منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:39 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
 الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.
ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم.
ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء».
فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.
فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم فيسألونه في ذلك.
فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء».
وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.
فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.
وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟
فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات: فما هو معه في درجته.
فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم.
وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن».
فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
 
فلا بد من ذلك لمن عقل. وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته، و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
 
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه. ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك.
هذا اسم الشخصية فيه.
والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، 
فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها.
فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم وإعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.
وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم.
فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
 
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.
 
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :


24 - نقش فص حكمة إمامية في كلمة هارونية:
هارون لموسى بمنزلة نواب محمدٍ صلى الله عليه وسلم بعد انفصاله إلى ربه فلينظر الوارث من ورث وفيما استنيب.
فتعينه صحة ميراثه ليقوم فيه مقام رب المال.
فمن كان على أخلاقه في تصرفه كان كأنه هو.
 


الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
24 -  فك ختم الفص الهاروني


1 / 24 - إعلم ان الإمامة المذكورة في هذا الموضع ومثله فإنما تذكر باعتبار أنها لقب من القاب الخلافة ولها التحكم والتقدم ، وهي تنقسم من وجه إلي إمامه لا واسطة بينها وبين الحضرة الألوهية والى إمامة ثابتة بالواسطة والخالية عن الواسطة قد تكون مطلقة عامة الحكم في الوجود وقد تكون مقيدة ، بخلاف الإمامة الثابتة بالواسطة ، فإنها لا تكون الا مقيدة ، والتعبير عن ألإمامه الخالية عن الواسطة مثل قوله للخليل عليه السلام : " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " [ البقرة / 124 ] والتي بالواسطة مثل استخلاف موسى عليه السلام هارون على قومه حين قال له : " اخْلُفْنِي في قَوْمِي وأَصْلِحْ " [ الأعراف / 142 ] ومثل ما قيل في حق ابى بكر انه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
 
2 / 24  - وهذا بخلاف خلافة المهدى عليه السلام ، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضف خلافته اليه ، بل سماه خليفة الله 
وقال : إذا رأيتم الرايات السود تقبل من ارض خراسان فأتوها ولو جثواً ، فان فيها خليفة الله المهديين  .
ثم قال : يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ، فأخبر بعموم خلافته وحكمه وانه خليفة الله بدون واسطة . فافهم .
 
3 / 24 - ثم نرجع الى بيان إمامه هارون وسر إضافة حكمته الى ألإمامة ، فنقول : كل رسول بعث بالسيف فهو خليفة من خلفاء الحق وانه من اولى العزم ، فان كثيرا من الناس لم يعرفوا معنى أولي العزم ، هم الذين يبلغون رسالات ويلزمون من أرسلوا إليهم بالايمان ، فان أبوا قاتلوهم ، بخلاف الرسالة إذا تقربوها الرسول لم يؤمر بالقتال ، فإنه ما عليه الا البلاغ ، كما كان الأمر في اول عهد نبينا صلى الله عليه وسلم المنبه عليه في سورة قل يا ايها الكافرون
وفي قوله : " فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ " [ آل عمران / 20 ] وفي قوله : " وقُلِ الْحَقُّ من رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْيَكْفُرْ " [ الكهف / 29 ]
وأمثال ذلك مما تكرر ذكره بخلاف الحال فيما بعد - فإنه ورد الأمر بالقتال وانسحب الحكم وانبسط على الأموال والمهج ، فنزل : " قاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً " [ التوبة / 36 ] .
" واقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ "  [ النساء / 91 ] ونحو ذلك .
 
4 / 24 - وإذا وضح هذا فأقول : لا خلاف في ان موسى وهارون عليهما السلام بعثا بالسيف ، فهما من خلفاء الحق الجامعين بين الرسالة والخلافة ، فهارون له الإمامة التي واسطة بينه وبين الحق فيها ، وله الإمامة بالواسطة من جهة استخلاف أخيه إياه على قومه ، فجمع بين قسمى الإمامة فقويت نسبته إليها ، فلذلك أضيف حكمته الى الإمامة دون غيرها من الصفات .
فاعلم ذلك ، والله المرشد .  
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:40 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
الفقرة الأولي:                                        الجزء الثاني
كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة إمامية في كلمة هارونية :

الحيوان – الحيوانية – الإنسان الحيوان
في اللغة
حيوان : 1. الجسم النامي الحساس المتحرك بالإرادة .
2. ما عدا الإنسان من أنواع الحيوانات .
حيوانية : البهيمية : الجانب الحيواني من الطبيعة البشرية  .
 
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ أبو سعيد بن أبي الخير :-
الحيوان : هو كل من لا يملك السر الذي هو الإخلاص ، ومن يملكه فهو الإنسان.
 
تقول د. سعاد الحكيم في مفهوم الحيوان عند ابن العربي الطائي الحاتمي:
" لا يقصد ابن العربي بالحيوان والمرتبة الحيوانية تلك الصفة الشهوانية المعروفة ، ولكن يشير بها إلى صفة الحياة مصدر اشتقاقها ،
وهو يبين أن مرتبة الحيوان أكمل في الحياة وفي شرطها أي العلم من مرتبة الإنسان ، وهذا يتفق مع ما ذهب إليه في اشتقاق لفظ بهائم من إبهام علومها على الإنسان " .
 
تقول د. سعاد الحكيم عند ابن العربي الإنسان من جهة إطلاق اللفظ:
إن المرتبة ألإنسانية واحدة لا غير ، تتحقق في " ألإنسان الكامل " الذي يسميه ابن العربي " انسانا " وما عداه يطلق عليه اسم انسان لتشابهه مع الإنسان الكامل في شكل أو صفة.
 
تقول د. سعاد الحكيم عند ابن العربي:
" الإنسان الكامل وإنما قلنا الكامل، لان اسم الإنسان قد يطلق على المشبه به في الصورة، كما تقول في زيد انه إنسان وفي عمرو انه إنسان وان كان زيد قد ظهرت فيه الحقائق الإلهية وما ظهرت في عمرو، فعمرو على الحقيقة حيوان في شكل انسان 4. . . " (فتوحات 2/ 396).
 
تقول د. سعاد الحكيم عن التشابه في صفة:
يطلق ابن العربي لفظ آلإنسان على ثلاث مراتب وجودية مختلفة: مرتبة ألإنسانيه أو آلإنسان الكامل - العالم أو آلإنسان الكبير - القرآن أو آلإنسان الكلي. وهذا ما سنبحثه في ثلاثة مصطلحات تتفرع عن كلمة إنسان وهي: آلإنسان الكامل - آلإنسان الكبير - آلإنسان الكلي   
 
يقول ابن العربي:
" ما في الوجود الا ثلاثة أناسي:
آلإنسان الأول الكل الأقدم،
والإنسان العالم،
والإنسان الآدمي. . . " (ف 3/ 231).
 
يقول ابن العربي:
" فالكل الجماد والنبات والحيوان عند أهل الكشف حيوان ناطق بل حيّ ناطق، غير أن هذا المزاج الخاص يسمى انسانا لا غير بالصورة ووقع التفاضل بين الخلائق في المزاج. . . قال تعالى:" وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ " وشيء نكرة، ولا يسبح الا حيّ عاقل عالم بمسبحه، وقد ورد ان المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس. . . " (فتوحات 1/ 147).
 
الإنسان الحيوان
الانسان الحيوان هو من افراد الجنس البشري، جمع حقائق العالم فقط فكان صورة العالم، في مقابل الانسان الكامل الذي أضاف إلى مجموع حقائق العالم مجموع حقائق الحق وكان على الصورتين "صورة العالم وصورة الحق " وهو من جملة الحيوان رتبته من الانسان الكامل رتبة خلق النسناس منه.
 
يقول ابن العربي:
 " الانسان الحيوان: خليفة الانسان الكامل. وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع حقائق العالم، والانسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم حقائق الحق التي بها صحت له الخلافة " (فتوحات 3/ 437).
 
". . . وان الانسان الكامل يخالف الانسان الحيوان في الحكم: فان الانسان الحيوان يرزق رزق الحيوان وهو للكامل وزيادة، فان للكامل رزقا الهيا 2 لا يناله الانسان الحيوان وهو: ما يتغذى به من علوم الفكر الذي لا يكون للانسان الحيوان، والكشف والذوق والفكر الصحيح. . . " (فتوحات 3/ 357).
 
" أكمل نشأة ظهرت في الموجودات الانسان عند الجميع، لأن الانسان الكامل وجد على الصورة لا الانسان الحيوان. . . " (فتوحات 1/ 163).
" وبالانسانية والخلافة صحت له الصورة على الكمال، وما كل انسان خليفة، فان الانسان الحيوان ليس بخليفة عندنا، وليس المخصوص لها أيضا الذكورية فقط، فكلامنا اذن في صورة الكامل من الرجال والنساء. . . " (عقله المستوفز ص 46).
 
" فظاهر الانسان خلق، وباطنه حق، وهذا هو الانسان الكامل المطلوب  وما عدا هذا فهو الانسان الحيواني، ورتبة الانسان الحيواني من الانسان الكامل رتبة خلق النسناس من الانسان الحيواني. . . " (فتوحات 3/ 296).
 
". . . فالانسان الحيواني من جملة الحشرات فإذا كمل فهو: الخليفة. . . وانما فرّقنا بين الانسان الحيواني والانسان الكامل الخليفة لقوله تعالى:" يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ "فهذا كمال النشأة الانسانية العنصرية الطبيعية ثم قال بعد ذلك:" فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ "3 ان شاء في صورة الكمال فيجعلك خليفة عنه في العالم، أو في صورة الحيوان فتكون من جملة الحيوان، بفصلك المقوم لذاتك الذي لا يكون الا لمن ينطلق عليه اسم الانسان " (فتوحات 3/ 297).
 
تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة:
ان الانسان الكامل نسختان نسخة الحق ونسخة العالم. أو صورة الحق وصورة العالم.
 
تقول د. سعاد الحكيم :
"ان الجن حيوان ناطق خلق من روح نارية: هواء ونار. فبعنصر هوائه يتشكل في أيّة صورة يريد. وبناره يستعلي ويتكبّر، ستر عن ابصار الانس فاختص لذلك بهذا الاسم - وهو باطن الانسان في مقابل ظاهره (الانس)
 
يقول ابن العربي:
(1) " فان الجن يجتمعون مع الانس في الحدّ، فان الجن حيوان ناطق. . . " (فتوحات 3/ 491).
" فهو من عنصرين، هواء ونار، اعني الجان، كما كان آدم من عنصرين، ماء وتراب عجن به فحدث له " الماء" اسم الطين.
كما حدث لامتزاج النار بالهواء اسم المارج. ففتح  - سبحانه - في ذلك المارج صورة الجان. بما فيه من الهواء، يتشكل (الجان) في اي صورة شاء، وبما فيه من النار. . .
طلب القهر والاستكبار والعزّة. . . فان النار ارفع الأركان مكانا. . . وهو السبب الموجب لكونه استكبر عن السجود لآدم. . . " (فتوحات. السفر الثاني. فقرة 426).
 
ويقول : " ان اللّه تعالى لما خلق الأرواح النورية والنارية اعني الملائكة والجان شرك بينهما في امر وهو: الاستتار عن أعين الناس. . . ولهذا سمّى الطائفتين من الأرواح جنّا: اي مستورين عنا فلا نراهم. . . فلما شرك اللّه تعالى بين الملائكة وبين الشياطين في الاستتار سمى الكل جنّة.
فقال في الشياطين:" مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " (114/ 5) يعني بالجنة هنا الشياطين، وقال في الملائكة" وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً " (37/ 158) يعني الملائكة. . . " (فتوحات 3/ 367).
 
(2) ". . . هذا إذا لم تكن الجن عبارة عن باطن الانسان فكأنه يقول وما خلقت الجن
وهو ما استتر من الانسان وما بطن منه، والانس: وهو ما يبصر منه لظهوره. . . " (ف 3/ 354).
 
ان الجان أمة منها الطائع والعاصي، استحق العاصي الكافر اسم الشيطان. اي المبعود من رحمة اللّه - والجان أجهل العالم الطبيعي باللّه.
 
 يقول ابن العربي:
(1) " فمنهم "الجان" الطائع والعاصي مثلنا، ولهم التشكل في الصور كالملائكة. " (فتوحات السفر الثاني فقرة 429).
 
يقول ابن العربي:
" فمن عصى من الجان كان شيطانا، اي مبعودا من رحمة اللّه، وكان أول من سمّى شيطانا من الجنّ: الحارث، فابلسه اللّه ، اي طرده من رحمته، وطرد الرحمة عنه، ومنه تفرعت الشياطين بأجمعها، فمن آمن منهم. . . التحق بالمؤمنين من الجن، ومن بقي على كفره كان شيطانا. . . " (فتوحات. السفر الثاني. فقرة 443).
ثم اعلم أن الجان هم اجهل العالم الطبيعي باللّه. . . ولهذا ما ترى أحدا قط، جالسهم فحصل عنده منهم علم باللّه. جملة واحدة. غاية الرجل الذي تعتني به أرواح الجن، ان يمنحوه من علم خواص النبات والأحجار، والأسماء 3 " (فتوحات. السفر الرابع فقرة 314).
 
 
موضوع :
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
يقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي في كتابه الفتوحات المكية الجزء الثالث الصفحة 117 ما يلي:
اعلم أنه لولا الهوى ما عبد اللّه في غيره، وأن الهوى أعظم إله متّخذ عبد، فإنه لنفسه حكم، وهو الواضع كل ما عبد،
وفيه قلت:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
قال تعالى"أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ " فلولا قوة سلطانه في الإنسان، ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله،
فإذا جسّده قرره على ما حكم به فيمن قام به، فحار وجاء وباله عليه، فعذب في صورته.
 
ويقول في نفس الكتاب في الجزء الثالث الصفحة رقم 364:
الكون موصوف بالتحجير، فتوجه عليه الخطاب بأنه لا يحكم بكل ما يريد، بل بما شرع له، ثم أنه لما قيل له فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى
أي لا تحكم بكل ما يخطر لك، ولا بما يهوى كل أحد منك، بل احكم بما أوحى به إليك. .
فدل التحجير على الخلق في الأهواء، أن لهم الإطلاق بما هم في نفوسهم، ثم حدث التحجير في الحكم والتحكم. . .
فليست الأهواء إلا مطلق الإرادات. . . ثم لتعلم أن الهوى وإن كان مطلقا، فلا يقع له حكم إلا مقيدا، فإنه من حيث القابل يكون الأثر،
فالقابل لابد أن يقيده، فإنه بالهوى قد يريد القيام والقعود من العين الواحدة، التي تقبلهما على البدل في حال وجود كل واحد منهما في تلك العين، والقابل لا يقبل ذلك، فصار الهوى محجورا عليه بالقابل، فلما قبل الهوى التحجير بالقابل، علمنا أن هذا القبول له قبول ذاتي، فحجر الشرع عليه فقبل، وظهر حكم القابل في الهوى، ظهوره في مطلق الإرادة فيمن اتصف بها.
 
ويقول في نفس الكتاب بالجزء الرابع الصفحة رقم 206.
حضرة الاسم العزيز - من هنا ظهر كل من غلبت عليه نفسه واتبع هواها، ولولا الشرع ما ذمه بالنسبة إلى طريق خاص، لما ذمه أهل اللّه، فإن الحقائق لا تعطي إلا هذا، فمن اتبع الحق فما اتبعه إلا بهوى نفسه وأعني بالهوى هنا الإرادة . ""يشير إلى الحديث «لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به"".
فلو لا حكمها عليه في ذلك ما اتبع الحق، وهكذا حكم من اتبع غير الحق، وأعني بالحق هنا ما أمر الشارع باتباعه،
وغير الحق ما نهى الشرع عن اتباعه، وإن كان في نفس الأمر كل حق ، لكن الشارع أمر ونهى، كما أنا لا نشك أن الغيبة حق، ولكن نهانا الشرع عنها، ولنا
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
فبالهوى يجتنب الهوى، وبالهوى يعبد الهوى،
ولكن الشارع جعل اسم الهوى خاصا بما ذم وقوعه من العبد، والوقوف عند الشرع أولى، ولهذا بينا قصدنا بالهوى الإرادة لا غير،
فالأمر يقضي أن لا حاكم على الشيء إلا نفسه فيما يكون منه، لا فيما يحكم عليه به من خارج، لكن ذلك الحكم من خارج لا يحكم عليه إلا بما تعطيه نفسه، من إمضاء الحكم فيه، فكل ما في العالم من حركة وسكون، فحركات نفسية وسكون نفسي.
 
ويقول في الجزء الرابع الصفحة 336:
لا احتجار على الهوى، ولهذا يهوى، بالهوى يجتنب الهوى، بالهوى يتبع الحق «2»، والهوى يقعدك مقعد الصدق، الهوى ملاذ، وفي العبادة به التذاذ، وهو معاذ لمن به عاذ.
 
ويقول الشيخ نفس المعنى في الجزء الرابع من الكتاب نفسه الصفحة 385:
لولا الهوى ما هوى من هوى، به كان الابتلاء، فإما إلى نزول وإما إلى اعتلا، وإما إلى نجاة وإما إلى شقاء.
 
ويقول الشيخ في الجزء الرابع من الفتوحات في الصفحة 382.
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ما ثمّ غيره، فالأمر أمره، فالعقل محتاج إليه، وخديم بين يديه، له التصريف، والاستقامة والتحريف، عم حكمه، لما عظم علمه، فضل عليه العقل، بالنظر الفكري والنقل، ما حجبه عن القلوب إلا اسمه، وما ثمّ إلا قضاؤه وحكمه.
ما سمي العقل إلا من تعقله ... ولا الهوى بالهوى إلا من اللدد
إن الهوى صفة والحق يعلمها ... يضل عن منهج التشريع في حيد
هو الإرادة لا أكني فتجهله ... لولاه ما رمي الشيطان بالحسد
 
ويقول :
والعقل ينزل عن هذا المقام فما ... له به قدم فانظره يا سندي
له النفوذ ولا يدري به أحد ... له التحكم في الأرواح والجسد
هو الذي خافت الألباب سطوته ... هو الأمين الذي قد خص بالبلد
 
ويقول الشيخ في الجزء الرابع من الفتوحات في الصفحة رقم 428.
ومن ذلك: حاز جنة المأوى، من نهى النفس عن الهوى.
إذا نهيت النفس عن هواها ... كانت لها جناته مأواها
بها حباها اللّه إذ حباها ... وكان في فردوسه مثواها
قال « الروح الذي خاطب الشيخ »:
نهى النفس عن الهوى أن يكون هواها، لا تأته من حيث ما هو هواها، بل من حيث ما هو إرادة الحق، وأنت لا تدري،
فإذا نهي النفس عن الهوى من حيث أنه مذموم، لا من حيث ما أشرنا إليه، فإن اللّه قد ستر عنه العلم الصحيح في ذلك، فعبر عنه بجنة المأوى، أي الستر الذي أوى إلى ظله، فهو وإن كان مدحا، فمن حيث أنه علق الذم بالهوى، فلو عرف أنه ما دفع الهوى إلا بالهوى، وأن الهوى ما هو غير عين الإرادة، وكل مراد، إذا حصل لمن أراده فهو ملذوذ للنفس، فكل إرادة فهي هوى، لأن الهوى تستلذه النفوس، وما لا لذة لها فيه فليس بهواها،
وما سمي هوى إلا لسقوطه في النفس، وليس سقوطه إلا منك في إرادة ربه، فلا أعلا من الهوى، لأنه يردك إلى الحق، فلا تشهد غيره في التذاذه بذلك،
إلا أن الخلق حجبوا عن هذا الإدراك، فهم مع الإرادة فيهم ويسمونها هوى وليست بهوى، والهوى للعارفين والإرادة للعامة، والذم لهم في الهوى، فهم له عاملون.
 
ولذلك يقول في الديوان صفحة 93:
واللّه إني عابد الهوى ... ليس له فأين توحيدي
حكم الهوى صيرني عابدا ... لربه فذاك معبودي
ولذلك يفرق الشيخ بين موطن الهوى في الدنيا والآخرة، وبين موطن العقل في الدنيا والآخرة،
 
فيقول في الجزء الرابع الصفحة رقم 382:
للهوى السراح والسماح، وله لكل باب مفتاح، وهو الذي يتولى فتحه فتسمى بالفتاح، سلطانه في الدنيا والآخرة، ولكن ظهوره في الحافرة، فما هي لأهل السعادة كرة خاسرة، ولا تجارة بايرة، لكم فيها ما تشتهي أنفسكم، وليست الشهوة سوى الهوى، ومن هوى فقد هوى.
يعني الشيخ قدس اللّه سره بذلك أن الهوى المذموم - وهو تسريح الشهوة وإطلاقها - أورد أصحابه في الدنيا الحافرة في الآخرة، وكان حكمه لأهل السعادة في الآخرة، لكم فيها ما تشتهي أنفسكم.
 
وأما العقل وهو القيد، الذي قيد به السعداء أنفسهم بأحكام الشريعة في الدنيا،
فيقول عنه الشيخ قدس اللّه سره العزيز في نفس الصفحة:
ليس لأهل الجنان عقل يعرف، إنما هو هوى وشهوة يتصرف، العقل في أهل النار مقيله، وبه يكثر حزن الساكن بها وعويله، لما ساء سبيله، العقل من صفات الخلق، ولهذا لم يتصف به الحق، ولولا ما حصر الشرع في الدنيا تصرف الشهوة، ما كان للعقل جلوة، فما عرف حقيقة العقل غير سهل (يعني سهل بن عبد اللّه التستري)، فعيّن ما له من الأهل، قيد المكلف بالتكليف، عن التصريف، فإذا ارتفع التحجير، بقي البشير وزال النذير، وتأخر العقل، لتأخر النقل.
 
يشير الشيخ قدس اللّه سره بذلك، إلى أن أهل السعادة لما قيدهم العقل في الدنيا بالتكليف، 
أورثهم في الآخرة إطلاق الشهوة والإرادة حيث لا تحجير، وأما أهل الهوى في الدنيا، الذين لم يقفوا عند قيد العقل والتزام التكليف، فقد أورثهم العقل، أي القيد والتحجير في الآخرة، حيث يكثر حزنهم وعويلهم، 
لإساءتهم استخدام العقل في دار الدنيا، وإطلاقهم لأنفسهم هواها فيما أرداها، فلا يزال العبد العالم الناصح نفسه، المستبريء لدينه، في جهاد أبدا، لأنه مجبول على خلاف ما دعاه إليه الحق، فإنه بالأصالة متبع هواه، 
الذي هو بمنزلة الإرادة في حق الحق، فيفعل الحق كل ما يريده، فإننا كلنا عبيده ولا تحجير عليه، ويريد الإنسان أن يفعل ما يهوى وعليه التحجير، فما هو مطلق الإرادة، فهذا هو السبب الموجب في كونه لا يزال مجاهدا أبدا.
 
ولذلك يصرح الشيخ قدس اللّه سره العزيز في الجزء الرابع الصفحة 463 من وصاياه فيقول:
طلب أصحاب الهمم أن يلحقوا بدرجات العارفين باللّه، حتى تكون إرادتهم إرادة الحق، أي يريدون جميع ما يريده الحق، وهو ما هم الخلق عليه، فيريدونه من حيث أن اللّه أراد إيجاده، ويكرهون منه بكراهة الحق ما كرهه الحق، ووصف نفسه بأنه لا يرضاه، فهو يريده لا يرضاه، ويريده ويكرهه في عين إرادته، إن أراد أن يكون مؤمنا، وإن لم يكن كذلك وإلا فقد انسلخ من الإيمان نعوذ باللّه.
 
وفي هذا يقول د. أبو العلا عفيفي:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى
يقسم بقدسية الهوى (الحق) أن الهوى الساري في جميع مراتب الوجود، المعبود في جميع صوره، هو علة الحب في جزئياته وأشكاله، وأنه لولا وجوده وتجليه في صور المعبودات، وفي قلوب العابدين، ما عبد معبود ولا وجد عابد،
ويذكر الشيخ في «فتوحاته» أنه «شاهد الهوى» في بعض مكاشفاته ظاهرا بالألوهية، جالسا على عرشه، وجميع عباده حافون من حوله ويقول «ما شاهدت معبودا في الصور الكونية أعظم منه».
فالهوى إذا - في نظر ابن العربي - اسم من أسماء اللّه، هو الحب عينه، وهو المحبوب، بل هو أعظم أسماء اللّه على الإطلاق – أهـ.
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في أنواع نيابة الإنسان:
"النيابة الأولى" " الإنسان الكامل الظاهر بالصورة الإلهية لم يعطه الله هذا الكمال إلا ليكون بدلا من الحق ، ولهذا سماه : خليفة ... فهذه هي النيابة الأولى .
 
وأما النيابة الثانية : فهي أن ينوب الإنسان بذاته عن نصف الصورة من حيث روحانيتها , لأن الله إذا تجلى في صورة البشر كما ورد ، فإنه يظهر بصورتها حسا ومعنى .
فالنيابة هنا : الخاصة هي النيابة عن روح تلك الصورة المتجلى فيها ، ولا يكون ذلك إلا في حضرة الأفعال الإلهية التي تظهر في العالم على يد الإنسان ...
 
النيابة الثالثة : في تحقيق الأمر الذي قام به الممكن حتى أخرجه من العدم إلى الوجود ، فإن ذلك نيابة عن المعنى الذي أوجب للحق أن يوجد هذا الممكن المعين ...
 
النيابة الرابعة : فهي نيابته فيما نصبه الحق له مما لو لم يكن عنه لكان ذلك عن الله تعالى ... فلما نصب الدلالة عليه نصبها في الآفاق ، فدلت آيات الآفاق على وجوده خاصة ، فما نابت الآفاق في الدلالة عليه بما جعل فيها من الآيات منابه لو ظهر للعالم بذاته ، فخلق الإنسان الكامل على صورته ، ونصبه دليلا على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة لا بطريق الفكر الذي هو طريق الرؤية في آيات الآفاق ...
 
النيابة الخامسة : فهي نيابة الإنسان عن رفيع الدرجات في العالم لا غير ، وصورة رفعه أن الإنسان الكامل من حيث أنه ليس أحد معه في درجته , لأنه ما حاز الصورة الإلهية غيره ...
 
النيابة السادسة : فإن الله وصف نفسه بأن له كلمات فكثر ، فلا بد من الفصل بين آحاد هذه الكثرة ، ثم الكلمة الواحدة أيضا منه كثرها في قوله : " إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن ".
فأتى بثلاثة أحرف : إثنان ظاهران وهما الكاف والنون وواحد باطن خفي لأمر عارض وهو سكونه وسكون النون ، فزال عينه من الظاهر لالتقاء الساكنين ، فناب الإنسان الكامل في هذه المرتبة مناب الحق في الفصل بين الكلمة المتقدمة والتي تليها ...
 
النيابة السابعة : فهي النيابة في الأفعال الظاهرة والباطنة في وجود الإنسان ، وهو ما يحدثه في نفسه من الأفعال والكوائن لا ما يحدثه في غيره ، وآيته من كتاب الله قوله تعالى : " حتى نعلم "
والعلم له صفة قديمة ، وهذا العلم الخاص الظاهر عن الابتلاء هو ما يريده بالنيابة فيه ...
 
النيابة الثامنة : التي شفعت وترية الحق من حيث أنه تعالى مجلى لها ، وهي مجلى له فهو ينظر نفسه فيها نظر كمال ، وهي تنظر نفسها فيه نظر كمال ... فلا تظهر هذه الصورة إلا في مرآة الإنسان الكامل الذي هو ظله الرحماني ...
 
النيابة التاسعة : فهي الظهور في البرزخ المعقول الذي بين المثلين ، وهو الفصل الذي يكون بين الحق والإنسان الكامل ، فإن هذا الفصل أوجب تمييز الحق من الخلق ... هذه النيابات كلها التي ذكرناها ونذكرها نيابات توحيد لا غير ذلك ...
 
النيابة العاشرة : فهي نيابة توحيد الموتى ، فإنه بالموت تنكشف الأغطية ويتبين الحق لكل أحد ... فهذه النيابة عن الحق لعبد في البرزخ ، فيقوم حاكما بصورة حق ونيابة في عالم الخيال ... لصاحب هذه النيابة في هذه الحضرة التصرف دائما كما ذكرناه المسمى في العامة : كرامات " .

 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:41 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [ البقرة : 124 ] أي خليفة عليهم .
هذا فص الحكمة الهارونية ، ذكره بعد حكمة لقمان عليه السلام لاشتمال حكمة هارون عليه السلام على بيان ظهور العين الواحدة في صور كثيرة ، فناسب ما ذكر من ذلك في حكمة لقمان عليه السلام على طريق زيادة البيان والإيضاح لذلك .
(فص حكمة إمامية) ، أي منسوبة إلى الإمام وهو المقتدى به ولو في نوع من الكمال (في كلمة هارونية) إنما اختصت حكمة هارون عليه السلام بكونها إمامية ، لأنه عليه السلام كان خليفة عن أخيه موسى عليه السلام في قومه لما ذهب إلى ميقات ربه لقوله سبحانه :وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ [ الأعراف : 142 ] ، والخليفة إمام يقتدى به .
 
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ وجود هارون عليه السّلام كان من حضرة الرّحموت بقوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لموسى :أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا[ مريم : 53 ] . فكانت نبوّته من حضرة الرّحموت .  فإنّه أكبر من موسى سنّا ، وكان موسى أكبر منه نبوّة . ولمّا كانت نبوّة هارون من حضرة الرّحمة ، لذلك قال لأخيه موسى - عليهما السلام - :يَا بْنَ أُمَّ، فناداه بأمّه لا بأبيه إذ كانت الرّحمة للأمّ دون الأب أوفر في الحكم . ولولا تلك الرّحمة ما صبرت على مباشرة التّربية . ثمّ قال :لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي[ طه : 94 ] ،فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ[ الأعراف : 150 ] فهذا كلّه نفس من أنفاس الرّحمة . وسبب ذلك عدم التّثبّت في النّظر فيما كان في يديه من الألواح الّتي ألقاها من يديه . )
 
قال رضي الله عنه :(اعلم )يا أيها السالك (أن وجود هارون عليه السلام) في الدنيا (كان من حضرة الرحموت) ، أي الرحمة العظيمة الإلهية (بقوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لموسى) عليه السلام (أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [ مريم : 53 ] فكانت نبوّته) ، أي هارون عليه السلام (من حضرة الرحموت) ، أي الرحمة الإلهية (فإنه) ، أي هارون عليه السلام (أكبر من موسى) عليه السلام (سنا) ، أي عمرا (وكان موسى) عليه السلام (أكبر منه) ، أي من أخيه هارون عليه السلام (نبوّة) ، لأنه المقصود بالإرسال إلى فرعون وبني إسرائيل وأخوه هارون عليه السلام مساعد له في ذلك كما قال تعالى :" سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً " [ القصص: 35] ، أي في الأرض .
 
قال رضي الله عنه : (ولما كانت نبوّة هارون) عليه السلام (من حضرة الرحمة) الإلهية بموسى عليه السلام ، لأنه موهوب له من قبل اللّه تعالى بدليل الآية السابقة (لذلك) ، أي لأجل ما ذكر (قال) ، أي هارون عليه السلام (لأخيه موسى) عليهما السلام حين أخذ بلحيته وبرأسه يضربه على تمكين بني إسرائيل من عبادة العجل في غيبة موسى عليه السلام في ميقات ربه تعالى : " يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي[ طه : 49 ] ،
وفي آية أخرى :وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ "[ الأعراف : 150 ] ،
 
قال رضي الله عنه : (فناداه) ، أي نادى أخاه ، لأنه كان شقيقه (بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة) ، والشفقة للأم على الولد (دون الأب) ، فإن رحمته أقل من رحمة الأم بولدها (أوفر) ، أي أزيد وأكثر (في الحكم) الإلهي ولولا زيادة تلك الرحمة في الأم ما صبرت ، أي الأم على مباشرة مشقة التربية ، أي تربية الولد .
ثم قال ، أي هارون عليه السلام لأخيه موسى عليه السلام ("لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي") ، أي تقبض عليها ("وَلا بِرَأْسِي") وقال أيضا له (فلا تشمت بي الأعداء )، أي من بني إسرائيل الذين نهاهم عن ذلك فعادوه لقوله تعالى : ( وَلَقَدْ قالَ لَهُمْ هارُونُ مِنْ قَبْلُ يا قَوْمِ إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي ( 90 ) قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) ( 91 ) [ طه : 90 - 91 ] ،
 
قال رضي الله عنه :(فهذا) القول من هارون عليه السلام لأخيه موسى عليه السلام (كله نفس) بالفتح ، أي تنفس ما يجده في صدره (من أنفاس الرحمة) ، أي التذكير بالشفقة المقتضية تربيتهما من أمهما اليسرى حكمها بينهما أيضا (وسبب ذلك) ، أي سرعة معاتبة موسى لأخيه هارون عليهما السلام في عبادة بني إسرائيل العجل وضربه له وهذا التعطف والتلطف والتذكير بالرحمة والشفقة من هارون لأخيه موسى عليه السلام (عدم التثبت) ، أي التأني والتأمل في النظر ، أي نظر موسى عليه السلام فيما كان في يده من الألواح ، أي ألواح التوراة التي ألقاها من بين يديه وأخذ برأس أخيه يجره إليه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
 
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
ولما كان هارون نبيا وخليفة من اللّه وخليفة من موسى عليهما السلام أورد الحكمة الامامية في كلمته.
"" أضاف المحقق :
يدور هذا الفص حول مسألة الألوهية والعبادة . فيشرح ابن العربي نظريته في الدين بمعناه الصوفي الواسع .
وهو دين وحدة الوجود ، ويخلص منه إلى الحب هو أساس عبادة كل معبود ، وأن المعبود على الحقيقة هو المحبوب على الحقيقة وهو اللّه .""
"وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون كان من حضرة الرحموت ) مبالغة من الرحمة ( بقوله :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لموسى أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا فكانت نبوته من حضرة الرحموت ) بالنص الإلهي ( فإنه ) أي هارون عليه السلام ( أكبر من موسى سنا ) والكبير لشفقته ورحمته للصغير تحت تسخيره
( وكان موسى أكبر منه نبوة ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة لذلك ) أي لأجل كون نبوته من الرحمة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال لأخيه موسى ) في وقت أخذه بلحيته ( يا ابن أمّ فناداه بأمه لا بأبيه ) أي لم يقل لموسى يا ابن أبي ( إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر ) أي أغلب ( في الحكم ) أي في الشفقة والمرحمة للولد ( ولولا تلك الرحمة ) للأم ( ما صبرت على مباشرة التربية ) لولده وجواب لما قال في قوله لذلك
قال فإن العامل مقدم على معموله في الأصل فكان أصل الكلام قال لذلك ( ثم قال ) هارون لأخيه موسى ( لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولا تشمت بي الأعداء فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة وسبب ذلك ) الأخذ من موسى عليه السلام .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه) التي وجدت في الألواح أي الأمر الذي أغضب موسى عليه السلام هو عبادة قومه العجل .
 


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
 
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا». فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية. ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة. و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
 
قلت: ذكر، رضي الله عنه، قصة هارون مع موسى وأن هارون من حقيقة الرحمة الإلهية كان نبيا، لأنه رحمة في حق أخيه موسى وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
 
إنّما نسب الحكمة الإمامية إلى الكلمة الهارونية ، لكون هارون خليفة موسى في قومه ، وقد قال له :   " وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف "  .
 الإمامة لقب من ألقاب الخلافة ، وكانت الإمامة لهارون في صلواتهم ، وكذلك الإمامة فيهم إلى اليوم في آل هارون .
"" كان هارون عليه السّلام إمام الأئمّة من الأحبار في بني إسرائيل كلَّهم ، وأمره موسى عليه السّلام أن يؤمّ أمّته ، واستخلفه عليهم ، ولقد صرّح بإمامته في القرآن ، وصرّح هو أيضا بذلك في طلبه الاتّباع والطاعة من قومه في قوله : " فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي " .""
قال رضي الله عنه  : ( اعلم : أنّ وجود هارون عليه السّلام كان من حضرة الرحموت بقوله :   " وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا " [ مريم : 53 ] يعني موسى " أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا " [ مريم : 53 ]  فكانت نبوّته من حضرة الرحموت ، فإنّه أكبر من موسى سنّا ، وكان موسى أكبر منه نبوّة . ولمّا كانت نبوّة هارون من حضرة الرحمة ، لذلك قال لأخيه موسى عليه السّلام :   " يَا بْنَ أُمَّ " [ طه :94 ] فناداه بأمّه لا بأبيه ، إذ كانت الرحمة للأمّ دون الأب أوفر في الحكم ، ولولا تلك الرحمة ، لما صبرت على مباشرة التربية . ثم قال : " لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي " [ طه : 94 ]  و " فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ " [ الأعراف : 150 ] ، فهذا كلَّه نفس من أنفاس الرحمة . وسبب ذلك عدم التثبّت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها بين يديه )
 
قال العبد : يريد التربية الربانية المتعيّنة لهارون في مادّة موسى عليهما السّلام فإنّ التربية لا تكون حقيقة إلَّا من الربّ ، لأنّ نبوّته من رحمة ربانية بموسى ، حتى يكمل بهارون أمره ويشدّ به أزره ،
فكان في تربية هارون وموسى من حيث لا يشعر بذلك إلَّا من شاء الله ، فإنّ جميع أفعال العبيد التي يجري الله على أيديهم صور نسب أحكام حقائقهم ، فيوجدها الله على حكم وعلوم تفرّد بعلمها هو ومن أعلمه بها ،
فوقوع العتب وعدم التثبّت وإلقاء الألواح من موسى وأخذه بلحية هارون ورأسه تأثير قويّ ، غير متوقّع من مثله في مثل أخيه الذي هو أكبر منه سنّا.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)


24 -  فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
إنما خصت الكلمة الهارونية بالحكمة الإمامية ، لأن هارون عليه السلام كان إمام أئمة الأحبار ، وقد استخلفه موسى على قومه بقوله : وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف "  .
والإمام لقب من ألقاب الخلافة ، وقد صرح هارون بذلك في قوله :  " فَاتَّبِعُونِي وأَطِيعُوا أَمْرِي " وقد بقيت الإمامة في نسله إلى الآن ،
وهي الخلافة المقيدة أي الإمامة بالوساطة كما كانت لخلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وله الإمامة المطلقة لكونه نبيا مبعوثا بالسيف كإمامة المهدي عليه السلام ،
والمراد بالمطلقة التي لا واسطة بين صاحبها وبين الله وله رتبة التقدم والتحكم في الوجود ، ولو لم يكن كذلك لما صرح بوجوب اتباعه وطاعته في قوله  :"فَاتَّبِعُونِي وأَطِيعُوا أَمْرِي " وهي التي قال فيها لخليله"إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " فله الإمامة المطلقة والمقيدة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله :" ووَهَبْنا لَه من رَحْمَتِنا أَخاه هارُونَ نَبِيًّا " فكانت نبوته من حضرة الرحموت ، فإنه أكبر من موسى سنا وكان موسى أكبر منه نبوة .
ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة لذلك قال لأخيه موسى عليه السلام -   ( يَا بْنَ أُمَّ )   - فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم ، ولولا تلك الرحمة ما صبرت أي الأم على مباشرة التربية ،
 
ثم قال : ( لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي ولا بِرَأْسِي ) و ( فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ )   فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة ، وسبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يده من الألواح التي ألقاها من يديه ،)
"" أضاف بالى زاده :
أي وجد موسى في الألواح ما أضل قومه إلا السامري ، وهارون بريء منه والرحمة بأخيه . أهـ بالى زاده ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم.
ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء».
فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)
 
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
( الإمامة ) اسم من أسماء الخلافة ، كما قال في حق نبيه إبراهيم ، صلوات الله عليه : " إني جاعلك للناس إماما " . أي ، خليفة عليهم . وهي إما بواسطة ، أو بلا واسطة . والقسمان ثابتان في هارون ، عليه السلام ، لذلك اختصت بكلمته .
أما الأول ، فلكونه خليفة موسى ، عليه السلام ، كما قال : " اخلفني في قومي " .
وأما الثاني ، فلكونه نبيا رسولا مبعوثا من الحق إلى الخلق بالسيف ، كأخيه موسى ، فقويت نسبة الإمامة إليه ، فكان إماما مطلقا من جانب الحق ، وإماما مقيدا من جانب موسى ، عليه السلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم ، أن وجود هارون ، عليه السلام ، كان من حضرة " الرحموت " بقوله)
أي ، بدليل قوله : ( " ووهبنا له من رحمتنا " . يعنى لموسى " أخاه هارون نبيا " . فكانت
نبوته من حضرت الرحموت . ) أي ، من حضرة ( الرحمة ) . سميت ب‍ ( الرحموت)
مبالغة ، كما يسمى عالم الملائكة ب‍ ( الملكوت ) ، وعالم المجردات ب‍ ( الجبروت ) .
وإنما كانت نبوته من الرحمة ، لأن موسى ، عليه السلام ، كان خشنا في الخلق ، صلبا في الدين ، ولم يكن فصيحا  في النطق .
فطلب من الله أخاه  هارون ، ليكون معه في الدعوة ، فيعينه بالأخلاق الحسنة ، فينجبر موسى بخلقه وفصاحته ويرغب الناس في طاعته ،
كما قال تعالى : " رب اشرح لي صدري ويسر لي  أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي  أشدد به أزرى وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا " .
فكان وجود هارون معه في الدعوة رحمة من الله وإجابة لدعوته .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه أكبر من موسى سنا وكان موسى أكبر منه نبوة . ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة ، لذلك قال لأخيه موسى : " يا بن أم " . فناداه بأمه لا بأبيه ، إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم . ) أي ، حكم التعطف والشفقة .
( ولولا تلك الرحمة ) الذاتية في الأم ( ما صبرت على مباشرة التربية .
ثم ، قال : " لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولا تشمت بي الأعداء " . فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة . وسبب ذلك ) أي ، الغضب والأخذ باللحية ( عدم التثبت في النظر في ما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه .)
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:42 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)


الفصّ الهاروني
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية  
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالأمة التي هي إما التصرف بالحق في الخلق من حققه بأسماء الحق ، أو إقامة أمره ونهيه في العموم ، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى هارون عليه السّلام ؛ لتحققه بأسماء الحق من جهة كونه من حضرة الرحموت ، وإقامته أمر الحق ونواهيه باستخلاف أخيه إياه على قومه . "إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " [ البقرة : 124 ] أي : خليفة عليهم .

"" أضاف المحقق :
(الإمامة المذكورة هاهنا لقب من ألقاب الخلافة ، وهي تنقسم إلى إمامة بلا واسطة وبين حضرة الألوهية ، وإلى إمامة ثابتة بالواسطة ، وكل رسول بعث بالسيف فهو خليفة من خلفاء الحق ، ولا خلاف في أن موسى وهارون بعثا بالسيف ؛ فهما من خلفاء الحق الجامعين بين الرسالة والخلافة . شرح الجامي) .""

"وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ وجود هارون عليه السّلام كان من حضرة الرّحموت بقوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا [ مريم : 53 ] يعني لموسى :أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [ مريم : 53 ] ، فكانت نبوّته من حضرة الرّحموت ؛ فإنّه أكبر من موسى سنّا ، وكان موسى أكبر منه نبوّة ، ولمّا كانت نبوّة هارون من حضرة الرّحمة ، لذلك قال لأخيه موسى - عليهما السلام :يَا بْنَ أُمَّ [ طه :94 ] ، فناداه بأمّه لا بأبيه إذ كانت الرّحمة للأمّ دون الأب أوفر في الحكم ، ولولا تلك الرّحمة ما صبرت على مباشرة التّربية ) .
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السّلام كان من حضرة الرحموت ) ، والرحمن اسم شامل تجليه تجليات سائر الأسماء ، والرحيم يدل على الاختصاص المشير إلى التحقق والتخلق والرحمة شاملة لهما ، فكان متحققا بالأسماء الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( بقوله تعالى :وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا[ مريم :53 ] يعني لموسى ) بين الضمير ؛ لأن مرجعه وإن كان مذكورا في القرآن فليس مذكورا في الكتاب ، وفيه إشارة إلى أن خلافته عن موسى عين خلافته عن الحق ، وإنها مكملة لنبوته ونبوة موسى إذ وهبه له مع أخوته حال نبوته كما كان( أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا )؛ فكانت نبوته من حضرة الرحموت ) ،

فلابدّ أن تكون مكملة بالإمامة ، وكونه موهوبا لموسى من هذه الحضرة يستلزم كونه رحمة عليه ، ( فإنه أكبر من موسى سنا ) ، ومن شأن الكبير أن يكون راحما على الصغير ، ولا ينافي هذا كونه خليفة لموسى إذ ( كان موسى أكبر منه نبوة ) ، والصغير في النبوة يجوز أن يكون خليفة للكبير فيها ، وإن كان راحما على الكبير فيها من حيث كونه صغيرا في السن .

قال رضي الله عنه :  (ولما كانت نبوة هارون ) التي هي غاية كماله ( من حضرة ) الرحموت كان الغالب عليه في أفعاله وأقواله ما يناسب ( الرحمة ؛ لذلك قال لأخيه موسى - عليهما السلام ) مع كونه أخاه من الأبوين ؛( يَا بْنَ أُمَّ [ طه : 94 ] ، فناداه بأمه ) أي : إضافة إلى أمه ( لا بأبيه ) ، وإن كان أرحم من سائر الناس ،

( إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم ) ، فإن أثر الرحمة في الأم أظهر وأكثر مما في الأب ، ( ولولا تلك الرحمة ) الوافرة الأثر من الأم على الصغير ( ما صبرت على مباشرة التربية ) للصغير كما لا يصبر عليه الأب ؛ ولذلك جعلت الحضانة أولا للأمهات .

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال :لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [ طه : 94 ] ،فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ [ الأعراف : 150 ] ؛ فهذا كلّه نفس من أنفاس الرّحمة . وسبب ذلك عدم التّثبّت في النّظر فيما كان في يديه من الألواح الّتي ألقاها من يديه ،)

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد قوله :يَا بْنَ أُمَّ ( قال :لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [ طه : 94 ] ،فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ [ الأعراف : 150 ] ) ، ولم يغضب عليه مع أنه فعل ذلك عن علمه ، ( فهذا ) القول وترك الغضب على موسى عليه السّلام ( كله نفس من أنفاس الرحمة ) المجتمعة تلك الأنفاس في هارون رحم بها موسى ؛ لئلا يزيد غضبه عن العجلة فيهلك ، وإن كان للّه ؛ لكونه بلا موجبة في الحقيقة ؛

وذلك لأن ( سبب ذلك ) الغضب والعجل من موسى ( عدم التثبت ) من الحيرة التي غلبت عليه من الغيرة في اللّه والغضب له عن عجلة ، فلم يثبت ( في النظر فيما كان ) أبلغ تثبت مع غاية قربه ، إذ كان ( في يديه من الألواح ) أي : ألواح التوراة ( التي ألقاها من يديه ) من عدم التثبت الموجب للحيرة الحاصلة من الغضب في اللّه ، والغيرة له إذ لا يتجرأ على مثل ذلك إلا عن الحيرة ، وإلا فهو معصوم ، وكذا ما فعل بأخيه .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)


24 - فصّ حكمة إماميّة في كلمة هارونيّة
تسمية الفصّ
ووجه اختصاص هذه الكلمة بحكمتها هو أنّ هارون قد غلب عليه الرحمة المشتقة منها الرحم ، على ما ورد في الحديث أنّه : « لما خلق الرحم ، قال : أنا الرحمن وأنت الرحم ، شققت اسمك من اسمي ، فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتتّه » . رواه أحمد و أبو داود
قال تعالى :"وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف


الإمام والإمامة
ومن ثمّة ظهر عليه عند الإنباء عن محمّد نشأته نسبة الأمومة ، حيث قال : “  يَا بْنَ أُمَّ “ [20 : 94 ].
والإمام عبارة عن « الامّ » بتكرار الإضافة اللازمة لمثله ، ولذلك صار مع نبوّته وخلافته عن الحقّ خليفة أخيه ، فله الخلافة الكاملة ، والإمامة هي كمال الخلافة ، فإنّها تستتبع إطاعة الأمم خالصة عن القهر والغلبة والظهور بالسيف والسفاك .
ولذلك قال تعالى لخليله : “  إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً “  [ البقرة : 124 ]  .
فالإمامة عند التحقيق هي النسبة الجمعيّة الوجوديّة الحبّية ، الموجبة لانقياد الأمم طوعا ورغبة.
ومما يلوّحك على هذا أنّ لفظ « الإمام » عبارة عن باطن لام الجمع وبيّناته مكرّرا ، كما أنّ الكلمة « الهارونيّة » عبارة عن الهاء التنبيهيّة الدالَّة على الحاضر ظاهرة بالنور وقلبه الذي هو ظاهر الوجود المنبسط على الكائنات ، المعبّر عنه بالرحمة ،
وذلك إذا اعتبر انبساطها على الجهات من الكائنات يعبّر عنها بالرحموت .

كان هارون من حضرة الرحموت
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( اعلم أنّ وجود هارون كان من حضرة الرحموت ، بقوله “  وَوَهَبْنا لَه ُ من رَحْمَتِنا “ يعني موسى “ أَخاه ُ هارُونَ نَبِيًّا “  [ مريم : 53 ] وكانت نبوّته من حضرة الرحموت ) ، فإنّ النبوّة صورة كمال الوجود وغاية تطوّراته الإظهارية فإذا كان وجود هارون من حضرة الرحموت ، يكون ما يتفرّع عليه منها ، ضرورة وإذ كان الغالب على موسى أمر الغلبة القهريّة والغضب التسلَّطي ، وكان الغالب على هارون الرقّة والشفقة مما هو مقتضى الرحمة التي عليها جبلَّته ، سأل الله تعالى بقوله : “  وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً من أَهْلِي . هارُونَ أَخِي . اشْدُدْ به أَزْرِي . وَأَشْرِكْه ُ في أَمْرِي “  [ طه / 31 - 29 ] ،
ليعتدل مزاج صورته النبويّة ، ويناسب به لأمزجة العامّة ، تيسيرا بما هو بصدده من البلاغة والرسالة .
وإنما قال : “  اشْدُدْ به أَزْرِي . وَأَشْرِكْه ُ في أَمْرِي “ [طه : 31-32] ، ( فإنّه أكبر من موسى سنّا ، وكان موسى أكبر منه نبوّة ) .


ظهور آثار الرحمة من هارون
(ولما كانت نبوّة هارون من حضرة الرحموت لذلك قال لأخيه موسى :“  ابْنَ أُمَّ “ فناداه بامّه ) عندما يريد الإبانة عن مجمع تفرقتهما ، ( لا بأبيه ) على أنّ أمر الجمعيّة بينهما في الأب أحكم امتزاجا واقترانا ، ( إذ كانت الرحمة للامّ - لا للأب - أوفر في الحكم ) وظهور الأثر المترتّب عليها من الرقّة والعطوفة ،
قال رضي الله عنه  : ( ولولا تلك الرحمة ) الوافرة الحكم ، الظاهرة الأثر منها ( ما صبرت على مباشرة التربية ) والتزام مقاساتها ، مع قصور القوّة فيها وضعف مزاجها بالنسبة إلى الأب .
قال رضي الله عنه  : ( ثمّ قال ) عندما رأي موسى تفرقة امّته في أيّام خلافة هارون وغيبته  عنهم فتحرّك منه الغضب وغلب عليه : (" لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي ")[ طه : 94 ]  .
فإنّهما منشأ التفرقة من الشخص وبيّن أنّ ترشيح أمر التفرقة وتنفيذ أحكامها من مقتضى الرحمة ، والمؤاخذة على ما هو مقتضى أصل الطبيعة مما يشمت به أعداءه من المخالفين له في تلك الاقتضاء ، فلذلك قال : (و" فَلا تُشْمِتْ بِيَ الأَعْداءَ " ) [ الأعراف : 150] .

غضب موسى وما كتب في الألواح
قال رضي الله عنه  : ( فهذا كلَّه نفس من أنفاس الرحمة ، وسبب ذلك ) الغضب وظهوره عليه ( عدم التثبّت في النظر فيما كان في يديه ) من مبدأي قوّته وفعله ( من الألواح ) التفصيلية الثابتة فيها كل شيء ، ( التي ألقاها من يديه ) عند ثوران الغضب وشدّة حدّته ( فلو نظر فيها نظر تثبّت لوجد فيها الهدى والرحمة.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا».
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.)



الفصّ الهارونى
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
قال رضي الله عنه :  ( إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً [ البقرة : 124 ] أي خليفة عليهم .
اعلم أنّ وجود هارون عليه السّلام كان في حضرة الرّحموت بقوله تعالى :"وَوَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا" يعني لموسى :أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [ مريم : 53 ] . فكانت نبوّته من حضرة الرّحموت .
فإنّه أكبر من موسى سنّا ، وكان موسى أكبر منه نبوّة . ولمّا كانت نبوّة هارون من حضرة الرّحمة ، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام: " يَا بْنَ أُمَّ، فناداه بأمّه لا بأبيه إذ كانت الرّحمة للأمّ دون الأب" أوفر في الحكم . )


فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
اعلم أن الإمامة المذكورة ههنا لقب من ألقاب الخلافة ، وهي تنقسم إلى إمامة بلا واسطة وبين حضرة الألوهية ، وإلى إمامة ثابتة بالواسطة ، وكل رسول بعث بالسيف فهو خليفة من خلفاء الحق ولا خلاف في أن موسى وهارون بعثا بالسيف ، فهما من خلفاء الحق الجامعين بين الرسالة والخلافة ، فهارون له الإمامة التي لا واسطة بينها وبين الحق فيها وله الإمامة بالواسطة من جهة استخلاف أخيه إياه على قومه فجمع بين قسمي الإمامة فقويت نسبته إليها ، فلذلك نسبت حكمته إلى الإمامة دون غيرها من الصفات .
قال تعالى : "وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ "(142) سورة الأعراف

(اعلم أن وجود هارون عليه السلام) ، في مقام الإمامة وتحققه به (كان من حضرة الرحموت) ، هي مبالغة الرحمة ( بقوله ) ، أي بدلالة قوله : (وَوَهَبْنا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنا يعني لموسى أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا [مريم : 53 ] فكانت نبوته من حضرة الرحموت ) ، أي الرحمة عليه وعلى موسى وعلى أمته ( فإنه أكبر من موسى سنا وكان موسى أكبر منه نبوة ) ، ولكن كان حسنا في الخلق صلبا في الدين ، ولم يكن فصيحا في النطق فطلب من اللّه أخاه هارون يكون معه في الدعوة فيعينه فوهبه اللّه لموسى ( ولما كانت نبوة هارون من حضرة الرحمة ، لذلك قال لأخيه موسى عليه السلام يا ابن أم فناداه ) ، مضافا ( بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم ) ، أي في الأثر المرتب عليها من الرقة والعطوفة


قال رضي الله عنه :  ( ولولا تلك الرّحمة ما صبرت على مباشرة التّربية . ثمّ قال :لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [ طه : 94 ] ،فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ[ الأعراف : 150 ] فهذا كلّه نفس من أنفاس الرّحمة . وسبب ذلك عدم التّثبّت في النّظر فيما كان في يديه من الألواح الّتي ألقاها من يديه . )

قال رضي الله عنه :  ( ولولا تلك الرحمة ) ، أي أوفر في الأم ( ما صبرت على مباشرة التربية ثم قال : لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ولا تشمت بي الأعداء فهذا كله ) ، بل كل واحد منه ( نفس من أنفاس الرحمة . وسبب ذلك ) ، أي سبب ما وقع من موسى من الغضب وأخذ اللحية والرأس ( عدم التثبت ) من موسى ( في النظر فيما كان بين يديه من الألواح التي ألقاها من بين يديه . )

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:44 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                                  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بريء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبّت لوجد فيها الهدى والرّحمة . فالهدى بيان ما وقع من الأمر الّذي أغضبه ممّا هو هارون بريء منه . والرّحمة بأخيه ، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنّه أسنّ منه . فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأنّ نبوّة هارون من رحمة اللّه ، فلا يصدر منه إلّا مثل هذا . ثمّ قال هارون لموسى عليهما السّلام :إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ [ طه : 94 ] فتجعلني سببا في تفريقهم فإنّ عبادة العجل فرّقت بينهم ، فكان منهم من عبده اتّباعا للسّامريّ وتقليدا له ، ومنهم من توقّف عن عبادته حتّى يرجع موسى إليهم فيسألونه في ذلك . )

فلو نظر موسى عليه السلام فيها ، أي في تلك الألواح نظر التثبت أي التأني والتأمل لوجد أي موسى عليه السلام فيها أي في تلك الألواح الهدى ، أي الدلالة على الحق من اللّه تعالى والرحمة الإلهية من موسى بأخيه عليه السلام فالهدى بيان ما ، أي الذي وقع من الأمر الذي أغضبه ، أي موسى عليه السلام مما هو ، أي ذلك الأمر هارون عليه السلام بريء منه والرحمة من موسى عليه السلام بأخيه هارون عليه السلام كما قال تعالى :" وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ " [ الأعراف : 145 ] .
وقال تعالى : "وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ( 154 ) [ الأعراف : 154 ] 
 

فكان ، أي موسى عليه السلام لا يأخذ بلحيته ، أي لحية أخيه عليه السلام بمرأى من قومه ، أي بحيث يراه قومه مع كبره ، أي كونه أكبر وأنه ، أي هارون عليه السلام أسنّ منه ، أي من موسى عليه السلام كما مر فكان ذلك القول الحاصل من هارون عليه السلام شفقة على أخيه موسى عليه السلام لأنّ نبوّة هارون عليه السلام كانت من رحمة اللّه تعالى كما سبق فلا يصدر منه ، أي من هارون عليه السلام إلا مثل هذا القول المذكور .

(ثم قال هارون لموسى عليه السلام :إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ)[ طه : 94 ] ، أي أوقعت الفرقة بينهم فتجعلني سببا في تفريقهم إلى فرق كثيرة فإن عبادة العجل فرقت بينهم حتى كانوا فرقا فكان منهم ، أي من بني إسرائيل من عبده ، أي العجل اتباعا ، أي على وجه الاتباع للسامري الذي دعاهم إلى ذلك في غيبة موسى عليه السلام وتقليدا له ، لأنهم أحسنوا ظنهم فتبعوه ومنهم ، أي من بني إسرائيل من توقف عن عبادته ، أي العجل حتى يرجع موسى عليه السلام إليهم فيسألونه في ذلك هل هو صواب أم لا ؟

ثم قيل : إن الذين عكفوا على عبادة العجل منهم ثمانية ألف رجل وقيل : كلهم عبدوه إلا هارون مع اثني عشر ألف رجل ، وهذا أصح .
وقال الحسن : كلهم عبدوه إلا هارون وحده .
 
"قال تعالى : "وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "(87) سورة طه"


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى والرحمة فالهدى ) التي وجدت في الألواح ( بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه ) أي الأمر الذي أغضب موسى عليه السلام هو عبادة قومه العجل 
( بما هو هارون بريء منه ) أي وجد موسى عليه السلام في الألواح ما أضل قومه إلا السامري وهارون بريء منه ( والرحمة ) هي الرحمة ( بأخيه ) فالرحمة مبتدأ وخبره محذوف أي الرحمة التي وجد موسى عليه السلام فيها هي رحمة هارون على موسى عليهما السلام .

"قال تعالى : "وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "(87) سورة طه"

قال رضي الله عنه :  ( فكان ) موسى ( لا يأخذ بلحيته ولا برأسه بمرأى ) أي بمنظر ( من قومه مع كبره وأنه ) أي هارون ( أسن منه فكان ذلك الكلام كله من هارون ) إلى موسى عليه السلام ( شفقة على موسى عليه السلام لأن نبوة هارون من رحمة اللّه فلا يصدر منه إلا مثل هذا ، ثم قال هارون لموسى عليهما السلام إني خشيت أن تقول فرقت ) من التفريق ( بين بني إسرائيل فتجعلني يا موسى سببا في تفريقهم ) وما كنت سببا في تفريقهم وإنما قال هارون في تفريقهم
( فإن عبادة العجل فرقت بينهم فكان منهم من عبده اتباعا للسامري وتقليدا له ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم) أي في عبادة العجل هارون فخاطبه بهذا الكلام لئلا ينسب هذا الفرقان إليه


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة. فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه. والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه. فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا. ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم . )


قلت: ذكر، رضي الله عنه، قصة هارون مع موسى وأن هارون من حقيقة الرحمة الإلهية كان نبيا، لأنه رحمة في حق أخيه موسى ، وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل .
ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه :  (فلو نظر فيها نظر تثبّت ، لوجد فيها الهدى والرحمة ، فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه ممّا هو هارون بريء منه . والرحمة بأخيه . فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنّه أسنّ منه ، وكان ذلك من هارون شفقة على موسى ، لأنّ نبوّة هارون من رحمة الله ، فلا يصدر منه إلَّا مثل هذا ، ثم قال هارون لموسى عليهما السّلام : "إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ " [ طه : 94 ]   فتجعلني سببا في تفريقهم ، فإنّ عبادة العجل فرّقت بينهم ، وكان منهم من عبده اتّباعا للسامريّ وتقليدا له ، ومنهم من توقّف عن عبادته ، حتى يرجع موسى إليه ،)


قال العبد : يريد التربية الربانية المتعيّنة لهارون في مادّة موسى عليهما السّلام فإنّ التربية لا تكون حقيقة إلَّا من الربّ ، لأنّ نبوّته من رحمة ربانية بموسى ، حتى يكمل بهارون أمره ويشدّ به أزره ،
فكان في تربية هارون وموسى من حيث لا يشعر بذلك إلَّا من شاء الله ، فإنّ جميع أفعال العبيد التي يجري الله على أيديهم صور نسب أحكام حقائقهم ، فيوجدها الله على حكم وعلوم تفرّد بعلمها هو ومن أعلمه بها ،
فوقوع العتب وعدم التثبّت وإلقاء الألواح من موسى وأخذه بلحية هارون ورأسه تأثير قويّ ، غير متوقّع من مثله في مثل أخيه الذي هو أكبر منه سنّا ، إنّما حصل لتنبيهه وتربيته على معرفة أسرار ما وقع من عبادة العجل وهو سرّ عظيم طوي عن الأنبياء من حيث نبوّاتهم ، فيعلمهم من حيث ولايته لهم ، فيعلمون آخرا ، فافهم .
 
وهاهنا دقيقة أخرى وهي أنّ موسى عليه السّلام كان في مبالغته في عتب أخيه يرى قومه أنّ عبادة غير الله - أو ما يسمّى في زعم أهل الحجاب غيرا وسوى أو تعيّنا جزئيا في شهود أهل الكشف والوجود - جهل أو كفر .
أمّا كونها جهلا فإنّ المعبود ما في الصور من الحق ، فإنّ العبادة لا يستحقّها إلَّا الله الذي هو عين الكلّ ، وله هوية هذه الصور المعبودة في زعم أهل الحجاب .
وأمّا كونها كفرا فلكونها سترا بالتعيّن على الحق المتعيّن ، ففعل ذلك به ربّ موسى من مادّته ، ليتنبّهوا على ما قد كان حذّرهم من قبل حين قالوا له :   ( يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) .
يعنى حقيقة الأمر إنّ العبادة مطلقة لا تكون إلَّا للربّ المطلق ،

" قال تعالى : "وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "(87) سورة طه"


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )
قال رضي الله عنه :  (فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى والرحمة ، فالهدى ) أي فوجد الهدى

"" أضاف بالى زاده :
أي وجد موسى في الألواح ما أضل قومه إلا السامري ، وهارون بريء منه والرحمة بأخيه . أهـ بالى زاده ""
 
قال رضي الله عنه :  ( بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بريء منه ) وكان الله قد أعلمه قبل ذلك بالأمر بقوله : ( فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ من بَعْدِكَ وأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ )   ، ( والرحمة بأخيه ) ووجد الرحمة بأخيه ( فكان لا يأخذ بلحيته بما رأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه فكان ذلك من هارون شفقة على موسى ، لأن نبوة هارون من رحمة الله فلا يصدر منه إلا مثل هذا ،)

قال رضي الله عنه :  ثم قال هارون لموسى عليهما السلام  إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ ، فتجعلني سببا في تفريقهم ، فإن عبادة  العجل فرقت بينهم فكان منهم من عبده اتباعا للسامري وتقليدا له ، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم ) فيسألونه في ذلك . فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه.

أي بربيه تربية ربانية متعينة لهارون في مادة موسى ، لأن التربية لا تكون حقيقة إلا من الرب ، فكما كان يربى موسى في مادة هارون بأن جعله من رحمته له نبيا يكمل نبوته وشد به أزره كان يربى هارون في مادة موسى ،
فإنه عتب عليه وأخذ بلحيته ورأسه ليتنبه على أسرار ما وقع من عبادة العجل فيطلع على ما يقرر موسى بعلمه في سر ذلك ،
وكان الله في تربية موسى وهارون من حيث لا يشعر بذلك إلا من شاء الله ، فإن جميع الأفعال التي يجرى الله على أيدي عباده صور أحكام حقائقهم وحكمة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها ، فوقوع العتب وعدم التثبت وإلقاء الألواح من يد موسى وأخذه بلحية هارون أمر قوى غير متوقع من مثله في مثل أخيه
الذي هو أكبر سنا إنما كان لتنبيهه على ما ذكر من السر وتربيته من حيث لا يشعران بذلك الأمر فإنهما من المعصومين الذين لا يجرى الله على أيديهم إلا ما هو الحكمة والطاعة ، ويزيد به العلم والمعرفة ، وهذا بالنسبة إلى أخيه ،

"" أضاف بالى زاده :
فالأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجابهم عن الحق الظاهر في صور الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء نبوتهم وبحسب اقتضاء الظاهر فإنهم يرون بحسب الباطن في كل شيء ، ونهى العبادة عن الأمة بحسب النبوة في مظهر خاص ، والمحجوبون وإن أنكروا أيضا لكن إنكارهم لاحتجابهم عن ظهور الحق في الأشياء أهـ بالى زاده ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )
قال رضي الله عنه :  (فلو نظر فيها نظر تثبت ، لوجد فيها الهدى والرحمة . ) .

كما قال تعالى : ( "ولما سكت عن موسى الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون ". (
(فـ‍ "الهدى" بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون برئ منه والرحمة بأخيه.).
أي ، ( الهدى ) المذكور . وهو المكتوب فيها كيفية ما وقع من عمل العجل وإضلال السامري لهم وبراءة هارون منه .
و ( الرحمة ) المذكورة هي الرحمة على أخيه . فيكون الخبر محذوفا لوجود القرينة .

قال رضي الله عنه :  ( فكان ) عطف على قوله ( لوجد ) . أي ، لوجد فيها الهدى والرحمة ، فكان موسى ( لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه ) أي ، على نظر قومه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مع كبره ، وأنه أسن منه ، فكان ذلك من هارون شفقة على موسى ، لأن نبوة هارون من رحمة الله ، فلا يصدر منه إلا مثل هذا . ثم ، قال هارون لموسى : " إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل " . فتجعلني سببا في تفريقهم ، فإن عبادة العجل فرقت بينهم ، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري وتقليدا له ، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم).
علم موسى ما الذي عبده أصحاب العجل في الحقيقة .

"قال تعالى : "وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "(87) سورة طه"

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:44 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبّت لوجد فيها الهدى والرّحمة ، فالهدى بيان ما وقع من الأمر الّذي أغضبه ممّا هو هارون بريء منه ، والرّحمة بأخيه ، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنّه أسنّ منه ، فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأنّ نبوّة هارون من رحمة اللّه ، فلا يصدر منه إلّا مثل هذا ).

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد قوله :يَا بْنَ أُمَّ ( قال :لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [ طه : 94 ] ،فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ [ الأعراف : 150 ] ) ، ولم يغضب عليه مع أنه فعل ذلك عن علمه ، ( فهذا ) القول وترك الغضب على موسى عليه السّلام ( كله نفس من أنفاس الرحمة ) المجتمعة تلك الأنفاس في هارون رحم بها موسى ؛ لئلا يزيد غضبه عن العجلة فيهلك ، وإن كان للّه ؛ لكونه بلا موجبة في الحقيقة ؛
وذلك لأن ( سبب ذلك ) الغضب والعجل من موسى ( عدم التثبت ) من الحيرة التي غلبت عليه من الغيرة في اللّه والغضب له عن عجلة ، فلم يثبت ( في النظر فيما كان ) أبلغ تثبت مع غاية قربه ، إذ كان ( في يديه من الألواح ) أي : ألواح التوراة ( التي ألقاها من يديه ) من عدم التثبت الموجب للحيرة الحاصلة من الغضب في اللّه ، والغيرة له إذ لا يتجرأ على مثل ذلك إلا عن الحيرة ، وإلا فهو معصوم ، وكذا ما فعل بأخيه .

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيه نظر تثبت ) فيه إشارة إلى أن الحائر لا يفيده النظر ، وإن بالغ فيه ( لوجد فيه الهدى ) المنافي لإلقاء الألواح ، ولما فعل بأخيه ( والرحمة ) المنافية لما فعل بأخيه ( في الهدى ) الذي كان يجده لو ثبت في نظره فيه ( بيان ) سبب ( ما وقع من الأمر الذي أغضبه ) من عبادة العجل ؛ لأنه مكتوب فيها وأصلها السامري ، فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار ، وهذا ( مما هارون بريء منه ) ، فلم يكن معينا فيها بل مانعا عنها بقوله :إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي [ طه : 90 ] ، والرحمة التي كان يجدها موسى لو ثبتت في نظره فيها هي ( الرحمة بأخيه ) المانعة من هتك رحمته لما فيه من قطع الرحم وهتك رحمة الكبير ،

قال رضي الله عنه :  ( وكان لا يأخذ بلحيته ) سيما إذا كان ثمة أي : ( من قومه مع كبره ) في السن ، ( فإنه أسن منه ) والكبر في السن يستوجب الحرمة من كل أحد حتى ممن هو أكبر منه في النبوة أو في فضيلة أخرى ، فهذا الفعل من موسى ، وإن كان عن غضب وغيرة في اللّه فهو بسبب العجلة لا شكّ أنه ترك الأولى والأنبياء يؤاخذون بذلك ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان ذلك ) القول وترك الغضب ( من هارون شفقة على موسى ) غلبت عليه ؛ ( لأن نبوة هارون من رحمة اللّه ، ولا يصدر منه إلا مثل هذا ) ، وإن كانت الرحمة الرحمانية عامة ، لكنها إذا رحمة الغضب لم تكن رحمة على المغضوب عليه ، وكأن نبوته رحمة على موسى إذ وهب له من الرحمة ، ولم يغلب على موسى ؛ لأن نبوته من جميع الأسماء الإلهية الشاملة على الغضب والانتقام ، فغضب في موضعه في ظنه .

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ قال هارون لموسى - عليهما السّلام :إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ [ طه : 94 ] ؛ فتجعلني سببا في تفريقهم فإنّ عبادة العجل فرّقت بينهم ، فكان منهم من عبده اتّباعا للسّامريّ وتقليدا له ، ومنهم من توقّف عن عبادته حتّى يرجع موسى عليه السّلام إليهم )

ثم أشار إلى أن موجب الغضب لا إلى هذا الحدّ بقوله : ( ثم ) أي : بعد ما قال هارون ما ذكرنا ( قال هارون لموسى - عليهما السلام : ) معتذرا عما غضب عليه من تركه التشديد في الإنكار خوفا من الأضرار عن العناد الناشئ من التشديد ( أني خشيت ) في التشديد ( أن تقول : فرقت ) أي : أدمت التفريق ( بين بني إسرائيل ) مع وقوعه من غيري ؛ لأن الدوام أشد من الابتداء إذا زال سريعا ، ( فتجعلني سبب ) ابتداء وانتهاء ( في تفريقهم ) ، بل يجعل التفريق من غيري كاللا تفريق ، ( فإن عبادة العجل فرقت بينهم ) تفريقا غير تام في البعض مطلقا ، وإن تم في الآخرين من وجه ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان منهم من عبده اتباعا للسامري ) مع أن الواجب اتباع هارون لنبوته وخلافته ،
 ( وتقليدا له ) ، مع أن الواجب عليهم النظر الموجب متابعة الأنبياء لكمال إدراكهم للحقائق ، فهؤلاء وإن لم يتم التفريق فيهم ؛ لكنه لكونه تقليديّا ضعيف جدّا ، لكنه يتقوى عن المعتاد الحاصل عن التشديد في الإنكار عليهم .
( ومنهم من توقف عن عبادته ) وهو وإن كان كفرا ، فهو دون عبادته كيف وكان توقفهم ( حتى يرجع إليهم موسى فيسألونه في ذلك ) ، فهم مؤمنون بقول موسى.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه  : ( فلو نظر فيها نظر تثبّت لوجد فيها الهدى والرحمة. )
مما عليه موسى وأخوه فلذلك لما سكت عنه الغضب أخذ الألواح فما وقعت عينه مما كتب فيها إلا على الهدى والرحمة ، فقال : " رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلأَخِي وَأَدْخِلْنا في رَحْمَتِكَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ."

قال رضي الله عنه  : ( فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه ، مما هو هارون بريء منه والرحمة بأخيه ، وكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره ) وشيخوخته ( وأنّه أسنّ منه وكان ذلك ) القول ، أو ظهور ما ظهر في بني إسرائيل ( من هارون شفقة على موسى ) حيث ما ظهر من ذلك القول منه مع إهانته إيّاه ما يدلّ على تغيّره وتأثّره منها ، استنكافا وغيرة نفسانيّة ،

قال رضي الله عنه  : ( لأنّ نبوّة هارون من رحمة الله ، فلا يصدر منه إلا مثل هذا ) فإنّ التفرقة الظاهرة في امّته عند خلافة هارون من أثر تلك الرحمة والرقّة .

عذر هارون
قال رضي الله عنه : ( ثمّ قال هارون لموسى " إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ "  فتجعلني سببا في تفريقهم ، فإنّ عبادة العجل فرّقت بينهم ، فكان منهم من عبده اتّباعا للسامري وتقليدا له، ومنهم من توقّف عن عبادته حتّى يرجع موسى إليهم، فيسألونه في ذلك).
تفريق أمم كلّ زمان عند تصوير سامر الخيال لهم عجل العاجل من التجوّهات والتموّلات ، فإنّه قد استحصل من حليّ القوم ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري و تقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم  )

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبّت لوجد فيها الهدى والرّحمة . فالهدى بيان ما وقع من الأمر الّذي أغضبه ممّا هو هارون بريء منه . والرّحمة بأخيه ، فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنّه أسنّ منه . فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأنّ نبوّة هارون من رحمة اللّه ، فلا يصدر منه إلّا مثل هذا . ثمّ قال هارون لموسى عليهما السّلام :إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ [ طه : 94 ] فتجعلني سببا في تفريقهم فإنّ عبادة العجل فرّقت بينهم ، فكان منهم من عبده اتّباعا للسّامريّ وتقليدا له ، ومنهم من توقّف عن عبادته حتّى يرجع موسى إليهم )

قال رضي الله عنه :  ( فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى والرحمة . فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو ) ، أي ( هارون بريء منه . والرحمة هي الرحمة بإخيه فكان ) عطف على وجد ، أي لوجد فيها الهدى والرحمة فكان ( لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه ) ، أي بمكان يراه على قومه ويرون ما يفعل بأخيه .


قال رضي الله عنه :  ( مع كبره وأنه أسن منه فكان ذلك من هارون شفقة على موسى ، لأن نبوة هارون من رحمة اللّه فلا يصدر منه إلا مثل هذا . ثم قال هارون لموسى عليهما السلام :إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ فتجعلني سببا في تفرقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم فكان منهم من عبده اتباعا للسامري وتقليدا له ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم ) .

 

قال تعالى : "وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى (83) قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى (84) قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ (85) فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَاقَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي (86) قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ "(87) سورة طه

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:45 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

 قال رضي الله عنه :  ( فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى أن لا يعبد إلّا إيّاه : وما حكم اللّه بشيء إلّا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء . فكان موسى يربّي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السّنّ . ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له :فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ [ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء ) .

(فخشي هارون) عليه السلام (أن ينسب) عند أخيه موسى عليه السلام ذلك الفرقان ، أي التفرق الذي وقع بينهم إليه ، أي إلى هارون عليه السلام فكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر الإلهي على ما هو عليه في نفسه من أخيه هارون عليه السلام لأنه ، أي موسى عليه السلام علم ما عبده في نفس الأمر (أصحاب العجل) وكانوا هم لا يعلمون فكفروا بعبادتهم لغير اللّه تعالى في نظرهم وإن قالوا :هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى[ طه : 88 ] .

كما حكاه تعالى من قول السامري وهم تبعوه في ذلك ، فإنه عجل عندهم من حيث ما هم ناظرون وعارفون حتى لو سألتهم عنه لقالوا : هو عجل ، واللّه تعالى ليس بعجل تعالى عن ذلك علوا كبيرا لعلمه ، أي علم موسى عليه السلام بأن اللّه تعالى قد قضى ، أي حكم وألزم أن لا يعبد ، أي يعبد أحد إلا إياه سبحانه (وما حكم اللّه) تعالى بشيء وألزم به إلا وقع ، أي ذلك الشيء وقد نزل هذا العلم قرآنا على نبينا صلى اللّه عليه وسلم .
قال تعالى :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [ الإسراء : 23 ] ،

(فكان عتب موسى أخاه هارون) عليه السلام (لما) ، أي لأجل الذي (وقع الأمر في إنكاره ) من عبادة العجل وعدم اتساعه ، أي هارون عليه السلام له فإن العارف باللّه تعالى هو من يرى ، أي يشهد الحق تعالى ظاهرا في كل شيء محسوس أو معقول أو موهوم بل يراه تعالى عين كل شيء كذلك باعتبار الوجود القيوم لما عداه من الصور الفانية المعدومة بالعدم الأصلي وهو قوله تعالى :كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ القصص : 88 ] ،

فكان موسى عليه السلام يربي ، أي يرشد ويعلم أخاه هارون عليه السلام تربية علم ، أي ذوق وتحقيق وإن كان ، أي موسى عليه السلام أصغر منه ، أي من أخيه هارون عليه السلام في السن ، أي العمر ، وإن كان هارون عليه السلام أيضا ليس خاليا من ذلك ، لأن له طور الولاية وهو نبي ، فطوره فوق ذلك الطور ، ولكنه لما عبر عنه إلى طور النبوّة غلب عليه مقتضى شهود الكثرة خصوصا ، وهو رسول إلى بني إسرائيل مع أخيه موسى عليه السلام ، واقتضت مخالطة قومه التكلم بكلامهم والسلوك في أطوارهم ومشاركتهم في مشاربهم العامية ، فكان إرشاد موسى له عليه السلام تذكيرا وتنبيها ، أو حثا على تلك الملاحظة التي أصلها بمقتضى نظره في أمور قومه ،


كما أن موسى عليه السلام ، كان يعلم في ضمن طور نبوته ما كان في طور ولاية الخضر عليه السلام لأن الأنبياء عليهم السلام أولياء قبل كونهم أنبياء ، ولكن إذا خوطبوا من مقام النبوّة كان عملهم مثل أعمال قومهم لإرسالهم إليهم ، وأما الأنبياء عليهم السلام الذين هم ليسوا بمرسلين كالخضر عليه السلام فإنهم مخاطبون بالعبادة من مقام ولايتهم ، فشرعهم الحقيقة ومن هنا قول الخضر لموسى عليه السلام :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً( 68 ) [ الكهف : 67 - 68 ] ،

والحضرة التي لم يخاطب منها الكامل لا اعتناء له بها ولا اشتغال لقلبه بمكابدتها وإن كانت عنده في ضمن مقامه ، ومن هنا قال : من قال خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله ، ومراده المرسلون منهم لعدم خوضهم في بحر الولاية المندرجة في ضمن مقامهم لخطابهم بما خوطب به قومهم من قوم نبواتهم ، فاعلم ذلك فإنه نفس من فتوح لوقت ، وهو محتاج إلى زيادة بيان بما لا يسعه هذا المكان ، وربما يمر في غير موضع من كلامنا فنبسط الكلام فيه ؛

ولذلك ، أي لأجل ما ذكر من التربية المذكورة لما قال له ، أي لموسى هارون عليه السلام ما قال من اعتذاره بخشية التفريق بينهم رجع ، أي موسى عليه السلام إلى السامري فقال له ("فَما خَطْبُكَ") الخطب سبب الأمر نقول ما خطبك ، أي ما سبب أمرك ("يا سامِرِيُّ" يعني فيما صنعت) ، أي في صنعك (من عدولك) عن الحق المطلق إلى صورة العجل الذي هو وجه من وجوه التجلي الإلهي على الاختصاص بالتقييد المخصوص و من صنعك هذا الشّبح ، أي الشخص من حليّ القوم ، أي قوم موسى عليه السلام وهو ما كانوا يتحلون به من الذهب الذي استعاروه من القبط .
وروي أنه تعالى لما أراد غرق فرعون والقبط وبلغ بهم الحال في معلوم اللّه تعالى أنه لا يؤمن منهم أحد ، أمر موسى عليه السلام بني إسرائيل أن يستعيروا حلي القبط ،

وذلك لغرضين :
أحدهما أن يخرجوا خلفهم لأجل المال ،
والثاني أن تبقى أموالهم في أيديهم ،
ثم نزل جبريل عليه السلام بالعشي فقال لموسى : أخرج قومك ليلا حتى أخذت مخاطبا للسامري بقلوبهم ، أي قوم موسى عليه السلام من أجل أموالهم التي جعلها لهم عجلا ، ووضعت فيه القبضة التي قبضها من أثر فرس جبريل عليه السلام فخار ذلك العجل فإن عيسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل : "يا بَنِي إِسْرائِيلَ" وهم أولاد يعقوب عليه السلام قلب كل إنسان حيث ماله ، أي ما يملك من النقود وغيرها فاجعلوا أموالكم في السماء ، أي تصدقوا بها على الفقراء حتى ترفع لكم فتكون في صحائف الملائكة الحفظة عليهم السلام فيصعدون بها إلى السماء التي هي مسكنهم تكن قلوبكم في السماء حيث كانت أموالكم تبعا لها .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألون في ذلك ) أي في عبادة العجل ( فخشي هارون أن ينسب موسى ذلك الفرقان بينهم إليهم ) أي إلى هارون فخاطبه بهذا الكلام لئلا ينسب هذا الفرقان إليه

قال رضي الله عنه :  ( وكان موسى عليه السلام أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ) موسى عليه السلام ( ما ) أي الذي ( عبده أصحاب العجل ) فكانت العبادة في علم موسى عليه السلام للحق الظاهر في صورة العجل لا للعجل ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) أي حكم ( أن لا يعبد ) على صيغة الغائب المبني للمفعول ( إلا إياه وما حكم اللّه بشيء إلا وقع ) فقد حكم اللّه في الأزل أن يعبد له فصورة العجل لذلك وقع هارون لم يعلم بذلك فأنكر عبادة الحق في صورة العجل .

قال رضي الله عنه :  ( فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره ) لعدم علمه بما علم موسى ( وعدم اتساعه فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ) وقد مر مرارا تحقيق كون الحق عين كل شيء ( فكان موسى يربي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السن ) فالأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجاجهم عن الحق الظاهر في صورة الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء نبوتهم وبحسب اقتضاء الظاهر فإنهم يرون الحق بحسب الباطن في كل شيء ونهى العبادة عن الأمة بحسب النبوة في مظهر خاص والمحجوبون وإن أنكروا أيضا لكن إنكارهم لاحتجابهم عن ظهور الحق في صور الأشياء.

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل كون موسى عليه السلام مربيا لهارون ( لما قال له هارون ما قال رجع ) موسى ( إلى السامري فقال له ما خطبك ) أي ما مرادك ( يا سامري يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت أنت بقلوبهم من أجل أموالهم ) وإنما أخذت القلوب من أجل الأموال .
( فإن عيسى عليه السلام يقول لبني إسرائيل قلب كل إنسان ) أي المراد منه قلب كل إنسان لا يختص لبني إسرائيل ( من حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء ) فأشار عيسى عليه السلام إلى أن القلوب حيث كان المال.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه. فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء. فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن. ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم. فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل 
ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه .
في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
الباقي كلامه واضح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، وكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل ، لعلمه بأنّ الله قد قضى ألَّا يعبد إلَّا إيّاه وما حكم الله بشيء إلَّا وقع ، فكان عتب موسى لأخيه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحق في كل شيء  بل يراه عين كلّ شيء وكان موسى يربّي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السنّ ).

قال العبد : يريد التربية الربانية المتعيّنة لهارون في مادّة موسى عليهما السّلام فإنّ التربية لا تكون حقيقة إلَّا من الربّ ، لأنّ نبوّته من رحمة ربانية بموسى ، حتى يكمل بهارون أمره ويشدّ به أزره ،
فكان في تربية هارون وموسى من حيث لا يشعر بذلك إلَّا من شاء الله ، فإنّ جميع أفعال العبيد التي يجري الله على أيديهم صور نسب أحكام حقائقهم ، فيوجدها الله على حكم وعلوم تفرّد بعلمها هو ومن أعلمه بها ،
فوقوع العتب وعدم التثبّت وإلقاء الألواح من موسى وأخذه بلحية هارون ورأسه تأثير قويّ ، غير متوقّع من مثله في مثل أخيه الذي هو أكبر منه سنّا ، إنّما حصل لتنبيهه وتربيته على معرفة أسرار ما وقع من عبادة العجل وهو سرّ عظيم طوي عن الأنبياء من حيث نبوّاتهم ، فيعلمهم من حيث ولايته لهم ، فيعلمون آخرا ، فافهم .

وهاهنا دقيقة أخرى وهي أنّ موسى عليه السّلام كان في مبالغته في عتب أخيه يرى قومه أنّ عبادة غير الله - أو ما يسمّى في زعم أهل الحجاب غيرا وسوى أو تعيّنا جزئيا في شهود أهل الكشف والوجود - جهل أو كفر .
أمّا كونها جهلا فإنّ المعبود ما في الصور من الحق ، فإنّ العبادة لا يستحقّها إلَّا الله الذي هو عين الكلّ ، وله هوية هذه الصور المعبودة في زعم أهل الحجاب .

وأمّا كونها كفرا فلكونها سترا بالتعيّن على الحق المتعيّن ، ففعل ذلك به ربّ موسى من مادّته ، ليتنبّهوا على ما قد كان حذّرهم من قبل حين قالوا له :   ( يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) . يعنى حقيقة الأمر ،


إنّ العبادة مطلقة لا تكون إلَّا للربّ المطلق ، كما قال : إنّما إلهكم الله الَّذي خلق السّماوات والأرض ويعلم   "ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " .
والإله المجعول ليس له الخلق ، فلا يستحقّ عبادة المخلوق إيّاه ، ولا علم له بما تبدون وما تكتمون ، ولعلمه صلَّى الله عليه بجهلهم بمثل هذا توجّه العتب على هارون ،

فإنّه في تربيته قولا وفعلا ، ليعلمه من حيث ولايته ونبوّته مشعرا بذلك حالتئذ ، أو لم يشعرا إلَّا بعد وقوع ما وقع ، وليعلمه بما هو الأمر عليه عند الله كذلك ، فلمّا نبّه هارون الحقيقة المذكورة ، وتحقّق هو بذلك وبما وقع منه ، أعرض عن قومه - بعد ما أراهم وأعلمهم بخطئهم - إلى السامريّ ، فلم يعتبهم ، وذلك أبلغ في الغرض .
قال رضي الله عنه  : ( ولذلك لمّا قال هارون ما قال ، رجع إلى السامري فقال له :
" فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " [ طه : 95 ] يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على التعيين  ، وصنعك هذا الشبح من حليّ القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ،
فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل ! قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء »)

قال العبد : اعلم أنّ الأنبياء كلَّهم صور الحقائق الإلهية النورانية والروحانية السلطانيّة ، والفراعنة صور الحقائق والقوى النفسانية الظلمانية الحجابية والهوى ،
ولهذا كانت العداوة والمنافاة والمخالفة دائما واقعة بين الأنبياء والرسل بين الفراعنة ، كما أنّ المخالفة والمنافاة والمحاربة والمباينة والمجانبة واقعة دائما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،
وأنّهم - أعني الأنبياء والرسل والخلفاء الإلهيّين - وإن كانوا متشاركين في كونهم جميعا صور الحقائق الروحانية والإلهية الربّانيّة فهم الأرواح الإلهية الإنسانية الكمالية ،
ولكنّ الحقيقة الإنسانية في الروح الإنساني إنّما تعيّنت في كل واحد واحد على صورة حقيقة من حقائق الحقيقة الإنسانية التي هي حقيقة الحقائق ،
بمعنى أنّ سائر حقائق حقيقة الحقائق الإنسانية منصبغة بحكم تلك الحقيقة النسبيّة على التعيين ، وبهذا اختلفوا في الصور والتعيّن والشخص

والعلوم والأذواق والمشاهد والمشارب والتجلَّيات والأخلاق ، وإلَّا فكلَّهم كنفس واحدة من نفس واحدة إلهية على إلّ واحد لربّ واحد ، هو ربّ الأرباب المتعيّنين في حقائقهم من حيث صور تلك النسب وبحسبها ، فظهر الحق - المتعيّن في الصور الإنسانيّة من الحقيقة الإنسانية الكمالية الإلهية المتعيّنة بالتعيّن الأوّل - واحدا أحديّا .

و في هؤلاء الصور الإلهية الإنسانية الكمالية كثيرا متعدّدا متنوّع التجلَّي والظهور ، فكلَّهم صور الحق ، والحق الإنساني الكمالي الذاتي هو المتعيّن الظاهر في هذه الصور كلَّها ، ولكنّ الصور للنسب والأحكام  والأحوال العينية الغيبيّة الإنسانية ، فينسب التحقيق كلَّا منهم إلى الصورة الظاهرة الإلهيّة به ، فآدم صورة ظاهريّة الإلهية الأحدية الجمعية الإنسانية ، البشرية ، وشيث صورة الوهب والفيض النوري الوهبي العلمي .


وإدريس صورة التقديس العقلي والطهارة ، والروحية الإنسانية الكماليّة وتعرف الصور بحسب الحال والحكم والخلق والفعل والصفة والنعت والعلم والحكمة الغالبة على ذلك النبيّ أو الخليفة والوليّ ، فهذا امتياز الصور بعضها عن بعض وتعيّناتهم عند استقرارهم في مراتبهم البرزخيّة وصورهم الحشرية والجنانيّة وغيرها . وبهذا يتمايزون ويتظاهرون ويتعدّدون ، فاعرفه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )

قال رضي الله عنه :  (فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، وكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأن الله قد قضى أن لا يعبد إلا إياه ، وما حكم الله بشيء إلا وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه ، فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء فكان موسى يربى هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السن )
أي يربيه تربية ربانية متعينة لهارون في مادة موسى ، لأن التربية لا تكون حقيقة إلا من الرب ، فكما كان يربى موسى في مادة هارون بأن جعله من رحمته له نبيا يكمل نبوته وشد به أزره كان يربى هارون في مادة موسى ،
فإنه عتب عليه وأخذ بلحيته ورأسه ليتنبه على أسرار ما وقع من عبادة العجل فيطلع على ما يقرر موسى بعلمه في سر ذلك ،
وكان الله في تربية موسى وهارون من حيث لا يشعر بذلك إلا من شاء الله ، فإن جميع الأفعال التي يجرى الله على أيدي عباده صور أحكام حقائقهم وحكمة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها ، فوقوع العتب وعدم التثبت وإلقاء الألواح من يد موسى وأخذه بلحية هارون أمر قوى غير متوقع من مثله في مثل أخيه
الذي هو أكبر سنا إنما كان لتنبيهه على ما ذكر من السر وتربيته من حيث لا يشعران بذلك الأمر فإنهما من المعصومين الذين لا يجرى الله على أيديهم إلا ما هو الحكمة والطاعة ، ويزيد به العلم والمعرفة ، وهذا بالنسبة إلى أخيه ،

"" أضاف بالى زاده :
فالأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجابهم عن الحق الظاهر في صور الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء نبوتهم وبحسب اقتضاء الظاهر فإنهم يرون بحسب الباطن في كل شيء ، ونهى العبادة عن الأمة بحسب النبوة في مظهر خاص ، والمحجوبون وإن أنكروا أيضا لكن إنكارهم لاحتجابهم عن ظهور الحق في الأشياء أهـ بالى زاده ""
 
وأما بالنسبة إلى قومه فهو أن موسى عليه السلام كان في مبالغته في عتب أخيه يرى قومه أن عبادة ما يسمى غيرا وسوى عند أهل الحجاب ، وتعيينا جزئيا في شهود أهل الكشف جهل وكفر
أما كونه جهلا فلأن المعبود ليس محصورا في صورة ، بل هو ما في الصور كلها من الحق ، لأن العبادة لا يستحقها إلا الله الذي هو عين الكل وله هوية جميع الصور ، وأما كونه كفرا فلكونه سرا يتعين على الحق المتعين ،
ففعل ذلك رب موسى في مادته ليتنبهوا على ما قد كان حذرهم من قبل

حين قالوا له : " يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ".
 يعنى أن حقيقته يقتضي أن العبادة مطلقا لا تكون إلا للرب المطلق ،
كما قال تعالى : " ذلِكُمُ الله رَبُّكُمْ لا إِله إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوه ".
 وقال : " وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وجَهْرَكُمْ " . والإله المجعول ليس له الخلق فلا يستحق عبادة المخلوق إياه ، ولا علم له بما يسرون وما يعلنون ،
وبعلمه عليه السلام بجهلهم أقبل والتفت بالعتب على هارون ، فإنه كان في تربيته قولا وفعلا ليعلم من حيث ولايته ونبوته بما هو الأمر عليه علما بذلك في تلك الحالة إذ لم يعلما إلا بعد وقوع ما وقع ،
فلما نبه هارون بالحقيقة المذكورة وتحقق هو بما وقع منه ظاهرا وباطنا أعرض عن قومه بعد ما أراهم وأعلمهم بخطئهم إلى السامري فلم يعاتبهم ليتعظوا ، وذلك أبلغ في الغرض .


"" أضاف بالى زاده :
فعلم هارون ما أشار إليه موسى من كلامه إلى السامري ، وعلم أن غضبه وأخذ لحيته لا لأجل عبادة العجل بل لأجل تعليمه بأن الحق لا يعبد في صورة العجل ، وإنما تصرف موسى في صورة العجل بالحرق والنسف ، فإن حيوانية الإنسان إلخ .أهـ بالى زاده ""

ولذلك لما قال هارون ما قال رجع إلى السامري فقال له :" فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " يعنى فما
( صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء)

اعلم أن الأنبياء كلهم صور الحقائق الإلهية النورانية الروحانية ، والفراعنة صور الحقائق النفسانية الظلمانية ، ولهذا كانت العداوة والمخالفة بين الرسل والفراعنة لازمة ، كما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،

لكنهم مختلفون في التعينات الإنسانية لاختلاف الأسماء الإلهية فيهم ، وذلك لاختلاف القوابل بحسب الأمزجة والاعتدالات الإنسانية ، ولهذا اختلفت صورهم في الأشكال والهيئات والتعينات الشخصية ، ونفوسهم في الأخلاق والعوائد والأذواق ،

وأرواحهم في العلوم والمشاهدات والمشارب والتجليات ، مع اتحادهم في الوجهة والمعارف الحقانية والتوحيد وأصول الدين القيم ،
فإنهم في ذلك كنفس واحدة على آل واحد لرب واحد هو رب الأرباب ، فالحق الواحد يتجلى لكل منهم على صورة الاسم الغالب عليهم ،
ولهذا كان الغالب على موسى أحكام القهر وشهود التجلي النوري له في صورة النار ، وكانت علومه فرقانية ، والغالب على نبينا صلى الله عليه وسلم أحكام المحبة وشهود التجلي في صورة النور ، وكانت علومه قرآنية .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:46 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-                               الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه . فكان موسى أعلم بالأمر من هارون ، لأنه علم ما عبده أصحاب العجل . ) أي ، علم موسى ما الذي عبده أصحاب العجل في الحقيقة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لعلمه بأن الله قضى ألا يعبد إلا إياه.) كما قال : ( وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه ).
( وما حكم الله بشئ إلا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه ) أي ، كان عتب موسى أخاه هارون لأجل إنكاره عبادة العجل ، وعدم اتساع قلبه لذلك.
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن العارف من يرى الحق في كل شئ بل يراه عين كل شئ . فكان موسى يربي هارون تربية علم . ) واعلم ، أن هذا الكلام وإن كان حقا من حيث الولاية والباطن ، لكن لا يصح من حيث النبوة والظاهر .
 
فإن النبي يجب عليه إنكار العبادة لأرباب الجزئية ، كما يجب عليه إرشاد الأمة إلى الحق لمطلق ، لذلك أنكر جميع الأنبياء عبادة الأصنام وإن كانت مظاهر للهوية الإلهية . فإنكار هارون عبادة العجل من حيث كونه نبيا حق ، إلا أن تكون محمولا على أن موسى ، عليه السلام ، علم الكشف أنه ذهل عن شهود الحق الظاهر في صورة العجل ، فأراد أن ينبهه على ذلك . وهو عين التربية والإرشاد منه .
وإنكاره ، عليه السلام ، على السامري وعجله على بصيرة . فإن إنكار الأنبياء والأولياء لعبادة الأصنام التي هي المظاهر ليس كإنكار المحجوبين ، فإنهم يرون الحق مع كل شئ ، بخلاف غيرهم ، بل ذلك لتخليصهم عن التقيد بصورة خاصة ومجلى معين ، إذ فيه إنكار باقي المجالي وهو عين الضلال .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كان أصغر منه في السن . ولذلك ) أي ، ولأجل أنه كان مربيا لهارون ، عليه السلام .
( لما قال له هارون ما قال ، رجع إلى السامري فقال له : " فما خطبك يا سامري ؟ " ) أي ، ما شأنك وما مرادك ؟ أي لذلك رجع موسى إلى السامري .
 
فقوله : ( لما قال له هارون ما قال ) جملة اعتراضية ( يعنى فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشيخ من حلي القوم ) وتركك الإله المطلق الذي هو إله العالمين ( حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل ، قلب كل إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السماء ، تكن قلوبكم في السماء . ).
 
والأموال السماوية هي العلوم والمعارف والأعمال الصالحة الكاسبة للتجليات الإلهية والسعادات الأبدية .
 
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك ، فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون ؛ لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى ألا يعبد إلّا إيّاه ، وما حكم اللّه بشيء إلّا وقع ، فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء ؛ فكان موسى يربّي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السّنّ ) .
 
( قال هارون لموسى - عليهما السلام : ) معتذرا عما غضب عليه من تركه التشديد في الإنكار خوفا من الأضرار عن العناد الناشئ من التشديد ( أني خشيت ) في التشديد ( أن تقول : فرقت ) أي : أدمت التفريق ( بين بني إسرائيل ) مع وقوعه من غيري ؛ لأن الدوام أشد من الابتداء إذا زال سريعا ، ( فتجعلني سبب ) ابتداء وانتهاء ( في تفريقهم ) ، بل يجعل التفريق من غيري كاللاتفريق ، ( فإن عبادة العجل فرقت بينهم ) تفريقا غير تام في البعض مطلقا ، وإن تم في الآخرين من وجه ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان منهم من عبده اتباعا للسامري ) مع أن الواجب اتباع هارون لنبوته وخلافته ،
 ( وتقليدا له ) ، مع أن الواجب عليهم النظر الموجب متابعة الأنبياء لكمال إدراكهم للحقائق ، فهؤلاء وإن لم يتم التفريق فيهم ؛ لكنه لكونه تقليديّا ضعيف جدّا ، لكنه يتقوى عن المعتاد الحاصل عن التشديد في الإنكار عليهم .
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من توقف عن عبادته ) وهو وإن كان كفرا ، فهو دون عبادته كيف وكان توقفهم ( حتى يرجع إليهم موسى فيسألونه في ذلك ) ، فهم مؤمنون بقول موسى ، وإن كفروا بقول هارون ، ( فخشي هارون ) أنه لو شدد عليهم الإنكار في التوقف تركوا التوقف ورجعوا إلى عبادته ، فخشي ( أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ) بإتمامه من كل وجه في البعض ومن وجه في البعض ، بل ربما كان يتم من كل وجه في الكل ، فيبطل حق اللّه تعالى في عبادته وحده ، فأشار موسى عليه السّلام بأن عبادة العجل ليست فرقانا في حق اللّه تعالى بل في حق العبادة باعتقادهم إلهية العجل أو استحقاقه للعبادة، وهو في معنى الإلهية.
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى أعلم بالأمر من هارون ؛ لأنه علم ما عبده ) في الواقع ( أصحاب العجل ) ، فإنهم عبدوا الحق باعتبار ظهوره في مظهر العجل لا على اعتقاد مظهريته ، بل على اعتقاد إلهيته فأخذوا بما قصدوا ، ولو عبدوه على اعتقاد مظهريته كان أيضا خطأ ، فإن المظهر والصورة الظاهرة فيه من جملة العالم الذي حقه أن يكون عابدا لا معبودا مع أن مظهريتهم أكمل من مظهريته ؛ لأنه لا يرجع إليهم قولا ، ولا يملك لهم نفعا ولا ضرّا ، وإنما علم موسى ذلك ؛ ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) أي : حكم ("أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " [ الإسراء : 23]).
إما باعتبار ذاته أو أسمائه وهي عبادة المؤمنين ، أو باعتبار ظهوره في المظاهر الخلقية ؛ وذلك لأنه ( ما حكم اللّه بشيء إلا وقع ) وقد وقعت عبادة بعض المظاهر ، فعبادتها راجعة إلى عبادته في الواقع ، وإن لم تفد أصحابها بل أضرت بهم من كل وجه ، إذا وجبت لهم حجبا كثيفة عن اعتقاد كمال ظهوره فيها فهو عين النقص في حقه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عتب موسى أخاه ) في ترك التشديد عليهم ( لما وقع الأمر ) ، أي : أمر الفرقان ( في إنكاره ) اللين ؛ لأنه إنما كان الإنكار لرؤيته الفرقان في نفس الأمر يبطل به عبادة اللّه من كل وجه لو دام وتم مطلقا بتشديده الإنكار ، وذلك عن ( عدم اتساعه ) في معرفة الحق حتى يعرف ظهوره في كل شيء ،
( فإن العارف من يرى الحق ) : أي ظاهرا ( في كل شيء ، بل يراه ) باعتبار ظهوره ( عين كل شيء ) ، فإن صورته متحدة بالأشياء ، إذ لا وجود للأشياء سوى صورته الوجودية ، فتبقي عبادته من ذلك الوجه فلا فرقان في حقه ، ولكن لا تبقى في حق عبدة العجل ، فيجب تشديد الإنكار عليهم ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان موسى يربي هارون تربية علم ) بأن عبادة اللّه لا تضيع بعدم قصدهم إياها ، وإنما تضيع عنهم فائدتها ، وذلك لكبره في النبوة ، ( وإن كان أصغر منه في السن ) ، فكبر سنه رباه تربية الرحمة ، وكبر نبوة موسى رباه تربية المعرفة ؛ فافهم فإنه مزلة للقدم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له :قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ[ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم ، فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء » ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون موسى عليه السّلام مربيا بالعلم تبين أن ظهور الإله في شيء لا يجعله إلها ، فاعتقاد إلهية تفرقه ( لما قال له هارون ) ما دلّ عن رؤية الفرقان في اعتقاد عبدة العجل وصانعه وهو السامري ، وإن زعم أنه لا يفرقه في ذلك ؛ لكون العجل محل الأمر ( رجع إلى السامري ) يعاتبه في تخصيص هذا المظهر القاصر سيما من جهة جماديته باستحقاق العبادة في المظاهر التي أصلها أن يكون أكمل منه ،
( فقال له :فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ، يعني : فيما صنعت من عدولك ) عن عبادة الحق باعتبار ذاته وأسمائه التي لا تغايره ( إلى صورة العجل على الاختصاص ) ، مع أن الكل مظاهر الحق ، فلا يستحق البعض من البعض العبادة ، بل حق المظهر أن يكون عابدا لا معبودا
 
وفي ) صنعك هذا الشبح ) ، مع أن ظهور الإله في مصنوعات الخلق أقصر منه في مصنوعاته ، لكن خيل لهم كمال ظهوره فيه ، إذ جعله ( من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم ) فتوهمت فيه الكمال لحبها إياه ، إذ عين المودة عن كل غيب كليلة ، مع أنه ليس لكمال ظهور الحق فيه ، بل ( من أجل أموالهم ) الموجبة سيل قلوبهم إليها ،
 
بدليل قول عيسى عليه السّلام :-
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء ) بأن تجعلوها للّه ، وتعطوها للفقراء ، ( تكن قلوبكم في السماء ) عند ربكم ، وأيضا علم ذلك من اشتقاقه ، فإنه...
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )
 
قال رضي الله عنه  : ( فيسألونه في ذلك ) .تفريق أمم كلّ زمان عند تصوير سامر الخيال لهم عجل العاجل من التجوّهات والتموّلات ، فإنّه قد استحصل من حليّ القوم ، ( فخشي هارون ) الذي هويّته النور ، الذي هو ظاهر الوجود والرحمة ( أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ) نفسه ، لا إلى الرحمة التي هي أصل جبلَّته .
 
"" أضاف المحقق :
قال القيصري: « واعلم أن هذا الكلام وإن كان حقا من حيث الولاية والباطن ، لكن لا يصح من حيث النبوة والظاهر ؛ فإن النبي يجب عليه إنكار العبادة للأرباب الجزئية ، كما يجب عليه إرشاد الأمة إلى الحق المطلق ، لذلك أنكر جميع الأنبياء عبادة الأصنام وإن كانت مظاهر للهوية الإلهية ، فإنكار هارون عبادة العجل من حيث كونه نبيا حق ، إلا أن تكون محمولا على أن موسي عليه السلام علم بالكشف أنه ذهل عن شهوده الحق الظاهر في صورة العجل ، فأراد أن ينبهه على ذلك وهو عين التربية والإرشاد منه ". أهـ ""
 
قال رضي الله عنه  : ( وكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل ) وأنّ التفرقة التي نشأت من عبادته لا يقدح في الجمعيّة الإلهيّة ( لعلمه بأنّ الله قد قضى أن لا يعبد إلا إيّاه ، وما حكم الله بشيء إلَّا وقع فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ) ، لضيق مشربه عن أن يقبل تلك التفرقة الكونيّة عين الجمعيّة الوجوديّة الإلهيّة وعدم ظرافته لها .
 
العارف يرى الحقّ في كلّ شيء
وهذا مما لا بدّ للعارف منه ( فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ) وذلك لمن لا يتميّز في ذوقه ظاهر الوجود عن مظهره ، تميّز الظل عن النور ، قائلا بالمتقابلين وإذ كان موسى قد خلع نعلي المتقابلين عند طيّه طوى التوحيد ، لا تميّز عنده أصلا ، كما قال صاحب هذا المقام فيه :
لا ترم في شمسها ظلّ السوي  .... فهي شمس وهي ظل وهي فيء
وإليه أشار بقوله : ( بل يراه عين كل شيء ) .
 
موسى وهارون
قال رضي الله عنه  : ( وكان موسى ) عند إهانته وتشدّده مما يوهم غلبة الغضب النفساني ( يربّي هارون تربية علم ) لا مرتبة ومنصب ، فإنّ موسى لغلبة أحكام الباطن على كلمته أعلم من هارون لغلبة حكم الظاهر عليه .
أمّا الأول فيعلم من التلويح العقدي .
وأما الثاني فلما عرفت ما في اسم هارون من الدلالة على الظاهر فلموسى أن يربّي هارون تربية علم ( وإن كان أصغر منه سنّا ، ولذلك لما قال له هارون ما قال ) من خشيته أن ينسب التفرقة إليه معتذرا به - قبل منه .
 
موسى والسامري
قال رضي الله عنه  : و ( رجع إلى السامري فقال له : " فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ " )  والخطب لغة هو الأمر العظيم ، الذي يكثر فيه التخاطب وفيه لطيفة منبّهة على ما يستتبع فعله من الخبط - ( يعني فيما صنعت من عدو لك ) عن معنى أحديّة الجمع بعمومه ( إلى صورة العجل على الاختصاص وصنعك هذا الشبح ) المبهج للناظر في صورة عجل العاجل من الأحوال ( من حليّ القوم ) ومزيّنات ظواهرهم وحاليّاتهم المتحوّلة السريعة الزوال ، ( حتى أخذت بقلوبهم ) .
 
عبادة المال
فإنّ البواطن لها ارتباط وثيق واتّصال قريب بالظاهر ولذلك ترى قلوب بني إسرائيل قد انجذبت إلى هذا العجل ، ( من أجل أموالهم ) التي يميل إليها قلوبهم بقوّة ذلك الارتباط ( فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل انسان حيث ماله ) - مما يميل إليه بحسب نسبته ، سواء كان من ظاهر الأمور ، كالمال العرفي وما يستحصل به ، أو باطنه كالعلوم والأحوال القلبيّة ومقاماتها - ( فاجعلوا أموالكم في السماء ) وطرف العلو ، كالعلوم الحقيقيّة والأحوال القلبيّة ، ( تكن قلوبكم في السماء ) .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك. فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع. فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه.
فإن العارف من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء.
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء». )
 
قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك . فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه ، فكان موسى أعلم من هارون لأنّه علم ما عبده أصحاب العجل لعلمه بأنّ اللّه قد قضى أن لا يعبد إلّا إيّاه : وما حكم اللّه بشيء ).


قال رضي الله عنه :  ( فيسألونه في ذلك . فخشي هارون أن ينسب الفرقان بينهم إليه فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل ) في الحقيقة ( لعلمه بأن اللّه قد قضى ) وقدر ( ألا يعبد إلا إياه ) .
قال تعالى : وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [ الإسراء : 23 ] ، فإن هذا القضاء ليس مقصورا على الحكم التكليفي الإيجابي كما قصره عليه أهل الظاهر حتى يقال هذا لا يقتضي وقوع المقضي بل يعم الحكم التقديري أيضا ،
فإن مذهبهم أن جميع محتملات الكلمات القرآنية مراد اللّه إن لم يمنع مانع شرعي أو عقلي عن إرادته ، وخصوصا إذا كان مؤيدا بكشوفهم وأذواقهم ( وما حكم اللّه بشيء)
 
قال رضي الله عنه :  ( إلّا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتّساعه ، فإنّ العارف من يرى الحقّ في كلّ شيء ، بل يراه عين كلّ شيء . فكان موسى يربّي هارون تربية علم وإن كان أصغر منه في السّنّ . ولذلك لمّا قال له هارون ما قال ، رجع إلى السّامريّ فقال له : فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ [ طه : 95 ] ؟ يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشّبح من حليّ القوم حتّى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء تكن قلوبكم في السّماء » ).
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا وقع . فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر ) ، أي أمر مبالغة ( في إنكاره ) ، على عبادة العجل في الظاهر ( وعدم اتساعه ) لها في الباطن ( فإن العارف من يرى الحق في كل شيء بل يراه عين كل شيء ) ،
فلا ينكر في باطنه على شيء فإن ظهر منه إنكار بحسب الظاهر يكون بموجب الأمر لا بسبب احتجابه عن الحق فيه ( فكان موسى يربي هارون تربية علم ، وإن كان أصغر منه في السن . ولذلك ) ، أي لكونه عليه السلام كان مربيا لهارون
 
قال رضي الله عنه :  ( لما قال له هارون ما قال ) أعرض عن هارون بسهولة ( رجع إلى السامري فقال لهفَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ) [ طه : 95 ] والخطب لغة : هو الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب ، وهو من تقاليب الخبط ففيه إشارة إلى عظم خبطه
قال رضي الله عنه :  ( يعني فيما صنعت من عدولك إلى صورة العجل على الاختصاص ، وصنعك هذا الشبح من حلى القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم . فإن عيسى يقول لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله فاجعلوا أموالكم في السماء ) ، أي تصدقوا بها وقدموها إلى الآخرة التي هي أبقى لكم وأعلا.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:47 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                                  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمّي المال مالا إلّا لكونه بالذّات تميل القلوب إليه بالعبادة . فهو المقصود الأعظم المعظّم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه .  وليس للصّور بقاء ، فلا بدّ من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه . فغلبت عليه الغيرة فحرّقه ثمّ نسف رماد تلك الصّورة في اليمّ نسفا وقال له :وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ وسمّاه إلها بطريق التّنبيه للتّعليم ، لما علم أنّه بعض المجالي الإلهيّة . « لأحرقناه » فإنّ حيوانيّة الإنسان لها التّصرّف في حيوانيّة الحيوان لكون اللّه سخّرها للإنسان ، ولا سيّما وأصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التّسخير لأنّ غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرّف فيه من غير إباءة . )
 
(وما سمي) في لغة العرب (المال مالا إلا لكونه) ، أي المال بالذات من غير تكلف (تميل القلوب) ، أي قلوب الناس إليه بالعبادة وهي غاية الذل لأجله من الغافلين كما ورد في الحديث : « تعس عبد الدرهم وتعس عبد الدينار وتعس عبد الخميصة »
(فهو) ، أي المال (المقصود الأعظم) للنفوس (المعظم في القلوب) المحجوبة (لما فيها) ، أي القلوب (من الافتقار)، أي الاحتياج (إليه) ، أي إلى المال في جميع الأمور.
 
(وليس للصور) ، أي صور الأشياء (بقاء) أصلا لأنها أعراض زائلة فلا بدّ من ذهاب صورة العجل في كل حين من جملة الأعراض الذاهبة لو لم يستعجل موسى عليه السلام بحرقه ، أي العجل فغلبت عليه ، أي على موسى عليه السلام الغيرة في انتهاك حرمة اللّه تعالى فحرقه ، أي العجل ثم نسف بالتفريق رماد تلك الصورة التي هي صورة العجل من الذهب في اليم ، أي البحر نسفا تأكيد للفعل وقال ، أي موسى عليه السلام له ، أي للسامري (" وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ") [طه : 97 ] الذي عبدته وهو العجل فسماه ، أي موسى عليه السلام إلها بطريق التنبيه ،
 
أي إيقاظ الغافلين للتعليم ، أي تعليمهم لما علم ، أي موسى عليه السلام أنه ، أي ذلك العجل بعض المجالي جمع مجلى ، أي المظاهر الإلهية فقد علم ما علم السامري من ذلك فأداه إلى عبادته من كثرة قصوره عن كمال علم موسى عليه السلام (لأحرقنه) ، أي العجل وقيل إنه برده بالمبرد فذراه في البحر .
(فإن حيوانية الإنسان لها التصرف) بطريق القهر والغلبة (في حيوانية الحيوان) الذي ذلك العجل من جملته لكون اللّه تعالى سخرها ، أي حيوانية الحيوان (للإنسان) تنقاد إليه في كل ما يريد ولا سيما ، أي خصوصا وأصله ، أي ذلك العجل (ليس) متولدا (من حيوان) بل سرت فيه الحياة ابتداء من إلقاء القبضة التي هي من أثر فرس جبريل عليه السلام (فكان) ، أي ذلك العجل أعظم في التسخير من جميع الحيوانات للإنسان (لأن غير الحيوان) من الجمادات كالعجل من الذهب ، فإن الذي خار وتحرك هو القبضة الملقاة فيه بحكم صورته وهو العجل ،
 
وقد بقي فيه حكم الجمادية ، فكان حيوانا بالصوت والحركة فقط ، لا بالأكل والشرب والنكاح والنوم والموت ونحو ذلك ، ولهذا حرقه موسى عليه السلام ، ولو كان حيوانا حقيقة ما حرقه ، لأنه تعذيب له ولم يرد أنه ذبحه قبل الحرق إذ هو جماد لا يقبل الذبح (ما له إرادة) يأبى ويمتنع بها ممن يريده أحيانا وينقاد بها أحيانا كالحيوان المطلق (بل هو) ، أي غير الحيوان من ذلك العجل (بحكم من يتصرف فيه) من الناس كالجمادات والنباتات (من غير إباءة) ، أي امتناعه من ذلك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة فهو ) أي المال ( المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها ) أي في القلوب ( من الافتقار إليه ) أي إلى المال .
 
قال رضي الله عنه :  ( وليس للصور بقاء فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى عليه السلام بحرقه فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا وقال ) موسى عليه السلام ( له ) للسامري ( انظر إلى إلهك فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم ) أنه مظهر إلهي ( لما علم ) موسى عليه السلام ( أنه بعض المجالي الإلهية ) فعلم هارون ما أشار إليه موسى عليه السلام من كلامه إلى السامري ، وعلم أن غضبه وأخذه بلحيته لا لأجل عبادة قومه العجل بل لأجل تعليمه بأن الحق يعبد في صورة العجل فما قال للسامري ما قال وما غضب على هارون إلا تربية لهارون بالعلم ( لأحرّقنه ) أي وقال له انظر إلى إلهك لنحرّقنه ولننسفنه وإنما تصرف موسى في صورة العجل بالحرق والنسف .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون اللّه سخرها ) أي الحيوان ( للإنسان ولا سيما وأصله ليس من حيوان ) بل هو معمول من الحلي ( فكان ) العجل المعمول ( أعظم ) أي أهون ( في التسخير لأن غير الحيوان ما ) أي ليس ( له إرادة ) فلا يمتنع بما يريد الإنسان ( بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إباء ) أي امتناع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه. وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا. وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن يوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل ، ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین. والباقي واضح
 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمّي المال مالا إلَّا لكونه بالذات ، تميل القلوب إليه بالعبادة ، فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب ، لما فيها من الافتقار ، إليه وليس للصور بقاء ، فلا بدّ من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه ، فغلبت عليه الغيرة فحرّقه ، ثم نسف رماد تلك الصورة في اليمّ نسفا ، وقال له :   " انْظُرْ إِلى إِلهِكَ " [ طه : 97 ] ، فسمّاه إلها بطريق التنبيه للتعليم ، لما علم أنّه بعض المجالي الإلهية " لَنُحَرِّقَنَّه ُ " فإنّ حيوانية الإنسان لها التصرّف في حيوانية الحيوان لكون الله سخّرها للإنسان) .
 
قال العبد : اعلم أنّ الأنبياء كلَّهم صور الحقائق الإلهية النورانية والروحانية السلطانيّة ، والفراعنة صور الحقائق والقوى النفسانية الظلمانية الحجابية والهوى ،
ولهذا كانت العداوة والمنافاة والمخالفة دائما واقعة بين الأنبياء والرسل بين الفراعنة ، كما أنّ المخالفة والمنافاة والمحاربة والمباينة والمجانبة واقعة دائما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،
وأنّهم - أعني الأنبياء والرسل والخلفاء الإلهيّين - وإن كانوا متشاركين في كونهم جميعا صور الحقائق الروحانية والإلهية الربّانيّة فهم الأرواح الإلهية الإنسانية الكمالية ،
ولكنّ الحقيقة الإنسانية في الروح الإنساني إنّما تعيّنت في كل واحد واحد على صورة حقيقة من حقائق الحقيقة الإنسانية التي هي حقيقة الحقائق ،
بمعنى أنّ سائر حقائق حقيقة الحقائق الإنسانية منصبغة بحكم تلك الحقيقة النسبيّة على التعيين ، وبهذا اختلفوا في الصور والتعيّن والشخص
 
والعلوم والأذواق والمشاهد والمشارب والتجلَّيات والأخلاق ، وإلَّا فكلَّهم كنفس واحدة من نفس واحدة إلهية على إلّ واحد لربّ واحد ، هو ربّ الأرباب المتعيّنين في حقائقهم من حيث صور تلك النسب وبحسبها ، فظهر الحق - المتعيّن في الصور الإنسانيّة من الحقيقة الإنسانية الكمالية الإلهية المتعيّنة بالتعيّن الأوّل - واحدا أحديّا .
 
و في هؤلاء الصور الإلهية الإنسانية الكمالية كثيرا متعدّدا متنوّع التجلَّي والظهور ، فكلَّهم صور الحق ، والحق الإنساني الكمالي الذاتي هو المتعيّن الظاهر في هذه الصور كلَّها ، ولكنّ الصور للنسب والأحكام  والأحوال العينية الغيبيّة الإنسانية ، فينسب التحقيق كلَّا منهم إلى الصورة الظاهرة الإلهيّة به ، فآدم صورة ظاهريّة الإلهية الأحدية الجمعية الإنسانية ، البشرية ، وشيث صورة الوهب والفيض النوري الوهبي العلمي .
 
وإدريس صورة التقديس العقلي والطهارة ، والروحية الإنسانية الكماليّة وتعرف الصور بحسب الحال والحكم والخلق والفعل والصفة والنعت والعلم والحكمة الغالبة على ذلك النبيّ أو الخليفة والوليّ ، فهذا امتياز الصور بعضها عن بعض وتعيّناتهم عند استقرارهم في مراتبهم البرزخيّة وصورهم الحشرية والجنانيّة وغيرها . وبهذا يتمايزون ويتظاهرون ويتعدّدون ، فاعرفه .
 
ولمّا كان الغالب على موسى عليه السّلام شهود التجلَّي النوريّ في صورة النار ، وهو شهود الواحد في الكثير كثيرا ، ولهذا كانت علومه فرقانيّة لا قرآنيّة ،
ولو كانت قرآنيّة ، لشهد الكلّ في الكلّ ، وكلّ واحد كلَّا ، وشهد الواحد في الكثير واحدا كثيرا ، وشهد الكثير في الواحد واحدا .
والنار من شأنها التفريق وتفكيك أجزاء ما سلَّطت عليه ، حتى تفرّق لطائفة عن كثائفه وأجزاء كثائفه بعضها عن بعض ، فغلب على موسى الفرقان والتمييز والقوّة والغلبة والظهور والسلطان والقهر والجلال ،
وبهذا السرّ سلَّط النار - التي في صورتها شاهد النور الحق الواحد في الكثرة الشجرية - على صورة العجل التي جعلها السامري إلها لمن عبدها ، حتى أحرقتها وفرّقت أجزاءها المتوحّدة ، لأنّ التجلَّيات الفرعية تضمحلّ وتتلاشى عند ظهور التجلَّي الكلَّي الإلهي الجمعي ، والمحدث إذا قرن بالقديم ، لم يبق له أثر ، كما قيل :
لأنّك شمس والملوك كواكب   .... إذا طلعت لم يبد فيهنّ كوكب.
وصور العالم وإن كانت كلَّها مجالي ، ولكن ظهور الحق وتجلَّيه في المجلى الموسوي أعظم من المجالي الصنمية ، فسبحات وجهه تحرقها .
 
قال رضي الله عنه  : ( ولا سيّما وأصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التسخير ، لأنّ غير الحيوان ماله إرادة ، بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه ،)
 
قال العبد : هذه المباحث ظاهرة ، والتقريب أنّ تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوّة ، ولهذا كان يعلم حقّهم ويرعاه ويراعيهم رعاية الراعي لغنمه ، فمهما عاث فيه ذئب غريب قابله وقاتله ، كالسامري بالإحراق وتحريق العجل ، أو شدّد على خليفته مخافة المخالفة كما فعل بأخيه هارون ، وكلّ هذا تسخير لهم بما عنده من الله في عين ما هم مسخّرون له بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنياوية عرفوا ذلك أو لم يعرفوا ، إذ لا يعرفه إلَّا العارفون وما تعقّله إلَّا العالمون .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمى المال مالا إلا لكونه بالذات يميل القلوب بالعبادة ، فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه ، وليس للصور بقاء فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا وقال له : " انْظُرْ إِلى إِلهِكَ " فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم لما علم أنه بعض المجالى الإلهية "  لَنُحَرِّقَنَّه " فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان ولا سيما وأصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التسخير ، لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إباءة ) .
 
اعلم أن الأنبياء كلهم صور الحقائق الإلهية النورانية الروحانية ، والفراعنة صور الحقائق النفسانية الظلمانية ، ولهذا كانت العداوة والمخالفة بين الرسل والفراعنة لازمة ، كما بين العقل والهوى وبين الروح والشيطان ،
لكنهم مختلفون في التعينات الإنسانية لاختلاف الأسماء الإلهية فيهم ، وذلك لاختلاف القوابل بحسب الأمزجة والاعتدالات الإنسانية ، ولهذا اختلفت صورهم في الأشكال والهيئات والتعينات الشخصية ، ونفوسهم في الأخلاق والعوائد والأذواق ،
 
وأرواحهم في العلوم والمشاهدات والمشارب والتجليات ، مع اتحادهم في الوجهة والمعارف الحقانية والتوحيد وأصول الدين القيم ،
فإنهم في ذلك كنفس واحدة على آل واحد لرب واحد هو رب الأرباب ، فالحق الواحد يتجلى لكل منهم على صورة الاسم الغالب عليهم ،
ولهذا كان الغالب على موسى أحكام القهر وشهود التجلي النوري له في صورة النار ، وكانت علومه فرقانية ، والغالب على نبينا صلى الله عليه وسلم أحكام المحبة وشهود التجلي في صورة النور ، وكانت علومه قرآنية .
 
ولما كان التجلي الإلهي في حق موسى في صورة القهر والسلطنة والجلال سلط النار على صورة العجل الذي جعله السامري إلها لمن عبدها حتى أحرقته وفرقها وبرد أجزاءها ، كما أن التجلي الإلهي يحرق كل من تجلى له ، فإن المحدث لا يبقى عند ظهور القديم بل يضمحل ويتلاشى ، فأراهم في نسف رماد العجل وحراقته صورة فناء المحدث عند تجلى الرب القديم ، وفي إحراقه صورة إحراق سبحات وجهه تعالى حتى ما انتهى إليه بصره من خلقه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمى "المال"  مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة . فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه . ) أي، إلى المال.
( وليس للصور بقاء ، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه . فغلبت عليه الغيرة ، فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا ، وقال له : "أنظر إلى إلهك" . فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم . ) أي ، نبه أنه مظهر من المظاهر ومجلى من مجاليه . ( لما علم أنه بعض المجالي الإلهية "لأحرقنه" . ) أي ، قال : أنظر إلى إلهك لنحرقنه ولننسفنه في اليم نسفا .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان ، لكون الله سخرها للإنسان ولا سيما وأصله ) أي ، وأصل العجل ، ( ليس من حيوان ) أي ، ولا سيما في شئ أصله ليس حيوانا ، لأن العجل المعمول من الحلي ما كان حيوانا أصليا .
( فكان ) أي ، العجل . ( أعظم في التسخير ) أي ، في قبول التسخير . ( لأن غير الحيوان ماله إرادة ) حتى يحصل منه الإباءة والامتناع لما يريد الإنسان . ( بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه . ) أي ، امتناع
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:48 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمّي المال مالا إلّا لكونه بالذّات تميل القلوب إليه بالعبادة ؛ فهو المقصود الأعظم المعظّم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه ، وليس للصّور بقاء ، فلابدّ من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه . فغلبت عليه الغيرة فحرّقه ثمّ نسف رماد تلك الصّورة في اليمّ نسفا ، وقال له :وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ [ طه : 97 ] ، وسمّاه إلها بطريق التّنبيه للتّعليم ، لما علم أنّه بعض المجالي الإلهيّة ،  لأحرقنه ) فإنّ حيوانيّة الإنسان لها التّصرّف في حيوانيّة الحيوان لكون اللّه سخّرها للإنسان ، ولا سيّما وأصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التّسخير ؛ لأنّ غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرّف فيه من غير إباءة ) .
 
وفي ) صنعك هذا الشبح ) ، مع أن ظهور الإله في مصنوعات الخلق أقصر منه في مصنوعاته ، لكن خيل لهم كمال ظهوره فيه ، إذ جعله ( من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم ) فتوهمت فيه الكمال لحبها إياه ، إذ عين المودة عن كل غيب كليلة ، مع أنه ليس لكمال ظهور الحق فيه ، بل ( من أجل أموالهم ) الموجبة سيل قلوبهم إليها ،


بدليل قول عيسى عليه السّلام :-
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ عيسى يقول لبني إسرائيل : « يا بني إسرائيل قلب كلّ إنسان حيث ماله ، فاجعلوا أموالكم في السّماء ) بأن تجعلوها للّه ، وتعطوها للفقراء ، ( تكن قلوبكم في السماء ) عند ربكم ، وأيضا علم ذلك من اشتقاقه ، فإنه ( ما سمي المال مالا ؛ إلا لكونه بالذات ) وإن لم يتوسل به بعض البخلاء إلى الشهوات ، ولا إلى دفع سائر المضرات ( تميل القلوب إليه بالعبادة ) أي : التذلل له مثل تذلل العابد للمعبود ؛ ولذلك قال صلّى اللّه عليه وسلّم : « تعس عبد الدينار ، وعبد الدرهم ، وعبد الخميصة إن أعطي رضي ، وإن لم يعط سخط » . رواه البخاري وابن حبان وابن ماجة.
تعس وانتكس ، وإذ آتيك فلا انتعش ، فهو وإن كان في الأصل مقصودا بالغير وهو جلب الشهوات ودفع المضرات ، صار كأنه
 
قال رضي الله عنه :   ( هو المقصود الأعظم ) حتى تشبه عند بعض الجهّال باللّه ، كما قال الجريري : لولا التقى لقلت : جلت قدرية فهو ( المعظم في القلوب ) العمية ( لما فيها من الافتقار إليه ) ، كالافتقار إلى اللّه تعالى في نظرهم ، وأي كمال لظهور الحق فيه ، وأدنى كمالاته البقاء إلى الأبد .
قال رضي الله عنه :  ( وليس للصور ) ولو سماوية ( بقاء ) ، فمتى تبقى لأرضه ، ( فلابد من ذهاب صورة العجل ) وإن لم يقصد أحد إذهابها ، حتى إنها كانت تذهب بنفسها ( لو لم يستعجل موسى بحرقه ) ، لكنه استعجل ذلك لئلا يبقى مدة معبودا من دون اللّه في اعتقاد عابديه ، ( فغلبت عليه الغيرة ) بحسب اعتقاد عابديه غيريته للحق ؛ لأن حق المعبود أن يكون مستقلا بالذات وأحبابها ، فحرقه ليفنيه بالكلية بحسب العرق أو ليصير رمادا في غاية الحقارة ،
( ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا ) ؛ ليشير بذلك إلى فناء الصور ذليلة في بحر الوجود الحقيقي ؛ حتى يظهر عدمها الأصلي وذلتها في أن تكون آلهة تعبد من دون اللّه ،
 
ولكن ( قال له :انْظُرْ إِلى إِلهِكَ [ طه : 97 ] ) مع اعتقاده عدم إلهيته ( بطريق التنبيه ) على أخطائه في هذه التسمية ، وإن كانت صور الأشياء في المرايا تسمى بأسمائها ؛ ( للتعليم ) بأن كونه مجلى إلهيّا لا يصح تسميته باسم من أسماء اللّه تعالى ،
وذلك ( لما علم ) موسى من السامري أنه إنما سماه بذلك من حيث ( أنه بعض المجالي الإلهية ) ، فنبّه بأنه لو صح تسمية هذا البعض به لصح تسميته الكل به ، فلا يبقى التمييز بين العابد والمعبود ، ولا سيما ما كان أكمل منه في المظهرية كالإنسان ، فإنه أكمل من سائر أنواع الحيوان في نفس الحيوانية فضلا عن الباطنية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية ) سائر أنواع ( الحيوان ) ، وإن كانت في أصل الحيوانية سواء ، لكن فضل اللّه تعالى حيوانية الإنسان على حيوانية سائر أنواع الحيوان ؛ لكون اللّه تعالى سخرها للإنسان ، فهذا العجل سخر للإنسان من حيث حيوانيته ، ( ولا سيما ) أنه وإن صار له خوار ( أصله ليس من ) نطفة ( حيوان ) بل من الجماد ، ( فكان أعظم في التسخير ) من الحيوان الذي أصله من الحيوان ،
 
بل هو أي : هذا العجل وإن صار حيوانا فهو كالجماد في التسخير حتى يكون بحكم من تصرف فيه من ( غير ) إبانة ، فإنه وإن ظهرت فيه الحياة ، فلم تظهر فيه الإرادة ولا القوة الجاذبة والدافعة حتى يدفع ضرر من يريد التصرف فيه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه  : ( وما سمّي المال ) العرفي ( مالا إلَّا لكونه تميل القلوب إليه بالعبادة ،
فهو المقصود الأعظم ) ، حيث جعل صاحبه نفسه التي هي أعظم شيء عنده عبده ، وهو أعظم من نفسه النفيسة بجعله معبودها ومقصودها وهو ( المعظَّم في ) سائر ( القلوب ، لما فيها من الافتقار إليها ) في نيل المستلذّات واستحصال الأقوات .
 
 تلويحات في حرف اللام
ثمّ إن هاهنا تلويحا يكشف عن جملة من الحقائق ، وهو أنّ "ألم " الذي هو المعرب عن الكتاب - كما عرفت وجه جمعيّته وبيانه - له صورة واحدة بالشخص بين الحروف ، وهو اللام الذي إذا ظهر به كاف كنه الكل يصير "كلاما " يعرب عن كافّة الأشياء - صوريّة كانت أو معنويّة - ويظهر الجميع بما لا مزيد عليه فيه ، فهو مالك أزمّة الإظهار هذا إذا ظهر شخص اللام ببيّناته مختفيا فيها ، فإذا ظهر شخصه بها يصير « مالا » يستحصل به الأشياء أنفسها ، فإذا ظهر به الكاف يصير « كمالا » به يزيد الأمر ظهورا وإظهارا .
 
وإذا ظهر بالكاف يصير « مالكا » يغلب على الكلّ ، غلبة تصرّف يظهر له سلطانه ومنه يعرف وجه انجذاب القلوب بالمال ، كما يعرف وجه أنّ الكمال عزيز محبوب لذاته ، وأن المالك كذلك له العزّة والمحبّة ولكن قهرا وبالواسطة .
فتأمّل فيه يظهر لك غير ذلك من الوجوه الحقيقيّة .
 
حرق العجل ونسفه
قال رضي الله عنه  : ( وليس للصور بقاء ) كما تقرّر سابقا ، وقد ظهر ذلك حتى عثر عليه بعض أهل النظر من المتكلمين ، كما أشار إليه ، ( و ) حينئذ ( لا بدّ من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه فغلبت عليه الغيرة ) حيث أنّ تلك الصورة بالنسبة إلى جمعيّته الكماليّة جزء محاط تحت حيطة كماله الإنساني ، ( فحرّقه ثمّ نسف رماد تلك الصورة في اليمّ ) - يعني محيط الإطلاقي الجمعي - ( نسفا ) اقتلع به أثره يقال : نسف الريح الشيء : اقتلعته وأزالته .
 
وفي الآية : " ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّه ُ في الْيَمِّ نَسْفاً " [طه : 97]، أي نطرحه فيه طرح النسافة ، وهي ما يثور من غبار الأرض .
( و ) لذلك لما غرق في محيط الجمع الإطلاقي ( قال له : "انْظُرْ إِلى إِلهِكَ "  [ طه / 97 ] فسماه « إلها » بطريق التنبيه للتعليم ) ، لا التهكَّم للتعيير ، كما هو مبلغ أفهام العامة .
 
وفيه تلويح : حيث أنّ العجل من الحلي الذي هو المال ، وهو اللام الظاهر ببيّناته ، فطرح ذلك في اليمّ بعد حرقه وتفتّت أجزائه ، وهو باطن ميم الجمع الإطلاقي وبيّناته .
ثمّ إنّ ذلك لأنّه ( لما علم أنّه ) يعني العجل الذي جعلوه معبودا ، من ( بعض المجالي الإلهيّة ) وأجزاء المجلى الكليّ الإنسانيّ .
 
فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه : ( لأحرقنّه فإنّ حيوانيّة الإنسان ) بقوّة قهرمان الجمعيّة وسلطانها ( لها التصرّف في حيوانيّة الحيوان ) فمن حيث الجمعيّة الإلهيّة ينقاد الكل لتصرّفه ، وإليه أشار بقوله : ( لكون الله سخّرها للإنسان ) .
 
التسخير والمسخّر
هذا على تقدير دخوله في الجمعيّة الحيوانيّة ( لا سيّما و ) العجل المجعول ( أصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التسخير ) لكونه أنزل وأقلّ جمعية منه ( لأنّ غير الحيوان ما له إرادة ) تكون مبدأ لأفعاله الخاصّة الاختياريّة ، ( بل هو بحكم من يتصرّف فيه من غير إباء ) لأنّ قابليّته غير مشوبة بغرض خاصّ واختيار يتوجّه إليه .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.  فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا.
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، لما علم أنه بعض المجالي الإلهية: «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.)   
 
قال رضي الله عنه :  ( وما سمّي المال مالا إلّا لكونه بالذّات تميل القلوب إليه بالعبادة . فهو المقصود الأعظم المعظّم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه . وليس للصّور بقاء ، فلا بدّ من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه .)
 
قال رضي الله عنه :  ( تكن قلوبكم هناك . وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة فهو المقصود الأعظم ) ، حيث جعل صاحبه نفسه التي هي أعظم شيء عنده عبده ( المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه ) ، في نيل المقاصد وتحصيل الحوائج ( وليس للصور بقاء ، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه .)
 
قال رضي الله عنه :  ( فغلبت عليه الغيرة فحرّقه ثمّ نسف رماد تلك الصّورة في اليمّ نسفا وقال له :وَانْظُرْ إِلى إِلهِكَ وسمّاه إلها بطريق التّنبيه للتّعليم، لما علم أنّه بعض المجالي الإلهيّة.
لأحرقنه فإنّ حيوانيّة الإنسان لها التّصرّف في حيوانيّة الحيوان لكون اللّه سخّرها للإنسان ، ولا سيّما وأصله ليس من حيوان ، فكان أعظم في التّسخير لأنّ غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرّف فيه من غير إباءة . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا ) ، أي طرحه في اليمن طرحا قيل في قوله تعالى :ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً [ طه : 97 ] ، أي نطرحه في اليم طرح النسافة وهو ما يثور من غبار الأرض
( وقال له : انظر إلى إلهك فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم ) ، لا بطريق التهكم للتعيير ( لما علم أنه بعض المجالي الإلهية لأحرقنه فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون اللّه سخرها للإنسان ولا سيما وأصله ) ، أي أصل العجل ( ليس من حيوان فكان أعظم في التسخير ، لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه ) ، أي امتناعه .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:48 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التّصريف . فإن كان فيه قوّة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان . وإن لم تكن له هذه القوّة ، أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذلّلا لما يريده منه ، كما ينقاد الإنسان مثله لأمر فيما رفعه اللّه به - من أجل المال الّذي يرجوه منه - المعبّر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا فما يسخّر له من هو مثله إلّا من حيوانيّته لا من إنسانيّته . فإنّ المثلين ضدّان ، فيسخّره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيّته ويتسخّر له ذلك الآخر - إمّا خوفا أو طمعا - من حيوانيّته لا من إنسانيّته . فما يسخّر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التّحريش لأنّها أمثال ؟ فالمثلان ضدّان ولذلك قال :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ) [ الزخرف : 32].
 
فما هو معه في درجته ، فوقع التّسخير من أجل الدّرجات .
(وأما الحيوان) المطلق (فهو ذو) ، أي صاحب إرادة وغرض بالغين المعجمة ، أي حظ (فقد يقع منه) ، أي من الحيوان الإباءة ، أي الامتناع من صاحبه (في بعض التصريف به فإن كان فيه) ، أي في ذلك الحيوان (قوّة إظهار ذلك) الإباء والامتناع (ظهر منه) ، أي من ذلك الحيوان (الجموح) ، أي الحران والامتناع (لما يريده منه الإنسان وإن لم تكن له) ، أي ذلك الحيوان (هذه القوّة) ، أي قوّة إظهار الإباء والامتناع (أو) كانت ولكن (صادف) ، أي وافق ذلك الإنسان بإرادته (غرض) ، أي حظ (الحيوان انقاد) ،
أي أطاع ذلك الحيوان له (مذللا) بصيغة اسم المفعول (لما يريده) ، أي الإنسان (منه) ، أي من ذلك الحيوان (كما ينقاد) ، أي يطيع (مثله) ، أي مثل ذلك الحيوان وهو الحيوانية بين الإنسان (لأمر) ، أي لأجل أمر من الأمور (فيما) ، أي في حق الأمر الذي (رفعه اللّه) تعالى على جميع الحيوان (به) ، أي بذلك الأمر وهو الإنسانية (من أجل المال الذي يرجوه) ذلك الإنسان (منه) ، أي من فعل ذلك الأمر (المعبر عنه) ، أي عن ذلك المال (في بعض الأحوال) ، إذا توفرت الشروط في الشرع بالأجرة في قوله تعالى متعلق برفعه اللّه تعالى وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ[ الزخرف : 32 ] ، أي الناس فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ متفاوتة لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ، أي الناس بَعْضاً سُخْرِيًّا، أي متسخرا .
 
(فما يسخّر له) ، أي للإنسان (من هو مثله) في الإنسانية (إلا من) جهة (حيوانيته) ، أي المتسخر (لا من) جهة (إنسانية) المتماثلين فيها (فإن المثلين) من كل شيء (ضدان) باعتبار أن المحل كما لا يقبل الضدين كالسواد والبياض مثلا فيكون في وقت واحد أسود وأبيض معا ، كذلك لا يقبل المثلين فيكون فيه أبيضان أو أسودان في وقت واحد معا بل هو بياض واحد وسواد واحد وإن زاد على ما كان إذ لو كان بياضان أو سوادان في محل واحد لصح زوال أحدهما ويخلفه ضده فيجتمع ضدان ،
فالشيء لا يسخر مثله من حيث ما هو مثله ولا يتسخر لمثله من حيث ما هو مثله فيسخّره ، أي الإنسان من حيث ما هو السفل الأرفع منه ، أي الإنسان من حيث ما هو أرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه والمنصب بإنسانيته ، أي بوجه كونه إنسانا ويتسخر له ، أي يقبل التسخر منه له ذلك الإنسان الآخر إما خوفا منه باعتبار الجاه أو طمعا فيه باعتبار المال من جهة حيوانيته ، أي كونه حيوانا لا من جهة (إنسانيته فما يسخر).
 
، أي قبل التسخير (له) ، أي للإنسان (من هو مثله) ، أي الإنسان الآخر الذي يماثله وإنما تسخر له من دونه ولو من وجه كما ذكر ألا ترى ، يا أيها السالك ما بين البهائم من السباع والوحوش وغيرها (من التحريش) ، أي اعتداء بعضها على بعض من غير انقياد (لأنها) ، أي البهائم أمثال ، أي بعضها مثل لبعض في الحيوانية من غير تفاوت بوصف فاضل فيها ذاتي لها (فالمثلان) من الإنسانين والحيوانين (ضدان) فلا يفضل أحدهما على الآخر حتى يسخر ولذلك ، أي لأجل ما ذكر قال اللّه تعالى ("وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ") [ الزّخرف : 32 ] .
 
باعتبار أن التفاوت في النوع فما هو ، أي من تسخر معه ، أي مع من تسخر له في درجته التي هو فيها فوقع التسخير في نوع الإنسان من أجل الدرجات المختلفة التي رفعه اللّه تعالى بها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الاباءة في بعض التصريف فإن كان فيه ) أي في الحيوان ( قوة إظهار ذلك ) الاباءة ( ظهر منه الجموح ) يقال جمح الفرس جماحا وجموحا وبالفارسية سركشي كردن أي ظهر منه عدم الانقيادي و ( لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف ) أي يوافق ( الإنسان غرض الحيوان انقاد ) الحيوان ( مذللا لما يريده منه ) الإنسان ( كما ينقاد ) الإنسان ( مثله ) من الإنسان ( لأمر ) أي أي لأجل أمر ( فيما رفعه اللّه ) أي في الذي رفع اللّه ذلك المثل المنقاد إليه ( به ) عائد إلى ما قوله ( من أجل المال الذي يرجوه منه ) يتعلق بالانقياد ( المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله تعالى ) أي كما جاء انقياد الإنسان .
 
مثله في قوله تعالى : (" وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ " [ الأنعام : 165 ] ، ليتخذ بعضكم بعضا سخريا فما يسخر له من هو مثله إلا من ) جهة ( حيوانيته لا من ) جهة ( إنسانيته ) فالمسخر اسم فاعل هو الانسانية والمسخر اسم مفعول هو الحيوانية وإنما لا يسخر من إنسانية.
 
قال رضي الله عنه :  ( لأن المثلين ضدان ) والضدان متساويان في الدرجة لا يجتمعان ليس بينهما جهة جامعة من هذا الوجه فلا ينقاد الإنسان من هو مثله من جهة الانسانية ( فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا ) قوله ( من حيوانيته لا من إنسانيته ) يتعلق بيتسخر ( فما يسخر له من هو مثله ) في المنزلة ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال فالمثلان ضدان فلذلك ) أي فلأجل عدم تسخير الأمثال بعضهم بعضا ( قال اللّه تعالى :وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ) أي فليس المسخر


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
وذكر أن هارون ما أنكر عبادتهم العجل وإنما خاف التفرقة بين بني إسرائيل 
ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل،
فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه 
في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23)  الباقى واضح
 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  (وأمّا الحيوان فهو ذو إرادة وغرض ، فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف ، فإن كان فيه قوّة إظهار ذلك  ، ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان ، وإن لم يكن له هذه القوّة أو صادف غرض الحيوان ، انقاد مذلَّلا لما يريده منه كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال - الذي يرجوه منه - المعبّر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله :  ( وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ) [ الزخرف : 32 ] ، فما يسخّر له من هو مثله إلَّا من حيوانيته لا من إنسانيته ، فإنّ المثلين ضدّان ، فيسخّره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ، ويتسخّر له ذلك الآخر - إمّا خوفا أو طمعا - من حيوانيته لا من إنسانيته ، فما يسخّر له من هو مثله ، ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ، لأنّها أمثال ؟ فالمثلان ضدّان ، ولذلك قال : "وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ") [ الزخرف : 32 ]
 
قال العبد : هذه المباحث ظاهرة ، والتقريب أنّ تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوّة ، ولهذا كان يعلم حقّهم ويرعاه ويراعيهم رعاية الراعي لغنمه ،
فمهما عاث فيه ذئب غريب قابله وقاتله ، كالسامري بالإحراق وتحريق العجل ، أو شدّد على خليفته مخافة المخالفة كما فعل بأخيه هارون ،
وكلّ هذا تسخير لهم بما عنده من الله في عين ما هم مسخّرون له بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنياوية عرفوا ذلك أو لم يعرفوا ، إذ لا يعرفه إلَّا العارفون وما تعقّله إلَّا العالمون .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه : (وأما الحيوان فذو إرادة وغرض ، فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف ، فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو صادف غرض الحيوان )
أي وجد عند المسخر الذي يريد تسخيره في أمر حيواني غرضا من أغراض الحيوان كمأكول أو مشروب أو ما يتوسل به إليه من أجرة
 
قال رضي الله عنه : ( انقاد مذللا لما يريده منه كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالآخرة ، في قوله : " ورَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ " ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته فإن المثلين ضدان ) من حيث أنهما لا يجتمعان .
 
قال رضي الله عنه : (وأما الحيوان فذو إرادة وغرض ، فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف ، فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو صادف غرض الحيوان )
أي وجد عند المسخر الذي يريد تسخيره في أمر حيواني غرضا من أغراض الحيوان كمأكول أو مشروب أو ما يتوسل به إليه من أجرة
 
قال رضي الله عنه : ( انقاد مذللا لما يريده منه كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالآخرة ، في قوله : " ورَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ " ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته فإن المثلين ضدان ) من حيث أنهما لا يجتمعان .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض ، فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف : فإن كان فيه ) أي ، في الحيوان . ( قوة إظهار ذلك الإباء ، ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان . وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف ) غرض الإنسان ( غرض الحيوان انقاد ) الحيوان .
 
قال رضي الله عنه :  ( مذللا لما يريده منه كما ينقاد ) الإنسان ( مثله ) من الأناسي . ( لأمر فيما رفعه الله به . ) ضمير ( رفعه الله به ) عائد إلى ( مثله ) أي ، في شئ رفع الله ذلك المثل به ، كالعلم والجاه والمنصب .
 
قال رضي الله عنه :  ( من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه ) أي ، عن ذلك المال . ( في بعض الأحوال ب‍ " الأجرة " ) وانقياد الإنسان لمثله ورفع بعضه على بعض منصوص عليه
( في قوله : " رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا " فما تسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته . ) أي ، لا يسخر الإنسان إنسانا مثله إلا بحسب حيوانيته . فالمسخر هو الإنسانية ، والمتسخر هو الحيوانية ، لا الإنسانية .
 
( فإن المثلين ضدان ) ، من حيث إنهما لا يجتمعان .
قال رضي الله عنه :  ( فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا ، أو طمعا ، من حيوانيته ، لا من إنسانيته .  لما كان الإنسان لا يتسخر لمثله إلا من جهة نقصانه عنه وطمعه أن ينجبر ذلك النقصان منه - والنقائص للإنسان من جهة حيوانيته التي هي جهة بشريته ، والكمالات من جهة إنسانيته التي هي من جهة ربوبيته - أضاف التسخر إلى الحيوانية والتسخير إلى الإنسانية . ( فما تسخر له من هو مثله . )
أي ، في المرتبة . ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ؟ لأنها أمثال ، فالمثلان ضدان ،
ولذلك قال : " ورفع بعضكم فوق بعض درجات " . )
أي لأجل أن المتماثلين لا يسخر بعضه بعضا ، قال تعالى:" ورفع بعضكم فوق بعض درجات "  ليحصل التفاوت في المراتب ، فيحصل التسخير والتسخر بحسب المراتب والدرجات .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:49 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التّصريف ؛ فإن كان فيه قوّة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان ، وإن لم تكن له هذه القوّة ، أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذلّلا لما يريده منه ، كما ينقاد الإنسان مثله لأمر فيما رفعه اللّه به من أجل المال الّذي يرجوه منه المعبّر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا [ الزخرف : 32 ] فما يسخّر له من هو مثله إلّا من حيوانيّته لا من إنسانيّته ، فإنّ المثلين ضدّان ، فيسخّره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيّته ويتسخّر له ذلك الآخر إمّا خوفا أو طمعا من حيوانيّته لا من إنسانيّته ، فما يسخّر له من هو مثله ) .
"" أضاف المحقق :
(إنما أضاف التسخير إلى إنسانيته لأن التسخير في الإنسان إنما يكون من جهة كمال ، والكمال في الإنسان ليس إلا من جهة إنسانيته ، وأضاف التسخير إلى حيوانيته ؛ لأن التسخير إنما يكون من جهة نقص ليخبر به ، والنقص فيه ليس إلا من حيوانيته . شرح الجامي ). أهـ ""
 
وأما ( الحيوان ) الذي أصله من حيوان ، فهو ذو ( إرادة ) ، وكل ذي إرادة ذو غرض لتخصيص البعض بالجر والبعض بالرفع ، ( فقد يقع منه الإبائية في بعض التصرفات ) الإنسانية فيه إذا توهم منه ضرورة ، ( فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ) الإباء ( ظهر منه الجموح لما يريده ) المتصرف فيه إذا لم يوافق تصرفه غرض ذلك الحيوان ،
قال رضي الله عنه :  ( وإن لم يكن له هذه القوة ) أي : قوة إظهار الإباء ، ( أو يصادف ) تصرف المتصرف فيه ( غرض الحيوان ) بأن توهم منه نفعه ، وإن توهم معه التضرر أيضا ( انقاد مذللا لما يريده ) المتصرف ( منه ) ؛ لحصول غرضه لا لتسخيره إياه فهو في حكم الجموح ،
فهو ( كما ينقاد الإنسان مثله ) لا لكونه مسخرا له ، بل ( لأمر ) داخل ( فيما رفعه اللّه به ) وإن كان انقياده ( من أجل المال الذي يرجوه منه ) ، فإن له بذلك رفعة من حيث أنه محتاج إليه ، وإن كان هذا المال هو
 
قال رضي الله عنه :  ( المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة ) ، فإن للمستأجر رفعة على الأجير ، وإن ساواه في المال والمنصب وسائر الفضائل ، فهذا الانقياد من الحيوان والجماد والإنسان لمثله داخل ( في قوله تعالى :"وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا" )[ الزخرف : 32 ] ،
وإذا كانت السخرية بالرفعة ( فما يسخر له ) أي : للإنسان ( من هو مثله ) في الإنسانية ( إلا من حيوانيته ) المحوجة إلى المال في الشهوات ، أو دفع المضرات ، أو المنقصة للفضائل ( لا من إنسانيته ) لاقتضائها جمع الكمالات وعدم الاحتياج إلى الأمور الذاتية ، وكيف ينقاد الإنسان لمثله من حيث الإنسانية .
 
قال رضي الله عنه :  (فإن المثلين ضدان ) ، ومقتضى الضدية التباعد وإن كان مقتضى المناسبة التقريب ، فيصطحبان بالمناسبة ، ويتباعدان بالضدية ، والتسخير تذليل موجب للعداوة فتغلب هناك جهة الضدية ، فليس التسخير من المثلية ، وقد تقرر أنه برفعة الدرجة ( فيسخره الأرفع في المنزلة ) ، ولو كانت رفعته ( بالمال والجاه ) الذي لا يحتاج إليه الإنسان من حيث هو إنسان ، ولكن تحصل لصاحبه الرفعة الإنسانية إذ يصير محتاجا إليه ، فيكون تسخيره ( بإنسانيته ) لا بنفس المال والجاه كاللآلئ ، واليواقيت المطروحة في الفلاة ،
( ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا ) من الضرر ، ( أو طمعا ) في النفع ( من حيوانيته ) التي يلحقها الضرر ، والنفع الدنيوي ( إلا من إنسانيته ) ، وإن كانت متعلق النفع والضر ، لكنهما ليسا من المال والجاه بل من الأمور العالية ،
( فما سخر له ) في صورة تسخير الإنسان لمثله ( من هو مثله ) وهو الإنسان ، بل إنما يتسخر لإنسانيته أحدهما حيوانية الآخر ، وكيف يتسخر الإنسان لمثله مع أن الحيوان لا يتسخر لمثله .
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى ما بين البهائم من التّحريش ؛ لأنّها أمثال ؟ فالمثلان ضدّان ، ولذلك قال :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ [ الزخرف : 32 ]).
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ؛ لأنها أمثال ) لا لأمر آخر ، ( فالمثلان ) إذا لم يكن منهما موجب تسخير ( ضدان ) لا يمكن أن ينقاد أحدهما للآخر أبدا ؛ ( ولذلك ) أي : ولكون المثلين ضدين ، والأشياء إما أمثال أو أضداد
( قال تعالى  :وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ") [ الأنعام : 165 ] ؛ لتعارض موجب التسخير موجب الإبائية ، وإذا ارتفعت الدرجات لم تبق المثلية المانعة من الانقياد ؛ لأنه وإن كان مثله في الإنسانية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض ) تحرّكه تلك الإرادة نحو ذلك الغرض ،
 
قال رضي الله عنه  : ( فقد يقع منه الإباء ) إذا لم يوافق جهة غرضه جهة يوجّه المتصرّف فيه نحوها ( في بعض ) أنحاء ( التصريف ، فإنّ كان فيه قوّة إظهار ذلك ) في مقابلته ( ظهر منه الجموح لما يريده منه ) ذلك ( الإنسان ) المتصرّف ، ( وإن لم يكن له هذه القوّة ) التي بها يقدر على المقابلة ( أو يصادف ) غرض الإنسان المتصرّف ( غرض الحيوان ) في بعض أنحاء الطرق ( انقاد مذلَّلا لما يريده منه ) المتصرّف ، لأنّه واقع في طريق غرضه ( كما ينقاد ) الإنسان ( مثله لأمر ما رفعه الله به عليه ) ، فذلك الانقياد ليس طبيعيّا ، بل لما رفعه الله به ( من أجل المال الذي يرجوه منه ، المعبّر عنه في بعض الأحوال ) - عند استجماع ما اعتبر من الشروط الشرعي - ( بالأجرة ) .
 
وقد نصّ على ذلك ( في قوله : ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليتخذ بعضكم بعضا سخريا ) ، والسخريّ هو الذي يقهر أن يتسخّر بإرادته .
" قوله تعالى : ( أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (32) سورة الزخرف )"
 
وإذ قد ظهر أنّ المال الذي به التسخير إنما هو لنيل مقتضيات القوى الطبيعية واللذّات الجسمانيّة مما يختص به الحيوان - دون الإدراكات الكماليّة الإنسانيّة ، فإنّه هو العائق لتلك الإدراكات أن تبلغ كمالها ، فضلا عن أن تكون معدّا لنيلها - ( فما يسخّر له من هو مثله ) في الإنسانيّة ( إلا من حيوانيّته ، لا من إنسانيّته ، فإنّ المثلين ضدّان ) ، هذا في المسخّر المشترك الذي يتوجّه نحو اللذات الجسمانيّة السافلة .
 
وأما المسخّر المتعالي الذي يتوجّه نحو معالي الأمور ، فهو مقتضى الكمال الإنساني ، فإنّه يحب العلو ويقتضيه بحسب نشأته الذاتية ، ( فيسخّره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيّته ) المجبولة على أن يتسخّر له من في السماوات ومن في الأرض جميعا ،
ولذلك ذهب الشيخ إلى أنّ معنى قوله صلَّى الله عليه وسلَّم : "آخر ما يخرج من رؤوس الصدّيقين حبّ الجاه " يطلع منها ويبرز ، فإنّه مقتضى أصل جبلَّته .
 
ومن ثمة ترى الدهاة من أئمّة المسلمين في صدر الإسلام قد ارتكب في نيل الرفعة والعلوّ كل صعب وذلول ، واستوقف كل مقدام منهم نفسه في تلك المهالك قائلا : مكانك ، تحمدي، أو تستريحي فجعل القتل في مقابلة نيل ذلك المبتغى فوزا واستراحة .
 
 قال رضي الله عنه  : ( ويتسخّر له ذلك الآخر ، إمّا خوفا أو طمعا ) من مبدأ الغضب والشهوة الحيوانيّتين فهو أيضا : ( من حيوانيّته لا من إنسانيّته ، فما تسخّر له من هو مثله ) من حيث هو مثله .
 
قال رضي الله عنه  : ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ) ، وهو العداوة التي بينها ، كما هو المشاهد من الكلاب والثيران ، وكل ذي قوّة منها مع بني نوعه ، دون غيره مما سواه ، ( لأنها أمثال فالمثلان ضدان ) لما تقرّر أنّ ما به الاشتراك هو محلّ التنازع ، فكلَّما كان أكثر ، كان التنازع أشدّ ، كما بين أهل ضيعة وصناعة وقرابة .
 
وفيه تلويح حكميّ جمعيّ ، حيث أنّ الجامع هو الفارق ، فلا تغفل عنه.
ولذلك ( قال : " وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ " ) فإنّ المسخّر ليس مع المسخّر له في درجة ، وإن كان معه في الحدّ والزمان والمكان والفعل.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، كما ينقاد مثله لأمر فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟ فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات )
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التّصريف . فإن كان فيه قوّة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان .
وإن لم تكن له هذه القوّة ، أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذلّلا لما يريده منه ، كما ينقاد الإنسان مثله لأمر فيما رفعه اللّه به - من أجل المال الّذي يرجوه منه - المعبّر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا فما يسخّر له من هو مثله إلّا من حيوانيّته لا من إنسانيّته .)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباء ) ، إذا لم يوافق غرضه وإرادته ما يريد منه الإنسان المتصرف فيه ( في بعض التصريف ) ، أي في بعض أنواع تصرفاته فيه ( فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه ذلك الإنسان ) المتصرف ( وإن لم تكن له هذه القوة أو يصادف ) ، أي يوافق غرض الإنسان ( غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده ) الإنسان ( منه كما ينقاد ، الإنسان ) إنسانا ( مثله لأمر ما فيما يرفعه اللّه به ) ،
أي لأمر كائن رفع اللّه مثله بذلك الشيء كالمناصب والمراتب فإن فيها أمورا ينقاد الإنسان لأجلها أصحابها ( من أجل المال الذي يرجوه منه في المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة ) ، فكان قوله : من أجل الخ بدلا من قوله لأمر فيما رفعه بدل البعض من الكل وقد نص على انقياد الإنسان مثله لما رفعه اللّه به
قال رضي الله عنه :  ( في قوله : ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا فما تسخر له من هو مثله ) في الإنسانية ( إلا من ) حيثية ( حيوانيته لا من ) حيثية ( إنسانيته ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ المثلين ضدّان ، فيسخّره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيّته ويتسخّر له ذلك الآخر - إمّا خوفا أو طمعا - من حيوانيّته لا من إنسانيّته . فما يسخّر له من هو مثله ألا ترى ما بين البهائم من التّحريش لأنّها أمثال ؟ فالمثلان ضدّان ولذلك قال :وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ[ الزخرف : 32 ] . )
 
قال رضي الله عنه :  ( فإن المثلين ضدان ) ، من حيث أنهما لا يجتمعان ( فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو الجاه بإنسانيته ويتسخر له ذاك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته ) ، إنما أضاف التسخير إلى إنسانيته لأن التسخير في الإنسان إنما يكون من جهة كمال ، والكمال في الإنسان ليس إلا من جهة إنسانيته ، وأضاف التسخير إلى حيوانيته لأن التسخير فيه إنما يكون من جهة نقص ليخبر به والنقص فيه ليس إلا من حيوانيته ( فما تسخر له من هو مثله ) من حيث هو مثله ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ) وهو العداوة التي بينها كما هو المشاهد من الكلاب والثيران وكل ذي قوة منها مع بني نوعه دون غيره فما سواه ( لأنها أمثال فالمثلان ضدان ) لما به تقرر أن ما به الإشراك هو محل التنازع فكلما كان أكثر كان التنازع أشد كما يكون بين كل أهل صنعة وصناعة وقرابة .
( ولذلك قال : ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات فما هو ) ، أي المسخر اسم فاعل .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:50 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  (والتّسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخّر ، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشّخص المسخّر كتسخير السّيّد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانيّة ، وكتسخير السّلطان لرعاياه ، وإن كانوا أمثالا له في الإنسانيّة فيسخّرهم بالدّرجة . والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرّعايا للملك القائم بأمرهم في الذّبّ عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظه أموالهم وأنفسهم عليهم . )
 
(والتسخير) الواقع بين الناس من بعضهم لبعض (على قسمين):
(القسم الأول تسخير مراد) أي مقصود للمسخّر بصيغة اسم فاعل قاهر ذلك المسخر في تسخيره لهذا الشخص المسخر له كتسخير السيد لعبده وإن كان ذلك العبد مثله ، أي السيد (في الإنسانية وكتسخير السلطان) والحاكم (لرعاياه وإن كانوا) ، أي  الرعايا أمثالا له ، أي للسلطان والحاكم في صفة الإنسانية مع الحيوانية أيضا (فيسخرهم )، أي السلطان الرعية (بالدرجة) التي له عليهم وهي رتبة السلطنة والحكم .
 
(والقسم الآخر تسخير بالحال) الظاهر من المسخر كتسخير الرعايا للملك ، أي السلطان القائم بأمرهم في الذب ، أي الطرد والمنع لشر الأعداء عنهم ، أي عن الرعايا وحمايتهم ،
أي حفظهم وحراستهم ممن يريدهم بسوء وقتال من عاداهم من أهل الحرب والبغي وحفظ أموالهم عن السراق والغاصبين والناهبين في المدن والقرى وقطاع الطريق في الصحراء وحفظ أنفسهم عليهم من كل معتد داعر أو ظالم مكابر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فما هو ) أي فليس المسخر ( معه ) أي المسخر ( في درجته ) أي في درجة المسخر ( فوقع التسخير من أجل الدرجات والتسخير على قسمين تسخير مراد للمسخر اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الانسانية وكتسخير السلطان لرعاياه وإن كان أمثالا له في الانسانية فيسخرهم ) أي فيسخر السلطان لرعاياه .
 
قال رضي الله عنه :  ( بالدرجة والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا الملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظ أموالهم وأنفسهم عليهم) وهذا   المذكور  كله تسخير بالحال من الرعايا.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة. والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).


ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك
لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه  في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله: "وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) 
أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فما هو معه في درجته ، فوقع التسخير من أجل الدرجات .
والتسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخّر - اسم فاعل - قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخّر كتسخير السيّد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانية ، وكتسخير السلطان لرعاياه ، وإن كانوا أمثالا له ، فسخّرهم بالدرجة . والقسم الآخر تسخير بالحال ، كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذبّ عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظه أموالهم وأنفسهم عليهم ،)
 
قال العبد : هذه المباحث ظاهرة ، والتقريب أنّ تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوّة ، ولهذا كان يعلم حقّهم ويرعاه ويراعيهم رعاية الراعي لغنمه ،
فمهما عاث فيه ذئب غريب قابله وقاتله ، كالسامري بالإحراق وتحريق العجل ،
أو شدّد على خليفته مخافة المخالفة كما فعل بأخيه هارون ،
وكلّ هذا تسخير لهم بما عنده من الله في عين ما هم مسخّرون له بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنياوية عرفوا ذلك أو لم يعرفوا ، إذ لا يعرفه إلَّا العارفون وما تعقّله إلَّا العالمون .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه : (فما هو معه في درجته فوقع التسخير من أجل الدرجات
والتسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخر اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر ، كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية ، وكتسخير السلطان لرعاياه وإن كانوا أمثالا له في الإنسانية فسخرهم بالدرجة . والقسم الآخر تسخير بالحال ، كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظ أموالهم وأنفسهم عليهم)
فما هو معه في درجته فوقع التسخير من أجل الدرجات
 
والظاهر أن تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوة ، ولهذا كان يعلم حقهم ويراعيهم رعاية فكلما عاث فيهم ذئب كالسامرى قاتله وقابله ورماه بالإمساس وتحريق العجل ،
وشدد على خليفته مخافة المخالفة ، فكما سخرهم في مراد الله بما عنده من الله من النبوة والسلطنة ،
سخروه بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنيوية ، عرفوا ذلك أو لم يعرفوا وما يعرفه إلا العارفون .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته ) أي ، فليس المتسخر مع المسخر في درجة واحدة ، بل هو في مرتبة ودرجة أدنى من درجته ( فوقع التسخير من أجل الدرجات)   
 
قال رضي الله عنه :  (والتسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخر - اسم فاعل - قاهر في تسخيره  لهذا الشخص المسخر ، كتسخير السيد لعبده - وإن كان مثله في الإنسانية - وكتسخير  السلطان لرعاياه - وإن كانوا أمثالا له في الإنسانية - فيسخرهم بالدرجة . والقسم
الآخر تسخير بالحال . كتسخير الرعايا الملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم
وقتال من عاداهم وحفظ أموالهم وأنفسهم عليهم .) أي ، مالكهم

وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا ، يسخرون بذلك مليكهم أي، مالكهم ويسمى على الحقيقة هذا التسخير تسخير المرتبة .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:51 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته ، فوقع التّسخير من أجل الدّرجات ، والتّسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخّر ، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشّخص المسخّر كتسخير السّيّد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانيّة ، وكتسخير السّلطان لرعاياه ، وإن كانوا أمثالا له في الإنسانيّة فيسخّرهم بالدّرجة ، والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرّعايا للملك القائم بأمرهم في الذّبّ عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظه أموالهم وأنفسهم عليهم ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى ما بين البهائم من التحريش ؛ لأنها أمثال ) لا لأمر آخر ، ( فالمثلان ) إذا لم يكن منهما موجب تسخير ( ضدان ) لا يمكن أن ينقاد أحدهما للآخر أبدا ؛ ( ولذلك ) أي : ولكون المثلين ضدين ، والأشياء إما أمثال أو أضداد
قال رضي الله عنه :  ( قال تعالى :وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ") [ الأنعام : 165 ] ؛ لتعارض موجب التسخير موجب الإبائية ، وإذا ارتفعت الدرجات لم تبق المثلية المانعة من الانقياد ؛ لأنه وإن كان مثله في الإنسانية .
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته ) ، فزالت المثلية المانعة ، ( فوقع التسخير من أجل الدرجات ) المقتضية له كأنه لا تعارض بينهما حينئذ ، ووقوع التسخير من أجل الدرجات لا يستلزم كون الأرفع هو المسخر اسم الفاعل أبدا ، بل قد يكون بالعكس ،
وذلك أن ( التسخير على قسمين تسخير مراد للمسخر اسم فاعل ) ، واسم الفاعل فيه أرفع درجة ؛ لأنه ( قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر ) اسم المفعول ، وإن كان هذا المسخر له فضيلة أخرى يرفع بها على اسم الفاعل ( كتسخير السيد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانية ) الجامعة للكمالات كلها فالقهر درجة اختص بها السيد فيرفع بها عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وكتسخير السلطان لرعاياه ) إذ يجب عليهم طاعته ، وإن صح تصرفهم دون إذنه بخلاف العبد ، فالرعايا ( وإن كانوا أمثالا له في الإنسانية ) الجامعة شرائط الإمامة ، ( فيسخرهم بالدرجة ) وإن لم يكن فيه فضيلة أخرى ، إذ يرتفع بالدرجة عليهم ( والقسم الآخر ) يكون الأدنى مسخرا اسم فاعل للأرفع ، وهو ( تسخير بالحال ) لا بالإرادة ( كتسخير الرعايا للملك ) مسخّرونه لانتظام أمورهم ،
إذ هو ( القائم بأمرهم في الذّب ) أي : دفع الظلمة ( عنهم وحمايتهم ) عن السراق والقطاع للطريق ، ( وقتال من عاداهم ) من الكفار والبغاة ،
( وحفظ أموالهم وأنفسهم ) عمن يريدها بلا حق ، وهذا كله تسخير بالحال لا بالإرادة ؛ لأنه إنما يكون بالقوة الظاهرة ، وليس لآحاد الرعية ذلك ، فهو تسخير من الرعايا ، وإن كانوا مسخرين للملك بالقهر والدرجة ، فهم يسخرون بذلك ملكهم بالمرتبة ليحفظ بحفظه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته ) ، فتلك الأمور الجامعة مع أنّها أوصاف حقيقيّة ونسب ذاتيّة ما أثرت تأثير نسبة الدرجة التي هي اعتبارية محضة .
وفيه أيضا نكتة جمعيّة ، حيث أنّ الأثر إنما هو الأعدام وما يقربها .
( فوقع التسخير من أجل الدرجات ) .
 
التسخير على قسمين
قال رضي الله عنه  : (والتسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخّر - اسم فاعل - قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخّر ) على سبيل القصد والاختيار فمبدأ ذلك التسخير منه إمّا أن يكون المال ، ( كتسخير السيّد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانيّة ، و ) ، إمّا أن يكون الجاه ( كتسخير السلطان لرعاياه ، وإن كانوا أمثالا له يسخّرهم بالدرجة ) نفسها .
 
قال رضي الله عنه  : ( والقسم الآخر ) أي الذي ليس مرادا للمسخّر - اسم الفاعل – ( تسخير بالحال ) ، من غير قصد منه واختيار ، ( كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذبّ عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظه أموالهم وأنفسهم عليهم)
ثمّ إن مبدأ هذا التسخير عند الفحص عنه إنما هو مرتبة السلطنة ، فإنّها هي التي تقهر السلطان على ارتكاب ما التزم من المشاقّ ، لا الرعايا ولذلك
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته. فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فما هو معه في درجته ، فوقع التّسخير من أجل الدّرجات . والتّسخير على قسمين : تسخير مراد للمسخّر ، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشّخص المسخّر كتسخير السّيّد لعبده ، وإن كان مثله في الإنسانيّة ، وكتسخير السّلطان لرعاياه ، وإن كانوا أمثالا له في الإنسانيّة فيسخّرهم بالدّرجة . والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرّعايا للملك القائم بأمرهم في الذّبّ عنهم وحمايتهم وقتال من عاداهم وحفظه أموالهم وأنفسهم عليهم .)


قال رضي الله عنه :  ( معه ) ، أي مع المسخر اسم مفعول ( في درجته فوقع التسخير في الإنسان من أجل الدرجات والتسخير على قسمين : تسخير مراد ) على سبيل القصد والاختيار للمسخر اسم فاعل قاهر في تسخير لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية وكتسخير السلطان لرعاياه وإن كانوا أمثالا له في الإنسانية فيسخرهم بالدرجة . والقسم الآخر ) ،
الذي ليس مراد للمسخر اسم فاعل ( تسخير بالحال ) ، من غير قصد منه واختيار كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم وقتل من عاداهم وحفظ أموالهم وأنفسهم عليهم .)
 .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:51 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                                    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا كلّه تسخير بالحال من الرّعايا يسخّرون بذلك ملكهم ، ويسمّى على الحقيقة تسخير المرتبة .  فالمرتبة حكمت عليه بذلك . فمن الملوك من سعى لنفسه ، ومنهم من عرف الأمر فعلم أنّه بالمرتبة في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقّهم ، فآجره اللّه على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على اللّه في كون اللّه في شؤون عباده .
فالعالم كلّه مسخّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنّه مسخّر . قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ") [ الرحمن : 29 ] .
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا) المذكور (كله تسخير بالحال) الظاهر (من) جميع (الرعايا يسخرون بذلك) المذكور (ملكهم) ، أي سلطانهم الذي عاهدوه وعقدوا معه بيعة السلطنة على كل ذلك (ويسمى) ، أي هذا التسخير (على الحقيقة) ، أي حقيقة الأمر (تسخير المرتبة) فالمرتبة ، التي للواحد من الرعايا (حكمت عليه) ، أي على ذلك الواحد (بذلك) ، أي بتسخيره للملك والحاكم .
 
قال رضي الله عنه :  (فمن الملوك) غير العارف بأنه مسخر لرعاياه وهو من سعى في خدمة الرعية لنفسه ببلوغ حظها من إظهار الصولة والحمية وحفظ البلاء ليمدح على ذلك ومنهم ، أي الملوك من عرف الأمر وهو كونه مسخرا للرعايا فعلم في نفسه أنه ، أي ذلك الملك متسخر لرعاياه بالمرتبة المقتضية لذلك في تسخير رعاياه ، أي كونهم يسخرونه في جميع أمورهم فعلم من ذلك (قدرهم).
 
وعرف حقهم عليه فآجره اللّه ، أي إعطاء اللّه تعالى على ذلك الأمر القائم به مثل أجر العلماء العارفون (بالأمر على ما هو عليه) من الأنبياء وورثتهم وأجر مثل هذا المتسخر للمرتبة يكون أجره ذلك على اللّه تعالى كما قال نوح عليه السلام لقومه : (" فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ") [ يونس : 72 ] ،
وقال أيضا في موضع آخر : (" وَيا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مالًا إِنْ أَجرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ") [ هود : 29 ] ،
وقال هود عليه السلام : (" يا قَوْمِ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَ فَلا تَعْقِلُونَ ") ( 51 ) [ هود : 51 ] في كون اللّه ظاهرا في شؤون جمع شأن وهو الحال ، أي أحوال عباده المؤمنين به على الكشف منهم عن ذلك .
قال تعالى : ("وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ")[ يونس : 61 ] ،
 
قال رضي الله عنه :  (فالعالم) يفتح اللام (كله) محسوسه ومعقوله وموهومه (مسخر بالحال) الظاهر منه وهو الافتقار والاحتياج من لا يمكن شرعا (أن يطلق عليه) عندنا (اسم مسخّر) بصيغة اسم المفعول وهو اللّه تعالى لعدم ورود هذا الاسم له في الشرع (قال تعالى) مشيرا إلى ذلك ( " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ") [ الرحمن : 29 ] ، أي هو قائم بالشؤون كلها
 .
وقال سبحانه : (" سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ") ( 31 ) [ الرحمن : 31 ] ، يعني من القيام بجميع أحوالكم في الدنيا فيفرغ خلقنا لشؤونكم كلها ثم تقوم الساعة فنحاسبكم على جميع ما هو منسوب إليكم عندكم من أعمالكم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا ) المذكور ( كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون بذلك مليكهم ويسمى ) هذا التسخير ( على الحقيقة تسخير المرتبة ) وأما على الظاهر فتسخير بالحال ( فالمرتبة حكمت عليه ) أي مرتبة الرعية حكمت على الملك.
 
قال رضي الله عنه :  (بذلك فمن الملوك من سعى لنفسه ) وما عرف أن مرتبة الرعية تسخره في ذلك الأمر ( ومنهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخيره رعاياه فعلم قدرهم وحقهم فآجره اللّه ) أي أعطى اللّه ذلك الملك العالم العامل .
 
قال رضي الله عنه :  ( على ذلك ) العلم والعمل ( أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا ) العمل الذي ( يكون على اللّه في كون اللّه في شؤون عباده ) فمثل هذا السلطان خليفة اللّه وقائم مقامه في قضاء حوائجهم فأجر هذا العمل على اللّه
قال رضي الله عنه :  ( فالعالم كله مسخر بالحال ) اسم الفاعل ( من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر ) اسم مفعول فاستحال على اللّه إطلاق هذا الاسم عند أهل الشرع وأما عند أهل الحقيقة فمجرد وجود المعنى يجوز إطلاق اسم ذلك المعنى على اللّه .
 
قال رضي الله عنه :  ( قال اللّه تعالى ) في ثبوت هذا التسخير بينه وبين عباده :" كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ " [ الرحمن : 29 ] ، من شؤون عباده ثم رجع إلى أصل المسألة فقال :


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).


قال رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك. فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده. فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر. قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).


ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه 
في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله: "وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) 
أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا كلَّه تسخير بالحال من الرعايا ، يسخّرون بذلك مليكهم ، ويسمّى على الحقيقة تسخير المرتبة ، فالمرتبة حكمت عليه بذلك ، فمن الملوك من سعى لنفسه ، ومنهم من عرف الأمر ، فعلم أنّه بالمرتبة في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقّهم ، فآجره الله على ذلك أجرة العلماء بالأمر على ما هو عليه ، وأجر مثل هذا يكون على الله ، من كون الله في شؤون عباده ، فالعالم كلَّه يسخّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه اسم مسخّر ، قال الله تعالى :   " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ ".). [ الرحمن : 29 ]
 
قال العبد : هذه المباحث ظاهرة ، والتقريب أنّ تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوّة ،
ولهذا كان يعلم حقّهم ويرعاه ويراعيهم رعاية الراعي لغنمه ،
فمهما عاث فيه ذئب غريب قابله وقاتله ، كالسامري بالإحراق وتحريق العجل ،
أو شدّد على خليفته مخافة المخالفة كما فعل بأخيه هارون ،
وكلّ هذا تسخير لهم بما عنده من الله في عين ما هم مسخّرون له بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنياوية عرفوا ذلك أو لم يعرفوا ،
إذ لا يعرفه إلَّا العارفون وما تعقّله إلَّا العالمون .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم ويسمى على الحقيقة تسخير المرتبة فالمرتبة حكمت عليه بذلك ، فمن الملوك من سعى لنفسه ، ومنهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه فعلم قدرهم وحقهم ، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه ، وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شؤون عباده ، فالعالم كله يسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر. قال تعالى : " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ". ).
 
والظاهر أن تسخير موسى لقومه كان بمرتبة النبوة ، ولهذا كان يعلم حقهم ويراعيهم رعاية فكلما عاث فيهم ذئب كالسامرى قاتله وقابله ورماه بالإمساس وتحريق العجل ،
وشدد على خليفته مخافة المخالفة ، فكما سخرهم في مراد الله بما عنده من الله من النبوة والسلطنة ، سخروه بالحال على أن يسعى عند الله في مصالحهم الدينية والدنيوية ،
عرفوا ذلك أو لم يعرفوا وما يعرفه إلا العارفون .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا ، يسخرون بذلك مليكهم ) أي ، مالكهم . ( ويسمى على الحقيقة هذا التسخير تسخير المرتبة . فالمرتبة.) أي، فمرتبة الرعية .
قال رضي الله عنه :  ( حكمت عليه بذلك . فمن الملوك من سعى لنفسه ) وما عرف أن مرتبة رعيته تسخره في ذلك.
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من عرف الأمر : فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقهم ، فآجره الله على ذلك أجرة العلماء بالأمر على ما هو عليه . ) أي ، أعطاه الله من جنس ثواب العلماء لعلمه بالمسألة .


قال رضي الله عنه :  ( وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شؤون عباده . ) أي ، لأن الله هو القائم على شؤون عباده وقضاء حوائجهم ، فإذا قام أحد بذلك لله ، لا لغرض نفسه ، وقع أجره على الله .
( فالعالم كله مسخر بالحال ) على صيغة الفاعل . ( من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر ) على صيغة المفعول. ( قال الله تعالى : "كل يوم هو في شأن".) وليس ذلك إلا شؤون عباده
ولا يتوهم أن غيره يسخره تعالى عن ذلك ، بل كل ما يطلق عليه اسم الغير ، فهو من حيث الوجود والحقيقة عين الحق كما عرفت مرارا وإن كان من
حيث التقيد والتعين مسمى بالغير .

فالحق هو المسخر لنفسه بحسب شؤونه وتجلياته لا غيره .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:52 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).


قال رضي الله عنه :  ( وهذا كلّه تسخير بالحال من الرّعايا يسخّرون بذلك ملكهم ، ويسمّى على الحقيقة تسخير المرتبة ).
 
والقسم الآخر يكون الأدنى مسخرا اسم فاعل للأرفع ، وهو ( تسخير بالحال ) لا بالإرادة ( كتسخير الرعايا للملك ) مسخّرونه لانتظام أمورهم ، إذ هو ( القائم بأمرهم في الذّب ) أي : دفع الظلمة ( عنهم وحمايتهم ) عن السراق والقطاع للطريق ، ( وقتال من عاداهم ) من الكفار والبغاة ، ( وحفظ أموالهم وأنفسهم ) عمن يريدها بلا حق ،
( وهذا كله تسخير بالحال ) لا بالإرادة ؛ لأنه إنما يكون بالقوة الظاهرة ، وليس لآحاد الرعية ذلك ، فهو تسخير ( من الرعايا ) ، وإن كانوا مسخرين للملك بالقهر والدرجة ، فهم ( يسخرون بذلك ملكهم ) بالمرتبة ليحفظ بحفظه .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمرتبة حكمت عليه بذلك ، فمن الملوك من سعى لنفسه ، ومنهم من عرف الأمر فعلم أنّه بالمرتبة في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقّهم ، فآجره اللّه على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على اللّه في كون اللّه في شؤون عباده ، فالعالم كلّه مسخّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنّه مسخّر ، قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [ الرحمن : 29 ] ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالمرتبة ) وإن كانت دنية ( حكمت عليه بذلك ) الحفظ والحاكم على الشيء مسخر له ، وإذا كان الملك مسخرا للرعايا بالدرجة وهم مسخرون له بالمرتبة ، انقسم سعي الملوك في الذّب والحماية والقتال وغيرها إلى قسمين ، ( فمن الملوك من سعى لنفسه ) لحفظ درجته فلا أجر له ، بل قد يكون عليه الوزر لو أراد التكبر على عباد اللّه تعالى ؛ وذلك لجهله ، ( ومنهم من ) سعى لحفظ مرتبة الرعايا إذ ( عرف الأمر ) أي : المقصود من درجة السلطة ، 
( فعلم أنه بالمرتبة ) التي لرعاياه من حيث عدم استقلال كل واحد منهم بأمره ( في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم ) بأن لهم رتبة حاكمة عليه بالذّب والحماية والقتال ، ( وحقهم ) اللازم عليه ، فيقصد بذلك أداء حقهم ( فآجره اللّه ) بتقريبه من جنابه ، وإظلاله تحت ظله كما ورد :
« سبعة يظلهم اللّه في ظله يوم لا ظل إلا ظله : إمام عدل ، وشاب نشأ في عبادة اللّه ، ورجلان تحابا في اللّه اجتمعا عليه وافترقا عليه ، ورجل دعته امرأة ذات حسن وجمال ،
فقال : إني أخاف اللّه ، ورجل معلق قلبه بالمسجد إذا خرج عنه حتى يرجع إليه ، ورجل يتصدق بصدقة فلا تدري شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر اللّه خاليا ففاضت عيناه » رواه البخاري ومسلم.
 
قال رضي الله عنه :  ( على ذلك ) السعي ( أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه ) ، إذ جمعوا بين العلم والعمل ، ( وأجر مثل هذا يكون على اللّه ) بتقريبه منه ؛ لأنه تشبه باللّه ( في كون اللّه في شؤون عباده ) وهو أيضا في مشائهم ، وإذا كانت الرعايا مسخرة للملك بالحال ونسبة العالم إلى اللّه نسبة الرعايا إلى الملك ،
قال رضي الله عنه :  ( فالعالم كله ) وإن كان بعضه في غاية الحقارة ( مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر ) اسم مفعول ؛ لئلا يتوهم كونه مقهور الآن التسخير بذلك الوجه هو المشهور إلا أن هذا الوجه تحقق في الحق ، وإن لم يطلق عليه هذا اللفظ ،
إذ ( قال اللّه تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [ الرحمن : 29 ] ) ، وإذا كان للعالم تسخير الحق بالحال والرتبة مع كونه مسخرا له وللإنسان سيما الكمّل ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
وهذا كلَّه تسخير بالحال من الرعايا يسخّرون بذلك ملوكهم ).
ثمّ إن مبدأ هذا التسخير عند الفحص عنه إنما هو مرتبة السلطنة ، فإنّها هي التي تقهر السلطان على ارتكاب ما التزم من المشاقّ ، لا الرعايا ولذلك
 
قال رضي الله عنه  : : ( ويسمّى على الحقيقة تسخير المرتبة ، فالمرتبة حكمت عليه بذلك ، فمن الملوك من سعى لنفسه ) ذاهلا عمّا حكم عليه المرتبة من تسخيره لرعاياه ( ومنهم من عرف الأمر فعلم أنّه في المرتبة ) مقهور تحت حكمها ( في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقّهم ، فآجره الله على ذلك ، أجر العلماء بالأمر ) أي الظاهر من الأمور كالأفعال وأحكامها ، على ما نبّهت عليه في صدر الكتاب ، عند تحقيق معنى الأمر ، فإنّهم إذا علموا الأمر ( على ما هو عليه ) لا بدّ وأن يحكم عليهم تلك المرتبة بإظهار تلك الأحكام وإثباتها وتفهيمها للعامّة ، حتى يتلقّوها بالقبول ( وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شؤون عباده ) كالسلطان في شؤون رعاياه .
 
قال رضي الله عنه  : ( فالعالم كلَّه يسخّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه اسم إنّه مسخّر ) ، بناء على الأصل الممهّد من أنّ أسماء الحقّ ما يدلّ على التأثير مما يتبع أحكام الوجوب الذاتي ، إلا أنّه لما كان باعتبار هويّته الإطلاقيّة ربّا للعالمين كان مسخّرا بالحال للعالم تعالى عن ذلك .
 
ولذلك قال : ( قال تعالى : " كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ "  ) [ 55 / 29 ] ، وما قال : « الله في شأن » ، ولا غيره من الأسماء المختصّة به .
 
حكمة عدم تنفيذ هارون ما أنفذه موسى في العجل
ثمّ إنّ موسى له تسخير سلطنة النبوّة على بني إسرائيل ، كما أنّه هو المسخّر بالحال تحت قيامه بأمرهم وحفظه صورة جمعيّتهم . ولذلك لما رجع وفرغ من إنفاذ حكم ذلك التسخير ، أخذ في إنفاذ حكم التسخّر بالتشدّد على خليفته هارون وحرق العجل ، وقلع آثاره في العين .
على ما وقع في خلافة هارون ما كان منكرا في نظر كمال موسى كلّ الإنكار ، بل كان معذورا فيه كما سبق .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده.
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنه مسخر.
قال تعالى «كل يوم هو في شأن». ).
 
قال رضي الله عنه :  ( وهذا كلّه تسخير بالحال من الرّعايا يسخّرون بذلك ملكهم ، ويسمّى على الحقيقة تسخير المرتبة .)
وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون بذلك مليكهم ويسمى هذا التسخير على الحقيقة تسخير المرتبة  ، أي مرتبة الرعية.


قال رضي الله عنه :  ( فالمرتبة حكمت عليه بذلك . فمن الملوك من سعى لنفسه ، ومنهم من عرف الأمر فعلم أنّه بالمرتبة في تسخير رعاياه ، فعلم قدرهم وحقّهم ، فآجره اللّه على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على اللّه في كون اللّه في شؤون عباده . فالعالم كلّه مسخّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه أنّه مسخّر . قال تعالى : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [ الرحمن : 29 ] . )


قال رضي الله عنه :  ( فالمرتبة ) ، أي مرتبة الرعية ( حكمت عليه بذلك ، فمن الملوك من سعى لنفسه ) ، وما علم أن مرتبة رعيته حكمت عليه بالتسخير ( ومنهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه . فعلم قدرهم وحقهم فآجره اللّه على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على اللّه ) ، لنيابته عن اللّه
قال رضي الله عنه :  ( في كون اللّه في شؤون عباده ) ، فإذا قام بذلك وقضى حوائجهم للّه لا لغرض نفسه فأجره على من ينوب هو منابه ( فالعالم كله مسخر بالحال ) ، على صيغة اسم الفاعل ( من لا يمكن أن يطلق عليه اسم مسخر ) على صيغة المفعول بناء على أن أسماء الحق من حيث إلّيته ما يدل على التأثير لا على التأثر إلا أنه لما كان باعتبار هويته في شأن عباده كان مسخرا بالحال بهذا الاعتبار
ولذلك ( قال تعالى :كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [ الرحمن : 29 ] حيث أتى بضمير الغائب الدال على هويته دون الأسماء الألوهية كالاسم اللّه  والرحمن وغيرهما من الأسماء المختصة به.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:53 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                                  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوّة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتّسليط على العجل كما سلّط موسى عليه ، حكمة من اللّه ظاهرة في الوجود ، ليعبد في كل صورة . وإن ذهبت تلك الصّورة بعد ذلك فما ذهبت إلّا بعدما تلبّست عند عابدها بالألوهيّة .
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلّا وعبد إمّا عبادة تألّه وإمّا عبادة تسخير فلا بدّ من ذلك لمن عقل).
 
قال رضي الله عنه :  (فكان عدم قوّة إرداع) ، أي منع وزجر (هارون) عليه السلام لعابدي العجل من قومه (بالفعل) المقتضي للكف عن ذلك أن تنفذ تلك القوة منه (في أصحاب العجل بالتسليط) ، أي التوجه بالقهر والاستيلاء والقدرة والغضبية (على العجل كما سلط موسى) عليه السلام ، أي سلط اللّه تعالى عليه ، أي على العجل فحرقه ونسفه في البحر نسفا حكمة خبر كان من اللّه تعالى ظاهرة لكل من له بصيرة في هذا الوجود ليعبد ،
 
أي اللّه تعالى متجليا ظاهرا (في كل صورة وإن ذهبت) ، أي فنيت واضمحلت تلك الصورة التي ظهر بها وعبد فيها بعد ذلك ، أي بعد عبادته فيها فما ذهبت ، أي تلك الصورة إلا بعد ما تلبست ، أي اتصفت (عند عابدها بالألوهية ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك (ما بقي نوع من الأنواع) المخلوقة من أنواع الحيوان والنبات والجماد إلا وعبد بالبناء للمفعول ، أي عبده العابدون إما عبادة تأله ،
أي كونه إلها من دون اللّه تعالى (وإما عبادة تسخير) كما سبق في القسمين المذكورين (ولا بد من ذلك) الأمر الذي وقع (لمن عقل) باعتبار ظهور اللّه تعالى في كل شيء واستتاره بحكم النفوس ، فالقلب يقول إنه الإله الموجود والتأثير الظاهرين في كل شيء والنفس تقول ليس هو الإله للصورة الحسية والمعنوية ، فإذا غلب القلب عرف فاعترف ومن بحر المعرفة اغترف وإذا غلبت النفس أنكر فكره ووجه الحق عنه استتر .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع ) أي عدم تأثير منع ( هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه السلام ) أي العجل بالحرق والنسف ولم يقدر هارون بالفعل كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( حكمة من اللّه ) خبر كان ( ظاهرة في الوجود ليعبد ) الحق في كل صورة نوعية من الأنواع وإنما قيدنا بذلك القيد إذ لا يعبد الحق ( في كل صورة ) شخصية بل يعبد في صورة شخص من كل نوع ( وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك ) أي بعد عبادة الحق فيها ( فما ذهبت ) الصورة ( إلا بعد ما تلبست عند عابرها بالألوهية ولهذا ) أي ولأجل اقتضاء الحكمة أن يعبد الحق في كل صورة ( ما بقي نوع من الأنواع إلا وقد عبد الحق ) في صورة فرد من أفراد ذلك النوع .
 
قال رضي الله عنه :  ( إما عبادة تأله ) كما في العجل والأصنام والشمس والقمر والنار ( وإما عبادة تسخير ) كما مر في تحقيق التسخير ( فلا بد من ذلك ) العبادة إما تألها وإما تسخيرا ( لمن عقل ) عن اللّه فإنه يعلم ما قلناه ويميز المراتب فالأمر في هذا المقام منقسم بين العابد والمعبود والمعبود لا يكون معبودا إلا بعد الظهور بالرفعة عند عابدة وهذا معنى قوله


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير. فلا بد من ذلك لمن عقل.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة. وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية. ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير. فلا بد من ذلك لمن عقل.   )


ونسب موسی عليه السلام، إلى أنه علم الحقيقة في الواقعة إلا أنه ما يثبت حتى أحرق العجل 
وأنه لم يحرقه لعدم معرفته بظهور الربوبية بصورة عجل، فإنه لا ينكر ذلك لكنه تصرف فيه لأنه جسد أو حيوان وكلاهما مسخر للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه 
في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) 
أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل.   )


قال رضي الله عنه  : ( فكان عدم إرداع قوّة هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل ، كما سلَّط موسى عليه ، حكمة من الله ، ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك ، فما ذهبت إلَّا بعد ما تلبّست عند عابدها بالألوهة ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلَّا وعبد إمّا عبادة تألَّه أو عبادة تسخير ، ولا بدّ من ذلك لمن عقل ) .
 
يشير رضي الله عنه:  إلى أنّه لمّا كان الحق المعبود الموجود الذي   ( أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه ُ )   قد ظهر بنور الوجود الحق في كل نوع من هذه الأنواع وفي كل شخص فلا بدّ أن يعبد في تلك الصورة - إمّا عبادة عبد لإلهه أو عبادة تسخير ،
كما عبدت عبدة الأصنام الحجر والشجر والشمس والقمر - لكون الإلهية ذاتية للوجود الحق .
والعبادة التسخيرية ليس لها اسم العبادة ، وهي مخصوصة بالتألَّه عرفا ،
والعبادة والعبودة متحقّقة في الوجهين بالاعتبارين ، فإنّك عبد من ظهر عليك سلطانه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل.   )
 
قال رضي الله عنه : ( فكان عدم قوة ادراع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه حكمة من الله ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة ، وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية ، ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد ، إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير ، فلا بد ذلك لمن عقل ) .
 
يعنى أن الحق المعبود المطلق الذي أمر أن لا يعبد إلا إياه لما ظهر بنور الوجود في كل نوع من الأنواع بل في كل شخص ،
لزم أن يعبد في تلك الصورة إما عبادة عبد لإلهه ، وإما عبادة تسخير ، كما عبدت عبدة الأصنام الحجر والشجر والشمس والقمر ،
 لكون الإلهية ذاتية للوجود الحق ، وعبادة التسخير ليس لها اسم العبادة عرفا لأنها مخصوصة بمن تأله لكن العبودية متحققة في القسمين .
 فإنك عبد لمن ظهر عليك سلطانه .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل ، كما سلط موسى ، عليه السلام ، عليه حكمة من الله ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة . وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك ، فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية . )
أي ، عدم تأثير هارون في منعهم عن عبادة العجل وعدم تسلطه عليهم ، كما تسلط موسى عليهم ، كان حكمة من الله ظاهرة في الوجود الكوني ، ليكون معبودا في صور الأكوان كلها . وإن كانت هذه الصور ذاهبة فانية ، كان ذهابها وفناؤها إنما هو بعد التلبس بالألوهية عند عابدها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ، ولأجل أنه أراد أن يعبد في كل صورة . ( ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد : إما عبادة تأله ، وإما عبادة تسخير . فلا بد من ذلك لمن عقل . )
أما العبادة بالإلهية ، فكعبادة الأصنام وغير ذلك من الشمس والقمر والكواكب والعجل .
وأما العبادة بالتسخير ، فكما يعبدون الأموال وأصحاب الجاه والمناصب .
 
وإنما قال رضي الله عنه  : ( فلا بد من ذلك لمن عقل ) لأن التسخير والتسخر واقع بين جميع مراتب الوجود ، ولا يقع الارتباط بين الموجودات إلا بهما ، بل بين الخلق والحق أيضا بهما ، إذ لا بد من الافتقار ، وهو يعطى التسخير والتسخر لمن يعلم الحقائق.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:54 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير. فلا بد من ذلك لمن عقل.   )

قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوّة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتّسليط على العجل كما سلّط موسى عليه ، حكمة من اللّه ظاهرة في الوجود ، ليعبد في كلّ صورة ، وإن ذهبت تلك الصّورة بعد ذلك فما ذهبت إلّا بعد ما تلبّست عند عابدها بالإلوهية ) .
وإذا كان للعالم تسخير الحق بالحال والرتبة مع كونه مسخرا له وللإنسان سيما الكمّل ،

قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون ) مع كون هارون مشدودا به عضد أخيه ( بالفعل ) أي : التأثير بحيث يكون لإرداعه ( أن ينفذ في أصحاب العجل ) ، فيتأثروا به ( بالتسليط على العجل ) بإحراقه ونسف رماده في اليم ، ( كما سلط موسى عليه السّلام ) من حيث تسخير ما دون الإنسان للإنسان ( حكمة من اللّه ) يحكم بها أمر عباده وأمر إلهيته ( في الوجود ) .

وإن لم تكن حكمة في الشرع ؛ فإنه إنما لم يسلط هارون أولا ليعبد فيه ، ثم سلط عليه موسى ليعلم بطلان إلهيته ، وإنه إنما عبد لكونه من مظاهره ، فإنه إنما ظهر في هذه الصور ( ليعبد في كل صورة ) تعبده فيها المحجوبون ، وإن لم يقصدوا عبادته بل عبادة الصورة ، ( وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك ) ، فإن ذهابها لا يدل على عدم ظهور الحق فيها حين عبدت ،

قال رضي الله عنه :  ( فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابديها بالألوهية ) مع أنها ليست بإله ، فلا أقل من ظهور الإله فيها ، وظهور الصورة في المرآة موهم عند المحجوب كون تلك الصورة صورة المرآة ، فيعبدها عنه رؤيته في تلك المرآة صورة كاملة بظن إلهيتها ، وأقل وجوه الكمال كون المظهر مسخرا اسم فاعل .

قال رضي الله عنه :  (ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلّا وعبد إمّا عبادة تألّه وإمّا عبادة تسخير ؛ فلا بدّ من ذلك لمن عقل ،)

( ولهذا ما بقي نوع من ) ثلاثة أنواع ( الأنواع إلا وعبد إما عبادة تألّه ) إن كانت الصورة الظاهرة في مرآته كاملة ، ( وإما عبادة تسخير ، ولا بدّ من ذلك ) أي : عبادة التسخير في الكاملة والقاصرة جميعا ، أقول ذلك ( لمن عقل ) ؛
لكن عبادة التأله لا تكون إلا عند ظهور الكمال ؛ وذلك لأنه ما عبده شيء من العالم عبادة تأله  إلا بعد التلبس بالرفعة ولو عند العابد لا في الواقع .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير. فلا بد من ذلك لمن عقل.   )

قال رضي الله عنه  : ( فكان عدم قوّة إرداع هارون بالفعل أن ينفّذ ) ذلك الإرداع ( في أصحاب العجل بالتسليط على العجل ) وإفنائه ( كما سلَّط موسى عليه ، حكمة من الله ظاهرة في الوجود ) - وأنت عرفت ما لهارون من النسبة الارتباطيّة والرقيقة الاتحاديّة إلى ظاهر الوجود حتى تصوّر في أيام خلافته صورة المعبود في العجل العاجل

قال رضي الله عنه  : ( ليعبد في كلّ صورة ، وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك ) عند إنفاذ حكم موسى عليها ، ولكن بعد أن عبدوه ، ( فما ذهبت إلا بعد ما تلبّست عند عابدها بالالوهيّة )

هو المعبود في كلّ صورة
قال رضي الله عنه  : ( ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلَّا وعبد . إمّا عبادة تألَّه ، وإمّا عبادة تسخير ) وبيّن أن ظهور الأعيان بأنواعها إنما هو لإظهار أحكامها وإنفاذ قهرمانها ، وذلك بأن يكون معبودا لهذا النوع الكمالي ، مطاعا أحكامها بالنسبة إليه ، ولو في شخص واحد منهم ( فلا بد من ذلك لمن عقل ) أنّ الغاية من الحركة الوجوديّة لا بدّ وأن يترتب على أعيان الوجود ،

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة من الله تعالى ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة.
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية.
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله وإما عبادة تسخير. فلا بد من ذلك لمن عقل.   )

قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوّة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتّسليط على العجل كما سلّط موسى عليه ، حكمة من اللّه ظاهرة في الوجود ، ليعبد في كلّ صورة . وإن ذهبت تلك الصّورة بعد ذلك فما ذهبت إلّا بعدما تلبّست عند عابدها بالألوهيّة . ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلّا وعبد إمّا عبادة تألّه وإمّا عبادة تسخير فلا بدّ من ذلك لمن عقل.)

قال رضي الله عنه :  ( فكان عدم قوة إرداع هارون بالفعل أن ينفذ ) ، أي بأن ينفذ إرداعه ( في أصحاب العجل بالتسليط ) ، أي تسليط هارون ( على العجل ) وإفنائه كما سلط موسى عليه حكمة من اللّه ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة .
وإن ذهبت تلك الصورة بعد ذلك فما ذهبت إلا بعدما تلبست عند عابدها بالألوهية ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله ) كعبادة الأصنام وغيرها من الشمس والقمر والكواكب .

قال رضي الله عنه :  ( وإما عبادة تسخير ) ، كعبادة أصحاب المناصب لأجل المال والجاه ( فلا بد من ذلك لمن عقل ) ، لأنه لا يقع الارتباط بين الموجودات إلا بافتقار بعضها لبعض وهو يستلزم التسخير والتسخر وذلك ظاهر لمن

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:54 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلّا بعد التّلبّس بالرّفعة عند العابد والظهور بالدّرجة في قلبه . ولذلك يسمّى الحقّ لنا برفيع الدّرجات ، ولم يقل رفيع الدّرجة . فكثّر الدّرجات في عين واحدة . فإنّه قضى أن لا نعبد إلّا إيّاه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كلّ درجة مجلى إليها عبد فيها . وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه « الهوى » كما قال :أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُفهو أعظم معبود ، فإنّه لا يعبد شيء إلّا به ، ولا يعبد هو إلّا بذاته . )

(وما عبد شيء من العالم) بفتح اللام أي المخلوق إلا بعد التلبس أي الاتصاف بالرفعة وعظمة الشأن والشرف عند العابد لذلك الشيء والظهور بالدرجة العالية في قلبه ، أي قلب ذلك العابد ؛ ولذلك ، أي لأجل ما ذكر تسمى الحق تعالى لنا في القرآن برفيع الدرجات .
قال تعالى : (" فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ ( 14 ) رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ") [ غافر : 14 -15 ].
ولم يقل تعالى رفيع الدرجة بالإفراد فكثر بالتشديد الدرجات ، أي جعلها كثيرة في عين ، أي ذات واحدة فإنه تعالى قضى ، أي حكم وألزم أن لا يعبد بالبناء للمفعول إلا إياه سبحانه كما قال تعالى : " وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ " [ الإسراء : 23 ] ،
وما قضى به وحكم وألزم واقع لا محالة عبادة واقعة عليه تعالى من جميع العابدين في درجات له كثيرة مختلفة في الحس والعقل والوهم أعطت كل درجة منها أي من تلك الدرجات مجلى ، أي مظهرا إلهيا ، أي منسوبا إلى الإله تعالى عبد ، أي اللّه تعالى فيه ، أي في ذلك المجلى الإلهي وأعظم مجلى ، أي مظهر عبد سبحانه وتعالى فيه لكمال ظهوره به وأعلاه ، أي أعلى مجلى وأرفعه الهوى ، أي الميل النفساني بقصد الحظوظ العاجلة

كما قال) تعالى (أفرأيت) بالخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم تنبيها على ما يعجب منه غاية العجب (من اتخذ) ، أي جعل في نفسه إلهه ، أي معبوده الذي يعبده أي ينقاد إليه ويطيعه ويذل له غاية الذل (هواه) ،
أي ميله النفساني إلى أغراضه العاجلة ، فإذا حكم عليه هواه بالميل إلى شيء أطاع هواه ، وانقاد إليه وذل لحكمه غاية الذل ولا يقدر على مخالفته ولا الامتناع منه أصلا وهم أهل الغفلة عن شهود اللّه تعالى في كل شيء المحجوبون بحجب الأغيار عن رؤية وجوه الأسرار واستجلاء لوامع الأنوار فهو ، أي الهوى أعظم معبود من دون اللّه تعالى في قلوب أهل الاغترار باللّه تعالى الذين يظنون أنهم يعبدون اللّه تعالى وهم لا يعبدون إلا الهوى فإنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا فإنه ، أي الهوى لا يعبد شيء من الأشياء إلا به فكل شيء معبود من دون اللّه تعالى ما عبد إلا بالهوى ولا يعبد هو ، أي الهوى إلا بذاته لا بشيء غيره لأحدية ذاته وعدم تركبها كما سيأتي .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد و ) بعد ( الظهور بالدرجة في قلبه ولذلك ) أي ولأجل عدم عبادة المعبود إلا بعد ظهور بالدرجة في قلب العابد .

قال رضي الله عنه :  ( يسمى الحق لنا برفيع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة فكثر ) من التكثير الدرجات في عين واحدة فإنه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قالأَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُفهو أعظم معبود ) وإنما كان الهوى أعظم معبود ( فإنه لا يعبد شيء إلا به ) أي بالهوى حتى الحق لا يعبد إلا به.
 قال  رضي الله عنه :  ( ولا يعبد هو ) أي ولا يعبد الهوى ( إلا بذاته وفيه ) أي في حق الهوى


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة. فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها. وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،) 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله: "وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) 
أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال رضي الله عنه  : ( وما عبد شيء من العالم إلَّا بعد التلبّس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه ، ولذلك يسمّى الحق لنا بـ  " رَفِيعُ الدَّرَجاتِ " ولم يقل : رفيع الدرجة ،
فكثّر الدرجات في عين واحدة ، فإنّه قضى أن لا يعبد إلَّا إيّاه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كلّ درجة مجلى إلهيّا عبد فيها ، وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى ،كما قال :" أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَه ُ هَواه ُ "[ الجاثية : 23 ] ، فهو أعظم معبود ، فإنّه لا يعبد شيء إلَّا به ، ولا يعبد هو إلَّا بذاته)
 
قال العبد : يشير رضي الله عنه  إلى أنّ عبودتي التألَّه والتسخير لا تكونان من العابد لأيّ معبود كان إلَّا بهواه ، فما عبد إلَّا الهوى ، فهو الصنم والجبت والطاغوت الحقيقي لمن يرى غير الحق في الوجود .
وأمّا عند العارف فهو أعظم تجلّ أو أعظم مجلى عبد فيه ، وهو باطن أبدا لا يظهر بالعين إلَّا في الأصنام وكلَّيات مراتبه بعد الأنواع المعبودة ، وهي وإن كثرت فقد أشرنا إلى أمّهاتها في الفصّ النوحي ، فانظرها فيه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال الشيخ رضي الله عنه : ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد ، والظهور بالدرجة في قلبه ، ولذلك يسمى الحق لنا برفيع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة فكثر الدرجات في عين واحدة ، فإنه قضى ألا نعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها ، وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى ، كما قال – " أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَه هَواه " فهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شيء إلا به ، ولا يعبد هو إلا بذاته  )

يعنى أن كلمتي العبوديتين :
عبودية التأله وعبودية التسخير لا تكون من العابد لأي معبود كان إلا لهواه ، فما عبد إلا الهوى فهو الصنم والجبت والطاغوت الحقيقي لمن يرى غير الحق في الوجود .
وأما عند العارف فهو أعظم مجلى عبد فيه ، وهو باطن أبدا لا يظهر بالعين إلا في الأصنام ، وكليات مراتبه بعدد الأنواع المعبودة كما ذكر بعضها في الفص النوحى .

"" أضاف بالى زاده :
كما سلط موسى على العجل بالحرق والنسف ، ولم يقدر هارون بالفعل كذلك حكمة من الله خبر كان ظاهرة في الوجود ليعبد الحق في كل صورة نوعية من الأنواع ، وإنما قيدنا ذلك إذ لا يعبد الحق في كل صورة شخصية بل يعبد في صورة شخص من كل نوع .أهـ بالى زاده ""

ولولا الهوى الحب الباطن المعين في القلب ما عبد الهوى الظاهر في النفس لأنه عينه تنزل عن التعين القلبي إلى التعين النفسي مع أحدية عينه في الكل .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)

قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شئ من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه ، ولذلك تسمى الحق ) أي ، سمى الحق نفسه

قال رضي الله عنه :  ( لنا ب‍ "رفيع الدرجات " ، ولم يقل : رفيع الدرجة . فكثر الدرجات في عين واحدة ، فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة ، أعطت كل درجة مجلي إلهيا عبد فيها . وأعظم مجلي عبد فيه وأعلاه " الهوى " . )
كما قال : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) فهو أعظم معبود ، فإنه لا يعبد شئ إلا به ) أي ، بالهوى .

قال رضي الله عنه :  (ولا يعبد هو إلا بذاته . ) أي ، الحق في مرتبة ألوهيته لا يعبد إلا بذاته ، فإنه معبود بالذات لكل ما سواه . وأما في مراتب الصور الكونية ، فليس معبود إلا بواسطة سلطان الهوى على العابد ومحبته في قلب العابد له . فإن جميعها ممكن ليس لأحد منها الوجوب الذاتي المستعبد لغيره بذاته .

.
بتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:55 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-                                 الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)
 
قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلّا بعد التّلبّس بالرّفعة عند العابد والظّهور بالدّرجة في قلبه ، ولذلك يسمّى الحقّ لنا برفيع الدّرجات ، ولم يقل رفيع الدّرجة ، فكثّر الدّرجات في عين واحدة ؛ فإنّه قضى ألا نعبد إلّا إيّاه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كلّ درجة مجلى إلهيّا عبد فيها ، وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه « الهوى » كما قال :أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [ الجاثية : 23 ] ، فهو أعظم معبود ، فإنّه لا يعبد شيء إلّا به ، ولا يعبد هو إلّا بذاته ).
 
أقول ذلك لمن عقل ؛ لكن عبادة التأله لا تكون إلا عند ظهور الكمال ؛ وذلك لأنه
( ما عبده شيء من العالم ) عبادة تأله ( إلا بعد التلبس بالرفعة ) ولو ( عند العابد ) لا في الواقع ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولظهور الحق في كل معبود بالباطل بدرجة رفيعة عند عابده ( تسمى الحق لنا برفيع الدرجات ) ؛ ليعلم أن إلهيته بتلك الدرجات كلها لا بدرجة واحدة مع عدم بقية الدرجات ؛ لأنه نقص مناف للإلهية ، ( ولم يقل : رفيع الدرجة ) ، وإن كانت واحدة تقتضي وحدة الصف ، كما قلنا في علمه وقدرته وكلامه : إنه بالعلم الواحد يعلم جميع المعلومات ، وبالقدرة الواحدة يقدر على جميع الممكنات ، وبالكلام الواحد ينطق بكل ما يريد ؛ لئلا يتوهم أن إلهيته بدرجة واحدة ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكثرت الدرجات في عين واحدة ) بالظهور في هذه المظاهر ليعبده بعضهم في الدرجة الجامعة للدرجات ، ويعبده بعضهم وهم المحجوبون باعتبار ظهوره في بعض الدرجات ،
قال رضي الله عنه :  ( فإنه قضى ) أي : حكم ( أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[ الإسراء : 23 ] في درجات كثيرة مختلفة ) يختص بعضها بالموحدين ، وبعضها بالمشركين المحجوبين ؛ لأنها ( أعطت كل درجة مجلى إلهيّا ) أوهم القاصرين إلهيته إبهام ظهور الشمس في المرآة شمسيتها مع أنها في المرآة لا يشرق العالم ؛ ولذلك ( عبد فيها ) ليكون معبودا من كل وجه كمال .
 
قال أهل السنة : إن اللّه يريد الكفر من الكافر ، وقد قال تعالى :" وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ " [ الذاريات : 56 ]، فإن كان من لا يعبد شيئا ، فلا أقل من أن يكون عابدا لهواه ، ( وأعظم مجلى عبد فيه ) الحق عبادة باطلة ( وأعلاه الهوى ) ، وكيف لا وهو سبب عبادة كل معبود باطل ، وهو معبود بالذات ،
( كما قال تعالى ) في حق عبدة المجالي : ( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ[ الجاثية : 23 ] ) ، فعبد بأمره ما عبد من الأصنام وغيرها ، ( فهو أعظم معبود ) باطل كان عابده وحده عابدا لجميع المعبودات الباطلة ،
قال رضي الله عنه :  ( فإنه لا يعبد شيء إلا به ) أي : مقرونا بعبادته فهذه عظمته ، ( ولا يعبد هو إلا بذاته ) ، وهذا علوه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)
 
قال رضي الله عنه  : ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبّس بالرفعة عند العابد ) في الخارج ، ( والظهور بالدرجة ) الكماليّة العزيزة ( في قلبه ، ولذلك تسمّى الحقّ ) نفسه ( لنا بـ " رَفِيعُ الدَّرَجاتِ “  [ 40 / 15 ] ، ولم يقل : « رفيع الدرجة » فكثّر الدرجات في عين واحدة ) بالوحدة الحقيقيّة ، التي لا وجه للتكثّر فيها أصلا ، لما في المعبودين من التخالف في وجوه عبودتهم ، وذلك هو المستلزم لتباعد جهات العباد في قبلة عبادتهم ووجهة طاعتهم .
 
وكل ذلك حق " وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها "  ( فإنّه قضى أن لا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيّا عبد فيها ) وتلك المجالي متفاوتة بحسب العلوّ والإحاطة تسخيرا وتألَّها . "قال تعالى :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ[ الإسراء : 23 ]"
 
أعظم مجلى عبد الحقّ فيه الهوى
قال رضي الله عنه  : ( وأعظم مجلى عبد فيه ) تسخيرا ( وأعلاه ) تألها ( الهوى ، كما قال :"أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَه ُ هَواه ُ "  ) [ 45 / 23 ] ، حيث أطلق عليه اسم « الإله » ،
( فهو أعظم معبود ، فإنّه لا يعبد شيء إلَّا به ، ولا يعبد هو إلَّا بذاته ) ، وذلك لأنّ الهوى عبارة عن الميل الطبيعي نحو مستلذّات الطبيعة ،
 
من استيفاء حكم الشهوة والغضب وما يندرج فيهما ، مما يترتّب ذلك عليه ، كحبّ المال والجاه وغيرهما وبيّن أنّ كل من يعبد شيئا ويخضعه ويطيعه إنما يعمل ذلك لتصوّر توقّف شيء من ذلك عليه وطمعه منه فذلك الميل هو الباعث على تلك العبادات في صورها المتخالفة ، بحسب تخالف المعبودين ،
 
فالمعبود لا يعبد إلَّا به ، وهو المعبود لذاته في صور عبادات العابدين ، طمعا في الجنّة ، أو خوفا من النار آجلا وعاجلا ، في استحصال الجاه والمال ، وارتكاب ما به يوجدان من الأعمال الشاقّة والأفعال المزعجة مدى الأعوام والدهور بدون تعب ولا نصب .
 
وهاهنا تلويح : وهو أنّ « هو » الذي هو موطن الإطلاق ومعدن القابليّات التي تنجذب نحو مقتضياتها القلوب بقوالبها ، إذا فتح هاء هويّته المضمومة بإشباع واو البطون ، ظاهرا بألف الإلف والمحبّة ، غالبا عليه بفتحة فتح أبواب الظهور هو « هوا » ومن ثمة تراه في أحد أوضاعه دالَّا على مبدأ تمام الجمعيّة الإحاطيّة ظهورا وإظهارا .
 
أمّا الأوّل : فلأنّ الهواء الممدود هو مادة الروح الحيواني ، الذي به تتقوّم اللطيفة الإنسانيّة الكماليّة .
وأما الثاني : فلأنّه هو المطيّة لفرسان ميدان البيان ، والمجلى لعرائس مخدّرات البنان ، وهما صورتا الكلام الكلامي ، والكتاب الإنزاليّ ، كما نبّهت عليه غير مرّة .
هذا على وضع آخر غير ما نحن فيه ، وعلى هذا الوضع أيضا له الإحاطة باعتبار أنّه الحركة والميل الإرادي الحبّي الذي هو أصل سائر الحركات والسبب للكل عينا وعقلا ،
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة. فكثر الدرجات في عين واحدة.
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته،)
 
قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلّا بعد التّلبّس بالرّفعة عند العابد والظّهور بالدّرجة في قلبه . ولذلك يسمّى الحقّ لنا برفيع الدّرجات ، ولم يقل رفيع الدّرجة . فكثّر الدّرجات في عين واحدة . فإنّه قضى أن لا نعبد إلّا إيّاه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كلّ درجة مجلى إلهيا عبد فيها . وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه « الهوى » كما قال : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ فهو أعظم معبود ، فإنّه لا يعبد شيء إلّا به ، ولا يعبد هو إلّا بذاته . )
 
قال رضي الله عنه :  ( وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة ) الرفيعة ( ولذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات ) ،
حيث قال رفيع الدرجات ذو العرش ولم يقل رفيع الدّرجة فكثر الدرجات في عين واحدة فإنه قضى أن لا يعبدوا إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل درجة مجلى إلهيا عبد فيها . وأعظم مجلى عبد فيه وأعلاه الهوى كما قال تعالى : أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ [ الجاثية : 23 ] فهو أعظم معبود فإنه لا يعبد شيء إلا به ولا يعبد هو ) ، أي الهوى ( إلا بذاته ) .
قال رضي اللّه عنه في فتوحاته المكية :
شاهدت الهوى في بعض المكاشفات ظاهرا بالألوهية قاعدا على عرشه جميع عبدته حافين عليه واقفين عنده وما شاهدت معبودا في الصور الكونية أعظم منه .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:56 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                               الجزء الأول
 جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ، ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال :" وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ " والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص . حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى - وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه . )

(وفيه) ، أي في الهوى (أقول) ، أي يقول المصنف قدس اللّه سره .
(وحق) بواو القسم (الهوى) أقسم به لعظمته في ملك اللّه تعالى حيث جعل اللّه تعالى له هذه السلطنة والقهر والاستيلاء على النفوس البشرية بحيث لا يمكنها التخلف عن أمره في الغالب (إن الهوى) المذكور (سبب) وجود (الهوى) ، أي وجود نفسه إذ لا سبب لوجوده في النفوس البشرية إلا نفسه لأنه لا سبب أعظم منه حتى يكون سببا لوجوده ولولا وجود (الهوى في القلب ما عبد) بالبناء للمفعول الهوى ، أي صار معبودا من دون اللّه تعالى .

(ألا ترى) يا أيها السالك علم اللّه تعالى بالأشياء ما أكمله ، أي ما أكثر كماله كيف تمم ، أي علمه تعالى بقوله سبحانه في حق من عبد هواه من أهل الغفلة والحجاب واتخذه ، أي الهوى إلها ، أي معبودا من دون اللّه تعالى فقال سبحانه وأضله اللّه تعالى ، أي جعله ضالا على علم منه بذلك والضلالة هي الحيرة ، أي تردد في الأمر من غير جزم به (و) بيان (ذلك أنه) ، أي الشأن لما رأى هذا العابد في نفسه بأنه ما عبد إلا هواه بانقياده ، أي بسبب انقياده لطاعته ، أي طاعة هواه فيما ، أي في كل شيء يأمره ، أي هواه به من عبادة من عبده هذا العابد من الأشخاص الكونية كالصنم ونحوه في الكفر .

(حتى أن عبادته) ، أي العابد الغافل للّه تعالى في الإسلام (كانت عن هوى أيضا) فيمن لم تهذبه الرياضة الشرعية ولم تتطهر مرآة بصيرته من حيث الأكوان (لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس) ، وهو حضرة الحق تعالى (هوى) إلى دخول الجنة التي أمن بها في الدنيا فيتشوق إلى نعيمها والنجاة من النار من أحوالها وجحيمها وهو ، أي الهوى الإرادة للشيء (بمحبة) له (ما عبد) ذلك العابد (اللّه) تعالى بامتثال أوامره سبحانه واجتناب نواهيه (ولا آثره) ، أي قدمه تعالى (على غيره) في الطاعة وترك المعصية .

ولهذا قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي قدس اللّه سره :
من أقطع القواطع عن اللّه شهوة الوصول إلى اللّه . وذلك لأنه هوى يعتري السالكين في طريق اللّه تعالى فيقطعهم عن سلوكهم (وكذلك كل من عبد صورة مّا) ، يعني ، أي صورة كانت (من صور العالم) بالكفر (واتخذها) ، أي تلك الصورة (إلها) من دون اللّه تعالى (ما اتخذها) كذلك (إلا بالهوى) القائم بنفسه (فالعابد) مسلما كان أو كافرا (لا يزال تحت) قهر (سلطان هواه) له أي لا يستطيع مخالفته بخلاف الشاكر فإنه تحت قهر أمر ربه في تصريف القدرة الإلهية .
قال تعالى : " اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ" [ سبأ : 13 ]
ونبينا صلى اللّه عليه وسلم قام الليل حتى تورمت قدماه قيل له في ذلك ، فقال : « أفلا أكون عبدا شكورا » . رواه البخاري و مسلم و غيرهما.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( أقول شعر : وحق الهوى ) والمراد هو الحق .
( أن الهوى سب الهوى ... ولولا الهوى في القلب ) وهو المعبود بذاته
( ما عبد الهوى ) وهو المعبود بالهوى ( ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ) أي علمه و ( كيف تمم ) علمه ( في حق من عبد هواه واتخذه إلها ) أي سماه إلها فقط دون من مجالي الحق لظهور الحق له فيه دون غيره .
 

قال رضي الله عنه :  ( فقال ) في حقه (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ والضلالة الحيرة وذلك ) التكميل والتتميم ( أنه لما رأى ) الحق ( هذا العابد ) وهو من عبده هواه واتخذه إلها ( ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته ) أي لطاعة هواه ( فيما ) أي في الذي ( يأمره ) الهوى ( به ) راجع إلى العابد ( من عبادة من عبده من الأشخاص ) بيان لما ( حتى أن عبادته ) أي عبادة من عبده هواه ( للَّه كانت عن هوى أيضا ) كما أن عبادته لمن عبده من الأشخاص عن هوى وإنما كانت عبادة هذا العباد عن هوى

قال رضي الله عنه :  ( لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة ) النفسانية من رجاء الجنة والنجاة عن النار ( بمحبته ) أي مع محبة اللّه ( ما عبد اللّه ولا آثره على غيره ) ولولا عظمة شأن الهوى لما سلط على هذا العابد .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها ) إلها ( إلا بالهوى ) فإذا كان كذلك ( فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) فله حكم في كل عابد.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول: وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره. وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ،أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه . وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).


قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :
وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى  .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ).
 
قال العبد : يشير رضي الله عنه  إلى أنّ عبودتي التألَّه والتسخير لا تكونان من العابد لأيّ معبود كان إلَّا بهواه ، فما عبد إلَّا الهوى ، فهو الصنم والجبت والطاغوت الحقيقي لمن يرى غير الحق في الوجود . وأمّا عند العارف فهو أعظم تجلّ أو أعظم مجلى عبد فيه ، وهو باطن أبدا لا يظهر بالعين إلَّا في الأصنام وكلَّيات مراتبه بعد الأنواع المعبودة ، وهي وإن كثرت فقد أشرنا إلى أمّهاتها في الفصّ النوحي ، فانظرها فيه .


قال رضي الله عنه  : ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حق من عبد هواه ، واتّخذه إلها ، فقال : « وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ » [ الجاثية : 23 ]  والضلالة : الحيرة ،
وذلك أنّه لمّا  رأى هذا العابد ما عبد إلَّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتى أنّ عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدّس هوى  وهو الإرادة بمحبّة - ما عبد الله ولا آثره على غيره ،
فكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلَّا بالهوى ، فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ،)

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ حقيقة الهوى لمّا كانت ميلا نفسيا من كل ذي هوى إلى ما فيه هواه بحسب مناسبة إيّاه ، فالمعبود في الكلّ - وإن تكثّرت أشخاص المعبودين - بحسب توجّهات العابدين إلى ما فيه نسبة مميلة لهم إليها من كون تلك النسبة فيهم أيضا ، فحملتهم وأمالتهم إليها في جهة أخرى ، فعبد نفسه في غيره من وجه ، وما عبد ذلك الغير من كونه غيرا ، بل من كون ما فيه منه وفيه ، وسواء كان ذلك الغير حقا أو خلقا ، كائنا من كان ،
فإنّه ما عبده إلَّا بحسب ذلك الميل الكلَّي الحبّي إلى المعبود ، بحسب ما منه فيه ، فما عبده إلَّا بهواه ، فلم يعبد إلَّا هواه ، وهو ما يهوى أبدا إلَّا نفسه ، ولكن فيما يغايره من وجه ، ولا يمكن أن يهوى أحد غيره من حيث هما غيران ، لعدم الجامع ووجود المباينة ، ولا يمكن أيضا أن يهوى أحد نفسه في نفسه ، لعدم الاثنينية والبينيّة ، ووجود الأحدية ، وتحصيل الحاصل باطل .

ولا يقال : كيف يطلب أحد نفسه أو يميل إلى نفسه أو يهواه وهو هو نفسه واحد والواحد من كونه واحدا حاصل لنفسه ، وليس فيه اختلاف جهة يقتضي الميل من جهة إلى جهة ؟ !

لأنّا أعلمناك أنّ الطالب ومن له هوى في شيء إنّما يهوى نفسه في غيره طلبا للاتّحاد وظهور الوحدة الأصلية الأصلية ، ولهذه الحكمة أضلَّه الله على علم بحقيقة الأمر أنّه - تبارك وتعالى - عينه وعين ما يعبده ، وهو ما يميل إلَّا إلى عينه ، ولا يعبد إلَّا عينه ، ولا يهوى إلَّا عينه ، وإنّما تقع المؤاخذة والعتب على عدم العلم ولما وله بنفسه وعينه من حيث شخصيّته وتعيّنه وحصر هواه وميله إلى العين المتعيّنة المتشخّصة بتعيّن يمتاز عن الكلّ ، والحق المطلق والعين المحيطة والأمر الكليّ يقتضي بإطلاق الكلّ والهوى عن كل قيد حتى عن الإطلاق و الإلهية التي أمر ربّها أن لا يعبد إلَّا إيّاه تقتضي لذاتها الانحصار في جهة معيّنة من كل وجه فهكذا ، وبحسب ذلك يجب أن يكون هوى المحقّق المحقّ والمدقّق المرقّ إلى الحق المطلق في عين جمعه بين التعيّن واللا تعيّن مطلقا عن كل قيد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ...  ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى )

وأما البيت فمعناه :
أنه أقسم بحق العشق الأحدى الذي هو حب الحق ذاته أنه سبب الهوى الجزئي الظاهري في كل متعين بتنزلاته في صور التعينات ، ولولا الهوى الحب الباطن المعين في القلب ما عبد الهوى الظاهر في النفس لأنه عينه تنزل عن التعين القلبي إلى التعين النفسي مع أحدية عينه في الكل .

قال رضي الله عنه :  (ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلها ، فقال : " وأَضَلَّه الله عَلى عِلْمٍ " - والضلالة الحيرة ، وذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتى أن عبادته لله تعالى كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره ) .

أي كيف تمم العلم في حق من عبد هواه حيث نكره تنكير تعظيم أي على علم كامل لا يبلغ كنهه ، وذلك أن أصل الهوى هو الحب اللازم لشهوده تعالى ذاته بذاته ، فإنه تعالى أقوى الأشياء إدراكا وأتم الأشياء كمالا ولا يدرك ، واقف للمدرك من ذاته بذاته ،
فذاته أحب الأشياء إليه بل الحب عين الحب ، وحقيقته ليس إلا حبه لذاته ، وهو العشق الحقيقي وما عداه رشحة من ذلك البحر ولمعة من ذلك النور ،
 
فلا ميل في شيء إلى شيء إلا وهو جزئي من جزئيات ذلك الحب ، فلا محب إلا وهو يحب نفسه في محبوبه أي محبوب كان لأن المحبة لازمة للوحدة الحقيقية ،
فبسريان الوحدة في الوجود تسرى المحبة فيه لكنها تختلف بحسب كثرة التعينات المتوسطة بينها وبين الأول وقلتها ،

فكلما كانت الوسائط أكثر كان أحكام الوجوب فيها أخفى وأحكام الإمكان أظهر وبالعكس ، وينبنى على ذلك المذمة والمحمدة بحسب تنوع أنواعها ، وتختلف أسماؤها في الانتهاء كما بيناها في رسالة المحبة ، فالحاصل أن كل هوى كان أقرب إلى الحب الكلى ،
والأقرب بقلة الوسائط والتعينات كان أحمد وأشرف وأقوى في نفسه وأظهر ، وصاحبه أعلى مقاما وأرفع رتبة ، وأكثر تجردا وأشرف ذاتا وأقرب إلى الحق تعالى ، وكلما كان الحب أبعد من الحب الكلى المطلق بكثرة الوسائط والتعينات كان أخس وأذم وأضعف في نفسه وأخفى ، وصاحبه أدنى رتبة ، وأكثر تقيدا واحتجابا وأخس وجودا وأبعد من الله تعالى ،

"" أضاف بالى زاده :
( واتخذه إلها ) أي سماه إلها فقط دون غيره من مجالي الحق ، لظهور الحق له فيه دون غيره فقال في حقه - وأَضَلَّه الله )   .أهـ بالى زاده
وذلك أي التكميل والتعميم لما رأى الحق هذا العابد ما عبد إلا هواه  ولهذا أي لأن المعبود الخاص مجلى للحق في بصر هذا المحجوب بتعيين معبوده الذي هو المجلى الخاص  .أهـ بالى زاده ""

والحقيقة من حيث هي هي واحدة ، فمن علم حقيقة الهوى كان على علم عظيم ، وقد حيره الله حيث وجده في الحقيقة محمودا غاية الحمد ، ومع التغشى بغواشى التعينات مذموما غاية الذم ، فتحير بين كونه حقا وبين كونه باطلا ،

والحق مطلع على أنه لا يعبد في الجهة العليا والسفلى بهواه إلا إياه إذ ليس في الوجود شيء إلا وهو عين الحق ، ألا ترى إلى قوله -   وهُوَ الله في السَّماواتِ وفي الأَرْضِ )   - وقوله -   ( وهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله وفي الأَرْضِ إِله )   - وقوله عليه الصلاة والسلام « لو دلى أحدكم بحبل لهبط على الله »

فكل ما عبده عابد في أحد الجهتين لا يعبده إلا بهواه إذ هو الذي يأمره بعبادة ما يعبده فلا يطيع في الحقيقة إلا هواه حتى إن الحق المطلق لم يعبد إلا بالهوى ، إلا أنه يسمى باسم أشرف كالإرادة ،

وهي محبة ما إما محبة النجاة والدرجات ، أو كمال النفس ، أو محبة صفات الله تعالى ، أو محبة ذاته تعالى وتقدس ، ولذلك نكر المحبة فقال وهو الإرادة بمحبة ، إذ لو لم يكن له نوع من أنواع المحبة ما عبد الله تعالى ولا آثره على غيره

قال رضي الله عنه : ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى ، فالعبد لا يزال تحت سلطان هواه ) .

ولذلك أطلق بعض المحققين من المتأخرين كالعراقى وغيره اسم العشق على الحق تعالى نظرا إلى الحقيقة ، فإن العشق والمعشوق ثمة ليس في الحقيقة إلا واحدا لا فرق إلا بالاعتبار كالعلم والعالم والمعلوم . وإذا تقرر قاعدة التوحيد الحقيقي فلا مشاحة في الألفاظ ،

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  


قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :وحق الهوى أن الهوى سبب الهوى * ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى )
قال ، رضي الله عنه ، في فتوحاته : شاهدت الهوى في بعض المكاشفات ظاهرا بالألوهية قاعدا على عرشه ، وجميع عبدته حافين عليه واقفين عنده . وما شاهدت معبودا في الصور الكونية أعظم منه .


قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حق من عبد هواه واتخذه إلها . فقال : " وأضله الله على علم " . والضلال الحيرة ، وذلك أنه ) أي ، وذلك القول والتتميم هو أن الحق ( لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته )
أي ، بانقياد العباد لطاعة هواه . ( فيما يأمر به من عبادة من عبده من الأشخاص )
جواب ( لما ) قوله فيما بعد : ( فأضله الله على علم ، أي حيره الله على علم ) .
ألا ترى ما أكمل علم الله حيث تمم الكلام هنا بقوله : "وأضله الله على علم " .
والضلالة هي الحيرة فيما حير العابد لهواه إلا الله بظهوره وتجليه في الصور الهوائية ومراتبها .
وذلك الإضلال مبنى على علم عظيم حاصل من الله بأسرار تجلياته في تلك الصور وغاياتها . أي ، هذا الإضلال والحيرة ما كان إلا من علم عظيم من الله بمجالي الهوى وأعيان عبدته وطلب استعداداتهم ذلك ليعبد بواسطة الهوى في جميع الصور الوجودية والمراتب الكونية .

فتحير العارفين بكثرة التجليات وتنوع الظهورات ، والمحجوبين بالوقوف فيما عبدوا ، لأنهم يعرفون أن ما عبدوا ليس بإله موجد لهم ، وهو ممكن مثلهم ، ومع ذلك يجدون في بواطنهم
ميلا عظيما إليه بحيث لا يمكنهم الخلاص منه والتعدي عنه ، فيحصل الضلال والحيرة .

قال رضي الله عنه :  ( حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى ، وهو الإرادة بمحبة ، ما عبد الله ولا آثره على غيره ) أي ، الهوى سلط على نفوس العابدين حتى من يعبد الله أيضا ما يعبده إلا عن هوى ، لأنه لو لم يقع في ذلك الجناب هوى من إرادة الجنة والنجاة من النار والفوز بالدرجات العالية ، ما كان يعبده .
كما ذكرنا أبياتا في هذا المعنى :
عبدنا الهوى أيام جهل وإننا  ... لفي غمرة من سكرنا من شرابه
وعشنا زمانا نعبد الحق للهوى  ... من الجنة الأعلى وحسن ثوابه
فلما تجلى نوره في قلوبنا  ... عبدنا رجاء في اللقاء وخطابه
فمرجع أنواع العبودية الهوى  ... سوى من يكن عبدا لعز جنابه
ويعبده من غير شئ من الهوى  ... ولا للنوى من ناره وعقابه
وقوله : ( هو الإرادة بمحبة ) تفسير للهوى . أي ، الهوى هو الإرادة النفسانية مع المحبة الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ، ما اتخذها إلا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه).
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:57 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى .. ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال :وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ، والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص ، حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره ، وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلهاما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) .

قال رضي الله عنه :  ( وفيه ) أي : وفي كون الهوى معبودا بذاته ( أقول : وحق الهوى ) أي : الحب الإلهي المشار إليه بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « كنت كنزا مخفيّا ، فأحببت أن أعرف » .
وسبب ظهور الهوى ( أن الهوى سبب ) عبادة ( الهوى ) ؛ وذلك لأنه ( لولا الهوى في القلب ) : وهو الميل الموجب لإرادة عبادة الهوى ، ( ما عبد الهوى ) ، إذ العبادة فعل اختياري يتوقف على الميل والإرادة ، ولكن مع كون الهوى معبودا بالذات لمن يعبد الصور قد لا يشعر به صاحبه ..

كما قال رضي الله عنه :  ( ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ) فعلم ما يعبده العابد ، ولا يعلم العابد من نفسه أنه يعبده ( كيف تمم في حق من عبد هواه ) في عبادة الصور ، ( واتخذه ) هواه ( إلها ) مع أنه ينكر إلهيته ويجعلها للأصنام مثلا ،( وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ) أي : حيره ، فلا يدري أن معبوده بالذات هو الهوى ، مع أنه يعلم أنه لا يعبد ما يعبد إلا عن أمر الهوى ، وإنما حملنا الإضلال على التحير ؛ لأن ( الضلالة الحيرة وذلك ) أي : إضلال الحق إياه على علم ( أنه ) أي : الحق ( لما رأى هذا العابد ) لأي شيء كان ( ما عبد إلا هواه ) ؛ لأنه الآمر بهذه العبادات كلها ، فيعبده ( بانقياده ) لأمره ،

وذلك الانقياد ( لطاعته فيما يأمره ) بلسان الحال ( من عبادة من عبده من الأشخاص ) ، أضله اللّه عن معبوده بالذات ، كما أضله عن عبادته ، والهوى : هو الأمر بعبادة كل معبود ( حتى أن عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ؛ لأن لو لم تقع له ) أي : لما بدا اللّه ( في ذلك الجناب المقدس هوى ، وهو الإرادة ) الحاصلة ( لمحبته ) هي الهوى والميل بالحقيقة ( ما عبد اللّه ) ؛ لأنه فعل اختياري يتوقف على الميل والإرادة ، كيف وهو مؤثر عبادة اللّه على عبادة غيره ، وعلى ترك العبادة ،

ولولا الإرادة ( ما آثره ) للعبادة ( على غيره ، وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم ) السفلية والعلوية بسبب ما فيها من الغيرة أو من التأثير ، ( واتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى ) ؛ لأن الإلهية وإن كانت من الاعتقادات ، لكنها إنما كانت معبودة بالهوى ، والإلهية إنما تتم بالعبادة ، فهي أيضا بالهوى .

قال رضي الله عنه :   ( فالعابد ) سواء كان عابدا للّه أو لغيره ( تحت سلطان هواه ) ، لكن من عبد اللّه لا يقال فيه : إنه اتخذ إلهه هواه ؛ لأن من عبد الهوى أو غيره من المعبودات الباطلة ، إنما يعبده من حيث أنه مجلى إلهي ، وهذا ينفي عبادة المجالي ويقصد عبادة الحق ،
فلم يكن عابدا لهواه وإن كان تحت سلطانه ، مع أنه يقصد بذلك امتثال أمر اللّه لا أمر الهوى في عبادة اللّه تابع لأمر الحق بخلاف أمره بعباده غيره ، فإنه لا يتبع فيه أحدا إلا الشيطان ،
فصار أمر الهوى في عبادة اللّه كأمر أولي الأمر من الإمام والعلماء والأولياء والأنبياء عليهم السلام .

"" أضاف المحقق :
الأنبياء والأولياء العارفون وإن كانوا ينكرون العبادة للأرباب الجزئية لكن إنكارهم ليس لاحتجابهم عن الحق الظاهر في صور الأشياء ، بل إنكارهم بحسب اقتضاء ثبوتهم ، وبحسب اقتضاء الظاهر ؛ فإنهم يرون بحسب الباطن في كل شيء . شرح القاشاني . أهـ ""
ولولا أن في الهوى قوة متابعة الحق ما خلقه أصلا بحسب مقتضى السنة الإلهية ، وستأتي الإشارة إلى ذلك عن قريب ، لكن ذكرناه هاهنا مخافة طعن المنكرين على البدار فبادرناه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( و فيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

ولذلك قال : ( وفيه أقول ) نظما محلَّفا به باعتبار أنّه هو اسم « هو » الظاهر بفتح هويّات أعيانه بقوله :( وحقّ الهوى أنّ الهوى سبب الهوى ) يعني بحقّ الاقتضاء الذاتي ، المعبّر عنه في بعض العبارات بالعشق ، وهو الذي عبّر عنه بالهوى ، إنّ الهوى الذي هو الميل الطبيعي المعبّر عنه بالحركة الحبّية السارية في سائر الموجودات هو سبب هذا الميل الجزئي الإرادي ، الذي للناس ، به يتوجهون نحو معبودهم ، ويولَّون قبلة مقصودهم ، فهو أصل سائر الميول والحركات ظاهرا وباطنا . بل أصل الكلّ ميلا كان أو صاحبه ،

ولذلك قال :( ولولا الهوى في القلب ) أي الميل الكلَّي والحركة الوجوديّة الأصلية ( ما عبد الهوى ) بالحركات الجزئيّة الكونيّة فالمعبود في الكلّ إنما هو الحق ، وكذلك العابد على ما هو المعلوم من الآية الكريمة القائلة : " وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ "  [ 45 / 23 ] .
وإليه أشار بقوله : ( ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله ، كيف تمم في حقّ من عبد هواه واتخذه إلها ) حيث ما أخرجه في تلك الضلالة عن أن يكون عن علم

( فقال :" وَأَضَلَّه ُ الله عَلى عِلْمٍ "  [ 45 / 23 ] والضلالة : الحيرة ) على ما هو مقتضى تعدّد وجهة المتّخذين هواهم إلها ، لتكثّر صور هويّات متعلَّقات أهويتهم ، فإنّ تعدّد جهات المقصد وتخالفها مما يوجب التحيّر ضرورة ، ولكن لما عرف إيصال الكلّ إجمالا ، يكون ذلك على علم .

لا يعبد معبود إلا بالهوى
( و ) وجه تفصيل ( ذلك ) التتميم ( أنّه لما رأى هذا العابد ما عبد إلَّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به في عبادة من عبده من الأشخاص ) - التي هي متعلَّقات أهوية العباد ، عينيّة ذلك ، أو عقليّة ، وهميّة أو خياليّة فإنّه يشمل سائر العبادات من العبد - ( حتّى أنّ عبادته لله كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدّس ) من حيث هو عن تطرّق الأهوية
قال رضي الله عنه  : ( هوى ) من عند نفسه - ( وهو الإرادة ) المنبعثة عمّا يسوق همّته إليه ، من الملاذّ الجسمانيّة ، أو الأحوال الوجدانيّة ، أو المدارك الروحانيّة – ( لما اختار ما عند الله ) من تلك المقاصد المتعالية بحسب علوّ الهمم ( ولا آثره على غيره ) .


معنى : أضله الله على علم
هذا إذا كان المعبود له صورة اعتقاديّة ذهنيّة ( وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم ) وأصنامه - ماليّة كانت أو جاهيّة - ( واتّخذها إلها ، ما اتّخذها إلَّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ) ثم رأى المعبودات التي هي متعلَّقات الهوى تتنوّع في العابدين بحسب تخالف حقائقها وتدافع بعضها البعض ،


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وفيه أقول:
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه.  ).  

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول :وحقّ الهوى إنّ الهوى سبب الهوى  .... ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى .. ألا ترى علم اللّه بالأشياء ما أكمله ، كيف تمّم في حقّ من عبد هواه واتّخذه إلها فقال : وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ والضّلالة الحيرة ، وذلك أنّه لمّا رأى هذا العابد ما عقل وأدرك الحقائق )

قال رضي الله عنه :  ( وفيه أقول : وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى . . ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى ) .
يعني بحق الحب الأصلي المعبر عنه في الحديث القدسي بقوله : « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف » أن ذلك الهوى بعينه هو سبب الهوى المخبى الفرعي الذي انجذبت به القلوب إلى جمال الحق وكماله المطلق ،

ولولا ذلك الهوى المخبى الفرعي في القلوب ما عبد الهوى الذي هو الميل إلى مظاهره الكونية ومجاليه الخلقية بالاتباع له والانقياد لحكمه ( ألا ترى علم اللّه في الأشياء ما أكمله كيف تمم ) العلم أو تمم الآية الواردة ( في حق من عبد هواه واتخذه إلها ) ، أعني قوله :أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ ( فقال : ) تتميمه بها (وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] والضلالة الحيرة وذلك ) لتتميم.


"" أضاف الجامع :
يقول الشيخ في الفتوحات الباب الأحد والثلاثون وثلاثمائة :
واعلم أنه لولا الهوى ما عبد الله في غيره وإن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم وهو الواضع كل ما عبد وفيه قلت :
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
قال تعالى : "أَفَرَأَيْتَ من اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وأَضَلَّهُ الله عَلى عِلْمٍ " فلولا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله
 
يقول الشيخ في الفتوحات الباب الباب التاسع والخمسون وخمسمائة:
ومن ذلك سر عبادة الهوى لما ذا تهوي من الباب 52 لا احتجار على الهوى
ولهذا يهوى بالهوى يجتنب الهوى
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
بالهوى يتبع الحق
والهوى يقعدك مقعد الصدق الهوى ملاذ وفي العبادة به التذاذ وهو معاذ لمن به عاذ
والنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وما غَوى
فبهوى النجم وقع القسم بعد ما طلع ونجم مواقع النجوم لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ
فلولا علو قدره ما عظم من أمره.

يقول الشيخ في الفتوحات الباب الباب التاسع والخمسون وخمسمائة:
ومن ذلك المقام الأجلى في المجلى من الباب 262 في المجلى تذهب العقول والألباب وهو للأولياء العارفين والأحباب
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ..... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
وما ثم غيره فالأمر أمره العقل محتاج إليه وخديم بين يديه له التصريف والاستقامة والتحريف عم حكمه لما عظم علمه فضل عليه العقل بالنظر الفكري والنقل ما حجبه عن القلوب إلا اسمه وما ثم إلا قضاؤه وحكمه
ما سمي العقل إلا من تعقله ..... ولا الهوى بالهوى إلا من اللدد
إن الهوى صفة والحق يعلمها ..... يضل عن منهج التشريع في حيد
هو الإرادة لا أكني فتجهله ..... لولاه ما رمى الشيطان بالحسد
والعقل ينزل عن هذا المقام فما ..... له به قدم فانظره يا سندي
له النفوذ ولا يدري به أحد ..... له التحكم في الأرواح والجسد
هو الذي خافت الألباب سطوته ..... هو الأمين الذي قد خص بالبلد .أهـ  ""

قال رضي الله عنه :  ( عبد إلّا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره من عبادة من عبده من الأشخاص . حتّى أنّ عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنّه لو لم يقع له في ذلك الجانب المقدّس هوى وهو الإرادة بمحبّته ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كلّ من عبد صورة ما من صور العالم واتّخذها إلها ما اتّخذها إلّا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه . )

قال رضي الله عنه :  ( أنه ) ، أي الحق تعالى ( لما رأى أن العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته ) ، أي بانقياد العابد لطاعة هواه ( فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص حتى أن عبادته للّه كانت عن هوى أيضا ، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس ) ، عن أن يتطرق إليه كل أحد ( هوى وهو الإرادة بمحبة ) ، أي إرادة نفسانية مع محبة إلهية كإرادة الجنة والنجاة من النار والفوز بالدرجات العالية .

قال رضي الله عنه :  ( ما عبد اللّه ولا آثره على غيره . وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم واتخذها إلها ما اتخذها ) ، إلها ( إلا بالهوى فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه ).
ثم رأى المعبودات عطف على قوله رأى أن العابد ، ثم رأى الحق تعالى المعبودات الكونية

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 12:58 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ رأى المعبودات تتنوّع في العابدين ، فكلّ عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ؛ والّذي عنده أدنى تنبّه يحار لاتّحاد الهوى ، بل لأحديّة الهوى ، فإنّه عين واحدة في كلّ عابد ."وَأَضَلَّهُ اللَّهُ" أي حيّره "عَلى عِلْمٍ" [ الجاثية : 23 ] بأنّ كلّ عابد ما عبد إلّا هواه ولا استعبده إلّا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف .  والعارف المكمّل من رأى كلّ معبود مجلى للحقّ يعبد فيه . ولذلك سمّوه كلهم إلها مع اسمه الخاصّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك . هذا اسم الشّخصيّة فيه . ).
 
ثم رأى ذلك العابد المعبودات من دون اللّه تعالى تتنوّع في قلوب العابدين لها فكل قلب لعابد له معبود مخصوص اقتضاه هواه وكل عابد من تلك العابدين أمرا مّا يعني ، أي أمر كان .
والمراد أي معبود كان يكفر بالتشديد ، أي ينسب إلى الكفر من يعبد سواه ، أي غير ذلك الأمر من بقية المعبودين وهو قوله تعالى :"كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها "[ الأعراف : 38 ].
 
وسماها أختها لمساواتها لها في الهوى الداعي إلى عبادة غير اللّه تعالى من كل ما عبده العابد والعابد (الذي عنده أدنى تنبه) للحق في ذلك يحار ، أي يقع في الحيرة لاتحاد الهوى الداعي في الكل أي كونه جنسا واحدا ظاهرا في قلب كل عابد بنوع مخصوص تقتضيه طبيعة ذلك العابد بل لأحدية الهوى ، أي وحدته الذاتية كما ذكر فيما مر من قوله ولا يعبد هو يعني الهوى إلا بذاته فإنه ، أي الهوى عين ، أي حقيقة واحدة ولا تنقسم ولا تتبعض موجود بتمامه في قلوب كل عابد يقتضي تحريك كل طبيعة نحو ما يلائمها من أحوال المعبودات من الأشياء .
 
(فأضله) ، أي أضل عابد هواه اللّه تعالى ، أي حيره فلم يهده إلى وجه الصواب على علم منه بأن كل عابد من العابدين ما عبد إلا هواه من دون اللّه تعالى ولا استعبده ،
أي جعله له عبدا قهرا عنه إلا هواه سواء صادف ، أي وافق ذلك الهوى الأمر المشروع في حق المسلم الذي عبد ربه تعالى بهوى نفسه ، وهو من نفس الأمر ما عبد إلا هوى نفسه لكن صادف هواه أمرا مشروعا وهو صورة طاعة ربه تعالى أو لم يصادف ، أي يوافق هواه الأمر المشروع في حق الكافر كعابد الصنم والكوكب ونحو ذلك .
 
والعارف باللّه تعالى المكمل ، أي الذي كمله اللّه تعالى في مرتبتي العلم والعمل باطنا وظاهرا من رأى ، أي شهودا عيانا كل معبود من دون اللّه تعالى مجلى ، أي مظهرا للحق تعالى يتجلى به له يعبد بالبناء للمفعول سبحانه فيه ، أي في ذلك المجلى ولذلك ، أي لكونه مجلى سموه ، أي سمى العابدون كلهم كل معبود إلها والإله هو اللّه تعالى في الحقيقة مع ذكرهم اسمه ، أي اسم ذلك المعبود الخاص به فإنه مسمى بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك ، أو نحو ذلك من كل من عبد من دون اللّه تعالى هذا الاسم المذكور هو اسم الهيئة الشخصية ، أي المشخصة وهي الصورة الحسية والمعنوية فيه ، أي في ذلك المعبود من دون اللّه تعالى .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم رأى ) أي علم الحق ( المعبودات ) الكونية والاعتقادية ( تتنوع في العابدين فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه ) وهم المحجوبون .
( والذي عنده أدنى تنبه ) أي أدنى مرتبة من العلم وهو الذي عبد هواه واتخذوه إلها ( يحار ) أي وقع في الحيرة فلا يكفر أحدا من العابدين فيما عبده فقوله والذي مبتدأ يحار خبره ( لاتحاد الهوى ) يتعلق بقوله أدنى تنبه لا بقوله يحار إذ سبب الحيرة هو العلم باتحاد الهوى ( لا اتخاذ الهوى ) ويجوز أن يتعلق بقوله يحار .
 
قال رضي الله عنه :  ( بل لأحدية الهوى فإنه ) أي الهوى ( عين واحدة في كل عابد فأضله اللّه أي حيره على علم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواه صادف ) هواه ( الأمر المشروع أو لم يصادفه )  فإذا علم هذا العابد هذا المعنى أكمله اللّه علمه في حقه بقولهوَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍولم يقل فأضله اللّه على جهل وهو حيرة الجهل ،
 
فهو علم تام عند اللّه فهذا العابد يعلم هذا المقام كما علم اللّه والمقصود أن الهوى أعظم مجلى عبد فيه الحق لذلك أكمل الحق علمه في حق من عبد الهوى واتخذه إلها بقوله "وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ" فدل هذا الكلام أن الهوى أعظم مجلى إلهي عبد فيه الحق
فكانت عبادته للهوى واتخاذه إلها عن علم تجلى وجواب لما قوله "وَأَضَلَّهُ اللَّهُ " أدخله الفاء لطول الكلام أو محذوف لقرينة دالة عليه تقديره لما رأى الحق كذا وكذا أكمل علمه في حق من عبد الهوى واتخذه إلها أو تمم علمه أو أضله اللّه كيف شئت قلت .
 
ويظهر من هذا المقام أن العابد ثلاثة أقسام عابد جاهل غير منقاد للشرع كعابد الأصنام وعابد محجوب منقاد للشرع ولا يعلم هذا العابد بأن كل عابد ما عبد إلا هواه بل هو صاحب اعتقاد يعتقد أمرا ما في حق الحق ، وعابد يعلم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه وهو الذي قال في حقه وأضله اللّه على علم وهو الذي أعلى العابدين وأدنى العارفين وليس هو عارفا مكملا .
 
قال رضي الله عنه :  ( والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه ) أي يعبد الحق في ذلك المجلى ولا كذلك ذلك العابد فإنه رأى الهوى مجلى للحق يعبد فيه وبه يلحق بالعارفين ولا يرى غير الهوى مجلى إليها يعبد فيه الحق وليس كذلك بل الحق هو المعبود مطلقا سواء كان في الصور الهوائية أو غيرها من الصور الامكانية وبعد علمه بهذا انفصل عنهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن العارف المكمل رأى كل معبود مجلى يعبد فيه الحق ( سموه كلهم ) أي سموا المعبود كلهم ( إلها ) مجازا تسمية المظهر باسم الظاهر وإنما اصطلحوا هذا الاسم لتوقف إفادة بعض المعاني واستفادتها عليه وهذا الاسم ليس من حيث شخصيته بل من حيث أنه مظهرا إلهي من المظاهر الإلهية.
 
قال رضي الله عنه :  ( مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك هذا اسم الشخصية فيه ) أي في كل معبود.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
قال رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد. «وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف. والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ، أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوّع في العابدين ، وكلّ عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبّه يحار لاتّحاد الهوى ، بل لأحدية الهوى ، فإنّه عين واحدة في كل عابد ، فأضلَّه الله - أي حيّره - على علم بأنّ كل عابد ما عبد إلَّا هواه ، ولا استعبده إلَّا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف ، والعارف المكمّل من رأى كلّ معبود مجلى للحق يعبد فيه ، ولذلك سمّوه كلَّهم إلها مع اسمه الخاصّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك ، هذا اسم الشخصية فيه ،)
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ حقيقة الهوى لمّا كانت ميلا نفسيا من كل ذي هوى إلى ما فيه هواه بحسب مناسبة إيّاه ، فالمعبود في الكلّ - وإن تكثّرت أشخاص المعبودين - بحسب توجّهات العابدين إلى ما فيه نسبة مميلة لهم إليها من كون تلك النسبة فيهم أيضا ، فحملتهم وأمالتهم إليها في جهة أخرى ، فعبد نفسه في غيره من وجه ، وما عبد ذلك الغير من كونه غيرا ، بل من كون ما فيه منه وفيه ، وسواء كان ذلك الغير حقا أو خلقا ، كائنا من كان ،
فإنّه ما عبده إلَّا بحسب ذلك الميل الكلَّي الحبّي إلى المعبود ، بحسب ما منه فيه ، فما عبده إلَّا بهواه ، فلم يعبد إلَّا هواه ، وهو ما يهوى أبدا إلَّا نفسه ، ولكن فيما يغايره من وجه ، ولا يمكن أن يهوى أحد غيره من حيث هما غيران ، لعدم الجامع ووجود المباينة ، ولا يمكن أيضا أن يهوى أحد نفسه في نفسه ، لعدم الاثنينية والبينيّة ، ووجود الأحدية ، وتحصيل الحاصل باطل .
 
ولا يقال : كيف يطلب أحد نفسه أو يميل إلى نفسه أو يهواه وهو هو نفسه واحد والواحد من كونه واحدا حاصل لنفسه ، وليس فيه اختلاف جهة يقتضي الميل من جهة إلى جهة ؟ !
لأنّا أعلمناك أنّ الطالب ومن له هوى في شيء إنّما يهوى نفسه في غيره طلبا للاتّحاد وظهور الوحدة الأصلية الأصلية ، ولهذه الحكمة أضلَّه الله على علم بحقيقة الأمر أنّه - تبارك وتعالى - عينه وعين ما يعبده ، وهو ما يميل إلَّا إلى عينه ، ولا يعبد إلَّا عينه ، ولا يهوى إلَّا عينه ،
 
وإنّما تقع المؤاخذة والعتب على عدم العلم ولما وله بنفسه وعينه من حيث شخصيّته وتعيّنه وحصر هواه وميله إلى العين المتعيّنة المتشخّصة بتعيّن يمتاز عن الكلّ ، والحق المطلق والعين المحيطة والأمر الكليّ يقتضي بإطلاق الكلّ والهوى عن كل قيد حتى عن الإطلاق و الإلهية التي أمر ربّها أن لا يعبد إلَّا إيّاه تقتضي لذاتها الانحصار في جهة معيّنة من كل وجه فهكذا ، وبحسب ذلك يجب أن يكون هوى المحقّق المحقّ والمدقّق المرقّ إلى الحق المطلق في عين جمعه بين التعيّن واللا تعيّن مطلقا عن كل قيد .
شعر :
وهذا الهوى فيمن له ربّه الهوى  .... ومن ليس يهواه ويهوى السوي هوى
وذلك لأنّ « السوي » ما يصدق إلَّا على متعيّن ممتاز عن غيره ، والحقيقة المحيطة بالذات على الكلّ بالاستغراق لا يكون لها غير بالاتّفاق ، ولا يفرض امتياز لها ، وعمّن وما ثمّ إلَّا هو ؟


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).


قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين ، وكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى بل لأحدية الهوى كما ذكر ، فإنها عين واحدة في كل عابد فأضله الله : أي حيره على علم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه ، سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف ) .
 
قوله فأضله الله جواب لما في قوله :
وذلك أنه لما رأى هذا العابد ، وفاعل رأى ضمير اسم إن في أنه وهو يرجع إلى من عبد هواه اتخذ إلها مع كونه على علم بليغ ،
 
وقوله : ثم رأى المعبودات تتنوع عطف على رأى في لما رأى ، وفيه إشارة إلى منشأ حيرته وتعليل لها مع كمال علمه ، وحذف الفاء في جواب لما لطول الكلام ، وتوسط التعليل بين الشرط والجزاء .
والمعنى أنه لما رأى هذا العابد وذلك العابد وكل عابد حتى عابد الحق تعالى وكذا كل من عبد صورة ما من صور العالم لا يعبد كل منهم إلا هواه ،
ثم رأى تنوع المعبودات وتناكر العباد بحيث يكفر كل عابد من يعبد سوى معبوده مع أحدية الهوى في الحقيقة عند من له أدنى تنبه حيره الله لضيق ذرعه وصعوبة فرقه بين الحق والباطل والمشروع وغير المشروع .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه ) لأن الوجود الحق هو الذي ظهر في الكل وفي كل واحد ( ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك ، هذا اسم الشخصية فيه )  بحسب الماهية المتعينة بالتعين النوعي ثم بالتعين الشخصي .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، رأى المعبودات تتنوع في العابدين )
( ثم ) عطف على قوله : ( إنه لما رأى هذا العابد ) . أي ، لما رأى الحق هذا العابد ، ما عبد إلا هواه ، ثم رأى المعبودات الكونية والاعتقادية متنوعة عند العابدين إياها ، أضله الله .
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى ، بل لأحدية الهوى ، فإنه عين واحدة في كل عابد ) لما كان الاتحاد مشعرا بالإثنينية السابقة على الاتحاد ، أضرب عنه
فقال : ( بل لأحدية الهوى ) ليفيد أنه حقيقة واحدة لا تكثر فيها ، وهي عين الأحدية الإلهية . ثم ، صرح بقوله : ( فإنه عين واحدة ظاهرة في كل عابد . )
قال رضي الله عنه :  ( فأضله الله ) أي ، حيره الله ( على علم  بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده  إلا هواه ، سواء صادف ) هواه ( الأمر المشروع ) كالنكاح بأربع والاستمتاع بالجواري . ( أو لم يصادف . ) كتعلق الهوى بمن يملكه غيره .
 
قيل : إن قوله : ( فأضله الله ) جواب ( لما ) أدخل فيه ( الفاء ) لطول الكلام ، كما مر في أول الكتاب في قوله : ( فاقتضى الأمر جلاء ذلك ) . أي، جلاء مرآة الإنسان وصفاته جهة قابليته.
 
"" أضاف المحقق :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفص الآدمي : ( لما شاء الحق سبحانه من حيث أسماؤه الحسنى التي لا يبلغها الإحصاء أن يرى أعيانها ، و إن شئت قلت أن يرى عينه، في كون جامع يحصر الأمر كله ، لكونه متصفا بالوجود، و يظهر به سره إليه: فإن رؤية الشيء نفسه بنفسه ما هي مثل رؤيته نفسه في أمر آخر يكون له كالمرآة، فإنه يظهر له نفسه في صورة يعطيها المحل المنظور فيه مما لم يكن يظهر له من غير وجود هذا المحل و لا تجليه له .
و قد كان الحق سبحانه أوجد العالم كله وجود شبح مسوى لا روح فيه، فكان كمرآة غير مجلوة.
و من شأن الحكم الإلهي أنه ما سوى محلا إلا و يقبل روحا إلهيا عبر عنه بالنفخ فيه، و ما هو إلا حصول الاستعداد من تلك الصورة المسواة لقبول الفيض التجلي الدائم الذي لم يزل و لا يزال. و ما بقي إلا قابل، و القابل لا يكون إلا من فيضه الأقدس .
فالأمر كله منه، ابتداؤه و انتهاؤه، "و إليه يرجع الأمر كله"، كما ابتدأ منه.
فاقتضى الأمر جلاء مرآة العالم، فكان آدم عين جلاء تلك المرآة و روح تلك الصورة، وكانت الملائكة من بعض قوى تلك الصورة التي هي صورة العالم المعبر عنه في اصطلاح القوم "بالإنسان الكبير". فكانت الملائكة له كالقوى الروحانية والحسية التي في النشأة الإنسانية .أهـ). ""
 
قال رضي الله عنه :  ( والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلي للحق يعبد فيه ) أي ، يعبد الحق في ذلك المجلى . فالحق هو المعبود مطلقا ، سواء كان في صورة الجمع ، أو في صورة التفصيل .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ، ولأجل أن الحق هو الذي ظهر في ذلك المجلى وعبد .
( سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر ) أي ، أطلقوا اسم ( الإله ) عليه مع أنه يسمى بحجر ( أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك . هذا اسم الشخصية فيه ) وهذا الاسم إنما هو باعتبار تعين تلك الحقيقة الكلية بالتعينات الجنسية ، ثم النوعية ، ثم الشخصية .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:00 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ رأى المعبودات تتنوّع في العابدين ، فكلّ عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ؛ والّذي عنده أدنى تنبّه يحار لاتّحاد الهوى ، بل لأحديّة الهوى ، فإنّه عين واحدة في كلّ عابد ،وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ، أي حيّره عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] بأنّ كلّ عابد ما عبد إلّا هواه ولا استعبده إلّا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف ، والعارف المكمّل من رأى كلّ معبود مجلى للحقّ يعبد فيه ، ولذلك سمّوه كلّهم إلها مع اسمه الخاصّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك ، هذا اسم الشّخصيّة فيه ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد الحيرة في عبادة الهوى ، واتخاذه إلها بالذهول ، يزداد تحيرا من ( رأى المعبودات تتنوع ) في اعتقادات ( العابدين ) بحيث يرى كل أحد حقيقة عبادة معبوده ، وبطلان عبادة غير معبوده ، ( فلكل عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ) أي : سوى معبوده الذي يعتقد إلهيته ، فيحار المقلد الذي لا كشف له ، ولا دليل في أنه من يقلد من هؤلاء ، فيعبد أحد هذه المعبودات مع ما له من التحير ؛ فإنه يعبد ما يعبد بالهوى ، أو لا يعرف الأمر الإلهي ،
وكذا ( الذي عنده أدنى تنبيه يحار ) في حق من يعبد الآلهة الباطلة بلا كشف ولا دليل ؛ لاستحالة ذلك في حقه فلا يدري ما الذي رجح به كل واحد استحقاق معبوده العبادة دون معبود غيره ؛ ( لاتحاد الهوى ) الآمر بعبادتها ، ( بل ) يتحير في حق من يعبد اللّه عن كشف أو دليل ( لأحدية الهوى ) الآمر بعبادة اللّه ، وعبادة غيره من حيث إنه فعل اختياري يتوقف على الإرادة الحاصلة عن الميل الذي هو الهوى .
 
قال رضي الله عنه :  (فإنه عين واحدة ) من حيث إنه ميل ، وإن كان أحد المثلين بلا متابعة دليل كشفي ، أو عقلي ، أو نقلي والآخر بمتابعته ، فهو أمر مشترك ( في كل عابد ) ، فالكل يعبده مع أن عابد اللّه ينكر عبادته للهوى ،( وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] ، أي : حيره ) في عبادته للهوى ، وفي عبادة الحق على علم ( بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ) بالذات ، ( ولا استعبده ) أي : ولا أمره بعبادة اللّه ، أو عبادة غيره ( إلا هواه ) ، فامتثل أمره وهو العبادة الحقيقية ، لكنهم ذهلوا عن عبادة الهوى ، واتخاذهم إياه إلها ، وإن علموا أنهم لا يصدرون إلا عن أمره ( سواء صادف الأمر المشروع ) ، وهو عبادة اللّه تعالى ( أو لم يصادف ) ، فيحار في أنه لم كفر عابد الأصنام ، ولا يكفر عابد اللّه مع أنه أيضا يعبد هواه ، وهذه الحيرة للحق من لا يكون عارفا كاملا ،
 
قال رضي الله عنه :  ( والعارف المكمّل من رأى كل معبود ) سوى اللّه تعالى ( مجلى للحق يعبد ) الحق ( فيه ) ، فعابد اللّه تعالى لا يعبد الهوى لقصده عبادة الحق ونفيه قصد عبادة المجلي ، وعبادته وإن صدرت عن أمر الهوى ، فليس ذلك أمر الهوى من حيث هو هوى ، بل من حيث إنه تابع لأمر الحق كالرسول والوارث .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون كل معبود سوى اللّه مجلى للحق ليس عينه من كل وجه ، بل من وجه ( سموه إلها ) ؛ لظنهم أن المجلي في حكم من ظهر فيه ( مع اسمه الخاص ) ، فسموه ( عجزا وسحرا ، وحيوانا أو إنسانا ، وكوكبا وملكا ) استوعب الأنواع مع الترقي ؛ ليشير إلى أن اتخاذهم الإلهية إلا على عين إنكاره الإلهية الأدنى ،
مع أنه لا دليل لهم على إلهية الأعلى أيضا ما لم يقم لهم دليل على أنه لا أعلى منه في الوجود ، مع أن ( هذا ) الاسم هو الاسم الحقيقي ؛ لأنه ( اسم الشخصية ) ، وهو أخص الأسماء الحقيقية .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
 
قال رضي الله عنه :  (ثم رأى المعبودات ) التي هي متعلَّقات الهوى ( تتنوّع في العابدين ) بحسب تخالف حقائقها وتدافع بعضها البعض ،
 
قال رضي الله عنه  : ( فكلّ عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ، والذي عنده أدنى تنبّه ) - وهو الذي ينخرط في جملة من يدخل في التخاطب بالكلام المنزل السماوي ، فإنّ من دونه ليس بداخل في ذلك التخاطب أصلا ، فهو الذي يقصد بقوله تعالى : " وَأَضَلَّه ُ الله "    
ولذلك ( يحار لاتّحاد الهوى ) عند اعتبار نسبة الهوى إلى متعلَّقاتها ، فإنّ الكلّ فيه متّحد ، فأمّا عند قطع النظر من تلك المتعلَّقات فله الأحديّة الذاتيّة ،
 
ولذلك قال مضربا عنه بقوله : ( بل لأحديّة الهوى ، فإنّه عين واحدة في كل عابد ، فأضلَّه الله ) من حيث تلك المتعلَّقات عند تخالف جهات التوجّه مما يوجب تحيّر المتوجّهين ، ولذلك قال : ( أيّ حيرة ) .
 
ثم إنّ هذا إذا اعتبر الهوى من حيث المتعلَّقات التي هي مبدأ الاتّحاد وهو الموجب للضلال والحيرة . فأمّا عند قطع النظر عنها وظهور الهوى بأحديّة عينه لديه فهو ( على علم ) فلكلّ عابد باعتبار هذين الوجهين من معبوده علم في حيرة وحيرة على علم ، فهذا وجه تتميم العلم وتعميمه - فلا تغفل .
 
قال رضي الله عنه  : (فإنّ كلّ عابد ما عبد إلَّا هواه ، ولا استعبده إلا هواه ، سواء صادف الأمر المشروع ) من الصور الاعتقاديّة والشعائر الشرعيّة ، ( أو لم يصادف ) ذلك ، كالمقتضيات الطبيعيّة والرسوم العاديّة ( والعارف المكمّل من رأى كلّ معبود ) - مشروعا كان أو غير مشروع.
 
قال رضي الله عنه  : ( مجلى للحقّ يعبد فيه ، ولذلك سموه كلَّهم إلها مع اسمه الخاصّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك هذا اسم الشخصيّة فيه ) ، فإنّ كل ذي مرتبة من الأشخاص كما أنّ له أسماء بحسب شخصيّته ، لا بدّ وأن يكون له آخر بحسب مرتبته ، كالقاضي والسلطان والحاكم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى، بل لأحدية الهوى، فإنه عين واحدة في كل عابد.
«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف.
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك. هذا اسم الشخصية فيه. ).
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ رأى المعبودات تتنوّع في العابدين ، فكلّ عابد أمرا ما يكفّر من يعبد سواه ؛ والّذي عنده أدنى تنبّه يحار لاتّحاد الهوى ، بل لأحديّة الهوى ، فإنّه عين واحدة في كلّ عابد .وَأَضَلَّهُ اللَّهُ أي حيّره عَلى عِلْمٍ [ الجاثية : 23 ] بأنّ كلّ عابد ما عبد إلّا هواه ولا استعبده إلّا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف . والعارف المكمّل من رأى كلّ معبود مجلى للحقّ يعبد فيه .)


قال رضي الله عنه :  (ثم رأى المعبودات ) ، عطف على قوله رأى أن العابد ، ثم رأى الحق تعالى المعبودات الكونية ( تتنوع في ) نظر ( العابدين ) ، لها في الحقيقة والبطلان
( فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه والذي عنده أدنى نسبة يحار لاتحاد الهوى ) ، عند اعتبار نسبة إلى متعلقاته فإن الكل فيه متحد ( بل لأحدية الهوى ) عند قطع النظر من تلك المتعلقات ( فإنه عين واحدة ) ، وإن كانت متحققة ( في كل عابد فأضله اللّه ) ، جواب لما ، وإدخال الفاء بطول الكلام
قال رضي الله عنه :  ( أي حيره ) ، حيث لا يعلم أن الحلي مع من هؤلاء من العابدين لكن حيره ( على علم بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف هواه الأمر المشروع ) ، يعني الإله الذي شرع عباده ( أو لم يصادف ) ، وهو الإله الباطل الذي نهى عن عبادته
( والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه ) ، فالحق هو المعبود مطلقا جمعا وفرقا .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك سمّوه كلّهم إلها مع اسمه الخاصّ بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك . هذا اسم الشّخصيّة فيه . )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) ، أي لكون كل معبود مجلى للحق وإن لم يعرف العابد ذلك ( سموه ) ، أي سمى العابدون ( كلهم ) ، ذلك المجلى ( إلها مع اسمه الخاص ) ، حيث يسمى ( بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك هذا اسم الشخصية ) ، أي التعين ( فيه ) بالنظر إلى نفسه.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:00 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )


قال رضي الله عنه :  ( والألوهيّة مرتبة تخيّل العابد له أنّها مرتبة معبوده ، وهي على الحقيقة مجلى للحقّ لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختصّ . ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] مع تسميتهم إيّاهم آلهة . حتّى قالوا : "أجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ " [ ص : 5 ] ، فما أنكروه بل تعجّبوا من ذلك ، فإنّهم وقفوا مع كثرة الصّور ونسبة الألوهيّة لها . )
 
(والألوهية) في ذلك المعبود (مرتبة) عقلية تخيل توهم العابد له ، أي لذلك المعبود أنها ، أي تلك المرتبة الألوهية (مرتبة معبوده) ذلك ، أي هو يستحقها مع اللّه تعالى وهي ، أي مرتبة الألوهية المتوهمة في ذلك المعبود على الحقيقة ، أي في نفس الأمر مجلى ، أي مظهر الحق تعالى وإن لم يعرف ذلك العابد لانحجابه بكفر لبصر هذا العابد الخاص ، الذي يبصر به معبوده فإنه الحق تعالى أيضا وإن جهل ذلك بحكم قوله عليه السلام كنت بصره الذي يبصر به
 
(المعتكف) ذلك العابد (على هذا المعبود في هذا المجلى) ، أي المظهر المختص بحجر أو شجر ونحو ذلك ؛ (ولهذا) ، أي لكون ذلك مجلى الحق تعالى قال بعض من لم يعرف مقاله ،
أي قوله الذي قاله عن نفسه وهم بعض الأقوام الماضية الذين كانوا يعبدون الأصنام (جهالة).
 
أي على وجه الجهالة منهم بذلك كما حكاه تعالى بقوله ("ما نَعْبُدُهُمْ") ، أي الأصنام ("إِلَّا لِيُقَرِّبُونا") ، أي يجعلون مقربين ("إِلَى اللَّهِ") تعالى ("زُلْفى") ، أي قربة عظيمة (مع تسميتهم) ، أي ذلك القوم (إياهم) ، أي الأصنام (آلهة) لهم من دون اللّه تعالى (كما قالوا) ، أي ذلك القوم الكافرون فيما حكاه اللّه عنهم (أجعل) ، أي رسولهم الذي أمرهم بالتوحيد (الآلهة) الكثيرة عندهم (إلها واحدا) ،
أي معبودا واحدا أمر بعبادته وحده وترك ما سواه إنّ هذا الجعل المذكور (لشيء عجاب) ، أي عجيب (فما أنكروه) ، أي جعل الآلهة إلها واحدا يعني التوحيد (بل تعجبوا من ذلك) الجعل المذكور (فإنهم وقفوا مع كثرة الصور) في الحس والعقل ومع (نسبة الألوهية لها) ، أي لتلك الصور .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهية ) فيه ( مرتبة إلهية تخيل العابد له ) أي تخيل عابد هذا المعبود ( أنها ) أي الألوهية ( مرتبة معبودة ) وليس الأمر كما تخيله بل الأمر فيه على الحقيقة ما بينه بقوله ( وهي ) أي تلك المرتبة .
 
قال رضي الله عنه :  ( على الحقيقة مجلى للحق لبصر هذا العابد الخاص المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص ولهذا ) أي ولأجل كون تلك المرتبة مجلى للحق لبصر هذا العابد ( قال بعض من عرف ) هذا المعنى من عبدة الأصنام ( مقالة جهل ) مصدر قال
 
(ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى مع تسميتهم إياهم إلهة ) فلو لم يعرفوا وحدة الحق لما أجابوا بهذا القول فإن قولهم " لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ " يدل على ما في علمهم من وحدة الحق وتسميتهم آلهة تدل على أنها مجالي الحق لكنهم عبدوا المجالي من حيث هي مجالي للحق لا من حيث شيئيتها ، ولا يعبدون الحق الظاهر فيها وإنما كان هذا القول مقالة جهل جهالة لأن عبادة الأصنام لا يقرب فيها إلى اللّه فصدر هذا الكلام منهم عن جهل
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى قالوا أجعل الالهة إلها واحدا إن هذا ) أي جعل الالهة إلها واحدا ( لشيء عجاب فما أنكروه ) أي ما أنكروا كون الإله واحدا ( بل تعجبوا من ذلك ) أي من كون الإله واحدا وإنما تعجبوا من ذلك ( فإنهم وقفوا ) أي ثبتوا وقنعوا ( مع كثرة الصور ونسبة الألوهية لها ) أي إلى الصور الكثيرة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص. ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب». فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه وذلك نص في قوله:
"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ، أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهة مرتبة تخيّل العابد له أنّها مرتبة معبودة وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العبد الخاصّ المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختصّ ).
 .
كيف يطلب أحد نفسه أو يميل إلى نفسه أو يهواه وهو هو نفسه واحد والواحد من كونه واحدا حاصل لنفسه ، وليس فيه اختلاف جهة يقتضي الميل من جهة إلى جهة ؟ !
 
لأنّا أعلمناك أنّ الطالب ومن له هوى في شيء إنّما يهوى نفسه في غيره طلبا للاتّحاد وظهور الوحدة الأصلية الأصلية ، ولهذه الحكمة أضلَّه الله على علم بحقيقة الأمر أنّه - تبارك وتعالى - عينه وعين ما يعبده ، وهو ما يميل إلَّا إلى عينه ، ولا يعبد إلَّا عينه ، ولا يهوى إلَّا عينه ،
 
وإنّما تقع المؤاخذة والعتب على عدم العلم ولما وله بنفسه وعينه من حيث شخصيّته وتعيّنه وحصر هواه وميله إلى العين المتعيّنة المتشخّصة بتعيّن يمتاز عن الكلّ ، والحق المطلق والعين المحيطة
والأمر الكليّ يقتضي بإطلاق الكلّ والهوى عن كل قيد حتى عن الإطلاق و الإلهية التي أمر ربّها أن لا يعبد إلَّا إيّاه تقتضي لذاتها الانحصار في جهة معيّنة من كل وجه فهكذا ،
 
وبحسب ذلك يجب أن يكون هوى المحقّق المحقّ والمدقّق المرقّ إلى الحق المطلق في عين جمعه بين التعيّن واللا تعيّن مطلقا عن كل قيد .
شعر :
وهذا الهوى فيمن له ربّه الهوى  .... ومن ليس يهواه ويهوى السوي هوى
وذلك لأنّ « السوي » ما يصدق إلَّا على متعيّن ممتاز عن غيره ، والحقيقة المحيطة بالذات على الكلّ بالاستغراق لا يكون لها غير بالاتّفاق ، ولا يفرض امتياز لها ، وعمّن وما ثمّ إلَّا هو؟
 
قال رضي الله عنه  : ( ولهذا قال بعض من لم يعرف مقالته جهالة  : " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى " [ الزمر : 3 ]).
 
يشير إلى أنّ العين المعبودة بالذات في العابد والمعبود سواء ، فبما ذا تقرّبه إلى الحق ؟ وما الذي ليس له وهو عينه ؟ ، فالتمسّك بما خرج عنه - توصّلا وتوسّلا إلى ما هو عينه - جهل ، والسرّ فيه قد ذكر ، وهو واضح .
 
قال رضي الله عنه  : ( مع تسميتهم لهم آلهة ، كما  قالوا : " أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ" [ ص : 5 ] ، فما أنكروا ، بل تعجّبوا من ذلك ، فإنّهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها ).
فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد ، بشهادتهم أنّهم أثبتوا عندهم واعتقدوه في قولهم : " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى " [ الزمر : 3 ]  لعلمهم بأنّ تلك الصور حجارة ،
ولذلك قامت الحجّة عليهم بقوله : " قُلْ سَمُّوهُمْ " [ الرعد:33]
فما يسمّونهم إلَّا بما يعلمون أنّ تلك الأسماء لهم حقيقة.
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه : ( والألوهة مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبودة ، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد الخاص المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص ) .
 
يعنى أن الألوهة في كل معبود هي مرتبة رفيعة تخيل عابدة أنها مرتبة معبوده ، وهي في الحقيقة كونه مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود ،
فاحتجب العابد بحكم تعينه بتعين المجلى الخاص عن وجه الحق المتعين به ، وذلك بجزئية هوى نفسه وتعينه بالشخص والنوع ، إذ لو انطلق عن قيد التعين لشاهد وجه الحق في الكل ، فكان  الشاهد والمشهود حقا يحب الحق
 
"" أضاف بالى زاده :
ولهذا أي لأن المعبود الخاص مجلى للحق في بصر هذا المحجوب بتعيين معبوده الذي هو المجلى الخاص.
 قال من عرف : أي من كان في استعداده الفطري أن يعرف الأمر على ما هو عليه ، وهو أن معبوده الخاص على الحقيقة مجلى للحق مقالة جهالة - ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا )   -
وإنما كانت هذه المقالة جهالة لأنه جعل ما هو مجلى إلهي أمرا مقربا مع أن كونه مجلى إلهيا يقتضي العينية ، وكونه مقربا يوجب الغيرية مع تسميتهم إياهم آلهة . أهـ جامى
 
عرفوه منهم أي من صور أصنامهم فعبادتهم الأصنام ليست إلا ما كان الأمر عليه فإنكارهم لا عن جهل بحقيقة الأمر بل مرتبتهم في العلم نعطيهم ذلك .أهـ بالى زاده ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا قال بعض من لم يعرف مقاله جهالة " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى " مع تسميتهم إياهم آلهة ) .
أي ولأن المعبود الخاص مجلى الحق لبصر هذا العابد المحجوب بتعين معبوده هو المجلى المختص ، قال من لم يعرف مقاله ولغاية جهله "ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى " فإنهم أثبتوا وحدة الله المقرب إليه مع تسمية معبوداتهم آلهة ، ولم يشعروا أنه إذا كان فيهم معنى الألوهية كانوا عين الله وحقيقته فما معنى التوسل بهم في التقريب ؟
ولم يشعروا أن الوسيلة إلى الإله ليس بإله فكأنهم بالفطرة عرفوا معنى الألوهية فيهم واحتجبوا بالتعينات فوقفوا مع صورة الكثرة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كما قالوا " أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ " فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك ، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور الإمكانية ونسبة الألوهية لها ).
أي ما أنكروا الإله بل تعجبوا من التوحيد لوقوفهم مع كثرة الصور الإمكانية ونسبة الألوهية لها ، فاعترضهم الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف من قولهم ولا يشهد .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة ) إلهية ( تخيل العابد له ) أي ، لمعبوده .
أنها مرتبة معبوده الخاص . وهي على الحقيقة مجلي الحق لبصر هذا العابد الخاص المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص ، ) أي ، ومرتبة معبوده هي على الحقيقة مجلي الحق لنظر العابد وبصره ليشاهد الحق ببعض صفاته وأسمائه في ذلك المجلى الخاص .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة : "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى " . مع تسميتهم إياهم "آلهة " ) أي ، ولأجل أنه مجلي إلهي ، قال بعض من عرف وحدة الإله ، ولم يعرف أنه مجلي من مجاليه ،
 قول من جهل بالأمر : "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله " . الواحد الحقيقي قربا ، ومع ذلك ما سموهم إلا "آلهة " .
 
وفي بعض النسخ : ( من لم يعرف ) . وهو ظاهر أو قال بعض من عرف أنه مجلي إلهي مقالة من لم يعرف . أي ، عرف وتناكر تشبها بالجهال . ونسخة ( من لم يعرف ) تؤيد الأول .
 
قال رضي الله عنه :  ( حتى قالوا : " أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا الشئ عجاب " . فما أنكروه ، بل تعجبوا من ذلك ، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهية لها . )
( اللام ) في ( لها ) بمعنى ( إلى ) . أي ، سموا المجالي آلهة تعجبوا وقالوا : أجعل الآلهة
وهي المجالي والمعبودات المتعددة إلها واحدا قد فما أنكروا الإله ، وإنما أنكروا وحدته

بقولهم : ( إن هذا لشئ عجاب ). لأنهم كانوا واقفين مع المجالي المتكثرة بحسب الصورة جاعلين نسبة الألوهية إليها.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:01 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهيّة مرتبة تخيّل العابد له أنّها مرتبة معبوده ، وهي على الحقيقة مجلى للحقّ لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختصّ ، ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] مع تسميتهم إيّاهم آلهة ، حتّى قالوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ[ ص : 5 ] ، فما أنكروه بل تعجّبوا من ذلك ، فإنّهم وقفوا مع كثرة الصّور ونسبة الألوهيّة لها ).
 
قال رضي الله عنه :  ( والألوهية ) ليست من الأسماء الخاصة بتلك الأشخاص ، بل هي ( مرتبة ) مختصة باللّه تعالى في الواقع ، لكن ( يخيل العابد له ) أي : لهذا المعبود الباطل ( أنها مرتبة معبوده ) عن ظهور الحق بهذه المرتبة فيه ، وهذه المرتبة لم يتجل بها الحق في شيء في الواقع حتى يصح أن يسمى بالإله ؛ لأنه إنما يحصل ظهوره في مظهر لو صار واجب الوجود بالذات ، لكنه محال صريح ،
ولكن ( هي على الحقيقة مجلى الحق ) في معبوده ؛ ( لبصر هذا العابد ) الخاص إضلالا له ، وإرخاء للستر عليه ؛ ليعبده في هذه المراتب بدليل أنه ( المعتكف على هذا المعبود ) الباطل ، فإنه لو لم يتجل لبصره بهذه المرتبة فيه مع أنه غير متجلّ بها فيه ( في ) الواقع لم يعتكف على عبادته .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولتخيل العابد الإلهية المعبودة بالذات أو بتجلي الحق فيه بها ، ( قال بعض من لم يعرف ) : إن الإله إنما يطالب المتقرب إليه بالذات ، ولا يتقرب به إلى الغير ، فكان قولهم : ( مقالة جهالة : "ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى "[ الزمر : 3 ] )
 إما لأنها ( آلهة ) صغار لها قرب عند الإله الأكبر ؛ وإما لأنها صور إلهيته والتقرب إلى الصورة تقرب إلى ذي الصورة ، وهذا الجهل كما ( قالوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ[ ص : 5 ] ، فما أنكروه ) ، أي : كون الإله واحدا ،
 
قال رضي الله عنه :  ( بل تعجبوا من ذلك ) ؛ لظنهم أن الإله تجلى بالإلهية في الأصنام ، فصار كل واحد منهم إلها ، فمع بقاء تلك الصور كيف تتصور وحدة الإله ، وإنما هو بفنائها ، فجهلوا كون الإله واحدا في تلك الصور كلها بلا عجب ، لكنهم تحيروا عن الوقوف على الصورة ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهية لها ) ، إذ زعموا أن الإله ظهر بإلهيته فيها ؛ لأنها صور كاملة ولا كمال لغيره ، ولم يعلموا أن كمال الحق بوجوب وجوده بالذات ، ولا يمكن ظهوره في شيء ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )
 
قال رضي الله عنه  : ( والالوهة ) أيضا ( مرتبة ) لذلك الشخص من الشجر والحجر والإنسان ( يتخيّل العابد له أنّها مرتبة معبوده ) على الإطلاق ، ( وهي على الحقيقة ) غير ذلك ، فإنّه ( مجلى للحقّ لبصر هذا العابد ) الخاصّ ، ( المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختصّ ) من بين المجالي الغير المحدودة التي للمعبود الواحد الحقيقي ، فإنّه من حيث تلك المجالي المتكثّرة الكونيّة لا يصلح لأن يعبد .
 
قول الجاهل والعارف في المعبود
قال رضي الله عنه  : ( ولهذا قال بعض من عرف ) الأمر من حيث حقيقته العالمة بالذات من غير ظهور ذلك العرفان منه - ولذلك قال : - ( مقالة جهالة ) حيث ما عرف مؤدّى قوله : ( " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى ") [ 39 / 3 ] ،
فإنّ له دلالة بيّنة على أنّ هذه المجالي الكثيرة المعبودة لهم غير معبودة لذاتها ، بل إنما يعبدونها تقرّبا إلى المعبود بالذات ، وهو الله الواحد الحقّ إلا أنّهم جهلوا مقالتهم ، فإنّهم في مقالتهم ذلك ما اعتبروا التعيّنات الكونيّة معبودات ، كما ظهر من أحكامهم العينيّة
( مع تسميتهم إيّاهم آلهة ، حتّى قالوا ) عندما ظهر عليهم سلطان الإطلاق الجمعيّ الختميّ ، وأثبت الواحد الحق في عين تلك التعيّنات المتكثّرة : ( " أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ " ) .
 
قال رضي الله عنه  : ( فما أنكروه ) لعلمهم في حقيقتهم الأصليّة به ، ( بل تعجّبوا من ذلك ) لغرابته بالنسبة إلى مأنوسات عقائدهم ومألوفات تقليداتهم بآبائهم ، ( فإنّهم وقفوا مع كثرة الصور ) التعيّنية ( ونسبة الالوهة لها) للمفعول -  فإنّ الإله من حيث الوحدة الحقيقيّة معلومة غير مشهودة بالبصر ،
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص.
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».
فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك،  فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها. )


قال رضي الله عنه :  ( والألوهيّة مرتبة تخيّل العابد له أنّها مرتبة معبوده ، وهي على الحقيقة مجلى للحقّ لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختصّ . ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] مع تسميتهم إيّاهم آلهة . حتّى قالوا :أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ [ ص : 5 ] ، فما أنكروه بل تعجّبوا من ذلك ، فإنّهم وقفوا مع كثرة الصّور ونسبة الألوهيّة لها . ).


قال رضي الله عنه :  ( والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده ) الخاص ( وهي على الحقيقة مجلى للحق لبصر هذا العابد الخاص المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص . ولهذا ) ، أي لأن المعبود الخاص مجلى للحق لنص هذا العابد المحجوب بتعين معبوده الذي هو المجلى الخاص .
 
قال رضي الله عنه :  ( قال من عرف ) ، أي كان من استعداده الفطري أن يعرف الأمر على ما هو عليه ، وهو أن معبوده الخاص على الحقيقة مجلى للحق وإن لم يعرف بالفعل ( مقالة جهالة ) أي ناشئة عن جهالته بما هو الأمر عليه (ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) [ الزمر : 3 ] ،
وإنما كانت هذه المقالة مقالة جهالة ، لأنه جعل ما هو مجلى إلها مقربا إليه مع أن كونه مجلى إلهيا يقتضي العينية وكونه مقربا يقتضي الغيرية ( مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب فما أنكروه ) ، أي الإله الواحد
قال رضي الله عنه :  ( بل تعجبوا من ذلك ) ، أي من جعل الآلهة إلها واحدا لغرابته بالنسبة إلى عقائدهم المأنوسة وتقليداتهم المألوفة ( فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها ) ، أي إليها .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:02 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرّسول ودعاهم إلى واحد يعرف ولا يشهد ، بشهادتهم أنّهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم : "ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى." لعلمهم بأنّ تلك الصّور حجارة ، ولذلك قامت الحجّة عليهم بقوله :قُلْ سَمُّوهُمْ [ الرعد : 33 ] فما يسمّونهم إلّا بما يعلمون أنّ تلك الأسماء لهم حقيقة . ).
 
فجاء الرسول من اللّه تعالى إليهم ودعاهم إلى عبادة إله واحد يعرف بالبناء للمفعول أي يعرفه المؤمن به والكافر ولا يشهد بالبناء للمفعول أيضا لا للمؤمن به ولا للكافر بشهادتهم التي يشهدونها بمجرد قولهم أنهم أثبتوه ، أي ذلك الإله الواحد عندهم واعتقدوه إلها حقا بالتصريح به (في قولهم "ما نَعْبُدُهُمْ ")، أي الأصنام بصيغة العقلاء لأنهم كانوا ينحتونها على صور العقلاء ("إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى") [ الزمر : 3 ] .
 
فقد صرحوا بثبوت الإلهية للّه تعالى ، ولم يشهدوه بهذا الثبوت وإن اعتقدوه ، لأن شهوده تعالى الذي في قلوب المؤمنين به لا يكون في الشهود شيء غيره معه ، تعالى أصلا ولا يمكن ذلك أبدا ، وهم في قلوبهم شهود الأغيار ، فكيف تنكشف لهم وجوه الأسرار وتشرق الأنوار .
 
(لعلمهم) ، أي الكافرين (بأن تلك الصور) التي عبدوها (حجارة) لا تضر ولا تنفع والضار النافع هو اللّه تعالى وحده ، ولكنهم اعتقدوا أن لها عند اللّه تعالى مزيد شرف ورفعة قدر ، فعبدوها وتركوا عبادة اللّه تعالى لتقربهم إليه سبحانه لظنهم بأنها مشاركة له تعالى في صفة الألوهية ، فإنها كانت صور رجال عابدين اللّه تعالى في الملل السابقة ، وربما خرقت لهم العادة في حياتهم أو بعد مماتهم بأمور كان أولئك العابدون لهم يعرفونها ، فظنوا أنهم شاركوا بذلك التأثير اللّه تعالى في الألوهية ، فكانوا آلهة مع اللّه تعالى ، فصوروهم بعد موتهم وعبدوهم وغابوا عن شهود اللّه تعالى فيهم عنهم ، وكون صدور ذلك التأثير بعينه عن اللّه تعالى لطمس بصائرهم بظلمة الكفر وزيغهم عن الصراط المستقيم .
 
قال تعالى :"إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ" [ المائدة : 67 ] .
(ولذلك) ، أي لعلمهم بأن معبودهم حجارة (قامت الحجة) القاطعة (عليهم) بكفرهم وزيغهم عن الحق المبين (بقوله) تعالى الذي أمر به نبيه المرسل إليهم أن يقول لهم حيث قال تعالى : (" قُلْ سَمُّوهُمْ") ، أي سموا ما عبدتم من دون اللّه تعالى ولو سموهم (فما يسمونهم) ، أي يذكرون الأسماء لهم (إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة) لغوية عندهم كحجر وخشب وكوكب وأمثالها كإنسان وحيوان وملك فيظهر عند ذلك كفرهم بإقرارهم لو عقلوا أنهم عبدوا ما لا ينفع ولا يضر أصلا .
 
ولهذا لما قال لهم إبراهيم عليه السلام "فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ ( 63 ) فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ( 64 ) ثُمَّ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ" [ الأنبياء : 63 - 65 ] ،
أي رجعوا إلى قولهم الأوّل ، وتخيل لهم رؤية تأثيرهم من دون اللّه تعالى ،
فقالوا له :" لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ "[ الأنبياء : 65 ] ،
 
أي إنك تعلم أنهم لا ينطقون ، ونحن نعبدهم كذلك لظهور تأثير الألوهية منهم ، فعدل عليه السلام إلى الاحتجاج برد ما تخيلوه فيهم من النفع والضر ،
قالَ: " أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ ( 66 ) أُفٍّ لَكُمْ وَلِما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ " [ الأنبياء : 66 - 67 ] ،
 
أي حيث وجدتم ذلك النفع والضر صادرا لكم من الأصنام دون اللّه تعالى : "أَفَلا تَعْقِلُونَ " إن ذلك صادر من اللّه تعالى لا من الأصنام ، فظهر الحق على لسان إبراهيم عليه السلام ، فلم يمكنهم رده إلا بالفعل فعند ذلك قالُوا :" حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ " [ الأنبياء : 68 ] إلى آخره .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول دعاهم إلى إله واحد يعرف ) أي معروف عندهم ( ولا يشهد ) أي ولا مشهود فإن ألهتهم المشهودة لهم أصنامهم ( بشهادتهم إنهم أثبتوه ) أي الإله الواحد .
 
قال رضي الله عنه :  ( عندهم واعتقدوه في قولهمما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى) وإنما قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه ولم يقولوا لكونهم ألهة ( لعلمهم بأن تلك الصورة حجارة ) لا تستحق العبادة لذاتها بل إنما تستحق العبادة لكونها مقربة إلى اللّه .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل علمهم بأن تلك الصورة حجارة لا تستحق العبادة والألوهية ( قامت الحجة عليهم بقوله قُلْ سَمُّوهُمْ فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم ) من الحجر والشجر والكوكب ( حقيقة ) فظهر أن تسميتهم إلهة لهم مجاز عندهم .
والمقصود أن الرسول ما دعاهم إلى المجهول المطلق عندهم بل دعاهم إلى عبادة ما علموا من الحق فإنهم علموا أن اللّه واحد حقيقي واعتقدوه لكنه لما غاب وبعد مشاهدتهم لا يعبدون ولا ينقادون إليه لاستحالتهم عبادة الغائب عن المشاهدة ولو قرب مع مشاهدتهم لعبدوه لذلك
 
قالوا ليقربونا فلا يمكن العبادة بدون القرب والمشاهدة عندهم فكأنهم قالوا في التحقيق ما نعبد إلها لم نره ولم ينكروا بأن اللّه واحد وإنما إنكارهم في عبادة الإله الواحد المعروف الغير المشهود لهم فجاء الرسول بما يزيل به إنكارهم من أن الإله المعروف الغير المشهود يجب له العبادة وقرّر ما في علمهم واعتقادهم من أن الإله واحد .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة. ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. )
 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه
وذلك نص في قوله: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ، أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة. ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.  )
المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد ).
أي ما أنكروا الإله بل تعجبوا من التوحيد لوقوفهم مع كثرة الصور الإمكانية ونسبة الألوهية لها ، فاعترضهم الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف من قولهم ولا يشهد
 
قال رضي الله عنه : (بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى " )   فهو معروف عندهم غير مشهود .
( لعلمهم بأن تلك الصور ) أي المشهودة ( حجارة ) ليست من الألوهية في شيء ( ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله " قُلْ سَمُّوهُمْ " فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة ) كحجر وخشب وكوكب وأمثالها .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد ، يعرف ولا يشهد ) على صيغة المبنى للمفعول .
قال رضي الله عنه :  ( بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم : " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى".) أي ، دعاهم الرسول إلى إله واحد معروف غير مشهود عندهم بشهادة أنهم أثبتوا إلها واعتقدوه ، وجعلوا الأصنام المشهورة مقربات إلى الله ، فالإله معلوم لهم ، ثابت عندهم ، غير مشهود بنظرهم ( لعلمهم بأن تلك الصور حجارة ، ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله : "قل سموهم " فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة . ) أي ، الأسماء الكونية ، كالحجر والكوكب وغيرهما .
وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه وهم الذين يعرفون وحدة الحق وظهوره في مجالي متعددة.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:03 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرّسول ودعاهم إلى واحد يعرف ولا يشهد ، بشهادتهم أنّهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى [ الزمر : 3 ] ، لعلمهم بأنّ تلك الصّور حجارة ، ولذلك قامت الحجّة عليهم بقوله :قُلْ سَمُّوهُمْ [ الرعد:33] ، فما يسمّونهم إلّا بما يعلمون أنّ تلك الأسماء لهم حقيقة ) .
 
بل تعجبوا من ذلك ؛ لظنهم أن الإله تجلى بالإلهية في الأصنام ، فصار كل واحد منهم إلها ، فمع بقاء تلك الصور كيف تتصور وحدة الإله ، وإنما هو بفنائها ، فجهلوا كون الإله واحدا في تلك الصور كلها بلا عجب ، لكنهم تحيروا عن الوقوف على الصورة ،
قال رضي الله عنه :  ( فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهية لها ) ، إذ زعموا أن الإله ظهر بإلهيته فيها ؛ لأنها صور كاملة ولا كمال لغيره ، ولم يعلموا أن كمال الحق بوجوب وجوده بالذات ، ولا يمكن ظهوره في شيء ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى ) إله ( واحد ) ؛ لئلا يقفوا على الصور ، ولا ينسبوا الإلهية إليها ؛ فإنه وإن ظهر فيها بصورة الوجود ، فلم يظهر بصورة الإلهية أصلا ، ففائدة ظهوره فيها أنه ( يعرف ) بوجه ، ولكن ( لا يشهد ) فيها القصور مظهريتها ، فلا تصبح نسبة الإلهية إليها ، فدعاهم إلى الإله الواحد الذي ثبت .
 
قال رضي الله عنه :  ( فشهادتهم ) على أنفسهم ( أنهم أثبتوه عندهم ) ؛ لأنهم لما قالوا بالعدد المبهم ، وهو يتضمن الواحد ، فقد شهدوا على حقيّة الواحد وزادوا عليه ، فدعاهم إلى ذلك ، بأنه المتفق عليه ، والمدلول عليه بالدلائل القطعية ، فلابدّ في إثبات الزيادة من دليل ولا يوجد أبدا بالاستقراء ،
 
بل تقوم الدلائل على امتناعه ، وليس ذلك بطريق التنزيل ( واعتقدوه في قوله :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى ) [ الزمر : 3 ] ) ، وإنما كانت عندهم مقربة إلى اللّه زلفى ؛ لأنها صور إلهيته عندهم فدعاهم إلى ذلك الإله الواحد ، فإنه لما ظهر في هذه المظاهر أحدث صور فيها حكمتها ؛ ( لعلمهم بأن تلك الصور حجارة ) ، إذ لا تتميز الصورة الإلهية عن الحجرية في هذا المظهر ، فلم يبق لها إلهيته ، فتصح عبادتها حتى تكون مقربة إلى اللّه تعالى ؛
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولكون تلك الصور حجارة ، وإن ظهر الإله بها ( قامت الحجة عليهم بقوله : قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ [ الرعد : 33 ] أن تلك الأسماء لهم حقيقة ) ، والإلهية لو ظهرت فيها لسميت صورتها باسم ذي الصور تكون مجازا ، فخافوا من ذكر الأسماء المجازية أن تحتج عليه بصحة نفيها عنهم ؛
 لأن من خواص المجاز صحة النفي هذا إذا تميزت الصورة عن المرآة ، فكيف فيما لا تتميز ،
 لكن القاصر في المعرفة إذا سمع ظهور الحق فيها ، وأن الحق أراد أن يعبد في هذه المراتب لا ينكر على عابديها ، وهي غلط منشئه ، فصورة المعرفة إذ كمالها يقتضي الإنكار .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.)


قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد ، يعرف ولا يشهد ) - على صيغة المبنيّ للمفعول -  فإنّ الإله من حيث الوحدة الحقيقيّة معلومة غير مشهودة بالبصر ،
فحينئذ قوله : ( بشهادتهم ) متعلق بالواحد ، أي دعاهم الرسول إلى الإله الواحد الحقّ بشهادتهم ( أنّهم أثبتوه عندهم واعتقدوه ) ، أي أثبتوا ذلك الواحد واعتقدوه ( في قولهم : " ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى الله زُلْفى ").
 
ويمكن أن يقرء « يشهد » على المبنيّ لفاعله ، وهو ضمير الرسول ،
وقوله :"بشهادتهم " أي لا يشهدوا الرسول بشهادتهم ذلك لعدم مطابقة علمهم
فقوله : ( لعلمهم ) متعلَّق بـ « لا يشهد » حينئذ وعلى التقدير الأوّل متعلَّق بـ "اعتقدوه " أي اعتقدوا ذلك الواحد لعلمهم .
 
قال رضي الله عنه :  ( بأنّ تلك الصورة حجارة ولذلك قامت الحجّة عليهم ) عند الامتحان والاختبار عن مبلغ علمهم ( بقوله : "قُلْ سَمُّوهُمْ “  [ 13 / 33 ] ، فما يسمّونهم إلَّا بما يعلمون ) لأنّ الكلام صورة العلم ، وذلك ( أنّ تلك الأسماء لهم حقيقة ) عندهم ، وليس لهم غير تلك الحقيقة .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن تلك الأسماء لهم حقيقة.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرّسول ودعاهم إلى واحد يعرف ولا يشهد ، بشهادتهم أنّهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فجاء الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد ) ، على صيغة المبني للمفعول فإنه من حيث وحدته الحقيقية معلومة غير مشهودة بالبصر ( بشهادتهم ) ، متعلق الواحد ، أي دعاهم الرسول إلى الإله الواحد الحق بشهادتهم ( أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم :ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى.).
 
قال رضي الله عنه :  ( لعلمهم بأنّ تلك الصّور حجارة ، ولذلك قامت الحجّة عليهم بقوله :قُلْ سَمُّوهُمْ [ الرعد : 33 ] فما يسمّونهم إلّا بما يعلمون أنّ تلك الأسماء لهم حقيقة . )
 
قال رضي الله عنه :  (لعلمهم بأن تلك الصور حجارة ولذلك قامت الحجة عليهم في قوله :قُلْ سَمُّوهُمْ، فما يسمونهم إلا بما يعلمون أن هذه الأسماء ) الكونية كالحجر والكوكب وغيرهما . ( لهم حقيقة .) . وأما العارفون بالأمر بما هو عليه المكملون الذين يرون الكل مجالي الواحد الحق.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:04 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكا لما عبد من الصّور لأنّ مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرّسول الّذي آمنوا به عليهم الّذي به سمّوا مؤمنين . فهم عبّاد الوقت مع علمهم بأنّهم ما عبدوا من تلك الصّور أعيانها ، وإنّما عبدوا اللّه فيها بحكم سلطان التّجلّي الّذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الّذي لا علم له بما تجلّى . وستره العارف المكمّل من نبيّ ورسول ووارث عنهم . )
 
(وأما العارفون) من أهل اللّه تعالى (بالأمر) الإلهي (على ما هو عليه) في نفسه (فيظهرون) بين الناس كما ظهرت الأنبياء والمرسلون عليهم السلام (بصورة الإنكار لما عبد) بالبناء للمفعول (من الصور) من دون اللّه تعالى وإن عرفوا نفس الأمر على ما هو عليه كما سبق (لأن مرتبتهم) ، أي العارفين (في العلم) الإلهي (تعطيهم أن يكونوا) قائمين (بحكم الوقت) ، أي الزمان الذي هم فيه موجودون تابعين (لحكم الرسول الذي آمنوا) ،
 
أي صدقوا به ، أي بذلك الحكم (عليهم) متعلق بحكم الذي نعت الحكم (به) ، أي بسببه (سموا مؤمنين) ، أي مصدقين مذعنين ويجوز كون الموصولين نعتا للرسول (فهم) ، أي العارفون (عبّاد) بالتشديد جمع عابد (الوقت) ،
أي الزمان الذي هم بحكمه قائمون لتنفيذهم مقتضاه في ظواهرهم والمراد أنهم عباد اللّه تعالى الكاملون في الوقت (مع علمهم) ، أي العارفين (بأنهم) ، أي عباد الصور من دون اللّه تعالى (ما عبدوا من تلك الصور) من الأصنام وغيرها (أعيانها) ، أي ذواتها
 
(وإنما عبدوا اللّه) تعالى الظاهر (فيها) ، أي في تلك الصور (بحكم سلطان التجلي) الإلهي ، أي الانكشاف (الذي عرفوه) ، أي العارفون (منهم) ، أي من عباد الصور (وجهله) ، أي ذلك التجلي (المنكر الذي لا علم له بما تجلى) ، أي ظهر وانكشف من الحق تعالى في تلك الصور المعبودة وستره ، أي ذلك التجلي العارف المكمل في المعرفة من رسول ، أي صاحب كتاب وشريعة (ونبي) مقرر شريعة من قبله (ووارث) من الأولياء للعلم الإلهي (عنهم) ، أي عن المرسلين والأنبياء صلوات اللّه عليهم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه ) وهو الذين علموا أن الحق واحد ظاهر في مجالي متعددة ( فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ) مع علمهم بأن الصور كلها مجالي إلهي عبد فيها الحق ( لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به ) أي الايمان الذي يسببه .
 
قال رضي الله عنه :  ( سموا مؤمنين فهم عباد الوقت ) أي يعبدون اللّه بمقتضى الوقت فالوقت يحكم على ظهورهم بصورة الإنكار لما عبد من الصور قوله ( مع علمهم ) يتصل إلى قوله فيظهرون العارفون بصور الإنكار مع علمهم ( بأنهم ) أي بأن عبدة الأصنام ( ما عبدوا من تلك الصور أعيانها ) المسماة بأسماء المحدثات ( وإنما عبدوا اللّه فيها ) أي في أعيان الأصنام .
 
قال رضي الله عنه :  ( بحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ) أي من صور أصنامهم فعبادتهم للأصنام ليست إلا ما كان عليه الأمر فإنكار العارفين ليس عن جهل بحقيقة الأمر بل مرتبتهم في العلم تعطيهم ذلك وقوله بحكم يتعلق بقوله عبدوا اللّه ( وجهله ) أي جهل بما علم العارفون من أن عبدة الأصنام ما عبدوا أعيانها ( المنكر الذي لا علم له بما تجلى ) اللّه لعباده في صور الأكوان ( وستره ) أي ستر تجلي الحق في الصور الكونية والعبادة فيها
 
قال رضي الله عنه :  ( العارف المكمل من نبي ورسول ووارث عنهم ) فإنكارهم ستر الإنكار على الحقيقة.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين. فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمين: تسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه
وذلك نص في قوله:"وقضى ربك ألا تبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ، أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور إلَّا أنّ  مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول - الذي آمنوا به - عليهم الذي به سمّوا مؤمنين فهم عبّاد الوقت مع علمهم بأنّهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها ، وإنّما عبدوا الله فيما يحكم سلطان التجلَّي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلَّى ، وستره العارف المكمّل من نبيّ ورسول ووارث عنهم ) المعنى ظاهر
 
 


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )
 
قال رضي الله عنه : (وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ، لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين. فهم عباد الوقت )
لأنهم علموا أن الوقت مجلى عظيم من مجالي الحق يتجلى في كل وقت ببعض صفاته ، ولهذا كان الدهر اسما من أسمائه سبحانه
 
قال عليه الصلاة والسلام « لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر » فيغلب على الناس في كل وقت حكم الوصف الذي يتجلى به في ذلك الوقت والرسول الذي بعث فيه هو المظهر الأعظم لكمال ذلك الوصف ، فيدعو الخلق إلى الحق المتجلى فيه بطاعته طاعة الحق كقوله تعالى " من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله ".
 
فلذلك وجب الإيمان به وطاعته ، فالعارفون هم الذين يعرفونه ويحبونه أحب من أنفسهم ويتبعونه حق الاتباع ، فهم عباد الوقت لأن الوقت  هو الدهر الحاضر
الذي قال : « إن الدهر هو الله » فهم في الحقيقة عباد الوقت الحق ينقلبون مع تجلياته في الأوقات التي هي أجزاء الدهر المستمر مطيعين له دائما بحكم أوامره ونواهيه حقيقة طوعا وشهودا ، كمن تحول إلى القبلة في أثناء الصلاة عند تحول الرسول من غير أمر ظاهر لشهود تحول الحق في تجليه
 
قال رضي الله عنه : ( مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانا ) متعلق بقوله : فيظهرون بصورة الإنكار : أي ينكرون ما عبد من الصور متابعة للرسول مع علمهم بأنهم ما عبدوها ( وإنما عبدوا الله فيها بحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ) أي من عباد الصور وإن لم يشعروا بذلك وجهلوه ، والباء في بحكم يتعلق بقوله مع علمهم ومعناها السببية أي علموا ذلك بسبب حكم سلطان التجلي الذي عرفوه .
 
قال رضي الله عنه : ( وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى الله وستره العارف المكمل من نبي ورسول ووارث عنهم ).
إنما ستر العارف المكمل تعظيما وإجلالا وتنزيها له عما هو مبلغ علمهم من التعين والتشبه ، وتكميلا لمن استعد من الأمم بالطريق له من التقييد إلى الإطلاق ومن المحسوس إلى المعقول ، فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور الجزئية ليهتدوا إلى المعنى المطلق الذي هو الكلى الطبيعي فيجمعوا بين الإطلاق والتقييد ،
 
ويتوسلوا بتوسط التخيل والتعقل إلى محض الشهود والتجلي إن شاء الله ، وذلك من الوفاء بصحة متابعتهم الرسول في العلم إذا قرن بالعمل المزكى للنفوس المصفى للقلوب ، فيكمل الناس بالاقتداء بهم ، .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه ) وهم الذين يعرفون وحدة الحق وظهوره في مجالي متعددة ( فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ) أي ، ينكرون المعبودات المتعينة مع علمهم بأنها مجال الحق .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت بحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين . )
أي ، ولأن العلم اللدني الحاصل لهم يعطيهم أن يكونوا بحكم رسولهم ونبيهم لوجوب متابعة النبي ، والنبوة ما يقتضى إلا الإنكار عليهم ، فأنكروا ذلك ، وبذلك الإنكار وبالاتباع للأنبياء سموا مؤمنين .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهم عباد الوقت ) أي ، فالعارفون عباد الله بحسب الوقت ، وما يعطيه الحق بتجلي اسم ( الدهر ) في كل حين في صور أنبيائهم .
أو العابدون للأصنام هم عباد الله بحكم أوقاتهم التي يتجلى لهم الحق فيها ( مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها ) أي ، مع أن العارفين يعلمون أن العابدين للمجالي ما عبدوا الأصنام لأجل أعيانها المتكثرة المسماة بالأسماء الكونية . هذا على الأول . وعلى الثاني ، أي مع علم العابدين بأنهم ما عبدوها لأجل أعيانها ، بل لأجل أنها آلهة . والثاني أنسب .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإنما عبدوا الله فيها بحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم . ) أي ، عباد الأصنام إنما عبدوا الله في تلك المجالي بسبب تسلط سلطان التجلي الذي أدركه العابدون من المعبودين .
فقوله : ( بحكم ) متعلق ب‍ ( عبدوا الله ) . وإن جعلنا فاعل ( عرفوه ) عائدا إلى ( العارفين ) ، وضمير ( منهم ) إلى ( العابدين ) ، فمعناه : مع علمهم بحكم سلطان التجلي الذي عرفوه من العابدين أنهم ما عبدوا تلك الصور أعيانها . ف‍ ( الباء ) يتعلق ب‍ ( العلم ) .

( وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى ) أي ، وجهله المؤمن المنكر الذي لا علم له بأن الحق يتجلى بالصور الكونية . ( ويستره العارف المكمل من نبي ورسول ووارث عنهم ) أي ، العارف يعرفه ويستره .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:04 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصّور ؛ لأنّ مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرّسول الّذي آمنوا به عليهم الّذي به سمّوا مؤمنين ، فهم عبّاد الوقت مع علمهم بأنّهم ما عبدوا من تلك الصّور أعيانها ، وإنّما عبدوا اللّه فيها بحكم سلطان التّجلّي الّذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الّذي لا علم له بما تجلّى ، وستره العارف المكمّل من نبيّ ورسول ووارث عنهم ).
 
كما أشار إليه بقوله : ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه ) ، فيعلمون أن الحق ، وإن تجلى فيهم بالصورة الوجودية ، فلم يتجل في شأن بالإلهية ؛ لأنها بوجوب الوجود بالذات ولا يمكن التجلي بها ، فلا تستحق هذه المظاهر العبادة ؛ لأن أصلها العبودية ، وهي باقية في أسمائها الحقيقية ، والأسماء المحاذية لا نطلق عليها ؛ لأنها مما يفسد الاعتقاد الصحيح ، والحق وإن أراد أن يعبد فيها ، فإنما أراد ذلك من المحجوبين الذين يرون في ظهوره فيها كماله مع ما فيها من القصور ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ) ، وإن لم ينكروا ظهور الحق فيها ولا إرادته أن يعبد فيها ، كما قال أهل السنة : إن اللّه يريد الكفر من الكافر ،
وهم وإن كانوا على مراد الحق ، فالحق إنما أراد منهم الإنكار ، إذ أعطاهم العلم بأنه لم يظهر بالإلهية فيها في الواقع ، وأنه إنما أراد عبادتها من المحجوب مع أنه أراد الإنكار عليه في مظهر هذا المنكر ؛
ولذلك قال بصورة الإنكار ؛ ليشير على أن المنكر حقيقة هو اللّه تعالى في مظهرهم ؛
وتلك ( لأن مرتبتهم في العلم ) التي أعطاها اللّه إياهم ( تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت ) الذي هو مقتضى مظهريتهم في الحال ، الذي غلبت عليهم من كمال المعرفة الموجبة للإيمان بالرسل عن معرفة كمال مظهريتهم الموجبة للإيمان بهم ،
كالإيمان بربهم وإن لم يوجب لهم استحقاق العبادة التي هي بالإلهية التي لا يمكن ظهورها أصلا ، وهو تعظيم الإنكار ، فالحق يريد من مظاهرهم ذلك ،
 
إذ قد بيّن الرسول عليه السّلام هذه الإرادة الإلهية من مظهر هذا المنكر ؛
قال رضي الله عنه :  ( لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم ) أن ينكروا على عبدة الصورة ؛ لإنكار مراد الحق منهم ، كما أن عبادتها مرادة له من عابديها ، فهو ينكر بإرادة الحق فيه على إرادة الحق فيهم ، وقد رجح هذه الإرادة منه حكم الرسول ( الذي سمّوا به مؤمنين ) ، فدل ذلك على أن هذه الإرادة هي التي لها الكمال .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهم ) وإن رأوا من الحق إرادتين مختلفتين بحسب التعلق بمظهره ومظاهرهم ( عبّاد الوقت ) الذي هم فيه من كمال المعرفة التي منشأها الإيمان الحاكم عليهم بالإنكار ، فهم ينكرون بإرادة الحق على إرادة الحق مع بقاء حقه في الواقع في الإرادتين فهم ينكرون عبادة الصور ( مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها ) الثابتة التي لا وجود لها ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما عبدوا اللّه ) الذي ظهر ( فيها ) ، لكنهم أنكروا على قصدهم عبادة الغير أو على رؤيتهم أن الحق تجلى فيها بالألوهية مع أنه محال ؛ لأنها بوجوب الوجود ، ومع ذلك فلا تسمى إلها إلا بالمجاز ، والمستحق للعبادة إنما هو الإله بالحقيقة لا بالمجاز ، أو على رؤيتهم أنه الكمال الإلهي مع أنه عين القصور ( وجهله ) ، أي : كون الحق هو الموجود فيها
( المنكر ) من العامة ، وهو ( الذي لا علم له بما تجلّى ) ، فهو وإن أخطأ في معرفة التجلي أصاب في الإنكار ؛
 
ولذلك ( يستره ) أي : التجلي عليه ( العارف المكمّل ) للعامة ، وإن كان من شأنه التكميل في المعرفة ( من نبيّ ورسول ووارث ) ؛ لئلا يتقلع عن إنكاره بتوهم حقيقة العبادة فيها عند علمه بتجلي الحق فيها ، أو بتحيره في الإنكار على إرادة الحق بإرادة الحق .
وإذا ستره العارف المكمل عن المنكر ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال رضي الله عنه  : ( وأما العارفون بالأمر ) وهم المكمّلون ، الذين يرون الكلّ مجالي الواحد الحقّ ولكن لا يظهرون إلا ما يقتضي الوقت الظاهر بصور الأنبياء والرسل إظهاره ، لأنّهم عرفوا الأمر ( على ما هو عليه ، فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ) ، مع رؤيتهم أنّها من مجالي الحقّ ( لأنّ مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت ) فيما يظهرون به من الصورة الكلاميّة ( بحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم ) وهم مغلوبون تحت ذلك الحكم ، محاطون به ،
وذلك الحكم هو ( الذي به سمّوا مؤمنين ، فهم عبّاد الوقت ) وذلك هو المجلى الجمعيّ الذي له الإحاطة بالكلّ .
والمتّصف بتلك العبادة هو المتّقي ، كما يدلّ عليه تلويحه ، فإن التقوى هو الظهور بحكم الوقت ، والحاكم من الشيء هو باطنه - كما عرفت مرارا - فلذلك ترى باطن الوقت ظاهر التقوى .
ولذلك ينكرون غيرهم من العابدين ،
 
قال رضي الله عنه  :  ( مع علمهم بأنّهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها ، وإنما عبدوا الله فيها بحكم سلطان التجلَّي ) الظاهر حكمه عليهم ،
وهو ( الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلَّى ) ، أو له علم ( و ) لكن ( يستره ) ، وهو ( العارف المكمّل ) الظاهر بحكم الوقت (من نبيّ ورسول ووارث عنهم ).
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصّور لأنّ مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرّسول الّذي آمنوا به عليهم الّذي به سمّوا مؤمنين . فهم عبّاد الوقت مع علمهم بأنّهم ما عبدوا من تلك الصّور أعيانها ، وإنّما عبدوا اللّه فيها بحكم سلطان التّجلّي الّذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الّذي لا علم له بما تجلّى . وستره العارف المكمّل من نبيّ ورسول ووارث عنهم . )
قال رضي الله عنه :  (وأما العارفون بالأمر بما هو عليه ) المكملون الذين يرون الكل مجالي الواحد الحق ( فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور ) مع رؤيتهم أنها مجالي للحق ( لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي سموا به مؤمنين . فهم عباد الوقت ) ، أي عباد اللّه على ما اقتضاه الوقت
( مع علمهم ) ، أي العابدين للمجلى ( بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها وإنما عبدوا اللّه فيها بحكم سلطان التجلي الذي عرفوه ) أي العارفون ( منهم ) ، أي من العابدين ( وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى ) الحق بالصور الكونية ( أو يستره العارف المكمل من نبي ورسول ووارث عنهم) . فأمرهم  أي أمر العارف المكمل المحجوبين.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:05 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :-                               الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصّور لما انتزح عنها رسول الوقت اتّباعا للرّسول طمعا في محبّة اللّه إيّاهم بقوله : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهَ " [ آل عمران : 31 ] .  فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة ، ولا يشهد ولا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُبلوَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَللطفه وسريانه في أعيان الأشياء . فلا تدركه الأبصار كما أنّها لا تدرك أرواحها المدبّرة أشباحها وصورها الظّاهرة .  "فهو اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ " [ الأنعام : 103 ] . والخبرة ذوق ، والذّوق تجلّ ، والتّجلّي في الصّور . فلا بدّ منها ولا بدّ منه .
فلا بدّ أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت ." وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ " [ النحل : 9 ] . )
 
فأمرهم ، أي أمر ذلك العارف المكمل لعباد الصور بالانتزاح ، أي التباعد والتجنب عن تلك الصور التي يعبدونها من دون اللّه تعالى لما انتزح ، أي تباعد واجتنب عنها ، أي عن تلك الصور رسول الوقت هو المقر للشريعة والدين في ذلك الوقت من الأولياء ميراثا نبويا اتباعا ، أي على وجه المتابعة منه للرسول النبي صاحب الكتاب والشريعة طمعا من رسول الوقت في حصول محبة اللّه تعالى إياهم ، أي عباد الصور بزوال كفرهم الذي اقتضته عبادتهم لها من دون اللّه تعالى بقوله تعالى أي بسبب قوله : ("قُلْ") ، أي يا محمد للكافرين " إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ " وتطمعون في حصول محبته سبحانه لكم (" فَاتَّبِعُونِي") ، أي اقتدوا بي في جميع ما آمركم به وأنهاكم عنه ظاهرا وباطنا (" يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ " فدعا) [ آل عمران : 31].
 
أي الرسول النبي المأمور بذلك إلى عبادة إله ، أي معبود حق يصمد بالبناء للمفعول ، أي يقصد إليه في تحصيل جميع الحوائج ويعلم بالبناء للمفعول أيضا أي يعلمه المؤمنون به من حيث الجملة ، أي بطريق الإجمال في حضراته وما يجب له من الكمال ولا يشهد بالبناء للمفعول أيضا يعني من حيث ذاته المطلقة وإن شهد من حيث تجليات أسمائه وصفاته ولا تدركه سبحانه من حيث ذاته أيضا الأبصار جمع بصر من حيث هي أبصار (بل "وَهُوَ") سبحانه (" يُدْرِكُ الْأَبْصارَ") [ الأنعام : 103 ] من حيث هو عين الإبصار كما ورد : « كنت بصره الذي يبصر به »  .
وإذا أدرك الأبصار أدرك ذاته حينئذ ، لأنه يكون عين الإبصار لا من حيث هي صور مشتملة على قوى حساسة بل من حيث ما هي موصوفة بالوجود فهي نفس الوجود مثل كل شيء والصور العدمية علامة على الحضرة البصرية المخصوصة للطفه تعالى وكل ما سواه بالنسبة إليه سبحانه كثيف جدا وسريانه بصفة القيومية في أعيان الأشياء من غير حلول لعدم تصوره في حقه تعالى ،
 
فإن الموجود لا يحل في المعدوم وإن ظهر به وتقيد بقيوده عنده في نفس الأمر (فلا تدركه) تعالى (الأبصار) لأجل ذلك (كما أنها) ، أي الأبصار (لا تدرك أرواحها) ، أي أرواح الأبصار ، المدبرة أشباحها ، أي أجسامها الإنسانية وصورها الظاهرة فالأرواح (المدبرة للأجسام) ألطف من الأبصار فلا تقدر الأبصار أن تدركها لأنها ألطف منها ، والكثيف لا يدركه اللطيف واللطيف يدرك الكثيف .
 
(فهو) ، أي اللّه تعالى (اللطيف) ، أي الموصوف بكمال اللطف فكيف تدركه الأبصار (الخبير) ، أي الموصوف بكمال الخبرة ، فكيف لا يدرك الأبصار (والخبرة ذوق) ، أي علم كشف ومعاينة وإحساس ، لأنه العلم المستفاد من الاختبار والامتحان كما مر (والذوق تجل) ، أي ظهور وانكشاف (والتجلي) من اللّه تعالى إنما يكون (في الصور) فيتجلى بها فيعرف من يعرف ويجهل من يجهل وينكر من ينكر والأمر في نفسه لا يتغير (فلا بد منها) ، أي من الصور (ولا بد منه) ، أي التجلي فيها (فلا بد أن يعبده) تعالى من رآه في الصور من مقام الإحسان الذي هو أن تعبد اللّه كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك (بهواه) ،
 
أي بميل نفسه إلى عين ما رأى (إن فهمت) يا أيها السالك سر المعرفة الإلهية الذوقية فإن فيها يطيب الهوى وبعدمها عند ظهور المعرفة الخيالية الوهمية في القاصرين يخبث الهوى ، 
ومن هنا قيل للجنيد رضي اللّه عنه : متى يصير داء النفس دواها فقال : إذا تركت هواها صادر داؤها دواها .
 
(وعلى اللّه) تعالى فضلا منه ورحمة كما قال سبحانه :"كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ" [ الأنعام : 54 ] ، أي ألزم نفسه لكم بها (قصد) ، أي إرادة المريد بصدق وعزم للسلوك في (السبيل) ، أي طريق اللّه تعالى المستقيم وهو صراط الذين أنعم اللّه عليهم .
 
وفيه إشارة إلى أنه لا وصول إلى اللّه تعالى أصلا في الدنيا والآخرة ، وإنما هناك سلوك فقط في صراط اللّه المستقيم ، فمن دخل الطريق وسلك فيه فهو الواصل والخروج عنه انقطاع .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم ) أي أمر العارف عبدة الأصنام ( بالانتزاح ) أي بالاجتناب ( عن ) عبادة ( تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة اللّه إياهم الثابتة بقوله قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّه فدعا ) الرسول عابد الأصنام ( إلى ) عبادة ( إله يصمد ) على صيغة المجهول أي يحتاج ( إليه ) كل شيء في وجوده وجميع أحواله ولا يحتاج هو إلى غيره .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويعلم ) مبني للمفعول ( من حيث الجملة ) أي من حيث الإجمال أي يعلم كل شيء إجمالا أن لهم إلها وهذا العلم بديهي لذلك لا ينكر أحد وجود الحق وإنما الاختلاف في التعيين فبعضهم عين الأصنام وبعضهم الكوكب وبعضهم النار وغير ذلك ( ولا يشهد ) ذاته كما قال تعالى :" لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ" [ الأنعام : 103].
 
قوله رضي الله عنه  : ( للطفه وسريانه في أعيان الأشياء ) تعليل لقوله "لا تُدْرِكُهُ" ولقوله "وَهُوَ يُدْرِكُ" ( فلا تدركه الأبصار كما أنها ) أي كما أن الأبصار ( لا تدرك ) قوله ( أرواحها ) مفعول لا تدرك الضمير راجع إلى الأبصار ( المدبرة ) منصوب صفة أرواحها ( أشباحها ) منصوب بالمدبرة (وصورها ) عطف على أشباحها ( الظاهرة ) صفة لصورها فإذا كان كذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو ) أي الحق ( اللطيف الخبير والخبرة ذوق ) كما ذكر ( والذوق تجلى والتجلي ) لا يكون إلا ( في الصور فلا بد ) لظهور التجلي ( منها ) أي من الصور ( ولا بد ) لظهور الصور ( منه ) أي من التجلي إذ لا يكون الصور أيضا بدون التجلي ( فلا بد أن يعبده من رآه ) قوله ( بهواه ) متعلق بقوله أن يعبده ( إن فهمت ) ما ذكرناه لك ( وعلى اللّه قصد السبيل ) أي بيان الطريق الموصلة إليه .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله». فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء. فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة. «وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور. فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
للإنسان، فله أن يحكم فيه بما شاء لأن درجة الإنسان فوق درجة من سواه في قوله تعالى: "ورفع بعضكم فوق بعض درجات" (الأنعام: 165). 
ثم قسم التسخير إلى قسمينتسخير قهري، وتسخير حالي ومثل التسخیرین.
ثم ذكر أنه لم يبق شيء من الأشياء لم يعبد، إما عبادة تأله وإما عبادة حال وأنه تعالى عين الأشياء لأنه تعالى قضى أن لا يعبد سواه
وذلك نص في قوله: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " (الإسراء: 23) ، أي حكم ولا مرد لحكمه، فإذن هو المعبود من درجات كثيرة ولذلك يسمی تعالی برفیع الدرجات ولم يقل رفيع الدرجة. 
قال وأعظم ما عبد فيه درجة الهوى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" (الجاثية:23) ثم بين أنه ما عبد عابد إلا هواه وكلامه واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصورة لما انتزح عنها رسول الوقت اتّباعا للرسول طمعا في محبّة الله إيّاهم بقوله: " إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ".[ آل عمران : 31 ].  فدعا إلى إله يصمد إليه ، ويعلم من حيث الجملة ، ولا يشهد ، ولا تدركه الأبصار [ الأنعام : 113 ] ، بل هو يدرك الأبصار [ الأنعام : 113 ] ، للطفه وسريانه في أعيان الأشياء ، فلا تدركه الأبصار ، كما أنّها لا تدرك أرواحها المدبّرة أشباحها وصورها الظاهرة ، فهو اللطيف الخبير [ الأنعام :103 ] ، والخبرة ذوق ، والذوق تجلّ ، والتجلَّي في الصور ، فلا بدّ منها ولا بدّ منه ، فلا بدّ أن يعبده من رآه بهواه ، إن فهمت " وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ " [ النحل : 9 ] .)   المعنى ظاهر


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصورة لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله :" إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله " ) .
إنما ستر العارف المكمل تعظيما وإجلالا وتنزيها له عما هو مبلغ علمهم من التعين والتشبه ، وتكميلا لمن استعد من الأمم بالطريق له من التقييد إلى الإطلاق ومن المحسوس إلى المعقول ، فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور الجزئية ليهتدوا إلى المعنى المطلق الذي هو الكلى الطبيعي فيجمعوا بين الإطلاق والتقييد ،
 
ويتوسلوا بتوسط التخيل والتعقل إلى محض الشهود والتجلي إن شاء الله ، وذلك من الوفاء بصحة متابعتهم الرسول في العلم إذا قرن بالعمل المزكى للنفوس المصفى للقلوب ، فيكمل الناس بالاقتداء بهم ،
وهم بصحة المتابعة ظاهرا وباطنا علما وعملا وخلقا وحالا ناسبوا رسولهم فاحتظوا من ولايته بقدر استعداداتهم فينالون من محبة الله إياهم ببركة متابعة حبيب الله وشفاعته وإمداده إياهم .
"" أضاف عبد الرحمن جامي :
فلا بد منها ، أي من الصورة لأن الصورة ليست إلا تعين تجلى الوجود الحق ، فالوجود الحق من حيث الإطلاق هو المتجلى ، ومن حيث التقييد هو المجلى والصورة ،
فإذا تجلى الحق في الصورة فلا بد أن يعبده . أهـ جامى . ""
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فدعا إلى إله يصمد إليه ) وهو الوجود الحق المطلق الذي يستند إليه كل وجود خاص ( ويعلم من حيث الجملة ولا يشهد ولا تدركه الأبصار ) أي يعلم من حيث الإطلاق والإجمال ولا يشهد من حيث التقييد والتفصيل ، إذ لا بد في الشهود من تجلى ومجلى ومتجل ، وكذا الأبصار
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( بل هو يدرك الأبصار للطفه وسريانه في أعيان الأشياء ولا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة ).
الضمير في أنها ضمير القصة ، كقوله :" فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ " وإضافة الأرواح إلى ضمير الأبصار لملابسته ، وإنما لا تدركه الأبصار لأن إدراكها مخصوص ببعض الظواهر فلا تدرك الحقائق وكل ما تحت الاسم الباطن
وإنما لا تدركه الأرواح لأن إدراكها مخصوص بالبواطن فلا تدرك ما تحت الاسم الظاهر من أسمائه وصفاته ولا يجمع بين الظاهر والباطن والتقييد والإطلاق واللاتقيد واللاإطلاق إلا التجلي الشهودي .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو اللطيف ) أي عن إدراك الأبصار والبصائر ( الخبير ) بالبواطن والظواهر ( والخبرة ذوق والذوق تجل والتجلي في الصور فلا بد منها ولا بد منه ، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت " وعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ ")  .
الذوق إنما يكون بقوى وجدانية وذلك إنما يكون بالتجلي في الصور فمن رآه متجليا في أي صورة كانت مال إليه ،
والهوى في العرف ليس إلا ميلا نفسيا فلا شهود إلا بالتجلي ، ولا تجلى إلا في صورة ،
فلا عبادة له شهودية إلا بميل تام نفسي لأن الصورة لا بد لها من ميل إلى ما يوافقها وهو الهوى.
تم الفص الهاروني
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم ) أي ، أمر العارف المكمل المحجوبين . ( بالانتزاح ) أي ، الاجتناب .
( عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول ، طمعا في محبة الله إياهم بقوله : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ) .
فدعا ) الرسول . "إلى إله يصمد إليه. " يحتاج ويفتقر إليه وهو لا يحتاج ولا يفتقر إلى غيره .
 
قال رضي الله عنه :  ( ويعلم من حيث الجملة ) أي ، يعلم إجمالا أنه إله خالق لما سواه ، ذو الجلال والإكرام.  ( ولا يشهد ذاته ، كما قال : "لا تدركه الأبصار بل هو يدرك الأبصار" . للطفه وسريانه في أعيان الأشياء . ) تعليل للحكمين .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا تدركه الأبصار كما أنها ) أي ، كما أن الأبصار . ( لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة . ) كما أنها لا تدرك الأرواح المدبرة أشباحها المثالية والصور الظاهرة الحسية .
وفي بعض النسخ : ( كما أنها لا تدركه أرواحها المدبرة ) . فضمير ( أنها ) للقصة . كقوله تعالى : ( فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) . وفاعل ( لا تدركه ) ( الأرواح ) ، وضمير ( أرواحها ) للأبصار .
( فهو "اللطيف" ) عن إدراك البصائر والأبصار . ( الخبير ) على الضمائر والأسرار .
 
قال رضي الله عنه :  ( والخبرة ذوق ، والذوق تجل ، والتجلي في الصور . فلا بد منها ولا بد منه )  أي ، الخبرة إنما تحصل بالذوق ، والذوق بالتجلي ، والتجلي يعطى الظهور في صور المظاهر ، فلا بد من الصور التي يتجلى الحق فيها ، ولا بد من الحق المتجلي بها .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلا بد أن يعبده من رآه بهواه . إن فهمت . وعلى الله قصد السبيل . ) أي ، وإذا كان لا بد من المجالي والمتجلى فيها ، فلا بد من الناظر إليها والعابد لها بحكم سريان المحبة في جميع الأشياء بسريان الهوية الإلهية ، فإنه إنما يتجلى بها ليعبد في جميع المراتب الوجودية ، إن فهمت ما ذكرناه من قبل .
وعلى الله إيضاح الطريق وبيان التحقيق .
والله الهادي .

تم الفص الهاروني
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:06 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :-                               الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصّور لما انتزح عنها رسول الوقت اتّباعا للرّسول طمعا في محبّة اللّه إيّاهم بقوله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [ آل عمران : 31 ] ، فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة ، ولا يشهد ولا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ [ الأنعام : 113 ] ، بل وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [ الأنعام : 113 ] ، للطفه وسريانه في أعيان الأشياء . فلا تدركه الأبصار كما أنّها لا تدرك أرواحها المدبّرة أشباحها وصورها الظّاهرة ، فهو اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [ الأنعام :103 ] ، والخبرة ذوق ، والذّوق تجلّ ، والتّجلّي في الصّور ؛ فلابدّ منها ولا بدّ منه ، فلابدّ أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت ،وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ [ النحل : 9 ] ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم ) أي : المنكر عابدي الصور ( بالانتزاح عن الصور لما انتزح عنها رسول الوقت ) ، فهذا المنكر وإن أخطأ في المعرفة لم يخطئ في هذا الأمر ، إذ أمرهم ( اتباعا للرسول ) ، وهذه المتابعة بخير ما فاته من المعرفة ؛ لأنه إنما يتبع الرسول ( طمعا في محبة اللّه إياهم ) ، وهي في العبادة لا تقصر عن المعرفة إنما تطلب في محبة اللّه ، وهي حاصلة في متابعة الرسول
 
قال رضي الله عنه :   ( بقوله : قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [ آل عمران : 31 ] ) ، وأعظم المتابعة هي المتابعة في الدعوة إلى عبادة الحق وحده لا في هذه المظاهر والصور ، ( فدعا ) هذا المنكر ( إلى إله يصمد إليه ) أي : يحتاج إليه الكل ؛ لكونه واجب الوجود بالذات ، ولا يمكن ظهوره في مظهر ، وهو بظهوره في هذه المظاهر إنما
قال رضي الله عنه :  ( يعلم من حيث الجملة ، ولا يشهدوه ) لقصور المظهرية ، والدليل عليه قوله :( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ) [ الأنعام : 113 ] ، والمشهود تدركه الأبصار ، ( بل هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ ؛) لظهوره فيها فهو يدرك صورته فيها إدراك الشخص صورته في المرآة ، وإنما يظهر في المظاهر .
 
قال رضي الله عنه :  ( فللطفه ) بها الموجب لتوجهه إليها وتجليه لها ، وهو سبب ( سريانه في أعيان الأشياء ) وهو يفيدها الصورة الوجودية والتدبير فيها( لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ )على نهج المشاهدة في هذه المظاهر ، ( كما أنها ) أي : الأبصار ( لا تدرك أرواحها ) ، أي : أرواح الأشياء ( المدبرة أشباحها ) ، ولا تدرك ( صورها الظاهرة ) من الحق فيها ، فلا تدرك بالأبصار من الأشياء صورة الحق ، وهي الصورة الوجودية ، وكذا الصورة الجسمية والنوعية والشخصية ، بل إنما تدرك هذه الصور بالعقل ، والمدرك بالبصر إنما هو الشكل واللون ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فهو اللَّطِيفُ) من حيث لا يدرك بذاته ولا بصور ظهوره في المظاهر ،( الْخَبِيرُ ) من حيث ظهوره بالأشياء ؛ ليعلم بالذوق ما فيها بعد علمه مطلقا ، وذلك أن ( الخبرة ذوق ) ولا ذوق لمحق في ذاته ؛ لأنه من جملة الحوادث ، فلا يكون له إلا بالاعتبارات تحصل لصورته الظاهرة في المظاهر .
 
ولذلك نقول : ( الذوق تجلّ ) أي : حاصل من التجلي ، ( والتجلي ) وإن كان له في ذاته ، فهو لا يفيد الذوق الحادث فيه ، بل إنما يفيده التجلي ( في الصور فلابدّ منها ) أي : من الصور لهذا الذوق ، ( ولا بدّ ) للمتجلى ( منه ) أي : من الذوق ، إذ هو المقصود ، وقد علم الحق تجليه في المظاهر بالصورة الوجودية بحيث يتخيل القاصر ظهور ألوهيته فيها ، وهي موجبة للعباد ، فلابدّ أن يحصل ذلك له بالذوق ، وقد أوجب ذلك وظهر ذلك الوجوب في هوية المحبين إذا حجبوا عن المحبوب الحقيقي وتخيلوه فيها ،
( فلابدّ أن يعبده من رآه بهواه ) أي : يحبه بحيث يتخيله على كماله في بعض ما يراه ، لكن عبادته في ذاته مع عبادته في مظاهره إفراط ، والاقتصار على عبادة المظاهر تفريط ،
قال رضي الله عنه :  ( وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ) [ النحل : 9 ] .
في عبادته وحده باعتبار ذاته وأسمائه بجمعه جميع الدرجات الرفيعة بلا إفراط ولا تفريط ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
ولما فرغ عن الحكمة الإمامية التي بها التصرف بالحق على الخلق ، أو إقامة أوامره ونواهيه نيابة عنه فيهم ، شرع في بيان الحكمة العلوية التي بها استعلاء المتصرف بالحق ، والمقيم أوامره ونواهيه على المتصرف بنفسه ، المقيم أوامرها ونواهيها ؛
فقال :فص الحكمة العلوية في الكلمة الموسوية


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )
 
قال رضي الله عنه  :  (فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصورة ، كما انتزح عنها رسول الوقت ) الحاكم بمقتضاه ، العارف به ، ( اتّباعا للرسول ، طمعا في محبّة الله إيّاهم ) ،
فإنّ المحبّة التي هي أصل الحركة الوجوديّة التي منها تحصّلت الأنواع وتكوّنت الأشخاص ، متعلَّقها هو الكمّل من الرسل ،
فمن تبعهم من تلك الأشخاص واندرج تحت كليّة أمرهم وإحاطتهم ، نال تلك المرتبة وفاز بمحبّة الله إيّاه ، ومن استقلّ بحكم شخصيّة الجزئيّة بعد عنها ضرورة فمن اعتكف سدّة المحبّة وقرع بابها لا بدّ له من المتابعة حتى يفتح عليه ذلك الباب .
 
ولذلك ترى المتابعة واقعة بين المحبّتين ، كما أشار إليه ( بقوله : " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ الله ".)
 
والمتابعة هاهنا هو الانتزاح والبعد عن تلك المجالي المشهودة الظاهرة ، حفظا لعزّة المعبود وجلاله ، ووفاء بخلوص العبوديّة وانكساره ( فدعا إلى إله يصمد إليه ) ويقصد عند الافتقار والاحتياج ، ( ويعلم ) بمثل هذه الصفات بوجه ( من حيث الجملة ، ولا يشهد ) لأنّ المشهود - كان من كان - ليس له ابّهة الغالب في عزه وعظمته .
 
وإنّك قد عرفت أنّ الكيفيّات والانفعالات وما يجري مجراها - مما يختصّ به الكثائف - لا يناسب المعبود الإله ، وهو لا يتّصف به في لسان الظاهر ،
ولذلك قال : ( " لا تُدْرِكُه ُ الأَبْصارُ “  [ 6 / 103 ] ، بل "هُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ "  للطفه وسريانه في أعيان الأشياء ) وبيّن أن الساري في الشيء لا يقبل قوّة الإبصار ، فإنّها إنما يتعاكس أشعّتها أو يتمثّل انطباعها في كثيف غير نافذ ولا سار في بطون آخر - كما عرفت أمره في المقدمة.
 
قال رضي الله عنه  : (فـ " لا تُدْرِكُه ُ الأَبْصارُ "  [ 6 / 103 ] كما أنّها لا تدرك أرواحها المدبّرة أشباحها وصورها الظاهرة ) يعني الحيوانيّ والنفسانيّ والطبيعيّ فإنّ قوّة البصر لا يدرك شيئا منها مع ظهور آثارها وأفعالها ( فهو " اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ") ، فاللطف إشارة إلى كماله في الظهور ، والخبرة إلى كماله في الإظهار ( و ) ذلك لأنّ ( الخبرة ذوق ، والذوق تجلّ ، والتجلَّي في الصور ) ، فإنّ التجلي إنما هو الظهور فلا بدّ له من المظهر ،
 
قال رضي الله عنه  : ( فلا بدّ منها ) - يعني الصور ، فإنّها مظاهر التجلَّي - ( ولا بدّ منه ، فلا بد أن يعبد من رآه ) في تلك الصور والمظاهر ( بهواه ) أي بحكمه وقهرمانه ، فإنّ الهواء هو الرقيقة بين تلك الصور والمجالي ، وبين من يهيم بها ممن رآه فيها .
 
ولكن لما كان إظهار هذا لا يوافق كمال العبوديّة وجلال عزّة المعبود - كما عرفت آنفا - طوى عن الإفصاح به ، فالأمر فيه موكول إلى الفهم والفطانة ،
 
وأشار إليه بقوله : ( إن فهمت ) .
( وَعَلَى الله قَصْدُ السَّبِيلِ ) مطلقا ، سواء ساق إليه الشرع ، أو قاد إليه الهوى.
تم الفص الهاروني.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه، فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت، وعلى الله قصد السبيل.  )


قال رضي الله عنه :  ( فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصّور لما انتزح عنها رسول الوقت اتّباعا للرّسول طمعا في محبّة اللّه إيّاهم بقوله :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [ آل عمران : 31 ] .  فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة ، ولا يشهد ولا تُدْرِكُهُ )
 
قال رضي الله عنه :  (فأمرهم ) ، أي أمر العارف المكمل المحجوبين ( بالانتزاح ) ، أي الاجتناب ( عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة اللّه إياهم ) ، الثابتة ( بقوله :قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ[ آل عمران : 31 ].
فدعا الرسول إلى إله يصمد إليه ) ، ويقصد لقضاء الحوائج ( ويعلم من حيث الجملة ) ، أي على وجه الإجمال ( ولا يشهد ) ، لأن المشهود كان من كان ليس له أبهة الغالب في عزه وعظمته ولا تدركه
 
قال رضي الله عنه :  ( الْأَبْصارُ" بل "وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ" للطفه وسريانه في أعيان الأشياء . فلا تدركه الأبصار كما أنّها لا تدرك أرواحها المدبّرة أشباحها وصورها الظّاهرة . فهواللَّطِيفُ الْخَبِيرُ[ الأنعام : 103 ] . والخبرة ذوق ، والذّوق تجلّ ، والتّجلّي في الصّور . فلا بدّ منها ولا بدّ منه . فلا بدّ أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت .وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ[ النحل : 9 ] .)
 
قال رضي الله عنه :   (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ بل ووَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) فالأول ( للطفه و ) الثاني لمكان ( سريانه في أعيان الأشياء فلا تدركه الأبصار كما أنها ) ، أي الأبصار ( لا تدركه أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة ) ، عطف على أشباحها عطف تفسير .
وقيل : المراد بالأشباح الأبدان المثالية ، وبالصور الظاهرة الأبدان الحسية ، وعطفه بعضهم على أرواحها ، وأراد بصور الإبصار العيون ، فإن العين الباصرة غير مدركة للقوة الباصرة بنفسها بل بواسطة المرآة .
 
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه :
كما أنها لا تدركه أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة ، فضمير أنها للقصة يعني لا تدركها الأبصار كما أنه لا تدركها الأرواح التي ليست الأبصار إلا بعضا من قواها ففي هذه العبارة زيادة مبالغة في عدم إدراك الأبصار له كما لا يخفى
( فهو اللطيف ) لتنزهه عن إدراك الأبصار ( الخبير ) لسريانه في أعيان الأشياء ( والخبرة ذوق والذوق تجل ) ، أي حاصل كالتجلي ( والتجلي ) لا يكون إلا ( في الصور ) ، لأن التجلي هو الظهور ولا بد في الظهور من مظهر والمظاهر هي الصورة ؛
 
ولذلك قال : ( فلا بد منها ) أي لا بد للتجلي من الصور ( و ) كذا ( لا بد ) للصور ( منه ) أي من التجلي ، لأن الصورة ليست إلا تعين تجلي الوجود الحق فالوجود الحق من حيث الإطلاق هو المتجلي ومن حيث التقيد والتعين هو المجلى والصورة فإذا تجلى الوجود الحق في الصورة ( فلا بد أن يعبده من رآه ) ، في تلك الصور ( بهواه ) الحاكم إليه في عبادة من يهواه هذا سر عبادة الصورة ( إن فهمت وعلى اللّه قصد السبيل ، وهو حسبنا ونعم الوكيل ) .
تم الفص الهاروني
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:07 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفص الهاروني الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :-                            
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
24 – شرح نقش فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
هارون لموسى بمنزلة نواب محمدٍ صلى الله عليه وسلم بعد انفصاله إلى ربه فلينظر الوارث من ورث وفيما استنيب.
فتعينه صحة ميراثه ليقوم فيه مقام رب المال.
فمن كان على أخلاقه في تصرفه كان كأنه هو.

اعلم أنّ الامامة المذكورة في هذا الموضع اسم من أسماء الخلافة.
و هي تنقسم إلى إمامة لا واسطة بينها و بين حضرة الألوهية و إلى إمامة ثابتة بالواسطة.

و التعبير عن الامامة الخالية عن الواسطة مثل قوله تعالى للخليل عليه السلام، «إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً» [البقرة : 124]، و التي بالواسطة مثل استخلاف موسى هارون عليهما السلام على قومه حين قال له، "اخْلُفْنِي في قَوْمِي". [الأعراف : 142]
إذا عرفت هذا، فنقول، كل رسول بعث بالسيف، فهو خليفة من خلفاء الحق و إنّه من أولى العزم.
ولا خلاف في أنّ موسى و هارون عليهما السلام بعثا بالسيف. فهما من خلفاء الحق الجامعين بين الرسالة و الخلافة.

فهارون له الامامة التي لا واسطة بينه و بين الحق فيها، و له الامامة بالواسطة من جهة استخلاف أخيه إيّاه على قومه.
فجمع بين قسمى الامامة، فقويت نسبته إليها. فلذلك أضيفت حكمته إليها دون غيرها من الصفات. فاعلم ذلك.

(هارون لموسى) عليهما السلام حين استخلفه على قومه و ذهب لميقات ربّه (بمنزلة نواب محمد) لمحمّد (صلّى الله عليه و سلم بعد انفصاله) عن هذه النشأة العنصرية ذاهبا الى ربه. فكما أنّ نوّاب محمّد صلّى الله عليه و سلم من الكمّل و الأقطاب ورثته و خلفاؤه في أمّته، يتصرّفون فيهم كتصرّفه صلّى الله عليه و سلم، فكذلك كان هارون وارثا لموسى عليهما السلام و خليفة عنه في قومه و متصرّفا فيهم مثل تصرّفه.

(فلينظر) الولى (الوارث) الذي يرث من قبله من الأنبياء (من يرث منهم)، فانّ الوارث إمّا محمّدى أو غير محمّدى، و الغير المحمّدى إمّا وارث لموسى أو عيسى أو إبراهيم أو غيرهم من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين.
و لينظر الوارث أيضا (فيما استنيب)، أو في العلم دون الحال و المقام، أو في العلم و الحال دون المقام كذي مقام ينصبغ بحال ذى حال ، إمّا بتأثيره الروحاني أو بكلامه و إرشاده فيسرى العلم و الحال.

فإذا سرّى عنه، انصبغ بحال مقام هو فيه.  (فتعينه)، أي الولى الوارث، (صحة ميراثه) و قوّة وراثته للنبي المورّث (ليقوم فيه)، أي فيما استنيب، (مقام) ذلك النبي الذي هو بمنزلة (رب المال) .

فيأخذ العلم مثلا من المأخذ الذي أخذ النبي المورّث أيضا منه، فانّ علوم الأنبياء كانت إلهية وهبية و كشفية بالتجلّى، لا بالكسب و التعمّل.
فوجب أن تكون الوراثة الحقيقية كذلك وهبية، لا نقلية و لا عقلية.  
فيرث الولى الوارث العلم من المعدن الذي أخذه النبي و الرسول عنه ، فليس العلم ما يتناقله الرواة بأسانيدهم الطويلة،
فانّ ذلك منقول يتضمّن علوما لا يصل إلى حقيقتها و فحواها إلّا أهل الكشف و الشهود.
و النبي الرسول إنّما أخذ العلم عن الله، لا عن المنقول.
فالورث الحقيقي إنّما هو في الأخذ عن الله، لا عن المنقول.

قال سلطان العارفين أبو يزيد البسطامي رضى الله عنه لبعض علماء الرسوم و نقلة الأحكام و الآثار و الأخبار: «أخذتم علمكم ميتا عن ميت، و أخذنا علمنا عن الحي الذي لا يموت». و كذا الحال في الأحوال و المقامات. فمن لم يأخذها عن الله كما أخذ الأوّلون عنه تعالى، بل حفظ كلماتهم و مقالاتهم و روى عنهم، فليس وارثا على الحقيقة، بل بالمجاز.

(فمن كان) من الأولياء الوارثين (على أخلاقه)، أي على أخلاق النبي المورّث و صفاته، (في تصرفه) فيما يرثه بإعطائه غيره أو في الخلق بالإرشاد و التكميل، كان ذلك الولى الوارث (كأنه هو) ذلك النبي المورّث بعينه، كما قال عليه السلام، "علماء أمّتى كأنبياء بنى إسرائيل".
 " فائدة: سئل الحافظ العراقي عما اشتهر على الألسنة من حديث علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل
فقال: لا أصل له ولا إسناد بهذا اللفظ ويغني عنه العلماء ورثة الأنبياء وهو حديث صحيح . فتح القدير للمناوي وقاله ابن حجر العسقلاني".


""أضاف الجامع :
قال الشيخ فى الفتوحات  الباب الثاني والثلاثون :
"والعلماء ورثة الأنبياء أحوالهم الكتمان لو قطعوا إربا إربا ما عرف ما عندهم ، لهذا قال الخضر ما فعلته عن أمري فالكتمان من أصولهم إلا أن يؤمروا بالإفشاء والإعلان" أهـ.  ""
اعلم أنّ الأولياء الوارثين يأخذون العلوم و الأحوال و المقامات عن أرواح الأنبياء الذين كانوا فيها قبلهم.

ويصل إمداد هؤلاء من أرواحهم ومنهم من يأخذها كما ذكرنا عن الله، إمّا في موادّ تلك الرسل والأنبياء أو في الحضرات الإلهية.
و الوارث المحمّدى يأخذ العلوم النبوية عن روح رسول الله صلّى الله عليه وسلم بحسب نسبته منه.
و الأعلى يأخذ عن الله في الصورة المحمّدية أو عن روح خاتم الولاية الخاصّة المحمّدية أو عن الله فيه كذلك.
فالمقامات الإلهية و الأحوال و العلوم معمورة أبدا بعد الأنبياء بالورثة المحمّديين و غير المحمّديين.

و يسمّيهم المحقّق «أنبياء الأولياء»، كما أشار إلى ذلك رسول الله صلّى الله عليه و سلم بقوله، "علماء أمّتى كأنبياء بنى إسرائيل"، و في رواية، "أنبياء بنى إسرائيل"، بلا كاف التشبيه.
و الروايتان صحيحتان.

فالآخذون عن أرواح الرسل من كونهم رسلا ليست علومهم و أحوالهم و مقاماتهم جمعية أحدية محيطة. و الآخذون علومهم عن الله في الصورة المحمّدية الختمية هم الكمّل من أقطاب المقامات.
و أكمل الكمّل وراثة أجمعهم و أوسعهم إحاطة بالمقامات و العلوم و الأحوال و المشاهد، و هو خاتم الولاية الخاصّة المحمّدية في مقامه الختمى.
فوراثته أكمل الوراثات في الكمال و السعة و الجمع و الاحاطة لعلوم رسول الله صلّى الله عليه و سلم و أحواله و مقاماته و أخلاقه، و يطابقه في الجميع.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:08 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :-                            
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
الفص الرابع و العشرون حكمة إمامية في كلمة هارونية
(1) حكمة إمامية في كلمة هارونية «الحكمة الإمامية».
(1) يدور هذا الفص حول مسألة العبادة و الألوهية. فيشرح فيه ابن العربي نظريته في الدين بمعناه الصوفي الواسع، و هو دين وحدة الوجود، و يخلص منه إلى أن الحب هو أساس عبادة كل معبود، و أن المعبود على الحقيقة هو المحبوب على الحقيقة و هو اللَّه.
فكل معبود إنما هو مجلى من مجالي الحق أو صورة من صوره مهما اختلفت عليه الأسماء و الصفات. قال تعالى: «وَ قَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ» أي قدر أزلًا- كما يقول ابن العربي- ألا يعبد في الوجود إلا اللَّه، لأنه ليس في الوجود إلا هو.
و يدور الحوار في الفص بين موسى لسان وحدة الوجود، الواقف على حقيقة الأمر على ما هو عليه، و هارون أخيه الذي هو أقل حظاً منه في هذه المعرفة.
فينكر هارون على أصحاب العجل عبادتهم إياه و يضيق ذرعاً بهم، فيدله موسى على سر عبادة العجل و على معنى العبادة مطلقاً و هو المعنى الذي أشرت إليه.
أما تسميته الحكمة بالإمامية فلأن الإمامة نوع من الخلافة،
و هارون إمام بمعنيين: 
الأول أنه كان خليفة موسى على بني إسرائيل بدليل قوله: «اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي»، 
و الثاني أنه ككل نبي من الأنبياء خليفة اللَّه في أرضه. 
و الأولى هي الخلافة المقيدة أو الخلافة بالواسطة، 
و الثانية الخلافة المطلقة عن اللَّه أو الخلافة من غير واسطة. 
و يدل الفرق بين موسى و هارون من حيث درجتهما في الخلافة على الفرق بينهما من حيث درجتهما في تمام المعرفة، و قد سبق أن ذكرنا أن ابن العربي يرى أن الخلافة الكاملة لا تكون إلا للكاملين من العارفين.
 
(2) «و لذا لمّا قال له هارون ما قال ... إلى قوله لمّا علم أنه بعض المجالي الإلهية».
(2) لم ينكر موسى إذن على عبدة العجل عبادتهم إلّا من حيث إنهم حصروا المعبود المطلق في تلك الصورة الخاصة التي هي صورة العجل، مع أن المعبود المطلق يأبى الحصر لأنه عين كل ما يعبد. و قد نبّه موسى أخاه هارون إلى هذا السر لما غضب عليه في محضر من القوم و أخذ بلحيته و رأسه.
ثم أراد أن يشير إلى سر آخر غاب عن هارون و عن بني اسرائيل لما سأل السامري عن صنعه عجلًا من الذهب ليعبده القوم بدلًا من العجل الحيواني.
و ذلك السر هو في الحقيقة سِرُّ عبادة كل معبود. و قد عنى به موسى الحب و الميل «الذي هو المقصود الأعظم المعظم في القلوب» إذ لم يزد السامري على أنه صنع للقوم عجلًا من الذهب و هو أحب الأشياء إلى قلوبهم فاستهواهم بذلك و حرك قلوبهم نحو عبادته.
و لكن عبادة العجل سواء أ كان ذهباً أم لحماً و دماً كفر و جهل، و إن كان المعنى الذي تنطوي عليه عبادته هو المعنى الحقيقي في كل عبادة.
أما كونه جهلًا فلأن المعبود بحق ليس محصوراً في صورة العجل و لا في أية صورة كانت، بل هو ما في الصور كلها من الحق.
و العبادة الصحيحة لا يستحقها سوى الحق الذي هو عين الكل و له هوية جميع الصور. و مما يدل على جهلهم قولهم من قبل لموسى «يا مُوسَى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ: قالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ» لأن العبادة مطلقاً لا تكون إلا للرب المطلق كما قال تعالى «ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ».
والإله المجعول ليس له الخلق فلا يستحق العبادة. و أما كونه كفراً فلأن فيه توهم اشراك ما سوى الحق في الألوهية حيث لا يوجد السوي.
و لكي يوضح موسى لقومه فناء الصور في الذات الإلهية الواحدة أحرق العجل و ألقى برماده في اليم، و ليس العجل الا رمزاً للصور الوجودية المحدودة، كما أن اليم ليس الا رمزاً لبحر الوجود الزاخر الذي تنمحي فيه حدود جميع الصور.
و لو لم يتعجَّل موسى بإحراق العجل و حَلِّ صورته لكان مآل تلك الصورة إلى الفناء من ذاتها إذ لا بقاء للصور.
 
(3) «فإن المثلين ضدان فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته».
(3) انتقل من الكلام عن تسخير موسى للعجل بإحراقه إياه، إلى الكلام عن التسخير بوجه عام. و خلاصة نظريته أن الأعلى في مراتب الوجود يسخر الأدنى.
فإذا وصلنا إلى الإنسان وجدنا أنه يسخر بعضه بعضاً كما قال تعالى: «وَ رَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا».
و لكن على أي نحو يسخر الإنسان الإنسان؟ في الإنسان طبيعتان: الطبيعة الانسانية و هي جهة الربوبية فيه و لها صفة الكمال، و الطبيعة الحيوانية و هي جهة البشرية فيه و لها صفة النقص. و لما كان التسخير دائماً للكامل، و التسخر دائماً للناقص، لزم أنه لا يسخر انسان انساناً من حيث انسانيته بل من حيث صفة من صفات نقصه الداخلة تحت اسم الطبيعة الحيوانية، ككونه في درجة أنزل من درجته في المال أو الجاه أو العقل أو ما شاكل ذلك.
و أما قوله: «فإن المثلين ضدان».
فمعناه أن انساناً و انساناً مثلان، و المثلان ضدان: لأن ما يقع فيه الاشتراك بين المثلين هو محل النزاع بينهما، و كلما كان ذلك أكثر كان النزاع فيه أشد، فلا يخضع أحدهما للآخر و لا يسخر له.
و لذلك كانت العداوة أشد ما تكون بين الأقوياء و أصحاب المهن الواحدة و الطبيعة الواحدة. و إذا كان الأمر على هذا النحو، فالمسخر (اسم فاعل) دائماً هو الانسانية، و المسخَّر (اسم مفعول) دائماً هو الحيوانية: أي صفة من صفاتها.
 
(4) «فالعالم كله مُسَخِّر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه اسم مُسَخَّرٍ».
(4) ذكر أن التسخير قسمان: تسخير بالدرجة و هو تسخير مراد للمسخر كتسخير السيد لعبده، و تسخير الملك لرعاياه. و تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك، و كتسخير الطفل لأبويه، و تسخير الأدنى للأعلى أيّاً كانا.
و هذا النوع غير مراد بالمسخَّرِ، و لكن طبيعة الأشياء تقضي أن يسخر الأعلى كل ما في وسعه في خدمة الأدنى و لمصلحته. ثم انتهى إلى نوع من التسخير ربما كان أصدق وصف نصفه به هو «التسخير الميتافيزيقي»، و إن كان يدخله في النوع الثاني الذي هو التسخير بالحال: «أعني بذلك التسخير الميتافيزيقي تسخير العالم للحق سبحانه و تعالى.
و لم يجر العرف بتسمية اللَّه مسخَّراً كما يقول المؤلف، و لكن طبيعة الوجود و طبيعة مذهبه يجعلان هذا التسخير أمراً لا مفر منه.
و الحق مسخَّر للخلق بمعنى أنه يتجلى على الخلق بشئونهم و يعطيهم من صفات الوجود ما تقضي به استعداداتهم من حيث هم مظاهر و مجال له.
قال تعالى: «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَانٍ» فأتى بضمير الغائب «هو» للدلالة على أن هويته كل يوم في شأن من شئون الخلق ظاهرة فيه بمظهر خاص من مظاهر الأسماء و الصفات.
و الحقيقة أن الحق لا يسخره غيره لأن كل ما يطلق عليه اسم الغير إنما هو في الحقيقة عين الحق، و إن كان من حيث التعين يسمى بالغير و السوي. فالحق هو المسخر لنفسه بحسب شئونه و تجلياته.
 
(5) «و لهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا و عبد إما عبادة تأله و إما عبادة تسخير».
(5) عبادة تأله كعبادة الأصنام و الشمس و القمر و الكواكب و الحيوان، و عبادة تسخير كعبادة الأموال و الجاه و المناصب.
و يرى ابن العربي أن الوجود كله سلسلة من الكائنات يسخر بعضها بعضاً، و سلسلة من الصفات و الخواص يخضع بعضها لبعض.
و أنه لا يعبد شيء من الأشياء في العالم إلا بعد أن يتلبس بالرفعة في نظر العابد، و يظهر في قلبه بدرجة التعظيم و التقديس. و لهذا ما بقي نوع من أنواع الكائنات في نظره إلا و عبد بإحدى العبادتين: عبادة التأله و عبادة التسخير.
و المعبود في الكل هو الواحد الحق، و لكنه يعبد على درجات متفاوتة في مجاليه المختلفة. و لذلك قال عن نفسه: «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ» و لم يقل رفيع الدرجة، لأنه هو المعبود في صورة كل ما يعبد و من يعبد،
بدرجات يتفاوت فيها العابدون. و أعظم مجلىً يعبد فيه الحق و أعلاه هو «الهوى» لأنه أساس كل عبادة، و المعبود الحقيقي في كل صور ما يعبد. فلا يعبد شيء الا بالهوى، و لا يعبد هو إلا بذاته.
و من هنا وجب أن نميز بين الحق في مرتبة الألوهية الذي لا يعبد إلا بذاته، و الحق في مراتب الصور الكونية الذي لا يعبد إلا بواسطة سلطان الهوى على قلب العابد، و لذا قال:
و حق الهوى ان الهوى سبب الهوى و لو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى
 
يقسم بقدسية الهوى (الحق) أن الهوى الساري في جميع مراتب الوجود، المعبود في جميع صوره، هو علة الحب في جزئياته و أشكاله، و أنه لو لا وجوده  تجليه في صور المعبودات وفي قلوب العابدين ما عبد معبود ولا وجد عابد.
ويذكر الشيخ في فتوحاته أنه شاهد الهوى في بعض مكاشفاته ظاهراً بالألوهية قاعداً على عرشه، وجميع عبدته حافون من حوله: ويقول «وما شاهدت معبوداً في الصور الكونية أعظم منه».
 
فالهوى إذن اسم آخر من أسماء اللَّه، بل هو أعظم أسمائه. 
قال تعالى:«أَ فَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ»؟
يقول ابن العربي أما أن اللَّه أضله على علم فمعناه أنه خير العابد لهواه لظهوره وتجليه في صور الهوى ومراتبه، وذلك الإضلال مبني على علم من اللَّه (و المراد من الآية في الأصل على علم من العابد لهواه!) بأسرار تجلياته في تلك الصور.
فقد حير اللَّه العارفين بكثرة تجلياته، و المحجوبين بالوقوف عند ما عبدوا مع علمهم أن ما عبدوه ليس إلهاً على الحقيقة، و إن كانوا يجدون في بواطنهم ميلًا إليه و تعظيماً له.
 
و الهوى معبود مطلق لا يعرف حدود الشرائع و لا يميز بين حلال و حرام:
فقد يرافق العابد لهواه ما يأمر به الشرع كمن يحب امرأته و كل ما هو حلال من من الرزق، و قد لا يوافق ما يأمر به الشرع كمن يتعلق هواه بما يملكه غيره و كل ما هو حرام من الرزق.
 
(6) «و العارف المكمّل مَنْ رأى كل معبود مجلىً للحق يعبد فيه».
(6) هذه نتيجة لازمة عن كل ما تقدم، بل هي نتيجة لازمة عن مذهب وحدة الوجود و ركن هام من أركانه.
إذا كان كل ما في الوجود مجلى للحق و صورة من صوره، و كان لكل موجود وجهان: وجه من الحق و وجه من الخلق، و إذا كان فوق كل هذا كل موجود يعبد عبادة تأله أو عبادة تسخير، لزم أن كل معبود مجلى للحق يعبد فيه، و حلّ قولنا: «لا معبود بحق إلا اللَّه» في ميدان الدين، محل «لا موجود بحق إلا اللَّه» في ميدان الميتافيزيقا.
 
و هذا المعنى هو جوهر الفلسفة الدينية في مذهب ابن العربي. و قد وجدنا له صداه في كثير من فقرات هذا الكتاب و في غيره من كتبه حيث يعتبر قلب العارف هيكلًا لجميع الاعتقادات في اللَّه، و مرآة تنعكس عليها صور الوجود الحق.
يقول:
لقد صار قلبي قابلًا كل صورة  ..... فمرعى لغزلان و دير لرهبان
و بيت لأوثان و كعبة طائف  ..... و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنّى توجهت ....  ركائبه فالحب ديني و إيماني
و يقول:
عقد الخلائق في الإله عقائداً ..... و أنا شهدت جميع ما عقدوه
فالعارف في نظره هو الذي نظر إلى الوحدة في الكثرة، و وضع الألوهية في موضعها: أي في الواحد المعبود في صور جميع الآلهة المعبودين. و الجاهل هو الذي وضع الألوهية في صورة معبوده الخاص، حجراً كان أو شجراً أو حيواناً أو إنساناً.
و هو محجوب عن حقيقة الوحدة، بل حقيقة التوحيد كما يسميه أصحاب وحدة الوجود. و لهذا قال: «أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْ ءٌ عُجابٌ»؟
فلم ينكر وحدة الآلهة بل تعجب منها، لأنه وقف مع كثرة الصور و نسب الألوهية إليها.


(7) «فهم عبَّاد الوقت».
(7) الضمير هنا عائد على العارفين، و هم عبَّاد الوقت بمعنى أنهم يعبدون مجالي الحق في كل وقت يظهر فيه ببعض صفاته.
و الحق دائم التجلي و دائم التحول في الصور، فهم يعرفونه في هذه الصور و يعبدونه فيها، و هم يعلمون أنهم لا يعبدون من تلك الصور أعيانها، و إنما يعبدون الحق فيها. و هذه حال يسترها العارفون عن غيرهم لأنهم أتباع الرسول، و الرسول يحرم عليهم عبادة الصور لقصور أفهام العامة عن إدراك حقائقها، و يدعوهم إلى عبادة إله واحد يُعْرَف إجمالًا و لا يشهد.
فيبدو العارف في صورة المنكر لعبادة المجالي الوجودية، لأنه تابع في الظاهر للرسول والرسول ينكرها، و لأنه يخشى على العامة أن يعبدوا الصور لذاتها فيحصروا الحق فيها، وهو منزه عن الحصر و التقييد.
هذا، وقد يكون المراد بالوقت الدهر، وهو أعظم مجالي الحق واسم من أسمائه على حد قول الصوفية الذين يروون عن النبي صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال: «لا تَسُبُّوا الدهر فإن اللَّه هو الدهر».
فالعارفون عبَّاد الوقت بهذا المعنى أيضاً أي عبّاد الدهر الذي يتجدد في كل آن حاملًا صوراً جديدة من صور الوجود.


.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:09 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :-                               الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
اعلم أن وجود هارون عليه السلام كان من حضرة الرحموت بقوله تعالى «ووهبنا له من رحمتنا» يعني لموسى «أخاه هارون نبيا». "2"
فكانت نبوته من حضرة الرحموت فإنه أكبر من موسى سنا، وكان موسى أكبر منه نبوة.  ولما كانت 
……………………….
1 - المناسبة بين تسمية الفص بحكمة إمامية هي أن هارون عليه السلام كان إماما ولم يكن خليفة بل كان خليفة الخليفة وهو موسى عليه السلام فلم يكن عمد هارون عليه السلام قوة الإرداع التي للخليفة.

2 - موسى وهارون عليهما السلام *
إن موسى عليه السلام أسبق من هارون عليه السلام . فإنه أرسل قبله . فال هارون عليه السلام للشيخ « أما أنا فنبي بحكم الأصل ، وما أخذت الرسالة إلا بسؤال أخي ، فكان يوحى إلي بما کنت عليه » . الفتوحات ج 3/ 349.
على هذا يحمل كلمة «أکبر » هنا ، لا بمعنى المفاضلة فإن ذلك يخالف مذهب الشيخ فهو القائل « لا ذوق لنا ولا لغيرنا ولا لمن ليس بنبي صاحب شريعة في نبود التشريع ولا في الرسالة ، فكيف تكلم في مقام لم نصل إليه ، وعلى حال لم نذقه . لا أنا ولا غيري ممن ليس بنبي ذي شريعة من الله ولا رسول . حرام علينا الكلام فيه »
 ويقول «لا ذوق لأحد في ذوق الرسل ، لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل. وأذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء ، وأذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء .. فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع ، فلا ذوق لهم فيه ، ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق ، ونحن لسنا برسل ولا أنبیاء شريعة ، فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه ۰۰۰ » 
ويؤكد الشيخ فيقول : « إني لست بنبي فذوق الأنبياء لا يعلمه سواهم » . الفتوحات ج 2 / 24 ، 51 ، 85.

 
ص 359

نبوة هارون من حضرة الرحمة، لذلك قال لأخيه موسى عليهما السلام «يا بن أم» فناداه بأمه لا بأبيه إذ كانت الرحمة للأم دون الأب أوفر في الحكم. ولو لا تلك الرحمة ما صبرت على مباشرة التربية.
ثم قال «لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي وفلا تشمت بي الأعداء». "3"
فهذا كله نفس من أنفاس الرحمة.
و سبب ذلك عدم التثبت في النظر فيما كان في يديه من الألواح التي ألقاها من يديه.
فلو نظر فيها نظر تثبت لوجد فيها الهدى و الرحمة.
فالهدى بيان ما وقع من الأمر الذي أغضبه مما هو هارون بري ء منه.
والرحمة بأخيه، "4"
فكان لا يأخذ بلحيته بمرأى من قومه مع كبره وأنه أسن منه.
فكان ذلك من هارون شفقة على موسى لأن نبوة هارون من رحمة الله، فلا يصدر منه إلا مثل هذا.
ثم قال هارون لموسى عليهما السلام «إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل» فتجعلني سببا في تفريقهم فإن عبادة العجل فرقت بينهم، فكان منهم من عبده اتباعا للسامري وتقليدا له، ومنهم من توقف عن عبادته حتى يرجع موسى إليهم فيسألونه في ذلك.
فخشي هارون أن ينسب ذلك الفرقان بينهم إليه، فكان موسى أعلم بالأمر من هارون لأنه علم ما عبده أصحاب العجل، لعلمه بأن الله قد قضى ألا يعبد إلا إياه: و ما حكم الله بشيء إلا وقع.
فكان عتب موسى أخاه هارون لما وقع الأمر في إنكاره وعدم اتساعه."5"
فإن العارف 
…………………………………..
3 - لما ظهر موسى عليه السلام على أخيه هارون عليه السلام بصفة القهر بأن أخذ برأسه يجره إليه . ناداه بأشفق الأبوين فقال : « يا ابن أم » فناداه بالرحم . 
الفتوحات ج 2 / 277

4 ۔ أخذ الألواح *
لو لم يلق موسى عليه السلام الألواح ما أخذ برأس أخيه، فإن في نسختها الهدى والرحمة ، تذكرة لموسى فكان يرحم أخاه بالرحمة ، وتنبين مسألته مع قومه ، ولما سكت عن موسى الغضب ، قبل عذر أخيه وأخذ الألواح ، فما وقعت عيناه ما كتب فيها إلا على الهدى والرحمة ، فقال « رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين » . الفتوحات ج 2 / 277

5 ۔ ملاحظة *
هذا الكلام لا تصح نسبته إلى الشيخ لما هو ثابت عنه كما جاء في الهامش "2"
راجع كتابنا الرد على ابن تيمية ص 25

""   كلام الشيخ الأكبر عن مقام الأنبياء عليهم السلام :
وأما عن مقام الأنبياء فيقول في:
الفتوحات الجزء الأول من الصفحة 465:
إن اللّه اصطفى من كل جنس نوعا، ومن كل نوع شخصا، واختاره عناية منه بذلك المختار، أو عناية بالغير بسببه، وقد يختار من الجنس النوعين والثلاثة، وقد يختار من النوع الشخصين والثلاثة والأكثر، فاختار من النوع الإنساني المؤمنين، واختار من المؤمنين الأولياء، واختار من الأولياء الأنبياء، واختار من الأنبياء الرسل، وفضّل الرسل بعضهم على بعض، ولولا ورود النهي من الرسول صلى اللّه عليه وسلم في قوله: لا تفضلوا بين الأنبياء؛ لعينت من هو أفضل الرسل، ولكن أعلمنا اللّه أنه فضل بعضهم على بعض، فمن وجد نصا متواترا فليقف عنده أو كشفا محققا عنده.

ويقول في الفتوحات الجزء الثاني الصفحة 5:
هذا النوع الإنساني للّه فيه خصائص وصفوة، وأعلى الخواص فيه من العباد الرسل عليهم السلام، ولهم مقام النبوة والولاية والإيمان، فهم أركان بيت هذا النوع، والرسول أفضلهم مقاما وأعلاهم حالا، أي المقام الذي يرسل منه أعلى منزلة عند اللّه من سائر المقامات، وهم الأقطاب والأئمة والأوتاد، الذين يحفظ اللّه بهم العالم، كما يحفظ البيت بأركانه، فلو زال ركن منها زال كون البيت بيتا، ألا إن البيت هو الدين، ألا إن أركانه هي الرسالة والنبوة والولاية والإيمان، ألا إن الرسالة هي الركن الجامع للبيت وأركانه، ألا إنها هي المقصودة من هذا النوع، فلا يخلو هذا النوع أن يكون فيه رسول من رسل اللّه، كما لا يزال الشرع الذي هو دين اللّه فيه، ألا إن ذلك الرسول هو القطب المشار إليه، الذي ينظر الحق إليه، فيبقى به هذا النوع في هذه الدار ولو كفر الجميع، ألا إن الإنسان لا يصح عليه هذا الاسم، إلا أن يكون ذا جسم طبيعي وروح، ويكون موجودا في هذه الدار الدنيا بجسده وحقيقته، فلا بد أن يكون الرسول الذي يحفظ به هذا النوع الإنساني، موجودا في هذه الدار بجسده وروحه يتغذى، وهو مجلى الحق من آدم إلى يوم القيامة، ولما كان الأمر على ما ذكرناه، ومات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد ما قرر الدين الذي لا ينسخ، والشرع الذي لا يبدّل، ودخلت الرسل كلهم في هذه الشريعة يقومون بها، والأرض لا تخلو من رسول حي بجسمه، فإنه قطب العالم الإنساني، ولو كانوا ألف رسول، لابد أن يكون الواحد من هؤلاء هو الإمام المقصود، فأبقى اللّه تعالى بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الرسل الأحياء بأجسادهم في هذه الدار الدنيا ثلاثة، وهم: إدريس عليه السلام بقي حيا بجسده، وأسكنه اللّه السماء الرابعة، والسماوات السبع هن من عالم الدنيا، وتبقى ببقائها وتفنى صورتها بفنائها، فهي جزء من الدار الدنيا، وأبقى في الأرض أيضا إلياس وعيسى "( لأن عيسى عليه السلام ينزل إلى الأرض أما إدريس عليه السلام فيبقى في السماء الرابعة إلى نفخة الصعق.)"
وكلاهما من المرسلين، وهما قائمان بالدين الحنيفي الذي جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم، فهؤلاء ثلاثة من الرسل المجمع عليهم أنهم رسل، وأما الخضر وهو الرابع فهو من المختلف فيه عند غيرنا لا عندنا، فهؤلاء باقون بأجسامهم في الدار الدنيا، فكلهم الأوتاد، واثنان منهم الإمامان، وواحد منهم القطب، الذي هو موضع نظر الحق من العالم، فما زال المرسلون ولا يزالون في هذه الدار إلى يوم القيامة، وإن لم يبعثوا بشرع ناسخ، ولا هم على غير شرع محمد صلى اللّه عليه وسلم، لكن أكثر الناس لا يعلمون.

ويقول في كتاب «التراجم» في باب ترجمة الاستواء:
الرسل خلفاء اللّه في الأرض، فهم موضع نظر الحق، ومحل المعرفة، وأصحاب الولاية، فاعرف قدرك. كلام الشيخ الأكبر عن علوم الأنبياء وأذواقهم
أما عن علوم الأنبياء وأذواقهم، فيقول الشيخ الأكبر محي الدين ابن العربي رضي اللّه عنه في الجزء الثاني من الفتوحات الصفحة 24: ما توقفنا عن الكلام في مقام الرسول والنبي صاحب الشرع، إلا أن شرط أهل الطريق فيما يخبرون عنه من المقامات والأحوال، أن يكون عن ذوق، ولا ذوق لنا ولا لغيرنا ولا لمن ليس بنبي صاحب شريعة، في نبوة التشريع ولا في الرسالة، فكيف نتكلم في مقام لم نصل إليه، وعلى حال لم نذقه، لا أنا ولا غيري، ممن ليس بنبي ذي شريعة من اللّه ولا رسول، حرام علينا الكلام فيه، فما نتكلم إلا فيما لنا فيه ذوق، فما عدا هذين المقامين فلنا الكلام فيه عن ذوق، لأن اللّه ما حجّره.


الفتوحات الجزء الثاني الصفحة 51:
لا ذوق لأحد في ذوق الرسل، لأن أذواق الرسل مخصوصة بالرسل، وأذواق الأنبياء مخصوصة بالأنبياء، وأذواق الأولياء مخصوصة بالأولياء، فبعض الرسل عنده الأذواق الثلاثة، لأنه ولي ونبي ورسول، حضرت في مجلس فيه جماعة من العارفين، فسأل بعضهم بعضا: من أي مقام سأل موسى الرؤية؟

فقال له الآخر: من مقام الشوق، فقلت له: لا تفعل، أصل الطريق أنها نهايات الأولياء بدايات الأنبياء، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، فلا ذوق لهم فيه، ومن أصولنا أنا لا نتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة، فبأي شيء نعرف من أي مقام سأل موسى الرؤية ربه؟
نعم لو سألها ولي أمكنك الجواب، فإن في الإمكان أن يكون لك ذلك الذوق، وقد علمنا من باب الذوق، أن ذوق مقام الرسل لغير الرسل ممنوع، فالتحق وجوده بالمحال العقلي.

الفتوحات الجزء الثاني الصفحة 84: 
كلام اللّه للرسل لا يعرفه إلا الرسل، ولا ذوق لنا فيه، ولو عرّفنا به ما عرفناه، ولو عرفناه لكنا رسلا مثلهم، ولاحظ لنا في رسالتهم ولا في نبوتهم، وكلامنا لا يكون إلا عن ذوق، فاعلموا من أين نتكلم؟ وفيمن أتكلم؟ وعمن نبين؟
هذا هو أدب الشيخ الأكبر مع الأنبياء، أهـ . ""

 
ص 360


من يرى الحق في كل شيء، بل يراه كل شيء. "6"
فكان موسى يربي هارون تربية علم و إن كان أصغر منه في السن.
ولذا لما قال له هارون ما قال، رجع إلى السامري فقال له «فما خطبك يا سامري» يعني فيما صنعت من عدو لك إلى صورة العجل على الاختصاص، و صنعك هذا الشبح من حلي القوم حتى أخذت بقلوبهم من أجل أموالهم.
فإن عيسى يقول لبني إسرائيل «يا بني إسرائيل قلب كل إنسان حيث ماله، فاجعلوا أموالكم في السماء تكن قلوبكم في السماء».
وما سمي المال مالا إلا لكونه بالذات تميل القلوب إليه بالعبادة.
فهو المقصود الأعظم المعظم في القلوب لما فيها من الافتقار إليه.
وليس للصور بقاء، فلا بد من ذهاب صورة العجل لو لم يستعجل موسى بحرقه. فغلبت عليه الغيرة فحرقه ثم نسف رماد تلك الصورة في اليم نسفا. "7"
وقال له «انظر إلى إلهك» فسماه إلها بطريق التنبيه للتعليم، 
……………………………………...
أما المعنى الذي يذهب إليه الشيخ في قوله تعالى :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه معنى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه "
فراجع فص 3 هامش 8 ص 70


""8 - مشاهدة الحق في كل اعتقاد "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" فص 3 هامش 8 ص 70
لله رجال أعطاهم الله الفهم والاتساع وحفظ الأمانة أن يفهموا عن الله جميع إشارات كل مشار إليه ، وهم الذين يعرفونه في تجلي الإنكار ، والشاهدون إياه في كل اعتقاد ، والحمد لله الذي جعلنا منهم إنه ولي ذلك.
قال تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " أي حكم ، وقضاء الحق لا يرد . والعبادة ذلة في اللسان المنزل به هذا القرآن ، قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" ، فإن العبادة ذاتية للمخلوق لا يحتاج فيها إلى تكليف .
فكما قال : « يا أيها الناس أتم الفقراء إلى الله » ولم يذكر افتقار مخلوق .لغير الله ، قضى أن لا يعبد غير الله ، فمن أجل حكم الله عبدت الآلهة ، فلم يكن المقصود بعبادة كل عابد إلا الله ، فما عبد شيء لعينه إلا الله .
وإنما أخطأ المشرك حيث نصب لنفسه عبادة بطريق خاص لم يشرع له من جانب الحق ، فشقي لذلك .
فإنهم قالوا في الشركاء « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله » فاعترفوا به وأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم .
وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم ، فكان قوله تعالی : « وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه » من الغيرة الإلهية حتى لا يعبد إلا من له هذه الصفة .
فكان من قضائه أنهم اعتقدوا الإله ، وحينئذ عبدوا ما عبدوا ، مع أنهم ما عبدوا في الأرض من الحجارة والنبات والحيوان ، وفي السماء من الكواكب والملائكة ، إلا لاعتقادهم في كل معبود أنه إله لا لكونه حجرا ولا شجرة ولا غير ذلك .
وإن أخطأوا في النسبة فما أخطأوا في المعبود ، فعلى الحقيقة ما عبد المشرك إلا الله ، وهو المرتبة التي سماها إلها ، لأنه لو لم يعتقد الألوهية في الشريك ما عبده .
فإنه ما عبد من عبد إلا بتخيل الألوهية فيه ، ولولاها ما عبد.


ولذاك قال تعالى : " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " فما عبد أحد سوى الله ، حتى المشركون ما عبدوه إلا في الهياكل المسماة شركاء ،فما عبدت إلا الألوهية في كل من عبد من دون الله.
لأنه ما عبد الحجر لعينه ، وإنما عبد من حيث نسبة الألوهة له ، فإن المشرك ما عبد شيئا إلا بعد ما نسب إليه الألوهة ، فما عبد إلا الله ..
فالكامل من عظمت حيرته و دامت حسرته ، ولم ينل مقصوده لما كان معبوده ، وذلك أنه رام تحصیل ما لا يمكن تحصيله ، وسلك سبيل من لا يعرف سبيله .
والأكمل من الكامل من اعتقد فيه كل اعتقاد ، وعرفه في الإيمان والدلائل وفي الإلحاد ، فإن الإلحاد ميل إلى اعتقاد معين، من اعتقاد ، فاشهدوه بكل عين إن أردتم إصابة العين ، فإنه عام التجلي ، له في كل صورة وجه ، وفي كل عالم حال .
الفتوحات ج1 ص  238 , 405 , 589 .  ج2 ص 92 , 212 , 326 , 498.  ج4 ص 100 , 101 , 415 . ""


6 - راجع وحدة الوجود  فص 1 هامش  ص


7 - قصة السامري *
إنما كان عجلا لأن السامري لما مشى مع موسى عليه السلام في السبعين الذين مشوا معه ، کشف الله عنه غطاء بصره ، فما وقعت عينه إلا على الملك الذي على صورة الثور ، وهو من حملة العرش ، لأنهم أربعة وأحد على صورة أسد، وآخر على صورة نسر ، وآخر على صورة ثور ، ورابع على صورة إنسان ، 

فلما أبصر السامري العجل تخيل أنه إله موسى الذي يكلمه ، فصور لهم العجل وصاغه من حليهم ، ليتبع قلوبهم أموالهم ، لعلمه أن المال حبه منوط بالقلب ، وعلم أن حب المال يحجبهم أن ينظروا فيه هل يضر أو ينفع أو يرد عليهم قولا إذا سألوه ، وكان قد عرف جبريل حين جاءه وأنه لا يمر بشيء إلا حيى بمروره فقبض قبضة من أثر فرس جبريل ورمى بها في العجل ، فحيى العجل وخار لأنه عجل ، والخوار صوت البقر « فقالوا » وقال لهم « هذا إلهكم وإله موسى فنسي » أي ونسي السامري إذا سأله عابدوه «انه لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا تفعا » ، فقال تعالى


ص 361


* * * * *
…………………………………..
« أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، أي إذا سئل لا ينطق، والله يكون متصفا بالقول « ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ، أي لا ينتفعون به ، ومن لا يدفع الضر عن نفسه كيف يدفع الضر عن غيره . 
ولقد قال لهم هارون من قبل یا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ، 
قوله « إنما فتنتم به » أي اختبرتم به لتقوم الحجة الله عليكم إذا سئلتم « وإن ربكم الرحمن » ومن رحمته به أن أمهلكم ورزقكم مع كونكم اتخذتم إلها تعبدونه غيره سبحانه ، 
ثم قال لهم « فاتبعوني » لما علم أن في اتباعهم إياه الخير « وأطيعوا أمري » لكون موسى عليه السلام أقامه فيهم نائبا عنه « قالوا لن نبرح عليه » « یریدون عبادة العجل » عاكفين « أي ملازمين » حتى يرجع إلينا موسى الذي بعث إلينا وأمرنا بالإيمان به ، فحجبهم هذا النظر أن ينظروا فيما أمرهم هارون عليه السلام . فلما رجع موسى إلى قومه ، وجدهم قد فعلوا ما فعلوا ، 

فألقى الألواح من يده و « قال یا هارون ما منعك إذا رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري » وأخذ برأس أخيه يجره عقوبة له بتأنيه في قومه 

فناداه هارون عليه السلام بأمه فإنها محل الشفقة والحنان « قال يا بنتوم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي » يقول « إني خشيت » لما وقع ما وقع من قومت أن تلومني على ذلك وتقول « فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب » أي تلزم « قولي » « الذي أوصيتك به » 
ولما سكت عن موسى الغضب قبل عذر أخيه ، وأخذ الألواح ، فما وقعت عيناه مما كتب فيها إلا على الهدى والرحمة ، 
فقال « رب اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحم الراحمين ، 

وأما الذين عبدوا العجل فما أعطوا النظر الفكري حقه للاحتمال الداخل في القصة ، فما عذرهم الحق ، ولا وفي عابدوه النظر في ذلك ، 
ثم رد موسي وجهه إلى السامري « قال ما خطبك يا سامري » أي
*  راجع ما تحته خط من المتن وهامش 5 ، ص 360


ص 362

 

* * * * *
…………………………………….
ما حدثك يا سامري " قال " له السامري " بصرت بما لم يبصروا به "، وهو ما رآه من صورة الثور الذي هو أحد حملة العرش ، فظن أنه إله موسى الذي يكلمه ، فلذلك صنعت لهم العجل ، وعلمت أن جبريل ما يسر بوضع إلا حيي به لأنه روح لذلك « فقبضت قبضة من أثر الرسول » جبريل لعلمي بتلك القبضة « فنبذتها » في العجل فخار « وكذلك سولت لي نفسي » فما فعله السامري إلا عن تأوبل  فضل وأضل . 

قال ابن عباس : ما وطيء جبريل عليه السلام قط موضعة من الأرض إلا حيى ذلك الموضع - فلما أبصر السامري جبريل عليه السلام حين جاء لموسى عليه السلام ، وعرفه وعلم أن روحه عين ذاته وأن حياته حياة ذاتية فلا يطأ موضعا إلا حيى ذلك الموضع بمباشرة تلك الصورة الممثلة إياه ، وعلم أن وطأته يحيا بها ما وطئه من الأشياء ، فقبض قبضة من أثر الرسول ، فلما صاغ. العجل وصوره نبذ فيه تلك القبضة فحيي ذلك العجل وخار ، وكان ذلك من إلقاء الشيطان في نفس السامري ، لأن الشيطان، يعلم منزلة الأرواح ، 

فوجد السامري في نفسه هذه القوة ، وما علم أنها من إلقاء إبليس من حرصه على إضلاله بما يعتقده من الشريك الله تعالى « قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ، وإن لك موعدا لن تخلفه ، وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا » 

وإذا حرقه ونسفه لم ينتفع به ، فإنه لو أبقاه دخلت عليهم الشبهة، بما يوجد في ذلك الحيوان من الضرر والنفع « إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ، وسع كل شيء علما » 
هذا التوحيد هو الثامن عشر في القرآن وهو توحيد السعة من توحید الهوية ، وهو توحيد تنزيه لئلا يتخيل في سعته الظرفية للعالم ، 
فقال إن سعته علمه بكل شيء لا أنه ظرف لشيء ، وسبب هذا التوحيد لما جاء في قصة السامري 
وقوله عن العجل لما نبذ فيه ما قبضه من أثر الرسول ، فكان العجل ظرفا لما تبذ فيه ، فلما
 

ص 36

لما علم أنه بعض المجالي الإلهية:  "8" «لنحرقنه» فإن حيوانية الإنسان لها التصرف في حيوانية الحيوان لكون الله سخرها للإنسان، ولا سيما و أصله ليس من حيوان، فكان أعظم في التسخير لأن غير الحيوان ما له إرادة بل هو بحكم من يتصرف فيه من غير إبائه.


وأما الحيوان فهو ذو إرادة وغرض فقد يقع منه الإباءة في بعض التصريف: فإن كان فيه قوة إظهار ذلك ظهر منه الجموح لما يريده منه الإنسان وإن لم يكن له هذه القوة أو يصادف غرض الحيوان انقاد مذللا لما يريده منه، ، كما ينقاد مثله لأمر 
………………………………...
خار العجل .
قال «هذا إلهكم وإله موسى» فقال الله «إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو» لا ترکيب فيه " وسع كل شيء علما "، أي هو عالم بكل شيء أكذب السامري في قوله ، ثم نصب لهم الأدلة على كذب السامري مع كون العجل خار .

"يتضح للقارىء مما أثبتناه مما صح نسبته للشيخ هنا من تفسير مدى التزام الشيخ الأدب مع حضرة النبوة ، فلا يتصور منه أن يتكلم بما وقع في هذا الفص مما جرى بين موسى وهارون عليهما السلام وهو الذي يرفض أن يتكلم أحد عن أي مقام سأل فيه موسى الرؤيه فكيف يصح ما ذكر هنا من قوله إن موسى عليه السلام اکبر نبوة من هارون ، وأنه أعلم بالأمر من هارون ، وأن موسى عليه السلام عتب اخاه هارون على إنكاره على قومه عبادة العجل وعدم اتساع هارون عليه السلام وأن موسى كان يربي هارون تربية علم كل هذا لا يصح إطلاقا نسبته إلى الشيخ مع تقريره المبادىء التي أوردناها "
في الهامش رقم 2 ومع ثبت ما أوردناه عنه في هذا الهامش . 
الفتوحات ج 1 / 168 ، 327 ، 584 - ج 2 / 277 ، 413 - ج 3 / 346 - كتاب الإسفار عن نتائج الأسفار.


8 -  ملاحظة "لما علم أنه بعض المجالي الإلهية" *
هذا الشاهد لا يتناسب إطلاقا مع المقصود من إثباته في هذا النص وهو أن الحق عام التجلي ، له في كل وجه صورة ، وفي كل عالم حال ، فإن ما أورده في هذا العني في شرح تفسيره لقوله تعالى :" وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " أکثر مناسبة ووضوحا ودلالة من تكلف هذا الشاهد، وهو ما أشرنا إليه في مقدمتنا ص 7

 
ص 364

فيما رفعه الله به من أجل المال الذي يرجوه منه المعبر عنه في بعض الأحوال بالأجرة في قوله «ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا».
فما يسخر له من هو مثله إلا من حيوانيته لا من إنسانيته: فإن المثلين ضدان، فيسخره الأرفع في المنزلة بالمال أو بالجاه بإنسانيته ويتسخر له ذلك الآخر إما خوفا أو طمعا من حيوانيته لا من إنسانيته: فما تسخر له من هو مثله أ لا ترى ما بين البهائم من التحريش لأنها أمثال؟
فالمثلان ضدان، ولذلك قال ورفع بعضكم فوق بعض درجات: فما هو معه في درجته.
فوقع التسخير من أجل الدرجات.
والتسخير على قسمين: تسخير مراد للمسخر، اسم فاعل قاهر في تسخيره لهذا الشخص المسخر كتسخير السيد لعبده وإن كان مثله في الإنسانية، وكتسخير السلطان لرعاياه، وإن كانوا أمثالا له فيسخرهم بالدرجة.
والقسم الآخر تسخير بالحال كتسخير الرعايا للملك القائم بأمرهم في الذب عنهم وحمايتهم و قتال من عاداهم و حفظه أموالهم و أنفسهم عليهم.
وهذا كله تسخير بالحال من الرعايا يسخرون في ذلك مليكهم، و يسمى على الحقيقة تسخير المرتبة. فالمرتبة حكمت عليه بذلك.
فمن الملوك من سعى لنفسه، و منهم من عرف الأمر فعلم أنه بالمرتبة في تسخير رعاياه، فعلم قدرهم و حقهم، فآجره الله على ذلك أجر العلماء بالأمر على ما هو عليه وأجر مثل هذا يكون على الله في كون الله في شئون عباده. "9"
فالعالم كله مسخر بالحال من لا يمكن أن يطلق عليه 
…………………………………………….
9 - التسخير
قال تعالى « ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا» الآية
ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات " يعني الخلق" ، فدخل فيه جميع بني آدم دنیا و آخرة ، فجعل تعالى العالم فاضلا مفضولا ، ومن وجه آخر ، 
« ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات » بإعطاء كمال الإنسانية بالصورة الإلهية التي خلق عليها بعضهم « ليتخذ بعضهم ، وهم الذين رفعهم الله " بعضا"،

وهم الأناسي الحيوانيون « سخريا » فجعل تعالی علة التسخير رفعة بعضنا على بعض بالدرجة التي يحتاج إليها المسخر له ، 
فإن الله قد جعل العالم على مراتب ودرجات مفتقرا بعضه إلى بعض ، وأعلم أن التسخير قد يكون إذلالا وقد يكون القيام بما يحتاج إليه ذلك المسخر له بالحال ، وهذا الفرقان بين التسخيرين بما تعطيه حقيقة المسخر والمسخر له،

 
ص 365


أنه مسخر. قال تعالى «كل يوم هو في شأن».  "10"
فكان عدم قوة إرداع هارون 
……………………………..
فالعبد الذي هو الإنسان مسخر لفرسه ودابته فينظر منها في سقيها و علفها وتفقد أحوالها مما فيه صلاحها وصحتها وحياتها ، وهي مسخرة له بطريق الإذلال لحمل أثقاله ورکوبه واستخدامه إياها في مصالحه ، وهكذا في النوع الإنساني برفع الدرجات بينهم فبالدرجة يسخر بعضهم بعضا ، 
فتقضي درجة الملك أن يسخر رعيته فيما يريده بطريق الإذلال للقيام بمصالحه لافتقاره إلى ذلك ، وتقتضي درجة الرعايا والسوقه أن تسخر الملك في حفظها والذب عنها وقتال عدوها والحكم فيما يقع بينها من المخاصمات وطلب الحقوق ، فهذه سخرية قيام لا سخرية إذلال اقتضتها درجة السوقة ودرجة الملك ، 

وبذلك يكون الخلق مسخرا اسم فاعل ومسخرة اسم مفعول، ففي رفع الدرجات جعل الله التسخير بحسب الدرجة التي يكون فيها العبد أو الكائن فيها ، كان من كان ، فيقتضي الكائن فيها أن يسخر له من هو في غيرها ، ويسخره أيضا من هو في درجة أخرى ، وقد تكون درجة المسخر اسم مفعول أعلى من درجة المسخر اسم فاعل ولكن في حال تسخير الأرفع بما سخره فيه ، شفاعة المحسن في المسيء إذا سأل المسيء الشفاعة فيه ، وفي حديث النزول في الثلث الباقي من الليل غنية وكفاية وشفاء لما في الصدور من عقل (1) ، 
ولما كانت الدرجة حاكمة اقتضى أن يكون الأرفع مسخرا اسم مفعول ، وتكون أبدأ تلك الدرجة أنزل من درجة المسخر اسم فاعل ، والحكم للأحوال ، 
كدرجة الملك في ذبة عن رعيته وقتاله عنهم وقيامه بمصالحهم ، والدرجة تقتضي له ذلك ، والتسخير يعطيه النزول في الدرجة عن درجة المسخر له اسم مفعول . 
الفتوحات  ج 3 / 287 ، 405 ، 442 - ج 4 / 227


10 - "يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن " الآية
« يسأله من في السموات والأرض » بلسان حال ولسان مقال ، وهكذا ينبغي أن يكون الملك يستشرف كل يوم على أحوال أهل ملکه ، فما له شغل إلا بها، فيقول تعالى « كل يوم هو في شأن » اليوم هنا قدر نفس المتنفس في الزمان الفرد ،

(1) إشارة لما تحته خط في المتن ص 365 مع اختلاف في انتقاء اللفظ .


ص  366

 

بالفعل أن ينفذ في أصحاب العجل بالتسليط على العجل كما سلط موسى عليه، حكمة 
……………………………………………………...
فإن الأيام كثيرة ، منها كبير وصغير ، وأصغر الأيام الزمن الفرد الذي لا يقبل القسمة ، فسمي الزمان الفرد يوما لأن الشأن يحدث فيه ، فهو أصغر الأزمان وأدقها ولا حد لأكبرها يوقف عنده ، وبينهما أيام متوسطة ، 
أولها اليوم المعلوم في العرف وتفصله الساعات ، فاليوم في هذه الآية هو الزمن الفرد في كل شيء الذي لا ينقسم ، وأنشأن هو ما يحدثه الله من التغييرات في الأكوان ، وهو ما نحن فيه ، وهو بخلقه . 
فالشأن ليس إلا الفعل ، وهو ما يوجده الله في كل يوم من أصغر الأيام ، فوصف الحق نفسه أنه « كل يوم في شأن ، يعني أنه هو في شؤون ، وليست التصريفات والتقليبات والعالم سوى هذه الشؤون التي الحق فيها ، 

وذلك راجع إلى التحول الإلهي في الصور الوارد في الصحيح، فمن هناك ظهر التغيير في الأكوان أبد الآبدين إلى غير نهاية لتغير الأصل ، ومن هذه الحقيقة ظهر حكم الاستحالة في العالم وهو الشؤون المختلفة ، لأنه ما ثم إلا الله والتوجه وقبول الممكنات لما أراد الله بذلك ، 

فالحق في شؤون على عدد ما في الوجود من أجزاء العالم الذي لا ينقسم ، كل جزء منه بهذا الشرط ، فهو في شأن مع كل جزء من العالم ، بأن يخلق فيه ما يقيه سوی ما يحدثه مما هو قائم بنفسه في كل زمان فرد ، 
وتلك الشؤون أحوال المخلوفين وهم المكحال لوجودها ، فإنه فيهم يخلق تلك الشؤون دائمة ، وهي الأحوال ، فهي أعراض تعرض للكائنات يخلقها فيهم . 

عبر عنها بالشأن الذي هو فيه ، دنیا وآخرة ، فلا يزال العالم من خلقه الله إلى غير نهاية في الآخرة والوجود في أحوال توالى عليه ، الله خالقها دائما ، بتوجهات إرادية ، فشؤون الحق لا تظهر إلا في أعيان الممكنات ، وشؤون الحق هي عين استعدادك ، فلا يظهر فيك من شؤون الحق التي هو عليها إلا ما يطلبه استعدادك فإن حكم استعداد الممكن بالإمكان أدى إلى أن يكون شأن الحق فيه الإيجاد ، ألا ترى أن المحال لا يقبله ، فشؤون الحق هي أحوال خلقه يجددها لهم في كل يوم ، أي زمان فرد .
فلا يتمكن للعالم استقرار على حالة واحدة وشان واحد ، لأنها أعراض والأعراض لا تبقى زمانين مطلقا ، فلا وجود لها إلا زمان



ص 367

.

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:10 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :-                               الجزء الثاني
من الله تعالی ظاهرة في الوجود ليعبد في كل صورة . وإن ذهبت تلك الصورة بعد
……………………………………………….
وجودها خاصة ، ثم يعقبها في الزمان الذي يلي زمان وجودها الأمثال والأضداد ، فأعيان الجواهر على هذا لا تخلو من أحوال ، ولا خالق لها إلا الله ، فالحق في شؤون أبدا ، فإنه لكل عين حال ، فللحق شؤون حاكمة إلى غير نهاية ولا بلوغ غاية ، ولنا الأحوال ، 
فليس في العالم سكون البتة وإنما هو متقاب أبدا دائما ، من حال إلى حال ، دنیا وآخرة ، ظاهرا وباطنا ، إلا أن ثم حركة خفية وحركة مشهودة ، فالأحوال تتردد وتذهب على الأعيان القابلة لها ، والحركات تعطي في العالم آثارا مختلفة ، 

ولولاها ما تناهت المدد ولا وجد حكم العدد ، ولا جرت الأشياء إلى أجل مسمى ، ولا كان انتقال من دار إلى دار ، فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة ، فمن المحال بقاء حال على عين تفسين أو زمانين للاتساع الإلهي لبقاء الافتقار على العالم إلى الله ، فالتغيير له في كل نفس ، والله خالق فيه في كل نفس ، فالأحوال متجددة مع الأنفاس على الأعيان .

واعلم أن الأسماء الإلهية التي يظهر بها الحق في عباده ، وبها يتلون العبد في حالاته ، هي في الحق أسماء وفينا تلوينات ، وهي عين الشؤون التي هو فيها الحق ، فكل حال في الكون هو عين شأن إلهي ، 

فالعالم كله على الصورة وليس هو غير الشؤون التي يظهر بها ، وهذه الانتقالات في الأحوال من أثر كونه كل يوم هو في شان ، فالشؤون الإلهية هي الاستحالات في الدنيا والآخرة ، فلا يزال الحق يخلع صورة فيلحقها بالثبوت والعدم ، 
ويوجد صورة من العدم في هذا الملأ ، فلا يزال التكوين والتغيير فيه أبدا، ويتميز الحق عن الخلق بأنه يتقلب في الأحوال لا تتقلب عليه الأحوال ، لأنه يستحيل أن يكون للحال على الحق حکم ، بل له تعالى الحكم عليها ،
فلهذا يتقلب فيها ولا تنقلب عليه ، فإنها لو تقلبت عليه أوجبت له أحكاما ، وعين العالم ليس كذلك ، تقلب عليه الأحوال فتظهر فيها أحكامها ، وتقليبها عليها بيد الله تعالى ، ولولا الأحوال ما تميزت الأعيان ، فإنه ما ثم إلا عين واحدة تميزت
 

ص 368

* * * * *
…………………………………………...
بذاتها عن واجب الوجود کما اشتركت معه في وجوب الثبوت ، فله تعالى الثبوت والوجود ، ولهذه العين وجوب الثبوت ، فالأحوال لهذه العين كالأسماء الإلهية للحق ، فكما أن الأسماء للعين الواحدة لا تعدد المسمى ولا تكثره ، 

كذلك الأحوال لهذه العين لا تعددها ولا تكثرها ، مع معقولية الكثرة والعدد في الأسماء والأحوال ، فجعل لهذه العين الكمال بالوجود الذي هو من جملة الأحوال التي تقلب عليها .

فما نقصها من الكمال إلا في حكم وجوب الوجود ، للتمييز بينها وبين الله ، 
إذ لا يرتفع ذلك ولا يصح لها فيه قدم، وهو تعالى في شؤون العالم بحسب ما يقتضيه الترتيب الحكمي ، فشأنه غدا لا يمكن أن يكون إلا في غد ، وشأن اليوم لا يسكن أن يكون إلا اليوم ، وشأن أمس لا يمكن أن يكون إلا أمس ، 

هذا كله بالنظر إليه تعالى ، وأما بالنظر إلى الشأن يمكن أن يكون في عير الوقت الذي نكون فيه لو شاء الحق تعالى ، وما في مشيئته جبر ولا تحير ، تعالى الله عن ذلك ، بل ليس للمشيئة إلا تعلق واحد لا غير ، 
فكل يوم هو في شأن ، وهو ما يحدث في أصغر يوم في العالم من الآثار الإلهية والانفعالات من ترکیب و تحليل وتصعيد وتنزيل وإيجاد وشهادة ، وکنى عز وجل عن هذا اليوم الصغير باليوم المعروف في العامة ، فوسع في العبارة من أجل فهم المخاطبين 

وقال « يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن » فالشأن مسألة السائلين ، فإنه ما من موجود إلا وهو سائله تعالى ، لكن هم على مراتب في السؤال ، فأما الذين لم يوجدهم الله تعالى عن سبب فإنهم يسألونه بلا حجاب ، لأنهم لا يعرفون سواه علما وغيبة ، 
ومنهم من أوجده الله تعالی عند سبب يتقدمه ، وهو أكثر العالم ، وهم في سؤاله على قسمين ، منهم من لم يقف مع سببه أصلا ولا عرج عليه وفهم من سببه أنه يدل على ربه لا على نفسه ، 
فسؤال هذا الصنف کسؤال الأول بغير حجاب ، ومنهم من وقف مع سببه ، وهم على قسمين ، منهم من عرف أن هذا سبب قد نصبه الحق وأن وراءه مطلبا آخر فوقه وهو المسبب له ، ولكن ما تمكنت قدمه في درج المعرفة لموجد السبب ، فلا يسأله إلا بالسبب


ص 369



* * * * *
……………………………..
لأنه أقوى للنفس ، ومنهم من لم يعرف أن خلف السبب مطلبا ولا أن ثم سببا ، فالسبب عنده نفس المسبب ، فهذا جاهل ، فسأل السبب فيما يضطر إليه لأنه تحقق عنده أنه ربه ، فما سأل إلا الله ، لأنه لو لم يعتقد فيه القدرة على ما سأله فيه لما عبده ، وذلك لا يكون إلا الله ، فهو ما سأل إلا الله ، 

ومن هذا المقام يجيبه الحق على سؤاله ، لأنه المسئول ولكن بهذه المثابة ، فعلى هذا هو المسئول بكل وجه وبكل لسان وعلى كل حال ، والمشهود له بالقدرة المطلقة النافذة في كل شيء ، 
فما من جوهر فرد في العالم إلا وهو سائله سبحانه في كل لحظة وأدق من اللحظة ، لكون العالم في كل لطيفة ودقيقة مفتقرا إليه ومحتاجا ، أولها في حفظه لبقاء عينه ومسك الوجود عليه بخلق ما به بقاؤه ، 
وليس من شرط السؤال هنا بالأصوات فقط ، وإنما السؤال من كل عالم بحسب ما يليق به ويقتضيه أفقه وحركة فلكه ومرتبته ، وقد قال تعالى فيما شرف سليمان به أنه علمه منطق الطير ، فعرف لغتها ، وتبسم ضاحكا من قول النملة للنمل ، وفي القرآن وفي الأخبار الصحيحة من هذا كثير ، فكلام كل جنس ما يشاكله وعلى حسب ما يليق بنشأته ويعطيه استعداد القبول للروحانية الإلهية السارية في کل موجود ، وكل يعمل على شاكلته ، 

فما من موجود بعد هذا إلا ويتفق منه السؤال ، فشأنه في كل دقيقة خلق السؤال في السائلين وخلق الإجابة بقضاء الحاجات ، وتنزل على أصحابها بحسب دورة الفلك الذي يخلق منه الإجابة ، فإن كان الفلك بعيدا أعني حركة التقدير التي بها تنزل على صاحبها بعد كذا وكذا حركة فتتأخر الإجابة ، وقد تتأخر للدار الآخرة بحسب حركتها ، 
وإن كان فلكها قريبة أعني حركة التقدير التي خلقت الإجابة فيها ظهر الشيء في وقته أو يقرب ، ولهذا أخبر النبي عليه السلام أن كل دعوة مجابة ، لكن ليس من شرطها الإسراع في الوقت ، فمنها المؤجل والمعجل بحسب الذي بلغ حركة التقدير ، فلا زال الخالق في شأن فلا تزال هذه الأيام دائمة أبدا ، 
ولا يزال الأثر والفعل والانفعال في الدنيا والآخرة ، وقد أثبت الحق تعالی دوام هذه الأيام فقال « خالدين فيها ما دامت السموات


ص 370


ذلك فما ذهبت إلا بعد ما تلبست عند عابدها بالألوهية. "11"
ولهذا ما بقي نوع من الأنواع إلا وعبد إما عبادة تأله و إما عبادة تسخير.
فلا بد من ذلك لمن عقل. وما عبد شيء من العالم إلا بعد التلبس بالرفعة عند العابد والظهور بالدرجة في قلبه: و لذلك تسمى الحق لنا برفيع الدرجات، ولم يقل رفيع الدرجة . فكثر الدرجات في عين واحدة. "12"
فإنه قضى ألا يعبد إلا إياه في درجات كثيرة مختلفة أعطت كل
………………………………………………….
والأرض » وخلودهم لا يزال هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار ، والسموات والأرض لا تزال والأيام دائمة لا تزال دائرة أبدا بالتكوين ، فالتنوعات والتبديلات ينبغي للعاقل أن لا ينكرها ، فإن الله في حق كل موجود في العالم شانا ، فانظر في هذا التوسع الإلهي ما أعظمه . 
الفتوحات ج 1 / 292 ، 295 ، 401 - ج 2 / 77 ، 171 ، 206 ، 287 ، 384 ، 431 ، 446 ، 520 ، 539 - ج 3 / 198 ، 199 ، 224 ، 254 ، 287 ، 295 ، 303 ، 314 ، 344 ، 395 - ج 4 / 267 ، 374 ، 424 ، 426 -  كتاب الشأن . 
 

11 - ملاحظة *
راجع هامش رقم 8 - وهذه الفقرة شاهد آخر على تدني الاستدلال مما لا يصح نسبته للشيخ رضي الله عنه .

 
12 - رفيع الدرجات *
هذا المعنى الذي ورد في هذا الفص يخالف تماما ما ذكره الشيخ بخط يده في شرح معنى « رفيع الدرجات » فتجده فيما أقدمه يراعي المناسبة في ورود الاسم ومعناه ، والاستشهاد بهذا الاسم هنا في هذا الفص لا يتناسب مع ما جاء ذكره في الآية حيث ورد هذا الاسم عند قوله تعالى « رفيع الدرجات يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق ».

فيقول في ذلك الشيخ رضي الله عنه : « رفيع الدرجات » فالرفعة له سبحانه بالذات وهي للعبد بالعرض ، وجعل له سبحانه درجات يظهر فيها لعباده ، فإن لكل اسم من الأسماء الإلهية مرتبة ليست للآخر ، والمراتب لا تتناهى وهي الدرجات ، وفيها رفيع وأرفع ، وما ثم رتبة إلا رفيعة ، وتقع المفاضلة في الرفعة ، ودرجات الحق ليست لها نهاية ، لأن التجلي فيها وليس له نهاية ، ومن جهة أخرى فإن قوله « رفيع الدرجات » إنما ذلك على خلقه،

 
ص  371


درجة مجلى إلهيا عبد فيها.
وأعظم مجلى عبد فيه و أعلاه «الهوى» كما قال «أفرأيت من اتخذ إلهه هواه» وهو أعظم معبود، فإنه لا يعبد شيء إلا به، ولا يعبد هو إلا بذاته، و فيه أقول: 
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى ... ولو لا الهوى في القلب ما عبد الهوى  "13"

……………………………………...

فبالرتبة علم الفاضل والمفضول ، وبها ميز بين الله والعالم ، وبها ظهرت حقائق ما هي عليه الأسماء الإلهية من عموم التعلق وخصوصه « ذو العرش » ومن هذه المنزلة تنزل النبوة ينزلها رفيع الدرجات ذو العرش على العبد بأخلاق صالحة وأعمال مشكورة حسنة عند العامة تعرفها القلوب ولا تنكرها النفوس، وتدل عليها العقول، وتوافق الأغراض وتزيل الأمراض ، فإذا وصلوا إلى هذه المنزلة ، 

فتلك منزلة الإنباء الإلهي المطلق لكل من حصل في تلك المنزلة من رفيع الدرجات ذي العرش ، فإن نظر الحق من هذا الواصل إلى تلك المنزلة نظر استنابة وخلافة ، ألقى الروح بالإنباء من أمره على قلب ذلك الخليفة المعتني به ، فتلك نبرة التشريع
قال تعالى : " يلقي الروح من أمره على من يشاء من عباده "،
وقال تعالى : "وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ".
وقال : "ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده " مثل ذلك "لينذر يوم التلاق" - يوم هم بارزون - نبوة تشريع لا نبوة عموم ، نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين ، فالإنذار مقرون أبدا بنبوة التشريع . 
الفتوحات ج 2 / 90 ، 469 - ج 3 / 178 - ج 4 / 227 


13 - الهوى *
هناك فرق كبير بين ما جاء في هذا الفص من قوله « وأعظم مجلي عبد فيه (أي الحق تعالی) وأعلاه " الهوى " وبين ما جاء به الشيخ وهو قوله « إن الهوى أعظم إله متخذ عبد »، وسنوضح الفارق في الاستدلال .
فيما جاء به الشيخ حيث يقول في الفتوحات المكية :ج 3 / 117 ما يلي
 اعلم أنه لولا الهوى ما عبد الله في غيره ، وأن الهوى أعظم إله متخذ عبد فإنه لنفسه حكم ، وهو الواضع كل ما عبد وفيه قلت : 
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى …  ولولا الهوى في القلب ما عبد الهوى


ص 372

ألا ترى علم الله بالأشياء ما أكمله، كيف تمم في حق من عبد هواه و اتخذه إلها فقال «وأضله الله على علم» و الضلالة الحيرة: و ذلك أنه لما رأى هذا العابد ما عبد إلا هواه بانقياده لطاعته فيما يأمره به من عبادة من عبده من الأشخاص، حتى إن عبادته لله كانت عن هوى أيضا، لأنه لو لم يقع له في ذلك الجناب المقدس هوى وهو الإرادة 
………………………………..
قال تعالى: «أفرأيت من اتخذ إلهه هواد وأضله الله على علم» فلولا قوة سلطانه في الإنسان ما أثر مثل هذا الأثر فيمن هو على علم بأنه ليس بإله ، فإذا جسده قرره على ما حكم به فيمن قام به فحار وجاء وباله عليه فعذب في صورته . 
ويقول في الفتوحات ج 3 / 364 : 

الكون موصوف بالتحجير ، فتوجه عليه الخطاب بانه لا يحكم بكل ما يريد بل بما شرع له ، ثم إنه لما قيل له « احكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى » أي لا تحكم بكل ما يخطر لك . ولا بما يهوى كل أحد منك ، بل احكم بما أوحي به إليك ۰۰۰ فدل التحجير على الخلق في الأهواء أن لهم الإطلاق بما هم في نفوسهم ، ثم حدث التحجير في الحكم والتحكم ۰۰. فليست الأهواء إلا مطلق الإرادات ۰۰۰ 
ثم لتعلم أن الهوى وإن کان مطلقا فلا يقع له حكم إلا مقيدة ، فإنه من حيث القابل يكون الأثر ، فالقابل لابد أن يقيده . 

فإنه بالهوى يريد القيام والقعود من العين الواحدة التي تقبلهما على البدل في حال وجود كل واحد منهما في تلك العين ، والقابل لا يقبل ذلك ، فصار الهوى محجورة عليه بالقابل ، فلما قبل الهوى التحجير بالقابل علمنا أن هذا القبول له قبول ذاتي ، فحجر الشرع عليه فقبله وظهر حكم القابل في الهوى ظهوره في مطلق الإرادة فيمن اتصف بها .
ويقول في الفتوحات ج 4 / 206 
حضرة الاسم العزيز - من هنا ظهر كل من غلبت عليه نفسه واتبع هواه، ولولا الشرع ما ذمه بالنسبة إلى طريق خاص لما ذمه أهل الله ، فإن الحقائق لا تعطي إلا هذا فمن اتبع الحق فما اتبعه إلا بهوى نفسه ، وأعني بالهوى هنا الإرادة ، فلولا حكمها عليه في ذلك ما اتبع الحق ، وهكذا حكم من اتبع غير الحق ، وأعني بالحق هنا ما أمر الشارع باتباعه ، وغير الحق ما نهى الشرع عن اتباعه ، وإن كان في نفس الأمر


ص 373


بمحبة ما عبد الله ولا آثره على غيره.
وكذلك كل من عبد صورة ما من صور العالم و اتخذها إلها ما اتخذها إلا بالهوى. فالعابد لا يزال تحت سلطان هواه. ثم رأى المعبودات تتنوع في العابدين، فكل عابد أمرا ما يكفر من يعبد سواه، والذي عنده أدنى تنبه يحار لاتحاد الهوى بل لأحدية الهوى فإنه عين واحدة في كل عابد. "14"
……………………………………..
كل حق ، لكن الشارع أمر ونهی ، كما أنا لا نشك أن الغيبة حق ولكن نهانا الشرع عنها ، ولنا . 
وحق الهوى إن الهوى سبب الهوى   ….. ولولا الهوى في القلب ماعبد الهوى
فبالهوى يجتنب الهوى ،و بالهوی يعبد الهوى ، ولكن الشارع جعل اسم الهوى خاصا بما ذم وقوعه من العبد والوقوف عند الشرع أولى ، ولهذا بينا قصدنا بالهوى الإرادة لا غير.

للزيادة راجع كتابنا « شرح كلمات الصوفية ص 375 - 380 » فهل يعقل لمن يلتزم هذا الالتزام بالشرع أن يقول كما جاء في هذا الفص ( وأعظم مجلي عبد فيه ( أي الحق ) وأعلاه « الهوى » كما قال : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه ) ؟! 

نعم نجد أن الشيخ يرمز ويعرض بذلك ، ويصرح بتجلي الحق في المظاهر ما لم ينص الشرع على لفظ مذموم ، لذلك نرفض نسبة هذا الكلام للشيخ ولو صح المعنى.

 
14 - « أفرأيت من اتخذ إلهه هواه » الآية
لينظر القاريء والمحقق قوة الاستدلال في الفتوحات المكية وسمو المعانی السليمة المترابطة لما ذكر في هذه الفقرة من هذا الفص حيث يقول
« أفرأيت من اتخذ إلهه هواه » ليس الهوى سوى إرادة العبد إذا خالفت الميزان المشروع الذي وضعه الله له في الدنيا ، فلولا الهوى ما عبد الله في غيره ، ولما كان الإله له القوة في المألوه ، وإله هذا هواه فحكم عليه وأضله عن سبيل الله ، 
واعلم أن الآلهة المتخذة من دون الله آلهة طائفتان ، 
منها من ادعت ما ادعي فيها مع علمهم في أنفسهم أنهم ليسوا كما ادعوا ، وإنما أحبوا الرياسة وقصدوا إضلال العباد ، كفرعون وأمثاله ، وهم في الشقاء إلا إن تابوا ، 
وأما الطائفة الأخرى فادعيت فيها

 

ص 374

«وأضله الله» أي حيره «على علم» بأن كل عابد ما عبد إلا هواه ولا استعبده إلا هواه سواء صادف الأمر المشروع أو لم يصادف. "15"
والعارف المكمل من رأى كل معبود مجلى للحق يعبد فيه «ولذلك سموه كلهم إلها مع اسمه الخاص 
……………………………………...
الألوهة ولم تدعها لنفسها ، كالأحجار والنبات والحيوان وبعض الأناسي والأملاك والكواكب والأنوار والجن وجميع من عبد واتخذ إلها من غير دعوى منه ، فهؤلاء كلهم سعداء والذين اتخذوهم إذا ماتوا على ذلك أشقياء ، 
فإنه لما اتخذ هذا المشرك هواه إلها ، حكم عليه وأضله عن سبيل الله ، وأما قوله « وأضله الله على علم » يعني أنه أضله الله على علم ، لا أن الضال على علم ، 
فإن الضال هو الحائر الذي لا يعرف في أي جهة مطلوبه ، فمتعلق « على علم » أضله وهو العامل فيه . وهو فعل الله تعالی.
 الوجه الثاني « وأضله الله على علم » هو التارك ما أمره الله به عمدا ، مثل من يقول إن الحركات والسكنات كلها بيد الله ، وما جعل في نفسي أداء ما أمرني بأدائه ، فهو على بصيرة تشقيه و تحول بينه وبين سعادته ، فتضره في الآخرة وإن التذ بها في الدنيا. 

فهي مجاهرة بحق لا تنفع ، ولو كان عن ذوق منعته هيبة الجلال و عظیم المقام و سلطان الحال أن يترك أداء حق الله على صحو ، فمثل هذا العلم لا ينفع - الوجه الثالث . 
هذه الآية تدل على أن نور العلم غير نور الإيمان ، فقوله تعالی « وأضله الله على علم » فذلك نور العلم به لا نور الإيمان .
الفتوحات ج 1 / 478 - ج 2 / 306 - ج 3 / 117 ، 243 ، 305


15 - الضلال *
يقارن القاريء بين المفهوم من هذه الفقرة وبين ما جاء به الشيخ في مفهوم حظ الأولياء من الصفات المذمومة حيث يقول : 
الضالون هم التائهون الحائرون في جلال الله وعظمته ، كلما أرادوا أن يسكنوا فتح لهم من العلم به ما حيرهم وأقلقهم ، 
فلا يزالون حيارى لا ينضبط لهم منه ما يسكنون عنده ، بل عقولهم حائرة ، فهؤلاء هم الضالون الذين حيرهم التجلي في الصور المختلفة . 
الفتوحات ج 2 / 137 


ص 375

بحجر أو شجر أو حيوان أو إنسان أو كوكب أو ملك.
هذا اسم الشخصية فيه.
والألوهية مرتبة تخيل العابد له أنها مرتبة معبوده، وهي على الحقيقة مجلى الحق لبصر هذا العابد المعتكف على هذا المعبود في هذا المجلى المختص. "16"
ولهذا قال بعض من عرف مقالة جهالة «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» مع تسميتهم إياهم آلهة حتى قالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب».  فما أنكروه بل تعجبوا من ذلك، "17"
فإنهم وقفوا مع كثرة الصور ونسبة الألوهة لها.    فجاء 
………………………………….
16 - راجع مشاهدة الحق في كل اعتقاد - فص 10 ، هامش 29، ص 159.


"" 29 - مشاهدة الحق في كل اعتقاد فص 10 ، هامش 29، ص 159.
ولله رجال أعطاهم الله الفهم والاتساع وحفظ الأمانة أن يفهموا عن الله جميع إشارات كل مشار إليه، وهم الذين يعرفونه في تجلي الإنكار الشاهدون إياه في كل اعتقاد ، والحمد لله الذي جعلنا منهم إنه ولي ذلك .
قال تعالى : "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " أي حكم ، وقضاء الحق لا يرد ، فقضى أن لا يعبد غير الله ، فمن أجل حكم عبدت الآلهة ، فلم يكن المقصود بعبادة كل عابد إلا الله .
فما عبد شيء لعينه إلا الله ، وإنما أخطأ المشرك حيث تصب لنفسه عبادة بطريق خاص لم يشرع له من جانب الحق ، فشقي لذلك .
فإنهم قالوا في الشركاء « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله » فاعترفوا به وأنزلوهم منزلة النواب الظاهرة بصورة من استنابهم ، وما ثم صورة إلا الألوهية فنسبوها إليهم، فكان قوله تعالى "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" من الغيرة الإلهية حتى لا يعبد إلا من له هذه الصفة .

فكان من قضائه أنهم اعتقدوا الإله وحينئذ عبدوا ما عبدوا ، مع أنهم ما عبدوا في الأرض من الحجارة والنبات والحيوان وفي السماء من الكواكب والملائكة إلا لاعتقادهم في كل معبود أنه إله.
لا لكونه حجرا ولا شجرا ولا غير ذلك وإن أخطأوا في النسبة فما أخطأوا في المعبود .
فعلى الحقيقة ما عبد المشرك إلا الله ، وهو المرتبة التي سماها إلها لأنه لو لم يعتقد الألوهية في الشريك ما عبده •
فالكامل من عظمت حيرته و دامت حسرته ، ولم ينل مقصوده لما كان معبوده ، وذلك أنه رام تحصیل ما لا يمكن تحصيله ، وسلك سبيل من لا يعرف سبيله. والأكمل من الأكمل من اعتقد فيه كل اعتقاد ، وعرفه في الإيمان والدلائل وفي الإلحاد ، فإن الإلحاد ميل إلى اعتقاد معين من اعتقاد ، فاشهدوه بكل عين إن أردتم إصابة العين ، فإنه عام التجلي ، له في كل صورة وجه ، وفي كل عالم حال.
الفتوحات ج 1 / 238 ، 405 ، 589 - ج 2 / 92 ، 212 ، 326 ، 498 . ج 4 / 100 ، 101 ، 415.  أهـ ""


17 - « أجعل الآلهة إلها واحدا » الآية
" أجعل الآلهة إلها واحدا، إن هذا الشيء عجاب" و قال المشركون لما دعوا إلى توحيد الإله في ألوهته بقوله تعالى «وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم» أكثروا التعجب وقالوا «أجعل الآلهة إلها واحدا » فهي حكاية الله لنا عن المشرك أنه قال هكذا إما لفظا أو معنى ، 
والمشرك هو من جعل مع الله إلها آخر من واحد فما زاد ، وكان ذلك من أجل اعتقادهم فيما عبدوه أنهم آلهة دون الله المشهود له عندهم بالعظمة على الجميع ، والذي قالوا فيه « ما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفی » 
« إن هذا الشيء عجاب » فالناس يحملون هذا القول أنه من قول الكفار حيث دعاهم إلى توحيد إله وهم يعتقدون کثرتها ، وما علموا أن جعل الألوهية من الكثيرين أعجب ، 
ففي الحقيقة ليس العجب ممن وحد ، وإنما العجب ممن كثر الآلهة بلا دلیل ولا برهان ، وهذا القول عندنا من قول الحق أو قول الرسول ، 
وأما قول الكفار فانتهى في قوله «إلها واحدا، والتعجب أنه بأول العقل يعلم الإنسان أن الإله لا يكون بجعل جاعل ، فإنه إله لنفسه ، ولهذا وقع التوبيخ بقوله تعالى « أتعبدون ما تنحتون» والإله من ضرورة العقل لا يتأثر ، 

وقد كان هذا خشبة يلعب بها ، أو حجرة يستجمر به ، ثم أخذه وجعله إلها يذل ويفتقر إليه ويدعوه خوفا وطمعا ، فمن مثل هذا يقع التعجب مع وجود العقل عندهم ، فوقع التعجب من ذلك ليعلم من حجب العقول عن إدراك ما هو لها بديهي وضروري ، ذلك لتعلموا أن الأمور بيد الله وأن الحكم


ص 376


الرسول ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد، بشهادتهم أنهم أثبتوه عندهم واعتقدوه في قولهم «ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى» لعلمهم بأن تلك الصور حجارة.
ولذلك قامت الحجة عليهم بقوله «قل سموهم»: فما يسمونهم إلا بما يعلمون 
………………………………………………...
فيها الله ، وأن العقول لا تعقل بنفسها ، وإنما تعقل ما تعقله بما يلقي إليها ربها وخالقها ولهذا تفاوت درجتها ، فمن عقل مجعول عليه قفل ومن عقل محبوس في كن ومن عقل طلع على مرآته صدأ ، 
فلو كانت العقول تعقل لنفسها لما أنكرت توحيد موجدها في قوم وعقلته في قوم ، والحد والحقيقة فيها على السواء ، فلهذا جعلنا قوله تعالی « إن هذا الشيء عجاب » ليس من قول الكفار ، 

بل قال الله عند قولهم « أجعل الآلهة إلها واحدا » « إن هذا الشيء عجاب » حيث جعلوا الإله الواحد آلهة ، وخصوص وصفه أنه إله ، وبه يتميز فلا يتكثر بما به يتميز ، ويشهد لهذا النظر قولهم فيما حكی الله عنهم « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفی » فهم يعلمون أنهم نصبوهم آلهة ، ولهذا وقع الذم عليهم بقوله « أتعبدون ما تنحتون » 
والإله من له الخلق والأمر من قبل ومن بعد ، واعلم أن الله تعالی عصم لفظ د الله ، أن يطلق على أحد ، وما عصم لفظ « إله ، فكثرت الآلهة في العالم لقبولها التنكير ، والله واحد معروف لا يجهل ، أقرت بذلك عبدة الآلهة ، 

فقالت ما تعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفی ، وما قالت إلى إله كبير هو أكبر منها ، ولهذا أنكروا ما جاء به صلى الله عليه وسلم  في القرآن والسنة من أنه إله واحد من إطلاق الإله عليه ، 

وما أنكروا الله ، ولو أنكروه ما كانوا مشركين ، فبمن يشركون إذا أنكروه ، فما أشركوا إلا بإله لا بالله ، 
فقالوا « أجعل الآلهة إلها واحدة وما قالوا "أجعل الآلهة الله " فان الله ليس عند المشركين بالجعل .
ومن ذلك قول السامري "هذا إلهكم وإله موسى" به في الجعل ، ولم يقل هذا «الله» الذي يدعوكم إليه موسى عليه السلام وقال فرعون "ما علمت لكم من إله غيري".
الفتوحات ج 2 / 409 ، 590 - ج 3 / 94 ، 178 ، 248 - ج 4 / 106 ، 254 - إيجاز البيان في الترجمة عن القرآن


ص 377


أن تلك الأسماء لهم حقيقة. "18"
وأما العارفون بالأمر على ما هو عليه فيظهرون بصورة الإنكار لما عبد من الصور لأن مرتبتهم في العلم تعطيهم أن يكونوا بحكم الوقت لحكم الرسول الذي آمنوا به عليهم الذي به سموا مؤمنين.
فهم عباد الوقت مع علمهم بأنهم ما عبدوا من تلك الصور أعيانها، وإنما عبدوا الله فيها لحكم سلطان التجلي الذي عرفوه منهم ، وجهله المنكر الذي لا علم له بما تجلى، ويستره العارف المكمل من نبي ورسول و وارث عنهم. "19"
فأمرهم بالانتزاح عن تلك الصور لما انتزح عنها رسول 
………………………………………..
18 - « وجعلوا له شركاء قل سموهم » الآية
يريد أسماء الأعلام ، وذلك في معرض الدلالة ، فإذا سموهم قالوا هذا حجر، هذا شجر ، هذا كوكب ، والكل اسم عبد ، فيذكرونهم بأسمائهم المخالفة أسماء الله فقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم " قل سموهم " فتعرفوا عند ذلك الحق بید من هو ، هل هو بأيديكم أو بيدي ؟ 
وقد قال الحق تعالی وأبان ذلك كله ليعقل عنه « إن هي إلا أسماء سميتوها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان » فلما عرفوا قوله وتحققوه ، علموا أنهم في فضيحة ، لأنهم إذا سموهم لم يسموهم بالله ، بل آباؤكم نصبوها آلهة ، وهذا الإله الذي أدعوكم إليه تعرفونه ، وأن اسمه الله لا تنكرونه ، وأنتم القائلون « ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفی » .
الفتوحات ج 2 / 417 - ج 3 / 544 - ج 4 / 11 ، 106


19 - موطن الإنكار عند العارفین *
الكامل من عظمت حيرته ، ودامت حسرته ، ولم ينل من مقصوده لما كان معبوده ، وذلك أنه رام تحصيل ما لا يملكن تحصيله ، وسلك سبيل من لا يعرف سبيله ، والأكمل من الكامل ، من اعتقد فيه كل اعتقاد ، 
وعرفه في الإيمان والدلائل وفي الإلحاد ، فإن الإلحاد ميل إلى اعتقاد معين من اعتقاد ، فإشهدوه بكل عين ، إن أردتم إصابة العين ، فإنه عام التجلي ، له في كل صورة وجه ، وفي كل عالم حال .
ورد في الخبر الصحيح في تجليه سبحانه في موطن التلبيس ، وهو تجليه في غير صور الاعتقادات في حضرة الاعتقادات ، فلا يبقى أحد يقبله ولا يقر به ، بل يقولون 

 
ص 378
 
الوقت اتباعا للرسول طمعا في محبة الله إياهم بقوله «قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله».
 فدعا إلى إله يصمد إليه ويعلم من حيث الجملة، ولا يشهد «ولا تدركه الأبصار»، بل «هو يدرك الأبصار» للطفه و سريانه في أعيان الأشياء.
فلا تدركه الأبصار كما أنها لا تدرك أرواحها المدبرة أشباحها وصورها الظاهرة.
«وهو اللطيف الخبير» والخبرة ذوق، والذوق تجل، والتجلي في الصور.
فلا بد منها ولا بد منه ، "20" فلا بد أن يعبده من رآه بهواه إن فهمت "21" ،  وعلى الله قصد السبيل.
………………………………...
إذا قال لهم «أنا ربكم » " نعوذ بالله منك" ، فالعارف في ذلك المقام يعرفه ، غير أنه قد علم منه بما أعلمه ، أنه لا يريد أن يعرفه ( في تلك الحضرة ) من كان هنا مقيد المعرفة بصورة خاصة يعبده فيها ، 
فمن أدب العارف أن يوافقهم في الإنكار ، ولكن لا يتلفظ بما تلفظوا به من الاستعاذة منه ، فإنه يعرفه ، 
فإذا قال لهم الحق في تلك الحضرة عند تلك النظرة "هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها" ، فيقولون « نعم » فيتحول لهم سبحانه في تلك العلامة ، مع اختلاف العلامات ، فإذا رأوها وهي الصورة التي كانوا يعبدونه فيها ، حينئذ اعترفوا به ، ووافقهم العارف بذلك في اعترافهم ، أدبا منه مع الله وحقيقة ، وأقر له بما أقرت الجماعة . 
الفتوحات ج 2 / 212 ، 609 .  راجع هامش وفص 12 هامش 11 ص
راجع کتابنا الخيال ص 15 ، 24  -  وكتابنا ترجمة حياة الشيخ ص 171

.

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:11 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية التاسعة عشر الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :-                               الجزء الثالث
 تابع :-
""  راجع کتابنا الخيال ص 24 ، 25 
" ولما لم يكن له تعالى ظهور إلى خلقه إلا في صورة، وصوره مختلفة في كل تجل، لا تتكرر صورة، فإنه سبحانه لا يتجلى في صورة مرتين، ولا في صورة واحدة لشخصين،
ولما كان الأمر كذلك، لم ينضبط للعقل ولا للعين ما هو الأمر عليه، ولا يمكن للعقل تقييده بصورة ما من تلك الصور، فإنه ينتقض له ذلك التقييد في التجلي الآخر بالصورة الأخرى،
وهو اللّه في ذلك كله، لا يشك ولا يرتاب إلا إذا تجلى له في غير معتقده، فإنه يتعوذ منه كما ورد في صحيح الأخبار، فيعلم أن ثمّ في نفس الأمر عينا تقبل الظهور في هذه الصور المختلفة، لا يعرف لها ماهية أصلا ولا كيفية، وإذا حكم بكيفية،

فيقول: الكيفية ظهورها فيما شاء من الصور، فتكون الصور مشاءة، وكل مشاء معدوم بلا شك، فما ظهر لك إلا حادث في عين قديم، فما رأيت إلا حادثا مثلك، لأنك ما رأيت إلا صورة يقيدها نظرك ببصر هو الحق، في عين هو الحق، أعني في العين التي ظهرت في تلك الصورة، فهو مدرك
في حديث أبي سعيد الخدري أخرجه الشيخان مطولا، وفيه عن الحشر يوم القيامة «حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد اللّه من بر وفاجر، أتاهم اللّه في أدنى صورة من التي رأوه فيها. .
فيقول: أنا ربكم: فيقولون نعوذ باللّه منك لا نشرك باللّه شيئا، مرتين أو ثلاثا، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه بها؟ فيقولون نعم. .» الحديث
عينا في الآخرة والنوم علما وشرعا، وغير مدرك علما «لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ»، ولا نشك - إيمانا وكشفا لا عقلا - أن بهويته أدرك المدرك جميع ما يدرك «كنت بصره الذي يبصر به" أهـ.""

 20 - راجع فص 23 هامش 10 ،14  
""  10 - الاسم اللطيف * راجع فص 23 هامش 7 ، 10 ،14  ص 353

هذا المراد لا يستقيم بالاستدلال وشاهد اسم اللطيف في هذه الآية ضعيف بل المراد به هو ما جاء في شرح الهامش رقم 7، ويؤيده بمناسبة ذكر الرزق ما جاء في معنى الاسم اللطيف حيث ذكر في قوله تعالى « الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز » فإن اللطف الإلهي هو الذي يدرج الراحة من حيث لا يعرف من لطف به ، ومن لطفه أنه الذي يأتيهم بكل ما هم فيه ، ولا تقع أبصار العباد إلا على الأسباب التي يشهدونها فيضيفون ما هم فيه إليها .

أما المعنى المقصود هنا من أنه سبحانه هو الظاهر في المظاهر من حيث الاسم اللطيف فيتضمنه قوله تعالى « لا ندركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » البصر من العبد هوية الحق ، فعينك غطاء على بصر الحق ، فبصر الحق أدرك الحق ورآه لا أنت، فإن الله لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ، ففي مدلول هذه الآية أنه يدرك تعالى نفسه بنفسه ، لأنه إذا كان بهويته بصر العبد ، ولا نفع الإدراك البصري إلا بالبصر ، وهو عين البصر المضاف إلى العبد ، وقال إنه يدرك الأبصار وهو عين الأبصار ، فقد أدرك نفسه . 

لذلك قال « وهو اللطيف » ولا الطف من هوية تكون عين بصر العبد ، وبصر العبد لا يدرك الله ، وليس في القوة أن يفصل بين البصرین ، اللطيف من حيث أنه لا تدركه الأبصار ، واللطيف المعني من حيث أنه يدرك الأبصار ، أي درکه للأبصار درکه لنفسه ، وهذا غاية اللطف والرقة ، فما لطفه وأخفاه إلا شدة ظهوره ، فإنه البصر لكل عين تبصر « الخبير » يشير إلى علم ذلك ذوقا ، فهو العليم خبرة أنه بصر العبد في بصر العبد ، و کذا هو الأمر في نفسه . 
فتوحات ج 2 / 542 ، 547 - ج 4 / 2 ، 238 ، 301


14 - الاسم الخبير *
وقع في هذه الفقرة خلط بين قوله تعالى « ولنبلونكم حتى نعلم » أي لنختبركم حتى نعلم ، من الاختبار ، فيقول الشيخ في ذلك : حكم الحق على نفسه
بما حكم لخلقه من حدوث تعلق العلم ، وهذا غاية اللطف في الحكم والتنزل الإلهي . فنزل مع خلقه في العلم المستفاد ، إذ كان علمهم مستفادة ، كما شرك نفسه تعالى مع خلقه في الأحكام الخمسة ، فمع علمه بما يكون من خلقه قال « حتى نعلم » وأعلم من الله لا يكون ، ومع ذلك أنزل نفسه في هذا الإخبار منزلة من يستفيد بذلك علما ، وهو سبحانه العالم بما يكون منهم في ذلك قبل كونه - 
الفتوحات ج 3 / 111، ج 2 / 423 

ويكون هذا الخبير كما جاء في شرح الأسماء الحسني 
الفتوحات ج 4 / 322 

حيث يقول : الخبير بما اختبر به عباده ، ومن اختباره قوله « حتى نعلم » فيرى هل ننسب إليه حدوث العلم أم لا ؟ 
فانظر أيضا هذا اللطف ، ولذلك قرن الخبير باللطيف فقال اللطيف الخبير ، فاختلط المعني هنا في هذه الآية « ولنبلونكم » من الاختبار وهو متعلق بالاسم الخبير بمعنى العليم خبرة وهو أيضا متعلق بالاسم الخبير في آية « يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير » 
- راجع هامش رقم  7 ، 10 .

"" 7  - الرزق مضمون مكفول        راجع هامش رقم  7 ، 10 .
ينبه الحق بهذه الآية على أن الرزق مضمون ، لابد أن يوصله للعبد. 
فإن رزقه ورزق عياله لابد أن يأتي به الله ، فيقول لقمان لابنه « يا بني إنها إن تكن مثقال حبة من خردل » أي أينما كان مثقال هذه الحبة من الخردل لقلتها بل خفائها « فتكن في صخرة » أي عند ذي قلب قاس لا شفقة له على خلق الله ، 

قال تعالى « ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة » روي في النبوة الأولى أن له تعالی تحت الأرض صخرة صماء ، في جوف تلك الصخرة حيوان لا منفذ له في الصخرة ، وأن الله قد جعل له فيها غذاء ، وهو يسبح الله ويقول « سبحان من لا ينساني على بعد مكاني » يعني من الموضع الذي تأتي منه الأرزاق لا على بعد مكانها من الله « أو في السموات » بما أودع الله في سباحة الكواكب في أفلاكها من التأثيرات في الأركان لخلق أرزاق العالم ، أو الأمطار أيضا فإن السماء في لسان العرب المطر ، قال الشاعر « إذا سقط السماء بأرض قوم » يعني بالسماء هنا المطر .

أو في الأرض ، بما فيها من القبول والتكوين للأرزاق ، فإنها محل ظهور الأرزاق. كذلك الكوكب يسبح في الفلك ، وعن سباحته يكون ما يكون في الأركان الأمهات من الأمور الموجبة للولادة ، فأينما كان مثقال هذه الحبة « يأت بها الله » ولم يقل يأت إليها، فهو تعالى الأتي برزقك إليك حيث كت و كان رزقك ، فهو يعلم موضعك ومقرات، ويعلم عين رزقك « إن الله لطيف» أي هو أخفى أن يتعلم ويوصل إليه ، أي العلم به ، من حبة الخردل « خبير » للطفه بمكان من يطلب تلك الخردلة منه لما له من الحرص على دفع ألم الفقر عنه ، فإن الحيوان ما يطلب الرزق إلا لدفع الآلام لا غير . 

الفتوحات ج 1 / 506 - ج 4 / 114.   أهـ  ""



21 -  راجع هامش 13 

ص 379

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Empty
مُساهمةموضوع: السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية العشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    Emptyالسبت مارس 14, 2020 1:11 am

السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية العشرون .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   

الفص الهاروني الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العشرون :-                  
كتاب المفاتيح الوجودية والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
24 - فص حكمة إمامية في كلمة هارونية
المرتبة 24 : لفص حكمة إمامية في كلمة هارونية من الاسم المذل ومرتبة الحيوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود
قيل : بضدها تتميز الأشياء . فالصفة لا تظهر إلا بوجود ضدها .
فظهور الاسم : القوي يستلزم ظهور من يخضع ويذل وينقاد لهذه القوة أي يستلزم وجود ذليل أي يستلزم ظهور اسمه تعالى المذل .
فكانت لهذا الاسم المرتبة 24 وظهر عن توجهه عالم الحيوان وحرف الذال ومنزلة سعد السعود يقول الشيخ في فصل هذه المرتبة ( ب 198 ص 465 ) :
( وإنما اختص الاسم المذل بالحيوان لظهور حكم القصد فيه ولأنه مستعد للإباية لما هو عليه من الإرادة . فلما توجه عليه الاسم المذل صار حكمه من لا إرادة له ولا قدرة ) .
وفي هذا الفصل توسع الشيخ في مفهوم التسخير وهو ما نجده في هذا الفص الهاروني حيث تكلم عن التسخير الحيواني والإنساني والرباني .
ولتكامل فصي هارون وموسى كتكامل القوي والمذل تكلم في فص موسى عن تسخير كل شيء للإنسان الكامل .
ومن المسائل المشتركة بين الفصين أيضا مسألة الحيرة العرفانية والعلم والجهل .......
والحيوان مفطور على الحيرة في اللّه تعالى ........
والملائكة العالون لهم الحيرة والهيام في جمال جلال اللّه تعالى .
 
وقد قرن الحق تعالى اسمه المذل بالحيوانات في القرآن لأنه ذللها للإنسان وذلل بعضها لبعض فقال في الآية 72 من يس : وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ
وفي الآية 69 من النحل : ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا
 
وأنسب الأنبياء لحضرة الإذلال الحيواني هارون عليه السّلام .
ولهذا اختص السبط الهاروني في بني إسرائيل بتقديم الأضاحي والقرابين .
وأسكن اللّه روح هارون سماء المريخ الأحمر الخامسة المخصوصة بسفك الدماء وذبح الأضاحي والحروب والقتال وما ينجر عنهما من التسخير والإذلال......
 
ولهذا أيضا نجد يحيى مترددا بين سماء عيسى روح اللّه وسماء هارون مذلل الحيوان لأن الحيوان من الحياة التي هي من خصائص الروح
قال تعالى :وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ ( العنكبوت ، 64 ) أي الحياة الحقيقية التي مظهرها الإنساني يحيى عليه السّلام .
 
ولهذا كان هو الذي يذبح كبش الموت بين الجنة والنار عند نهاية يوم القيامة .
ولهذه العلاقة الثلاثية ( عيسى - يحيى - هارون ) جاء في القرآن تسمية مريم بأُخْتَ هارُونَ وقد ذكر الشيخ عيسى في هذا الفص .
 
وأكد على الحيرة لأن الحيوان مفطور على الحيرة في معرفته باللّه كما ذكره الشيخ في الباب 357 من الفتوحات وهو باب منزل سورة النمل .
 
وقد كان هارون متحققا كمال التحقق بقوله تعالى :أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ( المائدة ، 54 ) كما كان موسى متحققا بباقي الآية :أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ
فكان هارون هينا لينا محببا لقومه لما في باطنه من عبودية وتواضع كالأرض التي قال الحق عنها : هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا( الملك ، 15 )
 
يقول الشيخ في الباب 167 عن هارون : (  حين أخذ موسى برأسه يجره إليه فأذاقه الذل بأخذه اللحية والناصية ( . . . ) لما ظهر عليه موسى بصفة القهر فلما كان لهارون ذلة الخلق ذوقا مع براءته مما أذل فيه تضاعفت الذلة عنده فناداه بالرحم . . . )
 
ولهذه المرتبة الحرف الرابع والعشرون في النفس وهو الذال .
فانظر كيف وافق اسمه الإلهي المذل .
 
وله من المنازل الفلكية : " سعد السعود " ولهذا ختم الشيخ كلامه في هذا الفصل من الفتوحات بقوله : ( فمن أقامه الحق من العارفين في مشاهدته وتجلى له فيه ومنه فلا يكون في عباد اللّه أسعد منه باللّه ولا أعلم منه بأسرار اللّه على الكشف ) .
 
ولعلاقة هذا الفص بالحيوان
تكررت فيه مشتقات كلمة " حيوان " نحو تسع مرات وكرر كلمة " تسخير " مرات كثيرة " نحو 15 مرة  وذكر سخر –سخرها – مسخر ...الخ 10 مرة "
وذكر العجل وحيوانية الإنسان المتصرفة في حيوانية الحيوان والتحريش بين البهائم ، وأشار إلى الاسم المذل في قوله : " الحيوان انقاد مذللا " .
 
وأما وصف حكمة هذا الفص بالإمامية :
فلأن هارون كان الإمام الأول بعد موسى قطب بني إسرائيل فهو خليفته ووزيره وقد وردت في القرآن كلمة " إماما " أربع مرات منها مرتان متعلقتان بالتوراة في ( هود ، 11 ) و ( الأحقاف ، 12 ) :وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً.
كما وردت كلمة " أئمة " خمس مرات كلها أو أكثرها تتعلق ببني إسرائيل في حال علوهم وحال سقوطهم :
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا ( الأنبياء ، 73 )
 وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ ( القصص ، 5 )
وَجَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا( السجدة ، 24 ) .
فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ( التوبة ، 12 ) .
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ( القصص ، 41 ) .
 
ملاحظة :
في فص إلياس قال الشيخ : " تحققت بحيوانيتي تحققا كليا " أي تحقق بهذه الكلمة الإمامية الهارونية المذللة للحيوان أكمل تحقق
وحيث أن لها الإمامة أي الخلافة فلها صلة بسماء الخلافة حيث روح الخليفة آدم ونفس الخليفة داود - كما سنراه أي سماء القمر - خليفة الشمس - بمنازله الثمانية والعشرين المناسبة لمراتب الوجود وأبواب الفصوص .
 
أي أن في هذا إشارة أخرى إلى أن للشيخ المرتبة 28 الجامعة .


ولهذا ذكر الشيخ في هذا الفص وفي الفصل 34 من الباب 198 المناسب للاسم :
رفيع الدرجات المتوجه على إيجاد المرتبة 28 المخصوصة بخاتم الأولياء المحمديين .
 
وإنما ربط الشيخ بين فصي إلياس وهارون لأن ( العزيز ) وهو الاسم المتوجه على إيجاد مرتبة فص إلياس - وهي المعادن - مرتبط بالاسم المتوجه على الحيوان أي المذل ، فبالمعدن يذبح ويذلل الحيوان وبعزة العزيز يظهر ذل الذليل....
 
وكعادته في التمهيد في آخر كل باب للباب الموالي ختم الشيخ الفص
بذكره للأرواح المدبرة اللطيفة التي لا تدركها الأبصار كمقدمة للدخول لفص موسى المخصوص بمرتبة الملائكة ، ثم بالذي بعده فص خالد المخصوص بالجن
 
وأشار إلى فص الكلمة الخالدية الصمدية بقوله :
" فدعا إلى إله يصمد إليه " فبكلامه على البابين المواليين معا إشارة إلى أن مرتبتيهما متشابهتان إذ أن كلمة جن تطلق على الملائكة أيضا لاشتراكهم في اللطافة والغيبة عن الأبصار ،
 
وقد جعل الشيخ لهم في الباب الثاني من الفتوحات نفس المرتبة الحرفية عند العارفين .
 
وختم الفص بكلمة وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ( النحل ، 9 ) ،
ليشير مرة أخرى لمرتبة الحيوان في هذا الباب لورودها في القرآن مقترنة بالحيوانات في الآية 8 و 9 من سورة النحل :
وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ ( 8 ) وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) .



24 : سورة فص هارون عليه السلام
سورة هذا الفص هي " الكافرون " التي مدارها حول التبري من الأوثان وتثبيت التوحيد .
وهو نفس موضوع هذا الفص الذي بدأ بعبادة بني إسرائيل للعجل ،
ثم عمم بذكر أعظم معبود وهو الهوى وأكد على معاني الآية :وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ( الإسراء ، 023 )
وشرح هذه الآية يوجد في الباب " 275 فتوحات " وفي الوصل السادس من الباب " 369 ف " وذلك الباب وهذا الوصل متعلقان بمنزل سورة الكافرون .
فراجعهما تجد نفس المعاني المختصرة في هذا الفص . . .
 
ففي الباب 275 يقول :
ثم قال : " اعلم أن الذلة والافتقار لا تكون من الكون إلا للّه تعالى فكل من تذلل وافتقر إلى غير اللّه تعالى واعتمد عليه وسكن في كل أمر إليه فهو عابد وثن . . . "
 
فذكر التذلل الذي هو من الاسم " المذل " الحاكم على هذا الفص الهاروني وهو المتوجه على إيجاد " الحيوان " .
وحرف " الذال " مفتاح : " ذل " ومن الحيوان الذلول العجل الذي عبده بنو إسرائيل . . .
وفي هذا الفص كرر الشيخ ذكر الحيوان نحو ثماني مرات
وذكر البهائم وتذليل الإنسان للحيوان وأكد على التسخير أي التذليل . . .
والفص مشحون بمشتقات فعل " عبد " لأن سورة " الكافرون " كذلك . . .
وأواخر الفص تفصيل لآياتها ، فقوله مثلا : " فإنهم وقفوا مع كثرة الصور . . . ودعاهم إلى إله واحد يعرف ولا يشهد . . . "
هو شرح لآية :لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ ( الكافرون ، 2 )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: