منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:18 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص الخالدي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم  

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
وأما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية، فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك إلا بعد الموت : فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا، فيعلم بذلك صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا.
فكان غرض خالد صلى الله عليه وسلم إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع: فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلم أن الله أرسله رحمة للعالمين.
ولم يكن خالد برسول، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر.
ولم يؤمر بالتبليغ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق. فأضاعه قومه.
ولم يصف النبي صلى الله عليه و سلم قومه بأنهم ضاعوا وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم حيث لم يبلغوه مراده، فهل بلغه الله أجر أمنيته؟
فلا شك ولا خلاف أن له أجر الأمنية ، وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب: هل يساوي تمني وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا.
فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة: كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة، وكالمتني مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم.
ولكن مثل أجورهم في نياتهم أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية؟
ولم ينص النبي عليهما ولا على واحد منهما.
فالظاهر أنه لا تساوي بينهما.
ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين والله أعلم .
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :


26 -  نقش فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
جعل آيته بعد انتقاله إلى ربه. فأضاع ألائه. وأضاع قومه. فأضاعوه.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في ابنته: "مرحباً بابنة نبيٍ اضاعهُ قومه" وما أضاعه إلا بنوه حيث لم يتركوا الناس ينبشونه لما يطرأ على العرب من العار المعتاد.
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
26 - فك ختم الفص الخالدي
 
 1 / 26- اعلم ان للاسم الصمد معنيين :
أحدهما باعتبار ان الصمد هو الذي لا جوف له ،
والاخر هو بمعنى القصد والالتجاء ، والمراد هنا معنى القصد والالتجاء ،
والسر فيه : ان خالدا لم يظهر حكم نبوته مع قومه في الحس  لمخالفتهم إياه فأوصاهم ان يقصدوا قبره بعد موته بسنة ، فإذا مر بهم قطيع من الغنم فيه حمار مقطوع الذنب ينشأ من قبره فيخبرهم بما شاء الحق فيما اطلعه عليه ،
فلم يمكَّن بنوه قومه من ذلك فلم يظهر احكام نبوته ، فكانت نبوته برزخية كما أشار اليه شيخنا رضى الله وتفصيل قصته مذكور في الحديث والاخبار ،
ولما لم يظهر احكام نبوته في هذا الموطن ، لم يعتبره نبينا صلى الله عليه وسلم ،
لذلك كان يقول : انا اولى الناس بعيسى بن مريم ، فإنه ليس بينى وبينه نبى ، فاعلم ذلك ، والله المرشد.
 

.
يتبع 


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد أبريل 26, 2020 1:28 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:19 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص الخالدي الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم  
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية 
الفقرة الأولي:                                  الجزء الثاني

كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة صمدية في كلمة خالدية :

مصطلح  النبوّة البرزخيّة
النبوة البرزخية: هي الاخبار بأحوال الآخرة في البرزخ.

يقول الشيخ ابن العربي :
" واما حكمة خالد بن سنان فإنه اظهر بدعواه: النبوة البرزخية، فإنه ما ادعى الاخبار بما هنالك الا بعد الموت: فأمر ان ينبش عليه، ويسأل، فيخبر ان الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا. . . فكان غرض خالد صلى اللّه عليه وسلم، ايمان العالم كله، بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع "


خالد بن سنان بن غيث العبسي

يقول الشيخ ابن العربي في محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار :
" وهو خالد بن سنان بن غيث العبسي" وأما خالد بن سنان العبسي عليه السلام
قيل: هو من ولد إسماعيل، أدركت ابنته النبي صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن عباس رضي اللّه عنهما:
ظهرت نار بالبادية بين مكة والمدينة في الفترة، فسمّتها العرب: بدا، وكادت طائفة منهم أن تعبدها مضاهاة للمجوس، فقام خالد هذا، فأخذ عصاه، واقتحم النار يضربها بعصاه حتى أطفأها اللّه تعالى. ثم قال: إني ميت، فإذا متّ، وحال الحول، فأرصدوا قبري، فإذا رأيتم حمارا عند قبري، فارموه واقتلوه، وانبشوا قبري، فإني أحدثكم بكل ما هو كائن.
فمات، فلما حال الحول، رأوا الحمار فقتلوه، وأرادوا نبشه، فمنعهم أولاده، وقالوا: لا نسمّى بني المنبوش.
وقص النبي صلى اللّه عليه وسلم قصته على أصحابه، حين جاءته ابنته، فانتسبت له، فقال لها:
" مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه ". ثم قال عليه الصلاة والسلام: " لو نبشوه لأخبرهم بشأني، وشأن هذه الأمة، وما يكون منها ". أهـ


و رحّب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بابنة نبيّ كان قبله يقال له خالد بن سنان، قال لها حين علم بها: " مرحبا بابنة نبيّ أضاعه قومه "، ثم قصّ خبره. 
وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه، ولا كريم أكرم من آل محمد. كلهم كبير وليس فيهم صغير ". أهـ


وفى فتح الباري لابن حجر ج 13 / 79 :-
وقد وقع في بعض بلاد الحجاز في الجاهلية نحو هذه النار التي ظهرت بنواحي المدينة في زمن خالد بن سنان العبسي فقام في أمرها حتى أخمدها ومات بعد ذلك في قصة له ذكرها أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب الجماجم وأوردها الحاكم في المستدرك من طريق يعلى بن مهدي عن أبي عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن بن عباس أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه اني أطفي عنكم نار الحدثان فذكر القصة وفيها فانطلق وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فذكر القصة في دخوله الشق والنار كأنها جبل سقر فضربها بعصاه حتى أدخلها وخرج وقد أوردت لهذه القصة طرفا من ترجمته في كتابي في الصحابة .أهـ

 

وفي المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 2/ 654:-
4173 - أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، وجعفر بن محمد الخلدي، قالا: ثنا علي بن عبد العزيز، ثنا معلى بن مهدي، ثنا أبو عوانة، عن أبي يونس، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلا، من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفئ عنكم نار الحدثان، قال: فقال له عمارة بن زياد، رجل من قومه: والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال: فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال: فاستقبلها خالد فضربها بعصاه وهو يقول: بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق قال: فأبطأ عليهم قال: فقال عمارة بن زياد: والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد، قالوا: ادعوه باسمه، قال: فقالوا: إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه باسمه قال: فخرج إليهم وقد أخذ برأسه فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا،
قال: فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا: انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه. قال عمارة بن زياد: لا تحدث مضر أنا ننبش موتانا والله لا ننبشه أبدا، قال: وقد كان أخبرهم أن في عكم امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه وقال: لا يمسهما حائض،
قال: فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض قال: فذهب بما كان فيهما من علم قال: فقال أبو يونس: قال سماك بن حرب سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ذاك نبي أضاعه قومه»

وقال أبو يونس: قال سماك بن حرب: إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحبا بابن أخي» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة، فأما موت خالد بن سنان هكذا فمختلف فيه» فإني سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر، وأبا عثمان سعيد بن نصر، وأبا عبد الله بن صالح المعافري، الأندلسيين وجماعتهم عندي ثقات يذكرون: «أن بينهم وبين القيروان بحر وفي وسطها جبل عظيم، لا يصعده أحد، وإن طريقها في البحر على الجبل، وأنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض محتبيا في صوف أبيض، ورأسه على يديه، كأنه نائم لم يتغير منه شيء، وإن جماعة أهل الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان والله تعالى أعلم» . الحاكم في المستدرك وروى مثله الطبراني و تاريخ المدينة لابن شبة وفتح الباري لابن حجر العسقلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للقسطلاني و فيض القدير للمناوي و إتحاف المهرة بالفوائد لابن حجر العسقلاني و مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لابن الهيثمي

 

وفي تاريخ المدينة لابن شبة 262هـ
حدثنا أحمد بن معاوية قال: حدثنا إسماعيل بن مجالد قال: حدثنا مجالد، عن الشعبي أن رجلا من عبس في الجاهلية يقال له: خالد بن سنان، دعا قومه إلى الإسلام، وأن يقروا له بالنبوة، فأبوا، وكانت نار تستوقد في أرض قريب من أرض بني عبس
 فقال لهم: إن أطفأت لكم هذه النار أتشهدون أني نبي؟
قالوا: نعم قال: فأخذ عسيبا من نخل رطب فدخل النار وهو يضربها بالقضيب
وهو يقول: باسم رب الأعلى، كل هدى مودى، زعم ابن راعية المعزى، أن لا أخرج منها وثيابي تندى.
فما من شيء كان أصابه ذلك العسيب إلا انطفأ، فأطفأها،
ودعاهم فأبوا فكذبوه ثانية فقال لهم: إني لبثت أي كذا وكذا يوما، فإذا دفنتموني وأتى علي ثلاثة أيام فأتوا قبري، فإذا عرضت لكم عانة من حمر وحش وبين يديها عير تتبعه فانبشوني؛ فإني أقوم فأخبركم ما هو كائن إلى يوم القيامة،
فأتوا القبر بعد ثلاث، وسنحت لهم الحمر وبين يديها عير تتبعه، فقام قومه من أهل بيته وبني عمه فقالوا: لا ندعكم تنبشون صاحبنا فنعير.
فقال الشعبي: إن رجلا من ولده سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "نبي ضيعه قومه".
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:19 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                     الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26   - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
هذا فص الحكمة الخالدية ، ذكره بعد حكمة موسى عليه السلام لأنه آخر أنبياء بني إسرائيل كما أن موسى عليه السلام أوّلهم .
(فص حكمة صمدية) ، أي منسوبة إلى الصمد من أسماء اللّه تعالى ، وهو الذي يصمد إليه بالحوائج ، أي يقصد فيها (في كلمة خالدية .)
إنما اختصت حكمة خالد بن سنان بكونها صمدية لأن نبوّته كانت برزخية ، ففيها الكشف عن أحوال البرزخ الأخروي ، والجميع محتاجون إلى معرفة ذلك وبيانه لهم ، فهو مصمود إليه بذلك ومقصود في بيانه من حيث نفس الأمر ، وإن أضاعه قومه ، ولم يعتبروا منه ما هم محتاجون إليه .

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا . فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع . فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه . )

قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة خالد بن سنان) عليه السلام العبسي من بني عبس . روي أن ابنته سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقرأ :"قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ"[ الإخلاص : 1 ] .

فقالت : كان أبي يقرأ هذا . ذكره الدميري في حياة الحيوان في التفسير وقصته : أنه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن من اليمن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة هناك فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه في دفع ذلك عنهم ، فأخذ خالد عليه السلام يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها ،

ثم قال لأولاده : إني أدخل المغارة خلف هذه النار حتى أطفئها وأمرهم أن ينادوه بعد ثلاثة أيام تامة ، فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام فإنه يخرج ويموت ، وإن صبروا ثلاثة أيام ونادوه يخرج سالما .
فلما دخل صبروا يومين واستفزهم الشيطان فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، وظنوا أنه هلك ، فنادوا به فخرج عليه السلام من المغارة وعلى رأسه ألم حصل له من صياحهم به قبل الوقت

فقال : ضيعتموني وأضعتم قولي ووصيتي وأخبرهم بأنه يموت وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ،
فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر ، أي مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ وأحوال القبور عن يقين ورؤية ،
فانتظروا بعد موته أربعين يوما ، فجاء القطيع ويقدمه حمار أبتر فوقف حذاء قبره ، فأراد المؤمنون من قومه أن ينبشوا عليه كما أمر فامتنع أولاده من ذلك خوفا من العار لئلا يقال لهم أولاد المنبوش فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه  . رواه الحاكم في المستدرك
فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءت بنت خالد فقال لها صلى اللّه عليه وسلم : " مرحبا يا بنت نبي أضاعه قومه " . رواه الحاكم في المستدرك
وروى الدارقطني : أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " كان نبيا فضيعه قومه " ، يعني خالد بن سنان .
وذكر غيره من العلماء : أن ابنته أتت النبي صلى اللّه عليه وسلم فبسط لها رداءه فقال : " أهلا ببنت خير نبي " أو نحو ذلك .

ذكره الكواشي والزمخشري وغيرهما أنه كان بين محمد وعيسى عليهم السلام أربعة أنبياء من بني إسرائيل وواحد من العرب وهو خالد بن سنان العبسي . وذكر البغوي أنه لا نبي بينهما . 
وقيل : إن خالد بن سنان هو النبي الذي دعا على العنقاء الطير الكبير المشهور لما شكا إليه قومه ما يلقون منها ، فانقطع نسلها وانقرضت ، فلا توجد إلى يوم القيامة .


وقيل : إنه كان وكّل به من الملائكة مالك خازن النار ، ذكره الدميري في حياة الحيوان في العنقاء (فإنه) ، أي خالدا عليه السلام (أظهر بدعواه) إلى اللّه تعالى (النبوّة) مفعول أظهر (البرزخية) ، أي المقتضية للأخبار عن أحوال البرزخ وهو العالم الذي بين الدنيا والآخرة الذي تنتقل إليه نفوس الأموات بعد موتهم ويبقون فيه على مراتب ما كانوا عليه في الدنيا إلى أن ينفخ في الصور وينتقلوا إلى الآخرة فيكونون في جنة أو في نار وإظهار ذلك منه بقوله : إنه يخبرهم بأحوال البرزخ والقبور ،

قال رضي الله عنه :  (فإنه) ، أي خالدا عليه السلام (ما ادعى الإخبار بما هنالك) ، أي بأحوال البرزخ والقبور (إلا بعد الموت) ، أي بعد موته ووضعه في القبر

(فأمر أن ينبش عنه) قبره ويسأل عن ذلك حتى يكون إخباره عن ذوق حقيقي وكشف حسي .
وقد أخبرت الأنبياء عليهم السلام عن أحوال البرزخ والقبور، ولكن بطريق الوحي والخبر الإلهي الواصل إليهم ، لأن ذلك كان منهم قبل موتهم ،
وخالد عليه السلام أراد أن يخبر بعد موته وعوده إلى الدنيا ثانيا (فيخبر أن الحكم) الواقع (في البرزخ) من أحوال الموتى (على صورة) ما كانوا عليه من نتائج الأعمال والأحوال (الحياة الدنيا) طبق ما أمرتهم به الرسل عليهم السلام ونهتهم عنه من أحكام اللّه تعالى ،
وإن لم يشعروا بذلك وهم في الحياة الدنيا ، وإنما المؤمنون به بالغيب والكافرون كافرون به حتى يموتوا فيذوقونه ويشهدونه حسا وكشفا .

قال رضي الله عنه :  (فيعلم) بالبناء للمفعول (بذلك) ، أي بما يخبر عنه (صدق الرسل كلهم) من آدم إليه عليهم السلام (فيما أخبروا) ، أي الرسل عليهم السلام (به في حياتهم الدنيا) قبل موتهم مما هو نافع للمكلفين في أمور آخرتهم عند اللّه تعالى أو ضار لهم فيها من الأعمال والأقوال والأحوال ظاهرا وباطنا

قال رضي الله عنه :  (فكان غرض خالد صلى اللّه عليه وسلم) حصول إيمان ، أي تصديق العالم كله ، أي جميع المكلفين (بما جاءت به الرسل) عليهم السلام من عند اللّه تعالى وإزالة شبه الجميع عن أقوال الرسل وإخباراتهم عليهم السلام (ليكون) ، أي خالد عليه السلام (رحمة للجميع) ، أي الرسل وأممهم حيث اقتضت نبوّته تصديق الكل بالحق وزوال التكذيب به عنهم .

(فإنه) ، أي خالدا عليه السلام (تشرف) ، أي صار شريفا فارتفعت همته إلى هذا الأمر العظيم الشأن الجسيم ، الذي لم تتطاول إليه يد نبي من الأنبياء الماضين عليهم السلام أصلا (بقرب) ، أي بسبب قرب (نبوّته) ، أي خالد عليه السلام (من نبوّة محمد صلى اللّه عليه وسلم) ، الذي قال اللّه تعالى فيه ":وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ" [ الأنبياء  : 107].


قال رضي الله عنه :  (وعلم) ، أي خالد عليه السلام بالوحي الكشفي (أن اللّه) تعالى (أرسله) ، أي أرسل محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وإن لم يظهر زمان إرساله لأنه حق كائن في وقته (رحمة للعالمين) .
(ولم يكن خالد) عليه السلام (برسول اللّه) وإنما كان نبيا من أنبياء بني إسرائيل ، ولهذا أضاعه قومه ، لأن اللّه تعالى أوحى إليه ولم يأمره بالتبليغ ، ولو أمره لما قدر على إضاعته أحد كما أمر المرسلين من أولي العزم وغيرهم عليهم السلام وتعرض لهم قومهم بالتكذيب والجحود وإبطال الحق الذي جاؤوا به والمنع من متابعتهم ، ولم يقدروا وقد أعجزهم اللّه تعالى وردهم مخذولين خاسرين خائبين في الدنيا والآخرة كما قال تعالى :"وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ ( 171 ) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ( 172 ) وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ" [ الصافات : 171 - 173 ] .


وكذلك اتباع المرسلين عليهم السلام من ورثتهم الذين هم خاصة أممهم ملحقون بهم أيضا أهل دعوة إلى اللّه تعالى صحيحة مأمورا بها كما قال تعالى :" قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي " [ يوسف : 108 ] ،
فلا يمكن رد دعواهم ولا إضاعتهم أصلا ، وإنما هم منصورون نافذ أمرهم ونهيهم على كل حال لقوله صلى اللّه عليه وسلم " فليبلغ الشاهد منكم الغائب ".
وقوله عليه السلام : « الشيخ في جماعته كالنبي في أمته » .  
""حديث : بجلوا المشايخ، فإن تبجيل المشايخ من إجلال الله، فمن لم يبجلهم فليس مني". رواه ابن حبان في التاريخ ، والديلمى عن أنس .""


ولكنهم كما يرثون الأنبياء في علومهم الإلهية وأحوالهم الكمالية يرثونهم أيضا في وقائعهم وقت التبليغ من تكذيب الناس لهم وأذيتهم والسخرية عليهم ، واللّه تعالى حافظهم وناصرهم على كل حال . والأنبياء الذين ليسوا بمرسلين لم يؤمروا بالتبليغ إلى الناس،
وإنما هم مأمورون بالعمل الصالح في أنفسهم والاستقامة عليه ونصح من تابعهم برضى خاطره وانقاد إليهم من الأمم ، فإذا خالفوهم وعصوهم فإنهم لم يؤمروا بمحاربتهم ولا قتالهم ولا التعرض لهم في شيء أصلا ولم يخبر تعالى أنه ناصرهم ولا حافظهم ممن كذبهم ، فلهذا قتل يحيى ونشر زكريا وكثير من بني إسرائيل عليهم السلام لتعرضهم للعصاة والكافرين وهم لا يؤمرون بذلك ، وخالد بن سنان عليه السلام كان كذلك فلهذا أضاعه قومه .

قال رضي الله عنه :  (فأراد) ، أي خالد عليه السلام (أن يحصل من هذه الرحمة) الواسعة لجميع العالمين الكائنة (في) زمان (الرسالة المحمدية) إلى كافة البرية (على حظ وافر) ونصيب متكاثر حيث يكون ممهدا لقواعدها ومشيدا لأركانها قبل مجيء زمانها .

وهذه كانت نيته وهي من أكبر الطاعات لكن لا خصوص إذن له بذلك من اللّه تعالى ، وإنما معه في ذلك الإذن العام بعمل الخير والطاعة فله ثواب ذلك ويحشر يوم القيامة على نيته وفعل طاعته .

قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " يبعث الناس على نياتهم" . رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أبي هريرة رضي اللّه عنه وابن ماجه في سننه.

ولم يؤمر ، أي خالد عليه السلام بالتبليغ ، أي تبليغ ما أوحى اللّه تعالى إليه إلى قومه كما أمرت المرسلون عليهم السلام وورثتهم كما ذكرنا .


قال رضي الله عنه :  (فأراد) ، أي خالد عليه السلام (أن يحظى) ، أي يفوز (بذلك) ، أي بالحظ الوافر من الرحمة العامة في الرسالة المحمدية (في) بيان (أحوال البرزخ) والقبور (ليكون) ذلك (أقوى في العلم) الإلهي (في حق الخلق) فيعلمون به إذا بلغه إليهم صدق المرسلين عليهم السلام في جميع ما بلغوه عن اللّه تعالى من الحق (فأضاعه) ، أي خالدا عليه السلام (قومه) ، ولم يحفظوا وصيته كما سبق بيانه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
الصمد المصمد إليه أي المحتاج إليه أو الصمد هو الذي لا جوف له ولما غلبت صفة الصمدية على خالد عليه السلام اختصت الحكمة الصمدية بكلمته ( وأما حكمة خالد بن سنان عليه السلام فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية ( أي الاخبار عن أحوال القبر .
"" أضاف المحقق :
هو خالد بن سنان بن غيث العبسي من أهل زمن الفترة التي امتدت بين عيسى عليه السلام ومحمد صلى اللّه عليه وسلم ، أو ممن عاش قبل زمن عيسى عليه السلام على بعض الأقوال .
والمعروف عنه أنه كان يقول بالتوحيد قبل بعثة سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ناهجا نهج الملة الحنفية وقد عده كثير من المسلمين ومنهم ابن عربي من الأنبياء ،
استنادا فيما يظهر على ما يروى من أن ابنته أو إحدى بنات ذرّيته جاءت إلى الرسول فقال لها : " مرحبا يا بنت نبي أضاعه قومه " .
ويقال إنها لما أتت إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم سمعته يقرأ :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌفقالت قد كان أبي يقرأ هذا . ذكره القاشاني في شرحه على الفصوص ص 426 .""

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما ادّعى الاخبار بما هنالك ) أي لم يدّع الاخبار بما في البرزخ ( إلا بعد الموت فأمر أن ينبش عليه فيسأل ) عن أحوال القبر ( فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا فيعلم بذلك (  أي بما أخبره خالد عليه السلام .

قال رضي الله عنه :  ( صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ) من نعيم القبر وعذابه ( فكان غرض خالد عليه السلام إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ) من المقامات البرزخية وأحوالها ومقصود خالد عليه السلام من هذا الفعل ( ليكون ) خالد عليه السلام ( رحمة للجميع فإنه تشرف ) من التشريف ( بقرب نبوته من نبوة محمد عليه السلام وعلم ) خالد عليه السلام ( أن اللّه أرسله ) أي محمدا عليه السلام ( رحمة للعالمين ولم يكن خالد عليه السلام فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ولم يؤمر بالتبليغ فأراد أن يحظ بذلك ) التبليغ.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق ) أي ليظهر أعلميته بين الناس في البرزخ وقصته مذكورة في كتب التفاسير ونحن أوردناها على ما أوردها القيصري في شرحه بعبارته بلا نقص ولا زيادة تبركا بهذه الحكاية وهي أنه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن فخرجت نار عظيمة من مغارة فأهلكت الذرع والضرع فالتجأ إليه قومه
فأخذ خالد عليه السلام يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها ...
ثم قال لأولاده إني أدخل المغارة خلف النار حتى أطفأها وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة فإنهم إن نادوا قبل ثلاثة أيام فهو يخرج ويموت .
وإن صبروا ثلاثة أيام يخرج سالما فلما دخل صبروا يومين واستفزهم الشيطان فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام فظنوا أنه هلك فصاحوا به فخرج من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم .

فقال : ضيعتموني وأضعتم قولي ووصيتي وأخبرهم بموته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما فإنهم يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية فانتظروا أربعين يوما فجاء القطيع ويقدم حمار أبتر فوقف حذاء قبره
فهمّ مؤمنوا قومه أن ينبشوا عليه فأبى أولاده خوفا من العار ، لئلا يقال لهم أولاد المنبوش قبره فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه
فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءته بنت خالد عليه السلام فقال الرسول عليه السلام مرحبا يا ابنة نبيّ أضاعه قومه .
قال رضي الله عنه :  ( فأضاعه قومه) أي وصيته.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا . فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع . فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)


قلت : هذا خالد بن سنان كان في الفترة التي بين عيسى، عليه السلام، وبين محمد صلی الله عليه وسلم، وأنه ليس برسول بل نبي،
فذكر الشيخ رضي الله عنه، أنه من أنبياء البرزخ وهو عالم الخيال المطلق وهي حضرة من الحضرات الإلهية شريفة المقام بين الحضرات الإلهية .
وقد أخبر بمراده وأن قومه أضاعوه وما ضاع بل كان له أجر على قدر رتبته ، فما حصل له التبليغ بل نية التبليغ.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26 -  فصّ حكمة صمدية في كلمة خالدية
كان هجّير خالد الأحد الصمد ، ومشهوده الصمدية ، وكان في قومه مظهر الصمدية يصمدون إليه في المهمّات ، ويقصدونه في العظائم والملمّات ، لهذا أضيفت الحكمة الصمدية إليه ، كما سنذكر إن شاء الله تعالى .
"" دعا إلى الأحد الصمد ، وكان قومه يصمدون إليه ويقصدونه في الملمّات والمهمّات ، فيكشف الله إيّاها عنهم بدعائه عليه السّلام  .""

قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النبوّة البرزخية ، فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنا لك إلَّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ، ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك صدق الرسل كلَّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ، فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلَّه بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع ، فإنّه أشرف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلم أنّ الله أرسله رحمة للعالمين ، ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظَّ وافر وإن لم يؤمر بالتبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق فأضاعه قومه ) .

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ خالدا لمّا استشرف على كمال نبوّة محمّد ، وأنّه المبعوث رحمة للعالمين كافّة ، تمنّى أن يكون له عموم إنباء ونبوّة مستندة إلى العلم الحاصل للكافّة بما في البرزخ بعد الموت ، فإنّ العامّة والجمهور لا ينقادون لإنباء الأنبياء وأنبائهم مثل انقيادهم مثلا ، إلى إنباء من ينبئ بما بعد الموت وإنبائه بعد أن يموت ، وأحياه الله في رأى العين وأخبر بما شاهد ، فإنّ تأثير مثل ذلك في عموم إيمان الخلق أبلغ ،

فكان من قضيّة خالد عليه السّلام أنّه كان قويّ الهمّة ، والغالب عليه شهود الأحدية ، فظهرت في زمانه بين قومه - وكانوا يسكنون في بلاد عدن - نار عظيمة خرجت من مغارة ،
فأهلكت الزرع والضرع ، فصمد إليه قومه وقصدوه - على ما اعتادوا منه في دفع الملمّات ورفع المهمّات - حتى يدفع عنهم أذيّة تلك النار ، وكانوا مؤمنين ، فلما رأى خالد بن سنان عليه السّلام تلك النار ، أخذ يضربها بعصاه من خلفها ،

ويقول : بدّا بدّا ، حتى بدّد النار وفرّقها ، فرجعت النار هاربة وهو يضربها بعصاه ويقول : بدّا بدّا حتى ساقها إلى مغارة خرجت منها فأدخلها في المغارة
ثمّ قال لأولاده وقومه : إنّى أدخل المغارة خلف النار ، حتى أطفئها ، وأمرهم أن يدعوه ولا يدعوه إلى ثلاثة أيّام تامّة ، فإنّهم إن نادوه ودعوه قبل تمام ثلاثة أيّام وفي أثنائها ، فإنّه يخرج ويموت ،
وإن صبروا إلى تمام ثلاثة أيّام ، خرج سالما ، وقد دفع عنهم أذية النار ، فلمّا دخل المغارة خلف النار ، صبروا يومين واستفزّهم الشيطان ، فلم يصبروا تمام ثلاثة أيّام ، فصاحوا به قبل تمام الوقت ودعوه ونادوه وارتابوا أنّه ربما يكون قد هلك ،

فخرج عليه السّلام من المغارة ويداه على رأسه من الألم الذي ألمّ به من صياحهم وندائهم قبل تمام الميقات ،
فقال لهم : « ضيّعتموني وأضعتم قولي وعهدي » وأخبرهم بموته ، وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما فإنّه يأتيهم بعد الأربعين قطيع غنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف ، فلينبش على خالد عليه السّلام قبره ، فإنّه يقوم ويخبرهم بجليّة الأمر بعد الموت عن شهود ورؤية ويقين ، فيحصل الخلق كلَّهم على اليقين بما أخبرت الرسل ، وتصحّ عندهم الإخبارات النبويّة كلَّها ،

ثمّ مات خالد ، فدفنوه وانتظروا عبور أربعين يوما ، وانتظروا بعد ذلك قطيع غنم ، فجاء القطيع - كما ذكر - يقدمه حمار أبتر ، فوقف حذاء قبره فهمّ مؤمنو قومه ، وأولاده أن ينبشوا عليه كما أمرهم حتى يخبرهم بصدق الأنبياء والنبوّات كلَّها فأبى أكابر أولاده ،
وقالوا يكون عار عند العرب أن ينبش على أبينا ، فيقال فينا : أولاد المنبوش وندعى بذلك ، فحملتهم الحميّة الجاهلية على ذلك ، فضيّعوا وصيّته وأضاعوه .
ثمّ بعد بعثة رسولنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم جاءته بنت خالد ، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  " مرحبا بابنة نبيّ أضاعه قومه " .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26 -  فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
إنما اختصت الكلمة الخالدية بالكلمة الصمدية ، لأن دعوته إلى الأحد الصمد ، ومشهده الصمدية ، وهجيره في ذكره الأحد الصمد ، وكان في قومه مظهر الصمدية يصمدون إليه في المهمات ، ويقصدونه في الملمات ، فيكشف الله عنهم بدعائه البليات .
( وأما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية ) أي الحجابية التي تكون في عالم المثال بعد الموت ، فإنه لم يظهر نبوته في حياته ، ولذلك لم يعتبرها نبينا صلى الله عليه وسلم حيث قال « إني أولى الناس بعيسى ابن مريم فإنه ليس بيني وبينه نبي » فعلم أنه لم يكن نبيا في هذا الموطن ( فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك إلا بعد الموت ) أي ادعى أنه يخبر بعد موته عن أحوال الآخرة.

قال رضي الله عنه :  ( فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ، فكان غرض خالد عليه السلام إيمان العالم كله بما جاء به الرسل ليكون رحمة للجميع ، فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، وعلم أن الله أرسله رحمة للعالمين ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ولم يؤمر بالتبليغ فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق فأضاعه قومه ).

فلما استشرف خالد عليه السلام كمال نبوة محمد وعلم أنه المبعوث رحمة للعالمين كافة تمنى أن يكون له عموم أنباء ونبوة مستندة إلى العلم الحاصل للكافة بما في البرزخ بعد الموت ، فإن العامة لا ينقادون لأنباء الأنبياء انقيادهم لأنباء من ينبئ بعد أن يموت فيحييه الله فيخبر بما شاهد هنالك ، فإن تأثير مثل ذلك في إيمان عموم الخلق أبلغ .

وكان من قصته عليه السلام أنه كان قوى الهمة والغالب عليه شهود الأحدية ، وكان هو وقومه يسكنون بلاد عدن فظهرت بينهم نار عظيمة خرجت من مغارة فأهلكت الزرع والضرع فصمد إليه قومه على ما اعتادوا منه في دفع الملمات حتى يدفع عنهم أذى تلك النار وكانوا مؤمنين به ، فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه من خلفها ويقول : بدّا بدا حتى بردت النار فرجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها وهو يسوقها حتى أدخلها ،


ثم قال لأولاده وقومه : إني أدخل المغارة خلف النار حتى أطفئها ، فأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة فإنهم إن نادوه قبل انقضائها فهو يخرج ويموت ، وإن صبر وأخرج سالما وقد دفع عنهم مضرة النار ، فلما دخل صبروا يومين واستفزهم الشيطان فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، فارتابوا أنه هلك فصاحوا به فرجع عليه السلام من المغارة ويداه على رأسه من الألم الذي أصابه من صياحهم ،

فقال لهم : ضيعتمونى وأضعتم قولي وعهدي وأخبرهم بموته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ، فإنه يأتيهم قطع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره فإنه يقوم ويخبرهم بجلية الأمر بعد الموت عن شهود ورؤية فيحصل للخلق كلهم عين اليقين بما أخبرت به الرسل عليهم السلام .

ثم مات خالد فدفنوه فانتظروا مضى الأربعين وورود قطيع الغنم ، فجاء القطيع كما يذكر يقدمه حمار أبتر فوقف حذاء قبره فهمّ مؤمنو قومه وأولاده أن ينبشوا عليه كما أمرهم حتى يخبرهم بصدق الأنبياء والنبوات كلها ، فأبى أكابر أولاده وقالوا : يكون علينا عارا عند العرب أن ينبش على أبينا فيقال فينا أولاد المنبوش وندعى بذلك ، فحماتهم الحمية الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه .

ثم بعد بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءته بنت خالد فقال لها صلى الله عليه وسلم « مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه » ولم يصف النبي عليه الصلاة والسلام قومه بأنهم ضاعوا لإصابتهم في الإيمان فصحت نبوته .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
قال رضي الله عنه :  ( الصمد ) يقال على مالا جوف له : تقول ( هذا مصمود ) أي ليس بمجوف ، ويقال للمقصد والملجأ : قال الله تعالى ( الله الصمد ) .
ولما كان خالد ، عليه السلام ، في قومه صمدا محتاجا إليه ، ملجاء لهم ، يستندون إليه في كل حاجة ، وكان مظهرا للإسم ( الصمد ) وذاكرا ربه بالأحد الصمد ، اختصت الحكمة الصمدية بكلمته .

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة خالد بن سنان ، فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية . ) أي ، أظهر بدعواه الإنباء عن البرزخ الذي بعد الموت ، وما أظهر نبوته في الدنيا ، لذلك قال نبينا ، صلى الله عليه وسلم : ( إني أولى الناس بعيسى بن مريم : فإنه ليس بيني وبينه نبي ) . أي ، نبي داع للخلق إلى الله ومشرع .

والمراد ب‍ ( البرزخ ) هنا الموطن الذي بين الدنيا والآخرة . وهو غير البرزخ الذي بين عالم الأرواح المثالي ، وبين هذه النشأة العنصرية ، كما مر في المقدمات  في الفصل الكاشف عن أحوال عالم المثال .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك ) أي ، بما في البرزخ ( إلا بعد الموت ، فأمر أن  ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك )
الإخبار ( صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا . فكان غرض خالد
صلى الله عليه وسلم إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ) من أحوال القبر والمواطن والمقامات البرزخية .

 
قال رضي الله عنه :  ( ليكون ) خالد ( رحمة للجميع ، فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد ، صلى الله عليه وسلم ، وعلم خالد أن الله أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ولم يؤمر بالتبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك ) التبليغ من مقام الرسالة ( في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق . )
أي ، ليعلم قوة علمه بأحوال الخلائق في البرزخ .
قال رضي الله عنه :  ( فأضاعه قومه .) أي ، أضاعوا وصية نبيهم

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:20 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص الخالدي الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم  

الفقرة الثانية :-                                             الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

الفصّ الخالدي
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية  

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالاستعلاء ؛ للاستغناء عن الكل مع افتقار الكل إليه ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى خالد بن سنان العنسي عليه السّلام ، إذ قصد أن يخبر عن الأمور الغيبية التي يجب الإيمان بها عن مشاهدة يعترف بها كل أحد من غير حاجة إلى معجزة ، ولا إلى تصديق نبي آخر ، وتصديق الأنبياء عليهم السّلام  يفتقر إلى هذا عند البعض ، وهؤلاء يفتقر في إثبات مدعاهم إلى شيء ،

"" أضاف المحقق :
إنما اختصت الكلمة الخالدية بالكلمة الصمدية ؛ لأن دعوته إلى الأحد الصمد ، ومشهده الصمدية وهجيره في ذكره الأحد الصمد ، وكان في قومه مظهر الصمدية يصمدون إليه في المهمات ، ويقصدونه في الملمات ، فيكشف اللّه عنهم بدعائه البليات . القاشاني . ""

وقصته : أنه كان يسكن عدن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة ، فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه ، فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه من خلفها ،
ويقول : بدا بدا حتى ترد النار ، فرجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها ، ثم قال لأولاده : إني أدخل المغارة خلف النار لأطفئها ، وأمرهم أن يدعوه ثلاثة أيام تامة ، فإنهم إن دعوه قبلها خرج ومات ، وإن صبروا تمام ثلاثة أيام خرج سالما ، وقد وضع عنهم مضرة النار ، فلما دخل صبروا يومين ،
واستفزهم الشيطان فظنوا أنه ربما هلك ، فصاحوا به فخرج من المغارة ويداه على رأسه من الألم الذي أصابه من صياحهم ،

فقال لهم : ضيعتموني وضيعتم قولي ووصيتي ، أخبرهم بموته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ، فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاز قبره ووقف ، فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن رؤية وشهود ، فتحصل الخلق كلهم على اليقين بما أخبرت الرسل عليهم السّلام ،
فمات خالد فدفنوه ، فانتظروا مضي الأربعين ، وورود قطيع الغنم ، فجاء القطيع يقدمه حمار أبتر ، فوقف حذا قبره ، فهمّ مؤمنو قومه أن ينبشوا عليه كما أمرهم ، فأبى أكابر أولاده خوفا من العار أن يقال لهم : أولاد المنبوش ، فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك ، وضيعوا وصيته وأضاعوه .

فلما بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاءته بنت خالد عليه السّلام ، فقال صلّى اللّه عليه وسلّم : " مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه " ،
ورأيت في بعض التواريخ : « أنها سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقرأ سورة الإخلاص
فقالت : سمعت أبي يقرأها »  ، انتهى ، وهذا يدل على كون حكمته صمدية كما قال رحمه اللّه .

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان ؛ فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة ، فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا ، فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع ؛ فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلّى اللّه عليه وسلّم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه ،)

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة خالد بن سنان ) ، أي : العلم اليقيني المختص به ، وهو العلم المستغني بإفادة اليقين عن غيره المفتقر إليه علوم سائر الأنبياء - عليهم السّلام - فيما أخبروا ، وهو التخلق أو التحقق بالصمدية ،

قال رضي الله عنه :  ( فإنه أظهر بدعواه للنبوة النبوة البرزخية ) أي : الإخبار عما يجب الإيمان به من أحوال البرزخ والقيامة بعد مصيره إلى البرزخ ، وهو عالم القبر المتوسط بين الدنيا والقيامة ، ( فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك ) ، أي : بما في البرزخ والقيامة

( إلا بعد الموت ) قبل القيامة إذا خرج من قبره بعد أربعين يوما ، ( فأمر أن ينبش عنه ويسأل ) من أحوال البرزخ والقيامة ، ( فيخبر أن الحكم ) ، أي : حكم أرواح الإنسان في التلذذ والتألم.


قال رضي الله عنه :  ( في البرزخ ) احتراز عن القيامة ، فإنها من عالم المحسوسات والمعقولات ( على صورة الحياة الدنيا ) ، أي : من عالم المثال ، فيراه من تمثل في خياله دون من لم يتمثل ؛ فلذلك لا يرى الحي إذا نبش عن الميت ما هو فيه .

قال رضي الله عنه :  ( فيعلم ) أي : يعلم كل واحد ممن يقدر على الاستدلال بالمعجزة لاطلاعه على الفرق بينهما وبين السحر ، وممن لا يقدر ( صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به ) من أحوال البرزخ والقيامة ؛ فإنهم وإن أخبروا عن ذلك بالمشاهدة أو الوحي تقرر في قلوب العامة ، شهد أنهم أخبروا بذلك لا عن مشاهدة ؛ لأنهم كانوا ( في الحياة الدنيا ) ، فهم ومن أخبروهم سواء في عدم المشاهدة في زعمهم ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان غرض خالد عليه السّلام ) بالإخبار عما هناك بعد الموت ( إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ) ؛ لأن حياته بعد الموت أقوى معجزة عند العامة ، وإخباراته تكون عن مشاهدة يعترف بها الكل ، فلا يبقي في معجزته شبهة الالتباس بالسحر ، ولا في إخباراته شبهة عدم المشاهدة لأحد ، فتطمئن قلوبهم إلى أخباره وإلى ما وافق أخباره

أخبار الأنبياء عليهم السّلام ، فيقع التصديق للكل به وبهم عليه السّلام ، وإنما كان غرضه ذلك ؛ ( ليكون رحمة للجميع ) ، وإن لم يبعث إلى الجميع ، لكن عد نفسه من أتباع محمد عليه السّلام وإن تقدمه زمانا ، ( فإنه لشرف قرب نبوته من نبوة محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، فكأنه مقارن له في الزمان ، فيجوز أن يكون له حكم المتابع له .


قال رضي الله عنه :  ( وعلم أن اللّه أرسله رحمة للعالمين ) ، فيجوز أن يكون لمتابعة نصيب من هذه الرحمة سيما من كان نبيّا ، ( ولم يكن خالد برسول ) حتى تمنع رسالته من متابعته ، إذ يكون الرسول صاحب شرع مستقل بخلاف من يمحض نبيّا ، ( فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر ) ؛ لأن حظ النبي في متابعة الرسول أوفر من حظ سائر المتابعين ،

وقد صار في حكم المقارن له حيث ( لم يؤمر بالتبليغ ) قبل الموت ، فكأنه لم يكن نبيّا أيضا ، فهو أولى بالتبعية ؛ ولذلك لم يعتبره نبيا عليه السّلام ، فقال : « أنا أولى الناس بعيسى ابن مريم ، فإنه ليس بيني وبينه نبي » . رواه البخاري ومسلم

قال رضي الله عنه :  ( فأراد أن يحظى بذلك ) الحظ الوافر من الرحمة الجامعة في الرسالة المحمدية ( في البرزخ ) الذي يكون بعض أجزاء مدته مفاوتة لزمان بعثة نبينا عليه السّلام ، وإنما المراد ذلك ؛ ( ليكون أقوى في ) إفادة ( العلم ) في ( حق ) عامة ( الخلق ) حتى أن يكون أقوى في حقهم من معجزات نبينا صلّى اللّه عليه وسلّم ، فإن في بعضها أمور دقيقة لا يطلع عليها إلا الحاذقون بالحقائق لأرباب الفطانة البتراء كالقرار ؛

ولذلك قال فيه بعض أرباب هذه الفطانة البتراء : لو نشاء لقلنا مثل هذا ، ( فأضاعه ) عطف على قوله : فأراد ، الأخير ( قومه ) بأن لم ينبشوا عنه كما قال عليه السّلام لابنته ، وكان حقه أن يقول عليه السّلام لها : ضاعوا ، إذ الأنبياء لا يضيعون بل تحصل لهم الدرجات العالية ، وإنما يصير القوم ضائعين بتضييعهم وصاياهم ، ولكن لم يصف النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قومه بأنهم ضاعوا ؛ لأنهم كانوا أصحاب إيمان به وبالرسل وإخباراتهم ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

26 - فصّ حكمة صمديّة في كلمة خالديّة

تسمية الفصّ
ووجه اختصاص هذه الكلمة بحكمتها هو أنّ الصمد : السيد المصمود إليه في الحوائج - من صمد : إذا قصد - فلا بدّ أن يكون جامعا لخصوصيّات الكلّ ، حتى يتمكَّن من تفصّي مقتضيات الجمع ففيه معنى أحديّة جمع الخصوصيّات والحكمة الخالديّة لو ظهرت وتمّت كان أمرها أن ينبئ عن تصديق نبوّة جميع الأنبياء وتحقيق خصوصيّاتهم ، فالحكمة هاهنا مشتملة على أحديّة جميع الحكم كلَّها ، كما أنّ الكلمة كذلك .
وأيضا بيّنات « الصمد » بنفسها هو « الدائم » بموادّها ، وهو « الخالد » مفهوما ومعنى .


النبوّة البرزخيّة
ثمّ إنّ الصورة التي هي أصل قواعد النبوّة وأساس بنائها لها مجليان في العوالم :
 أحدهما في عالم الشهادة ، والصورة فيه هيولانيّة جسمانيّة ، تامّة في مصدريّة أحكامها وآثارها ، كاملة بالكمال الجمعيّ والإحاطة الذاتيّة ، ولكن لا دوام لها
والأخرى عالم المثال ، والصورة فيه شبحانيّة جسدانيّة ، غير تامّة في مصدريّة الخواصّ والآثار ، ولكن لها الجمعيّة البرزخيّة ، بحسب احتياز الأوصاف وجمع الأطراف فإنّ من شأن البرزخ أن يحيط بطرفيه ويحوي أوصافهما ويظهر بهما .
والمثال هو البرزخ بين عالم الأرواح والأجسام ، ولها الخلود والدوام بالنسبة إلى الشهاديّة .
ثمّ إذا تقرّر لك هذا فاعلم إنّه كما أنّ النبوّة الشهاديّة في الصورة التماميّة قد اقتضت ظهور الأنبياء عليهم السّلام بالإنباء عمّا عليه أمرها والإظهار بجملة أحكامها وآثارها ،

كذلك النبوة البرزخيّة اقتضت أن يكون لها كلمة مستقلَّة بين الأنبياء ينبئ عما عليه تلك الصورة في حدّها ، تتميما لأحكام النبوّة المطلقة واستيفاء لمقتضى الصورة التي أصلها بطرفيها ، واستقصاء لأمر الإظهار الذي هو غايتها بعالميها .
وحكمتها هو المشار إليها بقوله :

خالد بن سنان أراد أن يخبر عن البرزخ
"" أضاف المحقق :
اسمه خالد بن سنان بن غيث بن عبس علي ما ذكره المسعودي في مروج الذهب و أيضا أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير و الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر العسقلاني""

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة خالد بن سنان ، فإنّه أظهر بدعواه النبوّة البرزخيّة ) والظهور بها في عالم البرزخ ، ( فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلَّا بعد الموت ) وتحقّقه بالصورة البرزخيّة ، خالصة عمّا يخالفها من الأحكام المزاجيّة التي هناك ، حتى يتمكَّن عن الإنباء بما عليه أمر ذلك العالم بخصوصه ، متحقّقا به .

قال رضي الله عنه :  ( فأمر أن ينبش عليه ، ويسأل ، فيخبر ) بعد تحقّقه بها ( أنّ الحكم ) بجمله وتفاصيله  ( في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك صدق الرسل كلَّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ) فإنّ الصور البرزخيّة غير متحيّزة بالمكان ، ولا مقترنة بالزمان ، فلا اختصاص لأحكامها والإنباء عنها بامّة زمانه ، بل تشمل العالمين ، وإذ لم يكن تلك الرقيقة بينه وبين امّة زمانه خاصّة في البرزخ ، لم يتمّ له ذلك الأمر وما سمعوا كلامه .

قال رضي الله عنه :  ( وكان غرض خالد إيمان العالم كلَّه بما جاءت به الرسل ، ليكون رحمة للجميع ) من العالمين ، ولكن في البرزخ ، فإنّ ذلك العالم لتقدّمه على الشهادة لا يظهر أمر من الأمور بالصور الشهاديّة قطَّ ، إلَّا بعد ظهوره بالصور المثاليّة في البرزخ فإذا ظهر بالصور المثاليّة يكون آية ، لقرب ظهوره بالصور الشهاديّة .

ومن هذا الأصل تتفرّع معرفة الرؤيا واستعلام الأحوال المستقبلة عن تعبيرها ، وإلى ذلك أشار بقوله رضي الله عنه  : ( فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وعلم ) بميامن ذلك القرب أيضا ( أنّ الله أرسله رحمة للعالمين ، ولم يكن خالد برسول ) حتى يصحّ له النسبة الكاملة بامّة زمانه ، ويترتّب عليها البلاغ وسماعهم منه سماع قبول وتربية ، ( فأراد أن يحصّل من هذه الرحمة ) الشاملة

قال رضي الله عنه :  ( التي في الرسالة المحمديّة على حظَّ وافر ، ولم يؤمر بالتبليغ ) حتى يتحقّق بذلك الحظَّ في عالم الشهادة .
( فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ، ليكون ) ذلك من خوارق العادات والمعجزات المختصّة به ، وحينئذ يكون ( أقوى في العلم في حقّ الخلق ) ، لأنّه إعلام أمر مع الإعجاز المؤيّد له ، وهو الدليل الواضح عند العامّة.


خصائص الأمور البرزخيّة وسبب عدم توفيق خالد بن سنان
قال رضي الله عنه :  ( فأضاعه قومه ) لعدم وثاقة النسبة وتصحيحها المترتّب عليه أحكامها ، ولأنّ الصورة البرزخيّة - من حيث هي كذلك - إنّما تقتضي ظهورا ما في مرتبتها على ما اقتضته ، غير كامل النظام ولا متّسق الترتيب فإنّ مبنى أمر النظام والترتيب الزمان والمكان ، وقد عرفت أنّ هذه الصورة في هذه المرتبة غير متحيّزة ولا مقترنة مكانا وزمانا ، وبيّن أنّ نسبة السيّد والنبيّ إلى قومه إنّما استوثقت من الصور الترتيبيّة والهيئة التأليفيّة الشهاديّة ، التي لا بدّ له من نظام حتى يتمّ .
فالنسبة بين خالد وامّته وثيقة حيث كان في الصور الشهاديّة ، وإذا انتقل إلى البرزخ ما بقي النسبة على ما كانت عليه فلذلك قال النبي : « قومه » ، لا : " امّته" .

وإذا لم يكن خالد برسول مأمور بالتبليغ ، بل ذلك إنما هو غرضه المختصّ به أن يحتظي من الرحمة العامّة الختميّة من دون وحي إلهيّ ، ولذلك قال : " أضاعه قومه " .
( ولم يصف النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قومه بأنهم ضاعوا ) ، ولو كان رسولا مأمورا بالتبليغ كانوا هم الضائعين أولا ،


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة .
فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا .
فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع .
فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه .)

 

الفصّ الخالدي
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
قال رضي الله عنه :  (وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النّبوّة البرزخيّة) .
..........................

فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
الصمد : الملجأ والمحتاج إليه ، ولما كان خالد في قومه ملجأ لهم يصمدون إليه في المهمات ويقصدونه في الملمات جعلت حكمته صمدية ونسبت إليه كلمته .
وقصته أنه كان في زمان الفترة وبين نبينا صلى اللّه عليه وسلم وبين عيسى عليه السلام قريبا من مبعث النبي صلى اللّه عليه وسلم كان مع قومه يسكنون بلاد عدن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها ،

ثم قال لأولاده : إني أدخل المغارة خلف النار حتى أطفؤها ، وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام فهو يخرج ويموت ، وإن صبروا ثلاثة أيام يخرج سالما ، فلما دخل صبروا يومين فاستفزهم الشيطان فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، فظنوا أنه هلك فصاحوا فخرج عليه السلام من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم

فقال : ضيعتموني وأضعتم قولي ووصيتي ، وأخبرهم موته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ، فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمارا أبتر مقطوع الذنب فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية ،

فانتظروا أربعين يوما ، فجاء القطيع ويقدمه حمار أبتر ، فوقف حذاء القبر فهم مؤمنو قومه أن ينبشوا عليه فأبى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم : أولاد المنبوش ، فحملتهم الجاهلية على ذلك فضيعوا وصيته وأضاعوه فلما بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جاءته بنت خالد فألقى لها رداءه وأجلسها عليه . وقال مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه .

"" أضاف المحقق :
رواه الحاكم في المستدرك على الصحيحين ، ذكر نبي اللّه وروحه عيسى . . . ، حديث رقم ( 4173 ) [ ج 2 ص 654 ] ولفظه : « عن ابن عباس رضي اللّه عنهما أن رجلا من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه : إني أطفىء عنكم نار الحدثان قال فقال له عمارة بن زياد رجل من قومه واللّه ما قلت لنا يا خالد قط إلّا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها فقال إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال فاستقبلها خالد فضربها بعصاه
وهو يقول بدا بدا بدا كل هدى زعم بن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق قال فأبطأ عليهم قال فقال عمارة بن زياد واللّه لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد قالوا ادعوه باسمه قال فقالوا إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه
فدعوه باسمه قال فخرج إليهم وقد أخذ برأسه
فقال ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد واللّه قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا
قال فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه قال عمارة بن زياد لا تحدث مضر إنا ننبش موتانا واللّه لا ننبشه أبدا
قال وقد كان أخبرهم أن في عكن امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه
وقال لا يمسهما حائض قال فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض
قال فذهب بما كان فيهما من علم
قال فقال أبو يونس قال سماك بن حرب سأل عنه النبي صلى اللّه عليه وسلم
فقال ذاك نبي أضاعه قومه
وقال أبو يونس قال سماك بن حرب أنّ ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال مرحبا بابن أخي قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه
فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة
فأما موت خالد بن سنان هكذا فمختلف فيه فإني سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر وأبا عثمان سعيد بن نصر وأبا عبد اللّه بن صالح المعافري الأندلسيين وجماعتهم عندي ثقات يذكرون أن بينهم وبين القيروان بحر وفي وسطها جبل عظيم لا يصعده أحد وإن طريقها في البحر على الجبل وأنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض محتبيا في صوف أبيض ورأسه على يديه كأنه نائم لم يتغير منه شيء وإن جماعة أهل الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان واللّه تعالى أعلم » .أهـ ""

( أما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية) .

قال رضي الله عنه :  ( فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنالك إلّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدّنيا ، فيعلم بذلك صدق الرّسل كلّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدّنيا . فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلّه بما جاءت به الرّسل ليكون رحمة للجميع . فإنّه تشرّف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد صلى اللّه عليه وسلم ، وعلم أنّ اللّه أرسله رحمة )
................................................................

فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك ) ، أي في البرزخ ( إلا بعد الموت فأمر أن ينبش عنه فيسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ) ، في الألم واللذة والسعادة والشقاوة ( فيعلم بذلك صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ) ، من أحوال البرزخ والآخرة ( فكان غرض خالد إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع ) ، أي جميع العالم ( فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى اللّه عليه وسلم

 

قال رضي الله عنه :  ( للعالمين . ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرّحمة في الرّسالة المحمّديّة على حظّ وافر . ولم يؤمر بالتّبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حقّ الخلق فأضاعه قومه . )

(وعلم ) خالد ( أن اللّه أرسله ) ، أي محمدا صلى اللّه عليه وسلم ( رحمة للعالمين ولم يكن خالد برسول فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظ وافر . ولم يؤمر بالتبليغ قبل الموت ، فأراد أن يحظى بذلك في أحوال البرزخ ليكون أقوى في العلم الذوقي ) ، الحاصل له ( في حق الخلق ) وأحوالهم البرزخية ( فأضاعه قومه ) ، كما علمت ( ولم يصف النبي صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنهم ضاعوا ) ، لأنه لم يكن رسولا مأمورا بالتبليغ حتى تلزم من تضييع ما أمرهم به ضياعهم لو كان كذلك لكانوا هم الضائعين أولا
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:20 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                             الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  

قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده . فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته . وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا ؟ فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم . )

قال رضي الله عنه :  (ولم يصف النبي صلى اللّه عليه وسلم قومه) ، أي قوم خالد عليه السلام (بأنهم ضاعوا وإنما وصفهم) ، أي قوم خالد عليه السلام (بأنهم أضاعوا نبيهم) خالدا عليه السلام (حيث لم يبلغوه) ، أي يوصلوه ويحققوا له (مراده) ، أي الذي أراده من ظهور أحكام نبوّة البرزخية (فهل بلغه) ، أي حقق (اللّه) تعالى في يوم القيامة (أجر) ، أي ثواب (أمنيته) ، أي قصده الحسن ومراده المطلوب له الذي هو من أشرف الطاعات .

قال رضي الله عنه :  (فلا شك ولا خلاف) لأحد أصلا (في أن له) ، أي لخالد عليه السلام (أجر أمنيته) ، أي ثواب قصده وإرادته لغرضه المذكور ، لأن الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى كما مر (وإنما الشك والخلاف في) أن (الأجر المطلوب) ، أي المراد والمقصود (هل يساوي) ، أي يجعل سواء (تمنّي) فاعل يساوي أي إرادة (وقوعه) ونية ذلك بالقلب (عدم) مفعول يساوي (وقوعه) ، أي وقوع ذلك المطلوب

قال رضي الله عنه :  (بالوجود) ، أي وجود ذلك المطلوب (أم لا) ، يساوي التمني عدمه بالوجود (فإن في الشرع) المحمدي (ما يؤيد التساوي) بينهما من النصوص (في مواضع كثيرة كالآتي) ،
أي الساعي (للصلاة بالجماعة) في المسجد (فتفوته الجماعة) ، فيصلي وحده (فله أجر من حضر الجماعة) وكما قالوا إنه لا يشترط للثواب صحة العبادة ، بل يثاب على نيته وإن كانت عبادته فاسدة بغير تعمده كما لو صلى محدثا على ظن طهارته ،

وقالوا : إنه يستحب للحائض أن تتوضأ وقت الصلاة وتجلس في مسجد بيتها تسبح وتهلل كيلا تنسى العادة ، ويكتب لها ثواب أحسن صلاة كانت تصلي .

قال رضي الله عنه :  (وكالمتمني) من الناس (مع) وجود (فقره) ، وقلة في يده وإلا كان تمنيه كاذبا (ما) ، أي الذي (هم عليه أصحاب الثروة) ، أي الغنى الكثير والمال الوافر (من فعل الخيرات) كالصدقات والمبرات (فله)،
أي لذلك المتمني مع فقره (مثل أجورهم) ، أي أجور تلك الأغنياء في خيراتهم التي يفعلونها .

قال رضي الله عنه :  (ولكن له مثل أجورهم في نياتهم) لفعل تلك الخيرات أو مثل أجورهم (في عملهم) لتلك الخيرات (فإنهم) ، أي الأغنياء (جمعوا) في ذلك (بين العمل) للخيرات (والنية) لها (ولم ينص النبي صلى اللّه عليه وسلم عليهما) في الأخبار الواردة عنه في مثل ذلك (ولا على واحد منهما)، أي من الوجهين المذكورين (والظاهر) في ذلك (أنه) ،
أي الشأن (لا تساوي بينهما) ، أي بين نية العمل والعمل ، وربما يقال بالتساوي من وجه الثواب ليوافق ما ذكر ولو بعدم التساوي في المضاعفة ،
فإن العمل يضاعف والنية لا تضاعف لمن قال : لا إله إلا اللّه وهو يعدها مرة بعد مرة حتى قالها مائة مرة أو ألف مرة .
ومن قال بلسانه مرة واحدة لا إله إلا اللّه أو مائة مرة أو ألف مرة ، فإنه يساوي ذلك في الثواب ولا يساويه في المضاعفة ، وعلى كل حال فلا مساواة (ولذلك) ،
أي لأجل عدم المساواة (طلب خالد بن سنان) عليه السلام حصول (الإبلاغ ) له ،
أي توصيل ما أراده إلى قومه بالفعل مع نيته (حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين) الفعل والنية (فيحصل على الأجرين) ،
أي أجر الفعل المضاعف له أضعافا كثيرة وأجر النية غير المضاعف ويأبى اللّه تعالى إلا ما يريد ، لأنه موالي العبيد (واللّه أعلم) بحقائق الأحوال وإليه المرجع والمآل .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  

قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النبي عليه السلام بأنهم ضاعوه وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم ) أي وصيته ( حيث لم يبلغوه ) من التبليغ ( مراده ) من أخبار أحوال القبر .

قال رضي الله عنه :  ( فهل بلغه اللّه أجر أمنيته ) أي قصده ونيته ( فلا شك ولا خلاف في أن له أجر أمنيته وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب هل يساوي تمني وقوعه مع عدم وقوعه ) قوله ( بالوجود ) يتعلق بيساوي ( أم لا فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة وكالمتمني مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثروة والمال ) .

 قوله رضي الله عنه  : ( من فعل الخيرات ) بيان لما ( فله مثل أجورهم ولكم مثل أجورهم في نياتهم أو في عملهم فإنهم ) أي أصحاب الثروة ( جمعوا بين العمل والنية ولم ينص النبي عليه السلام ) أي لم يذكر النص ( عليهما ) أي على العمل والنية ( ولا على واحد منهما ) بل قال فله أجر من حضر الجماعة فإن من حضر الجماعة له أجران أجر النية وأجر العمل فلم يعين النبي صلى اللّه عليه وسلم الأجر الحاصل له أمجموعهما أو واحد منهما على التعيين .

قال رضي الله عنه :  ( والظاهر أنه لا تساوي بينهما ) أي لا تساوي في الأجر بين من نوى الخير ولم يقدر العمل وبين من نوى وعمل ( ولذلك ) الأجر ( طلب خالد بن سنان عليه السلام الإبلاغ حتى يحصل له مقام الجمع بين الأمرين النية والعمل فيحصل الأجرين ) ثواب النية وثواب العمل ( واللّه أعلم )

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  

قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده . فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته . وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا ؟ فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  

قلت : هذا خالد بن سنان كان في الفترة التي بين عيسى، عليه السلام، وبين محمد صلی الله عليه وسلم، وأنه ليس برسول بل نبي،
فذكر الشيخ رضي الله عنه، أنه من أنبياء البرزخ وهو عالم الخيال المطلق وهي حضرة من الحضرات الإلهية شريفة المقام بين الحضرات الإلهية .
وقد أخبر بمراده وأن قومه أضاعوه وما ضاع بل كان له أجر على قدر رتبته ، فما حصل له التبليغ بل نية التبليغ.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  


قال رضي الله عنه  : ( ولم يصف النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قومه بأنّهم ضاعوا ، وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم ، حيث لم يبلغوه مراده فهل بلَّغه الله أجر أمنيّته ؟
فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيّته ، وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ، هل يساوي تمنّي وقوعه مع عدم وقوعه - بالوجود أم لا ؟ فإنّ في الشرع ما يؤيّد التساوي في مواضع كثيرة ، كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة ، فله أجر من حضر الجماعة ، وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات ، فله مثل أجورهم ، ولكن مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم ، فإنّهم جمعوا بين المنية والعمل ؟ ولم ينصّ النبيّ عليهما ولا على واحد منهما ، والظاهر أنّه لا تساوى بينهما ، ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ ، حتى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين ، فيحصل على الأجرين والله أعلم  . )
وكل هذا ظاهر جليّ ، والله الموفّق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  


قال رضي الله عنه :  ( وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم حيث لم يبلغوه مراده فهل بلغه الله أجر أمنيته ؟ فلا شك ولا خلاف في أن له أجر أمنيته ، وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب ، هل يساوى تمنى وقوعه به مع عدم وقوعه بالوجود يعنى في الآخرة ) .
أي هل يساوى أجر وقوع المطلوب بالوجود الخارجي عند مجرد تمنى وقوعه أجر تمنيه بحيث لا ينقص عدم وقوعه أجر وقوع المطلوب بالوجود الخارجي عند مجرد تمنى وقوعه أجر تمنيه بحيث لا ينقص عدم وقوعه أجر تمنيه إذا وقع .


قال رضي الله عنه :  ( أم لا فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة كالآتى للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ، وكالمتمنى مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات فيه فله مثل أجورهم ، ولكن مثل أجورهم في نياتهم أو في أعمالهم ؟ فإنهم جمعوا بين العمل والنية ولم ينص النبي عليه الصلاة والسلام عليهما ولا على واحد منهما ، والظاهر أنه لا تساوى بينهما ، ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين والله أعلم ) .
"" أضاف عبد الرحمن جامي :
بأنهم ضاعوا لأنه لم يكن رسولا مأمورا بالتبليغ حتى يلزم من تضييع ما أمرهم به ضياعهم ، ولو كان كذلك لكانوا هم الضائعين أولا . أهـ  عبد الرحمن جامى .
والظاهر أنه التساوي بينهما ، فإن النسبة بينهما نسبة الكل إلى الأجزاء . أهـ  عبد الرحمن جامى . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  

قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قومه بأنهم ضاعوا ، وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم ) أي ، أضاعوا وصية نبيهم ( حيث لم يبلغوه مراده . )
وقصته : أنه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن ، فخرجت نار عظيمة من مغارة
فأهلكت الزرع والضرع ، فالتجأ إليه قومه . فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه
حتى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها . ثم ، قال لأولاده : إني أدخل المغارة خلف النار لأطفئها .
وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيام تامة . فإنهم إن نادوه قبل ثلاثة أيام ، فهو يخرج ويموت ، وإن صبروا ثلاثة أيام ، يخرج سالما .
فلما دخل ، صبروا يومين واستفزهم الشيطان . "" إستفزهم ، أي استخفهم ""
فلم يصبروا تمام ثلاثة أيام ، فظنوا أنه هلك ، فصاحوا به ، فخرج ، عليه السلام ، من المغارة وعلى رأسه ألم حصل من صياحهم .

فقال : ضيعتموني وضيعتم قولي ووصيتي . وأخبرهم بموته ، وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما .
فإنه يأتيهم قطيع من الغنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف ، فلينبشوا عليه قبره ، فإنه يقوم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين ورؤية .

فانتظروا أربعين يوما ، فجاء القطيع ويقدمها حمار أبتر ، فوقف حذاء قبره . فهم مؤمنوا قومه أن ينبشوا عليه ، فأبى أولاده خوفا من العار لئلا يقال لهم أولاد المنبوش قبره قد فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك ، فضيعوا وصيته وأضاعوه .
فلما بعث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، جاءته بنت خالد فقال عليه السلام : ( مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه ).

قال رضي الله عنه :  ( فهل بلغه الله أجر أمنيته ؟ فلا شك ولا خلاف في أن له أجرا الأمنية ، وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب هل يساوى تمنى وقوعه مع عدم وقوعه بالوجود ، أم لا . ) أي ، هل يساوى مجرد تمنى وقوعه حصول الشئ ، مع أنه لم يكن حاصلا بما هو حاصل في الوجود ، أم لا .

فقوله رضي الله عنه  : ( بالوجود ) متعلق ب‍ ( يساوى ) لا ب‍ ( الوقوع ) . يقال : هذا الشئ يساوى درهما ويساوى بدرهم .

قال رضي الله عنه :  ( فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة ، كالآتي للصلاة في الجماعة فيفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ، وكالمتمني مع فقره ما هو عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخير فيه . فله مثل أجورهم ، ولكن مثل أجورهم في نياتهم ، أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية ، ولم ينص النبي عليهما ولا على واحد منهما . والظاهر أنه لا تساوى بينهما . ولذلك الأجر طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين ، فيحصل الأجرين . والله أعلم بالصواب . )


وفي بعض النسخ : ( فيحصل على الأجرين ) . الأمران هما النبوة ، والرسالة .
والأجران ما يترتب عليهما من الكمالات الأخراوية .
ويجوز أن يراد ب‍ ( الأمرين ) العمل والنية . وب‍ ( الأجرين ) ما يترتب عليهما من الثواب .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:20 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                                  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  
 
قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قومه بأنّهم ضاعوا ، وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده ، فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته ، وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا ؟ ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم حيث لم يبلغوه مراده ) من إظهار النبوة البرزخية ، وإفادة العلم القوي للعامة بإخبارات الأنبياء عليهم السّلام ، وإيمانهم ، وحصول الحظ الوافر من الرحمة الجامعة المحمدية له ، وإذا كانوا مضيعين له لعدم إبلاغهم مراده ، ( فهل بلغه اللّه أجر أمنيته ) ، أي : نيته وقصده ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا شكّ ) لأهل الكشف ( ولا خلاف ) بين أهل الظاهر في ( أن له أجر أمنيته ) ، فلا يكون تضييعه بتفويت هذا الأجر ، ( وإنما الشك والخلاف في أجر ) وقوع ( المطلوب ) بالتمني ( هل تساوى ) أجر ( تمني وقوعه ) به ، أي : قائما بالتمني لا يعتبره ، فإنه من تمنى وقوع المطلوب بغيره يكون له أجر التمني سواء وقع من التمني منه الوقوع أو لا مع ( عدم وقوعه في الوجود ) ، وإن وقع في الذهن ( أم لا ) ، وإنما وقع هذا الشرك والخلاف ؛ لتعارض نصوص الشرع .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما هم عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم ، ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما ، والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن في الشرع ما يؤيد التساوي ) وفي ما يؤيد عدم التساوي كما نحن فيه ، وأما التساوي ، فهو ( كالآتي ) إلى المسجد ( للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة ، فله أجر من حضر الجماعة ) ؛ لقوله عليه السّلام : « من توضأ فأحسن وضوءه ، ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه اللّه مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا » . رواه البخاري ومسلم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكالمتمني ) من الفقراء مع بعده عن حصول متمناه ( ما هم عليه أصحاب الثروة ) ، أي : السعة ( والمال من فعل الخير ) كالصدقة ، وبناء المساجد والمدارس ، ( فله مثل أجورهم ) ؛ لقوله عليه السّلام : « إنما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه اللّه مالا وعلما ، فهو يتقي فيه ربه ، ويصل رحمه ، ويعمل للّه فيه بحقه ، فهذا بأفضل المنازل ، وعبد رزقه اللّه علما ولم يرزقه مالا ، فهو صادق النية يقول : لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فأجرهما سواء » . رواه أحمد في  المسند والترمذي .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولكن ) ما بين الشارع ما به من المماثلة ، إذ لم يقل ( مثل أجورهم في نياتهم وفي عملهم ) ، فصار مجملا ؛ لأن المشبه به يحتمل أن يكون أجر النية أو العمل أو كليهما ، ( فإنهم جمعوا بين العمل والنية ) ، فلا يتعين أحد هذه الثلاثة إلا بالتنصيص من الشارع ،
ولكن ( لم ينص النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عليهما ) ، أي : على الجمع بينهما ، ( ولا على واحد منهما ) منفردا ، فبقي مجملا ، ولكن ( الظاهر ) من قوله عليه السّلام في حق خالد أنه أضاعه قومه يدل على ( أنه لا تساوي بينهما ) ، فصار بيانا لهذا المجمل ، وكيف يساوي أجر المنفرد بأحدهما أجر الجامع بينهما ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولعدم تساوي أجر الانفراد مع أجر الجمع ( طلب خالد بن سنان فعل الإبلاغ ) ، ولم يكتف بتمنيه ( حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين ) أجر التمني وأجر الفعل ، ( فيحصل على الأجرين ) أجر ما استقل به من النبوة ، وأجر ما قصد من الحظ الوافر من الرحمة المحمدية ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
ولما فرغ من الحكمة الصمدية التي غايتها الجمع بين الكمالات كلها ، والجمع إنما يتصور أقله من شيئين فهو مرتبة ثالثة بعد المرتبتين ، والثلاثة أول العدد الفرد عقبها بالحكمة الفردية ؛
فقال : فص حكمة فردية في كلمة محمدية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  
 
( وإنّما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيّهم ، حيث لم يبلغوا مراده ) وهو النبش على ما وصّاهم به .
 
تفصيل قصّة خالد بن سنان
وقصّته أن خالدا رجل من العدن ، ظهر به داعيا إلى الله ومبدأ أمره أنّه خرجت في أيّامه نار عظيمة من مغارة ، فأهلكت الزرع والضرع ، والتجأ إليه قومه ، فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتى رجعت هاربة منه إلى حيث خرجت عنه ، ثمّ وصّى لأولاده أنّي أدخل المغارة خلف النار لاطفئها ، وأمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيّام .
 
فلما دخل صبروا يومين فاستفزّهم الشيطان ولم يصبروا تمام الثلاثة وصاحوا فخرج خالد وعلى رأسه ألم من صياحهم ،
وقال رضي الله عنه : « ضيّعتموني وأضعتم قولي ووصيّتي » ، وأخبرهم بموته ، وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما ، فإنّه يأتيهم قطيع من الغنم ، يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف فلينبشوا عليه قبره ، فإنّه يقوم لهم ويخبرهم بأحوال البرزخ والقبر عن يقين .
 
فانتظروا أربعين يوما فجاء قطيع كذلك ، فهمّ مؤمنو قومه أن ينبشوا ، فأبى أولاده خوفا من العار عند العرب أن يقال لهم : " أولاد المنبوشين " ، فضيّعوا وصيّته وأضاعوه .
 
فلما بعث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جاءته بنت خالد ، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم : « مرحبا بابنة نبيّ أضاعه قومه » .
"" أضاف المحقق :
عن المسعودي في مروج الذهب ( 1 / 75 ) : « وقد ذكره النبي صلى الله عليه وسلم  فقال : ذلك نبي أضاعه قومه » .
وفيه ( 2 / 370 ) : « وردت ابنة له عجوز قد عمّرت على النبيّ ص ، فتلقاها بخير وأكرمها ، فأسلمت وقال لها : مرحبا بابنة نبيّ ضيّعه أهله » . ""
 
تأويل قصّة خالد
ثمّ إنّ لهذه القصّة تأويلا لطيفا يمكن حملها عليه ، ولكن يحتاج فهمه إلى مقدمة :
وهي أن الولاية أقسام ثلاثة :
ولاية هي باطن النبوة المطلقة ، وهي شاملة لولايات جميع الأنبياء ، وولاية هي باطن النبوة الخاصّة بكل من النبيّين ، وكمالها ما هو باطن النبوّة المحمديّة ،
وولاية مطلقة لا اختصاص لها بالنبوّة .
 
ولكل من هذه الأقسام خاتم ظهر به تمامها ، وخاتم الولاية منهم هو الذي ختم به القسم الثالث ، أعني الولاية المطلقة الشاملة للكلّ .
 
وأما القسم الثاني ، فخاتمه الشيخ المؤلَّف ، كما علم من تصفّح كلامه أنّه خاتم الولاية المحمديّة وأما القسم الأول ، فخاتمه علىّ عليه السّلام ، ولذلك قال ما معناه : " لو اجتمع أهل الكتب الأربعة لحكمت علي كلّ منهم بكتابه " .
 
ثمّ إنّ خالدا صورة باطن نبوّة الأنبياء ، وباطنها هو الولاية المختصّة بها ، ولذلك ما امر بالتبليغ ، واقتضى النبوّة البرزخيّة التي هي باطن هذه المرتبة ، وبه سمّي بـ « الخالد » واقتضى « الحكمة الصمدانية » التي لها الدوام كما عرفت فإنّ الولاية لا انقطاع لها كما سبق بيانه .
 
وإذا تقرّر هذا فاعلم أنّ الولاية التي هي باطن نبوّة الأنبياء قد ظهر بعد ختم النبوّة بمحمد  صلوات الله وسلامه عليه - في أهل بيته ، فمن قرب إليه زمانا غير خاتم الولاية ، فإنّه مظهر الولاية المطلقة ، والكلام هاهنا في الولاية التي هي باطن النبوّة .
 
ثمّ إنّه لا يخفى على المتفطَّن أنّ الرجل الذي ظهر من عدن معدن الكمال والظهور من هو ؟
فإنّه قد ظهر في أيّامه نار فتنة عظيمة من مغارة الغيرة والتنافس ، فأهلكت زرع أحكام النبوّة وأوضاعها العمليّة ، وضرع الحقائق وكمالاتها العلميّة التي في أيّام الخاتم فانطفت النار بقوّة رأيه ونظره الثاقب المشار إليها بعصا ،
 
واختفى في تلك المغارة ، ووصّى أولاده وأتباعه أن لا يدعوه إلى الظهور والخروج إلَّا بعد انقضاء ثلاثة أيام من الظهورات الكاملة ، فما صبروا إلى أن يتمّ الثالث ، بل استفزّهم الشيطان وجعلوه تامّا ، وصاحوا عليه ليخرج ، فخرج وعلى رأس رياسته ألم لمخافة الناس ، وتفرّقهم عن اتّصال كمال ظهوره .
 
وأمّا صورة وعدهم بالنبش - عند وصول القطيع الذي تقدمه حمار أبتر حذاء قبره ، حتى يظهر تلك الولاية ، ويخبرهم عن أحكام البرزخ التي بين الخاتمين - هو صورة ما ظهر في أيّام أبي مسلم الخراساني ، فهو الحمار الأبتر ، لخيرته وانقطاع ذنب أمره ، وباقي الصور ظاهر للفطن إذا تأمّل فيه .
 
ومن آيات تطبيق هذا التأويل هو أنّ الواسطة في نسبة هذا الرجل إلى محمد - صلوات الله وسلامه عليه - هو البنت ، حيث قال عند رؤيته إياها : " مرحبا بابنة نبيّ أضاعه قومه " .
 
أجر النيّة
ثمّ إنّه قد علم أن أمة خالد ما بلغته مراده ، وفي عبارته هذه لطيفة كاشفة عن أصل هذه الحكمة وخصوص كلمتها ، حيث أنّ قوم خالد هو المبلغ إيّاه ، كما أنّه هو المضيّع له ، على خلاف ما عليه كلمة النبيّين بأجمعهم .
 
ثمّ أخذ يشير في طيّ هذه اللطيفة إلى أصل كلَّي وقانون جملي يتعلَّم منه كثير من الأحكام الجزئية عند استخراج فروعه ، وذلك أنّ المتوجّه إلى أيّ نحو من طرق الكمال إذا وقع له في الطريق قبل وصوله إلى ما جعله قبلة امنيّته ومقصد توجّهه ما يقطع رابطته التي له بحسب هذه النشأة الجمعية - هل يمكن له الوصول إليه في العوالم البرزخيّة والنشآت الآتية ،
 
حيث قال رضي الله عنه: ( فهل بلغه الله أجر امنيّته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر امنيّته وإنّما الشك والخلاف في أجر المطلوب : هل يساوي تمنّى وقوعه نفس وقوعه بالوجود أم لا فإنّ في الشرع ما يؤيّد التساوي في مواضع كثيرة ) ظهوريّة غير متعدّية وإظهاريّة متعدّية :
فالأوّل ( كالآتي للصلاة في الجماعة ، فتفوته الجماعة ، فله أجر من حضر الجماعة )
وأمّا الثاني : ( كالمتمنّي مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخير فيه ، فله مثل أجورهم ) في نيّاتهم .
 
فهذا ما يدلّ في الشرع على التساوي بين الأجرين : أجر المتمنّي الفائت منه العمل ، وأجر العامل ولكن فيه إجمال ، فإنّ العامل له أجر التمنّي أيضا ، فالمساواة المشار إليها في الشرع هل هو ما بين أجري التمنّي للفائت والعامل ، أو بين أجريهما مطلقا ؟
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( ولكن مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم ، فإنّهم جمعوا بين العمل والنيّة ) وليس في كلام النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما يرجّح أحد الاحتمالين ( ولم ينصّ النبيّ عليهما ولا على واحد منهما ، والظاهر أنّه لا تساوي بينهما ) ، فإنّ النسبة بينهما نسبة الكل إلى الأجزاء والجمع إلى أفراده .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ ، حتى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين ، فيحصّل على الأجرين ).
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .
فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته. وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا؟
فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما . ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)  
قال رضي الله عنه :  ( ولم يصف النّبيّ صلى اللّه عليه وسلم قومه بأنّهم ضاعوا وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم حيث لم يبلّغوه مراده .  فهل بلّغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيته . وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ؛ هل يساوي تمنّي وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا ؟ فإنّ في الشّرع ما يؤيّد التّساوي في مواضع كثيرة : كالآتي للصّلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ؛ وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثّروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكنّ مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم فإنّهم جمعوا بين العمل والنّيّة ؟ ولم ينصّ النّبيّ عليهما ولا على واحد منهما . والظّاهر أنّه لا تساوي بينهما .)
 
( وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم ) ، بإضاعة وصيته ( حيث لم يبلغوه مراده )، كما عرفت.
 
قال رضي الله عنه :  ( فهل بلغه اللّه أجر أمنيته ؟ فلا شك ولا خلاف في أن له أجر أمنيته وإنما الشك والخلاف في أجر ) العمل ( المطلوب وأنه هل يساوي تمني وقوعه ) ، أي وقوع العمل المطلوب مع ( عدم وقوعه بالوجود ) ، أي وجود العمل المطلوب ( أم لا ) ، فقوله بالوجود متعلق بتساوي .
( فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته ال 7 جماعة فله أجر من حضر الجماعة ) ، وظاهر أنه ليس للآتي للصلاة مجرد التمني بل مع السعي للجماعة ( وكالمتمني مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم . ولكن له مثل أجورهم في نياتهم أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية ولم ينص النبي صلى اللّه عليه وسلم عليهما ولا على واحد منهما . والظاهر أنه لا تساوي بينهما ) ، فإن النسبة بينهما نسبة الكل إلى الأجزاء .
 
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتّى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين ، واللّه أعلم .)
 
( ولذلك )، أي لعدم التساوي بينهما ( طلب خالد بن سنان الإبلاغ ) ولو في البرزخ ( حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين )، تمني العمل والإثبات ( فيحصل على الأجرين ) ، أجر التمني والعمل ( واللّه سبحانه أعلم ) وأعلى وأجل .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:21 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                       
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
26 -  فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( جعل آيته بعد انتقاله إلى ربه. فأضاع الآية. وأضاع قومه. فأضاعوه.)
"الصمد" يقال على ما لا جوف له: تقول، «هذا مصمود»، أي ليس بمجوّف، و يقال للمقصد و الملجإ: قال الله تعالى، "الله الصَّمَدُ".
و لمّا كان خالد عليه السلام في قومه مظهر الصمدية- يصمدون إليه في المهمّات و يقصدونه في الملمّات، فيكشف الله عنهم بدعائه البليات- و كان دعوته إلى الأحد الصمد، و مشهده الصمدية، و هجّيراه في ذكره الأحد الصمد، اختصّت الحكمة الصمدية بكلمته عليه السلام.
 
لمّا استشرف خالد بن سنان عليه السلام كمال نبوّة محمّد صلّى الله عليه و سلم و علم أنّه المبعوث رحمة للعالمين كافّة، تمنّى أن يكون له عموم إنباء و نبوّة مستندة إلى العلم الحاصل للكافّة بما في البرزخ بعد الموت، فانّ العامّة لا ينقادون لانباء الأنبياء انقيادهم لانباء من ينبئ بعد أن يموت، فيحييه الله، فيخبر بما شاهد هنالك، فانّ تأثير مثل ذلك في إيمان عموم الخلق أبلغ.
فلذلك جعل، أي خالد عليه السلام، آيته الدالّة على نبوّته بعد انتقاله الى ربه بالموت، و ما أظهر نبوّته في الدنيا. لذلك قال النبي صلّى الله عليه و سلم، «إنّى أولى الناس بعيسى بن مريم، فانّه ليس بينى و بينه نبى»،
أي نبى داع للخلق إلى الحق و مشرّع. فأضاع الاية حيث لم يظهرها في حياته، (و أضاع )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في ابنته: "مرحباً بابنة نبيٍ اضاعهُ قومه" وما أضاعه إلا بنوه حيث لم يتركوا الناس ينبشونه لما يطرأ على العرب من العار المعتاد.)
 
(قومه أيضا)، إذ لم يطلعهم عليها، (فأضاعوه)، أي أضاعوا وصيته و لم يبلّغوه مراده جزاء له.
 
(و لهذا)، أي لأنّ قومه أضاعوه، (قال النبي صلّى الله عليه و سلم في) حق (ابنته) حين جاءت إليه صلّى الله عليه و سلم بعد البعثة، "مرحبا بابنة نبى أضاعه قومه"، انتهى الحديث.
"" أضاف المحقق :
عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رجلا، من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفئ عنكم نار الحدثان، قال: فقال له عمارة بن زياد، رجل من قومه: والله ما قلت لنا يا خالد قط إلا حقا فما شأنك وشأن نار الحدثان تزعم أنك تطفئها قال: فانطلق وانطلق معه عمارة بن زياد في ثلاثين من قومه حتى أتوها وهي تخرج من شق جبل من حرة يقال لها حرة أشجع فخط لهم خالد خطة فأجلسهم فيها
فقال: إن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضا قال: فاستقبلها خالد فضربها بعصاه وهو يقول: بدا بدا بدا كل هدى زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثناي بيدي حتى دخل معها الشق
قال: فأبطأ عليهم
قال: فقال عمارة بن زياد: والله لو كان صاحبكم حيا لقد خرج إليكم بعد، قالوا: ادعوه باسمه، قال: فقالوا: إنه قد نهانا أن ندعوه باسمه فدعوه باسمه
قال: فخرج إليهم وقد أخذ برأسه فقال: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي قد والله قتلتموني فادفنوني فإذا مرت بكم الحمر فيها حمار أبتر فانتبشوني فإنكم ستجدوني حيا، قال: فدفنوه فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فقلنا: انبشوه فإنه أمرنا أن ننبشه.
قال عمارة بن زياد: لا تحدث مضر أنا ننبش موتانا والله لا ننبشه أبدا،
قال: وقد كان أخبرهم أن في عكم امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم أمر فانظروا فيهما فإنكم سترون ما تسألون عنه وقال: لا يمسهما حائض،
قال: فلما رجعوا إلى امرأته سألوها عنهما فأخرجتهما وهي حائض
قال: فذهب بما كان فيهما من علم قال: فقال أبو يونس: قال سماك بن حرب سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ذاك نبي أضاعه قومه»
وقال أبو يونس: قال سماك بن حرب: إن ابن خالد بن سنان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «مرحبا بابن أخي» قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه، فإن أبا يونس هو الذي روى عن عكرمة هو حاتم بن أبي صغيرة وقد احتجا جميعا به واحتج البخاري بجميع ما يصح عن عكرمة، فأما موت خالد بن سنان هكذا فمختلف فيه»
فإني سمعت أبا الأصبغ عبد الملك بن نصر، وأبا عثمان سعيد بن نصر، وأبا عبد الله بن صالح المعافري، الأندلسيين وجماعتهم عندي ثقات يذكرون: «أن بينهم وبين القيروان بحر وفي وسطها جبل عظيم، لا يصعده أحد، وإن طريقها في البحر على الجبل، وأنهم رأوا في أعلى الجبل في غار هناك رجلا عليه صوف أبيض محتبيا في صوف أبيض، ورأسه على يديه، كأنه نائم لم يتغير منه شيء، وإن جماعة أهل الناحية يشهدون أنه خالد بن سنان والله تعالى أعلم» "" روه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير و تاريخ المدينة لابن شبة وإتحاف المهرة لابن حجر.
 
و يقول الشيخ رضى الله عنه، (و ما أضاعه الا بنوه، حيث لم يتركوا الناس المؤمنين ينبشونه لما يطرأ على العرب من العار المعتاد) فيما بينهم لحميتهم الجاهلية.
 
و قصّته أنّه كان مع قومه يسكنون بلاد عدن.
فخرجت نار عظيمة من مغارة، فأهلكت الزرع و الضرع، فالتجأ إليه قومه. فأخذ خالد يضرب تلك النار بعصاه حتّى رجعت هاربة منه إلى المغارة التي خرجت منها.
ثمّ قال لأولاده، «إنّى أدخل المغارة خلف النار حتّى أطفئها».
و أمرهم أن يدعوه بعد ثلاثة أيّام تامّة، فانّهم إن نادوه قبل ثلاثة أيّام، فهو يخرج و يموت.
و إن صبروا ثلاثة أيّام، يخرج سالما.
فلمّا دخل، صبروا يومين. و استفزّهم الشيطان، فلم يصبروا تمام ثلاثة أيّام، فظنّوا أنّه هلك.
 
فصاحوا به، فخرج عليه السلام من المغارة، و على رأسه ألم حصل من صياحهم. فقال، "ضيّعتمونى و أضعتم قولى و وصيتى".
وأخبرهم بموته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما، فانّه يأتيهم قطيع من الغنم، يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب.
فإذا حاذا قبره و وقف، فلينبشوا عليه قبره، فانّه يقوم و يخبرهم بأحوال البرزخ و القبر عن يقين و رؤية. فانتظروا أربعين يوما، فجاء القطيع، و يقدمه حمار أبتر.
فوقف حذاء قبره. فهمّ مؤمنو قومه أن ينبشوا عليه.
(فأبى أولاده خوفا من العار)، لئلّا يقال لهم، "أولاد المنبوش".
فحملتهم الجاهلية على ذلك، فضيّعوا وصيته و أضاعوه.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:21 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-        
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
الفص السادس والعشرون حكمة صمدية في كلمة خالدية
(1) حكمة صمدية في كلمة خالدية "خالد بن سنان".
(1) هو خالد بن سنان بن غيث العبسي من أهل زمن الفترة بين عيسى و محمد عليهما السلام، أو ممن عاش قبل زمن عيسى على بعض الأقوال.
والمعروف عنه أنه كان يقول بالتوحيد قبل البعثة المحمدية، ناهجاً منهج الملة الحنفية.
وقد عده كثير من المسلمين، ومنهم ابن العربي، من الأنبياء، استناداً فيما يظهر على ما يروى من أن ابنته أو إحدى بنات ذريته جاءت إلى الرسول فقال لها: «مرحباً يا بنت نبي أضاعه قومه». و يقال إنها لما أتت إلى النبي سمعته يقرأ: «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» فقالت قد كان أبي يقرأ هذا.
ويظهر أن سبب شهرة خالد بين العرب ما حكموا من أن ناراً عظيمة ظهرت في بلاد عَبْس في الجاهلية تعرف بنار الحَرَّتين وهي التي قال فيها الشاعر:
ونار الحرتين لها زفير  ..... يصم لهوله الرجل السميع


و كانت تظهر ساطعة بالليل، فإذا كان النهار ارتفع منها دخان عظيم، و ربما بدر منها عنق فأحرق من مر بها.
ففزع العبسيون إلى خالد بن سنان، و كانوا يقصدونه في الممات فأخمدها. قالوا إنه أخذ من كل بطن من بني عيسى رجلًا،
وخرج بهم نحو النار ومعه درة حتى انتهى إلى طرفها، و قد خرج منها عنق كأنه عنق بعير، فجعل يضرب العنق بدرته ويقول بدا بدا حتى رجع، وجعل يتبعه والقوم يتبعونه كأنه ثعبان ينحك في حجارة الحوة، حتى انتهى إلى غار فانساب فيه فدخل خالد خلفه
فقال ابن عم له يقال له عروة بن شبة: «لا أرى خالداً يخرج إليكم».
و لكن خرج سالماً و يداه على رأسه من الألم الذي أصابه من صياح القوم به.
فقال لهم «ضيعتموني وأضعتم قولي وعهدي» لأنه كان عاهدهم ألا يصيحوا به وهو في المغارة.
ثم أخبرهم بموته وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوماً: فإذا أتى قطيع من الغنم يقدمه حمار أبتر وحاذى قبره ووقف، نبشوا عليه قبره، فإنه يقوم ويخبرهم بجلية الأمر بعد الموت عن شهود ورؤية، فيحصل للخلق كلهم عين اليقين بما أخبرت به الرسل.
 
فلما مات وحدث ما أخبرهم به من قدوم قطيع الغنم، هَمَّ مؤمنو قومه وأولاده أن ينبشوا عليه، فأبى أكابرهم وقالوا يكون ذلك عاراً علينا عند العرب، فيقال فينا أولاد المنبوش، فحملتهم الحمية الجاهلية على ذلك، فضيعوا وصيته وأضاعوه.
"" راجع شرح القاشاني على الفصوص ص 426. قارن بلوغ الأرب للألوسي ج 1 ص 176 و ج 2 ص 164 و ما بعدها.""


هذا ما نعرفه من قصة خالد بن سنان نبي العرب قبل الإسلام، و قد ذكره ابن العربي في هذا الفص ممثلًا للنبوة البرزخية، وهي الإخبار بأحوال الآخرة في البرزخ.
وقد كان هذا قصد خالد عند ما سأل أهله أن ينبشوا عليه قبره ليخرج إليهم، فيخبرهم أن أمر الآخرة إنما هو على نحو ما وصف الأنبياء لأقوامهم، و بذلك يصدق دعوى الأنبياء جميعاً.
ولكنه ضيعه قومه لأنهم لم ينبشوا قبره كما طلب ولم يبلغوه مراده.
وليس في الفص غير هذا يستحق التعليق.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:21 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-      
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية  
وأما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية، فإنه ما ادعى الإخبار بما هنالك إلا بعد الموت : فأمر أن ينبش عليه ويسأل فيخبر أن الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا، فيعلم بذلك صدق الرسل كلهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا. "2"
فكان غرض خالد صلى الله عليه وسلم إيمان العالم كله بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع: فإنه تشرف بقرب نبوته من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وعلم أن الله أرسله رحمة للعالمين.
ولم يكن خالد برسول، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية
………………………...
1 - المناسبة
سميت الحكمة حكمة صمدية ، لأن خالد بن سنان كان يتمنى أن يخبر فومه عن حياة وعلم البرزخ ، وعلم البرزخ هو العلم الذي يستند ويصمد إليه فإن له الحكم في جميع الحضرات الوجودية.
 
2 ۔ حكم الخيال في الدنيا وفي البرزخ
من لا يعرف مرتبة الخيال لا معرفة له جملة واحدة ، يؤيد ما ذكرناه أنك لا تشك أنك مدرك لما أدركته أنه حق محسوس ، لما تعلق به الحس ، وأن الحديث الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » 
فنبه أن ما أدركتسوه في هذه الدار مثل إدراك النائم ، بل هو إدراك النائم في النوم وهو خیال ، ولا تشت أن الناس في برزخ بين هذه الدار والدار الآخرة ، وهو مقام الخيال ، فانتباهك بالموت هو كمن يرى أنه استیقظ في النوم في حال نومه ، 
فيقول في النوم " رأيت كذا وكذا "، وهو يظن أنه قد استيقظ ، ثم إذا بعث في النشأة الآخرة يقول المبعوث " من بعثنا من مرقدنا هذا" ، فكأن كونه في مدة موته كالنائم في حال نومه ، مع كون الشارع سماه يقظة . 
الفتوحات ج 2 / 2113 ، 313 
 
ص 420
 
 
على حظ وافر.
ولم يؤمر بالتبليغ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق. "3" فأضاعه قومه.
ولم يصف النبي صلى الله عليه و سلم قومه بأنهم ضاعوا وإنما وصفهم بأنهم أضاعوا نبيهم حيث لم يبلغوه مراده، فهل بلغه الله أجر أمنيته؟
فلا شك ولا خلاف أن له أجر الأمنية ، وإنما الشك والخلاف في أجر المطلوب: هل يساوي تمني وقوعه عدم وقوعه بالوجود أم لا.
فإن في الشرع ما يؤيد التساوي في مواضع كثيرة: كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة، وكالمتني مع فقره ما هم عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات فله مثل أجورهم.
ولكن مثل أجورهم في نياتهم أو في عملهم فإنهم جمعوا بين العمل والنية؟
ولم ينص النبي عليهما ولا على واحد منهما.
فالظاهر أنه لا تساوي بينهما. "4"
……………………………..
3 - علم البرزخ
البرزخ أتم المقامات علما بالأمور ، فإن البرزخ يعم الطرفين. وهو مقام الأسماء الإلهية ، فإنها برزخ بيننا وبين المسسی ، فلها نظر إليه من كونها اسما له . ولها نظر إلينا من حين ما تعطي فينا من الآثار المنسوبة إلى المسمي. فمعرف المسمي وتعرفنا .
فعلم البرزخ له من القيامة الأعراف . ومن الأسماء الاتصاف ، فقد حاز الأنصاف . 
فما هو عين الاسم ولا عين المسمى ، ولا يعرف هويه إلا من يفك المعمي. 
وقد استوي فيه البصير والأعمى ، وهو الظل بين الأنوار والظلم .
والحد الفاصل بين الوجود والعدم ، وإليه ينتهي الطريق الأمم ، وهو حد الوقفة بين المفامين لمن فهم .
له من الأزمنة الحال اللازم ، فهو الوجود الدائم . 
فمن أراد العلم بصورة الحال . فليحقق علم الخيال ، فيه ظهرت القدرة ، وهو الذي أنار بدره ، فلا ينقلب إلا في الصور ، ولا يظهر إلا في مقام البشر ، ولست أعني بالبشر الأناسي ، فإني كنت أشهد على نفسي بإفلاسي . 
فما ثم إلا وعاء وآنية ملاء ، فتدبر تتبصر
الفتوحات ج 2 / 203 ، 609 - ج 4 / 377 ، 389 
 
4 - أجر تمني عمل الخير *
ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجل الذي لا قوة له ولا مال له فيری رب المال الموفق يتصدق ويعطي في فك الرقاب ، ويرى أيضا من هو أجلد منه على العبادات
 
ص 421
 
ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين والله أعلم .
……………………….
التي ليس في قوة جسمه أن يقوم بها ، و يتسني أنه لو كان له مثل صاحبه من المال والفوة ، لعمل مثل عمله . فال صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء.
 
وفي رواية قال صلى الله عليه وسلم في الذي يفوته خير الدنيا ويرى من له شيء من ذلك الخير يعمل به في طاعة الله ، لو كان لي مثل هذا العامل من الخير لفعلت مثل ما فعل ، فهما في الأجر سواء.
 
فهذا قد فاته العمل وجني ثمرته بالنمحي وساوی من لم يفته العمل ، وربما اربي عليه لا بل أر بي عليه ، فإن العامل مسؤول ، ليسأل الصادقين عن صدقهم ، وهذا غير مسؤول لأنه ليس بعامل ، 
ومعنى ذلك أن الله يعطيه في الجنة مثل ذلك التني من النعيم الذي أنتجته تلك الأعمال ، فيكون له ما تسنى ، وهو أقوى في اللذة والتنعم مما لو وجده في الجنة قبل هذا التمني ، 
فلما انفعل عن تمنيه كان النعيم به أعلى ، فمن جنات الاختصاص ما يخلق الله له من هسته وتمنيه ، فهو اختصاص عن عمل معقول منوهم وتمن لم يكن لو وجد ثمرة في الدنيا ، فهذا لا يكون إلا لمن لم يعطه الله أمنيته من الخير الذي تمنى العمل به ، فإن أعطاه ما تمناه من الخير فليس له هذا الأجر ، وينتقل حكمه إلى ما يعمله فيما أعطاه الله من الخير . 
الفتوحات ج 1 / 322 - ج 2 / 182
 
ص 422
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالأحد أبريل 26, 2020 1:22 pm

السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص الخالدي الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                  
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
26 - فص حكمة صمدية في كلمة خالدية
المرتبة 26 : فص حكمة صمدية في كلمة خالدية من الاسم اللطيف ومرتبة الجن وحرف الباء ومنزلة الفرع المقدم
الحضرة التي لها الاسم الجامع تستلزم سريانها في جميع المراتب المطلقة والمقيدة . فيلزم أن تكون في غاية اللطف .
أي أن الاسم الجامع يستلزم ظهور الاسم : اللطيف .
ولهذا فان المتوجه على المرتبة السادسة والعشرين هو اللطيف فظهرت به عوالم الجن المتميزين بلطافتهم .
حتى إن ألطف ما في الإنسان وهو بصره لا يدركهم إلا بخرق العادة حتى قال تعالى عنهم :إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ( الأعراف ، 27).
وقد قرن تعالى عدم إدراك الأبصار له باسمه اللطيف فقال في الآية 103 من سورة الأنعام :لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ

ولهذا قال الشيخ في الفصل 36 من الباب 198 الذي تكلم فيه على هذه المرتبة وفصل بعض مظاهر لطافة الجن : ( اعلم أن نسبة الأرواح النارية في الصورة الجرمية أقرب مناسبة للتجلي الإلهي في الصور المشهودة للعين من الجسم الإنساني وما قرب من النسب إلى ذلك الجناب كان أقوى في اللطافة من الأبعد ( . . . )

فان قلت فالأرواح الملكية جعلت لها الاسم الإلهي القوي مع وجود هذا اللطف فيها من الاسم الإلهي اللطيف .
قلنا صدقت لتعلم أني ما قصدت الاسم الإلهي المعين في إيجاد صنف من أصناف الممكنات إلا لكون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه مع أنه ما من ممكن يوجد إلا وللأسماء الإلهية المتعلقة بالأكوان فيه أثر لكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما فيه فلهذا تنسبه إليه . . . ) .

ويسمّي الشيخ الجن : الأرواح البرزخية . 
فهو مثلا في الباب 22 من الفتوحات يشير لسورة الجن بمنزل الأرواح البرزخية من منازل الأمر :قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً( الجن ، 1 )وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً( الجن ، 6 ) يعوذون بهم أي يصمدون إليهم في حوائجهم .
ومن هنا كانت نسبة هذه المرتبة اللطيفة مع خالد بن سنان لأن حكمته كما قال الشيخ عنه :

" وأما حكمة خالد بن سنان فإنه أظهر بدعواه النبوة البرزخية "  ....
 ولم يؤمر بالتبليغ فتمنى أن يحظي بذلك في البرزخ .
وخالد هو الذي أخمد النار التي ظهرت في بلاد عبس وأقرب الأركان للجن والبرزخ هي النار للطافتها ، والجن مخلوقون من مارج من نار .
وفي هذا الباب تكلم الشيخ على الأمنية وأجرها لأنها أمر برزخي بين وقوع العمل حسا والباعث الروحي لها معنى ، أي هي برزخ بين الروح المجرد والحس كنشأة الجن .

وكثير من الأماني التي في الصدور هي من وساوس الجن وخواطر الإنسان تناسب عالم الجن من حيث اللطافة وسرعة تحول صورها ......
وأما وصف حكمة خالد بالصمدية فلها عدة وجوه :

أولا : روي أن إحدى بنات ذرية خالد جاءت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم ، فقال لها مرحبا بابنة نبي أضاعه قومه .
وسمعته يقرأ سورة الإخلاص فقالت : كان خالد يقرأ مثلها . والاسم الصمد لم يرد في القرآن إلا في سورة الإخلاص .
فكان هجير خالد : اللّه الأحد الصمد .

ثانيا : ورد في سيرة خالد أن قومه كانوا يلتجئون إليه في الملمات أي يصمدون إليه في قضاء حوائجهم ودفع ملماتهم فيكشف اللّه عنهم فله تحقق بالاسم : الصمد .
والسنان من رموز الأحدية والصمدية .

ثالثا : كلمة خالد في اللغة تعني صامد .
فيقال : أخلد إلى الشيء إذا لجأ إليه واستند عليه وصمد إليه
ومنه قوله تعالى : وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ ( الأعراف ، 176 ) فمن هذا الوجه تطابق معنى الوصفين خالد صامد .

رابعا : الخوالد في اللغة هي الصخور والجبال لأنها تصمد لمر الدهور . وكلمة صمد تعني أيضا الذي لا جوف فيه كالصخر الخالد .
وقد ذكر الشيخ في الفص الموسوي السابق أن الرسل والأنبياء والكمل هم كالجبال الخوالد
فقال : ( مقاديرهم - يعني السحرة - بالنسبة إلى قدر موسى بمنزلة الحبال من الجبال الشامخة ) والحبل هو التل الصغير ... 
وسمي الأوتاد أوتادا تشبيها لهم بالجبال.

وفي رسالة الاتحاد الكوني التي أهداها الشيخ إلى من سماه " صخر بن سنان " إشارة واضحة لعلاقة الصخر بخالد ابن سنان الذي سمّاه بعدة أسماء منها " جان بن جان " فهذا الاسم مناسب لمرتبة الجن في هذا الفص الخالدي .....
وفي تلك الرسالة يظهر صخر بن سنان كرمز للشيخ الأكبر نفسه للنسبة العربية والمقام الفردي الصمدي المشترك بينهما فكلاهما من رؤوس الأفراد المقربين :
خالد قبل بعثة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم والشيخ بعدها ......
فخالد يمثل مقام الأفراد في الملة الإبراهيمية الحنيفية الصمدية الخالدة إلى آخر الزمان .
 
خامسا : روى الدارمي بسنده عن ابن عباس قصة لخالد بن سنان مع العنقاء . والعنقاء طائر رمزي يحوم فوق قمة جبل قاف المحيط بالأرض 
وهو الطائر الذي تكلم الشيخ عليه في رسالة صخر بن سنان المسماة أيضا : " الشجرة والطيور الأربعة " ......
والعنقاء عند الشيخ رمز لمرتبة الهباء - أو الهيولى - أي المرتبة الكونية الرابعة المناسبة لفص إدريس الرابع.......
 وبالفعل فثمة علاقة بين خالد وإدريس من جهة وبين الهباء والجن من جهة أخرى ، وبين الأسماء المتوجهة على إيجاد المرتبتين وإمداد الفصين من جهة ثالثة وهي : ( الآخر القدوس ) و ( اللطيف الصمد ) .
فإدريس سبق أول الرسل نوح عليهما السلام ،
وخالد سبق في الزمان آخر الرسل صلى اللّه عليه وآله وسلم .....
ولا الطف من الهباء في المراتب الكونية لأنها مجلى كل الصور كالجن يتشكل في أي صورة شاء......
والنار ألطف الأركان ومظهرها الأعظم في الدنيا الشمس وإدريس هو قطب فلكها بالسماء الرابعة .


26 : سورة فص خالد عليه السلام
كما سبق بيانه ، فإن الاسم الحاكم على مرتبة هذا الفص هو اللطيف المتوجه على إيجاد الجن الناري المذكور في سورة الناس .  فسورة هذا الفص هي الناس .
وقد خصص الشيخ لهذه السورة في الفتوحات الباب 270 والوصل الأول من الباب 369 حيث فصل علاقات الإنسان بالجن والشياطين وأحوالهم .
وكلامه في هذا الفص عن التمني والأمنية مناسب لوساوس الجنة والناس في صدور الناس .
ومن أخطر هذه الوساوس إنكار البعث والرسل والجزاء الأخروي ، فأحب خالد عليه السلام إبطال تلك الوساوس بإظهار النبوة البرزخية بعد موته وتهيئة قومه للتصديق بالرسول الخاتم الموعود صاحب فاتحة الكتاب
والتي لها فص سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم الموالي فأشار إليها بقوله عنه : " واعلم أن اللّه أرسله رحمة للعالمين "
تلويحا للآية "الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ " ( الفاتحة ، 2 ) وأشار إلى جمعيتها وصلتها بالصلاة وإلى الاسم " الجامع " الممد للفص المحمدي بتكريره للفظة " جمع " في أواخر الفص .

 
قال :كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة فله أجر من حضر الجماعة ...
فإنهم جمعوا بين العمل والنية ....
حتى يصح له مقام الجمع بين الأمرين فيحصل على الأجرين .
يشير إلى جمع الفاتحة لأمر الحق في نصفها الأول ولأمر العباد في نصفها الثاني وإلى الواسطة الجامعة بين الأمرين في :إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ( الفاتحة ، 5 ) كجمع سيدنا محمد صلى اللّه عليه وسلم لصورتي الحق والخلق .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر السادس والعشرون فص حكمة صمدية في كلمة خالدية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر‌ ‌السابع‌ ‌والعشرون‌ ‌فص‌ ‌حكمة‌ ‌فردية‌ ‌في‌ ‌كلمة‌ ‌محمدية‌ ‌.موسوعة‌ ‌فتوح‌ ‌الكلم‌ ‌في‌ ‌شروح‌ ‌فصوص‌ ‌الحكم‌ ‌الشيخ‌ ‌الأكبر‌ ‌ابن‌ ‌العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: