منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:11 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
الفقرة الأولي:
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب.
فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها.
فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملائمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.
وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية
فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.  
واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة.
فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد.
ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا. فمن ذكرته الرحمة فقد رحم.
واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم.
وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى.
فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة.
ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف.
وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة.
وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء.
ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة.
ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك.
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
21 - نقش فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
لمّا فاز زكريا برحمة الربوبية ستر نداءه ربه عن أسماع الحاضرين .
فناداه بسره  "نداءً خفياً"  فأنتج من لم تجر العادة بإنتاجه . فإن العقم مانع .
ولذلك قال : " الريح العقيم " وفرّق بينها وبين اللواقح .
وجعل الله يحيى ببركة دعائه وارث ما عنده .
فاشبه وارث جماعة من آل ابراهيم .
  
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
21 - فك ختم الفص الزكرياوى
1 / 21  - اعلم ان سر وصف حكمته بالحكمة المالكية من أجل ان الغالب على أحواله كان حكم الاسم المالك ، لأن الملك الشدة والمليك الشديد ، وأن الله ذو القوة المتين ، فايده الله بقوة سرت في همته وتوجهه ، فأثمرت الاجابة وحصول المراد ،
وقد نبهتك على ان الهمة من الأسباب الباطنة وأشرت قبل ذلك الى ان الأسباب الباطنة اقوى حكما من الأسباب الظاهرة المعتادة وأحق نسبة الى الحق ، ولهذا كان أهل عالم الأمر أتم قوة من أهل عالم الخلق واعظم تأثيرا .
 
2 / 21  - وايضا فليتذكر قصة : " وأَصْلَحْنا له زَوْجَه " [ الأنبياء : 90 ] فإنه لو لا امداد الحق زكريا وزوجته بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صلحت زوجته ولا تيسر لها الحمل منه ولهذا لما بشره الحق بيحيى استغرب ذلك وقال :
" رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وقَدْ بَلَغْتُ من الْكِبَرِ عِتِيًّا " [ مريم : 8 ]
واجابه الحق بقوله : " قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وقَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ ولَمْ تَكُ شَيْئاً " [ مريم / 9 ]
اى : وان كان حصول مثل هذا من جهة الأسباب الظاهرة صعبا - بل متعذرا - فإنه بالنسبة الى ذى القدرة التامة والقوة والمتانة هين .
ثم انه كما سرت تلك القوة من الحق في زكريا وزوجته تعدت منها الى يحيى ،
ولذلك قال له الحق سبحانه : " يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ ..." الآية [ مريم : 12 ]
فاعلم ذلك ، فهذا سر الفص الزكرياوى.


كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة مالكية في كلمة زكاروية

مصطلح الفيض الاقدس - الفيض المقدس.
يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي :
1 - الفيض الأقدس: وهو تجلي الذات الأحدية لنفسها في الصور المعقولة للكائنات، اي في " القوابل " أو الأعيان الثابتة (انظر فيض أقدس - عين ثابتة) وهذا الفيض هو في الواقع بتعبير آخر من تعبيرات الشيخ الأكبر: فتح. فهو أول فتح، من حيث أنه أول فيض وأول تجل، وبالتالي مفاتحه هي " المفاتح الأول " ولا يعلمها إلا الحق، لأنها في وحدانيته حيث لا قدم لمخلوق؛ وهي أسماؤه الذاتية.
2 - الفيض المقدس: وهو تجلي الحق في صور الكثرة الوجودية، أو بتعبير آخر هو ظهور الأعيان الثابتة، التي كانت نتيجة أول فتح، في العالم المحسوس بعدما كانت معقولة. 
وهذا الفيض هو فتح لغيب، ومفاتحه هي المفاتح الثواني من حيث إنه ثاني فتح. 
وهذه المفاتح هي الأسماء الإلهية التي أظهرت الوجود من عقلي إلى عيني وهي المؤثرة في الكون. ولذلك يسميها ابن العربي بمفاتيح غيب الايجاد العيني.

يقول الشيخ ابن العربي الفيض الأقدس:
" والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي ... .
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس.
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه، إنها (الفيض الأقدس) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة.
وهي من ناحية ثانية (المثال) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات ... أهـ
 
تقول د. سعاد الحكيم عن الفيض المقدس:
" إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور، ظهور للغيب أو للباطن، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر.
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس.
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر، ففي الظلام تتحد كل الأشياء، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء، وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر (محتويات الغيب) فأوجدها.

مصطلح رحمة الامتنان – رحمة الوجوب
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" قوله : ( الرحمن الرحيم ) ، فهو رحمن بالرحمتين العامة ، وهي رحمة الامتنان .
وهو رحيم بالرحمة الخاصة ، وهي الواجبة في قوله : " فسأكتبها للذين يتقون " ...
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل .
وبرحمة الامتنان رحم الله من وفقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة فيها " .
 
تقول الدكتورة سعاد الحكيم  الرحمة الإلهية عند ابن العربي:
الرحمة الإلهية : هي أم لجميع الموجودات ، من حيث أنها وسعت وجمعت كل شيء : "قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء" .
 
تقول د. سعاد الحكيم الرحمة العامة عند ابن العربي الطائي الحاتمي:
الرحمة العامة: هي الرحمة التي يرحم الله بها الخلق جميعهم ، دون أن تتقيد بصفة أو نعت في شخص المرحوم ، وهي رحمة الامتنان  .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
الرحمة الإلهية : هي التي أوجدها الله في عباده ليتراحموا بها ، مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف ، وبها كتب على نفسه الرحمة . وهذه الرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية ، والرحمة الإمتنانية هي التي وسعت كل شيء " .
 
الرحمة الامتنانية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
الرحمة الامتنانية : هي الرحمة المقتضية للنعم السابقة على العمل ، وهي التي وسعت كل شيء " .
ويقول : " الرحمة الامتنانية : هي السابقة أيضا ، سميت بذلك : لأن الله تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ؛ لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقها " .
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
الرحمة الإمتنانية الخاصة : يعنى بها رحمة الله تعالى لعبده ، بحيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها " .
 
الرحمة الوجوبية
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" الرحمة الوجوبية : يعنى بها الرحمة المختصة بأهل التقوى والإحسان " .

الدكتور عبد المنعم الحفني
يقول : " الرحمة الوجوبية : هي الموعودة للمتقين والمحسنين ، وكان بها هو الرحيم . وباعتباره الرحيم أفاض من كمالاته المعنوية على أهل الإيمان " .
 
الشيخ كمال الدين القاشاني
يقول : " الرحمة الوجودية : هي الرحمة الموعودة للمتقين والمحسنين في قوله تعالى :  (فسأكتبها للذين يتقون) .
وفي قوله تعالى : ( إن رحمت الله قريب من المحسنين ) ، وهي داخلة في الامتنانية ؛ لأن الوعد بها على العمل محض المنة " .
 
يقول العربي الطائي الحاتمي الرحمة رحمتان :
رحمة عامة تفضل بها الاسم الرحمن . هي رحمة الامتنان أو رحمة الفضل .
ورحمة خاصة أوجبها الاسم الرحيم هي رحمة الوجوب أو رحمة الرضى .
ثم لا يلبث الشيخ الأكبر أن يرجع رحمة الوجوب إلى رحمة الامتنان ، فكل وجوب كان : بعمل امتنه الله في البدء .
يقول " فأتى الله سبحانه وتعالى سليمان بالرحمتين :
رحمة الامتنان ورحمة الوجوب اللتان هما : الرحمن الرحيم .
فامتن بالرحمن ، وأوجب بالرحيم .
وهذا الوجوب من الامتنان . فدخل الرحيم في الرحمن دخول تضمن . فإنه كتب على نفسه الرحمة
سبحانه ، ليكون ذلك للعبد بما ذكره للحق من الأعمال التي يأتي بها هذا العبد ، حقا على الله تعالى أوجبه له على نفسه يستحق بها هذه الرحمة - أعني رحمة الوجوب ... " .
كما يقول : " رحمة الله قاصرة على أعيان مخصوصين ، كما تكون بالوجوب في قوم منعوتين بنعت خاص .
وفيمن لا ينالها بصفة مقيدة وجوبا ، تناله الرحمة من باب الامتنان ، كما نالت هذا الذي استحقها ، ووجبت له الصفة التي أعطته فاتصفت بها ، فوجبت له الرحمة .
فالكل على طريق الامتنان نالها ونالته فما ثم إلا : منة الهية أصلا وفرعا ... " .
 
يقول : " فهو الله تعالى رحمن : بالرحمة العامة وهي رحمة الامتنان ، وهو رحيم : بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله : ( فسأكتبها للذين يتقون ) .
وقوله : ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) .
وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ... وهي رحمة عناية ... يقول من غضب الله عليه : امتن علينا بالرحمة التي مننت بها على أولئك ( غير المغضوب عليهم ) ابتداء من غير استحقاق ... " .
كما يظهر من النص التالي كيف أن :
رحمة الامتنان : رحمة عامة مطلقة ،
ورحمة الوجوب : رحمة مقيدة .
يقول : " ... الرحمتان اللتان ذكرهما سليمان في الاسمين اللذين تفسيرهما بلسان
العرب : الرحمن الرحيم . فقيد : رحمة الوجوب . وأطلق : رحمة الامتنان ... " . .
 
مصطلحات الذات - ذات الله - الذات الإلهية - الذات المسماة
في اللغة ذات الشيء : نفسه .
الذات الإلهية : الله عز وجل .
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
الإسم الجامع : هو إسم الله تعالى وتقدس ، لأنه إسم الذات المسماة بجميع الأسماء الموصوفة بجميع الصفات ".

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :  
الاسم الجامع : اللّه هو الاسم الجامع، فله معاني جميع الأسماء الإلهية، وبينما يبرز كل اسم بحقيقة خاصة، يبرز الاسم (اللّه) جامعا كل الحقائق الإلهية والأسماء، وهم اسم الذات المسماة بجميع الأسماء والموصوفة بجميع الصفات (الفتوحات المكية ج 4، ص 99).
 
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" ذات الله سبحانه وتعالى موصوفة بالعلم ، غير مدركة بالإحاطة ، ولا مرئية بالأبصار في دار الدنيا ، وهي موجودة بحقائق الإيمان من غير حد ولا حلول ، وتراه العيون في العقبى ظاهرا في ملكه وقدرته " .
 
يقول الشيخ السراج الطوسي:
الذات : هي الشيء القائم بنفسه ، والاسم و النعت والصفة معالم للذات ، فلا يكون الاسم والنعت والصفة إلا لذي ذات ، ولا يكون ذو ذات إلا مسمى منعوتا موصوفا ، وذلك أن القادر اسم من أسماء الله تعالى ، والقدرة صفة من صفات الله تعالى ، والتقدير نعت من نعوت الله تعالى " .
 
يقول الإمام القشيري:
الذات : هي ماهية الشيء القائم بنفسه الموجود " .
 
يقول الشيخ فريد الدين العطار:
الذات : هي كل شيء ، وهي ظاهرة في الصفات " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
الذات : ترى ولا تعلم ، لأنها لو علمت أحيط بها " .
 
يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين:
الذات : هي أول وأحق علل الموجودات بالوجود والوحدانية وأولاها به ، وأقربها فيها . هي المبدأ ، الذي تنبعث عنه القوى متكثرة نحو غاياتها المختلفة ، وإليها تتصاعد متأخرة .
وهي العلة الأولى التي بها يتعلق ما سواها من سائر الموجودات تعلق المعلول بالعلة ، وترتبط بعضها ببعض منتقلا من رتبة دنيا إلى رتبة قصوى ارتباط معلول بعلة على حسب تواليها ، إلى أن تتوارد بأجمعها إليها فتكون : علة العلل ، ومبدأ المبادئ الفائضة على ما دونها بخيرها ووجودها ، معطية كل واحد من الذوات بقدر ما تحتمله منها ، ومن الوجود
اللائق به " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
الذات : عبارة عن الوجود المطلق بسقوط جميع الاعتبارات والإضافات والوجوهات ، لا على أنها خارجة عن الوجود المطلق ، بل على أن جميع تلك الإعتبارات وما إليها من جملة الوجود المطلق ، فهي في الوجود المطلق لا بنفسها ولا باعتبارها ، بل هي عين ما هو عليه الموجود المطلق .
وهذا الوجود المطلق هو الذات الساذج الذي لا ظهور فيه لإسم ولا نعت ولا نسبة ولا إضافة ولا لغير ذلك ، فمتى ظهر فيها شيء مما ذكر ذلك المنظر إلى ما ظهر فيها لا إلى الذات الصرف ، إذ حكم الذات في نفسها شمول الكليات والجزئيات والنسب والإضافات بحكم بقائها ، بل بحكم اضمحلالها تحت سلطان أحدية الذات .
فمتى اعتبر فيها وصف أو اسم أو نعت كانت بحكم المشهد لذلك المعتبر لا للذات
، ولهذا قلنا أن الذات هي الوجود المطلق ، ولم نقل الوجود القديم ، ولا الوجود الواجب ، لئلا يلزم من ذلك التقييد ، وإلا فمن المعلوم أن المراد بالذات هنا إنما هي ذات واجب الوجود القديم ، ولا يلزم من قولنا الوجود المطلق أن يكون تقييدا بالإطلاق ، لأن مفهوم المطلق هو ما لا تقيد فيه بوجه من الوجوه " .
 
يقول الشيخ أبو العباس التجاني:
الذات : هي غاية البعد ، ونهاية الصعوبة في الإدراك لها ، والعلم بها وليس لأحد من المحققين ، بل ولا جميع النبيين والمرسلين ما عدا القدوة العظمى أن يحيط بها علما أو يدرك لها حقيقة " .

.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأربعاء فبراير 19, 2020 10:09 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:11 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولي:-    الجزء الثاني
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
الذات : هي الوجود المطلق من حيث هو مطلق عن كل اسم ووصف ونسبة " .
ويقول : " الذات : هو الأمر الذي تستند إليه الأسماء والصفات في تعينها لا في وجودها " .
ويقول : " الذات : في اصطلاح أهل الطريق ..ما لا يشعر به إلا من حيث أنه لا يشعر به ، فالعلم به هو أنه لا يعلم فلا يحاط به كل شيء .
العلم به غير الجهل به إلا الذات العلم به عين الجهل به وهو أنه لا يعلم " .
ويقول : " الذات : هي مادة العدم المطلق والمقيد والوجود المطلق والمقيد ، وهي المسماة في اصطلاح ساداتنا : بالوحدة المطلقة . لها وجه إلى العدم ووجه إلى الوجود ، فهي لا وجود ولا عدم .
فإذا اعتبرت الذات بشرط لا شيء ، فهي على تجردها الأصلي وهذه مرتبة العدم المحض المطلق ، وهي المسماة في اصطلاح ساداتنا : بالأحدية " .
 
يقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير عن ذات الله:
" إن سألت عن ذاته " الله " فـ" ليس كمثله شيء " " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
ذات الله سبحانه وتعالى : عبارة عن نفسه التي هو بها موجود ، لأنه قائم بنفسه ، وهو الشيء الذي استحق الأسماء والصفات بهويته ، فيتصور بكل صورة يقتضيها منه كل معنى ، أعني اتصف بكل وصف يطلبه كل نعت واستحق لوجوده كل اسم دل على مفهوم يقتضيه الكمال . ومن جملة الكمالات عدم الانتهاء ونفي الإدراك ، فحكم بأنها لا تدرك ، وأنها مدركة له لاستحالة الجهل عليه ...
إن ذات الله سبحانه وتعالى غيب الأحدية التي كل العبارات واقعة عليها من وجه غير مستوفية لمعناها من وجوه كثيرة ، فهي لا تدرك بمفهوم عبارة ولا تفهم بمعلوم إشارة ، لأن الشيء إنما يفهم بما يناسبه فيطابقه أو بما ينافيه فيضادده ، وليس لذاته في الوجود مناسب ، ولا مطابق ، ولا مناف ، ولا مضاد " .
 
يقول الشيخ عبد الغني النابلسي عن الذات الإلهية:
الذات الإلهية : هو الوجود المحض ، الخالي عن قيود الماهيات و المحسوسات والمعقولات ، وليس له تعالى ماهية أصلا غير الوجود المحض " .
 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
لكل ذات وجود ، ولكل وجود معنى ، ولكل معنى صورة ، وأن لكل صورة نفسا ، ولكل نفس نفسا ، ولكل نفس حقا ولكل حق حقيقة ، ولكل حقيقة حقية ، ولكل حقية أحقية " .
 
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة عن أسرار الذات :
أسرار الذات : هي الخمرة الأزلية " .
 
يقول الإمام القشيري عن اسم الذات:
" اسم الذات : وهو اسم ( الله ) ، يقول : اسم ذاته سبحانه لم يسم ولن يسمى به إلا هذا الاسم ، فإنه للتعلق دون التخلق " .
 
يقول الشيخ أبو العباس التجاني:
معنى النفس والعين والذات والحقيقة والماهية والمائية ، كلها ألفاظ مترادفة أسماء لمسمى واحد ، والكل يطلق على : إسم الذات " .
 
يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني عن حضرة الذات - الحضرة الذاتية :
" حضرة الذات : هي تجليه تعالى في الاسم الله أو الاسم الأحد ، فلا تطلب شيئا من العالم ، إن الله لغني عن العالمين " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
الألوهية مشهودة الأثر مفقودة في النظر ، يعلم حكمها ولا يرى رسمها .
والذات مرئية العين مجهولة الأين ، ترى عيانا ولا يدرك لها بيانا " .
 
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
حكم الذات في نفسها شمول الكليات والجزئيات والنسب والإضافات والاعتبارات لا بحكم ظهورها ، بل بحكم اضمحلالها تحت سلطان أحدية الذات " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في العلاقة بين الذات والصفات:
" الصفة عند المحقق هي التي لا تدرك وليس لها غاية ، بخلاف الذات ، فإنه يدركها ، ويعلم أنها ذات الله تعالى ، ولكن لا يدرك ما لصفاتها من مقتضيات الكمال ، فهو على بينة من ذات الله ، ولكن على غير بينة من الصفات ،
مثاله أن العبد إذا ترقى من المرتبة الكونية إلى المرتبة القدسية وكشف له عنه ، علم أن ذات الله تعالى هي عين ذاته فقد أدرك الذات وعلمها ، قال : " من عرف نفسه فقد عرف ربه ". .
إن إدراك الذات العلية هو أن تعلم بطريق الكشف الإلهي أنك إياه وهو إياك ، وأن لا اتحاد ولا حلول ، وأن العبد عبد والرب رب ، ولا يصير العبد ربا ولا الرب عبدا ...
إن قلت الذات لا تدرك فباعتبار أنها عين الصفات ،
وإلى هذا المعنى أشار بقوله : " لا تدركه الأبصار " ، لأن الأبصار من الصفات ، فمن لم يدرك الصفة لم يدرك الذات ، وإن قلت أنها تدرك فباعتبار ما قد سبق " .
 
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
الذات والصفات : اعلم أن الحق عز وجل : ذات وصفات في الأزل وفي الأبد ، أعني قبل التجلي وبعده ، إذ صفاته قديمة بقدم ذاته والصفة لا تفارق الموصوف ، فحيث تجلت الذات فالصفات لازمة لها كامنة فيها ، وحيث ظهرت الصفات فالذات لازمة لها .
فالذات ظاهرة والصفات باطنة ،
والمراد بالصفات : صفات المعاني وسائر أوصاف الكمال ، فكل ما وقع به التجلي والظهور فهو بين ذات وصفات ، الذات لا تفارق الصفات ، والصفات لا تفارق الذات ، وهذا التلازم الذي بينهما في الوجود هو الذي قصد من قال : الذات عين الصفات ، أي : مظهرهما واحد ، كما قالوا : الحس عين المعنى اتحد مظهرهما " .
 
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة في تجلي الذات وتجلي الصفات:
الذات لا تتجلى إلا في مظاهر أثر الصفات ، إذ لو تجلت بلا واسطة لاضمحلت المكونات وتلاشت ، ولذلك يقولون تجلي الذات جلالي وتجلي الصفات جمالي ، لأن تجلي الذات بلا واسطة يمحق ويحرق كما في الحديث ، وتجلي الصفات يكون بالأثر فيكون معه الشهود والمعرفة فهو جمالي ، ثم توسعوا فأطلقوا على كل ما هو جلالي : ذات ، وعلى كل ما هو جمالي : صفات على سبيل التشبيه فقالوا :
الفقر ذات .
والغنى صفات .
والذل ذات والعز صفات . الصمت ذات والكلام صفات ، وهكذا " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في إقتضاءات الذات:
" الذات لها اقتضاءان اقتضاء مطلق واقتضاء مقيد .
فالاقتضاء المطلق : هو ما استحقه لنفسه من غير اعتبار الألوهية لا الرحمانية ولا الربوبية ولا أمثال ذلك ، بل هذه اقتضاءات مطلقة مجردة من أن تقتضيها الذات لنوع من أنواع الكمالات ، فهي كالوجود مثلا والسذاجة والصرافة والأحدية 
والاقتضاء المقيد : هو ما اقتضته الذات لنفسها ، لكن بنوع من أنواع الكمالات كالإلهية والرحمانية والربوبية ، وكالعزة والكبرياء " .
 
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري في كمالات الذات:
" ولما تعينت الذات التعين الأول العلمي الإجمالي الذاتي ، تبين أن لها كمالين :
كمال ذاتي : مجمل بلا شرط ولا كثرة ولا غيرية ولا تميز ولا اسم ولا نعت ، وقد حصل بالتعين الأول .
وكمال أسمائي : مفصل سار في الأسماء والحقائق ، متوقف ظهوره على الأسماء ومؤثراتها من حيث ظهور كل فرد ووجدانه لنفسه ولأمثاله ، من كونها أغيارا مقيدات بالمراتب ، استدعى ثبوت هذا الكمال وظهوره ، لكثرة المعلومات وتعددها المستحيل مجامعتها للوحدة ، إلى أن تكون له حضرة ، هي محل تفصيل تلك الحضرات ، 
فتنزلت الذات الوجود من التعين الأول إلى التعين الثاني ، الذي تظهر فيه الأشياء وتتميز ظهورا وتميزا علميين ، لانتقاد الكثرة والتميز الحقيقي في التعين الأول ، مع تضمن التعين الأول لجميع نسب التعين الثاني مع الأسماء الإلهية ، التي هي لها الفعل والتأثير " .
 
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في مجالي الذات:
الذات الصرف الساذج إذا نزلت عن سذاجتها وصرافتها كان لها ثلاث مجال ملحقات بالصرافة والسذاجة : 
المجلى الأول : الأحدية  
والمجلى الثاني الهوية  
والمجلى الثالث : الآنية " .
 
ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" للذات الغيب المطلق تجليات وتنزلات وتعينات وظهورات ، تسمى بالمراتب والتعينات والمجالي والمنصات والمظاهر ، وهي الأسماء الإلهية والمخلوقات الكونية من العقل الأول إلى آخر مخلوق لو كان للمخلوقات آخر ولا آخر لها " .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:12 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )
21   - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
هذا فص الحكمة الزكرياوية ، ذكره بعد حكمة يحيى عليه السلام لأنه أبوه وقدم ذكر الابن ، لأنه هبة له من اللّه تعالى والهبة مقدمة اعتناء بشأن الواهب وشكر النعمة التي هي من أعظم المواهب .
قال تعالى : "وَزَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ ( 89 ) فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَوَهَبْنا لَهُ يَحْيى وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ( 90 )" [ الأنبياء : 89 - 91 ] .
(فص حكمة مالكية) ، أي منسوبة إلى المالك الحق سبحانه (في كلمة زكرياوية . )
إنما اختصت حكمة زكريا عليه السلام بكونها مالكية لأنها مشتملة من أوّلها إلى آخرها على ذكر الرحمة الإلهية العامة والخاصة، لأنه عليه السلام كما قال تعالى عنه :"ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا" [ مريم : 2 ] الآية .
والرحمة لها الملك في المرحومين بها إيجادا وإمدادا فهي مالكة لذواتهم وصفاتهم لأن المالك له التصرف دون غيره ولا متصرف إلا الرحمة فلها الملك في كل شيء والاستيلاء على كل شيء.
 
قال رضي الله عنه:  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب . فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرّحمة إليه نسبة الغضب إليه .  ولمّا كان لكلّ عين وجود يطلبه من اللّه ، لذلك عمّت رحمته كلّ عين . فإنّه برحمته الّتي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه ، فأوجدها . فلذلك قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما . والأسماء الإلهيّة من الأشياء ؛ وهي ترجع إلى عين واحدة . فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شيئية تلك العين الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شيء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشيئيّة المشار إليها، ثمّ شيئيّة كلّ موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة وعرضا وجوهرا، ومركّبا وبسيطا . ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم كلّه وسعته الرّحمة الإلهيّة وجودا . )
 
(اعلم) يا أيها السالك (أن رحمة اللّه ) تعالى التي هي صفة من صفاته الأزلية الأبدية وسعت كل شيء قديم أو حادث فوسعها للقديم اتصافها به فهي موصوفة بجميع الأوصاف الإلهية ، فهي واسعة لذلك والاسم منها جامع لجميع الأسماء فهو واسع لها قال تعالى :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء :110].
 
ووسعها للحادث محسوسا كان أو معقولا ، أو موهوما ، لأن لها الإحاطة بالأعيان كلها كما قال سبحانه ؛ والله بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ[ فصلت : 54 ] بالشيء واسع له وما أحاط إلا بصفة الرحمة الاستوائية على العرش الجامع لكل شيء بالاسم المشتق منها وهو اسم الرحمن وتبعته جميع الأسماء للآية المذكورة .
وقال سبحانه :الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [ طه : 5 ] ، وكل اسم محيط بأثره بالرحمة التي توجد منها فالرحمة هي المحيطة فهي الواسعة لكل شيء (وجودا) ، أي من حيث وجود ذلك الشيء بها (وحكما) ، أي من حيث الحكم على ذلك الشيء بكونه مؤثرا أو مكملا أو أثرا خيرا أو شرا أو ذا خير وذا شر ومجردا منها واعلم أيضا (أن وجود الغضب الإلهي على شيء (من رحمة اللّه تعالى بالغضب) إذ الغضب صفة من صفات اللّه تعالى ولولا الرحمة له ما وجد ، أي ما قام وثبت لصفة وإن كان موجودا للذات الإلهية ، لأنه من صفاتها ولولا الاسم الرحمن المسمى بجميع الأسماء ما ظهر الاسم الغاضب
(فسبقت رحمته) تعالى المستوي بها على العرش جميع صفاته وأسمائه لسبق الذات لأحوالها فاتصفت بجميع الصفات وتسمت بكل الأسماء حتى أنها سبقت من جملة ذلك صفة (غضبه) تعالى كما ورد في الأحاديث أي سبقت نسبة الرحمة إليه ، تعالى بالنظر إلى إيجاد كل شيء وإمداده عن تلك الأسماء الإلهية والصفات الربانية (نسبة الغضب إليه) سبحانه فتأخر الغضب عنها تأخر الصفة عن الموصوف والاسم عن المسمى ، وقامت الرحمة لجميع الصفات والأسماء الإلهية مقام الذات الجامعة .
 
ولهذا ورد أن الرحمة انقسمت مائة جزء ، وهي الأسماء الإلهية التسعة والتسعون اسما ، وتمام المائة اسم الذات الجامع لكلها ، وكون الجزء الواحد منها في الدنيا وهو الاسم الجامع الذاتي الظاهر في كل شيء ، الذي ترفع به الدابة يدها عن ولدها شفقة عليه ورحمة به أن تدوسه ، وتتفصل الأجزاء الباقية في يوم القيامة فيرحم اللّه تعالى بها عباده ، ويقوم الميزان بالقسط ، ولا تظلم نفس شيئا لظهور العدل الإلهي في ذلك اليوم ، وتتخلق العارفون بتلك الأجزاء كلها .
 
روى أبو هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال : " جعل اللّه الرحمة مائة جزء ، فأمسك عنده تسعا وتسعين جزءا ، وأنزل إلى الأرض جزءا واحدا ، فيه يتراحم الخلق حتى أن الفرس لترفع حافرها عن ولدها خشية أن تدوسه ". أورده المناوي في فيض القدير وعزاه إلى البخاري في الأدب المفرد.  
 
وفي رواية الحسن أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال : " إن للّه تعالى مائة رحمة أهبط منها رحمة إلى أهل الدنيا فوسعتهم إلى آجالهم وأن اللّه تعالى قابض تلك الرحمة يوم القيامة إلى التسعة والتسعين فيكملها مائة رحمة لأوليائه وأهل طاعته ". رواه الحاكم في ورواه أحمد في المسند عن أبي هريرة ورواه غيرهما .
 
(ولما كان لكل عين) من الأعيان الأسمائية التي هي مجرد نسب ورتب في الذات الأحدية والأعيان الأثرية التي هي صور تجليات تلك النسب والرتب الاسمائية (وجود) يليق ظهوره بحسب تلك العين (يطلبه) ، أي كل عين يطلب وجوده المقيد من حضرة (وجود اللّه) تعالى المطلق القيوم على الكل اتصافا في الأعيان الأسمائية وتأثيرا في الأعيان الكونية (لذلك) ، أي لأجل كون الأمر كذلك (عمت رحمته) سبحانه (كل عين) مما ذكرنا ،
 
(فإنه) سبحانه وتعالى (برحمته) ، أي بسبب رحمته (التي رحمه) ، أي رحم كل عين ب(ها قبل) تعالى (رغبته) ، أي رغبة كل عين وطلبه ودعاءه بلسان افتقاره واستعداده (في وجود عينه) ، أي ذاته له (فأوجدها) ، أي تلك العين الراغبة في وجودها لشرف الوجود وكمال الاتصاف به فإنه حلة القديم سبحانه .
 
(فلذلك قلنا إن رحمة اللّه) تعالى (وسعت كل شيء) قديم أو حادث (وجودا وحكما و)لا شك أن (الأسماء الإلهية) القديمة الأزلية (من) جملة (الأشياء) لأنها مجرد نسب واعتبارات وإضافات بين ذات الحق تعالى وبين ما أقامه بها من الأعيان الكونية قبل وجودها الثابتة في عدمها الأصلي ، فإذا استفادت تلك الأعيان الثابتة صفة الوجود من تلك النسب الذاتية ، كانت الإضافة من الذات الإلهية بواسطة تلك النسب ، فتتبين تلك النسب المذكورة لا أنها تحدث لأنها قديمة بقدم الذات الإلهية ، إذ هي نسب الذات واعتباراتها وإضافاتها ، وإنما الذي يحدث تلك الأعيان الثابتة
باعتبار إضافة الوجود عليها بالمتجلي الحق سبحانه ، فكما تظهر تلك الأعيان الثابتة بالمتجلي الحق تظهر أيضا تلك النسب الذاتية بالمتجلى الحق ، فتشترك مع الأعيان في الظهور بالتجلي ، فتسمى أشياء بهذا الاعتبار
وتدخل تحت قوله تعالى :"كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ"القصص : 88 ] ومعنى الهلاك عدم الاستقلال فيها والنسب ليست مستقلة إذ هي أسماء الذات الإلهية فهي هالكة بهذا الاعتبار ، أي فانية في الذات الأحدية لأوجه تلك الذات الأحدية ، وكذلك قوله سبحانه :فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللّه إِنَّ[ البقرة : 115 ] ،
 
أي ذاته سبحانه الواحدة الأحدية المتجلية بالنسب والآثار في كل شيء (وهي) ، أي الأسماء الإلهية (ترجع) في نفس الأمر (إلى عين) ، أي ذات (واحدة) هي موضع نسبها واعتباراتها وإضافاتها وهي الذات الإلهية والوجود الواحد المطلق الساري بلا سريان في الأعيان كلها الأسمائية والكونية ، وهي عين الكل إذا فنيت جميع النسب الأسمائية ونسب النسب الإمكانية الكونية .
 
(فأول ما وسعته رحمة اللّه) تعالى وسعت (شيئية تلك العين) الواحدة المذكورة ، وهذا الوسع وهو الانقسام الواقع في الرحمة فالجزء من الرحمة ، الذي في الدنيا هو هذه العين الواحدة المشار إليها هنا كما سبق بيانه ،
ولهذا من فاته التحقيق بها اليوم فاتته بقية الأجزاء التسعة والتسعون في يوم القيامة أن يتحقق بها ، ومن تحقق بها اليوم تحقق بالبقية غدا .
 
وهذا الجزء الذي في الدنيا هو المقصود في الكل لأنه عين الذات ، ولهذا كثرت الغفلة في الدنيا من الجاهلين بهذا الجزء ، والغفلة عين اليقظة له ولكونه جزءا لا يتجزأ لكون معرفته عينه ، وهم يريدون أن تكون غيره وهو ممتنع عقلا وشرعا وهم لا يشعرون من كثرة ما يشعرون ، فلو قل شعورهم بالأغيار لتنبهوا لحقيقة هذا
(الواحد القهار) الموجدة تلك العين أي المظهرة المفصلة للرحمة الواسعة لها بالرحمة المذكورة فأوّل شيء وسعته الرحمة الإلهية أنها وسعت (نفسها ثمّ ) وسعت الشيئية التي لتلك العين الواحدة المذكورة (المشار إليها )هنا قريبا بأنها مرجع الكل وأنها هي المنفصلة المتكثرة إلى شيئيات تلك الأسماء الإلهية (ثم) وسعت (شيئية كل موجود) من الحوادث الكونية مما (يوجد) في الحس أو العقل أو الوهم إلى ما لا يتناهى دنيا) ،
 
أي في الدنيا (وآخرة) ، أي في الآخرة وعرضا بالتحريك وهو ما لا قيام له بنفسه ظاهرا (وجوهرا) وهو ما قام ظاهرا بنفسه (ومركبا وبسيطا) ،
أي غير مركب وكله دخل تحت قولنا في الحس والعقل أو الوهم (ولا يعتبر فيها) ، أي في الرحمة الإلهية الواسعة لما ذكر حصول غرض لأحد ممن وسعته مطلقا (ولا ملائمة طبع) من الطباع أصلا بل الشيء (الملائم) كالنعيم واللذة (وغير الملائم) كالألم والعذاب
كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا فوجد بها على حسب ما هو عليه في نفسه .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )
 
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
ولما كان أظهر مالكية الحق في وجود زكريا عليه السلام إذ أخذه بالشدة لأن المليك
يختلف هذا الفص عن غيره من فصوص الكتاب في أنّه لا ذكر فيه ، إلا في العنوان ، للنبي الخاص الذي تنسب إليه الحكمة .
وقد جرت العادة عند المؤلف في الفصوص الأخرى أن يجعل محور كلامه في كل فص حول مناقشة بعض الآيات القرآنیة الواردة في حق النّبي المنسوب إليه حكمة الفص ، وأن يشرح على لسان النبي الموضع الحديث أسرار الحكمة التي يريد شرحها .
 
الشديد حتى قدّ بنصفين وصبر ولم يدع اللّه رفع ذلك فكان كيوم الدين كما أضاف الحق مالكيته إلى يوم الدين لظهور كمال مالكيته فيه في قوله مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ فكان اللّه مالك زكريا كما كان مالك يوم الدين فزكريا بمنزلة يوم الدين في تحققه بأحواله من ظهور الرحمة والنعمة فإن اللّه تعالى يرحم بعضا ويعذب بعضا في ذلك اليوم،
 فكما يظهر مالكيته بظهور الرحمة والعذاب بذلك اليوم لذلك أضاف إليه كذلك يظهر بظهورهما في هذا اليوم في وجود زكريا عليه السلام لذلك أضاف هذه الحكمة إلى كلمته وبين الرحمة والغضب في كلمته ليعلم أن الآلام الموجودة في وجوده رحمة به من اللّه لا إعراض عنه
 
فقال رضي الله عنه : ( اعلم أن رحمة اللّه تعالى وسعت كل شيء وجودا وحكما وإن وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ) فرحمة اللّه قد ظهرت بصورة نفسها فقد سترت بصورة الألم لحكمة يعلمها ( فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه ) فإن أول ما نسب إليه تعالى وجود الأعيان وهو عين الرحمة فسبقت نسبة الرحمة إليه على كل ما نسب إليه تعالى من الموجودات .
 
ولما دعي أن رحمة اللّه وسعت كل شيء أراد أن يثبته فقال ( ولما كان لكل عين وجود ) خاص بها ( تطلبه ) تطلب تلك العين ذلك الوجود الخاص بها ( من اللّه لذلك ) أي لأجل طلبها وجودها من اللّه ( عمت رحمته كل عين ) قوله لذلك يتعلق بعمت وعمت جواب لما وإنما عمت رحمته كل عين من أجل ذلك الطلب ( فإنه ) أي كل عين أو اللّه ( برحمته ) أي برحمة اللّه ( التي رحمه بها ) أي رحم الحق كل عين بتلك الرحمة ( قبل ) العين ( رغبته ) أي طلب كل عين من اللّه ( في وجود عينه ) الخارجي ( فأوجدها ) في الخارج بعد حصول قبول الطلب من اللّه
 
أو بعد قبول الحق طلبه قوله برحمته يتعلق بقوله قبل بكسر الباء ويجوز أن يكون قبل جواب لما والجملة اعتراضية أي لما طلب قبل طلبه فأوجدها أو معناه فإنه أي فإن اللّه تحقق برحمته التي رحم أي أوجد بها كل عين في علمه الأزلي قبل طلب كل عين وجوده الخارجي فالرحمة صفة أزلية للحق وذات الحق سابقة على كل عين وكذا لوازمه من صفاته :قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى[ الإسراء: 110 ].
 
فكل عين مع لوازمه رحمة من رحمة الرحمن بل الأسماء الإلهية كلها ونفس الرحمة رحمة من الاسم الرحمن فعموم الرحمة من أجل المعلومات
وما ذكره الشيخ في إثباته تنبيهات فقبل حينئذ بسكون الباء أو معناه فإنه أي فإن كل عين موجود بالوجود العلمي برحمة اللّه التي أوجد للَّه بها كل عين ويجوز أن يكون جواب لما فأوجدها ودخول الفاء لطول الكلام المعترض بينهما أي لما كان لكل عين وجود طلبه من اللّه أوحدها اللّه أي أعطى اللّه لها ما طلبها من الوجود فعلى أيّ حال والمقصود أن الطالب هو العين والمطلوب هو الوجود والطلب وقبوله تعالى كل ذلك من رحمة اللّه
وإليه أشار بقوله ( فلذلك ) أي فلأجل كون الأمر على ما حققناه من عموم رحمته تعالى
 
قال رضي الله عنه :  ( قلنا إن رحمة اللّه وسعت كل شيء وجودا ) بالنسبة إلى الأعيان الخارجية ( وحكما ) بالنسبة إلى الأعيان الثابتة في العلم إذ لا يحكم عليها ظاهرا بالوجود فكانت الأعيان الخارجية من رحمة اللّه وجودا والأعيان الثابتة من رحمة اللّه حكما أو معناه لا حكم إلا بها كما لا وجود إلا بها كما سنبينه عن قريب بقوله فلها الحكم والحكم ليس بموجود في الخارج ( والأسماء الإلهية من الأشياء ) فتدخل تحت الرحمة ( وهي ترجع إلى عين واحدة ) وهي العين الرحمانية ( فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شيئية تلك العين الموجدة ) في الخارج ( للرحمة ) على غائية للإيجاد ( بالرحمة ) أي بسبب الرحمة وهي الحقيقة المحمدية التي هي عين الرحمة أوجدها اللّه بالرحمة رحمة للعالمين أي ليوجد العالمين من وجوده قال تعالى :وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ[ الأنبياء : 107].
 
وقال تعالى خلقتك من نوري وخلقت الأشياء من نورك فالرحمة شيء ( فأوّل شيء وسعته الرحمة نفسها ) أي نفس الرحمة ( ثم الشيئية المشار إليها ) بقوله شيئية تلك العين الموجودة والمراد بالمشار إليها وصف جيء به لبيان معنى الشيئية فالرحمة من حيث نفسها صفة ذاتية للحق ومن حيث شيئيتها حقيقة محمدية مظهر للاسم الرحمن شيئية الشيء ما به يتعين الشيء ويمتاز عن غيره وهي من لوازم الوجود ( ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة عرضا وجوهرا ومركبا وبسيطا ) وقوله جوهرا على لسان الظاهر إذ العالم كله عرض عند أهل الحقيقة ( ولا يعتبر فيها ) أي في الرحمة
 
قال رضي الله عنه :  ( حصول غرض ولا ملاءمة طبع بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا) في الخارج مع كونه موجودا في الباطن


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )
 
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب.  فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.  والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة. فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.  ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا. )
 
قلت : قال رضي الله عنه: إن رحمة الله وسعت كل شيء ومن جملة الأشياء الغضب، فإذا غضب، تبارك وتعالى، فقد رحم الغضب حيث أحياها فقد رحم الغضب ورحم الرحمة بايجادها ورحم أسمائه الإلهية باظهار متعلقاتها في الوجود العيني والذهني معا ورحم الشيئية بكونه شاءها سواء كانت اعتدالية أو انحرافية.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )
 
 21 - فصّ حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
أضيفت هذه الحكمة المالكية إلى الكلمة الزكرياوية ، لما ذكرنا ممّا كان يشدّد على نفسه في الاجتهاد ، وظهرت فيه آثار الشدّة القهرية والجلال ، وكملت فيه التصرّفات الإلهية المالكية ، وظهرت تماما ، ولم يظهر تصرّف من قبله - صلوات الله عليه - في شيء أصلا .
 
قيل : إنّه ما لبس نعلا ولا مأزما ، يحمل بعض تراب وغبار من أرض إلى أرض ، فكان يمشي حافيا ، وكان مشهده عبدانيته وربوبيّة الله فيه وله وعليه ، حتى أنّه نشر ، فقطع نصفين ، مع تمكَّنه عليه السّلام من دعا الله وإجابته في رفع ذلك عنه في النظر العقلي بثبوت نبوّته وإجابة الله دعوته باستصحاب الحال والواقع في سؤال الولد والإجابة فيه وفي رفع الفقر عن امرأته ، وذلك لكونه عليه السّلام في مشهده تحت حكم مالك هو مملوكه الحقيقي ، وشهود أحدية التصرّف والمتصرّف والمتصرّف فيه .
 
وأمّا مضيّه ودخوله في جوف الشجرة فلم يكن لعدم رضاه وكمال استسلامه وانقياده لما يتصرّف فيه ، وإنّما كان إبقاء على قومه بحسب الاحتمال العقلي أنّه ربما يقلعون عن الظلم عليه ويؤمنون به بما شاهدوا عيانا من استبطان الشجرة له وستره وكون ذلك معجزا وحجّة على صدقه وصدق نبوّته ، وما أخبر به في تصديق عيسى ،
 
ولمّا شاهد من مفيض عينه الثابتة أنّ التجلَّي الجلاليّ محيط به في هذه الحياة الدنيا ، سلَّم واستسلم ولم يدع الله في رفع الضرّ عنه حتى قطعوا الشجرة فشقّوها بالمناشير فقطعوه نصفين في الشجرة ، فظهرت أسرار امتياز الحقيقة الجلالية عن الحقيقة الجمالية المستنبطة إحداهما في الأخرى ،
 
وظهرت رحمة اللطف المضمون في ضمن القهر ، وكملت عبوديته التي ظهر نفوذ التصرّف والحكم الكلَّي الإلهي فيها بصورة الظلم ، فانعكست حقائق الجلال والقهر على أعداء الله بتجلَّياتها ، وتغمّده الله برحمته الخفيّة في القهر ، فظهرت خليّة ، فكملت بحلّ القهر والنقمة على الأعداء ، فكمل كلّ شقّ من الجلال والجمال ، والقهر واللطف في أهلهما.
 
قال رضي الله عنه  : ) اعلم : أنّ رحمة الله وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ، أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه ( .
يعني  رضي الله عنه  : أنّ الرحمة له - تعالى - ذاتية ، لأنّه بالذات جواد فيّاض بالوجود ، من خزائن الرحمة والجود ، والوجود المفاض على كل شيء هو الرحمة العامّة التي وسعت كلّ شيء . وأمّا الغضب فليس بذاتيّ للحق تعالى ، بل هو حكم عدميّ من عدم قابلية بعض الأشياء لظهور آثار الوجود وأحكامه فيه تماما ، فاقتضى عدم قابليته للرحمة عدم ظهور حكم الرحمة فيه دنيا أو آخرة ، فسمّي بالنسبة إليه غضبا من قبل الراحم وشقاوة وشرّا وما شاكل هذه الألفاظ ، وانظر إلى كمال شهود النبيّ وإيمانه النبوي إلى الأمرين معا في قوله : « اللهمّ إنّ الخير كلَّه بيدك ، والشرّ ليس إليك » لأنّه حكم عدميّ .
 
من عدم قابلية بعض الممكنات لحكم رحمته ، وحيث لم تجد الرحمة المفاضة بالتجلَّي الرحمانيّ على الأعيان فيما لم تكن قابلية نور الوجود إلَّا نسبا عدميّة أو عدميات نسبية ، إذ العدم المحض لا حقيقة له تتعلَّق الرحمة بها ، فعمّت الرحمة - التي وسعت كلّ شيء - هذه الأعدام النسبية وهذه النسب العدمية ، ولحقتها ، فأوجدت الغضب والآلام والأسقام والمحن والموت والفقر وأمثالها من النسب العدميّة ، وذلك لكمال سعة الرحمة ، فافهمه .
 
قال رضي الله عنه  : " ولمّا كان لكل عين وجود يطلبه من الله ، لذلك عمّت رحمته كلّ شيء  ، فإنّه برحمته التي يرحمه بها قبل رغبته في وجود عينه ، فأوجدها ، فلذلك قلنا : إنّ رحمة الله وسعت كلّ شيء وجودا وحكما  " .
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الأعيان الثابتة كانت في ثبوتها العلميّ الأزلي معدومة الأعيان بالنسبة إليها ، أي لم تكن موجودة لنفسها ، ولم ينسحب عليها الحكم الإيجادي ، فرغبتها في الوجود العيني - وهي عبارة عن قابلياتها واستعداداتها الذاتية غير المعدومة - معدومة الأعيان أيضا كهي ، فلمّا رحمها الرحمن بالتجلَّي الإيجادي ، وإفاضة النور الوجودي ، بالتوجّه الإرادي.
 
فأوّل أثر للرحمة فيها أن أعطتها صلاحية قبول التجلَّي الوجودي وذلك بالتجلَّي العيني الواقع غيبا ، فحييت بذلك التجلَّي الاستعدادات المعدومة الميّتة بحكم قهر الأحدية الغيبية ، فحصلت لها صلاحية قبول الوجود ، فتعلَّقت الرحمة الوجودية بها ، فأوجدتها بحسب خصوصياتها من الإحاطة والسعة والضيق والتقدّم والتأخّر وغير ذلك ، فكان الغضب أيضا من جملة النسب العدمية الناشئة من عدم الصلاحية والقبول لآثار الرحمة الوجودية ، وكذلك الآلام والعلل والأسقام والبلايا والمحن وغيرها من الأمور العدمية النسبية .
 
قال رضي الله عنه  : ) والأسماء الإلهية من الأشياء ، وهي ترجع إلى عين واحدة ، فأوّل ما وسعت رحمة الله سبعيّة  تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأوّل شيء وسعت الرحمة نفسها ، ثمّ الشيئية المشار إليها ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة عرضا وجوهرا ، مركَّبا وبسيطا (.  في بعض النسخ وهو الصحيح  : شيئية .
 
يشير رضي الله عنه  بهذا الترتيب إلى أنّ الحقائق الربانية والنسب والأعيان الكونية كانت معدومة الآثار ، غير متميّزة في الظهور والآثار ، لعدم مظاهرها ، فعمّتها الرحمة بتعلَّقها بتلك الأعيان أوّلا ، فظهرت النسبة الإلهية في مظاهرها ثانيا ،
ثم أثّرت الأسماء الإلهية في إيجاد أعيان الأكوان في أرض الإمكان ثالثا عند من يقول بوجود الحقائق العلمية  وجودا نعتيّا ،
وعلى الكشف الأتمّ والشهود الأعمّ وجدت وجودا نسبيا مثاليّا في مرآة الوجود الواحد ، لا وجوديا حقيقيا ، وقد أشرنا إلى الذاتية الجودية الوجودية ووجود الأشياء بالرحمة الرحمانية الإلهية الأسمائية ، فتحقّق ذلك .
 
قال رضي الله عنه  : ) ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم وسعتهما الرحمة الإلهية وجودا(
يشير إلى أنّ الأعيان الثابتة التي هي معدومة لنفسها هي المؤثّرة في الوجود الواحد الحق المنبسط عليها بالتعيين والتقييد والتكييف والتسمية بحسب خصوصياتها ، حتى تظهر الأسماء الإلهية والنسب الربانية ، ثم النسب الإلهية - التي هي من حيث هي نسب معدومة الأعيان ،
لا تحقّق لها إلَّا بين طرفيها من الحق - مؤثّرة أيضا في وجود الأشياء ، فالآثار كلَّها إن كانت من الإلهية ، فمن النسب العدمية ، وإن كانت منها مع الذات المتعيّنة بها ، فمن الوجود من حيث هذه النسب المعدومة الأعيان ،
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب.
فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها.
فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )
 
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
إنما خصت الكلمة الزكرياوية بالحكمة المالكية ، لأن الغالب على حاله حكم الاسم المالك ، والمليك هو الشديد ، وقد خصه الله بالشدة وأيده بالقوة حتى سرت في همته وتوجهه وأثمرت إجابة رعاية ، وأثرت في زوجته حيث قال تعالى : " وأَصْلَحْنا لَه زَوْجَه " .
ولولا إمداد الله إياه بقوة ربانية وتخصيصه بمعونة ملكوتية ما صلحت زوجه بعد الكبر وسن اليأس مع كونها عاقرا في شبابها للحمل والولادة ، وما ظهرت إلا بالتصرفات الإلهية المالكية ، ولهذا كان يشدد على نفسه في الاجتهاد ، وظهرت عليه آثار الشدة والقهر حتى نشر بالمنشار وقدّ نصفين ، فلم يدع الله في رفعه مع كونه مستجاب الدعوة لكون مشهده شدة المالك وشهود أحدية المتصرف والمتصرف فيه ،
ولما شاهد من عينه الثابتة أن تجلى القهر والشدة محيط به فاستسلم وسلم وجهه للمتصرف ، وحيث كان تحت قهر المالك وشدته سهل عليه تحمل الشدة لاتصافه بها ، فظهرت رحمة اللطف الكامن في ضمن القهر الظاهر في صورة الظلم ، فانعكست من نفسه أنوار القهر ونيرانه على أعدائه فقهرهم ودمرهم قهرا تاما ، وتغمده الله برحمته .
 
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما ، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب فسبقت رحمته غضبه ، أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه ).
 

لأن الرحمة له ذاتية لكونه جوادا بالذات فياضا بالجود من خزانة الرحمة والجود والوجود أول فيض الرحمة العامة التي وسعت كل شيء ، وأما الغضب فليس بذاتى للحق بل هو حكم عدمي ناشئ من عدم قابلية بعض الأشياء لكمال ظهور آثار الوجود وأحكامه فيه ، فاقتضى عدم قابليته للرحمة عدم ظهور حكم الرحمة دنيا وآخرة ، فسمى عدم فيضان الرحمة عليه لعدم قابليته غضبا بالنسبة إليه من قبل الراحم وشقاوة وشرا وأمثال هذه الألفاظ ،
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:13 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-    الجزء الثاني
تابع شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
فظهر أن نسبة الرحمة إليه سبقت نسبة الغضب إليه ، وما هي إلا عدم قابلية المحل لكمال الرحمة ، ولكمال شهود النبي عليه الصلاة والسلام حقيقة الأمرين ، أومأ إليهما بقوله « اللهم إن الخير كله بيديك والشر ليس إليك » لأنه أمر عدمي لا يحتاج إلى الفاعل وسببه عدم قابلية المحل للخير ، والشر هو العدم المحض فلا حقيقة له حتى تتعلق به الرحمة ، بل حيث لم توجد الرحمة الفائضة بالتجلي

(عمت رحمته كل عين ) جواب لما ، وقوله لذلك يتعلق بعمت ، وإنما عمت رحمته كل عين من أجل ذلك الطلب فإنه أي كل عين أو الله برحمته أي برحمة الله التي رحمه بها : أي رحم الحق كل عين بها قبل العين أو الله وعينه : أي طلب كل عين من الله وجود عينه الخارجي فأوجدها في الخارج بعد حصول قبول الطلب ،
الفائض على بعض الأعيان لم يكن لها قابلية نور الوجود إلا نسبا عدمية أو أعداما نسبية ، كالجهد والفقر والمرض والألم والموت وأمثالها سميت غضبا ، وذلك لكمال سعة الرحمة وعمومها كل شيء ، وسعت هذه الأعدام النسبية أو النسب العدمية لشائبة الوجود فيها ، فصار الغضب مرحوما وإلا لم يوجد .

قال رضي الله عنه :  ( ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله لذلك عمت رحمته كل عين ، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه فأوجدها ، فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما ) .

لذلك إشارة إلى الطلب ، وعمت جواب لما ، وقوله فإنه تعليل لعموم الرحمة ، وقوله قبل رغبته : خبر إن ، أي فإن الله برحمته التي رحم الشيء بها سابق رغبته في وجود عينه أي طلبه ، فأوجدها أي الرغبة أولا وهي الاستعداد فلذلك أي فلسبق الرحمة الاستعداد ، قلنا وسعت رحمته كل شيء وجودا وحكما ، حيث جعله برحمته الذاتية فطلبت مشيئته الوجود فأوجده ،
أي ولما كانت الأعيان الثابتة في ثبوتها العلمي معدومة العين في نفسها ، طالبة للوجود من الله راغبة في وجودها العيني ، عمت رحمته الذاتية كل عين بأن أعطتها قابلية التجلي الوجودي ، فتلك القابلية والاستعداد الذاتي لقبول الوجود رغبتها في الوجود العيني ،
وأول أثر الرحمة الذاتية فيها تلك الصلاحية لقبول الوجود المسماة استعدادا ، فإنه تعالى رحمها قبل استعدادها للوجود بوجود الاستعداد من الفيض الأقدس ،
أي التجلي الذاتي العيني الواقع في الغيب ، وذلك الاستعداد رحمة الله عليها إذ لا وجود لها تقدم بذلك الطلب الاستعدادي ، وسؤال الرحمة في الغيب أوجدها في الأعيان بالوجود العيني فذلك رحمته عليها وجودا ، وهو معنى قوله :" وآتاكُمْ من كُلِّ ما سَأَلْتُمُوه "   أي بلسان الاستعداد في الغيب.

"" أضاف بالي زادة :
أو بعد قبول الحق طلبه ، قوله ( برحمته ) يتعلق بقبل بكسر الباء ، ويجوز أن يكون قبل جواب لما ، والجملة اعتراضية أي لما طلب قبل طلبه فأوجدها ، أو معناه فإن الله تحقق برحمته التي رحم بها أي أوجد بها كل عين في علمه الأزلي قبل طلب كل عين وجوده الخارجي ، فالرحمة صفة أزلية للحق ، وذات الحق سابقة على كل عين وكذا لوازمه من صفاته - قُلِ ادْعُوا الله )   - فكل عين مع لوازمه رحمة من رحمة الرحمن ، بل الأسماء الإلهية كلها ونفس الرحمة رحمة من الاسم الرحمن فعموم الرحمة من أجل المعلومات ، وما ذكره الشيخ في إثباته تنبيهات ، وعلى أي حال فالمقصود أن الطالب هو العين ، والمطلوب هو الوجود والطلب ، وقبوله تعالى كل ذلك من رحمة الله وإليه أشار بقوله : فلذلك قلنا اهـ بالى زادة . ""

 قال رضي الله عنه :  ( والأسماء الإلهية من الأشياء ، وهي ترجع إلى عين واحدة ، فأول ما وسعته رحمته أزلا شيئيته تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ، ثم الشيئية المشار إليها ، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة عرضا وجوهرا ، مركبا وبسيطا ) .

لما تبين أن رحمته وسعت كل شيء قال : إن الأسماء الإلهية من الأشياء فيجب أن تكون مرحومة ، فإن حقائقها التي تتميز بها عن الذات وينفصل كل منها عن الآخر أشياء غير الذات ، فلها أعيان ترجع إلى عين واحدة هي حقيقة اسم الرحمن ،
فأول ما وسعته رحمة الله شيئيته تلك العين ، وتلك العين حقيقة الرحمة الانتشارية التي تفيض منها الرحمة الأسمائية فتلك العين مرحومة بالرحمة

فأول شيء وسعته الرحمة الذاتية التي جعلتها شيئا راحمة بالرحمة الأسمائية ، كل شيء فهي الرحمة بالرحمة ،
فأول شيء وسعته الرحمة الذاتية تنفس الرحمة الأسمائية الشيئية المشار إليها ، أي العين الواحدة التي هي جميع الأعيان وأصلها ، فعمت الرحمة المتعلقة بهذه العين جميع الأعيان الثابتة في العلم الأزلي وهي الشيئيات الثابتة في الشيئية الأولى ،
فتفصلت العين الواحدة إلى الأعيان الكونية وهو معنى قوله شيئية كل موجود أي عينه لا وجوده على الترتيب إلى ما لا يتناهى وجودها في الخارج ،
فظهرت النسب الإلهية في النسبة الأولى الرحمانية وهي الأسماء الإلهية في ضمن اسم الرحمن ، وليست إلا نسب الذات إلى الأعيان فتحققت حقائق الأسماء فذهب كل اسم بحظ من الرحمة حتى تحققت حقيقته ،

ثم أثرت الأسماء الإلهية في إيجاد أعيان الأكوان فتنبسط آثار الرحمة في عرصة الإمكان ، فتوجد الأعيان الممكنة على الترتيب وأحوالها جواهر بسيطة مركبة وإعراضا في الدنيا والآخرة ، فوجود الرحمة الغيبية في الحقائق الإلهية الأعيان العلمية التي هي تعينات وشئون في الوجود الواحد الحق ، إنما هو من الرحمة الذاتية الجودية التي هي عين الذات ، ووجوده الأشياء أي كونها حقائقها بالرحمة الرحمانية الإلهية الأسمائية والله أعلم.

"" أضاف بالي زادة :
( تلك العين الموجدة ) في الخارج للرحمة علة غائية للإيجاد بالرحمة أي بسبب الرحمة ، وهي الحقيقة المحمدية التي هي عين الرحمة أوجدها الله بالرحمة ، فالرحمة شيء من حيث نفسها صفة ذاتية للحق ، ومن حيث شيئيتها حقيقة محمدية مظهر للاسم الرحمن ، وشيئية الشيء يتعين الشيء ويمتاز عن غيره ، وهي من لوازم الوجود اهـ بالى زادة ""

قال رضي الله عنه :  ( ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا ، )
أي لا يعتبر في تعلق الرحمة بالأشياء حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، فإن الرحمة وسعت كل شيء فأوجدته سواء كان ملائما له أو غير ملائم ، ثم ذكر أن الأعيان الثابتة المعدومة في أنفسها هي المؤثرة في الوجود الواحد الحق المنبسط عليها بالتعين والتقييد والتكييف والتسمية بحسب خصوصياتها حتى تظهر الأسماء الإلهية والنسب الزمانية ،

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما. والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )


21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
( المالك ) مأخوذ من ( الملك ) وهو الشدة والقوة . و ( المليك ) الشديد القوى .
و ( ملك ) الطريق وسطه . ويطلق على القدرة والتصرف أيضا .
ولما كانت الكلمة ( الزكرياوية ) مؤيدة من عند الله ب‍ ( القوة ) التامة والهمة المؤثرة والصبر على مقاساة الشدائد - حتى نشر بالمنشار وقد بنصفين ولم يدع الله أن يفرج عنه ويدفع البلاء منه مع كونه مستجاب الدعوة - اختصت بالحكمة ( المالكية ) .
ولما كان وجود الآلام والمحن من الغضب ، وكان وجوده من رحمة الله ابتداء ويرجع إليه انتهاء ويصير سببا للوصول إلى الكمالات وواسطة لرفع الدرجات وغفرانا للخطيئات ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( البلاء سوط من سياط الله تعالى يسوق به عباده ) .


شرع لبيانها فقال رضي الله عنه  : ( اعلم ، أن رحمة الله وسعت كل شئ وجودا وحكما ، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ، أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه . )
اعلم ، أن الحق سبحانه رحم الأعيان الطالبة للوجود وأحكامها ولوازمها ، فأوجدها في العين ، كما أوجدها أولا في العلم ، فالرحمة سابقة على كل شئ ومحيطة بكل شئ ،

كما قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شئ ) . وقوله : ( وجودا وحكما ) أي من جهة الوجود والاستعداد والقابلية له التي هي في حكم الوجود ، فإن الوجود عين الرحمة الشاملة على جميع الموجودات ، أعراضا كانت أو جواهرا .

وكذلك القابلية محيطة وشاملة عليها . ومن جملة الأعيان عين الغضب وما يترتب عليه من الآلام والأسقام والبلايا والمحن ، وأمثالها مما لا يلائم الطباع ، فوسعت الرحمة لها كما وسعت لغيرها ، فوجود الغضب من رحمة الله على عين الغضب ، فسبقت نسبة الرحمة إليه ، تعالى نسبة الغضب إليه ، وذلك لأن الرحمة ذاتية للحق تعالى ، وعين الغضب ناشئة من عدم قابلية بعض الأعيان للكمال المطلق والرحمة التامة ، فيسمى شقاوة وشرا .
وإليه أشار رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( إن الخير كله بيديك والشر ليس إليك ) .
ومن أمعن النظر في لوازم الغضب من الأمراض والآلام والفقر والجهل والموت وغير ذلك ، يجد كلها أمورا عدمية .
فالرحمة ذاتية للوجود الحق ، والغضب عارضية ناش من أسباب عدمية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله ، لذلك عمت رحمته كل عين . )
( يطلبه ) يجوز أن يكون ب‍ ( الياء ) المنقوطة من تحت ، وب‍ ( التاء ) المنقوطة من فوق .
وقد مر في فصل الأعيان : أن لله تعالى أسماء ذاتية مسماة ب‍ ( مفاتيح الغيب ) التي لا يعلمها إلا هو .
وهي بذواتها تطلب من الله ظهور أنفسها في العلم ، ثم في العين .
والأعيان الثابتة عبارة عن صور تلك الأسماء وتعيناتها ، وليست الأسماء إلا وجودات خاصة ، فكل عين مستندة إلى وجود معين ، وهو الاسم الخاص الإلهي .
فإذا علمت هذا ، يجوز أن يكون فاعل (يطلب) ضميرا عائدا إلى ( الوجود ) ، وضمير المفعول عائدا إلى ( كل عين ) أو إلى ( عين ) .
ذكره باعتبار اللفظ ، أو الشئ . ومعناه : لما كان لكل عين مستند ، وهو وجود خاص
و اسم من الأسماء الذاتية يطلب ذلك الوجود بذاته كل واحد من الأعيان ليكون مظهره ومستواه في العلم والعين ، عمت رحمته تعالى كل عين لأجل ذلك الطلب .

فقوله رضي الله عنه  : ( لذلك ) متعلق بقوله : ( عمت ) . و ( عمت ) جواب ( لما ) .
ويجوز أن يكون الفاعل ضميرا عائدا إلى (كل عين) . وضمير المفعول عائدا إلى (الوجود) .
ومعناه : لما كان لكل عين وجود في خزانة غيبه تعالى مقدر أن يفيض عليه وكان يطلب كان عين ذلك الوجود من الله ، عمت رحمته كل عين ، فأفاضت على كل منها وجودها لأجل ذلك الطلب الذي من الأعيان .

قال الشيخ رضي الله عنه:  (فإنه برحمته التي رحمه بها قبل ) بكسر (الباء) . (رغبته في وجود عينه ، فأوجدها.) تعليل لعموم الرحمة .
أي ، فإن كل عين برحمة الله التي رحمه الحق بها أزلا ، فأعطاه الوجود العلمي قبل رغبته في الوجود العيني ، أي ، صار قابلا طالبا للوجود الخارجي ، ( فأوجدها ) الله ، أي الأعيان فيه . فضمير ( فإنه ) و ( قبل ) عائد ان إلى ( كل عين ) .
ويجوز أن يكونا عائدين إلى ( الله ) . وضمير ( رحمه ) إلى ( كل عين ) .
ذكره باعتبار لفظ ( الكل ) ، أو باعتبار الشئ ، إذ في بعض النسخ : ( كل شئ ) .

ومعناه : فإن الله برحمته التي رحم الكل بها قبل رغبته كل شئ في وجود عين ذلك الشئ .
أي ، قبل الله سؤاله وأجاب ندائه ورغبته في وجوده العيني ، فأوجدها ، أي الأعيان فيه ،
كما يقال : تقبل الله منك . و ( قبل ) على التقديرين خبر ( إن ) .

وقرأ بعض العارفين ( قبل ) ، بسكون ( الباء ) ، وقال : أي ، فإن الله برحمته التي رحم الشئ بها سابق رغبته في وجود عينه . أي ، طلبه ( فأوجدها ) أي الرغبة . وفيه نظر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلذلك قلنا : إن رحمة الله وسعت كل شئ وجودا وحكما . ) أي ، فلأجل قبول الحق طلب الأعيان ورغبتها في أن تكون موجودة في الخارج ، قلنا : إن رحمة الله وسعت كل شئ وجودا وحكما . أما ( وجودا ) فظاهر .
وأما ( حكما ) ، فلأنه رحم وقبل سؤال كل شئ ، فأعطاه الاستعداد والقابلية للوجود العيني ،
فوجد في العين ، فذلك القبول وإعطاء الاستعداد رحمة من الله على الأعيان حكما ،

لذلك قال تعالى : ( وآتاكم من كل ما سألتموه ) . أي ، بلسان الاستعداد والحال والقال .

قال رضي الله عنه :  (والأسماء الإلهية من الأشياء وهي ترجع إلى عين واحدة . فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة ، فأول شئ وسعته الرحمة نفسها ، ثم الشيئية المشار إليها ، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة ، عرضا وجوهرا ومركبا وبسيطا . )

لما كانت الأسماء من حيث تكثرها مغائرة للذات الأحدية ورحمة الله وسعت كل شئ ، جعل الأسماء أيضا داخلة تحت الرحمة الذاتية ، لأنها من الأشياء المتكثرة ، مع أنها راجعة إلى عين واحدة وهي الذات الإلهية . فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة ، وهي عين اسم ( الرحمن ) من حيث تميزها بتعينها الخاص عن الاسم ( الله ) .

وإنما وسعت الرحمة الذاتية للعين الرحمانية ، لأنها من حيث امتيازها عن الذات الإلهية إنما
حصلت بالتجلي الذاتي والرحمة الذاتية على تلك العين ، إذ لولا التجلي الذاتي والرحمة الذاتية على تلك العين لما كان لشئ وجود أصلا ، اسما كان أو صفة أو عينا ثابتة .
وإذا كان الأمر كذلك ، فأول ما تعلقت به الرحمة الذاتية هو نفس الرحمة الظاهرة في العين الرحمانية ، ثم الشيئية المشار إليها ، أي العين الرحمانية .
وإنما جعل الرحمة الرحمانية أول متعلق الرحمة الذاتية ثم العين الرحمانية ، لأن عين الاسم ( الرحمن ) ذات مع صفة الرحمة ، والمجموع من حيث هو مجموع متأخر عن كل من أجزائه . ثم شيئية كل موجود ، أي عين كل موجود .

يوجد إلى ما لا يتناهى مفصلا ، دنيا وآخرة ، عرضا وجوهرا ، مركبا وبسيطا ، لأن جميعها أخلة تحت العين الرحمانية إجمالا .
فالأولية في قوله : ( فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجودة ) أولية بالنسبة إلى باقي أعيان الأسماء التي بعدها ، كقوله عن لسان إبراهيم عليه السلام: ( وأنا أول المسلمين ) وإن كان من قبله من الأنبياء أيضا مسلمين.
ويجوز أن يكون المراد ب‍ ( الشيئية ) وجودات الأعيان لا أعيانها . ( ولا يعتبر فيها ) أي ، في إفاضة الرحمة على كل شئ .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (حصول غرض ولا ملائمة طبع . بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.)
إذ لو كان حصول الغرض وملائمة الطباع معتبرا في الإيجاد ، لما كان للعالم وجود ولا
للأسماء الإلهية ظهور وتعين أصلا ، لأن الأسماء متقابلة ، فمظاهرها أيضا كذلك ، وطبيعة أحد المتقابلين لا تلائم طبيعة الآخر .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما. والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )

الفصّ الزكرياوي
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
أي : ما يتزين به ، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بمالكية الحق لكل ما سواه ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى زكريا عليه السّلام ؛ فإنه لما تحقق بمقام العبودية على الكمال بما بالغ في التذلل والدعاء ظهر فيه الحق بمالكيته للكل ، فأعطاه قوة التصرف في نفسه وروحه بتقويتهما وإصلاحهما والغلبة على موالي السوء فيما أنتج له من تقويتهما ، ولما كانت المالكية عن احتياج المملوك إلى المالك ، وقضاء حاجة الشخص رحمة عليه كانت المالكية رحمة عامة على الكل ؛

ولذلك قال عزّ وجل في حقه :ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا[ مريم : 2 ] ، فنسب الرحمة إلى رب محمد صلّى اللّه عليه وسلّم ليدل على عمومها ، فأضاف العبد إلى الهوية ليدل على كمال عبوديته ؛ لأنه عبد جميع الأسماء حتى لم يتميز في حقّه ، فصار كأنه عبد الذات ؛ ولذلك استوجب أكمل وجوه الرحمة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ؛ « فسبقت رحمته غضبه » . رواه ابن حبان والبيهقي 
أي : سبقت نسبة الرّحمة إليه نسبة الغضب إليه ، ولمّا كان لكلّ عين وجود يطلبه من اللّه ، لذلك عمّت رحمته كلّ عين ، فإنّه برحمته الّتي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه ، فأوجدها ، فلذلك قلنا : إنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ، والأسماء الإلهيّة من الأشياء ؛ وهي ترجع إلى عين واحدة ؛ فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شيئيّة تلك العين الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شيء وسعته الرّحمة نفسها ثمّ الشيئيّة المشار إليها ، ثمّ شيئيّة كلّ موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة وعرضا وجوهرا ، ومركّبا وبسيطا ، ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملائمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم كلّه وسعته الرّحمة الإلهيّة وجودا ) .
 

قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ) أي : بإعطائه إياها الوجود ، وأحكامه من الصفات والإضافات وسائر الاعتبارات .
ثم استشعر سؤالا بأنه لو عمت رحمته كل شيء لم يوجد الغضب أصلا ، إذ هو مقابل للرحمة ؟
وأجاب عنه بقوله : ( وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب ) في نسخة : " وأن وجود الغضب رحمة بالغضب " .  

وإن لم تكن رحمة بالمغضوب عليه ، فلا تقابل بين الرحمة وبين وجود الغضب ؛ ولذلك اجتمعا في المغضوب عليه ، فإنه مرحوم بإعطاء الوجود ، وإنما التقابل بين حقيقة الرحمة وحقيقة الغضب ، وإذا كان وجود الغضب من الرحمة ؛

قال رضي الله عنه :  ( فسبقت رحمته غضبه ) ؛ لأنها سبب وجوده ، والسبب مقدم على المسبب ، ولما كان المتبادر إلى الوهم من هنا أن الرحمة تمحو الغضب في الآخر بالكلية ،
إزال ذلك بقوله : ( أي : سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه ) ؛ لأن ما يكون انتسابه إلى الشيء بالواسطة فنسبته متأخرة عن نسبة الواسطة إليه ، وسبق النسبة لشيء بالغضب إلى شيء لا يقتضي رفع ما يكون نسبته متأخرة في وقت ما .

ثم أشار إلى وجه عموم الرحمة ؛ فقال : ( ولما كان ) في العلم الإلهي ( لكل عين ) بالعبودية فيه ( وجود ) مقداره إذا خرج إلى الفعل حصل كمالها ، وهي ( تطلبه ) بلسان الاستعداد ( من اللّه ) ، وإعطاؤه المطلوب رحمة منه على الطالب ؛ ( لذلك عمت رحمته كل عين ) ، وإنما كان وجود كل شيء رحمة عليه ، وإن كرهه البعض عن شدة وابتلاء ، ( فإنه برحمته التي رحمه بها ) وراء ما يرحم بابتلائه المنعمين من أهل معرفته ، إذ يرون كمال نعمهم ، ويعرفونها ببلائه ، فإنه إنما تعرف الأشياء بأضدادها ( قبل ) أي : أجاب ( رغبته ) أي :
دعاؤه وطلبه بلسان الاستعداد ( في وجود عينه ) ؛ لكونه كمالا لها ، ( فأوجدها ) ثم عرضت لها الكراهة ، فلا عبرة بها ، ( فلذلك قلنا : إن رحمة اللّه وسعت كل شيء وجودا وحكما ) ، فإن بعض الأحكام ، وإن كانت مكروهة الآن كانت مرغوبة للأعيان حينئذ .

ثم استشعر سؤالا بأنه كيف وسعت رحمته كل شيء ، وأعظم الأشياء ذات اللّه وأسماؤه وصفاته ، ولا يحصل لها الوجود بعد العدم ، فكيف تكون مرحومة ، ومن جملتها الرحمة ، فكيف وسعت نفسها ؟

فأجاب بقوله رضي الله عنه  : وأما ( الأسماء الإلهية ) ؛ فهي وإن لم تكن مرحومة باعتبار أنفسها ، فهي مرحومة باعتبار كونها ( من الأشياء ) التي هي صورها ، وكذا الذات الإلهية ، وإن كانت غنية عن العالمين ، فلها ظهور بظهور أسمائها إذ ( هي ترجع إلى عين واحدة ) ، وهي أيضا مرحومة بهذا الاعتبار ، وهي سابقة على الأسماء بالذات وظهورها كذلك ؛ لأن ما بالذات لا يزول بالغير ، ( فأول ما وسعته رحمة اللّه ) أضافها إلى اللّه احترازا عن الرحمة الذاتية التي أول ما وسعته نفس الرحمة الإلهية ( شيئيّة تلك العين ) ، أي : صورة ظهورها في المظاهر ، فإن وجود كل شيء سابق على سائر صفاته التي هي صور الأسماء والصفات ، ولهذه العين رحمة ذاتية أوجدت الرحمة الإلهية ، كما أشار إليه بقوله : ( الموجودة للرحمة بالرحمة ) ، إذ لا بدّ من نسبة بين الموجد والموجد .



قال رضي الله عنه :  ( فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ) ، وإن يغايرنا بالذات والإلهية ، فهما واحد بالماهية ، ( ثم الشيئية المشار إليها ) ، فإنها وإن كانت مرحومة للرحمة الإلهية ، فهي أيضا مرحومة للرحمة الذاتية إذ مرحوم المرحوم للشيء مرحوم لذلك الشيء ، ( ثم شيئية ) عين ( كل موجود ) ، فإن لها ظهورا بعد ظهور الوجود فيهما ؛
لأنه حينما ( يوجد ) يصير شيئا بعد ما كانت عينا ثابتة ؛ فإن لكل عين من الموجودات ثبوتا في العلم الأزلي ، وإن كانت بالغة ( إلى ما لا يتناهى ) ، وإن كان غير المتناهي يمتنع اجتماعها في الوجود ؛ لكن لا مانع في ذلك إذ وجدت مرتبة ( دنيا وآخرة ) ، فالدنيا وإن تناهت فلا تتناهى الآخرة ( عرضا وجوهرا ) ، فإن للعرض عينا ثابتة غير عين الجوهر ، ( ومركبا وبسيطا ) ، فإن للمركب أيضا عينا ثابتة غير مجعولة في علم الحق كالبسيط ، ولعل الجواهر البسيطة غير متناهية ، فالملائكة المنحصر كل نوع منها في شخص ، وهم جواهر بسيطة ؛ فكيف بتناهي الأعراض والمركبات ؟

ثم استشعر سؤالا بأنه : كيف وسعت الرحمة كل شيء ، وهي مختصة بملائمة طبع أو حصول غرض ، ومن الأشياء ما لا يلائم طبعا ، ولا يحصل غرضا ؟

فأجاب بقوله : ( ولا يعتبر فيها حصول غرض ، ولا ملائمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم ) ، وموافق الغرض وغير موافقة كله ( وسعته الرحمة الإلهية وجودا ) ، إذ هو خبر محض في نفسه ، وإنما يكون سرّا بالنظر إلى الغير عن منعه كماله ، وكيف يعتبر فيهما حصول غرض أو ملائمة طبع ، وهما للموجودات دون المعدومات ؟


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.  والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )

21 - فصّ حكمة مالكيّة في كلمة زكرياويّة
وجه تسمية الفصّ
ووجه اختصاص هذه الكلمة بحكمتها هو أنّ « المالك » له معنى الشدّة .
كما يقال : « ملكت العجين » إذا شدّد عجنه . فله معنى شدّة الامتزاج .
وله معنى الوسط أيضا كما قيل ومِلْك الطريق: وسطه، قال يصف ناقة :

أقامت على ملك الطريق فملكه  ..... لها ، ولمنكوب المطايا جوانبه
أي في وسط الطريق .

وإذ قد كان لزكريّا شدّة قوّة المزاج لوقوعه في وسط طريق الاعتدال - ولذلك تراه قد قاوم تصادم البليّات بدون تبرّم ولا إظهار اضطراب وتشكّ ومن هاهنا تراه ما انقطع له عند بلوغ الكبر مادّة التوالد كما هو المعهود من أمزجة بني نوعه .

هذا ما له من القوّة بحسب ظاهر مزاجه وله أيضا قوّة بحسب باطن ذلك المزاج - يعني الهمّة - وهي أنّه قد همّ بحصول ولد يحيى به ذكره مع يأس بالغ كان له من تحصيله ، بوهن آلات التناسل منه ومن زوجته حيث قال “  أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ من الْكِبَرِ عِتِيًّا “  [ 19 / 8 ] ،

وأنّه قد وهب له يحيى ، حيث أنّ اسمه ينطوي على وصفه المطلوب إظهاره - كما قد اطَّلعت على ذلك  .
وأيضا قد عرفت في الفصّ اللوطي الذي هو رابع الثانية أنّ حكمته ملكيّة لما فيه من الشدّة التي يأوي إليها من قومه ،
وإذ كان ذلك القوّة لزكريّا بين أفراد قومه من ابنه يحيى ، تفرّد في ثالث الثالثة الختميّة بالمالكيّة كما لا يخفى على اللبيب وجهه .


المناسبات الحرفية في اسم زكريا ومالك
ثمّ إنّ هاهنا تلويحات : وهي أنّ حاصل فضل عدد « زكريا » يوافق ذلك من مالك في أصل العقود ، وفي عدد « زكريا » أيضا مادّة حروف " الرحمة " أكثرها بالفعل والباقي بالقوّة .

ومن كمال هذه النسبة أنه ظهر أمر رحمته الوجوديّة في مرتبة الكلام ، الذي هو مادّة « المالك » ، ولذلك خصّ بين الأنبياء بالمذكوريّة فإنّ صاحب الوجود الكلامي هو المذكور الذي ظهر اسمه في هذه المرتبة - لا الذاكر - حيث قال تعالى : “  ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَه ُ زَكَرِيَّا “ [19 : 1 ]   . ولذلك أخذ في تحقيق معنى الرحمة قائلا :


سعة الرحمة وشمولها للكل
قال الشيخ رضي الله : ( اعلم أنّ رحمة الله وسعت كل شيء : وجودا ) - وهو ظهور ذاته وعينه في مراتب الوجود - ( وحكما ) وهو ظهوره واعتباره في حضرة الغيب بالفيض الأقدس قبل الوجود ، وبعده أيضا عند طريان الأحكام الكونيّة ، فإنّ الكلّ داخل في رحمة الله تعالى .
فالرحمة هي العامّة التي لا شيء يشذّ عنها . وما توهّم بحسب مفهومه أنّه مقابل لها - يعني الغضب - فهو أيضا داخل فيها ، ضرورة أنّه مشمول للوجود الذي هو من الرحمة .


قال الشيخ رضي الله : ( وأنّ وجود الغضب من رحمة الله بالغضب ، فسبقت رحمته غضبه ) سبقا ذاتيّا إحاطيّا ( أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه ) ، فإنّ الرحمة أقرب نسبة إلى الهويّة المطلقة من سائر الأسماء ، لعموم نسبتها وتمام إحاطتها والذي يدلّ على ذلك هو ما أشار إليه بقوله رضي الله عنه   : ( ولمّا كان لكل عين وجود يطلبه من الله ، لذلك عمّت رحمته كلّ عين ) ، أي لما كان وجود العين مطلوبا من الله ومسئولا عنه ، والضرورة حاكمة بأنّ المطلوب من الجواد المطلق موهوب على كل حال ، عمّت رحمة الله كلّ الأعيان .
ثمّ إنّه يمكن أن يقال هاهنا : إنّ طلب العين وجوده ، قبل وجوده وحصوله ، والطلب وصف لا بدّ وأن يكون لمحلَّه حظَّ من الوجود ؟

فأزال ذلك بقوله : ( فإنّه ) أي فإنّ كلّ عين ( برحمته التي رحمه ) الله ( بها ) - في الفيض الأقدس والتجلَّي الغيبيّ الذاتي - حصل له حظَّ من الرحمة بها ( قبل رغبته في وجود عينه ، فأوجدها ) بالفيض المقدّس في التجلَّي العيني
فقبول العين لرغبته التجلي وطلبه ، من حكم الرحمة التي بالفيض الأقدس ( فلذلك قلنا : إنّ رحمة الله وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ) .

ثمّ إنّه قد أدرج في طيّ هذه العبارة نكتة ، وهي أنّ الضمائر التي لكل عين قد ذكَّرها ما كان منها قبل قوله : « فاوجدها » اعتبارا بلفظ الكلّ ، وتنبيها بذلك على أنّ الأعيان في الفيض الأقدس غير متميّزة عمّا فيه من التجلي الغيبي الذي هو بمنزلة كله ، بل الأعيان هناك عين الكلّ وأما في الفيض المقدس  فقد حصل للعين امتياز ، كما بيّن وجهه في موضعه .

ولذلك أنّث الضمير في " أوجدها " . فلا تغفل عن دقائق إشاراته في لطائف عباراته 
ثمّ إنّك إذا عرفت هذا ظهر لك أنّ من جعل قوله « قبل رغبته » ظرفا بمعنى « سابق رغبته » ، فهو في طرف من مقصود الكتاب ، كما أنّ من جعله فعلا راجعا فاعله إلى « الله » في آخر منه .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:14 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :-    الجزء الثالث
تابع شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
الأسماء في الفيض الأقدس
ثمّ إنّه لما ذكر أنّ سبق الرحمة إنما هو لقرب نسبته إلى الحقّ ، وذلك لشمول إحاطتها وكمال سعتها ، أخذ يحقّق مراتب سعة الرحمة وموادّها بقوله :
قال الشيخ رضي الله : ( والأسماء الإلهية من الأشياء ) التي شملتها الرحمة ( وهي ) من حيث أنّها مشمولة للرحمة والوجود ( ترجع إلى عين واحدة ) كما سبق تحقيقه من أنّ الأسماء من حيث خصوصيّاتها الامتيازيّة نسب لا وجود لها ، ومن حيث أنّها راجعة إلى عين واحدة لها الوجود . فتلك العين الواحدة مبدأ وجود الأسماء .

قال الشيخ رضي الله : ( فأول ما وسعت رحمة الله شيئيّة تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة ) فهي الراحمة ، وهي المرحومة . وهذه مرتبة الفيض الأقدس ، الذي لا ثنويّة فيه بين الفائض والمفاض .
وفي هذه الحضرة ظهرت أعيان سائر الأسماء والحقائق ، لا وجودها وشيئيّتها والأعيان في هذه الحضرة هي المسمّاة بالشؤون الذاتيّة اصطلاحا ومعناه بلسان الإشارة التلويحية أنّ شيئيّتها عين عينيّتها فيها .

 مراحل انتشار الأسماء والأعيان  
قال رضي الله : ( فأوّل شيء وسعته الرحمة نفسها ) ، ونفس الرحمة هي المسمّاة بالنفس الرحماني عند فتح فاء التفصيل ونصبه شفتيه وفاه لجمع الكلمات الوجوديّة  والفرق فيها في الثاني من الحضرتين .

قال رضي الله : ( ثمّ الشيئيّة المشار إليها ) بالشيء المطلق ، وهو التجلَّي الثاني النفسيّ في الحضرة الواحدية . وهاهنا تتميّز الأعيان عن الوجودات ، ويقال لها الأعيان الثابتة .
قال رضي الله : ( ثمّ شيئيّة كل موجود ) في العوالم والمراتب الإمكانية التي غلبت الكثرة وحكمها حتّى ( يوجد إلى ما لا يتناهى ، دنيا وآخرة ) ، صورة ومعنى ( و ) الصورة ( جوهرا وعرضا ، و ) الجوهر ( مركَّبا وبسيطا ) فلا تخصيص لوصف ولا وضع أصلا ، ( ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم كلَّه وسعته الرحمة الإلهيّة وجودا ) في العوالم ، فتكون الرحمة سابقة على الغضب .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه.
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها. فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما.  والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة.
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة، فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.  )


الفص الزكرياوي
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
قال رضي الله عنه :  (اعلم أنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما ، وأنّ وجود الغضب من رحمة اللّه بالغضب. فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرّحمة إليه نسبة الغضب إليه.)

إنما وصف الشيخ رضي اللّه عنه حكمته بالمالكية لأن الغالب على أحواله كان حكم الاسم المالك ، لأن الملك الشدة والمليك الشديد ،
وأن اللّه ذو القوة المتين أيدته بقوة سرت في همته وتوجهه فأثمرت الإجابة وحصول المراد فليتذكر قصة :وَأَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ [ الأنبياء : 90 ] بقوة غيبية ربانية خارجة عن الأسباب المعتادة ما صحلت زوجته ولا تيسر لها الحمل ،
ثم أنه كما سرت تلك القوة من الحق في زكريا وزوجته تعدت منهما إلى يحيى ، ولذلك قال له الحق :يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ[ مريم : 12 ]
ولما صدر الحق سبحانه قصته عليه السلام في سورة مريم بذكر الرحمة حيث قال :ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا( 2 ) [ مريم : 2 ]
وافقه الشيخ رضي اللّه عنه وصدر حكمته ههنا بذكر الرحمة ،

فقال : ( اعلم أن رحمة اللّه وسعت كل شيء رحمة وجودا وحكما ) رحمة اللّه التي هي الوجود الشامل كل الأشياء ، وسعت كل شيء من حيث وجوده الخاص به ، ومن حيث الأحكام التابعة لوجوده كالعلم والقدرة مثلا ، والمتبوعة المتوقف وجوده عليها كالقابلية والاستعداد للوجود التابعين لثبوت الأعيان في العلم السابقين على وجودها في العين

( وأن وجود الغضب ) الذي هو من الأحكام التابعة بوجود الغاضب ( من رحمة اللّه تعالى بالغضب ) فإنه بحسب استعداده للوجود طلب الوجود من اللّه سبحانه ، فرحمه وأعطاه الوجود ( فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة ) على الغضب بإفاضة الوجود عليه ( إليه تعالى نسبة الغضب ) على المغضوب عليه ( إليه تعالى ) ، فإنه ما لم يتصف غضبه بالوجود الذي هو رحمته لم يتعلق بالمغضوب عليه .


اعلم أن الغضب في الجناب الإلهي ليس إلا إفاضة الوجود على حال غير ملائم للمغضوب عليه في المغضوب عليه ، بحيث يتضرر به ويتألم ، ولا شك أن تلك الإفاضة أمر وجودي يطلب الوجود الذي هو الرحمة ، فما لم يتعلق به الوجود الذي هو الرحمة لم يتحقق


قال رضي الله عنه :  (ولمّا كان لكلّ عين وجود يطلبه من اللّه ، لذلك عمّت رحمته كلّ عين .
فإنّه برحمته الّتي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه ، فأوجدها . فلذلك قلنا إنّ رحمة اللّه وسعت كلّ شيء وجودا وحكما . والأسماء الإلهيّة من الأشياء ؛ وهي ترجع إلى عين واحدة . فأوّل ما وسعت رحمة اللّه شيئيّة تلك العين الموجدة للرّحمة بالرّحمة ، فأوّل شيء وسعته الرّحمة نفسها)


الغضب ، فهو مسبوق بالرحمانية ، وأيضا إفاضة الوجود مطلقا هي الرحمة ، لكنها قد تنصبغ باعتبار متعلقه بصبغ الغضب ، ولا شك أن انصباغها بهذا الصبغ متأخر عنها فهذا معنى آخر لسبق الرحمة على الغضب ، وقد يجعل السبق بمعنى الغلبة فسبق الرحمة الغضب باعتبار غلبتها عليه آخرا ( ولما كان لكل عين ) من الأعيان المتبوعة أو التابعة ( وجود ) ، أي حصة وجودية ( يطلبه ) ، أي يطلب ذلك العين الوجود يعني الحصة الوجودية ( من وجود اللّه لذلك عمت رحمته كل شيء فإنه ) ، أي الحق ( برحمته التي رحمه ) ،
 أي كل عين ( بها ) ، أي بتلك الرحمة في الفيض الأقدس بإعطائه الثبوت في العلم واستعداد الوجود في العين ( قبل ) فعل ماض من القبول ، أي بمقتضى تلك الرحمة الأزلية قبل الحق سبحانه ( رغبته ) ، أي رغبة كل عين ( في وجود عينه ) في الخارج ( فأوجدها ) في الفيض المقدس فيه ، وقيل : معناه ، فإنه أي كل عين برحمته ، أي برحمة اللّه التي رحمه ، أي كل عين بها في الفيض الأقدس لحصول الاستعداد قبل كل عين رغبته في وجود عينه ،

أي صار قابلا ، لأن يرغب في وجود عينه ويطلبه ، فأوجدها بالفيض المقدس ، فالمراد بقبول الحق رغبة كل عين في وجود عينه أن يعامل معه بمقتضى رغبته وطلبه ، ويفيض على غيبه الوجود بقبول العين الراغبة أن تظهر فيه الرغبة والطلب ( فلذلك ) ، أي لأجل ذلك الإيجاد لقبول رغبته في وجود عينه ( قلنا : إن رحمة اللّه وسعت كل شيء وجودا وحكما ) ، أما وجودا فظاهر ، وأما حكما فلإعطائه استعداد الوجود أولا وإفاضة الوجود على لوازم الوجود آخرا ( والأسماء الإلهية من الأشياء ) التي عمتها الرحمة الوجودية

( وهي ) من حيث أنها متمايزة بخصوصيات هي نسب لا وجود لها ( ترجع إلى عين واحدة ) لها الوجود ووجودها باعتبار تلك العين الواحدة وهذه العين الواحدة هي النفس الرحماني الذي هو الوجود الحق لا مطلقا بل من حيث عمومه وانبساطه

( فأول ما وسعت ) ، أي وسعته ( رحمة اللّه شيئية تلك العين ) والرحمة التي وسعت الرحمة الذاتية الحاصلة من التجلي الذاتي بصورة تلك العين التي هي النفس الرحماني ( الموجدة للرحمة ) ، أي للوجودات الخاصة المتعينة بحسب كل حقيقة حقيقة علما أو عينا ( بالرحمة ) التي هي نفس تلك العين أعني النفس الرحماني فإنها التي تقيدت بكل حقيقة حقيقة فصارت وجوداتها الخاصة .
وهذا المعنى هو المعنى بكونها موجودة لها ( فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ) ،

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ الشيئيّة المشار إليها ، ثمّ شيئيّة كلّ موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة وعرضا وجوهرا ، ومركّبا وبسيطا . ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، بل الملائم وغير الملائم كلّه وسعته الرّحمة الإلهيّة وجودا . )

يعني نفس الرحمة التي هي النفس الرحماني ، وقد عرفت الرحمة التي وسعتها ( ثم الشيئية ) الأسمائية ( المشار إليها ) بقوله : والأسماء الإلهية من الأشياء ، فإن أول ما يمر عليه هذا التجلي النفسي هو الأسماء الإلهية وبإزائها الأعيان الثابتة ، ولذلك التقى بها ، أو الأسماء أعم من الأسماء الفاعلة والقابلة ( ثم شيئية كل موجود يوجد ) بالوجود العيني في العوالم والمراتب الإمكانية ( إلى ما لا يتناهى دنيا وأخرى عرضا وجوهرا ومركبا وبسيطا ولا يعتبر فيها ) ، أي في سعة الرحمة شيئية كل موجود

( حصول غرض ولا ملائمة طبع بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا ) ، وإنما اكتفى بذلك ولم يقل : وحكما اعتمادا على ما مر غير مرة . ولما كانت الرحمة الذاتية التي تعين بها النفس الرحماني وكذا النفس الرحماني الذي به تعين الأسماء الإلهية والأعيان الثابتة ، ثم الأعيان الوجودية من النسب الاعتبارية التي ليس لها عين موجودة في الخارج ، كان محل أن يشكل كيفية تأثيرها ،

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:15 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أنّ الأثر لا يكون إلّا للمعدوم لا للموجود ، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم : وهو علم غريب ومسألة نادرة ، ولا يعلم تحقيقها إلّا أصحاب الأوهام ، فذلك بالذّوق عندهم . وأمّا من لا يؤثّر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة اللّه في الأكوان سارية  ... وفي الذّوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرّحمة المثلى إذا علمت  ... من الشّهود مع الأفكار عالية)
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ذكرنا في) كتاب الفتوحات المكية أن الأثر الحادث من العين الثابتة في العدم الأصلي (لا يكون) ذلك الأثر مستندا (إلا للمعدوم) في نفسه الموجود فيما هو أصله بوجود أصله لا بوجود آخر كالأسماء الإلهية ، فإنها كلها مراتب واعتبارات للذات الإلهية الموصوفة بها المسماة بها أزلا وأبدا عندها فهي معدومة العين موجودة الأثر لأنها مراتب الذات الإلهية لا عينها ولا غيرها لا يكون الأثر (للموجود) أصلا (وإن كان) الأثر (للموجود) ، أي نسب إليه بمقتضى الظاهر
قال رضي الله عنه :  (كما يقال) : هذا أثر اللّه تعالى في القديم ، قال سبحانه : هذا خلق اللّه .
ويقال في الحادث هذا فعل زيد وكتابة عمرو ونحو ذلك .
 
قال تعالى :فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ[ التوبة : 105 ] ، فنسب تعالى العمل للمخاطبين (فبحكم ، أي فهذه النسبة حينئذ بحسب ما اتصف به ذلك الموجود من الأمر (المعدوم وهو مرتبة اللّه تعالى التي هي قدرته مثلا في قولنا : هذا أثر اللّه وهذا خلق اللّه ، أي أثر قدرة اللّه تعالى وخلقها والقدرة مرتبة للّه تعالى لا هي ذاته ، لأنه ذاته موجودة ولا أثر للموجود وإنما المرتبة معدومة في نفسها فلها الأثر،
وكذلك في الحادث قولنا : هذا فعل زيد وكتابة عمرو أي فعل قدرته وكتابة صفته لا أن ذلك منسوب إلى ذاته الموجودة إذ لا أثر للموجود ، وإنما ذلك منسوب إلى مرتبة زيد وعمرو هي صفته القائمة بذاته التي إذا توجه بها على الأثر ، ظهر الوجود في الأثر بنقلها ذلك الوجود عن الذات الموجودة ،
ولهذا تسمى القدرة في الحوادث عرضا لاتصافها بالوجود الذاتي ساعة نقله إلى الأثر وهي معدومة في نفسها ، ولا تسمى في الحق تعالى عرضا لعدم ورود ذلك ، ولأنه يقتضي المشابهة للحوادث ، ولأن العرض فان مضحمل وذلك محال على الحق تعالى .
 
قال صدر الدين القونوي تلميذ المصنف وابن زوجته رضي اللّه عنهما في كتابه «مفتاح الغيب» الأثر لا يكون لموجود أصلا من حيث وجوده فقط بل لا بد من انضمام أمر آخر خفي إليه يكون هو المؤثر أو عليه يتوقف الأثر،
والأثر نسبة بين أمرين مؤثرين فيه ومؤثر، ولا تتحقق نسبة ما بنفسها فتحققها بغيرها، ولا يجوز أن يكون ذلك الغير هو الوجود، فإن الوجود لا يظهر عنه ما لا وجود له ولا يظهر عنه أيضا عينه .
 
ولما كان أمر الكون محصورا بين وجود مرتبة وتعذر إضافة الأثر إلى الوجود الظاهر لما مر تعين إضافته إلى المرتبة ، ومرتبة الوجود المطلق الألوهية فإليها وإلى نسبها المعبر عنها بالأسماء تستند الآثار ، والمراتب كلها أمور معقولة غير موجودة في أعيانها ،
فلا تحقق لها إلا في العلم كأعيان الممكنات قبل انصباغها بالوجود العام المشترك بينها وبما ذكرنا من أمر المراتب ، تتميز عن الأرواح والصور ، فإن الأرواح والصور لها وجود في أعيانها بخلاف المراتب ، وكذلك سائر النسب فافهم .


وإذا عرفت هذا علمت أنه لا أثر إلا الباطن ، وإن أضيف إلى الظاهر لغموص سره وصعوبة إدراكه بدون الظاهر ،
فمرجعه في الحقيقة أعني الأثر إلى أمر باطن من ذلك الظاهر أو فيه ، فاعرف ، وفي محل آخر من الكتاب المذكور لا شك في استناد العالم إلى الحق من حيث مرتبته المسماة ألوهية ، ولهذه الألوهية حقائق كلية هي جامعتها وتسمى في اصطلاح أهل الظاهر الصفاتيين وغيرهم حياة وعلما وإرادة وقدرة والألوهية مرتبة للذات المقدسة ونسبتها إليه نسبة السلطنة إلى السلطان والخلافة إلى الخليفة ، والنبوّة إلى النبي يعقل التمييز بينهما حقيقة وعلما ،
 
أي بين المرتبة وصاحبها من سلطان وخليفة وسواهما ، ولا يظهر في الخارج للمرتبة صورة زائدة على صاحبها لكن يشهد أثرها ممن ظهر بها ما دام لها الحكم به وله بها ، ومتى انتهى حكمها به ومن حيث هو لم يظهر عنه أثر وبقي كسائر من ليست له تلك المرتبة .
 
قال رضي الله عنه :  (وهو) ، أي ما ذكر من هذا الحكم (علم غريب) بين غير أهله ومسألة نادرة في الواقع لقلة من ينتبه إليها ويطلع عليها (ولا يعلم تحقيقها) ، أي إدراكها على وجه التحقق لها (إلا أصحاب الأوهام) ، أي الذين استولت على أفهامهم أوهامهم فتحكم عقولهم بوجود ما لا وجود له وترتب على ذلك أمور كثيرة كالمتمسكين بالعلوم الظاهرة عامتهم وخاصتهم
 
قال رضي الله عنه :  (فذلك) ، أي العلم المذكور لهذا الحكم (بالذوق) ، أي الوجدان النفساني (عندهم) ، فلا يتكلفون له (وأما من لا يؤثر الوهم فيه) ولا يستولي عليه من أهل هذه الطريقة الإلهية (فهو بعيد عن هذه المسألة) فلا يقدر يتحقق بصدور الأثر عن المعدوم ولا عن الموجود بحكم المعدوم أصلا ، بل يرى المراتب الأسمائية والكونية مترتبة على حسب ما هي عليه أزلا وأبدا ، وليس منها مؤثر ولا أثر إلا بحكم التعريف الشرعي والدلالة الإلهية ،
 
ويرى الوجود الحق الواحد المطلق يتجلى بتلك المراتب كلها ظاهرا وباطنا على ما هو عليه في ذاته سبحانه أزلا وأبدا ، فلا معنى لمسألة الأثر عنده في نفس الأمر لانخراق حجاب الوهم له دون الأوّلين المذكورين ، وإذا علمت ما ذكر .
 
قال رضي الله عنه :  (فرحمة اللّه) تعالى الواسعة (في) جميع الأكوان الحادثة سارية بصفة القيومية على كل شيء فلا قيام لشيء إلا بها وفي الذوات كلها حتى الذات الإلهية من حيث ظهورها بأعيان الأسماء الأزلية الأبدية وفي الأعيان أيضا ، أي أعيان تلك الذوات وهي أسماؤها حادثة كانت أو قديمة جارية تلك الرحمة أيضا ، أي ظاهرة منها .
 
قال رضي الله عنه :  (مكانة) ، أي مرتبة (الرحمة) الإلهية (المثلى) ، أي الشريفة التي يتمثل بها ويتشبه من يريد الظهور بالكمال وإن لم يكن موجود من يفعل ذلك إذا علمت بالبناء للمفعول أي علمها أحد (من) أهل (الشهود) ، أي المعاينة والكشف بالشهود (مع أهل (الأفكار) أيضا وإذا علمها أحد من أهل الأفكار بالأفكار كذلك عالية ، أي مرتفعة عن إداركه وإحاطته لكمال تنزيهها وعظمة إطلاقها حيث حكمت على كل ما هو دونها من الذوات والأسماء مطلقا ،
 
فهي ذات الذات بل ولا يقال فيها ذلك ، لأنه تعيين لها بأنها ذات ، وهي من حيث هي لا تتعين أصلا ولا باسم الرحمة إلا من حيث ما ورد عنها باعتبار مراتبها القابلة لظهورها بها ، ولا يعينها اسم الوجود أيضا ولا العدم ولا الإطلاق ولا نفس الأمر إلا من حيث مراتبها المذكورة .
قال المصنف قدس اللّه سره في ترجمان أشواقه:
إن سرت في الضمير يجرحها  .... ذلك الوهم كيف بالبصر
لعبة  ذكرنا يذوّبها   ..... لطفت  عن مسارح  النّظر
طلب النّعت أن يبيّنها   .... فتعالت فعاد ذا حصر
وإذا رام أن يكيّفها  .... لم يزل ناكصا على الأثر
إن أراح المطيّ طالبها  .... لم يريحوا مطية الفكر
روحنت كلّ من أشبّ بها ....  نقلته عن مراتب البشر
غيرة أن يشاب رايقها  .... بالّذي في الحياض من كدر
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات المكّي إن الأثر لا يكون إلا للمعدوم ) في الخارج مع كونه موجودا في الباطن
قال رضي الله عنه :  ( لا للموجود ) الخارجي ( وإن كان ) الأثر ( للموجود فحكم المعدوم ) فالرحمة وإن كانت لا عين لها في الخارج لكن لها أثر في كل ما له وجود في الخارج ( وهو ) أي كون الأثر للمعدوم لا للموجود ( علم غريب ومسألة نادرة ) إشارة إلى أن هذه المسألة لا تظهر بتمامها إلا منه وإن علمها غيره من أهل الحقيقة قوله ( ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام فلذلك ) العلم حاصل ( بالذوق عندهم ) إشارة إلى أن أصحاب الأوهام نادرا لوقوع وإنها غريب بين الناس لعدم المجانسة والمماثلة بهم فقوله
فذلك بالذوق عندهم أي أصحاب الأوهام يذوقون إن الأمور المعدومة تؤثر في وجودهم فمن لا وهم له لا ذوق له إن الأثر للمعدوم لا للموجود إذ الأمور المعدومة المتوهمة لا تدرك إلا بالوهم ( وأما من لا يؤثر الوهم فيه ) أي من لا يتوهم أمورا معدومة ولا يتأثر بإدراكها ( فهو بعيد عن ) علم ( هذه المسألة ) فإذا كان الأمر كذلك ( شعرفرحمة اللّه في الأكوان سارية ) وجودا :
 
قال رضي الله عنه :  ( وفي الذوات وفي الأعيان جارية ) حكما وفي اختصاص الجريان بالذوات والأعيان لها في الخارج إشارة إلى غاية لطافتها فكأنها تجري كالماء الجاري فإنها أنوار لطيفة ولا تحجب ما وراها ( مكانه الرحمة ) مبتدأ ( المثليّ ) خبره وجاء الخبر معرفا باللام لنكتة والجملة جزاء ،
 
لقوله رضي الله عنه : ( إذا علمت من الشهود ) وقوله ( مع الأفكار ) مفعول للشرط المقدر ( عالية ) خبر لمبتدأ محذوف والجملة جزاء للشرط المقدّر وباب التقدير واسع في الأبيات فمعناه مرتبة الرحمة الفضلى إذا علمت من الشهود وإذا علمت مع الأفكار فهي عالية فوسعت الرحمة العلم كلها ذوقيا أي فكريا كما وسعت الأمور كلها موجودها ومعدومها وكلام بعض الأفاضل في هذا المقام لا يناسب المقصود إذ المقصود بإيراد البيتين ذكر محصل التفضيل المذكور .
 
ونتيجة لذلك أورده بالفاء السببية فقسم الأشياء إلى الموجود والمعدوم وعبر عنهما بالأكوان والذوات وأدرج شمول الرحمة على كلها في البيت الأوّل وقسم العلم إلى الشهودي والفكري وأدرج وسعة الرحمة العلم فيهما في البيت الثاني فوسعت الرحمة كل شيء وجودا وحكما وعلما وهو المطلوب


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.  وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة. فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية .. مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قلت : قال رضي الله عنه: إن رحمة الله وسعت كل شيء ومن جملة الأشياء الغضب، فإذا غضب، تبارك وتعالى، فقد رحم الغضب حيث أحياها فقد رحم الغضب ورحم الرحمة بايجادها ورحم أسمائه الإلهية باظهار متعلقاتها في الوجود العيني والذهني معا ورحم الشيئية بكونه شاءها سواء كانت اعتدالية أو انحرافية.
 
قوله: وقد ذكرنا في الفتوحات: إن الحكم إنما هو للمعدوم. 
قلت: للمعدوم الممكن لا للمعدوم الممتنع، وكذلك حكم الموجود باعتبار معدوم ما وأما كون من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد من هذه المسألة، فمن جهة أن توهم إمكان الموجود قبل وجودية" يستدعي بالذات ظهور ذلك الموجود فمن لا يعرف التوهم لا يفهم هذا الاقتضاء الخاص.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه  : ( وقد ذكرنا في الفتوحات أنّ الأثر لا يكون إلَّا للمعدوم لا للموجود ، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم ، وهو علم غريب ومسألة نادرة ، لا يعلم تحقيقها إلَّا أصحاب الأوهام ، فذلك بالذوق عندهم ، وأمّا من لا يؤثّر الوهم فيه ، فهو بعيد عن هذه النسبة ( .
 
يشير إلى أنّ الأعيان الثابتة التي هي معدومة لنفسها هي المؤثّرة في الوجود الواحد الحق المنبسط عليها بالتعيين والتقييد والتكييف والتسمية بحسب خصوصياتها ، حتى تظهر الأسماء الإلهية والنسب الربانية ، ثم النسب الإلهية - التي هي من حيث هي نسب معدومة الأعيان ،
لا تحقّق لها إلَّا بين طرفيها من الحق - مؤثّرة أيضا في وجود الأشياء ، فالآثار كلَّها إن كانت من الإلهية ، فمن النسب العدمية ، وإن كانت منها مع الذات المتعيّنة بها ، فمن الوجود من حيث هذه النسب المعدومة الأعيان ،
وإن كانت من الأعيان الثابتة في الوجود الحق ، فالأثر للمعدوم العين ، وكذلك في الأكوان كلّ أثر يظهر من موجود ، فإنّه غير منسوب إلى وجوه من حيث هو وجود ، بل إلى عينه العدمية أو إلى وجوده المتعيّن بتلك الشيئية العدمية .
قال رضي الله عنه  : (  فرحمة الله في الأكوان سارية   .... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت  .... من الشهود مع الأفكار عالية. )

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات المكية أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم، وهو علم غريب ومسألة نادرة لا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام فذلك بالذوق عندهم ، وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة ) .

أي لا يعتبر في تعلق الرحمة بالأشياء حصول غرض ولا ملاءمة طبع ، فإن الرحمة وسعت كل شيء فأوجدته سواء كان ملائما له أو غير ملائم ،
ثم ذكر أن الأعيان الثابتة المعدومة في أنفسها هي المؤثرة في الوجود الواحد الحق المنبسط عليها بالتعين والتقييد والتكييف والتسمية بحسب خصوصياتها حتى تظهر الأسماء الإلهية والنسب الزمانية ، ثم النسب الإلهية هي من حيث خصوصياتها معدومة الأعيان لا تحقق لها ، فإن حقيقتها لا تعقل إلا بين أمرين ، والموجود

هاهنا أحد طرفيها وهو الحق ، ولا مؤثر في وجود الأشياء إلا هي ، فالآثار كلها إن كانت من الأسماء الإلهية فهي من النسب العدمية ، وإن كانت من الذات المعينة بها فمن الوجود باعتبار هذه النسب العدمية الأعيان وحكم تعيناتها واقتضاء تلك التعينان المخصصة ،
 
"" أضاف بالي زادة :
( أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم ) في الخارج مع كونه موجودا في الباطن لا للموجود الخارجي ، فالرحمة وإن كانت لا عين لها في الخارج لكن لها أثر في كل ماله وجود في الخارج ، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام إشارة إلى أن المسألة نادرة ، وأصحاب الأوهام نادرة لأنهم يذوقون أن الأمور المعدومة تؤثر في وجودهم ، فمن لا وهم له لا ذوق له بأن الأثر للمعدوم لا للموجود ، لأن الأمور المعدومة المؤثرة لا تدرك إلا بالوهم. اهـ بالى زادة""
 
وإن كانت من الأعيان الثابتة في الوجود الحق فالأثر للمعدوم والعين وكذلك في الأكوان ، فإن كل أثر يظهر من موجود فإنه لا ينسب إلى وجوده من حيث هو وجود بل إلى عينه العدمية أو إلى وجوده المتعين بتلك النسب العدمية ،
وهذا علم غريب في غاية الغرابة ومسألة نادرة في غاية الندرة ، إذ لا يعقل أن العدم يؤثر في الوجود أي المعدوم من حيث كونه معدوما يؤثر في الشيء المعلوم فيوجده ،
ولهذا قال : لا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام : أي الذين يؤثرون الأشياء بالوهم فيوجدونها ، فإنهم يعلمون ذلك علم ذوق لا من يؤثر الوهم فيه ،
أي من لا يؤثر وهمه الموجود فيه في الأشياء ، أو من يتأثر من الوهم فهو بعيد من ذوق هذه المسألة ، وتحقيق ذلك أن الوجود المضاف إلى الأشياء أمر خيالي لا حقيقة له في عينه كما مر في مسألة الظل ،
وليس الوجود الحقيقي إلا حقيقة الحق ، فالوجود المعين الذي نسميه الوجود الإضافي وهو المقيد بتعين ما هو ذلك الوجود القائم بنفسه مع أمر عدمي يمنعه عن كماله الإطلاقى ويحصره في القيد الخلقي فنسميه وجودا خاصا وليس إلا ظهور الوجود الحق في صورة أمر عدمي إمكانى ،
فالظهور هو نفس تقيده الأمر العدمي الإمكانى الذي يحكم عليه بالحدوث ولا حدوث في الحقيقة إلا التعين الذي ينقص الوجود عن كماله والحقيقة بحالها على قدمها الأزلي
 
فهذا سر تأثير المعدوم ولا تأثير في الحقيقة إلا شوب العدم والحدوث بالوجود الحق والعدم في الظل الخيالي :
( فرحمة الله في الأكوان سارية  .... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت   .... من الشهود مع الأفكار عالية )
المكانة المرتبة الرفيعة والمنزلة العلية ، والمثلي : تأنيث الأمثل بمعنى الأفضل ، قال تعالى :" ويَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى " أي منزلة الرحمة التي هي أفضل أنواعها ، إذا علمت من طريق الشهود كانت تعلو الأفكار ، أي أجلّ وأعلى من أن تعلم بطريق الفكر .


"" أضاف بالي زادة :
لما قسم الأشياء إلى الموجود والمعدوم وعبر عنهما بالأكوان والذوات وأدرج شمول الرحمة على كلها في البيت الأول ، وقسم العلم إلى الشهودي والفكري وأدرج وسعة الرحمة العلمي فيهما في البيت الثاني ، فوسعت الرحمة كل شيء وجودا وحكما وعلما وهو المطلوب اه بالى .
ولهذا أي ولكون الرحمة ناظرة في عين ثبوت كل موجود ، رأت الحق المخلوق إلخ فرحمته بنفسها ، أي رحمت الرحمة الحق المخلوق بنفس الرحمة بالإيجاد ، أي بإيجاد نفسها فأوجدت الرحمة نفسها بالرحمة ، ثم أوجدت الحق المخلوق .اهـ بالى زادة""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في " الفتح المكي " أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود . وإن كان للموجود فبحكم المعدوم . وهو علم غريب ومسألة نادرة لا يعلم تحقيقها ) في بعض النسخ : ( حقيقتها ) . ( إلا أصحاب الأوهام ، فذلك بالذوق عندهم . وأما من لا يؤثر الوهم فيه ، فهو بعيد عن هذه المسألة . )
لما ذكر أن الرحمة وسعت كل شئ وجودا وحكما ، وذكر أن شيئية كل شئ ، حتى الأسماء الإلهية والأعيان الكونية ، كلها من الرحمة - والرحمة لا عين لها في الخارج فهي معقولة المعنى معدومة العين ،
وكأن قائلا يقول : كيف يؤثر الرحمة في أعيان الأشياء وهي في نفسها معدومة فقال قد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم .
ولا يريد بالمعدوم المعدوم مطلقا ، لاستحالة التأثير منه ، بل المعدوم في الخارج الموجود في الباطن ، وذلك لأن جميع ما في الظاهر لا يظهر إلا من الباطن ، فالباطن المطلق هو الذات الإلهية ، فإن الحق غيب الغيوب كلها ، وقد علمت أنه من حيث ذاته غنى عن العالمين ومن
حيث أسمائه يطلب وجود العالم ،
فالعالم مستند إما إلى الحق من حيث الأسماء ، وإما إلى الأسماء ، وأياما كان ، يلزم المقصود ، لأن الأسماء ذات مع الصفات ، والصفات لا أعيان لها في الخارج لكونها نسبا ، فالمؤثر إن كان الذات ، فتأثيرها بحسب النسب التي لا أعيان لها في الخارج .
وإن كانت الصفات فلا أعيان لها فيه ، ومظاهر الأسماء التي هي الأعيان ثابتة في الحضرة العلمية ، ما شمت رائحة الوجود الخارجي بعد ، والموجود هو الوجود المتعين على حسبها ، لا الأعيان .
فصح أن المؤثر في الوجود هو الذي لا عين له في الخارج .
 
ثم ، تنزل بقوله : فإن كان للموجود حكم وأثر فهو أيضا بحكم المعدوم ، و هو المرتبة التي بها يحكم الوجود على الشئ . ألا ترى السلطان ما دام متحققا بالسلطنة تجرى أحكامه وينفذ أوامره في رعاياه ولو كان صبيا ، وعند انعزاله من السلطنة ، لا ينفذ له حكم أصلا مع أنه موجود ، وكذا الوزير والقاضي وجميع أصحاب المناصب .
ولما كان هذا المعنى غير مشعور به مع وضوحه وحقيته ، قال : ( وهو علم غريب ومسألة نادرة . ) قوله : ( ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام . )
أي ، الذين يتوهمون أمورا لا وجود لها ، وتنفعل نفوسهم منها ويتأثر انفعالا عظيما وتأثرا قويا ، هم الذين يدركون بالذوق الأمور المعدومة المتوهمة كيف تؤثر فيهم .
وأما من لا يتأثر من الوهم ، أي ما يدركه الوهم من الأمور المعدومة المتوهمة ، فليس له نصيب من هذه المسألة بحسب الذوق .
وقيل معناه : أي ، الذين يؤثرون في الأشياء بالوهم فيوجدونها ، فإنهم يعلمون ذلك علم ذوق . وفيه نظر .
لأن الكلام في أن المعدوم يؤثر في الموجود ، لا أن الموجود يؤثر في المعدوم ، والوهم قوة موجودة في الخارج . والله أعلم .
"" أضاف المحقق :
قال الشيخ الكبير مولانا صدر الملة والدين صدر الدين القونوي في المفتاح والنصوص :
( كما أنه من ذاق هذا المشهد وقد كان علم أن الأعيان الثابتة هي حقائق الموجودات وأنها غير مجعولة ، وحقيقة الحق منزهة عن الجعل والتأثر ، وما ثم أمر ثالث غير الحق والأعيان ، فإنه يجب أن يعلم أن إن صح ما ذكرنا أن لا أثر لشئ في شئ ، وأن الأشياء هي المؤثرة في أنفسها ، وأن المسمات عللا وأسبابا مؤثرة شروط في ظهور الأشياء في أنفسها ، لا أن ثمة حقيقة تؤثر في حقيقة غيرها ) . ""


(فرحمة الله في الأكوان سارية .... وفي الذوات وفي الأعيان جارية )
ولما كان الإيجاد باختفاء الهوية الإلهية في الصور الكونية الخلقية ، والأشياء ما وجدت إلا بالرحمة - والرحمة عين تلك الهوية في المرتبة الأحدية وإن كانت غيرها في المرتبة الواحدية - جعل الرحمة سارية في أعيان الأكوان ، كسريان الهوية فيها ، لأنها لازمة للهوية .
ولسريان الرحمة في الأكوان والأعيان يعطف بعضهم على بعض و يحن بعضهم بعضا .
 
( مكانة الرحمة المثلى إذا علمت .... من الشهود مع الأفكار عالية ) المكانة المرتبة العلية والمنزلة الرفيعة ، و ( المثلى ) الفضلي ، تأنيث ( الأفضل ) .
كما قال تعالى : ( ويذهبا بطريقتكم المثلى ) . أي ، إذا علمت مكانة الرحمة بطريق الشهود ، كانت عالية على الأفكار ، أي ، كانت بحيث لا تدركها الأفكار .
 
ف‍ ( عالية ) خبر المبتدأ . و ( مع ) بمعنى ( على ) . ولو قلنا معناه ، إذا علمت من الشهود والأفكار على سبيل الجمع بينهما ، أي إذا علمت عين الرحمة بالشهود ولوازمها بالأفكار ، ظهر علوها ومنزلتها الرفيعة ، ف‍ ( مع ) على معناه
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:16 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أنّ الأثر لا يكون إلّا للمعدوم لا للموجود ، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم ، وهو علم غريب ، ومسألة نادرة ، ولا يعلم تحقيقها إلّا أصحاب الأوهام ، فذلك بالذّوق عندهم ، وأمّا من لا يؤثّر الوهم فيه ؛ فهو بعيد عن هذه المسألة .فرحمة اللّه في الأكوان سارية ... وفي الذّوات وفي الأعيان جارية .. مكانة الرّحمة المثلى إذا علمت ... من الشّهود مع الأفكار عالية)
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر ) أي : أثر الرحمة ، وهو الإيجاد ( لا يكون إلا للمعدوم ) لا للموجود لما فيه من تحصيل الحاصل ، ( وإن كان ) الأثر ( للموجود ) ، كما قيل :  لو كان للمعدوم لاجتمع الموجود والعدم ، ( فبحكم المعدوم ) كان يقابل أنه للموجود بذلك الإيجاد ، وتحصيل الحاصل إنما يكون لو كان بإيجاد آخر ، ولا شكّ أن الموجود بهذا الإيجاد معدوم عنده أو في حكمه ، ( وهو ) أي : القول بكون الأثر للموجود بحكم المعدوم ( علم غريب ) ، فإن المتكلمين ما قالوا إلا بالوجود المحض أو العدم المحض ، وما قالوا بالجمع بينهما إن كان في المتكلمين قائل بذلك ؛
فهي ( مسألة نادرة ) لا توجد في عامة الكتب ، ( ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام ) ، إذ أرباب العقول يرون أنه جمع بين النقيضين ، ( فذلك ) العلم إنما يحصل ( بالذوق عندهم ) لا بتجاوزهم إلى غيرهم ، إذ تعارض العقل الوهم فيرده في حقهم ، ولا يمكنه ردّ الحاصل بالذوق في حق أرباب الذوق منهم ، لكن يحصل لصاحب الوهم إذا لم يحصل له ذوق نوع قرب من المسألة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأما من لا يؤثر الوهم فيه ، فهو بعيد عن هذه المسألة ) ؛ لتجرد العقل في حقه ، وهو قادح ولا معارض في حقه ، وإن كانت رحمة اللّه مؤثرة في إيجاد موجود بحكم المعدوم ، ( فرحمة اللّه في الأكوان ) التي هي الموجودات المحدثة ( سارية ) سريان الكلي الذاتي في جريانه ، ( وفي الذوات وفي الأعيان ) التي هي المعدومات الثابتة الظاهرة عند ظهور الوجود بها ، وفيها ( جارية ) جريان الغرض العام على مغروضاته ، وعند ذلك فلا تعرف أن محلها الأصلي الأكوان والأعيان أو بالشهود ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( مكانة الرحمة المثلى ) صفة المكانة ( إذا علمت من الشهود ) علم أنها ( مع الأفكار عالية ) ، فإن الأفكار ترى تعلقها بالأعيان فتتميز في أنها حين تعلقها ، هل هي موجودة أو معدومة ؟
وفي الأول تحصيل الحاصل ،
وفي الثاني اجتماع النقيضين ،
وصاحب الشهود يقول : إن تعلقها الأول بالأكوان المتعلقة بالأعيان ، فهي تتعلق بالموجود بحكم المعدوم ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
وإذا كانت الرحمة جارية على الأعيان التي كان لها الوجود بالقوة ، ولم يخرج إلى الفعل.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
الأثر للمعدوم ، لا للموجود
ثمّ إنّه قد ظهر لك من تحقيقه هذا أنّ الوجود أثر طلب الأعيان الثابتة في العدم ، إذ طلبها للوجود إنما يكون عند خلوّها عنه ضرورة ، وإلا لزم طلب الحاضر وتحصيل الحاصل فقال مفصحا عن أنّه مجرّد الاستبعاد الناشئ عن عدم حكم الجمعيّة القلبيّة الإنسانيّة وعزلها عند استكشاف الحقائق عن صدد الاعتبار والاعتداد :
 
قال الشيخ رضي الله : (وقد ذكرنا في الفتوحات أنّ الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود ) ، فإنّ التوجّه نحو الأثر إنما يتصور عند فقد المتوجّه ما يستحصل بذلك الأثر ، فذلك المتوجه إمّا أصل القابليّة الأولى ، الفاقدة سائر الأسماء ، الخالية عن الكلّ حتى الرحمة والوجود ، فإنّها الطالبة إيّاها ، المستجلبة لها ، المؤثّرة فيها فذلك الأثر للمعدوم ، لا للموجود .
""  قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب التاسع والخمسون وخمسمائة : 
لأن الأمور إنما هي بغاياتها ولها وجدت ،
قال عز وجل وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ،
فاعتبر الغاية وإن تأخرت في الوجود مثل طالب الاستظلال بالسقف فحركته الغاية إلى ابتدائها، فما وقعت العبادة إلا بعد الخلق ، فالغاية هي التي أبرزتهم إلى الوجود
فهي المبتدأ وإن تأخرت في الوجود فما تأخرت بالأثر فإن الحكم والأثر لها
ولذلك قلنا إن الأثر أبدا في الموجود إنما هو للمعدوم والغاية معدومة ولهذا يصح من الطالب طلبها
لأن الموجود غير مراد فالغاية المعدومة هي التي أثرت الإيجاد أو هي سبب في أن أوجد الحق ما أوجده مما لم يكن له وجود عيني قبل هذا الأثر السببي،
ويسمونه بعض العلماء العلة وبعضهم يسميه الحكمة وبعد أن عرف المعنى فلا مشاحة في الإطلاق ومن ذلك الجهر والهمس لفظ النفس
الأمر في العقل وفي النفس   ..... مقرر في الجهر والهمس
فكل ما يشهده ناظري   ..... أدركه بالعقل والحس
وأشهد المعنى الذي ساقه   ..... ولست من ذلك في ليس  ""
 
وأمّا حقيقة الحقائق عند تطوّرها في أطوار المراتب الاستيداعيّة منها والاستقراريّة ، فذلك الأثر قال الشيخ رضي الله : ( وإن كان للموجود ) ولكن إذ كان التوجّه له نحو الأثر إنما ينبعث عند عثوره بفقد المستحصل به ، الحاصل منه ، يكون الحكم والقهرمان في هذه الصورة أيضا للمعدوم وإليه أشار بقوله : ( فبحكم المعدوم ) .
 
وهذا يناسب ما تسمع الحكماء يقولون : « إنّ الغاية علَّة عليّة الفاعل » وهي حينئذ معدومة ، وإن كان ذوو النظر منهم يعكسون القضيّة ويحكمون جزما بأنّ الأثر إنما يكون للموجود ، والمعدوم لا أثر له ويجعلون هذا الحكم مبادئ مسائلهم ومباني أصولهم ومقاصدهم .
 
ولذلك قال الشيخ رضي الله : (وهو علم غريب ) - فإنّه بعيد عن مدارك العقل الذي ما جاوز عما هو خاصّة مرتبته ، ولا تلطَّف من هذا الامتزاج الجمعي بعض التلطَّف ، ولا تقلَّب بهذه التقلَّبات البرزخيّة القلبيّة بعض التقلب –
( ومسألة نادرة ) فإنّ أكثر المسائل في عرف تخاطب هذا المصطلح مبنى براهينها على الاستدلال بوجود الأثر على وجود المؤثّر ، والجزم بوجود المعلول عند العثور على وجود علَّته وهذه المسئلة نادرة بين تلك المسائل ، حيث أنّ مبنى حكمها على عكس ما عليه مباني البراهين اليقينيّة الكاشفة عن الأحكام أنفسها .
 
فلئن قيل : لو اعتبر اصطلاح التخاطب في استعمال المسألة لا يصحّ أصلا ، فإن المسألة في عرف التخاطب بين أرباب هذه الصناعة هو ما برهن عليه ، ولا برهان على هذا الحكم ، فكيف يكون مسألة ، حتّى يقال : إنّها نادرة ؟
 
قلنا : كأنّ الغرض في استعمال لفظ « المسألة » هاهنا التنبيه على أنّها مما يمكن أن يبرهن عليها لذوي القرائح اللطيفة ،
والخواطر الفارغة الخفيفة وذلك أنّه لو اعتبر حيثيّة التأثير في المؤثّر لا يمكن أن يكون بذلك الاعتبار موجودا عند المتفطَّن الذي لا يقصر أمر الحكم في الحقائق على ما هو مجرّد العقل وفيما سبق لك هاهنا من كلام الحكماء دلالة بيّنة على حقيقة الأمر ،
فإنّ الغاية إذا كانت علَّة لعليّة الفاعل والسبب المحرّك له نحو تحصيل المعلول وإيجاده في مرتبة تكون الغاية معدومة فيها ، كانت العلَّة الفاعلية فيها معدومة ، وإن
 
كان لها حظَّ من الوجود في مرتبة أخرى ولكن الكلام في أنّ الأثر - حيثما كان - إنما هو للمعدوم فيه وهذا البرهان إنما هو لمن جمع بين سائر القوى الإدراكيّة التي في الجمعيّة القلبيّة الإنسانيّة ، غير عاذل ولا معطَّل لشيء فيها ، كما هو دأب المترهّبين من المتصوّفة والمتفلسفة.
 
العقل والخيال والوهم
ثم إنّ هاهنا نكتة حكميّة لا بدّ من الوقوف عليها ، وهي أنّ مقتضى نشأة العقل ومؤدّى مداركه وحكمه إنما هو التنزّه والتجرّد عن القيود المشخّصة مطلقا - صوريّة كثيفة ظلمانيّة كانت ، أو معنويّة لطيفة غير ظلمانيّة - فلا يكون مسرح أنظاره إلا الكليّات من المعاني المجرّدة عن الموادّ الهيولانيّة الظلمانيّة ،
والقيود المشخّصة الإمكانيّة ، والخيال - بما في حيطة حكمه من سدنة القوى الحسّية - يقابل العقل في مداركه فإنّه إنما يدرك الصور الجزئيّة المشخّصة ، المحفوفة بالغواشي الإمكانية والمواد الهيولانيّة
وأمّا الوهم فهو البرزخ الجامع بينهما ، فإنّه إنما يدرك المعاني المجرّدة عن الكثائف الهيولانيّة التي بها يتصوّر المعاني ، ولكن محفوفة بالمشخّصات المعنويّة فهو الجامع بين المدارك الجزئيّة الصوريّة التي هي مناط أمر التشبيه ، وبين المعاني الكليّة التي هي مظاهر حكم التنزيه .
 
ومن هاهنا تراه مبدأ أمر الوجد ومنشأ ظهور الشوق . وكأنّا قد أشرنا في كتاب المناظرات إلى مزيد بحث لذلك البحث ، فمن أراد الوقوف عليه فليطالع ثمة .
 
مدرك أصحاب الأوهام
وإلى مغزى هذه النكتة أشار بقوله : ( ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام ) الذين لم يقتصروا في هذه الجمعيّة الكماليّة الإنسانيّة على حكم العقل الصرف ، بل مزّجوه بما هو مقتضى هذا الاعتدال ، وقلَّبوا حكم العقل بالتقلَّبات القلبيّة ، ومدرك القلب هو المسمى بالذوق .
 
وإليه أشار بقوله : ( فذلك بالذوق عندهم ) الناشئ من إدراك المعاني الجزئيّة في المراتب ، لا بالفكر المستحصل من تعقّل الكلَّيات المجرّدة عن الموادّ جملة .
 
قال الشيخ رضي الله : ( وأمّا من لا يؤثّر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة ) فإنّ من الناس من سلَّط في محكمة علومه وإدراكاته العقل ، وعزل الوهم عنها ، وذلك إنما يتمّ له بفنون التعمّلات الشاقّة ، والرياضات المتعبة له فوق الطاقة فإنّه خلاف مقتضى هذه النشأة القلبيّة الإنسانيّة ، إذ الوهم في هذه النشأة له سلطان عظيم وقهرمان قوىّ على العقل ، ولذلك ترى العقل واقفا بما له من المقدّمات البيّنة الإنتاج عندما توقّف الوهم ، كما في صورة جماديّة الموتى وعدم الخوف من الجماد .
 
وذلك لأنّ حكم الجزئيّات في الوجود الخارجي وسائر المراتب الظهوريّة غالب على حكم الكليّات . حيث أنّها موطن ظهور الجزئيّات ، ونفاذ أحكامها .
والوهم هو الحاكم الفصل بين القوى المدركة للجزئيّات ، فإنّه المتدبّر في لطائف المعاني منها ، دون كثائف الصور ومن ثمة ترى مقاليد أحكام طرف التشبيه بيده - كما سيبيّن تحقيقه في الفصّ الآتي :-
ثمّ إنّ هذه المسألة أصلها من تأثير حكم المرتبة التي هي معدومة في نفسها .
 
وبيّن أن مبادئ التأثير من تلك المراتب إنما هي معاني جزئيّة مستحصلة من النسب العدميّة ، والوهم هو الذي يفهم ذلك الحكم بين المشاعر ، فمن لم يكن للوهم سلطان وتأثير في باطنه يكون بعيدا عن إدراك هذه المسألة .
 
مناقشة ما قاله بعض الشارحين
وإذا عرفت هذا ظهر لك أنّ من أوّل « الوهم » هاهنا بـ « الهمة المؤثّرة في الأشياء » بعيد عن إدراك هذا الموضع ، وكأنّه إنما حمله على ذلك ما سمعه من بعض أرباب النظر ومترهّبيهم - : « إنّ الوهم والخيال هما المانعان عن إدراك الحقائق ، فيجب عزلهما عن الحكم » وقصدهم في ذلك إنما هو تحقيق الحقائق التنزيهيّة ،
"" أضاف المحقق :
إشارة إلى ما قاله الكاشاني: « أي الذين يؤثرون الأشياء بالوهم فيوجدونها » . ""
 
فإنّ العلوم عندهم مقصورة عليها - ذاهلا عمّا مهّد الشيخ من الأصول النافية لذلك ، وعمّا سيحقّقه في الفصّ الإلياسي من أنّ التشبيه في عين التنزيه إنما يفهمه الوهم ، كما أن التنزيه في عين التشبيه إنما يدركه العقل .
 
ثمّ إذ قد انساق الكلام في بحث الرحمة إلى أنّ الأعيان والأكوان الجزئيّة الظاهرة في المراتب هي المؤثّرة في الرحمة الوجوديّة السارية فيها ، المكتسبة منها أحكامها . عبّر عن ذلك نظما ، مفصحا بقوله :
قال الشيخ رضي الله : ( فرحمة الله في الأكوان سارية ) ... بكمال لطفها وبكون ألطف ما في المراتب والعوالم من الذوات والأعيان ، فلذلك قال فيها « سارية » إشعارا لمعنى السري الذي هو السير بالليل لخفائه وبطونه .
قال الشيخ رضي الله : ( وفي الذوات وفي الأعيان جارية ) فإنّ الجريان إنما يقال لما له قوام وكثافة ما وظهور . ثم إنّ نسبة السراية والجريان في الجزئيّات المذكورة إنما هي مدرك الوهم الذي هو مؤسّس قواعد الشهود ، دون الفكر ،
 
ولذلك قال رضي الله عنه  : ( مكانة الرحمة المثلى إذا علمت .... من الشهود مع الأفكار ، عالية )
أي مكانة الرحمة وإن علمت مع الأفكار ، فهي عالية عنها لأن مدارك الأفكار والأنظار مقصورة على المجرّدات من الغواشي المشخّصة الخارجية واللواحق المعيّنة ، أعني الكليّات المنزهّة جملة عن الموادّ وما يتبعها .
ونبّه بلفظ « المعيّة » هاهنا إلى أنّ الأفكار أيضا من الأكوان التي سرت فيها الرحمة ، فيكون معها ، فالرحمة إذا علمت يكون معها الأفكار ، لا بها ومنها .
ثمّ إنّه إذا ظهر أنّ الرحمة هي التي بسريانها وجريانها وجدت الأكوان والأعيان .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية )  
 
قال رضي الله عنه :  ( وقد ذكرنا في الفتوحات أنّ الأثر لا يكون إلّا للمعدوم لا للموجود ، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم : وهو علم غريب ومسألة نادرة ، ولا يعلم تحقيقها إلّا أصحاب الأوهام ، فذلك بالذّوق عندهم .)


دفع ذلك بقوله : ( وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر ) في أي مرتبة كان ( لا يكون إلا للمعدوم ) فيها ( لا للموجود فيها ) وإنما قيدناه بذلك لأن الأثر للمعدوم مطلقا ، وهذا يناسب ما تقوله أرباب النظر أن الغاية علة علية الفاعل ، وهي حينئذ معدومة ( وإن كان ) ذلك الأثر في بادىء النظر منه ( للموجود فبحكم المعدوم ) ، أي فهو في الحقيقة بانضمام أمر معدوم إلى ذلك الموجود والمركب من الموجود ، والمعدوم معدوم وقد مثلوا ذلك بالسلطان وتنفيذ أمره في رعاياه ، فإن ذاته ليس كافيا في ذلك بدون مرتبة السلطنة ،
 
وهي نسبة عدمية ( وهو علم غريب ومسألة نادرة ) ، لأنه خلاف ما يتبادر إليه العقل ( ولا يعرف تحقيقها ) معرفة ذوق وكشف ( إلا أصحاب الأوهام ) المؤثرة في وجودات الأشياء في بعض المراتب ( فذلك ) العلم ( بالذوق ) والكشف حاصل ( عندهم ) ، فإن ذلك التأثير منهم ، وإن كان من القوى بالوهمية التي هي من الموجودات العينية ، ولكن لا يكفي في ذلك مجرد ذواتها ما لم ينضم إليها نسبة عدمية كتوجهها نحو وجود الأمر المطلوب وجوده وتسليطها عليه .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا من لا يؤثّر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة .فرحمة اللّه في الأكوان سارية  ... وفي الذّوات وفي الأعيان جارية مكانة الرّحمة المثلى إذا علمت ... من الشّهود مع الأفكار عالية .)
 
(وأما من لا يؤثر الوهم ) ، أي القوى الوهمية الكائنة ( فيه ) في وجودات الأشياء ولا يتحقق به شيء في المراتب ( فهو بعيد عن ) إدراك ( هذه المسألة ) ذوقا وكشفا .
وحمل بعض الشارحين أصحاب الأوهام على الذين يتصرف فيهم الأمور الموهومة المعدومة ويتأثرون منها ، ونفي التوجيه الأول بناء على أن الوهم قوة موجودة في الخارج ، وقد عرفت وجهه .
 
شعر ( فرحمة اللّه ) الموجودية التي هي نسبة عدمية ( في الأكوان ) ، أي المكونات ( سارية ) سريان الأرواح في الأشباح ( وفي الذوات ) الموجودة في العين ( وفي الأعيان ) الثابتة في العلم ( جارية ) جريان الماء في مجاريها من الأجسام النامية ( مكانة الرحمة ) ، أي مرتبتها ( المثلى ) صفة للمكانة ، أي الفضلى ( إذا علمت ) علم الذوق ( من الشهود ) مقارنا ( مع الأفكار ) .
 
يعني كأنها علمت بالذوق والوجدان أنها عين الوجود الحق منضما إليه نسبة عدمية هي العموم والانبساط علمت ذلك بالبرهان والدليل أيضا ( عالية ) بالنسبة إلى مكانتها المعلومة بأحد الوجهين

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:17 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكلّ من ذكرته الرّحمة فقد سعد ، وما ثمّة إلّا من ذكرته الرّحمة . وذكر الرّحمة الأشياء عين إيجادها إيّاها . فكلّ موجود مرحوم . ولا تحجب يا وليّ عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة الّتي لا تفتر عمّن قامت به . )
 
قال رضي الله عنه :  (فكل ما) ، أي شيء من الأشياء (ذكرته) تلك (الرحمة) الإلهية الواسعة (فقد سعد) في الدنيا والآخرة ، أي كانت عاقبته السعادة الأبدية (وما ثم) ، أي هناك في الوجود (إلا ما ذكرته) تلك (الرحمة) المذكورة (وذكر الرحمة) لجميع (الأشياء) المحسوسة والمعقولة والموهومة (عين إيجادها) ،
أي الرحمة إياها ، أي الأشياء ، فالرحمة إذا ذكرت شيئا كان ذكرها له عين إيجادها إياه ، فالموجود إذا ذكر معدوما وجد ذلك المعدوم بنفس ذكر الموجود له ، كالمتحرك مثلا إذا أمسك ساكنا فقد تحرك ذلك الساكن بنفس إمساكه له ، على معنى أن حركته تظهر عليه لا أنه تصير له حركة أخرى غير حركة المتحرك ، وكذلك الوجود الحق المطلق إذا ذكر بصفة علمه أو كلامه المراتب الإمكانية العدمية كانت موجودة له بعلمه ،
 
وهو معنى ثبوتها لنفسها قبل وجودها ، وكانت موجودة لنفسها بكلامه وهو معنى وجودها لنفسها بعد عدمها ، وكان ذلك الثبوت العدمي لتلك المراتب الإمكانية عين ثبوته هو في علمه ، وذلك الوجود العيني الذي لها عين وجوده هو في نفسه ، والمراتب على ما هي عليه وإن سميت ثابتة وموجودة باعتبار التعريف الراجع إلى الحق تعالى فهي وسائل إلى التحقق به سبحانه .
 
قال رضي الله عنه :  (فكل موجود) محسوس أو معقول أو موهوم (مرحوم) ، لأن الرحمة ذكرته فرحمته فأوجدته (ولا تحجب يا وليي) ، أي صديقي (عن إدراك) ،
أي معرفة ما قلناه من أن كل موجود مرحوم بما تراه في الدنيا (من أصحاب البلاء) الجسماني والنفساني كالأمراض البدنية والقلبية كالمعاصي وبكل (ما تؤمن) ، أي تصدق (به من آلام ) ، أي أوجاع الدار (الآخرة التي لا تفتر) ، أي لا تضعف تلك الآلام عمن قامت به من العصاة أو الكافرين في نار جهنم ، فإن هذه البلايا المذكورة لا تمنع حصول السعادة الأبدية لكل من وسعته الرحمة منهم ، والبلاء لا ينقص مراتب السعداء بل هو مما يرفعها .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد وما ثمة ) أي وما في العالم ( إلا من ذكرته الرحمة ) فما في العالم إلا من سعد والمراد بالسعادة هاهنا النجاة عن ظلمة العدم لا السعادة المعتبرة في الشرع التي بها يحصل النجاة عن النار ( وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها فكل موجود مرحوم ) فكل مرحوم سعيد
 
قال رضي الله عنه :  ( ولا تحجب ) على البناء للمفعول ( يا وليّ عن إدراك ما قلناه ) من أن رحمته وسعت كل شيء ( بما تراه من أصحاب البلاء وما ) أي وبما ( تؤمن ) أنت ( به من الآلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به ) الآلام.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.  وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم. ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
إن الحكم إنما هو للمعدوم. 
قلت: للمعدوم الممكن لا للمعدوم الممتنع، وكذلك حكم الموجود باعتبار معدوم ما وأما كون من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد من هذه المسألة، فمن جهة أن توهم إمكان الموجود قبل وجودية" يستدعي بالذات ظهور ذلك الموجود فمن لا يعرف التوهم لا يفهم هذا الاقتضاء الخاص.
 
ثم قال: إن الايجاد رحمة ومنها ایجاد الآلام أي هو رحمة للآلام أنفسها وأستدام، رضي الله عنه، الكلام حتى انتهى إلى الذوات، فجعلها لا موجودة ولا معدومة وسبب ذلك أنه تعالى، 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فكل من ذكرته الرحمة ، فقد سعد ، وما ثمّ إلَّا من ذكرته الرحمة . وذكر الرحمة للأشياء  إيجادها إيّاها ، فكل موجود مرحوم ، ولا تحجب يا وليّي عن إدراك ما قلناه ممّا تراه من أصحاب البلاء ، وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمّن قامت به .)
 
يشير رضي الله عنه :  إلى أنّ الوجود الحق المتعيّن في كل عين عين بعد تعيّنه بالمظهر وقيامه بمحلّ الظهور - يحكم على القابل بمقتضى حقيقته وقيامها ، أعني الرحمة الوجودية الفيضة ، وليست إلَّا الوجود بعينها أوّلا بالذات في حقائق الأشياء وأعيانها الثابتة ، فبنفس تعلَّقها بالحقائق أزلا للإيجاد يوجد الحقّ المخلوق في الاعتقادات بعد تعيّنها في عين نفسها - يعني الرحمة - ونسب ذات الرحمة ،


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد وما ثم إلا ما ذكرته الرحمة ، وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها فكل موجود مرحوم ، ولا تحجب يا وليي عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء ، وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به .)
 
أثر الرحمة بالذات : إيجادها كل عين ثابتة على العموم ، فرحمة الحق المخلوق في الاعتقادات بتبعية رحمتها أعيان المعتقدين ، فإنه عين ثابتة في أعيان المعتقدين الثابتة ، فرحمت أولا بنفسها في تعلقها بايجاد المرحومين من الأعيان فتعينت بها وظهرت في مظاهرها وانتشرت ، فكان في ضمن تعلقها بإيجاد المرحومين رحمة إيجاد الحق المخلوق فكان أول مرحوم المتعلقة بالأعيان ، لأن الحق المعتقد حال من أحوال أعيان المعتقدين فبنفس تعلقها بالأعيان تعلقت به ، وأما أثر الرحمة بالسؤال ، فهو أن يترتب على سؤال الطالبين ،
 
وهم : إما محجوبون ، وإما أهل الكشف
فالمحجوبون : يسألون الحق الذي هو ربهم في اعتقادهم أن يرحمهم ، فهم من يرحمون من الراحم المتجلى في صور معتقداتهم بحسب ما يعتقدونه ، فإن تعين الرحمة الوجودية في علم المعتقدين واعتقاداتهم بعد تعينها في علم الله ، فتعلق الرحمة المطلوبة بهم بحسب تعينها في أعيانها متأخر الرتبة عن حقيقة الرحمة متقدم في علم الله على المرحوم بحسب اعتقاده ،
وأما أهل الكشف : فيسألون رحمة الله أن تقوم بهم باسم الله فلها الحكم عليهم ، لأن القائم بالمحل يحكم على القابل بمقتضى حقيقته ، فلا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فيجعلهم راحمين ، وهو منتهى قوله ( فهو الراحم على الحقيقة ) يعنى المحل القائم بالرحمة.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  (فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثمة إلا من ذكرته الرحمة . وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها . فكل موجود مرحوم فلا تحجب يا وليي عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء، وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به. ).
أي ، عمن قامت الآلام ووجوداتها به . والباقي واضح
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:18 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكلّ من ذكرته الرّحمة ؛ فقد سعد ، وما ثمّة إلّا من ذكرته الرّحمة ، وذكر الرّحمة الأشياء عين إيجادها إيّاها ، فكلّ موجود مرحوم ، ولا تحجب يا وليّ عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء، وما تؤمن به من آلام الآخرة الّتي لا تفتر عمّن قامت به.)
 
( فكل من ذكرته الرحمة ، فقد سعد ) بخروج ما له بالقوة إلى الفعل ، فيحصل له كماله ( وما ثمة ) ، أي : في الواقع ( إلا من ذكرته الرحمة ) إما بإيجاده في الخارج أو في الذهن ، فلا هدم مطلقا إلا متوهما ذلك إن ( ذكر الرحمة الأشياء ) ضد عدمها ( عين إيجادها إياها ) إما في الخارج أو في الذهن ، إذ هو كمال لها حينئذ ، وإن كان كمالها بعد ذلك غير ذلك ، وهو ما يحصل غرضا أو يلاءم طبعها ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل موجود مرحوم ) ابتداء ، وإن كان مبتلى معذبا انتهاء كماله ، أشار إليه بقوله : ( ولا تحجب يا ولي ) ، وإن احتجب غيرك ( عن إدراك ما قلناه ) من أن كل موجود مرحوم ( بما تراه بالحس من أصحاب البلاء ) في الدنيا ، ( وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به ) ، حتى يمكن أن يقال :
إن ما يحصل بعدها من الراحة العظيمة غرض عنها ؛ فهي رحمة في حقّهم ، فإن العذاب ، وإن انقطع عنهم مدة يسيرة يعود عليهم بسرعة بحيث لا يعد ما تخلل فترة ، فإذا كذب يحتجب بذلك .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )

ذكر الرحمة شيئا عين إيجادها
ثمّ إنّه إذا ظهر أنّ الرحمة هي التي بسريانها وجريانها وجدت الأكوان والأعيان ( فكلّ من ذكرته الرحمة ) بنفسها ، المسمّى بالنفس الرحماني ( فقد سعد ) فإنّ السعادة هي معاونة الأمور الإلهيّة للإنسان على نيل الخير ، والوجود منبع الخيرات ( وما ثمّ الا من ذكرته الرحمة ) فإنّ ذكر الرحمة عبارة عن ظهور الكلمات الوجوديّة بالنفس الرحماني، وما لم يظهر به فهو معدوم .
قال الشيخ رضي الله : ( وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إيّاها ) فإنّ ذكر الرحمة من قبيل إضافة المصدر إلى فاعله ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فكل موجود مرحوم ولا تحجب - يا وليّ - عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء ، وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفترّ عمن قامت به )
ولا تسكن وذلك لأنّ ما تدفعه المقدّمات اليقينيّة كالمحسوسات أو ما يجري مجراها من العقائد الراسخة بفنون المؤيّدات وصنوف الشواهد والبيّنات

لا بدّ وأن يحتجب بذلك اللبيب الطالب عن التفطَّن له ، يعني أرباب الذكاء ، ممن له نسبة أكيدة بأهل الحقّ وإليه أشار بقوله : « يا وليّ » ، فإنّ من دونه في الفهم والنسبة لا تقف في مقام الحجاب والتردّد أصلا ، بل ينبو عن ذلك ويتنفّر - فرار الحمر من القسورة - إذ هي الغلبة ، وأهل الحجاب القويّ والتعيّن الغالب يتنفّرون من تلك الغلبة التي بها ينكسر تعيّنهم ، ويفرّون فرار الحمر من قسورة الأسد أو الصائد .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فكلّ من ذكرته الرّحمة فقد سعد ، وما ثمّة إلّا من ذكرته الرّحمة . وذكر الرّحمة الأشياء عين إيجادها إيّاها . فكلّ موجود مرحوم . ولا تحجب يا وليّ عن إدراك ما قلناه بما تراه من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة الّتي لا تفتر عمّن قامت به ).


قال رضي الله عنه :  ( فكل ما ذكرته الرحمة ) الوجودية ( فقد سعد ) ، فأن الوجود منبع السعادات والخيرات ( وما ثم إلا ما ذكرته الرحمة )، فما ثم إلا ما سعد (وذكر الرحمة الأشياء) على أن يكون الذكر مصدرا مضافا إلى فاعله
 
قال رضي الله عنه :  ( عين إيجادها إياها . فكل موجود مرحوم ولا تحجب يا وليي عن إدراك ما قلناه ) من عموم الرحمة والسعادة ( بما تراه من أصحاب البلاء وبما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر ) ، أي لا تسكن ( عمن قامت به ) فالمراد ما قلناه أن الوجود رحمة عامة يثمر السعادة أنه كذلك من حيث وجود ، وما ذكرتم من البلايا الدنيوية والآلام الأخروية إنما هي ناشئة من النسب العدمية التي تتبع الوجود بقدر قابلية واستعداد من الماهية المعروضة للوجود لا من نفس حقيقة الوجود.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:19 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أوّلا أنّ الرّحمة إنّما هي في الإيجاد عامّة . فبالرّحمة بالآلام أوجد الآلام . ثمّ إنّ الرّحمة لها الأثر بوجهين : أثر بالذّات وهو إيجادها كلّ عين موجودة .
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض ؛ ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم : فإنّها ناظرة في عين كلّ موجود قبل وجوده ، بل تنظره في عين ثبوته . ولهذا رأت الحقّ المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثّابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد . )
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم) يا أيها السالك (أوّلا أن الرحمة )، أي رحمة اللّه تعالى الواسعة لكل شيء (إنما هي في) شأن (الإيجاد) ، أي التكوين من العدم في كل شيء مطلقا حيث كانت رحمة (عامة) لا خاصة (فبالرحمة) الإلهية (بالآلام) ، أي الأوجاع الدنيوية والأخروية لأنها أشياء فهي مرحومة بالرحمة الواسعة لكل شيء أوجد الحق سبحانه جميع (الآلام) المذكورة في الدنيا والآخرة .
 
قال رضي الله عنه :  (ثم إن الرحمة) الإلهية (لها الأثر) في كل من أثرت فيه (بوجهين) الأوّل (أثر بالذات) ، أي باعتبار اقتضاء ذات كل شيء في حال ثبوته (وهو) معدوم تأثيرها فيه وهو ، أي هذا الأمر الذاتي إيجادها ، أي الرحمة كل عين موجودة في الحس أو العقل أو الوهم ولا تنظر يا أيها السالك إلى غرض لها في شيء تنفعه أو تضره ولا إلى عدم الغرض أيضا ولا إلى أمر ملائم لأمر آخر ولا إلى أمر غير ملائم لأمر آخر أيضا فإنها ، أي الرحمة ناظرة في عين كل شيء موجود مطلقا قبل وجوده ، أي ذلك الموجود بل تنظره في عين ثبوته في العلم الإلهي وهو معدوم بالعدم الأصلي ويلزم من نظرها إليه ورؤيتها له إفاضة نور وجودها عليه وظهوره موجودا بها .
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا) ، أي لكون الأمر كذلك رأت ، أي تلك الرحمة الإلهية (الحق) ، أي الصورة في الخيال التي تسمى عند العبد الجاهل والعارف الحق (المخلوق في الاعتقادات) كلها على حسب حال كل معتقد من مؤمن أو كافر
وهو الذي وسعه قلب عبده كما سيأتي ذكره إن شاء اللّه تعالى في آخر الكتاب (عينا ثابتة) من غير وجود معدومة بالعدم الأصلي (في) جملة (العيون) الكونية الإمكانية (الثابتة) في العلم الإلهي بالعدم الأصلي من غير وجود لها أصلا (فرحمته) ، أي رحمت تلك الرحمة ذلك الحق المخلوق (بنفسها بالإيجاد) له بأن ظهرت فيه كما ظهرت في غيره من العيون الثابتة المذكورة ، أو ظهرت به أو ظهر هو فيها أو بها ، كيف شئت قلت بعد معرفة المعنى المقصود والتحقق به.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أوّلا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام ) كما إن الرحمة أوجد الرحمة المطلقة .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إن الرحمة لها الأثر بوجهين أثر بالذات وهو إيجادها كل عين موجودة ) وهو أثر الرحمة الرحمانية ( ولا تنظر ) الرحمة في الإيجاد ( إلى غرض ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم بالطبع ولا إلى غير ملائم فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده بل تنظره ) بنظرة ( في عين ثبوته ) وفي الكلام تقديم وتأخير تقديره بل تنظره في عين ثبوته فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده فقبل بسكون الباء لا على صيغة الماضي .
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ولكون الرحمة ناظرة في عين ثبوت كل موجود ( رأيت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها ) أي رحمت الرحمة الحق المخلوق بنفس الرحمة ( بالإيجاد ) أي بإيجاد نفسها فأوجدت الرحمة نفسها بالرحمة ثم أوجدت الحق المخلوق بنفسها.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.  ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. ) .  
 
ثم قال: إن الايجاد رحمة ومنها ایجاد الآلام أي هو رحمة للآلام أنفسها وأستدام، رضي الله عنه، الكلام حتى انتهى إلى الذوات، فجعلها لا موجودة ولا معدومة وسبب ذلك أنه تعالى، 
إذا قلنا: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه 
فنقول: فالرحمة نفسها هو قد أوجدها


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  (واعلم أوّلا : أنّ الرحمة إنّما هي في الإيجاد عامّة ، وبالرحمة بالآلام أوجد الآلام ، ثمّ إنّ الرحمة لها الأثر بوجهين : أثر بالذات وهو إيجادها كلّ عين موجودة ، ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم ، فإنّها ناظرة في عين كلّ موجود قبل  وجوده ، بل تنظره في عين ثبوته ، ولهذا رأت الحقّ المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة ، فرحمته بنفسها في الإيجاد ،)
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الوجود الحق المتعيّن في كل عين عين بعد تعيّنه بالمظهر وقيامه بمحلّ الظهور - يحكم على القابل بمقتضى حقيقته وقيامها ، أعني الرحمة الوجودية الفيضة ، وليست إلَّا الوجود بعينها أوّلا بالذات في حقائق الأشياء وأعيانها الثابتة ، فبنفس تعلَّقها بالحقائق أزلا للإيجاد يوجد الحقّ المخلوق في الاعتقادات بعد تعيّنها في عين نفسها - يعني الرحمة - ونسب ذات الرحمة ،
فإنّ تعيّن الوجود في علوم المعتقدين بعد تعيّنه في علم الله ، فتعلَّق الرحمة الوجودية به كذلك - بحسب تعلَّقه في حقائقهم - متأخّر الرتبة عن حقيقة الرحمة ، ومتقدّم على المرحوم بحسب اعتقادهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة ، فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام ، ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين أثر بالذات وهو إيجادها كل عين موجودة ، ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض ، ولا إلى ملايم ولا إلى غير ملايم ، فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده بل تنظره في عين ثبوته ولهذا رأيت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة ، فرحمته بنفسها بالإيجاد )
 
أثر الرحمة بالذات : إيجادها كل عين ثابتة على العموم ، فرحمة الحق المخلوق في الاعتقادات بتبعية رحمتها أعيان المعتقدين ، فإنه عين ثابتة في أعيان المعتقدين الثابتة ، فرحمت أولا بنفسها في تعلقها بايجاد المرحومين من الأعيان فتعينت بها وظهرت في مظاهرها وانتشرت ، فكان في ضمن تعلقها بإيجاد المرحومين رحمة إيجاد الحق المخلوق فكان أول مرحوم المتعلقة بالأعيان ، لأن الحق المعتقد حال من أحوال أعيان المعتقدين فبنفس تعلقها بالأعيان تعلقت به ، وأما أثر الرحمة بالسؤال ، فهو أن يترتب على سؤال الطالبين ،
 
وهم : إما محجوبون ، وإما أهل الكشف
فالمحجوبون : يسألون الحق الذي هو ربهم في اعتقادهم أن يرحمهم ، فهم من يرحمون من الراحم المتجلى في صور معتقداتهم بحسب ما يعتقدونه ، فإن تعين الرحمة الوجودية في علم المعتقدين واعتقاداتهم بعد تعينها في علم الله ، فتعلق الرحمة المطلوبة بهم بحسب تعينها في أعيانها متأخر الرتبة عن حقيقة الرحمة متقدم في علم الله على المرحوم بحسب اعتقاده ،
وأما أهل الكشف : فيسألون رحمة الله أن تقوم بهم باسم الله فلها الحكم عليهم ، لأن القائم بالمحل يحكم على القابل بمقتضى حقيقته ، فلا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فيجعلهم راحمين ، وهو منتهى قوله ( فهو الراحم على الحقيقة ) يعنى المحل القائم بالرحمة.
 
"" أضاف بالي زادة :
وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم : أي يسألون قيام الرحمة اتصافهم بالرحمة فيسألونها باسم الله ، أي يسألون الرحمة عن الحضرة الجامعة الحكم بين السؤالين .اهـ بالى زادة
 
فهو الراحم على الحقيقة لا المحل فالراحم هو الرحمة لا من اتصف بها ، قوله وجدوا حكمها في أنفسهم ذوقا فإن الرحمة تحكم عليهم أن يرحموا من طلب منهم الرحمة فعلموا ذوقا كيف يرحم الله عباده فإن الرحمة حاكمة على الحق أن يرحم من يسأل الرحمة من عباده فإذا وجدوا حكم الرحمة فقد ذكرتهم الرحمة ومن ذكرته الرحمة أي قامت به الرحمة فقد رحم غيره .اهـ بالى زادة""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  
 
قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أولا ، أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة ، فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام . ثم ، إن الرحمة لها الأثر بوجهين : أثر بالذات ) وهو أثر الرحمة الرحمانية العامة المتعلقة بإيجاد كل الأعيان مطلقا .
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( وهو إيجادها كل عين موجودة . ولا تنظر ) الرحمة . ( إلى غرض ولا إلى عدم غرض ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم ، فإنها ناظرة إلى عين كل موجود قبل وجوده . ) ( قبل ) على صيغة الماضي . أي تنظر الرحمة في كل عين حال كونها قابلة للوجود .
( بل تنظره في عين ثبوته . ) فاعل ( تنظره ) ضمير ( الرحمة ) .
 
وضمير المفعول عائد إلى ( كل عين ) . لذلك ذكره تغليبا للفظ ( الكل ) . أو باعتبار الشئ . أي ، بل ناظرة فيها ، أي في عين كل موجود منهما ، حال ثبوتها في العدم .
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة ، فرحمته بنفسها بالإيجاد .)
( الحق المخلوق ) هو تجلى الحق سبحانه على حسب اعتقاد المعتقدين فيه . وإنما سمى ( مخلوقا ) لأنه مجعول متكثر ، وكل مجعول مخلوق .
ويسمى ( حقا ) ، لأنه حق في اعتقاد المعتقد . ومجلى الحق في نفس الأمر . ومعناه : ولكون الرحمة تنظر في الأعيان حال ثبوتها في العدم فترحم عليها ، شاهدت أعيان الموجودات ورأت عين الحق المخلوق ثابتة في اعتقاد كل عين في جملة العيون الثابتة .
( فرحمته بنفسها ) أي ، فرحمت الرحمة الحق المخلوق بنفس الرحمة الذاتية ، فأوجدته .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:19 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  

قال رضي الله عنه :  (فاعلم أوّلا أنّ الرّحمة إنّما هي في الإيجاد عامّة ، فبالرّحمة بالآلام أوجد الآلام ، ثمّ إنّ الرّحمة لها الأثر بوجهين  : أثر بالذّات وهو إيجادها كلّ عين موجودة ، ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض ؛ ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم ؛ فإنّها ناظرة في عين كلّ موجود قبل وجوده ، بل تنظره في عين ثبوته ، ولهذا رأت الحقّ المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثّابتة ، فرحمته بنفسها بالإيجاد.)

"" أضاف المحقق :
الحاصل أن للرحمة اعتبارين :
أحدهما : اعتبارها من حيث النظر إلى محلها أعني : الذات الإلهية ، وهي بهذا الاعتبار واحدة لا تميز فيها بين شيء وشيء ، ويقال لها بهذا الاعتبار الرحمانية ،
وثانيها : اعتبارها من حيث النظر إلى متعلقها الذي هو المرحوم ، وهو مختلف متعدد باختلاف استعداداته .  شرح الجامي ""

قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أولا ) أن البلايا والآلام ، وإن كانت تقابل الرحمة في حق من فاضت به ؛ فهي من حيث وجودها عين الرحمة في حق أنفسها ، وذلك ( أن الرحمة ) التي هي الجود الإلهي ( إنما هي في الإيجاد ) الذي إعطاؤه إفادة ما ينبغي لا لعوض ولا لغرض ، وهذه الرحمة ( عامة ) لا تختص بما هي أغراض للأشياء أو ملائمة لطبائعها ، إذ قد يكون ما ينبغي غير ذلك ، ( فبالرحمة بالآلام ) من حيث ينبغي إفادتها الوجود ، إذ بذلك يعلم حقيقة اللذة وقدر النعمة ، ويؤجر المخالف ، ويعطى العابر أجره بغير حساب ، ويعرف الاستغناء الإلهي وقهره وقوته إلى غير ذلك من الفوائد ( أوجد الآلام ) إذ لم تؤلم أنفسها ، وكما يتألم بها شخص قامت به ، يلتذ شخص دفعت عنه ، فهما عارضان متعارضان .

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) بعد أن علمت أن الرحمة في نفس الإيجاد عامة ، اعلم ( أن الرحمة لها الأثر ) في المرحوم ( بوجهين ) أحدهما ما مرّ ، وهو لا يتعلق سؤال بلسان الحال أو المقال إذ هو ( أثر بالذات ) ؛ لأن الجود الإلهي يقتضي ذلك ، ( وهو ) ، أي : الأثر الذاتي ( إيجادها كل عين موجودة ) ، أي : قابلة للوجود إذ منع القابل حقه بخل ينافي الجود ، ( ولا تنظر ) الرحمة بهذا الاعتبار

قال رضي الله عنه :  ( إلى غرض ، ولا إلى عدم غرض ، ولا إلى ملائم ، ولا إلى عدم ملائم ) ؛ لأن ما ينبغي فعله لا لعوض ، ولا لغرض أعم من موافقة أغراضنا أو ملائمة طباعنا ، كيف وهي أمور عارضة لنا بعد وجودنا ، والجود الإلهي سابق على ذلك ؛ فالرحمة التي منشأها ذلك الجود ؛ كذلك لامتناع تخلف العلة عن المعلول ؛


قال رضي الله عنه :  ( فإنها ناظرة ) إلى ( عين كل موجود قبل وجوده ) من حيث كان الوجود حقه الذي ينبغي أن يفعل به ( بل تنظره في عين ثبوته ) ، وفيه الوجود بالقوة ، فكماله الذي هو إخراجه إلى الفعل مما ينبغي أن يفعل ، ولا غرض ، وملائمة طبع حينئذ ، فكيف يمكن اعتبارهما .

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولكون الرحمة في الأثر الذاتي لا يتخلف عنها بحال ناظرة إلى كل عين في ثبوته ( رأت الحق المخلوق ) الذي هو صورة الحق القديم ، وإن اعتبر وجوده ( في الاعتقادات عينا ) ثابتة قابلة للوجود في الجملة ، فباعتبار ذلك صارت داخلة في العيون ( الثابتة ) ، وإن تميزت عينه بقبول الوجود الخارجي ، وإن لم يكن للحق القديم عين ثابتة إذ لا قابلية للوجود فيه ؛ لأنه نفس الوجود الحقيقي ، ( فرحمته بنفسها ) من غير سؤاله بلسان الحال أو المقال ( بالإيجاد ) في الذهن ، إذ بذلك يستر في حقه إذ الأمر الاعتقادي لا يقبل ما وراء ذلك ، وإن كان الحق المخلوق باعتبار آخر أعم من ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  

الحقّ المخلوق أول مرحوم
ثمّ إنّه أخذ في بيان ما يكشف به حجاب التدافع المذكور بقوله :
قال الشيخ رضي الله : ( واعلم أوّلا أنّ الرحمة إنما هي في الإيجاد عامّة ) بناء على ما مهّد في مطلع الفصّ من أنّ الرحمة لها الإحاطة بالوجود ، ( فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام . ثم إنّ الرحمة ) عند انبساطها المسمّى بالإيجاد ( لها الأثر بوجهين : أثر بالذات ) في أنفس الأشياء وذواتها ،
( وهو إيجادها كل عين موجودة ، ولا تنظر ) الرحمة عند تأثيرها بهذا الأثر إلى ما يزيد على نفس الأعيان والذوات فلا تنظر ضرورة حينئذ ( إلى غرض ، ولا إلى عدم غرض ) بالنسبة إلى الموجد ،
قال الشيخ رضي الله : ( ولا إلى ملائم ، ولا إلى غير ملائم ) بالنسبة إلى الموجود ، فإنّها نسب خارجة عن الذوات والأعيان ، وهي غير منظور ولا ملتفت إليها في هذه الأثر ( فإنّها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده ) عند إفضاء حكم الرحمة إليه - على ما عرفت تحقيقه - ( بل تنظره في عين ثبوته ) ، ولا تغفل عمّا نبّهت هناك في وجه تذكير الضمير وتغليب حكم الكل على العين .

قال الشيخ رضي الله : ( ولهذا رأت الحقّ المخلوق في الاعتقادات ) ، يعني الصور المجعولة لكلّ أحد في متخيّلته ، على أنّه الحقّ ، مأخوذة إمّا من الدلائل النظريّة معقّدة بها ، أو من المستحسنات التقليديّة مستوثقة منها فهذه صور الحقّ رأتها الرحمة في هذه الحضرة ( عينا ثابتة في العيون الثابتة ، فرحمته ) ، أي الرحمة عند رؤيتها الحقّ المخلوق في العيون الاعتقاديّة ، رحمه الحقّ ( بنفسها بالإيجاد ) ، أي إيجاد الأعيان فإنّ الأعيان بوجودها يظهر الحقّ المخلوق . فهو المرحوم هاهنا كما أنّه الراحم .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة.
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد. )  

قال رضي الله عنه :  ( فاعلم أوّلا أنّ الرّحمة إنّما هي في الإيجاد عامّة . فبالرّحمة بالآلام أوجد الآلام . ثمّ إنّ الرّحمة لها الأثر بوجهين : أثر بالذّات وهو إيجادها كلّ عين موجودة .)

( فاعلم أولا أن الرحمة إنما هي ) بالتحقيق ( في ) ضمن ( الإيجاد عامة ) مستعدة للمرحوم كما عرفت ( فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام ثم إن الرحمة لها الأثر بوجهين أثر بالذات ) ، أي بمقتضى ذاته من غير نظر إلى سؤال المرحومين .

والحاصل أن للرحمة اعتبارين :
أحدهما : اعتبارها من حيث النظر إلى محتدها أعني الذات الإلهية ، وهي بهذا الاعتبار واحدة لا تميز فيها بين شيء وشيء ، ويقال لها بهذا الاعتبار الرحمانية .
وثانيها : اعتبارها من حيث النظر إلى متعلقها الذي هو المرحوم وهو مختلف متعدد باختلاف استعداداته ، فهي أيضا مختلفة متعددة باختلاف استعدادات المرحوم وسؤالاته بلسان الحال والمقال ، ويقال لها بهذا الاعتبار الرحمة الرحيمية ، ولكل واحد من الاعتبارين أثر خاص وحكم متميز عن أثر الآخر وهو حكمه ( وهو ) ، أي أثرها بالذات ، أي بالنظر إلى محتدها لا إلى متعلقها ( إيجادها كل عين موجودة ) ، أي مراد وجودها

قال رضي الله عنه :  (ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض ؛ ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم : فإنّها ناظرة في عين كلّ موجود قبل وجوده، بل تنظره في عين ثبوته.  ولهذا رأت الحقّ المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثّابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد.)

قال رضي الله عنه :  ( ولا تنظر ) ، أي الرحمة ( إلى غرض ولا إلى عدم الغرض ) بالنسبة إلى الراحم ( ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم ) ، بالنسبة إلى المرحوم ( فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده ) ، في العين في أي مرتبة كان ( بل تنظر في عين ثبوته ) في العلم وهو أعلى مراتب وجوده .

قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) ، أي لنظرها في كل عين في عين ثبوته ( رأت الحق المخلوق ) ، أي الإله المجعول ( في الاعتقادات ) يعني الصور المجعولة لكل واحد في خياله على أنه الحق إما مأخوذة من الاستدلال أو التقليد ( عينا ثابتة في العقول الثابتة ) أي فيما بينها قبل وجوده في الاعتقادات ( فرحمته ) ، أي الرحمة ( بنفسها بالإيجاد ) في الاعتقادات .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:20 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين . ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم . فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ . فهو الرّاحم على الحقيقة . فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلّا بالرّحمة . فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا . )
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (قلنا) بالمعنى فيما مر في شيئية تلك العين الواحدة التي هي مرجع الأسماء الإلهية لا تلك العين الواحدة (إن الحق المخلوق في الاعتقادات) وهو تلك الشيئية المذكورة (أوّل شيء مرحوم) بالرحمة الإلهية المذكورة (بعد رحمتها) ، أي تلك الرحمة (بنفسها) لنفسها (في تعلقها) ، أي الرحمة (بإيجاد) جميع (المرحومين) بها فإن إيجادها لهم رحمة منها بنفسها إذا تم لها ما كانت مهتمة به ومتوجهة إلى حصولها منه (ولها) ، أي للرحمة أيضا (أثر آخر) بوجه ثان وهو الأثر (بالسؤال) ، أي الطلب وهي الرحمة الخاصة التي كتبها للمؤمنين المتقين (فيسأل المحجوبون) عن معرفة اللّه تعالى من الناس الحق تعالى ، أي يدعونه ويطلبون منه أن يرحمهم بهذه الرحمة الخاصة المذكورة حال كون ذلك الحق تعالى الذي يدعونه ويسألونه في اعتقادهم ، أي هم متصوّرون له بخيالهم أنه الحق تعالى وهو الحق المخلوق في الاعتقادات .
 
قال رضي الله عنه :  (وأهل الكشف) من العارفين باللّه تعالى (يسألون) ، أي يدعون ويلتمسون (رحمة اللّه) تعالى الواسعة (أن تقوم) ، أي تظهر وتتبيّن (بهم) فتظهر بها لهم أعيان أحوالهم الملائمة الثابتة في حضرة العلم القديم بالعدم الأصلي (فيسألونها) ،
أي يدعون الرحمة باسم اللّه تعالى الجامع لجميع الأسماء فيقولون في سؤالهم ودعائهم (يا اللّه ارحمنا )،
أي يا جامع الأسماء كلها أظهر فينا ما ظهر فيك من الرحمة الواسعة وهم يعلمون أنه (لا يرحمهم إلا قيام) ، أي ظهور الرحمة الإلهية بهم كظهورها في الحضرات الأسمائية والمراتب الذاتية الصفاتية .
 
قال رضي الله عنه :  (فلها) ، أي للرحمة الواسعة (الحكم) في كل محكوم عليه أي الظهور والتجلي به فيه (لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل) المحكوم عليه لا للحاكم من حيث هو حاكم وأن نسب الحكم الحاكم في الظاهر أنه أثره وإنما هو في نفس الأمر أثر المحكوم عليه إذ لولا قبوله لذلك الحكم واستعداده له ما ظهر فيه ،
فاستعداده وقبوله أثر فيه لا فعل الفاعل فما تأثر إلا بما منه (فهو) ، أي ذلك المعنى القائم بالمحل المرحوم هو الراحم لذلك المرحوم (على الحقيقة) وما قام بكل شيء حتى اقتضى وجوده إلا الرحمة الإلهية كما مر ذكره ، فهي استعداد كل شيء لما هو مستعد له وهي قبول كل شيء لما هو قابل له ، وهي أيضا التي توصل كل مستعد وقابل لما هو مستعد له وقابل له ،
 
فلها الواسع الأعظم من جميع الوجوه والاعتبارات فلا يرحم اللّه تعالى (عباده المعتنى بهم) من أهل الكشف والوجود وهم المؤمنون المتقون (إلا بالرحمة) القائمة بهم ظهورا وتجليا .
قال رضي الله عنه :  (فإذا قامت بهم) ، أي ظهرت لهم منهم الرحمة الإلهية الواسعة لهم ولغيرهم وجدوا حكمها فيهم ذوقا ، أي كشفا ومعاينة لا تخيلا وفهما ، فصارت تلك الرحمة العامة خاصة بهم وهو قوله :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[ الأعراف : 156 ] بعد قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن الرحمة رحمت الحق المخلوق بنفسها بالإيجاد ( قلنا ) أي نقول عبر بالماضي لتحقق وقوع معناه أو لسبق هذا القول منه معنى في قوله فأول ما وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها
 
قال رضي الله عنه :  ( أن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين ولها أثر آخر بالسؤال ) وهو أثر الرحمة الرحمية ( فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم ) بأن يغفر لهم عن ذنوبهم ويدخلهم الجنة ( في اعتقادهم ) يتعلق بالحق أن يسألون الحق الذي هو في اعتقادهم أن يرحمهم
قال رضي الله عنه :  ( وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) ومعنى قيام الرحمة بهم اتصافهم بالرحمة ( فيسألونها باسم اللّه ) أي يسألون الرحمة عن الحضرة الجامعة الإلهية فكم بين السؤالين ( فيقولون ) أي أهل الكشف في السؤال يا اللّه ارحمنا ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم لأن مرادهم بالسؤال هو لا غير كما إذا سأل أهل الحجاب
 
فقال في السؤال ( يا اللّه ارحمنا ولا يرحمهم إلا قيام ) أثر ( الرحمة بهم ) وهو الاستراحة في عيشة راضية وهو يعطي كل ذي حق حقه ولما كان اعتقاد المحجوبين مطابقا بما وصف اللّه به ذاته وصفاته وعرف به نفسه في الشرع المطهر أجاب اللّه سؤالهم وأعمالهم ويغفر لهم من ذنوبهم ويدخلهم الجنة إذ لا وسعة لكل أحد بهذا المقام في السؤال والأعمال فإذا كان لها الأثر بالذات والأثر بالسؤال
 
قال رضي الله عنه :  ( فلها الحكم ) في كل راحم ومرحوم لا لغيرها ( لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل فهو ) أي هذا المعنى القائم بالمحل ( الراحم على الحقيقة ) لا المحل فالراحم هو الرحمة لا من اتصف بها ( فلا يرحم عباده المعتنى بهم ) وهم أهل الكشف والوجود ( إلا بالرحمة ) فقامت بهم
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ) في أنفسهم ( ذوقا ) فإن الرحمة تحكم عليهم أن يرحموا من طلب منهم الرحمة فعلموا ذوقا كيف يرحمهم اللّه عباده فإن الرحمة حاكمة على الحق أن يرحم من يسأل الرحمة من عباده فإذا وجدوا حكم الرحمة فقد ذكرتهم الرحمة ( فمن ذكرته الرحمة ) أي قامت الرحمة به ( فقد رحم ) لكون الرحمة حاكمة عليه أن يرحم على غيره ممن يسأل الرحمة منه ( واسم الفاعل ) ممن ذكرته الرحمة ( هو الرحيم والراحم ) فكان رحيمية الرحيم أو الراحم من حكم الرحمة القائمة هي به
 
قال رضي الله عنه :  ( والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجيه المعاني لذواتها ) لمن اتصف بها من الذوات فالرحمة معنى من المعاني لأنها لا عين لها في الخارج توجب الحكم لذاتها الذي لا عين له في الخارج لذلك قالرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍوجودا وحكما ولم يكتف بقوله وجودا والأمور التي توجبها المعاني أحوال فالحكم حال من الأحوال


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين. ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا. ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل. فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
ثم قال: إن الايجاد رحمة ومنها ایجاد الآلام أي هو رحمة للآلام أنفسها وأستدام، رضي الله عنه، الكلام حتى انتهى إلى الذوات، فجعلها لا موجودة ولا معدومة وسبب ذلك أنه تعالى، 
إذا قلنا: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه 
فنقول: فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا قلنا : إنّ الحق المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها ، في تعلَّقها بإيجاد المرحومين . ولها أثر آخر بالسؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم الله ، فيقولون : يا الله ارحمنا ، ولا يرحمهم إلَّا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة بالمعنى القائم بالمحلّ ) .
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الوجود الحق المتعيّن في كل عين عين بعد تعيّنه بالمظهر وقيامه بمحلّ الظهور - يحكم على القابل بمقتضى حقيقته وقيامها ، أعني الرحمة الوجودية الفيضة  ، وليست إلَّا الوجود بعينها أوّلا بالذات في حقائق الأشياء وأعيانها الثابتة ، فبنفس تعلَّقها بالحقائق أزلا للإيجاد يوجد الحقّ المخلوق في الاعتقادات بعد تعيّنها في عين نفسها - يعني الرحمة - ونسب ذات الرحمة ،
فإنّ تعيّن الوجود في علوم المعتقدين بعد تعيّنه في علم الله ، فتعلَّق الرحمة الوجودية به كذلك - بحسب تعلَّقه في حقائقهم - متأخّر الرتبة عن حقيقة الرحمة ، ومتقدّم على المرحوم بحسب اعتقادهم .
 
قال رضي الله عنه  : ) فهو الراحم على الحقيقة ، فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلَّا بالرحمة ، فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ذوقا ،)
يعني : الراحم - وهو الحق - عين الرحمة وإلَّا لزم كونه محلَّا للحوادث .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين ، ولها أثر آخر بالسؤال . فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم فيسألونها باسم الله ، فيقولون : يا الله ارحمنا ، ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فلها الحكم ، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) .
 
أثر الرحمة بالذات : إيجادها كل عين ثابتة على العموم ، فرحمة الحق المخلوق في الاعتقادات بتبعية رحمتها أعيان المعتقدين ، فإنه عين ثابتة في أعيان المعتقدين الثابتة ، فرحمت أولا بنفسها في تعلقها بايجاد المرحومين من الأعيان فتعينت بها وظهرت في مظاهرها وانتشرت ، فكان في ضمن تعلقها بإيجاد المرحومين رحمة إيجاد الحق المخلوق فكان أول مرحوم المتعلقة بالأعيان ، لأن الحق المعتقد حال من أحوال أعيان المعتقدين فبنفس تعلقها بالأعيان تعلقت به ، وأما أثر الرحمة بالسؤال ، فهو أن يترتب على سؤال الطالبين ،
 
وهم : إما محجوبون ، وإما أهل الكشف
فالمحجوبون : يسألون الحق الذي هو ربهم في اعتقادهم أن يرحمهم ، فهم من يرحمون من الراحم المتجلى في صور معتقداتهم بحسب ما يعتقدونه ، فإن تعين الرحمة الوجودية في علم المعتقدين واعتقاداتهم بعد تعينها في علم الله ، فتعلق الرحمة المطلوبة بهم بحسب تعينها في أعيانها متأخر الرتبة عن حقيقة الرحمة متقدم في علم الله على المرحوم بحسب اعتقاده ،
وأما أهل الكشف : فيسألون رحمة الله أن تقوم بهم باسم الله فلها الحكم عليهم ، لأن القائم بالمحل يحكم على القابل بمقتضى حقيقته ، فلا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فيجعلهم راحمين ، وهو منتهى قوله ( فهو الراحم على الحقيقة ) يعنى المحل القائم بالرحمة.
 
"" أضاف بالي زادة :
وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم : أي يسألون قيام الرحمة اتصافهم بالرحمة فيسألونها باسم الله ، أي يسألون الرحمة عن الحضرة الجامعة الحكم بين السؤالين .اهـ بالى زادة
 
فهو الراحم على الحقيقة لا المحل فالراحم هو الرحمة لا من اتصف بها ، قوله وجدوا حكمها في أنفسهم ذوقا فإن الرحمة تحكم عليهم أن يرحموا من طلب منهم الرحمة فعلموا ذوقا كيف يرحم الله عباده فإن الرحمة حاكمة على الحق أن يرحم من يسأل الرحمة من عباده فإذا وجدوا حكم الرحمة فقد ذكرتهم الرحمة ومن ذكرته الرحمة أي قامت به الرحمة فقد رحم غيره .اهـ بالى زادة""
 
( فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) ليكونوا موصوفين بصفته ( فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ذوقا). كما ذكر في الفص الأول من حكم الحياة والعلم على الحي والعالم
"" أضاف بالي زادة :
قوله (لذواتها ) أي من اتصف بها من الذوات ، فالرحمة معنى من المعاني لأنها لا عين لها في الخارج توجب الحكم لذاتها الذي لا عين له في الخارج لذلك قال - رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )   - وجودا وحكما ، ولم يكتف بقوله وجودا والأمور التي توجبها المعاني أحوال ، فالحكم حال من الأحوال ، فالأحوال لا موجودة .اهـ بالى زادة
 
فصفات الحق موجود زائد على ذاته في العقل فإن لها حقائق معقولة ممتازة ، وأما في الخارج فلا أعيان لها فلا وجود فكان وجودها في الخارج عين ذاته تعالى والتحق الحكماء والمعتزلة في هذه المسألة بأهل الحق .اهـ بالى زادة . ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين . ) أي ، ولأجل أن الحق المخلوق بحسب الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد تعلق الرحمة الذاتية بنفسها بالإيجاد ،
قلنا من قبل : إن أول ما وسعت الرحمة الذاتية شيئية تلك العين الموجدة للرحمة الصفاتية ، وهي عين الاسم ( الرحمن ) . ولما كان ( الرحمن ) هو الذي يتجلى بحسب اعتقاد المعتقدين ، ويصير حقا مخلوقا فيدخل في جملة ما يتعلق الرحمة بإيجاده من الأعيان المرحومة ، جعله مقول القول بحسب المعنى .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر بالسؤال ، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم . وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم "الله" ، فيقولون : يا الله ارحمنا . ولا يرحمهم إلا بقيام الرحمة بهم . )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الأثر الآخر ) هو أثر الرحمة الرحيمية المعطية لكل عين ما يوصل إلى كمالها ، إما بسؤال لسان الاستعداد ، أو بسؤال لسان الحال والقال ، كما مر من قبل فيسأل المحجوبون أن يرحمهم الحق الذي هو معتقدهم ، ويغفر لذنوبهم ويتجاوز عنهم رغبة في الجنة وهربا من النار .
وأهل الكشف يسألون أن يتصفوا بالرحمة ، فيقومون بها من الحضرة الإلهية المطلقة ، لا من الإلهية المقيدة ، فيقولون : يا الله ارحمنا بلسان استعداداتهم .


ولا يرحمهم إلا بأن يجعل قيام الرحمة بهم ، فيكونوا راحمين لأنفسهم ولغيرهم من المستعدين بإيصالهم إلى الكمال .
هذا بالنسبة إلى بعض المكاشفين ، لا بالنسبة إلى المحققين ، فإنهم يختارون مقام العبودية على الربوبية ويجوز أن يكون بالنسبة إلى جميع المكاشفين ويكون المراد الاتصاف بها ، لا الظهور بها ، فإن الكمل لا يطلبون الظهور بالصفة الرحمانية .


( فلها الحكم ، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ، فهو الراحم على الحقيقة . ) أي ، فللرحمة الحكم في كل مرحوم ، لأن المعنى القائم بالمحل ، هو الحاكم في الحقيقة على نفس المحل ، أو على من دونه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( المعنى ) هو الحاكم ، لا نفس السلطان . ولكون المعنى قائما بالمحل يظن أنه هو الحاكم . وكذلك جميع المعاني . ويظهر حقيقة هذا الكلام في أصحاب المناصب ، كالسلطان والقاضي والوزير وغيرهم .
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة . ) أي ، بقيام الرحمة بهم ، ليكونوا راحمين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا قامت بهم الرحمة ، وجدوا حكمها ذوقا)

أي ، الرحيمية لقيامها به ، كما في الكاملين ، أو بالمغفرة وإعطاء الجنة ، كما في العابدين الزاهدين المحجوبين عن معرفة الحقائق .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:21 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا : إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين ، ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ ، فهو الرّاحم على الحقيقة ؛ فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلّا بالرّحمة ، فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولأجل أن الحق المخلوق عينا ثابتة قابلة للوجود في الذهن أو الخارج ، ( قلنا : إن الحق المخلوق ) أي : الصورة الوجودية في الخارج أو الذهن ( أول شيء مرحوم ) للرحمة بالأثر الذاتي ( بعد رحمتها ) المتعلقة ( بنفسها ) ، فهذه الأولية ( في تعلقها بإيجاد ) سائر ( المرحومين )  من الأكوان والأعيان ، فتعلقها بالأكوان سابق على تعلقها بالأعيان ، فإن الأعيان إنما وجدت بوجود صور الوجود الحق فيها ، فوجود الأكوان التي هي صور وجود الحق سابق على وجود الأعيان ، وهذا أثر الرحمة بالذات ،
 
قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر ) لا بالذات ، ولا بالنظر إلى المجيد بل ( بالسؤال ) من المرحوم بلسان حاله أو مقاله لموافقة الغرض أو ملائمته الطبع ، ولا يخل في منعه من لم يسأل ، وإن كان في إعطائه إياه مزيد إفضال ، إذ لا مانع ما لا يستوجبه الشيء غير تخيل ،
 
وإذا كان هذا الأثر منها بالسؤال منا ، فالسؤال مؤثر في تأثيرها لكنها عين التأثير ، فالسؤال مؤثر فيها ، وهو حادث ، وما يؤثر فيه الحادث فهو حادث ، وفي غرض لا يقوم بذات اللّه تعالى ؛ لامتناع قيام الحوادث بذاته عزّ وجل فهي قائمة بذواتنا ، ولكن لا يعرف المحجوبون هذا ؛ ( فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم ) برحمة قائمة بذاته ( في اعتقادهم ) ، فربما يرحمهم برحمة قائمة بصورته المنطبعة في اعتقادهم ؛ لكونه عند ظن عبده به ، وربما لا يرحمهم ؛ لأنهم سألوا أمرا باطلا ، ويتفاوت في هذا المضطر منهم وغيره .
قال رضي الله عنه :  ( وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) بإشراق نورها عليهم ، فيسألونها باسم اللّه ليزكيهم هذا الاسم فيسعد محلهم لقبول النور من رحمته ، فيقولون : باللّه ، وينادون الاسم الجامع ؛ ليتم تزكية نفوسهم بنوره الكامل .
 
( ارحمنا ) أي : أشرق علينا نور رحمتك ؛ لتقوم بنا الرحمة ، وإنما أوّلناه بهذا ؛ لأنه لا يرحمهم بتحصيل مسئولهم إلا قيام الرحمة بهم ؛ لأن الرحمة القائمة بالحق لا تتوقف في التأثير على فعل الغير ، وإنما تتوقف على استعداده بحسب جريان السنة الإلهية ، ولا استعداد لإشراق نور الرحمة الإلهية عليهم إلا بالتزكية الحاصلة عن سؤالهم إياها باسمه المفيد للتزكية بمقتضى قوله :قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ( 14 ) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ( 15 )الأعلى : 14 ، 15 ] ، فإشراق نور الرحمة منه رحمة منه ؛
"" أضاف المحقق :
أي : تجل علينا باسمك الرحيم ، واجعلنا راحمين كما أنك راحم ، فانظر الفرق بين السؤالين ؛ فإن المسؤول عنه في السؤال الأول للحق المخلوق الذي لا شعار له بنفسه ، ولا لغيره ؛ فكيف يتمكن من اتصال الرحمة إليه . شرح الجامي ."".
 
قال رضي الله عنه :  ( فلها الحكم ) ، وإن اجتمعت هاهنا الرحمتان ؛ ( لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) ، إذا استند إليه وإلى الأمر المباين ؛ لأن القائم بالمحل سبب قريب والمنفصل سبب بعيد ، والتأثير إنما هو للقريب ، وإن لم يستقل بدون البعيد ، وإذا كان أثر الرحمة بالسؤال بلسان الحال والمقال مما يوافق الغرض ، أو يلاءم الطبع بالرحمة القائمة بالمرحوم ، ( فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) الموجودة فيهم رحمة تقوم بهم ؛ لأن رحمتهم من قبيل ما يوافق الغرض أو يلائم الطبع لا محالة فهم ، وإن لم يسألوا بلسان المقال سألوا بلسان الحال .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإذا أقامت بهم الرحمة ) المسئولة ( وجدوا حكمها ) ، وهو تأثيرها بحصول المسؤول ، ويتسمى الفاعل راحما أو رحيما ، والمفعول مرحوما ( ذوقا ) ؛ لأن هذا الحكم من جملة الأحوال التي ليست موجودة ولا معدومة ، فلا يدرك إلا بالذوق ،
فإن العقل لا يدرك الواسطة بين المعدوم والموجود ، وسائر المشاعر إنما تدرك الموجودات ؛ وذلك لأن المعتبر هاهنا أربعة أمور :
الرحمة ،
وذات الراحم ،
وذات المرحوم ،
وتأثير الرحمة في حصول المسؤول ،
وفي تسميتها راحما ومرحوما ، والموجود إنما هو الثلاثة الأول.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال الشيخ رضي الله : (ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم ) باعتبار أنّه الغاية وهي الأوّل في مرحوميّته ، وإن كان بعد أسباب بحسب الوجود فهو الأوّل والآخر
وإليه أشار بقوله : ( بعد رحمتها بنفسها في تعلَّقها بإيجاد المرحومين ) .
ثمّ ليعلم أنّ المصنّف قد أدرج في عبارته هذه دقيقة منطوية على جلائل الحكم ، وهي أنّ الأوّل إنما يكون أكمل إذا ظهر فيه أنّه الآخر من حيث أنّه باطن .
 
وتلك الأوّلية إنما يتصف بها الكامل إذا كان غاية لذي غاية مفضية إليها ، كما في الحقّ المخلوق وهذا من الحكم الجليلة لهذا الأثر الذاتي من الرحمة والتنزّل الجمليّ منها ، فإنّه به صار أوّلا باطنا ، آخرا ، ظاهرا - فلا تغفل .
 
يختلف سؤال أعيان أهل الحجاب وأهل الكشف
فهذا أوّل الآثار من الرحمة عند انبساطها بنفسها ( ولها أثر آخر بالسؤال )
 
من تلك الأعيان ، فتتفاوت مقترحاتهم بحسب نيّاتهم ومقتضياتهم عند إفصاح ألسنة استعداداتهم وأحوالهم وأقوالهم ، ( فيسأل المحجوبون من الحقّ أن يرحمهم ) من حيث صورته المخلوقة لهم ( في اعتقادهم ) .
و « الحقّ » في لسان الاصطلاح من الأسماء العامّة التي تشمل مراتب الوجود - إلهيّة وكيانيّة - فإنّ الشيخ قال في مصطلحاته :
" الحقّ ما أوجب على العبد من جانب الله ، وما أوجب الحق على نفسه "  . " وما أوجبه "
فيصدق على الصورة المخلوقة التي هي مسؤول المحجوبين .
 
""أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس والسبعون ومائتان : 
فالرجوع الإلهي الأول رجوع عناية وتفضل والرجوع الثاني الذي أنتجه رجوعهم إليه
سبحانه في قوله من تقرب إلى شبرا تقربت منه ذراعا  ............
فالرجوع الإلهي الثاني يتضمن أمرين رجوع الاستحقاق منه بمنزلة الجسد
ورجوع المنة منه بمنزلة الروح للجسد الذي به حياته
فإنه وإن كان الاستحقاق بما أوجبه الحق على نفسه فإن الحقيقة تعطي أن لا يستحق العبد شيئا على سيده فمن منته سبحانه على عبد إن أوجب له على نفسه ليأنس العبد بما أوجبه الحق عليه من طاعته ليسارع بأداء ما وجب عليه
فإذا حصل العبد في هذا المقام فليس وراءه مرمى لرام
ويعلم أن الله قد أراد أن ينقله من عالم شهادته إلى عالم غيبه ليكون له غيبه شهادة في موطن آخر غير هذا الموطن له حكم آخر
وهو الموطن الذي تكون فيه المظاهر الإلهية وهو أوسع المواطن
فلهذا عبر عن هذا المنزل بالأجل المسمى لأنه أجل البعث إليه من عالم الشهادة المقيد بالصورة التي لا تقبل التحول في الصور لكن تقبل التغيير وهو زوال عينها بغيرها
لذلك الغيب الذي كانت به فيدبر الروح الغيبي صورة ذلك الغير
فلهذا قلنا يقبل التغيير ولا يقبل التحويل فإن الحقائق لا تتبدل . أهـ ""
 
قال الشيخ رضي الله : ( وأهل الكشف ) إذ تحققوا أنّ ذواتهم أثر سريان الرحمة الذاتيّة ما عيّنوا للمسئول منه وجها ، فهم ( يسألون رحمة الله ) مطلقا ، لا من اسم خاصّ ( أن تقوم بهم ) وإذ كان القائم بهم والحاكم على نشأتهم الخاصّة إنما هي الرحمة الإلهية ،
قال الشيخ رضي الله : ( فيسألونها باسم الله ) لا بأنفسهم ، ولا بشيء من الأسماء الجزئية فهم لا يزالون تالين بسائر الألسنة : « بسم الله الرحمن الرحيم » ، داعين سائلين به الرحمة المقوّمة لهم ، القائمة بهم ( فيقولون : يا الله ارحمنا ) .
 
الرحمة هي الحاكمة
ثمّ إنّ المبادر من عبارته حيث قال : « أن يقوم بهم » أنّ الرحمة قائمة بالعين ، والعين مقوّمة لها ، والحكم إنما هو للرحمة ،
فصرّح بذلك قائلا : ( ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل )
وكما بيّن ذلك في الفصّ الآدمي ، أنّ الحياة هي الحاكمة على الحيّ كما ترى في أنّ السلطنة هي الحاكمة على السلطان ، وأنّ الوزارة هي الحاكمة على الوزير ، وكذا سائر المراتب والمناصب هي الحاكمة على من قامت به .
 
العلم الذوقي أنهى مراتب الرحمة
فعلم أنّ ذلك المعنى هو الحاكم ( فهو الراحم ) ، أي المعنى القائم بالمحل هو الراحم ( على الحقيقة . فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) القائمة بالأعيان أنفسها ، ومن جملة صورها الوجود أو العلم والمراد بهذه الرحمة هو العلم ، فلذلك خصّ العباد المعتنين بهم .
 
وقال أيضا : ( فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا ) وهذا أنهى مراتب الرحمة ، أعني العلم الذوقيّ الذي هو عبارة عن وجدان العارف رحمة الله القائمة به ، المقوّمة إيّاه بما هو الأوّل والآخر .
 
فقد بيّن بهذا الكلام أمر الرحمة وتفصيل جزئيّاتها من المبدء الذي هو قبول القابل وسؤاله بألسنة الاستعدادات ، إلى المنتهى الذي هو العلم الذوقيّ .
ويصدق على سائر المراتب أنّه ذكر الرحمة ، فإنّ المراتب الوجوديّة منها ذكر النفس الرحماني ، والشهوديّة منها ذكر النفس الإنساني ، والرحمة تشملها
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)
 
قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين .)
( ولذلك ) ، أي لكون الرحمة رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة فرحمته بنفسها .
 
( قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم ) ، أي مشمول للرحمة ( بعد رحمتها بنفسها ) أولية كائنة ( في تعلقها بإيجاد المرحومين ) في العلم والعين ولا يذهب عليك أن القول بأولية الحق المخلوق ما وقع بخصوصه بل في ضمن أمر كلي هو بعض من أفراده.
 
حيث قال : ثم المشيئة المشار إليها فإنها كما عرفت شاملة لشيئية الأسماء الإلهية والأعيان الثابتة التي عين الحق المخلوق الثابتة في العلم واحدة منها ، فالرحمة شملتها في المرتبة الثابتة بعد رحمتها بنفسها شمولا أوليا بالنسبة إلى ما بعد المرتبة الثابتة .
ولما فرغ من بيان الأثر الأول للرحمة من حيث النظر إلى متعلقها فقال :
 
قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم . فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ . فهو الرّاحم على الحقيقة . فلا يرحم اللّه عباده المعنى بهم إلّا بالرّحمة . فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا . )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر ) لا بالذات ولا بالنظر إلى المجيد بل ( بالسؤال ) ، أي بالنظر إلى سؤال المرحومين وإلى اختلاف أحوالهم في هذا السؤال حالا ومقالا ( فيسأل المحجوبون ) عن انكشاف الحقائق على ما هي عليه ( الحق أن يرحمهم ) ، حال كونه مخلوقا ( في اعتقادهم ) ، فالمسؤول عنه في هذا السؤال الحق المخلوق ، والمسؤول الرحمة الواقعة منه عليهم بوصول أثرها إليهم ( وأهل الكشف ) المكاشفون بالحقائق على ما هي عليه ( يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) ، فالمسؤول عنه في سؤالهم رحمة اللّه والمسؤول قيامها بهم ليصيروا راحمين كما كانوا مرحومين ( فيسألونها ) ، أي الرحمة معبرين عنها ( باسم اللّه ) الوجود الحق الجامع لجميع الأسماء ،
 
وذلك لأنه تعالى عين الرحمة كما ستقع الإشارة إلى ذلك ( فيقولون : يا اللّه ارحمنا ) ، أي تجلّ علينا باسمك الرحيم ، واجعلنا راحمين كما أنك راحم ، فانظر الفرق بين السؤالين فإن المسؤول عنه في السؤال الأول الحق المخلوق الذي لا شعار له بنفسه ولا لغيره فكيف يتمكن من اتصال الرحمة إليه والمسؤول أثر الرحمة ،
 
والمسؤول عنه في السؤال الثاني اللّه الرحمن الرحيم ، والمسؤول تجليه عليهم بالاسم الرحيم قاصدين أيضا الرحمة إلى من سواهم إن كانوا من المتوسطين ، أو التمكن من ذلك الإيصال من غير ظهور به إن كانوا من المنتهين فإنهم لا يطلبون الظهور بالصفات الإلهية بل لا يتجاوزون مقام العبودية ( ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة ) ، أي الرحمة القائمة ( بهم فلها ) ، أي للرحمة ( الحكم ) على المرحوم ( لأن الحكم ) بغير وسط
 
قال رضي الله عنه :  ( إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) ، على المحل كما أن الحكم على العالم من غير وسط ، بالعالمية إنما هو للعلم القائم به ، فإن معنى العلم بجعل ذات العالم عالما بغير وسط ومفيض العلم يجعله عالما بواسطة العلم
 

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) ، أي المعنى القائم بمحل الرحمة أعني الرحمة هو ( الراحم ) ، أي الحاكم عليه براحميته ( على الحقيقة فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) ، بل لا يرحمهم إلا الرحمة ( فإذا قامت بهم الرحمة ) وجعلتهم راحمين ( وجدوا حكمها ) ، أي حكم الرحمة يعني الراحمية في أنفسهم (ذوقا . ) بإيصال أثرها إليهم كالمحجوبين فقد رحم.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:22 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرّحمة فقد رحم . واسم الفاعل هو الرّحيم والرّاحم .
والحكم لا يتّصف بالخلق لأنّه أمر توجبه المعاني لذواتها . فالأحوال لا موجودة ولا معدومة .
أي لا عين لها في الوجود لأنّها نسب ، ولا معدومة في الحكم لأنّ الّذي قام به العلم يسمّى عالما وهو الحال . فعالم ذات موصوفة بالعلم ، ما هو عين الذّات ولا عين العلم ، وما ثمّ إلّا علم وذات قام بها هذا العلم . وكونه عالما حال لهذه الذّات باتّصافها بهذا المعنى فحدثت نسبة العلم إليه فهو المسمّى عالما . والرّحمة على الحقيقة نسبة من الرّاحم ، وهي الموجبة للحكم ، فهي الرّاحمة .
والّذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنّما أوجدها ليرحم بها من قامت به .
وهو سبحانه ليس بمحلّ للحوادث ، فليس بمحلّ لإيجاد الرّحمة فيه . وهو الرّاحم ولا يكون الرّاحم راحما إلا بقيام الرّحمة به ، فثبت أنّه عين الرّحمة . )
 
قال رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرحمة) ، أي تذكرته بمعنى علمته من قوله تعالى :لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى[ طه : 52 ] أو تكلمت به من قوله تعالى للشيء كُنْ فَيَكُونُ.
وقوله سبحانه :هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً [ الإنسان : 1 ] ،
أي متكلما به لأنه ما ظهر إلا بنفس تكلم الحق تعالى به وهو ذكر اللّه تعالى الأكبر في قوله سبحانه :وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ[ العنكبوت : 45 ] ، وقال تعالى :فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ[ البقرة : 152 ] ، أي أكثروا من ذكري حتى يظهر لكم أني ذاكركم بكلامي .
 
وفي الحديث قال النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول اللّه تعالى : " يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته ". رواه الترمذي في السنن ورواه أحمد في المسند عن أبي ذر ورواه غيرهما .
إلى أن قال في آخر الحديث : " ذلك بأني جواد واجد ماجد أفعل ما أريد ، عطائي كلام وعذابي كلام إنما أمري لشيء إذا أردت أن أقول له كن فيكون" .
 
قال رضي الله عنه :  (فقد رحم) ، أي صار مرحوما بمجرد ذكرها له (واسم الفاعل) من صفة الرحمة (هو الرحيم ) بصيغة المبالغة لكمال ظهورها في أهل الخصوص (والراحم) أيضا من غير مبالغة لظهورها في العموم (والحكم) الإلهي المنسوب إلى الرحمة الإلهية باعتبار توجهه على كل متصف بها ومرحوم بها من المراتب الأسمائية والكونية (لا يتصف بالخلق) ، أي بكونه مخلوقا (لأنه) ، أي ذلك الحكم أمر إلهي قديم (توجبه) ، أي تقتضيه (المعاني) الأسمائية والمراتب الصفاتية الأزلية والإمكانية الكونية لذواتها إذ لولاه لما ظهرت اعتباريتها أصلا .
قال رضي الله عنه :  (فالأحوال) الأسمائية الإلهية (لا موجودة) في نفسها ولا في غيرها أصلا ولا (معدومة) أيضا كذلك أي (لا عين لها في الوجود) الحق المطلق غير ذلك الحق الوجود المطلق
 
قال رضي الله عنه :  (لأنها) ، أي تلك الأحوال المذكورة نسب لذلك الوجود الحق المطلق وإضافات له واعتبارات وهي أمور تقوم بعقل المتعقل لها ، لا زيادة معنى لها فيما هي له في نفس الأمر ، وإن كان لها زيادة معنى في عقل المتعقل لها ، ومن هنا قال المنلا عبد الرحمن الجامي قدس اللّه سره في رسالته : وأما الصوفية فذهبوا إلى أن صفاته تعالى عين ذاته بحسب الوجود وغيرها بحسب التعقل (ولا معدومة) أيضا (في الحكم) ، أي باعتبار الحكم الذي اقتضته لذواتها
 
قال رضي الله عنه :  (لأن) المحل (الذي قام به) نسبة (العلم) مثلا (يسمى عالما) ، أي يقتضي الحكم عليه بصفة العالمية وهو ، أي كونه عالما الحال الذي اقتضته الصفة القائمة بذلك المحل فأوجبت الحكم المذكور وهكذا قيام القدرة والإرادة يقتضي الحال الذي هو كونه قادرا ومريدا ونحو ذلك فعالم مثلا ذات قامت بها صفة العلم فهي موصوفة بالعلم ما هو ، أي اسم عالم عين الذات الموصوفة بالعلم حيث قام بها ولا هي عين العلم الذي وصفت به تلك الذات لقيامه بها .
 
قال رضي الله عنه :  (وما ثم) ، أي هنالك فيما يطلق عليه اسم العالم (إلا علم وذات قام بها هذا العلم) فاتصفت به اتصاف الذات بمعانيها القائمة بها (وكونه) ، أي كون من قام به صفة العلم (عالما حال لهذه الذات) التي قام بها صفة العلم (باتصافها) ، أي بسبب اتصافها أي تلك الذات (بهذا المعنى) الذي هو العلم مثلا (فحدثت) للمحل المتصف بصفة العلم (نسبة العلم إليه) بصفة مخصوصة غير صفة النسب المشهورة كعلمي ونحوه (فهو المسمى عالما) ، أي ذا علم يعني المنسوب إليه العلم وهكذا بقية الأحوال المعنوية .
 
قال رضي الله عنه :  (والرحمة) الإلهية على (الحقيقة) ، أي في نفس الأمر (نسبة) للمرحوم صادرة (من الراحم) وهي ، أي تلك النسبة (الموجبة للحكم) على من صدرت منه بأنه راحم ومن قامت به على معنى أنها ظهرت فيه أنه مرحوم (فهي) ، أي تلك النسبة (الراحمة) لذلك المرحوم (والذي أوجدها) ،
أي النسبة التي هي الرحمة في المرحوم بها سواء كان شيئية الأسماء الإلهية أو الشيئية الكونية كما مر على معنى أنه أظهرها فيه وأقامه بها ما أوجدها فيه (ليرحمه) ،
أي يرحم من أوجدها فيه بها ، أي بتلك الرحمة وإن سمي مرحوما بها شمولها له وظهوره بها وظهورها به (وإنما أوجدها) ، أي أظهرها في المرحوم بها
 
قال رضي الله عنه :  (ليرحم بها من قامت به) ، أي اتصف بها من الراحم بها لغيره وهو ، أي الحق تعالى (سبحانه ليس بمحل للحوادث) ، أي بحيث تحل فيه الحوادث ، لأنه قديم ، والقديم لا يتغير أصلا وحلول الحوادث تغيير (فليس) سبحانه (بمحل لإيجاد الرحمة) منه (فيه) ، أي حدوث هذا المعنى له بعد أن لم يكن فيه ، ولهذا سبق أنّ أوّل شيء مرحوم بالرحمة نفس الرحمة في تعلقها بإيجاد المرحومين بها ، أي ظهورها فيهم لا ظهورها في نفسها ، لأنه تحصيل الحاصل فلا معنى له (وهو) تعالى (الراحم) ، أي المتصف بالرحمة (ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام صفة الرحمة به) حتى إذا رحم بها غيره يظهرها في ذلك الغير فيرحم بها نفسها كما تقدم أن أوّل شيء مرحوم بها نفسها فثبت بمقتضى كونه تعالى راحما أنه سبحانه (عين الرحمة) الواسعة المذكورة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فالأحوال لا موجودة ولا معدومة أي لا عين لها ) أي للأحوال ( في الوجود لأنها نسب ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو ) أي كونه عالما ( الحال فعالم ذات موصوفة بالعلم فما هو ) أي فليس كون العالم ذاتا موصوفة بالعلم
 
قال رضي الله عنه :  ( عين الذات ) أي عين ذات العالم ( ولا عين العلم وما ثمة ) أي وليس في ذات موصوفة بالعلم ( إلا علم وذات قام بها هذا العلم وكونه ) أي وكون العالم ( عالما حال لهذه الذات باتصافها ) أي بسبب اتصاف الذات ( بهذا المعنى ) وهو ( العلم فحدثت نسبة العلم إليه ) أي إلى العالم بسبب اتصافه بالعلم ( فهو المسمى عالما ) وهو الحال ثم رجع إلى أصل المسألة التي هو بصددها فقال ( والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم وهي الموجبة للحكم)
 
في الراحم ( فهي الراحمة ) على الحقيقة لا الراحم بل الراحم إنما يرحم بسبب قيامها به ( والذي ) وهو الحق ( أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها ) أي ليجعل الحق ذلك الشخص مرحوما ( وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت ) الرحمة ( به ) ومن فاعل يرحم أي بل إنما أوجدها ليجعل ذلك المرحوم راحما لغيره فصار مرحوما للحق راحما لغيره ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو ) أي الحق ( سبحانه ليس بمحل للحوادث فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه وهو ) أي والحال إن الحق ( الراحم ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به فثبت أنه ) أي الحق ( عين الرحمة) والذائق أهل الكشف فإنهم اجترءوا أن يقول إن الصفات عين ذاته تعالى.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها. فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال. فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى.  فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما. والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة. والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به. وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه. وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة.).
إذا قلنا: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه 
فنقول: فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 
ثم تقرر أن قبول الحق تعالى للصفات إنما هو نسب واعتبارات وما بعد هذا واضح بنفسه 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرحمة ، فقد رحم ، واسم الفاعل هو الرحيم والراحم ، والحكم لا يتّصف بالخلق ، لأنّه أمر توجبه المعاني لذواتها ، فالأحوال لا موجودة ولا معدومة ، أي لا عين لها في الوجود ولا معدومة في الحكم ، لأنّ الذي قام به العلم يسمّى عالما وهو الحال ، فعالم ذات موصوفة بالعلم ، ما هو عين الذات ولا عين العلم ، وما ثمّ إلَّا علم وذات قام بها هذا العلم ، فكونه عالما حال لهذه الذات باتّصافها بهذا المعنى ، فحدثت نسبة العلم إليه ، فهو المسمّى عالما ، والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم وهي الموجبة للحكم ، فهي الراحمة ، والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها ، وإنّما أوجدها ليرحم بها من قامت به ، وهو - سبحانه - ليس بمحلّ للحوادث ، فليس بمحلّ لإيجاد الرحمة فيه . وهو الراحم ، ولا يكون الراحم راحما إلَّا بقيام الرحمة به ، فثبت أنّه عين الرحمة) .
 
يعني : الراحم وهو الحق عين الرحمة وإلَّا لزم كونه محلَّا للحوادث . والباقي واضح


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم ، واسم الفاعل هو الرحيم والراحم ، والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توحيه المعاني لذواتها كما ذكر في الفص الأول من حكم الحياة والعلم على الحي والعالم
"" أضاف بالي زادة :
قوله (لذواتها ) أي من اتصف بها من الذوات ، فالرحمة معنى من المعاني لأنها لا عين لها في الخارج توجب الحكم لذاتها الذي لا عين له في الخارج لذلك قال - رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )   - وجودا وحكما ، ولم يكتف بقوله وجودا والأمور التي توجبها المعاني أحوال ، فالحكم حال من الأحوال ، فالأحوال لا موجودة .اهـ بالى زادة
 
فصفات الحق موجود زائد على ذاته في العقل فإن لها حقائق معقولة ممتازة ، وأما في الخارج فلا أعيان لها فلا وجود فكان وجودها في الخارج عين ذاته تعالى والتحق الحكماء والمعتزلة في هذه المسألة بأهل الحق .اهـ بالى زادة . ""
 
 قال رضي الله عنه :  ( فالأحوال لا موجودة ولا معدومة ، إذ لا عين لها في الوجود لأنها نسب ، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال ، فعالم ذات موصوفة بالعلم ما هو عين الذات ولا عين العلم ، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم ، فكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى ، فحدثت نسبة العلم إليه فهو المسمى عالما ، والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم وهي الموجبة للحكم فهي الراحمة ) أي الجاعلة للذي نسب إليه راحما
( والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها ) أي ليكون بها مرحوما .
قال رضي الله عنه :  ( وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به ) فيكون راحما
(وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به فثبت أنه عين الرحمة).
وهو الأشعري ( وهي عبارة حسنة وغيرها ) أي غير هذه العبارة ( أحق بالأمر منها ) أي ما هو في نفس الأمر من هذه العبارة ( وأرفع للإشكال وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف ، وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) وهو قول أكثر العلماء والمعتزلة.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن ذكرته الرحمة ) أي ، الرحيمية لقيامها به ، كما في الكاملين ، أو بالمغفرة وإعطاء الجنة ، كما في العابدين الزاهدين المحجوبين عن معرفة الحقائق . (فقد رحم.) بما يناسب استعداده وتقبل عينه ذلك .
 
قال رضي الله عنه :  ( واسم الفاعل هو "الرحيم " و "الراحم " . ) أي ، الحاكم هو الرحمة ، وإن كان اسم الفاعل هو ( الرحيم ) و ( الراحم ) . أي ، وإن أضيفت الرحمة إلى الذات الموصوفة بالرحمة في "الرحيم" و "الراحم "  .
قال رضي الله عنه :  (والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجيه المعاني لذواتها. فالأحوال لا موجودة ولا معدومة.) .
 
لما قال : ( وجدوا حكمها ذوقا ) قال : والحكم أيضا غير موصوف بأنه مخلوق ، لأنه لا عين له في الخارج ليكون موصوفا بالمخلوقية ، بل هو أمر معنوي يستلزمه المعاني المعقولة لذواتها ، وهي المعاني الكلية المذكورة في الفص الأول من أنها باطنة ولا تزول عن الوجود الغيبي بحسب الحكم .
فالأحوال والأحكام كلها لا موجودة في الأعيان ، بمعنى أن لها أعيانا في الخارج ، ولا معدومة ، بمعنى أنها معدومة الأثر في الخارج .
ولو قال قائل : إن الأحوال لا أعيان لها في الخارج أعيانا جوهرية ، ولم لا يجوز أن يكون لها أعيانا عرضية موجودة في الخارج ، لأتجه . وتحقيقه أن الأعيان العرضية بعضها محسوسة ، كالسواد والبياض ، وبعضها معقولة ، كالعلم والقدرة والإرادة وأمثالها ،
والمعقولات من حيث إنها معقولات ليس لها وجود إلا في العقل ولا عين لها في الخارج غيره ، ومن حيث إنها هيئات روحانية مرتسمة في الذات الموصوفة بها ،
لها أعيان عرضية غير أعيان محالها ، واتحاد عين الصفة مع عين الموصوف وعدم اتحادها ، مستفاد من المرتبة الأحدية والواحدية التي للحق ، وقد علمت أن الصفات كلها عين الذات في المرتبة ( الأحدية ) ، وغيرها من وجه في ( الواحدية ) ،  فكذلك حال الصفات الروحانية مع محالها . والله أعلم .
 
قال رضي الله عنه :  (أي، لا عين لها في الوجود ، لأنها نسب ، ولا معدومة في الحكم ، لأن الذي قام به العلم يسمى عالما ، وهو الحال ) أي ، ذلك القيام هو ( الحال ) الذي به يسمى صاحبه عالما .
أو هذا هو المسمى ب‍ ( الحال ) في مذهب المعتزلة ، الذي هو واسطة بين الوجود والعدم
 
واعلم ، أن النفس الإنسانية البالغة إلى التجرد التام ، لا سيما إذا بلغت إلى المقامات
القلبية ، لها مقام ( أحدية ) ظلية ، أي ، مقام مشاهدة علومه وإدراكاته وأسمائه وصفاته في
غيب وجوده ، شهودا تاما .
وإذا أراد إظهار ما هو الموجود في غيب وجوده بالاستجنان العلمي ، يتجلى في الصور المفصلة ، لأن العقل البسيط الإجمالي خلاق للصور المفصلة .

وإذا تأملت فيما حررناه وتلوناه عليك ، يعرف أن النفس في مقام إجمال الصور وتحققها لوجود واحد جمعي أحدي إذا أراد إظهار ما في ذاته الأحدي ، يظهر الصور بعلم ومشيئة وإرادة وقضاء تكون كلها عين ذات النفس .
وأما المرتبة ( الواحدية ) ، المسمات ب‍ ( الألوهية ) ومقام تفاصيل العلوم والأسماء والصفات ، ليست فيها كثرة خارجية ، لأن الحق بسيط ، ليس فيه شائبة التركيب إلا في المفهوم .
وأهل الفن صرحوا بأن الحق باعتبار اتصافه بالألوهية واحد .
وإن شئت قلت إن الحق باعتبار تعينه باسمه ( الواحد ) واحد بسيط لا تركيب فيه يقتضى مظهرا واحدا مشتملا على جميع القابليات .
ونسمي هذا الواحد ب‍ ( الحقيقة المحمدية البيضاء ) المشتملة على جميع الموجودات من الأزل إلى الأبد .  
 
قال رضي الله عنه :  ( فعالم ذات موصوفة بالعلم . فما هو ) أي ، فليس ذلك الحال ، أي كونه عالما ( عين الذات ، ولا عين العلم ، وما ثمة إلا علم وذات قام بها هذا العلم .
وكونه عالما "حال"  لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى . فحدثت نسبة العلم إليه وهو المسمى
عالما . )
أي، حدثت من اجتماع الذات والصفة العلمية هذه النسبة وصار الموصوف بها مسمى بالعالم.
 
قال رضي الله عنه :  ( والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم . ) أي ، من جملة الراحم . ( وهي ) أي ، الرحمة .
( الموجبة للحكم ) على صاحبها بأنه راحم . ( فهي الراحمة ) أي ، الجاعلة لصاحبها راحما ، وهي الراحمة في الحقيقة للأشياء المرحومة ، وإن كانت في الظاهر مستندة إلى صاحبها .
 
قال رضي الله عنه :  (والذي أوجدها في المرحوم ، ما أوجدها ليرحمه بها ، وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.) .
أي ، الحق الذي أوجد الرحمة في المرحوم ، ما أوجدها ليرحمه بها ، فيكون مرحوما ، وإنما أوجدها فيه ليكون راحما ، لأنه بمجرد ما وجد أولا ، صار مرحوما بالرحمة الرحمانية ،
وعند الوصول إلى كمال يليق بحاله ، صار  مرحوما بالرحمة الرحيمية . فإيجاد الرحمة فيه وإعطاء هذه الصفة له بعد الوجود والوصول إلى الكمال ، إنما هو ليكون العبد موصوفا بصفة ربه ، فيكون راحما بعد أن كان مرحوما .
 
وإنما كان كذلك ، لأن الصفات الفعلية إذا ظهرت فيمن ظهرت تقتضي ظهور الفعل منه . ألا ترى أن الحق إذا أعطى لعبده صفة القدرة وتجلى بها له ، كيف تصدر منه خوارق العادات وأنواع المعجزات والكرامات .
والرحمة مبدأ جملة الصفات الفعلية ، إذ بها توجد أعيانها . فنسأل الله تعالى أن يرحمنا بالرحمة التامة الخاصة والعامة .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث ، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه . وهو الراحم ، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به . فثبت أنه عين الرحمة . ).
أي ، الحق سبحانه هو الذي يرحم جميع الأسماء والصفات والأعيان والأكوان ، فهو الراحم ، وليس محلا للحوادث ، ليكون له صفة زائدة عليه حادثة بالذات ،
فرحمته عين ذاته غير زائدة عليها وبها رحم الرحمة الصفاتية فأوجدها والعين التي هي قائمة بها ليرحم الأشياء كلها بها .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:24 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرّحمة فقد رحم ، واسم الفاعل هو الرّحيم والرّاحم)
( فمن ذكرته الرحمة ) ، أي : تعلقت به تعلق الوقوع ، ( فقد رحم ) ، أي : صار مرحوما ، (واسم الفاعل هو الرحيم ) إن قصد الثبوت ، ( والراحم ) إن قصد الحدوث .
 
قال رضي الله عنه :  ( والحكم لا يتّصف بالخلق لأنّه أمر توجبه المعاني لذواتها ، فالأحوال لا موجودة ولا معدومة ، أي : لا عين لها في الوجود ؛ لأنّها نسب ، ولا معدومة في الحكم ؛ لأنّ الّذي قام به العلم يسمّى عالما وهو الحال ، فعالم ذات موصوفة بالعلم ، ما هو عين الذّات ، ولا عين العلم ، وما ثمّ إلّا علم وذات قام بها هذا العلم ، وكونه عالما حال لهذه الذّات باتّصافها بهذا المعنى فحدثت نسبة العلم إليه ؛ فهو المسمّى عالما ، والرّحمة على الحقيقة نسبة من الرّاحم ، وهي الموجبة للحكم ، فهي الرّاحمة ، والّذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها ، وإنّما أوجدها ليرحم بها من قامت به ، وهو سبحانه ليس بمحلّ للحوادث ، فليس بمحلّ لإيجاد الرّحمة فيه ، وهو الرّاحم ، ولا يكون الرّاحم راحما إلا بقيام الرّحمة به ، فثبت أنّه عين الرّحمة ).
 
قال رضي الله عنه :  ( والحكم ) وهو تأثير الرحمة فيما ذكرنا ( لا يتصف ) مع حدوثه ( بالخلق ) ، وإلا احتاج إلى تأثير آخر ، وهلم جرّا ، فيلزم التسلسل في الأمور الموجودة ، وليس تقديم ، وإلا قدم الأثر ولا معدوم ، إذ لا يحصل منه شيء فهو حال ؛ ( لأنه أمر توجيه المعاني ) كالعلم ، والقدرة ، والرحمة ، والضرب ، والقتل ( لذواتها ) ، إذ لا تتصور تلك المعاني بدون أن يسمى من قامت به عالما قادرا راحما ضاربا قاتلا ، والخلق لا تكون من لوازم ذات الخالق بحيث لا يتصور دونه ، والقديم لا يكون موجبا ، والمعدوم لا يكون موجبا لشيء ولا موجبا ، فهو من جملة الأحوال التي قال بها أبو بكر الباقلاني ، وإمام الحرمين في أحد قوليه ، وأبو هاشم .
 
قال رضي الله عنه :  ( فالأحوال لا موجودة ، ولا معدومة ، أي : لا عين لها في الوجود ؛ لأنها نسب ) أي :
لدخول النسب المعدومة في مفهوماتها ، ( ولا معدومة في الحكم ) إذ يحكم بها المعاني لذواتها ، وبها تحكم على محل صدورها ووقوعها ويقع التأثير والتأثر ؛ ( لأن الذي قام به العلم يسمى عالما ، وهو ) أي : كونه مسمى بالعالم هو ( الحال ) التي ليست موجودة ولا معدومة ؛ لأنها زواجر بعضها موجودة وبعضها معدومة ، ( فعالم ذات موصوفة بالعلم ) ، فهو مجموع من الذات والعلم والنسبة الموجبة ؛ لكون العلم صفة للذات ، ( فما هو عين الذات ، ولا عين العلم ) ؛ لأن المجموع لا يكون عين كل واحد من أجزائه ، وليس جميع أجزائه موجودة ؛ لأنه ( ما ثم ) في الوجود ( إلا علم وذات ) ،
وإن اعتبرت من حيث ( قام بها هذا العلم ) قيده بإشارة ؛ ليدل على وجود الصفة مع أن اتصاف الذات ليس من قبيل الموجودات ، ( فكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى ) ، فهو صفة لموجود لا موجودة ، ولا معدومة أوجبها له هذا المعنى ، وإذا اتصفت الذات بهذا المعنى ( فحدثت نسبة العلم إليه ) ، والنسبة من المعدومات ، والعلم والذات من الموجودات ، اجتمعت في الذات المذكورة
قال رضي الله عنه :  ( فهو المسمى عالما ) ، والمجموع من الموجود والمعدوم لا موجود ولا معدوم ، فهو من الأحوال ، وإن صدق على موجود كزيد ضرورة أن كل حال صفة له ، فإذا كان هذا في العلم ، فكذا الراحم بل أولى ، وذلك أن الذي وإن كانت موجودة باعتبار أن المراد بها رقة القلب ، أو إرادة الإنعام .
 
قال رضي الله عنه :  ( فهي على الحقيقة ) باعتبار تعلقها بالمرحوم ( نسبة من الراحم ) إليه ، وهي من المعدومات ، ( وهي ) أي : وتلك ( النسبة ) التي هي من المفهوم الحقيقي للرحمة هي ( الموجبة للحكم ) الذي هو تأثير الرحمة بتحصيل الأمر المرحوم به ، وهو الإنعام أو الإيجاد ، وبتسمية من ذكرته بالمرحوم ، ومن صدرت منه بالرحيم أو الرحم ، إذ لا توجبها الإرادة والرقة ،
إذ لا تعدي لهما إلى المرحوم ، ولا المرحوم به ، فكيف لا يكون الراحم المتضمن لهذه النسبة من الأحوال مع تضمنه نسبة هذه النسبة إلى الذات ، ثم إن الذات وإن وصفت بالراحمية ، فراحميتها بواسطة الرحمة ؛ فهي سبب قريب (فهي الراحمة ) ، فمفهومها الحقيقي عين النسبة ، لكن لهذه النسبة نسبة إلى الذات بغرضيها ؛ فهي من الأحوال بلا شكّ .
 
ثم استشعر سؤالا بأنها لو كان مفهومها الحقيقي نسبة لكانت حادثة ؛ لتأخرها عن المنتسبين ، ولا يختلف هذا المفهوم في حق اللّه تعالى ، وحق الخلق ، فيلزم ألا يكون الحق رحما ، لكنه خلاف ما أجمع عليه الطوائف ممن أقر بالصانع سيما في الرحمة الإيجادية .
 
فأجاب عنه بقوله : ( والذي أوجدها ) باعتبار هذا المفهوم ( في المرحوم ) في الرحمة التي أثرها عن سؤاله ( ما أوجدها ؛ ليرحمه بها ) ، أي : ليصير الموجود راحما بها ، ( وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به ) ،
 أي : ليصير من قامت به راحما بها على نفسه ، فكذا الرحمة الإيجادية التي أثرها بغير سؤال من المرحوم ، يوجدها الحق في العين الثابتة للمرحوم ؛ ليرحم بها المرحوم على نفسه بإيجادها ، كما قلنا فيما تقدم : إن التكوين للشيء من نفسه بأمر ربه إذ هو ممتثل لأمره في ذلك ، وإلا فكيف يكون الحق موجدا للرحمة الإيجادية في نفسه ، وهي حادثة باعتبار مفهومها الذي لا يختلف ، (وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث ، فليس بمحل  لإيجاد الرحمة فيه ) التي مفهومها ما ذكرنا .
 
ولكن قد اتفق الكل على أنه ( هو الراحم ، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة ) بذاته لا بإيجادها ، كما لا يكون موجود السواد في جسم أسود ؛
ولذلك قال أهل السنة : لا يكون متكلما إلا بكلام يقوم بذاته ، وأنه لا يكون بإيجاد الزنا والسرقة والكفر ، زانيا وسارقا وكافرا ، فرحمته ليس لها هذا المفهوم الذي يوجب حدوثها ، ولا شكّ أنها إذا غايرت الذات فلها هذا المفهوم ،
قال رضي الله عنه :  ( فثبت أنه عين الرحمة ) ، وهي الراحمة ، فهو الراحم برحمة هي عين ذاته ليس لها مفهوم آخر ، لكن إنما تدرك عينيتها بالذوق ولا بدّ ، فالعقل لا بدّ ، وأن يتصور لها مفهوما آخر .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
وإليه أشار بقوله : ( فمن ذكرته الرحمة فقد رحم ) ، فالمذكور هو اسم المفعول ، ( واسم الفاعل هو الرحيم الراحم ) وقد علم أنّ غاية ما استقرّ عليه أمر أهل الكشف في الأثر السؤالي من الرحمة ، هو وجدان حكم الرحمة ، كما أنّ غاية أمر المحجوبين فيه أن يرحمهم الحقّ المخلوق في اعتقادهم .
 
الأحوال وأنها لا موجودة ولا معدومة
فظهر أنّ حظَّ أهل الكشف من الرحمة وأثرها أوفى وكعبهم أعلى ، فإنّ حظَّهم من حكم الرحمة ( والحكم لا يتصف بالخلق ، لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها ) ، والخلق إنما يقال لمن تنزّل المبدء فيه بصورة الأثر والفعل . فتكون له مرتبة أخرى في الوجود أظهر وأنزل .
 
والحكم ليس كذلك فإنّه مقتضى المعاني لذواتها ، فلا تنزل فيه أصلا ، فإنّه في الرتبة الأولى السابقة على الوجود ، فإنّه من الأحوال .
(فالأحوال لا موجودة ولا معدومة أي لا عين لها في الوجود لأنّها نسبة ) والنسبة لا عين لها في الوجود ، ( ولا معدومة ) أيضا لأنّ لها حظَّا من الوجود باعتبار الظهور الذي لها ( في الحكم ) ، فإنّ الأحوال وإن لم تكن لها عين في الوجود - مثل العلم والحياة - إلا أنّ لها ظهورا في الحكم ( لأن الذي قام به العلم يسمى عالما ) ، فحكم العالم موجود - يعني العلم

 ( و ) العالم ( هو الحال ) ليست لها عين في الوجود ، لأن العين الموجودة هاهنا واحدة ، وهي العالم ( فعالم : ذات موصوفة بالعلم ) ، وكونها عالما ( ما هو عين الذات ، ولا عين العلم ، وما ثم الأعلم وذات قام بها هذا العلم وكونه ) - أي كون الذي قام به العلم –
( عالما ، حال لهذه الذات باتّصافها بهذا المعنى ) ، وهو العلم .
 
"" أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثاني والسبعون وثلاثمائة: 
فعلى الحقيقة لا أثر لموجود في موجود وإنما الأثر للمعدوم في الموجود وفي المعدوم
لأن الأثر للنسب كله وليست النسب إلا أمورا عدمية يظهر ذلك بالبديهة في أحكام المراتب
 كمرتبة السلطنة ومرتبة السوقية في النوع الإنساني مثلا فيحكم السلطان في السوقة بما تريد رتبة السلطانة وليس للسلطنة وجود عيني
وإذا كان الحكم للمراتب فالأعيان التي من حقيقتها أن لا تكون على صورة طبيعية جسمية في نفسها إذا ظهرت لمن ظهرت له في صورة طبيعية جسدية في عالم التمثيل كالملك يتمثل بَشَراً سَوِيًّا وكالتجلي الإلهي في الصور .أهـ  ""
 
وفي عبارته هذه إشعار بسبب تسمية الحال حالا ، إذ بها تتحول الذوات .
( فحدثت نسبة العلم إليه ) أي إلى الذي قام به بسبب الاتّصاف بالمعنى العلمي الذي هو مبدأ هذه النسبة . وإنما جعل هذين الضميرين للذي قام به دون الذات - مع قربها ،
لأنّ أصل الكلام في مطلق الحال ، وتشخيص هذه الذات وهذا المعنى للتمثيل فقط ، على ما هو الظاهر من عبارته ( فهو المسمّى عالما ) .
فعلم أنّ العالم له حظَّ من الوجود باعتبار العلم الذي هو حكمه .
 
الحقّ تعالى عين الرحمة
( والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم ) وإن كان بحسب الظاهر الراحم من الرحمة ، وهي مبدؤه كما سبق في بيان العلم والعالم .
( و ) تلك الرحمة ( هي الموجبة للحكم ) ظاهرا وحقيقة ، ( فهي الراحمة ) أي الموجبة لقيام الرحمة بالذات وتسميتها بالراحم ( والذي أوجدها ) من الرحمة ( في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها ) من حيث أنه مرحوم ، ( وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به )
 
تلك الرحمة على ما بيّن ذلك في العلم : أنّه سبب حدوث نسبة العلم إلى من قام به - فيكون إيجاد المرحوم وغايته ليس ليرحم المرحوم من حيث أنّه مرحوم ، بل لثبوت الرحمة لمن قامت به الرحمة ، يعني الحقّ ، ( وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث ، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه ) من جهة إيجاد المرحوم ( وهو الراحم ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به فثبت أنّه عين الرحمة ) وإلا لم يكن هو الراحم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرحمة فقد رحم. واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم. وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى. فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (فمن ذكرته الرّحمة فقد رحم .)
(فمن ذكرته الرحمة) ، بإيصال أثرها إليهم كالمحجوبين (فقد رحم)،
 
قال رضي الله عنه :  ( واسم الفاعل هو الرّحيم والرّاحم . والحكم لا يتّصف بالخلق لأنّه أمر توجبه المعاني لذواتها . فالأحوال لا موجودة ولا معدومة . أي لا عين لها في الوجود لأنّها نسب ، ولا معدومة في الحكم لأنّ الّذي قام به العلم يسمّى عالما وهو الحال . فعالم ذات موصوفة بالعلم ، ما هو عين الذّات ولا عين العلم ، وما ثمّ إلّا علم وذات قام بها هذا العلم . وكونه عالما حال لهذه الذّات باتّصافها بهذا المعنى فحدثت نسبة العلم إليه فهو المسمّى عالما .  والرّحمة على الحقيقة نسبة من الرّاحم ، وهي الموجبة للحكم ، فهي الرّاحمة .)
 
فالمذكور هو المرحوم اسم المفعول ومن ذكرته الرحمة بقيامها فقد رحم والمذكور اسم الفاعل ( واسم الفاعل هو الرحيم والراحم والحكم ) الذي توجبه الرحمة في المرحوم والراحم أعني المرحومية والراحمية .
 
قال رضي الله عنه :  ( لا يتصف بالخلق لأنه ) ، أي الحكم ( أمر توجبه ) وتنسبه ( المعاني ) المعقولة الغير الموجودة ( لذواتها ) التي هي قائمة بها من غير أن يتعلق به جعل وخلق أو المعنى توجبه المعاني لذواتها من غير مدخلية شيء آخر ، ولا يتعلق به جعل وخلق وبعض الملبين يسمى هذا الحكم وأمثاله أحوالا
 
قال رضي الله عنه :  ( فالأحوال لا موجودة ولا معدومة ) لا موجودة ( أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب ) ، عدمية لا وجود لها في الخارج ( ولا معدومة في الحكم ) بها على الشيء من معنى الثبوت له ( لأن الذي قام به العلم ) مثلا ( يسمى عالما ) ، أي تثبت له العالمية ، وثبوت شيء لشيء وإن لم يستلزم وجود الثابت لكنه فيه وجود شائبة وجود للفرق البين بين ما لا وجود له في نفسه ولكن يكون موجودا ثابتا لغيره وبين ما لا يكون موجودا في نفسه ولا موجودا لغيره ( وهو ) ، أي كون الذي قام العلم به عالما هو ( الحال ) التي ليست لها عين موجودة ولكن فيها شائبة وجود .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعالم ذات موصوفة بالعلم ما هو ) ، أي كونه عالما ( عين الذات ) لاشتماله على معنى زائد على الذات ( ولا عين العلم ) لاعتبار الذات فيه ( وما ثم إلا علم وذات قام بهذا هذا العلم ) ويلزمها لقيام العلم بها العالمية ( و ) هي ( كونه ) ، أي كون العالم ( عالما حال لهذه الذات باتصافها ) ، أي بسبب اتصاف الذات
 
قال رضي الله عنه :  ( بهذا المعنى ) الذي هو العلم ( فحدثت نسبة العلم ) ، أي إضافته ( إليه ) ، أي إلى الذي قام به ، ( فهو ) أي الذي قام به العلم هو ( المسمى عالما ) واتصف بالعالمية التي هي الحال ( والرحمة على الحقيقة نسبة ) ، أي نسبي ( من الراحم ) يوجده الراحم في المرحوم ويحكم به عليه ( و ) في الحقيقة تلك الرحمة ( هي النسبة الموجبة للحكم ) بالراحمة على المرحوم ( فهي الراحمة ) ، أي الموجبة لقيام الرحمة بالمرحوم وجعله راحما
 
قال رضي الله عنه :  (والّذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنّما أوجدها ليرحم بها من قامت به . وهو سبحانه ليس بمحلّ للحوادث ، فليس بمحلّ لإيجاد الرّحمة فيه . وهو الرّاحم ولا يكون الرّاحم راحما إلا بقيام الرّحمة به ، فثبت أنّه عين الرّحمة . )
قال رضي الله عنه :  ( والذي أوجدها ) ، أي الرحمة ( في المرحوم ما أوجدها ) فيه ( ليرحمه بها ) ، ويجعله مرحوما ( وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به ) تلك الرحمة ويصير بها راحما .
وجميع ما ذكرناه إنما يصح بالنسبة إلى الخلق وأما بالنسبة إلى الحق سبحانه فهو ما أشار إليه بقوله ( وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه وهو الراحم ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به ) ، ووجوهها فيه أو بكونه عين الرحمة ، والأول يستلزم كونه محلا للحوادث أو الاستكمال بالغير
 
قال رضي الله عنه :  ( فثبت أنه عين الرحمة ومن لم يذق هذا الأمر ) ، أي يعرفه معرفة ذوق ووجدان ( ولا كان له فيه قدم ) يسلك بها مسالك النظر والبرهان ( ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة ) مطلقا كما ذهب إليه الحكماء والمعتزلة

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:38 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه:  (ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنّه عين الرّحمة أو عين الصّفة ، فقال ما هو عين الصّفة ولا غيرها . فصفات الحقّ عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنّه لا يقدر على نفيها ولا يقدر على أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي عبارة حسنة، وغيرها أحقّ بالأمر منها وأرفع للإشكال.  وهو القول بنفي أعيان الصّفات وجودا قائما بذات الموصوف وإنّما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة.)
 
قال رضي الله عنه:  (ومن لم يذق) ، أي يجد في نفسه (هذا الأمر) المذكور هنا (ولا كان له فيه قدم) ، أي رسوخ بمقتضى كشفه ومعاينته وإن فهمه وتخيله بعقله ما اجترأ ، أي قدر (أن يقول إنه) ، أي اللّه تعالى (عين الرحمة) التي هي صفة من صفاته تعالى (أو عين الصفة) الإلهية ويصيب الحق والصواب بذلك القول ، فإن حكماء الفلسفة قالوا بذلك وأخطأوا وكفروا ، فإن الصفات عندهم عين الذات على معنى أنه ليس هناك ذات وصفات بل ذات واحدة إذا قدر بها كانت هي عين ما سمي قدرة ولا رتبة هناك ولا نسبة أصلا وهو باطل عقلا وشرعا ،
 
قال رضي الله عنه:  (فقال) : وهو الأشعري من علماء الكلام ما هو ، أي اللّه تعالى (عين الصفة) التي له ولا غيرها أيضاف فصفات الحق تعالى (عنده) ، أي عند هذا القائل (لا هي) تلك الصفات (هو) ، أي اللّه (ولا هي) ، أي تلك الصفة أيضا (غيره) تعالى (لأنه) ، أي هذا القائل (لا يقدر على نفيها) عنه تعالى بالكلية لورودها في الشرع فيلزم من ذلك نفي الشرع ، وهو كفر (ولا يقدر) أيضا (أن يجعلها) ، أي تلك الصفات الإلهية (عينه) ، أي عين ذات الحق تعالى ، لأن القول به مع إثباتها له تعالى يحتاج إلى ذوق كشفي ومعاينة وهو من أهل الأفكار والأنظار العقلية ، فلا يتيسر له ذلك إلا ويلزم عليه عنده القول بنفي الصفات مثل مذهب الفلاسفة وهو كفر أيضا .
 
قال رضي الله عنه:  (فعدل) بالضرورة إلى هذه العبارة التي هي قوله لا الصفات عين الذات ولا غيرها (وهي عبارة حسنة) وإن لزم منها ارتفاع النقيضين وهو محال عقلا لكن هي أداة تنزيه للحق تعالى ولصفاته فليس المراد مفهومها بل الإيمان بما هو الأمر عليه في نفسه من غير أن يستقر له مفهوم في العقل وقول بعضهم بمفهوم هذه العبارة وأنها بمنزلة الواحد من العشرة لا هو عين العشرة ولا غيرها ذهاب منه إلى القول بأن الصفات جزء من الذات الإلهية كالواحد جزء من العشرة فيكون قولا بالتركيب في الذات الإلهية وهو غير قائل به ،
 
لأنه شرك فلا يصح التمثيل لهذه العبارة بمثل ذلك (وغيرها) ، أي غير هذه العبارة (أحق) أي أولى وأحرى (بالأمر) أي بما هو عليه الأمر في نفسه (منها) أي من هذه العبارة (وأرفع) ، أي أكثر رفعا ، أي إزالة (للإشكال) الذي هو ارتفاع النقيضين أو ثبوتهما معا وذلك محال لأنها إذا لم تكن عينا كانت غيرا ، وإذا لم تكن غيرا كانت عينا فتكون عينا وغيرا أو لا عينا ولا غيرا.
 
قال رضي الله عنه:  (وهي) ، أي هذه العبارة (القول بنفي أعيان الصفات وجودا) ، أي من جهة الوجود قائما ذلك الوجود بذات الموصوف بها يعني أن أعيان الصفات الإلهية ليست بموجودة وجودا آخر قائما بذات الحق تعالى الموصوف بها حتى يحتاج أن يقال إنها عينه أو غيره أو لا عينه ولا غيره .
 
قال رضي الله عنه:  (وإنما هي) ، أي تلك الصفات الإلهية نسب جمع نسبة وإضافات جمع إضافة ، أي هي أمور اعتبارية حاصلة (بين الموصوف بها) وهو الحق تعالى (وبين أعيانها) ، أي أعيان تلك الصفات (المعقولة) ، أي تلك الأعيان في عقل المتعقل لها على مقتضى ما وردت بها نصوص الكتاب والسنة وصف اللّه تعالى بها نفسه شرعا ، ولو كانت موجودة بوجود مستقل غير وجود الذات الإلهية أو بوجود فائض عن الذات الإلهية لشاركت الحوادث في وجودها فكانت حادثة ولزم التركيب في الذات الإلهية وقيام الحوادث بالقديم أو عدم قيامها بالذات الأزلية وكله محال ، فتعين أن لا يكون لها وجود في نفسها أصلا مع ثبوتها له تعالى شرعا ،
 
فكانت مجرد مراتب للحق تعالى كمرتبة السلطان والقاضي ليس في الخارج أمر زائد على ذات الإنسان يسمى صفة السلطنة والقضاء بحيث إذا اتصف بذلك إنسان زاد فيه معنى آخر في الخارج عن عقل المتعقل حاصلا في ذلك الإنسان ، وإنما هي أمور اعتبارية تقديرية والتأثير لا يصدر إلا عنها لا عن الذات .
 
أرأيت أن السلطان والقاضي لا يحكمان على أحد من حيث كونهما إنسانا أصلا ، ولا فرق من هذا الوجه بينهما وبين غيرهما من بقية الناس ، بل لهما المساواة في ذلك مع الغير وإنما يحكمان من حيث المرتبة التي لهما ، ولا وجود لها في الخارج عن تعقل المتعقل أصلا ، فالسلطان والقاضي موصوفان بوصفين هما مجرد مرتبتين لهما اعتباريتين تقديريتين لا يوصف بهما غيرهما وهما السلطنة والقضاء والتحكم كله للمرتبة لا للذات ، فافهم ترشد إن شاء اللّه تعالى إلى الكشف عن ذلك ومعرفته ذوقا ،
وتدرك من أين قال أهل هذه الطريقة المرضية من المحققين إن صفات الحق تعالى عين ذاته لا بمعنى قول الفلاسفة المنكرين للصفات ، ولا تحتاج أن تقول إنها غير الذات أو إنها لا غير الذات ولا عينها.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن لم يذق ) والذائق أهل الكشف فإنهم اجترءوا أن يقول إن الصفات عين ذاته تعالى ( هذا الأمر ) أي أمر الرحمة ( ولا كان له فيه قدم ) ومن كان له قدم في هذا الأمر أي علم في الجملة وهم الحكماء والمعتزلة فإنهم اجترءوا أن يقول إن ذاته عين صفاته ( ما اجترءوا أن يقول إنه ) أي الحق ( عين الرحمة أو عين الصفة فقال ) الذي لم يقل هكذا ( ما هو ) أي ليس الحق
 
قال رضي الله عنه :  ( عين الصفة ولا غيرها فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه ) لعدم ذوقه الأمر على ما هو عليه وهم الأشاعرة ( فعدل إلى هذه العبارة وهي عبارة حسنة وغيرها ) أي وغير هذه العبارة ( أحق بالأمر منها ) أي أحق بالدلالة على الأمر على ما هو عليه في نفسه من هذه العبارة
 
قال رضي الله عنه :  ( وأرفع للإشكال ) وهو كون الحق محلا للحوادث إذا لم يكن عينها فإنه وإن رفع الأشكال بهذه العبارة الحسنة لكنه أرفع بغيرها ( وهو ) أي ذلك الغير ( القول بنفي أعيان الصفات وجودا ) في الخارج ( قائما بذات الموصوف وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) فصفات الحق موجودة زائدة على ذاته في العقل فإن لها حقائق معقولة ممتازة وأما في الخارج فلا أعيان لها فلا وجود فكان وجودها في الخارج عين ذاته تعالى والتحق الحكماء والمعتزلة في هذه المسألة بأهل الحق .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).

قال رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها. فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).

فنقول: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه،  فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 
ثم تقرر أن قبول الحق تعالى للصفات إنما هو نسب واعتبارات وما بعد هذا واضح بنفسه .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ، ما اجترأ أن يقول : إنّه عين الرحمة أو عين الصفة فقال : ما هو عين الصفة ولا غيرها ، فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره لأنّه لا يقدر على نفيه ولا يقدر أن يجعلها عينه ، فعدل إلى هذه العبارة ، وهي عبارة حسنة ، وغيرها أحقّ بالأمر منها وأرفع للإشكال ، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف ، وإنّما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) .
قال العبد : جلّ هذه المباحث قد ذكرنا فيه ما يكفي ويشفي فتذكَّر لا يتكرّر .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  (ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول : إنه عين الرحمة أو عين الصفة ، فقال : ما هو عين الصفة ولا غيرها فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره ، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه ، فعدل إلى هذه العبارة ) وهو الأشعري.
 ( وهي عبارة حسنة وغيرها ) أي غير هذه العبارة ( أحق بالأمر منها ) أي ما هو في نفس الأمر من هذه العبارة .
قال رضي الله عنه :  ( وأرفع للإشكال وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف ، وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) . وهو قول أكثر العلماء والمعتزلة.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ) أي ، من لم يحصل له هذا الأمر بالذوق ليكون راحما بالفعل مالكا لهذه الصفة متمكنا فيها ، ولا له قدم بوجه من الوجوه في هذا المقام .
 
قال رضي الله عنه :  ( ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة ، أو عين الصفة ، ولا غيرها . فقال ) أي ، الأشعري .
 
قال رضي الله عنه :  ( ما هو عين الصفة ولا غيرها . فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره ، لأنه لا يقدر على نفيها ، ولا يقدر أن يجعلها عينه ، فعدل إلى هذه العبارة . وهي عبارة حسنة ، وغيرها ) أي ، وغير هذه العبارة .
(أحق بالأمر منها) أي ، أحق بما في نفس الأمر منها . (وأرفع للإشكال .) وهو أن يكون الذات ناقصة بالذات مستكملة لنفسها بالصفات .
 
قال رضي الله عنه :  ( وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف ) ( هو ) عائد إلى قوله : ( وغيرها ) . أي ، القول بنفي أعيان الصفات الزائدة على الذات القائمة بها أولى وأليق بما في نفس الأمر وأرفع للإشكال من أن يجعل له صفات زائدة على ذاته تعالى قائمة بها ، وهي لا عينها ولا غيرها .
والقول بالنفي مذهب أكثر الحكماء والمعتزلة .

قال رضي الله عنه :  (وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة . ) أي ، وإنما الصفات نسب وإضافات ، تلحق بالذات الإلهية ، حاصلة بين الذات الموصوفة بها وبين الأعيان المعقولة لها ، إذ لكل صفة حقيقة يمتاز بها عن غيرها ، فتلك الحقائق أعيانها
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:39 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).

قال رضي الله عنه :  ( ومن لم يذق هذا الأمر ، ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول : إنّه عين الرّحمة أو عين الصّفة ، فقال : ما هو عين الصّفة ولا غيرها ، فصفات الحقّ عنده لا هي هو ولا هي غيره ؛ لأنّه لا يقدر على نفيها ، ولا يقدر على أن يجعلها عينه ، فعدل إلى هذه العبارة ، وهي عبارة حسنة ، وغيرها أحقّ بالأمر منها ، وأرفع للإشكال ، وهو القول بنفي أعيان الصّفات وجودا قائما بذات الموصوف ، وإنّما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ).

ولذلك قال رضي الله عنه  : ( ومن لم يذق هذا الأمر ) ، أي : عينية الرحمة للحق باعتبار أن ليس لها مفهوم آخر وراء النسبة ، ولا وجود لها ، وإنما هو الراحم ( ولا كان له فيه قدم ) أي : دخل أيضا ، فإن من لا يكون صاحب الذوق قد يعرف هذا في بعض الأشياء ؛ فإنه يعرف أنه ليس في الخارج شيء هو حيوان ، وشيء هو ناطق يتركب منهما الإنسان ، بل هما في الواقع واحد والعقل يتصورهما شيئين ما أخبر ( أن يقول : إنه ) تعالى : ( عين الرحمة ) ، بل هي من جملة أفعاله ، وفعل الشيء ليس عينه ( أو عين الصفة ) كالحياة والعلم ، والإرادة والقدرة ، والسمع والبصر والكلام ، وإلا لصدق أحدهما على الآخر مع أنه لا يقال : اللّه رحمة أو حياة أو علم ؛ ( فقال : ما هو ) أي : الحق ( عين الصفة ولا غيرها) .

وفي الرحمة صرح بعضهم بالغيرة ، وبعضهم قالوا فيها مثل ما قالوا في الصفة ، وفسروا الغيرين بموجودين يجوز انفكاك أحدهما عن الآخر ، فإن أرادوا بحسب التعقل انتقض بالمتضايقين على تقدير وجودهما ، وبالصانع مع صفاته ، وإلا لم ينكرها عاقل ، وإن أرادوا بحسب الخارج من جانب انتقض بالجزء مع الكل ، وإن أرادوا من الجانبين انتقض بالعلة مع المعلول ، ولكن هذا هو مرادهم ، فيكون ذلك في الصفات اللازمة والقديمة في معناها ،

قال رضي الله عنه :  ( فصفات الحق عنده لا هي هو ، ولا هي غيره ) ؛ لأنها إما منفية أو ثابتة ، والأول باطل ؛ ( لأنه لا يقدر على نفيها ) مع ثبوتها بالأدلة القطعية ، ومع ظهور آثارها ، وعلى تقدير ثبوتها ، فإما أن يكون غيره أو عينه ، ولا يقدر أن يقول غيره ، وإلا جاز الانفكاك من جانب أو جانبين في الواقع ، وهو باطل لمنافاة قدمها ذلك ، ( ولا يقدر أن يجعلها عينه ) ؛ لامتناع حملها عليه ، (فعدل إلى هذه العبارة ) ، وهي أنه لا عينه ولا غيره .

قال رضي الله عنه :  ( وهي عبارة حسنة ) ؛ لإفادتها أنها وإن لم تحمل عليه ، فلا ينفك عنه ، ولا ينفك عنها في الواقع مع أنها لا تنافي التحقيق في أنها عين الذات في الواقع ، وهي معان زائدة في نظر العقل مع اعتبار انتسابها إلى أمور معقولة ، ( وغيرها أحق بالأمر ) ، أي : أطبق للواقع ( وأرفع للإشكال ) الوارد على إثبات الصفات ، ( وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا ) أي : نفي أن يكون لكل صفة وجود في نفسها غير وجود الموصوف ،

وغير وجود كل صفة أخرى ، وإن كان العقل يعتبرها معان زائدة تكون باعتبار وجودها ( قائمة بذات الموصوف ) ، مع أن تلك المعاني ليست موجودة في الواقع حتى تصير قائمة بذواتها أو بذات الموصوف بها ، ( وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها ) أي : بتلك المعاني النسبية ( وبين أعيانها المعقولة ) ، كالمعلوم والمقدور ، والمراد ما يتعقله الحق في الأزل قبل وجودها ، وهذه إشارة إلى أن هذه النسب ثابتة في الأزل ، فلا ينافي قدم الصفات .

ولما كان أحق وأرفع للإشكال ، إذ لا يلزم على هذا التقدير للفلاسفة والمعتزلة أصلا ، وهي من وجوه :
الأول : لو وجدت لافتقرت إلى الذات ؛ لقيامها بها ، فإن كان سببها الذات كانت قابلة وفاعلة معا ، أو غيرها افتقر الذات إليه ؛ لامتناع خلوها عنه .
أجيب : أن لا منع في كونه قابلا وفاعلا معا .

الثاني : إن كانت قديمة تساوت الذات في القدم مع التخالف في الماهية ، فيتركب كل منهما من جزئين ، كل جزء يشارك الآخر في القدم ، ويخالف بالخصوصية ، فيتركب كل منهما من أجزاء غير متناهية ، وإن كانت حادثة ، فلا تكفي الذات فيها لوجوب ذواتها بدوامها ، فلا تكون حادثة ، فتفتقر الذات إلى الغير لوجوب اتصافها بتلك الصفة المفتقرة إلى الغير .
أجيب : بأن الكلام أمر اعتباري خارج ، فالمساواة فيه مع المخالفة في الماهية لا يستلزم التركيب .

الثالث : إنما تمت الإلهية بدونها ، فهي فاصلة يجب نفيها ، وإلا لافتقر في تحصيل صفة الإلهية إلى الغير .
أجيب : بمنع الغيرية والإلهية عبارة عن هذه الصفات ، فلا معنى لافتقارها إلى نفسها.

الرابع : إن كملت الذات بنفسها ، فلا حاجة إلى الصفات ، وإلا كانت ناقصة بذاتها مستكملة بغيرها .
أجيب : بأن تكون الذات منشأ الصفات الكاملة عين كمالها .
 
الخامس : لو كانت له صفات كان الإله مجموع الذات والصفات ، فيكون مركبا .
أجيب : بأنه لا تركيب للذات مع صفة لا تغايره .

السادس : كفرت النصارى بتعدد الصفات، إذ قالوا: إن اللّه جوهر واحد ذو صفات ثلاث هي الوجود ، والعلم ، والحياة ، وسموها أقانيم ثلاثة.
أجيب : بأنهم أنزلوها منزلة الذوات ، إذ جوزوا عليها الانتقال ؛ 
فإنهم قالوا : إن الكلمة ، وهي أقنوم العلم اتحدت حينئذ بالمسيح ، وتدرعت بناسوته بطريق الامتزاج ، أو الانقلاب ، أو الإشراق ، أو الظهور ، لكنهم جعلوا العلم بمنزلة الشمس من الذوات ، وجعلوا الحياة بمنزلة الملك الظاهر بصورة ، وهو أيضا من الذوات .


فقد قالوا بتعداد الذوات القديمة ، ونحن نجعل الظهور والإشراق للذات مع اعتبار صفة ففارقناهم ، وليس هذا القول من الشيخ رحمه اللّه موافقا لقول الفلاسفة والمعتزلة أنها عين النسب وحدها ، 
إذ لا معنى لقوله بين الموصوف بها حينئذ ، فإن النسب من المعدومات ، فلا تكون صفة لشيء ، والحال إنما كان صفة ؛ لأنه ليس بمعدوم كما أنه ليس بموجود ، ولا ينتقص بالصفات السلبية ، فإنها معان موجودة تستلزم نفي الشيء ؛ لأنها أعدام ، 
فإن العدم من حيث هو عدم ليس بصفة ، كما أنه ليس بموصوف ، والعدم المضاف إلى شيء له حكم الموجود مع أنه إن كان صفة ؛ فليس صفة حقيقية ، وكلامنا فيها ، والحال صفة حقيقية ؛ لأن لها نوع تحقق إذ لا يصح نفيها بخلاف العدم على أنه لا وجه لاستحسانه ؛ لقول من قال : أنها لا هو ولا غيره أصلا .

حينئذ قال الشيخ : يجعل الصفات من جملة الأحوال ، إذ يجعلها معاني نظر العقل مع النسب ، والمعاني موجودة والنسب معدومة ، وسياقه يدل على ذلك ، وكذا ما بعده ، فهو لا ينافيها ، ولا يقول بأن الحال هي العالمية والقادرية بدون العلم والقدرة ، كما يقوله أبو هاشم ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

"" أضاف المحقق :
والأحوال اسم لعشرة منازل ينزل فيها السائرون إلى اللّه تعالى ، وهي :
المحبة ، والغيرة ، والشوق ، والقلق ، والعطش ، والوجد ، والدهش ، والهيمان ، والبرق ، والذوق ،
وإنما سميت هذه المنازل أحوالا لتحول العبد فيها من التقييدات بالأوصاف المانعة له عن الترقي في حضرات القرب ، مرتقيا فيها بسره من دركات نازلة جزئية إلى حضرات عالية كلية ،
وهي التي يشتمل عليها الاسم الظاهر الذي بتجليه ترى الوحدة في عين الكثرة الظاهرة بالنفس وقواها وآلاتها . ( لطائف الإعلام للقاشاني ) ."".


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).


صفات الحقّ تعالى عين ذاته
( ومن لم يذق هذا الأمر ) بذائقة حصّته الخاصّة به من الرحمة الوجوديّة ( ولا كان له فيه قدم ) في المسالك العلميّة من تلك الرحمة حتّى يفهم ما هو الحقّ في الأسماء والأوصاف - من أنّ الرحمة وسائر الأوصاف الوجوديّة لو لم يكن عين الراحم والموصوف بها يلزم أن يكون الموصوف محل تجدد الحوادث .

 ( ما اجترأ أن يقول : إنّه عين الرحمة أو عين الصفة ) مطلقا - على ما ذهب إليه الحكماء والمعتزلة والشيعة بين المليّين ،
( فقال : ما هو عين الصفة ولا غيرها ) يعني الأشعري ( فصفات الحق عنده لا هي هو ، ولا هي غيره ، لأنّه لا يقدر على نفيها ) لشهادة بديهة العقل بخلافه ، ( ولا يقدر أن يجعلها عينه ) لأنّه يخالف أكثر أصوله ، ( فعدل إلى هذه العبارة ، وهي ) عبارة ( حسنة ) لأنّها تطابق الأحكام الظاهرة وتناسب أوضاعها ، والحسن هي التناسب .

( وغيرها ) من العبارات الكاشفة عن ذلك ( أحقّ بالأمر منها ) على ما بيّن آنفا ( وأرفع للإشكال ) فإن في تلك العبارة إشكالات عند التحقيق ، على ما يعلم من تصفّح كلامهم ، وهي إنما يزيد إجمالا في اللفظ ، والتحقيق ما سبق ( وهو القول بنفي أعيان الصفات ، وجودا قائما بذات الموصوف . وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) ، التي هي مبدأ تمايز الأسماء وتخالفها عند تباين أحكامها وتضادّها .
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف. وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة. ).

قال رضي الله عنه :  ( ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنّه عين الرّحمة أو عين الصّفة ، فقال ما هو عين الصّفة ولا غيرها . فصفات الحقّ عنده لا هي هو ولا هي غيره ، لأنّه لا يقدر على نفيها ولا يقدر على أن يجعلها عينه ، فعدل إلى هذه العبارة وهي عبارة حسنة ، وغيرها أحقّ بالأمر منها وأرفع للإشكال . وهو القول بنفي أعيان الصّفات وجودا قائما بذات الموصوف وإنّما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة.) 


قال رضي الله عنه :  ( فقال ) : من لم يذق هذا الأمر ولا كان له قدمه يعني الأشعري ( ما هو عين الصفة ولا غيرها فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره لأنه لا يقدر على نفيها ) ، كما سيصرح به الشيخ رضي اللّه عنه عن كثب ( ولا يقدر أن يجعلها عينه ) ، كما ذهب إليه الحكماء والمعتزلة (فعدل إلى هذه العبارة وهي عبارة حسنة) ، لأنه يدفع بها بحسب الظاهر ما يرد على كل من تقديري العينية والغيرية .


قال رضي الله عنه :  ( وغيرها ) من العبارات ( أحق بالأمر ) ، أي بأمر الكشف على ما هو مطابق للواقع ( منها ) ، أي من تلك العبارة ( وأرفع للإشكال ) الوارد في هذا المقام على ما يفهم من تصفح كلامهم ( وهو ) ، أي ما يغاير تلك العبارة وأحق بالأمر وأرفع للإشكال
( القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة ) ، التي بها تتمايز تلك الصفات التي هي نسب بالعينية أنه ليس هنا أمر زائد على الذات وهذا بعينه القول بنفي الصفات ثم إنه
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:41 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه:  ( وإن كانت الرّحمة جامعة فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ. فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء.
ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة. فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني.
وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير .لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز، فإنّه لا يتميّز عن غيره وهو عنده دليل الذّات، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها :  وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة . ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة.)
 
قال رضي الله عنه:  (وإن كانت الرحمة جامعة) واسعة لكل شيء كما مر وهي مهيمنة على جميع الأسماء الإلهية (فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي) من أسماء اللّه تعالى (مختلفة) لاقتضاء كل اسم من تلك الأسماء أمرا لا يقتضيه الاسم الآخر فتختلف الرحمة باختلاف مقتضيات الأسماء فلكل اسم رحمة تليق به فتنظر في آثاره على حسب مقتضاه (فلهذا )،
أي لما ذكر (يسأل) بالبناء للمفعول أي يطلب منه ويدعى اللّه (سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي) من أسمائه تعالى فكلما تجلى سبحانه على أثر من الآثار باسم من أسمائه اقتضى ذلك الاسم أن أثره ذلك يسأل الرحمة من اللّه تعالى له (فرحمة اللّه) تعالى وهو الاسم الجامع لجميع الأسماء ورحمة الكناية وهي الضمير الراجع إلى اللّه تعالى لقوله تعالى : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" [ الأعراف : 156]
 
قال رضي الله عنه:  (هي) الرحمة (التي وسعت كل شيء) كما أخبر تعالى (ثم لها) ، أي لهذه الرحمة الواسعة (شعب) ، أي فروع (كثيرة تتعدد) تلك الشعب وتتفرع وتتكثر (بتعدد الأسماء الإلهية) وكثرتها (فما تعم) ، أي الرحمة (بالنسبة إلى ذلك الاسم) الواحد (الخاص الإلهي) من تلك الأسماء الإلهية (في قول السائل رب) ، أي يا رب (ارحم) فإنه طلب الرحمة منه من حيث الاسم الرب فما هو طلب الرحمة العامة الواسعة (وغير ذلك من الأسماء) الإلهية كذلك كقوله :
يا شافي ارحمني أو يا رزاق أو يا فتاح (حتى) الاسم (المنتقم) من الأسماء الإلهية له ،
أي لعبده (أن يقول) في دعائه (يا منتقم ارحمني) ونحو ذلك ، ولهذا ترى كل مؤمن أو كافر على أي حال كان يرتجي الرحمة من اللّه تعالى ويدعوه .
وقال تعالى :كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ[ المؤمنون :53].
 
 وإنما كان ذلك لأن هذه الأسماء الإلهية تدل على الذات الإلهية المسماة بهذه الأسماء المذكورة بحيث أن كل اسم منها بانفراده يدل على تلك الذات بتمامها وتدل ، أي تلك الأسماء أيضا بحقائقها ، أي بما به كل اسم منها يتميز عن الاسم الآخر على معان جمع معنى مختلفة تلك المعاني وآثارها مختلفة أيضا لاختلافها فيدعو العبد الداعي بها ،
 
أي بتلك الأسماء يعني أن كل عبد يدعو باسم يخصه في طلب حصول الرحمة له من حيث دلالتها ، أي تلك الأسماء على الذات الإلهية المسماة بذلك الاسم الذي دعا به ذلك الداعي لا غير ، لا يدعو الداعي الاسم الذي يخصه من تلك الأسماء الإلهية بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الخاص الذي دعا به ذلك الداعي الذي ينفصل ، أي ذلك الاسم به عن غيره من المعنى الخاص .
 
قال رضي الله عنه:  (ويتميز) عن جميع الأسماء الإلهية ، فإن الاسم بهذا الاعتبار لا يقتضي الرحمة بل يقتضي ما هو بصدد التوجه إليه من ظهور خاصيته في أثره فإنه ، أي ذلك الاسم الخاص حيث سأل الداعي منه الرحمة (لا يتميز عن غيره) من بقية الأسماء الإلهية من وجه دلالته على الرحمة (وهو) ، أي ذلك الاسم الخاص (عنده) ، أي عند ذلك الداعي به دليل الذات الإلهية ، لأنه طلب منه مقتضى دلالته على الذات الإلهية لا مقتضى ما يميزه عن غيره من بقية الأسماء (وإنما يتميز) ، أي ذلك الاسم الخاص (بنفسه) ، أي بما هو مقتضى اعتباريته ونسبته إلى الذات الإلهية لا دلالته عليها من حيث إنه اسمها (عن غيره) من بقية الأسماء الإلهية (لذاته) ،
 
أي لمعنى تقتضيه ذات ذلك الاسم إذا الاسم (المصطلح عليه في اصطلاح الشرع أو اللغة (بأي لفظ كان من الألفاظ العربية وغيرها (حقيقة متميزة بذاتها) وذاتها ، أي الخصوصية المستندة بذلك اللفظ إلى الذات الإلهية (عن غيرها) من حقائق بقية الأسماء الإلهية (وإن كان للكل) ،
أي الأسماء الإلهية كلها (قد سيق)، أي ورد في كلام اللّه تعالى وكلام رسوله عليه السلام (ليدل على عين)، أي ذات واحدة لا تعدد فيها بوجه من الوجوه مطلقا مسماة تلك العين الواحدة بتلك الأسماء كلها (فلا خلاف) من واحد (في أنه)،
أي الشأن (لكل اسم) إلهي من تلك الأسماء (حكم) يعود على الذات المسماة بذلك الاسم عند المشاهدة لها وعلى الأثر الظاهر في عينه بذلك الاسم.
 
قال رضي الله عنه:  (فذلك)، أي الحكم المذكور (أيضا ينبغي أن يعتبر) في دلالة كل اسم إلهي (كما تعتبر دلالته)، أي كل اسم إلهي (على الذات) الإلهية المسماة بتلك الأسماء كلها فيكون لكل اسم إلهي ثلاث دلالات: دلالة في نفسه على نفسه بما يتميز به عن غيره من خصوص ذاته المقتضي لظهور إلهي خاص وأثر كوني خاص، ودلالة على الذات الإلهية من جهة أنها مسماة به ودلالة على حكم مخصوص للمسمى به وهو الذات الإلهية من حيث ظهورها للمعارف وعلى حكم مخصوص أيضا للأثر الصادر عن ذلك الاسم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة ) في المرتبة الرحمانية الاجمالية وهي مرتبة اسم اللّه واسم الرحمن ( جامعة ) لأنواعها ( فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة فلهذا ) الاختلاف ( يسأل ) على البناء المجهول أو على البناء المعلوم أي يسأل العبد ( سبحانه ) وكذلك ( أن يرحم ) جاز فيه الوجهان قوله ( بكل اسم إلهي ) يجوز أن يتعلق بيرحم وأن يتعلق بيسأل فأيهما أعمل قدّر مفعول الآخر فهو من باب التنازع ( فرحمه اللّه ) أي رحم اللّه ذلك السائل،
 
قال رضي الله عنه :  ( والكناية ) وهي ضمير المتكلم في ورحمتي وسعت كل شيء ، والخطاب فيرَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ ( هي التي وسعت كل شيء ) إذ ذاته تعالى عين الرحمة فوسعة الرحمة وسعة ذات الحق ( ثم ) أي بعد جامعيتها وو سعتها كل شيء ( لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) فإذا تعددت بتعدد الأسماء ( فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي ) الذي يسأل اللّه السائل بذلك الاسم الخاص الإلهي الحاصل ( في قول السائل يا رب ارحم وغير ذلك من الأسماء ) سواء كان من الاسم الجامع كالاسم اللّه والاسم الرحمن
 
( حتى المنتقم له ) أي للسائل ( بأن يقول يا منتقم ارحمني ) أي ارفع عني العذاب فإذا قلت يا اللّه أو يا رحمن أو غير ذلك ارحمني تريد الاتصاف بكمالات اللائقة بك فلا تعم الرحمة في قول السائل يا رب ارحم بالنسبة إلى اسم الرب جميع أنواع الرحمة بل تريد نوعا مخصوصا من أنواع الرحمة
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك ) أي بيان عدم عموم الرحمة ( أن هذه الأسماء ) وهي الأسماء الحسنى التي يدعو السائل بها الرحمة ( تدل على الذات المسماة وتدل بحقائقها ) الممتازة عن غيره ( على معان مختلفة فيدعو ) السائل ( بها في ) طلب ( الرحمة من حيث دلالتها ) أي من حيث دلالة الاسم المدعوّ ( على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) أي اعتبر الداعي دلالة الاسم على الذات المسماة بهذا الاسم فقط
 
قال رضي الله عنه :   ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل ) ذلك الاسم ( به ) أي بذلك المدلول ( عن غيره ويتميز ) أي لا يدعو به في الرحمة من حيث دلالته على هذا المعنى يعني إذا قال المريض يا شافي ارحمني يدل الشافي على الذات وعلى معنى يمتاز به عن الاسم الآخر وذلك المعنى حقيقة كلية نوعية تحته خصوصيات كثيرة فإذا اعتبر هذا المعنى تعم الرحمة جميع ما تحته من الخصوصيات المتكثرة فلا نظر للسائل فيه حتى تكون الرحمة في سؤاله عامة بالنسبة إلى ذلك الاسم
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه ) أي الاسم الخاص ( لا يتميز عن غيره ) في الدلالة على الذات ( وهو ) أي ذلك الاسم الخاص ( عنده ) أي السائل ( دليل الذات ) لا دليل الحقيقة المتميزة إذ لا حاجة له في الحقيقة المتميزة بل حاجته في الذات التي هي قاضي الحاجات وقبلتها
( وإنما يتميز ) الاسم الخاص ( بنفسه عن غيره لذاته إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) وهذا المعنى مسلوب في نظر السائل عن دلالة الاسم عليه ( وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة ) وهي ذات الحق ( ولا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر فذلك الحكم أيضا ينبغي أن يعتبر ) في ذلك الاسم في السؤال
 
قال رضي الله عنه :  ( كما يعتبر دلالتها على الذات المسماة ) فاختصت الرحمة بحكم ذلك الاسم فما تعم الرحمة بالنسبة إلى ذلك الاسم فإذا قال المريض يا شافي ارحمني فلا يريد إلا صحة البدن بالخلاص عن المرض فقد اعتبر حكم الشافي في الرحمة وهي هذه الصحة المخصوصة وكذا في غيره فقد ظهر منه أن الرحمة تتعدد بتعدد الأسماء وتتبع حكم كل اسم دعيت به


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي. فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية. فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء. حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة. فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز. فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة. فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
فنقول: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه،  فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 
ثم تقرر أن قبول الحق تعالى للصفات إنما هو نسب واعتبارات وما بعد هذا واضح بنفسه .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )


قال رضي الله عنه : ) وإن كانت الرحمة جامعة ، فإنّها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة ، فلهذا يسأل - سبحانه - أن يرحم بكل اسم إلهيّ ، فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كلّ شيء.(.
 
""أضاف المحقق :
 المراد هو الرحمة المضافة إلى ضمير المتكلَّم في قوله : رحمتي ، فالمراد من « الكناية » هو الضمير أي رحمة الكناية . في النسختين وأكثر النسخ : فرحمه اللَّه والكناية "".
 
قال رضي الله عنه : (ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهية، فما تعمّ بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهي في قول السائل : يا ربّ ارحم وغير ذلك من الأسماء حتى « المنتقم » له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذات المسمّاة وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسمّاة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة ، فلا خلاف في أنّه لكل اسم حكم ليس للآخر فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما يعتبر دلالته على الذات المسمّاة).
 
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ رحمة الامتنان ذاتية ، ليست في مقابلة عمل ، تنال الأشياء كلَّها ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ولا بدّ ، و « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » و « غفران ما تقدّم وما تأخّر » من مقتضى هذه الرحمة ، ولسانها يقول ذلك .
 
وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والشياطين والسحرة والكفرة والفجرة والمردة والفراعنة ، وقد سبق كلّ ذلك مرارا ، فتذكَّره تذكر ، والله الموفّق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة ) كالرحمة بالرزق والعلم والحفظ وأمثال ذلك من معاني الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ، فرحمة الله والكناية ) أي الضمير في قوله :" ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "  .
 
قال رضي الله عنه :  ( هي التي وسعت كل شيء ، ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ، فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل : يا رب ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة وتدل بحقائقها على معان مختلفة فيدعوه بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة) أي الله مطلقا
 
"" أضاف بالي زادة :
( يا منتقم ارحمني ) أي ارفع عنى العذاب ، فإذا قلت : يا الله أو يا رحمن ارحمني تريد الاتصاف بالكمالات اللائقة بك ، فلا تعم الرحمة في قول السائل : يا رب ارحم بالنسبة إلى اسم الرب جميع أنواع الرحمة ، بل يريد نوعا مخصوصا من الرحمة .اهـ بالى زادة ""
 
قال رضي الله عنه :  ( لا بما مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات ) أي ذات الله من حيث هي لا باعتبار المعنى الخاص المميز .
 ( وإنما يتميز به بنفسه عن غيره لذاته ) أي لخصوصية ذات الاسم الخاص .
 
قال رضي الله عنه :  ( إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة ، فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما يعتبر دلالتها على الذات المسماة ).
"" أضاف بالي زادة :
(على الذات المسماة ) فاختصت الرحمة بحكم ذلك الاسم ، فما تعم الرحمة بالنسبة إلى ذلك الاسم ، فإذا قال المريض : يا شافى ارحمني ، فلا يريد إلا صحة البدن بالخلاص عن المرض ، فقد اعتبر حكم الشافي في الرحمة وهي هذه الصحة المخصوصة وكذا في غيره ، فظهر منه أن الرحمة تتعدد بتعدد الأسماء وتتبع حكم كل اسم دعيت به .اهـ بالى زادة ""
 
رحمة الامتنان ذاتية تنال الأشياء كلها لأنها ليست في مقابلة عمل ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ، وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والفراعنة والكفرة والسحرة ، والله المنان وعليه التكلان .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  (وإن كانت الرحمة جامعة ، فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ، فرحمه الله . ) ( يسأل ) على المبنى للمفعول .
و ( أن يرحم ) على المبنى للفاعل . أي ، الرحمة الذاتية ، وإن كانت جامعة لجميع أنواع الرحمة ، لكنها يختلف بالنسبة إلى الأسماء المختلفة ، إذ كل منها يرحم مظهره وداعيه بما يخصه ، ويعطى حقيقته .
( فلهذا ) أي ، فلأجل هذا الاختلاف يسأل الحق سبحانه أن يرحم بكل واحد من أسمائه ، فيرحم الله ذلك السائل بالاسم الذي سأل .
قال رضي الله عنه :  ( فرحمه الله ) بمعنى يرحمه الله ، كما يقال في الدعاء : رحمه الله . ويجوز أن يكون ب‍ ( التاء ) والإضافة إلى ( الله ) . أي ، فرحمها الله .
 
قال رضي الله عنه :  ( والكناية هي التي وسعت كل شئ . ) ( الكناية ) هي ضمير المتكلم في قوله : ( ورحمتي وسعت كل شئ ) . والمخاطب في قوله : ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما ) أي ، رحمة الله والذات التي ( الكناية ) تدل عليها ، هي التي وسعت كل شئ إذ رحمته عين ذاته كما مر آنفا .
( ثم ، لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية . فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل : رب ارحم . وغير ذلك من الأسماء .
 
حتى ( المنتقم ) ، له أن يقول : ( يا منتقم ، ارحمني ، ) ( ما ) في قوله : ( فما تعم ) للنفي .
أي ، ثم للرحمة الإلهية شعب كثيرة يتعدد بتعدد الأسماء الإلهية . أي ، إذا قال
السائل : رب ارحمني . أو : يا الله ارحمني . أو غير ذلك من الأسماء ، حتى للسائل
أن يقول : يا منتقم ارحمني . فما تعم الرحمة وإن كان الاسم المدعو من الأسماء الجامعة ، كالاسم ( الله ) و ( الرحمن ) و ( الرب ) . أي ، ليس المطلوب بالرحمة من جميع الأسماء معنى عاما شاملا للكل ، بل معنى خاصا .
فإنك إذا قلت : يا رب ارحمني . تريد أن يجعلك موصوفا بالكمالات . وإذا قلت : يا منتقم ارحمني . تريد أن يخفف عنك العذاب .
 
قال رضي الله عنه : (وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة ، وتدل بحقائقها على معان مختلفة، فيدعو بها في الرحمة ) أي ، فيدعو الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة.
 
قال رضي الله عنه :  ( من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ، ) ( ذلك ) إشارة إلى قوله : ( فما تعم ) . أي ، فما تعم الرحمة . لأن الأسماء تدل على الذات وتدل بحقائقها .
أي ، بما تتميز به عن غيرها على المعاني المختلفة ، فدعاء الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة ، إنما هو من حيث إنها تدل على الذات المسماة بها لا غير . أي ، نظر الداعي في دعائه إنما هو إلى الذات المسماة بالأسماء فقط ، أي اسم كان .
 
قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز . ) أي ، لا بالخصوصيات المتكثرة المتميزة بعضها عن بعض .
 
قال رضي الله عنه :  ( فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات . ) أي ، فإن الاسم الخاص لا يتميز عن غيره من حيث إنه يدل على الذات الواحدة وهو عنده ، أي ذلك الاسم الخاص عند السائل ، دليل بالذات ، وليس نظره إلا إلى الذات ، فإنها قبلة الحاجات ، وإن كان المسؤول لا يصدر من الذات إلا على يدي الاسم الخاص من حيث خصوصيته .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه ، بأي لفظ كان ، حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها . )
أي ، وإنما يتميز الاسم الخاص بنفسه عن غيره لذاته ، إذ الحقيقة المصطلحة عليها بالألفاظ ، أي لفظ كان ، متميزة بذاتها عن غيرها .
ألا ترى أن ( العليم ) متميز عن ( القادر ) بعين العلم ، و ( القادر ) متميز عنه بعين القدرة ، والكل في الدلالة على الذات الإلهية غير متميزة . وإليه أشار بقوله :
 
قال رضي الله عنه: (وإن كان الكل قد سبق ليدل على عين واحدة مسماة . ولا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر، كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة.).
 

 أي ، ولا خلاف أن لكل اسم حكما يختص به ، وليس ذلك للآخر ، فذلك الحكم أيضا ينبغي أن يعتبره السائل كما اعتبر الذات ، وذلك لأن السائل لا بد له من مطلوب يطلبه ، فينبغي أن يطلب ذلك من الذات باسم يعطى بخصوصية مطلوبه ، كما لمريض إذا دعا ( يا الله ) أو ( يا رحمان ) ينبغي أن يعتبر الشفاء ليقتضي الله حاجته على يد ( الشافي ) .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:42 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  (وإن كانت الرّحمة جامعة ؛ فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة ، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ ، فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء ، ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة ، فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير ، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ، فإنّه لا يتميّز عن غيره ، وهو عنده دليل الذّات ، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة ، ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر ، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة ) .
 
ثم أشار إلى أن هذه الصفات ، وإن كانت أحوالا ، فللحق منها أسماء تختلف آثارها باختلافها ، وإن كان مرجع تلك الآثار أمرا واحدا كمرجع تلك الأسماء والصفات ؛
فقال : ( وإن كانت الرّحمة جامعة ؛ فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة ) إذ الفعل بحسب الفاعل وهي الفاعلة ، إذ الذات من حيث هي لها الغنى عن العالمين والأسماء مختلفة الحقائق ، وهذه إشارة إلى بيان الرحمة الواردة في حق زكريا عليه السّلام ، وأنها منسوبة إلى الذات لإضافته إلى هويته في قوله :عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ،وإلى الاسم الجامع فيذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ[ مريم : 2 ] ،
وإن كان سؤاله من ربه خاصة ؛ لأنه طلب إحياء ذكره ، وهو لا يتم إلا بذكر ذاته واسمه الجامع .
 
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي : فلاختلافها باختلاف الأسماء ( يسأل ) أي : يسأله ( سبحانه ) العارفون ( أن يرحم بكل اسم إلهي ) ، أي : يذكر تفصيل كل اسم إلهي في الدعاء ؛ فيقال : يا حفيظ احفظنا ، ويا قوي قوّنا ، ويا رزاق ارزقنا ، والمراد بالاسم الإلهي ما به الربوبية ، وهي مع اختلافها ترجع إلى الاسم الجامع ، بل إلى الذات من حيث جمعها للكل ، ( فرحمة اللّه والكناية ) أي : المضافة إلى أحدهما ( هي التي وسعت كل شيء ) ، إذ لا يخلو شيء عن وجه منها وأقله الوجود .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد اجتماعهما عند الاسم الجامع ، والذات ( لها شعب كثيرة ) كيف وهي ( تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) التي لا تحصى ، فهي وإن عمت بالنسبة إلى الاسم الجامع ، وإلى سائر الأسماء إذا أخذت كلية ، ( فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص ) الجزئي الحقيقي ، كالرب المنسوب إلى السائل ( في قول السائل : رب ارحم ، وغير ذلك من الأسماء ) التي هي جزئيات إضافية ، فإن الرحمة المنسوبة إليها ليست جامعة كالتي نسبت إلى الاسم الجامع والذات ، فإن لكل منها رحمة خاصة ، وإن كان لبعضها مفهوم يدل على ما يقابل الرحمة ،
 
وإليه الإشارة بقوله : ( حتى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ) ، فإن الرحمة المتعلقة ، وإن كانت وجودية عامة من وجه ؛ فهي لا تتعلق إلا بوجود خاص هو الانتقام ، فهو لو كان مطلوب سائل لكان رحمة عليه من حيث هو مطلوبه أيضا ، وذلك الاختلاف عليها مع رجوعها إلى أمر واحد ، إذ علتها الأسماء لا الذات لغناه عن العالمين .
 
وللأسماء وحدة باعتبار الذات ، وكثرة باعتبار خصائصها ؛ ( وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات ) لا من حيث هي ذات ، وهي الغنية بل من حيث هي ( المسماة ) بها ، ولا تبطل بذلك وحدتها ، ( وتدل ) أيضا ( بحقائقها ) التي يراها العقل زائدة على الذات مع عينيتها في الواقع ( على معان مختلفة ) ، وإذا كان للأسماء هذان الاعتباران ، وهي الوسائل في الدعاء ، وطلب الحوائج ، ( فتدعو بها في ) طلب ( الرحمة ) من الاعتبارين جميعا ( من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) ،
إذ لا معنى للدعاء بالاسم من حيث دلالته على الذات من حيث هي ذات ؛ لغناها عن العالمين ، فلا تعلق لها بحاجته ، ولا معنى للدعاء به من حيث دلالته على الذات المسماة به ، وبغيره من الأسماء ؛ لاشتمالها على نقيض حاجته أيضا ، فلا تتعين حاجته ، ولكن لا يدعونه ( بما يعطيه مدلول ذلك الاسم ) فقط ، إذ لا أثر للاسم بهذا الاعتبار ؛ لأنه من جملة الأحوال والمؤثر هو الموجود .
 
وذلك المدلول هو ( الذي ينفصل ) ذلك الاسم ( به عن غيره ) ، وليس المراد به :
المغايرة الكلية ، بل إنه ( يتميز ) عنه فيصير لا عينه ، ولما أنه لا غيره ، فلا يدعو بهذه الحيثية ؛ ( فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده ) ، أي : عند التميز ( دليل الذات ) التي هي الأمر الموجود المؤثر ، إذ دلالتها على الذات مشتركة بين جميعها ، والتميز إنما يكون بالأمر المحض كما قال ،
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز ) كل اسم ( بنفسه ) ، أي : بمعنى يختص بنفسه ( عن غيره ) الذي يتميز عنه الأول ( لذاته ) ، فلا يشارك أحدهما الآخر بذلك الاعتبار أصلا ، بخلاف تميز الجنس عن النوع بالجزئية ، وعن الفصل بالعموم ؛ فإنه لأمر عارض لا يمنع اشتراكهما في الأصل الذي هو حقيقتهما ، وإنما كان للأسماء هذا التمييز مع أنها موضوعة لمسمى واحد .
 
إذ المعنى ( المصطلح عليه بأي لفظ كان ) أي : سواء كان له مع غيره دلالة على أمر واحد أم لا ( حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) بالأصل في ذلك اختلاف الألفاظ لاختلاف المعاني ، وبالعكس ، والترادف والاشتراك على خلاف الأصل ، وإليه الإشارة بقوله : ( وإن كان الكل ) ، أي : جميع الأسماء ( قد سيق ) ، أي : وضع ( ليدل على عين واحدة مسماة ) بها ، فلا دلالة لذلك على الترادف ، إذ ( لا خلاف ) بين أهل اللغة ولا أهل الشرع ( في أنه لكل اسم حكم ) معنوي ( ليست للآخر ) ، وليس ذلك في الأسماء المترادفة ، وإذا كان للاسم المدعو به هذا التميز ، وهذا مقصود في الحاجة ،
 
قال رضي الله عنه :  ( فذلك ) أيضا ( ينبغي أن يعتبر ) في الدعاء بذلك الاسم ، وإن لم يكن للاسم بذلك الاعتبار وحده أثر ، فله أثر إذا ضم إلى الذات ، فيعتبره ( كما تعتبر دلالته على الذات ) ؛ فإنه كما لا أثر له بدون الذات ، فلا أثر للذات بدونه لغناه عن العالمين .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
تختلف كيفية سعة الرحمة لكل اسم
ثمّ إنّه ( وإن كانت الرحمة جامعة ) لسائر تلك النسب والإضافات ، ( فإنّها بالنسبة إلى كل اسم إلهيّ مختلفة ) فإنّ رحمة المعزّ غير المذلّ والضارّ غير النافع ، مغايرة بالحقيقة ، لتضادّ ما يترتّب عليها من الأحكام والآثار ( فلهذا يسأل سبحانه ) بلسان الاستعداد ( أن يرحم ) الأعيان ( بكل اسم إلهيّ ، فرحمه الله ) على ما عبّر عنه لسان الخاتم الناطق بالقول الثابت للاستعدادات بقوله تعالى : “  رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “ ، والتعبير عن الرحمة بصيغة الماضي إشارة إلى ما مهّد من شمول الرحمة لسؤال القابل وأحكامه ، فلها تقدّم ذاتي على السؤال وإن تأخّر عنه وجودا وحكما .
 
قال رضي الله عنه :  ( والكناية ) المعبّرة بياء التكلَّم ( هي التي وسعت كل شيء ) بناء على ما تقرّر من أنّ الرحمة عين الراحم .
 
"" أضاف المحقق :
قال القيصري: " الكناية هي ضمير المتكلم في قوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْءٍ ) [ 7 / 156 ] والمخاطب في قوله : ( رَبّنَا وَسِعْتَ كُلّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ) [ 40 / 7 ] ، أي رحمة الله ، والذات التي الكناية تدل عليها هي التي وسعت كل شيء ، إذ رحمته عين ذاته" . ""
 
والذي يلوحك على تحقيقه دلالة الياء على النسبة الجامعة لمختلفات المنتسبات في نفس نسبته وإضافته ، وهو لا ينسب إلى شيء .
ومن ثمة قال :
الذات والأسماء ، واختلاف الرحمة بالنسبة إلى كلّ اسم
قال رضي الله عنه :  ( ثم ) إنّ الرحمة ( لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة ) وتتخصّص بخصائصها ، ( فما تعمّ بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ ) الذي به تتخصّص ، سواء كان ظاهر الاندراج في حيطة الرحمة كما ( في قول السائل : " يا ربّ ارحم " ، وغير ذلك من الأسماء )
الخفيّة الاندراج ( حتّى المنتقم له أن يقول : « يا منتقم ارحمني » ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذات  المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم )
 
لا من حيث دلالتها على الأسماء المتقابلة وخصوصياتها الامتيازيّة . فالرحمة المدعوّ بها في كل اسم دالَّة على الذات باعتبار خصوصيّة ذلك الاسم ، ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم ) فقط بدون دلالتها على الذات ،
فإنّه هو ( الذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ) وهذه الحيثيّة لإشعارها بالغير لا تصلح لأن تكون دالَّة على الذات ، ( فإنّه لا يتميّز عن غيره ، وهو عنده دليل الذات ) ، أي من حيث التميّز ، وعند كونه مميّزا لا يصلح للدلالة .
 
منشأ التفرقة بين الأسماء
وهذا منشأ التفرقة بين الأسماء الإلهيّة التي عيّنها الشارع لأن يدعو بها الحقّ ، وبين الأسماء الكيانيّة التي لا رخصة فيها لذلك من الشارع ، على أن الكلّ أسماء الحقّ ، فإنّ الدالّ منها على الخصوصيّة الامتيازيّة إنما يدلّ على نفسه الممتازة عن الغير ، ( وإنما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ) ، فإنّ التمييز والتفرقة ذاتي الاسم ،
قال رضي الله عنه :  ( إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ) - عربيّا معرّبا أو غيره - ( حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ) في نفس الأمر بدون اعتبار من الوضع والاصطلاح ( ليدل على عين واحدة مسماة ، فلا خلاف في أنّ لكل اسم ليس للآخر . فكذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة ) .
 
والحاصل أنّ الألفاظ لها في نفسها دلالة على الذات المسماة ، وعلى الخصوصيّة الامتيازيّة ، فإذا اعتبر لها هذان المعنيان فهي أسماء الحقّ ، وإن كان باعتبار الوضع والاصطلاح وجعل الجاعل ليست له إلا الدلالة على الخصوصيّة فقط .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرّحمة جامعة فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ . فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء . ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة . فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني . وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير).
 
وإضافات ، وظاهر أن القول بنفي الصفات ينافي ما ذهب إليه رضي اللّه عنه آنفا من دعوى العينية وإحالة إلى الذوق والكشف ، ولا يبعد أن يقال مرجع القولين إلى معنى واحد ، فإن المراد قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة ) لأنواع الرحمة ( فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي ) بل بالنسبة إلى جميع الأسماء ( مختلفة ) متنوعة بحسب اختلاف الأسماء وتنوعها ( فلهذا ) الاختلاف ( يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ) رحمة خاصة تناسبه ( فرحمة اللّه ) التي هي عين الذات كما صرح به أولا ( و ) رحمة ( الكناية ) ، أي المضافة إلى ضمير المتكلم الذي هو كناية عن تلك الذات ( هي التي وسعت كل شيء ) من غير خصوصية اسم دون اسم في قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ،
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم لها ) ، أي للرحمة ( شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) ، ولكل شعبة منها اختصاص باسم خاص ( فما تعم ) الرحمة جميع شعبها إذا اعتبرت ( بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( قوله ) : فرحمة اللّه مصدر مضاف إلى فاعله وحمله على صيغة الفعل تصحيف الذي هو الرب مثلا ( في قول السائل رب ارحم ) ، طالبا منه ترتيبه في مراتب الكمال ( وغير ذلك من الأسماء حتى المنتقم ) ، مع أن الانتقام يضاد الرحمة فإن ( له ) ، أي للسائل ( أن يقول : يا منتقم ارحمني ) طالبا منه الرحمة التي تناسبه وهي تخفيف العذاب ، أو تخليصه منه أو الانتقام من الذين ظلموه فإنه رحمة بالنسبة إلى السائل المظلوم .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك ) ، أي عدم عموم الرحمة جميع سعتها إذا اعتبرت بالنسبة إلى اسم خاص ( لأن هذه الأسماء تدل على الذات ) الإلهية ( المسماة ) بها بحسب تخصيص الشارع وإرادة الداعي فإنها بحسب اللغة موضوعة لذات مبهمة غاية الإبهام يحتمل الذات وغيرها ( وتدل بحقائقها ) ، أي بسبب مفهوماتها الكثيرة المتمايزة والدالة عليها ( على معان مختلفة فيدعو ) السائل ( بها ) ، أي بكل اسم من تلك الأسماء ( في ) طلب ( الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) ، لأن قبلة الحاجات ووجه استجابة الدعوات إنما هي تلك الدعوات.
 
قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ، فإنّه لا يتميّز عن غيره وهو عنده دليل الذّات ، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها : وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة . ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر ، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة . )
 
قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه ) ، أي لا لمجرد خصوصية يقتضيها ( مدلول ذلك الاسم ) ، ومفهومه ( الذي ينفصل الاسم به عن غيره ) من الأسماء ( ويتميز فإنه ) ، أي ذلك الاسم ( لا يتميز ) بما تعطيه من الخصوصية ( عن غيره وهو عنده ) ، أي عند الداعي ( دليل الذات ) الإلهية ، أي لا يتميز عن غيره بخصوصية مدلوله خبره قصد دلالته على الذات الإلهية .
 
قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز ) ذلك الاسم ( بنفسه ) ، أي بحسب مفهومه الاصطلاحي ( عن غيره لذاته ) من غير اعتبار خصوصية خارجة عنه ( إذ ) المعنى ( المصطلح عليه ) يعني الموضوع اصطلاحا ( بأي لفظ كان ) عربي أو عبري إذا لم يكن من الألفاظ المترادفة ( حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) ثم إنه ( وإن كان الكل ) ، أي كل واحد من الأسماء ( قد سبق ) ، أي استعمل ( ليدل على عين واحدة مسماة ) ، وهي الذات الإلهية
( فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ) ، ليس للآخر ( فذلك ) الحكم ( أيضا ينبغي أن يعتبر ) بالرفع كذا صح في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه وهو مبني على حذف أن الناصبة ومحو أثرها ،
 

أي ينبغي أن يعتبر ذلك الحكم أيضا فيما إذا قصد بذلك الاسم ( كما تعتبر دلالته على الذات ) الإلهية ( المسماة ) فعلى السائل أنه إذا دعا بذلك الاسم أن يلحظ ذلك الحكم ويطلب مطلوبه من الذات ولكن على يد ذلك الاسم من حيث خصوصيته فإذا قال المريض : يا شافي ، فإنه يطلب مقصوده أعني رحمة الشفاء من الذات الإلهية من حيث اسمها الشافي ، فالرحمة المترتبة على هذا الاسم من بين الاسم لا تعم جميع شعب الرحمة المترتبة على سائر الأسماء .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:43 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-    الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه:  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسيّ في الأسماء الإلهيّة : إنّ كلّ اسم إلهي على انفراده مسمّى بجميع الأسماء الإلهيّة كلّها : إذا قدّمته في الذّكر نعتّه بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة ، وإن تكثّرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها أي حقائق تلك الأسماء .
ثمّ إنّ الرّحمة تنال على طريقين ، طريق الوجوب ، وهو قوله تعالى :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَوما قيّدهم به من الصّفات العلميّة والعمليّة . والطّريق الآخر الّذي تنال به هذه الرّحمة طريق الامتنان الإلهيّ الّذي لا يقترن به عمل وهو قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ومنه قيل :لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ[ الفتح : 2 ] . ومنها قوله : « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » فاعلم ذلك ).
 
قال رضي الله عنه:  (ولهذا) ، أي لأجل اعتبار هذه الدلالة (قال) الإمام العارف المحقق (أبو القاسم بن القسي) رضي اللّه عنه (في) حق (الأسماء الإلهية إن كل اسم) منها (على انفراده) ، أي بحسب ظهوره بأثره الخاص في الحس أو العقل للمتجلي به الحق تعالى (مسمى) ، أي ذلك الاسم (بجميع الأسماء الإلهية كلها) وذلك باعتبار دلالته على الذات الإلهية الجامعة لجميع الأسماء بحيث إذا (قدمته) ، أي كل اسم إلهي (في الذكر) ، أي ذكرك له في افتتاح الكلام (نعته) ،
أي صفته (بجميع الأسماء) الإلهية بأن ذكرتها بعده أوصافا له ونعوتا ، ويصح منك فعل ذلك ويحسن في الكلام ، بإرادة أن الاسم الأول الذي ابتدأت به أردت به الدلالة على الذات المسماة به ، وحسن منك هذا لما سبق أن كل اسم إلهي دلالة على الذات الإلهية زيادة على دلالته على معناه المخصوص في نفسه ، وعلى حكمه الخاص به ، ثم تورد بقية الأسماء بعدها نعوتا له بإرادة معنى كل اسم في نفسه وصح (ذلك) ،
 
أي تسمى المذكور (لدلالتها) ، أي الأسماء الإلهية (على عين) ، أي ذات (واحدة) جامعة لجميع الأسماء (وإن تكثرت الأسماء عليها) فإن كثرتها غير مانعة من وحدة الذات ، لأنها مجرد مراتب لها ونسب لا أعيان موجودة وإن (اختلفت) أيضا (حقائقها أي حقائق تلك الأسماء) الكثيرة فكل اسم له حقيقة تميزه عن الاسم الآخر ، فإن ذلك غير مانع أيضا من وحدة الذات المسماة .
 
قال رضي الله عنه:  (ثم إن الرحمة) الإلهية (تنال) ، أي ينالها من يعامله اللّه تعالى بها من الناس (على طريقين) ، أي جهتين طريق الوجوب بإيجاب اللّه تعالى ذلك على نفسه كما قال سبحانه :كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ[ الأنعام : 54 ] ، وهو قوله سبحانه : (فَسَأَكْتُبُها)، أي الرحمة( لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ) الشرك الجلي والخفي ، فإن الكفر نتيجة الشرك الجلي والمعاصي نتيجة الشرك الخفي (وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ)[ الأعراف : 156 ] من أموالهم بربع عشرها ومن أنفسهم بفناء أنانيتها ، فإن الرحمة لهم بإيجاب اللّه تعالى ذلك على ذلك وكذلك من طريق الوجوب (ما قيدهم)،
أي الذي قيد الحق تعالى هؤلاء المتقين المزكين من طريق الوجوب به من هذه الصفات العلمية ، وهو ما دعاهم في أنفسهم إلى التقوى والزكاة مما يعلمونه من العظمة الإلهية والجلال (و)الصفات (العلمية) كالتقوى والزكاة فإنه أوجب ذلك لهم أيضا على نفسه الرحمة بهم وهو عين ما كتب لهم ، وأوجب من غير سابقة داعية منهم ، وإن كان يلاحقه الداعية وهي العمل وبهذا يفترق عن القسم الثاني .
 
قال رضي الله عنه:  (والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة) الإلهية ، أي ينالها من يعامله اللّه تعالى بها من الناس (طريق الامتنان) ، أي الفضل والكرم (الإلهي الذي لا يقترن به عمل) أصلا (و) لا داعية تقتضي ذلك (وهو قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [ الأعراف : 156 ] ،
أي منة وفضلا وكرما وهي نعمة الإيجاد لكل شيء والأولى نعمة الإمداد لأهل الاستعداد ، فإن من لا استعداد له لا إمداد له وبقاؤه في الدنيا بطريق الإيجاد المتكرر لا بطريق الإمداد المتأكد ومنه ، أي من طريق الامتنان رحمته تعالى بالنبي صلى اللّه عليه وسلم في (قوله تعالى : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [ الفتح : 2 ] ،
 
وكذلك قوله تعالى في حق غيره من الأمة :وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ[ النساء : 48 ] ، وقوله سبحانه لعباد الاختصاص المضافين إليه تعالى لانقطاعهم عن كل ما سواه والتجائهم إليه سبحانه بالفناء عن كل شيء :قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ( 53 ) [ الزمر:53].
 
قال رضي الله عنه:  (ومنها) ، أي من رحمة الامتنان أيضا قوله تعالى كما ورد في الحديث في حق أهل بدر "اعملوا ما شئت فقد غفرت لكم" . رواه الهيثمي في موارد الظمآن
"" أضاف المحقق :
نص الحديث : "عن جابر أن ابن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أراد غزوهم فدل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على المرأة التي معها الكتاب فأرسل إليها فأخذ كتابها من رأسها فقال : يا حاطب أفعلت
قال : نعم أما إني لم أفعله غشا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا نفاقا ولقد علمت أن اللّه سيظهر رسوله ويتم أمره غير أني كنت غريبا بين ظهرانيهم وكانت أهلي معهم فأردت أن أتخذها عندهم يدا فقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ألا أضرب رأس هذا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أتقتل رجلا من أهل بدر ما يدريك لعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم. رواه الهيثمي ""
 
وفي رواية الجامع الصغير للسيوطي ، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " كما لا ينفع مع الشرك شيء كذلك لا يضر مع الإيمان شيء ".
 وفي رواية لأبي نعيم : " كما لا يضر مع الإيمان ذنب لا ينفع مع الشرك عمل". رواه الديلمي في الفردوس
حتى قال بعض الشارحين : من أراد الإيمان الحقيقي الكامل الذي يملأ القلب نورا فتستأنس النفس وتصير تحت سلطنته وقهره ،
فهذا الذي لا يضر معه شيء من الأشياء إذ الإيمان كما في الحكم قد يكون في الغيب وقد يكون عن كشف وشهود وهو الحقيقي فاعلم يا أيها السالك ذلك ، أي ما ذكر لأنه يكشف لك خفايا المسالك .  
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي ولأجل سوق كل اسم للدلالة على عين واحدة مسماة بكل واحد منها ( قال أبو القاسم بن القيسي ) وهو من كبار أهل الطريق ( في ) تحقيق ( الأسماء الإلهية أن كل اسم إلهي ) على انفراده ( مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء وذلك ) النعت ( لدلالتها ) أي لدلالة الأسماء كلها ( على عين واحدة ) والعين تسمى بجميع الأسماء وكذا ما يدل عليها
 
قال رضي الله عنه :  ( وأن تكثرت الأسماء عليها ) أي على عين واحدة ( واختلف حقائقها أي حقائق تلك الأسماء ثم أن الرحمة تنال على طريقين طريق الوجوب ) يعني أوجب اللّه هذه الرحمة على نفسه لعباده الصالحين في مقابلة أعمالهم ( وهو ) أي طريق الوجوب
 
قال رضي الله عنه :  ( قوله تعالى فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ) قوله ( وما ) أي الذي ( قيدهم به من الصفات العملية والعلمية ) عطف على قوله وهو قوله ( والطريق الآخر الذي ينال به ) العبد ( هذه الرحمة على طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو ) أي طريق الامتنان ( قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) وهو عام في حق كل شيء وهو الرحمة الذاتية ( ومنه ) أي من طريق الامتنان .
 
قوله تعالى : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ في حق نبينا عليه السلام وهي رحمة امتنانية خاصة به عليه السلام ( ومنها قوله : « اعمل ما شئت فقد غفرت لك فاعلم ذلك » ) .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها: إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.  ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية. والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
فنقول: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه،  فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 
ثم تقرر أن قبول الحق تعالى للصفات إنما هو نسب واعتبارات وما بعد هذا واضح بنفسه .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )


قال رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسيّ في الأسماء الإلهية : إنّ كل اسم على انفراده مسمّى بجميع الأسماء الإلهية كلَّها إذا قدّمته في الذكر نعتّه بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة ، وإن تكثّرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها أي حقائق تلك الأسماء . ثمّ إنّ الرحمة تنال على طريقين : طريق الوجوب وهو قوله : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ " وما قيّدهم به من الصفات العلمية والعملية . والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لم يقترن به عمل وهو قوله : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " ومنه قيل: " لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ".  ومنها قوله : اعمل ما شئت فقد غفرت لك ، فاعلم ذلك ) .
يشير رضي الله عنه  إلى أنّ رحمة الامتنان ذاتية ، ليست في مقابلة عمل ، تنال الأشياء كلَّها ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ولا بدّ ، و « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » و « غفران ما تقدّم وما تأخّر » من مقتضى هذه الرحمة ، ولسانها يقول ذلك . والباقي واضح
 
وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والشياطين والسحرة والكفرة والفجرة والمردة والفراعنة ، وقد سبق كلّ ذلك مرارا ، فتذكَّره تذكر ، والله الموفّق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا قال أبو القاسم بن قسى في الأسماء الإلهية : إن كل اسم على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها ، إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها أي حقائق تلك الأسماء ، ثم إن الرحمة تنال عن طريقين : طريق الوجوب ،
وهو قوله : " فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ " وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية ، والطريق الآخر الذي تنال به الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل ،
وهو قوله : " ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " ومنه قيل "لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تَأَخَّرَ " ومنها قوله « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » فاعلم ذلك ) .
 
رحمة الامتنان ذاتية تنال الأشياء كلها لأنها ليست في مقابلة عمل ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ، وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والفراعنة والكفرة والسحرة ، والله المنان وعليه التكلان .



مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن القسي في الأسماء الإلهية : إن كل اسم على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها ، إذا قدمته في الذكر ، نعته بجميع الأسماء . وذلك لدلالتها على عين واحدة ، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها . )
أي ، حقائق تلك الأسماء . أي ، ولأجل أن الأسماء كلها في دلالتها على الذات لا يختلف ، قال أبو القاسم بن القسي - وهو صاحب خلع النعلين ، وذكر الشيخ في الفتوحات أنه كان من أكابر أهل الطريق - : إن أي اسم من الأسماء إذا قدمته في الذكر ، نعته بجميع الأسماء لأنه دليل الذات ، والذات منعوته بجميع الأسماء والصفات
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم ، إن الرحمة تنال على طريقين : طريق الوجوب ، وهو قوله تعالى : "فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة " . وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية . ) ( وهو قوله تعالى ) أي ، ذلك الوجوب مستفاد من قوله تعالى :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فسأكتبها . . . ) - إلى آخر الآية ." وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) " سورة الأعراف
ومستفاد من الوعد الذي وعدهم في مقابلة ما قيدهم به وكلفهم .
 
فـ‍ ( ما قيدهم ) معطوف على قوله : ( وهو قوله ) . و ( ما ) بمعنى ( الذي ) أو ( الشئ ) . أي ، الرحمة من الله تعالى تنال على طريقين : طريق الوجوب . أي ، على طريق الذي أوجب الحق على نفسه أن يرحم عباده إذا أتوا به في مقابلة ما قيدهم به وكلفهم من العلم والعمل .
 
كما قال الشيخ رضي الله عنه :  رضي الله عنه : ( فسأكتبها ) أي ، أفرضها ( للذين يتقون ويؤتون الزكاة ) . لا أن العبد بحسب عمله يوجب على الله أن يرحمه ، بل ذلك الإيجاب على سبيل الفضل والمنة أيضا منه على عباده .
 
قال رضي الله عنه:  (والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة على طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل، وهو قوله : "ورحمتي وسعت كل شئ" . ومنه قيل : "ليغفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر". ومنها قوله : "إعمل ما شئت فقد غفرت لك ". فاعلم ذلك.).
( الرحمة الامتنانية ) قد تكون عامة ، وهو الرحمة الذاتية الشاملة لجميع العباد ، كقوله تعالى : ( رحمتي وسعت كل شئ ) .
 
وقد تكون خاصة كما قيل : ( ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) . في حق نبينا ، صلى الله عليه وسلم ،

وكما قال لبعض عباده : ( إعمل ما شئت ، فقد غفرت لك ) فلا يتوهم أنها شاملة لجميع الأشياء مطلقا . والله الرحيم المنان ومنه الفضل والإحسان .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:47 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :-    الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا قال أبو القاسم بن قسيّ في الأسماء الإلهيّة : إنّ كلّ اسم إلهي على انفراده مسمّى بجميع الأسماء الإلهيّة كلّها ، إذا قدّمته في الذّكر نعتّه بجميع الأسماء ، وذلك لدلالتها على عين واحدة ، وإن تكثّرت الأسماء عليها ، واختلفت حقائقها أي :حقائق تلك الأسماء ، ثمّ إنّ الرّحمة تنال على طريقين ، طريق الوجوب ، وهو قوله تعالى :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ [ الأعراف : 156 ] ، وما قيّدهم به من الصّفات العلميّة والعمليّة ، والطّريق الآخر الّذي تنال به هذه الرّحمة طريق الامتنان الإلهيّ الّذي لا يقترن به عمل ، وهو قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف :156]. ومنه قيل : لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ[ الفتح : 2 ] ، ومنها قوله : « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » ؛ فاعلم ذلك ). الحديث رواه أحمد في مسنده وابن حبان والحاكم في  المستدرك.
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولاعتبار دلالة كل اسم على الذات حتى أنه يصير كمجرد الذات ، ( قال أبو القاسم بن قسي ) ، صاحب كتاب « خلع النعلين ( في الأسماء الإلهية ) » قيد بذلك ؛ ليشير إلى أن أسماء الذات أولى بذلك ، (وإن كل اسم على انفراده ) ، أي : وإن لم يوجد مع الذات ، ولا مع سائر الأسماء ( مسمى بجميع الأسماء ) ، كما أن الذات مسماة بها ، وإن كان في الأسماء ما يدل بخصوصه على ما يقابل المدلول الخاص لهذا الاسم .
 
والدليل عليه أنك ( إذا قدمته ) فتأكد شبهه بالذات المقدمة على الصفات ( نعته بجميع الأسماء ) نعت الذات بها ؛ ( وذلك لدلالتها على عين واحدة ) بطريق التضمن ، فيجوز إرادة الذات الواحدة منها ( وإن تكثرت الأسماء عليها ) ؛ فإنه لا يبطل وحدتها ، وإن كانت في ضمن كثرتها ، (واختلفت حقائقها ) ، فإن كونها في ضمن هذه الحقائق المختلفة لا يوجب اختلاف حقيقتها ، فلا يكون نعت ذلك الاسم بسائر الأسماء ، كنعت الشيء بنفسه وبما يقابله ،
وبيّن الضمير بقوله : ( أي : حقائق تلك الأسماء ) ؛ لئلا يتوهم عوده إلى الذات مع أن اعتبار ذلك يخل بوحدتها .
 
ثم أشار إلى قسمة أخرى للرحمة ؛ ليشير إلى أن رحمة زكريا عليه السّلام كانت امتنانية من وجه ؛ لوقوعها على خرق العادة ، ووجوبية من وجه ؛ لترتبها على دعائه وتسبيحه ،
فقال : ( ثم ) ، أي : بعد أن قسمت الرحمة إلى الذاتية والأسمائية ( أن الرحمة تنال على طريقين ) فيه إشارة إلى أن كل رحمة امتنانية  في الحقيقة ، إذ لا موجب على اللّه تعالى ، ولا يذم ترك الشيء ، كما لا يذم بفعل الشيء.
 
"" أضاف المحقق :
الرحمة الامتنانية : هي السابقة ، سميت بذلك لأن اللّه تعالى امتن بها على الخلائق قبل استحقاقها ، لأنها سابقة على ما يصدر منهم من الأفعال التي توجب لهم استحقاقا ،
والرحمة الامتنانية الخاصة : يعني بها رحمة اللّه تعالى لعبده ، حيث وفقه للقيام بما يوجب له من الأفعال استحقاق الثواب عليها ( لطائف الإعلام  للقاشاني ) .""
 
لكن لما وعد على اكتساب العلم والعمل ، ووعده صادق لا محالة صار في حكم الواجب عليه ، فأحدهما ( طريق الوجوب ) ، وهو الذي دلّ عليه السلام  ( قوله تعالى :"فَسَأَكْتُبُها ") أي : أثبتها وأوجبها "لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ"[ الأعراف : 156 ].
 
وفي معنى ذلك سائر ( ما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية ) ، وفي التقييد إشارة إلى أنهما في صورة الاحتياط لا يبقى إنصاف الشخص بهما ، ( والطريق الآخر الذي ينال به هذه الرحمة ) التي وجب مثلها على اكتساب العلم والعمل الصالح مما يوافق الغرض ،
ويلاءم الطبع ( طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل ) ، أي : اكتساب علم أو عمل ، وهو الذي دلّ عليه ( قوله تعالى : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ) [ الأعراف : 156 ] .
إذ لا يخلو شيء مما يلاءم طبعه ، ويوافق غرضه ، مع أن في الأشياء ما لا يكتسب علما ولا عملا .
 
( ومنه ) أي : ومن هذا القبيل لا من عمل يكفر للسيئات ، قوله تعالى :( لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) [ الفتح : 2 ] ؛ لأنه عقله ، ففتح مكة ، وليس فيه عمل للنبي صلّى اللّه عليه وسلّم ،
فإن معناه :إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً[ الفتح : 1 ] لكي يجمع لك بين المغفرة تمام النعمة في الفتح ، وقيل : هو مردود إلى قوله :وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ[ محمد : 19 ] ؛لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ،وقيل : إلى قوله :إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ ( 1 ) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْواجاً ( 2 ) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ[ النصر : 1 - 3 ] ؛ ليغفر لك اللّه ، وبعدهما ظاهر .
 
ومنها أي : ومن الرحمة الامتنانية ، وإن توهم كونها وجوبية ، وهما مؤكدا ، فلذا أنت الضمير ؛ ليعود إليها صريحا قوله عزّ وجل لبعض خواص عباده : ( « اعمل ما شئت ، فقد غفرت لك » ، فاعلم ذلك ) ،
ولا يتوهم أنه على العمل ، فإنه إنما يوجب الثواب وغفران الذنوب الكبائر ، إنما هو بالتوبة ، « واعمل ما شئت » أعم من الصغائر ، ولكن يكون لبعض الأعمال مزيد نور ينفي ظلمة المعاصي بالكلية ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .
 
ولما فرغ من الحكمة الملكية التي بها كمال التصرف، وعموم الرحمة وخصوصها، وذلك يوجب كمال المناسبة بين الفاعل والمنفعل، وهو يوجب التأنس الكلي له به عقبها بالحكمة الإيناسية؛ فقال : فص الحكمة الإيناسية في كلمة إلياسية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
كلّ اسم مسمّى بجميع الأسماء
ثمّ إنّه إذا كان لكل اسم في نفسه - بدون اعتبار الخارج من الوضع والجعل - له دلالة على الذات المسمّاة ، يكون له جهة جمعيّة الأسماء كلَّها ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي ) صاحب كتاب خلع النعلين ( في الأسماء الإلهية : « إنّ كلّ اسم على انفراده مسمّى بجميع الأسماء الإلهيّة كلَّها ، إذا قدّمته بالذكر نعتّه بجميع الأسماء » ) ، أي إذا خصّصته بالذكر - ذكرا وجوديّا ، أو لفظيّا ، أو رقميّا ، أو قلبيّا - لا بدّ وأن يستتبعه النعت بسائر الأسماء .
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك لدلالتها على عين واحدة ) أي لدلالة الأسماء كلَّها على عين هي واحدة بالوحدة الإطلاقية الجمعيّة ( وإن تكثّرت الأسماء عليها ) أي على العين الواحدة فإنّ كل اسم بخصوصه له دلالة عليها ( وإن اختلفت حقائقها ) - أي حقائق تلك الأسماء .
 
تقسيم الرحمة بالوجوبيّة والامتنانيّة
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ إنّ الرحمة ) لها تقسيم آخر باعتبار وصولها إلى المرحومين ونيلهم منها ، فإنّها ( تنال على طريقين : طريق الوجوب ) أي اللزوم المترتّب على ما يقتضيه اقتضاء ضروريّا ، كما نصّ عليه الشارع في القرآن الختمي ( وهو قوله : “  فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ “  ) [ 7 / 156 ] ،
فإنّه يدلّ على أنّ الرحمة قد أوجبها على نفسه للعالمين ، الذين يجعلون أنفسهم وقاية للحقّ في الذمّ ، والحقّ وقاية لهم في الحمد - كما سبق بيانه –
وللعالمين الذين ينمون بجوارحهم الظاهرة والباطنة عند ازدياد الأعمال منها والأفعال والأقوال ، فإنّه يزيد بها مرتبة أخرى من الوجود على شخصه ، أو الذين يعلَّمون الطالبين ذلك وأصل الزكاة : النموّ ، يقال : زكى الزرع : إذا حصل له نموّ .
وإليه أشار بقوله : ( وما قيدهم به من الصفات العملية والعلمية ) .
قال رضي الله عنه :  (والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهيّ الذي لا يقترن به عمل ) ولا يوازيه من العبد فعل أصلا ، كالوجود وما قبله من مراتب الرحمة . وإليه إشارة من القرآن الختمي ( وهو قوله : « وسعت رحمتي كل شيء » ) ، هذا لسان الإجمال الشامل لمراتب الرحمة إجمالا ، وفيه ما يدلّ عليها تفصيلا ،
 
قال رضي الله عنه :  ( ومنه قيل : “ لِيَغْفِرَ لَكَ الله ما تَقَدَّمَ “  ) على هذه النشأة ( "من ذَنْبِكَ وَ"  ) وهو ما يتأخّر عن رتبة الاعتبار من الأوصاف الحدثانيّة والأحكام الإمكانيّة ، فإنّ أذناب القوم أراذلهم ، وذنب الدابة : هو ما يتأخّر من أعضائه عن درجة الاعتبار ورتبة الاحتياج ( " وَما تَأَخَّرَ ") [ 48 / 2 ] منها ،
 
فإنّ الفتح المبين الذي تفرّد به الخاتم يستتبع هذه الرحمة الامتنانيّة التي لا يوازيها عمل من العبد ، وهو الستر لما تقدّم من نشأته هذه من أحكام الإمكان . وما تأخّر عنها منها وإخفائهما في صحائف الظهور وإسقاطهما عن درجة التأثير .
 
ويمكن أن يجعل هذه الآية إشارة إلى قسمي الرحمة ، فإنّ « ما تقدّم » إشارة إلى الرحمة الامتنانيّة المتقدّمة على الأعمال ،
كما أنّ " ما تأخّر " إشارة إلى الوجوبيّة المترتّبة المتأخّرة عن الأعمال ،
والذنب حينئذ عبارة عن أحكامه صلَّى الله عليه وسلَّم المتمّمة التي بها تمام الأوضاع النبويّة المشعرة ، كما أنّ الذنب تمام الأعضاء ، كذلك إنّ المراد بالغفران في هذا اللسان هو الإظهار الذي يلزمه ضرورة .
ولكن التوجيه الأوّل أوفق بسياق كلامه ، وإن كان الثاني أعلى .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومنها قوله : « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » ) وذلك لأنّ الغفر أصله إلباس الشيء ما يصونه عن الدنس .
ومنه قيل : « أغفر ثوبك في الوعاء ، واصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ » .
وبيّن أن أوضاع محمد صلَّى الله عليه وسلَّم وشرائعه - لأنّه خاتم النبوّة - لا بدّ وأن يكون هو التامّ الكامل من مراتب الرحمة وصورها الصائنة للكائنات عن دنس النقص والبوار ، وذنب العيب والعوار .
 
ومن هاهنا ترى الحديث القدسي يفصح عن أنّ العبد المذكور المخاطب مغفور ، ولو عمل من الذنب ما عمل .
وتمام تحقيق ذلك ما أورده الشيخ في الفتوحات ، فإنّه قال فيها : " إنّه ثبت في الأخبار الإلهيّة وصحّ أنّ العبد يذنب الذنب ويعلم أنّ له ربّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، ثم يذنب الذنب فيعلم أنّ له ربّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب ، فيقول الله في ثالث مرّة أو رابع مرّة : اعمل ما شئت فقد غفرت لك " إلى هنا كلامه .
 
""أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه  في الفتوحات الباب الرابع والسبعون في التوبة :
ومما يؤيد ما ذكرناه من أن التوبة اعتراف ودعاء لا عزم على أنه لا يعود
ما ثبت في الأخبار الإلهية وصح أن العبد بذنب الذنب ويعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب
ولم يزد على هذا مثل صورة آدم سواء ثم يذنب الذنب فيعلم إن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب فيقول الله له في ثالث مرة أو رابع مرة اعمل ما شئت فقد غفرت لك
وهذا مشروع أن الله قد رفع في حق من هذه صفته المؤاخذة بالذنب على من يرى أن الخطاب على غير من ليس بهذه الصفة منسحب
وأما ظاهر الحديث فإن الله قد أباح له ما قد كان حجر عليه لأجل هذه الصفة كما أحل الميتة للمضطر وقد كانت محرمة على هذا الشخص قبل أن تقوم به صفة الاضطرار
ثم إنه قد بينا أن من عباد الله من يطلعه الله على ما يقع منه في المستأنف
فكيف يعزم على أن لا يعود فيما يعلم بالقطع أنه يعود
ولم يرد شرع نقف عنده أن من حد التوبة المشروعة العزم في المستأنف
فلم تبق التوبة إلا ما قررناه في حديث آدم عليه السلام
ثم يؤيد ذلك قوله تعالى ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ الله هُوَ التَّوَّابُ
يعني في الحالتين ما هم أنتم ينظر إليه قوله وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى
وقوله فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكِنَّ الله قَتَلَهُمْ
وقوله ما قَطَعْتُمْ من لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ الله . أهـ ""
 
فقد ظهر من هذا الخبر الإلهي أنّ سبب انطلاق ذلك العبد المذكور عن مؤاخذة التكاليف هو علمه بأنّ له ربّا يغفر الذنب ، والعلم من جزئيّات الرحمة الامتنانية ، والأولياء المحمديّون أصحاب السبق في ذلك الميدان ،
 
وإليه أشار بقوله : ( فاعلم ذلك ) فإنّه لبّ معنى الرحمة وأصله .
وعلم من هذا الكلام أنّ الرحمة الامتنانيّة هي الفاتحة لغيب الوجود والخاتمة لكمال إظهاره .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهذا قال أبو القاسم بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء.
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. )
 
قال رضي الله عنه :  (ولهذا قال أبو القاسم بن قسيّ في الأسماء الإلهيّة : إنّ كلّ اسم إلهي على انفراده مسمّى بجميع الأسماء الإلهيّة كلّها : إذا قدّمته في الذّكر نعتّه بجميع الأسماء )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) ، أي لعدم اختلاف الأسماء الإلهية في الدلالة على الذات ( قال أبو القاسم بن قسي ) صاحب كتاب خلع النعلين ذكره في الفتوحات .
وقال : إنه من أكابر أهل الطريق ( في ) بيان أحكام ( الأسماء الإلهية : إن كل اسم على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء ) ، فتقول مثلا الحي هو العليم المريد القدير أو العليم هو الحي المريد القدير إلى غير الذات
 
قال رضي الله عنه :  ( وذلك لدلالتها على عين واحدة ، وإن تكثّرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها أي حقائق تلك الأسماء .  ثمّ إنّ الرّحمة تنال على طريقين ، طريق الوجوب ، وهو قوله تعالى :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَوما قيّدهم به من الصّفات العلميّة والعمليّة .
والطّريق الآخر الّذي تنال به هذه الرّحمة طريق الامتنان الإلهيّ الّذي لا يقترن به عمل وهو قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ الأعراف : 156 ] ومنه قيل :لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ[ الفتح : 2 ] . ومنها قوله : " اعمل ما شئت فقد غفرت لك ")
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك لدلالتها على عين واحدة ) ، هي الذات الإلهية ( وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها ، أي حقائق تلك الأسماء ) ، يعني مفهوماتها بخصوصياتها الامتيازية .
 
قال رضي الله عنه :  ( ثم إن الرحمة تنال على طريقين : طريق الوجوب ) بأن أوجب الحق على نفسه أن يرحم عباده إذا أتوا لما قيدهم به وكلفهم من العلم والعمل وهذا الإيجاب على سبيل الفعل والامتنان ، لأن العبد أوجبه عليه بعمله أو بعلمه.
 
 قال رضي الله عنه :  ( و ) ما يدل على هذا الطريق ( هو قوله تعالى :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ [ الأعراف : 156 ] ، وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية ) ، ويفهم من ذلك أن الرحمة الواقعة بإزاء العلم أيضا وجوبية ولا يبعد أن يفرق بين العلم الكسبي والوهبي .
 
قال رضي الله عنه :  ( والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل ) ، والمراد بالعمل إما ما يعم العلم أيضا ، أو ترك العمل بقرينة السابق فمنه ما هو عام وهو الرحمة الذاتية الشاملة لجميع الموجودات .
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) ما يدل عليه ( هو قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ومنه ) ما هو خاص كما ( قيل ) لنبينا صلى اللّه عليه وسلم ( ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) فإن الفتح المبين الذي تفرد به صلى اللّه عليه وسلم يستتبع هذه الرحمة الامتنانية التي لا يوازيها عمل منه ومعنى الآية على بعض وجوهها ليغفر لك اللّه ما تقدم على هذه النشأة من أحكام الإمكان من ذنبك وهو ما يتأخر عن رتبة الاعتبار من هذه الأحكام فإن أذناب القوم أراذلهم وذنب الدابة ما يتأخر عن سائر أعضائه وما تأخر عن تلك الشاة من تلك الأحكام ( ومنها ) ، أي من الرحمة الامتيازية الحاصلة ما يدل عليه ( قوله : اعمل ما شئت فقد غفرت لك ) .
 
أورد الشيخ رضي اللّه عنه في الفتوحات المكية أنه ثبت في الأخبار الإلهية وصح أن العبد يذنب الذنب ويعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب فيقول : اللّه له في ثالث مرة أو رابع مرة اعمل ما شئت فقد غفرت لك . انتهى كلامه فقد ظهر من هذا الخبر أن فاعلم ذلك .
 
سبب عدم مؤاخذة الحق هذا العبد بالذنب علمه بأن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، وهذا العلم من قبيل الرحمة الامتنانية التي لا يوازيها عمل ،
وكذلك المغفرة المترتبة عليه ، ولكن يشترط أن يفرق بين العلم الكسبي والوهبي كما سبقت إليه الإشارة ويجعل العلم بأن له ربا يغفر ويأخذ وهبيا ( فاعلم ذلك ) ،
واللّه سبحانه هو الكريم المنان ذو الفضل المحسان .

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 9:48 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الحادية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :-    
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :

21 - شرح نقش فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لمّا فاز زكريا برحمة الربوبية ستر نداءه ربه عن أسماع الحاضرين .  فناداه بسره "نداءً خفياً" فأنتج من لم تجر العادة بإنتاجه . فإن العقم مانع . ولذلك )

اعلم أنّ سرّ وصف حكمته بالحكمة المالكية هو من أجل أنّ الغالب على أحواله كان حكم الاسم «المالك»، لأنّ الملك الشدّة، و المليك الشديد، و أنّ الله ذو القوّة المتين، فأيّده الله بقوّة سرت في همّته و توجّهه، فأثمرت الاجابة و حصول المراد.
وقد علمت أنّ الهمّة من الأسباب الباطنة و الأسباب الباطنة أقوى حكما من الأسباب الظاهرة المعتادة و أحقّ نسبة إلى الحق.
ولهذا كان أهل عالم الأمر أتمّ قوّة من أهل عالم الخلق و أعظم تأثيرا.
وأيضا فلنتذكّر قضية «وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ» فانّه لو لا إمداد الحق زكريّا و زوجته بقوّة غيبية ربّانية خارجة عن الأسباب المعتادة، ما صلحت زوجته، و لا تيسّر لها الحمل منه.
ولهذا لمّا بشّره الحق بيحيى، استغرب ذلك و قال، «رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ من الْكِبَرِ عِتِيًّا».
فأجابه الحق تعالى بقوله، «قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً»، أي و إن كان حصول مثل هذا من جهة الأسباب الظاهرة صعبا، بل متعذّرا، فانّه بالنسبة إلى ذى القدرة التامّة و القوّة و المتانة هيّن.
ثمّ إنّه كما سرت تلك القوّة من الحق في زكريّا و زوجته، تعدّت منهما إلى يحيى. و لذلك قال له الحق سبحانه، "يا يَحْيى‏ خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ". فاعلم ذلك. و الله الهادي.

(لما فاز زكريا عليه السلام برحمة الربوبية) ، بمعنى التربية بالنعمة و المدد و القيام بما فيه صلاحه، و بمعنى الإصلاح أيضا لقوله تعالى، «وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ»، (ستر نداءه ربه) و دعاءه إيّاه سبحانه (عن إسماع الحاضرين فناداه بسره).
ليكون أجمع للهمّة و أبعد عن التفرقة، فيكون أقوى تأثيرا.
فأنتج نداؤه الخفىّ لقوّة تأثيره من لم تجر العادة بانتاجه، و هو يحيى، الذي ولد بين شيخ فان وعجوز عقيم لم يعهد إنتاجها، فان العقم مانع من الإنتاج.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (قال : " الريح العقيم " وفرّق بينها وبين اللواقح .  وجعل الله يحيى ببركة دعائه وارث ما عنده . فأشبه وارث جماعة من آل ابراهيم .)

و لذلك، أيّ لكون العقم مانعا من الإنتاج، قال الله سبحانه، «الرِّيحَ الْعَقِيمَ».
فوصف سبحانه الريح بالعقم لعدم إنتاجها خيرا، و فرق بينها، أي بين الريح العقيم، (و بين «اللواقح»)، فـ «اللواقح» ما أنتجت خيرا من إنشاء سحاب ماطر، و «العقيم» ما كانت بخلافها، فالعقم أينما كان مانع من الإنتاج.

(و جعل الله يحيى ببركة دعائه)، أي دعاء زكريّا عليه السلام حيث قال، «فَهَبْ لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ»، (وارث ما عنده) من العلم و النبوّة و الدعوة إلى الهداية و الابعاد من الضلالة و غيرها.
(فأشبه) يحيى عليه السلام مريم في الوراثة، لأنّه لمّا كفل زكريّا عليه السلام مريم و تصدّى لتربيتها، أورث فيها بعض صفاتها الكمالية، فهي ترث ما عنده أو في الحصورية، لأنّها كانت من جملة ما كان عند زكريّا لكفالته إيّاها فلمّا ورث يحيى ما عنده، ورث بعض صفاتها، فأشبهها فيه.
و كذلك جعله وارث جماعة من آل إبراهيم من الأنبياء و الأولياء و العلماء في الأمور المذكورة آنفا.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:02 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :-    
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
21 – فص حكمة مالكية في كلمة زکرياوية
الفص الحادي والعشرون حكمة مالكية في كلمة زکرياوية
(1) حكمة مالكية في كلمة زکرياوية
(1) يختلف هذا الفص عن غيره من فصوص الكتاب في أنه لا ذكر فيه- إلا في عنوانه- للنبي الخاص الذي تنسب إليه حكمته.
وقد جرت عادة المؤلف في الفصوص الأخرى أن يجعل محور كلامه في كل فص حول مناقشة بعض الآيات القرآنية الواردة في حق النبي المنسوب إليه حكمة الفص، وأن يشرح- على لسان النبي المزعوم- أسرار الحكمة التي يريد شرحها.
ولكنه في الفص الذي نحن بصدده يغفل تمام الإغفال اسم زكريا النبي كما يغفل جميع الآيات القرآنية الواردة في حقه.
نعم هناك إشارة غير مباشرة إلى قوله تعالى في سورة مريم: «ذكر رحمت ربك عبده زكريا» حيث يتكلم المؤلف عن الرحمة الإلهية ومن ذكرته الرحمة ومن لم تذكره، ولكنه لا يذكر اسم زكريا صراحة ولا يذكر الآية.
والظاهر أن هذه الإشارة البعيدة إلى الآية المذكورة قد أثارت في نفسه كل هذا الكلام الذي يفيض به الفص عن الرحمة ومعناها وأنواعها وأثرها في الوجود.


(2) «اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما».
(2) سبقت الإشارة مرارا إلى المعنى الخاص الذي يستعمل فيه ابن العربي كلمة «الرحمة»، فإنه لا يقصد بها الشفقة على العباد ولا غفران المعاصي للعاصين، وإنما يريد بها النعمة السابغة الشاملة التي أسبغها الله على الوجود بأسره، أو هي بعبارة أخرى منح كل موجود وجوده الخاص به، وإظهار حكمها فيه بإظهار الصفات الوجودية التي يتميز بها كل موجود من غيره.
وسواء أ كان الوجود بالقوة أو بالفعل، بسيطا أو مركبا، خيرا أو شرا، طاعة أو معصية، فالرحمة شاملة له أي معطية إياه وجوده الخاص به لأنه إما موجود بالفعل متحقق الوجود، أو موجود بالقوة صائر إلى الوجود بالفعل. فالنظرة التي ينظر بها المؤلف إلى الرحمة نظرة ميتافيزيقية لا خلقية.
ولذلك لا يفرق بين مقولتي الخير والشر كما لا يميز- إلا في مجرد التسمية- بين صفتي الغضب والرضا اللتين وصف الحق بهما نفسه. (قارن التعليق الثالث على الفص السادس عشر).
وبالرغم من أن الرحمة نفسها ليس لها وجود عيني- لأنها من الأمور الكلية المعنوية، فإن لها الحكم في إيجاد كل ما له وجود عيني، شأنها في ذلك شأن جميع المعاني الكلية التي لها أثر وحكم في أعيان الموجودات، مع أنها ليست من الموجودات العينية.
وإلى هذا المعنى أشار بقوله: «وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم (قارن الفص الأول).
هذه مسألة يرى ابن العربي أنها لا تدرك إلا بالذوق الصوفي وأنه لا مجال للعقل فيها، و إلا فكيف يدرك العقل أن الرحمة الإلهية قد وسعت المعاصي والآلام و الأمراض ونحوها مما يظهر للعقل البشري أنه من مظاهر الغضب الإلهي لا الرحمة؟


(3) فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة إلى قوله ومركبا وبسيطا».
(3) في هذه الفقرة المتناهية في الغموض شرح لفكرة هي أشبه ما تكون بفكرة الفيض الأفلوطيني، أي ظهور الواحد الحق في مراتب الوجود من أعلاها إلى أدناها في سلسلة من الفيوضات تنتهي بالعالم المحسوس.
والأولى ألا نستعمل كلمة الفيوضات (بالمعنى الأفلوطيني) لأنها لا مكان لها في مذهب ابن العربي، وإنما الواجب أن نستعمل كلمة التجليات مكانها، فإن الواحد الحق يتجلى- في نظره- في صور الموجودات ولا تفيض الموجودات عنه.
ومما يزيد المسألة غموضا وصعوبة في الفهم أنه يدخل في «الفيوضات» الرحمة الإلهية التي يخلع عليها صفة العينية حتى يعدها مرادفة للحق نفسه أو للوجود المطلق. فإذا فهمنا الرحمة على أنها الوجود، كانت الرحمة المطلقة التي وسعت كل شيء هي والوجود المطلق الذي هو الحق شيئا واحدا.
فظهور الواحد الحق في صورة الكثرة الوجودية التي هي العالم يقع في التصور على سبيل التدرج في مراتب من الوجود تتحقق كل مرتبة منها عند ما يتجلى الواحد الحق فيها- أو عند ما تسعها الرحمة الإلهية.

وأول هذه المراتب مرتبة الذات الإلهية المطلقة: وهي مرتبة الوجود المطلق من حيث هو وجود: لا سبيل لنا إلى معرفتها أو وصفها بأي وصف، لأن كل وصف يحددها ويعينها، وهي متعالية على الوصف والتحديد.
فهي مرتبة الشيئية المطلقة التي تعتبر سائر الموجودات مظاهر لها أو صورا وتعينات فيها.
فقوله: «فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة» معناه أن أول شيء وسعته الذات الإلهية (أو الوجود المطلق) هو ذات الوجود المطلق، وأن أول تجل للذات الإلهية كان فيها لنفسها، وهو الفيض الأقدس الذي أشرنا إليه في الفص الأول.
وهو أيضا مرتبة العماء. (راجع في معنى الشيئية والعماء ما ذكره في الفتوحات ج 3 ص 115، وفي معنى الشيء من حيث وجوده بالقوة، والشيء من حيث وجوده بالفعل: الفتوحات ج 4 ص 136 و213).

والمرتبة الثانية من مراتب التجليات هي تجلي الواحد الحق لذاته في صور الأسماء الإلهية، وهي مرتبة الفيض المقدس التي فيها يتجلى الحق لنفسه في صور الموجودات من حيث وجودها في باطن الغيب المطلق: أي من حيث هي نسب و إضافات معقولة إلى الذات الإلهية الواحدة.
فإذا عرفنا أن اسم «الله» يشير إلى نسبة الحقائق الوجودية إلى الذات الإلهية على هذا النحو، وأن الاسم «الرحمن» يشير إلى أنه منبع الوجود وأصل كل موجود: إذا عرفنا هذا كله، أدركنا لم يعتبر ابن العربي الاسم «الله» مرادفا للاسم «الرحمن» مستشهدا بقوله تعالى:
«قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى»، ولماذا يعتبر كلا من هذين الاسمين جامعا للأسماء الإلهية كلها.
وإذا كان الأمر كذلك فتجلي الواحد الحق لنفسه في صور الأسماء الإلهية إنما هو في الحقيقة تجليه لنفسه في صورة اسم «الله» أو اسم «الرحمن».
فالحق مسمى باسم الرحمن في نظر ابن العربي لأنه يتجلى بوجوده على كل موجود، وتجليه بوجوده على كل موجود هو رحمته التي يرحم بها هذا الموجود.
فبوجود الذات الإلهية المطلقة- التي هي العين الواحدة- ظهرت الكثرة الوجودية في الواحد، وكانت فيه وجودا بالقوة ثم وجودا بالفعل.
وهذا هو معنى قوله: «تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة» أي تلك العين التي أخرجت الوجود من القوة إلى الفعل.

والتجلي الثالث هو تجلي الواحد الحق في صور أعيان الموجودات أو العالم الخارجي، وهذا أيضا ناشئ عن الرحمة.
إذ بالرحمة الإلهية منح الله الوجود لكل موجود، أو على حد قول المؤلف أعطى كل موجود شيئيته سواء أ كان جوهرا أو عرضا، بسيطا أو مركبا (قارن التعليقين السابع والثامن على الفص السادس عشر).


(4) «و لا يعتبر فيها حصول غرض و لا ملاءمة طبع، بل الملائم و غير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا».
(4) هذه نتيجة لازمة عن تعريف الرحمة الإلهية على الوجه الذي ذكرناه، فإن الرحمة لو كان معناها الشفقة بالعباد والعناية بهم، لدخل في حساب الراحم فعل ما هو ملائم لطباع الناس وما هو محقق لأغراضهم، بل لقصرت الرحمة على هذا الصنف من الأعمال دون غيره.
ولكنها أوسع من أن تنحصر في هذا الصنف لأنها عامة تشمل الملائم وغير الملائم، والخير والشر، وكل ما يتحقق في الوجود على أي وجه.
فلا يعنيها أن ما يتحقق وجوده ملائم أو غير ملائم لغرض هذا الفرد أو ذاك، لأن الملاءمة وغير الملاءمة أمران اعتباريان لا دخل لهما في الأشياء من حيث هي، وكذلك الخير والشر أمران اعتباريان لا دخل لهما في الأفعال من حيث هي.
والرحمة تتوجه إلى إيجاد الأشياء والأفعال من حيث هي، فهي- بهذا المعنى- مرادفة للمشيئة الإلهية التي هي أعم قانون في الوجود.


(5) «وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم».
(5) بعد أن ذكر أن الصفات الإلهية- وهي في ذاتها ليست وجودا عينيا- لها أثر في كل ما له وجود عيني، أراد أن يبين هنا أن كل ما له أثر في متأثر فإنما هو معدوم (أي ليس له وجود عيني خارجي).
وإن تأثر متأثر بموجود فإنما يكون ذلك لحكم «معدوم» فيه.
وظاهر من هذا أن المؤلف لا يعني بالمعدوم المعدوم إطلاقا فإن المعدوم المطلق سلب محض وليس له أثر ولا يمكن أن يكون له أثر في متأثر، وإنما يريد بالمعدوم هنا الذي لا وجود له في العالم الخارجي، أعني الموجود العقلي أو الروحي.
إن العالم الخارجي وهو عالم الظواهر الذي له وجود عيني في تغير مستمر، ولا بد لكل تغير من علة تحدثه.
ولا يرى ابن العربي أن الظواهر الطبيعية أو حالات المادة هي العلل في وجود ظواهر طبيعية أخرى أو حالات جديدة في المادة، بل العلل في نظره أمور غير مادية أو كما يقول غير وجودية: وأحيانا يصف الأسماء الإلهية- وهي في نظره صفات معقولة محضة ليس لها وجود مستقل عن الذات التي تصفها- بأنها علل جميع الموجودات بمعنى أنها حقائق كلية معقولة متجلية في صور العالم الخارجي التي لا تتناهى عددا.

فليست الذات الإلهية من حيث هي- أي ليست الذات معراة عن جميع الصفات التي توصف بها- علة في وجود أي معلول.
وإنما هي علة في وجود كل معلول من حيث هي متصفة بصفاتها المتجلية في جميع نواحي الوجود.
ويشير ابن العربي إلى هذا المعنى في قوله فيما بعد: «فلها الحكم (أي للرحمة التي هي أمر معقول) لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو (الحق) الراحم على الحقيقة:
فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة»: أي لا يرحم من يرحمه من حيث هو ذات معراة عن صفة الرحمة، بل يرحم من حيث هو موصوف بصفة الرحمة.
ولكنه أحيانا يتكلم عن «الأعيان الثابتة» للموجودات كما لو كانت هي الأخرى عللا في وجودها لأنها في نظره- مثل المثل في نظر أفلاطون- العلل الحقيقية لكل ما هو موجود في عالم الظاهر.
فإن كل موجود إنما يوجد على الصورة التي يوجد عليها لأن عينه الثابتة قد قضت أزلا أن يكون على هذه الصورة.
فهي علة وجوده بهذا المعنى. ولكن هذه الأعيان الثابتة لا تخلو عند الفحص الدقيق عن أن تكون إما المثل المعقولة التي قال بها أفلاطون أو التعينات الأولى التي ظهرت في الذات الإلهية من حيث إضافة هذه الذات إلى العالم كما يقول ابن العربي.
أي أنها لا تخلو عن أن يكون المراد بها العالم المعقول أو الأسماء الإلهية.
وإذا كان هذا الأخير فيستوي أن تنسب العلية في عالم الظاهر إلى الأسماء الإلهية أو تنسبها إلى الأعيان الثابتة. وهناك احتمال ثالث.
فإن من الممكن أن يكون المراد بالمعدوم، ما لا وجود له في العالم الخارجي وهو مع ذلك علة في وجود التغيرات: أقول من الممكن أن يكون المراد بهذا المعدوم الحقيقة غير المدركة بالحس المختفية وراء الظواهر.
وبهذا المعنى تكون علة التغير في كل موجود جوهره المتقوم به الذي هو محل للتغير، ويكون الوجود ثنويا.
ولكنها ثنوية في وحدة كما يقول ابن العربي، فإن لكل موجود ناحيتين: ناحية الظاهر أو الخلق التي يسميها بالناسوت وناحية الباطن أو الحق التي يسميها باللاهوت.
والناحية الأولى هي ناحية المعلولية في الموجود كما أن الثانية ناحية العلية فيه.

أما قوله: «وهو علم غريب وسألة نادرة ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام» فالظاهر أن السبب فيه أن أصحاب الأوهام يتأثرون بأمور ليس لها وجود عيني خارجي، فهم لذلك أدنى من غيرهم إلى فهم المؤثرات التي ليس لها وجود محسوس.
وقد يكون ذلك كذلك لو أدرك أصحاب الأوهام حقيقة ما يؤثر فيهم، أي لو عرفوا أنهم يتأثرون بأمور ليست موجودة بالفعل، مع أن الأمر على خلاف ذلك لأن المتسلط عليه الوهم يعتقد أثناء تسلطه عليه أن ذلك الذي يؤثر فيه له كل معاني الوجود.


(6) «ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات ... إلى قوله و لها أثر آخر في السؤال».
(6) تنال الرحمة الإلهية بطريقتين: الأولى ظهور الذات الإلهية في صور الموجودات على نحو ما هي عليه، وبحسب استعداد هذه الموجودات المنطبع فيها من الأزل، وهذه هي الرحمة الرحمانية التي يشير إليها الله في قوله: «ورحمتي وسعت كل شيء».
والطريقة الثانية بسؤال العبد ربه أن يعطيه كذا أو كذا مما يلائم غرضا أو يحقق له نفعا.
ولكن الرحمة لا تنال بالسؤال إطلاقا وإنما تنال إذا اقتضت طبيعة الوجود نفسها تحقيق المسئول عنه.
ومن هنا لم يكن للسؤال في نظر العارفين قيمة أو أثر، بل إنه يدل في نظرهم على أن السائل محجوب جاهل بحقيقة السؤال.
وقد روي عن كثير منهم أنهم كانوا يكرهون السؤال ويفوضون الأمر كله إلى الله، ولا يسألونه إلا أن تقوم بهم رحمته فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا، أي لا يسألون الله إلا أن يقوم ذلك المعنى بهم، لا أن يرحمهم الله من حيث هو فاعل للرحمة لأن الأثر كما قلنا ليس في الحقيقة إلا للمعاني.

(7) «ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها في الإيجاد».
(7) قد شرحنا في التعليق الثالث على هذا الفص المرتبة الثانية من مراتب التجلي الإلهي وذكرنا كيف وسعت الرحمة الإلهية الأسماء التي يتسمى بها الحق وتدخل تحت اسم واحد هو اسم الله أو الرحمن.
والآن يريد المؤلف أن يفسر وجود صور المعتقدات أو صور الله في الاعتقاد على أنها أمور وسعتها الرحمة الإلهية أيضا.
والله لا يعرف من حيث ذاته المجردة عن الأسماء وإنما يعرف ويعبد من حيث هو ذات متصفة بأسمائها.
وأسماء الله في نظر المؤلف هي الصفات التي يتصف بها العالم: إذ ليس للعالم معنى عنده إلا أنه الصفات التي وصف الحق بها نفسه.
فعلم الناس بالله مستمد من علمهم بالعالم.
والحق المخلوق في الاعتقاد- وهو غير الحق في ذاته- صورة من صور علم الناس بالعالم.
ويلزم من هذا أن الرحمة التي وسعت الأسماء الإلهية قد وسعت في الوقت نفسه صور المعتقدات جميعها، أو قد وسعت- كما يقول- الحق المخلوق في الاعتقاد.
بعبارة أدق قد وسعت صور الاعتقاد التي قدر لها أزلا أن تكون صور اعتقاد للناس في الله كما قدر لصاحب كل صورة من صور الاعتقاد أن يخلق هذه الصورة وفقا لما تجلى في نفسه وفي العالم الخارجي المحيط به من الأسماء الإلهية.
أما فكرة خلق الحق في الاعتقاد ففكرة يرددها المؤلف في مواضع كثيرة من هذا الكتاب، وقد أشرنا إليها في مثل قوله: «فأعلمه فأوجده» وقوله «فالله عبارة لمن فهم الإشارة» ونحو ذلك.


(8) «فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم».
(8) يسأل عامة الناس الذين لا يعرفون الحق إلا بطريق عقولهم الله أن يرحمهم في اعتقاداتهم، وهذا هو عين الحجاب، لأن الحق المخلوق في الاعتقاد إنما هو من عملهم من حيث هو صورة من صور علمهم بأنفسهم وبالعالم الذي يعرفونه.
فإذا ما دعوا الله أن يرحمهم دعوا في الحقيقة آلهتهم المخلوقة في اعتقاداتهم أن يغفروا لهم ذنوبهم ومعاصيهم.
أما أهل الكشف الذين يعرفون الحقيقة عن طريق الذوق، فلهم في طلب الرحمة غاية أخرى: وهي أن تقوم الرحمة بهم أي يتحققوا بصفة الرحمة التي هي من صفات الله فيصبحوا راحمين لا مرحومين.

وهذا رأي قد يبدو غريبا لأول وهلة، غير أن غرابته سرعان ما تزول عند ما ينظر إليه الناظر في ضوء مذهب وحدة الوجود الذي يقول به المؤلف، لأنه لا فرق في الحقيقة في مثل هذا المذهب بين راحم ومرحوم ولا معنى للاثنينية هناك حيث لا يوجد في الوجود إلا حقيقة واحدة، فمن الجهل إذن أن تدعو الحق أن ينزل بك رحمته أو أن يهبك أي شيء فإن الحق الذي تدعوه هو الحق الذي خلقته في اعتقادك وهو أنت وأنت هو، بل الواجب عليك أن تتحقق ما أمكنك بصفات الكمال الإلهي التي منها الرحمة ونحوها.


ولكنك لن تصير في يوم من الأيام الحق لأنك في الحقيقة حق أي صورة من صور الحق ومظهر من مظاهره.
فإذا قامت بك صفة الرحمة (أو أية صفة أخرى) فأظهرها لغيرك تكن راحما مرحوما، وتحقق بذلك وحدتك الذاتية مع الحق. هذا معنى من معاني الحال الصوفي المعروف بحال الفناء وهو الحال الذي صاح فيه الحلاج بقوله: «أنا الحق».
ومعنى قوله: «فمن ذكرته الرحمة فقد رحم واسم الفاعل هو الرحيم والراحم» أن من قامت به صفة الرحمة وتحقق بها أصبح راحما لغيره من الخلق.


(9) «والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجيه المعاني لذواتها».
(9) سبقت الإشارة إلى موضوع هذه الفقرة فيما مضى من التعليقات على هذا الفص لا سيما التعليق الخامس.
والمراد بالحكم هنا حكم الصفة في الموصوف كحكم «العلم» في العالم والإرادة في المريد ونحوهما.
وقد انقسمت الآراء في مسألة الصفات الإلهية إلى قسمين: رأي أهل السنة القائلين بأن الصفات لا هي عين الذات ولا هي غيرها، ورأي المعتزلة الذاهبين إلى أن الصفات عين الذات: وكلا الرأيين مخطئ في نظر المؤلف.
فالصفات ليست عين الذات عنده- كما يقول المعتزلة- إلا بمعنى خاص وهي أنها نسب وإضافات بين الذات الموصوفة وبين الأعيان المعقولة للصفات.
فنحن إذا وصفنا الحق بأنه «عالم» لا نقصد أن صفة العلم عين الذات العالمة، وإنما نقصد أن صفة العلم هي عين الذات المتصفة بالعلم من حيث قيام صفة العلم بها، كما تقوم الأحوال بالجواهر: أي أنها نسبة أو إضافة بين الذات المتصفة بالعلم، وبين المعنى الكلي العام- العلم.
ومعنى هذا أن العلم هو الصفة التي حكمت على الذات فصارت الذات من أجلها عالمة.
والإرادة هي الصفة التي حكمت على الذات فصارت الذات من أجلها مريدة وهكذا.
ولا يقال إن صفة العلم أو الإرادة قد خلقت في الذات، ولا أن حكمها قد حدث أو تجدد أو وصف بأي معنى من معاني الخلق، فإن حكم الصفة في الموصوف أمر لا يوصف بالخلق ولا بالحدوث، بل يلزم من معنى الصفات لذواتها.
وفي هذا رد على أهل السنة الذين يتحاشون القول بأن الذات عين الصفات لئلا يسووا بين الله وصفاته، كما يتحاشون القول بأن الذات غير الصفات لئلا يقعوا في تعدد القديم:
إذ صفات الله قديمة كذاته. فهم لم يستطيعوا أن ينفوا الصفات الإلهية لثبوت حكمها في الموصوف، ولم يستطيعوا أن يجعلوها عين الذات، فقالوا قولتهم المشهورة: «لا هي هو ولا هي غيره».
ويقول ابن العربي «وهي عبارة حسنة وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف».
فمذهبه إذن أدنى إلى مذهب المعتزلة، غير أنه وإن أثبت وحدة الذات والصفات كما يثبتون، وقال بقيام الصفات بذات الموصوف كما يقولون، لا يذهب إلى أن للصفات أعيانا قائمة بذات الموصوف، وإنما هي مجرد نسب وإضافات معقولة ليس لها وجود عيني. فهي معان قائمة بذات الحق ولكن لا أعيان لها، كما أنها لا تقوم بالذات قيام الأعراض أو الحوادث بمقوماتها.


(10) «والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، و هي الموجبة للحكم، و هي الراحمة. والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها، و إنما أوجدها ليرحم بها من قامت به».
(10) المعنى أن الحق سبحانه إذا رحم عبدا أوجد فيه الرحمة أو جعل الرحمة تقوم به بحيث يصبح قادرا على أن يرحم غيره من المخلوقات.
وبذلك يصبح المرحوم راحما. فالحق لا يوجد الرحمة في المرحوم ليرحمه بها، بل ليكسبه الصفة الإلهية التي بها يرحم غيره- وهذا لا يكون إلا للكاملين من العارفين.
ولا يكون قيام الرحمة بالراحم بهذا المعنى- أي لا يكون إيجادها فيه بعد أن لم تكن- إلا من صفات الإنسان الحادث، لأن الحق سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
ومع ذلك فالحق هو الراحم على الإطلاق: أي هو مصدر كل رحمة، ولا تكون له هذه الصفة إلا على معنى أن رحمته عين ذاته كما بينا في التعليق السابق.
وها هو نص شرح القيصري على هذه المسألة الدقيقة وهو من أوضح الشروح فيها.
قال: «وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به» أي الحق الذي أوجد الرحمة في هذا المرحوم الذي هو من أهل الكشف ما أوجدها ليرحمه بها فيكون مرحوما، وإنما أوجدها فيه ليكون راحما، لأنه بمجرد ما وجد أولا صار مرحوما بالرحمة الرحمانية، وعند الوصول إلى كمال يليق بحاله صار مرحوما بالرحمة الرحيمية.
فإيجاد الرحمة فيه وإعطاء هذه الصفة له بعد الوجود والوصول إلى الكمال، إنما هو ليكون العبد موصوفا بصفة ربه فيكون راحما بعد أن كان مرحوما.
وإنما كان كذلك لأن الصفات الفعلية (أي صفات الأفعال) إذا ظهرت فيمن ظهرت تقتضي ظهور الفعل منه.
ألا ترى أن الحق إذا أعطى لعبده صفة القدرة وتجلى بها له كيف تصدر منه خوارق العادات وأنواع المعجزات والكرامات؟
والرحمة مبدأ جملة الصفات الفعلية إذ بها توجد أعيانا.
فنسأل الله (أن) يرحمنا بالرحمة التامة الخاصة والعامة": شرح القيصري على الفصوص ص 237. قارن التعليق الثالث على الفص السادس عشر.



(11) «وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة».
(11) الرحمة الإلهية جامعة لجميع صفات الفعل التي يتصف بها الحق لأنها مبدأ الإيجاد كما قلنا.
ولكنها تظهر في الوجود بصور مختلفة بحسب الأسماء الإلهية المختلفة، وتتعدد بتعددها.
وقد سبق أن ذكرنا أن الأسماء الإلهية هي الصفات التي تتصف بها الموجودات، أو هي المعاني التي تتجلى في الوجود بصور الموجودات فظهور الرحمة في صور الأسماء الإلهية معناه تجليها في صور الموجودات بحسب استعدادها وقابليتها للوجود.
ومما يستدل به على عمومية الرحمة وجامعيتها أن اسم «الرحمن» قد استعمل في القرآن مرادفا لاسم «الله» في قوله تعالى «قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى». واسم «الله» هو جماع الأسماء الحسنى كلها.


(12) «فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء، ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية».
(12) الرحمة التي لها صفة العموم هي الرحمة المنسوبة إلى الاسم «الله» أو إلى ياء المتكلم (وهي المشار إليها بالكناية) في قوله تعالى «ورحمتي وسعت كل شيء».
اما الرحمة التي يمنحها الله بواسطة أي اسم آخر من الأسماء الإلهية فرحمة جزئية لا تعم لأن الاسم الإلهي المتجلي فيها اسم خاص لا يعم.
وإذا نظرنا إلى الأسماء الإلهية من حيث هي مجال للوجود العام أو مجال للرحمة الإلهية العامة كانت كل رحمة خاصة تظهر على يد اسم من الأسماء بمثابة الشعبة المتفرعة عن الرحمة العامة.


(13) «إذ المصطلح عليه بأي لفظ حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها، وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة».
(13) كل اسم إلهي حقيقة متميزة بذاتها عن حقائق الأسماء الأخرى، ومن هنا استعمل لكل اسم لفظ خاص وكان له من الحكم ما ليس لغيره.
ولكن الأسماء الإلهية كلها لها دلالة أخرى واحدة وهي دلالتها على الذات الإلهية الواحدة المسماة بها.
وهذا هو المعنى الذي أشار إليه أبو القاسم بن قسي الأندلسي عند ما قال: إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها.
فلا بد إذن من مراعاة الدلالتين جميعا: دلالة كل اسم على معناه الخاص، ودلالة الأسماء الإلهية كلها على الذات المتصفة بها.
أما طلب الرحمة بواسطة الأسماء الإلهية، فيفهمه المؤلف على أن السائل إنما يدعو الله باسم من الأسماء من حيث دلالة ذلك الاسم على الذات الإلهية المسماة به، لا من حيث دلالته على معناه الخاص: ولذلك يدعى الله بالاسم الرب كما يدعى بالاسم المنتقم لكي يرحم فلانا أو فلانا فيقول الداعي يا رب ارحم كما يقول يا منتقم ارحم ولا تناقض في مثل هذا الدعاء.


(14) «أبو القاسم بن قسي».
(14) هو الشيخ أبو القاسم بن قسي شيخ طائفة المريدين في الأندلس. مات مقتولا سنة 546 هـ.
كان معاصرا لاثنين من كبار رجال التصوف في الأندلس وهما أبو العباس ابن العريف وأبو الحكم بن برجان اللذان اتهما بالزندقة فدعاهما صاحب شمال إفريقية على بن يوسف إلى مراكش و حبسهما حتى ماتا في السجن.
من ذلك الوقت استقل ابن قسي بزعامة الصوفية في الأندلس، وأطلق على أتباعه اسم المريدين فألف منهم جيشا قويا كان له خطره في الشئون السياسية في الأندلس وإفريقية على السواء.
وقد خاض بهذا الجيش مواقع كثيرة في الثورة المعروفة بثورة المريدين، واختلفت عليه الحظوظ فانتصر في بعضها وهزم في البعض الآخر.
ثم انتهى به الأمر إلى أن قتل في ساحة القتال نتيجة لعقد تحالف بينه وبين نصارى البرتغال سنة 545 هـ.  أما قتله فكان في سنة 546.
وكان بنفس الرماح التي أمده بها هؤلاء النصارى.
وليس هناك من شك في أن ابن قسي كانت له آمال سياسية واسعة استغل مريديه لتحقيقها، ولكنه كان في الوقت نفسه من أكبر رجال الصوفية الذين عرفتهم الأندلس، وأنه كان ينحو في تصوفه منحى أهل المشرق.
كان من أكبر المعجبين بالإمام الغزالي فكان يقرأ كتبه ويشرحها علانية في مجالسه متحديا في ذلك عرف أهل وطنه الذين كانوا ينقمون كل النقمة على الغزالي وكتبه.
ويحكي ابن العربي عن نفسه أنه في زيارة له لمدينة تونس لقي ابن الشيخ ابن قسي وقرأ معه كتاب أبيه المعروف بخلع النعلين.
ولم يذكر شيئا عن كتابته شرحا على هذا الكتاب ولكن بعض المترجمين لابن العربي يذكرون له شرحا بهذا الاسم.
ولابن العربي إشارات كثيرة إلى هذا الشيخ في كتابه الفتوحات ولكن معظمها حول مسألة الأسماء الإلهية التي شرحنا رأي ابن قسي في التعليق السابق.

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:03 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  



الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-    الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
اعلم أن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما، وأن وجود الغضب من رحمة الله بالغضب. 
فسبقت رحمته غضبه أي سبقت نسبة الرحمة إليه نسبة الغضب إليه. 
ولما كان لكل عين وجود يطلبه من الله، لذلك عمت رحمته كل عين، فإنه برحمته التي رحمه بها قبل رغبته في وجود عينه، فأوجدها.
فلذلك قلنا إن رحمة الله وسعت كل شيء وجودا وحكما. "2"
والأسماء الإلهية من الأشياء، وهي ترجع إلى عين واحدة. "3"
فأول ما وسعت رحمة الله شيئية تلك العين الموجدة للرحمة بالرحمة

………………………..

1 - المناسبة بين تسمية الحكمة بمالكية وزكريا عليه السلام 
هي أن الرحمة لما ذكرت زکریا علیه السلام قامت به وكانت لها الحكم فيه وعليه ، فكان راحما مرحوما فملكته ، والأسماء الإلهية جميعها ملكت الوجود فإنه عنها صدرت وخاصة الاسم الرحمن ، فكان مال العالم إلى الرحمة فإنها ملكته .

2 - شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب
راجع فص 7، هامش 17، ص 117

"" 17 ۔ شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب فص 7، هامش 17، ص 117
من اختصاص البسملة في أول كل سورة تويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها منه كعلامة السلطان على مناشيره، وسورة التوبة والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بالفصل فقد سماها سورة التوبة ، أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد ، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، والله هو التواب .
فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم لضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه کما ذكرنا ، والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، فثبت انتقال الناس في الدارين في أحوالهم من نعيم إلى نعيم ، ومن عذاب إلى عذاب ، ومن عذاب إلى نعيم ، من غير مدة معلومة لنا ، فإن الله ما عرفنا ، إلا أنا استروحنا من قوله « في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة » أن هذا القدر مدة إقامة الحدود .
خلق الله الخلق قبضتين فقال هؤلاء للنار ولا أبالي ، وهؤلاء إلى الجنة ولا أبالي .

فمن كرمه تعالی لم يقل هؤلاء للعذاب ولا أبالي وهؤلاء إلى النعيم ولا أبالي وإنما أضافهم إلى الدارين ليعمروها ، فإنه ورد في الخبر الصحيح أن الله لما خلق الجنة والنار قال لكل واحدة منهما لها علي" ملؤها ، أي أملؤها سكانا ، فيستروح من هذا عموم الرحمة في الدارين وشمولها حيث ذكرهما ولم يتعرض لذكر الآلام وقال بامتلائهما وما تعرض لشيء من ذلك .
فكان معنى « ولا أبالي » في الحالتين لأنهما في المال إلى الرحمة ، فلذلك لا يبالي فيهما ، ولو كان الأمر كما يتوهمه من لا علم له من عدم المبالاة.
ما وقع الأخذ بالجرائم ، ولا وصف الله نفسه بالغضب ، ولا كان البطش الشديد ، فهذا كله من المبالاة والتهمم بالمأخوذ ، إذ لو لم يكن له قدر ما عذب ولا استعد له ، وقد قيل في أهل التقوى إن الجنة أعدت للمتقين ، وقال في أهل التقاء « وأعد لهم عذابا أليما » فلولا المبالاة ما ظهر هذا الحكم .

فما أعظم رحمة الله بعباده وهم لا يشعرون ، فإن الرحمة الإلهية وسعت كل شيء ، فما ثم شيء لا يكون في هذه الرحمة « إن ربك واسع المغفرة » فلا تحجروا واسعا فإنه لا يقبل التحجير ، ولقد رأيت جماعة ممن ينازعون في اتساع رحمة الله وأنها مقصورة على طائفة خاصة ، فحجروا وضيقوا ما وسع الله ،

فلو أن الله لا يرحم أحدا من خلقه لحرم رحمته من يقول بهذا ، ولكن أبي الله تعالى إلا شمول الرحمة ، قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : « وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين » ،

وما خص مؤمنا من غيره ، والله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا من نفوسنا ، وممن جبلهم الله على الرحمة انهم يرحمون جميع العباد ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم ، بما تمكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه أنه أرحم الراحمين ، فلا شك أنه أرحم منا بخلقه ، و نحن قد عرفنا من تفوسنا هذه المبالغة في الرحمة .
فكيف يتسرمد، عليهم العذاب وهو بهذه الصفة العامة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، ولا سيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات، ولا تضره المخالفات، وان كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه.

وأن الخلق مجبورون في اختيارهم ، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح « يا عبادي » فأضافهم إلى نفسه ، وما أضاف الله قط العباد لنفسه إلا من سبقت له الرحمة ألا يؤبد عليهم الشقاء وإن دخلوا النار .
فقال : « يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا ، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا » .
وهذه مسألة المكاشف لها قليل ، والمؤمن بها أقل ، وهو سر عجيب ، ما رأينا أحدا نبه عليه من خلق الله ، وإن كانوا قد علموه بلا شك ، وما صانوه والله أعلم إلا صيانة لأنفسهم ورحمة بالخلق .
لأن الإنكار يسرع إليه من السامعين ، ووالله ما نبهت عليه هنا إلا لغلبة الرحمة عليه في هذا الوقت ، فمن فهم سعد ومن لم يفهم لم يشق بعدم فهمه وإن كان محروما ، فقد أظهرت أمرا في هذه المسألة لم يكن باختياري ، ولكن حق القول الإلهي بإظهاره ، فكنت فيه كالمجبور في اختياره ، والله ينفع به من يشاء لا إله إلا هو .
الفتوحات : ج2 / 148 ، 244 ، 674 - ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 383 . ج 4 / 163 .  أهـ ""


3- الأسماء الإلهية نسب وإضافات *
« ولله الأسماء الحسنى » وليست سوى هذه النسب ، وهل لها أعيان وجودية أم لا ؟
ففيه خلاف بين أهل النظر ، وأما عندنا فما فيها خلاف أنها نسب وأسماء على
حقائق معقولة غير وجودية ، فالذات غير متكثرة بها ، لأن الشيء لا يتكثر إلا بالأعيان الوجودية لا بالأحكام والإضافات والنسب.
واعلم أنه لما كانت الأسماء الإلهية نسبا تطلبها الآثار، لذلك لا يلزم ما تعطل حكمه منها ما لم يتعطل ، وإنما يقدح ذلك لو اتفق أن تكون أمرا وجودية ، فالله إله


ص 317


 * * * * * 
……………………….
سواء وجد العالم أو لم يوجد ، فإن بعض المتوهمين تخيل أن الأسماء تدل على أعيان وجودية قائمة بذات الحق ، فإن لم يكن حكمها يعم وإلا بقي منها ما لا أثر له معطلا، فلما خلق الله العالم رأيناه ذا مراتب وحقائق مختلفة ، 
تطلب کل حقيقة منه من الحق نسبة خاصة ، فلما أرسل تعالى رسله كان مما أرسلهم به لأجل تلك النسبة أسماء تسی بها لخلقه ، يفهم منها دلالتها على ذاته تعالى وعلى أمر معقول لا عين له في الوجود ، له حكم هذا الأثر ، 
والحقيقة الظاهرة في العالم من خلق ورزق و نفع وضر وإيجاد و اختصاص وأحكام وغلبة وقهر ولطف وتنزل واستجلاب ومحبة وبغض وقرب وبعد وتعظیم وتحقير وكل صفة ظاهرة في العالم تستدعي نسبة خاصة . 

لها اسم معلوم عندنا من الشرع ، فمنها مشتركة وإن كان لكل واحد من المشتركة معنى إذا ظهر تبين أنها متباينة ، فالأصل في الأسماء التباين والاشتراك فيه لفظي . ومنها متباينة ، ومنها مترادفة ، ومع ترادفها فلابد أن يفهم من كل واحد معنى لا يكون في الآخر ، فعلمنا ما سمي به نفسه واقتصرنا عليها .
فالأسماء الإلهية نسب وإضافات ترجع إلى عين واحدة ، إذ لا يصح هناك كثرة بوجود أعيان فيه كما زعم من لا علم له بالله من بعض النظار ، 
ولو كانت الصفات أعيانا زائدة ، وما هو إله إلا بها ، لكانت الألوهية معلولة بها ، فكون الباريء عالما حيا قادرا إلى سائر الصفات ، نسب وإضافات له ، لا أعيان زائدة ، لما يؤدي إلى نعتها بالنقص ، 
إذ الكامل بالزائد ناقص بالذات عن كماله بالزائد ، وهو كامل بذاته ، فالزائد بالذات على الذات محال ، وبالنسب والإضافة ليس بمحال ، 
وأما قول القائل لا هي هو ولا هي أغيار له ، فكلام في غاية البعد . 
فإنه قد دل صاحب هذا المذهب على إثبات الزائد وهو الغير بلا شك ، إلا أنه أنكر هذا الإطلاق لا غير ، ثم تحكم في الحد بأن قال الغيران هما اللذان يجوز مفارقة أحدهما الآخر مكانا وزمانا ، وجودا وعدما ، وليس هذا بحد للغيرين عند جميع العلماء به ، فليس للأسماء أعيانا موجودة
 

ص 318


فأول شيء وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها، "4" 
ثم شيئية كل موجود يوجد إلى ما لا يتناهى دنيا وآخرة، وعرضا وجوهرا، ومركبا وبسيطا.
ولا يعتبر فيها حصول غرض ولا ملاءمة طبع، بل الملائم وغير الملائم كله وسعته الرحمة الإلهية وجودا.
وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود، وإن كان للموجود فبحكم المعدوم: وهو علم غريب ومسألة نادرة، "5"
ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام، فذلك بالذوق عندهم.
وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة.
فرحمة الله في الأكوان سارية ... وفي الذوات وفي الأعيان جارية
مكانة الرحمة المثلى إذا علمت ... من الشهود مع الأفكار عالية،  "6"
………………………….
وإنما هي نسب . فمستند الآثار إلى أمر عدمي والعالم كله موجود عند ذلك التوجه المختلف النسب
فتوحات ج 1 / 42 ، 163 -  ج 3 / 411 - ج 4 / 294 


4 - راجع قلب العارف أوسع من رحمة الله
فص 12 ، هامش رقم 2، ص 174 

"" 2 - قلب العارف أوسع من رحمة الله فص 12 ، هامش رقم 2، ص 174 
الفقرة الواردة في هذا الفص توضح ما أشار إليه الشيخ رضي الله تعالی عنه في الفتوحات الجزء الرابع ص 99  حيث يقول في هذه المسألة : 
إلا أن في الأمر نكتة أوميء إليها ولا أنص عليها ، وذلك أن الله قد وصف نفسه بالغضب والبطش الشديد بالمغضوب عليه ، والبطش رحمة لما فيه من التنفيس وإزالة الغضب وهذا القدر من الإيماء كاف فيما تريد بيائه من ذلك . ""


5 - هب الأثر لا يكون إلا لمعدوم
أعلم أن الحكمة كلها والأمور أجمعها إنما هي قلمراتب لا للأعيان ، وأعظم المراتب الألوهية ، وأنزل المراتب العبودية ، فما ثم إلا مرتبتان ، فما ثم إلا رب وعبد لكن للألوهية أحكام كل حكم منها يقتضي رتبة ، فإما يقوم ذلك الحكم بالإله فيكون. هو الذي حكم على نفسه ، وهو حكم المرتبة في المعنى ، ولا يحكم بذلك الحكم إلا صاحب المرتبة ، لأن المرتبة ليست وجود عين ، وإنما هي أمر معقول ونسبة معلومة محکوم بها ولها الأحكام ،
وهذا من أعجب الأمور ، تأثير المعدوم ، وإما أن يقوم ذلك الحكم بغيره في الموجود إما أمرا وجودیا وما نسبة ، فلا تؤثر إلا المراتب ، مثال ذلك تأثیر رتبة العبد في سيده ، فهو قيام السيد بمصالح عبده ليبقى علیه حکم

ص 319


فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد،  "6" 
 وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
……………………………………..
السيادة ، ومن لم يقم بمصالح عبده فقد عزلته المرتبة ، فإن المراتب لها حكم التولية والعزل بالذات لا بالجمل كانت ما كانت . فتوحات ج 3 / 408 
يلاحظ ما جاء في الأسماء الإلهية أنها نسب وإضافات .
 

6 - ذكر الرحمة .
« ذكر رحمت ربك عبده زکریا » في هذه الآية ، الرحمة هي التي تذكر العبد ، ما هو يذكرها ، فتعطيه بذكره حقيقة ما فيها ، لأنها تطلب منه التعشق بها ، فإنه لا ظهور لها إلا به ، فهي حريصة على مثل هذا. 
وهذه الآية تعرف إلهي بوجوب حكم الرحمة فيمن تذكره من عباده سبحانه وتعالى ، وجاء زكريا لا لخصوص الذكر، وإنما ساقته عناية العبد ، فإنها ما ذكرته إلا لكونه عبدا له تعالى في جميع أحواله ، فأي شخص أقامه الله في هذا المقام فبرحمته به أقامه ، لتذكره رحمة ربه عنده تعالی فحال عبوديته هو عين رحمته الربانية التي ذكرته ، فأعلمت ربها أنها عند هذا العبد ، فأي شيء صدر من هذا الشخص فهو مقبول عند الله تعالى ، و من هذا المقام يحصل له من الله ما يختص به مما لا يكون لغيره ، وهو الأمر الذي يمتاز به ويخصه ، فإنه لابد لكل مقرب عند الله من أمر يختص به.

ولما كانت الصفات نسبا وإضافات ، والنسب أمور عدمية ، وما ثم إلا ذات واحدة من جميع الوجوه ، لذلك جاز أن يكون العباد مرحومين في آخر الأمر ، ولا پسرمد عليهم عدم الرحمة إلى ما لا نهاية له ، إذ لا مكره له على ذلك ، والأسماء والصفات ليست أعيانا توجب حكما عليه في الأشياء ، فلا مانع من شمول الرحمة للجميع ، ولا سيما وقد ورد سبقها للغضب ، فإذا انتهى الغضب إليها كان الحكم لها ، فكان الأمر على ما قلناه . 
فتوحات ج 1 / 163 - ج 4 / 153 
راجع شمول الرحمة وعدم سرمدة العذاب - فص 7 - هامش 17 - ص 117
موجودة هامش 2 بهذا الفص
 

ص 320


فكل من ذكرته الرحمة فقد سعد، وما ثم إلا من ذكرته الرحمة.
وذكر الرحمة الأشياء عين إيجادها إياها. "7"  فكل موجود مرحوم.
ولا تحجب يا ولي عن إدراك ما قلناه بما ترى من أصحاب البلاء وما تؤمن به من آلام الآخرة التي لا تفتر عمن قامت به.  
واعلم أولا أن الرحمة إنما هي في الإيجاد عامة. "8"
فبالرحمة بالآلام أوجد الآلام.
ثم إن الرحمة لها أثر بوجهين: أثر بالذات، وهو إيجادها كل عين موجودة. "9"
ولا تنظر إلى غرض ولا إلى عدم غرض، ولا إلى ملائم ولا إلى غير ملائم: فإنها ناظرة في عين كل موجود قبل وجوده. بل تنظره في عين ثبوته، ولهذا رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة في العيون الثابتة فرحمته بنفسها بالإيجاد.
ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا. فمن
…………………………………...

7، 9 ، 8 - الرحمة والإيجاد
اعلم أن العالم إنما صدر من نفس الرحمن ، لأنه نفس به عن الأسماء لما كانت نجده من عدم تأثيرها ، والرحمن ما رحم إلا حبابة المحب وهو رقة الشوق إلى لقاء المحبوب . 
ورد في الحديث الصحيح کشفا غير الثابت نقلا عن رسول الله ما عن ربه عز وجل أنه قال «کنت کنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت الحلق وتعرف إليهم فعرفوني » وذكر الله نفس الرحمن ، فلما ذكر المحبه . 
علمنا من حقيقة الحب ولوازمه مما يجده المحب في نفسه ، وان الحب لا يتعلق إلا بمعدوم يصح وجوده . 
وهو غير موجود في الحال ، والعالم محدث والله كان ولا شيء معه . 
فكان الحب اصل سبب وجود العالم والسماع سبب تكوينه . 
وبهذا الحب وقع التنفس . 
وأظهر العالم تنفس الرحمن ، لإزالة حكم الحب وتنفس ما يجد الحب ، فكان العماء المسمى بالحق المخلوق به ، فكان ذلك العماء جوهر العالم ، فقبل صور العالم وأرواحه وطبائعه كلها ، وهو قابل لا يتناهی .  
فتوحات 2 / 123 ، 399 - ج 4 / 259

 

ص 321


ذكرته الرحمة فقد رحم.
واسم الفاعل هو الرحيم والراحم.
والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجبه المعاني لذواتها.
فالأحوال لا موجودة ولا معدومة، أي لا عين لها في الوجود لأنها نسب، "11" ولا معدومة في الحكم لأن الذي قام به العلم يسمى عالما وهو الحال.
فعالم ذات موصوفة بالعلم، ما هو عين الذات ولا عين العلم، وما ثم إلا علم وذات قام بها هذا العلم.
وكونه عالما حال لهذه الذات باتصافها بهذا المعنى.
فحدثت نسبة العلم إليه، فهو المسمى عالما.
والرحمة على الحقيقة نسبة من الراحم، وهي الموجبة للحكم، وهي الراحمة.
والذي أوجدها في المرحوم ما أوجدها ليرحمه بها وإنما أوجدها ليرحم بها من قامت به.
وهو سبحانه ليس بمحل للحوادث، فليس بمحل لإيجاد الرحمة فيه.
وهو الراحم، ولا يكون الراحم راحما إلا بقيام الرحمة به. فثبت أنه عين الرحمة. "12"
ومن لم يذق هذا الأمر ولا كان له فيه قدم ما اجترأ أن يقول إنه عين الرحمة أو عين الصفة، فقال ما هو عين الصفة ولا غيرها.
فصفات الحق عنده لا هي هو ولا هي غيره، لأنه لا يقدر على نفيها ولا يقدر أن يجعلها عينه، فعدل إلى هذه العبارة وهي حسنة، وغيرها أحق بالأمر منها وأرفع للإشكال، "13" وهو القول بنفي أعيان الصفات وجودا قائما بذات الموصوف.

………………………………………...
10 - راجع هامش   6 ص 320


11 - النسبة أمر معقول غير موجود بين اثنين ،
فالنسب لا تقبل معنى الحدوث ولا القدم ، فإنه لا يقبل هذا الوصف إلا الوجود أو العدم ، فالنسب لا تصف بالوجود ولا بالعدم .
 فتوحات ج 1 / 253 - ج 2 / 56 ، 57

"" أضاف الجامع : 
قال الشيخ رضي الله عنه الفتوحات الباب الثالث والسبعون عن الذات والأسماء والنسب والمظاهر:-
فاعلم إن هذه الأسماء الإلهية التي بأيدينا هي أسماء الإلهية التي سمى بها نفسه من كونه متكلما فنضع الشرح الذي كنا نوضح به مدلول تلك الأسماء على هذه الأسماء التي بأيدينا
وهو المسمى بها من حيث الظاهر ومن حيث كلامه وكلامه علمه وعلمه ذاته
فهو مسمى بها من حيث ذاته والنسب لا تعقل للموصوف بالأحدية من جميع الوجوه
إذا فلا تعقل الأسماء إلا بأن تعقل النسب ولا تعقل النسب إلا بأن تعقل المظاهر المعبر عنها بالعالم
فالنسب على هذا تحدث بحدوث المظاهر لأن المظاهر من حيث هي أعيان لا تحدث ومن حيث هي مظاهر هي حادثة فالنسب حادثة فالأسماء تابعة لها ولا وجود لها مع كونها معقولة الحكم . أهـ ""


12 - راجع هامش 6  ص 320

13 - الصفة عين الموصوف بالنسبة للحق تعالی
اعلم أن وجود العالم من حيث ما هو موجود بغيره ، مرتبط بالواجب الوجود لنفسه ، وأن عين الممكن محل تأثير الواجب الوجود لنفسه بالإيجاد ، ولا يعقل إلا هكذا ،
فمشيئته تعالى وإرادته وعلمه وقدرته ذاته ، تعالى الله أن يتكثر في ذاته علوا كبيرة ، بل له الوحدة المطلقة وهو الواحد الأحد ، فعين العالم عين الحى عين المريد


ص 322


وإنما هي نسب وإضافات بين الموصوف بها وبين أعيانها المعقولة."14"
وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي. "15"
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء.
ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، "16"
وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك
……………………………………………………..
عين القادر ، وعين الحياة هي عين العلم عين الإرادة عين القدرة . وعين الحياة هي عين الحي عين العالم عين المريد عين القادر ، وكذلك ما بقي ، فالنسب مختلفة والعين واحدة ، وهو قول القائل يسمع بما به يبصر بما به يتكلم ، فكلام الله عليه وعلمه دانه ، وليس يصح أن يكون كلامه ليس هو ، فإنه كان يوصف بأنه محكوم عليه بالزائد على ذاته ، وهو لا يحكم عليه عز وجل .

* يلاحظ التعارض بين قوله في هذه الفقرة عن قول القائل : 
إن صفاته تعالی « لا هي هو ولا هي غيره ، أن هذه عبارة حسنة . 
وبين ما جاء عن هذه العبارة في الهامش رقم (3) أن هذا كلام في غاية البعد . 
فتوحات ج 1 / 291 -  ج 2 / 400 ، 608 


14 - راجع هامش رقم 3 ، ص 317


15 ، 16 - هل سال الله سبحانه أن يرحم بكل اسم ؟ وهل للمنتقم له أن يقول یا منتقم ارحمني ؟ *
قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم « قل هو الله أحد» وعرفه فقال : « ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه » يقول يمیلون عن أسمائه . 
لا بل يقول يميلون في أسمائه إلى غير الوجه الذي قصد بها « سيجزون ما كانوا يعملون » من ذلك ، فكل يجزى بما مال إليه فيما أوحينا ، يقول اتبع ما أوحي إليك من ربك. ولا تمل بميلهم. 
الفتوحات ج 4 / 77 


ص 323

 

الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز. "17"
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. "18"
ولهذا قال أبو القاسم

…………………………………………..

17 - قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى «الآية» *
« هل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن » من حيث المسمى فإنه قال « أيا ما تدعو » من حيث دلالته على عين المسمى « فله » أي لذلك المسمى « الأسماء الحسنى » والمسي هو المقصود في هذه الآية 
ولذلك قال « فله الأسماء الحسنى » ومن أسمائه الحسنى الله والرحمن إلى كل اسم سمى به نفسه ما تعلم وما لا تعلم ومما لا يصح أن يعلم أنه استأثر بأسماء في علم غیبه ، فالحكم للمدعو بالأسماء الإلهية لا للأسماء فإنها وإن تفرقت معانيها وتميزت ، فإن لها دلالة على ذات معينة في الجملة وفي نفس الأمر . 
وإن لم نعلم ولا يدركها حد، فإنه لا يقدح ذلك في إدراكنا وعلمنا أن ثم ذاتا ينطلق عليها هذه الأسماء
الحكم للمدعو بالأسماء     ….. ما الحكم للأسماء في الأشياء
لكن لها التحكيم في تصريفها    …. فيه كمثل الحكم للأنواء 

الفتوحات ج 1 / 611 - ج 3 / 126 - ج 4 / 118
ومن أراد زيادة المعنى فليراجع كتاب الجلال والجمال ، فتوحات ج 4 /196

راجع الدعاء بالأسماء لا بالهوية - فص 19، هامش 21 ص 308
 

""21 - الدعاء بالأسماء الإلهية لا بالهوية * فص 19، هامش 21 ص 308
لما كان الاسم الله جامعا للنقيضين فهو وإن ظهر في اللفظ فليس المقصود إلا اسما خاصا منه تطلبه قرينة الحال ، فإذا قال طالب الرزق المحتاج إليه «یا الله ارزقني» والله هو المانع أيضا. 
فما يطلب بحاله إلا الاسم الرزاق، فما قال بالمعنى إلا «يا رزاق ارزقني» فمن أراد الإجابة من الله فلا يسأله إلا بالاسم الخاص بذلك الأمر. 
ولا يسأل باسم يتضمن ما يريده و غیره . 
ولا يسأل بالاسم من حيث دلاله على داب المسي . 
ولكن يسأل من حسن المعنى الذي هو عليه . 
الذي لأجله جاء وتسبز عن غيره من الأسماء تميز معنى لا تسيز لفظ .
فتوحات ج 2 / 462  ""


18 - « ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها » *
« ولله الأسماء الحسنى » وإن كان له جميع الأسماء التي يفتقر كل فقير إلى مسماها ، ولا فقر إلا إلى الله ، ومع هذا فلا يطاق عليه من الأسماء إلا ما يعطي الحسن عرفا وشرعا ، ولذلك نعت أسماءه بالحسنى ، والحق هو الذي نصبه الشرع للعباد . وبما سمى به نفسه نسميه ، وبما وصف به ذاته نصفه ، لا تزيد على ما أوصل إلينا .
 

ص 324

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:04 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :-    الجزء الثاني
بن قسي في الأسماء الإلهية إن كل اسم إلهي على انفراده مسمى بجميع الأسماء الإلهية كلها:
إذا قدمته في الذكر نعته بجميع الأسماء، وذلك لدلالتها على عين واحدة، وإن تكثرت الأسماء عليها واختلفت حقائقها، أي حقائق تلك الأسماء. "19"
ثم إن الرحمة تنال على طريقين، طريق الوجوب، وهو قوله «فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة» وما قيدهم به من الصفات العلمية والعملية.
والطريق الآخر الذي تنال به هذه الرحمة طريق الامتنان الإلهي الذي لا يقترن به عمل وهو قوله «ورحمتي وسعت كل شيء» ومنه قيل «ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر»، ومنها قوله «اعمل ما شئت فقد غفرت لك» فاعلم ذلك. "20"
………………………………...
ولا نخترع له اسما من عندنا . 
وقال لنا « فادعوه بها » فإذا دعوته باسم منها تجلی مجيبا لك في عيں ذلك الاسم . وإن الاسم الله وإن كان جامعا للنقبتیں . فهو وإن ظهر في اللفظ فليس المقصود إلا اسما خاصا منه . تطلبه قرينة الحال . 
فإذا قال مطالب الرزق المحتاج إليه با الله ارزقني ، والله هو المانع أيضا ، فما يطاب بحاله إلا الاسم الرزاق . 
فما قال بالمعنى الا يا رزاق ارزقني ، 
فمن أراد الإجابة من الله فلا يسأله إلا بالاسم الخاص بذلك الأمر . 
ولا يسأل باسم يتضمن ما يريده وغيره . 
ولا يسأل بالاسم من حيث دلالته على ذات المسمي ، ولكن يسأل من حيث المعنى الذي هو عليه الذي لأجله جاء وتمیز به عن غيره من الأسماء تميز معنى لا تميز لفظ . 
الفتوحات ج 2 / 462 - ج 3 / 498 - ج 4 / 171 ، 199


19 - قول أبي القاسم ابن قسي
راجع كل اسم إلهي يتسمى بجميع الأسماء - فص 4، هامش 10، ص 81

""  10 - كل اسم إلهي يتسمى بجميع الأسماء وينعت بها فص 4، هامش 10، ص 81
سبب ذلك التوحيد العين ، وعدم التشبيه بالكون ، وهذا مشهد عزيز لا يناله إلا الأعز من عباده ، المتوحدين به الذين لانظر لأنفسهم إلا بعينه , والمغيب كونهم في كونه .
"يشير إلى الحديث :  فإذا أحببته، كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها فإن سألني عبدي، أعطيته، وإن استعاذني، أعذته "
 الموحد له لا لهم ، فلا يطلب بالعقول مالا يصح اليه الوصول فكل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها .
ولتعلم وفقك الله أن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه ، فكل اسم فهو حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه ، وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده ؟
فكل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق .
الفتوحات ج1/ 101 , ذخائر الأعلاق

راجع   "لكل عبد اسم هو ربه"   فص 7 هامش 2 ص 105

""  2 - لكل عبد اسم هو ربه   فص 7 هامش 2 ص 105
لولا العصر والمعاصر ، و الجاهل والخابر ، ما عرف أحد معنى اسمه الأول والآخر ، ولا الباطن والظاهر ، وإن كانت أسماؤه الحسنى ، على هذا الطريق الأسنى ،
ولكن بينها تباين في المنازل ، يتبين ذلك عندما تتخذ وسائل لحلول النوازل ، فليس عبد الحليم هو عبد الكريم ، وليس عبد الغفور هو عبد الشکور ، فكل عبد له اسم هو ربه ، وهو جسم ذلك الاسم قلبه .
ويقول رضي الله عنه :
فقد أنشأ سبحانه الحقائق على عدد أسماء حقه ، وأظهر ملائكة التسخير على عدد خلقه ، فجعل لكل حقيقة اسما من أسمائه تعبده وتعلمه ، وجعل لكل سر حقيقة ملكا يخدمه ويلزمه .
فمن الحقائق من حجبته رؤية نفسه عن اسمه، فخرج عن تكليفه وحكمه ، فكان له من الجاحدين ، ومنهم من ثبت الله أقدامه واتخذ اسمه أمامه ، وحقق بينه وبينه العلامة وجعله إمامه ، فكان له من الساجدین .
اعلم علمك الله سرائر الحكم ووهبك من جوامع الكلم ، أن الأسماء الحسنى التي تبلغ فوق أسماء الإحصاء عددا ، وتنزل دون أسماء الإحصاء سعادة ، هي المؤثرة في هذه العالم ، وهي المفاتح الأولى التي لا يعلمها إلا هو ، وأن لكل حقيقة اسما ما يخصها من الأسماء ، وأعني بالحقيقة حقيقة تجمع جنسا من الحقائق ، رب تلك الحقيقة ذلك الاسم .

وتلك الحقيقة عابدته و تحت تكليفه ليس غير ذلك - وإن جمع لك شيء ما أشياء كثيرة فليس الأمر على ما توهمته ، فإنك إن نظرت إلى ذلك الشيء وجدت له من الوجوه ما يقابل به تلك الأسماء التي تدل عليها وهي الحقائق التي ذكرناها .
مثال ذلك ، ما ثبت لك في العلم الذي في ظاهر العقول وتحت حكمها في حق موجود ما فرد لا ينقسم ، مثل الجوهر الفرد الجزء الذي لا ينقسم ، فإن فيه حقائق متعددة تطلب أسماء إلهية على عددها ، فحقيقة إيجاده يطلب الاسم القادر ووجه أحكامه يطلب الاسم العالم .
ووجه اختصاصه يطلب الاسم المريد ، ووجه ظهوره يطلب الاسم البصير والرائي إلى غير ذلك ، فهذا وإن كان فردا فله هذه الوجوه وغيرها مما لم نذكرها.

ولكل وجه وجوه متعددة تطلب من الأسماء بحسبها ، وتلك الوجوه هي الحقائق عندنا الثواني والوقوف عليها عسير وتحصيلها من طريق الكشف أعسر - واعلم وفقك الله أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها وأن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه .
فكل اسم حي قادر سميع بصير متكلم في أفقه وفي علمه ، وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده ، هيهات هيهات.

فكل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق ، ولكل عين من أعيان الممكنات اسم إلهي خاص ينظر إليه ، وهو يعطيه وجهه الخاص الذي يمتاز به عن غيره ، والممكنات غير متناهية فالأسماء غير متناهية ، لأنها تحدث النسب بحدوث الممكن ، ولذلك فالحضرات الإلهية تكاد لا تنحصر لأنها نسب ، ومعنی توجه اسم معين على إيجاد موجود معين هو كون ذلك الاسم هو الأغلب عليه وحكمه أمضى فيه ، مع أنه ما من ممكن يوجد إلا و للأسماء المتعلقة بالأكوان فيه أثر .
ولكن بعضها أقوى من بعض في ذلك الممكن المعين وأكثر حكما ، فلهذا ننسبه إليه ، فالحضرة الإلهية اسم لذات وصفات وأفعال ، وإن شئت قلت صفة فعل وصفة تنزيه ، وهذه الأفعال تكون عن الصفات والأفعال أسماء لا بد ، فالحضرات الإلهية كني عنها بالأسماء الحسنى ، وكل حضرة لها عبد کما لها اسم إلهي ، وكل متخلق باسم من الأسماء يسمى عبد كذا ، مثل عبد الرحمن ، وعبد الملك ، وعبد القدوس 
الفتوحات  ج 1 / 2 ،4 ، 99 ج 2 / 468 ج 4 / 196 ، 204 ، 208 ، 288 ، 318 . أهـ ""

 لابد من اسم إلهي حاكم في الوقت - فتوحات ج 1 / 683 

20 - الرحمات الثلاث 
راجع فص 16 - هامش 3 - ص 254

"" 3 - الرحمات الإلهية الثلاث فص 16 - هامش 3 - ص 254

جعل الله في أم الكتاب أربع رحمات فضمن الآية الأولى من أم الكتاب وهي البسملة رحمتين وهي قوله « الرحمن الرحيم » وضمن الآية الثالثة منها أيضا رحمتين وهما قوله « الرحمن الرحيم » فهو رحمن بالرحمتين وهي رحمة الامتنان ، وهو رحيم بالرحمة الخاصة وهي الواجبة في قوله « فسأكتبها للذين يتقون » الآيات ، وقوله « كتب ربكم على نفسه الرحمة » وأما رحمة الامتنان فهي التي تنال من غير استحقاق بعمل ، وبرحمة الامتنان رحم الله من وفقه للعمل الصالح الذي أوجب له الرحمة الواجبة ، فيها (أي رحمة الامتنان ) ينال العاصي وأهل النار إزالة العذاب وإن كان مسكنهم ودارهم جهنم ، وهذه رحمة الامتنان ،فالرحمن في الدنيا والآخرة والرحيم اختصاص الرحمة بالآخرة.

واعلم أن الرحمة الإلهية التي أوجده الله في عباده ليتراحموا بها مخلوقة من الرحمة الذاتية التي أوجد الله بها العالم حين أحب أن يعرف وبها كتب على نفسه الرحمة ، والرحمة المكتوبة منفعلة عن الرحمة الذاتية ، والرحمة الامتنانية هي التي وسعت كل شيء ، فرحمة الشيء لنفسه تمدها الرحمة الذاتية وتنظر إليها ، وفيها يقع الشهود من كل رحيم بنفسه ، والرحمة التي كتبها على نفسه لا مشهد لها في الرحمة الذاتية ولا الامتنانية ، فإنها مكتوبة لأناس مخصوصين بصفات مخصوصة ، وأما رحمة الراحم بمن أساء إليه وما يقتضيه شمول الإنعام الإلهي والاتساع الجودي فلا مشهد لها إلا رحمة الامتنان ، وهي الرحمة التي يترجاها إبليس فمن دونه ، لا مشهد لهؤلاء في الرحمة المكتوبة ولا في الرحمة الذاتية ، وما رأيت أحدا من أهل

الله نبه على تثليث الرحمة بهذا التقسيم ، فإنه تقسيم غريب كما هو في نفس الأمر ، فما علمناه إلا من الكشف ، وما أدري لماذا ترك التعبير عنه أصحابنا، مع ظني بأن الله قد کشف لهم عن هذا. 

وأما النبوات فقد علمت أنهم وقفوا على ذلك وقوف عين ، ومن نور مشكاتهم عرفناه
الله أرحم الراحمين كما قال عن نفسه ، وقد وجدنا في نفوسنا ومن جبلهم الله على الرحمة أنهم يرحمون جمیع عباد الله ، حتى لو حكمهم الله في خلقه لأزالوا صفة العذاب من العالم بما تسكن حكم الرحمة من قلوبهم ، وصاحب هذه الصفة ، أنا وأمثالي ، ونحن مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض ، وقد قال عن نفسه جل علاه إنه أرحم الراحمين، فلا نشك أنه أرحم منا بخلقه، و نحن قد عرفنا من نفوسنا هذه المبالغة في الرحمة،
فكيف يتسرمد عليهم العذاب وهو بهذه الصفة من الرحمة ، إن الله أكرم من ذلك ، 
ولاسيما وقد قام الدليل العقلي على أن الباري لا تنفعه الطاعات ولا تضره المخالفات ، وأن كل شيء جار بقضائه وقدره وحكمه ، وأن الخلق مجبورون في اختيارهم، وقد قام الدليل السمعي أن الله يقول في الصحيح إنه ما ينقص من ملكه شيء .

أخبرني الوارد- والشاهد يشهد له بصدقه مني - بعد أن جعلني في ذلك على بينة من ربي بشهودي إياه لما ألقاه من الوجود في قلبي ، أن اختصاص البسملة في أول كل سورة تتويج الرحمة الإلهية في منشور تلك السورة أنها تنال كل مذکور فيها ، فإنها علامة الله على كل سورة أنها منه ، كعلامة السلطان على مناشيره ، فقلت للوارد فسورة التوبة عندكم ؟ 

قال : هي والأنفال سورة واحدة قسمها الحق على فصلين ، فإن فصلها وحكم بفصلها سماها سورة التوبة أي سورة الرجعة الإلهية بالرحمة على من غضب عليه من العباد، فما هو غضب أبد لكنه غضب أمد ، 
والله هو التواب : فما قرن بالتواب إلا الرحيم ليؤول المغضوب عليه إلى الرحمة ، أو الحكيم الضرب المدة في الغضب وحكمها فيه إلى أجل ، فيرجع عليه بعد انقضاء المدة بالرحمة ، فانظر إلى الاسم الذي نعت به التواب تجد حكمه كما ذكرناه.
والقرآن جامع لذكر من رضي عنه وغضب عليه ، وتتويج منازله بالرحمن الرحيم ، والحكم للتتويج ، فإنه به يقع القبول ، وبه يعلم أنه من عند الله ، هذا إخبار الوارد لنا ونحن نشهد ونسمع ونعقل ، لله الحمد والمنة على ذلك ، ووالله ما قلت ولا حکمت إلا عن تفث في روع من روح الهي قدسي ، علمه الباطن حين احتجب عن الظاهر ، للفرق بين الولاية والرسالة . 
الفتوحات ج 3 / 25 ، 100 ، 101 ، 496 ، 505 ، 550 . أهـ ""
 

ص 325
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Empty
مُساهمةموضوع: السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   Emptyالأربعاء فبراير 19, 2020 10:05 am

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :-  
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :

21 - فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية
المرتبة 21 : فص حكمة مالكية في كلمة زكراوية. من الاسم المميت ومرتبة الأرض وحرف الصاد ومنزل البلدة .
 لا ظهور لعزة العزيز إلا بظهور عكس العزة وهو القهر الذي ينتهي بالموت .
وغاية العز هو البقاء والثبات في الكمال والغنى ، وهذا يستلزم أن يكون غيره متغيرا تحت قهر الإستحالات أي فناء صورة واستبدال أخرى بها وهو المعبر عنه بالموت .
أي أن ظهور العزيز يستلزم ظهور اسمه تعالى المميت ليتميز الحق تعالى بعزته عن خلقه المقهور في كل آن تحت حكم المميت .
وبظهور المميت وتوجهه وجدت المرتبة الإحدى والعشرون المتمثلة في ركن الأرض الترابي وحرف الصاد ومنزل البلدة بطبعها اليابس الحار المميت لأنه طبع النار لوجود البلدة في حكم برج القوس النارى ، والقوس من رموز الموت بسهمه المصيب .
وفي القرآن نجد الموت مقترنا بالأرض والتراب في العديد من الآيات كقوله تعالى :فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها( فاطر ، 9 ) .فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ( سبأ ، 14 ) .
ووردت لفظة بلدة مقترنة بالموت أيضا :فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً( الزخرف ، 11 ) ،وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً( ق ، 11 )
فانظر كيف اقترن المميت بمنزل البلدة وركن التراب . .
وأنسب الأنبياء إلى هذه المرتبة هو زكريا، عليه السلام لما ظهر فيه وفي زوجه من اشتعال الرأس بالشيب والعقم ثم رحمه اللّه تعالى فأصلح زوجه - كما يحيى اللّه بالماء الأرض - ووهبه يحيى .
لكن يحيى كان حصورا فلم يتزوج ولم يترك عقبا .
ومات زكريا ، ويحيى مقتولين شهيدين فاسمه تعالى المميت كان له خصوص توجه للمظهر الزكراوي من حقيقة الإنسان الكامل . .
ولهذا أيضا كانت حكمة هذا الفص مالكية لأن المالك هو الشديد ومن أكبر الشدائد الموت .
وكان الغالب على زكريا ، حكم المالك لتشديده على نفسه في المجاهدات ولشدة نفوذ همته في طلب الوارث من اللّه تعالى فصلحت زوجه العقيم في سن إلياس وأنجبت يحيى .
وأما علاقة المالك بالأرض فلأن الأرض هي عرش الخلافة ومنصة ملكها أي الإنسان الكامل وخلفاؤه وهو المخلوق على صورة الرحمن خليفة اللّه في الأكوان وللصورة حرف الصاد الذي يقول الشيخ عنه ( فتوحات ص 71 ) الصاد حرف من حروف الصدق والصون والصورة . . .
حرف شريف عظيم أقسم عند ذكره بمقام جوامع الكلم وهو المشهد المحمدي في أوج الشرف بلسان التمجيد ) .
فالصدق والصون والصورة من أوصاف الكامل المالك خليفة الرحمن . . .
ومدار هذا الفص كله على رحمة الرحمن الواسعة ، التي لها علاقة بالمميت إذ يقال عن الميت إنه انتقل إلى رحمة اللّه ويسمى عادة بالمرحوم واقترنت الرحمة بزكرياء وحرف الصاد في فاتحة سورة مريم : كهيعص ( 1 ) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا.
ومن شدة المميت المالك تكلم الشيخ في هذا الفص على الآلام والبلاء والانتقام . . .

وكما أن لحرف هذه المرتبة أي الصاد الصدق - أي الشدة في التوجه - والصون - أي الشدة في الستر - والصمت - أي الشدة في الكتم - والصورة الرحمانية التي هي مجلى السيادة المالكة
فقد وصف الشيخ في الفصل 31 من الباب 198 الخاص بهذه المرتبة ركن الأرض بنفس تلك الصفات الصادية السيادية التي ظهرت في زكرياء وابنه يحيى الذي سماه اللّه في القرآن سيدا وحصورا ، فحاله كحال التراب عبودية وثباتا لعدم استحالته .

يقول الشيخ ما خلاصته : الأرض هي أول مخلوق من الأركان ثم الماء ثم الهواء ثم النار ثم السماوات وجعلها محلا لتكوين المعادن والنبات والحيوان والإنسان وجعلها حضرة الخلافة والتدبير فهي موضع نظر الحق وسخر في حقها جميع الأركان والأفلاك والأملاك وأنبت فيها من كل زوج بهيج .
وما جمع لمخلوق بين يديه سبحانه إلا لما خلق منها وهي طينة آدم عليه السلام خمرها بيديه وهو ليس كمثله شيء وأقامها مقام العبودية
فقال :الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا( الملك ، 15 ) ، وجعل لها مرتبة النفس الكلية التي ظهر عنها العالم كذلك ظهر عن هذه الأرض من العالم المولدات إلى مقعر فلك المنازل ) .


ويضيف الشيخ : ( وهذا الركن لا يستحيل إلى شيء ولا يستحيل إليه شيء وإن كان بهذه المثابة بقية الأركان ولكنه في هذا الركن أظهر حكما منه في غيره ( . . . )
فالرجل الذي رأى الحق حقا فاتبعه وحكم الهوى وقمعه " أي تحقق باسم المالك لنفسه المميت لهواه " فإذا جاع جوع اضطرار وحضر بين يديه أشهى ما يكون من الأطعمة تناول منه بعقله لا بشهوته ودفع به سلطان ضرورته ثم أمسك عن الفضل غنى نفس وشرف همة فذلك سيد الوقت فاقتد به ،
وذلك صورة الحق أنشأها اللّه صورة جسدية بعيدة المدى لا يبلغ مداها ولا يخفى طريق هداها وهذا هو طبع الأرض التي لا تقبل الاستحالة فيظهر فيها أحكام الأركان ولا يظهر لها حكم في شيء تعطي جميع المنافع من ذاتها ، هي محل كل خير فهي أعز الأجسام .
( . . . ) وهي الصبور القابلة الثابتة الراسية سكن ميدها جبالها التي جعلها اللّه أوتادها لما تحركت من خشية اللّه أمنها اللّه بهذه الأوتاد فسكنت سكون الموقنين .
ومنها تعلم أهل اليقين يقينهم ، فإنها الأم التي منها أخرجنا وإليها نعود ومنها نخرج تارة أخرى .
لها التسليم والتفويض . هي ألطف الأركان معنى .
وما قبلت الكثافة والصلابة إلا لستر ما أودع اللّه فيها من الكنوز لما جعل اللّه فيها من الغيرة فحار السعاة فيها فلم يخرقوها ولا بلغوا جبالها طولا.
أعطاها صفة التقديس فجعلها طهورا
 ( . . . ) أنزلها منزلة النقطة من المحيط فلو زالت زال المحيط ولو زال المحيط لم يلزم زوالها فهي الدائمة الباقية في الدنيا والآخرة .
أشبهت نفس الرحمن في التكوين ( . . . ) جعلها بعد أن كانت رتقا سبعة أطباق لكل أرض فلك سماء : فالأرض الأولى هي التي نحن عليها للسماء العليا ثم تنزل إلى أن تنتهي إلى الأرض السابعة والسماء الدنيا ( . . . )
وجعلها سبعة أقاليم لكل إقليم بدل يمسك اللّه وجود ذلك الإقليم به.
وهؤلاء الأبدال السبعة على قلوب أقطاب السماوات السبعة حسب ترتيبهم :
إبراهيم وموسى وهارون مع يحيى وإدريس ويوسف وعيسى مع يحيى وآدم عليهم السلام .

وفي آخر الفص أورد الشيخ الآية : "فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ" (الأعراف ، 156 )، يشير بالزكاة إلى المال المكنوز كتمهيد للفص الموالي الإلياسي الذي له مرتبة المعدن .
ومن المعادن الذهب والفضة .

والكنوز التي تلزم زكاتها . . . ثم ذكر رحمتي الوجوب والامتنان وصفتي العلم والعمل المناسبتين لنوعي تدبير المعادن كما وصفهما في الباب 167 من الفتوحات وهما إزالة علة المعدن أو إلقاء الإكسير عليه ،
وإشارة إلى الطريقتين المتبعتين في ذلك:
 إما بطريق الحكمة والعلم وهي الأشرف
وإما بطريق الهمة وخرق العادة كما ذكرناه في آخر المرتبة السابقة .
وأخيرا فان للفصين المتتابعين الإلياسي و الزكرياوي علاقة تتمثل في سلطان الوهم .

ففي هذا الفص يقول :
" الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود وإن كان للموجود فبحكم المعدوم وهو علم غريب ومسألة نادرة ولا يعلم تحقيقها إلا أصحاب الأوهام فذلك بالذوق عندهم وأما من لا يؤثر الوهم فيه فهو بعيد عن هذه المسألة .
ثم فصل حقيقة الوهم في فص إلياس فقال :
(ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول ... فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية وبه جاءت الشرائع.) .


21 : سورة فص زكريا عليه السلام
سورة هذا الفص هي سورة " البلد " والاسم الحاكم على هذا الفص هو " المميت " المتوجه على إيجاد " التراب " وعلى منزل " البلدة " في برج القوس ، وعلى حرف الصاد من الحروف اللفظية .  وله من الحروف الرقمية حرف " الشين " .
فمن الاتفاق اللطيف أن اسم السورة " البلد " مطابق للمنزلة الفلكية " البلدة " وبرج القوس له طبع النار حار يابس جلالي الحال له الشدة والبأس المناسبان للآية " 4 " من البلد :لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍوسهم القوس مناسب للاسم " المميت " .

ولهذا كانت حكمة هذا الفص مالكية لأن المالك هو الشديد القهر . وكان زكرياء شديد المجاهدة عظيم المكابدة . ومن مظاهر الشدة في السورة :فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ( 11 ) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ. . .عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌالآية " 11 - . . . - 20 " والآية " 17 " :. . . وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ . . . والاسم " المميت " المتوجه على إيجاد " التراب " له صداه في السورة في كلمة يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ( البلد ، 14 ) والجوع قريب من الموت ، وكذلك للتراب صداه في كلمة أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ( البلد 16 )
ومدار جلّ الفصل حول وسع الرحمة من الآية : " وتواصوا بالمرحمة " وفي السورة أمر بالتخلق بالرحمة رحمة الأسير واليتيم والمسكين .

ولهذا نجد الشيخ في الباب " 294 فتوحات  " المتعلق بمنزل سورة " البلد " يتكلم عن وسع الرحمة ، ويختم الباب بنفس ما بدأ به هذا الفص حيث يذكر سبق الرحمة للغضب وأن الرحمة ستعم بعد إقامة الحدود .
قوله في هذا الفص: "وقد ذكرنا في الفتوحات أن الأثر لا يكون إلا للمعدوم لا للموجود" . فهذا مناسب لقوله في الباب " 294 فتوحات  " :
" اعلم أن هذا المنزل يتضمن علم مرتبة العالم عند اللّه بجملته ، وهل العدم له مرتبة عند اللّه يتعين تعظيمه من أجلها أم لا "
وفي وسط الباب يقول : " فلا يعرف اللّه مما سوى اللّه أعظم معرفة من العدم المطلق " . . .
وقد افتتح هذا الباب الخاص بمنزل سورة البلد بالإشارة إلى وراثة النبوة من الآية " ووالد وما ولد " كوراثة يحيى لزكريا أو وراثة العلماء والأولياء للنبي صلى اللّه عليه وسلم

فقال :
حرم اللّه قلب كل نبي  .... وكذا قيل قلب كل ولي
ورثوه وورثوه بنيهم  .... في علوم وفي مقام علي


علاقة هذا الفص بلاحقه:
ختم الفص بالمغفرة في الآية المخاطب بها الرسول صلى اللّه عليه وسلم :لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ( الفتح ، 2 )
وبداية هذه الآية في سورة الفتح هي :إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً
وآخرها :وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً( الفتح ، 1 - 3 ) .
وهذا النصر والفتح والمغفرة هو عين ما نجده في سورة الفص الإلياسي التالي أي سورة " النصر " :إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. . .وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً( النصر ، 1 - 3 )
والفتح المذكور في سورة فص إلياس هو فتح مكة أي البلد المقسم به في فاتحة سورة فص زكرياء :لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ ( 1 ) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ( البلد ، 1 - 2 ) .

وكلمة " عزيزا " من الآية تشير إلى الاسم " العزيز " الحاكم على فص إلياس بمرتبته المعدنية.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع والعشرون فص حكمة إمامية في كلمة هارونية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: