منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:19 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
 الفقرة الأولي:                                       الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء
قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».
فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.
وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، و ما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .
ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح.
فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.
كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.
فهذا حكمة كونه لطيفا.
ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.
فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد، فإن النسب متميزة لذاتها، و ليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.
فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.
وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».
فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».
ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.
وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام.
ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.


متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :


23 - نقش فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
لمّا علم لقمان أن الشرك ظلمٌ عظيم للشريك مع الله.
فهو من مظالم العباد وله الوصايا بالجناب الإلهي وصايا المرسلين.
وشهد الله له بأنه " أتاه الحكمة " فحكم بها نفسه وجوامع الخير.
 
الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
23 - فك ختم الفص اللقمانى
1 / 23 - إعلم ان سر اقرآن هذه الحكمة بالصفة الإحسانية هو من أجل أن للإحسان ثلاث مراتب ، بين أحكام المرتبة الأولي وبين أحكام الحكمة اتحاد واشتراك ، فهما بين ذلك الوجه كالأخوين ، فان حكم الأول ومقتضاه هو فعل ما ينبغي لما ينبغي كما ينبغي ، ومقتضى الحكمة وضع الشيء في موضعه على الوجه الأوفق وضبط الحكيم نفسه ، ومن يقدر على ضبطه من التصرفات الغير المرضية والأقوال الغير المفيدة والآراء والتصورات الفاسدة والوصايا وجميع النصائح والآداب المعلمة والمتعلمة ، داخلة في أحكام هذه المرتبة الإحسانية الأولي المختصة بهذه الحكمة .
 
2 / 23 -  وأما المرتبة الثانية : فهي التي سأل عنها جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ما الإحسان ؟
فأحابه صلى الله عليه وسلم : الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، وانه عبارة عن استحضار الحق على نحو ما وصف نفسه به في كتبه وعلى السنة رسله عليهم السلام دون مزج ذلك بشيء من التأويلات السخيفة بمجرد الاستبعاد وقصور إدراك العقل النظري عن فهم مراد الله من أخبازاته وجنوحا إلى الأقيسة وتوهم التشبيه والاشتراك في الصفات .
 
3 / 23 - والمرتبة الثالثة الإحسانية يختص على المشاهدة دون كأن ،
كما قيل لبعض الأكابر : هل رأيت ربك ؟
فقال : لم اعبد ربا لم اره ،
واليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم : وجعلت قرة عيني في الصلاة ، وبقوله صلى الله عليه وسلم : الصلاة نور ولهذا كان إذا دخل الصلاة كان ينظر من ورائه مثل ما ينظر من بين يديه ، ولم يرد ان هذا الحال كان مستصحبا في غير الصلاة ،
والى هذا المعنى الإشارة في الآية التي هي في سورة لقمان وهي : " ومن يُسْلِمْ وَجْهَه إِلَى الله وهُوَ مُحْسِنٌ "  أي ومن ينقاد برمة ذاته إلى الله وهو مشاهد ،
" فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وإِلَى الله عاقِبَةُ الأُمُورِ " [ لقمان / 22 ] .
 
4 / 23 - وهكذا فليعلم ان لكل صفة من هذه الصفات ثلاث مراتب :
اولى ووسطى وعليا ، وتدبر قوله تعالى : " لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا ما اتَّقَوْا وآمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وأَحْسَنُوا والله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ " [ المائدة : 93 ] وتنبه بختم الآية بذكر الإحسان واقرآن محبة الحق بالمحسنين ، وتذكر ما سلف ذكره في مراتب الإحسان ولا تقتصر في فهم كلام الحق على ما ورد في أسباب نزول هذه الآية من انها وردت جوابا للصحابة لما قال بعضهم :
كيف حال من مات قبل تحريم الخمر وكانوا يشربونها ؟
فان هذه الآية وان تضمنت جوابهم فان ذلك لا يلزم منه ان لا يكون لها دلالة على أمور أخر ،
 
وتذكر قوله صلى الله عليه وسلم : ان لكل آية من القرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا . . .
الى سبعة ابطن ، وفي رواية :سبعين بطنا . فتفهم تصب 

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في السبت فبراير 22, 2020 6:17 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:20 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
الفقرة الأولى :-                                      الجزء الثاني
كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية

مصطلح  الغذاء - غذاء
في اللغة " غذاء : ما يكون به نماء الجسم من الطعام والشراب " .

في الاصطلاح الصوفي

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي:
" حقيقة الغذاء : هو إرجاع كل شيء إلى أصله ، فالغذاء فرع من المتغذي به ، انفصل عنه ثم عاد إليه بالتغذي ، فهو جزء منه في الأصل ، ثم تفرق عنه في غيره ثم عاد إليه ، ولهذا قال تعالى : " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " .
 

يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي في سر الغذاء:
سر الغذاء ابتداء ، إنما هو الحياة ، وسره بعد وجود الحياة ، بقاء الحياة فالبقاء .
والحياة أمران متولدان عن الغذاء ، فالغذاء أجل في مرتبة الوجود من الحياة وفلكه أعظم إحاطة من فلك الحياة وهو الساري في جميع الموجودات ، جماد وغيره ،
لكن يظهر في أشياء عينا ويظهر في أشياء معنى ، وأكثر ما يظهر في الجسم الإنساني البهيمي ، وأخفى من ذلك في النبات ، وأخفى من ذلك في الجماد ،
وأخفى من ذلك في العقول وإن كانت حية ، ولكن الوقوف على غذائها صعب من طريق العلم ، سهل من طريق العين وكل غذاء أعلى من حياته المتولدة عنه فلا يزال من العالم الأدنى يرتقي في أطوار العالم أغذية وحياة حتى ينتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء الأغذية وهي الذات المطلقة " .

وما قوت النفوس سوى قواها    …. وإن العين عين كل قوت 
وسهل  ما له  قوت سواه   …. و أین الحق من خبز وحوت 
جميع الخلق في الأقوات تاهوا  …. وسهل ما يراه سوى المقيت


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن غذاء الأعيان الممكنة:
غذاء الأعيان الممكنة : هو الوجود المضاف إليها والمفاض عليها فإنه هو الذي به يصير الأعيان الثابتة ظاهرة الحكم باقية الأثر ، فهو المبقي لها والممد لها بظهور أحكامها كفعل الغذاء في المغتذي " .
 

تقول الدكتورة سعاد الحكيم غذاء الأغذية : عند ابن العربي الطائي الحاتمي
غذاء الأغذية: هي الذات المطلقة من حيث إنها أول ما ابتدأت به الحياة والغذاء ، فهي سابقة للأسماء الإلهية، وسابقة للخلق، فهي أرفع مقاما من جميع الأغذية ".


يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي غذاء الروح:
" يقال غذاء الروح : هو علم التوحيد من حيث الأفعال والصفات والذات وسائر المعارف الإلهية مما لا نهاية لها " .

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي غذاء الطبيعة:
" يقال : غذاء الطبيعة : الأكل والشرب " .


يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي
: " يقال : غذاء القلب : الفكر " .

يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي:
" يقال : غذاء النفس : التكلم بما لا يعني " .


يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
غذاء الوجود : هو الأعيان الثابتة ، فإنها غذاء للوجود المضاف إليها والمفاض عليها إذ بها تعين آثار الوجود وهي اعني : الأعيان الثابتة هي التي تظهر آثار الأسماء الإلهية وتبقي عليها أحكامها بالفعل " .


تقول د. سعاد الحكيم المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة :
فعندما يتخلل الظاهر الباطن يغذيه بالأحكام ، وعندما يتخلل الباطن الظاهر يغذيه بالوجود ، ولا يجب ان نؤخذ بمادية تشبيه ابن العربي فنظن اثنينية بين المتخلّل والمتخلّل أو المتغذّى والمتغذّى، بل هي مجرد صور تشبيهية يحاول بها ان يشير إلى نوعية معينة من العلاقة بين وجهي الحقيقة: الحق والخلق.

 
يقول الشيخ ابن العربي :
( فأنت غذاؤه بالأحكام .... وهو غذاؤك بالوجود. . .
لذاك الحق أوجدني  .... فأعلمه فأوجده . . .)
ولما كان للخليل هذه المرتبة التي بها سمى خليلا لذلك سنّ القرى  وجعله ابن مسرّة مع ميكائيل للأرزاق. . .
فان الغذاء يسرى في جميع أجزاء المغتذى كلها وما هنالك أحراء. فلا بد ان يتخلل جميع المقامات الإلهية المعبر عنها بالأسماء فتظهر بها ذاته جل وعلا. . . " (فصوص )


تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي:-
الرزق يتلخص في إيصال الغذاء وسريانه في ذات المتغذى به.
وفعل التغذية هذا ينطبق على وجهي الحقيقة الوجودية الواحدة: الحق والخلق.
الحق يتغذى بالخلق: من حيث إنه لا ظهور للحق إلا في صورة خلقية تغذيه بإحكامها ولا بقاء للألوهية الا ببقاء المألوه، فالألوهية غذاؤها وجود مألوهيها.
والخلق يتغذى بالحق: من حيث إنه لا يتقوم وجوده وكيانه الا بالحق فالخلق مظهر، الظاهر به هو الحق. فالحق: رزق كيان الخلق، وغذاؤهم بالوجود.
 

يقول الشيخ ابن العربي:
" (1)ولما كان العالم لا بقاء له الا باللّه وكان النعت الإلهي لا بقاء له الا بالعالم، كان كل واحد رزقا للآخر به يتغذى لبقاء وجوده. . .
 (فنحن له رزق تغذى بكوننا  .... كما أنه رزق الكيان بلا شك
فيحفظنا كونا ونحفظ كونه  .... إلها وهذا القول ما فيه من أفك) (ف 3/ 363).

.(2) " علّمتك "علم الحق العبد" فعلمت ما تستحقه الأسماء الحسنى من الرزق الذي تقوم به حياتها ونشأتها. . . وجعلتك الآتي به إليهم. . . وأسمائي لا بد ان يصل إليها ذلك الرزق من العالم. . " (ف 4/ 114).


 " فهو "الحق" الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود:
( فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي )   (فصوص 1/ 111)


( إذا شاء الإله يريد رزقا * له فالكون أجمعه غذاء
 وان شاء الإله يريد رزقا * لنا فهو الغذاء كما يشاء ) (فصوص 1/ 187)
" فأنت "العبد" غذاؤه بالأحكام، وهو "الحق" غذاؤك بالوجود  " (فصوص 1/ 83).

تقول د. سعاد الحكيم :
غذاء الأغذية هي الذات المطلقة من حيث إنها أول ما ابتدأ به الحياة والغذاء، فهي سابقة للأسماء الإلهية "غذاء كيان المخلوق"، وسابقة للخلق "غذاء الأسماء"، فهي أرفع مقاما وأعلى من جميع الأغذية .

ويقول  الشيخ ابن العربي:
" وكل غذاء أعلى في حياته المتولدة عنه، فلا يزال في العالم الأدنى يرتقي في أطوار العالم أغذية وحياة، حتى ينتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء الأغذية : وهي الذات المطلقة. . . " (مواقع النجوم ص 121).481  


يقول عبد الرزاق القاشاني في لطائف الأعلام عن غذاء الأعيان الممكنة:
هو الوجود المضاف إليها، والمفاض عليها، فإنه هو الذي به تصير الأعيان الثابتة ظاهرة الحكم، باقية الأثر، فهو المبقى لها والممد لها بظهور أحكامها كفعل الغذاء في المغتذى.

غذاء الوجود:
هو الأعيان الثابتة، فإنها غذاء الموجود المضاف إليها  والمفاض عليها، إذ بها يتعين آثار الوجود وهي - أعنى الأعيان الثابتة - هي التي تظهر آثار الأسماء الإلهية، ويبقى عليها أحكامها بالفعل، والإشارة إلى هذا المعنى فيما ذكره الشيخ في الفص الإبراهيمي من كتاب فصوص الحكم بقوله:
( فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نغتذي)
فإن آثار الأسماء وظهور أعيانها بالفعل إنما يكون بوجودنا،


فلهذا  قال رضي الله عنه :   
فوجودي غذاؤه، قوله: وبه نحن. . . إذ لا بقاء لنا ولا جود ولا تحقق إلّا به عز وجل. الغربة:
تطلق بإزاء مفارقة الوطن في طلب المقصود، وذلك عند انفصال النفس عن مقارها الحيوانية، ومألوفاتها الطبيعية، ومراداتها الشهوانية، وعن ظهورها في مواطن صور كثرتها وانحرافاتها الجسمانية والشيطانية إلى اتصالها بحضرة باطنها،
وأحكام عدالته ووحدته من الأوصاف والأخلاق الملكية الروحانية، ومن حيث إن العلاقة بين النفس والروح والسر قوية جدّا ما دامت النفس ظاهرة في هذه النشأة الدنيوية،
مع أن لكل واحد من هذه الثلاثة نشأة تخصه، فإن نشأة النفس حسية شهادية ونشأة الروح غيبة إضافية كونية،

ونشأة السر غيبية حقية إلهية صارت نسبة كل واحد غيريته بالنسبة إلى الآخر، فإذا شرع الروح في السير إلى السر استتبع النفس، فصارت النفس في غربة.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:21 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
هذا فص الحكمة اللقمانية ، ذكره بعد حكمة إلياس الذي هو إدريس عليه السلام لأن الكلام فيه عن ظهور الحق تعالى في عين كل معلوم ، وتقرير ذلك بإشارات القرآن وعبارات الفرقان ، وحكمة إلياس عليه السلام مشتملة على ذلك ، فهي تكميل لها وتتميم لبيان ما ذكر فيها ، ولأن إلياس عليه السلام مختلف فيه بل هو إدريس عليه السلام أولا ، وهل إدريس عليه السلام رسول أو لا ؟
فناسب تعقيبه بلقمان عليه السلام المختلف في نبوّته أيضا بين العلماء .

(فص حكمة إحسانية) ، أي منسوبة إلى الإحسان وهو أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ، وهكذا ورد تفسيره في الحديث الشريف (في كلمة لقمانية).

إنما اختصت حكمة لقمان عليه السلام بكونها إحسانية ، لأن الكلام فيها عن مقام الإحسان في العبادة بشهود الحق تعالى في كل ما هو ظاهر من الأعيان ، وما هو متجدد في كل آن من الأكوان والألوان ، والتحقق بذلك على وجه الحكمة في حقيقة لقمان ، وعند المحمديين مقام الإحسان .

 شعر  :-
قال رضي الله عنه : (  إذا شاء الإله يريد رزقا  ... له فالكون أجمعه غذاء )
(إذا شاء الإله) سبحانه وتعالى ، أي المعبود بالحق في السماوات والأرض ، فهو حضرة أسمائه القائمة بذاته وهي الطالبة للغذاء ، أي المادة للظهور (يريد رزقا له) تعالى ، أي مادة لظهوره بها من حيث أسماؤه الحسنى لا من حيث ذاته فإنها غنية عن العالمين (فالكون) ، أي المخلوق (أجمعه) محسوسه ومعقوله غذاء له تعالى

مادة لظهوره سبحانه فيظهر به بحيث إذا تم ذلك المخلوق بطن تعالى من ظهوره به واستأنف له ظهور آخر بمخلوق آخر وهكذا فالكون له تعالى بمنزلة الغذاء للجسد الحيواني يمده في البقاء في الدنيا بوصف الحياة .

قال رضي الله عنه : (وإن شاء الإله يريد رزقا  ... لنا فهو الغذاء كما يشاء )
(وإن شاء الإله) تعالى (يريد رزقا لنا) معشر الكائنات المخلوقة (فهو) تعالى من حيث كونه ممدا لنا بقيوميته علينا (الغذاء) الذي نتغذى به فظهوره بصفة قيوميته لنا من حضرة اسمه القيوم والحفيظ والمقيت بكل مأكول ومشروب هو غذاؤنا (كما) هو على الوصف والمقدار والزمان والمكان الذي (يشاء) تعالى ثم لما وقع في الكلام شاء يريد في الموضعين ذكر قوله .


قال رضي الله عنه : (مشيئته إرادته فقولوا  ... بها قد شاءها فهي المشاء )
(مشيئته) تعالى (إرادته) بالنصب مفعول مشيئته يعني مشيئته لإرادته سبحانه (فقولوا) يا معشر المسترشدين بها ، أي بالمشيئة للإرادة قد شاءها ، أي الإرادة سبحانه في الأزل (فهي) ، أي الإرادة (المشاء) بالضم بصيغة اسم المفعول التي وقعت عليها المشيئة فهي مشيوء له تعالى ، أي مرادها مشيوء له سبحانه ،
فالمشيئة كأنها الحاكمة بطريق الإلزام من الأزل بما اقتضته الإرادة من الأمور المختلفة ، فاختلاف الأشياء راجع إلى تأثير الإرادة ، ولزوم ذلك الاختلاف راجع إلى تأثير المشيئة وليست الإرادة أثرا عن المشيئة وإنما تأثير الإرادة تأثير أيضا للمشيئة من وجه آخر غير وجه كونها تأثير الإرادة فقد اتحدت المشيئة والإرادة في صدور التأثير الواحد واشتراكهما في التعلق به واختلفتا في جهة التعلق به ، فالإرادة متعلقة به من جهة اختلافه في نفسه وزيادته ونقصانه ، والمشيئة متعلقة به من جهة إلزامه بما اقتضته الإرادة فيه ،


ولهذا قال رضي الله عنه : (يريد زيادة ويريد نقصا  ... وليس مشاءه إلّا المشاء )
(يريد) تعالى (زيادة) في بعض الأمور (ويريد) أيضا (نقصا) في بعض آخر من الأمور عن تلك الأمور الزائدة بالنسبة إلى هذه الناقصة ، هذا مقتضى الإرادة الإلهية من الأزل (وليس مشاءه) تعالى بالفتح أي موضع وقوع مشيئته ومظهر حصول تعلقها في الأزل (إلا المشاء) بالفتح أيضا ، أي موضعها ذلك ومظهر تعلقها المذكور من غير اعتبار الزيادة ولا النقصان في كل ما تعلقت به ، فيرجع تعلقها إلى الإلزام فقط كما ذكرنا .

قال رضي الله عنه : (فهذا الفرق بينهما فحقّق  ... ومن وجه فعينهما سواء ).
(فهذا) الأمر المذكور وهو (الفرق بينهما) ، أي بين المشيئة والإرادة وهو فرق اعتباري ، لأن متعلقهما واحد وهو جهة التخصيص في الممكن ويختلف ذلك التخصيص باعتبار الزيادة والنقصان فيه ووقوع التفاوت بين المخصوصات ، وهو وجه تعلق الإرادة واعتبار قطعية التخصيص وإلزامه وعدم التردد فيه من الأزل ، لأنه محال وهو وجه تعلق المشيئة .

(فحقق) يا أيها السالك معرفة هذا الفرق المذكور (ومن وجه) آخر غير وجه الفرق بينهما (فعينهما) ، أي عين كل واحدة منهما (سواء) وهو وجه اشتراكهما في تخصيص الممكن ؛ ولهذا لما كان النظر في الأشياء من جهة لزومها بالإيجاد مع عدم اعتبار اختلافها بالزيادة والنقصان وغيرهما ، سميت أشياء جمع شيء وأصله شيء فعيل بمعنى مفعول ، أي مشيوء ، لأن المشيئة تعلقت به فألزمته بما هو فيه من زيادة أو نقصان من غير اعتبار تلك الزيادة ولا النقصان ، وبسبب ذلك كان الشيء أنكر النكرات لعموم مفهومه في كل كائن ، ولم يسم مرادا إلا باعتبار وجه خصوصه بما يميزه عن غيره من الأشياء .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
ولاختصاص الخير الكثير بلقمان بالنص أورد هذه الحكمة في كلمته 
"" أضاف المحقق :
موضع هذا الفص « الإحسان » وهو في اللّغة فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير ، بالمال أو بالقول أو العمل .
وفي الشرع أن تتوجه إلى اللّه في عبادتك بكليتك وتتمثله في محرابك .
وهو في عرف أصحاب « وحدة الوجود » شهود الحق في جميع المراتب الوجودية والتحقق من أنه متجل في كل شيء . وهذا المعنى الأخير هو ما يدور عليه هذا الفص. أهـ ""

شعر: 
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
(إذ شاء الإله يريد رزقا له ) أي إذا أراد الحق سببا لظهور نفسه .
( فالكون أجمعه غذاء له ) من حيث إظهارها إياه واختفاؤها فيه .
 

وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
( وإن شاء اللّه يريد رزقا لنا فهو ) أي الحق ( الغذاء ) لنا من حيث اختفائه فينا وبقاء وجودنا به ( كما نشاء ) من اللّه بحسب استعدادنا. وقابليتنا الرزق والغذاء
ولفظ كما نشاء يجوز على صيغة المتكلم والغائب فالرزق والغذاء روحاني ومجاز من الغذاء الصوري والرزق الصوري يطلق على هذا المعنى لأدنى مناسبة ففرق بين المشية والإرادة حيث جعل المشية متعلقة بالإرادة
فكانت سابقة على الإرادة فكانت سابقة على الإرادة بالسبق الذاتي كسبق بعض الصفات على البعض فهي غيرها من هذا الوجه 
 

مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
( مشيته ) عين ( إرادته فقولوا بها قد شاءها ) أي بالمشيئة قد شاء الإرادة
( فهي ) أي الإرادة ( المشاء ) بفتح الميم أي المراد فهذا وجه اتحادهما ومعنى البيت الأول على تقدير الاتحاد إذ شاء الإله أن يشاء فحينئذ يكون المشيئة المشاء ويفرق بينهما فرقا آخر

يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
بقوله ( يريد زيادة ويريد نقصا ) يعني أن الإرادة يتعلق بزيادة شيء ونقصه ( وليس مشاؤه إلا المشاء ) أي لا يتعلق مشيته بزيادة شيء ونقصه بل هي العناية الإلهية المتعلقة بإيجاد المشاء من غير تعرض إلى الزيادة والنقصان.

 
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء
(  فهذا الفرق بينهما محقق فمن وجه فعينهما سواء ) وهو كون عين كل واحد منهما عين الذات من حيث الأحدية .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

 23 - فصّ حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
قلت : قال رضي الله عنه: إذ شاء الإله يريد رزقا له فالكون أجمعه غذاء
يعني: إذا شاء الحق تعالى أن يريد الرزق لنفسه وهو وجود صرف فما رزقه إلا الأكوان،
ويعني بالأكوان الذوات وهي التي تسميها هو الأعيان الثابتة
والغذاء استعارة لتناول الوجود تلك الذوات بمعنى أنه يظهرها، أي يظهر بأحكامها وهو تعالى قد شاء هذه الإرادة أي أنه يريد هذا المعنى.

 
وإن شاء الإله يريد رزقا       ….. لنا فهو الغذاء كما يشاء
يعني: وإن شاء أن يبدو منه إرادة أن يكون الرزق للأكوان كان هو لها غذاء فبه يغتذي وهو غذاؤها، وذلك أنه نسبة افتقار الأعيان الثابتة في فقرها إلى الوجود الإلهي، ليكون به موجودة كافتقار الجياع إلى الزاد ولا زاد من غير الحق إذ لا سواه.

 
 مشيئته إرادته فقولوا       …… بها قد شاءها فهي المشاء
واعلم أن هذا البيت جواب عن سؤال مقدر تقريره: ما هذه المشيئة المتعلقة بالإرادة؟ فقال: هما سواء فلا فرق أن تقول: أراد أن يشاء الرزق أو تقول: شاء أن يريد الرزق. 


يريد زيادة ويريد نقصا      ….. وليس مشاءه إلا المشاء
يعني بإرادة الزيادة، الإظهار الإيجادي ويريد بإرادة النقص، الإخفاء الإعدامي. والمشاء، بضم الميم، هو المراد، أعني المفعول، وأما المشاء الثاني، وهو المفتوح الميم، فهو مصدر شاء يشاء ويجوز أن يريد بالمشاء، بفتح الميم ، جمع مشيئة مثل تمرة وتمر وقمحة وقمح وهي أسماء جموع يتميز فيه المفرد عن الجمع بإثبات التاء. 

 
فهذا الفرق بينهما فحقق    …… ومن وجه فعينهما سواء
يعني هذا الفرق بين الإرادة والمشيئة وهذا المعنى ما يتعلق به كثير فائدة.
قوله: ولقد آتينا لقمان الحكمة فإذن قد أوتي خيرا كثيرا لقوله تعالى:"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا"[البقرة: 269] .
وقد بين الحكمة المنطوق بها ، والحكمة المسكوت عنها، 
وبين بعد ذلك أن المؤتي به من السماء أو من الأرض إنما هو الحق تعالى، 
فهو إذن الغذاء لنا كما ذكر ونحن الغذاء له كما شرح، 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فصّ حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
إنّما أضيفت هذه الحكمة إلى الكلمة اللقمانية ، لكون الغالب على لقمان عليه السّلام شهود مقام الإحسان ، وهو شهود علميّ على ما يأتي في وصاياه لابنه سرّ : " وَوَصَّيْنَا الإِنْسانَ بِوالِدَيْه ِ حُسْناً "  وغير ذلك .
" كان الغالب على حاله في كشفه وشهوده الإحسان ، وأوّل مرتبته الأمر بالعبادة على البصيرة والشهود ، كما أمر لقمان ابنه في وصيّته إيّاه " يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " نهاه عن الشرك للإخلاص في عبادته وعبوديته لله .
وهو أعلى مرتبة الإحسان ، ثم عرّفه بوصيّته تعالى الإنسان بالإحسان ، ولقد أحسن في بيان إحسان الله تعالى إلى المرزوقين ، كما ستقف على أسراره عن قريب."
 

قال رضي الله عنه : (إذا شاء الإله يريد رزقا  .... له فالكون أجمعه غذاء)
يعني  رضي الله عنه  : إذا تعلَّقت مشيّة الحق بإرادة الرزق له من حيث إنّه عين الوجود الحق المتعيّن بأعيان الممكنات ، فإنّ الكون كلَّه والأحكام الظاهرة الإلهية بالكون غذاء للوجود ، لظهوره بها في ملابس من الأسماء والصفات والنسب والإضافات ،
فإنّ الهوية الإلهية الحقّية - من حيث غيبها وتجرّدها عن المظاهر - غنيّة عن العالمين وعن الأسماء كما عرفت من قبل .
وأمّا تعلَّق المشيّة بإرادة الرزق فمن كونه ظاهرا ومتعيّنا في أعيان العالم ، والإرادة عين المشيّة من وجه ،

 
وكذلك قوله :" وإن شاء الإله يريد رزقا   .... لنا فهو المشاء كما يشاء "
أي هو المراد ، كما " شاء " و " أراد " بمعنى ، وإن تعلَّقت مشيّة الحق بإرادة الرزق من لدنه لنا فهو - من حيث كونه عين الوجود - يكون مرادا له في تعلَّق مشيّته ، فيكون رزقا لنا بوجوده كما شاء .


وإنّما نحن نقوش وصور وأشكال وهيئات وحروف وكلمات وسور وآيات ، والكلّ تعيّنات نسبية لا تحقّق لها في حقائقها ، لكن بالمتعيّن بها ، فما لنا وجود ولا حياة ولا بقاء إلَّا بالوجود الحق المتعيّن بنا وفينا ،
فهو رزقنا وهو غذاؤنا ، كما نحن غذاؤه بالأحكام ، فكما أنّ بقاءنا بالوجود ، فكذلك بقاء الأسماء الإلهية والنسب الربّانية والحقائق الوجودية الوجوبية بأعيان الأكوان ، وقد مرّ هذا الذوق في الحكمة الإبراهيمية ، فتذكَّر .


ثمّ قال رضي الله عنه  : ( مشيّته إرادته فقولوا   .... بها قد شاءها فهي المشاء )
يأمر رضي الله عنه بالقول : « إنّ المشيّة تتعلَّق بالإرادة مع أنّها عينها »
أي قولوا : " شاء أن يريد " فمفعول المشيّة إذن الإرادة ، ولمّا كانت الإرادة تخصيص المعلوم المراد لما يقتضيه ، والإرادة من جملة المعلومات ، ولا سيّما الإرادة المخصوصة ، فإنّه من حيث ذاته ليست نسبة المشيئة أو اللامشيّئة إليه أولى من إحداهما ، فهو من كونه إلها له أن يريد فتخصّص حقيقة الإرادة لتخصيص ما أراد .


ثم قال رضي الله عنه  : (يريد زيادة ويريد نقصا   .... وليس مشاءه إلَّا المشاء )
يريد  رضي الله عنه  : أنّ المشيّئة قد تتعلَّق بالإرادة كالإرادة الإيجاد ، وتتعلَّق بإرادة النقص بالإعدام ، فالإرادة تعلَّق المريد بالمراد المعلوم ليوجده ، كقوله تعالى " :  فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ   أي يوجد ، فإنّ فعله الإيجاد ،
وما تعلَّقت الإرادة حيث وردت في القرآن العظيم إلَّا بالمعلوم المعدوم العين ليوجده ،
كقوله تعالى  " إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه ُ "  أي للإيجاد   ( أَنْ نَقُولَ لَه ُ كُنْ فَيَكُونُ ) 
وكقوله :   " فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما " [الكهف : 82]
وقوله :   " فَأَرَدْنا أَنْ يُبْدِلَهُما رَبُّهُما خَيْراً مِنْه ُ " [الكهف : 81]

وأمّا المشيّة فتعلَّقها أعمّ ، فإنّها تتعلَّق بالموجود للإعدام وتتعلَّق بالمعدوم أيضا للإيجاد ، كقوله تعالى : " إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ " .
فتعلَّقت بهم وهم موجودون ليذهبهم ، وهو إعدام عينهم وتعيّنهم الشخصيّ العينيّ ، " وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ " تتعلَّق بخلق معدوم الأعيان لم يأت بعد ليأتي به .
 

قال رضي الله عنه  : (فهذا الفرق بينهما فحقّق  ..... ومن وجه فعينها سواء)
يريد : أنّ المشيّة تتعلَّق بالزيادة عند الإيجاد ، وتتعلَّق بالنقص عند الإعدام والإفساد ، وليست الإرادة كذلك ، فإنّها مخصوصة بالإيجاد والفعل دون الإعدام ، فهذا هو الفرق بين المشيّة والإرادة ، وهما من حيث حقيقتهما - الأحدية الجمعية التي تشملهما - عين واحدة .
وإنّما أورد هذه المسألة في هذا الفصّ ، لما يتضمّن من حكمة الرزق ، وأنّه لا بدّ من إيصال كل رزق إلى كل مرزوق ، وكيفية توصيله بتفصيله .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء)

23 -  فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
إنما اختصت الكلمة اللقمانية بالحكمة الإحسانية ، لأن الغالب على حاله عليه السلام الإحسان بالشهود العلمي والحكمة والتوحيد والإسلام في قوله تعالى ومن يُسْلِمْ وَجْهَه إِلَى الله " تعالى ( وهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى )
وقوله  ( آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ )  .

والإحسان والحكمة أخوان ، لأن الإحسان فعل ما ينبغي ، والحكمة وضع الشيء في موضعه ، وفي وصيته لابنه : ( يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ )   .
وأول مراتب الإحسان المعاملة مع الحق بمحض التوحيد ، ثم الشهود في الطاعة والعبادة كما في قوله عليه الصلاة والسلام « الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه » أي في غاية الظهور ،
ومن هذا الباب قوله : ( يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّماواتِ أَوْ في الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله )  ثم في معاملة الخلق كالإحسان بالوالدين ، وجميع وصاياه لابنه من باب الإحسان :

( إذا شاء الإله يريد رزقا  .... له فالكون أجمعه غذاء )
أي إذا تعلقت مشيئة الله بإرادة الرزق له من حيث أنه عين الوجود الحق المتعين بأعيان الممكنات ، فالكون كله والأحكام الإلهية الظاهرة بالكون كلها غذاء له لظهوره بها في ملابس الصفات والأسماء ،
فإن الهوية الإلهية الجمعية من حيث عينها بذاتها غنية عن العالمين وعن الأسماء كلها ، وأما تعلق المشيئة بإرادة الرزق فهو من حيث كونه ظاهرا في مظاهر الأكوان وأعيان العالم ، والفرق بين المشيئة والإرادة أن المشيئة عين الذات وقد تكون مع إرادة وبدونها ، والإرادة من الصفات الموجبة للاسم المريد ،
فالمشيئة أعم من الإرادة فقد تتعلق بها وتنقبض بها كمشيئة الكراهة أي بالإيجاد والإعدام . ولما كانت الإرادة من الحقائق الأسمائية فلا تقتضي إلا الوجود فتتعلق بالإيجاد لا غير ، ولهذا علقها بالإرادة لتختص بوجود الرزق ،
وأصل الكلام أن يريد الرزق لأنها مفعول المشيئة ، فحذف إن ورفع الفعل كقوله :
 ( ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن شاء الإله يريد رزقا .... لنا فهو الغذاء كما يشاء )
أي وإن تعلقت مشيئته بإرادة الرزق لنا من لدنه فهو المراد أن يكون لنا رزقا من حيث أنه الوجود الحق ، فيوجدنا كما يشاء ويختفى فينا ويظهرنا كالغذاء بالنسبة إلى المغتذى ،
فإنا نقوش وهيئات وشئون وتعينات لا وجود لنا ولا تحقق فهو المتعين بنا ومظهرنا وغذاؤنا ورزقنا بالوجود كما نحن غذاؤه بالأحكام ،
وفي نسخة : فهو الغذاء كما تشاء أي كما تقتضي أعياننا أن توجد به ، وكما أن تحققنا وإبقاءنا بالوجود فكذلك بقاء أسمائه بالأعيان .
"" إضافة بالي زادة : ( إذا شاء الإله يريد رزقا ) له أي أراد الحق سببا لظهور نفسه ( فالكون أجمعه غذاء ) له من إظهارها إياه واختفاؤه فيها .أهـ بالى زاده. ""


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مشيئته إرادته فقولوا .....  بها قد شاءها فهو المشاء )
ولما كانت الإرادة لا تتعلق إلا بالإيجاد أي بمعدوم يريد إيجاده لأن تأثير الأسماء الإلهية إنما هو في المعدومات لإيجادها
لقوله : ( إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه ). والمشيئة من حيث كونها عين الذات ولا بد لكل اسم من الذات كانت عين الذات من وجه وأعم منها من وجه لأنها قد تتعلق بالإعدام أي بوجود يريد إعدامه
كقوله : ( إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ ويَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ )   - فقال مشيئته إرادته ، أي هما متحدان في التعلق بالفعل والإيجاد فقولوا بهذه المشيئة ،
أي المقتضية للإيجاد التي هي عين الإرادة قد شاء الإرادة ، فهي : أي فالإرادة هي مفعول المشيئة فالمشاء اسم مفعول بمعنى المراد ، وأصله على قياس اللغة المشيء لكنه غير مستعمل

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( يريد زيادة ويريد نقصا ....  وليس مشاؤه إلا المشاء )
المشاء بفتح الميم هنا مصدر ميمى أي المشيئة كما كانت عين الذات ، ولم يثبت لها اسما كالإرادة وليست إلا العناية لم تقتض لوجود ، فقد تتعلق بإرادة الزيادة وهي الإيجاد ، وقد تتعلق بالنقص وهي الإعدام ، وليست المشيئة في القسمين إلا المشيئة ، بخلاف الإرادة فإنها لم تتعلق في القرآن إلا بالإيجاد ، ولهذا قال بالفرق بينهما من وجه وباتحادهما من وجه


"" إضافة بالي زادة :
وقيل : إن المشيئة تخصيص المعدوم للوجود والموجود للعدم ، والإرادة تخصيص المعدوم للوجود فقط ( مشيئته عين إرادته فقولوا بها ) أي بالمشيئة قد شاءها الإرادة فهي أي الإرادة بالمشاء بفتح الميم أي المراد فهذا وجه اتحادهما ، ومعنى البيت الأول على تقدير الاتحاد إذا شاء الإله أن يشاء فحينئذ تكون المشيئة المشاء
ويفرق بينهما بفرق آخر بقوله: (يريد زيادة ويريد نقصا ) يعنى أن الإرادة تتعلق بزيادة شيء ونقصه
(وليس مشاؤه إلا المشاء ) أي لا تتعلق مشيئته بزيادة شيء ونقصه بل هي العناية الإلهية المتعلقة بإيجاد المشاء من غير تعرض إلى الزيادة والنقصان .أهـ بالى زاده. ""

في قوله :( فهذا الفرق بينهما فحقق  .... ومن وجه فعينهما سواء )

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثاتية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:21 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                      الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء)

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
( الإحسان ) لغة فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير بالمال والقال والفعل والحال ،
كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فإذا ذبحتم ، فأحسنوا الذبحة . وإذا قتلتم ، فأحسنوا القتلة " - الحديث .
وفي ظاهر الشرع : " أن تعبد الله كأنك تراه " . كما في الحديث المشهور .
وفي باطنه : والحقيقة شهود الحق في جميع مراتب الوجودية . إذ قوله ، عليه السلام : " كأنك تراه " ، تعليم وخطاب لأهل الحجاب .
فللإحسان مراتب ثلاث :
أولها اللغوي وهو أن تحسن على كل شئ ، حتى على من أساء إليك وتعذره ، وتنظر على الموجودات بنظر الرحمة والشفقة .
وثانيها ، العبادة بحضور تام كأن العابد يشاهد ربه .
وثالثها ، شهود الرب مع كل شئ وفي كل شئ . كما قال تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله ( وهو محسن ) فقد استمسك بالعروة الوثقى " . أي ، مشاهد لله تعالى عند تسليم ذاته وقلبه إليه .

وإنما خصت الحكمة ( الإحسانية ) بالكلمة ( اللقمانية ) لأنه صاحب الحكمة بشهادة قوله تعالى : " ولقد آتينا لقمان الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " .
فهو صاحب الخير، والخير هو ( الإحسان ) والإحسان فعل ما ينبغي أن يفعل . و ( الحكمة ) وضع الشئ في موضعه . فهما من واد واحد .
وأيضا الحكمة يستلزم الإحسان على كل شئ ، فلذلك قارن ( الإحسان ) بكلمته .

شعر :
( إذا شاء الإله يريد رزقا  ..... له فالكون أجمعه غذاء )
( يريد ) مفعول ( شاء ) تقديره : إذا شاء أن يريد . فحذف ( أن ) ورفع الفعل .
كقول الشاعر طرفة بن العبد البكري في معلقته:
ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي)
( فإن كنت لا  تستطيع منع منيتي  ... فدعني أبادرها بما  ملكت يدي)
المعنى : يا أيها الزاجرى هل تضمن لي البقاء بزجرك إياي ومنعك لي من منازلة الأقران.
أي ، أن أحضر الوغا أو لا أحضره لن يمنع قدر موتى او يجعلني من الخالدين  .
أي ، إذا تعلقت مشيئته بأن يريد له  ..... رزقا ، فالكون بأجمعه غذاء له .
وقد تقدم أن الحق من حيث أسمائه وصفاته لا يظهر في الشهادة إلا بأعيان الأكوان ، وإن كان من حيث ذاته ، مع قطع النظر عن الظهور والبطون والأسماء والصفات ، غنيا عن العالمين .

فالأعيان غذاء له من حيث إظهارها إياه ، ومن حيث فناؤها واختفاؤها فيه ، ليظهر بوحدته الحقيقة ، كفناء الغذاء وانعدامها واختفائها في المغتذى ، وإن كان باعتبار آخر هو غذاء للأعيان . وإليه أشار بقوله :
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإن شاء الإله يريد رزقا ....  لنا فهو الغذاء كما يشاء )
( يشاء ) يجوز أن يكون ب‍ ( النون ) للمتكلم ، وب‍ ( الياء ) للغائب .
تقديره : وإن شاء الإله أن يريد رزقا لنا ، فهو غذاؤنا كما نشاء . أو كما يشاء الحق ذلك .
لأن الغذاء هو ما يختفي في عين المغتذى ويظهر على صورته ليقوم به العين ، والهوية الإلهية هي التي تختفي في أعيان الخلائق وتصير ظاهرة بصورها مقومة لها ، فهي غذاء للأعيان .

ونسبة الاغتذاء والرزق إليه - مع أنه يطعم ولا يطعم - ونسبة كونه غذاء لنا بعينها كنسبة بعض الصفات الكونية إليه بقوله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) . و ( مرضت فلم تعدني ) . وأمثال ذلك مما جاء في الشرع . وهذه النسبة أيضا من باطن الشرع ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أعطى الكتاب وأمر بإخراجه إلى الخلق ، فلا ينبغي أن يسئ أحد ظنه من المؤمنين في حق الأولياء والكاملين في أمثال هذه الأشياء .

ولما كانت المشيئة والإرادة يجتمعان في معنى ويفترقان في آخر ، قال : ( مشيئته إرادته فقولوا بها ) أي بالمشيئة . قد شاءها فهي المشاء ) أي ، شاء الإرادة وعينها . فالإرادة هي المشاء ، أي المراد .
ف‍ ( المشاء ) في قوله : ( فهي المشاء ) ، بفتح ( الميم ) ، اسم مفعول من ( شاء ، يشاء ) من غير القياس .
والقياس : ( مشى ) ، إذ أصله : ( مشيوء ) . نقلت ضمة ( الياء ) إلى ما قبلها ، واجتمعت ( الواو ) و ( الياء ) ، وسبقت أحدهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء وأدغمت في ( الياء ) وكسرت ما قبلها للمناسبة ، وحذفت الهمزة تخفيفا .
أو مصدر ميمي بمعنى المشيئة . فعلى هذا التقدير يكون معنى البيت : مشيئته هي عين الإرادة ، فقولوا بالمشيئة ، قد شاء الحق المشيئة المسماة بالإرادة ، فالإرادة هي المشيئة . وعلى هذا ، ضمير ( شاءها ) عائد إلى ( المشيئة ) .
وهذا أنسب من الأول ، لأنه ينافي قوله : ( مشيئة إرادته ) . والله أعلم .


قال الشيخ رضي الله عنه :  (يريد زيادة ويريد نقصا .....   وليس مشاءه إلا المشاء)
المشاء بفتح ( الميم ) فيهما ، لأنه المصدر الميمي .
والأول خبر ( ليس ) .
والثاني اسمه . أي ، ليست مشيئه إلا مشيئته .
ومعناه : أن المشيئة بعينها هي الإرادة الذاتية من حيث الأحدية ، لأنهما ، كما ذكرنا ، في كونهما عين الذات شئ واحد .
وأما باعتبار امتيازهما من الذات ونسبتهما إليها كباقي الصفات . فهما حقيقتان متغائرتان يجتمعان ويفترقان من حيث الإلهية .
فنبه بقوله : ( مشيئته إرادته ) إلى آخر البيت ، على أنهما في كونهما عين الذات واحد في عين الأحدية .
وبقوله ( يريد زيادة ) إلى آخره ، على الفرق بينهما . هذا على المعنى الثاني في البيت السابق .

وأما على الأول ، فيكون قوله : ( فقولوا بها قد شاءها فهي المشاء ) ، بفتح ( الميم ) ، تنبيها على أن الإرادة مترتبة على المشيئة ، كما المشيئة تترتب على العلم ، والعلم على الحياة ، فهي غيرها .
وقوله : ( يريد زيادة ) فارق آخر . وهو أن الإرادة تتعلق بالزيادة والنقصان في الجزئيات ، أي ، يريد أن يكون شئ ناقصا وآخر زائدا ، وليست المشيئة كذلك ، فإنها هي العناية الإلهية المتعلقة بالكليات لا الجزئيات .


فحاصل البيت الثاني : أن المتعلقات الإرادة يزيد وينقص ، بخلاف متعلقات المشيئة ، فإنها على حالها أزلا وأبدا ، لأن المشيئة متعلقة بالكليات لا بالجزئيات ، والكلي لا يوصف بالزيادة والنقصان .
ومن تتبع مواضع استعمالات ( الإرادة ) في القرآن يعلم أن الإرادة يتعلق بإيجاد المعدوم ، لا بإعدام الموجود ، بخلاف ( المشيئة ) ، فإنها متعلقه بالإيجاد والإعدام .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء ) "المعنى" ظاهر .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

الفصّ اللّقماني
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية

قال رضي الله عنه :  ( إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء  .. وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء  .. مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء ... يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء .... فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء  )

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالإحسان الذي هو رؤية ربه في كل شيء ، ورؤية الحق صور أسمائه وآثارها في الخلق ، وكل ذلك عن إحسان الحق بمشيئته لا بطريق الوجوب عليه ، ويتبع هذا الإحسان الإحسان الذي هو بمعنى فعل ما ينبغي لما ينبغي ، فيحصل لصاحب الإنسان الأول لا محالة ،
وإن كان قد لا يحصل لصاحب هذا الإحسان الإحسان بالمعنى الأول ، وهو يفيد زيادة أنس أيضا ولتبعية الإحسان بالمعنى الثاني للإحسان بالمعنى الأول أورده الشيخ رحمه اللّه وإن كان فيه ما هو أساس الإحسان بالمعنى الأول ،

فظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى لقمان عليه السّلام ، إذ أوتي الحكمة المستلزمة لإيتاء الخير الكثير الذي لا يكمل إلا بالرؤيتين المذكورتين .
وقد أشار إليهما لقمان عليه السّلام في حكمته المنطوق بها والمسكوت عنها ، فنطق بما يدل على رؤيته وسكت عن رؤيتنا إياه بطريق التصريح ،

فأشار رحمه اللّه إلى وجه كونهما من الخير الكثير من حيث إنهما كمال غير واجب عليه بل حاصل بمشيئته ، فيكون إحسانا وتفضيلا ؛ ذلك لاستغنائه بكماله الذاتي عن طلب كمال آخر ، لكن من شأن الكامل
التفضل بالتكميل ، وهو إنما يكون بالمشيئة لكنها محل لوجوب اعتبار الوحدة في صفاته سيما التي قربت منه ، وكانت بلا اعتبار واسطة صفة أخرى بحسب التعقل ، وإن كان الكل معا في الوجود ؛ فلابدّ من أمر يفصلها في تعقلها بجزئيات الأكوان ، وهو الإرادة ؛


(إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء) 
فقال رضي الله عنه  : ( إذا شاء الإله يريد ) أي : يريد ( رزقا له ) ، أي : كمالا لأسمائه بإخراج ما فيها بالقوة من صورها وآثارها إلى الفعل ، وإن كانت غنية عنها بحسب تعلقها بالذات ،
فقال رضي الله عنه  : ( فالكون ) أي : الوجود الجاذب ( أجمعه غذاء ) كمال لها وراء الكمال الذي لها في ذواتها مع غناها به نفي هذا الكمال ،

(وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء)
وإن شاء الإله ( يريد رزقا لنا ) بتكميلنا ، ( فهو ) أي : ( الغذاء ) فرؤيته في كل شيء هو الكمال لنا ، لكن ليست رؤيته على ما هو عليه ، بل ( كما شاء ) على تفاوت استعداد الرائين منا . ثم أشار إلى سبب جمعه بين المشيئة والإرادة وإيقاع المشيئة عليها بقوله :


(مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء)
 ( مشيئته ) ، وهي الصفة المرجحة أحد طرفي المقدور ، فهي وإن كانت مجملة لوحدتها باعتبار تعلقها بالذات بلا اعتبار واسطة ؛ فهي ( إرادته ) المتصلة من حيث التعلق بجزئيات الأكوان ، وهذا التعلق للإرادة من المشيئة ، ( فقولوا : بها ) أي : المشيئة ( قد شاءها ) أي : شاء تعلق الإرادة ، فهي أي : الإرادة وإن كانت قديمة ، كأنها ( هي المشاء ) بفتح الميم مصدر ميمي أريد به اسم المفعول وإذا لم يؤنثه ، وإنما كانت إرادته تفصيلية ؛


(يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء)
لأنه ( يريد زيادة ) في بعض الأكوان ، ( ويريد نقصا ) في البعض الآخر ، ( وليس مشاؤه ) أي : متعلق مشيئة الحق من حيث وحدتها ( إلا المشاء ) أي : إلا الذي شاءه من الإرادة ، فإنها واحدة وإن كانت مفصلة التعلق ، ولا يمكن اعتبار ذلك فيما قرب من الحق لغلبة الوحدة هناك بخلاف ما كان له بالواسطة .

(فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء)
فقال رضي الله عنه  : ( فهذا الفرق ) من الإجمال والتعلق والتفصيل فيه ( بينهما ) أي : بين المشيئة والإرادة ، ( فحقق ) أي : قل فيه بالتحقيق فلا يتوهم جواز التفصيل في تعلق الوصف الأقرب مما لحق ، ( ومن وجه ) أي : ومن حيث أن كلا منهما صفة ترجح أحد طرفي المقدور ، ( فعينهما ) أي : حقيقتهما ( سواء ) ؛
 ولذلك صح قولنا : مشيئته إرادته وصح ، فلا يجوز إطلاق كل منهما بدل الآخر ، وإذا كانت الكمالات بالمشيئة كان إيجادها والاطلاع عليها من الإحسان الذي هو الخير الكثير اللازم للحكمة بدليل أنه..


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فصّ حكمة إحسانيّة في كلمة لقمانيّة

( الإحسان ) لغة يقال على وجهين : أحدهما الإنعام على الغير ، والثاني إحسان في فعله ، وذلك إذا علم علما حسنا أو عمل عملا حسنا .
وعلى هذا قول أمير المؤمنين : « الناس أبناء ما يحسنون » أي منسوبون إلى ما يعلمونه ويعملونه من الأفعال المعجبة لهم ، وقوله تعالى : “  الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَه ُ [32 / 17 ].

وتحقيقا : على إظهار الحسن، يعني ما فيه النسبة الكماليّة التي هي مبدأ الحياة والحمد، فإنّ الإحسان له تلويح بيّن على السين والحاء باسميهما ،
والأوّل كاشف عن تمام النسبة ،
والثاني على كمال إظهارها كما مرّ تحقيقه فهو أوثق نسبة بين الحقّ والعبد وأظهرها ،
كما قال تعالى :" وَمن يُسْلِمْ وَجْهَه ُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى "  [ 31 / 22 ] .

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : « الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ».رواه البخاري ومسلم وأين ماجه وغيرهم.
 فإنّه قد اعتبر في مفهومه النسبة بأبلغ وجه ، كما هو مؤدّى عبارته الختميّة ، حيث صرّح بالتشبيه الذي هو النسبة الكماليّة بين أمرين ، الجامعة لوجوه المناسبات بالرؤية التي هي أبين نسبة بين الحقّ والعبد ، ثمّ كرّر المنتسبين ثلاث مرّات إبانة لأمر تلك النسبة في صورة تمام الإظهار .

تسمية الفصّ
ثمّ إنّه لغلبة سلطان هذه النسبة على الكلمة اللقمانيّة تراه - عند إبلاغه نبأه الكمالي وإظهاره حكمه الحسنة - مخاطبا لابنه خطاب شفقة وعطوفة ، وبيّن أن الخطاب هو أقرب النسب بين الرسول والمرسل إليه ، كما أنّ الابن الذي هو المخاطب فيه مختصّ بأوثق النسب ، مؤدّى في صيغة تصغير الإشفاق ، الدالّ على كمال تلك النسبة ،
وبيّن أنّ النسبة كماله الأتمّ في الوثاقة وقوّة الربط أن يؤول أمرها إلى الاتّحاد بين منتسبيها بغلبة وجوه الجمع على ما به الامتياز كالاغتذاء مثلا ، فإنّه إنما يتحقّق عند جعل الغذاء جزء للمغتذي متّحدا به في صورته الشخصيّة التي بها أصبح واحدا كلَّا .

ومن ثمّة صدّر هذا الفصّ اللقمانيّ بتحقيق تلك النسبة الغذائيّة بين الحقّ والخلق لما بينهما من النسبة الظاهرة لفظا ، ولما عرفت من قرب تأدّيها للكشف عن الوجوه الجماليّة التي هو بصدده هنا .

وأيضا في الصورة النظميّة من النسبة الوثيقة الجمعيّة ما ليس في النثر ، فهو اللائق بتحقيق أمرها ، كما هو مؤدّى الكلمة اللقمانيّة فقال :


( إذا شاء الإله يريد رزقا ....  له ، فالكون أجمعه غذاء )
مفصحا عن مبدأ تلك النسبة من حضرة الأسماء ، يعني المشيئة والإرادة اللتين بهما يتحقّق الشيء والمراد ، وما يدور به أمر ظهوره من الأحكام والخصائص فالمشيئة لها تقدّم - كما سبق في المقدّمة .

ثمّ إنّك قد عرفت أنّ نسبة القرب بين الخلق والحقّ تارة في صورة الفرض القطعي ، وهو أن يتوجّه المشيئة والإرادة نحو الكون الدائر في دائرة إحاطته وجمعيّته ، إلى أن يغتذي به الحقّ ، فهذا إشارة إليه وأخرى في صورة النفل الزائد ، وهو أن يتوجّها نحو رزاقيّة الحقّ إيّاه ، ليغتذي به الخلق ،

 

وإليه أشار بقوله :( وإن شاء الإله يريد رزقا  .... لنا، فهو الغذاء كما يشاء )
أيّ يكون المشيئة متوجّهة إليه ، فهو الشيء .
ثمّ بعد تحقيق أمر النسبة بين الحقّ والخلق يريد إبانة ما بين مبدأيهما من النسبة - يعني المشيئة والإرادة - بوجهي جمّيتهما وافتراقهما ، فإلى الأولى منهما أشار بقوله :


مشيئة الحقّ إرادته
( مشيئته إرادته ) ، أي هما متّحدان عند نسبتهما إلى الهويّة الذاتيّة ، ولكن للمشيئة تقدّم على الإرادة تقدّم إحاطة وشمول ، كما نبّهت عليه في المقدّمة عند الكلام في ترتيب الأسماء وإنّ المشيئة هي توجّه الذات نحو حقيقة الشيء وعينه ، اسما كان أو وصفا أو عينا ، والإرادة تعلَّقها بتخصيص أحد الجائزين من الممكن ، فتكون الإرادة مما يتعلَّق به المشيئة ،
وإليه أشار بقوله : ( فقولوا . بها ) أي بالإرادة ، فإنّ التغاير بينهما اعتباريّ إنما يظهر حكمه في القول والعقل فقط ، دون العين ( قد شاءها ، فهي المشاء ) بفتح الميم ، اسم مفعول من المشيئة على غير القياس هذا جهة جمعيّتهما ، وأما جهة الفرق ،

 
فقد أشار إليه بقوله :( يريد زيادة ويريد نقصا  .... وليس مشاءه إلَّا المشاء )
أي متعلق الإرادة قابل للزيادة والنقص ، حيث أنّها تعلَّق الذات بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن ، دون المشيئة ، فإنّ متعلَّقها ذات الشيء ، وهي بحالها فـ « المشاء » هاهنا مصدر ميمي ، ولو جعل الأول مصدرا والثاني اسم مفعول ، له معنى .


( فهذا الفرق بينهما ، فحقّق ....  ومن وجه ، فعينهما سواء )
لأنّه لا تمايز بينهما في العين كما عرفت .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء .. وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء)

فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
لما كان لقمان عليه السلام آتاه اللّه الحكمة والإحسان ، فعل ما ينبغي فعله لما ينتهي كما ينبغي وهو من لوازم الحكمة سميت حكمته إحسانية ونسبت إليه ( إذا شاء الإله يريد رزقا . . له فالكون أجمعه غذاء ) له .
اعلم أن المشيئة توجه الذات الإلهية نحو حقيقة الشيء ونفسه اسما كان ذلك الشيء أو صفة أو ذاتا ، والإرادة تعلق الذات الإلهية بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن أعني وجوده وعدمه فعلى هذا إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة واقتضت تعلقها بأحد طرفي الممكن كما هو مقتضاها لا يبعد أن يسمى ذلك التوجه والاقتضاء مشيئة الإرادة ،

فهذا وجه تعلق المشيئة بالإرادة ، فمعنى البيت إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة لتتعلق بتخصيص وجود الرزق وترجيحه على عدمه ليكون رزقا للّه تعالى ، فالكون أي المكونات بأجمعها غذاء له سبحانه ،

وإنما كانت المكونات غذاء له ، لأنه تعالى من حيث أسماؤه وصفاته لا يظهر في الأعيان إلا بها ، كما أن ذات المغتذي لا تنمو إلا بالغذاء ، فظهور أسمائه وصفاته بالمكونات بمنزلة نماء المغتذي فإنهما يشتركان في معنى الزيادة على الذات ،

وإذا كان الفعل الذي وقع في بيان معنى الإحسان منقسما إلى الفرائض والنوافل ، والفرائض تورث قربا يكون العبد فيه باطنا والحق ظاهرا ،
والنوافل تورث قربا يكون الحق فيه باطنا والعبد ظاهرا ونسبة الباطن إلى الظاهر حيث كان نسبة العبد إلى المغتذي ، فتارة يكون العبد رزقا للحق وتارة يكون الحق رزقا للعبد ، فلا يبعد أن يكون هذا البيت إشارة إلى قرب الفرائض الذي يكون الحق فيه ظاهرا والعبد باطنا ، كما لا يبعد أن يكون البيت الثاني إشارة إلى قرب النوافل الذي يكون العبد فيه ظاهرا والحق باطنا ،

فقوله : يريد رزقا مفعول المشيئة بحذف أن الناصبة وأثرها ( وإن شاء الإله يريد رزقا . . لنا فهو الغذاء كما يشاء ) لاختفائه بصورتنا كما أن الغذاء يختفي بصورة المغتذي ، لأن إيجاده للموجودات ليس إلا اختفاءه بصورتها

قال الشيخ رضي الله عنه :  (
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء)

(مشيئته إرادته ) لأنهما متجهتان بالنسبة إلى هويتها الغيبية الذاتية ولكن للمشيئة تقدم ذاتي على الإرادة كما عرفت ( فقولوا : بها ) ، أي كونوا قائلين بالإرادة ومغايرتها للمشيئة لكان ذلك التقدم وقول ( قد شاءها فهي المشاء ) ، حال من الضمير في بها إشارة إلى تعليل القول بمغايرة الإرادة للمشيئة ، فإنه لو لم يكن بينهما مغايرة كيف تتعلق المشيئة بالإرادة ، ويحتمل أن يكون المعنى : فقولوا يسبب له الإرادة ومغايرتها للمشيئة بواسطة تقدمها الذاتي هذا القول أعني قد شاءها فهي المشاء فيكون هذا القول على هذا التقدير مقول القول .

وكان المشاء في موضعه الأول والثاني من هذه الأبيات في النسخة المقروءة عليه رضي اللّه عنه مقيدا بضم الميم في موضعه الثالث بفتحها ، وكأنه بضم الميم اسم مفعول من الثلاثي على صيغة من المزيد على خلاف القياس ويحتمل المصدرية ،

لأن قياس المصدر الميمي من المزيد صيغة اسم المفعول وبفتح الميم مصدر ميمي من الثلاثي ويحتمل أن يكون بمعنى اسم المفعول ( يريد زيادة ) ، أي يزيد تارة زيادة الوجود عن الماهية وهي الإيجاد ( ويريد ) تارة ( نقصا ) ، أي نقص الوجود عن الماهية وهي الإعدام ،
فالإرادة إذا تعلقت بالماهية يرجح تارة جانب وجوده وتارة جانب عدمه بخلاف المشيئة فإن متعلقها نفس الماهية من غير ترجيح أحد جانبيها وإلى هذا أشار بقوله ( وليس مشاءه إلا المشاء ) ،

أي وليس متعلق المشيئة في الحالين النفس متعلق المشيئة لما عرفت ، أوليس المشيئة إلا المشيئة في الحالين لعدم التغير في متعلقها ، وإنما قدر الميم من المشاء في موضعه الثالث بالفتح لئلا يلزم الإيطاء أعني التكرر في القافية وهو مرفوع على أنه اسم ليس ،
والمقدم عليه منصوب على أنه خبرها ولا يجوز العكس ، وإلا يلزم الإقواء في القافية وهو اختلاف الروي بالحركة .

( فهذا ) ، أي الذي ذكرنا من التقدم الذاتي للمشيئة على الإرادة وإمكان الاختلاف في متعلق الإرادة دون المشيئة هو ( الفرق بينهما فحقق . . ومن وجه ) وهو وجه اتحادهما بالنسبة إلى الهوية العينية الذاتية ( فعينهما سواء .)

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:23 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                                      الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء)

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
( الإحسان ) لغة فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير بالمال والقال والفعل والحال ،
كما قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب الإحسان على كل شئ ، فإذا ذبحتم ، فأحسنوا الذبحة . وإذا قتلتم ، فأحسنوا القتلة " - الحديث .
وفي ظاهر الشرع : " أن تعبد الله كأنك تراه " . كما في الحديث المشهور .
وفي باطنه : والحقيقة شهود الحق في جميع مراتب الوجودية . إذ قوله ، عليه السلام : " كأنك تراه " ، تعليم وخطاب لأهل الحجاب .
فللإحسان مراتب ثلاث :
أولها اللغوي وهو أن تحسن على كل شئ ، حتى على من أساء إليك وتعذره ، وتنظر على الموجودات بنظر الرحمة والشفقة .
وثانيها ، العبادة بحضور تام كأن العابد يشاهد ربه .
وثالثها ، شهود الرب مع كل شئ وفي كل شئ . كما قال تعالى : " ومن يسلم وجهه إلى الله ( وهو محسن ) فقد استمسك بالعروة الوثقى " . أي ، مشاهد لله تعالى عند تسليم ذاته وقلبه إليه .

وإنما خصت الحكمة ( الإحسانية ) بالكلمة ( اللقمانية ) لأنه صاحب الحكمة بشهادة قوله تعالى : " ولقد آتينا لقمان الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " .
فهو صاحب الخير، والخير هو ( الإحسان ) والإحسان فعل ما ينبغي أن يفعل . و ( الحكمة ) وضع الشئ في موضعه . فهما من واد واحد .
وأيضا الحكمة يستلزم الإحسان على كل شئ ، فلذلك قارن ( الإحسان ) بكلمته .

شعر :
( إذا شاء الإله يريد رزقا  ..... له فالكون أجمعه غذاء )
( يريد ) مفعول ( شاء ) تقديره : إذا شاء أن يريد . فحذف ( أن ) ورفع الفعل .
كقول الشاعر طرفة بن العبد البكري في معلقته:
ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى ... وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي)
( فإن كنت لا  تستطيع منع منيتي  ... فدعني أبادرها بما  ملكت يدي)
المعنى : يا أيها الزاجرى هل تضمن لي البقاء بزجرك إياي ومنعك لي من منازلة الأقران.
أي ، أن أحضر الوغا أو لا أحضره لن يمنع قدر موتى او يجعلني من الخالدين  .
أي ، إذا تعلقت مشيئته بأن يريد له  ..... رزقا ، فالكون بأجمعه غذاء له .
وقد تقدم أن الحق من حيث أسمائه وصفاته لا يظهر في الشهادة إلا بأعيان الأكوان ، وإن كان من حيث ذاته ، مع قطع النظر عن الظهور والبطون والأسماء والصفات ، غنيا عن العالمين .

فالأعيان غذاء له من حيث إظهارها إياه ، ومن حيث فناؤها واختفاؤها فيه ، ليظهر بوحدته الحقيقة ، كفناء الغذاء وانعدامها واختفائها في المغتذى ، وإن كان باعتبار آخر هو غذاء للأعيان . وإليه أشار بقوله :
 

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإن شاء الإله يريد رزقا ....  لنا فهو الغذاء كما يشاء )
( يشاء ) يجوز أن يكون ب‍ ( النون ) للمتكلم ، وب‍ ( الياء ) للغائب .
تقديره : وإن شاء الإله أن يريد رزقا لنا ، فهو غذاؤنا كما نشاء . أو كما يشاء الحق ذلك .
لأن الغذاء هو ما يختفي في عين المغتذى ويظهر على صورته ليقوم به العين ، والهوية الإلهية هي التي تختفي في أعيان الخلائق وتصير ظاهرة بصورها مقومة لها ، فهي غذاء للأعيان .

ونسبة الاغتذاء والرزق إليه - مع أنه يطعم ولا يطعم - ونسبة كونه غذاء لنا بعينها كنسبة بعض الصفات الكونية إليه بقوله : ( من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ) . و ( مرضت فلم تعدني ) . وأمثال ذلك مما جاء في الشرع . وهذه النسبة أيضا من باطن الشرع ، فإن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، أعطى الكتاب وأمر بإخراجه إلى الخلق ، فلا ينبغي أن يسئ أحد ظنه من المؤمنين في حق الأولياء والكاملين في أمثال هذه الأشياء .

ولما كانت المشيئة والإرادة يجتمعان في معنى ويفترقان في آخر ، قال : ( مشيئته إرادته فقولوا بها ) أي بالمشيئة . قد شاءها فهي المشاء ) أي ، شاء الإرادة وعينها . فالإرادة هي المشاء ، أي المراد .
ف‍ ( المشاء ) في قوله : ( فهي المشاء ) ، بفتح ( الميم ) ، اسم مفعول من ( شاء ، يشاء ) من غير القياس .
والقياس : ( مشى ) ، إذ أصله : ( مشيوء ) . نقلت ضمة ( الياء ) إلى ما قبلها ، واجتمعت ( الواو ) و ( الياء ) ، وسبقت أحدهما بالسكون ، فقلبت الواو ياء وأدغمت في ( الياء ) وكسرت ما قبلها للمناسبة ، وحذفت الهمزة تخفيفا .
أو مصدر ميمي بمعنى المشيئة . فعلى هذا التقدير يكون معنى البيت : مشيئته هي عين الإرادة ، فقولوا بالمشيئة ، قد شاء الحق المشيئة المسماة بالإرادة ، فالإرادة هي المشيئة . وعلى هذا ، ضمير ( شاءها ) عائد إلى ( المشيئة ) .
وهذا أنسب من الأول ، لأنه ينافي قوله : ( مشيئة إرادته ) . والله أعلم .


قال الشيخ رضي الله عنه :  (يريد زيادة ويريد نقصا .....   وليس مشاءه إلا المشاء)
المشاء بفتح ( الميم ) فيهما ، لأنه المصدر الميمي .
والأول خبر ( ليس ) .
والثاني اسمه . أي ، ليست مشيئه إلا مشيئته .
ومعناه : أن المشيئة بعينها هي الإرادة الذاتية من حيث الأحدية ، لأنهما ، كما ذكرنا ، في كونهما عين الذات شئ واحد .
وأما باعتبار امتيازهما من الذات ونسبتهما إليها كباقي الصفات . فهما حقيقتان متغائرتان يجتمعان ويفترقان من حيث الإلهية .
فنبه بقوله : ( مشيئته إرادته ) إلى آخر البيت ، على أنهما في كونهما عين الذات واحد في عين الأحدية .
وبقوله ( يريد زيادة ) إلى آخره ، على الفرق بينهما . هذا على المعنى الثاني في البيت السابق .

وأما على الأول ، فيكون قوله : ( فقولوا بها قد شاءها فهي المشاء ) ، بفتح ( الميم ) ، تنبيها على أن الإرادة مترتبة على المشيئة ، كما المشيئة تترتب على العلم ، والعلم على الحياة ، فهي غيرها .
وقوله : ( يريد زيادة ) فارق آخر . وهو أن الإرادة تتعلق بالزيادة والنقصان في الجزئيات ، أي ، يريد أن يكون شئ ناقصا وآخر زائدا ، وليست المشيئة كذلك ، فإنها هي العناية الإلهية المتعلقة بالكليات لا الجزئيات .


فحاصل البيت الثاني : أن المتعلقات الإرادة يزيد وينقص ، بخلاف متعلقات المشيئة ، فإنها على حالها أزلا وأبدا ، لأن المشيئة متعلقة بالكليات لا بالجزئيات ، والكلي لا يوصف بالزيادة والنقصان .
ومن تتبع مواضع استعمالات ( الإرادة ) في القرآن يعلم أن الإرادة يتعلق بإيجاد المعدوم ، لا بإعدام الموجود ، بخلاف ( المشيئة ) ، فإنها متعلقه بالإيجاد والإعدام .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء ) "المعنى" ظاهر .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

الفصّ اللّقماني
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية

قال رضي الله عنه :  ( إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء  .. وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء  .. مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء ... يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء .... فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء  )

أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالإحسان الذي هو رؤية ربه في كل شيء ، ورؤية الحق صور أسمائه وآثارها في الخلق ، وكل ذلك عن إحسان الحق بمشيئته لا بطريق الوجوب عليه ، ويتبع هذا الإحسان الإحسان الذي هو بمعنى فعل ما ينبغي لما ينبغي ، فيحصل لصاحب الإنسان الأول لا محالة ،
وإن كان قد لا يحصل لصاحب هذا الإحسان الإحسان بالمعنى الأول ، وهو يفيد زيادة أنس أيضا ولتبعية الإحسان بالمعنى الثاني للإحسان بالمعنى الأول أورده الشيخ رحمه اللّه وإن كان فيه ما هو أساس الإحسان بالمعنى الأول ،

فظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى لقمان عليه السّلام ، إذ أوتي الحكمة المستلزمة لإيتاء الخير الكثير الذي لا يكمل إلا بالرؤيتين المذكورتين .
وقد أشار إليهما لقمان عليه السّلام في حكمته المنطوق بها والمسكوت عنها ، فنطق بما يدل على رؤيته وسكت عن رؤيتنا إياه بطريق التصريح ،

فأشار رحمه اللّه إلى وجه كونهما من الخير الكثير من حيث إنهما كمال غير واجب عليه بل حاصل بمشيئته ، فيكون إحسانا وتفضيلا ؛ ذلك لاستغنائه بكماله الذاتي عن طلب كمال آخر ، لكن من شأن الكامل
التفضل بالتكميل ، وهو إنما يكون بالمشيئة لكنها محل لوجوب اعتبار الوحدة في صفاته سيما التي قربت منه ، وكانت بلا اعتبار واسطة صفة أخرى بحسب التعقل ، وإن كان الكل معا في الوجود ؛ فلابدّ من أمر يفصلها في تعقلها بجزئيات الأكوان ، وهو الإرادة ؛


(إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء) 
فقال رضي الله عنه  : ( إذا شاء الإله يريد ) أي : يريد ( رزقا له ) ، أي : كمالا لأسمائه بإخراج ما فيها بالقوة من صورها وآثارها إلى الفعل ، وإن كانت غنية عنها بحسب تعلقها بالذات ،
فقال رضي الله عنه  : ( فالكون ) أي : الوجود الجاذب ( أجمعه غذاء ) كمال لها وراء الكمال الذي لها في ذواتها مع غناها به نفي هذا الكمال ،

(وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء)
وإن شاء الإله ( يريد رزقا لنا ) بتكميلنا ، ( فهو ) أي : ( الغذاء ) فرؤيته في كل شيء هو الكمال لنا ، لكن ليست رؤيته على ما هو عليه ، بل ( كما شاء ) على تفاوت استعداد الرائين منا . ثم أشار إلى سبب جمعه بين المشيئة والإرادة وإيقاع المشيئة عليها بقوله :


(مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء)
 ( مشيئته ) ، وهي الصفة المرجحة أحد طرفي المقدور ، فهي وإن كانت مجملة لوحدتها باعتبار تعلقها بالذات بلا اعتبار واسطة ؛ فهي ( إرادته ) المتصلة من حيث التعلق بجزئيات الأكوان ، وهذا التعلق للإرادة من المشيئة ، ( فقولوا : بها ) أي : المشيئة ( قد شاءها ) أي : شاء تعلق الإرادة ، فهي أي : الإرادة وإن كانت قديمة ، كأنها ( هي المشاء ) بفتح الميم مصدر ميمي أريد به اسم المفعول وإذا لم يؤنثه ، وإنما كانت إرادته تفصيلية ؛


(يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء)
لأنه ( يريد زيادة ) في بعض الأكوان ، ( ويريد نقصا ) في البعض الآخر ، ( وليس مشاؤه ) أي : متعلق مشيئة الحق من حيث وحدتها ( إلا المشاء ) أي : إلا الذي شاءه من الإرادة ، فإنها واحدة وإن كانت مفصلة التعلق ، ولا يمكن اعتبار ذلك فيما قرب من الحق لغلبة الوحدة هناك بخلاف ما كان له بالواسطة .

(فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء)
فقال رضي الله عنه  : ( فهذا الفرق ) من الإجمال والتعلق والتفصيل فيه ( بينهما ) أي : بين المشيئة والإرادة ، ( فحقق ) أي : قل فيه بالتحقيق فلا يتوهم جواز التفصيل في تعلق الوصف الأقرب مما لحق ، ( ومن وجه ) أي : ومن حيث أن كلا منهما صفة ترجح أحد طرفي المقدور ، ( فعينهما ) أي : حقيقتهما ( سواء ) ؛
 ولذلك صح قولنا : مشيئته إرادته وصح ، فلا يجوز إطلاق كل منهما بدل الآخر ، وإذا كانت الكمالات بالمشيئة كان إيجادها والاطلاع عليها من الإحسان الذي هو الخير الكثير اللازم للحكمة بدليل أنه..


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فصّ حكمة إحسانيّة في كلمة لقمانيّة

( الإحسان ) لغة يقال على وجهين : أحدهما الإنعام على الغير ، والثاني إحسان في فعله ، وذلك إذا علم علما حسنا أو عمل عملا حسنا .
وعلى هذا قول أمير المؤمنين : « الناس أبناء ما يحسنون » أي منسوبون إلى ما يعلمونه ويعملونه من الأفعال المعجبة لهم ، وقوله تعالى : “  الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَه ُ [32 / 17 ].

وتحقيقا : على إظهار الحسن، يعني ما فيه النسبة الكماليّة التي هي مبدأ الحياة والحمد، فإنّ الإحسان له تلويح بيّن على السين والحاء باسميهما ،
والأوّل كاشف عن تمام النسبة ،
والثاني على كمال إظهارها كما مرّ تحقيقه فهو أوثق نسبة بين الحقّ والعبد وأظهرها ،
كما قال تعالى :" وَمن يُسْلِمْ وَجْهَه ُ إِلَى الله وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى "  [ 31 / 22 ] .

وقال صلَّى الله عليه وسلَّم : « الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنّه يراك ».رواه البخاري ومسلم وأين ماجه وغيرهم.
 فإنّه قد اعتبر في مفهومه النسبة بأبلغ وجه ، كما هو مؤدّى عبارته الختميّة ، حيث صرّح بالتشبيه الذي هو النسبة الكماليّة بين أمرين ، الجامعة لوجوه المناسبات بالرؤية التي هي أبين نسبة بين الحقّ والعبد ، ثمّ كرّر المنتسبين ثلاث مرّات إبانة لأمر تلك النسبة في صورة تمام الإظهار .

تسمية الفصّ
ثمّ إنّه لغلبة سلطان هذه النسبة على الكلمة اللقمانيّة تراه - عند إبلاغه نبأه الكمالي وإظهاره حكمه الحسنة - مخاطبا لابنه خطاب شفقة وعطوفة ، وبيّن أن الخطاب هو أقرب النسب بين الرسول والمرسل إليه ، كما أنّ الابن الذي هو المخاطب فيه مختصّ بأوثق النسب ، مؤدّى في صيغة تصغير الإشفاق ، الدالّ على كمال تلك النسبة ،
وبيّن أنّ النسبة كماله الأتمّ في الوثاقة وقوّة الربط أن يؤول أمرها إلى الاتّحاد بين منتسبيها بغلبة وجوه الجمع على ما به الامتياز كالاغتذاء مثلا ، فإنّه إنما يتحقّق عند جعل الغذاء جزء للمغتذي متّحدا به في صورته الشخصيّة التي بها أصبح واحدا كلَّا .

ومن ثمّة صدّر هذا الفصّ اللقمانيّ بتحقيق تلك النسبة الغذائيّة بين الحقّ والخلق لما بينهما من النسبة الظاهرة لفظا ، ولما عرفت من قرب تأدّيها للكشف عن الوجوه الجماليّة التي هو بصدده هنا .

وأيضا في الصورة النظميّة من النسبة الوثيقة الجمعيّة ما ليس في النثر ، فهو اللائق بتحقيق أمرها ، كما هو مؤدّى الكلمة اللقمانيّة فقال :


( إذا شاء الإله يريد رزقا ....  له ، فالكون أجمعه غذاء )
مفصحا عن مبدأ تلك النسبة من حضرة الأسماء ، يعني المشيئة والإرادة اللتين بهما يتحقّق الشيء والمراد ، وما يدور به أمر ظهوره من الأحكام والخصائص فالمشيئة لها تقدّم - كما سبق في المقدّمة .

ثمّ إنّك قد عرفت أنّ نسبة القرب بين الخلق والحقّ تارة في صورة الفرض القطعي ، وهو أن يتوجّه المشيئة والإرادة نحو الكون الدائر في دائرة إحاطته وجمعيّته ، إلى أن يغتذي به الحقّ ، فهذا إشارة إليه وأخرى في صورة النفل الزائد ، وهو أن يتوجّها نحو رزاقيّة الحقّ إيّاه ، ليغتذي به الخلق ،

 

وإليه أشار بقوله :( وإن شاء الإله يريد رزقا  .... لنا، فهو الغذاء كما يشاء )
أيّ يكون المشيئة متوجّهة إليه ، فهو الشيء .
ثمّ بعد تحقيق أمر النسبة بين الحقّ والخلق يريد إبانة ما بين مبدأيهما من النسبة - يعني المشيئة والإرادة - بوجهي جمّيتهما وافتراقهما ، فإلى الأولى منهما أشار بقوله :


مشيئة الحقّ إرادته
( مشيئته إرادته ) ، أي هما متّحدان عند نسبتهما إلى الهويّة الذاتيّة ، ولكن للمشيئة تقدّم على الإرادة تقدّم إحاطة وشمول ، كما نبّهت عليه في المقدّمة عند الكلام في ترتيب الأسماء وإنّ المشيئة هي توجّه الذات نحو حقيقة الشيء وعينه ، اسما كان أو وصفا أو عينا ، والإرادة تعلَّقها بتخصيص أحد الجائزين من الممكن ، فتكون الإرادة مما يتعلَّق به المشيئة ،
وإليه أشار بقوله : ( فقولوا . بها ) أي بالإرادة ، فإنّ التغاير بينهما اعتباريّ إنما يظهر حكمه في القول والعقل فقط ، دون العين ( قد شاءها ، فهي المشاء ) بفتح الميم ، اسم مفعول من المشيئة على غير القياس هذا جهة جمعيّتهما ، وأما جهة الفرق ،

 
فقد أشار إليه بقوله :( يريد زيادة ويريد نقصا  .... وليس مشاءه إلَّا المشاء )
أي متعلق الإرادة قابل للزيادة والنقص ، حيث أنّها تعلَّق الذات بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن ، دون المشيئة ، فإنّ متعلَّقها ذات الشيء ، وهي بحالها فـ « المشاء » هاهنا مصدر ميمي ، ولو جعل الأول مصدرا والثاني اسم مفعول ، له معنى .


( فهذا الفرق بينهما ، فحقّق ....  ومن وجه ، فعينهما سواء )
لأنّه لا تمايز بينهما في العين كما عرفت .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
إذ شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء )

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذا شاء الإله يريد رزقا ... له فالكون أجمعه غذاء .. وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء)

فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
لما كان لقمان عليه السلام آتاه اللّه الحكمة والإحسان ، فعل ما ينبغي فعله لما ينتهي كما ينبغي وهو من لوازم الحكمة سميت حكمته إحسانية ونسبت إليه ( إذا شاء الإله يريد رزقا . . له فالكون أجمعه غذاء ) له .
اعلم أن المشيئة توجه الذات الإلهية نحو حقيقة الشيء ونفسه اسما كان ذلك الشيء أو صفة أو ذاتا ، والإرادة تعلق الذات الإلهية بتخصيص أحد الجائزين من طرفي الممكن أعني وجوده وعدمه فعلى هذا إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة واقتضت تعلقها بأحد طرفي الممكن كما هو مقتضاها لا يبعد أن يسمى ذلك التوجه والاقتضاء مشيئة الإرادة ،

فهذا وجه تعلق المشيئة بالإرادة ، فمعنى البيت إذا توجهت الذات الإلهية نحو صفة الإرادة لتتعلق بتخصيص وجود الرزق وترجيحه على عدمه ليكون رزقا للّه تعالى ، فالكون أي المكونات بأجمعها غذاء له سبحانه ،

وإنما كانت المكونات غذاء له ، لأنه تعالى من حيث أسماؤه وصفاته لا يظهر في الأعيان إلا بها ، كما أن ذات المغتذي لا تنمو إلا بالغذاء ، فظهور أسمائه وصفاته بالمكونات بمنزلة نماء المغتذي فإنهما يشتركان في معنى الزيادة على الذات ،

وإذا كان الفعل الذي وقع في بيان معنى الإحسان منقسما إلى الفرائض والنوافل ، والفرائض تورث قربا يكون العبد فيه باطنا والحق ظاهرا ،
والنوافل تورث قربا يكون الحق فيه باطنا والعبد ظاهرا ونسبة الباطن إلى الظاهر حيث كان نسبة العبد إلى المغتذي ، فتارة يكون العبد رزقا للحق وتارة يكون الحق رزقا للعبد ، فلا يبعد أن يكون هذا البيت إشارة إلى قرب الفرائض الذي يكون الحق فيه ظاهرا والعبد باطنا ، كما لا يبعد أن يكون البيت الثاني إشارة إلى قرب النوافل الذي يكون العبد فيه ظاهرا والحق باطنا ،

فقوله : يريد رزقا مفعول المشيئة بحذف أن الناصبة وأثرها ( وإن شاء الإله يريد رزقا . . لنا فهو الغذاء كما يشاء ) لاختفائه بصورتنا كما أن الغذاء يختفي بصورة المغتذي ، لأن إيجاده للموجودات ليس إلا اختفاءه بصورتها

قال الشيخ رضي الله عنه :  (
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
يريد زيادة ويريد نقصا ... وليس مشاءه إلّا المشاء
فهذا الفرق بينهما فحقّق ... ومن وجه فعينهما سواء)

(مشيئته إرادته ) لأنهما متجهتان بالنسبة إلى هويتها الغيبية الذاتية ولكن للمشيئة تقدم ذاتي على الإرادة كما عرفت ( فقولوا : بها ) ، أي كونوا قائلين بالإرادة ومغايرتها للمشيئة لكان ذلك التقدم وقول ( قد شاءها فهي المشاء ) ، حال من الضمير في بها إشارة إلى تعليل القول بمغايرة الإرادة للمشيئة ، فإنه لو لم يكن بينهما مغايرة كيف تتعلق المشيئة بالإرادة ، ويحتمل أن يكون المعنى : فقولوا يسبب له الإرادة ومغايرتها للمشيئة بواسطة تقدمها الذاتي هذا القول أعني قد شاءها فهي المشاء فيكون هذا القول على هذا التقدير مقول القول .

وكان المشاء في موضعه الأول والثاني من هذه الأبيات في النسخة المقروءة عليه رضي اللّه عنه مقيدا بضم الميم في موضعه الثالث بفتحها ، وكأنه بضم الميم اسم مفعول من الثلاثي على صيغة من المزيد على خلاف القياس ويحتمل المصدرية ،

لأن قياس المصدر الميمي من المزيد صيغة اسم المفعول وبفتح الميم مصدر ميمي من الثلاثي ويحتمل أن يكون بمعنى اسم المفعول ( يريد زيادة ) ، أي يزيد تارة زيادة الوجود عن الماهية وهي الإيجاد ( ويريد ) تارة ( نقصا ) ، أي نقص الوجود عن الماهية وهي الإعدام ،
فالإرادة إذا تعلقت بالماهية يرجح تارة جانب وجوده وتارة جانب عدمه بخلاف المشيئة فإن متعلقها نفس الماهية من غير ترجيح أحد جانبيها وإلى هذا أشار بقوله ( وليس مشاءه إلا المشاء ) ،

أي وليس متعلق المشيئة في الحالين النفس متعلق المشيئة لما عرفت ، أوليس المشيئة إلا المشيئة في الحالين لعدم التغير في متعلقها ، وإنما قدر الميم من المشاء في موضعه الثالث بالفتح لئلا يلزم الإيطاء أعني التكرر في القافية وهو مرفوع على أنه اسم ليس ،
والمقدم عليه منصوب على أنه خبرها ولا يجوز العكس ، وإلا يلزم الإقواء في القافية وهو اختلاف الروي بالحركة .

( فهذا ) ، أي الذي ذكرنا من التقدم الذاتي للمشيئة على الإرادة وإمكان الاختلاف في متعلق الإرادة دون المشيئة هو ( الفرق بينهما فحقق . . ومن وجه ) وهو وجه اتحادهما بالنسبة إلى الهوية العينية الذاتية ( فعينهما سواء .)

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:24 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

قال رضي الله عنه :  ( قال اللّه تعالى :" وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ" [ لقمان : 12 ] " وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً" [ البقرة : 269 ] .  فلقمان بالنّصّ ذو الخير الكثير بشهادة اللّه تعالى له بذلك . والحكمة قد تكون متلفّظا بها وقد تكون مسكوتا عنها . مثل قول لقمان لابنه :" يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ" [ لقمان : 6 ] . فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل اللّه هو الآتي بها ، وقرّر ذلك اللّه في كتابه ، ولم يردّ هذا القول على قائله . )

(قال اللّه)  تعالى : (" وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ") [ لقمان : 12]. وهو عبد حبشي لداود عليه السلام أعطاه اللّه تعالى الحكمة لا النبوّة على الأكثر ، وقيل : النبوّة ، ويؤيده ذكره هنا مع الأنبياء عليهم السلام .

وقد قال تعالى في الحكمة : يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشاءُ ("وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً") [ البقرة: 269 ].  أي لا نهاية له لظهوره إلى الأبد فلقمان عليه السلام (بالنص) من القرآن (ذو) ، أي صاحب (الخير الكثير بشهادة اللّه تعالى بذلك) في أنه آتاه الحكمة وكل من آتاه الحكمة فقد آتاه خيرا كثيرا (والحكمة) المذكورة (قد تكون متلفظا) بصيغة اسم المفعول (بها) ، أي قد تكلم بها صاحبها (وقد تكون مسكوتا عنها) بأن لا يتكلم بها صاحبها .

فالحكمة الأولى (مثل قول لقمان عليه السلام لابنه) كما حكى تعالى ذلك عنه فقال سبحانه : ("يا بُنَيَّ إِنَّها ") هو ضمير القصة نظير ضمير الشأن المذكور ("إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ ") ، أي تلك الحبة (" فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا") ، أي بتلك الحبة ("اللَّهُ [ لقمان : 16 ] فهذه حكمة منطوق بها") حيث تكلم بها لقمان عليه السلام .

(وهي) ، أي تلك الحكمة (أن جعل اللّه) تعالى (هو الآتي بها) ، أي بتلك الحبة المذكورة (وقرر) ، أي أثبت وحقق (اللّه) تعالى (ذلك) ، أي قول لقمان عليه السلام هذه الحكمة (في كتابه) تعالى وهو القرآن العظيم (ولم يرد) تعالى (هذا القول) المذكور (على قائله) لقمان عليه السلام .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )


قال رضي الله عنه :  ( قال اللّه تعالى :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [ لقمان : 12 ] ،وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً[ البقرة : 269 ] ، فلقمان بالنص هو ذو الخير الكثير بشهادة اللّه له بذلك ) أي بكونه ذا الخير الكثير .

قال رضي الله عنه :  ( والحكمة قد تكون متلفظا بها وقد تكون مسكوتا عنها ) أما الحكمة المتلفظ بها ( مثل قول لقمان لابنه يا بُنَيَّ إِنَّها) أي القصة (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ، فهذه حكمة منطوق بها وهي إن جعل اللّه هو الآتي بها وقرّر اللّه ذلك ) الكلام ( في كتابه ولم يردّ هذا القول على قائله ) مع أن الإتيان يضاف إلى العبد أيضا ولم يقل الحق للقمان ليس الأمر كما قلت فدل ذلك على أن كل آتي الحبة عين الحق من جهة الحقيقة .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

قال رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك. والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله». فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

وقد بين الحكمة المنطوق بها ، والحكمة المسكوت عنها، 
وبين بعد ذلك أن المؤتي به من السماء أو من الأرض إنما هو الحق تعالى، 
فهو إذن الغذاء لنا كما ذكر ونحن الغذاء له كما شرح، 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم
وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
 

ثم ذكر بعد ذلك حكمة وصية لقمان لابنه في قوله لا تشرك بالله وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

قال رضي الله عنه  : ( قال الله - تعالى : " وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ "  ،" وَمن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً " [البقرة : 269 ]، فلقمان بالنصّ هو ذو الخير الكثير ، لشهادة الله له بذلك ، والحكمة قد تكون متلفّظا بها ومسكوتا عنها ) .
يعني : أنّ النطق في موضعه حكمة ، والسكوت أيضا في الموضع الأليق الأنسب بذلك كذلك حكمة ، كما سكت لقمان عن سؤال داوود عليه السّلام في صنعة السرد وعمل الدروع بمحضر من لقمان ، فلم يسأله عنه وسكت، حتى إذا أتمّه وأكمله داوود ، فأفرغه على لقمان،

فقال لقمان : نعم الآلة للحرب ، فقيل : إنّه قال له داوود عند ذلك : الصمت حكمة .
فمثل هذا السكوت لعمر الله حكمة يدفع بها الاستعجال ، ويورث التؤدة والوقار .

قال رضي الله عنه  : ( مثل قول لقمان لابنه :   " يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّماواتِ أَوْ في الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله " [لقمان : 16] ، فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل الله هو الآتي بها ، وقرّر ذلك الله في كتابه ، ولم يردّ هذا القول على قائله . )
يعني في   " يَأْتِ بِهَا الله " فالإتيان بها عامّ من الله من كلّ مكان .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

 
قال الله تعالى : ( ولَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ) ، وقال : ( ومن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً )  
قال رضي الله عنه :  (فلقمان بالنص هو ذو الخبر الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك ، والحكمة قد تكون متلفظا بها ، وقد تكون مسكوتا عنها )
 أي حيث يكون الحال يقتضي النطق فالحكمة متلفظ بها ، فإن النطق في موضعه حكمة ، ومن حيث يقتضي الحال السكوت ، فالحكمة مسكوت عنها لأن السكوت في موضعه حكمة ، كما سكت لقمان عن سؤال داود حين رآه صنع الدرع ، فأراد أن يسأل ما هو فسكت ولم يسأل حتى أتمه فلبس ،
فقال : نعم لبوس الحرب هذا ، 
فقال لقمان : نعم الخلق الصبر ،
فقال داود : الصمت حكمة ، وقيل إنه قال لأجل هذا سمى حكيما ، فمثل هذا السكوت ينبئ عن التؤدة وانتفاء الاستعجال الطبيعي .


قال رضي الله عنه :  ( مثل قول لقمان لابنه : " يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ أَوْ في السَّماواتِ أَوْ في الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا الله " - فهذه حكمة منطوق بها ، وهو أن جعل الله هو الآتي بها وقرر ذلك الله في كتابه ولم يرد هذا القول على قائله )

وفي نسخة أو إلى غيرك ، ولا في النسخة الأولى تأكيد لقوله ، ولا قال وفي ولا قال تأكيد للنفي « في » فما ذكره ، ومعناه ولا قال إلى غيرك فيكون معناهما واحدا .

 
 "" إضافة بالي زادة :
( ولم يرد هذا القول على قائله ) مع أن الإتيان يضاف إلى العبد أيضا ، ولم يقل الحق ليس الأمر كما قلت فدل ذلك على أن كل آتى الحبة ؟ عين الحق من جهة الحقيقة .أهـ بالى زاده. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )


قال رضي الله عنه :  ( قال الله تعالى : "ولقد آتينا لقمان الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا" ) .
فلقمان بالنص هو ذو الخير الكثير بشهادة الله له بذلك و ( الحكمة ) قد تكون متلفظا بها وقد تكون مسكوتا عنها . ) وذلك لأن المحل قد يقتضى إظهارها ، كالأحكام الشرعية ، وقد يقتضى سترها ، كالأسرار الإلهية التي سترها الحق عن الأغيار .

"" أضاف المحقق :
واعلم ، أن الشيخ رحمه الله ذكره للقمان في جمع الأنبياء ، والتزامه رضي الله عنه بذلك ، يدل
على أنه عليه السلام كان نبيا .
وأكثر أرباب العلم يعتقدون أن لقمان كان وليا ، لأنه أعطاه الله الحكمة .
وقيل إنه عليه السلام كان نبيا ويدل عليه قوله تعالى : "ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " . أي لا نهاية له .
وهو عليه السلام كان عبدا حبشيا لنبي الله داود عليه السلام ، وأفاض الله عليه الحكمة . ووصوله إلى هذا المقام وهبي ، لا كسبي ، وأعطاه الله الخير الكثير من جهة استحقاقه الذاتي . ومن لا يصدق أو لا يذعن بنبوته ، لا بد أن يعترف بولايته . أهـ ""

فالمنطوق بها : ( مثل قول لقمان لابنه : " يا بنى إنها " أي ، أن ( القصة ) ( "إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله " . )
فهذه حكمة منطوق بها .

"" أضاف المحقق :
قوله عليه السلام : ( يا بنى إنها . . . ) هو ضمير ( القصة ) . نظير ضمير الشأن المذكور . وبه صرح العارف الجامي وغيره. وبعضهم أرجع الضمير إلى (الحبة). ولا يخفى بشاعته .""
( وهي أن جعل الله هو الآتي بها . ) أي ، جعل لقمان ، الله آتيا بتلك الحبة .
( وقرر ذلك ) الكلام . ( الله تعالى في كتابه ، ولم يرد هذا القول على قائله . )

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:25 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )

قال رضي الله عنه :  ( قال اللّه تعالى :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ [ لقمان : 12 ] ،وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً [ البقرة : 269 ] ، فلقمان بالنّصّ ذو الخير الكثير بشهادة اللّه تعالى له بذلك ، والحكمة قد تكون متلفّظا بها وقد تكون مسكوتا عنها ، مثل قول لقمان لابنه :يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ [ لقمان : 6 ] ؛ فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل اللّه هو الآتي بها ، وقرّر ذلك اللّه في كتابه ، ولم يردّ هذا القول على قائله ).


قال رضي الله عنه :  (قال اللّه تعالى :"وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ" [ لقمان : 12 ] ، وقال :"وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً" [ البقرة : 269].)
لأن الحكمة هي العلم بحقائق الأشياء وخواصها ، والعمل بمقتضاها ، وجميع الكمالات منوطة بها ، ( فلقمان بالنص ) الوارد في الموضعين ( ذو الخير الكثير بشهادة اللّه تعالى ) ، إذ ذلك نتيجة نصيه التي إحداها صغير الشكل الأول والثاني كبيره ، فهي وإن لم تكن مذكورة بالفعل ، فهي مفهومة قطعا من كلامه ، فصارت شهادة إلهية ، وهي أقوي من البرهان العقلي .


ثم أشار إلى أن من كمال حكمته أن جمع المقصود الكلي من نوعي الحكمة المنطوق بها ، والمسكوت عنها في ألفاظ يسيرة ناطقا بالمنطوق بها صريحا مشيرا إلى المسكوت عنها بإشارات لطيفة بقوله : ( والحكمة قد تكون ملفوظا بها ) إذ لا يتضرر بها أحد سمعها ، ( وقد تكون مسكوتا عنها ) لتضرر العامة بسماعها ، فيشار إليها بالإشارات اللطيفة للخاصة .

""أضاف الجامع :
مسكوت عنها للإمتناع  أحياننا أو لصعوبه تجلي أنوار وظلال صورها وسريانها في أرواح وعقول الكثير من العامة . فالحقائق لها مواقيتها المرقومة من القدم وهى تختلف من إنسان للآخر حسب استعداده منذ "الست بربكم" فيجب تفهم مراعاتها للحكمة الإلهية في توالي تطور خلقه منذ ألست وحتى يبعثون وما بعد يبعثون .أهـ "".


فقال رضي الله عنه  : ( مثل قول لقمان لابنه ) ؛ ليصير حاملا سر كماله ، فإن الولد ، وإن كان سر أبيه فلا تظهر هذه الأسرار فيه إلا بالولادة المعنوية دون الولادة الطبيعية ؛
فلذلك قال :( يا بُنَيَّ ) بالتصغير إشارة إلى أن ولادته لم تتم ( إِنَّها ) أي : القصة ، أبهم الضمير ليدل على علو شأن المذكور بعدها بحيث لا يصل إليه فهم كل أحد ولا علمه ،( إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ) أشار بعمومها إلى عموم تعلق القدرة والعلم والظهور الإلهي بها ،( فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ ) التي هي عليها السماوات والأرض ،
فقال رضي الله عنه  : ( أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ ) أشار بعموم مكانها إلى عموم سلطنته وعلمه وظهوره فيها أيضا ( يَأْتِ بِهَا اللَّهُ )[ لقمان : 16 ] أشار بذلك إلى وحدة الفاعل في الكل.


فقال رضي الله عنه  : ( فهذه ) الدلالة على وحدة الفاعل ( حكمة منطوق بها ) ، ثم بينها بقوله : ( وهي أن جعل اللّه هو الآتي بها ) ؛ لئلا يتوهم أن منها الدلالة على عموم العلم والقدرة ، إذ يعترف بذلك كل مؤمن من العامة مع أنهم ليسوا من أهل الحقائق ، فليسوا من أهل الحكمة بخلاف وحدة الفاعل ، إذ تنكرها المعتزلة ، ويختص بمعرفتها على الكمال أهل الحكمة الجامعون بين القدر والشرع ، ( وقرر ذلك اللّه ) إذ أورده ( في كتابه ) لصدقه في نفس الأمر مع عدم تضرر أحد بسماعه ، وأما ما يتوهم فيه من التخيير ، ونفي التكليف ، فليس بلازم له ، فإن هذا جهة الإيجاد ، وإنما التكليف من جهة الاكتساب ،

وهذا الإيجاد متوقف على اكتسابه بحسب السنة الإلهية ، إذ لا يفعله الحق قبل اختياره فلا ينافي التكليف المنوط باختياره واختباره ، وإن كان عن إيجاد الحق الداعية فيه ، فلا يؤخذ الحق فيه إلا باقتضاء عينه أن يوجده فيه بحسب السنة أيضا ،

وإنما قلنا قرر في كتابه ؛ لأنه ( لم يرد هذا القول على قائله )، ولو كان مردودا عند اللّه لوجب رده ، ولو كان مما يتضرر إظهاره لم يحكه صريحا في كتابه الذي خاطب به كل أحد ، وأكثر ما أورد فيه من الأسرار بطريق الإيماء أو في الألفاظ المتشابهة مع منع العامة عن تعوضها تخصيص فهمها للراسخين .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )
 

اختصاص لقمان بالإحسان
ثمّ إنّه يريد أن يبيّن وجه اختصاص الكلمة المذكورة بالحكمة الإحسانيّة التي هي إظهار ما هو حسن - أي ذو نسب كماليّة - بقوله : ( قال الله تعالى : "وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ " [لقمان :12 ] . " وَمن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً " [البقرة : 269]  )
 وفي هذين اللفظين من الإشعار بالنسبة الكماليّة المذكورة ما لا يخفى ، فلذلك صرّح بالمقصود في قوله : ( فلقمان بالنصّ هو ذو الخير الكثير ، بشهادة الله تعالى له بذلك )
إبانة لما هو بصدده من إثبات النسبة الكماليّة المذكورة للقمان وقد أدرج في طيّ عبارته هذه مفهومات ذات نسب شهادة بذلك .
ثمّ إنّ الإظهار المذكور قد يكون بصورة النطق والإفصاح ، وقد يكون بصورة الإشارة والسكوت على ما هو مقتضى كل حكمة، بما لها من الموطن والزمان كما قيل "ابن الفارض":
ولولا حجاب الكون قلت وإنما .... قيامي بأحكام المظاهر مسكتي
وقيل : " وما كل ما أملت عيون الضبي يروى "

 

الآتي بكل شيء هو الله تعالى
فأخذ في تبيين القسمين بقوله :
قال رضي الله عنه : (والحكمة قد تكون متلفّظا بها ، ومسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه)
فيما هو بصدده من أمر التغذية ، وجعل الغذاء فيها متّحدا بالمغتذي وأنّ الآتي به من مستجنّ البطون إلى مجالي الشهادة هو الله تعالى مظهرا إيّاه ، منطوقا به :
(" يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ ") أي مقدارا يقدّر به الكميّة العدديّة من موزونات الأشياء ، فهو أصغر المقادير من الصورة المشخّصة الحبيّة من جنس الخردل الذي هو أصغر الحبوب المقتاتة وأبعدها نسبة إلى الاتّصال الغذائي لغلبة المزاج الدوائي عليه ، المانع عنه من التقطيع الذي يستتبع تنفيذ الكيموسات اللزجة .

 ويقال من اللغة : « خردلت اللحم » أي قطعته قطعا فإذا كان هذا المقدار من حبّة من هذا الجنس البعيد عن الاتّصال الغذائي والامتزاج الوحداني ، ويكون في أبعد المواضع للتناول ( "فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ ") هي أصلب المركَّبات وأشدّها منعا لاستخراج ما فيها يعني المادّيات المزاجيّة المانعة لخروج ما فيه ،

("أَوْ في السَّماواتِ") من البسائط العلى ، يعني المجرّدات المنزّهة عن الموادّ التي هي أبعد منها ، ("أَوْ في الأَرْضِ ") وهي أرض القابليّة الأصلية التي تنزل منها المتحرّك نحو الظهور إلى السماء - وكأنّك قد نبّهت عليها فله زيادة البعد، ("يَأْتِ بِهَا الله ") [ 31 / 16 ] 
 للامتزاج الجمعي والاتّصال الوحدانيّ الغذائيّ فكيف بما دونه والآتي المحرّك له هو الله .


قال رضي الله عنه : (فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل الله هو الآتي بها ) بناء على الأصل الممهّد أنّ المؤثريّة وما يتفرّع عليها مرجعها إلى الحقّ عند تفصيل الأحكام وتمييز الطرفين من الحقّ والعبد ، فذلك هو الذي يصلح لأن يثبت على صحائف الإعلان ، ويقرّر في منابر البيان ، ولذلك نطق به : ( وقرّر الله ذلك في كتابه ، ولم يردّ هذا القول على قائله ) لا عقلا ولا شرعا.

 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».  فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا القول على قائله.  )


قال رضي الله عنه : ( قال اللّه تعالى :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ[ لقمان : 12 ] وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً[ البقرة : 269 ] . فلقمان بالنّصّ ذو الخير الكثير بشهادة اللّه تعالى له)
قال اللّه تعالى : ( وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ، فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة اللّه له)


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( بذلك . والحكمة قد تكون متلفّظا بها وقد تكون مسكوتا عنها .
مثل قول لقمان لابنه : يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ [ لقمان : 6 ] . فهذه حكمة منطوق بها ، وهي أن جعل اللّه هو الآتي بها ، وقرّر ذلك اللّه في كتابه ، ولم يردّ هذا القول على قائله . )
(بذلك ) ، أي بكونه ذا الخير الكثير .

( والحكمة قد تكون متلفظا بها ) كالأحكام الشرعية ( وقد يكون مسكوتا عنها ) كالأسرار الإلهية المستورة عن غير أهلها فالمنطوق بها ( مثل قول لقمان لابنهيا بُنَيَّ إِنَّها) ، أي القصة (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) بالرفع كما هو قراءة نافع وحينئذ كان تامة وتأنيثها لإضافة المثقال إلى الحبّة (مِنْ خَرْدَلٍ) ، أي مقدار ما هو أصغر المقادير التي توزن بها الأشياء من جنس الخردل الذي هو أصغر الحبوب المقتاتة 

(فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ) ، هي أصلب المركبات وأشدها منعا لاستخراج ما فيها (أَوْ فِي السَّماواتِ) مع بعدها (أَوْ فِي الْأَرْضِ) مع طولها وعرضها (يَأْتِ بِهَا اللَّهُ) [ لقمان : 16 ] للاعتداء بها ( فهذه حكمة منطوق بها وهي أن جعل ) ، أي لقمان ( اللّه هو الآتي بها وقرر اللّه ذلك في كتابه ولم يرد هذا القول على قائله ) لا عقلا ولا شرعا .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:25 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )


قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الحكمة المسكوت عنها وقد علمت بقرينة الحال ، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبّة ، فما ذكره وما قال لابنه يأت بها اللّه إليك ولا إلى غيرك ، فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السّموات إن كان ، أو في الأرض تنبيها لينظر النّاظر في قوله :وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ[ الأنعام :3 ].  فنبّه لقمان بما تكلّم به وبما سكت عنه أنّ الحقّ عين كلّ معلوم ، لأنّ المعلوم أعمّ من الشّيء فهو أنكر النّكرات . )


(وأما الحكمة) الثانية (المسكوت عنها) ، أي لم يتكلم بها صاحبها (وعلمت منه (بقرينة الحال) من كلامه أو غيره (فكونه) ، أي لقمان عليه السلام (سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة) المذكورة من هو من الناس .
(فما ذكره) ، أي لقمان عليه السلام في كلامه ذلك (وما قال) ، أي لقمان عليه السلام لابنه يأت بها) أي بالحبة (اللّه) تعالى (إليك ولا) قال (إلى غيرك) من الناس قصدا منه للعموم (فأرسل) أي لقمان عليه السلام الإتيان من اللّه تعالى (عاما) في كل من تنسب إليه تلك الحبة من العمل الصالح أو القبيح .
(وجعل) أي لقمان عليه السلام المؤتى به وهو الحبة (في السماوات إن كان أو في الأرض تنبيها) منه لابنه ولغيره (لينظر الناظر) من الناس (في) مضمون (قوله) تعالى المتأخر النزول عنه لوجود المعنى من قبل (وهو) ، أي الشأن اللّه سبحانه ظاهر بطريق التجلي (فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ") [ الأنعام : 3 ] .

وفي آية أخرى : "قُلِ انْظُرُوا ما ذا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" [ يونس : 101 ] وهي مفسرة بالأولى .
(فنبه لقمان) عليه السلام (بما تكلم به) من الحكمة (وبما سكت عنه) منها أن (الحق) تعالى (عين كل معلوم) سواء كان موجودا في نفسه كالذي في الأرض ، أو غير موجود في نفسه بل موجود في غيره كالذي في الصخرة ، أو كان معلوما لغيره كالذي في السماوات مما هو من علوم الملا الأعلى في تدبير ما يوجد في الأرض ،


والكل معلوم للأسباب الأول العالية كاللوح والقلم فهو أصل للكل لأن المعلوم أعم من الشيء الذي هو اسم للموجود فهو ، أي المعلوم أنكر النكرات ههنا لعمومه بالنسبة إلى الشيء الموجود وإن كان الشيء أنكر النكرات أيضا باعتبار آخر فهو أعم مما دونه لكن المعلوم أعم منه .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )

قال رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها ) قوله ( وعلمت ) معطوف على قول المسكوت باعتبار تضمنه بمعنى الفعل تقديره الذي سكت عنها وعلمت تلك الحكمة ( بقرينة الحال ) وجواب .
أما قوله ( فكونه سكت عن الموتى إليه بتلك الحبة فما ذكره ) أي لقمان المؤتى إليه
( ولا قال لابنه يأت بها اللّه إليك ولا إلى غيرك فأرسل لقمان الإتيان عاما ) أي لا يجعل متعلقا بشيء ( وجعل المؤتى به ) وهو حبة من خردل ( في السماوات ) وإن كان ذلك المؤتى به فيها ( أو في الأرض ) وإن كان ذلك فيها ( تنبيها ) بذلك الجعل .


قال رضي الله عنه :  ( لينظر الناظر في قوله "وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ " فنبه لقمان بما تكلم به ) وهو جعل المؤتى به في السماوات أو في الأرض وجعل الآتي هو اللّه .
قال رضي الله عنه :  ( وبما سكت عنه ) وهو سكوته عن المؤتى إليه ( أن الحق عين كل معلوم ) سواء كان موجودا أو معدوما .
قوله ( لأن المعلوم أعم من الشيء ) دليلا على تنبيهه بالمنطوق والمسكوت عنه من أن الحق عين كل معلوم ، لأن المراد بهذا التنبيه تعميم إحاطة الحق ، وهذا لا يتم إلا بما هو أعم .
ولو كان الشيء أعم من المعلوم لنبه به ، فقال إن الحق عين كل شيء فلو وجد أعم من المعلوم لأتي به وبهذا المعنى أشار بقوله فأرسل الإتيان عاما فما حذف المفعول إلا للتعميم

ولو قيل عين كل شيء لفات التعميم واختص إحاطة الحق وهو يخالف بما هو المفهوم من كلام لقمان من التكلم والسكوت فهذا التعميم ثبت من كلامه اقتضاء .
فاقتضى هذا الكلام أن الحق عين أعم الأشياء صدقا ولا أعم من المعلوم فكان عين كل معلوم
( فهو ) أي الشيء ( أنكر النكرات ) وأعلاها فاستوى المعلوم مع الحق في رتبة الإحاطة دون الشيء وغيره من النكرات.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )

قال رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك. فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».  فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات . )

 وقد بين الحكمة المنطوق بها ، والحكمة المسكوت عنها، وبين بعد ذلك أن المؤتي به من السماء أو من الأرض إنما هو الحق تعالى، فهو إذن الغذاء لنا كما ذكر ونحن الغذاء له كما شرح، 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.

ثم ذكر بعد ذلك حكمة وصية لقمان لابنه في قوله لا تشرك بالله وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )


قال  رضي الله عنه :  ( وأمّا الحكمة المسكوت عنها - وقد علمت بقرينة الحال - فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبّة ، فما ذكره ، وما قال  " لإبنه ":  يأت بها الله إليك أو إلى غيرك ، فأرسل الإتيان عامّا ) يعني في   " يَأْتِ بِهَا الله " فالإتيان بها عامّ من الله من كلّ مكان .

قال رضي الله عنه  : ( وجعل المؤتى به في السماوات إن كان أو في الأرض ، تنبيها لنظر الناظر في قوله : "وَهُوَ الله في السَّماواتِ وَفي الأَرْضِ " [الأنعام : 3 ] ، فنبّه لقمان بما تكلَّم به وبما سكت عنه أنّ الحق عين كل معلوم ، لأنّ المعلوم أعمّ من الشيء فهو أنكر النكرات ).

قال العبد : أمّا تنبيهه على أنّ الحق عين كل معلوم فمن حيث إنّ المعلومات إمّا علويات تسمّى سماويّات ، أو سفليات وهي الأرضيات :
فالسماوات الساميات العلويات حقيقة هي الحقائق والأعيان الأسمائيّة
والروحانية على كثرة اختلاف طبقاتها وصورها ومعانيها ومراتبها ، مع عدم تناهي شخصياتها في التعيّنات والنوعية ، فإنّها هي العلويات الأصلية البحتة .
والسفليات الحقيقية والأرضيات هي الحقائق الكونية ، لأنّها تحت أحكام الحقائق الإلهية الوجوبية ، فلحقائق الوجوب حقائق السماوات .
ثمّ الأرواح العلَّية الكلَّية العليّة الإلَّيّة المحيطة بإشراق نورها على العوالم الجسمانية ، والسفل للحقائق الكونية أوّلا ، لأنّها منفعلة عن الحقائق العلَّية العلَّية كما ذكرنا .

ثمّ عالم الأجسام ، فإنّها تحت آثار العقول والنفوس والأرواح ، وتحت أحكامها وتصرّفاتها .
ثمّ الأجسام ، منها العلويات أيضا كذلك وهي السماوات المعروفة عرفا وفي الحقيقة السماوات هي العلويات كلَّها ، والسفليات كلَّها أرضيات ،
فلمّا قال :" يَأْتِ بِهَا الله " [ لقمان: 16] ، أي بما في السماوات وما في الأرض من الرزق ، فقد جعله إلها رزّاقا من السماوات والأرض ،
والكائن في السماء سماوي ليس بأرضيّ والأرضي كذلك ، لكون الوجود متعيّنا بحسبه وبحسب موطن المعيّن ، فإن لم يكن موجودا مطلق الوجود والتعيّن والتصرّف والعلم ، محيطا بالعين بما في السماوات والأرض من المرزوقين والأرزاق ،

لم يتأتّ أن يأتي بما في السماوات إلى من في الأرض أو في السماء ، ولا بما في الأرض لمن في السماء أو في الأرض من أرزاق المرزوقين ، وإحاطة عين الوجود الحق بما في السماوات والأرض من الأعيان بأن يكون عينها ،
وإلَّا لا تكون إحاطة كلَّية مطلقة من العلم إلَّا بالعين لائقة بجناب الله تبارك وتعالى فهو من كونه عين المرزوق والرزق يأتي بما في السماوات والأرض من الرزق

وأمّا كون المعلوم أعمّ من الشيء فلأنّ الشيء هو الذي له وجود عيني وتحقّق في عينه ، والمعلوم يتناول ما له وجود عيني بل علمي ، فإنّ الموجودات معلومة للحق ، وكذلك علمه محيط بما لم يتحقّق له وجود ، فإنّ عينه يتعيّن به وفيه ، فالمعلوم أعمّ من الشيء .


قال بعض أهل النظر : قد يكون الشيء ثابتا وسمّى الماهيات أشياء ثابتة ،
فرجّح الشيخ  رضي الله عنه قول القائل بالأوّل ، ويعضده وإيّانا فيه التحقيق والنظر اللغوي ، فإنّ الشيء مشتقّ من المشيّة ،
كما قيل : كلّ شيء يشيّئه الله ، أي بمشيّته والشيء ما خصصته المشيّة ، وعيّنه الإيجاد من المعلومات ، وليس كل معلوم مرادا للإيجاد أو للإعدام ، وهو فعل بمعنى محلّ تعلَّق المشيّة ، وما يتعلَّق به المشيّة وما لا يتعلَّق به المشيّة ، فليس كل معلوم مرادا للإيجاد أو الإعدام ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )


قال رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها وعلمت بقرينة الحال فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة ، فما ذكره ولا قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك )
وفي نسخة أو إلى غيرك ، ولا في النسخة الأولى تأكيد لقوله ، ولا قال وفي ولا قال تأكيد للنفي « في » فما ذكره ، ومعناه ولا قال إلى غيرك فيكون معناهما واحدا .


 "" إضافة بالي زادة :
( ولم يرد هذا القول على قائله ) مع أن الإتيان يضاف إلى العبد أيضا ، ولم يقل الحق ليس الأمر كما قلت فدل ذلك على أن كل آتى الحبة ؟ عين الحق من جهة الحقيقة .أهـ بالى زاده. ""

قال رضي الله عنه :  ( فأرسل الإتيان عاما ، وجعل المؤتى به في السماوات إن كان أو في الأرض تنبيها ، لينظر الناظر في قوله تعالى :" وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الأَرْضِ " فنبه لقمان بما تكلم به وبما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم ، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات ) .
أي تنبيها على أن في السماوات والأرض هو الحق ، فالمعلوم في السماوات والأرض ليس غيره لأن المأتى به هو المعلوم في السماوات وفي الأرض ، والمعلوم في السماوات هو ما في الجهة العلوية من الحقائق العينية والاسمية والروحانية على اختلاف طبقاتها ،

والمعلوم في الأرض هو ما في الجهة السفلية من الحقائق الكونية والآثار الجسمية على اختلاف مراتبها كالعناصر والمواليد وأحوالها وهيئاتها ، فإنها تحت تصرف العوالم العلوية الإلهية وتأثيراتها ، وإنما جعل المعلوم أعم من الشيء لأن الشيء عنده هو الذي له وجود عيني ، والمعلوم يتناول ما له وجود عيني وما ليس له وجود عيني ،

فإن علمه محيط بالكل ، فالمعلوم أعم من الشيء ، وأما عند من جعل الشيء أعم من المتعين الخارجي والعقلي فالمعلوم والشيء يتساويان ، لأن الثابت في العلم شيء كالأعيان الثابتة ، وهو أرجح لقوله :" إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه أَنْ نَقُولَ لَه كُنْ فَيَكُونُ ".
فإنه تعالى أطلق قبل الكون على العين اسم الشيء وخاطبه بقوله « كُنْ » فيترتب الأمر كونه وكيف كان فالمقصود حاصل ، لأن المراد التنبيه على العالم الآتي بالمعلوم أي الله عين المعلوم سواء كان أعم من الشيء أو مساويا ، فإن الغرض إحاطة علمه بالكل ، وإن العلم والعالم والمعلوم حقيقة واحدة لا فرق بينها إلا باعتبار .
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )

قال رضي الله عنه:  (وأما الحكمة المسكوت عنها، وقد علمت) تلك الحكمة (بقرينة الحال .)
قال رضي الله عنه :  (فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة ، فما ذكره ، ولا قال لابنه : يأت بها الله إليك ، ولا إلى غيرك . فأرسل الإتيان عاما )
أي ، جعل لقمان المؤتى إليه عاما ، ما عين ولا خصص بقوله : إليك ، أو إلى غيرك . كما عين الآتي وهو الله ، والمأتي به وهو الحبة .

 ( وجعل المؤتى به في السماوات إن كان ) أي ، إن كان ذلك فيها . ( أو في الأرض . ) إن كان فيها . ( تنبيها لينظر الناظر في قوله : " وهو الله في السماوات وفي الأرض " . )
أي ، ليتنبه الناظر من قوله : أو في السماوات أو في الأرض . وينتقل ذهنه من هذا القول إلى قوله : "وهو الله في السماوات وفي الأرض " .

 قال رضي الله عنه :  ( فنبه لقمان بما تكلم به وبما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم . ) سواء كان ذلك المعلوم موجودا في العين ، أو لم يكن . أي ، نبه بما تكلم به على أن الحق عين كل موجود خارجي ، وبما سكت عنه على أنه عين كل معلوم علمي ، باق في الغيب غير متصف بالوجود العيني .

 أما الأول ، فلأنه جعل الله آتيا بما في السماوات أو في الأرض ، وهو الله في السماوات والأرض ، كما قال تعالى : ( وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ) . أي ، هويته هي الظاهرة بالألوهية والربوبية في كل ما في الجهة العلوية المسماة ب‍ ( السماوات ) أو السفلية المسماة ب‍ ( الأرض ) . فالحق عين كل ما في العلو والسفل المرتبي والمكاني .

 
وأما الثاني ، فلأن الهوية الإلهية هي التي لا تعين لها ولا تقيد .
وكل ما هو غيرها ، سواء كان موجودا عينيا أو علميا ، فهو متعين .
فعدم التعين المسكوت عنه ، إشارة إلى الهوية الإلهية التي هي غير متعينة بنفسها وتعينت بصور المعلومات العلمية .
ويجمع القسمين قوله تعالى : ( هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ) .
فشبه ، رضي الله عنه ، الكلام المنطوق بالكلمات الإلهية الموجودة في الخارج ، والمسكوت عنه بالحقائق الغيبية التي لا وجود لها في الخارج .

وقوله : ( لأن المعلوم أعم من الشئ . ) ليس دليلا على أنه نبه بالمنطوق ، أو المسكوت عنه ، على أن الحق عين كل موجود ، ولأن كون المعلوم أعم من الشئ ، أو مساويا له ، لا يدل على أن الحق عين كل معلوم بل دليل على قوله : ( فهو أنكر النكرات . ) وقع مقدما عليه .

 وضمير ( فهو ) عائد إلى الحق سبحانه . أي ، إذا كان الحق سبحانه عين كل معلوم ، سواء كان موجودا في العين أو لم يكن ، والمعلوم أعم من الشئ ، والشئ أنكر من كل نكرة ، فينتج أن الحق أنكر النكرات ، لذلك لم يعلم حقيقته غيره ،
كما قال أكمل الخلائق : "ما عرفناك حق معرفتك " وإن كان باعتبار آخر أعرف المعارف .

 وإنما جعل (المعلوم) أعم من (الشئ) بناء على قول من قال : إن المعدوم ليس بشئ، والموجود هو الشئ ، فالمعلوم أعم منه .
لأن علم الحق محيط بكل ما وجد ولم يوجد ، سواء كان ممكنا أو ممتنعا .
وأما على قول من قال : إنه شئ ، فمتساويان . وعلى تقدير التساوي أيضا يكون الحق أنكر النكرات .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:26 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )

قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الحكمة المسكوت عنها ، وقد علمت بقرينة الحال ، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبّة ، فما ذكره وما قال لابنه يأت بها اللّه إليك ، ولا إلى غيرك ، فأرسل الإتيان عاما ، وجعل المؤتى به في السّموات إن كان ، أو في الأرض تنبيها لينظر النّاظر في قوله :وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ[ الأنعام : 3 ] ، فنبّه لقمان بما تكلّم به وبما سكت عنه أنّ الحقّ عين كلّ معلوم، لأنّ المعلوم أعمّ من الشّيء فهو أنكر النّكرات ) .

فقال رضي الله عنه  : ( وأما الحكمة المسكوت عنها ) ، وهي الدلالة على توحيد وجود الكل بتضرر العامة سماعها بتوهم الإلهية ، وأن لهم ذلك مع دلالته على عدمهم في ذواتهم ، وإن وجودهم عند إشراق نور وجود الحق عليهم ، ومحل إشراق الشمس من المرآة لا تكون شمسا بالحقيقة مغنية للعالم كله ، وهو وإن سكت عنها (علمت بقرينة الحال) لكلامه مع كلام آخر له وللّه تعالى في موضع آخر.

فقال رضي الله عنه  : ( فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة ) مع أنه لا بدّ منه ( فما ذكره ) على وجه العموم ، إذ يكون ناطقا بما يجب السكوت عنه ،
( ولا قال لابنه : يأت بها اللّه إليك ، ولا ) قال : يأت بها اللّه ( إليّ غيرك ) ؛ لدلالته على الخصوص المنافي للمقصود .


فقال رضي الله عنه  : ( فأرسل الإتيان ) أي : أطلقها عن التقييد بالمفعول الخاص ؛ ليكون ( عامّا ) ، ولكن لم يصرح بهذا العموم ، وإن صرح بعموم المؤتى به ومكانه ، إذ ( جعل المؤتى به ) كل مثقال حبة ( في السماوات إن كان أو في الأرض ) ، مع أن حذف المكان أيضا يدل على عمومه ، لكن حذفه يدل على أن المقصود هو نفس العموم ؛ لأنه إذا حذف صار الذهن طالبا له ، ومن عادته أنه إذا وجد مطلوبه سكت إلا أن يجد داعيا آخر إلى طلب ما وراؤه والتصريح به لا يدل على ذلك ،

فيمكن أن ينتقل الذهن منه إلى ما هو المقصود ، فصرح بعمومه ( تنبيها ) للخواص على أن عموم المكان ليس بمقصود ؛ ( لينظر الناظر ) منهم عند سماع قوله:فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ (في قوله تعالى : وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ) [الأنعام :3 ].


ثم ينتقل من هنا أن عموم المؤتى إليه أيضا ليس مقصودا لذاته ، وإنما المقصود منه ظهور الحق فيه بحيث يصير هو الآتي والمؤتى به ومكانه والمؤتى إليه جميعا ، ( فنبه لقمان بما تكلم به ) من نسبة إتيان كل ذرة إلى الحق ، ( وبما سكت عنه ) من كونه المؤتى إليه ، وقد تكلم بوجه دون وجه بكونه عين مكان المؤتى به ( أن الحق عين كل معلوم ) باعتبار أنه لا محقق فيه سوى ما أشرق عليه من نور وجوده صرح بعينية فاعليته ،

وسكت عن عينية وجوده تارة من كل وجه ، وتارة بوجه دون وجه ؛ لتصير قرينة على ما سكت فيه بالكلية ، وإنما قلنا : عين كل معلوم دون عين كل شيء ؛لأن المحذوف لو أخذ خاصّا بلا قرينة كان ذلك ترجيحا بلا مرجح ، فما هو أعم من كل وجه أولى مما لا يكون فيه ذلك العموم ، فأخذ بالمعلوم ؛

قال رضي الله عنه  : ( لأن المعلوم ) أي : الذي من شأنه أن يعلم ( أعم من الشيء ) ؛ لأنه يختص بالمحقق في الواقع والمعلوم أعم منه ، ومن المعدوم الممكن والممتنع ، إذ وجودهما الذهني أيضا وإشراق نور الحق ، وإذا كان الحق باعتبار الظهور عين كل معلوم ، وهو أعم من الشيء والشيء أنكر الموجودات ،


قال رضي الله عنه  : ( فهو ) أي : الحق ( أنكر المنكرات ) من حيث الظهور ؛ فلذلك خفي مع غاية ظهوره من حيث الظهور فضلا عن حيث الذات ، وقد فهم ذلك في إشارة لقمان عليه السّلام ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

"" أضاف المحقق :
( فهو ) أي : الحق (أنكر المنكرات) من حيث الظهور أي : لا مفهوم أعم منه إذ هو شامل للموجودات العينية والموجودات العلمية من الممكنات والممتنعات .أهـ شرح الجامي ""

 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )


الحكمة التي أشار لقمان رمزا
قال رضي الله عنه : ( وأما الحكمة المسكوت عنها ، وعلمت بقرينة الحال ) التي إنما يفهمها من يصلح لأن يكشف له عن وجوه جمال الإجمال : ( فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبّة ، فما ذكره ) في ظاهر منطوقه ، ( ولا قال لابنه ) عند تعليمه إيّاه رعاية لأدب الإرشاد والتسليك في علوم الحقائق ، وتنبيها لمن هو بصدده من الأولياء المحمديّين ، الذين يرثون علوم الأنبياء أجمع ، حيث صرّح بنسبة التأثير إلى الحقّ، وسكت عن التأثّر ونسبته إلى أحد - يعني المغتذي.


فإنّه صرح بالغذاء الفرضي العلمي ومواضعه ، وأنّ الحقّ هو الآتي به ، دون المأتي إليه فإنّه ما قال رضي الله عنه  : ( " يأت بها الله إليك " ولا " إلى غيرك " فأرسل الإتيان ) من حيث متعلَّقه المتأثّر منه ( عامّا ) غير معيّن ، ( وجعل المؤتى به ) متوسّطا بين الآتي المصرّح به معيّنا ، وبين المأتيّ إليه ، المسكوت عنه مطلقا ، حيث عيّن مكانه بأن قال : ( "في السَّماواتِ " إن كان "أَوْ في الأَرْضِ"، تنبيها ) إلى أنّ تعيين الآتي ليس تعيين تفرقة يكون في جهة  العلو فقط ، بل تعيين جمعي إحاطيّ ، (لينظر الناظر في قوله: "وَهُوَ الله في السَّماواتِ وَ في الأَرْضِ") [ 6 / 3 ] فتجده مطابقا لذلك.

 

الحقّ تعالى عين كلّ معلوم
قال رضي الله عنه :  ( فنبّه لقمان بما تكلَّم به ) في تعميم الغذاء الفرضيّ ومقداره العدديّ ومكانه الجمعيّ الإحاطيّ ، وأن الآتي به هو الله ( وبما سكت عنه ) في عدم تعيين المأتيّ إليه ( أنّ الحقّ عين كلّ معلوم ) ، فإنّ المعلوم هو الذي يشمل المراتب المذكورة كلَّها ، من المأتيّ به الفرضي ، بعموم أحواله ، والآتي به بذلك العموم والمأتيّ إليه من غير تعيين ، دون الشيء الذي يساوي الوجود الخارجي الإمكاني على رأي أو يعمّه والثابت منه على آخر أو يرادف الوجود العارض المعلول فإنّه على كل تقدير يختصّ بالإمكانيات ويخرج عنه الامتناعيّات الفرضيّة والواجب .


وأما « المعلوم » فيشمل الكلّ (لأنّ المعلوم أعمّ من الشيء ، فهو أنكر النكرات) إطلاقا ، وأشمل المفهومات حيطة وكفى بذلك شهادة على كمال إطلاقه وحيطته ما فيه من التعانق - بين المعرفة والنكرة ، فإنّ المعلوم مع أنّه أبين الأشياء أنكر النكرات .
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، وما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .  )

قال رضي الله عنه :  (وأمّا الحكمة المسكوت عنها وقد علمت بقرينة الحال ، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبّة ، فما ذكره وما قال لابنه يأت بها اللّه إليك ولا إلى غيرك ، فأرسل الإتيان عاما وجعل المؤتى به في السّموات إن كان ، أو في الأرض تنبيها لينظر النّاظر في قوله :وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ [ الأنعام : 3 ] .)

قال رضي الله عنه : (وأما الحكمة المسكوت عنها وقد علمت بقرينة الحال فكونه سكت على المؤتى إليه بتلك الحبة فما ذكره ولا قال لابنه يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إليك وإلى غيرك فأرسل الإتيان عاما ) ، غير مخصوص معين بتعين المؤتى إليه كما بين الآتي ، وهو سبحانه والمأتي به وهو مثقال حبة من خردل

( وجعل المؤتى به في السماوات إن كان ) فيها (" أَوْ فِي الْأَرْضِ" تنبيها لينظر الناظر في قوله : وهو اللّه في السماوات وفي الأرض ) ، حين يتنبه له وينتقل إليه من قوله : "أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ" وشاهد سريان هويته العينية بأحدية جمعها الأسمائية في جميع الموجودات العلوية والسفلية والروحانية والجسمانية فيعلم من ذلك أن الحق عين كل موجود عيني .


ولما وقعت الإشارة من الحكمة أعني الحكمة المسكوت عنها إلى ما يقابل الموجودات العينية أعني الموجودات العلمية الغير الخارجة من العلم إلى العين ، فإنها في حكم المسكوت عنها حيث لم تذكر بالذكر الوجودي ولا شك أن موجود الموجودات العلمية بسريان الوجود الحق فيها كوجود الموجودات العينية من غير فرق ، فالحق عين كل موجود علمي أيضا ،


والعبارة الجامعة لهذين الاعتبارين أن الحق عين كل معلوم ، لأن المعلوم أعم من الشيء الموجود بالوجود العيني المشار إليه بالحكمة المنطوق بها ومن الوجود بالوجود العلمي فقط المشار إليه بالحكمة المسكوت عنها . وإلى جميع ما ذكرنا أشار رضي اللّه عنه بقوله

قال رضي الله عنه :  ( فنبّه لقمان بما تكلّم به وبما سكت عنه أنّ الحقّ عين كلّ معلوم، لأنّ المعلوم أعمّ من الشّيء فهو أنكر النّكرات .)
( فنبه لقمان بما تكلم به وبما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم ، لأن المعلوم أعم من الشيء ) ، لأنه يعم الموجودات والمعلومات والشيء مختص بالموجود .


( فهو ) ، أي المعلوم ( أنكر النكرات ) ، أي لا مفهوم أعم منه إذ هو شامل للموجودات العينية والموجودات العلمية من الممكنات والممتنعات

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:27 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تمّم الحكمة واستوفاها لتكون النّشأة كاملة فيها فقال : " إنّ اللّه لطيف " فمن لطفه ولطافته أنّه في الشّيء المسمّى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشّيء ، حتّى لا يقال فيه إلّا ما يدلّ عليه اسمه بالتّواطؤ والاصطلاح . فيقال هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام . والعين واحدة من كلّ شيء وفيه . )

(ثم) ، أي لقمان عليه السلام (تمم الحكمة) التي ذكرها لابنه (واستوفاها لتكون النشأة) ، أي الخلقة التي تركبت عليها هذه الحكمة (كاملة فيها) ، أي في هذه الحكمة (فقال) ، أي لقمان عليه السلام إن اللّه ، أي الساري بالظهور في كل معلوم (لطيف) ، أي ذو لطف عظيم بحيث لا يشعر به أحد في شيء أصلا ما لم يكن بإشعار منه تعالى بنفسه وهو قوله : كنت كنزا مخفيا ، أي في كل شيء وكان للدوام والاستمرار في حق اللّه تعالى والمخفي لا يمكن الشعور به إلا إذا تبين ، وما تبينه إلا بالمحبة فإن بها ينفك رصد هذا الكنز وينفتح كما قال : « فأحببت أن أعرف » .
فلا بد أن تكون المحبة محبته من غير دعوى لها من العبد حتى تكون بخور هذا الكنز والعزيمة قوله : فخلقت خلقا تعرفت إليهم فبي عرفوني .

(فمن لطافته) تعالى ، أي عدم كثافته ولهذا كان منزها عن مشابهة كل محسوس ومعقول وموهوم وقالوا : كل ما خطر في بالك فاللّه بخلاف ذلك ، فألطف الكائنات كلها الأرواح وهي بالنسبة إلى لطافته تعالى أكثف من الأجسام بالنسبة إلى الأرواح .
وذكر بعضهم في قوله تعالى :" لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" [ الأنعام : 103 ].

أن هذا تعليل بطريق اللف والنشر المرتب ، أي لا تدركه الأبصار ، لأنه لطيف وهو يدرك الأبصار ، لأنه خبير . (و) من (لطفه) تعالى أيضا ، أي حسن معاملته سبحانه مع مخلوقاته فالأوّل باعتباره تعالى في ذاته ، والثاني باعتباره مع خلقه الظاهر بهم

(أنه) ، أي اللّه تعالى ظاهر (في الشيء) الفلاني (المسمى بكذا) من محسوس أو معقول (المحدود) ، أي المعرف يذكر ذاتياته التي قامت ماهيته بها (بكذا) كالحيوان الناطق مثلا في تعريف الإنسان (عين ذلك الشيء) المسمى المحدود من حيث الوجود ، لأنه ما ثم غيره ، وخصوص الإلهية والصورة والحال أمور عدمية ظاهرة بالوجود الحق (حتى لا يقال فيه) ، أي في ذلك الشيء (إلا ما يدل عليه) ،

أي على ذلك الشيء هو (اسمه) ، أي اسم ذلك الشيء (بالتواطؤ) ، أي الاتفاق مع قوم مخصوصين ، أو بتساوي الأفراد فيما أطلق عليه ذلك الاسم (والاصطلاح) كاللغات المختلفة والأوضاع المخصوصة في الشرائع والمذاهب والصنائع وغير ذلك .

(فيقال) فيه (هذا سماء) وكذلك هذا (أرض) وهذه صخرة وهذه شجرة (و) هذا (حيوان) وهذا (ملك و) هذا (رزق و) هذا (طعام) ولا يقال اللّه في شيء من ذلك ولا في غيره من الأشياء ، لأن خصوص الوصف الحادث الزائد الحي القيوم القديم اقتضى خصوص ذلك الاسم ، فلا يطلق عليه إلا بإزائه كما يقال على الحجر أنه شجر وبالعكس ، لخصوص الوصف المميز وإن كان القائم بالوجود عليهما واحدا .

(والعين) ، أي الذات والماهية الكونية (واحدة من كل شيء) محسوس أو معقول لا تعدد لها أصلا (و) العين ، أي الذات الإلهية واحدة كذلك (فيه) ، أي في كل شيء بطريق الظهور منه وبه لا الحلول فيه والاتحاد معه ، لأن الوجود لا يحل في العدم ولا يتحد معه ونظير ذلك .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة ) اللقمانية ( كاملة فيها ) أي في الحكمة والمعرفة ( فقال إن اللّه لطيف فمن ) غاية ( لطافته ولطفه أنه ) أي اللّه ( في الشيء المسمى بكذا المحدود بكذا ) أي في الأشياء المختلفة الأسماء والحدود ( عين ذلك الشيء ) .
فإن اللطيف للطافته يرى الكثيف ( حتى لا يقال فيه ) أي لا يحمل في حق ذلك الشيء ( إلا ما يدل عليه اسمه ) وما عبارة عما يدل عليه اسم ذلك الشيء من المفهوم .

فإن قولنا هذا سماء لا يحمل على المبتدأ إلا مدلول السماء ( بالتواطؤ ) أي بالتوافق ( والاصطلاح فيقال هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام و ) الحال أن ( العين واحدة من كل شيء ) مسمى بالأسماء المختلفة ومحدود بالحدود المختلفة .
( وفيه ) أي وفي موجود كل شيء.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.  والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح.  فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام. والعين واحدة من كل شيء و فيه. ) 

ثم ذكر بعد ذلك حكمة وصية لقمان لابنه في قوله لا تشرك بالله وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة.
قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم
وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال رضي الله عنه  : ( ثم تمّم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال :   " إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ " [ لقمان :16] ، فمن لطافته ولطفه أنّه في الشيء المسمّى بكذا لمحدود بكذا عين ذلك الشيء ، حتى لا يقال فيه إلَّا ما يدلّ عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح ، فيقال : هذا سماء وأرض وصخرة وشجرة وحيوان ورزق وملك وطعام ، والعين واحدة من كل شيء وفيه ،)

يشير رضي الله عنه :  إلى أنّ الأشاعرة مع قولهم بأحدية الجوهر في صور العالم كلَّها يقولون باثنينية العين . ولو كان كما قالوا ، لما كان الحق الموجود المشهود المطلق واحدا أحدا في الوجود .
بل كانا عينين موجودتين ، وانتهى حدّ كل منهما إلى الأخرى ، وتمايزا ، لكون كل منهما غير الآخر ، وليس عينه ، وحينئذ يتميّز كل منهما عن الآخر ويحدّ بامتيازه عن الآخر ،
والحق يتعالى عن أن يكون معدودا محدودا ، أو يكون معه غيره في الوجود حقيقة ،
فالحق أن يقال : ما في الوجود إلَّا عين واحدة ، هي عين الوجود الحق المطلق وحقيقته ، وهو الموجود المشهود لا غير ، ولكن هذه الحقيقة الواحدة والعين الأحدية ، لها مراتب ظهور لا تتناهى أبدا في التعيّن والشخص .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال :" إِنَّ الله لَطِيفٌ " فمن لطافته ولطفه أنه في الشيء المسمى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح ، فيقال : هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام ، والعين واحدة من كل شيء . وفيه )
بتتميم الحكمة المبنية للتوحيد واستيفائها تكميل ما نشأ فيه من المعنى أو لتكون النشأة اللقمانية كاملة في تلك الحكمة قوله : " إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ " .

"" إضافة بالي زادة :
( إلا ما يدل عليه اسمه ) وما عبارة عما يدل عليه اسم ذلك الشيء من المفهوم ، فإن قولنا هذا سماء لا يحصل على المبتدأ إلا مدلول السماء بالتواطؤ أي بالتوافق والاصطلاح .أهـ بالى زاده.
( متماثلة بالجوهر ) كتماثل أفراد الإنسان بالإنسان فهو جوهر واحد في كل متماثل كما أن الإنسان واحد في كل متماثل من أفراده .أهـ بالى زادة""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  


قال رضي الله عنه :  ( ثم ، تمم الحكمة واستوفاها ، لتكون النشأة كاملة فيها ) أي ، لتكون هذه النشأة اللقمانية كاملة في الحكمة والمعرفة بالله .
قال رضي الله عنه :  فقال : "إن الله لطيف". فمن لطافته ولطفه أنه في الشئ المسمى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشئ.)
أي ، ومن غاية لطفه صار عين الأشياء المتبائنة ، المسماة  بالأسماء المختلفة ، المحدود بالحدود الخاصة .
( حتى لا يقال فيه ) أي ، في ذلك الشئ المسمى باسم معين . ( إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح . )
(اسمه) عطف بيان (ما). أي وذلك الشئ معين باسم كذا وحد كذا ، حتى لا يطلق عليه ولا يقال فيه إلا ما يدل عليه من الاسم الذي تواطؤوا عليه واصطلحوا به. ف‍ ( التواطؤ ) بمعنى التوافق.

قال رضي الله عنه:  (فيقال: هذا سماء وأرض وصخرة وشجرة وحيوان وملك ورزق وطعام.)
والحال أن ( العين واحدة من كل شئ . ) أي ، من الأشياء الموجودة المسماة بالأسامي المختلفة . ( وفيه ) أي ، في تلك العين الواحدة في كل شئ .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:27 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفص اللقماني الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

قال  رضي الله عنه :  ( ثمّ تمّم الحكمة واستوفاها لتكون النّشأة كاملة فيها فقال :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ فمن لطفه ولطافته أنّه في الشّيء المسمّى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشّيء ، حتّى لا يقال فيه إلّا ما يدلّ عليه اسمه بالتّواطؤ والاصطلاح ، فيقال : هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام ، والعين واحدة من كلّ شيء وفيه )

فقال رضي الله عنه  : ( ثم ) أي : بعد ما نطق لقمان بالحكمة المنطوق بها ، وأشار إلى المسكوت عنها ( تمم الحكمة ) نوعيها بما يقرب إلى الأفهام كونه عين كل فاعل ، وعين كل معلوم مع تنزهه عن الحدوث والنقائص ، ( واستوفاها ) ببيان سبب ذلك ؛ ( لتكون النشأة ) أي : نشأة ابنه ومن يكون بعده ( كاملة فيها ) أي : في الحكمة علما وعملا ،

فقال رضي الله عنه  : ( فقال :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ ) من اللطافة واللطف ، ( فمن لطافته ) الموجبة لإشراقه في مظاهره كأنه فيها ، ولطفه الموجب لرحمته على الأعيان بالإشراق عليها تفضلا ( أنه ) مع تنزهه عن الحدوث والتحديد والحلول في الحوادث والمحدودات ، إشراق نور وجوده

( في الشيء المسمى بكذا ) من أسماء المحدثات الشخصية ( المحدودة بكذا عين ذلك الشيء ) ، إذ لا تحقق من الشيء في الواقع سوى ما أشرق فيه من نوره ،
كما قال الإمام الغزالي في الباب الثالث من كتاب « التلاوة » من « الإحياء » :
بل التوحيد الخالص ألا يرى في كل شيء إلا اللّه ، ولكن انتهت لطافته إلى حيث اختفى بظهوره 
فقال رضي الله عنه  : ( حتى لا يقال فيه ) أي : في ذلك الشيء ( إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ ) أي : اتفاق أهل اللغة ( والاصطلاح ) بين طائفة ، ولا يسمى باسم اللّه أصلا سواء كان فيه علو وثبات وشدة وإحداث شيء ، كالآثار ، وحياة وسمع وبصر وعلم وتكميل وحفظ أم لا .

فقال رضي الله عنه  : ( فيقال : هذا سماء ) في العالي ، ( وأرض ) في الثابت ، ( وصخرة ) في الشديد ، ( وشجر ) في المثمر ، ( وحيوان ) في الحي السميع البصير ، ( وملك ) في العليم ، ( ورزق ) في المكمل ، ( وطعام ) في الحفيظ ، فلا يسمى شيء منها باللّه ولا سائر أسمائه ،
وإن صح بالكشف أن ( العين ) المحققة ( واحدة من كل شيء ) ، إذ لا محقق ( فيه ) سوى وجوده ، وما سواه أمور اعتبارية ، وهي الظاهرة به ، إذ ظهورها أصل لظهور حقيقته مع أنها مستقرة في العلم الإلهي ما شمت رائحته من الوجود بذلك الاعتبار ، ولا ينكر على هذا ؛

فإنه فقال رضي الله عنه  : ( كما تقول الأشاعرة ) من أهل السنة : ( أن العالم كله متماثل بالجوهر ) ، والمتماثلات متحدات بالنوع ، ( فهو ) أي : العالم على قولهم ( جوهر واحد ) بالنوع ، وقد قلنا : العين الظاهرة في الكل واحدة بالنوع ، فإنها صور الوجود الحقيقي ، ( وهو ) أي : قولهم ( عين قولنا العين واحدة ) ، وإن اختلفا في الاسم ،

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه.   )  

التنزيه مع التشبيه
ثمّ إنّ إثبات هذه المفهومات الإطلاقيّة الواحدة بالوحدة ، النافية للنسب والتعيّنات وصور الإضافات والخصوصيّات جملة للحق ، إنما يدلّ على طرف التنزيه منه فقط ، دون التشبيه المتمّم له .

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تمّم الحكمة ) بإيراد ما يدلّ على التشبيه منه ( واستوفاها ) بكمالها الجمعي من طرفي الظهور والإظهار والشعور الإشعار بقوله : "إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ" (لتكون النشأة) اللقمانيّة عند التعبير عن حكمتها (كاملة فيها فقال : "إِنَّ الله لَطِيفٌ ") لكمال سرايته في المراتب ، صوريّة كانت أو معنويّة .

قال رضي الله عنه :  ( فمن لطافته ) في الصورة ولطفه المعنوي ( أنّه في الشيء المسمّى كذا ) صورة ( المحدود بكذا ) معنى ( عين ذلك الشيء ، حتى يقال فيه ) أي في ذلك المسمى المحدود ( إلا ما يدلّ عليه اسمه ) إجمالا وتفصيلا إذ المسمّى الصوري إنما يقال فيه ما يدلّ عليه ( بالتواطؤ ) إجمالا ، والمحدود المعنوي إنما يقال فيه ما يدلّ عليه بالتفصيل ، ( والاصطلاح ) ، فإنّ الأسامي والحدود إنما تتخالف بالتواطؤ والاصطلاح ، كما فيما نحن بصدده من الغذاء والمغتذي ، ومكامن الغذاء وأماكنه .

قال رضي الله عنه :  ( فيقال : هذا سماء وأرض وصخرة و ) يقال : ( شجرة ) وهي ما في الصخرة ( و ) يقال : ( حيوان وملك ) في المغتذي ( و ) يقال : ( رزق وطعام ) في الغذاء .

الاتحاد بالعين والاختلاف بالعوارض
قال رضي الله عنه :  ( والعين واحدة من كل شيء ) هذا في المسمى بالتواطؤ إجمالا ، وهو الذي يختلف فيه الناس بحسب تباين الأقاليم وألسنتهم ، وذلك لظهوره بما يفرض لوجه التخالف وأما في المحدود بالاصطلاح تفصيلا ، المختلف فيه الناس بحسب تباعد الأزمنة ومقتضياتها ، فهو المشار إليه بقوله :


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف" فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح. فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام.
والعين واحدة من كل شيء و فيه. )  

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ تمّم الحكمة واستوفاها لتكون النّشأة كاملة فيها فقال : « إنّ اللّه لطيف » فمن لطفه ولطافته أنّه في الشّيء المسمّى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشّيء ، حتّى لا يقال فيه إلّا ما يدلّ عليه اسمه بالتّواطؤ والاصطلاح . فيقال هذا سماء وأرض وصخرة وشجر وحيوان وملك ورزق وطعام . والعين واحدة من كلّ شيء وفيه . )

قال رضي الله عنه :  ( ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة ) اللقمانية ( كاملة فيها ) ، أي في الحكمة والمعرفة باللّه ( فقال :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ فمن لطافته ) الصورية ( ولطفه ) المعنوي ( أنه في الشيء المسمى بكذا المحدود بكذا عين ذلك الشيء ) المسمى المحدود ( حتى لا يقال فيه ) ، أي في ذلك الشيء ولا يحمل عليه ( إلا ما يدل عليه اسمه ) ، أي إلا المفهوم الذي يدل على ذلك المفهوم اسم ذلك الشيء ( بالتواطؤ والاصطلاح فيقال هذا سماء وأرض وصخرة ) فيما فيه المؤتى به .

( و ) يقال : ( شجر ) وهي ما في الصخرة ( وحيوان وملك ) في المغتذي ( ورزق وطعام ) في الغذاء ( والعين واحدة ) ، أي والحال أن العين واحدة منتزعة ( من كل شيء و ) سارية ( فيه ) ولا يقال فيها ما يدل على هذه العين الواحدة لاختفائها فيها لكمال لطافتها وقولنا بوحدة العين بعينه .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:28 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله 

الفص اللقماني الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة : إنّ العالم كلّه متماثل بالجوهر : فهو جوهر واحد ، فهو عين قولنا العين واحدة .  ثمّ قالت : ويختلف بالأعراض ، وهو قولنا ويختلف ويتكرّر بالصّور والنسب حتّى يتميّز فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل . وهذا عين هذا من حيث جوهره . ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حدّ كلّ صورة ومزاج ، فنقول نحن إنّه ليس سوى الحقّ ؛ ويظنّ المتكلّم أنّ مسمّى الجوهر وإن كان حقّا ، ما هو عين الحقّ الّذي يطلقه أهل الكشف والتّجلّي ، فهذا حكمة كونه لطيفا . )


قال رضي الله عنه :  (كما تقول) ، أي كقول الطائفة (الأشاعرة) من المتكلمين (إن العالم) بفتح اللام (كله) محسوسه ومعقوله وموهومه (متماثل) ، أي بعضه يماثل بعضا يعني يشابهه (بالجوهر) ، أي العين التي لا تنقسم فجواهره كلها من جنس واحد

(فهو جوهر واحد) وتعداده بالعرض المباين له كالزمان والمكان (فهو عين قولنا) المذكوران العين المقومة لكل شيء بوجودها الواحد الساري بصفة قيوميتها (واحدة) لا تعدد لها .

قال رضي الله عنه :  (ثم قالت) ، أي الأشاعرة (ويختلف) ، أي العالم (بالأعراض) جمع عرض بالتحريك ، وهو ما لا قيام له بنفسه منه كالألوان والطعوم والروائح والصور والكيفيات والكميات والزمان والمكان ونحو ذلك (وهو) ، أي هذا القول (عين قولنا) أيضا (ويختلف) ، أي الذي قلنا عنه أنه عين واحدة ويتكثر ، أي يصير كثيرا (بالصور) جمع صورة (والنسب) جمع نسبة (حتى يتميز) بذلك بعضه عن بعض (فيقال) في ذلك (هذا) الشيء (ليس) هو (هذا) الشيء الآخر (من حيث صورته) الظاهر بها (أو عرضه) كحركته أو سكونه أو مزاجه ، أي تركيب أخلاطه المخصوصة (كيف شئت) يا أيها الإنسان.

قال رضي الله عنه :   (فقل) فيما تتميز به الأشياء بعضها عن بعض من أنواع الخصوصيات (و) يقال أيضا مع ذلك (هذا) الشيء (عين هذا) الشيء الآخر (من حيث جوهره) ، أي ذاته المعروضة لجميع تلك الأعراض ؛ (ولهذا) ، أي لكون الأشياء كلها واحدة في الجوهر (يؤخذ عين الجوهر) المشترك بالأعراض المختلفة (في حد كل صورة ومزاج) من صور الأشياء كلها (فنقول نحن) معشر العارفين المحققين إنه ، أي ذلك الجوهر الذي تذكره الأشاعرة (ليس سوى الحق) تعالى عندنا الحي القيوم على كل شيء لا من حيث ما تتصوّره العقول بأفكارها وتتخيله بأنه مادة لكل شيء ، بل من حيث ما الأمر عليه في نفسه ما لا يعرف إلا كشفا وذوقا .

قال رضي الله عنه :  (ويظن المتكلم) ، أي الخائض في علم الكلام بعقله في شرعه من الأشاعرة وغيرهم (أن مسمى الجوهر) ، أي ما يسمى بالجوهر (وإن كان عنده (حقا) ، أي أمرا متحققا في نفسه من غير شبهة فيه أصلا لكنه (ما هو عين الحق) تعالى عنده (الذي يطّلعه أهل الكشف والتجلي) " وفي نسخة : يطلقه بدل  يطّلعه  ".


من العارفين المحققين بل هو عينه لكن المخالفون جهلوا ذلك ، لنظرهم العقل الغالب عليهم واستعمالهم الفكر في الأمور الإلهية وغيرها وتركهم تطهير القلوب بالإيمان بالغيب والإسلام له في كل ما ورد في الكتاب والسنة ،
وإعراضهم عن تصفية أحوالهم بالتقوى والعمل الصالح مع الإخلاص والزهد والخشوع حتى تتنوّر بصائرهم وتتنبه أبصارهم ، فيرون الحق حقا ويرزقون اتباعه ، ويرون الباطل باطلا ويرزقون اجتنابه كما ورد في دعائه صلى اللّه عليه وسلم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ " [ البقرة : 220 ] فهذه المعاني المذكورة هنا هي حكمة كونه تعالى لطيفا .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة أن العالم كله متماثل بالجوهر ) كتماثل أفراد الإنسان بالإنسان ( فهو جوهر واحد ) في كل تماثل كما أن الإنسان واحد في كل تماثل من أفراده.

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي قول الأشاعرة ( عين قولنا العين واحدة ثم قالت ) الأشاعرة ( ويختلف ) ذلك الجوهر الواحد ( بالأعراض وهو ) أي هذا القول ( قولنا ويختلف ) العين ( ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل وهذا عين هذا من حيث جوهره ولهذا ) أي ولأجل اتحاد كل شيء في الجوهر الواحد.

قال رضي الله عنه :  ( يؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة ومزاج فيقول إنه ليس سوى الحق ويظن المتكلم ) بعقله ونظره الفكري .
قال رضي الله عنه :  ( أن مسمى الجوهر وإن كان حقا ثابتا في نفسه ما ) أي ليس ( هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي ) من أن مسمى الجوهر هو الحق تعالى وهو جوهر حقيقي سار في كل شيء ( فهذا ) السريان في الأشياء ( حكمة بكونه ) أي كون الحق ( لطيفا).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )


قال رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة. ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )
 
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.

وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  (كما تقول الأشاعرة : إنّ العالم كلَّه متماثل بالجوهر ، فهو جوهر واحد ، فهو عين قولنا : العين واحدة ، ثم قالت ويختلف بالأعراض ، وهو قولنا ويختلف ويتكثّر بالصور والنسب حتى يتميّز ، فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه - كيف شئت فقل - وهذا عين هذا من حيث جوهره . ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حدّ كل صورة ومزاج ، فنقول نحن : إنّه ليس سوى الحق . ويظنّ المتكلَّم أنّ مسمّى الجوهر - وإن كان حقا - ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلَّي ، فهذا حكمة كونه لطيفا ).

يشير رضي الله عنه :  إلى أنّ الأشاعرة مع قولهم بأحدية الجوهر في صور العالم كلَّها يقولون باثنينية العين . ولو كان كما قالوا ، لما كان الحق الموجود المشهود المطلق واحدا أحدا في الوجود .
بل كانا عينين موجودتين ، وانتهى حدّ كل منهما إلى الأخرى ، وتمايزا ، لكون كل منهما غير الآخر ، وليس عينه ، وحينئذ يتميّز كل منهما عن الآخر ويحدّ بامتيازه عن الآخر ،
والحق يتعالى عن أن يكون معدودا محدودا ، أو يكون معه غيره في الوجود حقيقة ،
فالحق أن يقال : ما في الوجود إلَّا عين واحدة ، هي عين الوجود الحق المطلق وحقيقته ، وهو الموجود المشهود لا غير ، ولكن هذه الحقيقة الواحدة والعين الأحدية ، لها مراتب ظهور لا تتناهى أبدا في التعيّن والشخص .
فأوّل مراتبها إطلاقها وعدم انحصارها ولا تعيّنها عن كل قيد واعتبار .
والمرتبة الثانية تعيّنها في عينها وذاتها بتعيّن جامع لجميع التعينات الفعلية المؤثّرة ، وهي مرتبة الله تعالى .
ثمّ المرتبة التفصيلية لتلك المرتبة الجمعية الأحدية الإلهية ، وهي مرتبة الأسماء وحضراتها .
ثم المرتبة الجامعة لجميع التعينات الانفعالية التي من شأنها التأثّر والانفعال والانتقال والتقيّد ولوازمها ، وهي المرتبة الكونية الخلقية .
ثم المرتبة التفصيلية لهذه الأحدية الجمعية الكونية ، وهي مرتبة العالم ،
ثمّ هكذا في جميع الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص والأجزاء والأعضاء والأعراض والنسب ، ولا تقدح كثرة التعينات واختلافها وكثرة الصور في أحدية العين ،
إذ لا تحقّق إلَّا لها في عينها وذاتها لا غير ، لا إله إلَّا هو ،
فالعين بأحدية الجمع النفسي الفيضي الوجودي سارية في جميع هذه المراتب والحقائق المترتّبة فيها ، فهو فيها هي عينها لا غيرها ، كما كانت هي فيه في المرتبة المذكورة الأحدية الجمعية الأولى هو لا غيره ، كان الله ولا شيء معه ، فافهم.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  ( كما يقول الأشاعرة : إن العالم كله متماثل بالجوهر فهو جوهر واحد ، فهو عين قولنا العين واحدة ، ثم قالت : ويختلف بالأعراض ، وهو قولنا : ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز ، فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل ، وهذا عين هذا من حيث جوهره ، ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة ومزاج ، فنقول نحن إنه ليس سوى الحق ، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا )
أي ثابتا غير متعين ( ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي ، فهذه حكمة كونه لطيفا ).
 بتتميم الحكمة المبنية للتوحيد واستيفائها تكميل ما نشأ فيه من المعنى أو لتكون النشأة اللقمانية كاملة في تلك الحكمة قوله : " إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ " .


"" إضافة بالي زادة :
( إلا ما يدل عليه اسمه ) وما عبارة عما يدل عليه اسم ذلك الشيء من المفهوم ، فإن قولنا هذا سماء لا يحصل على المبتدأ إلا مدلول السماء بالتواطؤ أي بالتوافق والاصطلاح .أهـ بالى زاده.
( متماثلة بالجوهر ) كتماثل أفراد الإنسان بالإنسان فهو جوهر واحد في كل متماثل كما أن الإنسان واحد في كل متماثل من أفراده .أهـ بالى زادة""
 فمن كمال لطافته أن الحق تعالى مع أحدية عينه يصدق الأشياء المتباينة المحدودة بحدود مختلفة وأسام متفاوتة ، كالسماء والأرض وغيرهما مما عدّ ولم يعد مما يصدق عليها بالتواطؤ بمعنى أنها عين واحدة ،


وذلك يطابق قول الأشاعرة : إن العالم كله متماثل بالجوهر أي هو جوهر واحد ، وكذلك نقول : يختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز ،
فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه ، وذلك يطابق قولهم يختلف بالأعراض ، ثم إنهم مع قولهم بأحدية الجوهر في صور العالم كلها يقولون باثنينية العين : أي أن عين الجوهر في العالم غير الحق ولو كان كما قالوا لما كان الحق المشهود الموجود المطلق واحدا أحدا في الوجود بل كانا عينين وانتهى حد كل منهما إلى الأخرى وتمايزتا لكون كل واحد منهما غير الآخر ، وليس عينه حينئذ والحق تعالى وتنزه أن يكون محدودا معه غيره في الوجود حقيقة

فنقول : ما في الوجود إلا عين واحدة هي عين الوجود المطلق الحق وحقيقته وهو الوجود المشهود لا غير ، ولكن هذه الحقيقة لها مراتب وظهور لا تتناهى أبدا في التعين ،
فأول مراتبها إطلاقها عن كل قيد واعتبار ولا تعينها وعدم انحصارها ،
والمرتبة الثانية تعينها في عينها وذاتها بتعين جامع لجميع التعينات الفعلية الوجوبية الإلهية الانفعالية الكونية .
والمرتبة الثالثة المرتبة الجامعة لجميع التعينات الفعلية المؤثرة وهي مرتبة الله تعالى .
ثم المرتبة التفصيلية لتلك المرتبة الأحدية الإلهية وهي مرتبة الأسماء وحضراتها .
ثم المرتبة الجامعة لجميع التعينات الانفعالية التي من شأنها التأثر والانفعال ولوازمها ، وهي المرتبة الكونية الإمكانية الخلقية .
ثم المرتبة التفصيلية لهذه الأحدية الجمعية الكونية ، وهي مرتبة العالم ، ثم تفاصيل الأجناس والأنواع والأصناف والأشخاص والأعضاء والأجزاء والأعراض والنسب ، ولا يقدح كثرة التعينات واختلافها وكثرة الصور في أحدية العين ، إذ لا تحقق إلا لها في ذاتها وعينها لا غير لا إله إلا الله :"  كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ".

فالعين بأحدية الجمع سارية في جميع هذه المراتب والحقائق المترتبة فيها فهي هو وهو هي عينها لا غيرها ، كما كانت الهوية في المرتبة الأحدية الجمعية الأولى هو لا غيره "كان الله ولم يكن معه شيء " .
( ثم نعت فقال : ( خَبِيرٌ ) أي عالم عن إخبار وهو قوله :" ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ"
وهو العلم الثابت للحق من حيث حقيقة وجود العباد
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  (كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر ، فهو جوهر واحد . فهو عين قولنا : العين واحدة . ) أي ، قولهم العالم كله جوهر واحد ، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة .

قال رضي الله عنه :  ( ثم قالت ) أي الأشاعرة . ويختلف بالأعراض. وهو قولنا : ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز . فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه ( كيف شئت فقل ) وهذا عين هذا من حيث جوهره . ) أي ، قول الأشاعرة إن العالم جوهر واحد يختلف بالأعراض، هو بعينه قولنا إن العالم عين واحدة ، ظاهرة بالصور المختلفة ومتكثرة بالأعراض المتبائنة والأمزجة المتفاوتة،
فيقول:هذا عين هذا من حيث الجوهر والحقيقة الواحدة. وهذا غير ذلك من حيث الصورة والعرض .

 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة ومزاج ) أي ، ولهذا الاتحاد في الجوهرية يؤخذ عين الجوهر في تعريف كل واحد من الموجودات .
فالمراد بالصورة والمزاج ذو الصورة والمزاج ، لا العرض الذي نفهم منهما .
 

قال رضي الله عنه :  ( فنقول نحن إنه ليس سوى الحق ، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر ، وإن كان حقا ) أي ، أمرا ثابتا . ( ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي . ) .
هو الله تعالى الخالق لكل شئ ، الرازق لكل حي . ( فهذا حكمة كونه لطيفا . )
أي ، هذا السريان في الأشياء وكونه عينها حكمة كونه تعالى لطيفا .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:29 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله 

الفص اللقماني الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة : إنّ العالم كلّه متماثل بالجوهر ؛ فهو جوهر واحد ، فهو عين قولنا : العين واحدة . ثمّ قالت : ويختلف بالأعراض ، وهو قولنا ويختلف ويتكرّر بالصّور والنسب حتّى يتميّز ، فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل : وهذا عين هذا من حيث جوهره ، ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حدّ كلّ صورة ومزاج ، فنقول نحن إنّه ليس سوى الحقّ ؛ ويظنّ المتكلّم أنّ مسمّى الجوهر ، وإن كان حقّا ، ما هو عين الحقّ الّذي يطلقه أهل الكشف والتّجلّي ، فهذا حكمة كونه لطيفا ).

فقال رضي الله عنه  : ( ثم قالت ) الأشاعرة : ( ويختلف ) الجوهر الواحد إلى موجودات متعددة ( بالأعراض ) المختلفة ، ( وهو قولنا : وتختلف العين الواحدة ) بالصور والنسب ، وبالجملة ( تتكرر بالصور والنسب ) في هذا الظهور مع الوحدة الشخصية في الأصل ، ( حتى يتميز ) كل شيء عما عداه ، حتى الأصل عن الفرع والفرع بعضه عن بعض ،

فقال رضي الله عنه  : ( فيقال : هذا ليس من حيث صورته ) الحسية أو النوعية أو الشخصية ، ( أو عرضه ) العام أو الخاص ، ( أو مزاجه كيف شئت ، فقل : ) فإنه لا خلاف في صحة جميع ذلك ، ولا ينافي هذا التعدد والتميز ما قلنا من وحدة العين ،

إذ يقال عندهم أيضا : ( هذا عين هذا من حيث جوهره ) ، وإن تعدد جوهرا بالشخص ، لكنهما اتخذا بالنوع ، وهو حقيقة واحدة تعددت بالصور والأعراض والأمزجة .

فقال رضي الله عنه  : ( ولهذا ) أي : ولاتحاد الجوهر بالحقيقة ( تؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة ومزاج ) ، فيقال : الملك جوهر مجرد ، والجسم جوهر قابل للقسمة في الأبعاد الثلاثة على زوايا قائمة ، وقد أخذنا الجسم في حد العناصر والجماد والنبات والحيوان ، فهو أخذ الجوهر في ذلك ، ( فنقول نحن : إنه ليس ) الجوهر المأخوذ في الحدود ( سوى ) الخلق باعتبار ظهور في الأشياء ؛ لأن المراد به الأصل الذي تقوم به الصور والأمزجة والأعراض ، ولا يحصل شيء منها للمعدوم ،

فهي لاحقة بالوجود الذي هو إشراق نور ( الحق ) فيه ، وهو الذي يسميه بالحق الظاهر في الكل ؛ لأنه الثابت أولا ، ويتبدل عليه ، ويلحق الصور والأحوال والنسب والأمزجة ، ( ويظن المتكلم ) من الأشاعرة وغيرهم ( أن مسمى الجوهر ، وإن كان حقّا ) بمعنى : أن الثابت في الواقع بحيث يتبدل عليه ما ذكرنا ويلحقه ( ما هو ) عندهم ( عين الحق الذي ) هو صورة الوجود الحقيقي ،

إذ يزعمون أن وجود كل شيء عرض عام له أو عين إعراضه ولواحقه المتبدلة ، ولا يقولون بأنه صورة ذلك الوجود الحقيقي ، فليس هو الذي ( يطلقه أهل الكشف والتجلي ) جمع بينهما ؛ لأن من الناس من يكاشف ببعض الأمور ، ولا يكاشف بتجلي الحق والتجلي بظهور الحق حاصل لكل أحد مع أنه لا كشف لأكثرهم ؛ ( فهذه ) النكتة ( حكمة كونه لطيفا ) لا ما تتوهمه العامة من أن المراد به أنه غير محسوس ، أو أن العالم بدقائق الأمور وأنه البر بعباده .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

فهو المشار إليه بقوله رضي الله عنه  : ( وفيه كما يقول الأشاعرة : إنّ العالم كلَّه متماثل بالجوهر ، فهو جوهر واحد ) بالنوع على زعمها ، ( فهو عين قولنا : « العين واحدة » ) إنما يختلف بمجرّد الاصطلاح .

قال رضي الله عنه :  (ثمّ قالت: « ويختلف بالأعراض ». وهو قولنا : وتختلف وتتكثر بالصور والنسب حتّى تتميّز) بحسبها ، فتكون موردا للأحكام المتقابلة الموهمة للتفرقة في العين والجوهر ( فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته ) في عرف التحقيق ( أو عرضه ) في عرف التكلَّم ( أو مزاجه ) في عرف الحكمة ( كيف شئت فقل ) فإنّ المؤدّى في الكل واحد .

قال رضي الله عنه :  ( وهذا ) الواحد المشخّص بتلك الصور والأعراض ( عين هذا ) الآخر المشخّص بها ( من حيث جوهره ، ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حد كل صورة ) كما يقال في تعريفها : « إنّها المتقوّم بالمحلّ » وهو الجوهر . هذا في عرف التحقيق وفي عرف الحكمة يقال لها : المزاج . وإليه أشار بقوله : ( ومزاج ) .

كما يقال : هو الكيفيّة الوحدانيّة الحاصلة من تفاعل الكيفيّات . والكيفيّة هي عرض غير قابل للقسمة والنسبة ، والعرض هو الموجود في موضوع ، وهو الجوهر وما تعرض للعرض الذي هو عرف المتكلَّم ، اكتفاء بالمزاج ، فإنّه عرض كما عرفت .
ثمّ إذا تقرّر أنّ الجوهر عين هذه الصور ، المعبّر عنها بوجوه من العبارات المتخالفة حسب اختلاف الاصطلاحات والاعتبارات ،


قال رضي الله عنه :  (فنقول نحن :"إنّه ليس سوى الحقّ"، ويظنّ المتكلَّم أنّ مسمّى الجوهر وإن كان حقّا) ثابتا عنده ، مطابقا لما هو الواقع في نفسه (ما هو عين الحقّ الذي يطلقه أهل الكشف والتجلَّي) على مشهودهم ، فإنّهم يطلقونه عن الجوهريّة أيضا
( وهذا حكمة كونه لطيفا ) حيث أنّه سرى في المعلوم من كلّ صورة ومعنى بما يتنوّع به ويتشخّص منه ، حتى يعطيه اسمه وحده وهو الذي من آيات أنّه هو هو ، كما بيّن أمره في صناعة الميزان .
هذا ما له من التشبيه والسريان بحسب العين الوجودي .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.  فهذا حكمة كونه لطيفا. )

قال رضي الله عنه : ( كما تقول الأشاعرة : إنّ العالم كلّه متماثل بالجوهر : فهو جوهر واحد ، فهو عين قولنا العين واحدة . ثمّ قالت : ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكرّر بالصّور والنسب حتّى يتميّز فيقال : هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه )

قال رضي الله عنه : ( كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر فهو جوهر واحد فهو عين قولنا العين واحدة) .
(ثم قالت ) الأشاعرة : ( ويختلف ) ، أي الجوهر الواحد ( بالأعراض ) المختلفة ( وهو قولنا ويختلف ويتكثر ) ، أي العين الواحدة ( بالصور والنسب حتى يتميز) ببعض الصور والنسب عن بعض ( حيث يقال : هذا ليس من حيث صورته ) في عرفنا ( أو ) من حيث ( عرضه ) في عرف المتكلم ( أو ) من حيث ( مزاجه ) في عرف الحكمة.

قال رضي الله عنه :  ( كيف شئت فقل . وهذا عين هذا من حيث جوهره . ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حدّ كلّ صورة ومزاج ، فنقول نحن إنّه ليس سوى الحقّ ؛ ويظنّ المتكلّم أنّ مسمّى الجوهر وإن كان حقّا ، ما هو عين الحقّ الّذي يطلقه أهل الكشف والتّجلّي ، فهذا حكمة كونه لطيفا . )

 ( كيف شئت فقل و ) يقال : ( هذا عين هذا ) ، أي ( من حيث جوهره ) مثلا تقول الأشاعرة : ( ولهذا يؤخذ عين الجوهر في حدّ كل ) ذي ( صورة و ) ذي ( مزاج فنقول نحن أنه ) ،
أي الجوهر المأخوذ في كل حدّ ( ليس سوى الحق ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا ) ، أي متحققا ثابتا ( ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي ) ، وهو الوجود الحق الذي أوجد الأشياء بلطف سريانه فيها . ( فهذا حكمة كونه لطيفا).

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:30 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).


قال رضي الله عنه :  ( ثمّ نعت فقال :خَبِيرٌ[ لقمان : 16 ] أي عالم عن اختبار وهو قوله :وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ [ محمد : 31 ] . وهذا هو علم الأذواق . فجعل الحقّ نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما . ولا تقدر على إنكار ما نصّ الحقّ عليه في حقّ نفسه . ففرّق تعالى ما بين علم الذّوق والعلم المطلق . فعلم الذّوق مقيّد بالقوى . وقد قال عن نفسه إنّه عين قوى عبده في قوله : "كنت سمعه " ، وهو قوّة من قوى العبد ، « وبصره » وهو قوّة من قوى العبد ، " ولسانه " وهو عضو من أعضاء العبد ، « ورجله ويده » فما اقتصر في التّعريف على القوى فحسب حتّى ذكر الأعضاء : وليس العبد بغير هذه الأعضاء والقوى . فعين مسمّى العبد هو الحقّ ، لا عين العبد هو السّيّد . )


قال رضي الله عنه :  (ثم نعت) ، أي لقمان عليه السلام ربه تعالى (فقال : خبير ، أي عالم) بكل شيء علما صادرا (عن اختبار) ، أي امتحان منه تعالى لكل شيء (وهو) معنى (قوله) تعالى : (" وَلَنَبْلُوَنَّكُم")  ْيا معشر المكلفين ( "حَتَّى نَعْلَمَ") الْمُجاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَا أَخْبارَكُمْ [ محمد : 31 ] ، فنبلوكم ، أي نختبركم ونمتحنكم ليظهر لكم عندكم اسمنا الخبير كما ظهر بإيجادكم ابتداء اسمنا العليم وبقية أسمائنا عندكم .


قال رضي الله عنه :  (وهذا) المعنى الحاصل بالبلاء (هو علم الأذواق) الذي يفتح اللّه تعالى به على قلوب الصديقين فيتخلقون باسمه تعالى العليم الخبير بعد أن يتحققوا به ويتعلقوا بأثره ومظهره (فجعل الحق) تعالى في هذه الآية (نفسه ) سبحانه (مع) كمال (علمه بما هو الأمر عليه) من حال كل شيء (مستفيدا علما) من غيره باعتبار ظهور أثر اسمه الخبير بامتحان العبد وابتلائه شيئا فشيئا لطفا منه تعالى بعباده ، حتى يتم ظهور اسمه الخبير من حيث استعداد ذلك العبد فيحصل علم الذوق والوجدان لذلك العبد على حسب ظهور الاسم الخبير بكثير المحنة وقليلها وحقيرها وجليلها .

قال رضي الله عنه :  (ولا يقدر) أحد من الناس (على إنكار) ، أي جحود (ما نص الحق تعالى (عليه) في كلامه القديم (في حق نفسه) تعالى مما ذكر هنا وأمثاله (ففرق تعالى)
بمقتضى هذه الآية (ما بين علم الذوق) الذي يفتح به على قلوب الأولياء أثرا عن ظهور اسمه تعالى الخبير على حسب استعدادهم لذلك ؛ ولهذا لا يكون إلا بعد المحنة والفتنة والبلاء والصبر من العبد والاحتساب فيه لوجه اللّه تعالى (و) بين (العلم المطلق) عن قيد الذوق وهو علم الرسوم الظاهرة الحاصل في خيال العبد وفهمه وحفظه دون ذوقه وجدانه وكشفه الذي هو أثر عن ظهور اسمه تعالى العليم بحسب استعداد العبد لذلك ولا يلزم أن يكون بعد محنة وبلاء .

قال رضي الله عنه :  (فعلم الذوق) والوجدان (مقيد) إدراكه (بالقوى) جمع قوّة ، لأنه ذوقي وجداني لا بالخيال والفكر والتصوّر في الذهن كالعلم المطلق (وقد قال) تعالى (عن نفسه) بلسان نبيه عليه السلام في حديث : « لا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به » إلى آخره .

قال رضي الله عنه :  (إنه) تعالى بوجوده القيوم القديم (عين قوى عبده) المؤمن به (في قوله) في الحديث المذكور (كنت سمعه) الذي يسمع به (وهو) ، أي سمع (قوة) روحانية منفوخة في جسد العبد من روح اللّه القائم بأمره سبحانه (من) جملة (قوى العبد) المؤمن (و) كنت (بصره) الذي يبصر به (وهو) أي البصر (قوّة) أيضا روحانية منفوخة في الجسد من جملة (قوى العبد) أيضا وكنت (لسانه) الذي ينطق به (وهو) ، أي اللسان (عضو) جسماني فيه قوة روحانية أيضا منفوخة من روح اللّه تعالى القائم بأمره تعالى من جملة (أعضاء العبد) المؤمن وكنت (رجله ويده) أيضا كما ورد في لفظ الحديث .

قال رضي الله عنه :  (فما اقتصر) تعالى (في التعريف) ، أي تعريف عبده به (على) أنه تعالى هو (القوى) ، أي قوى العبد الروحانية المذكورة (فحسب) ، أي فقط حتى أنه تعالى (ذكر الأعضاء) الجسمانية أيضا (وليس العبد بغير) ، أي بشيء زائد مغاير (هذه الأعضاء) الجسمانية (والقوى) الروحانية ، وقد ذكر في الحديث أمهات ذلك وأصوله وهي اللسان واليد والرجل ، ولم يذكر الفرج ولا الأنف ولا الأذن ونحوها لتبعيتها لما ذكر ، والسمع والبصر من أشرف القوى الروحانية فذكرتا ، والبقية تبع لذلك ، والمراد الجميع .


قال رضي الله عنه :  (فعين مسمى العبد) ، أي مجموع ما يسمى بالعبد من الأعضاء والقوى (هو الحق) تعالى من حيث التجلي بالوجود ، ولهذا قال : الذي يسمع به والذي يبصر به يبطش بها ، احترازا عن الصورة المسماة بسمعه وبصره ويده ورجله مما لا تأثير لها دون اللّه تعالى ، فكأنه قال : المؤثر من ذلك ، وليس هو إلا الحق تعالى (لا) أن (عين العبد) الذي هو مجموع صور تلك الأعضاء والقوى (هو السيد) ، أي الرب تعالى .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).

قال رضي الله عنه :  ( ثم نعت ) لقمان الحق ( فقال خبيرا أي عالما عن اختبار وهو ) أي كون الحق عالما عن اختبار قوله تعالى:  (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ) [ محمد : 31 ] .

قال رضي الله عنه :  (وهذا ) أي العلم الاختباري ( هو علم الأذواق ) أي مختص بالذوق الذي لا يحصل إلا بالقول (فجعل الحق نفسه مع علمه ) بالعلم المطلق ( بما هو الأمر عليه مستفيدا علما ) بقوله حَتَّى نَعْلَمَ وهو علم الذوق لا العلم المطلق .
( ولا يقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق ) بقوله حَتَّى نَعْلَمَ فيتميز الاسم الخبير من الاسم العليم ( فعلم الذوق مقيد بالقوى ) الروحانية أو الجسمانية .


قال رضي الله عنه :  ( وقد قال تعالى عن نفسه أنه عين قوى عبده في قوله كنت سمعه وهو ) أي السمع ( قوة من قوى العبد وبصره وهو قوة من قوى العبد ولسانه وهو عضو من أعضاء العبد ورجله ويده ، فما اقتصر في التعريف ) أي في تعريف نفسه ( على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء ) لحصول العلم الذوقي.

قال رضي الله عنه :  ( وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى ) فعلى هذا ( فعين مسمى العبد ) ومسمى العبد مجموع الأعضاء والقوى ( هو الحق لا عين العبد هو السيد ) .
فإذا اعتبر السيادة والعبودية لا يمكن أن يكون أحدهما عين الآخر وإنما لم يكن عين العبد هو السيد وكان عين مسمى العبد هو الحق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).

قال رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.  فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.  وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده». فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة. والباقي ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).

قال رضي الله عنه  : ( ثم نعت فقال : «خبير» أي عالم عن اختبار وهو قوله :" وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ " ) [محمد : 31] .
يشير رضي الله عنه:  إلى العلم الثابت للحق من حيث حقّية وجود العباد .
قال رضي الله عنه  : ( وهذا هو علم الأذواق ، فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه - مستفيدا علما ، ولا تقدر على إنكار ما نصّ الحق عليه في حق نفسه ، ففرّق ما بين علم الذوق والعلم المطلق ، فعلم الذوق مقيّد بالقوى ، وقد قال عن نفسه : إنّه عين قوى عبده في قوله : « كنت سمعه » وهو قوّة من قوى العبد ، و " بصره " وهو قوّة من قوى العبد و« لسانه » وهو عضو من أعضاء العبد و" رجله ويده " وما اقتصر في التعريف على القوى فحسب ، حتى ذكر الأعضاء وليس العبد بغير هذه الأعضاء والقوى ، فعين مسمّى العبد هو الحق ، لا عين العبد هو السيد ،)

يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ قوله : « لطيف خبير » إخبار بأنّه موصوف باللطف والخبرة ، والإخبار بكونه كذلك - إذا كان عن كونه كذلك في وجوده ومقتضى ذاته من مقام كان الله - كان إخبارا بكونه خبيرا عن خبرة لرعاية النسبة ،
فإنّه يخبر حينئذ عن خبره أنّه كان كما كان أزلا في ذاته خبيرا فهو كذلك في نفسه بلا قرينة دالَّة على الخبرة ، بخلاف « كان » فإنه دلالة وجودية ، ولكن لقمان عليه السّلام لمّا كان بصدد بيان الإخبار عن الواقع ، قال بهذه الصيغة ، وهي اللطيف الخبير جزما ليتحقّق ابنه أنّه قد تحقّق ذلك ، فافهم ، فإنّه دقيق لطيف .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).

قال رضي الله عنه :  وهذا هو علم الأذواق ، فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما ، ولا يقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه ، ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق ، فعلم الذوق مقيد بالقوى ، وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله « كنت سمعه » وهو قوة من قوى العبد ، وبصره وهو قوة من قوى العبد ، ولسانه وهو عضو من أعضاء العبد ، ورجاء ويده ، فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء ، وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى ، فعين مسمى العبد هو الحق لا عين العبد وهو السيد الرؤف) .
أي هوية العبد وحقيقته من غير نسبة العبدانية هو الحق من غير نسبة الإلهية والسيدية ، إلا أن عين العبد من حيث أنه عبد أعنى مع نسبة العبودية هو السيد من حيث أنه سيد مع نسبة السيادة
( فإن النسب متميزة لذاتها وليس المنسوب إليه متميزا ) أي من حيث الحقيقة .

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).

قال رضي الله عنه :  ( ثم نعت وقال : "خبيرا". أي ، عالما عن اختبار وهو ) أي ، العلم الاختباري هو الذي دل عليه (قوله : "ولنبلونكم حتى نعلم" . وهذا هو علم الأذواق) أي وهذا العلم هو الذي يحصل بالذوق والوجدان للهوية الإلهية في مظاهر الكمل وأصحاب الأذواق .
قال رضي الله عنه :  (فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما . ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه . ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق )
بقوله : ( حتى نعلم ) الذي هو من حضرة الاسم ( الخبير ) المتميز بالتقيد بالذوق عن حضرة الاسم ( العليم ) .
( فعلم الذوق مقيد بالقوى . ) إذ الذائق لا يذوق ذلك ولا يجده إلا بالقوى الروحانية ، أو الجسمانية .

قال رضي الله عنه :  ( وقد قال تعالى عن نفسه ) أي ، أخبر عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله : "كنت سمعه" . وهو قوة من قوى العبد . "وبصره" وهو قوة من قوى العبد "ولسانه " وهو عضو من أعضاء العبد ، "ورجله ، ويده " . فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب ، حتى ذكر الأعضاء ، وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى . فعين مسمى العبد هو الحق ، لا عين العبد هو السيد )
أي ، العين الواحدة التي لحقتها العبودية وصارت مسماة بالعبد هو الحق مجردة عن العبودية ، وليس عين العبد مع صفة العبودية عين السيد مع صفة السيادة .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:30 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ نعت فقال :خَبِيرٌ[ لقمان : 16 ] أي : عالم عن اختبار وهو قوله :وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ[ محمد : 31 ] ، وهذا هو علم الأذواق ، فجعل الحقّ نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما ، ولا تقدر على إنكار ما نصّ الحقّ عليه في حقّ نفسه ؛ ففرّق تعالى ما بين علم الذّوق والعلم المطلق ، فعلم الذّوق مقيّد بالقوى ، وقد قال عن نفسه : إنّه عين قوى عبده في قوله : « كنت سمعه » ، وهو قوّة من قوى العبد ، « وبصره » وهو قوّة من قوى العبد ، « ولسانه » وهو عضو من أعضاء العبد ، « ورجله ويده » فما اقتصر في التّعريف على القوى فحسب حتّى ذكر الأعضاء : وليس العبد بغير هذه الأعضاء والقوى ؛ فعين مسمّى العبد هو الحقّ ، لا عين العبد هو السّيّد )
 
فقال رضي الله عنه  : ( ثم ) أي : بعد ذكره اللطيف الدّال على سريان ما أشرق من نوره في الكل بحيث يصير الكل كأنه هو عقب اللطيف بما يدل على سبب لطفه ، والمقصود منه ،
( فقال :خَبِيرٌ[ الحج : 63] أي : عالم عن اختبار ) ، وهذا العلم بالاختبار وإن كان جاريا ، فهو في حقه تعالى ثابت باعتبار ظهوره في هذه المظاهر ، وكيف لا ( وهو ) ما دل عليه ( قوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ[ محمد : 31 ] ) ، وكيف لا يكون هذا العلم مطلوبا للحق ، وإن كان علمه في الأزل كاملا ؟
 
فقال رضي الله عنه  : (وهذا هو علم الأذواق ) والذوق بالمعلوم مطلوب للعالم منا ، فكذا للحق ، وإن لم يؤثر فيه شيء ، فلا شكّ أنه يؤثر في صور ظهوره ، وهو عالم بما يكون فيها ، فيكون بذلك كأنه عالم بالذوق ، ( فجعل الحق نفسه ) مع تنزيهه عن أن يكون محلا للحوادث باعتبار استقرارها في مقر غيرها ، مع علمه في الأزل ( بما هو الأمر ) أي : أمر كل موجود ( عليه ) بطريق علم اليقين ( مستفيدا علما ) ، فهو وإن لم يتجدد في حقه علم لا بطريق الذوق ، ولا بطريق آخر قلناه على ما يعلم من ذوق صور ظهور ومظاهرة ، فجعلناه علما ذوقيّا في حقه ؛ وذلك لأنه ..
 
فقال رضي الله عنه  : ( لا يقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه ) فلابدّ من تأويله بهذا التأويل.
وقد أشار الحق إلى هذا التأويل في تسمية العلمين ( ففرق تعالى ما بين علم الذوق ) فسماه اختبارا وابتلاء ، وسمى نفسه باعتباره خبيرا ( بالعلم المطلق ) وسماه علما ، وسمى نفسه عليما ، فالعلم المطلق لعدم توقفه على أمر حصل له بذاته ، والذوقي لتقييده توقف على حصول سببه ، وعلى صيرورة الحق كأنه ذلك السبب بظهوره فيه حتى كأنه عينه ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( فعلم الذوق مقيد بالقوى ) إذ لا بدّ له من ذائق ، وليس سوى القوى المدركة بالاستقراء والوجدان ، فظهر فيها ليصير كأنه ذائق بما تذوقه القوى ، بل في صاحبها كأنه عينه ، وهو الذائق في الأصح ، ( وقد قال تعالى عن نفسه ) فيما روي عنه صلّى اللّه عليه وسلّم من قوله : « ولا يزال العبد يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها ، ولسانه الذي ينطق به ".
 
فكأنه قال رضي الله عنه  : ( أنه عين قوى عبده ) في قوله : كنت ( سمعه ) ويده ، وهو وإن صار مجلي الحق وحتى كأنه عينه ( قوة من قوى العبد ) ، فيجوز كونه محلا للحوادث ، فيحدث فيه علم ذوقي ، وهو إن لم يكن محلا للمسموع ، فلا شكّ أن البصر محل لانطباع صورة المرئي ،
وقد قال رضي الله عنه  : ( وبصره ) ، وهو أيضا ( قوة من قوى العبد ) ، وهما إن لم يكونا ذائقين فلا شكّ في أن لسانه هو الذائق ،
 
وقد قال رضي الله عنه  : ( لسانه ، وهو عضو من أعضاء العبد ) ، وإن قلنا : لا ذوق فيه أيضا بل في العبد ، فقد قال : ( ورجله ويده ، فما اقتصر في التعريف ) أي : ظهور الحق بصور الخلق ( على القوى فحسب ، حتى ) لو لم تكن القوى ذائقة لم يكن الحق ذائقا بذوق العبد ؛ لأنه تجلى في جميع قواه وأعضائه .
 
فقال رضي الله عنه  : ( وليس العبد بغير هذه الأعضاء والقوى ) ، فسواء كانت الذائقة هي القوى والأعضاء ، أو العبد كان الحق كأنه ذائق بذوقها ، وإن لم يكن محلا للحوادث ؛ لأن الذائق في العبد إنما هو صورة الحق ، إذ قبل الوجود لا يمكن حصول شيء من هذه الأذواق ، ( فعين مسمى العبد ، وهو ) الوجود الظاهر في عينه ، إذ قبل ذلك ،
 
وإن شئت عينه ؛ فلا يسمى عبدا هو العبد باعتبار إشراق نوره فيه ، والعبد إنما يذوق ما يذوق بهذا المسمى ، فينسب إلى ( الحق لا عين العبد ) أي : حقيقته هو ( السيد ) ، فلا ينسب إلى الحق من العلم ، وما ينتسب إلى العبد من التأثير.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).
 
التشبيه في الصفة
وأما العلميّ الشهوديّ منه ، فإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : (ثمّ نعت فقال: خبيرا، أي عالما عن اختبار) فإنّ من العلوم الذي يتّصف بها الحقّ هو العلم بالجزئيّات بعد الاختبار ، وعقيب الإظهار المترتّب على الاستتار ، المنساق أمر تمامه إلى الإخبار على ما دلّ عليه النصّ القرآني (وهو قوله : “ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ “) [ 47 / 31 ] ، فإنّ الخبر لغة هو معرفة الأشياء بطريق الخبر والبيان .
وقيل : هو المعرفة ببواطن الأشياء.


وحيث أنّ الكلام الكامل هو الجامع بين المعنيين بصدقهما عليه فإنّه هو البيان المنبئ عن البواطن كنهها ، بصورتيه الرقميّ واللفظيّ ، وكسوتيه القطعيّ والمزجيّ يكون من امّهات ما يتحصّل به الخبر ، ويتوصّل منه العالم إلى أن يكون خبيرا وبيّن أن مدركه هو السمع ، كما أنّ مدرك غيره من تلك الأمهات هو باقي القوى والجوارح .
وإليه أشار بقوله :
 
علم الأذواق
قال رضي الله عنه : ( وهذا هو علم الأذواق ) المستفاد بهذه القوى والجوارح من مبادئها المدركة بها ، ( فجعل الحقّ نفسه - مع علمه بما هو الأمر عليه - مستفيدا علما ، ولا نقدر على إنكار ما نصّ الحقّ عليه في حقّ نفسه ) فإنّه مما يستنكره أهل الظاهر كل الإنكار وفي هذه العبارة لطيفة إجمالا كما فيما سبق ، حيث حكى عن المتكلمين أنّهم مقرّون فعلا بلسان الإنكار .
 
قال رضي الله عنه : ( ففرّق تعالى ما بين علم الذوق ) هذا ( والعلم المطلق ) كما قال : "وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ 57 / 3 ] فأطلق . وقال :"وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ " فقيّد .
 
قال  رضي الله عنه : (فعلم الذوق مقيّد بالقوى ، وقد قال عن نفسه : أنّه عين قوى عبده في قوله: «كنت سمعه» وهو قوّة من قوى العبد ، «وبصره» وهو قوّة من قوى العبد ) وجزء من أجزاء باطنه ، ( « ولسانه » وهو عضو من أعضاء العبد ) وجزء من أجزاء ظاهره ، ( « ورجله ويده » ) وهما البرزخ بينهما
 
قال  رضي الله عنه : ( فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب ، حتى ذكر الأعضاء ، وليس العبد بغير لهذه  الأعضاء والقوى فعين مسمّى العبد هو الحقّ ، لا عين العبد هو السيّد ) .
 
أي المجموع من تلك القوى والأعضاء التي هي مسمّى العبد ، الذي هو من المفهومات الإضافيّة ، فإنّه إنّما يعقل بالقياس إلى سيّده عين الحقّ الواحد بدون هذه الإضافة ، فإنّ أحد المتضايفين من حيث هو كذلك لا يمكن أن يكون المتضائف الآخر من حيث هو الآخر .
"" أضاف المحقق :
قال القيصري: أي العين الواحدة التي لحقتها العبوديّة وصارت مسماة بالعبد، هو الحق مجردة عن العبودية وليس عين العبد مع صفة العبودية عين السيد مع صفة السيادة.أهـ شرح القيصري.""
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق.
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق، فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.   فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد،).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ نعت فقال :خَبِيرٌ[ لقمان : 16 ] أي عالم عن اختبار وهو قوله : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ [ محمد : 31 ] . وهذا هو علم الأذواق . فجعل الحقّ نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما . ولا تقدر على إنكار ما نصّ الحقّ عليه في حقّ نفسه. ففرّق تعالى ما بين علم الذّوق والعلم المطلق. فعلم الذّوق مقيّد بالقوى . وقد قال عن نفسه إنّه عين قوى عبده في قوله : « كنت سمعه » ، وهو قوّة من قوى العبد ، « وبصره » وهو قوّة من قوى العبد ، « ولسانه » وهو عضو من أعضاء العبد ، « ورجله ويده » فما اقتصر في التّعريف على القوى فحسب حتّى ذكر الأعضاء : وليس العبد بغير هذه الأعضاء والقوى . فعين مسمّى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد. )
 
ثم نعت ) اللّه سبحانه ( وقال خَبِيرٌ، أي عالم عن اختبار وهو ) ، أي العلم الاختباري ما يدل عليه ( قوله :وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ، وهذا هو علم الأذواق فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما ولا يقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه ففرق ) ، تعالى مبينا ( ما بين علم الأذواق والعلم المطلق ( ، من الفرق بقوله : حتى يعلم الدال على تقييده بالذوق .
( فعلم الذوق مقيد بالقوى ) إذ الذائق لا يذوق ذلك إلا بالقوى الروحانية والجسمانية ( وقد قال ) تعالى : ( عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله : كنت سمعه وهو قوة من قوى العبد وبصره وهو قوة ) أخرى ( من قوى العبد ولسانه وهو عضو من أعضاء العبد ورجله ويده فما اقتصر في التعريف ) ، أي تعريف الحق بسريانه بالعبد ( على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى فعين مسمى العبد) مجرد عن نسبة العبدية ( هو الحق لا عين العبد ) المقيد بنسبة العبدية ( هو السيد ) ، أي الحق مأخوذا مع نسبة السيادة .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:31 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ النّسب متميّزه لذاتها ؛ وليس المنسوب إليه متميّزا ، فإنّه ليس ثمّة سوى عينه في جميع النّسب . فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات . فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيّين : لطيف خبير سمّى بهما اللّه تعالى . فلو جعل ذلك في الكون - وهو الوجود - فقال : « كان » لكان أتمّ في الحكمة وأبلغ. فحكى اللّه تعالى قول لقمان على المعنى كما قال لم يزد عليه شيئا . وإن كان قوله :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [ لقمان : 16 ] من قول اللّه - فلما علم اللّه تعالى من لقمان أنّه لو نطق متمّما لتمّم بهذا . )
 
قال رضي الله عنه :  (فإن النّسب) جمع نسبة أي نسبة السمع مثلا ونسبة البصر ، وكذلك نسبة اللسان واليد والرجل بالنظر إلى كونها حضرات أسمائية (متميزة) بعضها عن بعض (لذاتها) بالصور والهيئات القائمة بها لها ، فإذا كان الحق تعالى عين كل واحدة منها بانفرادها كان متميزا عنها أيضا بما تميز به بعضها عن بعض ، فلا يكون الحق تعالى عين العبد وإن كان تعالى عين كل عضو منه وكل قوة من قواه .
 
قال رضي الله عنه :  (وليس) الحق تعالى (المنسوب إليه) كل عضو وقواه العبد (متميزا) عن ذلك المنسوب إليه حتى يكون عين العبد الذي هو مجموع ما به التمييز من الصور الجسمانية والروحانية ، بل هو تعالى عين كل عضو وقوة (فإنه ليس ثم) ، أي هناك في ظاهر العبد وباطنه سوى عينه تعالى في جميع النسب الجسمانية والروحانية .
 
قال رضي الله عنه :  (فهو) تعالى (عين واحدة ذات نسب وإضافات) كثيرة (وصفات) مختلفة وتلك النسب والإضافات والصفات تتميز عنه ويتميز بعضها عن بعض بمسمى العبد في الظاهر من الصور الحسية والعقلية .
(فمن تمام حكمة لقمان) عليه السلام (في تعليمه ابنه ما جاء به) من العلم الإلهي (في هذه الآية) المذكورة (من هذين الاسمين الإلهيين) وهما كونه تعالى (لطيفا خبيرا سمّى) ، أي لقمان عليه السلام (بهما) ، أي بهذين الاسمين (اللّه تعالى) في آخر حكمته تتميما لها بوحي من اللّه تعالى إليه بذلك
 
قال رضي الله عنه :   (فلو جعل) ، أي لقمان عليه السلام (ذلك) ، أي تسميته للّه تعالى (في الكون وهو) ، أي الكون (الوجود) على وجه الدوام والاستمرار (فقال) ، أي لقمان عليه السلام (كان) اللّه لطيفا خبيرا (لكان) هذا (أتم) من عدم ذلك (في) بيان (الحكمة وأبلغ) منه (فحكى اللّه تعالى قول لقمان) عليه السلام (على المعنى) دون اللفظ (كما قال) ، أي مثل قوله عليه السلام (لم يزد عليه) تعالى (شيئا) وحاشا للّه تعالى من الزيادة والنقصان في حكاية قول أحد :
وما أصدق من اللّه تعالى
 
قال رضي الله عنه :   (وإن كان قوله) ، أي لقمان عليه السلام (إن اللّه لطيف خبير من قول اللّه) تعالى لأنه حكاية منه تعالى عن لقمان عليه السلام (لما علم اللّه تعالى) في الأزل (من لقمان) عليه السلام (أنه لو نطق متمما) لحكمته (لتمم) لقمان عليه السلام حكمته (بهذا) التمميم المذكور ، فلهذا تممها اللّه تعالى بذلك في كلامه القديم حكاية عنه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن النسب متميزة لذاتها ) وهي السيادة والعبودية وغيرهما ( وليس المنسوب إليه متميزا فإنه ليس ثمة ) أي في العالم ( سوى عينه في جميع النسب فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات ) وما الكثرة إلا في هذه المراتب والعين التي ظهرت فيها واحدة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهين لطيفا خبيرا سمى بهما اللّه تعالى فلو جعل ذلك ) أي ما جاء به من الاسمين ( في الكون وهو الوجود فقال كان اللّه ) لطيفا خبيرا .
( لكان ) ذلك القول ( أتم في الحكمة وأبلغ ) لدلالته على اتصاف الحق في الأزل بهذين الاسمين بخلاف قوله إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ.
 
قال رضي الله عنه :  ( فحكى اللّه قول لقمان على المعنى كما قال ) لقمان ( لم يزد عليه شيئا ) من الكون ( وإن كان قوله ) أي قول لقمان (إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌمن قول اللّه ) فإن اللّه أخبر عن نفسه بذلك لجميع الأنبياء لكن لما تكلم به لقمان في تعليمه لابنه جعل اللّه من قول فحكى عنه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلما علم اللّه تعالى من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا ) فحكاية اللّه قول لقمان من غير زيادة مع احتياجه إلى الزيادة كانت من تمام حكمة لقمان
وإنما لم ينطق متمما مع أن المقام التتميم لأنه أورد في مقام التعليم والنصيحة
فالواجب عليه الإتيان بما هو أول على المعرفة باللّه متأدبا مع اللّه لعلمه أن هذا القول قول اللّه
 
فحكى كما قال لابنه من غير زيادة فتأدب اللّه معه فحكى قوله كما قال فكان عدم نطقه متمما مع علمه بالتتميم من تمام كلمته
فجواب فلما محذوف لدلالة قوله فحكى اللّه تقديره فلما علم اللّه من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا حكى اللّه قوله كما قال لم يردّ عليه شيئا حذف للعلم به .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).


قال رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات. فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى. فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ. فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة. والباقي ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإنّ النسب متميّزة لذاتها ، وليس المنسوب إليه متميّزا فإنه ليس ثمّ سوى عينه معه فيتميّز عنه ، فهو هو وحده في جميع نسبه الذاتية التي هي عينه ، فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وأسماء وصفات ، فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين « لطيفا خبيرا » سمّى بهما الله ، فلو جعل ذلك في الكون - وهو الوجود - فقال : « كان » ، لكان أتمّ في الحكمة وأبلغ ، فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال ، ولم يزد عليه شيئا ).
 
يشير رضي الله عنه:  إلى أنّ قوله : « لطيف خبير » إخبار بأنّه موصوف باللطف والخبرة ، والإخبار بكونه كذلك - إذا كان عن كونه كذلك في وجوده ومقتضى ذاته من مقام كان الله - كان إخبارا بكونه خبيرا عن خبرة لرعاية النسبة ،
فإنّه يخبر حينئذ عن خبره أنّه كان كما كان أزلا في ذاته خبيرا فهو كذلك في نفسه بلا قرينة دالَّة على الخبرة ، بخلاف « كان » فإنه دلالة وجودية ، ولكن لقمان عليه السّلام لمّا كان بصدد بيان الإخبار عن الواقع ، قال بهذه الصيغة ، وهي اللطيف الخبير جزما ليتحقّق ابنه أنّه قد تحقّق ذلك ، فافهم ، فإنّه دقيق لطيف .
 
قال رضي الله عنه  : ( وإن كان قوله : « إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ » من قول الله ) يعني في القرآن ، ( فلما علم الله تعالى من لقمان أنّه لو نطق متمّما لتمّم بهذا )
 .
يعني في اللغة العربية ومن حيث دلالة لفظ لقمان بلسانه ولغته بهذا ، وذلك من حيث التحقيق والنظر الدقيق ، والعذر ما ذكرنا ،
فاذكر فإنّه بثبوت كونه أوتي الحكمة ، ثم هو فيما نحن بصدد بيانه في مقام التعليم والإرشاد لابنه وثبوت بنوّة ابنه مع أبوّته له ، وبصحّة ثبوته عند ابنه وعندنا ، فقام بهذه القرائن إخباره عن الواقع إخبارا حقيقيا جازما ،
فقام الإخبار عن خبرة ووجود ، كما لو قال : « كان الله لطيفا خبيرا » وهذا وإن كان كذلك ، فالمبالغة والإتمام لسياق الكلام على الوجه الأنسب أنسب في الحكمة ، فأخبر الله عنه صورة ما جرى ، والحال الواقع من غير زيادة ولا نقصان .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات ، فمن تمام حكمة لقمان في تعليم ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين لطيفا وخبيرا سمى بهما الله ، فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال كان لكان أتم في الحكمة وأبلغ في الموعظة ، فحكى الله تعالى قول لقمان على المعنى كما قال لم يزد عليه شيئا ) يعنى أن قوله :" إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ " .
 
إخبار بأنه تعالى موصوف باللطف والخبرة ، وذلك يدل على أنه تعالى كذلك في الواقع ، ولا يدل على أن وجوده يقتضي ذلك ،
فلو أتى بالكلمة الوجودية الدالة على اتصافه بالصفتين المذكورتين في الأزل فقال وكان الله لطيفا خبيرا لكان أتم في الحكمة وأبلغ لدلالته على أن وجوده تعالى كان في الأزل ، كذلك اقتضى وجود تلك النسبة فهو كذلك لطيف خبير في الحال الواقع .


وأما العبارة المذكورة فتحتمل أن تكون كذلك في الأزل ، وأن لا يكون لكون الله تعالى حكى قول لقمان من غير تغيير ، وإنما قال لقمان بهذه الصيغة مع كلمة التحقيق والتأكيد ليتمكن ويتحقق في نفس ابنه أنه في الواقع كذلك جزما
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كان قوله :" إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ " ، من قول الله ، فلما علم الله تعالى من لقمان أنه لو نطق لتمم متمما بهذا )  
أي بما معناه في لغته معنى هذا في اللغة العربية وذلك من حيث التحقيق ، والعذر ما ذكرناه من أن لقمان لفرط شفقته وتعطفه ورأفته بابنه قام في مقام التعليم والإرشاد والنصيحة بهذه القرائن مخبرا عن الواقع إخبارا مؤكدا جازما ، ليتحقق ويتمكن في نفس ابنه مقام الإخبار عن خبرة وجود ، ولو قال كان الله لطيفا خبيرا ،
وهذا وإن كان كذلك فالمبالغة والإتمام على الوجه الأول أنسب في الحكمة فأخبر الله تعالى عنه صورة ما جرى في الحال الواقع من غير زيادة ولا نقصان .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).

قال رضي الله عنه :  ( فإن النسب متميزة لذاتها وليس المنسوب إليه متميزا ، فإنه ليس ثمة سوى عينه في جميع النسب ، فهي عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات . )
أي ، فإن المراتب والصفات متمائزة لذواتها ، ولذات التي لها المراتب والصفات واحدة لا تكثر فيها أصلا .


قال رضي الله عنه :  (فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين "لطيفا خبيرا " سمى بهما الله تعالى . فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال : "كان " لكان أتم في الحكمة وأبلغ . فحكى الله تعالى قول لقمان على المعنى كما
قال : "لم يزد عليه شيئا " . ) أي ، جاء لقمان بالإسمين في قوله : "إن الله لطيف خبير " .وسمى الحق بهما .

 فلو جاء بالكلمة الوجودية وقال : وكان الله لطيفا خبيرا . لكان أتم في الحكمة وأبلغ في الدلالة ، لدلالته على أنه تعالى موصوف بهذين الصفتين في الأزل ، وهما من مقتضيات ذاته تعالى ، لكن لما ذكره كذلك ، حكى الله قوله كما قال : (ولم يزد عليه شيئا) .


قال رضي الله عنه :  (وإن كان قوله : إن الله لطيف خبير . من قول الله . فلما علم الله تعالى من لقمان  أنه لو نطق متمما ، لتمم بهذا . ) أي ، وإن كان قوله : ( إن الله لطيف خبير ) .
قول الله ، لا قول لقمان ، كان ذلك أيضا راجعا إلى لقمان ، لأنه تعالى علم منه أنه لو أراد أن يتمم لتمم بهذا القول .


ومما قيل عذرا من ذلك : إن لقمان لفرط شفقته وتعطفه ورأفته على ابنه قام في مقام التعليم والإرشاد والنصيحة ، مخبرا عن الواقع ، ليتمكن ويتحقق في نفس ابنه "أن الله لطيف خبير"  في الواقع ، فهو أنسب في الحكمة والله أعلم بالحق . " قاله عبد الرزاق الكاشاني ".
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:32 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ النّسب متميّزة لذاتها ؛ وليس المنسوب إليه متميّزا ، فإنّه ليس ثمّة سوى عينه في جميع النّسب ، فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات ).
 
قال رضي الله عنه :  ( متميز بذاته ) ، فلابدّ من اعتبار التمييز في هذه النسب ، ومع ذلك ينسب إلى الحق العلم الذوقي ، وإن ضمن التأثير ، إذ ( ليس المنسوب إليه ) هذا العلم والذوق ، وهو الوجود الظاهر في عينه ( متميزا ) بحيث يكون ( ثمة ) للحق صورة وللعبد صورة أخرى ، فإنه ليس ثمة في مسمى العبد ، وهو المنسوب إليه العلم ، وذوقه شرب منه أي : ( عين ) الحق الظاهر فيه ( في جميع النسب ) من العلم والذوق وغيرهما .
 
فقال رضي الله عنه  : ( فهو ) أي : الحق ( عين واحدة ذات نسب ) له نسبة باعتبار وجوده ، ونسبة باعتبار ما ظهر فيه هو من العين الثابتة للعبد ، ( وإضافات ) تضاف إليه من حيث كونه صورة الحق أفعال العبد وتأثيراته ، ويضاف إليه من حيث كونه ظاهرا في عين العبد النقائص والانفصالات ، ( وصفات ) فله باعتبار استقراره في مقر عين صفات كاملة أزلية ، وباعتبار ظهوره في المظاهر صفات محدثة ناقصة ، فلما كان لهذا التتميم هذه الفوائد الجليلة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيّين ، لطيف خبير سمّى بهما اللّه تعالى ، فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود ؛ فقال : « كان » لكان أتمّ في الحكمة وأبلغ ، فحكى اللّه تعالى قول لقمان على المعنى كما قال لم يزد عليه شيئا ، وإن كان قوله :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[ لقمان : 16 ] من قول اللّه فلما علم اللّه تعالى من لقمان أنّه لو نطق متمّما لتمّم بهذا )
 
فقال رضي الله عنه  : (فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ) المحتاج إلى إقامة الأدلة ، ورفع الشبه والتقريب إلى الأفهام ، وبيان الأسرار ( لابنه ) ؛ لإرادة جعله حامل أسراره ( ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين لطيف وخبير ) ، إذ ( تسمى اللّه ) بهما في الكتب السماوية ، فكانا دليلين عقليين نقليين ، لكنهما باعتبار ظهوره في المظاهر ،
 
فلو جعل ذلك المذكور من نسبة الحق بالاسمين ( في الكون ) ، وهو وإن كان اسما لحصول الشيء على سبيل الحدوث ، فاسمه يجوز أن يكون أسماء للحق ، إذ هو الوجود الظاهر في المظاهر ، وهو من حيث أنه وجود صورة الحق ، والصورة تسمى باسم ذي الصورة ،
فقال : إن اللّه كان لطيفا خبيرا ( لكان أتم في الحكمة ) ؛ لدلالته بالمطابقة على المقصود على ما هو عليه ، ( وأبلغ ) في رفع الالتباس من توهم ذلك في الحق باعتبار استقراره في مقر غيره ، لكنه اعتمد على القرينة ، فأطلق في موضع التقييد .
فقال رضي الله عنه  : ( فحكى اللّه قول لقمان ) بلغة أصله ( على المعنى ) ، كما قال : ( ولم يزد عليه شيئا ) ، إذ يتوهم كونه من قول لقمان مع أنه لم يقله ، فيكون كذبا هذا ( إن كان قوله :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ[ الحج : 63 ] ) من قول لقمان ،
 
وإن كان قوله رضي الله عنه  :( إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌمن قول اللّه ) تمم به حكمة لقمان تعليما لهذه الأمة أفضل من تعليمه ابنه وأكمل ، ( فلما علم اللّه من لقمان أنه لو نطق متمما ) لحكمته ( لتمم بهذا ) ، فكأنه صار قائلا بذلك ، فلم يزد عليه أيضا ، فهذا ما في هذه الآية من الإشارة إلى الحكمة النظرية ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
الوحدة للعين والتميز للنسب
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ النسب متميّزة لذواتها ) فإنّها مبدأ تميّزات الأسماء والأعيان ، فهي المتميّزة بذاتها ، المتميّز بها غيره ، وما بالذات من الشيء لا يزول عنه أصلا هذا في نفس النسبة لا في منتسبيها ، فإنّه لا تمايز فيها بالذات ، بل ( وليس المنسوب إليه متميّزا ) في نفسه ، فإنّ الأب عينه هو الابن لآخر .
 
فلو كان المنسوب إليه متميّزا بعينه لم يمكن ذلك وقد علم أنّ العين لا تمايز فيها أصلا ، ولا تمايز إلَّا في النسب التعينية ، ( فإنّه ليس ثمّ سوى عينه في جميع النسب ) المتخالفة ، كالواحد مثلا في العدد ، فإنّ النسب العارضة إيّاه في صور مراتبه وتعيّناته ، هي التي عيّنته بالتعيّنات وسمّته بالأسامي ، لأنّه ليس ثمّ سوى عينه في جميع النسب ( فهو عين واحدة ، ذات نسب وإضافات وصفات ) .
 
وملخّص هذا الكلام : أنّ الخبير إنما هو باعتبار العلم المستفاد من قوى العبد ، من حيث أنّ الحقّ عينه ، فهو منتهى التشبيه باعتبار الشعور والشهود ، كما أنّ « اللطيف » منتهاه باعتبار العين والوجود .
(فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيّين « لطيفا خبيرا » سمّي بهما الله تعالى ) .
 
نكتة حكميّة
ثمّ إنّ هاهنا نكتة حكميّة لها كثير دخل في استكشاف هذا الموضع ، وهي أنّ الصورة مطلقا - حيثما ظهرت - إنما يتمّ أحكامها ويظهر قهرمانها إذا دخل في حيطة خاتمها ، وختم عليها بنقشها الخاصّ به ، أعني خاتم النبوّة - صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله - وكذلك المعاني بالنسبة إلى خاتم الولاية .
ثمّ إنّ الكلام الظاهر بصورة العينيّة المظهرة للمعاني الغيبيّة - إنما يتكمّل أركانه ويتم أمره إذا وسم بأحد الختمين ، واشتمل بما يدلّ على إحدى الجمعيّتين ، يعني الظهور الوجوديّ العينيّ والإظهار الشهوديّ العلميّ ك « الكون » فإنّه صاحب أزمّة الجمعيّة في الأوّل ، و « القول » فإنّه صاحبها في الثاني .
 
ولذلك ترى فواتح الآيات القرآنيّة وخواتمها مشحونة بهما ومن ثمّة قال : ( فلو جعل ذلك في الكون - وهو الوجود - فقال : « كان » لكان أتم في الحكمة وأبلغ ) .
 
ثمّ إنّه يمكن أن يقال عذرا من لقمان : إنّه إنما يكون أتمّ إذا لم يكن ذلك منه على طريق التعليم ، فإنّه يجب في أمثال ذلك مراعاة أمر المتعلَّم وسهولة فهمه وعسى أن يكون تكميل الحكمة لا يجمعه وكان قوله في تعليمه ابنه إشارة إلى هذا الوجه ( فحكى الله قول لقمان على المعنى ) فإنّه إنما أدّى ذلك المعنى بصورة يقتضيها زمانه واممه فيه ، من العربي المعرب عن الأمر ، إعراب كشف وتبيين ، فإنّه ما أرسل رسول إلَّا بلسان قومه ، حتى يتمكَّن من أمر البلاغ ويتفصّى من مقتضى حكم الرسالة .
 
فهذه حكاية مؤدّى كلامه ( كما قال : لم يزد عليه شيئا ، وإن كان قوله ) في القرآن الكريم : ( “  إِنَّ الله لَطِيفٌ خَبِيرٌ “  [ 31 / 16 ] من قول الله ) فإنّه العربي المبين الذي قبل الخاتم ما كان أن يظهر ( فلما علم الله من لقمان أنّه لو نطق متمّما لتمّم بهذا ) خاليا عمّا يدلّ على تلك الجمعيّة الختميّة .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  فإن النسب متميزة لذاتها، وليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.  فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات.
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا.  ).
 
قال رضي الله عنه : ( فإنّ النّسب متميّزة لذاتها ؛ وليس المنسوب إليه متميّزا، فإنّه ليس ثمّة سوى عينه في جميع النّسب . فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات . فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيّين لطيف خبير سمّى بهما اللّه تعالى . فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال : «كان» لكان أتمّ في الحكمة وأبلغ . فحكى اللّه تعالى قول لقمان على المعنى كما قال لم يزد عليه شيئا . وإن كان قوله :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ [ لقمان : 16 ] من قول اللّه فلما علم اللّه تعالى من لقمان أنّه لو نطق متمّما لتمّم بهذا . )


قال رضي الله عنه : ( فإن النسب متميزة ) تقتضي التميز ( لذاتها ) ، وليس بعضها نفس بعض فإن العبدية ليست نفس السيادة ( وليس المنسوب إليه متميزا فإنه ليس ثمة سوى عينه في جميع النسب فهو عين واحدة ذات نسب وإضافات وصفات فمن تمام حكمة لقمان في تعليم ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين ) يعني ( لطيفا خبيرا سمى بهما اللّه تعالى فلو جعل ذلك ) المعنى الذي جاء به في هذه الآية مؤدى
( في ) صيغة ( الكون وهو الوجود ) ، أن أخذ فعلا ماضيا ( فقال : كان ) اللّه لطيفا خبيرا ( لكان أتم في الحكمة وأبلغ ) لدلالته على أزلية اتصافه تعالى بهاتين الصفتين لأن الماضي بالنسبة إليه تعالى هو الأزل والأزلية تسلتزم الأبدية .
 
واعتذر من قبله بأن مقام التعليم يقتضي أن يلقي إلى المتعلم ما هو أقرب إلى القبول ، ولا شك أن اتصافه تعالى بهما في الجملة أقرب بالقبول من اتصافه بهما أزلا وأبدا ، وكان في قوله في تعليمه ابنه إشارة إلى هذا الاعتذار .
 
قال رضي الله عنه : (فحكى اللّه لنا قول لقمان على المعنى كما قاله لم يزد عليه شيئا ) من الزيادة والنقصان ( وإن كان قوله :إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌمن قول اللّه ) ، لا من قول لقمان كما تحتمله الآية .
(فلما علم اللّه) ، أي فورود ههنا لما علم اللّه (من لقمان أنه لو نطق متمما) الحكمة (لتمم بهذا ) ،أي يأت بها لمن هي غذاء له  أي من هي غذاء له مما يسمى باسم ويذكر به بحيث يكفي في تغذيته حبة واحدة.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:33 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله :إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ[ لقمان : 16 ] لمن هي له غذاء ، وليس إلّا الذّرّة المذكورة في قوله تعالى: "َمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [الزلزلة: 7-8] فهي أصغر متغذّ والحبّة من الخردل أصغر غذاء. ولو كان ثمّة أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً ثمّ لمّا علم أنّه ثمّ ما هو أصغر من البعوضة قال فَما فَوْقَها[ البقرة : 26 ] يعني في الصّغر . وهذا قول اللّه - والّتي في « الزّلزلة » قول اللّه أيضا . فاعلم ذلك فنحن نعلم أنّ اللّه تعالى ما اقتصر على وزن الذّرّة وثمّ ما هو أصغر منها ، فإنّه جاء بذلك على المبالغة واللّه أعلم).
 
قال رضي الله عنه :  (وأما قوله) ، أي لقمان عليه السلام في جملته المذكورة ("إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ ")[ لقمان : 16 ] وذلك المقدار (لمن هي) ، أي حبة الخردل (له غذاء) وهو الحيوان الصغير الذي يغتذي بها (وليس) ذلك (إلا الذرة) واحدة الذر وهي صغار النمل المذكورة في قوله تعالى :" فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ"( 8 ) [ الزلزلة : 7 - 8 ] .
 
فهي ، أي الذرة المذكورة أصغر حيوان (متغذ) بالغذاء (والحبة من الخردل) بمفردها (أصغر غذاء) يغتذي به الحيوان الصغير جدا وهو الذرة (ولو كان ثمة) ، أي هناك في الوجود حيوان (أصغر) الذرة (لجاء) ، أي اللّه تعالى (به) ، أي بذلك الحيوان في كلامه .
 
قال رضي الله عنه :   (كما جاء) تعالى (بقوله) سبحانه: ("إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً " ) [ البقرة : 26 ] .
سميت بذلك لأنها نصف ذبابة من صغرها ثم لما علم ، أي اللّه تعالى أنه ، أي الشأن ثم ، أي هناك في الحيوان (ما هو أصغر من البعوضة) وهي الذرة
(قال) تعالى : (فَما فَوْقَها يعني) أزيد منها في صفة (الصغر) ، أي أصغر منها (وهذا) القول في البعوضة هو (قول اللّه) تعالى عن نفسه لا حكاية قول غيره تعالى والذرة التي ذكرت في سورة (الزلزلة قول اللّه) تعالى (أيضا) لم يحكها عن غيره سبحانه .
 
قال رضي الله عنه :  (فاعلم) يا أيها السالك (ذلك) وتحقق به (فنحن) معشر العارفين المحققين (نعلم) قطعا (أن اللّه تعالى ما اقتصر على وزن الذرة) في سورة الزلزلة والحال (أن ثم) ، أي هناك (ما) ، أي حيوان (هو أصغر منها) ، أي من الذرة (فإنه) تعالى (جاء بذلك) ، أي بوزن الذرة في مجازاة الأعمال (على) طريق المبالغة) في الكلام (واللّه) سبحانه (أعلم) بأنه لا أصغر من الذرة في الحيوانات .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله ) أي وأما الحكمة في قوله : (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ[ لقمان : 16 ] لمن ليس له غذاء وليس ) ذلك المتغذي ( إلا الذرة المذكورة في قوله :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ . وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [ الزلزلة : 7 - 8 ] .
 
وجواب أما قوله ( فهي ) أي الذرة التي هي النملة الصغيرة ( أصغر متغذ ) من الحيوان ( والحبة من الخردل أصغر غذاء ) من الأغذية ( ولو كان ثمة ) أي في العالم ( أصغر ) غذاء ومتغذيا من خردل وذرة ( لجاء به كما جاء بقوله :إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً ) [ البقرة :26 ] ،
 
قال رضي الله عنه :  (ثم لما علم أنه ثمة ما هو صغر من البعوضة قال فما فوقها يعني في الصغر وهذا قول اللّه ) أي ليس حكاية عن قول أحد ( والتي في الزلزلة قول اللّه أيضا فاعلم ذلك فنحن نعلم أن اللّه ما اقتصر على وزن الذرة و ) الحال أن ( ثمة ) أي في العالم من المتغذي كان ( ما هو أصغر منها ) بل إنما اقتصر لعدم كونه أصغر من الذرة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه جاء ) أي لو كان ثم أصغر من الذرة لجاء ( بذلك ) الأصغر أيضا ( على المبالغة ) إذ الكلام سيق للمبالغة كما جاء في ضرب المثل بقولهفَما فَوْقَهاولما شبه الحق بقوله فنحن نعلم نزه بقوله ( واللّه أعلم ) وهذا تأدب منه مع اللّه


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء. و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها». ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر. وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا. فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
وبين بعد ذلك أن المؤتي به من السماء أو من الأرض إنما هو الحق تعالى،  فهو إذن الغذاء لنا كما ذكر ونحن الغذاء له كما شرح، وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].  
 
قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
 
وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة. والباقي ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )

قال رضي الله عنه  : (وأمّا قوله: " إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ " [لقمان : 16] لمن هي غذاء له ، وليس إلَّا الذرّة المذكورة في قوله :   " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ُ * وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ُ " [ الزلزلة : 7 - 8 ] ، فهي أصغر متغذّ ) .
يعني  رضي الله عنه  : لو كان أصغر منها لذكره الله في هذه الآية ، لكونه تعالى في بيان أنهى درجة المبالغة .
( و ) أيضا لأنّ الحبة من الخردل أصغر غذاء ولو كان ثمّ أصغر منه ، لجاء به ، كما جاء بقوله  تعالى : "إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها " [البقرة :26 ]، ثمّ لمّا علم أنّ ثمّ ما هو أصغر من البعوضة ، قال : « فما فوقها » يعني في الصغر وهذا قول الله ، والتي في الزلزلة قول الله أيضا ، فاعلم ذلك ) .
 
قال العبد : فما فوق البعوضة في الصغر الذرّة ، وثمّ لطيفة أخرى ، وذلك أنّ الذرّة مع صغرها أخفّ في الوزن أيضا ، لكونها حيوانا ، إذ الحيّ أخفّ من الموات فانظر كمال البلاغ ، بأنّ العمل إذا كان مثقال ذرّة في الصغر والخفّة ، فلا بدّ من رؤية الجزاء .
 
قال رضي الله عنه  : ( فنحن نعلم أنّ الله ما اقتصر على وزن الذرّة ، وثمّ ما هو أصغر منها ، فإنّه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم)
هذه المباحث الشريفة ظاهرة ، والشركة بين الصورة الإلهية متوهّمة عند أهل الحجاب ، فإنّ الدعوة للذات في الصورة الرحمانية ، أو الصورة الإلهية ، أو هما معا ،
والداعي للرحمن مختصّ به من وجه ، فلا شركة ، وكذلك المختصّ بدعوة الله هذه في المحجوب بالصورة ، وأمّا في دعوة صاحب الشهود فلا شركة ، لأحدية المدعوّ والمعبود ، ولهذا علَّل سوغان الإجازة في دعوة أحدهما بقوله :" فَلَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى " [الإسراء : 110 ]
أي الدعوة للهوية العينية الغيبيّة الأحدية الجمعية بين صور الأسماء الحسنى والمسمّيات
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله :" إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ " لمن هي له غذاء وليس إلا الذرة المذكورة في قوله : " فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ومن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه " فهي أصغر متغذ )
أي لو كان أصغر منها لذكره الله في هذه الآية لكونه تعالى في بيان أنهى درجة المبالغة ، وأيضا لأن في الحبة من الخردل أكبر وأكثر من الذرة ، فالمبالغة إنما تكون في منفذ أصغر من غذائه
 
قال رضي الله عنه :  ( والحبة من الخردل أصغر غذاء ولو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله :" إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً " ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال : فما فوقها يعنى في الصغر ، وهذا قول الله والتي في الزلزلة قول الله أيضا فاعلم ذلك ، فما فوق البعوضة في الصغر الذرة ، وثم لطيفة أخرى وذلك أن الذرة مع صغرها أخف في الوزن أيضا لكونها حيوانا إذ الحي أخف من الميت ، فالمعنى أن العمل إذا كان مثقال ذرة في الصغر والخفة فلا بد من رؤية الجزاء ، فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم )
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه : ( وأما قوله : "إن تلك مثقال حبة من خردل" . لمن هي له غذاء ، وليس إلا "الذرة" المذكورة في قوله : "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " . فهي أصغر متغذ والحبة من الخردل أصغر غذاء . ) .
 
أي ، وأما الحكمة في قوله : " إن تك مثقال حبة من الخردل " . فهي بيان أصغر متغذ وأصغر غذاء ، لأنه في معرض المبالغة في أن حبة خردل من الغذاء لا يفوته الله عمن هي غذاء له .
ثم قال : "وليس إلا الذرة " أي ، وليس ذلك المتغذي إلا "الذرة" المذكورة
في قوله تعالى : "من يعمل مثقال ذرة خيرا يره " . - الآية . وهي النملة الصغيرة . فهي أصغر متغذ والحبة من الخردل أصغر غذاء .
( ولو كان ثمة أصغر ) أي ، من الذرة في المتغذي وأصغر من حبة الخردل من الغذاء .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لجاء به ، كما جاء بقوله : "إن الله لا يستحيى أن يضرب مثلا ما بعوضة " ثم ، لما علم أنه ثمة ما هو أصغر من البعوضة ، قال : " فما فوقها " . يعنى في الصغر . وهذا قول الله والتي في " الزلزلة " قول الله أيضا . فاعلم ذلك . فنحن نعلم أن الله ما اقتصر على وزن الذرة وثمة ما هو أصغر منها ، فإنه جاء بذلك على المبالغة. والله أعلم. )

أي ، نحن نعلم أن الله ما اقتصر على ( الذرة ) إلا لأنه أصغر متغذ ، ولو كان ثمة أصغر متغذ منها ، لجاء به للمبالغة ، كما قال : ( فما فوقها ) . يعنى في الصغر .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:33 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله :إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ [ لقمان : 16 ] لمن هي له غذاء ، وليس إلّا الذّرّة المذكورة في قوله تعالى : فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ[ الزلزلة : 7 8 ] .  فهي أصغر متغذّ والحبّة من الخردل أصغر غذاء ، ولو كان ثمّة أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً [ البقرة : 26 ] ، ثمّ لمّا علم أنّه ثمّ ما هو أصغر من البعوضة قال : فَما فَوْقَها [ البقرة : 26 ] يعني في الصّغر ، وهذا قول اللّه والّتي في « الزّلزلة » قول اللّه أيضا ، فاعلم ذلك فنحن نعلم أنّ اللّه تعالى ما اقتصر على وزن الذّرّة وثمّ ما هو أصغر منها ، فإنّه جاء بذلك على المبالغة ، واللّه أعلم. )
 
فقال رضي الله عنه:  ( وأما ) ما فيها من الإشارة إلى الحكمة العملية ، فهي المذكورة ( بقوله : إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) من الهيئات الحاصلة من الأعمال والأخلاق ،فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ هي البدن الكثيف ،أَوْ فِي السَّماواتِهي الأرواح العالية ،أَوْ فِي الْأَرْضِ هي النفوس ،يَأْتِ بِهَا اللَّهُ [ لقمان  :16 ].
 
فقال رضي الله عنه  : (لمن هي له غذاء ) أي : هذه كمال له ، ( وليس ) من هي له غذاء ( إلا الذرة ) من الأعمال والأخلاق ، إذ الأكبر منهما يقتضي منه الأكبر ، فلا تكفي الحبة غذاء له المذكورة في قوله تعالى :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ [ الزلزلة : 7 ، 8 ] ).
 
فشبه العمل والخلق بالذرة والهيئة الخاصة منهما بالحبة ؛ للإشعار بأن أدنى الأعمال والأخلاق الموجب أدنى الهيئات يأتي بها اللّه لصاحب ذلك العمل والخلق في أي ذرة أصغر تنفذ من الأعمال والأخلاق من حيث اقتضائها تلك الهيئة ، كاقتضاء المتغذي للغذاء ،
 
فقال رضي الله عنه  : ( والحبة من الخردل أصغر ) إذا جيء بهما للدلالة على المبالغة في أن اللّه تعالى لا يظلم في أقل قليل من الأعمال والأخلاق وهيئتهما ، ودلّ هذا على أنه ليس في الأعمال والأخلاق أصغر من الذرة ، وهي النملة الصغيرة ، وليس في الهيئات أصغر من الحبة ، إذ ( لو كان ثمة أصغر ) منهما ( لجاء به ) في موضع المبالغة ، ( كما جاء ) في تمثيل الدنيا بأحقر الأشياء ،
"" أضاف المحقق :
المراد أنه لا أصغر منها مما يسمى باسم ويذكر به كما أشرنا إليه مطلقا ، وليس شيء مما يسمى باسم ويذكر به أصغر من الحبة والذرة بخلاف البعوضة ؛ فإن ما فوقها من الصغر هو النملة .أهـ  شرح الجامي ""
 
فقال رضي الله عنه  : ( بقوله :"إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها") [ البقرة : 26 ] ، ( ثم علم أن ثمة ) أي : فيما تمثلت به الدنيا ما هو ( أصغر من البعوضة ، قال : فما فوقها ) .
 
ولما توهم أن الفوقية من الكبر ، وهو محل المبالغة فسره بقوله أي : ( في الصغر ) ؛ فإنه فوق البعوضة في الحقارة ( فهذه المبالغة ) ، وإن لم تجب في قول لقمان ، فهي واجبة في ( قول اللّه تعالى في ) صورة ( الزلزلة ) ؛ وذلك لأن عادته المبالغة في موضعها ، إذ هذا أي :
قوله :"فَما فَوْقَها" ( قول اللّه ) ، والذرة ( التي في الزلزلة قول اللّه أيضا ) ، فلا يختلف قوله في المبالغة ، وتركها لقوله تعالى : "وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً" [ النساء : 82 ] .
أي : برهانه المبالغة في البعض دون البعض ، والمبالغة في موضعها من جملة المبالغة ، ( فنحن نعلم ) من رعايته المبالغة في موضعها ( أن اللّه ما اقتصر على وزن الذرة وثمة ) أي : فيما يشبه به العمل والخلق ( ما هو أصغر منها ) ، إذ لا يدخل تحت نية العبد ، فلا يكون له فيه كسب يفيد عنه فيه ، إذ لو دخل تحتها لم يكن في هذه الآية مبالغة ، لكن وقع الاتفاق على المبالغة فيها ، ( فقد جاء بذلك على سبيل المبالغة ) ، فإنهم اتفقوا على أن هذه الآية أجمع الآيات لدقائق الأعمال ( واللّه اعلم ) .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
الذرة أصغر المقادير وزنا
قال رضي الله عنه :  ( وأما قوله : "إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ من خَرْدَلٍ ") فهو أدنى ما يصلح لأن يكون غذاء - كمًّا وكيفا ، كما نبّهت عليه - وذلك ( لمن هي له غذاء ) ممن يناسبه قدرا وطبيعة.
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس إلا الذرّة المذكورة في قوله تعالى : “  فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه ُ . وَمن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه ُ “  [ 99 / 8 - 7 ] فهي أصغر متغذّ ، والحبّة من الخردل أصغر غذاء ) ،
ولما كان الغالب على الكلمة اللقمانيّة أمر الحكمة الكاشفة عن خصوصيّات الأشياء ومقاديرها ، وبيّن أنّ الحدود من كلّ شيء هي مداخل استعلامها وفيها أبواب استكشافها واستفهامها ،
 
وأحد الحدود هو نهاية الكثرة الكليّة وكبرها ، والآخر هو غاية القلَّة الجزئيّة وصغرها ، ثمّ أنّ العبد من حيث أنّه محصور جزئي إنما يقرب إليه الحدّ الثاني منهما : فتبيّن أن الكبير الكثير لا يعلم حتى يتقدّر حدّه بالصغير القليل ، فلذلك عيّن أصغر الأشياء في الغذاء والمغتذي إبانة لطريق معرفة الكلّ من كلّ شيء .
 
وهذا مما يؤيّد ما عليه المحقّقون من أنّ أصل الحقائق وخصوصيّاتها هو العدد وإنما يستعلم تلك الخصوصيّات من الفحص عمّا يختصّ به من الرتبة المقداريّة العدديّة وبيّن أنّه لا يعلم ذلك إلَّا بعد معرفة الأصغر مطلقا ويقدّر الكلّ من كلّ شيء به ، ولذلك جاء بالأصغر .
قال رضي الله عنه :  ( ولو كان ثمّ أصغر لجاء به ، كما جاء بقوله تعالى : “  إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً “  ثمّ لما علم أنّه ثمّ ما هو أصغر من البعوضة قال : “ فَما فَوْقَها “  يعني في الصغر وهذا قول الله ، والتي في الزلزلة قول الله أيضا ).
 
 حيث عيّن المقدار المعين في الذرّة ( فاعلم ذلك فنحن نعلم أنّ الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرّة وثمّ ما هو أصغر منها ، فإنّه جاء بذلك على المبالغة ) هذا على الظاهر من القول وأمّا حقائقه بحسب خصوصيّات الحروف والأعداد فلا يحتمل إظهاره كلّ وقت ، إلى أن يطلع من أفق البيان فضل الكمال الختمي وزيادة علمه على مقتضى الوعد الموعود
وإليه أشار بقوله : ( والله أعلم ) .
ثمّ إنّ أمر التلطيف والتصغير الذين يستتبعان حكم السريان قد غلب على هذه الحكمة ، حتى ظهر في المرتبة الكلامية عند الخطاب إلى ابنه
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».  فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».  ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا قوله :إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ[ لقمان : 16 ] لمن هي له غذاء ، وليس )
وأما قوله :إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ لمن هي غذاء له ) ،أي يأت بها لمن هي غذاء له (وليس) ، أي من هي غذاء له مما يسمى باسم ويذكر به بحيث يكفي في تغذيته حبة واحدة.


قال رضي الله عنه :  ( إلّا الذّرة المذكورة في قوله تعالى :" فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( 8 )"[ الزلزلة : 7 - 8 ] فهي أصغر متغذّ والحبّة من الخردل أصغر غذاء . ولو كان ثمّة أصغر لجاء به كما جاء بقوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً ثمّ لمّا علم أنّه ثمّ ما هو أصغر من البعوضة قال :فَما فَوْقَها [ البقرة : 26 ] يعني في الصّغر . وهذا قول اللّه - والّتي في « الزّلزلة » قول اللّه أيضا . فاعلم ذلك فنحن نعلم أنّ اللّه تعالى ما اقتصر على وزن الذّرّة وثمّ ما هو أصغر منها ، فإنّه جاء بذلك على المبالغة واللّه أعلم .)
 
قال رضي الله عنه : ( إلا الذرة المذكورة في قوله ) تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 )وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ( 8 ) [ الزلزلة : 7 - 8 ] ، فهي أصغر متغذ والحبة من الخردل أصغر غذاء ولو كان ثمة ) ، أي في الوجود ( أصغر ) من الذرة وهي النملة الصغيرة في المتغذي وأصغر من حبة الخردل في الغذاء .
 
قال رضي الله عنه : ( لجاء به كما جاء بقوله :إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةًثمّ لما علم أنه ثمّ ما هو أصغر من البعوضة قال : فَما فَوْقَها[ البقرة : 26 ] يعني في الصغر وهذا )
 
أي قوله تعالى :إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها( قول اللّه والتي في صورة الزلزلة قول اللّه أيضا فاعلم ذلك ) ، أي كونهما لقوله وتدبر فيهما لتعلم النكتة في الترقي عن البعوضة والاقتصار على الذرة في سورة الزلزلة وهي أن تلك النكتة
ما أشار إليه بقوله : ( فنحن نعلم أن اللّه تعالى ما اقتصر على وزن الذرة ) من المتغذيات ( وثم ما هو أصغر منها ) ، كما لم يقتصر على البعوضة حيث كان ثمة أصغر منها ( فإنه جاء بذلك ) ، أي بذكر الذرة ( على ) سبيل ( المبالغة ) فلو كان ثمة أصغر منها لكان الإتيان به بذلك أبلغ وكذا الحال في حبة من خردل من الأغذية ، فالنكتة في قول اللّه تعالى :إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ[ لقمان : 16 ] أنه يتنبه من هذا القول لقوله :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ[ الزلزلة : 7 ]،
 
ولقوله :" إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا " لاشتراك هذه الأمور الثلاثة في كونه مما يمثل بها الأشياء في الصغر والحقارة ، ويتنبه أيضا للفرق بينها بأن حبة من خردل والذرة ليس أصغر شيء منها بخلاف البعوضة ، ولهذا وقع الترقي إلى ما فوقها يعني من الصغر ، فإن قلت : الأصغر من الذرة نصفها وثلثها وكذا الحال في حبة من خردل .

قلنا : المراد أنه لا أصغر منها مما يسمى باسم ويذكر به كما أشرنا إليه لا مطلقا وليس شيء مما يسمى باسم ويذكر به أصغر من الحبة والذرة بخلاف البعوضة فإن ما فوقها من الصغر هو النملة ( واللّه أعلم ) بنكات كلامه فلا نحصرها فيما ذكرنا .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:34 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
 قال رضي الله عنه :  ( وأمّا تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ولهذا وصّاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك .  وأمّا حكمة وصيّته في نهيه إيّاه أن "لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ" [ لقمان : 13 ] . والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام .  وهو عين واحدة فإنّه لا يشرك معه إلّا عينه وهذا غاية الجهل . وسبب ذلك أنّ الشّخص الّذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ولا بحقيقة الشّيء إذا اختلفت عليه الصّور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أنّ ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصّورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكلّ صورة جزءا من ذلك المقام.)
 
قال رضي الله عنه :  (وأما تصغيره) ، أي لقمان عليه السلام (اسم ابنه) في قوله في الآية السابقة وغيرها :يا بُنَيَّ (فتصغير رحمة) ، أي عطف وشفقة عليه (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك وصاه ، أي وصى ابنه (بما فيه سعادته) من حسن الحال والاتصاف بصفات الكمال (إذا عمل) ، أي ابنه (بذلك) الذي وصاه به .
 
قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة وصيته) ، أي لقمان عليه السلام لابنه (في نهيه) ، أي نهي لقمان عليه السلام (إياه) ، أي ابنه (أن لا يشرك باللّه) تعالى (فإن الشرك) باللّه تعالى (لظلم عظيم) كما حكى اللّه تعالى ذلك عنه بقوله سبحانه :" وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " ( 13 ) [ لقمان : 13 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (والمظلوم) بهذا الظلم العظيم الذي هو الشرك (المقام) الإلهي الصادر عنه كل شيء وهو مقام الألوهية حيث نعته ، أي وصف المشرك (بالانقسام) إلى مقامين فأكثر (وهو) ، أي ذلك المقام (عين واحدة) لا انقسام لها أصلا وإن صدر عنها ما لا يتناهى من الكثرة (فإنه) ، أي المشرك (لا يشرك معه) تعالى (إلا عينه) الواحدة حيث ظهرت في كثير وقد جهلها فعددها بتعدد المظاهر (وهذا غاية الجهل) باللّه تعالى وغاية الظلم له سبحانه
(وسبب ذلك) ، أي الشرك المذكور (أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر) الإلهي (على ما هو) أي ذلك الأمر الإلهي (عليه السلام ) من الوحدة الحقيقة أزلا وأبدا ولا معرفة له أيضا (بحقيقة الشيء) الظاهر بظهور وجه الأمر إليه وهو فإن مضمحل كما قال تعالى : " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ"  [ القصص: 88].
 
وقد ورد أنه قرن إسرافيل عليه السلام بالنبي صلى اللّه عليه وسلم ثلاث سنين يعلمه الكلمة والشيء ، ثم نزل عليه جبريل بالوحي عشرين سنة عشر سنين في مكة وعشر سنين في المدينة ، وكان ذلك بعد بلوغه الأربعين سنة من عمره، وقد عاش صلى اللّه عليه وسلم ثلاثا وستين سنة.
 
ومعرفة الكلمة والشيء هو مقام الولاية والنبوّة بوحي جبريل عليه السلام إذا اختلفت عليه ، أي على ذلك الأمر أو الشيء (الصور) الكثيرة (في العين الواحدة) التي له (وهو) أي الشخص (لا يعرف أن ذلك الاختلاف) حاصل (في عين واحدة جعل) جواب إذا (الصورة) الواحدة مشاركة للأخرى من الصور (في ذلك المقام) الواحد الإلهي (فجعل لكل صورة) من صور تلك العين الواحدة (جزأ من ذلك المقام) الإلهي المذكور ، فينقسم المقام الإلهي عنه بالضرورة إلى أقسام كثيرة.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ) لا أنه صغير غير بالغ في نفسه ( ولهذا ) أي ولأجل تصغيره تصغير رحمة ( وصاة بما فيه سعادته إذا عمل بذلك ) أي بما وصاة ( وأما حكمة وصيته في نهيه إياه ) أي ابنه ( أن لا تشرك باللّه ) أي لا تقل أن فيهما آلهة يتصرفون على الاشتراك فإن اللّه فرد واحد لا ثاني له في نفس الأمر فإن شركت باللّه فما أشركت إلا مع عينه.
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن الشرك لظلم عظيم ) والظلم يقتضي المظلوم ( والمظلوم المقام ) الذي وقع فيه الظلم ( حيث نعته ) أي حيث وصف المشرك ذلك المقام الذي هو الحق ( بالانقسام ) إلى الاثنينية ( وهو ) أي الحال أن المقام ( عين واحدة ) وهو اللّه الواحد بالوحدة الذاتية وجوب .
أما قوله رضي الله عنه : ( فإنه ) أي الشريك ( لا يشرك معه ) أي مع اللّه ( إلا عينه وهذا ) أي الإشراك مع اللّه عينه ( غاية الجهل ) لذلك قال عظيم فقد ظلم نفسه بالجهل حيث لم يعلم بأن العين واحدة لا تقبل الانقسام ،.
وجعل له شريكا وما جعله شريكا إلا عينه إذ إثبات الشريك معه في ملكه يقتضي انقسام ذلك العين الواحدة التي لا تقبل الاثنينية فما قسمه إلا إلى عينه فلا يشرك إلا عينه .
 
لذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وسبب ذلك ) الإشراك الذي هو غاية الجهل ( أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام).


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك. وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل. وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
ثم ذكر بعد ذلك حكمة وصية لقمان لابنه في قوله لا تشرك بالله وذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة. والباقي ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )


قال رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك. وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل. وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
هذه المباحث الشريفة ظاهرة ، والشركة بين الصورة الإلهية متوهّمة عند أهل الحجاب ، فإنّ الدعوة للذات في الصورة الرحمانية ، أو الصورة الإلهية ، أو هما معا ،
والداعي للرحمن مختصّ به من وجه ، فلا شركة ، وكذلك المختصّ بدعوة الله هذه في المحجوب بالصورة ، وأمّا في دعوة صاحب الشهود فلا شركة ، لأحدية المدعوّ والمعبود ، ولهذا علَّل سوغان الإجازة في دعوة أحدهما بقوله :" فَلَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى " [الإسراء : 110 ]
أي الدعوة للهوية العينية الغيبيّة الأحدية الجمعية بين صور الأسماء الحسنى والمسمّيات


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ، فلهذا وصاة بما فيه سعادته إذا عمل بذلك ، وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن " لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ "  والمظلوم المقام ). أي المحل الذي أثبت فيه الانقسام .

"" إضافة بالي زادة :
( وهذا ) أي العلم الاختياري هو علم الأذواق ، أي مختص بالذوق الذي لا يحصل إلا بالقوى ، فجعل الحق نفسه مع علمه بالعلم المطلق بما هو عليه الأمر مستفيدا علما بقوله :" حَتَّى نَعْلَمَ "   وهو علم الذوق لا العلم المطلق ، فتميز الاسم الخبير من الاسم العليم .أهـ بالى زادة

وجواب أما قوله فهي الذرة التي هي النملة الصغيرة أصغر متغذ من الحيوان ، والحبة من الخردل أصغر غذاء من الأغذية ، ولو كان ثمة في العالم أصغر غذاء ومتغذيا من خردل وذرة لجاء به كما جاء بقوله :" إِنَّ الله لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ " الآية أهـ بالى زادة . ""
 
قال رضي الله عنه :  ( حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل ، وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام ، فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام)
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه ، فتصغير رحمة ، ولهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك . وأما حكمة وصيته في نهيه إياه :" ألا تشرك بالله فإن الشرك لظلم عظيم ") 
 فتنبيه لابنه ، ولكل من يسمع هذا الكلام ، على أن الشريك منتف في نفس الأمر إذ العين الواحدة الأحدية هي الظاهرة في كل من الصور ، فجعل إحدى الصورتين شريكا للأخرى إشراك للشئ مع نفسه . وهو ظلم عظيم .


"" أضاف المحقق :
"والعذر ما ذكرناه من أن لقمان لفرط شفقته وتعطفه ورأفته بابنه قام في مقام التعليم والإرشاد والنصيحة بهذه القرائن ، مخبرا عن الواقع ، إخبارا مؤكدا جازما ، ليتحقق ويتمكن في نفس ابنه مقام الإخبار عن خبرة وجود ولو قال : كان الله لطيفا خبيرا .
وهذا وإن كان كذلك ، فالمبالغة والإتمام على الوجه الأول أنسب في الحكمة . فأخبر الله تعالى عنه صورة ما جرى في الحال الواقع من غير زيادة ونقصان "أهـ  عبد الرزاق الكاشاني. ""
 
ولما ذكر أن الشرك ظلم فلا بد ممن وقع عليه الظلم قال: ( و المظلوم المقام حيث نعته بالانقسام . )
أي، المظلوم هو المحل الذي وصفه المشرك الظالم بالانقسام إلى الإثنينية ( وهو عين واحدة ) أي، والحال أن المحل القابل للصور والإضافات عين واحدة ، لا تكثر فيها ولا انقسام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه . وهذا غاية الجهل . ) أي ، لأن المشرك إذا أشرك مع الحق إلها أخر ، لا بد أن يكون موجودا ، وكل ماله وجود فهو متحقق بالوجود الذي هو الحق ، فما أشرك معه إلا عينه لا غيره . وهذا عين الجهل بالحقيقة والإله .
( وسبب ذلك ) ( ذلك ) إشارة إلى قوله : ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه . ) أي ، وسبب ذلك الإشراك :
 
قال رضي الله عنه :  ( أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ، ولا بحقيقة الشئ ، إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة ، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام . ).
أي ، جعل العين الواحدة الحاملة للصور الوجودية منقسما ، فجعل لكل صورة جزءا منها  "أي يقصد العين الواحدة ".
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:35 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه : ( وأمّا تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ولهذا وصّاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك ، وأمّا حكمة وصيّته في نهيه إيّاه أنلا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [ لقمان : 13 ] ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام ، وهو عين واحدة فإنّه لا يشرك معه إلّا عينه ، وهذا غاية الجهل ، وسبب ذلك أنّ الشّخص الّذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ولا بحقيقة الشّيء إذا اختلفت عليه الصّور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أنّ ذلك الاختلاف في عين واحدة ، جعل الصّورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكلّ صورة جزءا من ذلك المقام )
 

فقال رضي الله عنه  : ( وأما تصغير ابنه ) في باب الحكمة العملية التي لم يأت فيها بما هو غاية الكمال في الأخلاق والأعمال ، وإنما بالغ في أن شيئا من الأعمال لا يضيع حياتها أصلا ، ( فتصغير رحمة ) ؛ لأن الصغر محل الرحمة ، فأشار إلى أنه وإن بلغ ما بلغ من الكمال في العلم ، فهو من جهة العمل صغير محل الرحمة ؛

لقوله عليه السّلام : " استقيموا ولن تحصوا " رواه ابن ماجة ؛ ( لهذا أوصاه بما فيه سعادته ) كقوله تعالى :" يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ في العبادة البدنية " وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ" في السياسة المدنية ،"وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ" في المساعي الباطنية "إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" [ لقمان : 17 ] ، "وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ " في حقوق الصحبة ،" وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً " في كسر النفس ،"إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ"[ لقمان : 18 ] ،

" وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ " في الأخذ بأوساط الأمور في الأخلاق ،" وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ" [ لقمان : 19 ] في كف الأذى عن الخلق إذا عمل بذلك ، فإن الحكمة العملية إنما تفيد السعادة بالعمل ، كما أن الحكمة النظرية تفيدها بالاعتقاد الصحيح الجازم .
ثم أشار إلى ما هو أساس الحكمتين بحيث ينهدم بناؤهما بدون ذلك بقوله : ( وأما حكمة وصيته في نهيه إياه ) أي : ابنه عن الشرك ، إذ وصاه ( ألا تشرك باللّه ) كما قال تعالى :" وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " [ لقمان : 13 ] ، 

فهي الاحتراز عن الظلم العظيم ، فإن الشرك لظلم عظيم قائم بالاعتقاد الذي هو أصل الاعتقادات والأعمال بحيث لا يبقى شيء منها بدونه ، كمن أحسن طاعة سلطانه سنين ، ثم قصد قتله فلا يعدمه ما تقدم منه من طاعاته ، وكيف لا يعظم هذا الظلم ( والمظلوم المقام )
أي : ما به يقوم هذا المعتقد واعتقاده ، بل جميع الأكوان وهو اللّه سبحانه وتعالى ؛ لأن الشرك إما للصور بأنفسها وهو باطل ؛ لأن المراد المشاركة في الإلهية والصور لا تقوم بذواتها ، 
فكيف يتصور لها الإلهية حتى تشارك فيها ، وبهذا بطل مشاركة الصورة للعين ، وإما بالعين التي في صورها وهو ظلم عظيم بالعين حيث وضعه في غير موضعه ، 


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
( و ) إليه أشار بقوله : ( أمّا تصغير اسم ابنه فتصغير رحمة ) وعطوفة ولطف ، ( ولهذا وصّاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك ) .
 
الشرك ظلم عظيم
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة وصيّته في نهيه إيّاه أن « لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ » ) وبيّن أنّ الظلم إنما يتحقّق بين ظالم ومظلوم ، والظالم هاهنا المشرك ( والمظلوم المقام ) الذي يقع فيه الشرك ( حيث نعته بالانقسام ) والثنويّة ، وهو وضع الشيء في غير موضعه ، فإنّ العين الواحدة لا انقسام فيها ، ( و ) ذلك المقام ( هو عين واحدة ) فإنّ لكل ذي اعتقاد مقاما محمودا عنده ، ومنزلة كريمة محتوية على جملة من الصفات الكماليّة ومحامدها ، يتصوّر بها الإله في عقيدته ، ويتميّز بها عند متخيّلته .
ثمّ إذا رأى ذلك المقام أنّه يقبل الانقسام والثنويّة بالنظر إلى من يقوم به ذلك المقام في خياله ، والصورة المشخّص بها فيه ، لا بدّ وأن يتوهم لذهوله عن العين الواحدة بالذات - أنّ الثنويّة الصوريّة فيها ، فإنّه لا شيء أعلى من ذلك المقام عنده ، فيشرك بتلك الصورة الثانية ، لما تصوّرها في ذلك المقام ، ولا شرك عند التحقيق ، ( فإنّه لا يشرك معه إلا عينه ) الواحدة بالذات التي لا تتخالف بتوارد الصور ، ولا تتكثر بتعدّد الوجوه والنسب ، فحيث تصوّر فيها النسبة المكثّرة لها صار صاحب جهل ، فإنّه ما فرّق بين الواحد والكثير وحيث توهّم أنّ تلك الكثرة والتفرقة كثرة مقابل مشارك في مقام معاند له فيه ، بلغ غايته ،
ولذلك قال : ( وهذا غايته الجهل ) وهو الظلم العظيم .
 
اعتقاد الشرك ناش من الجهل
قال رضي الله عنه :  ( وسبب ذلك ) الوصيّة والحكمة ( أنّ الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه )  يعني الصور المتخالفة جنسا ونوعا وشخصا  ( ولا بحقيقة الشيء ) الواحدة بالوحدة الحقيقيّة ( إذا اختلفت عليه الصور ) التعيّنية ( في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أنّ ذلك الاختلاف في عين واحدة يجعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام ) المحمود والمنزلة المعبودة لديه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام ) فتكون الصورة متشاركة في أمر المحموديّة والمعبوديّة وبيّن أنّ الشركة إمّا بالتجزية والتقسيم ، بأن يكون لكل من المتشاركين حصة من المتشارك فيه ، أو بالإشاعة والبدل ، بأن يكون المتشارك فيه مشاعا لهما ، وهما يحكمان فيه على سبيل البدل ولا سبيل إلى شيء منهما عند التحقيق .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة: و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ولهذا وصّاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك . وأمّا حكمة وصيّته في نهيه إيّاه أنلا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [ لقمان : 13 ] . والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام . وهو عين واحدة فإنّه لا يشرك معه إلّا عينه وهذا غاية الجهل . وسبب ذلك أنّ الشّخص الّذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ولا بحقيقة الشّيء إذا اختلفت عليه الصّور في العين الواحدة ، وهو لا يعرف أنّ ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصّورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكلّ صورة جزءا من ذلك المقام.)
 
قال رضي الله عنه : (وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة ) وعطف ( ولهذا وصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك ، وأما حكمة وصيته في نهيه إياه ألا يشرك باللّه فإِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [ لقمان : 13 ] ، فتنبيهه لابنه ، ولما سمع كلامه على أن حقيقة الشرك منفية في نفس الأمر فقولنا : فتنبيهه جواب أما حذف لقرينة المقام ولا شك أن الظلم نسبة ظالم ومظلوم ، والظالم ههنا هو المشرك .
(والمظلوم المقام) ، أي مقام الألوهية (حيث نعته) المشرك (بالانقسام) ، بتعدد متعلقه (وهو ) ، أي ذلك المقام ( عين واحدة ) باعتبار متعلقه لا يقبل التعدد أصلا فلا ينقسم بتعدده مقام الألوهية ، وإنما لا يقبل التعدد ، لأن تعدده عبارة عن أن يشرك معه غيره في الألوهية وذلك باطل ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه ) ، إذ كل موجود فرض شريكا فهذه العين الواحدة عينه .
 

قال رضي الله عنه : ( وهذا ) ، أي إشراك شيء ما هو عينه ( غاية الجهل وسبب ذلك ) الشرك تارة تجزئة الأمر المشترك فيه ، وهي ( أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه ) ، أي ذلك الشخص ( الصور في العين الواحدة وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة جعل الصورة ) الواحدة ( مشاركة للأخرى في ذلك المقام )، بأن قسم المقام بالتجزئة بين الصورتين ( فجعل لكل صورة جزأ من ذلك المقام ).


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:36 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                                      الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشّريك أنّ الأمر الّذي يخصّه ممّا وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الّذي شاركه إذ هو للآخر . فإذن ما ثمّة شريك على الحقيقة ، فإنّ كلّ واحد على حظّه ممّا قيل فيه إنّ بينهما مشاركة فيه . وسبب ذلك ، الشّركة المشاعة ، وإن كانت مشاعة فإنّ التّصرف من أحدهما يزيل الإشاعة . "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ" [ الإسراء : 110 ] هذا روح المسألة .)
 
(ومعلوم) على حسب هذا الانقسام وحدة المقام الإلهي المذكور (في) حق (الشريك) الواحد أن (الأمر) ، أي الجزء (الذي يخصه) ، أي يخص هذا الشريك (مما وقعت فيه المشاركة) من المقام الإلهي المذكور (ليس عين الأمر) ، أي الجزء (الآخر الذي شاركه) ، أي صار شريكا له في زعم المشرك (إذ هو) ، أي الأمر الآخر (للآخر) ، أي للشريك الآخر .
 
(فإذن) ، أي حينئذ (ما ثم) بالفتح ، أي هناك (شريك) للمقام الإلهي المذكور أصلا (على الحقيقة) ، أي في حقيقة الأمر ، بل كل مدعي الشركة في شيء حسي أو عقلي متوهم جاهل بما الأمر عليه في نفسه ، فلو عقل وجد الحق تعالى ظاهرا في ذلك الشيء الذي جعله شريكا له تعالى وزالت عنه الشركة (فإن كل واحد) من المتشاركين في المقام الإلهي المذكور حاصل (على حظه) ، أي نصيبه الذي قد استعد له (مما) ، أي من المقام الذي (قيل) ، أي قال المشرك (فيه) ، أي في ذلك المقام أن (بينهما) ، أي بين المتشاركين (مشاركة فيه) ، أي في ذلك المقام المذكور .
 
(وسبب ذلك) ، أي حصول الحظ له من ذلك المقام (الشركة المشاعة) فيه من غير قسمة فيها بين المشاركين (وإن كانت مشاعة) بحيث لا يملك المقام أحدهما وحده (فإن التصريف) بحكم المقام الذي يصدر (من أحدهما) ، أي أحد المتشاركين (يزيل الإشاعة) من ذلك المقام بينهما فيقتضي اختصاص أحدهما به دون الآخر .
قال اللّه تعالى : (" قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ") [ الإسراء : 110 ] .
 
فأوقع تعالى المغايرة الاعتبارية في حضرات الأسماء الإلهية ، وأمر بدعاء كل واحدة على وجه التخيير للشركة المشاعة في المتجلي بذلك ، فإن التصريف له بالإجابة في كلا الحضرتين بمقتضى اختيار الداعي على حسب استعداده في الدنيا ، فكذلك خيره بين الاسم اللّه أو الاسم الرحمن وأخبر تعالى بعد ذلك بقوله :" أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى " ، فاللّه له الأسماء الحسنى ، والرحمن له الأسماء الحسنى وليس إلا ظهور التصريف بمقتضى التجلي العام .
(هذا) ، أي ما ذكر هنا هو (روح) ، أي سر هذه (المسألة) في أمر الشركة والشرك وسبب ظهوره في العالم وإن ترتب عليه الظلم العظيم والعذاب الأليم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك إن الأمر الذي يخصه ) أي يخص الشريك .
 
قال رضي الله عنه :  ( مما وقعت فيه المشاركة ليس ) ذلك الأمر ( عين ) الأمر ( الآخر الذي يشاركه إذ هو للآخر فإذا ما ثمة شريك على الحقيقة فإن كل واحد ) منهما كان ( على حظه ) أي نصيبه ( مما قيل فيه أن بينهما مشاركة فيه ) كالإنسان والفرس فإن الحيوان الذي يخص الإنسان ليس عين الحيوان الذي يخص الفرس ، فإذن لا شركة على الحقيقة في عين واحدة بل الشركة فيه وهم محض فإن كل واحد منهما على حظه فإذا أخذ كل واحد منهما نصيبه من الطبيعة الحيوانية لا يبقى لكل واحد منهما حق فيها حتى اشتركا فيها.
 
قوله رضي الله عنه : ( وسبب ذلك الشركة ) مبتدأ ( المشاعة ) خبره أي وسبب ذلك الشركة المذكورة الإشاعة في عين واحدة ولا إشاعة في الحقيقة فلا شركة إذ الشركة تبتني على الإشاعة ( وإن كانت ) العين الواحدة ( مشاعة ) فلا بد أن يتصرف كل واحد منهما وذلك محال فإن المتصرف في الملك مطلقا هو اللّه الواحد القهار فلا تصرف للآخر فزالت الإشاعة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن التصرف من أحدهما يزيل الإشاعة ) فما أثبته الأشقياء من الشريك باللّه أمر وهمي لا روح فيه وأما ما أثبته السعداء من الأولياء المشتركين
فإنه حق فإنهم يجعلون الأسماء الإلهية مشتركة في الدلالة على الذات الواحدة وهو الذات الواجب الوجود
فإن لكل واحد من الأسماء الإلهية الحكم في الذات الواحدة على السواء وهو الدلالة وذلك الشركة أمر حقيقي لذلك قال قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [ الإسراء : 110 ] ،
 
فإن كل واحد من الاسم اللّه والاسم الرحمن مشترك في الدلالة على الذات الواجب الوجود قبلة الحاجات فبأيهما دعوتهم يقضي اللّه حاجتكم وكذا كل الأسماء الإلهية قال عليه السلام : " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " .
 
فإن النجوم مشتركة في الدلالة على الطريق الموصل إلى المطلوب وكذا الأصحاب مشتركة على الحقيقة في الدلالة على الصراط المستقيم الموصل إلى الحق
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذا ) أي الاشتراك بين الأسماء في الدلالة على الذات الواحدة ( روح المسألة ) أي روح مسألة الشركة لوجود معنى الشركة فيها على الحقيقة وأما ما قاله المنطقيون من أن الجزئيات مشتركة في الأمر الكلي الشامل لها فمجرد اصطلاح منهم لا شركة فيه في الحقيقة بل هو أمر وهمي فما وقع اصطلاحهم إلا على ما في وهمهم من الشركة.
 
فلا روح لمسألة الشركة فيه وإنما الشركة في دلالة ألقاب الجزئيات على ذلك الكلي فاعلم ذلك فدعوى الشركة من الكفار كاذبة لإثباتهم الشركة فيما لا شركة فيه ولا قابلية لها أصلا ودعوى الموحد صادقة لإثباتهم الشركة في محلها واللّه الهادي إلى صراط مستقيم .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ». فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه. وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة. «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
ذكر، رضي الله عنه أن ما هناك شرك أصلا وعلى تقدير الإشاعة بين الشريكين، فإن تصرف أحد الشريكين تميز نصيبه فترفع الإشاعة؟ 
وبين سبب القول بذلك بالنص من قوله: "وهو الله في السماوات وفي الأرض "  [الأنعام: 3].
 قال: لأن الحق تعالی عين كل معلوم، ثم بین عموم المعلوم وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، 
ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
 
وخصوص الشيء وهذه المسألة مذكورة في كتب الكلام، ثم بين کونه تعالی لطيفا خبيرا في مقتضي تمام الآية، ثم ذكر معنى التوحيد وهو قوله : والعين واحدة من كل شيء وفيه.
 
قال: وإنما أوهم الشرك توهم أن الصور تتشارك في المقام الواحد وما علموا أن العين الواحدة لا يتكثر بتكثر صورها، فهذه حكمة هذه المسألة. والباقي ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أنّ الجزء الذي يخصّه بما وقعت فيه المشاركة ، ليس عين الآخر الذي شاركه ، إذ هو للآخر ، فما ثمّ شريك على الحقيقة ، فإنّ كل واحد على حظَّه ممّا قيل فيه : إنّ بينهما مشاركة فيه ، وسبب ذلك ، الشركة المشاعة ، وإن كانت مشاعة ، فإنّ التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة ، « قل ادعوا الله أو ادعوا الرّحمن » ، هذا روح المسألة ) .
 
هذه المباحث الشريفة ظاهرة ، والشركة بين الصورة الإلهية متوهّمة عند أهل الحجاب ، فإنّ الدعوة للذات في الصورة الرحمانية ، أو الصورة الإلهية ، أو هما معا ،
والداعي للرحمن مختصّ به من وجه ، فلا شركة ، وكذلك المختصّ بدعوة الله هذه في المحجوب بالصورة ، وأمّا في دعوة صاحب الشهود فلا شركة ، لأحدية المدعوّ والمعبود ، ولهذا علَّل سوغان الإجازة في دعوة أحدهما بقوله :" فَلَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى " [الإسراء : 110 ]
 
أي الدعوة للهوية العينية الغيبيّة الأحدية الجمعية بين صور الأسماء الحسنى والمسمّيات ، فلا شركة أصلا .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه إذ هو الآخر ، فإذا ما ثم شريك على الحقيقة ، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما المشاركة فيه ، وسبب ذلك الشركة المشاعة وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة " قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ " هذا روح المسألة ).
 
 إنما هو روح المسألة لأن الشركة بين الصور الإلهية متوهمة عند أهل الحجاب ، فإن الصور الإلهية والأسماء واحدة بالذات ، والدعوة إنما هي للذات في الصورة الرحمانية أو الصورة الإلهية أو فيهما معا أو في أي صورة شاء من الصور الأسمائية ،
فالداعى للرحمن مختص من وجه فلا شركة وكذلك المختص بدعوة الله الذات الأحدية فلا شركة في مدعوه لأحديته عنده في جميع الصور كما هو عليه ، ولذلك علل الإجازة في دعوة أحدهما على السواء
 
بقوله :" فَلَه الأَسْماءُ الْحُسْنى " أي الدعوة إنما هي للهوية الأحدية العينية الجمعية بين صور الأسماء الحسنى ، والمسمى ليس إلا واحدا فلا شركة أصلا والألفاظ ظاهرة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الامر الذي يخصه . ) أي ، القسم الذي يخص الشريك (مما وقعت فيه المشاركة ليس عين القسم الآخر الذي شاركه ، إذ هو للآخر.)
لأن الفرض أن ذلك القسم الآخر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا ما ثمة شريك في الحقيقة ، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه وسبب ذلك الشركة المشاعة ) أي ، وسبب ذلك القول - أي القول بوجود الشريك - هو الاشتراك في العين الواحدة الغير المنقسمة .
فقوله : ( الشركة المشاعة ) خبر للمبتدأ .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت مشاعة ، فإن التصرف من أحدهما يزيل الإشاعة . ) أي ، وإن كانت العين الواحدة مشاعة ، مشتركة بين الشريكين ، أيضا تزول الإشاعة .
أي ، الشركة إذا كان أحدهما مطلق التصرف والآخر لا تصرف له ، ولا شك أن الحق تعالى مطلق التصرف في العالم ، فلا إشاعة ، فلا شركة .
 
قال رضي الله عنه :  ( " قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن ". هذا روح المسألة. ) أي ، قوله تعالى : "قل ادعو الله أو ادعو الرحمن ". هو روح مسألة الشركة وحقيقتها .
وذلك لأن الشئ إنما يتحقق بروحه التي تربه ، والشركة التي يثبتها المشركون أمر وهمي ،
لا روح لها ولا حقيقة في نفس الأمر ، والشركة التي بين الاسم ( الله ) والاسم ( الرحمن ) أمر حقيقي ، لدلالة كل منهما على الذات .
وهو إنما يستفاد من هذه الآية ، فكانت الآية روح مسألة الشركة.
 
وهذا إشارة إلى ما قال الشيخ رضي الله عنه في فتوحاته في فصل الأولياء المشركين بالله : فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه ، فإن ذلك ليس بمشرك حقيقة ، وأنت هو المشرك على الحقيقة ، لأنه من شأن الشركة اتحاد العين المشتركة فيها ، فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء ، وإلا فليس بشريك مطلق .
وهذا الشريك الذي أثبته الشقي ، لم يتوارد مع الله على أمر يقع فيه الاشتراك ، فليس بمشرك على الحقيقة ، بخلاف السعيد ، فإنه أشرك الاسم ( الرحمان ) بالاسم ( الله ) وبالأسماء كلها
في الدلالة على الذات ، وفي الجامعية للأسماء والصفات .
فهو أقوى في الشرك من هذا "الشقي" :
فإن الأول شريك من دعوى كاذبة ، وهذا أثبت شريكا بدعوى صادقة .
فغفر لهذا المشرك لصدقه ، ولم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه .
فهذا أولى  باسم ( المشرك ) من الآخر . والله هو الغفور الرحيم .


"" أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثالث والسبعون في الإجابة علي السؤال الخامس والخمسون ومائة  للترمذي في المغفرة :- عن الأولياء المشركون
"ومنهم المشركون بالله قال تعالى إِنَّ الله لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ به وكذا هو لأنه لو ستر لم يشرك به وهذا الاسم الله هو الذي وقع عليه الشرك فيما يتضمنه فشاركه الاسم الرحمن
قال تعالى قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى
فجعل للاسم الله شريكا في المعنى وهو الاسم الرحمن
فالمشركون هم الذين وقعوا على الشركة في الأسماء الإلهية لأنها اشتركت في الدلالة على الذات وتميزت بأعيانها بما تدل عليه من رحمة ومغفرة وانتقام وحياة وعلم وغير ذلك
وإذ كان للشرك مثل هذا الوجه فقد قرب عليك مأخذ كل صفة يمكن أن تغفر
فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه فإن ذلك ليس بمشرك حقيقة
وأنت هو المشرك على الحقيقة لأنه من شأن الشركة اتحاد العين المشترك فيه
فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء وإلا فليس بشريك مطلق
وهذا الشريك الذي أثبته الشقي لم يتوارد مع الله على أمر يقع فيه الاشتراك فليس بمشرك على الحقيقة
بخلاف السعيد فإنه أشرك الاسم الرحمن بالاسم الله وبالأسماء كلها في الدلالة على الذات
فهو أقوى في الشرك من هذا
فإن الأول شريك دعوى كاذبة وهذا أثبت شريكا بدعوى صادقة
فغفر لهذا المشرك بصدقه فيه ولم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه
فهذا أولى باسم المشرك من الآخر.أهـ ""

والله هو الغفور الرحيم .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:37 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                                      الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».  فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشّريك أنّ الأمر الّذي يخصّه ممّا وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الّذي شاركه إذ هو للآخر ، فإذن ما ثمّة شريك على الحقيقة ، فإنّ كلّ واحد على حظّه ممّا قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه ، وسبب ذلك ، الشّركة المشاعة ، وإن كانت مشاعة فإنّ التّصرّف من أحدهما يزيل الإشاعة ،قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ[ الإسراء : 110 ] هذا روح المسألة ).

فقال رضي الله عنه  : ( وأما تصغير ابنه ) في باب الحكمة العملية التي لم يأت فيها بما هو غاية الكمال في الأخلاق والأعمال ، وإنما بالغ في أن شيئا من الأعمال لا يضيع حياتها أصلا ، ( فتصغير رحمة ) ؛ لأن الصغر محل الرحمة ، فأشار إلى أنه وإن بلغ ما بلغ من الكمال في العلم ، فهو من جهة العمل صغير محل الرحمة ؛

 
لقوله عليه السّلام : " استقيموا ولن تحصوا " رواه ابن ماجة ؛ ( لهذا أوصاه بما فيه سعادته ) كقوله تعالى :" يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ في العبادة البدنية " وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ، وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ" في السياسة المدنية ،"وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ" في المساعي الباطنية "إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ" [ لقمان : 17 ] ، "وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ " في حقوق الصحبة ،" وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً " في كسر النفس ،"إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ"[ لقمان : 18 ] ،

" وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ " في الأخذ بأوساط الأمور في الأخلاق ،" وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ" [ لقمان : 19 ] في كف الأذى عن الخلق إذا عمل بذلك ، فإن الحكمة العملية إنما تفيد السعادة بالعمل ، كما أن الحكمة النظرية تفيدها بالاعتقاد الصحيح الجازم .


ثم أشار إلى ما هو أساس الحكمتين بحيث ينهدم بناؤهما بدون ذلك بقوله : ( وأما حكمة وصيته في نهيه إياه ) أي : ابنه عن الشرك ، إذ وصاه ( ألا تشرك باللّه ) كما قال تعالى :" وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " [ لقمان : 13 ] ،


فهي الاحتراز عن الظلم العظيم ، فإن الشرك لظلم عظيم قائم بالاعتقاد الذي هو أصل الاعتقادات والأعمال بحيث لا يبقى شيء منها بدونه ، كمن أحسن طاعة سلطانه سنين ، ثم قصد قتله فلا يعدمه ما تقدم منه من طاعاته ، وكيف لا يعظم هذا الظلم ( والمظلوم المقام )

أي : ما به يقوم هذا المعتقد واعتقاده ، بل جميع الأكوان وهو اللّه سبحانه وتعالى ؛ لأن الشرك إما للصور بأنفسها وهو باطل ؛ لأن المراد المشاركة في الإلهية والصور لا تقوم بذواتها ،

فكيف يتصور لها الإلهية حتى تشارك فيها ، وبهذا بطل مشاركة الصورة للعين ، وإما بالعين التي في صورها وهو ظلم عظيم بالعين حيث وضعه في غير موضعه ، ( إذ نعته بالانقسام ) وهو يستلزم التركيب المحوج للأجزاء ، ( وهو عين واحدة ) لا تفتقر إلى شيء من الأجزاء ، ولا من غيرها في وجودها ، وتفتقر إليها الصور كلها والتركيب ينافي ذلك ، وإذا كان المقام عين واحدة ، فلو فرض فيها الشركة ؛

فقال رضي الله عنه  : ( فإنه لا يشرك معه إلا عينه ، وهذا غاية الجهل ) يحكم به هذا الاعتقاد ، وعلى خلاف ما عليه الأمر فهو غاية الظلم في حق أعظم الأمور الذي به قوام الكل وافتقارهم إليه في كل الأمور .


فقال رضي الله عنه  : ( وسبب ذلك ) الجهل الموجب لهذا الظلم في الحكم المخل بقيومية من به قوام الكل ( أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر ) أي : بأمر الحق أنه الوجود المقوم لكل ما عداه من الموجودات ( ولا بحقيقة الأشياء ) ؛ لأنها لا وجود لها إلا من إشراق نور ذلك الوجود الحق

عليها ( إذا اختلف عليه ) أي : في نظره الصور الثابتة في العين الواحدة باعتبار إشراقها على أعيان الأشياء ، وهو لا يعرف ذلك الاختلاف ( للصور في عين واحدة ) ، إذ نظر أن لكل صورة عينا تخالف عين الصورة الأخرى مع المشاركة بين العينين ،


كما يقول العامة : إن الوجود المشترك بين الموجودات كلها (جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام ) الذي هو العين الواحدة المتشارك فيها باعتبار انقسامها إلى عينين تختص كل صورة بعين منهما ، لكن هذه الشركة على تقدير انتساب العين الواحدة إليهما تكون غير حقيقية ، فلا يصح اعتقادها ثابتة في الواقع على ذلك التقدير أيضا؛ وذلك لأنه (معلوم في) حق (الشريك) الواحد منها (أن الأمر الذي يخصه) أي : الذي هو حصة مختصة بذلك الشريك حال كونه قسما

(مما وقعت) أي : فرضت (فيه المشاركة) من العين الواحدة (ليس عين) الأمر (الآخر الذي شاركه) أي : فرض مشاركته ، (إذ هو) أي : الآخر (للآخر) أي : للشريك الآخر ، والمختص لشيء لا يكون عين المختص بالشيء الآخر .

فقال رضي الله عنه  : ( فإذا ما ثمة ) أي : في الواقع على تقدير انقسام العين الواحدة شريك ( على الحقيقة ) ، إذ معنى الشركة أن تكون العين الواحدة لكل واحد من الشريكين ، وهاهنا ليس كذلك ( فإن كل واحد ) من الشريكين في العين الواحدة بعد قسمتها تكون ( على حظه ) المختص به ، وإن كان ( مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه ) ، فالشركة متوهمة من هاهنا ، لكن إنما يتم هذا التوهم قبل القسمة ؛

وذلك لأن ( سبب ذلك ) الاشتراك ( الشركة ) المشاعة في ذلك المقام أولا ، ( وإن كانت ) أي : الشركة في العين الواحدة حال كونها ( مشاعة ) ، فلا تكون تلك شركة في الإلهية إذ لا بدّ للإله من التصريف ، لكن حصوله من كليهما يستلزم التناقض ، ومن أحدهما تبطل إلهية الآخر ،

فالأول : إما أن يتصرف بالكل أو بالجزء ، فيتعطل الجزء الآخر وهو باطل فيتعين الأول ، بل لا يمكن ( التصرف ) حينئذ ببعض الأجزاء أصلا ، فإن التصريف من أحدهما ( يزيل الإشاعة ) فلا تتصور الشركة في الإلهية لعبودتين ، بل إنه يكون لاسمين إلهيين يتصرف كل واحد منهما بكل تلك الغير ،
كما قال تعالى :( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [الإسراء: 110] هذا ) المذكور في إبطال الشركة ( روح المسألة ) ؛ فافهم واللّه الموفق والملهم .

ولما فرغ عن الحكمة الإحسانية التي هي رؤية العبد وبه ظاهرا في كل شيء ، ورؤية الرب صور أسمائه وآثارها فيه ، ومن تحقق بذلك بارّا ما يتصرف نيابة الحق في الخلق ، والتي هي فعل ما ينبغي لما ينبغي له ، إنما تحصل على العموم بالإمام الآمر بذلك عقبها بالحكمة الإمامية ؛ فقال : فص الحكمة الإمامية في الكلمة الهارونية


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».  فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).

فتكون الصورة متشاركة في أمر المحموديّة والمعبوديّة وبيّن أنّ الشركة إمّا بالتجزية والتقسيم ، بأن يكون لكل من المتشاركين حصة من المتشارك فيه ، أو بالإشاعة والبدل ، بأن يكون المتشارك فيه مشاعا لهما ، وهما يحكمان فيه على سبيل البدل ولا سبيل إلى شيء منهما عند التحقيق .

أمّا الأوّل : فلأنّه مبيّن ( ومعلوم في الشريك ) بذلك المعنى ( أنّ الأمر الذي يخصّه مما وقعت فيه المشاركة ) كالجزء المفروض بالنسبة إلى المقام ( ليس ) ذلك الأمر الذي يخصّ أحد الشريكين ( عين الآخر الذي شاركه ) من الجزء الباقي ، ( إذ هو للآخر ) من الشريكين وخصائصه فإنّ لكل من الشريكين خصائص متمايزة على هذا التقدير ( فاذن ما ثمّ شريك على الحقيقة ، فإنّ كل واحد على حظَّه مما قيل فيه أنّ بينهما مشاركة ) .
وأمّا الثاني فلأنّ مبناه على تحقّق الإشاعة ( وسبب ذلك ) الوهم ( الشركة المشاعة ) 
المتوهّمة لديهم ، وذلك غير متحقّق ( فإن كانت ) الشركة ( مشاعة ) فالإشاعة غير زائلة ولا باطلة ، ولكن التالي باطل ( فانّ التصريف من أحدهما ) دون تعيين أبدا ( يزيل الإشاعة ) .
ومرجع هذا أيضا إلى ما مرّ من أنّ تخالف الصورتين من المتعينتين لا يقدح في وحدة العين ، فإنّ العين فيهما واحدة .


وفي قوله تعالى : ("قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ ") إشارة إلى تينك الصورتين ، كما أنّ قوله : "أَيًّا ما تَدْعُوا " إشارة إلى تلك العين الواحدة الجامعة بينهما ، ولذلك كنّى عنه بالهويّة الجامعة للأسماء الحسنى كلها بقوله : "فَلَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى ".
والذي يلوّح على هذا أنّ “  أَيًّا ما “ لفظا هو باطن الاسمين ، وبيّناتهما بحذف المكرّر .
ثمّ إنّ أمر مسألة الشركة حسبما حقّق أمره إنما يؤول إلى الشركة المشاعة وبيّن أنّ الأمر في المقام المحمود منحصر فيما يعتقده أرباب العقائد التقليديّة ، من الصور العقليّة أو الخياليّة المتبطَّنة .

وفيما يظهر لدى المشاعر الحسّية من الصور العينيّة الخارجيّة التي هي ظاهر الوجود والرحمة.
و « الله » إشارة إلى صورة جمعيّة الأوّل من المقامين ، كما أنّ " الرحمن" إشارة إلى الثاني منهما .
والذي يلوّح على هذا أنّ الخمسة التي هي مظهر وجود الحقّ فيهما على ما قال :

أقول  وروح القدس ينفث في نفسي بأنّ وجود الحق في العدد الخمس وهو الحرف الآخر فيهما قد ظهر في " الرحمن " زوجا بالأزواج فإنّ ما في طيّه من الحروف كلَّها أزواج .
وقد ظهر في الله فردا بالأفراد .

ولذلك قال : ( هذا روح المسألة ) إذ بتلك الآية يتقوّم أمر استكشاف الشركة على ما لا يخفى للفطن ، بعد تطلَّعه لما مهّدنا له فيها .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».  فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة.  ).

قال رضي الله عنه :  ( ومعلوم في الشّريك أنّ الأمر الّذي يخصّه ممّا وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الّذي شاركه إذ هو للآخر . فإذن ما ثمّة شريك على الحقيقة ، فإنّ كلّ واحد ).

قال رضي الله عنه :  (ومعلوم في الشريك أن الأمر ) ، أي الجزء ( الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس غير ) ، الجزء الآخر ( الذي شاركه ) ، أي الشريك الثاني الشريك الأول بسببه ( إذ هو ) ، أي الجزء الآخر إنما هو ( للآخر ) من الشريكين ( فإذا ما ثم شريك على الحقيقة فإن كل واحد منهما).


""أضاف المحقق :
غير أنه وردت في بعض المخطوطات كلمة عين بدل غير
واعتمد ذلك كل من القاشاني وبالي أفندي والقيصري في شرحهم كلمة عين.
واختار كل من الشيخ عبد الغني النابلسي وعبد الرحمن جامي كلمة غير.  أهـ ""

قال رضي الله عنه :  ( على حظّه ممّا قيل فيه إنّ بينهما مشاركة فيه . وسبب ذلك ، الشّركة المشاعة ، وإن كانت مشاعة فإنّ التّصرّف من أحدهما يزيل الإشاعة .قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [ الإسراء : 110 ] هذا روح المسألة . 
 

( على حظه ) ، أي نصيبه ( مما قيل فيه أن بينهما مشاركة فيه وسبب ذلك ) عطف على قوله وسبب ذلك أي الشخص ، أي وسبب ذلك الشرك تارة أخرى ( الشركة المشاعة ) ،
وهو أن يجعل المشترك فيه مشاعا بين الشريكين يتوارد عليه الشريكان على سبيل البداية وذلك أيضا باطل ، فإن الشركة ( وإن كانت مشاعة ) بإشاعة الأمر المشترك فيه ( فإن التصريف ) ، أي التصرف والتأثير ( من أحدهما ) ،
أي أحد الشريكين في الأمر المشترك فيه بدون الآخر ( يزيل الإشاعة ) ، ويجعل الأمر المشترك فيه مختصا بذلك الآخر فلا ينفي الشركة ، ولما أبطل رضي اللّه عنه الشركة التي تشفي صاحبها بوجهيه أعني التجربة والإشاعة .

أشار إلى شركة حقة يسعد العبد باعتقادها والقول بها بقوله تعالى :  "قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ" [ الإسراء : 110 ] ، فإنه يدل على شركة اسم والرحمن بل الأسماء كلها في الدلالة على الذات الأحدية الجامعة للأسماء كلها .

( هذه روح المسألة ) ، أي ما أشار إليه بهذه الآية من الشركة هو روح مسألة الشرك وحقيقتها ، إذ بهذا الوجه يتحقق الشركة في نفس الأمر ، بخلاف الشركة المتوهمة لأهل الحجاب في مقام الألوهية فإنها وهم محض ، أو هذا الذي ذكر من أول الوصية إلى آخرها روح المسألة وتحقيقها بقسميها الحق والباطل على وجه لا يلحقها فتور ولا قصور .
واللّه يهدي لنوره من يشاء ومن لم يهد فما له نور .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:37 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-                                     
نقد النصوص في شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

23 - شرح نقش فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (لمّا علم لقمان أن الشرك ظلمٌ عظيم للشريك مع الله.)
الإحسان له ثلاث مراتب:
أحدها فعل ما ينبغي لما ينبغي كما ينبغي.
قال عليه السلام، «إنّ الله كتب الإحسان على كل شي‏ء فإذا ذبحتم، فأحسنوا الذبحة وإذا قتلتم، فأحسنوا القتلة» الحديث.
و ثانيها العبادة بحضور تامّ كأنّ العابد يشاهد ربّه، كما قال صلّى الله عليه و سلم، "الإحسان أن تعبد الله كأنّك تراه".
و ثالثها العبادة على المشاهدة دون "كأنّ"، كما قيل لبعض الأكابر، "هل رأيت ربّك"، فقال، "لست أعبد ربّا لم أره".
 
"" أضاف الجامع :
يقول القاشاني عن مرتبة الإحسان الشهودية :وهي المختصة بالعبودية على المشاهدة دون حجاب.
وإليه الإشارة بقوله صلى اللّه عليه وسلم «وجعلت قرة عيني في الصلاة». رواه النسائي
وبقوله صلى اللّه عليه وسلم: «الصلاة نور» . رواه مسلم وأحمد والترمذي
كما قيل لعلى كرم اللّه وجهه: هل رأيت ربك؟ فقال: «لست أعبد ربّا لم أره».
ولهذا كان إذا دخل فيها يرى من ورائه كما يرى من بين يديه. أهـ لطائف الأعلام ""
 
و إنّما خصّت الحكمة الإحسانية بالكلمة اللقمانية لأنّه صاحب الحكمة، بشهادة قوله تعالى، «وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ».
والحكمة وضع الشي‏ء في موضعه. فهي أي الحكمة والمرتبة الأولى من الإحسان من واد واحد. وأيضا الحكمة تستلزم الإحسان. فلذلك نسبت حكمته إليه.
 
(لما علم لقمان أن الشرك) باللَّه (ظلم عظيم للشريك مع الله)، لأنّه، أي الشريك، وجود متعيّن هو عين الوجود الحق المطلق مع التعيّن الذي هو من جملة شئونه و تجلّياته وقد اعتقده المشرك وجودا مغايرا مشاركا له تعالى في مرتبة الألوهية: فوضعه في غير موضعه وأوقعه في غير موقعه وليس المراد بـ «الظلم» إلّا هذا.
 
(فهو)، أي الشرك، (من مظالم العباد) عنده، لأنّ الشريك- كائنا ما كان- من جملة عباده سبحانه.
قال تعالى : "إِنْ كُلُّ من في السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً".
فالظلم في حقّه يكون من مظالم العباد. و لهذا بالغ في وصيته لابنه بعدم الإشراك، كما قال، «يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ».
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو من مظالم العباد وله الوصايا بالجناب الإلهي وصايا المرسلين. وشهد الله له بأنه " أتاه الحكمة " فحكم بها نفسه وجوامع الخير.)
وكما أنّ الشرك ظلم للشريك، فكذلك هو ظلم للمرتبة الإلهية، فانّه حكم بانقسامها واشتراكها، مع أنّ الأمر في نفسه لا يقبل الاشتراك.
 
(وله)، أي للقمان، (الوصايا بالجناب الإلهي)، من ألإيمان به و عدم الإشراك معه و الائتمار بأوامره و الانتهاء عن ما نهى عنه، (مثل وصايا المرسلين) ، كما حكى الله سبحانه بعضها في سورته من القرآن.
(و شهد الله له) ، أي للقمان، (بأنه سبحانه آتاه الحكمة) في قوله تعالى، «وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ».
(فحكم‏ ) لقمان، أي قيّد و ضبط، (بها)، أي بتلك الحكمة، (نفسه).
ومن يقدر على ضبطه عن التصرّفات الغير المرضية والأقوال الغير المفيدة والآراء والتصوّرات الفاسدة؟
(و) لمّا آتاه الحكمة، آتاه (جوامع الخير) أيضا، أي الخيرات الجامعة الشاملة لجزئيات كثيرة، كما قال تعالى، "وَمن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً".

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:38 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-                                   
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
الفص الثالث والعشرون حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
(1) حكمة إحسانية في كلمة لقمانية «الحكمة الإحسانية».
(1) موضوع هذا الفص «الإحسان» و هو في اللغة فعل ما ينبغي أن يفعل من الخير، بالمال أو بالقول أو العمل.
و في الشرع أن تتوجه إلى الله في عبادتك بكليتك و تتمثله في محرابك كما ورد في الحديث المشهور عند ما سئل النبي عن الإحسان ما هو فقال: «أن تعبد الله كأنك تراه».
وهو في عرف أصحاب وحدة الوجود شهود الحق في جميع المراتب الوجودية، والتحقق من أنه متجل في كل شيء.
و هذا الأخير هو المعنى الذي يدور عليه هذا الفص و الذي يستخلصه المؤلف من الآيات الواردة في حق لقمان في قوله تعالى: «و إذ قال لقمان لابنه و هو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ...
يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يات بها الله إن الله لطيف خبير».
فلقمان في هذا الفص لسان من ألسنة وحدة الوجود التي يتخذها ابن العربي مترجمة عن مذهبه.
أما نسبة الفص إليه فلشهرته بالحكمة و شهادة الله له بذلك. 
و الحكمة وضع الأشياء في موضعها و معرفة الأشياء بحقائقها، وهي عند الصوفية المعرفة الذوقية بحقيقة الوجود (راجع الفص الأول، التعليق الأول)، وعند ابن العربي هي المعرفة الذوقية لوحدة الوجود.
و من هنا تظهر الصلة بين الحكمة و الإحسان و السبب الذي من أجله نسب الحكمة الإحسانية إلى لقمان.
 
(2) «إذا شاء الإله يريد رزقا» (الأبيات).
(2) المشيئة و الإرادة لفظان يستعملان في اللغة على سبيل الترادف، و يستعملان بمعنيين مختلفين في اصطلاح ابن العربي و الحسين بن منصور الحلاج من قبله. 
فهما من ناحية أنهما صفتان للذات الإلهية متحدتان- كما أن الأسماء الإلهية الكثيرة واحدة العين من حيث دلالتها على مسمى واحد هو الحق- و لكنهما مختلفتان من حيث إن المشيئة مرادفة للعناية الإلهية أو للأمر الإلهي التكويني الذي يتعين به كل شيء على نحو ما هو عليه، في حين أن الإرادة صفة يتعين بها وجود شيء من الأشياء أو عدمه بعد إيجاده.
و هذا معنى قول المؤلف «يريد زيادة و يريد نقصا»: أي يريد تحقق موجود من الموجودات، و هو المشار إليه بالزيادة، و عدم تحقق موجود آخر و هو المشار إليه بالنقص.
و لكن الكل خاضع للمشيئة التي تقضي بأنه سيكون هنالك زيادة أو نقص، وجود أو عدم وجود، طاعة أو معصية. فالمشيئة إذن في مذهب ابن العربي الجبري أشبه شيء بالقانون العام للوجود، أو بمجموعة قوانين الوجود لأنها تتعلق بماهيات الأشياء- و الأشياء أعم من الموجودات لأنها تشمل الموجودات و المعدومات: أي الأشياء التي قد تتحقق بالفعل و التي لا تتحقق أصلا- فتعينها على النحو الذي هي عليه.
و لذلك يسميها ابن العربي أحيانا بالوجود (الفتوحات ج 4 ص 55)، و بعرش الذات، متبعا في ذلك أبا طالب المكي (الفتوحات ج 2 ص 51 ج 3 ص 62 ج 4 ص 55).
فوجود الأشياء على النحو الذي توجد عليه، أو عدم وجودها إطلاقا، يتعلق بالمشيئة. و لكن وجود شيء من الأشياء في العالم الخارجي أو انعدام وجوده بعد أن يوجد، متعلق بالإرادة.
هذا هو الفرق بين الاثنين كما يفهمه جامي (شرح الفصوص ج 2 ص 287، 288) و هو رأي يتفق مع الروح العامة لمذهب ابن العربي كما نجده في الفصوص و الفتوحات.
و لكن القاشاني (شرح الفصوص 374) و الجرجاني (تعريفات ص 147) يذهبان إلى أن المشيئة هي التي تتعلق بإيجاد الأشياء في العالم الخارجي و بانعدامها بعد وجودها، في أن الإرادة تتعلق بالإيجاد وحده. و يؤيدان مذهبهما بأن هذا هو الاصطلاح الذي جرى عليه القرآن في استعمال الكلمتين. يقول القاشاني: «و الفرق بين المشيئة و الإرادة أن المشيئة عين الذات، و قد تكون مع إرادة و بدونها. و الإرادة من الصفات الموجبة للاسم المريد.
فالمشيئة أعم من الإرادة: فقد تتعلق بها و تنقبض بها كمشيئة الكراهة: أي بالإيجاد و الإعدام.
و لما كانت الإرادة من الحقائق الأسمائية، فلا تقتضي إلا الوجود فتتعلق بالإيجاد لا غير».
و يقول الجرجاني «مشيئة الله عبارة عن تجلي الذات و العناية السابقة لإيجاد المعدوم أو إعدام الموجود. و إرادته عبارة عن تجليه لإيجاد المعدوم.
فالمشيئة أعم من وجه من الإرادة. و من تتبع مواضع استعمالات المشيئة و الإرادة في القرآن يعلم ذلك، و إن كان بحسب اللغة يستعمل كل منهما مقام الآخر».
و الإرادة خاضعة للمشيئة لأنها صفة من الصفات الإلهية أو شيء من الأشياء التي يعينها قانون الوجود العام.
و هذا هو معنى قوله: مشيئة إرادته فقولوا بها قد شاءها فهي المشاء
 
أما كلمة مشاء الواردة مرة في البيت الثالث و مرتين في البيت الرابع، فقد قرئت بفتح الميم و بضمها.
و يقول جامي (ص 287) إنها بضم الميم في موضعها الأول و الثاني حسب النسخة المقروءة على المؤلف، و بفتح الميم في موضعها الثالث.
و لكنها إذا قرئت بالضم كانت اسم مفعول من الثلاثي على صيغة المزيد و هذا خلاف القياس.
و أما الرزق الذي أشار إليه في البيتين الأولين فرمز لما يقوم كلا من الذات الإلهية و العالم و يظهر كلا منهما بمظهره الخاص به. فالعالم من ناحية غذاء للذات الإلهية لأن به تظهر هذه الذات في صور الوجود الخارجي و تظهر فيها كمالاتها.
و الذات الإلهية من ناحية أخرى غذاء للعالم لأنها هي الجوهر المقوم لصور الوجود و لا وجود لصورة من غير جوهر يقومها، كما لا وجود لجسم من غير غذاء يقومه.
 
(3) «و الحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها».
(3) قسم الحكمة قسمين: حكمة متلفظ بها كالأحكام الشرعية، و حكمة مسكوت عنها كالأسرار الإلهية المستورة على غير أهلها.
والأولى يخاطب بها العوام،
والثانية قصر على الخواص.
ومن هذا الباب بعينه تسربت إلى الإسلام البدع والشناعات وجميع التأويلات التي لا يقرها الدين في قليل و لا كثير، تارة تحت ستار الكشف والذوق، وطورا تحت عنوان «علم الخواص» أو «علم الباطن» أو «المضمون به على غير أهله» و نحو ذلك.
و نحن هنا بإزاء مثال من أمثلة هذا الضرب العجيب من التأويل يوضح به ابن العربي الفرق بين نوعي الحكمة.
قال لقمان لابنه: «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يات بها الله».
فيفهم ابن العربي في هذا النص معنيين يدلان على حكمتين.
أما الأول، و هو ما يدل عليه ظاهر النص، فهو أن لقمان جعل الله هو الآتي بحبة الخردل مهما يكن موضعها في السموات أو في الأرض، دالا بذلك على إحاطة علم الله و قدرته، و أنه لا يوجد موجود في السموات أو في الأرض مهما كان صغيرا إلا و يعلمه الله. هذه هي الحكمة المتلفظ بها.
وأما الحكمة المسكوت عنها فهي أن لقمان لم يصرح بالمؤتى إليه، ولم يقل لابنه إن الله يأتي بها إليك أو إلى فلان أو فلان، بل أرسل الإتيان عاما و لم يقصره على فرد بعينه.
و في هذا تنبيه على أن ما في السموات والأرض هو الحق لا غيره:
أي فيه تنبيه على أن ما في السموات (وهو ما في العالم العلوي من الحقائق الروحانية)
وما في الأرض (وهو ما في العالم السفلي من الحقائق الكونية والآثار المادية على اختلاف مراتبها) كل ذلك معلوم للحق، بل إنه ليس شيئا سوى الحق.
فالحكمة الظاهرة في الآية على هذا التأويل هي أن الحق هو الآتي بالوجود المرموز إليه بحبة الخردل،
والحكمة الباطنة هي أنه عين ذلك الوجود، أي عين كل معلوم، وأنه يأتي به إلى كل شيء في السموات و الأرض، لا إلى شيء دون شيء.
ومعنى إتيانه بالوجود إلى الأشياء ظهوره فيها في جميع مراتبها ودرجاتها
وفي هذا إشارة إلى معنى قوله تعالى «و هو الله في السماوات و في الأرض».
 
(4) «إن الحق عين كل معلوم لأن المعلوم أعم من الشيء، فهو أنكر النكرات».
(4) ذكرنا في التعليق السابق أنه قرر أن الحق عين كل معلوم، و لم يشأ أن يقول عين كل شيء، لأن المعلوم أعم من الشيء إذا قصدنا بالشيء الموجود المتحقق بالفعل بحيث يخرج منه الموجود الثابت في العلم غير المتحقق في الخارج.
وبما أن علم الله شامل لجميع الموجودات، سواء ما يتحقق منها في الخارج وما لم يتحقق مما له ثبوت في العلم فقط، قال إن «المعلوم» أعم من «الشيء» وأدخل في المعلوم المعدومات التي لها الثبوت دون الوجود الخارجي.
وقد ذهب بعض المتكلمين إلى أن الشيء مساو للمعلوم، فأدخلوا الأعيان الثابتة في الأشياء مع أنها لا وجود لها إلا في العلم الإلهي، واستشهدوا بقوله تعالى: «إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون».
فقد أطلق الله تعالى على العين اسم الشيء قبل كونها وتحققها في الخارج.
أما قوله «فهو أنكر النكرات» فيصح أن يكون الضمير فيه عائداً على «المعلوم» كما يقول جامي (ج 2 ص 290) لأنه يعم الموجودات و المعدومات أي يعم الموجودات العينية والعلمية من الممكنات و الممتنعات، والشيء مختص بالوجود العيني وحده.
ويصح أن يكون عائداً على الحق سبحانه كما يقول القيصري (ص 245) بمعنى أن الحق لما كان عين كل معلوم، سواء أ كان موجوداً في العين أم لم يكن، والمعلوم أعم من الشيء، والشيء أنكر من كل نكرة، لزم أن الحق أنكر النكرات لأنه لا يعلم حقيقته إلا هو.
والحق الذي هو أنكر النكرات بهذا المعنى هو الذات الإلهية المطلقة عن كل التعينات، المنزهة عن جميع الصفات و الأسماء.
وإلا فالحق الظاهر بصور الوجود المتصف بجميع صفاتها، أعرف المعارف.
وإذا كان الحق عين كل معلوم سواء أ كان المعلوم أعم من الشيء أم مساوياً له وكان عالماً بكل معلوم في السموات وفي الأرض، لزم أن العالِمَ و العلم والمعلوم حقيقة واحدة لا فرق بينها إلا بالاعتبار.
 
(5) «فقال إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ... إلى قوله فقال خبيراً».
(5) فسر في هذه الفقرة قوله تعالى «إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» * تفسيراً جريئاً صريحاً في دلالته على وحدة الوجود،
فقال إن لطف اللَّه مشتق من اللطافة التي هي مقابل الكثافة.
ويظهر لطفه تعالى في أنه الجوهر الساري في خفاء في الوجود بأسره.
فهو في كل شيء عين ذلك الشيء مهما أطلق عليه من الأسماء وحُدَّ به من الحدود، فإن الأشياء لا تختلف إلا في أمور عرضية أو أمزجة خاصة من أجلها يطلق على كل منها اسم خاص يتميز به عما عداه: فيقال هذا شجر وهذا حجر وهذه سماء والجوهر واحد في الجميع.
وليس هذا الجوهر سوى الذات الإلهية الواحدة.
ومن هذه الناحية شابه مذهب ابن العربي مذهب الأشاعرة الذين قالوا إن العالم كله متماثل بالجوهر مختلف بالأعراض.
وليس ببعيد أن تكون فكرة الأشاعرة إحدى الأفكار التي أوحت إليه بمذهبه في وحدة الوجود مع بعد الفرق بين الفكرتين.
فالأشاعرة يدينون بالخلق و يقررون وجود اللَّه إلى جانب وجود العالم.
أما هو فلا يدين إلا بوجود واحد، إذا نظرت إليه في إطلاقه قلت إنه هو ذلك الجوهر المؤلف منه العالم، و إذا نظرت إليه في تقييده- أو في تعدده و تكثره- قلت إنه هو العالم. و ليس اختلاف جوهر العالم بالأعراض وهو قول الأشاعرة في نظره سوى اختلاف الذات الإلهية وتكثرها بالصور والنسب (قارن الفص الثاني عشر، التعليق الثالث عشر).
 
أما نعت اللَّه نفسه بأنه «خبير» فمعناه أنه عالم عن اختبار، و العلم عن اختبار هو العلم الذوقي. و العلم الذوقي مقيد بالقوى و حاصل عنها.
و قد أخبر الحق عن نفسه أنه عين قوى العبد في قوله «كنت سمعه و بصره» إلخ. و معنى هذا ان الله خبير أي أنه يعلم علم الأذواق في صورة من له القوى التي يحصل بها هذا العلم.
فهو علم مكتسب للحق، بل هو المشار إليه في قوله تعالى: «ولنبلونكم حتى نعلم».
فجعل نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما. و في هذا تفرقة بين مطلق العلم و العلم المقيد بالقوى الروحانية و الجسمانية الذي هو علم الأذواق.
 
(6) «لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. و المظلوم المقام حيث نعته بالانقسام».
(6) إنما وصف الشرك بأنه ظلم عظيم لأن الشرك يفترض الانقسام في مقام الألوهية وهو مقام يأبى الانقسام فالمظلوم هو هذا المقام الذي وصف بوصف لا يصدق عليه.
وذلك لأن تعدد الإله عبارة عن أن يشرك معه غيره في الألوهية، وهذا باطل لانتفاء وجود ذلك الغير ولأن عين الوجود واحدة.
فإشراك أي شيء مع ما هو عينه غاية الجهل.
وهو راجع إلى أن من لا معرفة له بحقيقة الوجود ولا باختلاف الصور على العين الواحدة، يتوهم وجود مشاركة في مقام الألوهية حيث لا مشاركة.
فالمشاركة الحقيقية في مقام الألوهية منتفية، والمشركون واهمون في شركهم. هذا من وجه، ومن وجه آخر لا توجد مشاركة حقيقية في أي شيء يتنازعه اثنان، لأن الشيء الواقع فيه الاشتراك إما منقسم بين الشريكين بحيث يكون لكل منهما جزء غير الجزء الذي للآخر، و إذن فلا شركة بينهما على الحقيقة.
وإما أن يكون ما يقع فيه الاشتراك بين الشريكين مشاعا يتوارد عليه الشريكان على سبيل البدل، وذلك باطل أيضا لأن وقوع التصريف من أحد الشريكين يزيل الإشاعة ويجعل الأمر المشترك فيه مختصا بأحد الشريكين وهو المتصرف.
فلا مشاركة على الحقيقة.
وبعد أن أبطل الشرك والشركة و بيّن أنهما ليس لهما وجود حقيقي، أشار إلى شركة حقة ليست كفراً ولا ظلماً: وهي اشتراك الأسماء الإلهية جميعها في العين الواحدة التي هي الذات الإلهية، فقال: «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ: هذا روح المسألة»:
أي حقيقة مسألة الشركة هي أنها واقعة في الأسماء الإلهية،
فإن اسم اللَّه هو عين اسم الرحمن بل عين كل اسم من الأسماء الإلهية من حيث دلالة هذه الأسماء على الذات الأحدية الجامعة لها.

و إذا كان الشرك بمعناه الأول شرك الأشقياء الجاهلين المحجوبين، فهذا الأخير شرك السعداء العارفين.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:39 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                                      الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:

23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية

إذ شاء الإله يريد رزقا ...  له فالكون أجمعه غذاء "2"
وإن شاء الإله يريد رزقا ... لنا فهو الغذاء كما يشاء   "3"
…………………..
1- المناسبة في تسمية هذا الفص :-
هي أن الحكمة هي الخير الكثير والاسم الحكيم ورد في القرآن مقرونا بالاسم العليم والخبير فالحكيم عليم عن خبر وهو علم الأذواق. 
ولما كان الإحسان ذوقيا قال صلى الله عليه وسلم فيه « أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك » فالإحسان إحسانان إحسان كأنك تراه ، وإحسان أعلى تضمنه الحدث بانك إن لم تكن تراه يعني أن هناك من يراه وهو الإحسان الأعلى ، وكلاهما من الذوق في هذا المقام ، فاجتمعت الحكمة ومقام الإحسان في الذوقية ، 
ولما كان لقمان قد نص الحق عليه بأنه أتاه الحكمة فوقعت المناسبة بينه وبين مقام الإحسان فسميت حكمة إحسانية في كلمة لقمانية . 
شرح الأبيات :-

2  - يشير إلى غذاء الأسماء الإلهية

راجع فص 5 ، هامش 11، ص 88


"" 11 – الغذاء الأسماء الإلهية  فص 5 ، هامش 11، ص 88
كل غذاء أعلا من حياته المتولدة عنه ، فلا تزال من العالم الأدنۍ ترتقي في أطوار العوالم أغذية وحياة حتى تنتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء أغذية الأغذية.
وهي الذات المطلقة ، والأسماء الإلهية أقواتها أعيان آثارها في الممكنات .
فبالآثار تعقل أعيانها ، فلها البقاء بآثارها .
فقوت الاسم أثره، وتقديره مدة حكمه في الممكن أي ممكن كان ، ولما لم يكن في الكون إلا علة و معلول ، علمنا أن الأقوات العلوية والسفلية أدوية لإزالة أمراض ، ولا مرض إلا الافتقار .
فقوت القوت الذي يتقوت به هو استعماله .
 فالمستعمل قوت له لأنه ما يصح أن يكون قوتا إلا إذا تقوت به ، فاعلم من قوتك ومن أنت قوته.
من قدر القوت فقد قدرا     …… والقوت ما اختص بحال الوری
 بل حكمه سار فقد عمنا    …… ونفسه فانظر تری ما تری
 کل تغذي فيه قام في       …… وجوده حقا بغير افتری
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم ، وكان فيه بقاؤها ونعيمها و فرحها وسرورها .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء ، فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها .
وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين ، وبقاء المضافين من كونهما مضافين إنما هو بوجود الإضافة، فالإضافة رزق المتضایفین، و به غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين .
فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبة الاسم الرزاق ، وهو من جملة المرزوقين .
فهو أول من تغذى بما رزق ، فأول ما رزق نفسه .
ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها.
وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس .
الفتوحات  ج2 / 462 , ج4 / 248 , 409 ""


3 - يشير إلى قول سهل بن عبد الله عندما سئل عن القوت فقال « الله »
إذا كان قوت الخلق کونا  …. محققا فإله الحق للعبد قوته
إن المحبين من رجال الله العارفين شغلوا نفوسهم بما أمرهم به محبوبهم فهم ناظرون إليه حبا وهيمانة ، قد تيمهم بحبه وهيمهم بين بعده وقربه ، فمن هنا نعتوا بأنهم آثروه على كل مصحوب ، فلما قيل لسهل « ما القوت » قال « الله » 
قال تعالى « فأما إن كان من المقربين فروح » لما هو عليه من الراحة حيث رآه عين كل شيء " وريحان" ، لما رآه عين الرزق الذي يحیی بتناوله ، كما قال سهل :

 

ص 350


مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء   "4"
يريد زيادة و يريد نقصا ... وليس مشاءه إلا المشاء  "5"
فهذا الفرق بينهما فحقق ... ومن وجه فعينهما سواء  "6"
…………………………………………..
وما قوت النفوس سوى قواها    …. وإن العين عين كل قوت 
وسهل  ما له  قوت سواه   …. و أین الحق من خبز وحوت 
جميع الخلق في الأقوات تاهوا  …. وسهل ما يراه سوى المقيت
والحياه تنتهي إلى الغذاء الأول الذي هو غذاء الأغذية وهى الذات المطلقة . 
فليكن قوتك في معاشك الله ، وریاشك زينة الله ، فالعارف يقول في هذا الغذا : ألغ ذا  
الفتوحات ج 2 / 355 - ج 3 / 544 - ج 4 / 248 ، 409 - الديوان.


4 - البيت الثالث
مشيئته إرادته فقولوا ... بها قد شاءها فهي المشاء
مشيئته سبحانه إرادته وعلمه وقدرته ذاته ، فان قلت هذا النوع ما تعلفه ؟ 
هل متعلقه الإرادة ؟ قلنا لا ، فإنه ليس للإرادة اختيار . 
ولا نطق بها كتاب ولا سنة ولا دل عليها عقل ، وإنما ذلك للمشيئة ، فإن شاء كان ، وإن شاء لم يكن . 
قال عليه السلام ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن ، فعلق النفي والإثبات بالمشيئة ، وما ورد « ما لم يرد لم يكن » بل ورد لو أردنا أن يكون كذا لكان كذا ، فخرج من المفهوم الاختيار ، فالإرادة تعلق المشيئة بالمراد ، وهو قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » هذا تعلق المشيئة ، فالحكم للمشيئة ، وليست مشيئته غير ذاته ، فأسماؤه عينه وأحكامها أحكامه . 
الفتوحات ج 1 / 291 - ج 3 / 48 ، 317 
راجع فص 21 - توحيد الصفة عين الموصوف هامش 13 ص 

5 - البيت الرابع
بريد قوله تعالى «وما تشاؤون إلا أن يشاء الله » وقوله صلى الله عليه وسلم : « ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن » .


6 - البيت الخامس
يريد ما جاء في البيت الثالث أن الفرق بين المشيئة والإرادة في تعلق كل منهما ومن وجه التوحيد فهما سواء من حيث أن الصفة عين الموصوف .

ص 351

 


قال تعالى «ولقد آتينا لقمان الحكمة: ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا».
فلقمان بالنص ذو الخير الكثير بشهادة الله تعالى له بذلك.
والحكمة قد تكون متلفظا بها و مسكوتا عنها مثل قول لقمان لابنه «يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله».
فهذه حكمة منطوق بها، وهي أن جعل الله هو الآتي بها، "7"
وقرر ذلك الله في كتابه، ولم يرد هذا 
…………………………………..

7 - الرزق مضمون مكفول
پنبه الحق بهذه الآية على أن الرزق مضمون ، لابد أن يوصله للعبد. 
فإن رزقه ورزق عياله لابد أن يأتي به الله ، فيقول لقمان لابنه « يا بني إنها إن تكن مثقال حبة من خردل » أي أينما كان مثقال هذه الحبة من الخردل لقلتها بل خفائها « فتكن في صخرة » أي عند ذي قلب قاس لا شفقة له على خلق الله ، 

قال تعالى « ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة » روي في النبوة الأولى أن له تعالی تحت الأرض صخرة صماء ، في جوف تلك الصخرة حيوان لا منفذ له في الصخرة ، وأن الله قد جعل له فيها غذاء ، وهو يسبح الله ويقول « سبحان من لا ينساني على بعد مكاني » 

يعني من الموضع الذي تأتي منه الأرزاق لا على بعد مكانها من الله « أو في السموات » بما أودع الله في سباحة الكواكب في أفلاكها من التأثيرات في الأركان لخلق أرزاق العالم ، أو الأمطار أيضا فإن السماء في لسان العرب المطر ، قال الشاعر « إذا سقط السماء بأرض قوم » يعني بالسماء هنا المطر .

أو في الأرض ، بما فيها من القبول والتكوين للأرزاق ، فإنها محل ظهور الأرزاق. كذلك الكوكب يسبح في الفلك ، وعن سباحته يكون ما يكون في الأركان الأمهات من الأمور الموجبة للولادة ، فأينما كان مثقال هذه الحبة « يأت بها الله » ولم يقل يأت إليها، فهو تعالى الأتي برزقك إليك حيث كت و كان رزقك ، فهو يعلم موضعك ومقرات، ويعلم عين رزقك « إن الله لطيف» أي هو أخفى أن يتعلم ويوصل إليه ، أي العلم به ، من حبة الخردل « خبير » للطفه بمكان من يطلب تلك الخردلة منه لما له من الحرص على دفع ألم الفقر عنه ، فإن الحيوان ما يطلب الرزق إلا لدفع الآلام لا غير . 
الفتوحات ج 1 / 506 - ج 4 / 114.


ص 352


القول على قائله.
وأما الحكمة المسكوت عنها و علمت بقرينة الحال، فكونه سكت عن المؤتى إليه بتلك الحبة، فما ذكره، و ما قال لابنه يأت بها الله إليك ولا إلى غيرك.
فأرسل الإتيان  "8" عاما وجعل المؤتى به في السموات إن كان أو في الأرض تنبيها لينظر الناظر في قوله «و هو الله في السماوات و في الأرض».
فنبه لقمان بما تكلم و بما سكت عنه أن الحق عين كل معلوم، "9"
لأن المعلوم أعم من الشيء فهو أنكر النكرات .
ثم تمم الحكمة واستوفاها لتكون النشأة كاملة فيها فقال "إن الله لطيف 
"10"
فمن لطفه ولطافته أنه في الشيء المسمى كذا المحدود بكذا عين 
…………………………….

8 - الرزق من أكله لا لمن جمعه
قوله تعالى : « يأت بها » ولم يقل « يأت إليها » من هذا يستدل أن صاحب الرزق من يأكله لا من يجمعه . الفتوحات ج 3 / 359

 
9 - وحدة الوجود الظاهر في المظاهر
راجع فص 5 ، هامش 06 ص 84 
 

""  6 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر  فص 5 ، هامش 06 ص 84 
الموجودات على تفاصيلها في ظهور الحق في مظاهر أعيان الممكنات بحكم ما هي الممكنات عليه من الاستعدادات ، فاختلفت الصفات على الظاهر لأن الأعيان التي ظهر فيها مختلفة ، فتميزت الموجودات وتعددت لتعدد الأعيان وتميزها في نفسه فما في الوجود إلا الله وأحكام الأعيان ، وما في العدم شيء إلا أعيان الممكنات مهيأة للاتصاف بالوجود .
فهي لا هي في الوجود ، لأن الظاهر أحكامها فهي ، ولا عين لها في الوجود فلا هي ، كما هو لا هو .
لأنه الظاهر فهو والتميز بين الموجودات معقول ومحسوس لاختلاف أحكام الأعيان فلا هو ، فيا أنا ما هو أنا ولا هو ما هو هو .
مغازلة رقيقة وإشارة دقيقة ردها البرهان ونفاها ، و أوجدها العيان وأثبتها .
ما من شيء في تفاصيل العالم إلا وفي الحضرة الإلهية صورة تشاكل ما ظهر ، أي يتقيد بها، ولولا هي ما ظهر .
فإذا تأملت فما ثم وجود إلا الله خاصة ، وكل موصوف بالوجود مما سوى الله فهو نسبة خاصة ، والإرادة الإلهية إنما متعلقها إظهار التجلي في المظاهر ، أي في مظهر ما ، وهو نسبة .
فان الظاهر لم يزل موصوفا بالوجود ، والمظهر لم يزل موصوفا بالعدم ، فإذا ظهر أعطى المظهر حكما في الظاهر بحسب حقائقه النفسية .
فانطلق على الظاهر من تلك الحقائق التي هو عليها المظهر المعدوم حكم يسمى إنسانا أو فلكا أو ملكا أو ما كان من أشخاص المخلوقات .
كما رجع من ذلك الظهور للظاهر اسم يطلق عليه يقال به خالق وصانع ، وضار ونافع ، وقادر.
وما يعطيه ذلك التجلي من الأسماء ، وأعيان الممكنات على حالها من العدم كما أن الحق لم يزل له حكم الوجود .
فحدث لعين الممكن اسم المظهر ، و للمتجلي فيه اسم الظاهر .
فأعطى استعداد مظهر ما أن يكون الظاهر فيه مكلفا ، فيقال له افعل ولا تفعل ، ويكون مخاطبا بأنت وكاف الخطاب .
واعلم أن التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر .
فوقتا يكون المظهر جسميا و وقتا يكون جسمانيا ووقتا جسديا ، ووقتا يكون المظهر روحيا ووقتا روحانیا.
فالتجلي في المظاهر هو التجلي في صور المعتقدات وهو كائن بلا خلاف.
والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف . وهما تجلي الاعتبارات .
لأن هذه المظاهر سواء كانت صور المعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم .
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم .
وليس وراء ذلك المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا .
وأما التجلي في الأفعال ففيه خلاف بين أهل هذا الشأن لا يرتفع دنيا ولا آخرة .
فما في المسائل الإلهية ما تقع فيها الحيرة أكثر ولا أعظم من مسألة الأفعال ، ولاسيما في تعلق الحمد والذم بأفعال المخلوقين.
فيخرجها ذلك التعلق أن تكون أفعال المخلوقين لغير المخلوقين حين ظهورها عنهم ، وأفعال الله كلها حسنة في مذهب المخالف الذي ينفي الفعل عن المخلوق ويثبت الذم للفعل بلا خلاف .
ولا شك عنده في تعلق الذم، بذلك الفعل من الله، فمن الشدائد على أهل الله إذا أوقفهم في حضرة الأفعال، من نسبتها إلى الله ونسبتها إلى أنفسهم،
فيلوح لهم ما لا يمكن لهم معه أن ينسبوها إلى أنفسهم ، ويلوح لهم ما لا يتمكن معه أن ينسبوه إلى الله .
فهم هالكون بين حقيقة وأدب ، والتخلص من هذا البرزخ من أشد ما يقاسيه العارفون ، فإن الذي ينزل عن هذا المقام يشاهد أحد الطرفين فيكون مستريحا لعدم المعارض.

فمذهبنا العين الممكنة إنما هي ممكنة لأن تكون مظهرا ، لا لأن تقبل الاتصاف بالوجود فيكون الوجود عينها .
إذن فليس الوجود في الممكن عين الموجود ، بل هو حال لعين الممكن ، به يسمى الممكن موجودا مجازا لا حقيقة ، لأن الحقيقة تأبى أن يكون الممكن موجودا ، فلا يزال كل شيء هالك .
 الفتوحات ج1 / 694  , ج2 / 40,42,99,160,435,606

"" أضاف الجامع :
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" وحدة الوجود التي يقول بها ابن العربي الطائي الحاتمي ليست وحدة وجود مادية تنكر الألوهية ولوازمها أو تنكر القيم الروحية ،
بل العكس هو الصحيح : أي أنها وحدة وجود تنكر العالم الظاهر ، ولا تعترف بالوجود الحقيقي إلا لله - الحق . أما الخلق فظل للوجود الحق ولا وجود له في ذاته ".
 
تقول د. سعاد الحكيم في وحدة الوجود عند الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
إن عبارة وحدة الوجود لا تدخل ضمن مصطلحات ابن العربي ، 
إذ أنها من ناحية لم ترد عنده مطلقا ،
ومن ناحية ثانية هي تشكل تيارا فكريا له جذوره البعيدة في تأريخ النظريات الفلسفية ،
ولكننا لم نستطع أن نتغافل عن بحثها بحجة أنها تدخل ضمن نظريات شيخنا الأكبر بالنظر لأهميتها عنده ، إذ فيها تتبلور مصطلحاته وتتكشف ، ويتجلى وجه ابن العربي الطائي الحاتمي الحقيقي ، فنلمس فيه الفكر والمنطق إلى جانب الشهود والتصوف ".
إن عبارة وحدة الوجود ابتدعها دارسو ابن العربي الطائي الحاتمي ،
أو بالأحرى صنفوه في زمرة لقائلين بها . إذ أن الباحث لا يلتقط فكر مفكر إلا بتحليله إلى عناصره البسيطة ، وإعادة تركيبه تركيبا يتلاءم وينضبط مع التيارات الفكرية المعروفة . وبالتالي استدل الملتمس وجه ابن العربي الطائي الحاتمي من جمل أمثال :
الوجود كله واحد ) ، ( ما ثمة إلا الله ) ، ( ما في الوجود إلا الله ) ، إلى القول بأنه من وحدة الوجود ، وحدة تفارق وحدة الماديين بتغليب الجانب الإلهي فيها .

ولكن ما حقيقة موقف ابن العربي الطائي الحاتمي من الوحدة الوجودية ؟
وما نسبة التفكير النظري إلى الشهود الصوفي فيها ؟

وحدة وجود ) أم ( وحدة شهود ) ؟
كثيرا ما يتوقف الباحث أمام نتائج ابن العربي الطائي الحاتمي متسائلا :
أوحدة وجود عنده أم وحدة شهود ؟
ثم لا يلبث ان يقرر انها وحدة وجود ، من حيث أنها لم تبرز في صيحة وجد ، بل كانت نتيجة باردة لتفكير نظري .
ويعود تردد الباحث بين الوحدتين إلى أنهما يتطابقان في النتيجة ، فكلتاهما ترى :
إن الوجود الحقيقي واحد وهو الله .
ولكن صاحب وحدة الشهود يقولها في غمرة الحال ، على حين يدافع عنها ابن العربي الطائي الحاتمي في صحو العلماء وبرود النظريين .
والحقيقة أن وحدة ابن العربي الطائي الحاتمي تختلف عن وحدة شهود غيره بسبب جوهري ، وهو أن الشيخ الاكبر لم يقطفها ثمرة فيض فناء في الحق ، فناء افناه عن رؤية كل ما سوى الحق .
ولم يقل بعدم كل ما سواه ، إن ابن العربي  يرى الكثرة ، وشهوده يعطيه الكثرة ، وبصره يقع على الكثرة . إذن الكثرة عنده موجودة .
وهنا نستطيع ان نقول : أن ( وحدته ) على النقيض من وحدة الشهود ، تعطي : كثرة شهودية . فالنظر يقع على كثرة عنده . وهذا ما لا يمكن أن ينطبق على وحدة الشهود .
ولكن ابن العربي الطائي الحاتمي لا يقف مع الكثرة الشهودية أو بتعبير أدق المشهودة ، بل يجعلها ( كثرة معقولة ) لا وجود حقيقي لها .
وهي - إذا امكن التعبير بلغتنا - خداع بصر . وبلغة ابن العربي الطائي الحاتمي : خيال .أهـ ""

 

10 - الاسم اللطيف *
هذا المراد لا يستقيم بالاستدلال وشاهد اسم اللطيف في هذه الآية ضعيف بل المراد به هو ما جاء في شرح الهامش رقم 7، ويؤيده بمناسبة ذكر الرزق ما جاء في معنى الاسم اللطيف حيث ذكر في قوله تعالى « الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز » فإن اللطف الإلهي هو الذي يدرج الراحة من حيث لا يعرف من لطف به ، ومن لطفه أنه الذي يأتيهم بكل ما هم فيه ، ولا تقع أبصار العباد إلا على الأسباب التي يشهدونها فيضيفون ما هم فيه إليها .


أما المعنى المقصود هنا من أنه سبحانه هو الظاهر في المظاهر من حيث الاسم اللطيف فيتضمنه قوله تعالى « لا ندركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » البصر من العبد هوية الحق ، فعينك غطاء على بصر الحق ، فبصر الحق أدرك الحق ورآه لا أنت، فإن الله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، ففي مدلول هذه الآية أنه يدرك تعالى نفسه بنفسه ، لأنه إذا كان بهويته بصر العبد ، ولا نفع


ص 353

 

ذلك الشيء، حتى لا يقال فيه إلا ما يدل عليه اسمه بالتواطؤ والاصطلاح.

فيقال هذا سماء ورض و صخرة وشجر وحيوان و ملك ورزق وطعام. "11"
والعين واحدة من كل شيء و فيه. "12"
كما تقول الأشاعرة إن العالم كله متماثل بالجوهر: فهو جوهر واحد، فهو عين قولنا العين واحدة.
ثم قالت ويختلف بالأعراض، وهو قولنا ويختلف ويتكثر بالصور والنسب حتى يتميز فيقال هذا ليس هذا من حيث صورته أو عرضه أو مزاجه كيف شئت فقل.
وهذا عين هذا من حيث جوهره، ولهذا  يؤخذ عين الجوهر في كل حد صورة و مزاج: فنقول نحن إنه ليس سوى الحق، ويظن المتكلم أن مسمى الجوهر وإن كان حقا، ما هو عين الحق الذي يطلقه أهل الكشف والتجلي.
فهذا حكمة كونه لطيفا. "13"

ثم نعت فقال «خبيرا» أي عالما عن اختبار وهو قوله «ولنبلونكم حتى نعلم» وهذا هو علم الأذواق. 
………………………...

الإدراك البصري إلا بالبصر ، وهو عين البصر المضاف إلى العبد ، وقال إنه يدرك الأبصار وهو عين الأبصار ، فقد أدرك نفسه . 
لذلك قال « وهو اللطيف » ولا الطف من هوية تكون عين بصر العبد ، وبصر العبد لا يدرك الله ، وليس في القوة أن يفصل بين البصرین ، اللطيف من حيث أنه لا تدركه الأبصار ، واللطيف المعني من حيث أنه يدرك الأبصار ، أي درکه للأبصار درکه لنفسه ، وهذا غاية اللطف والرقة ، فما لطفه وأخفاه إلا شدة ظهوره ، فإنه البصر لكل عين تبصر « الخبير » يشير إلى علم ذلك ذوقا ، فهو العليم خبرة أنه بصر العبد في بصر العبد ، و کذا هو الأمر في نفسه . 
فتوحات ج 2 / 542 ، 547 - ج 4 / 2 ، 238 ، 301

 ملاحظة هذا ما أشرنا إليه في مقدمة الكتاب من ضعف الاستدلال والشاهد مع ذكر الشيخ لما هو أقوى وأصح في الكتب الأخرى ( راجع ص 7).



11 - وحدة الوجود - الظاهر في المظاهر - كل الأسماء والصفات الله تعالی بالأصالة .
فص 5 ، هامش 5 و 6، ص 83 ، 84 
انظر هامش  9


12 - العين واحدة والحكم مختلف
راجع فص 4 ، هامش 5، ص 78

""  5 - العين واحدة والحكم مختلف فص 4 ، هامش 5، ص 78  ، فص 3 هامش 5 ص 68
ما يعرف الله إلا الله فاعترفوا    …… العين واحدة والحكم مختلف
                                                     الفتوحات ج1 / 185 .
فالله والرب والرحمن والملك     ….. حقائق كلها في الذات تشترك
فالعين واحدة والحكم مختلف     …… لذا بدا الجسم والأرواح والفلك
                                               الفتوحات  ج3 / 310.
فالعين واحدة والحكم مختلف       ….. وذاك سر لأهل العلم ينكشف
                                            الفتوحات ج3 / 430
والعين واحدة والحكم مختلف      ….. إذا تنوعت الأرواح والصور
                                                الفتوحات  ج2 / 392
فالعين واحدة والحكم يختلف      ….. والقائلون بذا قوم لهم نظر
                                              الإسفار عن نتائج الأسفار ص 55
فالعين واحدة والحكم للنسب   …… والعين ظاهرة والكون للسبب
                                                  الفتوحات ج3 ص 525  
والعين واحدة والحكم مختلف    ….. والعبد يعبد الرحمن معبود
                                                 الفتوحات  ج2 ص 484
من الزوائد أن تعلم أن حكم الأعيان ليس نفس الأعيان ، وأن ظهور هذا الحكم في وجود الحق، وينسب إلى العبد بنسبة صحيحة، وينسب إلى الحق بنسبة صحيحة فزاد الحق من حيث الحكم حكما لم يكن عليه ، وزاد العين إضافة وجود إليه لم تكن يتصف به أزلا .

قال تعالى : « كل يوم هو في شأن » أحوال إلهية في أعيان کيانية بأسماء نسبية عينتها تغييرات كوئية ، فتجلى أحدي العين في أعيان مختلفة الكون ، فرات صورها فيه ، فشهد العالم بعضه بعضا ، في تلك العين ، فمنه المناسب وهو الموافق . ومنه غير المناسب وهو المخالف.    الفتوحات المكية ج2 ص 521 , 305 .
راجع وحدة الوجود - المرايا - فص 2 هامش رقم 6  ص 45

"" 6- وحدة الوجود – المرايا فص 2 هامش رقم 6  ص 45
اعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها :
وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه ، 
والمعلوم الآخر العام المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال ،
والعلوم الثالث هو البرزخ الذي بين الوجود المطلق والعدم المطلق وهو الممكن ، وسبب نسبة الثبوت إليه مع نسبة العدم هو مقابلته للأمرين بذاته .
 وذلك أن العدم المطلق قام للوجود المطلق كالمرآة فرأي الوجود فيه صورته فكانت تلك الصورة عين الممكن ، فلهذا كان للممكن عين ثابتة وشيئية في حال عدمه ولهذا خرج على صورة الوجود المطلق .
ولهذا أيضا اتصف بعدم التناهي فقيل فيه إنه لا يتناهی ، وكان أيضا الوجود المطلق كالمرآة للعدم المطلق فرأى العدم المطلق في مرآة الحق نفسه .

فكانت صورته التي رأي في هذه المرأة هو عين العدم الذي اتصف به هذا الممكن ، وهو موصوف بأنه لا يتناهی كما أن العدم المطلق لا يتناهی ، فاتصف الممکن بأنه معدوم ، فهو كالصورة الظاهرة بين الرائي والمرأة ، لا هي عين الرائي ولا غيره
وقد علمنا أن العالم ما هو عين الحق وإنما هو ما ظهر في الوجود الحق ، إذ لو كان عين الحق ما صح كونه بديعا ، كما تحدث صورة المرئي في المرآة ، ينظر الناظر فيها، فهو بذلك النظر كأنه أبدعها مع كونه لا تعمل له في أسبابها، ولا يدري ما يحدث فيها .
ولكن بمجرد النظر في المرآة ظهرت صور ، هذا أعطاه الحال ، فما لك في ذلك من التعمل إلا قصدك النظر في المرآة .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 5:42 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                                      الجزء الثاني

ونظرك فيها مثل قوله « إنما قولنا لشيء إذا أردناه » وهو قصدك النظر « أن نقول له کن » وهو بمنزلة النظر « فیکون » وهو بمنزلة الصورة التي تدركها عند نظرك في المرآة ،.
ثم إن تلك الصورة ما هي عينك الحكم صفة المرآة فيها من الكبر والصغر والطول والعرض ، ولا حكم لصورة المرآة فيك فما هي عينك ولا عين ما ظهر ممن ليس أنت من الموجودات الموازية لنظرك في المرآة ، ولا تلك الصورة غيرك ، لما لك فيها من الحكم .

فإنك لا تشك أنك رأيت وجهك ، ورأيت كل ما في وجهك ظهر لك بنظرك في المرآة من حيث عين ذلك لا من حيث ما طرأ عليه من صفة المرآة ، فما هو المرئي غيرك ولا عينك ، كذلك الأمر في وجود العالم الحق .
أي شيء جعلت مرآة أعني حضرة الأعيان الثابتة أو وجود الحق، فإما أن تكون الأعيان الثابتة الله مظاهر ، فهو حكم المرآة في صورة الرائي ، فهو عينه وهو الموصوف بحكم المرآة ، فهو الظاهر في المظاهر بصورة المظاهر.

أو يكون الوجود الحق هو عين المرآة ، فترى الأعيان الثابتة من وجود الحق ما يقابلها منه ، فترى صورتها في تلك المرآة و يترائي بعضها البعض ، ولا ترى ما ترى من حيث ما هي المرآة عليه ، وإنما ترى ما ترى من حيث ما هي عليه من غير زيادة ولا نقصان .
وكما لا يشك الناظر وجهه في المرآة أن وجهه رأي ، وبما للمرآة في ذلك من الحكم يعلم أن وجهه ما رأى .
فهكذا الأمر فانسب بعد ذلك ما شئت كيف شئت ، فإن الوجود للعين الممكنة كالصورة التي في المرآة ، ما هي عين الرائي ولا غير الرائي ، ولكن المحل

المرئي فيه به و بالناظر المتجلي فيه ظهرت هذه الصورة ، فهي مرآة من حيث ذاتها والناظر ناظر من حيث ذاته والصورة الظاهرة تتنوع بتنوع العين الظاهرة فيها .

کالمرأة إذا كانت تأخذ طولا ترى الصورة على طولها والناظر في نفسه على غير تلك الصورة من وجه ، وعلى صورته من وجه ، فلما رأينا المرآة لها حكم في الصورة بذاتها ورأينا الناظر يخالف تلك الصورة من وجه .

علمنا أن الناظر في ذاته ما أثرت فيه ذات المرآة ، ولما لم يتأثر ولم تكن تلك الصورة هي عين المرأة ولا عين الناظر ، وإنما ظهرت من حكم التجلي للمرآة ، علمنا الفرق بين الناظر وبين المراة وبين الصورة الظاهرة في المرآة التي هي غيب فيها ، ولهذا إذا رؤي الناظر يبعد عن المرآة يرى تلك الصورة تبعد في باطن المرآة ، وإذا قرب قربت .

وإذا كانت في سطحها على الاعتدال ورفع الناظر يده اليمنى رفعت الصورة اليد اليسرى ، تعرفه إني وإن كنت من تجليك وعلى صورتك فما أنت أنا ولا أنا أنت ، فإن عقلت ما نبهناك عليه فقد علمت من أين اتصف العبد بالوجود، ومن هو الموجود، ومن أين اتصف بالعدم، ومن هو المعدوم ومن خاطب ومن سمع ومن عمل ومن كلف .

وعلمت من أنت ومن ربك وأين منزلتك ، وأنك المفتقر إليه سبحانه وهو الغني عنك بذاته.

فسبحان من ضرب الأمثال وأبرز الأعيان دلالة عليه أنه لا يشبهه شيء ولا يشبه شيئا ، وليس في الوجود إلا هو ، ولا يستفاد الوجود إلا منه، ولا يظهر الموجود عين إلا بتجليه.

فالمرأة حضرة الإمكان والحق الناظر فيها والصورة أنت بحسب إمكانيتك ، فإما ملك وإما فلك وإما إنسان وإما فرس ، مثل الصورة في المرآة بحسب ذات المرآة من الهيئة في الطول والعرض والاستدارة واختلاف أشكالها مع كونها مرآة في كل حال .

كذلك الممكنات مثل الأشكال في الإمكان والتجلي الإلهي يكسب الممكنات الوجود والمرآة تكسبها الأشكال ، فيظهر الملك و الجوهر والجسم والعرض ، والإمكان هو هو لا يخرج عن حقیقته ، وأوضح من هذا البيان في هذه المسألة لا يمكن إلا بالتصريح ، فقل في العالم ما تشاء و انسبه إلى من تشاء بعد وقوفك على هذه الحقيقة كشفة وعلما .
راجع الفتوحات ج3/ 46 , 80 , 352 . - ج4/ 316.   ""


13 - راجع هامش رقم 10
 

ص 358

 
فجعل الحق نفسه مع علمه بما هو الأمر عليه مستفيدا علما.
ولا نقدر على إنكار ما نص الحق عليه في حق نفسه: ففرق تعالى ما بين علم الذوق والعلم المطلق،
 "14"  فعلم الذوق مقيد بالقوى.
وقد قال عن نفسه إنه عين قوى عبده في قوله «كنت سمعه»، وهو قوة من قوى العبد، «وبصره» وهو قوة من قوى العبد، «ولسانه» وهو عضو من أعضاء العبد، «ورجله ويده».
 "15"
فما اقتصر في التعريف على القوى فحسب حتى ذكر الأعضاء: وليس العبد بغير لهذه الأعضاء والقوى.
فعين مسمى العبد هو الحق، لا عين العبد هو السيد، فإن النسب متميزة لذاتها، و ليس المنسوب إليه متميزا، فإنه ليس ثم سوى عينه في جميع النسب.
فهو عين واحدة ذات نسب 

………………………………………...
14 - الاسم الخير *
وقع في هذه الفقرة خلط بين قوله تعالى « ولنبلونكم حتى نعلم » أي لنختبركم حتى نعلم ، من الاختبار ، فيقول الشيخ في ذلك : حكم الحق على نفسه
بما حكم لخلقه من حدوث تعلق العلم ، وهذا غاية اللطف في الحكم والتنزل الإلهي . فنزل مع خلقه في العلم المستفاد ، إذ كان علمهم مستفادة ، كما شرك نفسه تعالى مع خلقه في الأحكام الخمسة ، فمع علمه بما يكون من خلقه قال « حتى نعلم » وأعلم من الله لا يكون ، ومع ذلك أنزل نفسه في هذا الإخبار منزلة من يستفيد بذلك علما ، وهو سبحانه العالم بما يكون منهم في ذلك قبل كونه - 

الفتوحات ج 3 / 111، ج 2 / 423 

ويكون هذا الخبير كما جاء في شرح الأسماء الحسني 
الفتوحات ج 4 / 322 

حيث يقول : الخبير بما اختبر به عباده ، ومن اختباره قوله « حتى نعلم » فيرى هل ننسب إليه حدوث العلم أم لا ؟ 
فانظر أيضا هذا اللطف ، ولذلك قرن الخبير باللطيف فقال اللطيف الخبير ، فاختلط المعني هنا في هذه الآية « ولنبلونكم » من الاختبار وهو متعلق بالاسم الخبير بمعنى العليم خبرة وهو أيضا متعلق بالاسم الخبير في آية « يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير » 

- راجع هامش رقم  7 ، 10 .


15 - راجع « كنت سمعه وبصره ۰۰» الحديث
هامش 10 ، 14 وفص 10 ، هامش 9 ، ص 146

""  9 - فإذا أحببته كنت سمعه .. الحديث  فص 10 ، هامش 9 ، ص 146

اعلم أن القرب قربان:
قرب في قوله تعالى «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » وقوله تعالى «وهو معكم أينما كنتم».
وقرب هو القيام بالطاعات وهو المقصود في هذا الحديث ، فالقرب الذي هو القيام بالطاعات فذلك القرب من سعادة العبد من شقاوته ، وسعادة العبد في نيل جميع أغراضه كلها ، ولا يكون ذلك إلا في الجنة ، وأما في الدنيا فإنه لابد من ترك بعض أغراضه القادحة في سعادته .
فالقرب من السعادة بأن يطيع ليسعد ، وهذا هو الكسب في الولاية بالمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها ، أما قوله « من أداء ما افترضته عليه » لأنها عبودية اضطرارية « ولا يزال
العبد يقترب إلي بالنوافل » وهي عبودية اختيار « حتى أحبه » .
إذ جعلها نوافل ، فإذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه ، وإذا کنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره .
وتكون يدك يد الحق « إن الذين بیا یعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم » وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل ، فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد ونظره ، فانظر ما تنتجه محبة الله ، فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية .

ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض ، فالحق سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده ، فبه يسمع العالم و به يبصر وبه يتكلم وبه يبطش و به يسعى ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات ، كما ورد في الحديث الصحيح ، فانتبه لقوله « كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان، وفي الإيمان الرحمن ، فمن كذب العيان كان قوي الإيمان ، ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه ، فلا إيسان عنده ولا عيان ، فما هو صاحب مكان ولا إمكان .
ومن صدق العيان وسلم الإيمان كان في أمان ، فإن الله أثبت أن ذلك للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له ، وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته ، وحق الخلق عبوديته.

فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا ، فإن التعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة.
ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا .
فقوله تعالی « كنت سمعه وبصره » جعل کینوتنه سمع عبد منعوت بوصف خاص ، وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قواه من قواه ويقوم بکینوته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول

ولا بدليه ، فإنه أثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله « كنت سمعه » فهذه الهاء عينه ، والصفة عين الحق لا عينه ، فالشخص محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره .
كما يليق بجلاله ، فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته ، فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو ، وهذا من ألطف ما يكون فظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له کيفية ولا تنفك عنه بينية .

والكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف والاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان ، والجاهل إذا سمع ذلك أداه إلى فهم محظور من حلول أو تحديد ، فبالوجه الذي يقول فيه الحق إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته .
فمثلا سر الحياة سري في الموجودات فحييت بحياة الحق ، فهي نسب وإضافات وشهود حقائق ، والله هو العلي الكبير عن الحلول والمحل.

الفتوحات ج 3 / 14 ، 63 ، 68 ، 184 ، 298 ، 356 ، 531 ، 557 . ج 4 / 5 ، 362 ، 449 . ""

 

ص 355

 

وإضافات وصفات. "16"
فمن تمام حكمة لقمان في تعليمه ابنه ما جاء به في هذه الآية من هذين الاسمين الإلهيين «لطيفا خبيرا»، سمى بهما الله تعالى.
فلو جعل ذلك في الكون وهو الوجود فقال «كان» لكان أتم في الحكمة و أبلغ.
فحكى الله قول لقمان على المعنى كما قال: لم يزد عليه شيئا وإن كان قوله إن الله لطيف خبير من قول الله لما علم الله من لقمان أنه لو نطق متمما لتمم بهذا. "17"
وأما قوله «إن تك مثقال حبة من خردل» لمن هي له غذاء، وليس إلا الذرة المذكورة في قوله «فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره».
فهي أصغر متغذ و الحبة من الخردل أصغر غذاء.
و لو كان ثم أصغر لجاء به  "18"  كما جاء بقوله تعالى «إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها».
ثم لما علم أنه ثم ما هو أصغر من البعوضة قال «فما فوقها» يعني في الصغر.
وهذا قول الله و التي في «الزلزلة» قول الله أيضا.
فاعلم ذلك فنحن نعلم أن الله تعالى ما اقتصر على وزن الذرة وثم ما هو أصغر منها، فإنه جاء بذلك على المبالغة والله أعلم. "20"
وأما تصغيره اسم ابنه فتصغير رحمة

…………………………………...
16 - راجع هامش 12 



17 -  ملاحظة *
قال تعالى في سورة الحج « ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير ) .
نورد هذه الآية ليقف القاريء أنه لا دخل في أن يكون لقمان أتم في الحكمة لو قال « إن الله كان لطيفا خبيرة » فإن هذا لا يغيب عن الشيخ وهو الحافظ صاحب التفاسير والقراءات ، وقد ورد عن الأنبياء « والله واسع عليم » ۰
فيبعد أن يكون هذا من كلام الشيخ رضي الله عنه .


18 - راجع المعنى الثابت صحته عن الشيخ في هامش رقم 7
 

19 - نفس المعنى جاء في الفتوحات ج 2 / 223 ، 226 وفي تفسير القرآن 
للشيخ رضي الله عنه « إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن ».
 

20 - ملاحظة *
يستبعد أن يكون هذا من كلام الشيخ الذي له اكثر من تفسير للقرآن وهو جامع للقراءات ويعلم أن الله تعالى قال في سورة سبأ- 3 « عالم الغيب لا يعزب عنه


ص 356


و لهذا أوصاه بما فيه سعادته إذا عمل بذلك.
وأما حكمة وصيته في نهيه إياه أن لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ، والمظلوم المقام حيث نعته بالانقسام وهو عين واحدة، فإنه لا يشرك معه إلا عينه وهذا غاية الجهل.
وسبب ذلك أن الشخص الذي لا معرفة له بالأمر على ما هو عليه، ولا بحقيقة الشيء إذا اختلفت عليه الصور في العين الواحدة، وهو لا يعرف أن ذلك الاختلاف في عين واحدة، جعل الصورة مشاركة للأخرى في ذلك المقام فجعل لكل صورة جزءا من ذلك المقام.
ومعلوم في الشريك أن الأمر الذي يخصه مما وقعت فيه المشاركة ليس عين الآخر الذي شاركه، إذ هو للآخر ».
فإذن ما ثم شريك على الحقيقة، فإن كل واحد على حظه مما قيل فيه إن بينهما مشاركة فيه.
وسبب ذلك الشركة المشاعة، وإن كانت مشاعة فإن التصريف من أحدهما يزيل الإشاعة.
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن» هذا روح المسألة. "21"
……………………………………...
مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ، ولا أصغر من داك ولا أكبر إلا في كاب مبين » فقد أثبت الحق مثقالا لأصغر من الذرة في كتاب مبين.


21 - الشرك بحق
قال تعالى : « إن الله لا يغفر أن يشرك به، وكذا هو لأنه لو ستر لم يشرك به. 
وهذا الاسم الله هو الذي وقع عليه الشرك فيما يتضمنه . فشارکه الاسم الرحمن . 
قال تعالى :" قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسني » فجعل للاسم الله شريكا في المعنى وهو الاسم الرحمن ، فالمشرکون هم الذين رفعوا على الشركة في الأسماء الإلهية لأنها اشتركت في الدلالة على الذات ، وسيزب بأعيانها بما تدل عليه من رحمة ومغفرة وانتقام وحياة وعلم وغير ذلك ، وإذ كان للشرك مثل هذا الوجه فقد قرب عليك مأخذ كل صفة يمكن أن نغفر ، فلا تجزع من أجل الشريك الذي شقي صاحبه ، فإن ذلك ليس بشرك على الحقيقة وأنت هو المشرك على الحقيقة ، لأن من شأن الشركة اتحاد العين المشترك فيه. 
فيكون لكل واحد الحكم فيه على السواء وإلا فليس بشريك مطلق ، وهذا الشريك الذي أثبته الشقي لم يتوارد مع الله على أمر يقع فيه الاشتراك ، فليس بشرك على الحقيقة ، بخلاف السعيد فإنه أشرك الاسم الرحمن بالاسم الله وبالأسماء كلها


ص 357


* * * * *
...........................

في الدلالة على الذات ، فهو أقوى في الشرك من هذا ، فإن الأول شريك دعوی كاذبة ، وهذا أثبت شريكا بدعوی صادقة ، فغفر لهذا المشرك بصدقه فيه ، ولم يغفر لذلك المشرك لكذبه في دعواه ، فهذا أولى باسم المشرك من الآخر .
راجع كتابنا شرح كلمات الصوفية « حظ الأولياء من الصفات المذمومة » ص 392 ۰
أو راجع فتوحات ج 1 / 115 ، 138 ، 226 ، 358
ج 2 / 135 ، 136 ، 138 ، 363 ، 482 ، 616 ، 617 ، 678



""  حظ الأولياء من الصفات المذمومة: من كتاب شرح كلمات الصوفية
قال صلى اللّه عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.
فاعلم أن جميع مذام الأخلاق وسفسافها، صفات مخزية عند اللّه وفي العرف، وجميع مكارم الأخلاق، صفات شريفة في حق وخلق،
ألا ترى إلى قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق؛
فإنه نقص منها المسمى سفسافا، فعيّن لها مصارف فعادت مكارم أخلاق، فهي إذا اتصف بها العبد في المواطن المعينة لها، لم يلحقه خزي ولا كان ذا صفة مخزية،
فما ثمّ إلا خلق كريم مهما زال حكم الغرض النفسي، المخالف للأمر الإلهي والحد الزماني النبوي، فإن مكارم الأخلاق أعمال وأحوال إضافية، لأن الناس الذين هم محل مكارم الأخلاق على حالتين، كما أن الأخلاق محمودة وهي التي تسمى مكارم الأخلاق، ومذمومة وهي التي تسمى سفساف الأخلاق، والذين تصرف معهم مكارم الأخلاق وسفسافها،
اثنان وواحد: فالواحد هو اللّه، والاثنان نفسك - إذا جعلتها منك بمنزلة الأجنبي - وغيرك وهو كل ما سوى اللّه، وكل ما سوى اللّه على قسمين وأنت داخل فيهم: عنصري وغير عنصري،
فالعنصري تصريف الخلق معه حسي، وغير العنصري تصريف الخلق معه معنوي، والأعمال المعبر عنها بالأخلاق على قسمين:
صالح وهو مكارمها، وغير صالح وهو سفسافها، ولتعلم أن المخاطبين بها كما ذكرنا حر وعبد، فللعبد منها شرب وللحر منها شرب، فإذا أضفت الخلق إلى اللّه تعالى،
فكل ما سوى اللّه عبد للّه، وإذا أضفت الخلق بعضه إلى بعض، فهو بين حر وعبد، فأما حظ العبد من الأخلاق، فاعلم أن السيد على الإطلاق قد أوجب وحرم، فأمر ونهى،

وقد أباح فخير، وقد رجح فندب وكره، وما ثمّ قسم سادس، فكل عمل يتعلق به الوجوب - من أمر من السيد الذي هو اللّه - بعمل أو ندب إلى عمل،
فإن العمل به من مكارم الأخلاق - مع اللّه ومع نفسك - إن كان واجبا، وإن كان مندوبا إليه فهو من مكارم الأخلاق مع نفسك، فإن تضمن منفعة إلى الغير ذلك العمل،
كان أيضا من مكارم الأخلاق مع غيرك، وترك هذا العمل - إذا كان على هذا الحكم - من سفساف الأخلاق، وكل عمل يتعلق به التحريم أو الكراهة،
فالتقسيم فيه كالتقسيم في الواجب والمندوب إليه على ذلك الحد،

فترك ذلك العمل لاتصافه بالتحريم أو الكراهة من مكارم الأخلاق، وعمله من سفساف الأخلاق، وترك العمل فيه عمل روحاني لا جسماني، لأنه ترك لا وجود له في العين،
وأما العمل الذي تعلق به التخيير وهو المباح، فعمله من مكارم الأخلاق مع نفسك دنيا لا آخرة، فإن اقترن مع العمل كونه عملته لكونه مباحا مشروعا، كان من مكارم الأخلاق مع اللّه ومع نفسك دنيا وآخرة، وكذلك حكمه في ترك المباح على هذا التقسيم سواء،

فجميع الأقسام تتعلق بالعبد، وقسم المباح يتعلق بالحر، وقسم المكروه والمندوب إليه يتعلق بالحر، وفيه من روائح العبودية شمة لا حقيقة، والشرع قد عين لك مكارم الأخلاق،
ولما كان من المحال أن يقوم الإنسان في خلق كريم يرضي جميع الخلائق، فإنه إن أرضى زيدا أسخط عدوه عمرا، لابد من ذلك، فلما رأينا الأمر على هذا الحد،
قلنا: لا نصرف مكارم الأخلاق إلا في صحبة اللّه خاصة، فكل ما يرضي اللّه نأتيه، وكل ما لا يرضيه نجتنبه، وسواء كانت المعاملة والخلق مما يخص جانب الحق أو تتعدى إلى الغير، وإنها وإن تعدت إلى الغير فإنها مما يرضي اللّه، وسواء عندك سخط ذلك الغير أو رضي، فإنه إن كان مؤمنا رضي بما يرضي اللّه،
وإن كان عدوا للّه فلا اعتبار له، فحسن الخلق إنما هو فيما يرضي اللّه، فلا تصرفه إلا مع اللّه، سواء كان ذلك في الخلق أو فيما يختص بجناب اللّه .أهـ  (فتوحات ج 2/ 616) ""


ص 358

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالسبت فبراير 22, 2020 6:16 pm

السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :-                                   
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
23 - فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
المرتبة 23 : لفص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية . من الاسم الرزاق ومرتبة النبات وحرف الثآء ومنزلة سعد بلع .
ظهور الاسم المذل يستلزم بقاء المذللين . وبقاؤهم يستلزم تغذيتهم بالرزق .
أي أن المذل يستلزم ظهور الاسم الرزاق . فلهذا كانت له المرتبة 23 وعن توجهه وجد عالم النبات وله من الحروف الثاء وله من المنازل سعد بلع كما فصله الشيخ في الفصل 33 من الباب 198 .
 
ومن الاتفاق أن كلمة ( سعد بلع ) مناسبة للرزاق . فالرزق من مظاهر السعادة ، والسعادة رزق . ولفظة : بلع تعني التقم رزقا أو غذاء ، يقال ابتلع أي التقم لقمة . . . ولفظة ) لقم
( مناسبة لاسم قطب هذه المرتبة أي لقمان الحكيم فأصل اسمه ) لقمان ( من ) لقم ( وعلى لسانه ورد ذكر مظهر من أصغر مظاهر الرزق النباتي كما يظهر من قوله لابنه :يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ( لقمان ، 16 ) –
وهي الآية التي ذكرها الشيخ في فص الكلمة اللقمانية الذي فتحه بالرزق والغذاء
فقال : (إذا شاء الإله يريد رزقا * له فالكون أجمعه غذاء)
   (وإن شاء الإله يريد رزقا * لنا فهو الغذاء كما يشاء)
 
وهذا المعنى فسّره الشيخ في الفصل 33 المذكور حيث يقول :
فأول رزق ظهر عن الرزاق ما تغذت به الأسماء من ظهور آثارها في العالم وكان فيه بقاؤها ونعيمها وفرحها وسرورها .
وأول مرزوق في الوجود الأسماء فتأثير الأسماء في الأكوان رزقها . الذي به غذاؤها وبقاء الأسماء عليها .
وهذا معنى قولهم إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية ، فإن الإضافة بقاء عينها في المتضايفين وبقاء المضافين من كونهما مضافين
إنما هو بوجود الإضافة فالإضافة رزق المتضايفين وبه غذاؤهما وبقاؤهما متضايفين فهذا من الرزق المعنوي الذي يهبه الاسم الرزاق وهو من جملة المرزوقين
فهو أول من تغذى بما رزق فأول ما رزق نفسه ثم رزق الأسماء المتعلقة بالرزق الذي يصلح لكل اسم منها وهو أثره في العالم المعقول والمحسوس
ثم نزل في النفس الإلهي بعد الأسماء فوجد الأرواح الملكية فرزقها التسبيح
ثم نزل إلى العقل الأول فغذاه بالعلم الإلهي والعلم المتعلق بالعالم الذي دونه وهكذا لم يزل ينزل من عين ما يطلب ما به بقاؤه وحياته إلى عين حتى عم العالم كله بالرزق فكان رزاقا .
فلما وصل إلى النبات ورأى ما يحتاج إليه من الرزق المعين
فأعطاه ما به غذاؤه فرأى جل غذائه في الماء فأعطاه الماء ، له ولكل حي في العالم ، وجعله رزقا له ثم جعله رزقا لغيره من الحيوان فهو والحيوان رزق ومرزوق (
 
وإنما قرن الشيخ الرزاق بالنبات خصوصا لأن اللّه تعالى قرن الرزق بالثمرات في العديد من الآيات كقوله تعالى : وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ( البقرة ، 22 ) .
كُلَّما رُزِقُوا مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ( البقرة ، 25 ) .
رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ( البقرة ، 126 ) .
وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ( إبراهيم ، 37 ) .
أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً يُجْبى إِلَيْهِ ثَمَراتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقاً مِنْ لَدُنَّا( القصص ، 57 ) .
 
ولعلاقة هذا الفص بالنبات وردت فيه كلمات شجر - طعام - غذاء - ذوق . . .
ومن التناسب بين هذا الفص وفصله 33 من الباب 198 قوله في هذا الفص :
( والعين واحدة من كل شيء وفيه . . . الخ . . . )
وقوله في ذلك الفصل : ( وقد أعلمتك في غير ما موضع من هو عين العالم الظاهر وأنه غير متغير الجوهر . . . )
مثال ذلك : الماء جوهر واحد تتغذى به كل النباتات رغم تنوع صورها وأذواقها وثمراتها .
 
قال تعالى :يُسْقى بِماءٍ واحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَها عَلى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ( الرعد ، 4 ) .
وأما نسبة الكلمة اللقمانية للحكمة الإحسانية . فلأن لقمان أوتي الحكمة من اللّه تعالى والحكمة من أجل الأرزاق :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ( لقمان ، 12 ) .
والحكمة والإحسان متلازمان لأن الإحسان هو فعل ما ينبغي بإتقان ووضعه في مقامه الأليق وهذه هي الحكمة .
وقد ظهر لقمان في القرآن مربيا لابنه حسا ومعنى وظهرت كلمة الإحسان في القرآن مقترنة بالأبوة كقوله تعالى :وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وتحقق لقمان بالإحسان المذكور في الآية 22 من سورته :وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى.
 
من ناحية أخرى ؛ فبالحكمة تحفظ المراتب وبالرزق والغذاء تحفظ الحياة والحفظ مقترن عدديا بالعدد 5 الذي يقول عنه الشيخ إنه يحفظ نفسه وغيره ( ف ب 198 ص 446 )
وبالعدد مائة عدد الأسماء الحسنى التي بها حفظ الوجود - أي 99 مع الاسم الوتر الأعظم.
 
وبسريان الخمسة في المائة ينتج العدد " 500 " الذي هو عدد حرف هذه المرتبة أي حرف الثاء وهو الحرف الذي يرمز عادة لصفة " الثقيل " أي الجسم الذي لا قيام له إلا برزق الغذاء .
 
ويرمز أيضا للثمرات والثواب .
ولهذا فان بين هذا الباب 23 من الفصوص والباب الخامس الإبراهيمي علاقة متينة لأن لفص إبراهيم المرتبة الخامسة مرتبة الجسم الكلي . ولا بقاء للجسم إلا بالغذاء .
 
ولهذا كانت الحقيقة الإبراهيمية مع ميكائيل مختصة بالرزق والغذاء من بين حملة العرش الثمانية " انظر الباب 13 من الفتوحات " .
ولهذا ختم الشيخ الفص الإبراهيمي بقوله :
" وبالأرزاق يكون تغذي المرزوقين فإذا تخلل الرزق ذات المرزوق بحيث لا يبقى فيه شيء إلا تخلله " .
فان الغذاء يسري في جميع أجزاء المتغذي كلها فهذا التكامل بين الفصين هو تكامل بين مرتبة الجسم الخامسة مع مرتبة الغذاء الثالثة والعشرين ومجموع المرتبتين هو العدد التام الجامع :
5 + 23  = 28.
وكتمهيد للدخول إلى الفص 24 التالي المخصوص بالحيوان الهاروني
ذكر الشيخ في أواخر هذه الكلمة اللقمانية البعوضة والذرة التي هي من أصغر المتغذيات .
 
 
23 : سورة فص لقمان عليه السلام
سورة هذا الفص هي التي ذكرها الشيخ في آخره ، أي " الزلزلة " من آيتها :فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ( 7 ) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ( الزلزلة ، 7 - 8 )
 
المناسبة لقول لقمان : يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ( لقمان ، 16 ) .
 
قال الشيخ عن حبة الخردل : " وليس إلا الذرة المذكورة في آية الزلزلة . فهي أصغر متغذ ، والحبة من الخردل أصغر غذاء . . . "
والخير المذكور في " الزلزلة " مناسب للقمان الذي قال اللّه عنه في سورته :وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ( لقمان ، 12 )وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً( البقرة ، 269 )
 
ومن هذا الخير الكثير مقام الإحسان المنسوب إليه هذا الفص لأن المحسن يحاسب نفسه على الذرة . ولمقام الإحسان صلة إشارية بآخر كلمة في السورة أي " يره " فهو كما ورد في الحديث " أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك "
 
ولهذا نجد الشيخ في الوصل السادس عشر من الباب 369 وهو الوصل المتعلق بسورة " الزلزلة " - يخصص في آخره فقرة طويلة نفيسة حول طلب موسى رؤية ربه وتدكدك الجبل وما يتعلق بهذه المسألة العالية ، ولها صلة بآية : لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ( الأنعام ، 103 ) .
وقد تكلم عن الاسمين " اللطيف الخبير " في  تعقيبه على قول لقمان :
إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌوقال إن قول :كانَ لَطِيفاً خَبِيراً أتم في الحكمة وأبلغ .
يشير إلى تميز الحكمة المحمدية عن الحكمة اللقمانية لأن الحكمة المحمدية وردت بقوله تعالى : " كان لطيفا خبيرا " في الآية 34 من سورة " الأحزاب " : وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً .
وأخيرا فان " الزلزلة " مجاورة لسورة " البينة " التي لها فص إبراهيم الذي سن القرى وله مرتبة الجسم الكل ، وله في الثمانية العرشية مع ميكائيل الأرزاق من الاسم " الرزاق " الحاكم على هذا الفص اللقماني .
 
وذكرنا هذه العلاقة بين الفصين
عند الكلام عن سورة فص إبراهيم . . . من ناحية أخرى " فان للرؤية التي ذكرناها في هذا الفص علاقة . . . " مباشرة بالمشاهدة في منزل " البينة " من فاتحتها " لم يكن "
كما فصله الشيخ في منزلها في الفتوحات
وفي كتابه " الفناء في المشاهدة " وفي الباب 22 سمى " البينة " : منزل المشاهدة .
 
علاقة هذا الفص بلاحقه
ختم الشيخ هذا الفص بالكلام عن الشرك تمهيدا للدخول في منزل فص هارون التالي الذي سورته : " الكافرون " وكلها تعبير عن التبري من الشرك . . .
وختم الكلام باسم " الرحمن " من الآية :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ( الإسراء ، 110 ) كمقدمة أمام بداية الفص الموالي وهي :
" اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت . . . " إلى آخره .
وختم فص هارون بالكلام عن اللطيف الخبير المذكورين في هذا الفص ،
وانتهى بقوله : " فلا بد أن يعبده من رآه بهو اهـ
 إن فهمت " إشارة إلى الرؤية التي ذكرناها في هذا الفص .
وإلى هذه المشاهدة يشير الشيخ في الأبيات التي افتتح بها الباب 285 المتعلق بمنزل " الزلزلة " وهي :
تناجيني العناصر مفصحات ... بما فيها من العلم الغريب
فأعلم عند ذاك شفوف جسمي ... على نفسي وعقلي من قريب
فيا قومي علوم الكشف تعلو ... بما تعطي على علم القلوب
فان العقل ليس له مجال ... بميدان المشاهد والغيوب
فكم للفكر من خطأ وعجز ... وكم للعين من نظر مصيب
ولولا العين لم يظهر لعقل ... دليل واضح عند اللبيب
 
يشير بالعين لكلمة " يراه " في السورة .
وانظر كيف ذكر شفوف الجسم ، مما يؤكد علاقة هذا الفص مع فص إبراهيم الذي له مرتبة الجسم الكل .
والجسم هو أثقل الأشياء لغلبة عنصره الأرضي الترابي
وإليه أشار الشيخ في الفقرة من الباب " 559 فتوحات  " المتعلقة بسورة " الزلزلة " حيث جعل عنوانها : " الدليل في حركة الثقيل " إشارة للآيات : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها ( 1 ) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها ( الزلزلة ،1 - 2 ).
 
ومن لطيف الاتفاق أن الحرف اللفظي وكذلك الحرف الرقمي لهذه المنزلة الثالثة والعشرين التي لها هذا الفص هو حرف " الثاء " مفتاح كلمة " ثقيل " ، وللثقيل الحركة المنكوسة المخصوصة بالأجسام حول الأرض والنبات المتوجه على إيجاده " الرزاق " في هذه المرتبة الثالثة والعشرين من مراتب الوجود.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: