتب والدرجات: فهناك الكيفية التي تستند إلى مفاهيم ونظريات ذات مصدر أجنبي ، تتعارض مع الإسلام كدين “كالحلول والاتحاد ووحده الوجود”، وهذه الكيفية مرفوضة ، وهناك الكيفية التي تستند إلى المفاهيم والقيم والقواعد الكلية للدين ، والفهم الصحيح للدين ، كما قرره السلف الصالح وعلماء أهل السنة ، وهذه الكيفية مقبولة ، وتستأنس الدراسة بإقرار بعض السلف وبعض علماء أهل السنة بمراتب ودرجات الولاية ، لكن بكيفية تتسق مع مفاهيم وقيم وقواعد الدين الكلية. كما تناولت الدراسة مفهوم وحده الوجود ، حيث عرفته بأنه مفهوم يقوم أولا على إثبات وجود الله تعالى- الخالق ( اى الوجود الواحد غير مادي)، وثانيا على تقرير وحده وجوده ووجود العالم أو الطبيعة - المخلوق (اى الوجود المتعدد المادي) . ثم قررت الدراسة أن لهذا المفهوم صيغتين:الصيغة الأولى : أطلقت عليها اسم الوحدة المطلقة- الذاتية ،وهى الصيغة الشائعة لمفهوم وحده الوجود، وترى الدراسة أن هذه الصيغة تتناقض- فى ذاتها وفى ما يلزم منطقيا منها – مع التصور الاسلامى الصحيح للعلاقة بين الوجود الالهى والوجود الكوني الطبيعي.ثم تقرر الدراسة انه في إطار الفكر الاسلامى فلا يمكن الجزم بالتبني الكامل لاى من الفلاسفة أو المتصوفة المسلمين المعتبرين لهذه الصيغة من صيغ وحده الوجود ، ومرجع اعتقاد بعض الفقهاء المسلمين بتبني بعض الفلاسفة والصوفية المسلمين لهذه الصيغة، اعتقادهم بأنها الصيغة الوحيدة لوحده الوجود . لكن حاول بعض الفلاسفة والمتصوفة المسلمين تنميه وتطوير هذه الصيغة لتتفق مع مفاهيم الدين الاسلامى ، وقد أدت عمليه التنمية والتطوير إلى ابتعادهم عن هذه الصيغة من صيغ وحده الوجود ، و اقترابهم من صيغه أخرى لوحده الوجود ، أطلقت عليها الدراسة اسم الوحدة المقيدة - الصفاتيه. وترى الدراسة أن هذه الصيغة لا تتناقض مع التصور الاسلامى للعلاقة بين الوجود الالهى والوجود الكوني الطبيعي، والحل الاسلامى لمشكله الوحدة والتعدد . وان هذه الصيغة ظلت مثال- نظري - للمتصوفة المسلمين سعوا لتحقيقه في مذاهبهم، لكنه تحقق جزئيا فقط – وليس بصوره كاملة - في واقع مذاهب العديد منهم ، لأنها يلزم منها نفى الوجود المادي (جزئيا)، دون أن يصل إلى درجه مفهوم وحده الوجود في صيغته الشائعة - الاجنبيه في نفى الوجود المادي (كليا). كما تتناول الدراسة مفهوم الكرامات الذي أثبته أهل السنة بفرقهم المختلفة ، وتعرض مذاهب إثباتها وتفسيرها، وتبين المذهب الذي يستند إليه التصوف الاستخلافى- وهو مذهب الإثبات المقيد - ومضمونه إثبات الكرامة ، مع تقييد مضمونها تكوينيا بالتزام حتمية السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود ، وبالتالي فان الكرامة هي تكريم الله تعالى لشخص صالح، فيمنحه قدره تفوق قدره تفوق قدره غيره من أشخاص عاديين، دون انقطاع باضطراد السنن الالهيه التي تضبط حركه الوجود،ودون إلغاء السببية .
ثانيا:المتن التفصيلي للدراسة:
تعريف وأقسام ومستويات الاستخلاف واصول التصوف الاستخلافى:
1- تعريف الاستخلاف لغة واصطلاحا : الاستخلاف لغة النيابة والوكالة (الفخر الرازي ، التفسير الكبير ومفاتيح الغيب،ج26، ص199). والوكالة نوعان:عامه وهى نيابة شامله، وخاصة وهى نيابة مقصورة على موضوع معين، وقد ورد مصطلح الاستخلاف في القران بما يقابل هذين النوعين ، فقد ورد بمعنى الوكالة العامة “ الشاملة ” ، وطبقا للمعنى الحقيقي للمصطلح ، وهو هنا يعنى أبدال وتغيير قوم بقوم آخرين ، كما في الاستخلاف التكويني “الاجتماعي”. كما ورد بمعنى الوكالة الخاصة ” المقصورة على موضوع معين “، وطبقا للمعنى المجازى للمصطلح، حيث يصور القران الوجود بمملكه ملكها الله تعالى ، والإنسان نائب ووكيل عنه في الأرض، تكريما للإنسان، وهو الاستخلاف التكليفى ، يقول الراغب الاصفهانى ( الخلافة النيابة عن الغير إما لغيبه المنوب عنه…وإما لتشريف المستخلف )( المفردات في غريب القران ، ص156).
أقسام الاستخلاف:
أولا:الاستخلاف الخاص(المعين): وهو استخلاف فرد معين، وهو مقصور على الأنبياء والرسل (عليهم السلام)،ومثال له قوله تعالى:﴿ يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ﴾،وبختم النبوة وانقطاع الوحي بوفاة الرسول (صلى الله عليه وسلم) انتهى هذا القسم من أقسام الاستخلاف .
ثانيا:الاستخلاف العام(المجرد) : وهو استخلاف الجماعة، ولا ينفرد به إي فرد أو فئة و أدلته، ومثال له قوله تعالى ﴿ وهو الذي جعلكم خلائف الأرض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما آتاكم﴾، وينقسم إلى قسمين :
ا- الاستخلاف التكويني : ومضمونه أن الله تعالى أودع في الإنسان" من حيث هو إنسان" إمكانية تحقيق الاستخلاف في الأرض ، وذلك بتوافر امكانيه معرفه والتزام السنن إلالهيه التي تضبط حركة الوجود، وفي القرآن العديد من الآيات تشير إلى هذا النوع من الاستخلاف كقوله تعالى ﴿ :﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِن بَعْدِهِمْ لِنَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ﴾(يونس: 14).
ب-الاستخلاف ألتكليفي : و مضمونه إظهار الإنسان لربوبية الله تعالى وإلوهيته في الأرض، بالعبودية والعبادة ، على المستوى الصفاتى، يقول الإمام الماتريدى(وجائز أن يكونوا خلفاء في إظهار أحكام الله ودينه)( تأويلات أهل السنة: ج1) ، وهذا النوع من أنواع الاستخلاف مقصور على الذين يلتزمون بالوحي ، فهو يحد النوع السابق ولا يلغيه فيكمله ، وقد أشار القرآن إلى هذا النوع من الاستخلاف أيضا كما في قوله تعالى ﴿ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾.ومن أدله هذا النوع من أنواع الاستخلاف – الذي طبقا له يكون الإنسان الملتزم بالوحي”سواء كان فردا أو جماعه ” خليفة الله في الأرض- : أولا: في السيرة: : قول الصحابي للرسول (صلى الله عليه وسلم)( تأذن لي يا خليفة الله أضرب عنقه) ( أبي داؤد, حدود,3ك). ثانيا:عن السلف الصالح: قال المغيرة لعمر: (يا خليفة الله فقال ذاك نبي الله داؤد)( التاج في أخلاق الملوك, بيروت, 1955 هامش ص162) . وقال علي أبن أبي طالب (… أؤلئك خلفاء الله في أرضه بما استلا نوه مما استرعاه المترفون, وانسوا مما استوحش منه الجاهلون)( ابن القيم مفتاح السعادة, دار العهد الجديد, مصر ، ص 123). ثالثا: عن علماء أهل السنة قال ابن الجوزي( فكلما جد العباد صاح بهم لسان الحال عبادتكم لا يتعداكم نفعها, وإنما يتعدى نفع العلماء وهم ورثة الأنبياء وخلفاء الله في الأرض)( صيد الخاطر: ج 2 ، ص 151). وإذا كان البعض قد قال أن ابن تيميه أنكر جواز استخدام مصطلح “خليفة الله “مطلقا، استنادا إلى نفيه قول الشيعة أن الإمام هو خليفة الله في أرضه (منهاج السنة النبوية: ج1، ص136-137)، فان الصواب هو أن ابن تيميه أنكر جواز استخدام مصطلح” خليفة الله ” على أوجه معينه، منها أن يفيد أن استخلاف الإمام هو شكل من أشكال الاستخلاف الخاص ، والذي مضمونه استخلاف فرد معين، لأنه مقصور على الأنبياء والرسل، ومنها استخدام مصطلح “خليفة الله ” على وجه يفيد غيبه المستخلف ” الله تعالى ” ، ولكنه لم ينكر استخدام مصطلح “خليفة الله ” بإطلاق ، بدليل استخدامه له في سياق أخر، حيث يقول ( … وقد كان عمر بن عبد العزيز "رضي الله عنه " وهو خليفة الله على الأرض قد وكل أعوانًا يمنعون الداخل من تقبيل الأرض ، ويؤدبهم إذا قبل أحد الأرض…)( الفتاوى / زيارة القبور والاستنجاد بالمقبور/ حكم وضع الرأس عند الكبراء من الشيوخ وتقبيل الأرض).
أصل:غاية التصوف الاستخلافى(تحقيق الاستخلاف العام- التكليفى): ويلزم من أقسام الاستخلاف أصل مضمونه غاية التصوف الاستخلافى هو تحقيق الاستخلاف العام"المجرد"- التكليفى، والذي لا ينفرد به إي فرد أو فئة دون الجماعة ، والذي أشارت إليه العديد من النصوص كقوله تعالى ﴿ وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض﴾.وليس تحقيق الاستخلاف الخاص"المعين" – كما يلزم من بعض أنماط التصوف الاستضعافى- لأنه مقصور على الأنبياء والرسل (عليهم السلام)-
مستويات الاستخلاف العام :
ا- مستوى اجتماعي:وهو مستواه الاصلى، لان الجماعة هي المستخلفة عن الله أصلا.
ب- مستوى فردى: وهو مستوى تبعى، فالفرد مستخلف عن الله بالتبعية، فالمستوى الاجتماعي للاستخلاف “العام” يحد مستواه الفردي كما يحد الكل الجزء فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه .وهو استخلاف للفرد بدون انفراد ، وبدون تعيين (كما في الاستخلاف الخاص).
أصل: التصوف الاستخلافى والجمع بين المستويين الفردي والاجتماعي: ويلزم من مستويات الاستخلاف العام أصل مضمونه أن التصوف الاستخلافى يجمع بين المستويين الاجتماعي والفردي ، " فالعلاقة بينهما كعلاقة الكل بالجزء يحده ويكمله ولكن لا يلغيه".، فالتصوف كترقي روحي ذو بعدين ذاتي وموضوعي ، ممكن التحقق على مستوى الفرد والجماعة- اى ممكن بدون انتماء الفرد لطريقه معينه، وبانتمائه لطريقه معينه - وذلك خلافا للتصوف الاستضعافى الذي ركز على المستوى الاجتماعي" الطرقى" ، وتجاهل أو قلل من أهميه المستوى الفردي، تحت تأثير نزعه جماعية ظهرت في مرحله تاريخيه متاخره.
البعد الحكمي ” الفلسفي” لمفهوم الاستخلاف: يتمثل البعد الحكمي “الفلسفي” لمفهوم الاستخلاف ، في الاستخلاف كحكمه ” فلسفه ” إسلاميه، تقوم على محاوله تحديد العلاقة بين المستخلف” الله تعالى” والمستخلف”الإنسان” والمستخلف فيه “الكون”- اى محاوله تحديد العلاقة بين أطراف علاقة الاستخلاف – وذلك باتخاذ المفاهيم ألقرانيه الكلية " التوحيد والاستخلاف والتسخير" مسلمات أولى ، ثم محاوله استنباط النتائج الحكمية”الفلسفية” لهذه المفاهيم الكلية، متخذه من اجتهادات أهل السنة – بمذاهبهم العقدية “الكلامية ” المتعددة- نقطه بداية- وليس نقطه نهاية – لهذا الاجتهاد.
الحكمة والمفهوم الاسلامى للفلسفة: والدراسة تنطلق في تحديدها للاستخلاف كفلسفة ”حكمه” إسلاميه من المفهوم الاسلامى للفلسفة ، والقائم على أن مصطلح (حكمة ) هو المصطلح القرآني المقابل لمصطلح (فلسفة) في الفكر الغربي ، وهذا ما يمكن استنباطه من ورود مصطلح الحكمة في القرآن بمعاني كالعقل والعلم والفهم والإصابة في القول ( ابن كثير، تفسير القرآن العظيم. زبده التفسير من فتح القدير، ص540.) . غير انه لا حرج من استخدام مصطلح الفلسفة ، ما دام هذا الاستخدام للفظ ذو دلاله لا تتناقض مع مفاهيم وقيم وقواعد الوحي الكلية ، وهنا نستأنس بتقرير العلماء لقاعدة (لا مشاحة في الألفاظ بعد معرفة المعاني)( المستصفى: 1/23 ) ، وإذا كان العلماء قد أجمعوا على أنه ليس في القرآن ” كلام مركب من ألفاظ أعجمية ” يعطي معنى من هذا التركيب ،فأنهم قد اجمعوا أيضا على أن في القرآن ” أسماء أعلام أعجمية … يقول القرطبي في مقدمة تفسيره ( لا خلاف بين الأئمة أنه ليس في القرآن كلام مركب على أساليب غير العرب ، وأن في القرآن أسماء أعلاماً لمن لسانه غير لسان العرب كإسرائيل وجبريل وعمران ونوح ولوط ) (تفسير القرطبي : 1 / 68 ) ، كما العديد من علماء الإسلام قد استخدموا مصطلح الفلسفة ، يقول أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ ( الشافعي فيلسوف في أربعة أشياء: في اللغة، واختلاف الناس، والمعاني، والفقه (البيهقي ، معرفة السنن والآثار : 1/118. وابن عساكر ، تاريخ دمشق: 51/350).
أصل : عدم التعارض بين التصوف الاستخلافى والمفهوم الاسلامى للفلسفة: ويلزم من البعد الفلسفي لمفهوم الاستخلاف انه لا تعارض بين التصوف الاستخلافى المنطلق من التصوف الاسلامى ” السني” ، القائم على الضبط الشرعي للاعتقاد والسلوك الصوفي، والمفهوم الاسلامى للفلسفة ، والمستند إلى مصطلح " حكمة "القرآني.
نظريه الوجود: وتستند حكمه الاستخلاف إلى نظريه في الوجود ، تنطلق من ثلاثة مفاهيم قرانيه هي:
ا/ مفهوم التوحيد : ومضمونه إفراد الربوبية والالوهيه لله تعالى ، فهو بالتالي ينقسم إلى توحيد الربوبية الذي مضمونه أن الله تعالى ينفرد بكونه الفاعل المطلق(الدائم كونه فاعلا فتعبير ابن تيميه ) ، يقول الإمام ابن تيميه في معرض رفضه لاستدلال المتكلمين على وجود الله بطريقه الأعراض الدالة على حدوث الأجسام ( إن هذا المسلك مبنى على امتناع دوام كون الرب فاعلا وامتناع قيام الأفعال الاختيارية بذاته) (ابن تيميه، درء التعارض،1/98.)، أما مضمون توحيد الإلوهية فهو أن الله تعالى ينفرد بكونه الغاية المطلقة( الغاية المطلوب بتعبير ابن تيميه)، يقول ابن تيمية ( …. ولكن المراد المستعان على قسمين: منه ما يراد لغيره ….. ومنه ما يراد لنفسه فمن المرادات ما يكون هو الغاية المطلوب فهو الذي يذل له الطالب ويحبه وهو الإله المعبود ومنه ما يراد لغيره)..
الظهور الصفاتى والذاتي للربوبية : وللفعل المطلق الذي عبر عنه القران الكريم بمصطلح “الربوبية”، ظهور صفاتي وظهور ذاتي :
ا/الظهور الصفاتى : ومضمونه أن عالم الشهادة قائم على ظهور صفات الربوبية ” اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى”، يقول ابن القيم ( فالكون كما هو محل الخلق والأمر ، مظهر الأسماء والصفات ، فهو بجميعه شواهد وأدله وآيات دعا الله سبحانه عباده إلى النظر فيها)، ولهذا الظهور شكلين: الأول تكويني: يتمثل في الكون، والسنن الإلهية التي تضبط حركته ، يقول ابن تيميه(المخلوقات كلها آيات للخالق والفرق بين الايه والقياس إن الايه تدل على عين المطلوب الذي هو أيه وعلامة عليه)( ابن تيميه، مجموع الفتاوى،1/48)، والثاني تكليفي :يتمثل في الوحي ومفاهيمه وقيمه وقواعده يقول ابن القيم( القران كلام الله وقد تجلى الله فيه لعباده بصفاته) ، ولهذا الوجود الشهادى درجتان هما: الوجود التسخيرى (الطبيعي) والوجود الاستخلافى (الانسانى).
ب/ مفهوم التسخير: ومضمونه أن الأشياء والكائنات التي لها درجه التسخير تظهر صفات ربوبية والوهيه الله تعالى ، على وجه الإجبار ، فهي دائما آيات داله على وجوده المطلق يقول ابن القيم ( فالكون كما هو محل الخلق والأمر مظهر الأسماء والصفات فهو بجميعه شواهد وأدله وآيات دعا الله سبحانه عباده إلى النظر فيها). ويترتب على مفهوم التسخير قاعدتان هما:أولا. الموضوعية: وتنقسم إلى قسمين هما : الموضوعية التكوينية (تتمثل في الوجود الموضوعي للكون)، والموضوعية التكلفية (وتتمثل في الوحي كوضع الهي مطلق). ثانيا: السببية: وطبقا لها فان مضمون السنن الالهيه “الكلية والنوعية “التي تضبط حركه الوجود الشهادى ، هو تحقق المسبب بتوافر السبب وتخلفه بتخلف السبب.
أصل: تقييد التصوف بالموضوعية والأخذ بالأسباب: يلزم من مفهوم التسخير والقواعد التي تترتب عليه أصل ذو فرعين:
الأول: وجوب تقييد التصوف بما هو ترقى روحي بالموضوعية ألتكليفيه"الوحي ومفاهيمه وقيمه وقواعده الكلية "،والتكوينية"الكون والسنن الالهيه التي تضبط حركته"، حتى لا يسقط في هوة ذاتيه مطلقه، تلغى اى شكل من أشكال الموضوعية ، كما حدث في بعض أشكال التصوف الاستضعافى.
الثاني:أن التصوف الاستخلافى يقوم على الأخذ بالأسباب،لان السببية ركن اساسى في منهج المعرفة الاسلامى خلافا للتصوف الاستضعافى القائم على عدم الأخذ بالأسباب، نسبه لأسباب متعددة منها الخلط بين الأخذ بالأسباب والركون إليها، فالأول إقرار بالسببية لكن باعتبارها مظهر من مظاهر الفعل الالهى المطلق " الربوبية" في عالم الشهادة، بينما الثاني إقرار بالسببية ولكن بمعزل عن الفعل الالهى المطلق"الربوبية".
ج/ مفهوم الاستخلاف : ومضمونه إظهار الإنسان لربوبية وإلوهيته الله تعالى في الأرض ،على المستوى الصفاتى، على وجه الاختيار ، وهو ما يكون بالعبودية والعبادة.
ب/ الظهور الذاتي ( الحياة الاخره): ومضمونه ظهور ذات الفعل المطلق ، وقد عبر عنه القران بمصطلح التجلي كما في قوله تعالى (…فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(الأعراف: 143)، ولهذا الظهور الذاتي شكلين:الأول :مقيد: ويتم في الحياة الدنيا وله شكل تكويني يتمثل في معجزات الأنبياء، وشكل تكليفي يتمثل في نزول الوحي على الأنبياء.والثاني : مطلق: ويتم في الاخره ، فالحياة الاخره هي درجه من درجات الوجود قائمه على الظهور الذاتي (التجلي)، قال تعالى(وأشرقت الأرض بنور ربها)، هذا التجلي يترتب عليه تغيير الوجود الشهادى المحدود بالزمان والمكان ،والقائم على الظهور الصفاتى، بوجود غيبي، قائم على الظهور الذاتي قال تعالى (كلا إذا دكت الأرض دكا دكا ) ،وقال تعالى(يوم يبدل الله الأرض غير الأرض والسماوات)، غير أن هذا الظهور الذاتي أو التجلي( بالنسبة إلي الناس) ليس شاملا لجميعهم، بل هو مقصور على المؤمنين، وهو ما عبر عنه أهل السنة برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة،استنادا إلى العديد من النصوص كقوله تعالى (وجوهٌ يومئذٍ ناضرة، إلى ربِّها ناظرة).
أصل: امكانيه الظهور الصفاتى واستحالة الظهور الذاتي: يلزم من الفهم الصحيح للظهور الصفاتى والذاتى أصل مضمونه أن ما هو ممكن التحقيق هو الظهور الصفاتى (ما دل على الفعل المطلق لله تعالى "الربوبية")،أما الظهور الذاتي سواء بشكله المقيد أو شكله المطلق فمستحيل التحقيق في الحياة الدنيا لغير الأنبياء- وهو ما يخالف مذهب التصوف الاستضعافى في الظهور الذاتي - فالأول مقصور على الأنبياء، فشكله التكويني هو الوحي وشكله التكليفى هو المعجزات، والثاني ممكن التحقق للمؤمنين لكن في الحياة الاخره " وهو ما عبر عنه أهل السنة برؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة استنادا إلى العديد من النصوص"
البعد المعرفي لمفهوم الاستخلاف: ويتمثل البعد المعرفي لمفهوم الاستخلاف في الاستخلاف كنظريه إسلاميه في المعرفة ، مضمونها أن العلم صفة ألوهية،وبالتالي ذات مضمون دال على كونه تعالى غاية مطلقة ،وهذه الصفة تظهر في عالم الشهادة من خلال شكلين:ا/ شكل تكويني: يتمثل في عالم الشهادة(المتضمن للكون المسخر والإنسان المستخلف)كمصدر للمعرفة – والإحساس والتفكير المجرد”التذكير والإدراك والتصور”والرؤية الصادقة كوسائل لمعرفته..ب / شكل تكليفي:يتمثل في عالم الغيب كمصدر للمعرفة والوحي كوسيلة لمعرفته. يقول ابن القيم (وهذا البيان نوعان: بيان بالآيات المسموعة المتلوة ، وبيان بالآيات المشهودة المرتبة، وكلاهما أدلة وآيات على توحيد الله وأسمائه وصفاته وكلامه). ومضمون الاستخلاف هنا إظهار صفه العلم الالهيه في الأرض، وذلك بإفراد العلم المطلق لله ، واتخاذ صفة العلم الإلهية مثل أعلى مطلق يسعى الإنسان لتحقيقه في واقعه المحدود، دون أن تتوافر له أمكانيه التحقيق النهائى له ، وهو ما يتم باتخاذ مقتضى هذه الصفة كضوابط موضوعية مطلقة تحدد المعرفة الإنسانية ولا تلغيها .فالوحي يحدد – ولا يلغى – جدل المعرفة القائم على الانتقال من الموضوعي (المشكلة العينية) إلي الذاتي (الحل المجرد) إلي الموضوعي(الواقع) مرة أخرى من أجل تغييره ، فيكون بمثابة ضمان موضوعي مطلق لاستمرار فاعليته.
أصل: الرؤية الصالحة معرفه ذاتيه مقيده بالوحي: استنادا إلى البعد المعرفي لمفهوم الاستخلاف فان ما اصطلح عليه الصوفية اسم (الكشف أو الإلهام أو الحدس أو المعرفة القلبية...) يمكن قبوله ، لكن في سياق ما اصطلحت عليه النصوص اسم "الرؤية الصادقة "، روى البخاري (6989) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ )، وهى معرفه ذاتيه – مقيده بالوحي في معرفتها بعالم الغيب ، والحواس والعقل في معرفتها بعالم الشهادة،وهى محصله الظهور الصفاتى لصفه العلم الالهيه ، فالمقصود بكونها جزء من ألنبوه – عند العلماء المعتبرين- أنها مقيده بها ، وهو ما يتضمن أنها متسقة معها (قَالَ الْخَطَّابِيُّ : وَقَالَ بَعْض الْعُلَمَاء : مَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الرُّؤْيَا تَأْتِي عَلَى مُوَافَقَة النُّبُوَّة )(التمهيد:1/279-285)، فالرؤية الصالحة ليست جزء من الوحي "التكليفى"، سواء المأمور بتبليغه للناس"الرسالة" ، أو غير المأمور بتبليغه "ألنبوه"، والقول بذلك يتناقض مع مفهوم "ختم ألنبوه" الثابت بنصوص يقينية الورود قطعيه الدلالة (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا )( الأحزاب :40) ، يقول ابن الأثير ( ليس المعْنى أن النُّبوّة تَتَجزَّأ ، وَلاَ أنَّ مَن جَمع هذه الخلالَ كان فيه جزءٌ من النبوّة ، فإن النبوَّة غيرُ مكْتَسَبة ، ولا مُجْتَلبَة بالأسباب ، وإنَّما هي كرامة من اللّه تعالى )(النهاية:1 /741) . ولكنها – اى الرؤية الصالحة – جزء من الوحي "التكويني"- المقيد بالوحي التكليفى – والذي أشارت إليه العديد من النصوص ، كقوله تعالى(أَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ )(القصص:7) ، وقوله تعالى (وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ )(النحل: 68)، والذي فسره العلماء المعتبرين بأنه–عند الإنسان - الإلهام بما هو معرفه ذاتيه – مقيده بالوحي ، ورد في تفسير القرطبي عن تفسير الايه الأولى (قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى قد تقدم معنى الوحي ومحامله واختلف في هذا الوحي إلى أم موسى ; فقالت فرقة : كان قولا في منامها وقال قتادة : كان إلهاما ...)،كما ورد في تفسير القرطبي في سياق تفسير الايه الثانية (...قوله تعالى : وأوحى ربك إلى النحل قد مضى القول في الوحي وأنه قد يكون بمعنى الإلهام ، وهو ما يخلقه الله - تعالى - في القلب ابتداء من غير سبب ظاهر...) . يترتب على ما سبق أن الكشف أو الإلهام أو الحدس أو المعرفة القلبية ...ليس معرفه موضوعيه- مطلقه ، محصله الظهور الذاتي لصفه العلم الالهيه- كما في الوحي- كما يلزم من بعض مذاهب التصوف الاستضعافى، القائم على المفاهيم الاجنبيه كالحلول والاتحاد ووحده الوجود.
نظريه القيم: كما تستند حكمه الاستخلاف إلى نظريه في القيم مضمونها التمييز بين نوعين من القيم: قيم مطلقة مصدرها الله تعالى"المستخلف"،وقيم محدودة مصدرها الإنسان"المستخلف"، هذا التمييز بين النوعين من القيم مصدره توحيد الإلوهية، إذ انه قائم على إفراد المطلق من الصفات- القيم "كالعدل والرحمة والحكمة والعلم..."لله تعالى، يقول ابن القيم (اختلف النظار في الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد... ثم يرجح أنها (حقيقة فيهما وللرب تعالى ما يليق بجلاله وللعبد ما يليق به)( بدائع الفوائد، ص 164). واستنادا إلى هذا التمييز تقدم هذه النظرية إجابات على الاسئله التي تطرحها نظريه القيم ، مضمونها أن القيم المطلقة التي مصدرها الله تعالى هي قيم: مطلقه / موضوعيه / غاية في ذاتها / معياريه ، بينما القيم المحدودة التي مصدرها الإنسان قيم نسبيه / يمكن أن تتضمن قيم ذاتيه ، ووسيلة إلى غاية غيرها ، ووصفيه.
أصل: التصوف التزام بقيم روحيه مطلقه ومقيده: يلزم من نظريه القيم التي تستند إليها حكمه الاستخلاف أصل مضمونه أن جوهر التصوف – الاستخلافى- هو التزام بقيم روحيه تنقسم إلى اولا: قيم روحيه مطلقه، ثانيا: وقيم روحيه مقيده .
البعد المنهجي لمفهوم الاستخلاف: ويتمثل البعد المنهجي لمفهوم الاستخلاف في الاستخلاف كمنهج اسلامى للمعرفة ، مضمونه أن صفات الربوبية (اى ما دل على الفعل المطلق لله تعالى) تظهر في عالم الشهادة على شكلين:
الشكل الأول : تكويني: يتمثل في السنن إلالهيه التي تضبط حركه الوجود الشهادى ،وهى على نوعين: 1/ السنن الالهيه الكلية:التي تضبط حركه الوجود الشامل للطبيعة المسخرة والإنسان المستخلف وهى:أولا: الحركة: ( والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس، وما أنزل الله من ماء فأحيى به الأٌرض بعد موتها، وبث فيها من كل دابة، وتصريف الرياح، والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون).ثانيا: التغير:(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).ثالثا: التأثير المتبادل: وهى ما يمكن استخلاصها من مفهومي الغنى والفقر، فالله تعالى غني وكل ما سواه فقير، وهذا الفقر نوعان: فقر إلي الله تعالى، وفقر إلي غيره من المخلوقات، والنوع الأخير هو ما يعبر عنه علميا بالتأثير المتبادل.ب/السنن الالهيه النوعية: وهى التي تضبط حركة نوع معين من أنواع الوجود الشهادى ، كسنه “الكدح إلى الله ” المقصورة على الإنسان، ولها بعدان : البعد الأول : تكويني: ومضمونه أن حركة الإنسان تتم عبر ثلاثة خطوات: المشكلة فالحل فالعمل. البعد الثاني : تكليفي: ومضمونه أن تأخذ حركه الإنسان شكل فعل غائي محدود بغاية مطلقه (الالوهيه) وفعل مطلق( الربوبية) ، وهو يحدد البعد التكويني المذكور أعلاه ولا يلغيه ، فيحدد للإنسان نوع المشاكل التي يواجهها، وطرق العلم بها، ونمط الفكر الذي يصوغ حلولها ، وأسلوب العمل اللازم لحلها.
الشكل الثاني : تكليفي : يتمثل في المفاهيم والقيم والقواعد الكلية التي مصدرها الوحي ، وهو يحدد الشكل التكويني المذكور أعلاه ولا تلغيه
أصل:التصوف ترقى روحى مقيد تكليفيا وتكوينيا: يلزم من البعد المنهجي تعريف التصوف – الاستخلافى- انه الترقي الروحي للإنسان المقيد تكليفيا وتكوينيا ، وهذا الترقي الروحي يمثل البعد التكليفى لسنه “الكدح إلى الله “النوعية ، المشار إليها في الايه “يا أيها الإنسان انك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه ” والتي مضمونها أن تأخذ حركه الإنسان شكل فعل غائي محدود بغاية مطلقه (الالوهيه) وفعل مطلق( الربوبية)