منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:42 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى:     الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

 12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. 
فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.
والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
هذا مضى، ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.
وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.
فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».فالأمر لا يتناهى من الطرفين. 
هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.
فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه
«إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.
وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.
ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.
وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ، و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.
فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.
وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله.
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.
وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته.
 فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.
ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.


متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب وإن كان موجوداً من رحمة ٍ فإنه أوسع من رحمة الله.
لأن الله أخبر أن قلب العبد وسعه "ووسعني قلب عبدي .. " ورحمته لا تسعه.
فإنها لا يتعلق حكمها إلا بالحوادث.
وهذه مسألة عجيبة إن عُقلت، وإذا كان الحق كما ورد في الصحيح يتحول في الصور مع أنه في نفسه لا يتغير من حيث هو.
فالقلوب له كاشكال الأوعية للماء يشكل بشكلها مع كونه لا يتغير عن حقيقته. فافهم.
ألا ترى أن الحق كل يومٍ هو في شأن. كذلك القلب يتقلب في الخواطر.
ولذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ق: 37].
ولم يقل، عقل، لأن العقل يتقيد بخلاف القلب. فافهم.

 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
12 - فك ختم الفص الشعيبي
12 / 1  - اعلم أن في إقران شيخنا رضى الله عنه الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية سرين عظيمين ، راعى في أحدهما المفهوم من لفظ الاسم وهو الشعيب ، فان شعيبا كان من العرب واسمه اسم عربى ، كذا ورد في النقل :
ان هودا وصالحا وشعيبا ويونس ولوطا كانوا من العرب .
وعلى الجملة لما كان القلب منبع الشعب المنبثة في أقطار بدن الإنسان ، بل في سائر  الحيوانات التامة الخلقة ، وهو اول ما يتكون من الإنسان والحيوان ، ناسب ذكر الإقران المذكور ، هذا مع أن ثم موجبات أخر استدعت اقران الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية ، وسألوح ببعض أسرارها فيما بعد بمشيئة الله وعونه .


2 / 12 - ولما كان القلب منبع التشعب كما ذكرت ، لذلك تنبعث منه الحياة الحيوانية وتسرى في جميع أقطار الصورة فيتصل به ومنه إلى الأعضاء كلها المدد الذي به بقاء الصورة ، كما  هو الامر في صورة الإنسان والحيوانات التامة الخلقة ، فكذلك هو الامر في مطلق صورة العالم علوا وسفلا ، وهذا اصل كبير ثابت شرعا وكشفا وعقلا .
وقد نبه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك غير مرة بالسنة مختلفة من جملتها قوله صلى الله عليه وسلم : "ان في الجسد لمضغة  إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ، الا وهي القلب" .


3 / 12 - واما في مطلق صورة العالم : فقلب العالم العلوي الظاهر الشمس ، فإنها محلها قلب الأفلاك ومنها ينتشر المدد النوري ويتصل بالكواكب كلها ، هذا وان خالف بعضهم في ذلك من بعض الوجوه فخلافه لا يقدح في ما ذكرنا .


4 / 12 - واما قلب جملة الصور الوجودية : فالإنسان الكامل الحقيقي برزخ بين الوجوب  والإمكان ، والمراة الجامعة للذات والمرتبة من صفات القدم وأحكامه ، وكذلك الحدثان ، ولهذا جعل محل خلافته الأرض التي هي مركز الدائرة الوجودية ، ولمقامها المعنوي المحجوب الان بصورتها ، رتبة المبدئية في انبعاث النفس الرحمانى لتكوين النشأة الكلية الوجودية ، فناسب  من هذا الوجه الإنسان الحقيقي النازل فيها بالخلافة .

لأنه الأول بالرتبة والمنزلة وان كان أخر بالصورة ، فهو الواسطة بين الحق والخلق وبه ومن مرتبته يصل فيض الحق والمدد الذي هو سبب بقاء ما سوى الله الى العالم كله علوا وسفلا ، ولولاه من حيث برزخيته التي لا يغاير الطرفين ، لم يقبل شيء من العالم المدد الإلهي الوحدانى لعدم المناسبة والارتباط ولم يصل اليه ، وكان يعنى  وانه عمد السماوات .


5 / 12 -  ولهذا السر برحلته من مركز الأرض التي هي صورة حضرة الجمع وأحديته ومنزل خلافته الإلهية الى الكرسي الكريم والعرش المجيد المحيطين بالسموات والأرض ينخرم نظامها ، فيبدل الأرض والسموات و لهذا نبه ايضا صلى الله عليه وسلم على ما ذكرنا بقوله : "لا تقوم الساعة وفي الأرض من يقول : الله ، الله" .
واكده بالتكرير يريد : وفي الأرض من يقول الله قولا حقيقيا ، إذ لو أراد من يقول كلمة « الله » لم يؤكد بالتكرار ، ولا شك انه لا يذكر الله ذكرا حقيقيا وخصوصا بهذا الاسم الجامع الأعظم المنعوت بجميع الأسماء ، الا الذين يعرفون الحق المعرفة التامة ، وأتم الخلق معرفة باللَّه في كل عصر خليفة الله ، وهو كامل ذلك العصر .
فكأنه يقول : لا يقوم الساعة وفي الأرض انسان كامل وهو المشار اليه انه العمد المعنوي الماسك ، وان شئت فقل الممسوك لأجله . فإذا انتقل انشقت السماء وكورت الشمس وانكدرت النجوم وانتثرت ، وسيرت الجبال وزلزلت الأرض وجاءت القيامة ، ولو لا ثبوته من حيث مظهريته في الجنة التي محلها الكرسي والعرش المجيد لكان الحال فيهما كالحال في الأرض والسموات .

6 / 12  - وانما جدت ثبوته من حيث مظهريته من أجل ما اطلعنى الله عليه من ان الجنة لاتسع إنسانا كاملا ، وانما يكون منه في الجنة ما يناسب الجنة وفي كل عالم ما يناسب ذلك العالم وما يستدعيه ذلك العالم من الحق من حيث ما في ذلك العالم من الإنسان .


7 / 12 -  بل أقول : ولو خلت جهنم منه لم تبق ، وبه امتلأت واليه الإشارة بقدم الجبار المذكور في الحديث عند قوله صلى الله عليه وسلم : ان جهنم لا تزال تقول: " هَلْ من مَزِيدٍ " [ ق / 30 ] حتى يضع الجبار فيها قدمه ، فإذا وضع الجبار فيها قدمه ينزوى بعضها الى بعض
وتقول : قط قط ، اى : حسبى حسبى .


8 / 12   - وأخبرت من جانب الحق ان القدم الموضوع في جهنم هو الباقي في هذا العالم من صور الكمل مما لم يصحبهم في النشأة الجنانية ، وكنى عن ذلك الباقي بالقدم لمناسبة شريفة لطيفة .
فان القدم من الإنسان آخر اعضاء صورته ، فكذلك نفس صورته العنصرية آخر اعضاء مطلق الصورة الانسانية ، لان صورة العالم بأجمعها كالاعضاء لمطلق صورته الحقيقية الانسانية وهذه النشأة آخر صورة ظهرت بها الحقيقة الانسانية وبها قامت الصور كلها التي قلت انها كالاعضاء .


9 / 12 - ثم اعلم ان للقلب خمس مراتب :
1 - مرتبة معنوية
2 - ومرتبة روحانية
3 - ومرتبة مثالية
4 - ومرتبة حسية
5 - ومرتبة جامعة
ولكل مرتبة من هذه الخمس مظهر هو منبع احكام تلك المرتبة ومحتد التشعب المتفرع منها.

ولكل قلب ايضا خمسة أوجه :
1 - وجه يواجه حضرة الحق ولا واسطة بينه وبين الحق .
2 - ووجه يقابل به عالم الأرواح ومن جهته يأخذ من ربه ما يقتضيه استعداده بواسطة الأرواح.
3 - ووجه يختص بعالم المثال ويحتظى منه بمقدار نسبته من مقام الجمع وبحسب اعتدال مزاجه وأخلاقه وانتظام أحواله في تصرفاته وتصوراته وحضوره ومعرفته.
4 - ووجه يلي عالم الشهادة ويختص بالاسم الظاهر والاخر.
5 - ووجه جامع يختص باحدية الجمع ، وهي التي تليها مرتبة الهوية المعنوية بالاولية والاخرية والبطون والظهور والجمع بين هذه النعوت الأربعة .


10 / 12 - ولكل وجه مظهر من الأناسي والخصيص لشعيب عليه السلام من هذه الوجوه : الوجه المثالي ، وانه من وجه في مقامه هذا شبيه بالروح الحيواني المخزون في تجويف الأيسر من القلب الصنوبري ، فإنه برزخ بين الروح الإنساني وبين المزاج .
لأنه من حيث انه قوة بسيطة معقولة يناسب الروح ويرتبط به ، ومن حيث اشتماله بالذات على القوى المختلفة المنبثة في أقطار البدن والمتصرف فيه بالتصرفات المختلفة المتكثرة ، يناسب المزاج المركب من الاجزاء والطبائع المختلفة .
فلذلك تأتي الارتباط وتيسر المدد ، إذ لو لم يكن ارتباط الروح البسيط بالمزاج المركب ، وهذا من لطائف الحكم الإلهية المقتضية الجمع بين الاضداد في امر جامع لها بأمثال هذه المثال شتات التي يتوقف عليها الارتباط والتأثير التدبيرى .


11 / 12 - وإذا عرفت هذا فاعلم انه لما كانت التصورات المثالية من الثمرة للصور الحسية الظاهرة ، كانت تربية موسى عليه السلام اولا على يد شعيب عليه السلام ، ولذلك كان الغالب على حال موسى عليه السلام وآياته احكام الاسم الظاهر.
ولما شاء الحق تكميله لكونه اصطنعه لنفسه لذلك أرسله الى الخضر عليه السلام الذي هو مظهر الاسم الباطن وصورة الوجه القلبي الذي يلي الحق، دون واسطة المنبه عليه من القصة بـ " فَأَرَدْنا " و " فَأَرادَ رَبُّكَ " [ الكهف / 81 و 82 ]
وبقوله تعالى : " وعَلَّمْناه من لَدُنَّا عِلْماً " [ الكهف / 65 ] فافهم .


12 / 12  - وكل هذه احوال الباطن ، بخلاف الاعتراضات الموسوية ، فان مستندها الأوامر الظاهرة ، وكذلك الحسن والقبح اللازمان لها والذي هو صورة القلب الجمع والوجود كنبينا صلى الله عليه وسلم .
فان مقامه نقطة وسط الدائرة الوجودية بوجوه قلبه الخمسة تواجه كل عالم وحضرة ومرتبة ، ويضبط احكام الجميع ويظهر بأوصافها كلها بوجهه الجامع المنبه عليه آنفا .


12 / 13 -  إذا عرفت ما نبهتك عليه من النسبة الشعيبية القلبية عرفت لما كان آيته في رسالته الوفاء بالكيل والميزان ، فان المدد المنتشر من القلب في أقطار البدن انما ينتفع به البدن إذا أخذ كل عضو منه ما يحتاج اليه من غير زيادة ولا نقصان ، وكذلك الغذاء ، والكيل نظيره توزيع الغذاء ، والميزان نظيره المدد النفساني .


14 / 12 - إذا فهمت ما أشرت اليه تعديت منه معتبرا ذلك ومستقربا له في صورة العالم ، وحينئذ تفهم مراد النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : بالعدل قامت السموات والأرض .
وقوله ايضا في وصف الحق : بيده الميزان يخفض القسط ويرفعه .
وتعرف ايضا - ان نور الله فهمك - معنى قوله تعالى : " إِنَّ الله يُمْسِكُ السَّماواتِ والأَرْضَ أَنْ تَزُولا " [ فاطر / 41 ]
وسر قوله تعالى : " وأَوْحى في كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها " [ فصلت / 12 ] فتنبه ترشدوا قنع .
فلسان هذا المقام طلق ذو بسط عظيم لا تحمل هذا المختصر تفصيله ، والله الهادي .

15 / 12 - واما سر الاخر من السرين فتختص بسعة القلب ونسبه من الرحمة التي وسعت كل شيء وتشعبت مائة شعبة - كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك عنها - وسأشير الى طرف منه واختم به الكلام على هذا الفص ان شاء الله تعالى   .


16 / 12 - فأقول اعظم الأشياء الموصوفة بالسعة من جانب الحق : الرحمة والقلب الإنساني والعلم .
فإنه قال في سعة الرحمة : " ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " [ الأعراف / 155 ] وقال في الرحمة والعلم معا بلسان الملائكة : " رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وعِلْماً " [ غافر / 7 ] .
فقال في سعة القلب الإنساني : ما وسعني ارضى ولا سمائى ووسعني قلب عبدى المؤمن  . . . الحديث . ولا شك ان بين سعة كل واحد من هذه الثلاثة وبين الآخرين تفاوتا لا يعرف معرفة حقيقية ما لم يعرف حقيقة الرحمة وأحكامها وحقيقة العلم وكيفية تعلقه بالمعلومات وحقيقة القلب الذي وسع الحق.
فلنبدأ بتأييد الله وإمداده بذكر العلم الذاتي الإلهي وتعلقه بالحق والمعلومات .


17 / 12 - فنقول : اعلم ان تعلق علم الحق بذاته على نحوين وكذلك تعلقه بالمعلومات - :
فان للحق تعينا في عرصة تعقله نفسه ، ولهذا تعين الإطلاق بالنسبة الى تعين كل شيء في علم كل عالم ، بل وبالنسبة الى تعين الحق في تعقل كل متعقل ويتعلق علمه تعالى من حيث تعينه في نفسه ومن حيث تعينه في تعقل كل متعقل ، فعلمه سبحانه يتعلق به ايضا بذاته على نحو آخر وهو : معرفته بذاته من حيث إطلاقها وعدم انحصارها في تعينها في نفسه ، وهذه من معرفة  كلية جملية .


18 / 12 - ويتعلق علمه بالمعلومات ايضا على نحوين :
أحدهما باعتبار تعينها في علمه وتعقل امتياز بعضها عن بعض ، غير ان هذا النحو من التعلق العلمي لا يشتمل جميع الممكنات ، بل يختص بما قدر دخوله في الوجود في دور او أدوار محصورة .
"ثانيا" واما بالنسبة الى جميع الممكنات من حيث انها غير متناهية : فان العلم لا يتعلق بها الا تعلقا كليا جمليا ، كما اشترت اليه في شأن الحق من حيث إطلاقه .


19 / 12 - وعلة هذه النسبة والاشتراك التام بين الحق والممكنات هو انها في التحقيق الا وضح شئون ذاته الكامنة في إطلاقه وغيب هويته ، ولا تخلص لاحد في علمه بالحق من تجاوز التعينات التعقلية والانتهاء الى تعين الحق في تعقله نفسه وشهود اتصال ذلك التعين من وجه بالإطلاق الذاتي الغيبى العديم الوصف والاسم والرسم والحصر والحكم الا لمن كان حقيقته البرزخ الجامع بين الوجوب والإمكان وأحكامها .
فإنه يواجه باطلاقه غيب الذات باعتبار عدم ، لأنه لا تعقل له فكرى يحضره عن إطلاقه مغايرته له دون توهم تعدد وامتياز .
فافهم وتدبر غريب ما سمعت وما عليه نبهت ، تعرف انه ليس شيء اوسع من العلم بشرط معرفته على الوجه المذكور.

 

20 / 12 -  واما سعة الرحمة المشار إليها في الكتاب والسنة : فتخصص ببعض المحدثات المتعينة في اللوح المحفوظ بكتابة القلم الأعلى وهي المتشعبة الى مائة شعبة - كما أشار صلى الله عليه وسلم  .


21 / 12 - واما سعة القلب الذي وسع الحق فهي عبارة عن سعة البرزخية المذكورة الخصيصة بالإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، فان الإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع والوجود ، قلبه برزخية وعلمه المنبه عليه آنفا ، فافهم.
فهذا روح هذا الفص والخفي من اسراره ، وقد نبهت فيما تقدم على ما يختص بشعيب من حيث حظه الذوقي وحكمه الاسمى .


22 / 12 - واما حظه من السعة : فبحسب مرتبة قلبية المشبهة بالروح الحيواني ، وهي التي نسبت إليها وشعبها وأحكامها بمقدار حصته من مطلق القلب الجمع والوجود ، فإنها حصة متعينة نسبتها الى القلب الجمع والوجود نسبة عالم المثال المقيد الى عالم المثال المطلق ، فافهم ، وذكرت امهات القلوب فتذكر .
وإذا اعتبرت وحدة الجملة من حيث عدم تشعبها و أعرضت عن الحيثيات والاعتبارات كلها، انمحت السعة وأحكامها، فإنه لا يقال في شيء الواحد الوحدة الحقيقية المستعلية على كل وحدة متعلقة وكثرة : انه يسع شيئا او لا يسعه شيء ، إذ لا عدد ولا تفصيل ، فاعلم ذلك .

 

كلمات ومصطلحات وردت في فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية

تجل - التجل - تجلي - التجلي – تجليات - التجليات
التجلي في اللغة تجلى الشيء: انكشف واتضح.
التجلي بالمعنى الصوفي: إشراق ذات الله وصفاته، أو ما ينكشف للقلوب من أسرار الغيوب.
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم :
منها قوله تعالى : " فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا " [الأعراف : 143]
وقوله تعالى : "وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى" سورة الليل


في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب في التجلي الإلهي وعلاقته بالرؤية:
" تجلى الله لعباده من غير أن يروه ، وأراهم نفسه من غير أن يتجلى لهم ، ومعرفة ذلك تحتاج إلى فهم ثابت وعقل وافر  . 

يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
التجلي : هو التهذيب للخواص"  . 
يقول الشيخ السراج الطوسي
التجلي : هو إشراق أنوار إقبال الحق على قلوب المقبلين عليه " . 
يقول الشيخ أبو بكر الكلاباذي :
" قال بعضهم : التجلي : هو رفع حجبة البشرية ، لا أن تتلون ذات الحق جل وعز عن ذلك وعلا"  . 
يقول الإمام القشيري :
" التجلي : هو إشراق أنوار الحق على قلوب المريدين  . 
يقول الشيخ عمر السهروردي :
" التجلي : هو إشارة إلى رتب الحظ من اليقين ، ورؤية البصيرة  . 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
التجلي : هو من مقامات الجحود ، الممتدة إلى سر العبادة ، وسر السجود ، وسر الشاهد والمشهود  .
ويقول : " التجلي : عند القوم ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب ، وهو على مقامات مختلفة .
فمنها : ما يتعلق بأنوار المعاني المجردة عن المواد من المعارف والأسرار ،ومنها : ما يتعلق بأنوار الأنوار .
ومنها : ما يتعلق بأنوار الأرواح وهم الملائكة ومنها ما يتعلق بأنوار الرياح ... فكل نور من هذه الأنوار إذا طلع من أفق ووافق عين البصيرة سالما من العمى والغشي والصدع والرمد وآفات الأعين ، كشف بكل نور ما انبسط عليه ، فعاين ذوات المعاني على ما هي عليه في أنفسها ، وعاين ارتباطها بصور الألفاظ والكلمات الدالة عليها ،وأعطته بمشاهدته إياها ما هي عليه من الحقائق في نفس الأمر من غير تخيل ولا تلبيس. 

يقول الشريف الجرجاني:
" إنما جمع الغيوب باعتبار تعدد موارد التجلي ، فإن لكل اسم إلهي بحسب حيطته ووجوهه تجليات متنوعة ، وأمهات الغيوب التي تظهر التجليات من بطائنها سبعة:
1 - غيب الحق وحقائقه .
2 - وغيب الخفي : المنفصل من الغيب المطلق بالتمييز الأخفى في حضرة أو أدنى .
3 - وغيب السر : المنفصل من الغيب الإلهي بالتمييز الخفي في حضرة قاب قوسين.
4 - وغيب الروح : وهو حضرة السر الوجودي المنفصل بالتمييز الأخفى ، والخفي في التابع الامري .
5 - وغيب القلب : وهو موقع تعانق الروح والنفس ، ومحل استيلاد السر الوجودي ، ومنصة استجلائه في كسوة أحدية جمع الكمال .
6 - وغيب النفس : وهو أنس المناظرة .
7 - وغيب اللطائف البدنية : وهي مطارح أنظاره لكشف ما يحق له جمعا وتفصيلا .

يقول الشيخ صدر الدين القونوي :
" التجلي ( من حيث تعينه ) : هو اسم دال على الغيب المطلق غير المتعين". 

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" التجلي : عبارة عن كشف العبد بعظمة ربه ،وهذا قبل الرسوخ وأما بعد الرسوخ فلا غيبة له". 

يقول الشيخ أبو العباس التجاني :
" التجلي : عبارة عن ظهور الحق سبحانه وتعالى ". 

تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" التجلي بتعريف عام : هو مبدأ التغير في المتجلى له ، ينقله من حال إلى حال" . 

نقول في اصطلاح الكسنزان :
في أصول الطريقة ، في أصول التصوف ، الله يتجلى في بعض الأماكن
وهي : في مكة المكرمة ، المدينة المنورة ، المساجد والتكايا ، مقامات ومشاهد الأولياء والصاحين ، وفي قلوب الصالحين . 



 
.
يتبع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:43 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى:      الجزء الثاني
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في تجليات الأسماء :
" إذا تجلى الله تعالى على عبد من عبيده في اسم من أسمائه اصطلم العبد تحت أنوار ذلك الاسم ، فمتى ناديت الحق بذلك الاسم أجابك العبد لوقوع ذلك الاسم عليه .

فأول مشهد من تجليات الأسماء :
أن يتجلى الله لعبده في اسمه الموجود ، فيطلق هذا الاسم على العبد ، وأعلى منه تجليه له في اسمه الواحد ، وأعلى منه تجليه في اسمه الله .
فيصطلم العبد لهذا التجلي ويندك جبله فيناديه الحق على طور حقيقته :
إنه أنا الله هنالك ، يمحو الله اسم العبد ، ويثبت له اسم الله ، فإن قلت يا الله أجابك هذا العبد لبيك وسعديك ، فإن ارتقى وقواه الله وأبقاه بعد فنائه كان الله مجيبا لمن دعى هذا العبد ...
ثم إذا قوي العبد في الترقي ، تجلى الحق له في اسمه الرحمن ، ثم في اسمه الرب ، ثم في اسمه الملك ، ثم في اسمه العليم ،ثم في اسمه القادر.
وكلما تجلى الله في اسم من هؤلاء الأسماء المذكورة فإنه أعز مما قبله في الترتيب ، وذلك لأن تجلي الحق في التفصيل ، أعز من تجليه في الإجمال .
فظهوره لعبده في اسمه الرحمن تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الله ، وظهوره لعبده في اسمه الرب تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الرحمن ، وظهوره في اسمه الملك تفصيل لإجمال ظهر به عليه في اسمه الرب ...
وكذلك بواقي الأسماء بخلاف تجلياته الذاتية ، فإن ذاته إذا تجلت لنفسه بحكم مرتبة من هذه المراتب كان الأعم فوق الأخص ...
والعجب في التجليات الأسمائية : أن المتجلى له لا يشهد إلا الذات الصرف ، ولا يشهد الأسماء لكن المميز يعلم سلطانه من الأسماء التي هو بها مع الله تعالى ... 
الناس في تجليات الأسماء وهم على أنواع .
فمنهم : من تجلى الحق عليه من حيث اسمه القديم ، وكان طريقه إلى هذا التجلي أن كشف له الحق عن كونه موجودا في علمه قبل أن يخلق الخلق ... فعندما تجلى له من ذاته القدم الإلهي اضمحل حدثه فبقي قديما بالله تعالى فانيا عن حدثه.
ومنهم : من تجلى له الحق في اسمه القدوس ، ففنى من هذا العبد نقائص الأكوان ، وبقي بالله تعالى منزها عن وصف الحدثان  . 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي في مقدار التجليات:
" ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد .
وهذا ليس كذلك ، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق .

وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين :
تجلي غيبي وتجلي شهادة ، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب ، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه ( هو ) .
فلا يزال ( هو ) له دائما أبدا فإذا حصل له - أعني للقلب - هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه .
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله : " أعطى كل شيء خلقه " ، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق . .
 فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.  فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" التجلي الإلهي الواقع في دار الآخرة لا يكون إلا على قدر العلم الحاصل في الدنيا ، وعلى قدر صورته يقع التجلي  .
ويقول : " تجلي الحق من حيث الإطلاق عن الاستعدادات محال ، وإنما يتجلى بحسب استعداد المتجلي له ، فهو كالماء لا لون ولا شكل له ، ويظهر بالأشكال والألوان بحسب الأواني  .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
التجلي في صورة ذات روحه لا يعول عليه  .
التجلي المتكرر في الصورة الواحدة لا يعول عليه  .
كل تجل لا يعطيك العلم بحقيقة لا يعول عليه  .
التجلي بالجيم إذا أبقاك لا يعول عليه  . 

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري :
" التجلي على ثلاث أحوال :
تجلي ذات : وهي المكاشفة .
وتجلي صفات : وهي موضع النور .
وتجلي حكم الذات : وهي الآخرة  .

يقول الغوث الأعظم عبد القادر الجيلاني :
" التجليات أربعة : تجلي الآثار ، وتجلي الأفعال ، وتجلي الصفات ، وتجلي الذات. 

ويقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التجليات ضروب شتى يجمعها الفناء والبقاء ، فمن طلب تجلي الفناء لم يدر ما طلب ، لأن الحق يعطي التجلي ويعطي فيه فإذا أفناه التجلي لم يدر ما يعطى فيه.
ويقول : " تجلى سبحانه تجليا عاما إحاطيا ، وتجلى تجليا خاصا شخصيا .
فالتجلي العام : تجل رحماني ، وهو قوله تعالى : "الرحمن على العرش استوى".
والتجلي الخاص : هو ما لكل شخص شخص من العلم بالله ، وبهذا التجلي يكون الدخول والخروج والنزول والصعود والحركة والسكون والاجتماع والافتراق والتجاوز  .
ويقول : " التجلي الذاتي ممنوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر ، والتجلي في المظاهر وهو التجلي في صور المعتقدات كائن بلا خلاف ، والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف : وهما تجلي الاعتبارات  . 

ويقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" للحق تبارك وتعالى تجليين :
تجل في مرتبة الإطلاق من حيث لا خلق .
وتجل في رتبة التقييد بعد خلق الخلق  . 

ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إن أهل هذا اللسان الواقفين في ميادين البيان قسموا التجليات : إلى تجل فعلي وتجل أسمائي وتجل صفاتي وتجل ذاتي .
فأما التجلي الفعلي : فمعلوم ، وكذا التجلي الأسمائي والتجلي الصفاتي .
وأما التجلي الذاتي فإنما يعنون به : تجلي الحق - تعالى - للعبد من حيث أنه لا يظهر لذلك التجلي نسبة إلى اسم ولا صفة ولا نعت ولا إضافة ، وإنما يعرف أنه تجلي له فقط .
ومتى ظهر شيء مما ذكر نسب ذلك التجلي إلى ما ظهر ، فالتجلي الذاتي عند الطائفة العلية هو تجلي الذات من حيث الذات الإلهية لا من حيث الذات الأحدية ، فإنه محل المحال ، ولا يقول به أحد من الناقصين فضلا عن أهل الكمال .
إذ الذات الأحدية هي الوجود المطلق عن الإطلاق والتقييد لا ظهور لشيء معها مما ينافي أحديتها .
هذا المراد بالتجلي عندهم وإن كان لفظ التجلي الذاتي ربما يوهم شيئا خلاف المراد  . 

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" التجلي الخيالي نوعان : نوع على صورة المعتقد ، ونوع على صورة المحسوسات ...
لكن مطلق التجلي الصوري منشؤه ومحتده العالم المثالي ، وهو إذا اشتد ظهوره شوهد بالعين الشحمية محسوسا لكنه على الحقيقة عين البصيرة هي المشاهد ، إلا أنه لما صار كله عينا كان بصره محل بصيرته في هذا المشهد . وأما المعنوي أعني مما أعطانا الكشف في الحديث أنه واقع معنى  . 

يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
" تجليات الحق على ثلاثة أقسام :
قسم أظهرهم ليظهر كرمه وإحسانه ، وهم أهل الطاعة والإحسان .
وقسم أظهرهم ليظهر فيهم حلمه وكرمه ، وهم أهل العصيان من أهل الإيمان .
وقسم أظهرهم ليظهر فيهم نقمته وغضبه ، وهم أهل الكفر والطغيان  .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" تجليات الحق على نوعين :
تجل يفنيك عنك وعن أحكامك ،
وتجل يبقيك معك ومع أحكامك  . 

يقول الشيخ علي الخواص :
" اعلم يا أخي أن للحق تعالى تجليا في رتبة الإطلاق والتنزيه حيث لا خلق ، وتجل في رتبة تقرب من رتبة التقييد والتخيير بعد خلق الخلق ،وبكل من هذين التجليين جاءت الآيات والأخبار.
فارجع يا أخي كل كلام يعطي التنزيه إلى مرتبة الإطلاق . وكل كلام يعطي ظاهره التشبيه إلى مرتبة تقرب من رتبة التقييد يرتفع التعارض عندك من جميع الآيات والأخبار ولم تحتج إلى تأويل ، فإن الناس ما احتاجوا إلى التأويل وخالفوا ما كان عليه سلفهم إلا من ظنهم أن الحق تعالى ليس له تجل إلا في مرتبة واحدة ، أما تنزيه فقط أو تشبيه فقط ، والحق أن له مرتبتين كما أدركه الكشف وأيده الشرع ، والكامل من مشى مع الشرع حيث مشى ووقف معه حيث وقف  .

 

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في كيفية التجلي:
" إذا أراد الحق سبحانه وتعالى أن يتجلى عليه باسم أو صفة : فإنه يفني العبد فناء يعدمه عن نفسه ، ويسلبه عن وجوده .
فإذا طمس النور العبدي وفنى الروح الخلقي أقام الحق سبحانه وتعالى في الهيكل العبدي من غير حلول من ذاته ، لطيفة غير منفصلة عنه ولا متصلة بالعبد عوضا عما سلبه منه ، لأن تجليه على عباده من باب الفضل والجود ، فلو أفناهم ولم يجعل لهم عوضا عنهم لكان ذلك من باب النقمة وحاشاه من ذلك ، وتلك اللطيفة هي المسماة : بروح القدس .
فإذا أقام الحق لطيفة من ذاته عوضا عن العبد كان التجلي على تلك اللطيفة ، فما تجلى إلا على نفسه .
لكنا نسمي تلك اللطيفة الإلهية : عبدا باعتبار أنها عوض عن العبد ، وإلا فلا عبد ولا رب ، بانتفاء المربوب انتفى اسم الرب ، فما ثم إلا الله وحده الواحد الأحد  .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن العربي:
" يتسرب لفظ ( التجلي ) إلى كل البنيان الفكري لشيخنا الأكبر ، ويتداخل مع نظرياته كافة ، بل هو العماد الذي يبنى عليه فلسفته في وحدة الوجود .
إذ بالتجلي يفسر الخلق - وكيفية صدور الكثرة عن الوحدة دون أن تتكثر الوحدة الوجودية ، والمعرفة العلمية الصوفية ... وسنفرع التجلي إلى شقين ، نسميها أسوة بالجامي :
التجلي الوجودي والتجلي الشهودي أو بالعلمي العرفاني .

التجلي الوجودي :
إن العلم بأسره هو صور التجلي الإلهي من حيث الاسم الظاهر ،إن الحق يتجلى في الأشياء ، أي يظهر فيها فيمنحها بهذا التجلي: الوجود.
وهذا التجلي دائم مع الأنفاس في العالم ، واحد يتكثر في مظاهره لاختلاف استعداد المتجلي فيه ، يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" له تعالى التجلي الدائم العام في العالم على الدوام ، وتختلف مراتب العالم فيه لاختلاف مراتب العالم في نفسها ، فهو يتجلى بحسب استعدادهم  ...

التجلي الشهودي أو العلمي العرفاني :
إن التجلي هنا يتصل بطبيعة المعرفة من حيث أنه نوع من أنواع الكشف يفني المتجلي له ويورثه علما ، بل لا يصح العلم بالله عند ابن العربي الطائي الحاتمي إلا عن طريقه ، وهو واحد يتنوع باستعداد المحل .

 يقول ابن العربي الطائي الحاتمي :
" لم يبق العلم الكامل إلا في التجلي الإلهي وما يكشف الحق عن أعين البصائر والأبصار من الأغطية فتدرك الأمور قديمها وحديثها ، على ما هي عليه في حقائقها وأعيانها  ...
" التجلي ... ما ينكشف للقلوب من أنوار الغيوب  ...  .
وقد أشارت الدكتورة إلى بعض النقاط ذات الصلة بالموضوع في الهامش اخترنا منها :
" إن التجلي الوجودي = التعين = الفيض .
" إن التجلي دائم مع الأنفاس ، فالحق لم يزل أبدا متجليا في صور العالم ، والعالم لم يزل فانيا في ذاته ثابتا في عدمه ، فالحق يتجلى مع الأنفاس ، أي أنه دوما في خلق جديد .

" درج ابن العربي في إيضاحه لتكثر وحدة التجلي في المظاهر على إيراد الصورة التمثيلية التالية بهدف تشبيهي :
النور واحد إذا انعكس على زجاج مختلف الألوان يتكثر ويتعدد ( نور أحمر ، نور أصفر ... ) ، فالنور الواحد هو تشبيه للتجلي الواحد ، أما تعدد ألوان الزجاج فهو إشارة إلى تعدد استعدادات المظاهر ( المظاهر = المجالي ) .
" إن الخلق عند ابن العربي الطائي الحاتمي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس ، ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من ( الغيب ) إلى ( الشهادة ) بالصورة التالية : غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها .
" إن التجلي العلمي يفني المتجلي له ، بخلاف التجلي الوجودي الذي بقي .
" إن الجيلي احتفظ بلفظ التجلي في المجال العلمي العرفاني ، أما على الصعيد الوجودي فقد استبدل به كلمة ( التنزل ) ، وفسر على أساسه ( الخلق ) بالخطوات نفسها والترتيب الذي نجده عند الشيخ الأكبر  .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم :  " التجلي الدائم عند ابن العربي: هو تجلي وجودي من ناحية ، وشهودي من ناحية أخرى.
وأضافت الدكتورة قائلة :
" إنه تجلي وجودي من حيث أن الحق هو دائم التجلي في صور الموجودات ...
وهو تجلي شهودي من حيث أن العلماء الذين علموا أن الحق عين كل صورة لا يزالون في تجل دائم .
فالعلماء بالله بشهودهم الحق في كل صورة في حال شهود دائم ، لأنه ما ثمة إلا صور محيطة بهم ، فالحق دائم التجلي بالنسبة إليهم ، على حين أن هذه الصور نفسها حجاب بالنسبة لغير العلماء بالله  .

تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي العام في الكثرة :
" التجلي العام في الكثرة عند ابن العربي: هو تجلي الحق سبحانه وتعالى في الدار الآخرة ، في الكثيب على أهل الجنة عامة ، فهذا التجلي الواحد الذي يكون للجميع في آن واحد دون أن ينكره أحد وبما ينتجه من علوم تتكثر باستعدادات المحل ، وهو التجلي العام في الكثرة  . 

تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن التجلي العام للكثرة :
" التجلي العام للكثرة عند ابن العربي هو التجلي الإلهي للجميع الذي ينتج علما واحدا ، فهو عام بنتيجته العلمية الواحدة ، وهو تجلي الحق عند أخذه الميثاق من الخلق . 
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن تجلي الفطرة :
تجلي الفطرة : هو التجلي الذي يحقق العبد بالثبات على الفطرة والسعادة ، والتي هي الهداية في أول النشأة عند ميثاق الذر . 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الأول :
 " التجلي الأول هو تجلي الذات وحدها لذاتها ، وهي الحضرة الأحدية التي لا نعت فيها ولا رسم  . 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الثاني :
" التجلي الثاني هو الذي تظهر به أعيان الممكنات الثابتة التي هي شؤون الذات لذاته تعالى ، وهو التعين الأول بصفة العالمية والقابلية ، لأن الأعيان معلوماته الأول والذاتية القابلة للتجلي الشهودي ، والحق بهذا التجلي ينزل من الحضرة الأحدية إلى الحضرة الواحدية بالنسب الأسمائية  . 

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن التجلي الشهودي :
" التجلي الشهودي : هو ظهور الوجود المسمى باسم النور : وهو ظهور ( الحق بصور أسمائه في الأكوان التي هي صورها وذلك الظهور هو ) النفس الرحماني الذي يوجد به الكل  .
يقول الشيخ أبو العباس التجاني عن التجلي الأخير :
"التجلي الأخير هو آدم ، وهو الموجود الأخير من الموجودات ، وهو المعبر عنه عند العارفين : باللباس الأخير " . 

يقول الشيخ أبو المواهب الشاذلي في الفرق بين التجليات الذاتية والتجليات الصفاتية :
" تجلي ذات الحق تمحق الكائنات ، وتجلي صفاته توجب لها الثبات ، لذلك لم تطق رؤية الذات بالإبصار ، ولا يدرك كنهها بالعقول والأفكار . كيف وأنى لجائز حادث سقيم أن يثبت لوجوب الوجود القديم  ". 

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري عن التجلي الساري:
"التجلي الساري في جميع الذراري : هو الوجود القائم بنفسه المقوم لغيره من الموجودات في مراتبها ، كما يسميه بعضهم : بنفس الرحمن ، نظرا إلى ما حصل بالوجود من التنفيس عن الأسماء الإلهية والحقائق الممكنة ، وهو المسمى : بالروح الكل عندما تنزل إلى مراتب الإمكان " . 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي عن تجلي السريان الوجودي:
"تجلي السريان الوجودي هو سريان الأمر في الموجودات سريان النور في الهواء ، فظهرت به العلل والأسباب ، والأحكام والفاعلية ، وغاب كل موجود عن حقيقته وانفعاليته ومعلوليته  . 

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي تجلي السبحات المحرقة :

"تجلي السبحات المحرقة هو التجلي الذي ترتفع فيه الأنوار والظلم ، وتسطع على العارفين سبحات الكرم ، فيدفع سلطان إحراقها قدم الصدق " .

رب - الرب – ربوبية - الربوبية – مربوب - المربوب 
تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن الرب :
" الرب المنعوت في الشرع عند ابن العربي هو إله المعتقدات  ".

يقول الشيخ الجنيد البغدادي عن الربوبية :
: " الربوبية : هي العلم ، والقدرة ، والقهر ، والمشيئة  . 

يقول الشيخ أبو بكر الواسطي عن الربوبية :
" الربوبية : التفرد بإيجاد المفقودات ، والتوحد بإظهار الخفيات من الموافقة والمخالفة  .

يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين عن الربوبية :
 " الربوبية : هي الهوية التي هي الكل " . 

الشيخ عبد الكريم الجيلي عن الربوبية :
" الربوبية : هي اسم للمرتبة المقتضية للأسماء التي تطلبها الموجودات ، فدخل تحتها الاسم العليم والسميع والبصير والقيوم والمريد والملك وما أشبه ذلك.
 لأن كل واحد من هذه الأسماء والصفات يطلب ما يقع عليه .
 فالعليم يقتضي المعلوم ، والقادر يقتضي مقدورا عليه ، والمريد يطلب مرادا ، وما أشبه ذلك ...
فالأسماء التي تحت اسمه الرب : هي الأسماء المشتركة بينه وبين خلقه ، والأسماء المختصة بالخلق اختصاصا تأثيريا  . 

يقول الشيخ مصطفى بالي زادة أفندي عن الربوبية:
" الربوبية : هي اسم للحضرة الجامعة لأسماء الصفات والأفعال فقط  . 

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني عن الربوبية:
" الربوبية : هي نعت إضافي لا ينفرد به أحد المتضايفين عن الآخر.
 فهي موقوفة على اثنين ، ولا يلزم أن لا يكونا متسأويين ، فقد يكونا متباينين ، وقد يكونا غير متباينين .
فمالك بلا ملك لا يكون وجودا وتقديرا ، ومليك بلا ملك لا يكون كذلك.
 ورب بلا مربوب لا يصح وجودا وتقديرا  ". 

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي عن تجلي الربوبية :
 " تجلي الربوبية : هو خلق وحق ، لوجود الحق ووجود الخلق"  . 

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في أنواع تجليات الربوبية :
" للربوبية تجليان : تجل معنوي ، وتجل صوري .

فالتجلي المعنوي : ظهوره في أسمائه وصفاته على ما اقتضاه القانون التنزيهي من أنواع الكمالات .
والتجلي الصوري : ظهوره في مخلوقاته على ما اقتضاه القانون الخلقي التشبيهي وما حواه المخلوق من أنواع النقص .
فإذا ظهر سبحانه في خلق من مخلوقاته على ما استحقه ذلك المظهر من التشبيه ، فإنه على ما هو له من التنزيه والأمر بين صوري ملحق بالتشبيه ، ومعنوي ملحق بالتنزيه .
إن ظهر الصوري فالمعنوي مظهر له ، وإن ظهر المعنوي فالصوري مظهر له ، وقد يغلب حكم أحدهما فيستتر الثاني تحته فيحكم بالأمر الواحد على حجاب 

يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي في عظمة تجلي الربوبية:
" جرى بين يدي الجنيد ذكر قوله تعالى : " فلما تجلى ربه للجبل فجعله دكا " ، فصاح وقال : بالجعل صار دكا لا بالتجلي ، إذ لو وقعت عليه آثار التجلي لأفناه ، فكيف بالتجلي  . 

تقول الدكتورة سعاد الحكيم عن الفرق بين الألوهية والربوبية :
" يظهر عند ابن العربي أن الألوهية هي طائفة الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونها إلها أي معبودا (قدوس سبوح ).
أما الربوبية فهي الطائفة الثانية من الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود ومتصرفا فيه (الخالق - المدبر).
فالألوهية مرتبة الذات من حيث كونها إلها يعبد ويقدس .
في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب ." 

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر الربوبية  :
" سر الربوبية هو ما أشار إليه سهل رحمه الله تعالى بقوله : إن للربوبية سرا لو ظهر لبطلت الربوبية .
وتقرير ما ذكر : هو أن المربوب لما كان هو الذي يبقي على الرب ربوبيته ، لكون الربوبية نسبة بين الرب والمربوب ، وحيث أن المربوب هو عين الممكن  فلو ظهر هذا السر للخلق ، لبطل عندهم ما تترتب عليه الربوبية  . 

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني سر الربوبية :
" سر الربوبية : هو توقفها على المربوب ، لكونها نسبة لا بد لها من المنتسبين .
وإحدى المنتسبين هو المربوب ، وليس إلا الأعيان الثابتة في العدم ، والموقوف على المعدوم معدوم  .

 يقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر سر الربوبية:
سر سر الربوبية : هو ظهور الرب بصور الأعيان ، فهي من حيث مظهريتها للرب القائم بذاته الظاهر بتعيناته ، قائمة به موجودة بوجوده ، فهي ( عبيد مربوبون من هذه الحيثية والحق رب لها لما حصلت ) الربوبية في الحقيقة بالحق . والأعيان معدومة بحالها في الأزل ، فليس الربوبية سرا به ظهرت ولم تبطل  .

 ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني عن سر سر الربوبية :
سر سر الربوبية : يشيرون به إلى سر هو أعلى من هذا السر الذي ذكر للربوبية ، فهو سر السر المفهوم منها ...

لما كان سر الربوبية الذي ذكره سهل هو أن تحقق الربوبية يتوقف على العين المعدومة ، فلو ظهر هذا السر لبطلت الربوبية لبطلان ما يترتب عليه ، إلا أنه لما كان قيام الربية والمربوبية كليهما بذات الحق تعالى وتقدس لم يصح بطلان الربوبية.
 فظهور سر الربوبية يوجب بطلانها عند من لم يظهر له هذا السر الثاني المستتر في السر الأول ، ولهذا كان الثاني هو مسمى : بسر السر المفهوم من الربوبية ، فكان سر سرها موجبا لإثباتها ". 

يقول الشيخ الحسين بن عبد الله بن بكر في الفرق بين العبودية والربيوبية:
" العبودية كلها شريعة ، والربوبية كلها حقيقة  . 

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري في الربوبية :
" الربوبية ... جامعة للأسماء المشتركة بين الحق والخلق ، والمختصة بالخلق .
والملكية مختصة بالأسماء المختصة بالخلق كالقادر والمريد والمعطي والمانع والضار والوهاب ونحوها ، فهو قادر على الممكنات لا على نفسه ، ومريد لها  . 

يقول الشيخ عبد الغني النابلسي في الفرق بين الربوبية والمعية والقيومية:
" الرب بمعنى الصاحب الملازم الذي لا يفارق أبدا ... والفرق بين الربوبية والمعية والقيومية بالاعتبار فقط ، فإن ملازمة توجه قدر الحق تعالى على الأشياء دائما ليوجدها ذاتا وصفاتا وأفعالا .  تسمى تلك الملازمة : ربوبية .
واعتبار كونه تعالى لا يفارقها أبدا فقط ، مع قطع النظر عن توقف وجودها عليه يسمى : معية .
واعتبار وجودها وثبوتها في ذاتها وصفاتها وأفعالها به تعالى يسمى : قيومية  . 

يقول الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي الفيض الأقدس:
" والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي .
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس .
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه ، إنها ( الفيض الأقدس ) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة .
وهي من ناحية ثانية ( المثال ) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات …أهـ

تقول د. سعاد  الحكيم عن الفيض المقدس:
" إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس .
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي اظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها.
 

سرالأزل أو أولية الحق وأولية العالم - سر الأبد - سر الحال 
الفتوحات المكية الباب السادس والعشرون في معرفة أقطاب الرموز وتلويحات من أسرارهم وعلومهم في الطريق 
سرالأزل أو أولية الحق وأولية العالم 
فأما علم سر الأزل فاعلم إن الأزل عبارة عن نفي الأولية لمن يوصف به وهو وصف لله تعالى من كونه إلها وإذا انتفت الأولية عنه تعالى من كونه إلها فهو المسمى بكل اسم سمي به نفسه أزلا من كونه متكلما .
فهو العالم الحي المريد القادر السميع البصير المتكلم الخالق البارئ المصور الملك لم يزل مسمى بهذه الأسماء وانتفت عنه أولية التقييد .
فسمع المسموع وأبصر المبصر إلى غير ذلك وأعيان المسموعات منا والمبصرات معدومة غير موجودة وهو يراها أزلا كما يعلمها أزلا ويميزها ويفصلها أزلا .
ولا عين لها في الوجود النفسي العيني بل هي أعيان ثابتة في رتبة الإمكان فالإمكانية لها أزلا كما هي لها حالا وأبدا .
لم تكن قط واجبة لنفسها ثم عادت ممكنة ولا محالا ثم عادت ممكنة بل كان الوجوب الوجودي الذاتي لله تعالى أزلا .
كذلك وجوب الإمكان للعالم أزلا فالله في مرتبته بأسمائه الحسنى يسمى منعوتا موصوفاتها فعين نسبة الأول له نسبة الآخر والظاهر والباطن لا يقال هو أول بنسبة كذا ولا آخر بنسبة كذا فإن الممكن مرتبط بواجب الوجود في وجوده وعدمه ارتباط افتقار إليه في وجوده .
فإن أوجده لم يزل في إمكانه وإن عدم لم يزل عن إمكانه فكما لم يدخل على الممكن في وجود عينه بعد أن كان معدوما صفة تزيله عن إمكانه .
كذلك لم يدخل على الخالق الواجب الوجود في إيجاده العالم وصف يزيله عن وجوب وجوده لنفسه فلا يعقل الحق إلا هكذا ولا يعقل الممكن لا هكذا .
فإن فهمت علمت معنى الحدوث ومعنى القدم .
فقل بعد ذلك ما شئت فأولية العالم وآخريته أمر إضافي إن كان له آخر .
أما في الوجود فله آخر في كل زمان فرد وانتهاء عند أرباب الكشف .

ووافقتهم الحسبانية على ذلك كما وافقتهم الأشاعرة على إن العرض لا يبقى زمانين
فالأول من العالم بالنسبة إلى ما يخلق بعده
والآخر من العالم بالنسبة إلى ما خلق قبلة

وليس كذلك معقولية الاسم الله بالأول والآخر والظاهر والباطن فإن العالم يتعدد والحق واحد لا يتعدد ولا يصح أن يكون.
أولا لنا فإن رتبته لا تناسب رتبتنا ولا تقبل رتبتنا أوليته ولو قبلت رتبتنا أوليته لاستحال علينا اسم الأولية .
بل كان ينطلق علينا اسم الثاني لأوليته ولسنا بثان له تعالى عن ذلك .
فليس هو بأول لنا فلهذا كان عين أوليته عين آخريته .
وهذا المدرك عزيز المنال يتعذر تصوره على من لا أنسة له بالعلوم الإلهية التي يعطيها التجلي والنظر الصحيح .
وإليه كان يشير أبو سعيد الخراز بقوله عرفت الله بجمعه بين الضدين ثم يتلو هُوَ الْأَوَّلُ والْآخِرُ والظَّاهِرُ والْباطِنُ فقد أبنت لك عن سر الأزل وإنه نعت سلبي. 

سر الأبد
وأما سر الأبد فهو نفي الآخرية فكما إن الممكن انتفت عنه الآخرية شرعا من حيث الجملة . إذ الجنة والإقامة فيها إلى غير نهاية .
كذلك الأولية بالنسبة إلى ترتيب الموجودات الزمانية معقولة موجودة .
فالعالم بذلك الاعتبار الإلهي لا يقال فيه أول ولا آخر .
وبالاعتبار الثاني هو أول وآخر بنسبتين مختلفتين بخلاف ذلك في إطلاقها على الحق عند العلماء بالله. 

سر الحال
وأما سر الحال فهو الديمومة وما لها أول ولا آخر .
وهو عين وجود كل موجود فقد عرفتك ببعض ما يعلمه رجال الرموز من الأسرار.
وسكت عن كثير فإن بابه واسع وعلم الرؤيا والبرزخ والنسب الإلهية من هذا القبيل والكلام فيها يطول .
 


.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:44 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الأولى الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الأولى على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الأولى:  الجزء الثالث
الألوهة - الألوهية - الآلي - الألوهي - سر الألوهية - المألوه المطلق
في اللغة : " ألوهية: كون أو صفة الذات الإلهية " .
" الألوهة و الألوهية: اسم مرتبة جامعة لمراتب الأسماء والصفات كلها " . 

في الاصطلاح الصوفي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
الألوهة: توجه الذات على إيجاد الأشياء من نسبة القدرة إليها وعدم المانع .
ويقول" الألوهة: هي مرتبة للذات لا يستحقها إلا الله، فطلبت مستحقها ما هو طلبها، والمألوه يطلبها وهي تطلبه والذات غنية عن كل شيء" .

الشيخ عبد الكريم الجيلي
الألوهية: هي جميع حقائق الوجود وحفظها في مراتبها .
ويقول: " الألوهية: هي افضل مظاهر الذات لنفسها ولغيرها " .

الشيخ محمد بن يوسف السنوسي
يقول: " الألوهية: هي على معنيين:
أحدهما: استغناؤه جل وعلا عن كل ما سواه.
والثاني: افتقار كل ما سواه إليه جل وعلا " .

الشيخ أبو العباس التجاني
يقول: " الألوهية: هي المرتبة الجامعة المحيطة لله تعالى في جميع الموجودات فما في الوجود إلا داخل تحت الألوهية " .
ويقول: " الأألوهية معناها: توجه الوجود كله إليه، بالعبادة، والخضوع، والتذلل، والمعرفة، والتسبيح، والسجود، فما فيها ذرة خارجة عن هذا الميدان " .

الشيخ عبيدة بن أنبوجة التيشيتي
الألوهية هي مرتبة الحق: وهي عبارة عن معقولية نسبة كونه إلها معبودا وتنضاف إليها في كل مؤثر فيه صفات تسمى: أحكام المرتبة، كالقبض، والبسط، والاحياء، والاماتة، وغير ذلك .

الشيخ ابن علوية المستغانمي
يقول: " الألوهية: مأخوذة من لفظة (هو)، الذي هو إشارة للغائب، وهي في حقه تعالى إشارة إلى كنه الذات المقدسة التي لا يمكن مجالها في المكونات " .

الدكتورة سعاد الحكيم
تقول: " الألوهية عند ابن العربي الطائي الحاتمي : هي مرتبة للذات لا يستحقها سوى الله، تفارق الذات الغنية عن العالمين.
كما تفارق الربوبية المسؤولة عن العالم، وهي مع كونها حكما من أحكام الذات إلا إن لها أحكاما تتجلى في صورها، من خلال تجلياتها يصل العقل إلى معرفة الألوهية " .
وتقول: " الألوهية عنده : هي برزخ بين الذات والخلق، إنها الأسماء الحسنى السارية في الخلق جميعا " .

الدكتور أبو العلا عفيفي
يقول: " الألوهية عند الجيلي ... هي جميع حقائق الوجود التي هي أحكام المظاهر مع الظاهر، أعني الحق والخلق.
هي بعبارة أخرى: الحقيقة التي تشمل جميع المراتب الإلهية والكونية، وتعطي كل ذي حق حقه من الوجود وهي أعلى مظاهر الذات " .

في أوصاف الألوهية

يقول الشيخ أبو العباس التجاني:
الألوهية لها وصفان: 
وصف هو لجنود الحق والنور والسعادة. 
والوصف الثاني جند الظلام والباطل والشقاوة.
فكلها كمالات ألوهيته  وتعلقات مشيئته لا يخرج شيء عن هذا المنوال " .

في أوجه الألوهية
يقول الدكتور أبو العلا عفيفي:
" لكل من الحق والخلق ظهور في الألوهية: فظهور الحق في الألوهية يكون في أعلى مرتبة.
وظهور الخلق في الألوهية يكون على حسب ما يستحقه الخلق من تنوعاته وتغيراته وانعدامه ووجوده.

للألوهية إذن وجهان: 
ظاهر وباطن، وظاهرها هو الخلق، وباطنها هو الحق، والفرق بين الاثنين كالفرق بين الثلج والماء: فالثلج ظاهر والماء باطن، والثلج غير الماء في ظاهره وعين الماء في حقيقته " .

نعت الألوهة الخاص الأخص
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" النعت الخاص الأخص التي انفردت به الألوهة : كونها قادرة ،إذ لا قدرة لممكن أصلا و إنما له التمكن في قبول تعلق الأثر الإلهي به".
في مقتضى الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" الألوهية تقتضي : فناء العالم في عين بقائه ، وبقاء العالم في عين فنائه ".

من خصائص الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
الألوهية : تجمع الضدين من القديم والحديث ، والحق والخلق ، والوجود والعدم. فيظهر فيها الواجب مستحيلا بعد ظهوره واجبا ، ويظهر فيها المستحيل واجبا بعد ظهوره فيها مستحيلا .
ويظهر الحق فيها بصورة الخلق مثل قوله : "رأيت ربي في صورة شاب أمرد ".
ويظهر الخلق بصورة الحق مثل قوله : " خلق آدم على صورته" 
وعلى هذا التضاد فإنها تعطي كل شيء مما شملته من هذه الحقائق حقها .
فظهور الحق في الألوهية على أكمل مرتبة وأعلاها وأفضل المظاهر وأسماها وظهور الخلق في الألوهية على ما يستحقه الممكن من تنوعاته وتغيراته وانعدامه ووجوده . 
وظهور الوجود في الألوهية على كمال ما تستحقه مراتبه من جميع الحق والخلق وإفراد كل منهما . 
وظهور للعدم في الألوهية على بطونه وصرافته وانمحاقه في الوجه الأكمل غير موجود في فنائه المحض . 
وإلى سر هذه الألوهية أشار بقوله : "أنا أعرفكم بالله وأشدكم خوفا منه ". فما خاف من الرب ولا من الرحمن وإنما خاف من الله .
وإليه الإشارة بقوله : " وما أدري ما يفعل بي ولا بكم " ، على أنه أعرف الموجودات بالله تعالى وبما يبرز من ذلك الجانب الإلهي أي لا ادري .
أي : صورة أظهر بها التجلي الإلهي ، ولا أظهر إلا بما يقتضيه حكمها ، وليس لحكمها قانون ولا نقيض له . 
فهو يعلم ولا يعلم ، ويجهل ولا يجهل ".

في خاصية تجلي الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" ليس لتجلي الألوهية حد يقف عليه في التفصيل، فلا يقع عليها الإدراك التفصيلي بوجه من الوجوه، لأنه محال على الله أن يكون له نهاية، لا سبيل إلى إدراك ما ليس له نهاية. الحق قد يتجلى بها على سبيل الكلية والإجمال " .

خصائص أسماء الألوهة
يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
" أسماء الألوهة التي تطلب العالم، وإن كانت معاني قديمة بالنسبة إلى المسمى تعالى، وكان التعلق لها نفسيا فتأثيرها في مؤثراتها حادث، فلهذا نقول: إذا اعتبر الاسم من حيث المسمى تعالى كان قديما، وإذا اعتبر من حيث الأثر كان حادثا".

في الألوهية وعلاقتها بالكثرة
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" المعول عليه:" كان الله ولا شيء معه " إنما هي الألوهية لا الذات من حيث وجودها فحسب. 
وكل حكم يثبت في باب العلم الإلهي للذات إنما هو بحكم الألوهية: وهي أحكام، ونسب، وإضافات، وسلوب ترجع إلى عين واحدة لم تتعدد من حيث الإنية والهوية، وإنما تتعدد من حيث الحقائق الإمكانية و الفهوانية " .

في سر الألوهية
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
سر الألوهية: هو أن كل فرد من الأشياء التي يطلق عليها اسم الشبيه - قديما كان أو محدثا، معدوما كان أو موجودا - فهو يحوي بذاته جميع بقية أفراد الأشياء الداخلة تحت هيمنة الألوهية، فمثل الموجودات كمثل مرآة متقابلات يوجد جميعها في كل واحد منها "

الفرق بين الألوهية والربوبية
تقول الدكتورة سعاد الحكيم:
" يظهر عند ابن العربي الطائي الحاتمي أن الألوهية هي طائفة الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونها إلها - أي معبودا - (قدوس سبوح ... ).
أما الربوبية فهي الطائفة الثانية من الأسماء الإلهية التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبرا للوجود ومتصرفا فيه (الخالق - المدبر ... ).
فالألوهية مرتبة الذات من حيث كونها إلها يعبد ويقدس في مقابل الربوبية المسؤولة عن المربوب " .

الألوهي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
" الألوهي: كل نسبة مضافة إلى الله " .

باطن الألوهية
الشيخ ابو العباس التجاني
باطن الألوهية: هي باطن أسمائه وصفاته تعالى. يتجلى بها سبحانه ويفيضها على أسرار الصديقين والعارفين الذين خرقوا حجاب الظواهر، واختطفوا عن دائرة البشرية، وصارت جميع حركاتهم وسكناتهم وجميع تقلباتهم وأحوالهم وأفعالهم وأقوالهم بالله محضا. 
وحيث كانوا بالله، كانوا في جميع أمورهم لله في الله عن الله موتى عن جميع ما سواه. فهذه هي غاية الصديقين في التعريف ليس لهم مطمع في الوصول إلى ما وراء هذه المرتبة: رتبة حق اليقين. فما الكون عندهم كله إلا صفات الله وأسمائه حقيقة لا اعتقاد.

حضرة الألوهية
الشيخ أحمد العقاد
يقول: " حضرة الألوهية: هي ظهور الحق بالأوصاف الكمالية، من عظمة، وتقديس، وعلو، وغنى مطلق … الله يجمع فيها بين الضدين باقتداره العالي فيظهر عبد ضعيف أصله العدم، ويظهر مولى كبير شأنه العظم " .

مرتبة الألوهة
الشيخ عبد القادر الجزائري
يقول: " من أسمائه مرتبة الألوهة: لكون التجلي الظاهر فيه، وبه أصل جميع أسماء الألوهة التي اشتمل عليها الاسم الجامع الله " .

الآلي
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
" الآلي: فهو كل إسم الهي مضاف إلى ملك أو روحاني " .

المألوه المطلق
الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
يقول: " المألوه المطلق: هو الإنسان الكامل الذي صحت له العبودية المحضة التي لا تشوبها ربوبية أصلا " ..
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:45 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
وهذا فص الحكمة الشعيبية ذكره بعد حكمة صالح عليه السلام، لأنه يبحث فيه عن الرحمة التي وسعت كل شيء.
فناسب ذكره بعد حكمة صالح عليه السلام المشتملة على إعطاء كل شيء خلقه من حيث إن العلم تابع للمعلوم، ولا يكون عن الشيء إلا ما هو كائن فيه.
فتشمله الرحمة وتظهره على ما هو عليه في ثبوته قبل وجوده، فقدر رحمته بإعطائها له الوجود.
فالخير مرحوم والشر مرحوم والهدى مرحوم والضلال مرحوم والكفر والإيمان والنار والجنة والعذاب والنعيم وكل شيء مرحوم. 
كذلك قال سبحانه : "رحمتي وسعت كل شيء" [الأعراف: 156]، 
وقال تعالى : " الذي أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، فكأنما هذا فص تعميم لما قبله وإكمال لتلك الحكمة السابقة
(فص حكمة قلبية)، أي منسوبة إلى القلب (في كلمة شعيبية).
إنما اختصت حكمة شعيب عليه السلام بكونها قلبية، لأنها يبحث فيها عن قلب العارف بالله تعالی ووسعه للحق سبحانه ، لأنه من رحمة الله تعالى التي وسعت كل شيء.


قال رضي الله عنه : ( اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )

قال رضي الله عنه : (اعلم) يا أيها السالك (أن القلب)، وهو عام في جميع القلوب من حيث ما هي قلوب، فإذا كانت نفوسا في صدور أهل الغفلة من الناس ذات وسواس كما قال الله تعالى: "ونعلم ما توسوس به نفسه " [ق: 16]، فما هي بمرادة هنا.
ولهذا قال : (أعني قلب العارف بالله) تعالى، فإن قلبه هو المراد، لأنه صاحب الاستعداد للفيض والإمداد (هو)، أي ذلك القلب (من رحمة الله) تعالى بل هو عين رحمة الله تعالى.

لأن الله تعالى ينظر به إلى عباده كلهم فيرحمهم فمن حيث شمول الرحمة لكل شيء هو منها ومن حيث رحمة كل شيء به هو عينها (وهو)، أي القلب العارف بالله تعالی (أوسع منها)، أي من رحمة الله تعالى .
من حيث إن الله تعالی ينظر به إلى العباد فيرحمهم فتظهر رحمته تعالى بكل شيء من ذلك القلب ، فيكون القلب أوسع منها من هذا الوجه .
قال رضي الله عنه : (فإنه)، أي القلب العارف بالله تعالى (وسع الحق جل جلاله) كما ورد في الحديث القدسي: "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن"، (ورحمته تعالى لا تسعه)، لأنه غني عن أن يصله نفع منه ، لأنه الكامل بالكمال الذاتي فضلا عن أن يصله نفع من غيره.

"" أضاف الجامع : من الشواهد على صحة متن الحديث
حديث : عن وهب ابن منبه قال : إن الله عز وجل فتح السماوات لحزقيل حتى نظر إلى العرش -أو كما قال- فقال حزقيل: سبحانك! ما أعظمك يا رب! فقال الله: إن السماوات والأرض لم تطق أن تحملني، وضقن من أن تسعني، ووسعني قلب المؤمن الوادع اللين. رواه أحمد ابن حنبل فى الزهد عن وهبة ابن منبه .
حديث : قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : " إن لله آنية من أهل الأرض، وآنية ربكم قلوب عباده الصالحين وأحبها إليه ألينها وأرقها . رواه الطبراني في مسند الشاميين والجامع الكبير للسيوطي . قال الهيثمي إسناده حسن، وقال شيخه العراقى: فيه بقية بن الوليد، وهو مدلس، لكنه صرح بالتحديث فيه.  ""
فلما وسعه القلب ولم تسعة الرحمة كان القلب أوسع من الرحمة، ولا يقال إن الحق تعالى إذا نظر بالرحمة إلى كل شيء فقد وسعنه الرحمة أيضا، لأنا نقول الرحمة حضرة من حضراته سبحانه، والقلب جامع لكل الحضرات، فالوسع الذي للقلب لا يكون لغيره .
هذا الكلام المذكور هنا (لسان عموم)، وإجمال في مطلق قلب العارف ومطلق الرحمة الإلهية ومطلق الوسع (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .
قال رضي الله عنه : (فإن الحق) تعالی (راحم) لكل ما سواه برحمته (ليس غیره) وهذا بيان لكون رحمته سبحانه لا تسعه، لأنه حضرة من حضراته وصفة من جملة صفاته.
فكيف تكون واسعة لذاته الجامعة لجميع حضراته من أسمائه وصفاته، والبعض لا يسع الكل.
وإن لم يكن هنا بعض ولا كل بل عين واحدة كافية للكل في الكل، ولكن اعتبار التعينات يقتضي ما ذكرناه من العبارات (فلا حكم)، أي ظهور أثر (للرحمة) الإلهية (فيه)، أي في الحق تعالى لامتناع ذلك عليه سبحانه أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة) وأما آلاؤه تعالى مما ذكر (من لسان الخصوص) للتعريف التفصيلي والتوقيف التحصیلی (فإن الله) تعالى (وصف نفسه على لسان رسوله و (بالنفس) بفتح الفاء كما ورد في الحديث من قوله عليه السلام «إني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن» (وهو)، أي النفس مشتق (من التنفيس)، أي تفريج الكرب الذي يجده الواجد.
ومن أسمائه تعالى الواجد، وهو صاحب الوجد والشوق إلى من يحبهم من مظاهر كماله وهياكل تجلیات جماله وجلاله (وأن الأسماء الإلهية) هي (عين المسمی) بها وهو الحق تعالى في نفس الأمر.
وإن كانت غیره باعتبار النظر العقلي (وليس) ذلك المسمى (إلا هو) سبحانه (وأنها)، أي الأسماء الإلهية (طالبة)، أي متوجهة أزلا وأبدا إلى (ما تعطيه)، أي ما هو صادر عنها من الحقائق الكونية (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) الإلهية (إلا العالم) بفتح اللام، أي ما سوى الله تعالى من الكائنات.

قال رضي الله عنه : (فالألوهية) التي هي صفة من صفات الله تعالى والاسم منها الإله (تطلب المألوه)، أي الشيء الذي تكون تلك الصفة بإسمبنها له إلها (و) صفة (الربوبية)، والاسم منها الرب (تطلب المربوب)، أي الشيء الذي تكون بإسميتها له ربا .
وهكذا بقية الصفات الإلهية من حيث هي غير الذات الإلهية بالنظر العقلي (وإلا)، أي وإن لم يكن الأمر كذلك (فلا عين لها)، أي لا حقيقة للأسماء الإلهية (إلا به)، أي بالأثر الذي هو المألوه لصفة الألوهية والمربوب لصفة الربوبية (وجودة)، أي في حال وجود المألوه والمربوب (وتقديرا)، أي في حالة كونه مقدرة ثابتة غير موجود.

 

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
 

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية 
قال رضي الله عنه : (فص حكمة قلبية) أي العلوم المنسوبة إلى تقلبات الحق في الصور مودعة (في كلمة شعيبية) أي في روح هذا النبي صلى الله عليه وسلم (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله) لأن قلب غيره لي قلبا واسعا فلا يعتبر عند أهل التحقيق .
قال رضي الله عنه : (هو) صادر (من رحمة الله تعالى وهو أوسع منها فإنه وسع الحق جل جلاله) كما قال : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي" (ورحمه لا تسعه) إذ لا يقال بلسان العموم أنه مرحوم .
و(هذا) أي عدم كون الرحمة واسعة للحق (لسان عموم من باب الإشارة فإن الحق راحم لبس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه) عندهم .
قال رضي الله عنه : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الحق وصف نفسه) بلسان نبيه (بالنفس) بفتح الفاء وهو قوله عليه السلام: «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ". 
وقد ورد بلفظ "إني أجد نفس الرحمن من ها هنا" ذكره بهذا اللفظ الزبيدي في كتابه إتحاف السادة المتقين، والهندي في كنز العمال ، والبيهقي في الأسماء والصفات. 
وأخرجه الألباني في تراجعاته في الصحيحة (41) "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " من حديث أبي هريرة، الضعيفة 1097،والحديث في الصحيحة 3367،بلفظ " إني لأجد نفس الرحمن من هنا - يشير الى اليمن -، قال الشيخ: واعلم أن هذا الحديث قد جاء في بعض طرقه زيادة أخرى بلفظ " عقر دار المؤمنين بالشام " وكنت خرجته في المجلد الرابع 1935- أي الصحيحة -فأعدت تخريجه هنا لحديث الترجمة مستدركا به على تخريجي إياه في الضعيفة 1097، لكن من حديث أبي هريرة، فهذا شاهد قوي له من حديث سلمة بن نفيل أوجب علي تخريجه هنا والتنبيه على أن الحديث صار به صحيحا والحمد لله على توفيقه وأسأله المزيد من فضله.

قال رضي الله عنه : (وهو مأخوذ من التنفيس وإن الأسماء الإلهية) بحسب الأحدية (عين المسمى) أي عين ذات الحق (وليس ذلك المسمى إلا هو) أي عين الحق .
فلم يكن الأسماء كلها إلا عين الحق (وإنها طالبة ما) أي الذي (تعطيه) أي تعطي الأسماء الإلهية للحق (من الحقائق) بيان لها .
قال رضي الله عنه : (وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء) من الحق تعالى (إلا العالم) فإذا كان الأمر كذلك (فالألوهية) وهي اسم المرتبة جامعة الأسماء الذات والصفات والأفعال كلها (تطلب المألوه) وهو اسم للعالم من حيث الوجود .
فكان العالم من حيث المألوهية مظهرة لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال إذ وجود العالم عارض لذاته وماهية .
فكان مظهرا لذات الحق مع جميع لوازمه من الصفات والأفعال .

قال رضي الله عنه : (والربوبية) وهو اسم للحضرة الجامعة لأسماء الصفات والأفعال فقط (تطلب المربوب) وهي اسم للعالم من حيث الوجود مع الصفات التي تلحقه بعد الوجود فكان العالم من حيث الصفة المربوبية مظهرة لاسم الصفات وهي الرب وقد أشار إلى اتحادهما من بعد .
بقوله فأول ما (وإلا) أي وإن لم تطلب الألوهية المألوه والربوبية المربوب لا يكون شيء من المألوه والمربرب موجودة فإذا لم يكن شيء منهما موجودة لا يتحقق بشيء من الألوهية والربوبية فإذا كان نحقق الألوهية والربوبية لكونهما من الأمور الإضافية كالأبوة والنبوة موقوفة على وجود الماء والمربوب .
قال رضي الله عنه : (فلا عين) أي فلا تحقق (لها) للألوهية أو الربوبية (إلا به) أي بالمألوه أو المربوب أو بالعالم (وجودا او تقديرا) أي سواء كان العالم موجودة بالفعل أو مقدر الوجود


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)


12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية 
قال رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه، هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.  وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)

 
قلت : لما كانت الحكمة قلبية شرع في ذكر القلب، فذكر أن قلب العارف بالله هو من رحمة الله.
قال: وهو أوسع منها وفيه اشكال لأن ما هو من الشيء كالبعض من الكل كيف يكون أوسع من الكل الذي هو بعضه؟ 
قال: لأنه وسع الحق، جل جلاله، ورحمته لا تسعه، فصارت الرحمة أوسع منه ولما كان فيه هذا الإشكال .
قال رضي الله عنه: هذا لسان عموم من باب الاشارة. 
قال: وإنما لم تسعه رحمته، لأنه راحم فلا يدخل في المرحومين بالرحمة فما وسعته.
قال: وأما الأشارة من لسان الخصوص، فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس وهو يشير إلى أنه عين أسمائه تعالى مما يظهر العالم الذي يطلبه أسماؤه الحسني بالذات، فهو في حال لولا نزاهته لكان من أجلها مكروب فالتنفيس من كربه هو عين ظهور العالم من غيب ما لم يكن إلى فضاء الكون .
ولا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا.
فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)

 

 12 -  فصّ حكمة قلبية في كلمة شعيبيّة
إضافة هذه الحكمة إلى الكلمة الشعيبية ، لكونها على شعب كثيرة ، كما أنّ القلب الإنساني ذو شعب كثيرة ، لتقلَّبه بين إصبعي الرحمن.
وكون شعيب حكمه وحكمه بحكمه لشعوبه وقبائله بالنصيحة والأمر بإيفاء الحقوق ، والإقلاع عن البخس والنقص ، والعدل والعذل على الجور ، وذلك عدل أقامه الله في النشأة الإنسانية بوجود القلب .
فإنّ منشأ العدل وقسمة مادّة الحياة الطبيعية وهي الدم للأعضاء الآلية والأعضاء المتشابهة الأجزاء علوا وسفلا من القلب ، فإنّ الله يوصلها من القلب إلى الكلّ بقدر استحقاق كلّ عضو عضو واستعداده بميزان العدل .
كان الغالب على دعوة شعيب الأمر بالعدل وإقامة الموازين والمكاييل والأقدار .
كما قال : " وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ " كلّ هذه الإشارات تدلّ على رعاية العدل وأحدية الجمع والاعتدال .
وكما أنّ العدل في حفظ صحّة جميع البدن وسقمه إلى القلب ، والقلب له أحدية جمع القوى الروحانية والقوى الجسمانية ومن القلب ينشعب الروح الطبيعي إلى كل عضو عضو من أعلى البدن وأسفله على ميزان العدل ، فيبعث لكل عضو ما يلائمه من الروح الطبيعي ، فافهم .
واستفاد منه موسى عليه السّلام علم الصحبة والسياسة ، وأمره بالتخلَّي عن العامّة إلَّا في وقت معلوم وقدر موزون ، وكان الغالب على موسى عليه السّلام الظاهر .
 فحصل له بصحبته جميع مقام الجمع .

قال رضي الله عنه : " اعلم : أنّ القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنّه وسع الحق - جلّ جلاله - ورحمته لم  تسعه ، هذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإنّ الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه " .
يشير رضي الله عنه إلى قوله تعالى على لسان أكمل الرسل عليه السّلام أنّه قال :
"ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي " ففيه إشارة أيضا إلى ما ذكر آنفا من

قول أبي يزيد رضي الله عنه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة ، في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وإذا كان كذلك والعرش مستوى الرحمن برحمته العامّة التي عمّت العالمين ، والرحمة إنّما تنزل من العرش المحيط بالكرسيّ الذي وسع السماوات والأرضين ، فإنّها في جوفه كحلقة ملقاة في أرض فلاة ، ومع هذا ، فهو كما ذكرنا لو كان في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به فالقلب أوسع من الرحمة التي وسعها العرش بما وسع المرحومين جميعا .

وأمّا كونه لسان العموم فلما عمّت علوم علماء الرسوم المؤمن ، بقوله : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي » وأنّه راحم غير مرحوم ، وأنّ الرحمة التي هي صفة من صفاته الذاتية أو نسبة من النسب الإلهية لا تحيط به تعالى ، فإنّها لو أحاطت به تعالى ، لوسعته ، ولا تحيط به فلا تسعه ، مع أنّ القلب وسعه بما أخبر عن نفسه وتقرّر في العموم .

قال رضي الله عنه : « وأمّا الإشارة من لسان الخصوص فإنّ الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأنّ الأسماء الإلهية عين المسمّى وليست إلَّا هو ، وأنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء الإلهية إلَّا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ، وإلَّا فلا عين لها إلَّا به وجودا وتقديرا)
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .

 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)

 

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
إنما خصت هذه الكلمة الشعيبية بالحكمة القلبية لأن الغالب على شعيب عليه الصلاة والسلام الصفات القلبية ، من الأمر بعدل وإيفاء الكيل والوزن بالقسط ، والقلب هو مظهر العدل وصورة أحدية الجمع بين الظاهر والباطن واعتدال البدن وعدالة النفس ، ومنه يصل الحياة والفيض إلى جميع الأعضاء على السوية بمقتضى العدل ، وله أحدية جميع القوى الروحانية والنفسانية ، ومنه تنشعب هذه القوى بالقسطاس المستقيم ويتوزع على عضو عضو بمقتضى استعداده وقوة قبوله ، ويأتيه المدد إليها دائما على نسبة محفوظة القدر بالعدل ، وله إيفاء كل ذي حق ، وقد استفاد موسى عليه السلام علم الصحبة والسياسة والخلوة والجلوة ومقام الجمع والفرق منه عليه الصلاة والسلام ، وكلها من القلب القائم بالعدل ومراعاة أحكام الوحدة في الكثرة ، ولا يقوم بأحكام العالمين في الوجود إلا القلب ، ولهذا كان محل المعرفة دون غيره .

قال رضي الله عنه : "اعلم أن القلب : أعنى قلب العارف باللَّه هو من رحمة الله وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه ، هذا اللسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه " .
إنما قال : إن القلب من رحمة الله ، لقوله تعالى : "رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" والقلب شيء ، وإنما كان أوسع منها لقوله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم : « ما وسعني أرضى ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن » .

والحق محيط بالكل والرحمة تنزل من مستوى الرحمن الذي هو العرش المحيط إلى كل العالم بما فيه ، وقد قال أبو يزيد : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به ، لأنه لا يبقى مع الحق وتجليه وجود لشيء فكيف يحس بالعدم ، وإنما قال هذا لسان العموم ، لأن عامة العلماء قائلون بهذا الحديث المذكور ، وبأن الله تعالى راحم غير مرحوم ، ولأن الرحمة صفة من صفات الله تعالى قائمة به فلا تسعه والقلب يسعه .
وإنما قال : من باب الإشارة ، لأن في لسانهم رمزا إليه من قبيل المفهوم لا المنطوق ، فإنهم لا يصرحون به ولكن يلزمهم .

قال رضي الله عنه : "وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله تعالى وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس ، وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو ، وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه والربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ".

والدليل عليه ترتيب قوله : "الْحَمْدُ لِلَّه رَبِّ الْعالَمِينَ " وما قال للرب إله العالمين ، وقد مر أن الأشياء في ذات الباري تعالى بالقوة كالشجرة في النواة ليست لها فيه عين ، وهي كرب الرحمن فوصف نفسه بالنفس وهو الإيجاد إذ به نفس عن كربه بالوصف له والذات مع أي وصف اعتبر معه اسم والأسماء الإلهية عين المسمى ، فليس النفس إلا هو لأن الصفة نسبة والنسب أمور عقلية ، وليست الأسماء في الحقيقة إلا عين الذات مع اعتبار فقط ، والأسماء تطلب مقتضياتها كما ذكر غير مرة ، ومقتضياتها ليست إلا الحقائق التي هي أجزاء العالم ومجموعها العالم ، وهو المألوه والمربوب فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا .

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)

 

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قد مر في المقدمات أن ( القلب ) يطلق على النفس الناطقة إذا كانت مشاهدة للمعاني الكلية والجزئية متى شاءت وهذه المرتبة مسماة عند الحكماء ب‍ ( العقل المستفاد ) .
وقد يطلق على ناطقة من اتصف بالأخلاق الحميدة ، وجعلها ملكة .
وإنما تسمى بالقلب لتقلبها بين العالم العقلي المحض ، وعالم النفس المنطبعة ، وتقلبها في وجوهها الخمسة التي لها إلى العوالم الكلية الخمسة  وله أحدية الجمع بين الأسماء الإلهية والظهور بحكم كل منها على سبيل العدالة .
وهو برزخ بين الظاهر والباطن ، ومنه يتشعب القوى الروحانية والجسمانية ، ومنه الفيض على كل منها ، وهو صورة المرتبة الإلهية ، كما أن الروح صورة المرتبة الأحدية ، لذلك وسع كل شئ حتى الحق .
ولما كان كثير الشعب والنتائج ، وكان شعيب ، عليه السلام ، كثير النتائج  والأولاد متحققا بمقام القلب - مشاهدا للمعاني الكلية والجزئية متخلقا بالأخلاق الإلهية قائما بالعدل الذي هو سبب وجود العالم آمرا بإيفاء الحقوق في المكيال والميزان والقسطاس المستقيم بمقتضى استعداد كل من الناس - أضاف ( الحكمة القلبية ) إلى كلمته .

قال الشيخ رضي الله عنه : (واعلم ، أن القلب ، أعني قلب العارف بالله ، هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها ، فإنه وسع الحق جل جلاله ، ورحمته لا تسعه ) .
إنما قال : ( أعني  قلب العارف ) لأن قلب غيره ليس مصطلحا عند الخواص ، بل عند العوام ، كما يسمى ( لب ) الشئ واللحم الصنوبري أيضا ب‍ ( القلب ) .
وإنما قال : ( بالله ) - دون غيره من الأسماء - لأنه مجمع الأسماء ، و ( القلب )
قابل لفيضها كلها ، والعارف به عارف بغيره ، والعارف لغيره لا يكون عارفا به ،
إذ العارف بالأفعال وأحكامها ليس عارفا بالله وظهوراته وأسمائه .
وليس المراد هنا ب‍ ( الرحمة ) الوجود ، إذ القلب ليس أوسع من الوجود ،  
بل ما به يتعطف على عباده ويشفق عليهم ويرحمهم فيهب لهم الوجود . لذلك
قال : ( هو من رحمة الله ) أي ، صادر منها .
وقال : ( فان الحق راحم ليس بمرحوم ) .  ولو كان بمعنى الوجود ، لصدق أنه ( مرحوم ) كما يصدق أنه موجود .
وقوله : ( فإنه وسع الحق ) إشارة إلى ما نقله النبي ، صلى الله عليه وسلم ،
عن الله تعالى أنه قال : " ما وسعني أرضى ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن التقى النقي "  
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذا لسان عموم من باب الإشارة ، فإن الحق راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه ) .
أي ، كون الرحمة لا تسعه لسان عموم الخلائق وعلماء الظاهر ،  والإشارة إلى معتقدهم ، فإن الحق راحم مطلقا عندهم ، ليس بمرحوم بوجه من الوجوه ، فلا حكم للرحمة فيه . وأما بلسان الخواص والمحققين ، فإنه هو ( الراحم ) وهو ( المرحوم ) ، إذ لا غير والأعيان المسماة ب‍ ( العالم ) عينه ، فما يرحم الحق إلا نفسه . فهو ( راحم ) في مقام جمع الأحدية ، ( مرحوم ) في مقام التفصيل والكثرة .

وإليه أشار بقوله : ( وأما الإشارة من لسان الخصوص ، فإن الله وصف نفسه ب‍ ( النفس ) ، بفتح الفاء ، وهو من باب ( التنفيس ) )
أي ، وصف لسان نبيه نفسه بأن له ( النفس ) . وهو مأخوذ من ( التنفيس ) ، لأنه إرسال الهواء الحار من الباطن ، وإيراد الهواء البارد لترويح المتنفس عن الكرب ، فالتنفس إنما يتنفس دفعا للكرب . فشبه النفس الإلهي بالنفس الإنساني .

وأضاف ( الكرب ) إليه لا من حيث إنه غنى عن العالمين ، بل من حيث إنه رب لهم . وكربه طلب الأسماء الإلهية الباقية في الذات الأحدية بالقوة ظهورها وعيانها ، فتنفس وأوجد أعيان تلك الأسماء ، فظهرت الإلهية .
( وأن الأسماء الإلهية عين المسمى ) . أي ، من حيث الوجود وأحدية الذات ، وإن كانت غيرا باعتبار كثرتها . ( وليس إلا هو ) .
أي ، وليس المسمى إلا عين هوية الحق ، أو وليس ذلك النفس إلا عين الهوية السارية في الموجودات كلها .
( وإنها طالبة ما تعطيه من الحقائق ) . أي ، وإن الأسماء طالبة وجود ما تعطى الحقائق الكونية للحق من الأحكام والصفات الكونية .
وفي بعض النسخ : ( ما تعطيه من الحقائق ) . أي، وإن الأسماء طالبة للحقائق.
وفاعل ( تعطى ) ضمير ( الأسماء ) .
ويؤكد الثاني قوله رضي الله عنه  : ( وليست الحقائق التي يطلبها الأسماء إلا العالم ، فالألوهية تطلب المألوه ، والربوبية تطلب المربوب ) .
واعلم ، أن الشيخ رضي الله عنه  يستعمل في جميع كتبه ( المألوه ) ويريد به العالم ) .
واللغة يقتضى أن يطلق على الحق ، إلا في بعض معانيه . لأنه مشتق من ( أله ) 
وله معان متعددة :
أولا يقال : أله ، يأله ، إلهة . أي ، عبد عبادة ، فالمألوه هو المعبود .
وثانيها ، ( الفزع ) و ( الالتجاء ) . يقال : أله إلى زيد . أي ، إلتجاء إليه ، فأجأره.
وقال : تأبط شرا . شعر : ( ألهت إليها والركائب وقف ) . فالمألوه المفزع  والملجأ . 
وثالثها ، ( الثبات ) .
يقال : ألهنا بمكان كذا . أي ، أقمنا . قال الشاعر : ( ألهنا بدار ما تبيد رسومها ) . فالمألوه المثبت .
ورابعها ، ( السكون ) . يقال : ألهت إليه . أي ، سكنت إليه . فالمألوه  المسكون إليه .
وخامسها ، ( التحير ) . يقال : أله زيد . إذا تحير . فالمألوه المتحير فيه .
ولا شك أن ( المعبود ) و ( المفزوع إليه ) و ( المسكون إليه ) هو الحق و ( المتحير )
و ( المثبت ) هو العالم . ويمكن أن يستعمل لغة في معان آخر يليق ب‍ ( العالم ) .
و ( الألوهية ) اسم المرتبة الإلهية ، أي ، هذه المرتبة تطلب وجود العالم ،
وهو المألوه ، لأن كل واحد من أسماء الصفات والأفعال يقتضى محل ولايته ليظهر به ، كالقادر للمقدور ، والخالق للمخلوق ، والرازق للمرزوق ، وهكذا غيرها .
والفرق بين ( الألوهية ) و ( الربوبية ) :
أن ( الألوهية ) حضرة الأسماء كلها - أسماء الذات والصفات والأفعال ، و ( الربوبية ) حضرة أسماء الصفات والأفعال فقط لذلك تأخرت عن المرتبة الإلهية.
قال تعالى : ( الحمد لله رب العالمين ) .
( وإلا ) أي ، وإن لم تكن ( الألوهية ) و ( الربوبية ) طالبة للمألوه والمربوب ، لا يكون شئ منها متحققا ، كما لا يتحقق الأبوة إلا بالإبن ، والبنوة إلا بالأب ، لأنهما من قبيل المتضايفين .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلا عين لها إلا به وجودا وتقديرا ) أي ، فلا عين للألوهية أو الربوبية إلا بالعالم ، سواء كان موجودا بالوجود الحقيقي ، أو مقدرا.
فقوله : ( فلا عين ) جواب الشرط المقدر . أي ، إذا كان تحقق الألوهية والربوبية موقوفا على المألوه والمربوب ، فلا عين للألوهية إلا بالمألوه ، ولا للربوبية إلا بالمربوب .
وجواب ( إلا ) محذوف ، لدلالة قوله : ( فلا عين لها إلا به ) عليه . ولا يجوز أن يكون هو جوابا ، لفساد المعنى .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:46 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
 
الفص الشعيبي 
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية 
قال رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، وهو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس: وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالقلب من حيث إنه مع وحدته واسع الظهور كل كثرة فيه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى شعيب عليه السلام لتشعب دعوته الواحدة.
أي: تسوية الميزان بقوله: " أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " [هود: 85].
إلى شعيب كثيرة في الاعتقادات والاختلاف والأعمال إذ لكل شيء منها میزان خاص يستقیم به إذا روعي، ويميل إلى طرفي الإفراط والتفريط إذ أخل به على ما سيشير الشيخ رحمه الله، وهي من أعمال القلب أو القوة المستمدة منه و مشابهة له في التوسط لتوه بين الروح والنفس.
فبين أولا سعته لما لا بتناهي من صور الكثرة حتى أنه أوسع من أصله ليتيسر تصور سعة الكثرة الحاصلة عن ضيق الوحدة في أوهام العامة.
فقال: (اعلم أن القلب أي: قلب العارف بالله) إذ قلب غيره، وإن أحاط بالعلوم الرسمية العقلية والنقلية ضيق عن الأمور الغير المتناهية، والمقصود بیان سعته، وهو المسمى بالقلب في قوله تعالى: "لمن كان له قلب" [ق:37] (هو من رحمة الله) ضرورة أن الموجودات كلها من رحمته، ولكن (هو أوسع) في إيجاد الصور كلها (منها فإنه وسع الحق) أي: صورة في الذهن الذي له إيجاد الصور فيه.
(ورحمته لا تسعة) إذ لا تصوره في الخارج الذي لها إيجاد الصور فيه، ولا في الذهن الذي ليس لها إيجاد شيء منها فيه.
ولذا قال صلى الله عليه وسلم عن ربه: «ما وسعني أرضي، ولا سمائي، ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن التقي النقي»، فكذا الكثرة أوسع من الوحدة فيما يتوهم.
ثم قال: (وهذا) أي: كون الرحمة لا تسع الحق والقلب بسعة؛ فهو أوسع منها (لسان العموم) أي: قول عامة الصوفية إذ أهل الظاهر لا يجترئون على القول بسعة القلب للحق؛ لأنها إما بالحلول المحال أو بالتمثيل، وهو باطل عندهم لقوله تعالى: "لیس كمثله شيء" [الشورى:11].
وقد ذهلوا عن حديث رؤية يوم القيامة في الصور المختلفة، وفي المنامات، وعن الفرق بين المثل والمثال (من باب الإشارة)، أي: مأخوذ من كلامهم بطريق الإشارة إذ لم يصرحوا بذلك.
وإنما قال عوام الصوفية بأن القلب أوسع من الرحمة لسعته بالحق دون الرحمة وإلا كان الحق مرحوما وهو باطل.
قال رضي الله عنه : (فإن الحق راحم وليس بمرحوم) بوجه من الوجوه، (فلا حكم للرحمة فيه) لا بإيجاده في الخارج ولا في الذهن، (وأما الإشارة) المأخوذة (من لسان الخصوص) أي كلام خواص الصوفية، فالرحمة أوسع من القلب أو مساوية له في السعة، وإن لم يصرحوا بذلك أيضا، فإن المفهوم من كلامهم أنه تعالى يرحم ذاته وأسماؤه بتصويرها في أعيان المكونات في الخارج.
فإن الله تعالى وصف نفسه على لسان نبيه الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى (بالنفس)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن»..
وهو رحمة من المتنفس على نفسه بإخراج الهواء الحارة، وإدخال الباردة، كيف (وهو) مشتق (من التنفيس)؛ وذلك لأن الأسماء من حيث انتسابها إلى الأشياء تطلب ظهورها بصورها وآثارها فيها، وذلك الطلب فيها كالكرب، والظهور كالتنفس فكأنها مرحومة.

قال رضي الله عنه : (والأسماء الإلهية عين المسمى) الذي صدقت عليه، (وليس) المسمى (إلا هو)، أي: الذات فكأنها أيضا مرحومة، وكيف لا تكون الذات مرحومة؟ 
(وأنها طالبة ما تعطيه) الأسماء باعتبار تضمنها معانيها الخاصة من (الحقائق) التي انتسبت تلك الأسماء إليها، باعتبار معانيها الخاصة الموجودة في الذات بواسطة عينية تلك الأسماء لها، وكيف لا تكون مرحومة باعتبار ظهورها في تلك الحقائق؟ وليست صورها الظاهرة فيها قديمة مانعة من التأثير إذ
قال رضي الله عنه : (ليست الحقائق التي طلبتها الأسماء) احتراز عن الحقائق المطلوبة للذات من معاني الأسماء؛ فإنها قديمة غير قابلة للتأثير أصلا إلا العالم القابل للتأثيرات، فالصور الظاهرة فيها حادثة، وبظهورها تحصل مطالب الأسماء؛ فالرحمة عليه رحمة على الأسماء وعلى الذات باعتبار ظهورها فيه، وكيف لا تطلب الأسماء تلك الحقائق، ولا تتصور باعتبار تضمنها للنسب المقتضية للمنتسبين إلا بها (فالألوهية تطلب المألوه) وإن ورد أن الله غني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (والربوبية تطلب المربرب وإلا) أي: وإن لم يوجد المألوه والمربوب حقيقة ولا تقديرا؛ (فلا عين لها) أي: لا تعين لهذه النسب أي: الألوهية والربوبية إلا (به وجودا أو تقديرا)، فإن الألوهية والربوبية بالفعل عند وجود المألوه والمربوب وبالقوة عند تقديره وإلا فلا تتصور أصلا.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :(اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)


12 -  فصّ حكمة قلبيّة في كلمة شعيبيّة
وجه تسمية الفصّ 
ووجه اختصاص الكلمة بالحكمة هاهنا ما ستطلع عليه من كلام المصنّف أنّ في القلب فنونا من التشعيب لا تحصى ، بها تثمر العقائد التي عليها يتصوّر في الجنّة وبها يتجلَّى عند أربابها .
وأمّا التلويح الكاشف لذلك : فهو أنّ شعيبا ( 13 ) صورة تفصيل ما للقلب من العقود ( 6 ، 13 ) ، كما أنّ القلب ( 132 ) معرب عمّا لشعيب ( 382 ) من الأربعة المحيطة بصورة السعة الإلهيّة .
وأيضا في تفصيل البيّنات القلبيّة ( أف ، أم ، ا 123 لف ا ، لف يم ، لف 381 )  ) ما يشعر بأنّ الكلمة الشعيبيّة هي الكاشفة عن حكمة القلب ، ضرورة أنّه الصورة المقوّمة إياها خاصّة ، ولذلك أخذ يتكلَّم في القلب قائلا

  سعة القلب   
قال رضي الله عنه :  ( اعلم أنّ القلب - أعني قلب العارف باللَّه  ) فإنّه يستفهم منه معاني غير ذلك ، لا دخل له هاهنا ( هو من رحمة الله ) فإنّه من الحقائق الوجوديّة المنطوية على ما في قوسي الحقائق الإلهيّة والمراتب الكيانيّة ، كما اطَّلعت على تحقيقه مرارا ، ( وهو ) لكمال سعته المذكورة ( أوسع منها ، فإنّه وسع الحقّ جلّ جلاله ، ورحمته لا تسعه ) على ما ورد : « ما وسعني أرضي ولا سمائي » ، فإنّ وجوده ورحمته ليس له مظهر غير سماء الأسماء الإلهيّة وأرض الحقائق الكيانيّة .
( هذا لسان عموم ) تكلَّم على ما ورد من الحديث غير مجاوز عن ظاهره ، ولكن ( من باب الإشارة ) لا صريح العبارة ، ( فإنّ الحق ) على فهم العموم (و) لسانه ( راحم ليس بمرحوم ، فلا حكم للرحمة فيه) حتّى يحيط به ويسعه.

الربوبية تطلب المربوب والألوهية تطلب المألوه
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الإشارة من لسان الخصوص : فإنّ الله وصف نفسه بالنفس ، وهو من التنفيس )
الذي هو تفريج الكرب ، فإنّ في باطنه من الأسماء ما يطلب الظهور ويهتمّ به وذلك ممّا يستلزم الكرب.
قال رضي الله عنه :  ( وإنّ الأسماء الإلهيّة عين المسمّى ، وليست إلَّا هو ، وإنّها طالبة ما تعطيه من الحقائق ، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلَّا العالم ، فالالوهة تطلب المألوه).
حتّى تثبت وتتعيّن ، فإنّ الأسماء الإلهيّة تقتضي ثبوت المألوه وتعيّنه ، كما أنّ أسماء الربوبيّة تقتضي وجوب المربوب وظهوره ، وإليه أشار بقوله : ( والربوبيّة تطلب المربوب ) حتّى تظهر به وتوجد في العين وهذا هو الفرق بين الالوهيّة والربوبيّة ، لا ما قيل في بعض الشروح « 1 » - فتأمّل .
( وإلا ) - أي وإن لم تطلب نسبة الالوهة والربوبة ، المألوه والمربوب - لم تحصل تلك النسبة أصلا ( فلا عين لها إلَّا به وجودا ) في الخارج ( وتقديرا ) في العلم ، فإنّ النسبة وإن كانت حاكمة على الطرفين ، مسمّية لهما : لكن لا وجود لها إلَّا بهما .
هذا اقتضاء الحقّ من حيث النسب الأسمائيّة الوهيّة وربوبيّة

 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)


12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم )
لما كان شعيب عليه السلام مع كونه صاحب قلب قابلا لتجني الاسم الله أحدية جمع الأسماء الإلهية المتشعبة إلى ما لا يتناهی مضاهيا للقلب، سواء أريد به النفس الناطقة في بعض مراتبها أو اللحم الصنوبري الذي هو متعلقها وسحل تصرفاتها لتشعبه إلى شعوب وقبائل كما ينبیء عنه اسمه.
وفي إيتاء كل ذي حق حقه بالقسط والعدل كما يدل عليه أمره أمته بذلك، فإن القلب بكل واحد من معنييه متشعب إلى شعب كثيرة موفي كل ذي حق منها حقه.
وصف الشيخ رضي الله عنه الحكمة المنسوبة إلى كلمته بالقلبية وصدر ببيان أحوال القلب.

فقال : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله) أحدية جمع الأسماء كلها، فإن صاحب القلب في اصطلاح هذه الطائفة إنما هو العارف بالاسم الله أحدية جميع الأسماء، فمن لم يكن عارف بالله سواء لم يكن عارفا أصلا أو كان عارفا ببعض الأسماء المخصوصة دون بعض، فلا يسمى قلبه قلبا إلا مجازا ولا يصح الحكم عليه بالسعة المذكورة.

(هو من رحمة الله ورحمته) رأفته ولطفه فإن تعينات الأشياء في العلم بالفيض الأقدس، ووجوداتها في العين بالفيض المقدس إنما هي من الأسماء اللطيفة الجمالية (وهو)، أي القلب (أوسع منها)، أي من رحمة الله ، فإن سعة القلب عبارة عن إحاطتها بالأشياء اعتبار جامعيتها للأشياء.
فإنها حقيقة جامعة لها أو باعتبار العلم والشهود وسعة الرحمة عبارة عن شمول الأشياء ووصول اثاره إليها ولا شك أن علم القلب وشهوده أوسع من رحمته (فإنه)، أي القلب باعتبار علمة وشهوده (وسع الحق جل جلاله) بتجلياته الذاتية والأسمائية كما أنه وسع الأشياء علما وشهودا.
(ورحمته) و إن وسعت کل شيء (لا تسعه)، أي الحق سبحانه (وهذا)، أي المتقول بأن رحمة الله لا تسعه (لسان عموم)، أي عامة العلماء قائلون به ولكن قولهم هذا (من باب الإشارة) لا صريح العبارة .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية )

فإنهم لم يصرحوا به ولكن يلزم مما صرحوا به من عقائدهم (فإن الحق راحم) عندهم (ليس بمرحوم) فإنهم لم ينتبهوا لكرب الأسماء الإلهية والتنفس عنها بإيجاد العالم (فلا حكم للرحمة فيه) ولا يصل أثر منها إليه فلا تسعه.
(وأما الإشارة من لسان الخصوص)، فهي أن رحمة الله تسعه (فإن الله سبحانه وصف نفسه) على لسان نبيه (بالنفس) حيث قال صلى الله عليه وسلم :" إني لأجد نفس الرحمن من جانب اليمن" .
(وهو)، أي النفس (من التنفيس) وهو تفريج الكروب فإن المتنفس إنما يتنفس دفعة الكرب الهواء الحار عن باطنه وطلبة لراحة ورود الهواء البارد عليه ، فالتنفيس في الجناب الإلهي إشارة إلى التخلص من كرب طلب الأسماء الإلهية الظهور، ومن كرب طلب الحقائق الكونية الوجود.
ولا شك أن التفريج عن الكرب رحمة فرحمة الله تسعه ، ولما كان لقائل أن يقول: منشأ هذا الطلب الأسماء لا محض الذات فالتخلص من الكرب يكون للذات من حيث الأسماء لا من حيث هي فلا تكون الراحة شاملة لها .
دفعه بقوله :
(وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليست)، أي الأسماء (إلا هو)، أي المسمى فيكون تکرارة وتأكيدة للأول.
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وليس بدون تاء التأنيث، أي لبس المسمى إلا هو أي الحق فتكون الأسماء عين الحق وإذا وسعتها الرحمة وسعته (وأنها)، أي الأسماء (طالبة ما تعطيه) تلك الأسماء ثبوت في العلم ووجودا في العين (من الحقائق).
أي الحقائق الكونية بيان لما أعني الأسماء طلب الحقائق التي ثبوتها في العلم ووجودها في العين بتلك الأشياء.
(وليست الحقائق التي تطلب الأسماء) لتكون مجالی أحكامها ومظاهر آثارها (إلا العالم) بما فيه من الأجناس والأنواع والأشخاص (فالألوهية) التي حضرة الأسماء الوجوبية المؤثرة في الكون (تطلب المألوه) الذي هو متعلق تأثيراتها وتصرفاتها ضرورة توفيق تحقق النسبة على تحقق المنتسبين. 
ولما كانت الإلهية والألوهية عبارة عن مرتبة الأسماء المؤثرة كان معنى الإله المؤثر بأسمائه فيكون معنى اسم الفاعل لا سيما اشتق رضي الله عنه لما يقابله ، أي المتأثر المألوه اسم مفعول فيكون المألوه موجودة من معنا. 
الاصطلاحي لا معانيه اللغوية فلا إشكال (و) كذلك (الربوبية) التي هي حضرة الأفعال . 
قال رضي الله عنه :  (تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)
(تطلب المربوب) الذي هو متعلق آثارها، وإذا كانت الألوهية والربوبية يطلبان المألوه، والمربوب ليس إلا العالم ، فإن كان العالم يكون للألوهية أو الربوبية عين .
(وإلا)، أي وإن لم يكن العالم لم يكن لها، أي الألوهية والربوبية عين (فلا عين لها)، أي للألوهية والربوبية (إلا به)، في العالم (وجودا) في العين .
(وتقديرا) في الذهن يعني خارج ودها


المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله و رحمته لا تسعه: هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.)

شرح الفص الشعيبي
الحمد لله حمدا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، (باللام لا بالباء) والصلاة والسلام الأمان الأكملان على أفضل من كل من جاء عن الله رضي الله عنه بالأنبياء، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم الأولياء، أما بعد:
فإن الأخ العزيز الذي كان أراد مني، إيضاح ألفاظ الفص الإسماعيلي أراد مني أيضا إيضاح ألفاظ الفص الشعيبي.
فإنه استصعبه وحق له أن يستصعب فإنه جمع مسائل متشعبة كثيرة مستصعبة، فأجبته لذلك مستمطرا فيض الإله الرب المالك .
وقلت : اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا، وأنت تجعل الحزن سهلا إذا شئت، هذا مع علمي أن ما أذكره في حل ألفاظ سيدنا الشيخ هو كنسبة القشر إلى اللب . 
وقد رأيت مبشرة عند شروعي في الكتابة على هذا الفص : رأيت إني وقفت على باب بيت فوجدته مغلقا عليه قفل من  حديد ولا مفتاح عليه، فحرکت القفل تحریکات فانفتح، فلما دخلت البيت وجدت مفتاحه داخله، وأخذته فتعجبت لذلك. 
فأولت البيت بالفص الشعيبي وكونه مغلقا يدل على أنه ما دخله أحد ممن تكلم على الفص الشعيبي، وكوني وجدت مفتاحه في وسطه وأخذته يدل على أني أعطيت الأذن في الدخول لهذا البيت الذي هو الفص الشعيبي.

قول سيدنا في (فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية)اعلم أن القلب - أعني قلب العارف بالله - هو من رحمة الله ، وهو أوسع منها، فإنه وسیع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه : هذا لسان عموم من باب الإشارة، فإن الله راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه. "فإن الحق"
يقول رضي الله عنه إن قلب العارف بالله وإن كان مخلوقا بالرحمة التي وسعت كل شيء، والقلب شيء من الأشياء، فالشيء أعم العام. 
وهو كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه. 

فإنه تعالى خلق قلب العارف به وجعله أوسع من رحمته ، لأن قلب المؤمن العارف بالله تعالى وسع الحق.
كما ورد في الخبر النبوي القدسي أن الله تعالى يقول : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن الهين الورع ".
وهذا الخبر وإن ضعفه الحفاظ فقد صححه أهل الكشف ، وقيد هذا الوسع بالقلب المؤمن، فهو وسع الخصوص لا وسع العموم كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى فإن قلب غير المؤمن لا يكون محلا للمعرفة بالله تعالى فلا يسع الحق تعالى الوسع المخصوص بالعارفين.

إذ لا تكون المعرفة به تعالى إلا بتعريفه ، لا بحكم النظر العقلي، ولذا قيده سیدنا بقوله (أعني قلب العارف بالله) فرحمته تعالى مع اتساعها يستحيل عقلا لا شرعا وکشقا، إذ الكشف لا يخالف الشرع أن تسعه تعالى.
فرحمته لا تتعلق به ولا تسعه ، فلا يوصف تعالى بأنه مرحوم، وإن كانت منه فلا تعود عليه السلام.
وليس المراد بالقلب في الحديث الرباني اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر ، فهذا موجود في البهائم، فلا قدر له. 
وإنما المراد اللطيفة الربانية الروحانية لها بهذا القلب الجسماني تعلق، وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان والمخاطب المعاقب، وقد تحير أكثر الخلق في وجه علاقته بالنسب النباتي الجسماني . ثم اعلم أن هذا الوسع أنواع:
الأول : وسع العلم والمعرفة بالله ، إذ لا شيء في الوجود بعقل آثار الحق ويعرف ما يستحقه كما ينبغي،مثل الإنسان فغير الإنسان إنما يعرف ربه من وجه دون وجه.
الثاني: وسع الكشف عن محاسن جماله تعالى، فيذوق لذة الأسماء الإلهية فإذا تعقل علم الله في الموجودات مثلا ذاق لذتها وعلم مكانة هذه الصفة ، وقس على هذا.
الثالث: وسع الخلافة، وهو التحقق بالأسماء الإلهية حتى يرى ذاته ذات الحق تعالى فتكون هوية العبد عين هوية الحق، فيتصرف في الوجود تصرف الخليفة . 
حيث كان القلب هو النور الإلهي والسر العلي المنزل في عين الإنسان لينظر به إليه ، وهو روح الله المنفوخ، فما دام هذا لسان خصوصي. 
وأما لسان خصوص الخصوصي فهو أن قلب العبد العارف عين هوية الحق، فما وسعه غيره فإن روحه المنفوخ في ادم هو عين ذاته ما هو غيره.
 فما وسع الحق إلا الحق. 
فهو تعالی دار الموجودات وعين قلب عبده المؤمن العارف دار له. 
يقول سيدنا رضي الله عنه : 
فمن كان بیت الحق فالحق بيته     …… فعين وجود الحق عين الكوائن
ومما تقدم من كون رحمته تعالى لا تسعه وأنه راحم لا مرحوم، ولا حكم للرحمة فيه، هو إشارة من لسان عموم، يعني بالعموم ، علماء الرسوم المحجوبين عن الرقائق والدقائق . 
وأما لسان الخصوص أهل الكشف والوجود الذين آتاهم الله رحمته من عنده وعلمهم من لدنه علما .

فهو ما أشار إليه سيدنا بقوله : (وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس: وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم، فالألوهية تطلب المألوه، والربوبية تطلب المربوب. وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا. )
يقول رضي الله عنه من باب الإشارة بلسان الخصوص لا من باب التفسير ، للخبر الوارد أن الله تعالى وصف نفسه ، أي ذاته بالنفس (بفتح الفاء) وهو مأخوذ من التنفيس، أي التوسيع والتسريح ضد الضيق والحرج.
ولا يكون التنفيس والسراح إلا بعد ضيق وشدة، أشار بهذا الإمام إلى ما رواه أحمد  رضي الله عنه في مسنده ، أنه قال: «إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن". وفي روايته للطبراني "إني أجد نفس ربکم قبل اليمن".
فنفس الله تعالى عن رسوله بالأنصار رضي الله عنهم . فأووه وناصروه، فإن أصل الأنصار من اليمن، خرجوا منه وقت خراب سد مأرب، و تفرقت قبائل اليمن في الأقطار . 
كما نفس الله بالنفس الداخل الخارج عن قلب الإنسان والحيوان، فإنه بالنفس يخرج الهواء الحار ويستنشق الهواء الباردولولا ذلك لهلك في حينه. 
ومعلوم أن الأسماء الإلهية عين المسمى باعتبار، وذلك أن للأسماء الإلهية اعتبارین، اعتبار کونه تعالى ذكر نفسه بهذه الأسماء أزلا من كونه متکلما، فهي قديمة غير مكيفة ولا محدودة ولا مشتقة، وهي عين المسمى. 
إذ الوحدانية هنالك من جميع الوجوه فلا تعداد، واعتبار هذه الأسماء التي بأيدينا، وهي أسماء لتلك الأسماء، وهي التي تطلب المعاني بحكم الدلالة لأنها ألفاظ وألقاب، وهي غير المسمى، وهي المشتقة. 
هذا لسان صفوة خاصة الخاصة، وأما لسان الخاصة فهو أن الأسماء الإلهية عين المسمى من حيث الدلالة على المسمی، مع قطع النظر عما يفهم من الأسماء، فإن المسمى واحد، والمفهوم من الأسماء ليس بواحد، وإن الأسماء الإلهية ما تعددت جزائها، فلا بد من سبب يعقل لتعددها ، وهو موضع حيرة.
هل الاسم هو اسم له تعالى؟ 
أو أسم لما هو المفهوم؟ 
أو اسم لهما؟ 
وليس في الوجود الخارجي العيني إلا هو تعالى، والأسماء نسب واعتبارات به.
و مراتب للذات لما هو الحق والتحقيق، لا أعيان زائدة كما عليه أكثر المتكلمين . والأسماء وإن كانت عين المسمى الذات للغني عن العالمين، فهي طالبة ما تعطيه من الحقائق المفهومة منها.

فطلبت طلب استعداد ظهور آثارها بما تعطيه حقيقة كل اسم، وليست الحقائق التي تطلبها الأسماء لتظهر بها إلا العالم. وهو كل ما سوى الله تعالى فالألوهية التي أعظم مراتب الإله المعبود تطلب المألوه، وهو العابد . 
والربوبية التي هي مرتبة الرب أخص من مرتبة الألوهية، تطلب المرهوب الذي يحصل التصرف فيه ويظهر به سلطانها. 
وإلا لو لم تكن الأسماء طالبة ولا يعطيها الحق ما تطلبه من الظهور، فلا ظهور لها ولا عين إلا بالعالم وجودا عند إيجاد العالم بالفعل. 
وتقديرا قبل إيجاد العالم بالصلاحية، إذ هو تعالی مسمي بهذه الأسماء أزلا. 
ولا عالم ولا موجود سواه، لأن الأعيان الثابتة لم تزل ناظرة إلى ربها حال ثبوتها نظر افتقار . 
فلو زال العالم وجودا أو تقديرا لزالت الأسماء، حتی الفناء عن العالم، إذ لو لم يتوهم لم يصح الفناء عنه ، "ثم" غني عن من؟.
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين . بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:47 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.  والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى.)

قال رضي الله عنه : (والحق) تعالى (من حيث ذاته) العلية (غني عن العالمين) كما قال سبحانه : "و الله غني عن العالمين" [آل عمران: 97]. وقال تعالى : "والله الغني وأنتم الفقراء" [محمد: 38] .
والصفات أيضا والأسماء من حيث هي عين الذات الإلهية غنية عن العالمين أيضا. وقد أشار إليه المصنف قدس سره بقوله :
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو (و) صفة (الربوبية) من حيث ما هي غير الذات الإلهية (ما لها هذا الحكم)، أي الغني عن العالمين.
قال رضي الله عنه : (فبقي الأمر) الإلهي الواحد في نفسه مترددة (بين ما نطلبه) صفة (الربوبية) من الحيثية المذكورة وهو الظهور بالمربوبین (وبين ما تستحقه الذات) العلية (من الغنی عن العالم) بفتح اللام (وليست) صفة (الربوبية على الحقيقة والاتصاف) من الحيثية الأخرى .
(إلا عن هذه الذات) الإلهية الغنية عن العالمين، فالأمر في نفسه ذات غنية عن العالمين من وجه، وصفة ربوبيته افتقر إليها جميع العالمين فتعلقت به ، فلا تنفك عنه ولا ينفك عنها وجودة وتقدير من وجه آخر.
قال رضي الله عنه : (فلما تعارض) بحسب الظاهر الأمر المذكور بالطلب للعالمين والاستغناء عن العالمين (بحكم)، أي بسبب ما تقتضيه أحوال (النسب) جمع نسبة وهي الإضافة من الطلب والاستغناء المذكورين وغيرهما (ورد في الخبر) عن النبي صلى الله عليه وسلم (ما وصف الحق) تعالی (به نفسه) على لسان نبيه عليه السلام (من الشفقة) وهي زيادة الرحمة (على عباده) كما ورد في الأسماء الحسنى أن من أسمائه تعالى: الرؤوف من صفاته الرأفة.
قال رضي الله عنه : (فأول ما نفس) سبحانه (عن) صفة (الربوبية التي له بنفسه المنسوب إلى) اسمه (الرحمن) الوارد في الحديث إني لأجد نفس الرحمن (بإيجاده) سبحانه (العالم)، أي المخلوقات (الذي) نعت للعالم (تطلبه) صفة (الربوبية بحقيقتها) من حيث هي غير الذات الإلهية الغنية عن العالمين تطلبه أيضا (جميع الأسماء الإلهية) لتظهر به (فيثبت من هذا الوجه) وهو وجه تنفیس الحق تعالى بنفسه المنسوب إليه من حيث اسمه الرحمن فهو التنفيس بالرحمة عن أسمائه وصفاته (أن رحمته) سبحانه الواسعة ("وسعت كل شي" فوسعت الحق) تعالى حيث وسعت أسمائه وصفاته التي هي من وجه عين ذاته كما أنها من وجه آخر غير ذاته .
قال رضي الله عنه : (فهي)، أي الرحمة الإلهية حينئذ (أوسع من القلب)، أي قلب العارف بالله تعالى (أو مساوية له في السعة) لإشرافه على ما هي مشرفة عليه من الأسماء وآثارها من حيث قيامه بالشهود الذاتي وكون الحق تعالی سمعه وبصره .
والحاصل أن رحمة الله تعالى صفة من صفاته وحضرة من حضراته وقد توجهت منه تعالى على إيجاد كل شيء وإمداده .
ومن جملة ذلك إيجاد قلب العارف بالله تعالى ومعرفته به تعالى، ولا شك أن قلب العارف بسبب معرفته بالله تعالى فاني مضمحل،عن كل حادث من ذاته ومن غيره.
 فلا حکم عنده إلا للوجود المطلق حتى عن الإطلاق، فهو الظاهر له به وبكل شيء مثل ظهور المعاني بالألفاظ.
فإن الذهن ما دام ملاحظا للفظ المخصوص، وهو في حال ملاحظته له ناظر إلى المعنى الذي يدل عليه ذلك اللفظ ، فهو مستحضر لذلك المعنى.
ومتي التفت إلى ملاحظة اللفظ من حيث هو وأعرض عن نظره منه إلى معناه فقد أعرض عن معناه وانحجب باللفظ عن المعنى.
وكذلك إذا أعرض عن ملاحظة اللفظ فقد أعرض عن النظر إلى معناه " ولله المثل الأعلى" [النحل: 60].
فالمشهود في الفناء الأول أحوال العبد بمنزلة الألفاظ ينظر منها إلى المعاني، والشهود في الفناء الثاني وهو الفناء عن الفناء أعيان الأشياء كلها لا من حيث اتصافها بالوجود بل عین الوجود من حيث اتصافه بأعيان الأشياء على حسب ما يعطي الوهم لا على حسب ما الأمر عليه في نفسه .
وهذا أمر معلوم عند القلب العارف مقطوع به، والضرورة عنده في هذا الشهود واضحة، وذلك معنی وسع القلب للحق تعالى.
فإذا كان القلب واسعا للحق تعالی كان واسعا لجميع صفاته وحضراته بالأولى
فهو أوسع من الرحمة الإلهية .
وإذا اعتبر وسع الرحمة لكل شيء إيجادا وإمداد هو عين وسعها للصفات والأسماء والحضرات الإلهية.
ومن جملة ذلك قلب العارف بالله تعالى، فالرحمة أوسع حينئذ من قلب العارف ، وإن اعتبر حال القلب أنه هو عين الرحمة كانت الرحمة مساويا للقلب (هذا الكلام (مضی)، أي تقرر وتم تحريره.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما) أي ليس (لها هذا الحكم) أي حكم الغني عن العالمين وكذلك الألوهية (فبقي الأمر) أي الشان الإلهي (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما نستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاق إلا عين هذه الذات) وإن كانت غيرها من وجه فكانت الذات مستحقة بالغني عن العالم من حيث الأحدية ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية .
قال رضي الله عنه : (فلما نعارض الأمر) الإلهي (بحكم النسب) أي بحکم الاسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه) قوله :
من الشفقة على عباده) بيان لما وهو قوله تعالى : "والله رؤوف  بالعباد" [آل عمران: 30] إذ ربوبيته يتحقق بهم فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ثم الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فأول ما) أي فأول شيء (نفس) الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العائم فتنفس عنها أولا دفعة للكرب فشبه بتنفس الإنسان لأن المتنفس ما تنفس إلا لإزالة الكرب .
فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس فكان الحق مرحوما بنفسه وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا .
فأول مبتدأ وخبره عن الربوبية (بنفسه) يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه (المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم) أي هذا النفس الذي نفس به الحق عن الربوبية منسوب إلى الرحمن بسبب إيجاد الحق العالم قوله (بإيجاده) يتعلق بنفس (الذي تطلبه الربوبية عن الله بحقيقتها) أي بحسب اقتضائها الذاتي كما أن استغناء الحق بحسب ذاته وحقيقته كذلك طلب الربوبية بحسب حقيقتها فلما نفس الحق عنها ظهر آثارها فزال الكرب عنها بظهور آثارها .
يعني لو لم يظهر آثارها لتجد الكرب فأظهر الله آثارها لئلا تجد الكرب المحال في حقه تعالى وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (وجميع ) يجوز أن يعطف على الربوبية المجرورة أي نفس عن الربوبية وعن جميع (الأسماء الإلهية) ويجوز أن يعطف على الربوبية المرفوعة أي وتطلبه جميع الأسماء الإلهية وكلاهما حسن لكن يدل على أن المراد هو الوجه الأول قوله في الفص العيسوي : العالم ظهر في نفس الرحمان الذي نفس الله به عن الأسماء الإلهية
قال رضي الله عنه : (فثبت من هذا الوجه) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات (أن رحمته وسعت كل شيء) اسما كان أو عينا (فوسعت الحق) لأنه عين الأسماء من وجه، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء وليس مرحوما بحسب الذات .
فثبت بلسان الخصوص أن الحق كان راحما ومرحوما بهذا الوجه فعلى لسان الخصوص .
قال رضي الله عنه : (فهي) أي الرحمة (أوسع من القلب) لشمولها القلب والحق من حيث أسمائه والقلب لا يسع نفسه (او مساوية له في السعة) باعتبار أن القلب يسع نفسه من حيث الإحاطة العلمية (هذا مضی) أي تم الكلام في القلب والرحمة وسعتهما.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.  والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.  فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
 
لا عين للألوهية إلا بالمألوه وجودا وتقديرا. فأما وجودا: فلا ألوهية بالفعل ما لم يكن المألوه بالفعل.
وأما في التقدير: فلا ألوهية في عالم التقدير إلا بالمألوه المقدر وذلك حال کل متضايفين.
وأما حضرة الغني عن العالمين، فهي حضرة الذات لا حضرة الصفات والأسماء.
قال وليست الربوبية في الحقيقة والاتصاف إلا عين هذا الذات الغنية،
فإذن إنما وصف الحق تعالی نفسه بالشفقة على عباده لصحة نسبهم إلى ذاته من حيث أسماؤها التي ليس هو غيرها.
قال: ولما كان الإيجاد رحمة، فهو أول رحمة وسعت كل شيء، فشملت الرحمة أسمائه الحسنى حيث حصل لها بالايجاد عالما نفس من كرب الأسماء الإلهية باعطائها ما طلبته من حقائق العالم.
قال: فلما وسعت الرحمة العالم والأسماء الإلهية كانت أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
وأعلم أنه، رضي الله عنه، ذكر عقيب هذا مسألة التجلي،.
فكأن قائلا قال: هل التجلي يجيء على وفق القلب أم القلب يجيء على وفق التجلي؟
فصرح الشيخ، رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف إلَّا عين هذه الذات .هذا مضى .  " .)
يعني رضي الله عنه : أنّ الربوبية لكونها ذاتية للربّ هي عينه ، لأنّها لو لم تكن عينه ، لكانت غيره من جميع الوجوه ، فلم تكن الذات بدونها ربّا ، واحتاجت إلى ذلك الغير في كونها ربّا والذات غنيّة ، وربوبيتها ليست غيرها ، فهي عينها .
 
قال رضي الله عنه : (« فلمّا تعارض الأمر بحكم النسب ، ورد في الخبر ما وصف
الحق به نفسه من الشفقة على عباده ، فأوّل ما نفّس عن الربوبية  بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فثبت من هذا الوجه أنّ رحمته وسعت كل شيء « ووسعت ما وسعه القلب وهو الحق » فهي أوسع من القلب.هذا مضى ") .
 
ولكن يقال في « كلّ شيء » : إنّ الشيء حيث أضيف الكلّ إليه جزئي مخصوص تخصّص بحسبه ، فيكون معناه كلّ واحد واحد من الأشياء ، وحينئذ لا يتناول الحق ، لأنّه يتعالى عن أن يكون جزئيّا ، وكذلك القلب الذي وسع الحق ، فإنّه كلَّي ، لكونه أحدية جمع جميع الحقائق القابلية المظهرية ، فلا يدخل تحت « كلّ شيء » إلَّا أن يكون معنى « كلّ شيء » جميع الأشياء .
قال - رضي الله عنه - : " أو مساوية له في السعة" . يعني الرحمة ، من كونها وسعت الحق كما وسعه القلب . وهو الحق.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه : "والحق من حيث ذاته غنى عن العالمين ، والربوبية ما لها هذا الحكم ، فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم ، وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات"
فالألوهية التي هي الحضرة الأسمائية ، والربوبية التي هي حضرة الأفعال الصادرة عن الأسماء تطلب العالم بما فيه ولم تثبت إلا به لأنها من الإضافيات فلا عين لها بدون المضاف وجودا وتقديرا ، يعنى عينا وذهنا ، فالربوبية ما لها غنى عن العالمين بل الغنى عن الكل ليس إلا الذات وحدها ، فالأمر ذو وجهين :
غنى من وجه ولا غنى من وجه ، وليست الربوبية في الحقيقة غير الذات لأنها نسب اعتبرت في الذات لا عين لها .
 فالرب ليس إلا الذات مع نسب اعتبارية لا عين لها ، وإلا لكان الله تعالى محتاجا في ربوبيته إلى تلك العين ، وكان محتاجا إلى الغير فلما تعارض الأمر بحكم النسب لاقتضائه من حيث الذات الغنى .
"" أضاف بالي زادة : - أي حكم الغنى عن العالمين وكذلك الألوهية وإن كانت غيرها من وجه ، فكانت الذات مستحقة بالغنى عن العالم من حيث الأحدية ، ومستحقة بالافتقار إليه من حيث الربوبية اهـ  ""

ومن حيث النسب اللاغنى "ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده "
 لأن الحق هو الذي يتحقق به كل شيء وهو الاسم الذي يتجلى به في القيامة ليحكم بين الناس بالحق أي بالعدل ، فيكون هو الرب المطلق رب العالمين ، فيقتضى الشفقة والرحمة على عباده لتوقف الربوبية عليهم .
 
قال رضي الله عنه : " فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية ، فيثبت من هذا الوجه أن رحمته "وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " - فوسعت الحق ،فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة . هذا مضى "
ما في ما نفس مصدرية ، أي أول تنفيسه عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الشامل بجميع الأسماء ، وهو التنفيس بإيجاده العالم الذي تطلبه الحضرة الربوبية وجميع الأسماء الإلهية فيثبت ، وفي نسخة : فثبت من هذا الوجه ، أي باعتبار الحضرة الأسمائية من حيث الإله والرحمن والرب أن رحمته " وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ " حتى الحق .
فيكون الحق من حيث الأسماء مرحوما بالرحمة الذاتية ، إذ لو لم يكن العالم واعتباراته لم يكن للنسب الأسمائية وجود ، والغنى مصروف إلى الذات وحدها ، والرحمة أوسع من القلب من حيث أنه شيء من الأشياء أو مساوية له من حيث أنه وسع الحق بجميع أسمائه .
وجميع الأسماء مرحومة من حيث أنها أسماء لا من حيث أنها عين ذات الحق ، وكذا القلب حينئذ ، يعنى إذا وسع الحق ليس إلا الذات وأسماؤه إذ لا شيء عند تجلى الحق غيره ، ولا للقلب ولا للعالم وجود.
"" أضاف بالي زادة : (بحكم النسب) أي بحكم الأسماء باقتضاء بعضها لطفا وبعضها قهرا (ورد في الخبر) وهو قوله تعالى : "والله رَؤُفٌ بِالْعِبادِ " إذ ربوبيته تتحقق بهم ، فكانت الربوبية أول صفة تطلب من الله وجود العالم ، ثم الأسماء الإلهية اهـ
(فأول ما نفس) عنه الحق (عن الربوبية) لأنها أول شيء طلب وجود العالم فتنفس عنها أولا دفعا للكرب ، فشبه بتنفس الإنسان لأنه ما تنفس إلا لإزالة الكرب ، فكان المتنفس مرحوما لوجدانه الراحة بالنفس ، فكان الحق مرحوما (بنفسه) وهو إيجاد العالم تشبيها لا تحقيقا (فأول) مبتدأ وخبره (عن الربوبية) بنفسه يتعلق بنفس أي نفس بسبب نفسه اهـ ""
يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره ، ( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما.اهـ
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:48 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة :  الجزء الثاني
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والحقّ من حيث ذاته غنيّ عن العالمين ، والربوبيّة ما لها هذا الحكم ) ضرورة احتياجه إلى المربوب .
ثمّ إنّ الربوبيّة لما كان أنزل من الالوهيّة فهي أشمل ضرورة اقتصر عليها قائلا : ( فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبيّة وبين ما تستحقّه الذات من الغنى عن العالمين ، وليست الربوبيّة على الحقيقة ) عند الثبوت ( والاتّصاف ) عند الإثبات ( إلَّا عين هذه الذات ) - كما سبق تحقيقه مرارا
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلما تعارض الأمر ) بين الاحتياج والغنى ( بحكم النسب ) التي هي العين حقيقة واتّصافا ، فإنّه بالنسبة إلى الذات عينها يستلزم الغناء ، وبالنسبة إلى الأسماء التي هي عينها يقتضي الاحتياج ( ورد في الخبر ما وصف الحقّ به نفسه من الشفقة على عباده ) وما كتب على نفسه من الرحمة عليهم ، وذلك لأنّ الشفقة على العباد وكتابة الرحمة عليهم فيها معنى الاستغناء مع الاحتياج على ما لا يخفى .
 
سعة الرحمة
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأوّل ما نفّس عن الربوبيّة بنفسه المنسوب إلى الرحمن ) فإنّ الرحمة هي الوجود ، فنسب إليه النفس ( بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبيّة بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهيّة ) .
( فيثبت من هذا الوجه ) الذي يتكلَّم فيه لسان الخصوص ( أنّ رحمته وسعت كلّ شيء ، فوسعت الحقّ ، فهي أوسع من القلب ) بناء على أنّ الرحمة الوجوديّة لها الإحاطة بالأشياء ، ومنها القلب ، فهي أوسع منه ضرورة أنّه لا يسع نفسه .
ثمّ إنّ من شأن القلب الإحاطة بسائر المتقابلات وبنفسه أيضا إحاطة علميّة  وإليه أشار بقوله :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أو مساوية له في السعة ، هذا مضى ) مما تكلَّم به لسان العموم ولسان الخصوص .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.  فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم. وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات. فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (والحق سبحانه من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية ما لها هذا الحكم) ، أي حكم الغني لافتقارها إلى المربوب، وإنما اقتصر على الربوبية لأنها أنزل من الألوهية فهي مستلزمة لها (فبقي الأمر) دائرا (بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم وليست الربوبية على الحقيقة والانصاف إلا عين هذه الذات).
أي من نظر إلى حقيقة الأمر ونصف من نفسه حکم بأن الربوبية عين الذات بمعنى أنه ليس في الخارج إلا الذات، فإن الربوبية نسبة عقلية لا وجود لها في الخارج وإن أتصل بنا الموجود الخارجي.
وذهب بعض الشارحين إلى أن الاتصاف افتعال من الوصف وجعله عطف على الحقيقة ، ولا يخلو عن سماحة ولو جعل على هذا معطوفة على الربوبية، أي ليست الربوبية و اتصاف الذات بها إلا عين الذات لكان أحسن.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلما تعارض الأمر)، أي أمر الذات (بحكم النسب)، أي نسبة المعنى وأن لا عين ولم تبق الذات على صرافة المعنى .
(ورد في الخبر) النبوي الوارد بأنصاف الحق سبحانه بالنفس المنبئ عن التنفيس الذي هو عين الذات من وجه .
(ما وصف الحق به نفسه) حيث قال : والله رؤوف بالعباد (من الشفقة) الواقعة (على عباده) وكما أن عباده تتعلق بهم الشفقة والرحمة فكذلك تتعلق به أيضا الشفقة والرحمة التي هي التنفس عن کرب الأسماء
 
قال رضي الله عنه :  (فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية. فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه :   (فأول ما نفس)، أي أول تنفيسه على أن تكون ما مصدرية هو التنفيس (عن الربوبية) أول تنفيسه من الربوبية (بنفسه المنسوب إلى الرحمن) إنما هو (بإيجاد العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها) الطالبة لوجود العالم .
فقوله : فأول ما نفس، مبند خبره أما قوله : عن الربوبية أو قوله بایجاد العالم و قوله : (وجميع الأسماء الإلهية) إما مجرور عطفا على الربوبية التي هي مدخول عن أو مرفوع عطفا على الربوبية .
التي هي فاعل تطلبه وأما جعل "ما" في و"ما نفس" موصولة فوجه صحته غير ظاهر .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فثبت من هذا الوجه) الذي يتكلم به لسان الخصوص (أن رحمته وسعت كل شيء) حقا كان أو خلقا (فوسعت)، أي الرحمة (الحق) أيضا (فهي)، أي الرحمة (أوسع من القلب) فإنها وسعت القلب وما سواه والقلب لا يسع نفسه ، هذا إذا اعتبر سعة القلب باعتبار انطوانه علی الحقائق كلها.
وأما إذا اعتبرت باعتبار العلم فهو يسع نفسه أيضا فتكون الرحمة حينئذ مساوية له في السعة، وإنى هذا أشار بقوله : (أو مساوية له في السعة هذا) الذي تكلم به لسان العموم و الخصوم (مضی) وبعد الكلام في بيانه قد انقضى.
 
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين. والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.  هذا مضى،)
 
قال رضي الله عنه :  (والحق من حيث ذاته غني عن العالمين والربوبية مالها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغني عن العالم، وليست الربوبية على الحقيقة والإنصاف "الإتصاف" إلا عين هذه  الذات، فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده، فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة).
فالحق تعالى من حيث ذاته الأحدية غني عن العالمين، بل غني عن أسمائه، إذ ليس ثمة من يتفرق إليه أو يتسمى له.
وكان الله ولم يكن معه شيء، فالربوية والألوهية وغيرهما من المراتب الأسمائية والنسب الإضافية ما بها هذا الحكم، وهو الغني عن العالمين.
بل لها طلب العالمين لتظهر آثارها.
وهذا الطلب هو الذي عبر عنه سيدنا بالافتقار في قوله:
( الكل مفتقر ما الكل مستغني )
وأنكره الجم الغفير إلا من رحم ربك .
ولا شك أن كل طالب فاقد لما هو طالبه ، وكل فاقد مفتقر لما هو فاقده، وإن كان بين من يطلب يؤثر ويظهر سلطانه وبين من يطلب ليتأثر وينفعل فرقان، فبقي الأمر والقصة المتحدث عنها دائرا بين طالب ومستحق، فالربوبية تطلب ظهور حقائق الأسماء الربية والذات الأحدية مستحقة الفناء عن العالمين.
فإنها بذاتها تنفي أن يكون معها غير وسوى، إذ ليس في الذات الأحدية ما يطلب العالم، ولو كان في الأحدية ما يطلب العالم لم يصح کونه غنيا، ولو كان أسم الغني ما ثبت إلا بتقدير العالم، وما ألطف تعبيره بالطلب في حق الربوبية ، وبالاستحقاق في حق الذات الأحدية.
وليست الربوبية الطالبة الظهور حقائق الأسماء على الحقيقة والنظر بالإنصاف إلا عين هذه الذات الأحدية المستحقة الفناء عن العالم، فإنها بعينها تنزلت من أحذيتها إلى مرتبة الألوهية ، والربوبية، وهي هي فاسمها عينها.
إذ الاسم لما كان يدل على المسمى بحکم المطابقة فلا يفهم منه غير مسماه ، فهو عينه صورة أخرى تسمى اسما. فالاسم اسم له ولمسماه .
فلما تعارض الأمر بسبب حكم النسب الإلهية واختلافها فإن النسبة الربية حكمها ومطلوبها إيجاد العالم ونسبة الفناء حكمها ومستحقها عدم إيجاد العالم.
ورد في الخبر ما وصف الله به نفسه على ألسنة رسله عليهم الصلاة والسلام من الشفقة على عباده والرحمة لهم والرأفة بهم.
وورد أنه بغضب ويرضى، تقول الرسل يوم القيامة : " إن ربي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ، ولن يغضب بعده مثله".
وإزالة الغضب رحمة لما فيه من التنفيس عن الغضبان ، وغير هذا من الصفات والأسماء السمعية التي تدل على تنزله من سماء الأحدية إلى ما تطلبه الأسماء الإلهية.
فأول ما نفس عن الأسماء الربية بنفسه المنسوب إلى الرحمن الذي أخبر عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم  بقوله: "إن نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن"
وتنفیسه عن الأسماء هو بالإذن لكل اسم أن يظهر بحقيقته فيثبت من هذا الوجه تنفیسه عن الحضرة الربية أن رحمته وسعت كل شيء ، فوسعت الحق تعالى لا من حيث عموم أنها وسعت كل شيء لأن الحق ليس بشيء فوسعت رحمته أسمائه.
أو يقال : وسعت ذاته . فإنها المقتضية لإيجاد العالم في الحقيقة.
فإنه تعالى يقول في بعض الكتب الإلهية : "کنت کنزا لم أعرف فأحببت أن أعرف فخلقت خلقا وتعرفت إليهم "
ومن أحبت نفسه شيئا وأعطاها إياه فقد رحمها، فإنه تعالى لما ذكر المحبة علمنا من حقيقة الحب ولوازمه ما يجده المحب في نفسه.
هذا إذا اعتبرت الرحمة صفة، فأما إذا اعتبرت الرحمة عين الذات فالشيء لا يسع نفسه ولا بضيق عنها.
فالرحمة إذا أعتبرت صفة فهي أوسع من القلب لأنها وسعت الحق ونفست عنه . والقلب ما نفس عن الحق شيئا أو مساوية له في السعة، حيث إنها وسعت كل شيء . والقلب وسع الحق - تعالى - فوسع كل شيء.
فالقلب وسع الحق تعالى كما وسعته الرحمة ، فإنه تعالى يغار على قلب عبده المؤمن العارف أن يكون فيه غير ربه فأطلع، أنه صورة كل شي، وعين كل شيء . فوسع كل شيء قلب العبد المؤمن العارف، لأن كل شيء حق، فما وسعه إلا الحق. فمن علم الحق من حقيقته فقد علم كل شيء ، وليس من علم شيئا علم الحق.
وعلى الحقيقة فما علم العبد ربك الشيء الذي يزعم أنه علمه ، لأنه لو علم ، لعلم أنه الحق، فلما لم يعلم أنه الحق قلنا إنه لم يعلمه .
و قول سیدنا (هذا مضی) .
يقول رضي الله عنه : إن الكلام على سعة قلب العبد المؤمن العارف، والتنظير بين سعته وسعة الرحمة الإلهية قد مضى وتم.
وذات يستلزم ويستطرد الكلام على التجلي الإلهي لهذا القلب المؤمن العارف بالله ، وكيف بتنوع القلب بتنوع التجلي في الصور .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:48 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : (ثم لنعلم) أيها السالك (أن الحق تعالی كما ثبت في الحديث الصحيح) عن رسول الله كما ذكرناه فيما مر (يتحول) يوم القيامة (في الصور) المختلفة (عند التجلي)، أي الانكشاف لأهل المحشر (و) لتعلم (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) العارف به (لا يسع غيره من جميع المخلوقات)، لأنها كلها صور تجلياته سبحانه التي لا محيص للعارف عنها في حال رؤيته تعالى، فهي من ضرورات التجليات الإلهية مع أنها عدم محض والوجود هو المشهود منها.
(فکانه)، أي الحق تعالى (يملأه)، أي القلب فكيفما توجه رأى صورة نجليه سبحانه كما قال تعالى : " فأينما تولوا فثم وجه الله" [البقرة: 115].
قال رضي الله عنه : (ومعنى هذا)، أي كون القلب لا يسع غير الحق تعالی (أنه)، أي القلب (إذا نظر إلى الحق) تعالی (عند نجليه)، أي انکشافه (له) بنوع من صور الانكشاف في الحس أو العقل (لا يمكن) القلب (أن ينظر معه)، أي مع الحق تعالى (إلى غيره)، أي غير الحق تعالی أصلا ، لأنه لا غير معه تعالی عند تجليه له .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف) بالله تعالى (من) جهة (السعة كما)، أي كالوصف الذي (قال أبو يزيد البسطامي) قدس الله سره (لو أن العرش) العظيم الذي هو أكبر الأجسام (وما حواه)، أي العرش من جميع العوالم المختلفة في الدنيا والآخرة (مائة ألف ألف) بالتكرار (مرة) وأكثر من ذلك (في زاوية)، أي ناحية (من زوايا)، أي نواحي (قلب العارف) بالله تعالى (ما أحس) قلب العارف (به).
أي بذلك العرش ومائة ألف ألف مرة مثله، وذلك لأن القلب إذا عرف الحق تعالى، وتحقق أنه الوجود المطلق الذي كل موجود بالنسبة إليه عدم صرف.
فكيف يدرك ما دام كذلك معدوما من الأشياء في الحس أو العقل، إلا إذا غفل عن ذلك الوجود المطلق المذكور، وفي حالة الغفلة ليس هو بعارف.
قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد) البغدادي قدس الله سره (في) مثل (هذا المعنى المذكور (إن) الشيء (المحدث إذا قرن بالقديم)، أي اعتبر مقابلا له ومنسوبة إليه (لم يبق له)، أي لذلك الشيء المحدث (أثر)، ولا عين واضمحل بالكلية، لأن الوجود الذي ذلك الشيء ظاهر به هو مقدار ما انكشف من وجود القديم سبحانه، ولا وجود لذلك الشيء من نفسه أصلا.
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم) سبحانه من حيث رؤية نفسه ظاهرا بانکشاف نور وجوده له (كيف يحس)، أي يدري (بالمحدث) من الأشياء (موجودا) ولا وجود في شهوده إلا القديم.
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : (ثم ليعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الخبر الصحيح بتحول في الصور عند التجلي) لأهل الحشر في يوم القيامة (و) تتعلم (أن الحق) تعالى (إذا وسعه القلب لا يسعه) أي لا يسع القلب (معه) أي مع الحق (غيره) أي غير الحق (من المخلوقات) بيان لغير الحق.
قال رضي الله عنه : (فكأنه يملاه) أي فكان الحق يملأ القلب (ومعنى هذا) القول (أنه) أي القلب (إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن للقلب (معه) أي مع نظره إلى الحق (أن ينظر) معه (إلى غيره) الغيوية الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند تجلي الحق فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب .
وإنما يمنع نظره إلى الغير فكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء فما نظر إلى شيء إلا والحق يظهر له فيه وفي الحقيقة لا يسع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق أو غير الحق .
قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة كما) أي مثل الذي (قال أبو يزيد البسطامي لو أن العرش وما حواه) أي مع ما اشتمل عليه (مائة ألف ألف مرة) أي بحيث لا يعد ولا يحصى إلا الله (في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به) لأن القلب يسع تجليات غير متنامية والعرش وما حواه على أي وجه يفرض يكون متناهيا والقلب الواسع بتجليات غير متناهية غير متناه فكيف يحس المتناهي الوجود في زاويته لكون نظر ذلك العارف إلى الحق لا إلى الغير.
""أضاف المحقق : هو عمر بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله البسطامي (475 - 562 هـ) (ضياء الذين) محدث،صوفي، مفسر، فقيه، أديب ، من آثاره: لقطات العقول، أدب المريض والعائد، مزاليق العزلة.""
(وقال الجنيد في هذا المعنى) أي في معنى ما قال أبو يزيد (أن المحدث إذا قرن بالقديم) أي إذا تجلى القديم للحادث (لم يبق له أثر) من الوجود لفناء وجود الحادث عند تجلى الذات القديمة له بالصفة القديمة وهذا التجلي لا يكون إلا بالقلب واسع للقديم .
""أضاف المحقق : الجنيد بن محمد بن الجنيد البغدادي الخراز (279 هـ - 910 م) (أبو القاسم) الهوني من علماء الدين مولده ومنشأه ووفاته في بغداد، كان يعرف بالقواريري نسبة إلى عمله بالقوارير، وعرف أيضا بالخزاز لأنه كان يعمل بالخز، قال أحدهما: حريره ما رأت عيناي مثله، الكتبة يحضرون مجلسه لألفاظه والشعراء لفصاحته والمتكلمون لمعانيه. وهو أول من تكلم بعلم التوحيد في بغداد.""
قال رضي الله عنه : (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) قوله : (موجودا) حال من المحدث

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.  وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
صرح الشيخ رضي الله عنه، أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد.
قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.   و الباقي ظاهر

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : « ثمّ لتعلم أنّ الله تعالى كما ثبت في الصحيح يتحوّل في الصور عند التجلَّي . وأنّ الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره من المخلوقات ،
فكأنّه يملؤه ،ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحق عند تجلَّيه له ، لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره"
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ أحدية الحق الذي لا يقتضي معيّة غيره تقتضي بأن لا يتعلَّق النظر القلبي عند التجلَّي إلَّا به لا غير .
 
قال رضي الله عنه : " وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطاميّ سلام الله عليه : لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ، ما أحسّ به .
وقال الجنيد رضي الله عنه : في هذا المعنى : المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ؟!."
يشير رضي الله عنه : إلى أن لا وجود للمحدث من دون الله ولا معه ، لعدم الإثنينية في مقام وحدته .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه : "ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملأه ، ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر إلى غيره معه ".
 يعنى أن الحق المتجلى المتحول في الصور إذا تجلى للقلب بصورة الأحدية لا يبقى معه شيء ، إذ الأحدية الذاتية تقتضي أن لا يكون معه شيء فلا ينظر القلب حينئذ إلا به ولا يرى إلا إياه فلا يحس بنفسه ولا بغيره
"" أضاف بالي زادة :  ( فيثبت من هذا الوجه ) وهو اعتباره من حيث الأسماء والصفات ( إن رحمته وسعت كل شيء ) اسما كان أو عينا ( فوسعت الحق ) لأنه عين الأسماء من وجه ، فكان الحق مرحوما من حيث الأسماء ، وليس مرحوما بحسب الذات ، فثبت بلسان الخصوص كونه راحما ومرحوما بهذا الوجه اهـ بالى .
( هذا مضى ) أي تم الكلام في القلب والرحمة فوسعتهما اهـ
 ( لا يمكن أن ينظر إلى غيره ) لغيبوبة الغير عن نظره بسبب نظره إلى الحق عند التجلي ، فلا يمنع ذلك التجلي وجود الغير مع الحق في القلب ، وإنما يمنع  نظره إلى الغير وكانت الغيرية مسلوبة في نظره لظهور الحق له في كل شيء ، فما نظر إلى الشيء إلا والحق يظهر له فيه ، وفي الحقيقة لا يسمع نظر القلب إذا نظر إلى الحق مع الحق غير الحق اهـ.
 لأن القلب يسع تجليات غير متناهية ، والعرش وما حواه يكون متناهيا ، فكيف يحس المتناهي الموجود في زاويته أهـ بالي زادة  ""
 
قال رضي الله عنه : "وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به .وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر ،والقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا".
 هذا معلوم مما مر ، فإن الحق إذا تجلى تحقق قوله – " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " - فلا شيء معه .
"" أضاف بالي زادة :  (إن المحدث إذا قرن ) أي إذا تجلى القديم الحادث لم يبق له أثر لفناء وجود الحادث عند القديم اهـ
( فإنه لا يفضل ) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها ويضيق غيرها اهـ بالى .
فحينئذ يتبع التجلي المتجلى له فهذا بالنسبة إلى الفيض المقدس فالمراد بقوله ( وهذا عكس ما تشير ) إعلام منه باختصاص إظهار هذا المعنى بنفسه بالتفرد فيه اهـ. ""
 
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : (ثم ، لتعلم أن الحق تعالى ، كما ثبت في الصحيح ، يتحول في الصور عند التجلي ، فإن الحق تعالى إذا وسعه القلب ، لا يسعه معه غيره من المخلوقات ، فكأنه يملأه ) .
يريد أن يبين اتساع القلب ويؤمي إيماء لطيفا إلى أصل يستند تقلب  القلب إليه ، وهو التحول الإلهي في صور تجلياته ، كما ثبت في الحديث .
ولما كان التجلي بحسب استعداد المتجلى له ، فالقلب الذي يسع الحق  لا يكون إلا لمن له استعداد جميع التجليات الإلهية الذاتية والأسمائية ، وإذا وسعه ، لا يسع معه غيره من المخلوقات - وذلك إما لفناء غير الحق عند تجليه في نظر المتجلى له ، كما إذا تجلى بالأحدية ، فإن الكثرة تضمحل وتفنى عنده فالمتجلى له لا يشعر لنفسه فضلا على غيره ولا يرى ذاته أيضا إلا عين الحق حينئذ ، أو لاختفاء الأغيار عند ظهور أنوار الحق في نظر المتجلى له ، كاختفاء الكواكب عند طلوع الشمس مع بقاء أعيانها - ولما كانت السعة مقتضية للإثنينية - إذ لا يقال :
الشئ يسع نفسه - فسر بالمعنى الثاني : ( ومعنى هذا ) أي ،
ومعنى قولنا : ( إذا وسعه القلب ، لا يسع معه غيره ) ،

قال رضي الله عنه : ( أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له ،لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره).
لاشتغال القلب بكليته إلى الله تعالى واختفاء الأغيار بنور الواحد القهار .

قال رضي الله عنه : (وقلب العارف من السعة ، كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به " . )
لأن القلب يحصل له السعة الغير المتناهية عند تجلى من هو غير متناه .
والعرش وما فيه ، على أي مقدار يفرض ، يكون متناهيا ، ولا نسبة بين المتناهي وغير المتناهي .

قال رضي الله عنه : (وقال الجنيد في هذا المعنى : ( إن المحدث إذا قرن بالقديم ، لم يبق له أثر ، وقلب يسع القديم ، كيف يحس بالمحدث موجودا ) . )
هذا تأكيد لقول أبى يزيد قدس الله روحه . أي ، أن الحق إذا تجلى ، يفنى ما سواه ، فلا يبقى لغيره وجود فضلا عن أثره .
وإن قلنا إنه باق عند تجلى القديم ، فكيف يحس بالمحدث قلب تجلى له الحق ونوره بأنواره وشغله لذاته ؟
قوله ( موجودا ) حال من ( المحدث ) . أو مفعول ثان لقوله : ( يحس ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
ثم أشار إلى أن القلب مع غاية سعته هل تجتمع فيه التجليات المختلفة للحق أم لا؟
وهل يتسع معه للخلق أم لا؟
فقال: (ثم) أي: بعد معرفة اتساع القلب (لتعلم أن الحق تعالی کما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي) في القيامة، فيتجلى في صورة
تنكرها الخلق، ويقولون: نعوذ بالله منك لست ربنا، ثم يتجلى في صورة يعرفونها؛ فيقولون: أنت ربنا، ويسجدون له، هذا حاصل ما في صحيح مسلم.
فدل على أنه لا يتسع لجميع تجلياته كما لا يتسع للخلق مع الحق، (وأن الحق تعالی إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات)، ولو في حق الكامل الذي لا يحجبه الحق عن الخلق و بالعکس.
(فكأنه) أي: ما تجلى فيه من صورة الحق (يملؤه)، وإن كان في نفسه واسعا لا تنقاس جميع تجلياته ولا تنقاس صور الخلق معه، بحيث يمكنه الالتفات إلى ذلك في الجملة .
وعلى هذا الوجه (معنى هذا) أي: عدم اتساعه للخلق مع الحق، (أنه إذا نظر) أي: التفت إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره من المخلوقات، وإن كانت صورهم منتقشة فيه؛ لأنه لبساطته وجد أن الفعل.
فلا يمكنه الالتفات إلى صورة للخلق مع الالتفات إلى غيرها من صور الخلق، وإن كان الكل منتقشا فيه، بحيث لا يحتاج في تحصيلها إلى تعمل وتذكر.
ولذلك قلنا: (قلب العارف من السعة) لصور الخلق والحق، (كما قال أبو يزيد البسطامي: لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي إلى العرش (مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به)، وهذا يدل على انتقاش الكل فيه مع أنه لا يمكنه الالتفات إليه مع التفاته إلى الحق.
ولذلك (قال الجنيد في هذا المعنىإن المحدث إذا قرن مع القديم لم يبق له أثر)، كما لا يبقى لصور المسرح والكواكب أثر عند إشراق الشمس، ولفظ «قرن» دل على أنه منتقش، لكنه غير ملتفت إليه.
وبينه الشيخ رحمه الله بقوله: (وقلب يسع القديم) الذي لا يتناهى لا يضيق عن شيء، لكنه (كيف يحس بالمحدث موجودا) مع أن وجود المحدث ظل لوجود القديم ولا ظل مع إشراق الشمس بلا حجاب.
ولذلك ورد "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
"" الحديث : قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:"  إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور - وفي رواية أبي بكر: النار - لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» رواه مسلم و رواه ابن ماجة ومسند أحمد  ومسند أبي داود الطيالسي الأسماء والصفات البيهقي ومسند البزار وابن منده ، التوحيد لابن خزيمة والشريعة للآجري وغيرهم   ""
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:49 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة :  الجزء الثاني 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ ليعلم أنّ الحقّ تعالى - كما ثبت في الصحيح  يتحوّل في الصور عند التجلَّي ) أيّ الصور كلَّها ، فإنّها الجمع المحلَّى ، وهو يستغرق الأفراد الغير المتناهية كلَّها .
 
سعة القلب وضيقه
قال رضي الله عنه :  (وأنّ الحقّ تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات ، فكأنّه يملؤه ) بأحديّة جمعيّته التي لا يمكن أن يكون معه غيره ، لامتناع أن يكون الخارج من الغير المتناهي شيئا ( ومعنى هذا أنّه إذا نظر إلى الحقّ عند تجلَّيه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره ) وهذا من كمال إحاطة الحقّ بالكلّ ، لا من ضيق القلب ، كيف...
( وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي : " لو أنّ العرش وما حواه مائة ألف ألف مرّة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحسّ به " ) .
وذلك لأنّ هذا كلَّه متناه ، وهو مندرج في أحديّة جمع الصور الغير المتناهية ، مندمج فيها ، فلا يحسّ به أصلا .
قال رضي الله عنه :  (وقال الجنيد في هذا المعنى : « إنّ المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر » ) وفي عبارة الجنيد زيادة بيان لذلك المعنى ، فإنّ المحدث - المحصور بين الحاصرين - إذا قرن بالقديم الذي لا يحصره حدّ لم يبق له أثر . فإنّه مندمج فيه ، فلا يحسّ بوجوده أصلا ، وإن كان فيه .
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( وقلب يسع القديم كيف يحسّ بالمحدث موجودا ) وإن أحسّ به في ضمن الموجود . ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه. ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره. وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه )
قال رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أن الحق تعالی كما ثبت في الصحيح بتحول في الصور) المختلفة (عند التجلی) بالسعة والضيق فتارة بتجلي في هذه الصورة وتارة في تلك الصورة.
(و) لنعلم أيضا (أن الحق تعالى إذا وسعه القلب) وصار مجلی له (لا يسع معه غيره من المخلوقات) ولا تبقى فيه فضلة يحل فيها غير الحق سبحانه (فكأنه يملأه) حتى لا يبقى منه فضلة للغير.
قال رضي الله عنه :  (ومعنى هذا) الذي ذكرنا من أنه إذا تجنى الحق لم يسع القلب غيره (أنه إذا نظر إلى الحق عند تجلبه له لا يمكن معه أن ينظر إلى غيره) لانحيازه بالكلية إليه و انتهار الأشياء تحت قهر التجلي.
قال رضي الله عنه :  (وقلب العارف من السعة) والإطلاق إنما هو (كما قال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره: (لو أن العرش وما حواه) العرش من الكرسي والسموات والأرضين وما فيها من أنواع الموجودات .
(مائة ألف ألف مرة) وتقع (في زاوية من زوايا القلب العارف ما أحس به)، لأنه لا قدر له محسوسة بالنسبة إلى التجليات الغير المتناهية التي يسعها قلب العارف فإن العرش وما فيه على أي مقدار فرضي يكون متناهيا لا قدر المتنامي في أي مرتبة كان من الكثرة بالنسبة إلى غير المتناهي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال الجنيد رضي الله عنه في هذا المعنى إن المحدث) المتناهي (إذا قرن) في قلب العارف (بالقديم) الغير المتناهى بتجلياته (لم يبق له أثر)، بل تضمحل عينه فكيف بالأثر (وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث) الذي لا قدر په حال كون ذلك المحدث (موجودا فيه).
وقوله رضي الله عنه  : موجودا حال من المحدث ويمكن أن يجعل مفعولا ثانيا للاحساس تتضمنه معنى العلم.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
 
وهو قول سیدنا رضي الله عنه : (ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي ، وأن الحق إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكنه أن ينظر معه إلى غيره. فقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي: «لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به». وقال الجنيد في هذا المعنى : إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. )
يقول رضي الله عنه : في هذه الجملة، أنه كما ثبت سعة قلب المؤمن للحق تعالى كذلك ثبت أنه تعالى يتحول في الصور يوم القيامة .
ثبت ذلك شرعا كما جاء في الصحيحين وأنه تعالى يتجلى لشهود الأمة، وفيهم منافقوها، فيأتيهم في أدني صورة فيقول لهم أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه فيتحول لهم في صورة أدنى من الأولى، فيقول لهم أنا ربكم؟
فيقولون أنت ربنا ... الحديث"،
والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا، وما زالت عنه تلك الصورة التي تحول عنها.
وكما ثبت تحوله في الصور يوم القيامة شرعا كذلك ثبت تحوله في الصور کشفا في الدنيا عند العارفين به، ما يختل عليهم شيء من ذلك، لا في البرزخ ولا في القيامة، فيعرفون ربهم في كل صورة من أدنى وأعلى،  ثم اعلم أن للحق تجليين:
"تجلي" ذاتي له استأثر الله به، فليس للخلق فيه نصيب، تعالى أن يستتر عن نفسه من تجل، أو يتجلى لنفسه على استتارة هو على ما يقتضيه ذاته من التجلي والاستتار والبطون والظهور، لا يتغير ولا يتحول ولا يلبس شيئا فيترك غيره ، بل حكم ذاته على ما هو عليه أزلا وأبدا.
وله تعالی تجلیات فعلية وأسمائية وذاتية ، وهو ما يتجلى به على قلوب عباده ويظهر لهم في أعين الناظرين، وليس ثم غيره .
والتجلي لا يكون إلا للاسم الإله والرحمن والرب وما اشتملت عليه هذه الأصول من الأسماء، لا يكون التجلي للاسم الله من حيث أنه عين الذات.
ولذا قال السامري : هذا إلهكم وإله موسى، وما قال : هذا الله الذي يدعو موسى إلى عبادته .
وكذلك لا يكون التجلي للاسم الأحد، وحيث ثبت سعة قلب المؤمن العارف للحق تعالى في تجليه له، فالضرورة أنه لا يسع معه غيره من المخلوقات، بحيث يكون فيه الحق والخلق مميزا بينهما.
هذا محال ، فالقلب مع سعته لا يسع شيئين في الآن الواحد، فلا أوسع منه ، فإنه وسع الحق تعالى .
ولا أضيق منه فلا يسع إلا الحق تعالى عند تجليه له. فكأنه يملؤه.  
ومعنى هذه العبارة، هي أن القلب لا يسع الحق والخلق مقا، فإنه إذا نظر الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره بأن ينظر الصورة التي حصل التجلي فيها، سواء كان التجلي في صورة المحسوسات أو المخيلات أو المعقولات، كصورة المرآة في الشاهد.
فإنك إذا رأيت المنطبع فيها لا تراها واجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن تری جرم المرآة لا تراها، هذا هو الحاصل الواقع، مع أن قلب العارف بالله كما قال أبو يزيد البسطامي رضي الله عنه : لو أن العرش، يعني بالعرش ملك الله وما حواه من جزئيات العالم مكررا ومضعفا مائة ألف ألف مرة في زاوية وركن من زوايا قلب العارف بالله ، ما أحس العارف بالعرش وما حواه، ولا يريد أبو يزيد الحصر في العدد بقوله (مائة ألف ألف مرة) إنما يريد ما لا يتناهی ولا يبلغه العدد.
فعبر عنه بما دخل في الوجود ويدخل أبدا، وذلك أن قلبا وسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا.
وهذا من أبي يزيد رضي الله عنه توسع على قدر مجلسه لإفهام الحاضرين.
وأما التحقيق في ذلك أن يقول : إن العارف بالله لما وسع الحق قلبه وسع قلبه كل شيء. إذ لا يكون شيء إلا عن الحق، فلا تكون صورة إلا بقلبه، يعني قلب ذلك العبد الذي وسع الحق.
وينظر إلى قول أبي يزيد رضي الله عنه ما قال الجنيد البغدادي، سيد الطائفة وإمام أهل الشريعة والحقيقة رضي الله عنه أن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وذلك حين عطس إنسان بحضرته فقال العاطس: الحمد لله تعالی!
فقال له الجنيد: اتمها یا أخي.
فقال العاطس: وأي قدر للعالم المحدث حتى يقرن مع القديم؟
فقال له الجنيد : الآن أتمها. إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر .
إن قول الجنيد هنا أتم من قول أبي يزيد.
فإن المحدث إذا قرنته بالقديم كان الأثر للقديم لا للمحدث .
فتبين لك بهذه المقارنة ما هو الأمر عليه، وهو ما قلناه .
فلا يمكن أن يجهل الأثر وإنما كان قبل هذه المقارنة بنسب إلى المحدث، فلما قرنه بالقديم رأي الأثر من القديم ورأي المحدث عين الأثر فقال ما قال.
وقلب يسع القديم كيف يحسس بالمحدث موجودا؟
وذلك أن العارف بالله أشهد والحق تعالى آیات نفسه و آيات الآفاق ، فتبين له أن ما شهده هو الحق لا غيره فعلمه بكل وجه وفي كل صورة وأنه بكل شيء محيط ، فلا يرى العارف شيئا إلا فيه، فهو تعالی ظرف إحاطة لكل شيء مما رأى شيئا، فما رأه إلا فيه.
فالحق بيت الموجودات كلها، لأنه الوجود.
وقلب العبد العارف بیت الحق لأنه وسعه ، وما صار قلب العارف بهذا الوسع إلا بكونه على صورة العالم وصورة الحق. وكل جزء من العالم ما هو على صورة الحق.
فمن هنا وصفه الحق بالسعة، وإنما العالم جميعه على صورة الحق إذا كان الإنسان في جملته وإذا ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية الباب الثالث والسبعون
فلولاه لما كنا ..... ولو لا نحن ما كانا
فإن قلنا بأنا هو ..... يكون الحق إيانا
فأبدانا وأخفاه ..... وأبداه وأخفانا
فكان الحق أكوانا ..... وكنا نحن أعيانا
فيظهرنا لنظهره ..... سرارا ثم إعلانا
كما نطلبه لوجود أعياننا فهو يطلبنا لظهور مظاهره
غير إن هنا لطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس وذلك أنه كما نطلبه لوجود أعياننا يطلبنا لظهور مظاهره فلا مظهر له إلا نحن ولا ظهور لنا إلا به فيه عرفنا أنفسنا وعرفناه وبنا تحقق عين ما يستحقه الإله.
فلما وقفوا على هذه الحقائق من نفوسهم ونفوس الأعيان سواهم تميزوا على من سواهم بأن علموا منهم ما لم يعلموا من أنفسهم واطلع الحق على قلوبهم فرأى ما تجلت به مما أعطتها العناية الإلهية وسابقة القدم الرباني استوجبوا على ربهم ما استوجبوه من أن يكونوا أهلا لهذه المجالس الثمانية والأربعين .أهـ ""
قال الأمير عبد القادر الجزائري في المواقف الروحية و الفيوضات السبوحية :
ولولا خلعة الوجود التي خلعها علينا بماذا كنا نعرفه؟!
فما عرفناه إلا به، كما ورد في بعض الأخبار النبوية : «عرفت ربي بربي».
"" الحديث : خطابا منه عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده الأصفياء، وإليها الإيماء بقوله صلى الله عليه وسلم : عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي، ولولا الله ما اهتديناورد في مدارج السالكين لابن القيم الجوزية عن ذي النون المصري وورد فى مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح  و رواه القشيري في الرسالة القشيرية عن ذي النون المصري.
 
"حديث آخر : سئل الصديق: بم عرفت ربك قال: عرفت ربي بربي
فقيل: هل يمكن بشر أن يدركه
فقال: العجز عن درك الإدراك إدراك .
وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه:
بم عرفت ربك ؟
قال: بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه" .
ورد في فيض القدير للمناوي.
 
ورد في شرح مصابيح السنة للإمام البغوي :
وإلى المرتبة الأولى الإشارة بقوله تعالى: "أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد" [فصلت: 53] . خطابا منه تعالى للنبي عليه الصلاة والسلام وهو معرفة الأقوياء من خواص عباده.
وإليها الإشارة بقوله عليه الصلاة والسلام : "عرفت ربي بربي، ولولا ربي ما عرفت ربي"، وبقوله عليه الصلاة والسلام : "لولا الله ما اهتدينا".أهـ ""
وبمعرفتنا نفوسنا عرفناه ، فإنها مقدمة معرفة الرب، ومعرفة الرب نتيجتها، وما عرفنا أنفسنا إلا به، فانظر ما أعجب هذا الأمر.
وېنا تحقق ما يستحقه الإله بن المعبودية، فإن معبودا بغیر عابد وجودا أو تقديرا غير معقول، وملك من غير مملكة لا يكون :
 
قوله:
(فلولاه لما كنا)
يرید: لولا هو إله معبود ما كنا مألوهين عابدين، ولولا هو وجود ظاهر ما كنا مظاهر وجوده، ولولا هو فاعل ما كنا قابلين.
 
قوله :
(ولولا نحن ما كانا)
يريد : ولولا نحن العابدون المألوهون ما ثبتت ألوهته، ولولا نحن المظاهر لوجوده ما كان ظاهرا، ولولا نحن القابلون لفعله وخلقه ما كان فاعلا خالقا.
فالأمر بيننا وبينه منقسم بنصفين، فلا تثبت ألوهته بدوننا موجودين أو مقدرين، كما أنه لا ظهور لوجوده بدون مظهريتنا، ولا فعل له بدون قابلیتنا للانفعال.
فإن إلها بمعنی  معبودا بدون عابد موجود، أو مقر محال، وفاعلا بدون محل قابل للانفعال محال ؛ فهو تعالى ونحن من هذه الحيثيات المذكورة كالمنتسبين، لا ثبوت للنسبة بأحدهما دون الآخر.
 قوله :
( فإن قلنا بأنا هوه …) البيت.
يريد: أننا إذا أطلقنا القول بأننا نحن الحق تعالى من جهة وجودنا فإنه لا وجود لنا إلا وجوده لا قديما ولا حادثا، فنحن هو، إذ "نحن" عبارة عن الوجود الذات الظاهر بأحوال أعياننا الثابتة في العلم أزلا وأبدا.
فمسمى الممكن المخلوق  كان ما كان ليس هو إلا الوجود الحق متعينا بأحوال ذلك المخلوق المسمى حيوانا أو إنسانا أو ملكا أو غير ذلك، مع عدم عين ذلك المخلوق بالنسبة إلى الوجود، المسمى بالوجود في الخارج.
قوله :
( یکون الحق إيانا )
 يريد : أنه يلزم من قولنا إننا الحق تعالى أن يكون الحق إيانا، من حيث ما ظهر فينا من أسمائه ، لا مطلقا، فهو إيانا أي عيننا، ولسنا إياه مطلقا من كل وجه ، بل من حيث ما ظهر فينا منه، فإننا مرآة ظهوره وتجليه، ولا يظهر في المرآة إلا ما نقبله من الصفات لا عين المتجلي وحقيقته، فالوجود الذي هو وجوده، ووجودنا واحد لا يتجزأ ولا ينقسم ولا يظهر إلا بحسب المرايا .
قوله:
( فأبدانا وأخفاه )
يريد: أنه تعالى أظهرنا معاشر الممکنات، وأخفى نفسه، وذلك في مرتبة الاسم الباطن بالنسبة لعامة المحجوبين، فإن الحق تعالی عندهم باطن خافي، والخلق ظاهر بادي.
فلا يرى الحق عندهم، ولا يدرك بمشعر من المشاعر، وإنما يدرك بالعقل من وراء حجب الصفات؛ لأنه تعالى عندهم مباین لخلقه، منفصل عنهم بالذات والصفات والأحكام والأفعال، فلا يشهدون إلا خلقا.
قوله :
( وأبداه وأخفانا )
 
يريد: أنه تعالى أظهر نفسه وأخفانا معشر الممكنات المخلوقات، وذلك في مرتبة تجليه بالاسم الظاهر لأهل وحدة الشهود، فإنهم لا يشهدون إلا حقا، ويقولون في كل شيء أدرکوه، بأي مشعر كان من المشاعر الظاهرة والباطنة، هو الحق تعالی.
فإذا سئلوا عن هذه الكثرة المحسوسة، والحق تعالى واحد؟! لا يجيبون بشيء .
فالحق هو الظاهر البادي، ولكن حكمت عليه أحوال الممکنات فأخفته عن المحجوبين أصحاب العقول، وهذا من أعجب العجاب، حيث إن أحكام الممکنات أعدام معقولة ، حكمت على الحق الوجود الظاهر.
فما في الوجود حقيقة إلا الله ، ظاهرا بأحكام الممکنات، عند طائفة، متحجبا بها، عند طائفة .
ولم يذكر سيدنا الطائفة الثالثة ، أهل وحدة الوجود، الذين يشهدون حقا وخلقا ، يشهدون البطون في الظهور، والظهور في البطون، لا يحجبهم هذا عن هذا، لأن مراده رضي الله عنه ذكر ما تلازم فيه الحق والخلق، وطلب كل منهما الآخر، فخلق بلا حق لا يوجد وحق بلا خلق لا يظهر. 
 
قوله :
( فكان الحق أكوانا )
يريد : أنه تعالى هو الكائن عند قوله "كن" يأمر نفسه بالكون فيكون لنفسه ، فالكون والمكون والكائن عين واحدة، لأن "كن" حرف وجودي، لا وجود إلا هو، فلا يكون إلا هو.
قوله :
( و كنا نحن أعيانا )
يريد : أنه لما كان المسمى مخلوقا و موجودا، ليس هو إلا الوجود الحق الظاهر بأحوال المخلوقات وأحكامها، كنا معاشر الموجودين أعيانا، أي ذوانا مشهودة محسوسة من حيث قيام أحكامنا بالوجود الحى النور.
قوله :
( فيظهرنا لنظهره )
يريد: أن الحق تعالى يظهرنا من حيث نسبة الوجود لنا، لظهور أحكام أعياننا، لا أعياننا، فإنها ما ظهرت ولا تظهر دنيا ولا آخرة، ليظهر هو، فإنه الظاهر بأحكام أعياننا، وهي مظاهر.
لأن أحوالنا ونعوتنا معان لا تقوم بأنفسها، فظهورنا في الحقيقة ظهوره هو تعالى، فهو الظاهر بنا.
 
قوله : 
( سرارا ثم إعلانا )
يريد : أنه تعالى هو الظاهر في نفس الأمر على كل حال، سواء كان الظهور سرا، بالنسبة إلى أهل العقول المعقولة عن السراح في فضاء المشاهدات ، أو كان ذلك الظهور علنا متسترا ولا متحجبا، كما هو الأهل وحدة الشهود، ووحدة الوجود.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:50 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق) كما سبق في الحديث (بتنوع تجلبه)، أي انکشافه في يوم القيامة (في الصور) وكذلك في الدنيا .
قال : «أتاني الليلة ربي في أحسن صورة
فقال : يا محمد ، فقلت: لبيك وسعديك ،
قال : هل تدري فيم يختص الملأ الأعلى،
قلت: لا أعلم،
قال: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بین ثديي ، أو قال : في نحري فعلمت ما في السموات وما في الأرض، أو قال : ما بين المشرق والمغرب» إلى آخر الحديث.
أخرجه الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما ، واخرجه أحمد في المسند عن ابن عباس ، و الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين.
(فـ بالضرورة) الوجدانية (يتسع القلب)، أي قلب العارف بالله تعالی تارة فيظهر له الحق تعالى في كل محسوس و معقول.
قال رضي الله عنه : (ويضيق) تارة أخرى فيظهر في بعض ويبطن في بعض أو يبطن في الكل، ومن هنا قال عليه السلام "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة" .
رواه مسلم وأبو داود وغيرهم
قال رضي الله عنه : (بحسب)، أي على مقتضى (الصور التي يقع فيها النجلي)، أي الانكشاف (الإلهي) لقلب العارف .
فإن الكشف له صور التجلي الجمالي اتسع لها وتوفرت فيه الدواعي إلى الرغبة والإقبال، وإن انكشفت له صور التجلي الجلالي ضاق لها وانحصر بها ، والكل عنده صور التجلي الحق سواء بسطته أو قبضنه .
(فإنه)، أي الشأن (لا بفضل من القلب)، أي قلب العارف (شيء)، أي فضلة
 
قال رضي الله عنه : (عن صورة ما يقع فيها)، أي في تلك الصورة (التجلي) الإلهي، وما ثم أي ما عنده إلا صور بقع فيها التجلي من كل حضرة، فهو يعطي كل تجل ما يطلب من الحال المخصوص من سعة أو ضيق أو بسط أو قبض أو جمال أو جلال (فإن القلب من العارف) بالله تعالى (أو) من (الإنسان الكامل)، وهما لقبان لأكمل التجليات الإلهية في الصورة الآدمية والبنية البشرية .
قال رضي الله عنه : (بمنزلة محل)، أي موضع (فص) بالفتح الحجر (الخاتم من الخاتم)، فإنه (لا يفضل عنه)، أي لا يزيد عليه أصلا (بل يكون) ذلك المحل (علی قدره)، أي قدر الفص (و) على (شكله)، أي الفص (من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع)، أي ذي الزوايا الأربع (والتسدیس)، أي ذي الزوايا الست (والتثمين)، أي ذي الزوايا الثمان (وغير ذلك من الأشكال)، أي الهيئات .
قال رضي الله عنه : (إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة) كذلك (أو ما كان من الأشكال فإن محله)، أي الفص (من الخاتم يكون مثله لا غير)، أي لا يخالفه أصلا ، ولهذا سمي هذا الكتاب فصوص الحكم.
 فإن الذي فاضت عليه حكم النبيين من الحضرة الجامعة المحمدية ، كشف من ظهور فصوص الحقائق الإلهية عن محالها ومواضعها المطابقة لها، أو الكائنة على حسب مقتضياتها من أرواح النبيين عليهم السلام فكان ما كشفه من الحضرة المحمدية ثم الأرواح النبوية على طبق حقيقته الجامعة الوجودية الذاتية .
فترجم عما وجد عنده من ذلك وما أعطته الحقيقة المحمدية في عالم الخيال من ظهور تلك الفصوص، وأما المحال التي كانت ظاهرة بها فهي تابعة لها فكشف عنها بها.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجلبه للقلب في الصور) كما يتحول في الصور عند التجلي في الخبر الصحيح (فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي) فيتبع القلب في السعة والضيق بهذا التجلي وإنما يتسع ويضيق بها (لأنه) أي لشأن (لا بفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) حتى يسع في القلب غيرها معها فيسعها فيضيق غيرها وإنما لا يفضل .
قال رضي الله عنه : (فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا بفضل شيء) عن محل فص الخاتم .
بل يكون المحل (على قدره) أي على مقدار الفص (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الإشكال إن كان الفم مربعة أو مسدسة او مثمنة او كان من الإشكال فإنه محله من الخاتم يكون مثله) أي مثل الفص (لا غير) .
وفي تشبيه الإنسان الكامل حلقة الخاتم إشارة إلى أن الوجود دوري أي ابتداء من الله وإليه ينتهي .
وفي تشبيه القلب محل الفص إشارة إلى أن المقصود من الإنسان القلب لكونه محلا للتجليات الإلهية فالتجليات الواقعة فيه بمنزلة النقوش الواقعة في فص الخاتم .
فتم المقصود وهو القلب كما تم المقصود من الخاتم وهو الفص .
وهذا بالنسبة إلى الفيض الأقدس وأما بالنسبة إلى الفيض المقدس فالأمر بالعكس .


"" أضاف الجامع عن الفيض الأقدس يقول الشيخ ابن العربي:
 " والثبوت أمر وجودي عقلي لا عيني بل نسبي ….
" تشكل الأعيان الثابتة مرتبة بين الحق في غيبه المطلق وبين العالم المحسوس .
فهي من ناحية أول تنزل من تنزلات الحق من مرتبة بطونه ، إنها (الفيض الأقدس) الذي يمثل ظهور الحق بنفسه لنفسه في صور الأعيان الثابتة .
وهي من ناحية ثانية ( المثال ) الثابت في علم الله المعدوم في العالم الخارجي والذي له الأثر في كل موجود بل هو أصل الموجودات …أهـ
عن الفيض المقدس تقول د. سعاد  الحكيم :
إن الخلق عند الشيخ ابن العربي ليس إيجاد من عدم مطلق بل هو في الواقع ظهور ، ظهور للغيب أو للباطن ، فالتجلي ظهور وبالتالي يكون من الاسم الظاهر .
" التجلي الإلهي الذي يكسب الممكنات الوجود هو الفيض المقدس .
ونستطيع أن نشبه هذا لتجلي الذي يخرج الممكنات من (الغيب) إلى (الشهادة) بالصورة التالية:
غرفة مظلمة تحتوي على مجموعة من الأشياء ، ولكن الظلام لا يسمح بتمييز شيء آخر ، ففي الظلام تتحد كل الأشياء ، ولكن إذا أنرنا الغرفة توجد هذه الأشياء بأشكالها وذاتيتها فالنور أظهر الأشياء ، وهكذا التجلي فهو النور الذي أظهر ( محتويات الغيب ) فأوجدها. ""

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)

 
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه أن التجلي الاعتقادي يجيء على قدر القلب المعتقد لأنه لا يتجاوز العقيدة، فإن تحولت العقيدة تحول التجلي وأشار إلى أن التجلي الغيبي هو يعطي الاستعداد، فإذا ورد التجلي ورد على حكم الاستعداد. قال: وهو التجلي الذاتي.
وقد ذكر هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح
والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.
الباقي ظاهر المعنى لا يحتاج إلى شرح .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوّع تجلَّيه في الصور ، فبالضرورة يتّسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلَّي الإلهيّ ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلَّي . فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفصّ مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفصّ مربّعا أو مسدّسا أو مثمّنا ، أو ما كان من الأشكال . فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير ،)
قال العبد : مرآتية العبد الكامل أو قلبه للحق ليست كمرآتية غيره ، فإنّ العبد الكامل ليست له حيثية معيّنة ولا كيفية مقيّدة ولا قابلية جزئيّة من وجه دون وجه فيكون تجلَّي الحقّ له بحسبه ، بل حسب العبد بحسب ربّه ، بل هو هيولى لقبول صور تجلَّيه فيه ، وغيره ليس كذلك ، فإنّ لغيره استعدادا معيّنا وقابلية مخصوصة وخصوصية مميّزة له عن غيره ، فيقع التجلَّي بحسبه وبحسب خصوص قابليته ، فيتّسع التجلَّي ويضيق ويتكيّف بكيفية قلبه الجزئي .
 
وهذا حقيقة تحوّل الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، والأمر في الإنسان الكامل وقلب المؤمن الذي هو مرآة المؤمن بعكس ذلك .
فإنّ قلبه يتقلَّب في التجلَّي للمتجلَّي بحسب المتجلَّى من أيّ حضرة تجلَّى ، فإنّ هذا العبد يتجلَّى بالتجلَّي كيف كان ، ولقلب هذا العبد السعة المذكورة لا لغيره ، ولا خلاف في أصل البحث إنّ الحقّ يتجلَّى بقدر استعداد القلب ، فإنّه إذا كانت القلوب ذوات الأقدار والهيئات المخصوصة ، فالتجلَّي فيها بحسبها .
وهذا ما أشار إليه رضي الله عنه : من صور الأشكال المستديرة والمثلَّثة وغيرها ، ولكنّ القلب إذا لم يكن ممّا له حيثية معيّنة أو صفة مخصوصة مقيّدة أو الغالب عليه حكم أو كيفية على التعيين ، بل كان - كما مرّ هيولانيّ القبول ، دائم الإقبال والتوجّه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته وكلَّية قبوله الإحاطي الأحدي الجمعي وتلقّيه الكمالي ، فهو بحسب تجلَّي الربّ .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي " .
قلب العارف يدور مع الحق ليس له حيثية ولا كيفية معينة ، ولا قابلية مخصوصة بشيء دون شيء ، ولا يكون له تقيد بشيء دون شيء بخلاف سائر القلوب فيكون بحسب تجلى الرب إذا تجرد عما سواه فلم يكن فيه سوى الحق ، فعلى أي صورة يتجلى الحق من صغيرة أو كبيرة كان على صورته ، فيتسع ويضيق بحسب الصورة التي يقع التجلي الإلهي فيها ، ولا يفضل عنه شيء عن صورة المتجلى وأما سائر الصور الجزئية فبالعكس .
فإن لكل منها حيثية معينة وكيفية مقيدة وخصوصية مميزة له عن غيره واستعدادا خاصا يقع التجلي بحسبه ، فلا يكون التجلي إلا بحسب قابليته فيتكيف الحق بكيفية التجلي ويتصور بصورته ، وهذا حقيقة تحول الحق في الصور يوم القيامة لأهل المحشر على العموم ، ولذلك يعرفه العارف في أي صورة تجل ويسجد له ويعبده ، وأما غير العارف المحجوب بمعتقده فلا يعرفه إلا إذا تجلى في صورة معتقده . 
وإذا تجلى في غير تلك الصورة المعينة أنكره وتعوذ منه .
 
قال رضي الله عنه : "فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال ، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ".
هذا مثال لقلب العارف وإشارة إلى أن العارف هيولانى القلب دائم التوجه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته الغلبة الأحدية الجمعية على قلبه ، ففي أي صورة يتجلى له الحق كان على صورته كما في التمثيل بمحل الخاتم ، وأما ما تشير إليه الطائفة من تجلى الحق على قدر استعداد القلب فهو حال من غلبت على قلبه أحكام الكثرة وتقيد القلب بالهيئات المخصوصة ، فيكون التجلي الأحدى فيه متشكلا بأشكال الأقدار والصور والهيئات الغالبة عليه فالعارف يظهر للحق على قدر صورته ، وغير العارف يظهر له الحق على قدر صورته .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور ، فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي ، فإنه لا يفضل عن القلب شئ عن صورة ما يقع فيها التجلي ، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة ، إن كان الفص مستديرا ، أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال ، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، أو ما كان من الأشكال . فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير ) .
أي ، إذا ظهر الحق في صور شؤونه المتنوعة وتجلى تجليا ذاتيا بما في الغيب المطلق ، يتنوع بحسب استعدادات القلب ، فيتسع ، ويضيق بحسب الصورة التي وقع التجلي فيها ، لأنها تهب للقلب استعدادا يناسبها وتجعله بحيث لا يفضل عنها .
وهذا القلب المتجلى له ، لا يكون إلا للعارف الكامل ، لأن قلبه  مرآة الذات الإلهية وشؤونها جميعا ، لخلوه عن الأحكام الجزئية المقيدة له .
فينصبغ انصباغا تقتضيه الصورة المتجلية له ، لأنها حاكمة عليه .
 وقلب غيره مرآة الذات من حيثية معينة وشأن مقيد ، وليس فارغا من الأحكام الجزئية الأسمائية، فينصبغ التجلي بصبغه ، ولا يبقى على طهارته الأصلية وإطلاقه .
وتلخيصه : أن للمرآة حكما في ظهور الصور بحسبها ، وللصورة حكم
في المرأة التي تظهر الصورة فيها . ولكل منهما أحكام بحسب الظاهر والباطن .
ولما ذكر أن القلب لا تفضل عن الصورة المتجلية ، شبه القلب بمحل الفص والصورة
المتجلية بالفص .
وهو إذا كان مستديرا ، يجعل المحل مستديرا ، وإذا كان مربعا أو مسدسا أو مثمنا ، فمحله أيضا كذلك .
وإنما شبه المعقول المحض بالمحسوس الصرف ، لأن كلا منهما نسخة من الآخر ، إذ الظاهر صورة الباطن ، والباطن معنى الظاهر .
وفي التشبيه ب‍ ( المستدير ) و ( المربع ) و ( المسدس ) لطيفة أخرى .
وهي أن المعنى المتجلي قد يكون معنى بسيطا ، لا تعدد فيه ولا تكثر ، فصورته أيضا يكون مستديرة .
وقد يكون مركبا ، وله جهات متعددة بحسب الظهور والخفاء والقرب والبعد ، فصورته أيضا يكون مشتملة على جهات متعددة متفاوتة في القرب والبعد إلى المركز .
فإن زوايا المربع والمسدس وأمثالهما أبعد من الوسط من غيرها من الأضلاع .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:51 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدرة وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
ولما لم يتم هذا المعنى في منع رؤية صور الحق بعضها مع بعض أشار إلى منع اجتماعها.
فقال رضي الله عنه  : (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور) على ما ثبت في الصحيح، ولا حاجة إلى ذلك لو اتسع القلب لجميعها، (فبالضرورة يتسع القلب) عند تجلية في صورة غير متناهية أو بعيدة الأطراف جدا.
(ويضيق) عند تجليه في غيرهما؛ فعلی هذا لا يكون معنى اتساع القلب لتجليات الحق اتساعه لجميعها مقابل على التعاقب، بل لا يبقى متسه في جميع الحالات إذ يكون (بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي).
وإن كان له اتساع انتقاش كثير من صور المخلوقات مع صورة الحق وبدونها (فإنة لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي) الإلهي، وإن فضل الصورة مخلوق .
فقال رضي الله عنه  : (فإن القلب من العارف) الذي يحجبه الحق عن الخلق (أو الإنسان الكامل) الذي لا يحجبه الحق عن الخلق (بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل) ذلك المحل عن مقدار الفص، والكامل لا يرى الخلق منفصلا عن الحق، بل يرى كل واحد كأنه في الأخر، مع أن له قوة التمييز بين المرتبتين. بل يكون المحل (على قدره) أي: مقدرا الفص طولا وعرضا وعمقا.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا)، وشكله (من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله) حين تعلقه به (لا غير)، وإن كان قلبه واسعا للجميع، وكذا بعد فصله عنه فكأنه متسع للجميع، في نفسه ضيق عند ذكر الواحد عما سواه.
ولذلك استوعب ذكر الأشكال؛ وذلك لأنه لا يمكن اجتماع صورتين لشخص واحد في مرآة واحدة إلا إذا ظهرت في المرأة مرآة أخرى حاملة لصورة أخرى لذلك الشخص، فكأنه مرآتان حينئذ والقلب مرأة واحدة أبدا بخلاف صور الأسماء المختلفة يمكن اجتماعها في المرأة الواحدة من حيث هي مرآة واحدة.
لكنها لا يمكن التفات إليها مع الحق لما ذكرنا، فكان كمحل الفص من الخاتم بالنسبة إلى الفص؛ لأنه لا مقدار له في نفسه لتجرده، فمقداره مقدار ما ظهر فيه.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
القلب والتجلي الإلهي
ثمّ إنّ من كمال السعة أن لا يقابله الضيق - بل يجمعه - والسعة القلبيّة بهذه المثابة ، كما أشار إليه بقوله رضي الله عنه  : ( وإذا كان الحقّ يتنوّع تجلَّيه في الصور ) كلَّها ( فبالضرورة يتّسع القلب ) بحسب قبوله للصور المتنوّعة على كثرتها واختلافها .
قال رضي الله عنه :  ( ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلَّي الإلهي ، فإنّه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيه التجلَّي ، فإنّ القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محلّ فصّ الخاتم من الخاتم ) على ما نبّهت عليه في صدر الكتاب من وجوه المناسبات بين القلب والفصّ ولكن فصّل تلك
 
المناسبة بما يميّز بين مراتب القلب وأطواره ، وما شبّه به من الخاتم وطبقاته ، بحيث تتطابق أحكام تلك المراتب على تلك الطبقات .
وذلك لأنّه ظهر من عبارته التمييز بين القلب والتجلَّي ، وما وقع فيه التجلَّي وصورته ، وكذلك بين الخاتم والفصّ وما وقع فيه الفصّ وصورته ، ولا يخفى على الذكيّ وجه التطابق بين الكلّ ، ولكن غرض المصنّف تحقيق أمر التطابق بين صورة ما وقع فيه التجلَّي ، وبين صورة ما وقع فيه الفصّ ، حيث أنّ شيئا من أجزائه عن الفصّ
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة - إن كان الفصّ مستديرا - و من التربيع والتسديس والتثمين ) .
وفي تخصيص هذه الصور في المثال المذكور بالبيان نكتة ، وهي أن يكون الاستدارة إشارة إلى التنزيه الصرف ، لما فيها من الأوصاف العدميّة ، لعدم تمايز الأطراف ، وعدم التشكَّل بالزوايا والسطوح ، والباقي إشارة إلى طرق التشبيه المعتبرة ، وهي الظاهرة أحكامها من الأزواج ، كما سبق التنبيه إليه والذي يدلّ على ذلك قوله تعالى : " ما يَكُونُ من نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى من ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ " [ 58 / 7 ] .
فصرّح بما صرّح به التنزيل من تلك الصور ، وأجمل حيث أجمل ، ولذلك عمّم .
وقال رضي الله عنه  : ( وغير ذلك من الأشكال ،إن كان الفصّ مربعا أو مسدّسا أو مثمّنا أو ما كان من الأشكال فإنّ محلَّه من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
 
قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق سبحانه يتنوع بتجليه في الصور) المختلفة بالسعة والضيق (فـ بالضرورة يتسع القلب وضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي)، فإن كان في تلك الصور نوع سعة يتسع القلب بحسبها وقدرها وإن كان نوع ضيق يضيق القلب بحسبه و قدره .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها النجلي، فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم).
فكما أن فص الخاتم (لا يفضل) عن الفص (بل يكون على قدره) من الكبر والصغر (و) على ذلك .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (شكله من الاستدارة أو كان الفص مستديرة أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال، إن كان الفص مربعة أو مسدسة أو مثمنة أو ما كان من الأشكال فإن محله) أي محل الفص (من الخاتم يكون مثله) في القدر والشكل (لا غير).
فكذلك قلب العارف لا يفضل على الصورة المتجلى فيها، بل ينطبق عليها أن يكون على قدرها في السعة والضيق التي هي في الصور المنجلي فيها الاستدارة في الأشكال. فإن المستدير منها

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.)
قال رضي الله عنه :  وإذا كان الحق بتنوع تجليه في الصورة فـ بالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصور التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل من القلب شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي. لأن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل ، بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة . إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثليث والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير).
ثبت أن الحق يتنوع تجليه وتحوله في الصورة في الآخرة للعموم، وفي الدنيا لقلوب أوليائه، فبالضرورة يتسع القلب من العارف المتجلي له إذا كانت الصورة واسعة متضمنة لأسماء إلهية كثيرة.
فإن دائرة الرؤية في المرآة تتسع باتساع العلم بالله، ويضيق قلب العارف بالله المتجلى له إذا كانت الصورة غير واسعة كذلك، وبسعة الصور وضيقها يتفاضل العارفون بالله وبتجلياته.
أنظر قصة المريد الذي قيل له : هلا رأيت أبا يزيد؟
فقال : لا حاجة لي في رؤية أبي يزيد، رأيت الله فأغناني عن رؤية أبي يزيد، فقيل له : لو رأيت أبا يزيد مرة كان خيرا لك من أن ترى الله ألف مرة !!
فمر أبو یزید وفروته على رأسه ، فقيل هذا أبو يزيد: فلما وقع بصره على أبي یزید مات المريد من حينه.
فأخبر أبو يزيد بذلك فقال : المرید صادق، كان يرى الحق حسب مرآته فلا يتأثر ، فلما رأى الحق في غير صورة مرآته لم يتحمل ومات، فإنه تجلى له على قدرنا. 
ولهذا تقول الطائفة: أكمل المرايا مرآة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكمل الرؤية ما كان في مرآة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها حاوية لجميع مرايا الأنبياء.
عليهم الصلاة والسلام فهي أكمل رؤية وأتمها وأصدقها، ودونها في الكمال ما كان في مرآة نبي من الأنبياء، وذلك لأن تجليه تعالى في مرايا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أكمل من تجليه في مرايا غيرهم.
وتصور ما قالوا غامض، ولعله يظهر بالمثال، وذلك كرؤية شخص نفسه في مرآة فيها صورة مرآة أخرى.
وما في تلك المرآة الأخرى، فيرى المرآة الأخرى في صورة مرآة نفسه ، ويرى الصور التي في تلك المرآة الأخرى في صورة تلك المرآة الأخرى.
فبين الصورة ومرآة الرائي مرآة وسطی بينها وبين الصورة التي فيها دائما كان القلب يتسع ويضيق حسب الصورة المتجلي فيها.
فإنه لا يمكن أن يفضل من القلب المشاهد التجلي الحق فضلة وبقية يسع بها غيره، فلا تبقى بقية في القلب عن صورة التجلي، فإن القلب مطلق من العارف أو الإنسان الكامل الذي جمع الحقائق الإلهية والكونية، وظهرت من آثارها بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم مثلا، فالفص بمنزلة المتجلي، وقلب العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص.
فلا يفضل من المحل شيء زائد عن الفص، بل يكون محل الفص، على قدره لا أزيد ولا أنقص، وعلى شكله وصورته، والصورة هي الشكل وعلى هيئته من الاستدارة إن كان الفص مستديرا، أو من التربيع والتسدیس والتثمين وغير ذلك من الأشكال .
فيكون محل الفص مربعا إن كان الفص مربعا، أو مسدسا إن كان الفص مسدسا، أو مثمنا إن كان الفص مثمنا، أو ما كان من الأشكال والصور فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير .
تنبيه:
هذا التجلي المذكور الذي القلب تابع له هو التجلي الذاتي الأزلي الذي هو أول التجليات والتعينات، وبه ومنه حصلت الأعيان الثابتة ، أعيان الممکنات و استعداداتها الذاتية الكلية في العلم، وهذا هو الخلق التقديري الذي تكون عليه الممکنات إلى غير نهاية ، وعلى طبقته يكون التجلي الأسمائي حذو النعل بالنعل لا أزيد ولا أنقص في الخلق الإيجادي.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:52 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا. )
قال رضي الله عنه : (وهذا) الكلام هنا (عکس ما تشير إليه) الطائفة من العارفين (من أن الحق) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف في الدنيا والآخرة (على قدر استعداد العبد).
لأنهم يرون التنوع في التجليات مع وحدة التجلي الحق، فأرجعوا الاختلاف إلى اختلاف الاستعداد والتهيؤ لقبول الظهور الوجودي الواحد من الحضرة الواحدية .
وأهملوا النظر في اختلاف الاستعداد والتهيؤ لذلك القبول الفائض من الحضرة الأحدية التي لها الأزل كما أن الواحدية لها الأبد.
فاستعداد العبد من فيض الأحدبة وقبوله المقتضى ذلك الاستعداد من الظهور الوجودي من فيض الواحدية والأحدية حضرة اسمه الباطن والواحدية حضرة اسمه الظاهر.
فالعبد من حيث هو عبد ممكن مع قطع النظر عن تعينه واللاتعين فيه بمنزلة محل الفص من الخاتم فإذا فاض عليه الاستعداد والقبول جعله تابعا لمقتضاه، وهو مشرب ذاتي وغيره مشرب صفاتي .
وقد بينه المصنف قدس الله سره بقوله: (وهذا)، أي ما ذكر هنا من تجلي الحق تعالى (ليس كذلك)، أي ما هو تابع لاستعداد العبد .
قال رضي الله عنه : (فإن العبد) إذا تجلى عليه الحق تعالى (يظهر للحق) تعالى (على قدر الصورة التي يتجلى له)، أي لذلك العبد (فيها الحق) تعالی الثابتة في علمه سبحانه من تجلي ذاته لذاته في حضرة علمه القديم.
قال رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) على الوجه التام أن يقال (أن الله) تعالى من حيث اسمه الباطن والظاهر والأول و الآخر (تجليين)، أي انکشافين في حضرة الإمكان :
والأول (تجلي غیب)، أي حاصل في عالم الغيب وهو الحضرة العلمية الإلهية وهو التجلي الذاتي في الحضرات الصفاتية مما لا يعلمه إلا الله تعالى، وهذا التجلي أزلي لا بداية له.
(و) الثاني: (تجلي شهادة)، أي حاصل في عالم الشهادة وهو عالم الكون وهو التجلي الصفاتي الأسمائي في الحضرات الإمكانية مما تعلمه المخلوقات من بعضها في بعض .
وهذا التجلي أبدي لا نهاية له (فمن تجلي الغيب) على حضرة الإمكان (يعطي الحق) تعالى (الاستعداد الذي يكون عليه القلب)، وهو كونه قابلا
أن يكون على هيئة الفص، لأنه محله وموضع ظهوره وإمساكه به .
قال رضي الله عنه : (وهو التجلي)، أي الانكشاف (الذاتي)، أي منسوب إلى الذات الإلهية (الذي) هو (الغيب) المطلق عن الحس والعقل (حقيقته)، بحيث لا ظهور له من حيث ما هو غيب أصلا (وهو الهوية التي يستحقها) الحق تعالی (بقوله عن نفسه هو):
الله الرحمن الرحيم فهو الغيب الذاتي، والله الحضرة الصفائية الجامعة لجميع الأسماء، والرحمن الرحيم ذكر بعض الأسماء الجامعة أيضا بوجه الرحمة التي وسعت كل شيء،
قال رضي الله عنه : (فلا يزال) لفظ (هو له)، أي للحق تعالی (دائما أبدا) إشارة إلى بقاء غيب الهوية وأنه لا يصير شهادة أصلا.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
لذلك قال : (وهذا) أي ما أشرنا إليه من أن القلب يكون على قدر تجلي الحق (عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهذا) أي ما أشارت إليه الطائفة (ليس كذلك) أي ليس مثل ما أشرنا إليه .
قال رضي الله عنه : (فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له) أي للعبد (فيها) أي في تلك الصورة (الحق) فحينئذ يتبع التجلي للمتجلي له فهذا بالنسبة إلى الفيض المقدس.
فالمراد بقوله : وهكذا عكس ما تشير إليه إعلام منه باختصاص إظهار هذا المعنى بنفسه رضي الله عنه .
فكان هذا القول منه متضمنا لدعوى التفرد فإن هذا المعنى مع كونه واجب البيان لكونه من أعظم مسائل الفن وهي مسائل التجليات الإلهية لم يظهر من أحد غيره. فاستحق بدعوى التفرد ليوازي هذا المعنى وهو العكس العين في الاهتمام بلا تفرقة مع أنهم لم يبينوا ذلك .
قال رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) أي مسألة نجلي الحق للقلب (ان لله تجليين تجلي غیب وتجلي شهادة فمن تجلي الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب) فيكون على قدر ذلك التجلي (وهو) أي التجلي الغيبي (التجلي الذاتي الذي هو الغيب حقيقة) فلا يزال هذا التجلي عن الغيب أبدا فكان هذا التجلي من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلي له على حسب التجلي.
قال رضي الله عنه : (وهو) أي التجلي الذاتي الغيبي (الهوية التي يستحقها بقبوله عن نفسه) قوله : (هو) راجع إلى الحق فاعل يستحقها .
أي يستحق الحق تلك الهوية عن ذاته فإذا استحق الحق هذا التجلي لذاته (فلا يزال هو) أي ذلك التجلي (له) أي للحق (دائما ابدأ) فلا يظهر الحق في هذا التجلي للعبد بل يظهر العبد للحق بصورة هذا التجلي فلم يرى العبد والتجلي الذاتي الغيبي الحق بل يراه في التجلي الشهودي الذي يترتب على التجلي الاستعدادي .
 

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».  فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أنّ الحق يتجلَّى على قدر استعداد العبد ، وهذا ليس كذلك ،فإنّ العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلَّى له فيها الحق").
 
والذي أشار إليه الشيخ رضي الله عنه في:  ( و تحرير هذه المسألة أنّ لله تجلَّيين :
تجلَّي غيب وتجلَّي شهادة فمن تجلَّي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب وهو التجلَّي الذاتيّ الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقّها بقوله عن نفسه : « هو » فلا يزال « هو » له دائما أبدا).
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه : "وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهذا ليس كذلك ، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق ".
هذا مثال لقلب العارف وإشارة إلى أن العارف هيولانى القلب دائم التوجه إلى الحق المطلق بإطلاق قابليته الغلبة الأحدية الجمعية على قلبه ، ففي أي صورة يتجلى له الحق كان على صورته كما في التمثيل بمحل الخاتم ، وأما ما تشير إليه الطائفة من تجلى الحق على قدر استعداد القلب فهو حال من غلبت على قلبه أحكام الكثرة وتقيد القلب بالهيئات المخصوصة ، فيكون التجلي الأحدى فيه متشكلا بأشكال الأقدار والصور والهيئات الغالبة عليه فالعارف يظهر للحق على قدر صورته ، وغير العارف يظهر له الحق على قدر صورته .
 
قال رضي الله عنه : "وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة فمن تجلى الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب ، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه هو ، فلا يزال هو له دائما أبدا ،"
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه "  وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى "  فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه : (وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد ، وهذا ليس كذلك . فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق).
لما ذكر حكم الصورة في المرأة ، ذكر عكسه ، وهو حكم المرأة في الصورة .
كما أشار إليه أهل الحق في كتبهم من أن الحق يتجلى على قلوب العباد بحسب استعداداتهم .
وهذان الحكمان بعينهما حكم ( الفيض الأقدس ) و ( الفيض المقدس ) : فإن ( الفيض الأقدس ) يعطى الاستعداد للعين ، و ( الفيض المقدس ) يعطى ما يترتب على الاستعداد . كذلك التجلي الغيبي من الباطن يعطى القلب استعدادا بحسب الصورة التي يتجلى فيها ، والتجلي من الظاهر يترتب على استعداد العين بحسب الباطن . وكلاهما حق .
لذلك قال رضي الله عنه  ( وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين : تجلى غيب ، وتجلى شهادة . فمن تجلى الغيب يعطى الاستعداد الذي يكون عليه القلب ) .
أي ، تحقيق هذه المسألة : أن لله بحسب الاسم ( الباطن ) و ( الظاهر ) تجليين :
تجلى غيب ، وهو التجلي الذاتي الذي تظهر هوية الحق به ، فتصير عينا ثابتة مع استعداداتها . 
وتجلى شهادة ، وهو تجلى الاسم الظاهر . وهذا التجلي يترتب على التجلي الأول .
( وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته ) أي ، تجلى الغيب هو التجلي الذاتي ألذ الغيب المطلق نعته .
قال رضي الله عنه  ( وهو الهوية التي يستحقها عن نفسه هو ) . أي ، التجلي الغيبي هو الهوية الإلهية التي يستحق الحق تلك الهوية عن نفسه .
فقوله ( هو ) فاعل ( يستحقها ) .
قال رضي الله عنه  ( فلا يزال ( هو ) له دائما أبدا ) . أي ، فلا تزال هوية الحق له ثابتا دائما ابدا في مقام أحديته وجمعه ، وكذلك في مقام تفصيله ، لأن لكل عين هوية هي بها هي .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:52 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه: (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.  وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا. فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.)
قال الشيخ رضي الله عنه: (وهذا) المذكور الدال على أن المحل بقدر التجلي (عكس ما تشير إليه الطائفة من) التجلي بقدر المحل، إذ قالوا: (أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد) (وهذا) التجلي الذي يكون قلب العبد فيه على قدر التجلي (ليس كذلك، فإن العبد) في هذا التجلي (يظهر) قلبه موافقا (للحق على قدر الصورة التي تجلى له فيها الحق) . فيكون العبد تابعا للتجلي.
ولما لم يكن بد من التوفيق بين كلامهم الذي قال به أولا.
قال الشيخ رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة) أي: مسألة أن التجلي بقدر المتجلي له، أو المتجلي له بقدر التجلي (أن الله تجليين) أي: نوعين من التجلي قال الشيخ رضي الله عنه :  (تجلي غيب) يفيد الوجود للأعيان الثابتة الحاصلة عن غيب الهوية، وهو يعم الكل، (وتجلي شهادة) يفيد الرؤية برفع الحجب عن القلب بعد تحققه في عالم الشهادة بالوجود، تخص بعض أهل القرب .


قال الشارح:" قال المحققون، ومنهم أبو طالب المكي وأتباعه إن الحق سبحانه وتعالى ما تجلى في صورة واحدة لشخص واحد مرتين، وإلا لتعدد الفيض ضرورة ظهوره ظهورين في مرآة واحدة في حالة واحدة.
والشيء الواحد لا يتعدد ظهوره في مرآة واحدة في حالة واحدة، ولا لشخصين أيضا في صورة واحدة، ولما كانت الممکنات متناهية على نهج الجواز، لكن عدم تناهيها واجب.
وذلك لأنه يجوز حينئذ أن يكون الشخص الثاني تكرار الشخص الأول، وهكذا بالنسبة إلى الممکنات، وما لم يظهر ليس بممكن أن يظهر بالنسبة إلى العلم القديم، فتكون الممکنات متناهية، لكن هذا الدليل إقناعي كما هو دأب المشايخ، وإذا كان كذلك فلابد من فارق بين التجليين من وجه، وأقله التعدد، أو وجوه باختلاف الذاتيات أو القوارض أو المجموع، وإذ امتنع التكرار بالنسبة إلى الممکنات بعضها إلى بعض.
بالنسبة إلى الحق ما يظهر منه أولي، فافهم هذا المقام؛ لتعلم أن التجليات غير متناهية وغير مشابهة بعضها البعض ، وأن الحق لا يشبه شيئا مما تجلى فيها، وتعلم اختلاف کشوف المشايخ، والله المرشد لك إلي معرفتها.

قال الشيخ رضي الله عنه :   (فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد (الذي يكون عليه القلب) أي: عينه الثابتة قبل الوجود، (وهو) أي: الاستعداد للقلب (التجلي الذاتي) أي: بنور ذات القلب وحقيقته في علم الحق مع أحوال متميزة بكل منها عما عداها، وهذا التجلي لعين القلب هو (الذي الغيب) أي: غيب هوية الحق (حقیقته) أي: موجب ثبوته، فإن الأعيان الثابتة كانت شؤونا ذاتية في غيب الهوية، فلما تميزت بتلك الأحوال عن غيب تلك الهوية في العلم الإلهي صارت أعيانا لمرتبة للأشياء فتعين هوية الحق موجب ثبوت هويات الأعيان.
 
ولذلك قال رضي الله عنه  وهو أي: التجلي الذاتي للأعيان (هو الهوية) أي: العين الأعيان الثابتة (التي يستحقها) كل عين (بقوله) أي: قول غیب هوية الحق مخبرا (عن نفسه هو) نحو:" قل هو الله أحد " [الإخلاص: 1] .
فإنه لما أوجب تميزه عن كل ما عداه أو جب تمیز كل ما عداه عنه، فأوجب تعين كل عين بأحوال مخصوصة كالعوارض المشخصة للأمور الخارجية، وتلك الأحوال استعدادات العين الموجود الخارجي والعوارض، ولما كان هوية كل عين هوية الحق، وهي دائمة أبدية.
قال رضي الله عنه :  (فلا يزال هو له) أي: التعين لكل عين (دائم أبدا)، وإن تبدلت عليه العوارض بحسب تعاقب مقتضيات تلك الأحوال التي هي الاستعدادات الموجبة لفيضان الوجود والعوارض بحسب السنة الإلهية.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أنّ الحقّ يتجلَّى على قدر استعداد العبد ) فيكون التجلَّي حسب إشارتهم تابعا لمحلَّه من العبد .
قال رضي الله عنه :  ( وهذا ليس كذلك فإنّ العبد يظهر له الحقّ ) بحسب استعداده ( على قدر الصورة التي يتجلَّى له فيها الحقّ ) إذ ليس للعبد صورة مستقلَّة بحسب استعداده ، بدون تجلَّي الحقّ في غيبه .
 
لله تعالى تجليين وحظَّ العبد من كلّ منهما
قال رضي الله عنه :  ( وتحرير هذه المسئلة ) وتبيين مشاهد كلّ طائفة فيها : ( أنّ لله تجليين تجلَّي غيب ، وتجلَّي شهادة ) - على ما بيّن لك تفصيله في المقدّمة أنّ له تجلَّيين بحسب التعيّنين - ( فمن تجلَّي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب ) وهذا الإعطاء ليس على صورة الأثر والفعل ، فإنّك قد نبّهت أنّه من قبيل الفيض الأقدس عن ثنويّة الفائض والمستفيض .
ولذلك قال :
 
قال رضي الله عنه :  ( و ) ذلك ( هو التجلَّي الذاتي الذي الغيب حقيقته و ) ذلك الغيب ( هو الهويّة التي يستحقّها بقوله عن نفسه "هو") فإنّ « هو » إنّما يدلّ على ذات مستقلَّة في الجمعيّة ، مستوية على عرش الوجود غائبة .
والذي يلوّح عليه أن « الغيب » صورة ظهور « هو » في عقده الذي هو حامل العرش .
( ين اا ) ( ااو ) ( فلا يزال هو له دائما أبدا ).
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.  وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين. تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي  يستحقها بقوله عن نفسه "هو".  فلا يزال "هو" له دائما أبدا. )
 
قال رضي الله عنه :  (وهذا) الذي ذكرنا بحسب الظاهر (عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق بتجلي على قدر استعداد العبد)، فيكون التجلي تابعا للعبد (وهذا) الذي ذكرناه (ليس كذلك)، أي كما أشارت إليه الطائفة (فإن العبد) بل قلبه على ما ذكرنا (يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى فيها الحق) فيكون العبد تابعة للتجلي.
(وتحرير هذه المسألة ) على وجه يفيد التوفيق بين ما أشارت إليه الطائفة وبين ما أشرنا إليه (أن لله تجليين) بل ثلاث تجليات (تجلي غيب) تحصل به الأعيان الثابتة واستعداداتها في حضرة العلم التي هي غيب بالنسبة إلى ما تحتها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وتجلي شهادة) توجد به تلك الأعيان في الخارج، وحضرة الشهادة بعدما كانت ثابتة في العلم، وتجلي شهود يتجلی به على عباده بعد وجودهم دنیا و برزخا وآخرة فيشاهدونه به .
وكان رضي الله عنه أراد بالتجلي الشهادي ما هو أعم من أن يكون تجلية يفيد الوجود الشهادي، أو يكون بعد الوجود الشهادي، فلهذا جعله قسمين .
قال رضي الله عنه :  (فمن تجلي الغيب يعطي الحق سبحانه) القلب الاستعداد الكلي (الذي عليه القلب) من حيث عينه الثابتة في الحضرة العلمية قبل وجوده العبني، أو الاستعدادات الجزئية التي عليها القلب بوجوده العيني، فإنها أيضا منتشئة من ذلك التجني العيني، وإن انضمت إليه أمور خارجية أيضا، فإن ذلك الانضمام أيضا من مقتضياته.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو)، أي تجلي الغيب (التجلي الذاتي) فإن المتجلي به هو غیب شوية الذات ولذلك قال : (الذي الغيب)، أي غيبة هوية الذات (حقیقته) التي هو بها ، ويمكن أن يقال معنى کون الغيب حقيقته أن كونه غيبة حقيقة لازمة له لا تنفك منه.
فإن ذلك التجلي إنما هو بصور الأعيان الثابتة وهي لا تزال ثابتة في العلم لا تبرح عنه (فلا يزال هو)، أي غيب هوية الذات (له).
أي لذلك التجلي فإنها المتجلية به أو لا يزال کونه غيبة ثابتة (وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه "هو" فلا يزال هوه له دائما أبدأ ).

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق. وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو». فلا يزال «هو» له دائما أبدا.)
قول سیدنا رضي الله عنه : (وهكذا عكس ما تشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد. وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلی الله فيها الحق).
يقول رضي الله عنه : إن التجلي الذي ذكرناه هو التجلي الذاتي الأزلي، وبينا أحكامه ونعوته من ضيق القلب وسعته بحسب الصور التي يتجلى الحق فيها، ويتنوع الحق له وظهوره بها في عين المتجلى له.
فيكون القلب تابعا للتجلي . فإنه بهذا التجلي يظهر العبد المتجلى له في ثبوته وعدمه للحق المتجلي على قدر الصورة التي يتجلى له فيها ، وهي صورة العبد الكلية الجامعة لشؤونه وأحواله إلى غير نهاية .
وتقديم هذا المتجلي على الصورة المتجلي فيها تقدیم رتبة لا ترتیب وجود، فلا تقدیم ولا تأخير، وهذا عكس ما تشير إليه الطائفة العلية رضي الله عنها :
الإشارة بقوله (وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة الخ) إلى قوله : (وإذا كان الحق يتنوع في الصور الخ) لا إلى ما قبله فإنه في بيان التجلي الأسمائي الشهادي، فإنهم أجمعوا على أنه تعالى لا يتجلى لمخلوق إلا على قدر استعداده.
فيكون التجلي تابعا لاستعداد القلب، وبحسبه في صورة اعتقاده، وهو تعالى، عري عن التغيير في ذاته .
ولكن التجلي في المظاهر الإلهية على قدر العقائد التي تحدث في المخلوقات .
ثم أعلم أن الطائفة إنما اعتنت بذكر التجلي الأسمائي دون التجلي الذاتي، مع أنهم لا يحلونه لكون التجلي الأسمائي تفصيل للتجلي الذاتي، والتجلي الذاتي مضى بما فيه . والتجلي الأسمائي متجدد في كل آن.
قول سیدنا رضي الله عنه : (وتحرير هذه المسألة أن الله تجليين: تجلي غيب وتجلي شهادة ، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو» فلا يزال «هوه له دائما أبدا.)
يقول رضي الله عنه : إن تحرير هذه المسألة وإيضاحها ورفع الإشكال عنها، وهي مسألة كون التجلي تابعا في مرتبة حضرة الأسماء ، ومتبوعا في مرتبة حضرة الذات.
هو أن تعلم أن لله تجليين أو انكشافين أو تنزلين، كيف شئت قلت:
1 - تجلي غيب في حضرة الذات.
2 - وتجلي شهادة في حضرة الواحدية ، حضرة الأسماء الإلهية.
 فمن تجلي الغيب الذاتي يعطي الاستعداد الكلي الذاتي الذي يكون عليه القلب إلى ما لا يتناهي.
وهذا التجلي الذاتي الغيب مصدره وحقيقته ومبدؤه الذات من غير واسطة اسم من الأسماء ولا صفة من الصفات.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض الأقدس، به حصلت الأعيان الثابتة واستعدادتها الكلية في العلم الذي هو عين الذات، وهذا الاستعداد هو المؤثر.
وأما الاستعداد العرضي فلا حكم له وإنما هو رتبة أظهرها الاستعداد الذاتي، وهذا الغيب الذي صدر منه هذا التجلي الذي أعطى الاستعداد للقلب هو الهوية المرسلة لا الهوية السارية، فإنها سمع العبد وبصره وجميع قواه .
وهي القائمة بأحكام الأسماء الحسنی، والهوية عند الطائفة كناية عن الغيب المغيب، وعند الحكماء والمتكلمين هي الأمر المتعقل من حيث امتیازه عن الأغيار.
فلا يزال هو له تعالى من حيث أنه الغيب الذي لا يعلم ولا يجهل أبدا دائما، لأن الجهل إنما يرد على ما يرد عليه العلم .
والهو لا يعلم فلا يجهل فلا يصير شهادة من حيث هو، لا من حيث هو ضمير الغيب الذي يطلق على كل غائب، وقد يصير هذا الغائب المقول عليه هو شهادة فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد الكلي الذاتي في حضرة الثبوت تجلى له تعالى التجلي الشهادي في عالم الشهادة عندما لبس حلة الوجود.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض المقدس الذي تحصل به الاستعدادات الجزئية في الخارج، حضرة الأسماء الإلهية، عالم الشهادة آنا بعد آن.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:53 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها. )
 
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب)، أي قلب العارف (هذا الاستعداد) من التجلي الذاتي (تجلی)، أي انكشف (له)، أي للقلب (التجلي)، أي الانكشاف (الشهودي)، أي المحسوس المعقول (في) عالم (الشهادة) وهو منزلة ظهور فص الخاتم في محله من الخاتم ممسوكة بموضعه منه (فرآه)، أي الحق تعالی رأى ذلك القلب المستعد الكائن في غيب علمه من تجلي ذاته حيث تجلى له بحضرات صفاته.
فأوجده سبحانه أزلا كما أثبته فيه من الأزل من وجهين، فهو ثابت غیر موجود عنده تعالی من وجه تجلي ذاته العلية، وموجود من تجلي صفاته عنده تعالى.
كما هو الآن موجود عند نفسه بالوجود الحادث عند نفسه بعين هذا الوجود الحادث، وإن لم يبق عند نفسه موجودة به، وتختلف عليه الأحوال إلى الأبد.
فإن هذين التجليين للحق تعالی: 
تجلي الذات الذي يعطي الاستعداد للأشياء،
وتجلي الصفات الذي يعطي قبول الوجود لكل شيء.
 قديمان أزليان، وعطاؤهما قديم، والاستعداد قديم في الأشياء المعدومة من حيث الذات العلية، وقبول الوجود في الأشياء قديم أيضا من حيث الصفات الإلهية.
وإنما الحادث مجرد ظهور الأشياء لنفسها، ووجودها عند علمها بها من تجلي اسمه المقسط، وهو الذي جعل لكل شيء قسطا عند نفسه وأنزله لنفسه بقدر معلوم.
قال سبحانه : "وكل شيء عنده بمقدار" [الرعد: 8]،
وقال تعالى:"وإن من شيء إلا عندنا ابه وما ننزله إلا بقدر معلوم " [الحجر: 21].
وقال تعالى: " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق" [النحل: 96]،
فالشيء الذي عنده تعالى بمقدار هو المستعد بالفيض الأقدس الذاتي بالقابل لما استعد له بالفيض المقدس الصفاتي على حسب الصورة التي تجمع صوره كلها من أول عمره إلى آخره، فإذا أنزله تعالى لا ينزله إلا إلى نفسه وغيره من أمثاله.
لأنه ما ثم إلا الحق تعالى، وإذا لم يكن الإنزال هذا فلا إنزال، لأنه عنده تعالى فلا يصح الإنزال إليه تعالى، بل منه ولا ينزله كله بتمامه.
لأن حضرة الإمكان قاصرة، فلا تقبل الظهور إلا بالتدريج، ومن هنا يظهر الزمان المستحيل على الحق تعالى، وأنه منسوب إلى الكائنات عند نفسها فقط، وإنما ينزله بقدر، أي مقدار معلوم عنده سبحانه.
وهو صورة بعد صورة حتى تنقضي تلك الصور كلها التي عنده تعالی المسماة بالمقدار، فإذا انقضت تلك الصور كلها نفذ ذلك الشيء عند نفسه.
وبقي عند الله تعالى كما هو عليه من قبل أن ينزله وهو قوله : "وما عند الله باق" [النحل: 96].
فمن كان باقية عند الله تعالی نافدة عند نفسه لم يكن مما خاطبهم سبحانه من الغافلين الذين قال لهم: "فلا أقسم بما تبصرون . وما لا تبصرون " [الحاقة: 38 - 39] فإنهم لا يبصرون إلا الحق تعالى من حيث التجلي الصفاتي الذي أعطاهم الوجود ولكنهم لا يشعرون من جهلهم به سبحانه، وما لا يبصرون هو الحق تعالی أيضا من حيث التجلي الذاتي الذي أعطاهم الاستعداد للوجود.
والعارفون يبصرون ولا يبصرون، وهم على علم منه سبحانه بذاته وصفاته، والجاهلون يبصرون ولا يبصرون، وهم على جهل به تعالی .
ويصح أن يكون قوله فرآه، أي القلب المستعد، أي الحق تعالى حيث تجلى به في عالم الشهادة فظهر ذلك القلب (بصورة ما تجلی)، أي الحق تعالى (له كما ذكرناه)، أي بالتجلي الشهادي.
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى أعطاه)، أي قلب العارف به (الاستعداد) لقبول فيض التجلي الشهادي (لقوله) تعالى ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى") [طه: 50].
فإعطاء كل شيء خلقه إعطاؤه استعداده لقبول الفيض والهداية ، ودلالته أنه هو الوجود لا غيره سبحانه، وهو ما أشار إليه بقوله :
(ثم رفع)، أي زال (الحجاب بينه) سبحانه (وبين عبده)، وهو حجاب عدم البعد فظهر في فور الوجود فانطرد عدمه الأصلي (فرآه)، أي رأى ذلك العبد الظاهر ربه تعالى متجليا عليه (في صورة معتقده)، أي ما يعتقده ذلك العبد في ربه من العقيدة الإيمانية.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالی (عین اعتقاده)، أي العبد من حيث الوجود المطلق الظاهر في تلك الصورة المقيدة الاعتقادية (فلا يشهد القلب ولا العين) من العارف والجاهل (أبدا)، أي في جميع الأحوال (إلا صورة معتقده).
أي ما يعتقده (في الحق) تعالى غير أن العارف لا يحصره سبحانه في اعتقاده دون اعتقاد غيره بل يعرفه في كل اعتقاد، ويعرف أنه من الضرورة الإمكانية ظهوره لكل عبد في صورة اعتقاده، وهو على ما هو عليه في نفسه من الإطلاق الحقيقي، وغير العارف يقيده في صورة اعتقاده فيجهله.
قال رضي الله عنه : (فالحق الذي في المعنقد)، أي في الصورة المعتقدة عند المعتقد لها (هو) الحق (الذي وسع القلب)، أي قلب العبد المؤمن به كما ورد في الحديث : "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن" .
(صورته)، أي مقدار ما يمكنه أن يعرف منه في حضرة الإمكان فإن حضرة الوجوب لا نهاية لها فلا يمكن أن تظهر في صورة الإمكان.
إلا بالصورة الممكنة على حسب ما اقتضته أسماؤها الحسنى ورحم الله تعالى الشيخ الإمام العارف الكامل سلیمان عفيف الدين التلمساني تلميذ صدر الدين القونوي الذي هو تلميذ المصنف الشيخ محيي الدين بن العربي قدس الله تعالى أرواحهم الطاهرة وأسرارهم الظاهرة حيث يقول من ابتداء قصيدة له:
منعتها الصفات والأسماء   …..         أن ترى دون برقع السماء
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي القلب الذي وسع صورة الحق تعالى (الذي يتجلی)، أي بنکشف الحق تعالی (له) في كل محسوس له ومعقول عنده (فيعرفه) بصورته التي وسعها قلبه ولا ينكره في صورة أصلا (فلا ترى العين)، أي عين العارف بالله كما لا يرى قلبه (إلا الحق) سبحانه (الاعتقادي)، أي الذي اعتقده بقلبه وتعتقده كل القلوب كذلك وتراه جميع العيون عند العارف به (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات) من جميع الناس في الحق تعالی تنوع لا يكاد يدخل تحت حصر في جميع الملل.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) تعالى في اعتقاد فهو الجاهل به، لأن ما قيده به خلقه لا ذاته فإنها مطلقة، وخلقه المقید وبالضرورة عنده (أنكره)، أي أنكر الحق تعالى إذا ظهر له (في) قيد آخر (غير ما قيده) هو (به) من قيود المعتقدين من الناس (وأقر)، أي صدق (به)، أي بالحق تعالى (في) عين (ما قيده به) من ذلك القيد (إذا تجلی)، أي انكشف له في الدنيا والآخرة.
(ومن أطلقه) تعالى (عن التقييد) الظاهر له في نفسه وغيره من تجليه سبحانه عليه في الدنيا والآخرة لضرورة قصور الإمكان عن ظهور كمال الواجب الحق تعالی في العيان .
قال رضي الله عنه : (لم ينكره) سبحانه في كل قيد ظهر له به (وأقر)، أي اعترف (له)، أي للحق تعالى بأنه هو سبحانه الظاهر (في كل صورة) محسوسة أو معقولة (يتحول فيها) في الدنيا والآخرة (ويعطيه)، أي الحق تعالی يعطي ذلك العبد المنجلي عليه المنحول له في كل صورة (من نفسه) سبحانه، أي حضرته المطلقة بالإطلاق الحقيقي (قدر صورة ما تجلى له فيها) من الإمداد الذاتي والعلم الصفاتي والسر السبحاني (إلى ما لا يتناهی) ذلك التحول في التجلي وذلك الإعطاء دنيا وآخرة قال رضي الله عنه : (فإن صور التجلي) الإلهي بالأعيان الإمكانية الثبوتية المعدومة بالعدم الأصلي على كل شيء (لا نهاية لها تقف عندها)، فهو يتجلى بالصور على الصور، فما من صورة محسوسة أو معقولة أو موهومة في الدنيا والآخرة والبرزخ إلا وهي تعرف الحق تعالى في صورة تجلی عليها بها.
ويتحول لها فيها بصورة أخرى غيرها، فيعرفه من عرفه وينكره من أنكره، وهو سبحانه على ما هو عليه في حضرة إطلاقه الحقيقي .
 وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان تظلب الزيادة من العلم به رب زدني علما)، ژبي زدني علماه، و زدني علما الأمر لا يتنامى من الطرفيني .
هذا إذا لك ك وخلق ، فإذا نظرت في قوله تعالى: «گن برجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به، إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق گله أو ځل گله هو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. في صورة ما تجلى عن صورة من قبل ذلك التجلي هو المتجلي والمتجلى له.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : (فإذا حصل له أمني للقلب هذا الاستعداد) الحاصل من التجلي الغيبي (تجلى له) أي تجلى الحق للقلب على قدر ذلك الاستعداد (تجلي الشهودي في الشهادة) .
وهذا التجلي من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلي له وهو ما أشارت إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
(فرآه) أي رأى القلب الحق في صورة ذلك التجلي (فظهر) الحق للقلب (بصورة ما تجلی) الحق (له) أي للقلب (كما ذكرناه فهو تعالى أعطاه) أي القلب أو العبد (الاستعداد) من التجلي الغيبي فيكون القلب مستعدة بالتجلي الشهودي (بقوله) أي بدليل قوله تعالى: " أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50] .
إشارة إلى إعطاء الاستعداد (ثم هدى) إشارة إلى التجلي الشهودي (ثم رفع الحجاب) بسبب التجلي الشهودي (بينه وبين عبده فرآه) أي العبد الحق .
قال رضي الله عنه : (في صورة معتقده فهو) أي الحق المرئي له (عین اعتقاده) إذ هو المتجلي له بصورة اعتقاده فما رآه إلا بها فإذا كان الحق عین اعتقاد العبد (فلا يشهد القلب) في الحقيقة بعين البصيرة (و) لا يشهد (العين) الحسنة (أبدا إلا صورة معتقده في) مرآة (الحق) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة (فالحق الذي في المعتقد) اسم مفعول (هو الذي وسع القلب صورته وهو) أي الحق الذي وسعه القلب صورته.
قال رضي الله عنه : (هو الذي تجلى له) أي القلب بحسب اعتقاده (فيعرفه) أي فيعرف القلب الحق لكون التجلي على حسب ظنه كما قال (أنا عند ظن عبدي) فإذا تجلى على خلاف اعتقاده فلا يعرفه بل ينكره.
قال رضي الله عنه : (فلا ترى العين) عند التجلي في الآخرة (إلا الحق الاعتقادي) أي الحق الثابت في اعتقاده لا غير قال رضي الله عنه : (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) بحسب الأشخاص الإنسانية ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) أي من قيد الحق وحصره في صورة اعتقاده كأصحاب العقول، (أنكره) إذا تجلى له (في غير ما قيد به وأقر به فیما قید، به إذا تجلى) له فيما قيد به فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده .
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه) أي أطلق الحق (عن التقييد لم بنکره واقر له في كل صورة يتحول) أي يتنوع ويتجلى له (فيها) كأصحاب القلوب من الكمال والعارفين (ويعطيه) أي ويعطي الحق (من نفسه) أي من عند نفسه (قدر) أي عظمة (صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهی) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ولا يحصر التعظيم في صورة غير مصورة ويعرفه في كل صورة ويعبده فيها .
قال رضي الله عنه : (فإن صورة التجلي ما) أي ليس (لها نهاية) حتى (يقف) المتجلي له (عندها) أي عند تلك الصورة فكما أن التجلي من الله ما له نهاية.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شيء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.  فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.  ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد ، تجلَّى له التجلَّي الشهوديّ في الشهادة ، فرآه فظهر بصورة ما تجلَّى له كما ذكرناه . فهو - تعالى - أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ، ثمّ رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحق ) .
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .
قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي تجلَّي له فيعرفه ، فلا يرى العين إلَّا الحق الاعتقاديّ ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ، فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى .  ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره ، وأقرّ له في كل صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له فيها إلى ما لا يتناهى ، فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية يقف عندها ، وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها )
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق . وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه : " فإذا حصل له : أعنى للقلب هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله – " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى " - ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده في الحق فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق "
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
"" أضاف بالي زادة :  حاصل هذا الكلام : 
أن التجلي الأول من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلى له على حسب التجلي .
والتجلي الثاني من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلى له ، وهو ما أشارت إليه الطائفة ، فقوله : "َعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " أي استعداده " ثُمَّ هَدى " تجلى له بالتجلي الشهودي ( ثم رفع الحجاب ) بسبب التجلي الشهودي ( بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو ) أي الحق المرئي له ( عين اعتقاده ) إذ هو المتجلى له بصورة اعتقاده ، فما رآه إلا بها ( فلا يشهد إلا صورة معتقده في ) مرآة ( الحق ) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة اهـ بالى . ""
 
وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه "  وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى "  فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
فما رأى إلا نفسه في مرآة الحق ، فمن هذه الأعيان من هو على الاستعداد الكامل ، فاستعداده يقتضي أن يرى الحق في جميع
صور أسمائه الغير المتناهية ، لأن استعداده لم يتقيد بصورة اسم ما ، بل توجه بإطلاقه إطلاقا من كل قيد ، ولم يحصره في حضرة بعض الأسماء بل يقابل كل حضرة من حضرات الأسماء التي تجلى فيها وبها بما في نفسه مما يناسبه من تلك الحضرة إلى إطلاق الحق عن كل قيد ، فذلك هو العارف المذكور الذي يكون قلبه أبدا بصورة من تجلى له على أي صورة وفي أي وجه تجلى .
قال رضي الله عنه : " فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي ، ولا خفاء في تنوع الاعتقادات فمن قيده أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى له ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ،"
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه  ( فإذا حصل له ، أعني للقلب ، هذا الاستعداد ، تجلى ) أي ، الحق .
( له التجلي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) أي ، فرأى القلب الحق في ذلك التجلي .
( فظهر ) أي ، القلب . ( بصورة ما تجلى له كما ذكرناه . فهو تعالى أعطاه الاستعداد ) كما أشار إليه بقوله : ( ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . ثم رفع ) أي ، الحق .
( الحجاب بينه وبين عبده ، فرآه ) أي ، رأى العبد الحق . ( في صورة معتقده . فهو عين اعتقاده ) . أي ، فالمرئي عين اعتقاد العبد ، لا غير ، لأنه رأى الحق من حيث اعتقاد خاص ، والحق عين اعتقاده ، كما قال : ( أنا عند ظن عبدي بي ) .
قال رضي الله عنه  ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق ) . أي ، فلا يشهد القلب بعين البصيرة الحق ولا العين أبدا الحسية إياه ، إلا على صورة ما يعتقده في الحق .
وهذا تعميم للحكم ، ليشمل الكامل وغيره : فالكامل يشهده في مقامي الإطلاق والتقييد بالتنزيه والتشبيه ، وغير الكامل إما منزه فقط ، وإما مشبه فقط ، وإما جامع بينهما لكن يقيده ببعض الكمالات دون البعض ، فيرى الحق بحسب اعتقاده .
قال رضي الله عنه  ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ) . أي ، فالحق الذي وسعه القلب ، هو الحق المتجلي في صورة الاعتقادات ، ( وهو الذي يتجلى له ، فيعرفه ) . أي ، هو الذي يتجلى للقلب بحسب اعتقاده ، فيعرفه .
وإذا تجلى بحسب اعتقاد غيره ، لا يعرفه وينكره .
( فلا يرى العين ) في الدنيا والآخرة عند التجلي .
( إلا الحق الاعتقادي ) . أي ، الثابت في الاعتقادات .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا خفاء في تنوع الاعتقادات : فمن قيده ،أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى) . كأصحاب الاعتقادات الجزئية .
( ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ) .
كأصحاب الاعتقادات الكلية والجزئية ، كالكمل والعارفين .
( ويعظمه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى مالا يتناهى ، فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ) . أي ، يعظم تلك الصورة التي تجلى له الحق فيها ، وينقاد لأحكامها ويعبدها عبادة يليق بمقامه .
وغير تلك الصورة من الصور التي يتجلى الحق فيها له ، أو لغيره من العباد إلى مالا يتناهى ، فلا ينكر الحق في جميع صور تجلياته ، ولا ينكر لمن حصل له ذلك التجلي ، فيعظمها ويعظم أصحابها ، سواء كان من أصحاب الظاهر ، أو الباطن ، إذ لا نهاية لتجليات الحق وصورها ليقف عندها . وفي بعض النسخ : ( تقف عنده ) .
أي ، تقف أنت عند ذلك التجلي الذي ما بعده تجلى آخر .  أو تقف صور التجليات عنده .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:54 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له) ولما توهم عود الضمير إلى كل عين مع أن التجلي الشهودي مخصوص (أعني للقلب)، فسره بقوله: أعني لما غلب (هذا الاستعداد) أي: مقتضاه من الوجود والعوارض التي فيها ما بعد التجلي الشهودي .
قال رضي الله عنه :  (تجلي له التجلي الشهودي) أي: المفيد شهود الحق برفع الحجب عن القلب، وذلك إما يتصور (في) عالم (الشهادة) أي: الوجود الخارجي الذي فيه الحجب، إذ رفع الشيء فرع ثبوته (فرآه القلب بانطباع صورة ما تجلى له فيه، فظهر) القلب المجرد في نفسه (بصورة ما تجلى له) المنطبعة فيه، فيكون بمقدار التجلي بخلاف التجلي الأول الكائن بمقدار استعداده.
كما قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو تعالی أعطاه) في التجلي الأول (الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد كما دل عليه (بقوله: "أعطى كل شيء خلقه")[طه: 40]  أي: قدر استحقاقه، فإن الخلق هو التقدير، ولفظ أعطى دل على أنه فعله اختيار أو أجرى مشيئته بذلك لا كما يقول الفلاسفة من أنه بطريق الوجوب؛ وذلك لأن العطاء إنما يحسن بقدر قابلية المعطي له واستحقاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم) في التجلي الثاني في حق من استحق (رفع الحجب) عن قلبه رفع الحجاب (بينه وبين عبده)، فليس فيه عطاء يفيد بمقدار قابلية المعطي له، بل هو رؤية شيء فيرى بمقداره فينطبع ذلك المقدار في المحل فيصير بقدره.
ولما لم يكن للحق تعالی مقدار في نفسه لعدم تناهيه بل في اعتقاد الرأي (فرآه في صورة معتقده) لا محالة، وإن كان قد يراه بصورة غير معتقدة أيضا، وليست تلك الصور صورة الحق المطلق، فليس بمرئي من حيث إطلاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو) أي: المرئي (عين اعتقاده) سواء كان صورة تنزيه أو تشبيه أو جامعة بينهما، والمرئي للقلب في الدنيا عند کشف الحجب هو المرئي للعين في الآخرة على سبيل الضرورة.
فلا يشهد القلب في الدنيا والأخرة (ولا العين أبدا) بطريق الضرورة (إلا صورة معتقده في الحق) إذ المرئي لا يخلو من صورة تنزيهه أو غيرها الحق المطلق غير مقيد بصورة، فهذا التجلي وإن لم يكن بمقدار قلب العبد وعينه فهو بمقدار اعتقاده.
فالحق (الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته)، فالقلب وإن صار واسعا في الغاية يضيق عما وراء معتقده مما هو أتم من معتقده في الكمال ما دام اعتقاده باقيا، (وهو) أي: الحق الذي وسع القلب صورته (هو الذي يتجلى له ) الرؤية بالعين في القيامة؛ لأن صفات القلب هي المتمثلة للعين يوم القيامة لا بد من ذلك، وإن جاز أن يتمثل له غيره أيضا مما هو أدنى من معتقده مع بقاء اعتقاده، فإذا تجلى له في صورة المعتقد (فيعرفه) أي: يقر به.
لأن كل متمثل لا بد وأن يكون صورة معتقد شخص، وإن أنكره الأخر؛ (فلا ترى العين إلآ الحق الاعتقادي) سواء كان في صورة اعتقاده أو اعتقاد غيره، فتختلف صوره التي يتجلى بها يوم القيامة بحسب اختلاف الاعتقادات.
وذلك لأنه (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) لتجويز البعض ظهوره بكل صورة بشرائط مخصوصة وقرائن دالة على أنه هو الظاهر فيها، فلا يلزم تصديق الشيطان والإنسان في دعوى الربوبية.
وكذا الملك إذا ادعاها لنفسه بإذن الله تعالى، ومنع البعض ظهوره في صورة التشبيه مطلقا، وبعضهم في الصور القاصرة، وبعضهم في صورة يمكن للغير إلى غير ذلك، ولا شك أنه يتجول في الصور على ما ورد في الصحيح.

قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن قيده) في ظهوره بصورة معينة كالتنزيه (أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به) متعلق بما بعده من قوله: (إذا تجلی) مع دلالة القرائن على أن الظاهر فيها هو الحق، كما ظهر بموسى عليه السلام في النار والشجرة فيفوته فوائد التجلي.
وهو مثل ما حصل لموسى عليه السلام فقلبه لا يختلف حاله ضيقا وسعة بل يكون عند التجلي دائما بمقدار الصورة التي اعتقد ظهوره فيها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن أطلقه) في ظهوره (عن التقييد) بصورة دون أخرى (لم ينكره) في أي صورة ظهر إذا دلت القرائن على أنه هو الظاهر فيها، (وأقر له في كل صورة يتحول فيها)؛ لأنه لما كان منزها عن الظهور كلها في نفسه مع أن له الظهور، فله أن يظهر بأي صورة شاء.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعطيه) هذا التجلي (من نفسه) أي: من عنده من غير أن يأخذ شيئا من التجلي له (قدر صورة ما يتجلى) له (فيها)، فيختلف قلبه ضيقا وسعة، وتحصل له تجليات أي: (إلى ما لا يتناهی)، فيستفيد من كل منها فائدة جديدة إلى غير النهاية بحسب تصور قلبه بصورة كل تجلي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف) التجلي (عندها)، إذ لا ترجيح لصورة على أخرى في الظهور بها .
إذ لا يشترط الكمال في الصور لورود الحديث في الصور المنكرة، ولا ينكر إلا للقصور مع أنه لا نهاية للصور في أنفسها سيما إذا لم يشترط الكمال فيها. 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له - أعني القلب - هذا الاستعداد تجلَّى له التجلَّي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) - ضرورة جمعيّته بين الغيب والشهادة - (فظهر بصورة ما تجلَّى له ) من الصور الغيبيّة الاستعداديّة
 
قال رضي الله عنه :  (كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ) [ 20 / 50 ] فإن خلق الشيء هو ما خصّ لوح قابليّته به من رقوم صوره المنوعة والمشخّصة ، ولا يكون ذلك إلَّا الاستعداد الأصلي الذي من التجلَّي الغيبي المحتجب بستائر الاندماج والكمون ، اندماج أوّل لامي الجلالة .
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ رفع ) ذلك ( الحجاب بينه وبين عبده ) بالتجلَّي العينيّ الشهاديّ ، وظهر على المشاعر ظهور ذلك اللام في الثاني من ذلك الاسم ( فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ) الذي هو صورة استعداده ، ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحقّ ) بين صورة الإحاطيّة الجمعيّة ، لأنّك قد عرفت أنّ ما عليه القلب هي صورة استعداده الأصلي .
 
 تنوّع التجليّات والاعتقادات
قال رضي الله عنه :  ( فالحقّ الذي في المعتقد ) - بكسر القاف - ( هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلَّى له فيعرفه ، فلا ترى العين إلَّا الحقّ الاعتقادي ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ) حسب تفاوت المعتقدين في درجات إدراكاتهم.
قال رضي الله عنه :  ( فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره ، وأقرّ له في كلّ صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له ) فيها بإقامة مراسم التعظيم والإجلال ، على قدر درجته في مرتبته ، كما قال شيخ الشيخ المؤلَّف أبو مدين :
لا تنكر الباطل في طوره   .....    فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منه بمقداره     .....   حتّى توفّي حقّ إثباته
فإنّ الحقّ يتحوّل في اعتقاد العارف في المجالي المتنوّعة المشتمل كل منها على الصور المترتّبة المنتظمة ( إلى ما لا يتناهي ) كما نظم الشيخ المؤلَّف :
لقد صار قلبي قابلا كلّ صورة     ....   فمرعى لغزلان ، ودير لرهبان
وبيت لأوثان ، وكعبة طائف      .....   وألواح توراة ، ومصحف قرآن
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية تقف عندها )
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
 
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له اعني القلب) في الحضرة العلمية (هذا الاستعداد) انكلى (تجلى الحق له)، أي للقلب (التجلي الشهودي في الشهادة) بعد وجوده فيها بالتجلي الشهادي وإذا حصل للقلب في العين الاستعداد الجزئي الذي عليه القلب بعد وجوده العيني تجلى له الحق التجلي الشهودي في الشهادة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فرآه)، أي القلب الحق في صورة ما تجلى له فيه (فظهر) القلب (بصورة ما تجلى له فيه) لا يفضل منه شيء (كما ذكرناه فهو تعالى أعطى له الاستعداد) الكلي أولا والجزئي ثانية كما أشار إلى ذلك بقوله : "أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، أي استعداده الكلي والجزئي على قدر معين (ثم هدى، أي ثم رفع الحق الحجاب بينه وبين عبده)، وتجلى له .
قال رضي الله عنه :  (فرآه) العبد (في صورة معتقده فهو)، أي الحق المرئي (عین اعتقاده)، أي عين الصورة الاعتقادية، فالحق المتجلي بصورة اعتقاده تابع لاعتقاده.
وحين تجلی الحق سبحانه بصورة اعتقاده يكون القلب بحسب ذلك التجلي من السعة والضيق، وإن لم يكن المتجلى له مقيدا باعتقاد خاص بل يكون هیولباني في الوصف.
فاختصاص التجلي بصورة خاصة إنما يكون بحسب الأمور الخارجة عن القلب المتجلى له من الأوقات والأحوال والشرائط ، وهذه الصور الخاصة تكون من بعض صور اعتقاده الهيولاني الوصف.
قال رضي الله عنه :  (فلا يشهد القلب) في التجليات المعنوية (ولا العين) في التجليات الصورية (أبدا) في الدنيا والآخرة سواء كان قلب العارف أو عينه أو قلب صاحب الاعتقادات الخاصة أو عينه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته وهو الذي يتجلى له)، أي للقلب (فيعرفه) وإذا كان القلب لا يسع إلا صورة المعنقد ولا ترى العين إلا ما وسعه القلب (فلا ترى العين) عنه تجلى الحق (إلا الحق الاعتقادي ولا خفاء في تنوع الاعتقادات)، بحسب الإطلاق والتقييد .
قال رضي الله عنه :  (فمن قيده) بصورة مخصوصة (أنكره في غير ما قیده به) من الصور إذا تجلى في غير صورة ما فید به (وأقر به فيما قيده به إذا تجلی) في صورة ما قید به
 
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ومن أطلقه عن التقييد) من العارفين والعاملين (لم ينكره) في صورة من الصور (وأقر به في كل صورة بتحول فيها ويعطيه من نفسه من اسم التعظيم والإجلال قدر صورة ما تجلی)، أي على مقدار مرتبة صورة ما تجلى (فيها) فإن لكل صورة من صور التجليات اقتضاء خاصة يقتضي نوعا خاصا وقدرة معينة من التعظيم والإجلال لا تقتضيه غيرها.
قال شيخ الشيخ المؤلف قدس الله سرهما:
لا تنكر الباطل في طوره      …..        فإنه بعض ظهوراته
واعطه منك بمقدار حقه         …..   حتى توفي حق إثباته
وهذه الصورة المتجلي فيها وإن كانت بحسب أنواعها منحصرة لكنها بحسب أشخاصها ذاهبة (إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية بقف) التجلي (عندها).



المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا حصل له . أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه , فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله: " أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]. ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده، فهو عین اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي).
فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد الكلي الذاتي في حضرة الثبوت تجلى له تعالى التجلي الشهادي في عالم الشهادة عندما لبس حلة الوجود.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض المقدس الذي تحصل به الاستعدادات الجزئية في الخارج، حضرة الأسماء الإلهية، عالم الشهادة آنا بعد آن.
 فرآه، أي رأى القلب المتجلی له، الحق المتجلي فظهر الضمير المستتر في قوله (فظهر)، عائد على الحق المتجلي لذلك القلب بصورة من صور اعتقاده التي تجلى له بها في حضرة الثبوت قبل، كما ذكرناه .
فهو تعالى أعطاه الاستعداد الكلي الذاتي بقوله: "أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]
بين أنه أعطى كل شيء خلقه و استعداده ، أو هدى لاكتساب الكمال ، ثم بعد ما أعطاه استعداده رفع الحجاب الذي هو الجهل، إذ لا حجاب إلا الجهل.
فالعبد حجاب على نفسه ، فلما رفع الحجاب بينه وبين عبده في عالم الشهادة فرآه العبد في صورة معتقده في ربه وقت التجلي.
فإنه كان أعطاه الاستعداد لرؤية الحق في كل صورة اعتقدها فيه.
فهو تعالى المنجلي لعبده في عين اعتقاده ، کان ما كان ذلك المعتقد، إذ لا يشهد العبد من الحق إلا علمه و اعتقاده، ولكن بين من اعتقد في الله الإطلاق وبين من اعتقد في إلهه التقييد بون بعيد، فلا يشهد القلب المشاهد عند التجلي، ولا ترى العين من الرائي عند التجلي أبدا إلا صورة معتقده في الحق تعالى وهو الحق المخلوق، فإنه ما عبد عابد الا ما اعتقده، وما اعتقد إلا ما أوجده في نفسه. فما عبد إلا مجعولا مثله.
وما هو إلا الحق تعالی فالحق المعتقد من كل ذي عقد من ملك وجن وإنسان مقلد أو صاحب نظر هو الذي وسع القلب صورته الاعتقادية.
فالقلب ستر فإنه محل الصور الإلهية التي أنشأتها الاعتقادات .


تنبه :
وسع القلب للحق تعالى متباين، فما كل قلب يسع الحق وسع قلب الإنسان الكامل أو العارف بالله ، ولو كانت القلوب متساوية في وسع الحق تعالى لوسعته السماوات والأرض، وقد قال تعالى في الحديث القدسي : "ما وسعتني أرضي ولا سمائي".
 
فما وسعته کوسع قلب العبد المؤمن العارف، فإذا كان مشهد العارف الكامل أبي يزيد والشيخ الأكبر رضي الله عنهما أن قلبه وسع الحق يرى أن العالم لا يسعه ، فكما أن العالم لا يسع الحق تعالى لا يسع هذا الكامل، فيتجلى تعالى لكل قلب بحسب وسعه واعتقاده.
وإن كل قلب بالصلاحية من كل إنسان قابل للتجلي الكمالي، وإنما كان كل مخلوق له اعتقاد يختص به في الحق تعالى لأن الأرواح المدبرة تابعة للأمزجة المدبرة، ولا يجتمع اثنان في مزاج واحد.
فما اعتقده الشخص فهو الذي يتجلى له فيعرفه ، لأنه عرف صورة إلهه في اعتقاده ، فلما تجلى له فيها عرفه فلا ترى العين ولا يشهد القلب إلا الحق الاعتقادي، فلم ير المخلوق إلا مخلوقا، فإنه لا يرى إلا صورة معتقده.
والحق وراء ذلك كله من حيث عينه القابلة لهذه الصور في عين الرائي، لا في نفسها.
فالصور التي تدركها الأبصار والصور التي تمثلها القوة المتخيلة كلها حجب، والحق من ورائها.
وينسب ما يكون من هذه الصور إلى الله تعالى فيقول العارف الكامل العالم بالله وبتجلياته قال لي الحق تعالى وقلت له وأشهدني كذا وكذا وأمرني بكذا وكذا ونهاني عن كذا وكذا دون الجاهل بالتجليات فإنه لا يعرف نجليه تعالی له واستتاره عنه ولا ظهوره له ولا بطونه عنه.
 
تکمیل:
إذا زعم العبد المتجلى له أنه رأى الحق تعالى فما رآه ، فلا يرى الرائي في التجلي إلا منزلته ورتبته ، فما رأى إلا نفسه واستعداده. 
إذ الحقيقة الإلهية أعطت، إذا شوهدت، أنه لا يشهد الشاهد منا إلا نفسه فيها، كما أنها لا تشهد منا إلا نفسها،المؤمن مرآة المؤمن، فالمؤمن الذي هو الله مرآة المؤمن الذي هو الولي، فإنه تعالی يتجلى لكل عبد بصورة اعتقاده الصورة التي يكون عليها في الحال، فيعرفه ويقربه، أو يكون عليها بعد ذلك فينگره حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها وظهر بها، فيعرفه حينئذ، فإن الله تعالى يعلم ما يؤول إليه، والعبد ما يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت الحاضر .
فالذين ينكرونه في الآخرة كونه تعالی تجلى في صورة غير صور اعتقاداتهم فيه، في الوقت الحاضر، وما تجلى لهم إلا في صور اعتقادات يكونون عليها ويبصرون إليها بعد، ويبدو لهم ما لم يكونوا يحتسبون. فإذا تجلى لك على غير صورة اعتقادك ورأيته، فلا تنكره إذا رأيت ما لا تعرفه حين ينكره غيرك .
وإنما هي صورتك، ما كان دخل وقت دخولك فيها، وظهورك بها، فإن الصور الاعتقادية تتقلب على المخلوق، وإنما كان يتجلى لعباده فيظهر لهم فيما لا يعرفونه في الدنيا والآخرة ليظهر لهم في حال النكرة. ولهذا أنكروه في الدنيا والآخرة إلا العارفين فإنهم لا ينكرونه في تجل من التجليات، فإنهم عرفوه مطلقا غير محصور في صورة.
 
قول سیدنا رضي الله عنه : (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات : فمن قيده أنكره في غير ما قيده به ، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهي، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها)،
يقول رضي الله عنه : لما ثبت أن الحق تعالى بتجلى لكل ذي اعتقاد في صورة اعتقاده ويتحول من صورة إلى صورة إلى صورة إلى صورة لزم من ذلك كثرة صور التجلي.
فإنه لا خفاء بتنوع الاعتقادات وکثرتها كثرة لا يحصيها إلا الله تعالى وإنما تنوعت الاعتقادات وتکثرت لتنوع الأسماء الإلهية وكثرتها، فهي مصدر الاعتقادات ومنشؤها.
فكما أن الأسماء الإلهية لا تحصى كذلك الاعتقادات لا تحصى، فكل صاحب عقد في الحق تعالى يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو الله فيعبده، وهو الله لا غيره، وما خلقه في ذلك القلب إلا الله .
ولهذا ورد في خبر أن الله خلق نفسه ، فهذا معناه ولو رد المحدثون هذا الخبر وأنكروه، فالأدلة العقلية تكثره باختلافها فيه، فاختلفت المقالات فيه تعالی باختلاف نظر النظار، وكلها حق، ومدلولها صدق.
والتجلي في الصور يكثره عند العارفين بالتجليات، فإنه ما تجلي في صورتين لواحد، ولا تجلی لاثنين في صورة واحدة ، والعين واحدة .
هذا في أهل التجلي العارفين بالله.
وأما العامة فيتجلى لهم في صور الأمثال، فتجتمع الطائفة في عقد واحد في الله تعالى كما اتفق من الأشاعرة والمعتزلة والحنابلة وغيرهم من سائر طوائف المسلمين وغير المسلمين.
وعلى كل حال لا بد من فارق بین اعتقاد كل شخص ولو بوجه ما تقول الطائفة العارف بالله ، لا يصح خطأ مطلقا في الحق تعالى وإنما الخطأ في إثبات الشريك، فهو قول بالعدم، لأن الشريك معدوم.
فالعارف الكامل لا يتقيد بمعتقد فينكره في معتقد آخر، فإنه عرف الإله المطلق ولو لم يكن للحق تعالى هذا السريان في الاعتقادات لكان بمعزل ولصدق القائلون بكثرة الأرباب.
وقد قال المحققون من أهل الله، إن المعرفة بالله ثابتة لكل مخلوق.
فإن الله ما خلق الخلق إلا ليعرفوه، فلا بد أن يعرفه الخلق ولو بوجه ما، فما عرفه أحد من كل وجه، ولا جهله أحد من كل وجه، فمعرفته تعالى إما کشفا أو عقلا أو تقليدا لصاحب کشف أو صاحب نظر.
والمعتقدون في الحق تعالى على نوعين: 
نوع يقيد إلهه في اعتقاده.
والنوع الآخر يعتقد في إلهة الإطلاق.
فمن قيده بأن أعتقد أن إلهه لا يكون إلا كذا وكذا، سواء كانت الصورة التي قيده فيها حسية أو عقلية أو خيالية ، أنكره إذا تجلى له في غير الصورة التي قيده فيها، وتعوذ منه إذا قال له أنا ربك، كما ورد في الصحيح.
أن ناسا من هذه الأمة يتعوذون من الحق تعالى إذا تجلى لهم في غير ما قيدوه به من الاعتقادات في الدنيا.
وما ينكره إلا الإنسان الحيوان، فإنه ما كل إنسان له الكمال، فمن قيده لا يعرفه إلا مقيدا بما قيده به في الدنيا والآخرة.
فإذا تحول ما تجلى له في الصورة التي قيده بها وعرفه وأقر له بأنه ربه ، فإنه لا يعرف ربه إلا مقيدا بما قيده به من الصور في اعتقاده، وهي العلامة التي بينه وبين ربه تعالى فإنه ورد في الصحيح أنه تعالى إذا تجلى لهذه الأمة وفيهم منافقوها .
وقال لهم: أنا ربكم
يقولون : نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه .
فيقول : هل بينكم وبينه علامة؟
فيقولون: نعم،
فيكشف عن ساق فيقرون به ويقولون أنت ربنا... "
الحديث بمعناه ، والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا والله واسع عليم.
يتجلى لهذه الأمة كلها بصورة اعتقاد كل واحد منها في الآن الواحد، والاقتدار الإلهي أعظم من ذلك، وإنما كان الشأن هكذا لأن الله جعل للإنسان قوة التصوير، فإنه جعله جامعا لحقائق العالم كله.
ففي أي صورة اعتقد ربه فعبده، فما خرج عن صورته التي هو عليها من حيث إنه جامع حقائق العالم، فلا بد أن يتصور في الحق إنسانيته على الكمال، أو من إنسانيته، ولو نزه ما عسي أن
ينزه، ولعموم التجلي الإلهي عبد كثيرون من نار ونور وملائكة وحيوان وشجرة وكواكب.
فالتجلي الإلهي عام في جميع الموجودات، ولا يكون إلا على أمزجة العالم والشارع بين المعبود بالحق من المعبود بالباطل.
وأما النوع الآخر من المعتقدین فهو من أطلقه، أي أعتقد، أن إلهه مطلق فما حصره في صورة دون صورة، ولا في اعتقاد دون اعتقاد، ولا حجر عليه الظهور بالصور والتجلي فيها، كما حجر عليه المتكلمون الناظرون بالنظر العقلي في معرفة الإله الحق. فهذا النوع الذي أطلق إلهه لم ينكره وأقر له بأنه ربه في كل صورة يتحول الحق إليها، ويتجلى فيها في الدنيا والبرزخ والآخرة.
وكل صورة يتجلى له فيها يقول إنه الله، وإن كانت صور التجلي كلها حادثة، لأن العارف عرف نفسه تتغير في كل يوم وليلة سبعين ألف مرة، وتتحول من كل صورة خاطر آخر، وكل خاطر تتصور بصورته ، والخواطر تصدر عن التجليات، فعرف ربه بكثرة صور تجلياته ، فإنه مخلوق على الصورة الإلهية ، وهو سبحانه كل يوم في شأن.
والشؤون هي تجلياته لعباده وإظهار ما لهم من الأحوال ، فلهذا أعظم ما تكون الحيرة في أهل التجلي لاختلاف الصور عليهم في العين الواحدة.
والحدود تختلف باختلاف الصور والعين لا يأخذها ولا تشهد، كما أنها لا تعلم علم إحاطة، فمن وقف مع الحدود التابعة للمصور حار ، ومن علم أن ثم عينا تتقلب في الصور في أعين الناظرين لا في نفسها علم أن ثم ذاتا مجهولة لا تعلم ولا تشهد ولا تحد.
ومن هنا فشت الحيرة في المتحيرين، وهي عين الهدی.
فمن وقف مع الحيرة حار، ومن وقف مع كون الحيرة هدى وصل، فالذي أطلق الحق ولم يقيده لا ينكره في صورة من الصور، ويقر له في كل صورة، ويعطيه من نفسه المتجلي لها قدر ما تستحق الصور المتجلي فيها.
فإن الحق تعالى متى أقام نفسه في خطابه إيانا في صورة ما من الصور فإنها تحمل عليه أحكام تلك الصورة، لأنه لذلك تجلی فيها هذا إذا كان التجلي في الصور الممثلة على صورة المحسوس، فيكون لها حكما المحسوسات.
 وليست بمحسوسات، فينقل إليها ذلك الحكم ليعلم أن للظهور في صورة ما من الموجود المنزه عن التأثير حكم الصورة التي ظهر فيها.
فانتقل الحكم إلى الذي كان لا يقبله قبل هذا الظهور في الصورة التي هذا الحكم لها، كما انتقل حكم البشر إلى الروح لما ظهر بصورة البشر، فأعطى الولد الذي هو عيسی، وليس ذلك من شأن الأرواح، ولكن انتقل حكم الصورة إليه لقبوله للصورة.
فمن ظهر في صورة كان له حكمها، والتجلي الإلهي يكون في كل صورة من العرش إلى الذر، ففي أي صورة تجلي وتحول تعالى أعطى المتجلى له حكم تلك الصورة إلى ما لا يتناهی من التجليات.   فإن صور التجلي لا نهاية لها تقف عندها. 
وفي كل تجل یعلم العارف بالله علما لم يعلمه من التجلي الآخر، هكذا دائما في كل تجل، ولا يدوهم التجلي لأحد من أهل الله العارفين به إلا للأفراد رضي الله عنهم فالضمير المستند في (يعطيه) في قول سیدنا رضي الله عنه : (ويعطيه من نفسه) يعود على العبد المتجلى له، فإنه هو يعطي المتجلي تعالى قدر صورة ما تجلى له فيها لا كما فهمه بعضهم.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:55 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، ومحلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : (وكذلك)، أي مثل كثرة صور التجلي من الحق تعالى (العلم بالله) تعالى (ما له غاية)، أي نهاية (في العارفين به) سبحانه يقف ذلك العلم (عندها) وإن تنوعت المعارف به تعالى واختلفت إلى وجوه كثيرة على حسب الناس من السالكين والواصلين.
على أنه لا وصول إليه سبحانه بل الكل سالكون، والسلوك منهم مختلف على حسب اختلاف الهمم، واختلاف الهمم على قدر الطلب، والجذب من جهة الحق تعالى لهم بسبب صفاء الأحوال وصدق المعاملة (بل هو)، أي الشأن العارف بالله تعالى (في كل زمان) إلى يوم القيامة (يطلب الزيادة) على ما عنده (من العلم به)، أي بالله تعالى فيقول : ("رب"، أي يا رب (" زدني علما") [طه: 114] بك كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بالله تعالی ومع ذلك هو محتاج إلى زيادة العلم: "وقل رب زدني علما" ،
ثم كرر المصنف قدس سره ذلك الطلب ثلاث مرات
فقال : ("ربي زدني علما" ، "ربي زدني علما" ) فهو تكرار تأكید لفظي..
أو الأول طلب الزيادة من العلم بحضرات الأفعال الربانية.
والثاني ثم الأسماء والصفات الإلهية.
والثالث ثم غيب الذات العلية.
و الأول في مواطن الدنيا.
والثاني في موطن البرزخ.
والثالث في موطن الآخرة.
والأول باعتبار تجلیات عالم الملك في الأجسام.
والثاني باعتبار تجلیات عالم الملكوت في النفوس.
والثالث باعتبار تجلیات عالم الجبروت في الأرواح.
أو الأول علم القيود.
والثاني علم الإطلاق.
والثالث علم الحقيقي وهو الإطلاق عن الإطلاق.
أو الأول علم الفرق الأول.
والثاني علم الجمع.
والثالث علم جمع الجمع، وهو الفرق الثاني .
أو الأول علم العامة .
والثاني علم الخاصة .
والثالث علم خاصة الخاصة.
فالأمر الذي هو التجلي في الصور والعلم بالمتجلي فيها (لا يتناهی) في الدنيا والآخرة (من الطرفين)، أي من طرف الحق سبحانه ومن طرف العبد .
قال رضي الله عنه : (هذا) يكون (إذا قلت) يا أيها السالك (حق) موجود بنفسه مطلق بالإطلاق الحقيقي (وخلق) قائم بالحق مقيد بالصور الحسية والعقلية والوهمية (فإذا نظرت) يا أيها السالك (في قوله سبحانه في الحديث القدسي (كنت رجله)، أي العبد المتقرب بالنوافل (التي يسعى بها) وهي رجله الوجودية الحقيقية القائمة بنفسها لا رجله التي لا يسعى بها وهي صورة المرئية العدمية (و) کنت (يده التي يبطش بها) وهي الوجودية الحقيقية لا التي يبطش بها وهي الصورة العدمية.
قال رضي الله عنه : (و) کنت (لسانه الذي يتكلم به) كذلك (إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء) من سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (لم تفرق) .
يا أيها السالك حينئذ بين الحق تعالی والخلق، فالحق تعالی عندك هو الوجود المطلق، وهو الظاهر في كل ما هو مسمى بالخلق في الحس والعقل من الصور، وإن كانت الصور من حيث ما هي صور في نفسها مع قطع النظر عن الظاهر بها خلق عندك أيضا .
ولكن هذا الاعتبار يبطن عندك عند ظهور الحق تعالى، وعدم فرق بينه وبين الخلق كما ذكر.
فقلت حينئذ (الأمر) في نفسه (حق كله) من غير خلق أصلا لإنطماس آثار الأعيان الممكنة عند تجلی نور الوجود الحقيقي المطلق (أو) قلت:
إذا اعتبرت الصور الظاهرة بالوجود الحق أن الأمر في نفسه (خلق كله)، ولا حق في الحس ولا في العقل، لأنه الوجود المطلق والغبب الذي حقيقته لا تدرك ولا تلحق وإذا رجعت إلى الاعتدال في الأحوال.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الأمر في نفسه (خلق بنسبة) الصور المشهودة في الحس والعقل (وهو) أيضا ذلك الأمر في نفسه (حق بنسبة) الوجود القائم على الصورة المشهودة (والعين)، أي الذات وهي في نفس الأمر لا بقيد حس ولا عقل.
 
قال رضي الله عنه : (واحدة) لا تعدد فيها ولا ترکیب لها مطلقا (فعين صورة ما تجلی)، أي العين الحقيقة المنجلية المنکشفة في صورة من الصور هي بعينها (عين صورة من)، أي تلك الحقيقة المنجلية بصور الشخص الذي (قبل ذلك التجلی)، أي الانكشاف المذكور في تلك الصورة الأولى .
قال رضي الله عنه : (فهو) سبحانه (المتجلي) بصيغة اسم الفاعل أي المنکشف بأي صورة شاء (و) هو أيضا (المتجلى له) بصيغة اسم المفعول والصور هي الفارقة بين جميع الحضرات.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.  فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : (وكذلك العلم  بالله ما) أي ليس (له غاية في العارفين) حتى (يقف) العارف (عندها) إذ العلم ينبع التجلي قوله (بل هو العارف) ضمير الشأن قوله :
(في كل زمان) متعلق بقوله : (يطلب الزيادة) أي من الله (من العلم به "رب زدني علما " "رب زدني علما " "رب زدني علما "  فالأمر الإلهي لا يتناهي من الطرفين) وهو التجلي من طرف الحق والعلم من طرف العارف فلما تكلم في مقام الكثرة وأحوالها رجع إلى مقام الوحدة وأحوالها.
قال رضي الله عنه :  : (هذا) المذكور (إذا قلت الأمر حق وخلق) أي إذا نظرت امتيازهما وجمعت بين التشبيه والتنزيه فقد أثبت الحق والخلق .
(وإذا نظرت في قوله تعالی كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به إلى غير ذلك من القوى ومحلها) أي المحل (التي هي الأعضاء لم تفرق) بين الحق والخلق قال رضي الله عنه : (فقلت الأمر) أي الموجود (حق كله) هذا إن كان الوجود للحق والعبد مرآة له (أو خلق كله) هذا إن كان الوجود العبد والحق مرآة له.
فلما ذكر هذا التفصيل أشار إلى المقام إلا على مقام الكمل بقوله: (فهو حق بنسبة) أي بوجه (وخلق بنسبة) فلا يحجب العارف بالنظر إلى أحدهما عن الآخر بل جمع بينهما بنظر واحد .
(والعين) القابلة لهذه الاعتبارات المختلفة (واحد) في ذاته لا يندد بقبول الاعتبارات الكثيرة فإذا كان العين وهي حقيقة الوجود واحدة .
قال رضي الله عنه : (فعين صورة ما تجلی) أي صورة المتجلي (عين صورة ما قبل ذلك التجلي فهو) أي الحق المتجلي بوجه والمتجلي له بوجه، وإن اختلفت الأحكام في المتجلي (والمتجلي له).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.  «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.  فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.  فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ، " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ، " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " إلى ما لا يتناهى من الطرفين . هذا إذا قلت : حق وخلق ، فإذا نظرت في قوله : " كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلَّم به " إلى غير ذلك من القوى ومحالَّها التي هي الأعضاء ، لم تفرق .
فقلت : العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها كلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .



فقلت : (الأمر حق كلَّه أو خلق كلَّه ، فهو حق بنسبة وهو خلق بنسبة والعين واحدة ، فعين صورة ما يتجلَّى عين صورة من يقبل ذلك التجلَّي ، فهو المتجلَّي والمتجلَّى له ، فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق الأسماء الحسنى ).
 
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق . وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.  فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : "وكذلك العلم باللَّه ليس له غاية في العارف يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به - رب زدني علما ، رب زدني علما ، رب زدني علما - فالأمر لا يتناهى من الطرفين " .
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.
"" أضاف بالي زادة :  (فلا خفاء في تنوع الاعتقادات ) بحسب الأشخاص ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه ( فمن قيده ) إلخ .
( إذا تجلى له ) فيما قيد به ، فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ، ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده ( ومن أطلقه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى ) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ، ولا يحصر التعظيم في صورة غير صورة ويعرفه في كل صورة ويعهده فيها .اهـ بالى .
( فقلت الأمر ) أي الموجود ( حق كله ) هذا إن كان الوجود الحق والعبد مرآة له ( أو خلق كله ) هذا إن كان الوجود العبد والحق مرآة له ، فلما ذكر هذا التفصيل أشار إلى المقام الأعلى مقام الكل ( فهو حق بنسبة ) أي بوجه ( وخلق بنسبة ) فلا يحجب العارف بالنظر إلى أحدهما عن الآخر بل جمع بينهما بنظر واحد .
(والعين) القابلة لهذه الاعتبارات (واحدة) في ذاتها لا تتعدد بقبول الاعتبارات اهـ. بالي زادة""
 
قال رضي الله عنه : "هذا إذا قلت حق وخلق ، فإذا نظرت في قوله « كنت رجله الذي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلم به » إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله ، فهو خلق بنسبة وحق بنسبة والعين واحدة ، فعين صورة ما تجلى عين صورة ما قبل ذلك التجلي ، فهو المتجلى والمتجلى له "
يعنى أن الحقيقة والعين الأحدية واحدة لا تتكثر أصلا إلا بالاعتبار ، فإذا نظرت إلى الحقيقة المتعينة بأي صورة كانت قلت حق باعتبار الحقيقة وخلق باعتبار التعين هذا إذا نظرت إلى الحقيقة الأحدية قلت الذات أو الحقيقة فحسب.
 وإذا نظرت إلى تحققها الذاتي قلت حق وإذا نظرت في مفهوم الحديث ورأيت أن جميع القوى والأعضاء ليست إلا عين العبد .
قلت خلق كله أو حق كله بإحدى النسبتين نسبة الوحدة أو الكثرة ، فإن اعتبرت نسبة الوحدة إلى الكثرة قلت إله ، وإن اعتبرت ظهور الواحد الحق في صورة الكثرة قلت المتجلى هو المتجلى له ، وإن اعتبرت أحدية الجميع نفيت الغير وقلت العين واحدة فإن أحدية جميع الوجود يحكم بنفي السوي ويشهد قوله – " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " فانظر عجائب أمر الله من حيث هويته ، فإنه أحد لا كثرة فيه بحسب ذاته وحقيقته ، وإله واحد من حيث نسبته إلى العالم بالمعاني المختلفة التي هي حقائق الأسماء ، فأعجب ولا تغب عنه في التجليات الغير المتناهية فإنه أمر واحد لا موجود غيره :
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.  فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه  ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ) . أي ، العلم بالله أيضا ليس له غاية في قلوب العارفين ليقف العارف عندها . ( بل العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به : " رب زدني علما ، رب زدني علما ، رب زدني علما " . فالأمر لا يتناهى من الطرفين ) .
أي ، الذي هو العارف يطلب الزيادة من العلم في كل زمان من الأزمنة ، كما قال لنبيه : ( وقل رب زدني علما ) .
فالأمر الإلهي لا يتناهى من طرف الحق بالتجلي ، ومن طرف العبد بالعلم بالله .
( هذا إذا قلت حق وخلق ) . أي ، إذا نظرت إلى مقام الجمع والتفصيل ، وميزت بينهما .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإذا نظرت في قوله تعالى : " كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش به ، ولسانه الذي يتكلم به"  . إلى غير ذلك من القوى ومحلها الذي هو الأعضاء ، لم تفرق ) . أي ، بين المرتبتين .
( فقلت الأمر حق كله ، أو خلق كله ، فهو خلق بنسبة ، وهو حق بنسبة ) . ( الأمر ) بمعنى المأمور . أي ، الموجود كله حق بحسب ظهوره في مرآيا الأعيان الثابتة ، وهي على حالها في عدمها .
أو خلق كله باعتبار ظهور الإنسان في مرآة الوجود الحق ، وهو على غيبه الذاتي .
أو قلت : خلق بنسبة ، وهي من حيث تعين الوجود وتقيده . أو : حق بنسبة .
وهي باعتبار الوجود بدون التعين الموجب للخلقية .
( والعين واحدة ) . أي ، يعتبر هذه الاعتبارات كلها ، والحال أن الذات التي عليها تطرأ هذه الاعتبارات واحدة ، لا تعدد فيها ولا تكثر .
قال رضي الله عنه  (فعين صورة ما تجلى ، عين صورة ما قبل ذلك التجلي ، فهو المتجلي والمتجلى له ) . فعين الصورة المتجلية على القلب ، بعينها عين الصورة القلبية في الحقيقة ، وإن اختلفت بالقابلية والمقبولية ، فالحق هو المتجلي والمتجلى له .
.
يتبع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:56 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».  فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قال رضي الله عنه : (وكذلك) أي: مثل هذا التجلي الشهودي (العلم بالله ما له نهاية) باعتبار التفاصيل الواقعة (في) اعتقادات (العارفين)، ومعارفهم .
(يقف) علمهم واعتقادهم (عندها)، وإن وقفت معارف اهل النظر كلهم على حد مخصوص (بل هو): أي الذي لا يرى نهاية للعلم به هو( العارف)، فذلك يكون في كل زمان يطلب الزيادة في العلم .
بأن يقول رضي الله عنه  : ("رب زدني علما") بتفاصيل الاعتقادات والمعارف، رب زدني علما بتكثير الأدلة على كل معتقد صحيح، رب زدني علما بكشف الحجب عن المعتقدات، فإنه يشبه العلم الحاصل بالحس، وهو من المعلوم عند الأشعري، وكيف لا؟
وقد سمع الله تعالى يقول لا علم الخلق به: "وقل رب زدني علما" [طه:114].
وقد أوجب علينا متابعته صلى الله عليه وسلم والمتكلم إنما يطلب زيادة في تحرير الأدلة وتكثيره ورفع الشبهات.
قال رضي الله عنه : (فالأمر) أي: أمر المعارف والاعتقادات (لا يتناهي من الطرفين)، طرف الطالب في الاستزادة وطرف المطلوب منه في الإفاضة، (هذا) أي: القول بعدم تناهي الأمر من الطرفين إنما يتصور (إذا قلت) الظاهر في الصور (حق) إن كان ذو الصورة واجب (وخلق) إن كان ممكنا ففرقت بينهما.
قال رضي الله عنه : (وإذا نظرت في قوله تعالى) في الحديث القدسي رواه البخاري ومسلم («كنت رجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به" إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق) بين الحق والخلق في الصور الظاهرة، فلا يكون عندك طرفان حتى تقول فلا يتناهى الأمر بينهما.
قال رضي الله عنه : (فقلت الأمر) أي: أمر الظاهر (حق كله) إذ الظهور للوجود لا للأعيان، (أو خلق كله) إذ الظهور إنما هو بالصور والصور كلها حادثة، وليس هذا نفيا لأحد الطرفين
بالكلية، بل للفرق بينهما في نظر الكشف، كما لا فرق بين الخمر والزجاج في نظر الحس، لكن بينهما فرق في الواقع، (فهو خلق بنسبة) أي بالنظر إلى كونه بالصورة، (وهو حق بنسبة) وهو النظر إلى كونه الوجود، ولكن لا فرق بينهما في نظر الكشف إذ (العين) المشاهدة منهما واحدة، وهذه (واحدة) تظهر في التجلي الشهودي، (فعين صورة ما تجلى) من الحق في التجلي الشهودي (فعين صورة ما قبل) بكسر التاء (ذلك التجلي) من الحق.
وإن كانت الصورتان مختلفتين قبل هذا التجلي لكن اتحدا بعد التجلي؛ (فهو المتجلي والمتجلی له) في نظر الكشف، ومن هنا قال من قال: "أنا الحق" و"سبحاني ما أعظم شأني" .
"" أضاف المحقق : قال الإمام الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الإجلال، فنطق بما استهلکه لذهوله في الحق عن رؤيته إياه فلم يشهد إلا الحق تعالی فنعته.
فنطق به ولم يكن من علم ما سواه ولا من التعبير عنه ضنا من الحق به.
ألم تسمعوا مجنون بني عامر لما سئل عن اسم نفسه؟
فقال: لیلی فنطق بنفسه ولم يكن من شهوده إياه فيه.
وقيل له: من أنت؟
وقال الشيخ الشهاب السهروردي: وهكذا ينبغي أن يعتقد في الحلاج قوله أنا الحق. ""
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه :  وكذلك العلم باللَّه ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل ) الحقّ ( هو العارف ) يترقّى ( في كلّ زمان ) ويظهر في تجدّدات أدواره وتنوّعات أطواره .
قال رضي الله عنه :  ( يطلب الزيادة من العلم به ) ، فتارة بلسان وجه العارف داعيا :( "رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) [ 20 / 114 ] .
وتارة بلسان وجه الحقّ وهويّته قائلا رضي الله عنه  : ( " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) * وتارة بلسان الوجه الجمعي سائلا : ( " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) ويمكن أن يجعل هذه التكرار إلى مراتب اليقين من العلم والعين والحقّ .
فإنّ لكلّ مرتبة من علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين مدارج في الكمال غير محصورة ، فيقتضي الحال طلب الزيادة ، لكن الوجه الأوّل أليق ربطا في هذا السياق وهو قوله رضي الله عنه  : ( فالأمر لا يتناهي من الطرفين ) يعني الحقّ والخلق .
 
قال رضي الله عنه :  (هذا إذا قلت : « حقّ وخلق » وإذا نظرت في قوله : « كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلَّم به » - إلى غير ذلك من القوى ) التي هي مبادئ الإدراكات والأفعال ( ومحالَّها التي هي الأعضاء - لم تفرّق ) في نظرك هذا ( فقلت : « الأمر حقّ كلَّه » أو : « خلق كلَّه " ).
 وإذا كان الأمر ذا وجهين :
( فهو خلق بنسبة ، وهو حقّ بنسبة ، والعين واحدة ، فعين صورة ما تجلَّى عين صورة من قبل ذلك التجلَّي ، فهو المتجلَّي والمتجلَّى له)
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  )
 
قال رضي الله عنه :  (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها)، أي عند تلك الغاية فلا يزيد عليها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل هو)، أي العارف أو الشأن أن (العارف في كل زمان يطلب) بلسان الاستعداد (الزيادة من العلم به)، أي الحق فإنه في كل مرتبة يحصل له من العلم ما يستعد به لمرتبة أخرى فوقها فتقول في زمان ما ( "رب زدني علما" ) [طه: 114] .
فإذا ازداد علمه واستعد العلم آخر يقول: ثلاثا ("رب زدني علما") هكذا إلى ما لا يتناهی .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالأمر)، أي أمر العلم (لا يتناهي من الطرفين)، أي طرفي الحق والعبد فلا الطلب ينتهي من جانب العبد ولا التجلي من جانب الحق.
هذا الذي ذكرنا من إثبات الطرفين وجعل أحدهما متجلية مفيضة للعلم والأخر متجلى له وطالبة لزيادة العلم إنما ينحفق (إذا قلت هناك خلق وحق) و میزت بينهما بأن جعلت مرتبة الجمع والإجمال حقا ومرتبة الفرق والتفصيل خلقة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا نظرت في قوله تعالى) على لسان نبيه: (كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق) بين المرتبتين بل جعلتهما أمرا واحدا ظهر بنسبتي الوحدة والكثرة .
 
قال رضي الله عنه : ( الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه :  (فقلت: الأمر) الذي كلا منا فيه وهو الوجود (حق كله) باعتبار جهة الوحدة (أو خلق كله) باعتبار جهة الكثرة (فهو خلق بنسبته)، وهي جهة الكثرة (وحق بنسبته) بومي جهة الوحدة (والعين) في الإعتبارین
قال رضي الله عنه :  (واحدة فعين صورة ما تجلی) بالتجلي الشهادي أو الشهودي (عين ما قبل ذلك التجلي، فهو أي الحق هو المتجلي أو المتجلى له.)

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قول سیدنا رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به : "رب زدني علما"، "رب زدني علما"، "رب زدني علما" (طه: الآية 114). فالأمر لا يتناهي من الطرفين).
يقول رضي الله عنه  : وكذلك تجليات الحق تعالى لا نهاية لها تقف عندها.
وكان كل تجل يعطى علما خاصا كان العلم بالله من طريق تجلياته ما له غاية في العارفين بالتجليات يقف عندها.
يقول بعض سادات القوم : السير إلى الله له نهاية ، والسير في الله ما له نهاية.
فلا غاية إلا من حيث التوحيد، أعني توحيد العقل، وهو توحيد الأسماء، لا من حيث الواردات.
فالتجلي الإلهي لا يتناهی من حيث أسماؤه، فإن التكوين لا ينقطع، فالمعلومات لا تنقطع، وكل ما لم يدخل في الوجود فلا يتناهی، وليس إلا الممکنات، ولا يعلم من الله إلا ما يكون منه، وهي آثار أسمائه، إما کشفا عن شهود وتجل، أو إلهاما.
فلا علم لأحد إلا بمحدث ممکن ، ولا يعلم الله من حيث الذات إلا الله .
ولا يعلم المحدث إلا محدثا مثله ، يكونه الحق تعالى فالذي يتخيل أنه علم الله فلا صحة لتخينه لأنه لا يعلم الشيء إلا بصفته النفسية الثبوتية.
والعلم بصفة الحق النفسية الثبوتية محال.
ثم اعلم أن القائلين إن للعلم بالله نهایة هم القائلون بالرأي وسبب قولهم هذا أنهم نظروا إلى استعداداتهم ، فلما لم يتمكن لهم أن يقبلوا من الحق إلا ما تعطيه استعدادتهم، حصل الاكتفاء بما قبله استعداد القابل.
وضاق عن الزيادة ، قالوا بالبري والنهاية في العلم بالله .
وأما الكاملون فلم يقولوا بالري ولا قالوا للعلم بالله غاية ونهاية .
يقول بعضهم :
شربت الحب كأسا بعد كأس  …..         فما نفد الشراب وما رويت
بل العارفون في كل زمان فرد يطلبون الزيادة من العلم بالله ، فهو کشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا :
(كالحوت ظمآن وفي البحر فمه)
وليس غرض القوم إلا العلم المتعلق بالله الحاصل من التجليات الإلهية ، لا العلم الحاصل من طريق العقل والنظر.
فإن ذلك ليس بعلم عند الطائفة العلية لما يطرأ عليه من الشبه والشكوك، فإن العلم الصحيح لا يحتمل النقيض .
ومما كتبه سيدنا الشيخ الأكبر إلى فخر الدين الرازي رحمه الله وقد كان سأل عن مسائل فأجابه عنها: يا أخي، لا تأخذ من العلم إلا ما ينتقل معك إلى الدار الآخرة، وليس ذلك إلا العلم بالله وبتجلياته .
وكيف يصح لأحد أن يقول بالنهاية في العلم بالله وهو يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم وقد أعطاه علم الأولين والآخرين، أعني أعلمهم بالله : "وقل رب زدني علما" [طه: 114]
وما أمره إلى وقت معين ولا حد محدود، بل أطلق الأمر بطلب الزيادة دنيا وبرزخا وآخرة.
والعلم المأمور به صلى الله عليه وسلم  بطلب الزيادة منه هو العلم بالله وبتجلياته لا الزيادة من الأحكام الشرعية.
فإنه صلى الله عليه وسلم  كان ينهى أصحابه الكرام عن السؤال خوفا من زيادة الأحكام رحمة بأمته، ويقول: «ومن أظلم ممن سأل عن شيء فحرم من أجل سؤاله».
ويقول لهم : "اتركوني ما تركتم ".
ويقول: "إن الله سكت عن أشياء رحمة بكم فلا تبحثوا عنها" . رواه الطبراني
وذكر سيدنا الآية الشريفة أنشأ منه طلبا للزيادة لا حكاية وكررها ثلاثا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد ثبت أنه كان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، لتفهم عنه.
فالأمر الذي هو طلب العارف الزيادة من العلم دائما وإجابة الحق تعالى طلبه بتجليه له لا يتناهي من الطرفين.
أما من جانب الحق تعالى فإنه ليس في ذلك الجناب منح إنما هو عطاء واسع يسع جميع المخلوقات لا ينقطع ، وفيض دائم لا زال ولا يزال.
فلا منع إلا من جهة القوابل، فمن لم يقبل العطاء فلا يلومن إلا نفسه. 
فالقوابل هي الجانية على أنفسها، وأما من جانب العارف فإن الاستعداد الذي يكون عليه يطلب علما يحصله، فإذا حصله أعطاه ذلك العلم استعدادا عرضا لعلم آخر.
فإذا علم بما حصل له أن ثم أمرا يطلبه استعداده الذي حدث له ، بالعلم الحاصل من الاستعداد الأول يعطش إلى تحصيل ذلك. 
فالعارف عطشان دائما، والتجلي دائم إلى ما لا يتناهی من العارف.
ومن الحق تعالی قول سيدنا رضي الله عنه : (هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله: «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به. إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء، لم تفرق قلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلی عين صورة من قبل ذلك التجلي فهو المنجلي والمتجلي له, ).
يقول رضي الله عنه : أن ما ذكرناه من الاثنينية والتفرقة بين المتجلي تعالى والعارف المتجلى له من حيث التفرقة بين الحق والخلق.
وأن أمر الوجود حق وخلق مغاير له، وهو قول من توهم أن الله ليس عين العالم، وفرق بين الدليل والمدلول ولم يتحقق بالنظر أنه إذا كان الدليل على الشيء نفسه ، فلا يضاد نفسه.
وكل من فرق بين الدليل والمدلول الحق والخلق لزمة القول بالجملة ، شاء أم أبي فإذا نظرت في قوله تعالى كما ثبت في الصحيح في الحديث الرباني: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به" .
"" ورد في البخاري : "بلفظ : قال رسول الله : إن الله قال : من عادى لي
وليا فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه . وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته». ورواه ابن حبان والبيهقي وغيرهم.
إلى غير ذلك من القوى الباطنة الروحانية ومحالها التي هي الأعضاء الظاهرة.
فعند نظرك في هذا الخبر الإلهي الصدق لم تفرق بين الحق والخلق، ولا قلت بالإثنينية ، وقلت الأمر الوجودي حق كله، فإنه تعالى أثبت التقرب إلى عبده بما نسب إليه من الفعل، وأخبر أنه تعالى قربه التقرب الذي عبر عنه الحق أنه جميع قواه وأعضاؤه، فإنه أثبت تعالی عین العبد بإعادة الضمير إليه من قوله (رجله ویده ولسانه). 
وأثبت أنه ما هو العبد، فإن العبد ليس هو هو إلا بقواه فإنها من حده الذاتي .
 
""أضاف الجامع : وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله فكل حول وقوة فى السماوات والأرض وعالم الملك والملكوت والجبروت واللاهوت وكل ما خلق الله من جنة ونار و خلق (الإنسان - الملائكة - الجن والشياطين - حيوانات - الأسماك - الحشرات - الجراثيم - الفيروسات - الهواء - الماء - النار - التراب والمعادن والإلكترونات والنيوترونات وكل الخلايا و الموجات الطيفية والطاقة) هي أوجدت ومستمرة بالتحرك والسكون وتؤدي وظيفتها بانتظام ودقة في كل المجرات والسدم بحول وقوة الله وحده لا شريك له.
فما أعجب أمر الله ذي الجلال والجمال والإكرام عز سلطانه من حيث هويته السارية في كل شيء كان الأمر حقا كله ، ومن حيث نسبته إلى العالم وظهوره في حقائق الأسماء الحسنى وتشكل الأسماء الحسني بالصور كان الأمر خلقا كله.
قال أبو يزيد رضي الله عنه : الحق عين ما ظهر وليس ما ظهر عينه، فهو تعالى عين الأشياء في رتبة التقييد وليست الأشياء عينه فيها، فلا ظهور لشيء لا تكون هويته عين ذلك الشيء.
فمن كان وجوده بهذه المثابة كيف يقبل الإطلاق أو التقييد، فالعالم مرتبط بالحق ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه، لأنه وصف ذاتي له من حيث أسماؤه.
هكذا عرفه العارفون به تعالی. ""


كما قال : "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" [الأنفال : الآية 17].
مفهوم الآية من طريق الإشارة: ما أنت محمد إذ تدعى محمد! ولكن أنت الله .
أو تقول : ما رميت من حيث ظاهرك إذ رمیت من حيث باطنك، ولكن الله رمى، یعني باطنك حق وظاهرك خلق.
كذلك هنا، ما هو العبد إذ يدعى بالعبد ، ولكنه الحق تعالى فالصورة والمعنى من العبد له تعالى، إذ الإشارة بلغت عین الكل، فما كان العبد عبدا إلا به تعالى، كما لم يكن الحق قواه إلا به. لأن أسم العبد ما انطلق إلا على المجموع.
وقد أعلمنا الحق من هو المجموع بقوله : 
کنت رجله ... إلى آخر القوى الباطنة ومحالها الظاهرة، فكان العبد حقا كله.
وليس المراد من قوله : كنت أنه لم يكن ثم كان، وإنما المراد الكشف عن ذلك بسبب التقرب بالنوافل، وكذلك العالم كله إنسان كبير كامل فحكمه حكم الإنسان.
وهوية الحق باطن الإنسان، وقواه التي كان بها عبدا.
فهوية الحق قوى العالم التي كان بها إنسانا كبيرا، فالعالم كله حق، والصور وإن كانت عين الحق فهي أحكام الممکنات في عين الحق، والحق أن الحق عين الصورة فإنه لا يحويه ظرف ولا تغيبه صورة . 
وإنما غيبه الجهل به من الجاهل، فهو يراه ولا يعلم أنه مطلوبه .
فقال : إله، وقل : عالم، وقل: أنا؛ وقل: أنت، وقل: هو.


والكل في حضرة الضمائر ما برح وما زال:
انظر إلى وجهه في كل حادثة     ……   من الكيان ولا تخبر به أحدا


هذا بنسبة، أو قلت : الوجود خلق كله بنسبة أخرى، فإنه تعالى ظهر بهذه المرتبة وسمي نفسه بالخلق، فليس إلا الله وحده.
ويسمي خلقا لحكم الممكن في تلك العين، وهذا الحكم عن معین معدومة، فالمتكلم والمكلم عين واحدة في صورتين بإضافتين، فإنه العين الواحدة الجامعة لوجهي الحق والخلق.
فـ للخلق منها ما يستحقه الخلق، وللخلق منها ما يستحقه الحق.
مع بقاء كل وجه في مرتبته، كما تعطيه ذاته في غير حلول ولا اتحاد ولا امتزاج، فهو خلق بنسبة، وذلك من حيث تشكل الأسماء الإلهية بالصور. فله الإمكان.
وهو حق بنسبة، وذلك من حيث العين القابلة للصور الأسمائية عليها، فله الوجوب والإمكان، فهو الواجب الممكن والمكان والمتمكن المنعوت بالحدوث والقدم.
كما نعت تعالي كلامه القديم بالحدوث مع اتصافه بالقدم فقال : " مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ " [الأنبياء: الآية 2].


الضمير من (يأتيهم) يعود على صور الأسماء محدث، فنعته بالحدوث فيو حادث عند صورة الرحمن، ثم اعلم أنه إذا أثر المحدث في المحدث، ولا يؤثر الله تعالى كيف ظهر المؤثر في الظاهر بصورة الحق فانفصل المنفصل وتأثر لصورة الحق لا للحق .
فقد تلبس في الفعل الخلق بالحق في الإيجاد، وتلبس الحق بالخلق في الصورة التي ظهر وصدر عنها الأثر في الشاهد، كما ظهر عن الحق فهذا حق خلق، والعين واحدة جامعة بين الحق والخلق.
وعلى ما تقرر، فعين صورة تجلي في أي صورة كان التجلي عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو عين واحدة في صورتين.
فهو التجلي والمتجلی له، كما أنه الشاهد والمشهود، المتكلم السامع لا بل هو العابد المعبود، فله التجلي له، وله الستر عنه.
 فتختلف عليه الصور فينكر حاله، مع علمه أنه هو، وهو ما تسمعه من قول الإنسان عن نفسه، إني في هذا الزمان أنكر نفسي، لأنها تغيرت على، وما كنت أعرف نفسي هكذا، وهو هو ليس غيره.
فانظر ما أعجب أمر الله جل جلاله وعز سلطانه من حيث هويته السارية في كل شيء كان الأمر حقا كله ، ومن حيث نسبته إلى العالم وظهوره في حقائق الأسماء الحسنى وتشكل الأسماء الحسني بالصور كان الأمر خلقا كله.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:56 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.  فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه . فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه . فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه . فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه . وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه )
 
قال رضي الله عنه : (فانظر) يا أيها السالك (ما أعجب أمر الله) تعالى الواحد القديم الظاهر بالصور الحادثة كلها إلى الأبد باعتبار قيامها به إيجادا وإمدادا (من حيث هويته)، أي حقيقته الواحدة المطلقة بالإطلاق الحقيقي .
قال رضي الله عنه : (ومن حيث نسبته) تعالى، أي كونه متوجها (إلى) صور (العالم) كلها (في حقائق أسمائه الحسنى) الأزلية يتحول بها في الصور على مقتضى ما تطلبه من الآثار، فيظهر في صورة الشاهد وصورة المشهود، وصورة الغافل والمغفول عنه، والعارف والمعروف، وأنواع كثيرة من غير أن يتعدد أو يتكثر أو يتحول في نفسه، أو يتبدل عما هو عليه في الأزل من إطلاقه الحقيقي، وإذا علمت هذا [شعر]
قال رضي الله عنه : (فمن) يعني كل شيء من كل عين محسوسة أو معقولة (ثمة)، أي هناك يعني في الحس والعقل في الدنيا والآخرة عند العارف والجاهل والمعتقد والمنكر (وما ثمة)، أي هناك من كل حال من أحوال عين من الأعيان المذكورة (وعين) واحدة (ثم)، أي هناك وهي المعروف الذي يتجلى لقلب العارف في كل شيء هو اعتقاد الجاهل الذي يؤمن به ويكفر بما عداه فإن الجمع (هو)، أي هويته الحقيقية والذات الغيبية (ثم)، أي هناك ظاهر في كل ما ذكر من الصور (فمن قد عمه)،
أي الحق تعالى بأن قال بعموم ظهوره في كل شيء (خصه)، أي كان ذلك القول تخصيصا له بما يعلم ذلك القائل من كل شيء، والحق تعالی أعم من ذلك التعميم المذكور بحيث يعود تعميمه تخصیص من السعة التي لا نهاية لها (ومن قد خصه).
أي خص الحق تعالى باعتقاد اعتقده فيه ونفي عنه ما عدا ذلك الاعتقاد فإنه قد (عمه)، أي عم الحق تعالی بذلك التخصيص من جهة أن اعتقاده الذي خصص الحق تعالی به دون كل ما عداه من الاعتقادات، هو اعتقاد من جملة الاعتقادات كلها، مساو لها عند دعواه أيضا بأنه تعالى لا يشابه شيئا من الحوادث.
وذلك الاعتقاد الذي خصه به حادث مثل بقية الاعتقادات، والكل مخلوق، وقد قال تعالى: "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" [الملك: 3].
وقال تعالى: "الله خالق كل شيء" [الرعد: 16].
فمساواة اعتقاده الذي خص الحق تعالی به لجميع الاعتقادات كلها بل لجميع الصور المحسوسات والمعقولات أمر لازم لذلك التخصيص، فيلزم من ذلك التخصيص التعميم سواء شعر صاحبه أو لم يشعر.
(فما عين) من جميع الأعيان المحسوسة والمعقولة أو الموهومة موجودة أصلا (سوی)، أي غير (عين) واحدة فقط، ولكنها ظاهرة في جميع صور الأعيان الكثيرة المذكورة، ثم بين تلك العين الواحدة حيث قال (فنور)، أي فهي نور من قوله تعالى: "الله نور السماوات والأرض" [النور: 35]، وذلك من حيث البطون، وأما من حيث الظهور فإن (عينه)، أي عين ذلك النور يعني ما يعاين منه (ظلمة)، لأن عينه هي الصورة الممكنة العدمية الكثيرة في الحس وفي العقل وفي الوهم والخيال في الدنيا وفي الآخرة.
(فمن)، أي فالإنسان الذي (يغفل عن) استحضار (هذا) المشهد المذكور (يجد في نفسه غمة)، أي حزنا شديدا وهما مديدة لتعلق خواطره بالأغيار وافتتان بصیرته بفتن هذه الدار.
فتراه يبغض هذا ويحقد على هذا ويحسد هذا ويداهن هذا ويراعي هذا ويخون هذا ويكذب على هذا ويحتقر هذا ويخاف من هذا، إلى غير ذلك من أحوال الغافلين وظلمات المحجوبين الجاهلين، والله تعالى بصير به في جميع ذلك ومطلع عليه من حيث لا يشعر في كل ما هنالك.
قال سبحانه : "أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون" [الزخرف: 80].
(ولا يعرف ما قلنا هنا) من هذه الأسرار وشواهد هذه الأنوار (سوی)، أي غير (عبد) من عباد الله تعالى المخلصين العارفين به سبحانه.
(له همة) عالية لا ترضى بخسيس الأحوال و الأسافل من لذات الدنيا السريعة الزوال.
ولا تنطق إلا بمعالي الأمور ولا يقف بها المسير دون الوصول إلى حقيقة النور.
قال الله تعالی :

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
فانظر ما أحجب أمر الله من حيث هويته) فإنه واحد في حد ذاته لا تعدد ولا كثرة فيه لأنه غني عن العالمين من هذا الوجه .
(ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى) فإنه مثکثر بهذا الوجه فلا ينافي وحدة ذاته فإنه واحد بالذات كثير بالأسماء فإذا كانت العين واحدة في الأمور المتكثرة.
شعر :
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه
قال رضي الله عنه : (فمن ثمة) أي في الوجود أو في العالم استفهام الأولي العقول (وما ثمة) استفهام لغير ذوي العقول (وعين ثمة) أي في ذوي العقول (هو) أي العين الذي في ذوي العقول (ثمة) أي عين العين الذي في غير ذوي العقول معناه أخبر وفي عين العقلاء وغير العقلاء.
أي شيء هما في الوجوه والحال أن العين الذي في العقلاء هو العين الذي في غير العقلاء فليس في الوجود إلا هو لا غير .
والذي ظهر في صورة العقلاء في مرتبة هو الذي ظهر في صورة غير العقلاء في مرتبة أخرى فإذا كان كذلك
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
قال رضي الله عنه : (فمن قد عمه) أي الذي عم العين إلى الأفراد المخصوصة .
(خصه) أي خص ذلك العين لا غير إذ العالم يقتضي خاصة ليشمله (ومن) قد (خصه) أي جعله خاصة تحت عام (عمه) ذلك الحين الذي جعله خاصة إذ الخاص يقتضي
العام أيضا لكونهما من الأمور المتضائقة التي لا يدرك أحدهما بدون الآخر .
فالعين واحدة ظهرت في مرتبة بصورة العموم وأخرى بصورة الخصوص فالضمائر عائدة إلى العين باعتبار الوجود أو باعتبار الحق .
فما عين سوی عین   …..   فنور عينه ظلمة
(فما) أي فليس. مع أن النور متضاد للظلمة إذ لا تضاد في الأشياء من حيث الوجود والحقيقة .
فإذا التضاد يقتضي الغير ولا غير بهذا الوجه فلا تضاد
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
(فمن يغفل عن هذا) المقام مقام الوحدة (يجد في نفسه) أي في قلبه (غمة) بضم الغين المعجمة أي الظلمة وهي حجاب الكثرة
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه
قال رضي الله عنه : (ولا يعرف ما قلنا ) من أن العين واحدة في حد ذاته وكثيرة الأسماء والصفات (سوی عبد له همة) أي الذي لا يقنع بظواهر العلوم التي تحصل بنظر العقل بل يطلب العلم الذي يحصل عن كشف إلهي وهو صاحب قلب كما قال تعالى في القرآن المجيد "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب".

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى. فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه  . فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه . فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه . فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه . وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قوله: فمن ثم غير الله؟ وما ثم غير الله؟ وهما استفهام بمعنى الجحد والتقرير" لكون الحق ليس معه غيره.
قوله: وما عين سوی عین الحق فهو نور عينه كالظلمة، لكونه ينبهم معناه على غير أهل الشهود.
وأما الغمة التي يجدها من يغفل، فهي غمة فقده لنفسه، لأنه يرى الحق تعالى قد ملك عليه نفسه التي هي ذاته فكان الحق الذي لم يزل، وفني الباطل الذي لم يكن ولا شك أن المحو والمحق والسحق الذي تجده هذه الطائفة ظاهره غمة.
قال : ولا يعرف ما قلنا سوى عيد له همة إلهية لا كونية، ثم فضل، رضي الله عنه، القلب على العقل لورود الآية الكريمة وهي قوله تعالى: "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب" [ق : 37] .
ولم يقل له عقل ولذلك كانت أرباب القلوب أشرف من أرباب العقول.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال رضي الله عنه :
فمن ثمّ ؟ وما ثمّ ؟   .....   وعين « ثمّ » هو ثمّة
يستفهم رضي الله عنه على بصيرة بـ « من » و " ما " في نفس الحقيقة عنها ، ويثبت أنّ الحق هو هو في كل عين عين .
« ثمّ » أي في الواقع الموجود المشهود .
قال رضي الله عنه :
فمن قد عمّه خصّ  ....        ومن قد خصّه عمّه.
أي : الحق الذي عمّ ما ثمّ بالوجود خصّ كلّ متعيّن بخصوصية وحكم وصورة وهو إن خصّه كذلك بخصوصية تخصيصه بعين عين ، فقد عمّها بالحقّية والوجود ، فكان عين الكلّ هو هو ولا غير .
 
قال رضي الله عنه :
فما عين سوى عين  ....   فنور عينه ظلمة
فمن يغفل عن هذا     .....  يجد في نفسه غمّة
ولا يعرف ما قلنا     ....  سوى عبد له همّة
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : "فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى ) .
" كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " فانظر عجائب أمر الله من حيث هويته ، فإنه أحد لا كثرة فيه بحسب ذاته وحقيقته ، وإله واحد من حيث نسبته إلى العالم بالمعاني المختلفة التي هي حقائق الأسماء ، فأعجب ولا تغب عنه في التجليات الغير المتناهية فإنه أمر واحد لا موجود غيره :
( فمن ثمة وما ثمة    ....   وعين ثمة هو ثمة )
استفهم بمن وما عن الحقيقة الأحدية على بصيرة ، لأن الحق عين كل شيء عاقل وغير عاقل ومعنى ثم في الواقع المشهود وعين ثم هو ثمة : أي وعين موجود في الواقع هو نفس الواقع ، إذ الواقع عينه ليس غيره .
( فمن قد عمه خصه   ....   ومن قد خصه عمه )
فمن قال بأنه يعم الكل من حيث كل خصه بأنه عين كل واحد ، ومن قال بأنه خصوصية كل واحد عمه بأنه شمل الكل من حيث هو كل .
"" أضاف بالي زادة :  (فمن ثم ) أي في الوجود استفهام لأولى العقل ( ومما ثم ) استفهام لغير ذوى العقل ( وعين ثم ) أي في ذوى العقول ( هو ) أي العين الذي في ذوى العقول ( ثمة ) أي في غير ذوى العقول معناه أخبروني عن العقلاء وغير العقلاء أي شيء هما في الوجود ، والحال أن العين الذي في العقلاء هو العين الذي في غير العقلاء .
فليس في الوجود إلا هو لا غير ، والذي ظهر في صورة العقلاء في مرتبة هو الذي ظهر في صورة غير العقلاء في مرتبة أخرى .
فإذا كان كذلك ( فمن قد عمه ) أي الذي عم العين إلى الأفراد المخصوصة ( خصه ) أي خص ذلك العين لا غير إذ العام يقتضي خاصا ليشمله ( ومن قد خصه ) أي جعله خاصا تحت عام ( عمه ) أي عم ذلك العين الذي جعله خاصا إذ الخاص يقتضي العام أيضا لكونهما من الأمور المتضايفة ، فالعين واحدة ظهرت في مرتبة بصورة العموم ، وأخرى بصورة الخصوص ، فالضمائر عائدة إلى العين باعتبار الوجود أو الحق اهـ بالى .""
 
( فما عين سوى عين   ...        فنور عينه ظلمه )
يعنى أنه إذا كان عين كل شيء فكل عين عين العبد الأخرى ليس غيرها ، فالنور عين الظلمة ، والظلمة عين النور ، وكذا جميع المتضادات لأنها حقيقة واحدة :
( فمن يغفل عن هذا   ....        يجد في نفسه غمه )
لاحتجابه وجهله فهو مغموم أبدا :
( ولا يعرف ما قلنا     ....   سوى عبد له همه )
أي همة عظيمة : أي همة لا تقنع من الشيء إلا باللب الذي هو الحقيقة ، فلا يقف مع الصور والظواهر والتعينات

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال رضي الله عنه  "فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته ، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق الأسماء الحسنى " .
أي ، فانظر ما أعجب أمر الله أنه من حيث هويته واحدة ، ومن حيث نسبته إلى العالم وحقائق الأسماء الحسنى ، التي تطلب العالم ، متكثرة .
 
قال الشيخ رضي الله عنه شعرا :
( فمن ثم وما ثمة   ....    وعين ثم هو ثمة )
( من ) و ( ما ) للاستفهام . إستفهم ب‍ ( من ) لأولى العقل ، ب‍ ( ما ) لغير أولى العقل ، لأنهما واقعان في الوجود .
أي ، إذا كان العين واحدة ، فانظر ما ثم ومن ثم ، وليس في الوجود غيره تعالى ، ظهرت في صورة هي التي ظهرت في صورة أخرى .
وتذكير ( ( هو ) ) العائد إلى ( العين ) باعتبار الحق ، أو الشئ والوجود .
 
(فمن قد عمه خصه    .....   ومن قد خصه عمه )
ضمير ( عمه ) و ( خصه ) عائد إلى ( العين الواحدة ) ، والمراد به ( الوجود ) لذلك
ذكره .
أي ، الذي قد عمم الوجود وبسطه على الأعيان ، هو الذي خصه أيضا بجعله وجودا معينا . ومن خصص الوجود وجعله مهية معينة ، هو الذي عممه بالنسبة إلى أفراد تلك المهية .
أو من قال بأن الوجود عام ، فقد خصه ، لأن العموم أيضا قيد مخصص .
ومن قال بأن الوجود معنى خاص ، فقد عممه أيضا ، لشموله على كل ما في الوجود .

(فما عين سوى عين  .....    فنور عينه ظلمة )
أي ، إذا كان عين العالم عين الخاص وبالعكس ، فليس عين سوى عين ، بل عين كل أحد عين العين الذي للآخر .
فعين ( النور ) هو عين ( الظلمة ) وبالعكس ، لاتحاد حقيقة الكل ، وهي عين الوجود .
اعلم ، أن ( النور ) قد يطلق ويراد به الضياء المحسوس ، وقد يطلق ويراد به الوجود : فإنه الظاهر بنفسه والمظهر لغيره .
و ( الظلمة ) أيضا يطلق على ما يقابل المعنيين :
وهو ظل الأرض أو جزء منها ، والعدم .
فقوله : ( فنور عينه ظلمة ) باعتبار المعنى الأول لهما ، فإنهما وجوديين ، لكونهما محسوسين . وقولهم : ( الظلمة عدم النور ) .
رسم لها ، إذا أريد بها المعنى الأول ، باعتبار أن الظل يستلزمه . وإذا أريد بها المعنى الثاني ، فحد لها .
(فمن يغفل عن هذا     ....    يجد في قلبه غمة )
الغم بضم ( الغين ) ، هو الكرب ، ويستعمل في الظلمة مجازا . والمراد هنا الحجاب .
ومنه ( الغمام ) أيضا ، لأنه يستر الشمس . أي ، ومن يغفل عن مقام الوحدة ، تبقى في حجاب الكثرة وظلمتها ، لأن الوحدة منبع النور ، والكثرة منبع الظلمة .
(ولا يعرف ما قلناه     .....    سوى عبد له همة )
أي ، لا يعرف هذا المعنى إلا من له همة قوية : لا يقنع بظواهر العلوم ، ولا يقف عند مبلغ علماء الرسوم من العلم ، بل يقدر على خرق الحجب الناتجة من كثرة الصور ، ليصل إلى ما لا يصل إليه الفكر .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:57 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال رضي الله عنه: ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى. فمن ثم وما ثمه ... وعين ثم هو ثمه . فمن قد عمه خصه ... ومن قد خصه عمه . فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه . فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه . وما يعرف ما قلنا ... سوى عبد له همه)
قال رضي الله عنه: (فانظر) ما أعظم (ما أعجب أمر الله) في التجلي الشهودي حيث صار الواحد متجليا (من حيث هويته) ومتجلی له (ومن حيث نسبته إلى العالم)، والحيثيتان (في حقن الأسماء الحسنى).
فإنها من جهة وجوها باعتبار عينيتها للذات متجلية ومن حيث إمک۔ متجلي لها، والذات من حيث أنها غنية عن العالمين لا تكون متجلية ولا متجلي لها فيه فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم زاد تعجبنا.
فقال رضي الله عنه  : (فمن ثم وما ثمة) أي: هل في هذا التجلي الحق للتجلي أن الخلق المتجلي له، وهل فيه الوجود أو الصورة؟
وكيف تفرق (وعين ثم هو شمه) أي والحال أن العين الواحدة الموجودة في المتجلي والوجود هي الموجود في المتجلي - والصورة وتذكير الضمير العابد إلى العين لكونها بمعنى الشيني.
ثم بالغ فقال رضي الله عنه : (فمن قد عمه خصه، ومن قد خصه عمه) .
أي: وجعل الوجود أعر صورة خاصة، والصورة الخاصة وجودا عاما، وإذا كان المتجلي نفس المتجلي له والوجود نفس الصورة مع التقابل بینهما، (فما عين سوى عين) وإن كان بين الصورتين تقابل (فنور عينه ظلمة)، وإن كانت ضده صورة، وإذا كان كذلك فلا ظلمة في حق المكاشف، وإنما هي في حق الغافل.
قال رضي الله عنه : (فمن يغفل عن هذا يجد في نفسه غمه) من وجد أن الظلمة بخلاف الكاشف، فإنه مستريح بكل حال، ولهذا يقولون: الحمد لله على كل حال، ويرون في ک شيء كماله، فيتلذذون به.
ثم قال في بيان هذا المستريح (ولا يعرف ما قلنا) من كون الكل عبنا واحد.
فيري في كل شيء محبوبه الذي يتلذذ به (سوى عبد له همه) بترقي بها، من الخلق إلى الخالق، ومن النقائص إلى الكمالات، ومن الآلام إلى اللذات، وذلك برؤيته عينا واحدة تجلت في صور غير متناهية.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال رضي الله عنه :   (فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويّته ) الذاتيّة العينيّة ، التي تقتضي إسقاط النسب  .
قال رضي الله عنه :  ( ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى ) حيث أنّ الحيثيّتين لهما عين واحدة ، وأنّ الحقّ فيها عين الحيثيّتين المتقابلتين مع وحدته الآبية عن الثنويّة والتقابل.
وهذا هو كمال الوحدة الذاتيّة ، حيث أنّه لا خارج عن واحدها أمر يثبت به للثنويّة حكم ، ويصحّ هناك نسبة ، إليه أشار في النظم المفصّح :( فمن ثمّ ؟ وما ثمّه ؟ )
منكرا جاحدا للأشخاص والماهيّات من ذوي العقول وغيرهم أن يكونوا في الخارج والواقع ، أو في تلك الحضرة ، المشار إليها في صورة الاستفهام المعرب عن الاستبعاد ، تقريرا لذلك الجحد .
 
قال رضي الله عنه :  ( فعين ثمّ ، هو ثمّه ) أي عين تعيّن في الواقع ، أو تحقّق بتلك الحضرة ، هو عين تلك الحضرة أو الواقع - أيّتهما شئت فقل .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن قد عمّه ) وأطلقه عن القيود المشخّصة والفصول المنوّعة ( خصّه ) بالإطلاق ، ونزّهه بالتنزيه الرسمي ( ومن قد خصّه ) بتلك القيود والفصول المعيّنة للعين ( عمّه ) وأطلقه عن الإطلاق المقابل للتقييد ، ونزّهه بالتنزيه الحقيقي ، كما سبق تحقيقه غير مرّة .
وإذا كان تعيين الأعيان عين تعميمها : ( فما عين ) من الأعيان الشخصيّة ( سوى عين ) آخر منها ، وإذا كان نور الإطلاق إنّما يظهر في دياجير القيود المعيّنة العدميّة ( فنور عينه ظلمة ) ضرورة تراكم الحجب الكونيّة على العين الظاهرة ، وهي ظلمات بعضها فوق بعض .
قال رضي الله عنه :  ( فمن يغفل عن هذا ) بتراكم الحجب الحاجزة له عن إدراك الحقّ ،( يجد في نفسه غمّة )لأنّ المحجوب مغموم أبدا جاهل ( ولا يعرف ما قلنا ) من الإطلاق الذاتي .
( سوى عبد له همّة ) يأنف بها أن يقلَّد أحدا في عقيدته حتّى يظهر الأمر له في مدرجة استعداده الفطري وسكينته الذاتيّة ، فلا سفينة في هذه اللجج إلَّا السكينة .
ثمّ إنّ هذه الدقيقة الجليلة لمّا كانت من المسائل الغامضة التي لا يصل إليها العقول بقوتها النظريّة أصلا ، لاستلزامه الجمع بين النقيضين ، واحتوائه للضدّين - وهو من أجلى البديهيّات من المستحيلات عندها .
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
 
قال رضي الله عنه :  ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.  فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه . فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه . فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه . فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه . وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه )
قال رضي الله عنه :  (فانظر ما أعجب أمر الله) وشأنه (من حيث هويته) الغيبية التي تقتضي إسقاط النسب (ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى) فأمره وشأنه من حيث هويته تقتضي حقائق الأسماء التنزيهية ، ومن حيث نسبته إلى العالم سائر الأسماء.
فقوله في حقائق الأسماء مرتبط بقوله : أمر الله حيث يكون الأمر الواحد الذي هو الحق بإطلاقه الذاتي ظهر في الحيثيتين المتقابلتين وهو فيهما عينهما مع وحدته المقدسة عن التنزيه والتقابل .
(فمن ثم)، أي في الواقع وهو إنكار لوقوع الماهيات والأشخاص من ذوي العقول. وقوله : (وما ثم) إنكار لوقوعها من غير ذي العقول (وعين) تعين (ثم)، أي في الواقع (هو) أي الحق (ثمه)، أي في الواقع أي كل عين تعين بتعين مخصوص في الواقع هو الحق بعينه فيه .
(فمن قد عمه خشه.. ومن قد خصه عمه) 
وأطلقه عن القيود ونزهه عن الإطلاق المقابل للتقييد وإذا ثبت هذا الإطلاق.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فما عين) من الأعيان (سوی عین) أخر (فنور) في أي مرتبة كانت (عينه ظلمة) يقابل باعتبار هذه الحقيقة المطلقة فإنها هي التي تظهر بصور المتقابلات .
(فمن يغفل عن هذا) الذي ذكرناه من معنى الإطلاق .
(بجد في نفسه غمه)، لأنه يجهل الأمر على ما هو عليه و الجاهل مغموم أبدا .
قال رضي الله عنه :  (ولا يعرف ما قلنا .. سوى عبد له همه ) قوية عالية لا تقنع بظواهر العلوم ولا يقف عند مبلغ علماء الرسوم، بل يخرق العادات ويرفع حجب التعينات ولا برضى من كل شيء إلا باللب لا تسكن مع القشور أبدا.



المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه  )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فانظر ما أعجب أمر الله) جل جلاله وعز سلطانه (من حيث هويته) السارية في كل شيء كان الأمر حقا كله ، (ومن حيث نسبته إلى العالم) وظهوره (في حقائق أسمائه الحسنى) وتشكل الأسماء الحسني بالصور كان الأمر خلقا كله.
قول سيدنا رضي الله عنه :  ( فمن ثم ومن ثمة )
 
 يقول رضي الله عنه مستفهما استفهام إنكار فإن (ثم) ظرفا بمعنی (هناك) ، وقد يجيء هناك بمجرد الاستبعاد.
أنكر إشارة من يشير إلى خلق بلا حق ويجعل الحق بعيدا من الخلق منعزلا عنهم (ومن ثمة)كذلك استفهام استبعاد وإنكار لا إشارة من يشير إلى حق بلا خلق، والحق هاء السكت بثم، وهي لغة.
وفي بعض شراح مسلم (ثم) بلا هاء، يدل على المكان البعيدوبهاء يدل على المكان القريب.
 
قول سيدنا رضي الله عنه :     ( وعين ثم عين ثمة )
يقول رضي الله عنه : المشار إليه بالخلق هو عین الحق، فلا يشار إلى الحق وحده وإلى الخلق وحده.
وذلك كما يقال في الجوهر أنه قائم بنفسه ، ظاهر، شخص من أعيان غير ظاهرة، هي مجموعة، وليست عينه وليس لها وجود إلا عينه.
فمن الجوهر ومن الصفات النفسية هكذا هذه الحضرة فهو حق في عين ما هو حق، إذا ظهر كان خلقا، وكيف يخلي الكون عنه تعالى والكون لا يقوم إلا به.
يقول سيدنا رضي الله عنه :
دنى فتدلى رب عبد وعبده      ……      فلما التقينا لم يكن غير واحد
 
يرى الرائي صور الممكنات وهي أحكام الأعيان الثابتة في الوجود الحق 
فيقول ثم ما ليس ثم ما ليس ثم لأنه لا يقدر أن ينكر ما شهد، كما أنه لا يقدر أن يجهل ما علم المعلوم في هذه المسألة و خلاف المشهود المرئي بالعين .
 
تنبيه :
اعلم أن الإنسان لا يخلو أن يكون واحدا من ثلاثة بالنظر إلى حكم الشرع:
1- إما أن يكون ظاهريا محضا متغلغلا بحيث يؤدي ذلك إلى التجسيم والتشبيه، فهذا مذموم و مذهب باطل.
2 - وإما أن يكون جاريا مع حكم الشريعة على فهم اللسان الذي جاءت الشريعة به، حيث ما مشى الشارع مشي، وحيث ما وقف وقف، قدما بقدم، فهذا هو الحق المحمود الوسط.
3 - وإما أن يكون باطنيا محضا معتقدا مشرب الباطنية من غير نظر إلى الشرع، وهو القائل بتجريد التوحید حالا وفعلا، وهذا يؤدي إلى تعطيل أحكام الشرائع وقلب أعيانها، وإبطال الديانات، وإلغاء المعاملات الدنيوية الجارية بين المسلمين بحكم الشرع الحق.
كما هو مذهب الزنادقة الملحدين الإباحيين الاتحاديين، فإنهم يقولون بالتوحيد المحض الذي هو مقام الجمع، فينفون الشريعة التي هي مقام الفرق.
فهم أكفر من اليهود والنصارى، وأضر على المسلمين من الشياطين المردة، بإنكارهم أحكام الله.
وما كفاهم حتى أدعوا مقام الربوبية والتجسيم بقولهم إنهم الله، ويقولون سقط عنا التكليف، لأننا وصلنا إلى أن صارت ذواتنا هي الله .
وقولهم كل شيء نراه هو الله وليس والله ، هذا مذهب أهل الله ، وإنما أهل الله إذا أنزلهم الله في مقام التوحيد المحض كملهم بالأعمال الصالحة، وأوقفهم عند
حدود الشريعة، وإذا أنزلهم في مقام الفرق حفظهم من الشرك وأشدهم قيام العالم بوجود الحق الله.
الله الله يا إخواني، لا يظهر أحد منكم بالتوحيد المحض يوما ما، ولا في حال ما، فالتوحيد المحض يكون عليه باطن الإنسان وعقده.
وأما ظاهره فلا بد فيه من الفرق، رب وعبد، آمر ومأمور.
فإن إظهار التوحيد المحض للعوام فتنة ، وأي فتنة وضلال، وأي ضلال وبعض الملاحدة يقول الحركة والسكون بيد الله.
فما جعل في نفسي أداء ما أمرني به يقول وعلى الحقيقة، فهو الأمر المأمور السامع والمخاطب والمخاطب، فهذا على بصيرة تشقيه وتحول بينه وبين سعادته.
 
تذييل:
وهذا لا يصدر عن أحد علم بالله عن ذوق، وإنما يصدر عن محق أخذ علمه بالله عن دليل ونظر ، أو من كتب القوم رضي الله عنهم كما ضل هؤلاء الزنادقة الذين هم في زماننا بكتب الإمام العارف بالله عبد الكريم الجيلي رضي الله عنه .
فنظروا بالكتب بلا تقييد بالتقوى ومراعاة أحكام الشريعة، فضلوا وأضلوا.
ولهذه العلة منع أهل الله بعض تلامذتهم عن مطالعة كتب الحقائق لإشرافهم على قصور ذلك المريد عن فهم ما وضع في كتب الحقائق، کهؤلاء الزنادقة الذين انتسبوا إلى الشاذلية رضي الله عنهم فإن قاصر الفهم لا يخلو إما أن يتأول كلامهم على خلاف ما أرادوه فيهلك في الهالكين.
أو يضيع العمر في النظر في الكتب من غير فائدة . فنهى مثل هذا عن مطالعة كتب الحقائق واجب.


قول سيدنا رضي الله عنه :
فمن عمه فقد خصه   …..           ومن خصه فقد عمه
يقول رضي الله عنه : إن من قال وأعتقد إطلاق الحق تعالى وعدم تقییده فقد خصه وقيده من حيث لا يشعر، فإن الإطلاق تقييد بعدم التقييد.لأن عدم العلامة علامة بين أصحاب العلامات.
ومن خصه وقال بتقييده واعتقد عدم إطلاقه فقد عمه وما خصه من حيث لا يشعر، فإنه أدخله بذلك التخصيص في عموم الممکنات وحدده ، کالمنزه الصرف الحاكم على الحق تعالى بعدم تنزله وتجليه فيما شاء من الصور .
لأن غاية التنزه التحديد، ومن حد إلهه فقد جعله کنفسه في الحد والتحقيق إنه تعالى لا مقيد ولا مطلق، وما حكمنا بإطلاقه إلا من تقييدنا.
 
يقول سيدنا رضي الله عنه :
فتقييده وإطلاقه من وثاقنا    …..     فماٹم إطلاق یکون بلا قيد
يعني : أن إطلاقه تعالى من وثائق تقييدنا هو إطلاق وتقييد له، لا أنه في نفس الأمر كذلك، والأمر الحق أنه تعالی غیر منعوت بإطلاق ولا تقیید، فمن أطلقه فما
عرفه ، ومن قيده فقد جهله، فهو عين الأشياء، وما الأشياء عينه.
 
قال أبو يزيد رضي الله عنه : 
الحق عين ما ظهر وليس ما ظهر عينه، فهو تعالى عين الأشياء في رتبة التقييد وليست الأشياء عينه فيها، فلا ظهور لشيء لا تكون هويته عين ذلك الشيء.

فمن كان وجوده بهذه المثابة كيف يقبل الإطلاق أو التقييد، فالعالم مرتبط بالحق ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه، لأنه وصف ذاتي له من حيث أسماؤه.
هكذا عرفه العارفون به تعالی.
 
قول سيدنا رضي الله عنه :   فما عين سوی عین )
يقول رضي الله عنه : فما عين مما يقال فيه أعيان من محسوس ومتخيل من كل ما يدرك سوى عين واحدة ، هي المحسوسة المتخيلة والمعقولة، وما عداها فإنما هي أعراض مجتمعة، والمقوم لها هذه العين الواحدة :
 فالعين وما تقع عليه.
والأذن وما تسمعه.
واللسان وما يصوت به.
والجوارح وما تلمسه.
والعقل وما يتعلقه .
والخيال والتخيل والنخيل،
والمتصور والمنصور والصورة،
والمحافظ والحفظ والمحفوظ،
فما هي إلا أعراض ونسب وإضافات في عين واحدة، هي الواحدة والكثيرة، وعليها تطلق الأسماء كلها.
قول سيدنا رضي الله عنه : فنور عینه ظلمة
يقول رضي الله عنه : هذه العين الواحدة هي عين النور و عين الظلمة وعين كل متنافيين من أنواع المنافات.
فقوله  ظلمة معطوف على نور، بحذف العاطف، أي فتور وظلمة عينه، أي عين العين الواحدة التي قال فيها: فما عین سوی عين
قيل لأبي سعيد الخراز رضي الله عنه :
بما عرفت الله؟ قال : لجمعه بين الضدين.
ثم تلا: "هو الأول والأخر والظهر والباطن" [الحديد: الآية 3].
وعن أبو سعيد الخراز قال بعض سادات القوم:
إن أبا سعيد الخراز لم يعط المقام حقه ، فإن كلامه يوهم أن هنا عينا تجمع الضدين، وليس مراده هذا وإنما مراده هي عين الضدين، فإذا ظهرت العين الواحدة بالحق و صفات الحق فهي عين النور، وإذا ظهرت بالخلق وصفات الخلق فهي عين الظلمة، والعين واحدة ، والظلمة ظلمة الطبيعة.
فإن العالم كله موجود بين النور والحق، والظلمة الطبيعية فما هو نور خالص ولا ظلمة خالصة، فهو كالظل، لأن الظلمة الحقيقية هي ظلمة المحال.

وفي هذا المعنى قلت من أبيات مترجما عن هذه العين الواحدة :
أنا حق أنا خلق    ……  أنا رب أنا عبد
أنا عرش أنا فرش   ……   وجحيم أنا خلد
أنا ماء أنا نار      …..       وهواء أنا صلد
أنا كم أنا كيف    …..            أنا وجد أنا فقد
أنا ذات أنا وصف …...    أنا قرب أنا بعد
كل كون ذاك كوني  ……   أنا وحدي أنا فرد
 
ولا ينبغي أن يحمل قول سیدنا :
فنور عینه ظلمة
على ما فهمه بعضهم قال : فنور عينه، أي عين ذلك النور، يعني ما يعاین منه ، لأن عينه هي الصورة الممكنة العلمية الكثيرة في الحس والعقل، وفي الوهم وفي الخيال، في الدنيا والآخرة، كيف و سیدنا رضي الله عنه  نفي الأعيان
كلها :
فما عین سوى عين
مما يقال فيه أعيان وذوات وجواهر.
قول سيدنا رضي الله عنه :  
فمن يغفل عن هذا   …..   يجد في نفسه غمه
يقول رضي الله عنه : إن الذي يغفل عن هذه المعارف التي ذكرناها والأسرار التي أبديناها بأن أعرض عنها فلم يتعمل في اكتسابها يجد في نفسه غمة.
وكل ما يستر شيئا فهو غمه، ومنه الغمام، فإنه يستر السماء عن عين الرائي. فمن يغفل عن العلوم الإلهية يجد في نفسه الناطقة، وهي الروح الجزئي ، غمة وسترا عن الحقائق الإلهية.
وإنما يكون ذلك إذا رحمه الله بالانتباه وحصلت له حالة اليقظة، فيتحسر على ما فاته وفرط فيه، يقول يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله، ويغتم.
ولهذا توجد فحول علماء الظاهر وساداتهم يتحسرون ويتأسفون عندما يحصل لهم اليأس من الحصول على مطلوبهم.
 
يقول زعيم المتكلمين من أهل النظر فخر الدين الرازي رحمه الله :
نهاية إقدام العقول عقال        …..         وأكثر سعي العالمين ضلال
فأرواحنا في وحشة من جسومنا  …..  وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا    …..  سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
ويقول إمام الحرمين أبو المعالي:
قرأت مائة ألف في مائة ألف، هذا هربا من التقليد، والآن قد رجعت إلى التقليد.
اللهم إيمانا كإيمان العجائز. والويل لابن الجويني إن لم يتداركه الله برحمته.
ومثل هذه المقالات لا تصدر من أدني عارف بالله ، فإذا انكشف الغطاء وحصحص الحق وتبينت المراتب، مراتب العارفين بالله .
يمقت الغافل عن هذه العلوم نفسه، ومقت الله له أكبر من مقته نفسه.
وليس المراد بالغفلة هنا غفلة الإنسان أحيانا عما يعلمه من هذا العلم الشريف المقدار العلي الدرجات على سائر العلوم، إذ العلم شریف بشرف معلومه، ولا أشرف من الله تعالى.
فإن هذا العلم له الثبوت فلا تؤثر فيه الغفلات، فلا يلزم العلم الحضور مع علمه في كل نفس ، لأنه وال مشغول بتدبير ما ولاه الله عليه، فيغفل عن كونه عالما بالله ولا يخرجه ذلك من حكم نعته بأنه عالم بالله ، مع وجود الغفلة في المحل من نوم أو غفلة ، ولا جهل بعد علم أبدا.
إذ الإنسان محل الغفلات حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلا يخلون عنها.
ولا علم عند القوم إلا ما حصل عن تجل، فإذا كان العلم حاصلا عن نظر في دليل عقلي فليس بعلم عند الطائفة ، فلا ينبغي أن تفسر الغفلة هنا بغفلة العالم بهذا العلم عن علمه أحيانا، كما فهمه بعضهم.
فإنه إذا رجع من غفلته رجع إلى علم صحيح قول سيدنا رضي الله عنه :
ولا يعرف ما قلناه   …..         إلا عبد له همه
""وردت في فصوص الحكم (ولا يعرف ما قلناه .. سوی عبد له همه)""
 
يقول رضي الله عنه : ولا يعرف ما قلناه في هذه (الحكمة القلبية في الكلمة الشعيبية) من المعارف الإلهية، وكشفناه من الأسرار الربانية والعلوم التي يضن بها على غير أهلها إلا عبد له همة عالية، تعلقت بالنفيس وأعرضت عن الخسيس ، وكل عبد له همة، ولكن ما كل عبد علق همته باكتساب هذه العلوم وبذل جهده في الوصول إليها وصرف وجهته عن غيرها.
"فما ربحت تجارتهم وما كانوا مهتدين" [البقرة: الآية ۱٦). |
والهمة لغة، على نوع من القصد، واصطلاحا الباعث الطلبي المنبعث من النفوس والأرواح المطالب کمالية ومقاصد غائبة.
وتتنوع بحسب تنوع أهلها واختلاف مداركهم، فمنهم من يهتم بأمور الدنيا المذكورة أصولها في قوله تعالی :
"زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين" [آل عمران :14 ]
ومنهم من يهتم بأمور الآخرة، ومنهم من تتعلق همته بمحبة الله وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون.
من ذاق طعم شراب القوم يدريه   ….   ومن دراه غدا بالنفس يشريه
لا يعرف الشوق إلا من يكابده   …… ولا الصبابة إلا من يعانيها
وقول سيدنا رضي الله عنه : ("إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب") [ق: 37].
.


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:58 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
قال رضي الله عنه : («إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر. فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.  فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر، فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.  وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين،)
 
("إن في ذلك ") [ق: 37]، أي ما ذكر من آيات الله تعالى الباهرة وحقيقته الظاهرة في كل صورة في الدنيا والآخرة (" لذكري")، أي تذكر وتحقق ("لمن كان له قلب") [ق: 37]، أي لا نفس لأن النفس ما جمد على حالة واحدة من باطن الإنسان المنافسة الحق تعالى في دعوى الوجود معه سبحانه والاستقلال بالأعمال والأحوال والأقوال، فاقتضى ذلك التباس الأمر عليه السلام.
قال تعالى: "بل هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15]
وأما القلب فإنما سمي قلبا (لتقلبه في أنواع الصور)، أي اختلاف الصور عليه في شعور منه بذلك (و) أنواع (الصفات) المختلفة فلا يلتبس عليه الخلق الجديد الذي هو فيه كل لمحة لقيامه بأمر الله تعالى.
قال تعالى: "وما أمرنا إلا وجد كلمح بالبصر " [القمر: 50]، (ولم يقل) سبحانه (لمن كان له عقل فإن العقل قید) يقال : عقلت البعير إذا قيدته بالعقال خوفا من شروده (فيحصر)، أي العقل قال رضي الله عنه : (الأمر) الإلهي (في نعت)، أي وصف (واحد والحقيقة) الإلهية المطلقة (تأبي الحصر)، أي تمتنع منه وتبعد عنه (في نفس الأمر)، لأن لها الإطلاق الحقيقي عن كل إطلاق مفهوم
(فما هو)، أي ذلك الحق تعالى (ذكرى لمن كان له عقل)، لأن العقل يربطه سبحانه في اعتقاد مخصوص وينفي عنه ما عدا ذلك الاعتقاد (وهم)، أي العقلاء الناظرون بعقولهم في معرفة الله تعالى.
 
قال رضي الله عنه : (أصحاب الاعتقادات) المختلفة يعتقد كل واحد منهم اعتقادا مخصوصا في الله تعالى أداه إليه نظر عقله واجتهاد فكره وهو فرح به مسرور يدعو إليه غيره لجزمه فيه أنه مطابق لنفس الأمر فيما الحق تعالى عليه وهم (الذين يكفر بعضهم بعضا) أي ينسب بعضهم بعضا إلى الكفر بالله تعالى لتصويب اعتقادهم في الله تعالى أنه كذا.
والحكم على اعتقاد غيرهم فيه تعالى أنه خطأ غير موافق لنفس الأمر الذي عندهم، مع أن الاعتقادات كلها مخلوقة فيهم باعترافهم بذلك وإجماعهم على أن الحق تعالى لا يشابه مخلوقاته أصلا.
قال تعالى: "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه" " وأضله الله على علم" [الجاثية: 23] الآية (ويلعن)، أي يدعو باللعن والطرد عن رحمة الله وعن القرب إليه سبحانه
(بعضهم بعضا وما لهم) كلهم (من ناصرين) .
كما قال الله تعالى: " ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين" [العنكبوت : 25].
(فإن الإله المعنقد) بصيغة اسم المفعول، أي الإله الذي يعتقده الإنسان ويحصره بفهمه مع نفيه جميع ما يعتقده غيره من كل ما لا يكون مثل اعتقاده هو (ما له حكم)، أي تأثير أصلا لأنه أثر صادر عن توهم معتقده وجهله بالإله الحق سبحانه (في الإله المعنقد) الذي يعتقده (الآخر) الذي يخالفه.
فلأجل هذا لا ينصر معتقده على من يكذب به من صاحب الإله المعتقد الآخر وبالعکس.
قال رضي الله عنه : (فصاحب الاعتقاد يذب)، أي يحمي (عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره)، على من كذب به (وذلك) الإله (الذي) صوره (في اعتقاده لا ينصره)، لأنه أثره الذي قد أثره بقدرة الإله الحق سبحانه (فلهذا لا يكون له).
أي لذلك الذي في اعتقاده أثر (في اعتقاد) صاحب ذلك الإله الآخر (المنازع له وكذلك المنازع) بصيغة اسم المفعول الذي هو قد نازعه غيره بأن جحد عليه إلهه الذي اعتقده في نفسه (ما له) أيضا (نصرة من إلهه الذي في اعتقاده) لما ذكرنا من أنه أثر صادر عن نفسه فلا تأثير له في شيء أصلا، ولهذا إذا دعاه لا يجيب دعاءه لأنه ليس هو الإله الحق تعالى .
والله تعالى يقول : "ادعوني أستجب لكم" [غافر: 60] فلو دعا الله تعالی لاستجاب له (وما لهم)، أي لأصحاب آلهة الاعتقادات (من ناصرين) من آلهتهم التي اعتقدوها وعبدوها في نفوسهم.
قال الله تعالى : "ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم" [محمد: 3].
وقال تعالى: "ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم " [محمد: 11].

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
كما قال تعالى في القرآن المجيد ("إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب").
فإن كلام الشيخ لمعنى القرآن ففي ذلك أيضا لذكرى لمن كان له قلب وإنما اختص الذكرى لمن كان له قلب (لتقلبه) أي تتقلب القلب (في أنواع الصور والصفات) فيعلم أن الحق هو المتجلي في كل صورة ويعبده فيها فيدرك الأمر على ما هو عليه ولا يحصره في وصف دون وصف بل يعم جميع أنواع الصفات كما هو الأمر في نفسه كذلك .
فالمراد بالذكرى مشاهدة العين الواحدة في صور كثيرة أو التذكر ما نسيه من مشاهدة الحق بسبب ظهوره في هذه النشأة العنصرية فهذه المشاهدة لا تكون إلا لمن له قلب.
قال رضي الله عنه : (ولم يقل الحق لمن كان له عقل فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبي الحصر في نفس الأمر) فلا يعلم ذو العقول الأمر على ما هو عليه في نفسه.
(فما هو) أي ليس القرآن (ذكرى لمن كان له عقل) فإن القرآن أنزل لبيان ما هو الأمر عليه في نفسه والعقل لا يوصل إليه بنظره الفكري.
قال رضي الله عنه : (وهم) أي من كان له عقل (أصحاب الاعتقادات) الجزئية (الذين يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا) لحصرهم الحق في صورة اعتقادهم الخاص ونفيهم عن غيره من الاعتقادات بخلاف أصحاب القلوب فإنهم لا يكفروا أحدا إلا بلسان الشرع لا بلسان الحقيقة.
فلا منازعة عذر أصحاب القلوب في شيء وإنما النزاع والمخالفة بين أصحاب الاعتقادات.
قال رضي الله عنه : (فما لهم من ناصرين) أي ليس لأصحاب الاعتقادات عند عجزهم نصرة من إلههم
قال رضي الله عنه : (فإن إله المعتقد ما) أي ليس (له حكم في إله المعتقد الآخر) حتى ينصر لعبده المعتقد له فإن النصرة دفع المكاره الواصلة له عن يد المعتقد الآخر.
فإذا لم يكن لإله المعتقد حكم إله المعتقد الآخر لم يكن له حكم في معتقد ذلك الإله فلم يكن لإله المعتقد نصرة لمعتقده.
ولا يفيد طلب النصرة من آلهة عند المكاره لأن الحق منزه عن ذلك الاعتقاد فهو ليس بطالب النصرة عن الحق بل طالب عما طابق صورة اعتقاده.
فلا تأثير له أصلا فلا يدفع المضرة عن عبده ولا ينصره (فصاحب الاعتقاد يذب) أي يدفع (عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه) أي اعتقد أن ذلك الأمر إلهه يدفع عنه ما يخالفه في اعتقاده كأصحاب النظر فإن بعضهم يدفع عن الإله الذي في اعتقاده ما أثبت له البعض مما يخالف اعتقاده.
قال رضي الله عنه : (وينصر، وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره) فكان صاحب الاعتقاد إلها لآلهة وهو لا يشعر بذلك (وهذا الاعتقاد) أي اعتقاد أصحاب العقول من أهل الشرع (مقبول عند الله) لانقيادهم للشرع واستفادتهم هذا الاعتقاد منه لأنه ليس في وسع كل أحد أن يشاهد الحق على إطلاقه حتى كلف بهذا الاعتقاد "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها".
والمراد بإيراد هذا الكلام بيان مراتب الناس في العلم بالله لا تقبیح اعتقاد أرباب العقول من أهل الشرع.
قال رضي الله عنه : (ولهذا) أي ولأجل أن إله المعتقد لا ينصره عند التجائه (لا يكون له) أي لإله المعتقد (أثر في اعتقاد المنازع له ولا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده فما لهم من ناصرين) من إلههم الذي في اعتقادهم عند إصابة المكاره وأما إلههم في نفس الأمر وهو الإله الحقيقي لا الاعتقادي فهو ينصرهم ويدفع عنهم المكاره.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
قال رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر. فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين. فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
قال: وإنما كان القلب أفضل من العقل لأن العقل يصف الحق في التنزيه وهو وصف واحد والحقيقة تأبى الحصر، والقلب يتقلب فهو يسع الحقيقة، والعقل لا يسعها من حيث هو مفكر أما من حيث ما هو قابل فهو القلب نفسه .
ثم علل رضي الله عنه، كون أرباب الاعتقاد يكفر بعضهم بعضا.
فقال: لأن إله صاحب هذا المعتقد مثلا ما له حكم في إله المعتقد الآخر بل الخلف بينهم قائم.
وأيضا فإذا نصر المعتقد مذهبه، فربه الخاص به لا ينصره، لأنه رب وهمي لا حقيقة له، فلا يكون لنصرة مذهبه أثر ظاهر ينقطع به النزاع وكذلك المقاوم له ولا يزال النزاع قائما .
ولذلك قال: يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرین، فذكر أنه لا ناصر لهم فقد نفيه الحق تعالى النصرة عن آلهة الاعتقادات.
قال: فالحق عند العارف المعروف الذي لا ينكر ولا يتنكر في نفس الأمر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )

قال رضي الله عنه : (إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " لتقلَّبه في أنواع الصور والصفات.
ولم يقل : لمن كان له عقل ، فإنّ العقل قيد يحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر ، فما هو ذكرى لمن كان له عقل ، وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفّر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا  وما لهم من ناصرين ) .
قال العبد : نسب الله - تعالى - الذكرى من عبيده لمن كان له قلب ، وأضافها أيضا في آية أخرى إلى ذوي الألباب ،
فقال : " إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لأُولِي الأَلْبابِ "  وكذلك قلب كلّ شيء لبّه ، ولا يذكر اللبّ إلَّا اللبّ من ذوي الألباب ، ولبّ كلّ شيء حقّه من الحق ، فالحق الذي في كل شيء وفي كل خلق هو لبّ ذلك الشيء .
وإلى ذلك أشار لأهل الإشارات ، بقوله : "كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ " .
 أي لا تحقّق له ولا حقيقة إلَّا حقيقة الحقيّة ، وهو ما يشير إليه المحقّق المحنّك : في كلّ شيء إنّ له وجها ، فذلك الوجه هو لبّ ذلك الشيء وحقّه وحصتّه الخصيصة به من مطلق الحق الساري في حقيقة كل شيء بأحدية الجمع والوجود ، وهو الحق المستجنّ .
الذي يشير إليه شيخنا رضي الله عنه في كتاب « مفتاح غيب الجمع والوجود » وفي « النفحات » و « إعجاز البيان » وغيرها من تصانيفه : والقلب وإن كان هو ذلك اللبّ من كلّ شيء ، ولكنّ الحق الذي هذا القلب عرشه لبّ اللبّ .
ثمّ اعلم : أنّ في معنى القلب مثل ما في لفظ حقيقة القلب لتقلَّب حقيقة القلب في أطوار القبول للتجلَّيات غير المتناهية ، وبين لفظة « القلب » ومعنى « القبول » و « القابلية » اشتراك لفظي ومعنوي وحقيقي ، ولولا قلبيّة بعض حروف للقلب والقابل ، وقبليّته وبعديّته ، لكان هو هو ، وقلب الشيء لغة أن يجعل أوّله آخره أو ظاهره باطنه ، جمعا وفرادى .
وكيف ما قلت وقلبت لفظ القلب فإنّ القبول والقابلية معه بالدوران .
 
وأمّا العقل لغة فهو القيد والربط والضبط والتشكيك والوشي ، فمقتضاه التقييد ، وحقيقة الذكرى بالحق عن الحق المطلق عن كل قيد حتى قيد الإطلاق الذي يقابله التقيّد ، تنافي العقل الذي حقيقته القيد والضبط .
ولهذا أظهرت هذه الحضرة القيد أوّلا في العقل الأوّل الذي عقل نور التجلَّي المطلق من المتجلَّي المطلق باستعداده الخصوصي التقييدي ، فأقامه الله لمظهرية هذا السرّ وهو القيد بحقيقته تقييد النور المطلق .
فقال له الحق : اكتب ، أي قيّد واجمع علمي في خلقي إلى يوم القيامة ، وذلك قيد لقيد في قيد ، وليس له القبول للمطلق مطلقا على الإطلاق دائما ، وقبول جميع التجلَّيات غير المتناهية دائما أبدا ليس إلَّا للحقيقة الإنسانية الأزلية الأبدية الكمالية الجمعية الأحدية ، فهي قلب الوجود الحق ، وكلّ تجلّ وظهور فإنّما هو قلب ظاهر التجلَّي بباطنه أو بالعكس .
أي تقليبه ، فإنّ باطن التجلَّي هو المتجلَّي بذلك التجلَّي ، وهو الذي ينقلب إلى نفسه وينقلب عند التجلَّي من عين المتجلَّى له ويقبل على المتجلَّي ويقبل تجلَّيه عليه ثانيا وثالثا ورابعا وخامسا وسادسا وسابعا إلى ما ما لا يتناهى.

 وليس ذلك تقلب القلب حتى ينقلب القلب قابلا ، وينقلب الحق إلى نفسه بالقبول ، وينقلب أبدا في أطوار التعيّنات وأنوار تنوّعات التجلَّيات ، فهو كلّ يوم أي كلّ آن من الزمان في شأن ، وما أعظم شأن ذي الشأن الذي هذا شأنه في كلّ آن وأنّ الآن هو يوم الذات لا ينقسم أبدا من الزمان.
ثمّ اعلم : أنّ من بعض صور التقلَّبات القلبية الإنسانية أيضا ضبط ما يرد عليه منه ، وربط ما فيه ومنه وبه ، وحصر ما لكلّ مقام ومرتبة بذلك المقام والمرتبة ، فالعقل للقلب منه فيه ، والقلب للعقل فيه بحسبه ، فللقلب عقل مطلق دائم ،كهو.

وللعقل قلب قابل لما يرد عليه كهو ، فإنّ العقل إنّما يعقل من الله ويقبل ، ويقبل ما يرد عليه من الحق الحقيقة قلبيّة في قابليّته لكنّه قبول معيّن لتجلّ معيّن بقابلية معيّنة إلى أمد مقيّد معيّن لا غير ، ولكنّ قبول كل تجلّ في كل آن وزمان لا يكون إلَّا للحقيقة القلبية الإنسانية الكمالية الإلهية الأحدية الجمعية التي أشرنا إليها وهي حقيقة الحقائق وقد مرّ حديثها مرارا ، فتذكَّر ، إن شاء الله تعالى " فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ " ، " وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الأَلْبابِ " جعلنا الله وإيّاك منهم في أهله بفضله .

قال رضي الله عنه : ( فإنّ الإله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر ، فصاحب الاعتقاد يذبّ عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره ، وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره ، ولهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له ، وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده ، فما لهم من ناصرين).
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ النصّ الوارد بنفي النصرة وارد بنفيها عن كل واحد من أهل الاعتقادات على انفراد نصرة المجموع بقوله : « وَما لَهُمْ من ناصِرِينَ » ولكنّه ما نفى نصرة كلّ واحد لمعتقده ، فالكلّ منصور بنصرة كل واحد واحد من المعتقدين معتقده ، وكذلك كل واحد ناصر لمعتقده لا للكلّ ، فما لكل واحد منهم من ناصرين ، بل ناصر واحد هو هو لا غير .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.  وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
قال رضي الله عنه: "قال الشيخ رضي الله عنه :  تعالى : "إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ "  لتقلبه في أنواع الصور والصفات ،ولم يقل لمن كان له عقل ، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد ، والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر فما هو ذكرى لمن كان له عقل ،وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم بعضا ،ويلعن بعضهم بعضا ، وما لهم من ناصرين". إنما خص التذكر بالقلب لأنه يتقلب في الصور من عالم الشهادة والصفات والمعاني من عالم الغيب ويتشكل بكل شكل ، وفي موضع آخر باللب لأن لب كل شيء حقه من الحق ، ولم يقل لمن كان له عقل لأن العقل قيد لا يحكم إلا بالتقييد فيحصر الأمر في نعت واحد والعقلاء أصحاب الاعتقادات المقيدون وما في الكتاب ظاهر .
 
قال رضي الله عنه : "فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر ، فصاحب الاعتقاد يذب عنه : أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره ، وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره ، ولهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له ، وكذلك المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده فما لهم من ناصرين "
 إله كل معتقد مقيد مجهول فكيف يكون له حكم في إله المعتقد الآخر فلا قوة ولا نصرة له ، فصاحب كل اعتقاد يذب عن معتقده وينصره ويسعى في بطلان إله المعتقد الآخر ، ومعتقده الذي في اعتقاده لا ينصره فإله كل معتقد باطل عند الآخر ، فلا يكون له قوة ولا أثر في المنازع له لأن إلهه الذي في اعتقاده محتاج إلى نصرة فكيف ينصره ، وكذلك المنازع ما له نصرة من معتقده الذي في اعتقاده ، فما لهم من ناصرين ، فلا تنقطع خصوماتهم ، إذ ليس لكل واحد منهم أنصار يغلبونه على البواقي .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
قال رضي الله عنه : ( "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب " . لتقلبه في أنواع الصور والصفات . ولم يقل : لمن كان له عقل ، فإن العقل قيد ، فيحصر الأمر في نعت واحد ، والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر . )
أي ، السر في إسناد ( الذكرى ) إلى ( القلب ) هنا ، وفي  موضع آخر إلى ( اللب ) كقوله : ( إن في ذلك لذكرى لأولى الألباب ) .
و ( اللب ) هو القلب دون العقل ، أن القلب لكونه محلا لتجليات مختلفة من الإلهية والربوبية
وتقلبه في صورها ، يتذكر ما نسيه مما كان يجده قبل ظهوره في هذه النشأة العنصرية ، ويجد هنا ما أضاعه ، كما قال ، صلى الله عليه وسلم : ( الحكمة ضالة المؤمن ) .
والعقل ، أي القوة النظرية ، من شأنه أن يضبط الأشياء ويقيدها ، فيحصر الأمر الإلهي ، الذي لا ينحصر في نفسه ، فيما يدركه ، والحقيقة تأبى وتمنع من ذلك .
( فما هو ذكرى لمن كان له عقل . ) الضمير عائد إلى المشار إليه بذلك ، وهو القرآن ، أي ، القرآن ليس ذكرى لمن يريد أن يدرك الأشياء بالعقل .

قال رضي الله عنه : ( وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا ، وما لهم من  ناصرين . )
أي ، أصحاب الاعتقادات الجزئية . وإنما نسبهم إلى العقل ، لكون عقولهم أعطت لهم التقيد بتلك الاعتقادات بحسب إدراكاتهم . ولو كان مبدأ اعتقاداتهم قلوبهم ، لما كانوا مقيدين بها ، كما لم يتقيد القلب ، فكانوا من العابدين للحق في صور شؤونه كلها .
ولما تقيد كل منهم باعتقاد خاص ، ظن أن الحق هو الذي اعتقده فقط ، وغيره باطل ، فكفر بعضهم بعضا ، ولعن بعضهم بعضا ، فما لهم من ناصرين .
( فإن إله المعتقد ماله حكم في إله المعتقد الآخر . ) لما كان لكل من أرباب العقائد الخاصة ربا خاصا يربه في صورة معتقده ، لا يمكن لكل من أربابها أن ينصر عبد رب آخر ، إذ ليس له تلك الوجهة التي للآخر من الله ، كما قال تعالى :
( ولكل وجهة هو موليها ) . لكن لكل أن ينصر عبده .
فليس المراد ب‍ ( الإله ) هنا ، الرب الحاكم على المعتقد ، بل المراد منه الإله المجعول الذي اتخذه المعتقد بتصوره وتعمله إلها .
وهذا الإله لا يقدر أن ينصر معتقده ، فكيف تقدر أن ينصر معتقدا آخر يضاده وينافيه قد والفرق بين الإله المجعول بحسب الاعتقاد ، وبين الأصنام التي عبدت ، أنها مجعولة في الخارج ، وهو مجعول في الذهن .
بل صاحب الاعتقاد ينصر إلهه ويدفع عنه ، وهو عاجز عن نصرته ودفع المكاره عنه . وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : ( فصاحب الاعتقاد يذب عنه ، أي ، عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره . وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره . )
أي ، صاحب الاعتقاد يدفع عن الإله الذي اعتقده ما ينافيه ويخالفه ، وينصره ، وذلك
الإله لا ينصر صاحب الاعتقاد ، لأنه مجعوله ، والمجعول لا يمكن أن يكون أقوى  من جاعله لينصره .

قال رضي الله عنه : "فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له . وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده : "فما لهم من ناصرين". " أي ، فلأجل أن إله المعتقد عاجز
عن النصرة ، ليس له أثر في اعتقاد المنازع له .
وهكذا إله المنازع عاجز عن نصرة معتقده ، وليس له أثر ، أي ، فيمن يضاده وينافيه . فليس لأصحاب الاعتقادات الجزئية من ناصرين .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 9:59 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العاشرة على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العاشرة :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
قال رضي الله عنه : «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر. فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين. فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، ).
ثم قال الشيخ رضي الله عنه : ("إن في ذلك") أي: فيما ذكرنا من كون الكل عينا واحد متجلية في صور غير متناهية يتجلى الغريب ("لذكرى") بذكره، أنه كذلك في التجلي الشهودي ("لمن كان له قلب" [ق:37]) يعرف بقلبه في تجلياته لتجرده عن الصور(لتقلبه) أي : التقلب قلبه من حيث تجرده الموجب كونه كالمرأة (في أنواع الصور والصفات) المكتسبة من تلك الصور قبل التجلي الشهودي.
فعلم أن الحق يتقلب كذلك، ولا يعرفه العقل، وإن كان مجردا أيضا، ولذلك (لم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد) فلا يمكنه التقلب، فلذلك (ينحصر الأمر) أي: أمر الحق (في نعت واحد) كالتنزيه؛ لأنه يرى منع الجمع بين المتقابلين، بل يفيد كل شيء بأحدهما.
 (فما هو) أي: المذكور من لا تناهی التجليات الغيبية (ذكرى) في لا تناهي التجليات الشهودية.
 
قال رضي الله عنه : (لمن كان له عقل) مجرد عن الكشف، إذ يخص الحق، إما في التنزيه
المحض أو في التشبيه، ولا يرى الجمع بينهما، ولذلك قال: (وهم أصحاب الاعتقادات) الجزئية من أهل النظر (الذين يكفر بعضهم بعضا)، وإن كانوا جميعا أهل القبلة، وإن لم يكفروا، فلا أقل من أن (يلعن بعضهم بعضا) على البدعة ("وما لهم من ناصرين ") [آل عمران: 22] من الأدلة القاطعة لموجب الكفر واللعن لاختصاصهما بالمخفي من كل وجه.
وهو الكافر والمبتدع مصیب من وجه كما أشار إليه الإمام حجة الإسلام الغزالي بقصة الفيل الملموس لجماعة من العميان، وقد رويت في آخر فص هود، وكيف يكون له ناصر في رفع خصمه؟
وهو إما ينزل من الله لقوله تعالى: "وما النصر إلا من عند الله " [آل عمران: 126] وهو الاسم الجامع، ورب هذا المعتقد ليس بالاسم الجامع.
قال رضي الله عنه : (فإن إله المعتقد) أي: الاسم الإلهي الذي يعتقده شخص (ما له حكم في رفع (إله المعتقد الآخر)، أي: الاسم الذي يعتقده الآخر، إذ لذلك الإله من حيث ثبوته حجة مثبتة له بفيضها على معتقده، (فصاحب الاعتقاد يذب) ما يورد خصمه في دفعه (عنه).
ولما توهم عوده إلى الاعتقاد وهو مخل؛ لأن إلهه لا يقصد بما يفيضه من الحجة الذب عن اعتقاد معتقده من حيث هو اعتقاده، بل يقصد الذب عن نفسه، فسره بقوله رضي الله عنه : (أي: عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره)، أي: وينصر ذلك الأمر صاحب اعتقاده، (وذلك الذي في اعتقاده) أي: اعتقاد المنازع الأخر (لا ينصره)، أي: المنازع فیما يورده في دفع هذا الإله بحيث يجعله حجة قاطعة في الدفع، إذ لا حكم لإله في إله هذا الأخر.

قال رضي الله عنه : ( فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا) أي: ولعدم حكم إله معتقد في إله المعتقد الآخر (لا يكون) له أي: لا له معتقده (أثر في اعتقاد المنازع) بإثبات نفسه فيه منفردا، ولا ينفي معتقده، (وكذا المنازع  ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده) يؤثر بها في إثبات نفسه منفردا في اعتقاد الأول، ولا في دفع معتقده، (فما لهم) أي للمعتقدين (من ناصرين) على خصومهم بإثبات معتقداتهم في اعتقاد الخصوم، ولا بنفي اعتقادات الخصوم. ولذلك لا يرى مبتدعا يرجع عن بدعته، وإنما يرجع الكافر عن كفره.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي قال اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
 
الحقّ تعالى عند العارف واعتقاد أهل النظر
ثمّ إنّ هذه الدقيقة الجليلة لمّا كانت من المسائل الغامضة التي لا يصل إليها العقول بقوتها النظريّة أصلا ، لاستلزامه الجمع بين النقيضين ، واحتوائه للضدّين - وهو من أجلى البديهيّات من المستحيلات عندها .
إلى ذلك أشار بقوله رضي الله عنه  : ( "إِنَّ في ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " لتقلَّبه في أنواع الصور والصفات ) حسب تقلَّب الحقّ وتنوّعه فيها وعدم توقّفه في شيء منها .
قال رضي الله عنه :  ( ولم يقل : « لمن كان له عقل » فإنّ العقل قيد ) ضرورة غلبة قهرمان الكون عليه ، ومقتضاه أن يعيّن ( فيحصر الأمر في نعت واحد ) ويتوقّف هناك ( والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر ) للزومها الإطلاق الذاتي
 .
قال رضي الله عنه :  (فما هو ذكرى لمن كان له عقل ، وهم أصحاب الاعتقادات ، الذين يكفّر بعضهم بعضا ، ويلعن بعضهم بعضا ) على ما هو مقتضى قوّة حكم القيد ونفوذ أمر التقابل فيه فما لهم إلَّا وجه واحد من الجمعيّة الكماليّة ، ودليل واحد ينصره عليه السلام .
قال رضي الله عنه :  ( وما لهم من ناصرين ، فإنّ الإله المعتقد ما له حكم في الإله المعتقد الآخر ، فصاحب الاعتقاد يذبّ عنه - أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه ) حافظا له عن أن يصيبه ما يدفعه أو يزلزله عن عقده من ورود الشبهات والشكوك ( وينصره ) على وثوق ذلك العقد .
والعجب أنّه ينصر ذلك ( وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره ) عليه ، ضرورة أنّه الذي جعله وعقد عليه .

قال رضي الله عنه :  ( فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له وكذا المنازع ) له لكونه صاحب عقد مجعول مثله ( ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده فـ " ما لَهُمْ من ناصِرِينَ " )
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.  وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )

قال رضي الله عنه :  («إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر. فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين. فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك)
 
(قال تعالى : (" إن في ذلك " )، أي القرآن الناطق بإثبات أمور متخالفة للحق سبحانه من التنزيه والتشبيه (و لأخرى)، أي تذكر بما هو الحق عليه في نفسه من التغلب في الشؤون.
(لمن كان له قل ) سمى به (لتقلبه في أنواع الصور والصفات) المتخالفة لاختلاف التجليات.
وإنما قال : "لمن كان له قلب" [ق : 37] (ولم يقل: لمن كان له عقل فإن العقل) لغة وحقيقة (قید) أما لغة فإنه يقال : عقل البعير بالعقال أي قيده به ، وعقل الدواء البطن أي عنده .
وأما حقيقة فلأن العقل يقيد العاقل مما يؤدي نظره وفكره إليه (فيحصر القلب في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر)، في نعت واحد (في نفس الأمر فما هو).
أي القرآن (ذكرى لمن كان له عقل) لقيده بما يؤديه الفكر إليه فإنه ليس ممن يتذكر بما وقع في القرآن من الآيات الدال على التنزيه والتشبيه جميعا.
بل تأول ما وقع على خلاف ما يؤديه فكره إليه كالآيات الدالة على التشبيه مثلا.
(وهم)، أي من كان لهم عقل هم (أصحاب الاعتقادات) الجزئية و التتبيدية (الذين يكفر بعضهم) الذي يؤديه فكره إلى عقد مخصوص (بعضا) آخر يؤديه فكره إلى خلاف ما أدى إليه فكره إلى خلاف ما أدى إليه فكر البعض الأول (ويلعن بعضهم بعضا وما لهم)، أي لأصحاب الاعتقادات (من ناصرین) في هذه المخالفة والمجادلة (فإن إله المعتقد) الذي اتخذه بتصوره وجعله إلها (ما له حكم في إله المعتقد الآخر) ليخذله وينفيه فيكون ناصرا للمعتقد الأول.
وكذا له المعتقد الآخر ليس له حكم في إلى المعتقد الأون ليخذله وبنفيه فيكون ناصرا للمعتقد الآخر، وذلك لأنه لا يترتب على الصور المجعولة في الوهم أو الخیال حکم دائر كما يترتب على الأمور الخارجية.
فما هؤلاء المعتقدين من آلهة ناصرین . قال تعالى:" واتخذوا من دون الله ، آلهة لعلهم ينصرون [يس: 74] لا يستطيعون نصرهم بل هؤلاء المعتفدون ينصرونهم بالذب عنهم.
والى ذلك الإشارة بقوله : وهم لهم جند محضرون لأن الجند إنما هو لنصرة صاحب الجند (فصاحب الاعتقاد يذب)، أي يدفع.

قال رضي الله عنه : ( في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
قال رضي الله عنه :  (عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره وذلك الإله الذي في اعتقاده لا ينصره فلهذا)، أي تعدم نصرته إياه (لا يكون له أثر) وحكم (في اعتقاد المنازع له) بنفيه وإبطاله وإلا يلزم نصرته فإنه لیست نصرته إلا ذلك (وكذا المنازع ما له) ما تأكيد الأول فلا يرد النفي على النفي.
أي وكذلك المنازع ليس له (نصرة من إلهه الذي في اعتقاده ، فما لهم)، أي لأصحاب المعتقدات الجزئية (من ناصرین )


المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( «إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، )
وقول سيدنا رضي الله عنه : ("إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب") [ق: 37]. لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قید فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر. فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا فما لهم من ناصرين . فإن الإله المعتقد ما له حكم في الإله المعتقد الآخر : فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي أعتقد في إلهه وينصره، وذلك الذي في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له. وكذا المنازع ما له نصرة من إلهة الذي في اعتقاده، وما لهم من ناصرین، فنفى الحق الضرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته ، والمنصور المجموع، والناصر المجموع).
و يقول رضي الله عنه مستدلا بالآية الكريمة: "إن في ذلك لذكرى" [الزمر: 21] الإشارة في الآية تفسير إلى ما ذكر في سورة ق من الوعد والوعيد وخبر الجنة والنار وخبر أهلهما وغير ذلك مما تضمنته السورة.
وأما الإشارة في ذكر الآية الكريمة في كلام سيدنا فهي إلى ما ذكره من أحوال القلب وأحوال التجليات ونعوتها وتعددها، وأنها لا نهاية لها. 
وتقييد الحق عند من قيده وإطلاقه عند من أطلقه وکون الموجودات حقا كلها أو خلقا كلها، وكون المتجلي والمتجلي له واحدا إلى غير ذلك مما تقدم ذكرى "لذكري" [الزمر: 21] تذكرة لمن كان له قلب خاص، داع للتجليات الإلهية، باق على صفاته وتقديسه عن الأوضار الطبيعة، أو صقلته الرياضيات والمجاهدات، واتباع الكتاب والسنة، فصفا بعد الكدورة وتطهر بعد النجاسة.
فإن القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد، وجلاؤها ذكر الله كما ورد.
ثم اعلم أن كل إنسان له قلب، فإن القلب اسم للروح الجزئي، وسمي جزئيا لتدبيره الجسم الجزئي.
 إذ الروح الكلي لما تنزل من مرتبة كليته إلى تدبير جسم الإنسان صار جزئيا.

وهو سمي قلبا لتقلبه في أنواع الصور التي يتجلى له الحق فيها، فهو دائم القلب مع الأنفاس، لأنه مخلوق على صورة الحق تعالى وصورة الحق لا تعطي الضيق، ولا مجال لها إلا في التقليب. فالحق يتقلب في أحكام أعيان، وأحكام أعيان الممكنات لا نهاية لها.
فالتقليب الإلهي لا يتناهی ولو فتش الإنسان دقائق تغيراته في كل نفس، لعلم أن الحق عین حاله هو تعالى من حيث هويته، وراء ذلك كله، كما هو عين ذلك كله.
 فإن الأحوال في العالم ما هي بأمر زائد عن الشأن الذي الحق فيه، بل هو عين الشأن.
وقال تعالی: "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب" [ق: 37] ولم يقل لمن كان له عقل.
فإن العقل فيه مأخوذ من عقال البعير، وهو الحبل الذي يمنعه من النهوض والنفور، فيحصر العقل الأمر الإلهي في نعت وأحد واعتقاد مفرد، ويحجر على الحق تعالى  أن يكون على اعتقاد مخالف لمعتقده .
والحقيقة تأبي وتمنع الحصر بأن يكون الإله الحق على ما يعتقده فيه واحد دون غيره من المعتقدين، فهذا محل المحال في نفس الأمر، وهو مجموع الأمور والأحكام المختلفة الواقعة في جميع الإدراكات العقلية المعنوية والمشهورة الحسية ، فما هو ما تقدم ذكره في هذه الحكمة القلبية ذكرى لمن كان له عقل.
فإن من لازم شهود أهل العقول أنفسهم معه تعالى التمييز والتحديد والحصر، إذ من أعتقد في إلهه أنه مباین له منفصل عنه يلزمه تحديد إلهة ولا بد، فمعرفته تعالی موقوفة على شهود صفاته، وهذا لا يدرك بالعقل وإنما القلب السليم يدركه ذلك ثم يفيض على العقل بقدر ما يقبله.
 وحظ صاحب العقل العلم بوجود الله ووحدانيته فقط، فأهل العقول المتكلمون في الإلهيات خطأهم أكثر من إصابتهم، سواء كان فیلسوفيا أو معتزليا أو أشعريا أو من كان من أصناف أهل النظر العقلي.
فالعقلاء وهم أصحاب الاعتقادات المقيدة للحق تعالى من حكيم ومتكلم الذين كل واحد منهم حصر الحق في معتقده وحجر عليه أن يكون على خلاف معتقده.
وهم الذين يكفر بعضهم بعضا ويلعن بعضهم بعضا من جميع الفرق الإسلامية وغيرها من سائر أهل الملل والنحل.
وما من مذهب إلا والاختلاف واقع بين أهله، فأحرى بينهم وبين غير أهل مذهبهم.
فدليل الأشعري يورث شبهة عند المعتزلي.
ودليل المعتزلي يورث شبهة عند الأشعري.
عكس ما عليه الطائفة المرحومة أهل الله ، فإنهم علموا أن الحق تعالى قابل لكل معتقد من حيث الوجود والشارع بين المقبول من المردود .
وذلك لاطلاع أهل الله على المرآة الكبرى الجامعة لسائر الصور المتفرع منها كل معرفة في العالم، فكانوا يرمون عن قوس واحدة لا اختلاف بينهم ولا تباين يصدق آخرهم أولهم:
مذاهب الناس على اختلاف     …..    ومذهب القوم على ائتلاف


ومن زعم أنهم يختلفون في عقائدهم فذلك لعدم فهم كلامهم وعدم الوصول إلى مرامهم :
وكم من عائب قولا صحيحا       …..    وآفته من الفهم السقيم
وكم من عائب ليلى ولم ير وجهها  ….  فقال له الحرمان حسبك يا فتى
 
فأهل الاعتقادات المقيدة للحق تخونهم اعتقاداتهم عند الحاجة إليها "وما لهم من ناصرين" .
 حيث كانت آلهتهم التي اعتقدوها وجوها جزئية من الحضرة الجامعة الكلبة الإلهية. وإن كان كل معتقد من أصحاب الاعتقادات إنما اعتقد الوجه الذي تعرف الحق به إليه فإنه ما جهله أحد من كل وجه.
فأوجه المعارف على عدد الخلائق  ولكن لما كان المعتقد إثما اعتقد وجها خاصا وقيد إلهه به دون الوجوه التي يتعرف الحق له بها وتعرف بها إلى غيره لم ينفعه إلهه ولم ينصره.
فإن الإنه المعتقد فيه المقيد المحصور المحجور عليه ما له حكم ولا أثر في الإله المعتقد فيه الآخر.
فإن كلا من الإلهين المعتقدین مقید محصور مخلوق، أعني الصورة المقيدة المعتقدة التي هي مظهر ذلك الوجه الخاص الإلهي .
فصاحب الاعتقاد المقيد بذب ويدفع عنه، أي عن الأمر والوصف الذي أعتقده في إلهه، وينزه بما هو تنزيه عنده وينصره.
وذلك الإله المقيد عنده الذي تخيله لا ينصره لأنه إله مخلوق من حيث الصورة التي ظهر بها الاسم الإلهي، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له، فإنه إله مقيد محصور.
وكذلك صاحب الإله الآخر ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده ، فإنه إله مقيد محصور مثل الإله الآخر.
فما الآلهة الاعتقادات حكم ولا أثر فينصرون معتقديهم، فلا أخيب من المعتقدين في آلهتهم المقيدين فما لهم من ناصرين .
قال تعالى : " فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شیء لما جاء أمر ربك" [هود: 101].
الخطاب لمحمد صلى الله عليه وسلم  يقول له: فما أغنت عنهم ولا نفعت ولا دفعت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله ، وهي الصور التي اتخذوها آلهة واعتقدوها نافعة .
وإن كانت تلك الصور مظاهر الأسماء إلهية جزئية، لما جاء أمر ربك ورب محمد صلى الله عليه وسلم  .
وهي الحضرة الربية الكلية الجامعة للأرباب كلها، فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات المقيدة الجزئية كلها، يعني على انفراد كل إله مقید معتقد على حدته وانفراده، فإن المنصور من المعتقدين هو المجموع، وهم الذين اعتقدوا إطلاق إلههم ولم يقيدوه بمعتقد دون معتقد، فما حصروه في اعتقادهم خاصة.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:00 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : ( فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع.  فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)
 
قال رضي الله عنه : (فنفى الحق) سبحانه (النصرة) في المعتقدين (عن آلهة الاعتقادات) المتخيلة في النفوس (على) حسب (انفراد كل معتقد) لإله (على حدته فالمنصور) من الآلهة المعتقدة (المجموع والناصر) من المعتقدين للآلهة المعتقدة (المجموع) فكل معتقد ينصر إلهه لا إله غيره، وإلهه عنده منصور لا عند غيره، وآلهة الاعتقادات لا نصرة لها أصلا.
فالحق سبحانه (عند العارف) به (هو المعروف) عند كل أحد (الذي لا بنکر)، أي لا ينكره أحد أصلا من حيث هو الحق الموجود سبحانه، وإن أنكره من أنكره من حيث ما هو صورة محسوسة أو معقولة.
فإن هذا توهم في المعروف ما هو المعروف، ولهذا يصف الواصف باعتبار توهمه فيقول: حضر ، ويقول : غاب ، ويقول : كبر ، ويقول : صغر إلى غير ذلك.
والمعروف عند الموصوف بجميع ذلك توهمة فيه على ما هو عليه لم يتغير (فأهل المعروف)، أي المتحققون به (في الدنيا) عن كشف وشهود (هم أهل المعروف في الآخرة)، أيضا كما أن أهل المنكر في الدنيا وهم أهل الصور المتجددة محسوسة كانت أو معقولة هم أهل المنكر في الآخرة أيضا .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة، وأن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة" رواه الطبراني عن سليمان وعن ابن عباس رضي الله عنهم. والبيهقي وابن أبي شيبة وغيرهما.
 
وفي رواية الطبراني أيضا عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :" إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وأن أول أهل الجنة دخولا الجنة أهل المعروف".
قال رضي الله عنه : (فلهذا قال) تعالى في الآية السابقة ("لمن كان له قلب" فعلم ) صاحب ذلك القلب (تقليب الحق) سبحانه (في الصور) المختلفة المعقولة والمحسوسة (بتقليبه)، أي تقليب صاحب ذلك القلب (في الأشكال) والهيئات المسماة أحوا له، فكلما انقلب إلى شكل وحال وهيئة انقلب الحق عنده في صورة له هي عين ذلك الشكل والحال والهيئة التي فيها .
وصور كل ما تقتضيه تلك الصور من الصور المحسوسة والمعقولة. وهكذا الأمر دائما في الدنيا والآخرة
قال رضي الله عنه : (فمن نفسه)، أي نفس ذلك العارف وتقليب قلبه في الأشكال المختلفة (عرف نفسه)، فكان عارفة ومعروفة (وليست نفسه) التي عرفها بها ذلك العارف (بغير هوية الحق) تعالی فقد عرف الحق بالحق.
وهوية الحق كناية عن حقيقته التي هي الوجود المطلق بالإطلاق الحقيقي الظاهر بتلك الشؤون المسماة صورة وأشكالا وأحوالا وأعمالا وأقوالا وأفعالا إلى غير ذلك من الألقاب الشرعية والعرفية.
قال رضي الله عنه : (ولا شيء) أيضا (من) جميع (الكون)، أي هذا العالم الحادث (مما هو كائن) في الحال ويكون في المستقبل إلى ما لا نهاية له (بغير هوية الحق سبحانه، أي حقيقته أيضا كما ذكرنا (بل هو)، أي جميع ذلك (عين الهوية) المذكورة.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي ذلك الذي عرف نفسه بنفسه بل عرف ربه بربه (العارف بنفسه و بربه (و) هو (العالم) أيضا بكل ما سواه (و) هو (المقر) بالحق المتجلي له (في هذه الصورة) التي هو فيها وفي كل صورة أيضا (وهو الذي لا عارف) أبيض (ولا عالم) من جميع الناس (وهو المنكر) للتجلي الإلهي في (هذه الصورة الأخرى)، لأنه مقربه في صورة المنجلي عليه بها في نفسه عند العارف هو وكل عارف وكل جاهل وكل مقر وكل منكر.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : (فنفي الحق النصرة عن آلهة) أصحاب (الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته) بقوله فما لهم من ناصرين أي لا ينصر إله كل واحد من المعتقدين لمعتقديه.
والحال أن كل واحد من المعتقدين ينصر آلهة.
وهذه الآية وإن كانت في حق الكفار لكنها إشارة إلى أحوال أصحاب الاعتقادات يعني كما أن الكفار لا ينصر لهم إلههم الذي في اعتقادهم في رفع العذاب عنهم في الآخرة كذلك إله المعتقد لا ينصره في الدنيا في دفع المكاره عنه.
(والمنصور) الثابت بالنص الإلهي وهو أن تنصروا الله (المجموع) أي الحضرة الجمعية الأسمائية لا المنفرد (والناصر) الثابت بالنص وهو ينصركم الله (المجموع) أي تلك الحضرة يعني أن تنصروا الله في مظهر ينصركم الله في مظهر.
فهذه الحضرة الجامعة ناصر ومنصور في المظاهر وهو رب الأرباب رب أصحاب القلوب فنفى الحق النصرة عن الأرباب المتفرقة التي في اعتقادات أصحاب العقول وأثبت النصرة للاسم الجامع لاسم الله الذي في قلوب العارفين.
كما قال : "ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبد المؤمن التقي النقيفظهر أن أهل الحجاب لا ينصرون الله بل ينصرون ما في اعتقادهم تعالى عن ذلك علوا كبيرا .
ولا يأتون ما أمر الله بهم من النصرة وهم لا يشعرون بذلك.
قال رضي الله عنه : (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر فأهل المعروف في الدنيا لهم) الذين عرفوا الحق في الدنيا في صور تجلیانه.
قال رضي الله عنه : (هم أهل المعروف في الآخرة) إذا تحول في الصور عند التجلي فلا ينكرونه فيها (فلهذا) أي فلأجل كون أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
(قال) إن في ذلك لذكرى ("لمن كان له قلب") فإن من لم يكن أهل القلب لم يكن أهل المعروف بخلاف أهل العقل فإنه لا يتقلب في الصور فلم يعلم تقليب الحق في الصور فينكر الحق إذا تجلى وظهر له على خلاف اعتقاده.
قال رضي الله عنه : (فعلم) القلب (تقليب الحق في الصور بتقليبه) أي بتقليب نفسه (في الإشكال فمن نفسه عرف نفسه)
أي فمن علم تقليب نفسه في الصور عرف تقليب ذات الحق في الصور والضمير في نفسه الثاني يجوز أن يرجع إلهه الحق وإلى العارف الثاني أظهر .
فلما أتم الكلام في هذا المقام في مراتب الكثرة شرع في بيان الوحدة بقوله: 
قال رضي الله عنه : (وليست نفسه بغير) أي وليست نفس العارف مغايرة (لهوية الحق) من حيث الوجود والأحدية (ولا شيء من الكون) أي من الموجودات أيضا (مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق بل هو) أي الموجود (عين الهوية) الإلهية .
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الحق (العارف والعالم والمقر في هذه الصورة) أي في صورة زيد أو عمرو مثلا .
(وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى) يعني كل ما ظهر في المراتب المتعينة مستندة إلى الحق تعالی من حيث الحقيقة لأنه موجه الأشياء كلها من الذوات والصفات والأفعال .
وأما من حيث التعين فالأفعال مستندة إلى من ظهرت عنه فالعالم في الصورة الزيدية هو الحق من حيث الحقيقة أنه خالق زید مع جميع أوصافه وأفعاله .
ومن حيث التعين العالم هو زيد لا الحق فعين زيد هو عين الحق من حيث أحدية الوجود وغيره من حيث التعين المشخص له فزيد عمرو فزيد ليس بعمرو .
فإن من ظهر بالصورة الزيدية هو الذي ظهر بالصورة العمروية فزيد عمرو بهذا الوجه وليس بعمرو بالتعين .
هكذا نسبتك مع الحق وما ميزك عن الحق إلا إمكانك وما ميز الحق عنك إلا وجوبه الذاتي.
وأما سائر الحقائق الكلية العلم والحياة والقدرة و غير ذلك فإنها تقضي الشمول بحقيقته على الواجب والممكن فلا يتصور نميز الشيء بالنسبة إليها على ما هو شأن الأمور الكلية .
فكل شيء واحد بحسب الأمور الكلية

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.  فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.  فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
فقال: لأن إله صاحب هذا المعتقد مثلا ما له حكم في إله المعتقد الآخر بل الخلف بينهم قائم.
وأيضا فإذا نصر المعتقد مذهبه، فربه الخاص به لا ينصره، لأنه رب وهمي لا حقيقة له، فلا يكون لنصرة مذهبه أثر ظاهر ينقطع به النزاع وكذلك المقاوم له ولا يزال النزاع قائما .
ولذلك قال: يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرین، فذكر أنه لا ناصر لهم فقد نفيه الحق تعالى النصرة عن آلهة الاعتقادات.
قال: فالحق عند العارف المعروف الذي لا ينكر ولا يتنكر في نفس الأمر.
قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )

قال رضي الله عنه : (يعني : فيهم ومنهم . « فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته ، والمنصور المجموع ، والناصر المجموع ").
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ النصّ الوارد بنفي النصرة وارد بنفيها عن كل واحد من أهل الاعتقادات على انفراد نصرة المجموع بقوله : « وَما لَهُمْ من ناصِرِينَ » ولكنّه ما نفى نصرة كلّ واحد لمعتقده ، فالكلّ منصور بنصرة كل واحد واحد من المعتقدين معتقده ، وكذلك كل واحد ناصر لمعتقده لا للكلّ ، فما لكل واحد منهم من ناصرين ، بل ناصر واحد هو هو لا غير .
 
قال رضي الله عنه : « فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة " .
يعني رضي الله عنه : أهل الله الذين هم أهله في الدنيا هم أهل الله في الآخرة وهم الذين لا ينكرون الحق في أيّ صورة تجلَّى من صور تجلَّياته الاعتقادية والإشهادية .
 
قال رضي الله عنه : ( فلهذا قال : « لمن كان له قلب » يعلم تقلَّب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف نفسه ، وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شيء من الكون - ممّا هو كائن ويكون - بغير لهوية الحق بل هو عين الهوية ) .
يعني : أنّ الحق الواحد الأحد الذي لا موجود على الحقيقة ولا مشهود في الوجود إلَّا هو ،
فما ثمّ ما يقال فيه : إنّه غير الهوية ، وإلَّا لزم تحقّق الاثنينية في الحقيقة وهي واحدة وحدة حقيقية ، هذا خلف .

قال رضي الله عنه : ( فهو العارف والعالم والمقرّ في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم ، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى ، هذا حظَّ من عرف الحق من التجلَّي ) .
يشير - رضي الله عنه - إلى أنّ المعرفة الحاصلة لأهل التجلَّي من التجلَّي بالمتجلَّي تقتضي أن يكون إقراره وإنكاره بحسب اعتقاده وبحسب ما تجلَّى له المتجلَّي في صورة اعتقاده ، والعارف هو الذي يعرف الحق بحقيقته ويعرف تجلَّي الحق له بالحق ، وهو العالم إذ لا معلوم ولا معروف على الحقيقة إلَّا الحق.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه : " فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته ، فالمنصور المجموع والناصر المجموع " .
فالمنصور مجموع المعتقدات كل من معتقده ، والناصر مجموع المعتقدين كل معتقده ، فالكل واحد منهم من ناصرين  ( فالحق عند العارف هو المعروف الذي ينكر فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) يعنى أن الحق عند العارف في أي صورة تجلى من صور تجلياته الاعتقادية والوجودية هو المعروف الذي لا ينكره ، فأهل الله الذين يعرفونه في الدنيا هم أهل الله الذين يعرفونه في الآخرة في جميع المشاهد .
"" أضاف بالي زادة :  قوله (والمنصور) الثابت بالنص الإلهي وهو "إِنْ تَنْصُرُوا الله" (المجموع) أي الحضرة الجمعية الأسمائية لا المنفرد (والناصر) الثابت بالنص وهو "يَنْصُرْكُمُ الله " (المجموع) أي تلك الحضرة ، يعنى إن تنصروا الله في مظهر ينصركم الله في مظهر ، فهذه الحضرة الجامعة ناصر ومنصور في المظاهر ، وهو رب الأرباب رب أصحاب القلوب ، فنفى الحق النصرة عن الأرباب المتفرقة التي في اعتقادات أصحاب العقول ، وأثبت النصرة للاسم الجامع الذي في قلوب العارفين اهـ بالى .
(فمن نفسه عرف نفسه) أي فمن علم تقليب نفسه في الصور (عرف تقليب) ذات (الحق في الصور ) فلما أتم الكلام في هذا المقام في مراتب الكثرة شرع في الوحدة بقوله ( وليست نفسه بغير ) اهـ بالى . ""
 
قال رضي الله عنه : " فلهذا قال : لمن كان له قلب ، فعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف نفسه وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير الهوية الحق بل هو عين الهوية "
قد علمت أن القلب دائما يتقلب في تقاليب صور العالمين وحقائقها ، فمن تقلبه في الأشكال علم تقليب الحق في الصور ولهذا لا يكون محل المعرفة الإلهية في الوجود إلا القلب ، لأن ما عداه من الروح وغيره له مقام معلوم ، فمن نفسه عرف نفسه لأن نفسه ليست غير الحق والباقي ظاهر.
 
قال رضي الله عنه : " فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى " .
أي في الصورة التي يعرف عليها وتجليه من معتقده ، فإنه يحصر الحق في صورة معتقده وينكر ما سواه ، وليس العارف والمنكر غيره .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.  فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته . )
أي ، نفى الحق عنها النصرة على انفراد كل منها ، إذ لا يقدر أن ينصر كل منها لكل معتقد على حدته . ف‍ ( عن ) متعلق ب‍ ( نفى ) . و ( على ) ب‍ ( النصرة ) . وإضافة ( الانفراد ) إلى ( الكل ) إضافة المصدر إلى مفعوله .
( والمنصور المجموع ، والناصر المجموع . ) وفي بعض النسخ :
( فالمنصور ) . ب‍ ( الفاء ) . و ( المجموع ) في قوله : ( والمنصور المجموع ) يجوز أن
يحمل بمجموع الآلهة .
وفي قوله : ( والناصر المجموع ) لمجموع المعتقدين ، لينصر كل منهم إلهه الذي يعتقده . ويجوز أن يحمل بمجموع المعتقد وإلهه المجعول في الأول ، وبمجموع المعتقد وإلهه الحقيقي في الثاني .
ومعناه : والحال أن المنصور مجموع المعتقد ، وإلهه الذي يعتقده ، إذ الرب الحاكم عليه ينصره، وهو ينصر معتقده .
و ( الناصر ) أيضا المجموع ، وهو الرب الحاكم على المعتقد وعين المعتقد . فإن نصرة الرب من الباطن لا يظهر في الظاهر إلا بمظهره ، وهو عين العبد .
( فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر ) كما قال رضي الله عنه في فتوحاته :
( الآمرون بالمعروف هم الآمرون بالحق ) . أي ، فالحق عند العارف هو الذي يظهر
في صور تجلياته ، ويعرف فيها ولا ينكر ، لأنه يعرف أن لا غير في الوجود ، فصور الموجودات ظاهرا وباطنا كلها صورته ، فهو المعروف الذي لا ينكر .
( عند العارف . فأهل المعروف في الآخرة . ) أي ، إذا كان الحق المعروف الذي لا ينكر ، فأهل المعروف هم العارفون الذين عرفوا الحق في صور تجلياته ، وصار الحق معروفهم في الدنيا ، وهم الذين يتصفون في الآخرة أيضا بأنهم أهل المعروف ، فإنهم يعرفونه أيضا في صور يتحول فيها ، ولا ينكرونه أبدا .
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلهذا قال : "لمن كان له قلب" أي ، لكون أهل المعروف في الدنيا أهل المعروف في الآخرة ).
قال : " لمن كان له قلب " . ولم يقل : لمن كان له عقل .
لأن صاحب القلب يتقلب في الصور بحسب العوالم الخمسة الكلية ، ومن تقليبه فيها يعرف تقليب الحق في الصور ، فيعبده فيها ، ولا ينكره في صورة من الصور .
وهذا معنى قوله : ( فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال ، فمن نفسه عرف
نفسه . ) أي ، علم القلب تقليب الحق في الصور المتنوعة وتجلياته المختلفة بواسطة تقلباته الحق في صور العوالم الكلية والحضرات الأصلية .
وإذا كان كذلك ، فالقلب العارف من نفسه وذاته عرف نفس الحق وذاته .
كما قال صلى الله عليه وسلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه " . أو العارف من نفسه
عرف نفسه ، ليكون هو العارف والمعروف . والأول أنسب .

قال الشيخ رضي الله عنه : (وليست نفسه بغير لهوية الحق ، ولا شئ من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق ، بل هو عين الهوية . فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى . )
لما تكلم في مراتب الكثرة  بلسانه ، شرع يتكلم في الوحدة ومعناه أن نفس العارف ليست مغائرة لهوية الحق ، فلا شئ من الموجودات أيضا مغائر لها ، لأن الهوية الإلهية هي التي ظهرت
في هذه الصور كلها ، فهو العارف والعالم والمقر في صور أهل العلم والعرفان  والإيمان ، وهو الذي لا يعرف ولا يعلم وينكر في صور المحجوبين والجهلة  والكفرة .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:01 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادية عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)
 
(فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات)، وإن كانت تفيض على أربابها ما يقوي اعتقاداتهم فيها. لكن لا يسمى نصرا ما لم يؤثر في الغير، وهم لا يؤثرون بها في اعتقاد خصومهم.
بحيث يكون (لكل معتقد) حجة قاطعة على إثبات معتقداتهم في اعتقاد أنفسهم؛ فمن اعترف بجميع تلك الوجوه نصره الله، ويجامع على خصمه في قلبه، وإن دفعه عن قلبه لتوهمة الكفر فيه نصره لنفسه، (فالمنصور المجموع والناصر المجموع) إذ له حكم في كل معتقد.
ولذلك يمكن للعارف إلزام كل معتقد ما هو الحق في الواقع في القلب، وإن دفعه عنه، وأنكر عليه بلسانه وكفره، "إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا" [غافر : 51]، وهم أهل المعرفة المؤمنون بجميع ما ورد به الشرع من التنزيه والتشبيه، فالجمع بينهما باعتبار الظهور بهما.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر) لو ورد الشرع به، فقد ورد بجميع الوجود، واعترفوا بالجميع وعرفوه عن شهود، (فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، وهم محققو الصوفية لكمال إيمانهم وعرفانهم، فهم يرونه في جميع تلك الوجوه من غير إنكار، فيفوزون بفوائد التجليات الغير المتناهية.
(وهذا) أي: ولوجود أهل المعروف في الدنيا (قال: "لمن كان له قلب") [ق: 37] قد تقلب في أشكال مختلفة مع وحدته وتجرده عنها، (فعلم تقلب الحق في الصور) عند تجليه مع تجرده عن الصور، ووحدته (بتقلبه في الأشكال)؛ لأن معرفته منوطة بمعرفة النفس، والمراد به القلب على ما هو مصطلح الحكماء سمو القلب بالنفس الناطقة، لكنه لا يعرف الحق من حيث هو ذاته، وإنما يعرفه من حيث هو متجلي في قلبه، وقلبه متصور بصورته.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن نفسه) إنما (عرف نفسه)، ولكن يقال: إنه عرف الحق؛ لأنه (ليست نفسه) التي عرفها بتجلی الحق فيها التجلي الشهودي (بغير هوية الحق) أي: لعينه فيها بالصورة المعينة، وليس له بهذا القدر دعوى الإلهية لنفسه إذ لا شيء من الكون مما هو كائن في الماضي وانقطع، ويكون في المستقبل، وليس الآن بغير هوية الحق.
أي: لتعينه في ذلك بصورة مخصوصة في التجلي الغيبي أيضا، ولا يتصور ذلك إذ لا مألوه حينئذ بعموم التجلي الغيبي، كل دائم الوجود ومتقطعه أولا وآخرا.
وإذا كان كل ما في الكون (عين هويته) الظاهرة فيهم؛ فلا بد من القول بظهوره في صور مختلفة في التجلي الغيبي، وينقاس على التجلي الشهودي.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو العارف) بالشهود (في هذه الصورة) الكاملة التي طابقت بحسب الإمكان ذا الصورة (وهو الذي لا عارف، ولا عالم، وهو المنكر) لتجليه في الصور المختلفة إذا تجلى (في هذه الصورة الأخرى) القاصرة، وإنما يتجلى فيها بظهوره في الصور مع نزاهته عنها في نفسه، والظهور يقتضي الإقرار والنزاهة الإنكار، ولا يكفر صاحب الإنكار؛ لأنه ناظر إلى النزاهة، ولا صاحب الإقرار لأنه ناظر إلى الظهور.
وإنما لم يقل: ولا مقر؛ لأنه أعم من المنکر الذي هو أدنى، والمقصود ثباته لا ثبات المتوسط، فلذا لم يقل: وهو الذي ليس كذلك لصدقه على المتوسط الذي فيه شيء من ذلك دون شيء.
 
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحقّ النصرة عن آلهة الاعتقادات ، على انفراد كلّ معتقد على حدته ، فالمنصور المجموع ) ضرورة أنّه هو الذي له الناصرون .
( والناصر ) الذي يصلح لأن ينصر هو ( المجموع ) .
قال رضي الله عنه :  ( فالحقّ عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر ) بوجه ، وبهذه النسبة يقال لأهله : العارف ، ( فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) أي من له أهليّة عرفان الحقّ في موطن الصور عند تقلَّبه فيها ، بحيث لا يتغيّر وجه معروفيّته من ذلك التقلَّبات ، فهو الذي له أهليّة عرفانه في موطن المعاني عند تقلَّبه فيها .

قال رضي الله عنه :  ( فلهذا قال : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ "فعلم تقليب الحقّ في الصور بتقليبه في الأشكال ) باطنا في متخيّلته ومتفكَّرته ، وظاهرا في أشكاله وأوضاعه عند النموّ والذبول .
قال رضي الله عنه :  (فمن نفسه عرف نفسه ، وليست نفسه بغير لهويّة الحقّ ، ولا شيء من الكون - مما هو كائن ويكون - بغير لهويّة الحقّ ، بل هو عين الهويّة ) ، إذ هو الظاهر وهو الباطن .

قال رضي الله عنه :  ( فهو العارف والعالم ، والمقرّ في هذه الصورة ، وهو الذي لا عارف ولا عالم ، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى ) .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
 
قال رضي الله عنه :  (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة. فلهذا قال «لمن كان له قلب»)
فنفى الحق سبحانه) في قوله تعالى : "وما لهم من ناصرين"  (النصرة)، أي نصرة المعتدين عن آلهة الاعتقادات على طريقة (انفراد كل معتقد) واختصاصه (على حدته) بننی نصرة إلهه المجعول في اعتقاده، أي في نصرة كل إنه مجعول لمن جعله إلها في اعتقاده (والمنصور).
وفي بعض النسخ فالمنصور أي ما يكون منصور على تقدیر بعدم النصرة (المجموع) المفهوم من ضمير الجمع أعني هم في قوله :
فما لهم وهم المعتقدون أصحاب آلهة الاعتقادات (والناصر) أيضا على ذلك التقدير (المجموع) المفهوم من صيغة جمع اسم الفاعل في قوله "من ناصرين"  وهم آلهة الاعتقادات.
ولما بين أن الحق سبحانه عند أصحاب الاعتقادات الجزئية معروف عندهم في صور اعتقاداتهم منكر لهم فيما عداها أراد أن يشير إلى حال العارف .
فقال رضي الله عنه  : (فالحق عند العارف) الذي عرف الحق بتقلب قنبه في أنواع الصور و الصفات (هو المعروف الذي لا بنکر) في صورة من الصور ، لأنه يعرف أن لا غير في الوجود وصور الموجودات كلها ظاهرا وباطنا كلها صورته.
فهو لا ينكر عبيده بوجه من الوجوه (فأهل المعروف في الدنيا)، أي الذين لهم أهلية معرفة الحق في مواطن الدنيا في صور تجلياته (هم أهل المعروف في الآخرة)، أي هم الذين يعرفونه في الآخرة في صور يتحول فيها لا ينكرونه أبدا .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولهذا)، أي الاختصاص معرفة الحق في جميع الصور في الدنيا والآخرة بحيث لا ينكر العارف الناتج معرفته عن تقلب قلبه (قال تعالى "لمن كان له قلب" ) فإنه قد تقلب قلبه في الأشكال .
 
قال رضي الله عنه : (فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال. فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال فمن نفسه عرف نفسه)، أي نفس الحق (وليست نفسه بغير هوية الحق) السارية في الكل دنيا وأخرى .
قال رضي الله عنه : (ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في الصورة الأخرى هذا)، أي هذا النوع من المعرفة الذي لا يعقبه نكرة .
 
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية.
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى. )
وإن كانت تلك الصور مظاهر الأسماء إلهية جزئية، لما جاء أمر ربك ورب محمد صلى الله عليه وسلم  .وهي الحضرة الربية الكلية الجامعة للأرباب كلها.
فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات المقيدة الجزئية كلها، يعني على انفراد كل إله مقید معتقد على حدته وانفراده، فإن المنصور من المعتقدين هو المجموع، وهم الذين اعتقدوا إطلاق إلههم ولم يقيدوه بمعتقد دون معتقد، فما حصروه في اعتقادهم خاصة.
كما أن الناصر المجموع، وهي الحضرة الإلهية الجامعة، فلهذا كل من كان صحيح التصور لإلهه وتوجه إليه في أمر تسرع إليه الإجابة والحصول على المراد من نبي وولي غالبا .
بخلاف غيرهم من أصحاب الاعتقادات المقيدة من أهل النظر العقلي.
وأنظر قصة فخر الدين الرازي رحمه الله .


مطلب:
قال الشيخ الأكبر : أخبرني الرشيد الفرغاني رحمه الله عن فخر الدين شيخه بن الخطيب الرازي، عالم زمانه، أن السلطان حبسه وعزم على قتله، وما له شافع عنده مقبول.
قال : فطمعت أن أجمع همي في أمري أن يخلصني من يد السلطان، لما انقطعت بي الأسباب، وحصل اليأس من كل ما سوى الله، فما تخلص لي ذلك، لما يرد على من النسبة النظرية في إثبات الله، الذي ربطت معتقدي به، إلى أن جمعت همتي وكليتي على الإله الذي تعتقده العامة.
ورميت من نفسي نظري وأدلتي، ولم أجد في نفسي شبهة تقدح عندي فيه، وأخلصت إليه التوجه بكلي، فدعوته في التخلص.
فما أصبح إلا وقد أفرج الله عني وأخرجني من السجن ، ومراده بالإله الذي تعتقده العامة، هو الإله الذي جاء وصفه في الكتاب والسنة، وهو غير مقيد ولا محصور، كما هو عقيدة عامة المؤمنين بأنه تعالى : "ليس كمثله شيء"  [الشورى: 11]
مع قبولهم الصفات السمعية التي لم تقبلها العقول، مع عدم التأويل لها، لا الإله الذي يعتقده أهل النظر ، وفخر الدين منهم.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر. فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.)
وما نفعه إلهه، فالحق تعالى وتقدس هو، المعروف الذي لا ينكر في أي صورة تجلی من صور العالم أعلى وأدنى من العرش إلى الذر عند العارفین به تعالى، فإنها لا توجد صورة لا تكون هوية الحق تعالى باطنها سارية فيها.
فالعارف لا يرى صورة إلا يرى الله قبلها، أو بعدها أو معها أو فيها، على اختلاف المشاهد، فإن الله عز وجل في كل شيء وجها
خاصا، هو تعالی حق ذلك الشيء، وذلك الشي حق بذلك الوجه. فأهل الحق تعالى المعروف لهم في الدنيا، المشهود عندهم في كل شيء، من غير حلول ولا اتحاد ولا امتزاج.
هم أهل الحق تعالى في الآخرة، المعروف لهم، فلا ينكرونه في شيء من تجلياته في الآخرة حين ينكره ويتعوذ منه من لم يعرفه في الدنيا بالإطلاق وعموم التجلي والظهور.
أشار سيدنا رضي الله عنه بقوله : (فأهل المعروف في الدنيا إلى آخره ... إلى معنى الحديث الذي خرجه الطبراني على طريق أهل الإشارة، أنه صلى الله عليه وسلم  قال : "أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة وإن أهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة". رواه الحاكم في المستدرك و البخاري في الأدب المفرد  وإتحاف المهرة لابن حجر العسقلاني  والطبراني في المعجم الكبير والصغير والهيثمي في مجمع الزوائد والبيهقي في السنن الكبرى وشعب الإيمان وابن أبي شيبة في مصنفه.
والأهل لغة، الأقارب وأهل الله هذا المقربون منه القرب المعنوي لمعرفته وطاعته ، كما ورد : "الأقربون أولى بالمعروف ".
أي الأقربون إلى الله أولى به، وهو المعروف الذي لا ينكر .

تنبيه:
إن العارفين لا يمنعون أهل النظر والفكر عن نظرهم، لأن ذلك هو مرتبتهم وإنما يمنعون العمل بما ينتجه الفكر من التلبيس، فإنه ما من علم من العلوم الظنية إلا ويجوز أن ينال العلم اليقيني به من طريق الكشف، ولهذا جعل المحققون من الصوفية أفلاطون الحكيم من العلماء بالله ، لأنه خرج بنظره مخرج الكشف، فما كرهه من کرهه من أهل الإسلام إلا لنسبته إلى الفلسفة لجهلهم بمدلول هذه اللفظة.
 
تقول سیدنا رضي الله عنه : (فلهذا قال : "لمن كان له قلب" [ق: 37] يعلم تقليب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال، فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير الهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى)
يقول رضي الله عنه :
فلهذا، أي لكون العقل قيدا فيحصر الأمر الإلهي في نعت واحد. والحقيقة تأبى الحصر.
 قال تعالى على طريق الإشارة : "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب"[ق: 37].
وما قال تعالى لمن كان له عقل، لأن علم صاحب القلب السليم العارف بالله و بتجلياته فوق علم صاحب العقل.
فإنه جاهل بالتجليات، بل يمنع تقليب الحق في الصور، وهي الشؤون التي هو تعالى فيها كل يوم. 
علم صاحب القلب تقليب الحق في الصور بتقليبه هو في الأشكال والأحوال، حيث عرف العارف أنه مخلوق عاجز لا حركة له من ذاته ، وأن هذا التقليب حصل له من غيره، وليس إلا الحق تعالى فتقليب الحق في الصور سبب في تقليب العيد في الأشكال.
فما عرف العبد العارف الحق تعالى إلا من معرفته نفسه، ولذا ورد: «من عرف نفسه عرف ربه» .
فمعرفته النفس سلم إلى معرفة الحق. لأن نفس العارف الإنسانية المقيدة هي النفس الإلهية المطلقة، فمن معرفته نفسه المقيدة عرف نفسه المطلقة .
وليست نفسه المقيدة بغير هوية الحق السارية في النفس الإنسانية ولا سريان، وليس سريان الهوية خاصا بالنفس الإنسانية، بل لا شيء من الكون، وهو الداخل تحت قوله تعالى : "كن" [البقرة: 117] مما هو كائن في الماضي والحال من الممكنات، أو يكون في المستقبل، فإنها لا نهاية لتكوينها بغير هوية الحق السارية، فلا شيء بغير هوية الحق السارية ، بل هو عينها لا غيرها.
ولما كانت هوية الحق عين صورة الإنسان كان الحق هو العارف والعالم من كل صورة ينسب إليها المعرفة والعلم به تعالى، وهو المقر بالربوبية، في هذه الصورة التي حصل الإقرار منها، لأن المتجلي والمتجلى له عين واحدة في صورتين مختلفتين، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
 وكذلك إذا ظهر لعارف فهو ظاهر لنفسه، لأن ذلك العارف وجه من وجوهه.
وإذا بطن عمن بطن من الجاهلين فهو باطن عن نفسه، لأن ذلك الجاهل مظهر من مظاهره.
وحيث كانت الصورة هي أحكام الأعيان الثابتة فلا تبالي بما تنسب إليها من العلم والجهل وغير ذلك.
ثم اعلم أن سيدنا رضي الله عنه غاير بين العالم والعارف، إذ العطف يقتضي المغايرة.
لأن العالم عند سيدنا أعلى مرتبة من المعارف، وإن كان العلم والمعرفة في الحد والحقيقة على السواء في كشف الشيء على ما هو عليه ، حيث أنه تعالى أثني بالعلم على من اختصه من عباده أكثر مما أثنى على العارفين.
فالعارف لا يرى إلا حقا وخلقا. 
والعالم يرى حقا وخلقا في خلق فيرى ثلاثة .
وهذا المذكور في الأسرار الربانية والمشاهد الإلهية حظ من عرف الحق جل جلاله  من طريق التجلي والشهود في عين الجمع بين الظاهر والباطن.
فهو معنى قوله : "لمن كان له قلب" [ق: 37].
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:02 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه: (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.  وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
(هذا) الأمر المذكور (حظ)، أي نصيب (من عرف الحق) تعالى (من طريق التجلي) أو الانكشاف الإلهي (والشهود) العياني للقائمين (في عين الجمع) الحقيقي الموروث للأولياء عن الأنبياء والمرسلين بحسب المتابعة وكمال الاقتداء في الظاهر والباطن عن صدق وإخلاص.
(فهو)، أي ما ذكر معنى قوله تعالى (ولمن كان له قله) وذلك القلب (بتنوع في تقليبه) أنواع كثيرة فيتبدل له رب الحق تعالى بالتجلي عليه في صور مختلفة يعرفه بها كلها فلا ينكره في شيء منها أصلا في الدنيا والآخرة.
(وأما أهل الإيمان)، أي التصديق بوجود الله تعالى من غير شهود ولا كشف فهم المقلدة) جمع مقلد (الذين قلدوا)، أي اتبعوا (الأنبياء والرسل) عليهم الصلاة والسلام (فيما)، أي في جميع ما (أخبروا به عن الحق) تعالى من الأوصاف والأسماء والأمور المغيبة من أخبار الأمم قبل يوم القيامة وأحوال الموت والقبر والقيامة (لا) أهل الإيمان (من قلد)، أي اتبع (أصحاب الأفكار) المتحكمين بأفكارهم على معاني ما ورد عن الحق تعالى (و المتأولين)، أي عارفين معاني (الأخبار الواردة)، عن الحق تعالى في الكتاب والسنة عما يريده الله تعالى منها مما هو غيب عنا (بحملها على أدلتهم) العقلية بحسب ما تقتضيه مما فهموه بأفكارهم (فهولاء)، أي أهل الإيمان (الذين) هم قد (قلدوا)، أي اتبعوا (الرسل صلوات الله عليهم) مصدقين بجميع ما ورد عنهم من الأخبار الإلهية والنبوة على حسب ما يعلمه الله تعالى من ذلك وتعلمه أنبياؤه ورسله علیهم السلام لا على حسب ما يفهمونه بعقولهم وأفكارهم.
(هم المرادون بقوله) عز وجل في الآية المذكورة سابقة أن في ذلك "لذكرى "لمن كان له قلب" (أو ألقى السمع)، أي سمعه (لما وردت به الأخبار الإلهية) المذكورة (على ألسنة) جمع لسان (الأنبياء عليهم السلام وهو يعني هذا) الإنسان (الذي ألقي)، أي أمال وطرح مصغية (السمع) منه لما ذكر ("شهيد")، أي مشاهد لما ألقى السمع وإن لم يكن عارفا به.
 
( ينبه) سبحانه بذلك (على حضرة الخيال) المقيدة للمطلق (وعلی) جواز استعمالها في معرفة المطلق للضرورة، إذ لا يمكن الممكن المفيد أن يعرف الواجب المطلق إلا مفيدة بقيود من طرفه لا من طرف الواجب، فيعرف الواجب المطلق بذلك ويعرف أنه ما عرفه إلا بما منه لا بما من الواجب المطلق.
ويعرف أنه عرف الواجب المطلق من وجه ما منه وما عرف الواجب المطلق من وجه ما من الواجب المطلق، فالواجب المطلق عنده موصوف بأنه الظاهر له من وجه ما منه ، والباطن عنه من وجه ما هو الواجب المطلق عليه في نفسه.
فهو مشاهد له من حيث ما هو ظاهر له، وعاجز عنه من وجه ما هو باطن عنه، ولهذا ورد عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه كان يقول من حيث الظهور : اما رأيت شيئا إلا ورأيت الله فيها، وكان يقول من حيث البطون «العجز عن درك الإدراك إدراك».
(وهو)، أي هذا المعنى المذكور (معنى قوله)، أي النبي (عليه السلام) في بيان مقام (الإحسان).
فالإحسان (أن تعبد الله) تعالى بأن تأتي بكل ما أمرك به سبحانه بأمر قطعي أو ظني، وتنتهي عن كل ما نهاك عنه تعالی بنهي قطعي أو ظني على حسب ما اقتضاه اجتهادك أو اجتهاد إمامك في الظاهر والباطن.
والحال أنك (كأنك)، أي مثل أنك (تراه)، أي تنظره سبحانه، فإن من كان ممكنا لا يرى الواجب إلا برؤية ممكنة مقتضية لصورة من طرف الرائي وصورة من طرف المرئي تحول بينه وبين الواجب .
فيصير كأنه يراه لا أنه يراه، فإن الرؤية شرطها عدم الحجاب بين الرائي والمرئي وهنا الصورتان حجابان بينهما، وقد يراه في صورة نفسه فيكون حجاب واحد بينهما وقد تضاف الرؤية بوجه غيبي أتم عند الرائي إلى الظاهر بصورة الرائي للظاهر بصورة المرئي ويكون الرائي و المرئي واحدة والصورة بينهما فارقة مميزة للحضرتين.
وهو قوله: «وإن لم تكن تراه فإنه يراك»، أي فإن لم تكن تراه ، لأنه عينك التي تبصر بها فإنه يراك بعينك التي ترى بها نفسك فإنك مرئي لا رائي وهو رائي لا مرئي (و) قوله صلى الله عليه وسلم : (الله في قبلة المصلي).
""أضاف المحقق :  يشير إلى قوله : "إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله قبل وجهه إذا صلى"  رواه البخاري ورواه مسلم ورواه غيرهما""
 
وفي رواية الترمذي: «وإن الله أمركم بالصلاة، فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت … الحديث "ورواه أبو داود في سننه وابن حبان في صحيحه وفي الإيمان لابن مندة ونيل الأوطار للشوكاني وصحيح الترمذي للألباني ورواه غيرهما
تلتفتوا فإن الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته ما لم يلتفت».
ومعنى ذلك مقابلة العبد للصورة التي في نفسه يرى ربه تعالی تجلى عليه فيها فيعبد الله تعالی بصلاته وهو كأنه يراه .
وقوله : ينصب وجهه فإن تلك الصورة شيء.
وقد قال تعالى : "كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88]
والوجه هو الحقيقة الإلهية الوجودية المحضة المنزهة عن جميع القيود الحسية والعقلية .
(فلذلك)، أي لكونه يستعمل حضرة الخيال في وقت عبادة ربه فيعبده سبحانه وهو متصور له كأنه يراه من غير حصوله في صورة (هو)، أي من ألقى سمعه (شهید)، أي مشاهد للحق تعالی سواء عرف أو لم يعرف فإن عرف كان من القسم الأول الذين هم أهل التجلي والشهود في عين الجمع وإن لم يعرف كان من أهل الإيمان المقلدين للأنبياء و المرسلين فيما جاءوا به من رب العالمين .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه : (وهذا) أي علم تقليب الحق في الصور المتنوعة عند التجليات (حظ) أي نصيب (من عرف الحق من التجلي والشهود). قوله : (في عين الجمع) يتعلق بعرف أي عرف الحق في عين الجمع من مشاهدة تقليبات نفسه في الصور لا حظ من عرف  الحق، بالنظر العقلي .
قال رضي الله عنه : (فهو) أي الحظ المذكور وهو المراد من (قوله لمن كان له قلب يتنوع في تقليبه) أي في تقليب الحق في الصور أو في تقليب نفسه في الصور .
فالمراد من قوله : "لمن كان له قلب"  الأنبياء والرسل عليهم السلام والأولياء وهم أهل القلوب .
هذا هو أهل الإيمان الذي تخلصوا عن قيد التقليد ونالوا درجة التحقيق في الإيمان وهم المسمى بأهل الحقيقة عند الصوفيين .
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل عليهم السلام فيما أخبروا به عن الحق) 
وقوله : (لا من قلد أصحاب الأفكار) توبيخ للفلاسفة ومن قلدهم فالمراد بأصحاب الأفكار الفلاسفة قوله : (و) لا من قلد (المتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية) توبيخ للمعتزلة ومن تابعهم حيث لم يعدهم من أهل الإيمان ولا فرق بين متأول النصوص ومنكره عنده في أنه ليس من أهل الإيمان .
هذا إذا عارض النص الأدلة العقلية ، وأما إذا تعارضت النصوص فالتأويل الشرعي واجب توفيقا لأحكام الشرعية .
فتأويل أهل السنة بعض الأحكام على مقتضى الشرع و تأويل المعتزلة على مقتضى العقل فما قلدوا الأنبياء عليهم السلام من الفرق إلا أهل السنة .
قوله رضي الله عنه  : (فهؤلاء الذين فقدوا الرسل) عليهم السلام جواب أما (هم المرادون بقوله: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37) سوة ق"
قوله رضي الله عنه  : "أو القى السمع") وإلقاء السمع القبول (لما وردت به الإختبارات الإلهية على السنة الأنبياء عليهم السلام) من غير التفات إلى الأدلة العقلية .
قال رضي الله عنه : (وهو يعني هو الذي ألقى السمع) للإخبارات الإلهية ("وهو شهيد") أي شاهد ومؤمن بتقليب الحق في الصور بسبب إلقاء سمعه للإخبارات الإلهية لأنه عارف من تقليب نفسه في الصور تقليب الحق في الصور يسمونه أهل الله مؤمنا.
فمن لم يكن فمن كله له قلب أو ممن ألقى السمع فليس بمؤمن عند أهل الله .
فإيمان صاحب القلب إيمان عيني وإيمان صاحب السمع إيمان بالغيب المطلق بما هو الأمر عليه في نفسه .
قال الإمام علي رضي الله عنه : "لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا"
مع أنه مكشوف الغطاء لكن مراده إخبار عن هذا المقام فمن تفرق عن أهل السنة والجماعة فليس بمؤمن عندهم لعدم نصيبهم من هذه الآية.
بل نصيبهم من قوله : "إذ تبرأ الذين أتبعوا من الذين اتبعوا"
(ينبه) الحق بقوله أو ألقى السمع وهو شهيد (علی حضرة الخيال) وهي قوة من القوى الإنسانية التي تظهر فيها الصور الخيالية (و) على (استعمالها) فإن إلقاء السمع يدل على استعمال حضرة الخيال فهذا التنبيه من الله أمر باستعمال القوة الخيالية ونهى عن استعمال القوة المفكرة .
فإن من استعمل القوة الفكرية يسد عليه باب الكشف لذلك منع أهل الله عن الطالب الاشتغال بظواهر العلوم التي تحصل عن استعمال القوة النظرية وجعل مشغولا بالذكر لتسكين المفكرة عن حركاتها .

قال رضي الله عنه : (وهو) أي معنى قوله: "أو ألقى السمع وهو شهيد" معنى (قوله عليه السلام في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه).
وقال في حديث آخر (والله في قبلة المصلي) الذي يصلي كأنه يراه.
(فلذلك) أي فلكون الحق في قبلة ذلك المصلي (هو) أي المصلي الذي يصلي ، يصلي بالحضور (شهيد) للحق فمن لم يصل الله كأنه يراه فهو ليس بمصلي ، فليس بشهيد للحق لذلك قالوا: لا صلاة إلا بالحضور.
 

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه. وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
فقال: لأن إله صاحب هذا المعتقد مثلا ما له حكم في إله المعتقد الآخر بل الخلف بينهم قائم.
وأيضا فإذا نصر المعتقد مذهبه، فربه الخاص به لا ينصره، لأنه رب وهمي لا حقيقة له، فلا يكون لنصرة مذهبه أثر ظاهر ينقطع به النزاع وكذلك المقاوم له ولا يزال النزاع قائما .
ولذلك قال: يكفر بعضهم بعضا، ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرین، فذكر أنه لا ناصر لهم فقد نفيه الحق تعالى النصرة عن آلهة الاعتقادات.
قال: فالحق عند العارف المعروف الذي لا ينكر ولا يتنكر في نفس الأمر.
قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه : (هذا حظَّ من عرف الحق من التجلَّي ، والشهود في عين الجمع ، وهو قوله : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يتقلَّب في تقليبه . وأمّا أهل الإيمان فهم المقلَّدة الذين قلَّدوا الأنبياء والرسل ، فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلَّد أصحاب الأفكار والمتأوّلين للأخبار الواردة بحملها على أدلَّتهم العقلية ، فهؤلاء الذين قلَّدوا الرسل عليهم السّلام هم المرادون بقوله : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء و " هُوَ " يعني هذا الذي ألقى السمع "شَهِيدٌ " ينبّه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه السّلام في الإحسان :  "أن تعبد الله كأنّك تراه " والله في قبلة المصلَّي ، فلذلك هو شهيد ).
قال العبد  اعلم : أنّ الشهود قد يكون بمعنى الحضور بالمشهود ، وقد يكون بمعنى الرؤية والشهود للمبصر بالبصر ، وقد يكون للحقائق بالبصائر ، وقد يكون بأحدية جمع البصائر بالأبصار .
وللشهود مراتب : فقد يشهد التجلَّي في حضرة الخيال ، وقد يكون المشهود ممثّلا في عالم الحسّ ، كما مثّلت الجنّة للرسول في عرض الحائط ، وكتمثّل جبرئيل عليه السّلام في صورة دحية والبشر السويّ المذكور في القرآن .
وتحريض الرسول على تمثيل الحق في حضرة الخيال ، بقوله صلى الله عليه وسلم حكاية عن الله في الثناء على العالمين العابدين له : « قد مثّلوني في أعينهم » إنّما هو إرشاد وترقية لهمّة العارف ، أن يرى ويشهد الحقائق والمعاني ظاهرة كفاحا ، فإنّ في قوّة الحقيقة الإنسانية ذلك ، فاعرفه .
 
وقوله : « كأنّك تراه » استحضار لصورة المعبود بموجب المعتقد ، فإذا قوي الاستحضار وغلب الحال ، كان المعلوم مشهودا بالبصيرة ، وإذا كمل الشهود كان مشهودا بأحدية جمع البصر والبصيرة .
كما أشرنا إليه في الغرّاء الداليّة لنا :
ومتّحد أبصارنا ببصائر   ....    لإبصار وجه الحق حقا حدائد
" فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ " .
وهذا أكمل ما في مقام الشهود ، أن يشهد الحق كما يشهد الحق نفسه ، يعني شهود الحق نفسه في نفسه بنفسه وبه فيه ، فافهم فإذا تحقّق العبد بهذا المقام ، فهو الشاهد وهو المشهود ، وذلك أوّل مراتب الولاية ، فهذا المشاهد الشاهد وليّ الله والله وليّه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه : ( فهذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع ) أي علم القلب الذي عرف الحق بالحق من نفسه التي هي عين هوية الحق ، حظ من عرف الحق بطريق التجلي والشهود في عين الجمع لا بالفكر والبرهان ، كما هو طريق العقلاء من أصحاب الاعتقادات ، فإن البرهان لا يعطى كون الحق عين كل شيء من الأشياء المتضادة.

قال رضي الله عنه : ( فهو قوله :" لِمَنْ كانَ لَه قَلْبٌ " يتنوع في تقليبه ) أي فذلك العالم والحظ لمن كان له قلب يتنوع بتنوع التجليات ، ويتقلب في قوالبها كما ذكر .
 
قال رضي الله عنه : "وأما أهل الإيمان فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتها العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلى الله عليهم وسلَّم هم المرادون بقوله "أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ" لما وردت به الأخبار الإلهية على سنة الأنبياء ، وهو يعنى هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الإحسان « أن تعبد الله كأنك تراه » والله في قبلة المصلى فلذلك هو شهيد " .
أي أهل الإيمان الذين قلدوا الرسل عليهم الصلاة والسلام لا الذين قلدوا العقلاء ، هم المرادون بقوله : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " .
لما ورد من القرآن والخبر وهو شهيد ، أي حاضر بقلبه على حضرة الخيال ، فإن الشهود قد يكون بمعنى الحضور وقد يكون بمعنى الرؤية والبصر بالمبصرات ، وقد يكون بالتجلي الخيالي والتمثل في الحس من حضرة الخيال ، وقد يكون بالبصائر للحقائق ، وقد يكون بأحدية جمع البصائر والأبصار ، وقد يكون بعين الحق للحضرة الإلهية من قوله « كنت سمعه وبصره » .
 
"" أضاف بالي زادة :   فإن إلقاء السمع يدل على استعمال حضرة الخيال والنهى عن استعمال القوة المفكرة ، وهو أي معنى قوله : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وهُوَ شَهِيدٌ " معنى قوله « الإحسان أن تعبد الله » اهـ بالى""  .
 
وقد يكون بمعنى شهود الحق ذاته بذاته وهو شهود أهل الولاية ، والمراد هنا الشهود في الحضرة الخيالية للتمثل الحسي ، كما مثلت الجنة لرسول الله صلى الله عليه وسلَّم في عرض الحائط ، ومثل جبريل في صورة دحية وفي صورة البشر السوىّ لمريم .
يعنى وهو عند إلقاء السمع حاضرة ما تمثل رسول الله صلى الله عليه وسلَّم باستعمال القوة الخيالية في حضرتها .
أو شاهد ما تمثل فيها إن قدر ، وهو أي شهوده أو استعمال القوة الخيالية قوله عليه الصلاة والسلام ، أي مثل قوله « أن تعبد الله
 
كأنك تراه « في صورة المعتقد الذي عندك ، وقوله : والله في قبلة المصلى كذلك ، فذلك الحضور الخيالي هو شهيد ، فإذا قوى الاستحضار الخيالي وغلب الحال صار الشهود الخيالي مشهودا بالبصيرة ، فإذا صار أقوى وأكمل كان مشهودا بأحدية جمع البصر والبصيرة ، والنهاية مقام الولاية وهو شهود الحق ذاته بذاته فيكون الشاهد عين المشهود

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه :  ( هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع . ) أي ، هذا العلم الذي حصل للقلب من نفسه وعرف الحق وتقلباته في الصور من عين تقلباته في العوالم ، حظ من شاهد مقام الجمع من التجلي الإلهي ، وعرف الحق فيه ، لاحظ لأهل العقل وأصحاب الفكر المحجوبين عنه وعن تجلياته وتقلباته في الصور .
( فهو قوله : " لمن كان له قلب " . يتنوع في تقليبه . ) أي ، هذا الحظ المذكور من العلم والمعرفة والشهود والتجلي .
هو المعنى من قوله : ( لمن كان له قلب ) .
ويؤيده ما بعده من قوله : ( هم المرادون بقوله : " أو ألقى السمع وهو شهيد" .)
أي ، المعنى من قوله : ( لمن كان له قلب ) . صاحب الشهود .
والمعنى بقوله : ( أو ألقى السمع ) المقلدون للرسل .
( فهو ) مبتدأ ، و ( قوله ) قائم مقام الخبر . و ( يتنوع ) صفة ( للقلب ) .
وضمير قوله : ( في تقليبه ) يجوز أن يعود إلى ( الحق ) . أي ، في تقليب الحق إياه .
ويجوز أن يعود إلى ( القلب ) . أي ، في تقليبه نفسه في الصور .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل ، عليهم السلام  والصلاة ، فيما أخبروا به عن الحق ، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية ، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل ، صلوات الله عليهم ، هم المرادون بقوله : "أو ألقى السمع " لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء ، عليهم الصلاة والسلام . )
أي ، وأما نصيب أهل الايمان والمقلدين للأنبياء والأولياء من هذه الآية ، قوله تعالى : "أو ألقى السمع وهو شهيد " .
فإن ( إلقاء السمع ) إنما يكون عند القبول لما جاء به الأنبياء والرسل من غير طلب دليل عقلي . ولما كان أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار على ما يقتضيه طريق عقولهم على نهج غير موصل لما هو في نفس الأمر من الحقائق.
قال : ( لا من قلد أصحاب الأفكار ) لأن المتبوع إذا كان جاهلا بما هو الأمر عليه ، فالتابع أولى
به . ( وهو ، يعنى هذا الذي ألقى السمع ، شهيد . ) أي ، المؤمن الذي ألقى السمع بالأخبار الإلهية ، شهيد .
و ( للشهيد ) معنيان :
أحدهما ، حاضر . أي ، حاضر مراقب لما يبلغه الأنبياء من الأخبار النازلة عليهم .
وثانيهما ، شاهد .
و ( للشهود ) مراتب :
إحديها ، الرؤية بالبصر .
وثانيها ، الرؤية بالبصيرة في عالم الخيال .
وثالثها ، الرؤية بالبصر والبصيرة معا .
ورابعها ، الإدراك الحقيقي للحقائق مجردة عن الصور الحسية . وكل منها بعين نفسه أو ربه .
والمراد هنا كلا المعنيين : الحضور ، والرؤية في عالم الخيال .
أما الحضور ، فإنه لو لم يكن حاضرا أو مراقبا ، لا يحصل له الرؤية المثالية .
فالذي يلقى سمعه ، يكون مشاهدا للأشياء في حضرة الخيال ، ويكون مؤمنا لما في باقي الحضرات .
لذلك قال رضي الله عنه  : ( ينبه على حضرة الخيال واستعمالها . ) أي ، الحق ينبه بهذا القول على حضرة الخيال ، إذ أول ما ينكشف للمؤمن حضرة الخيال ، وهو المثال المقيد ، ثم يسرى إلى المثال المطلق الذي هو عالم الأرواح . كما مر بيانه .
وكذلك ينبه على الوصول إلى هذا المقام ، وهو المراد بقوله : ( واستعمالها ) . أي ، واستعمال الحضرة الخيالية .
وهي القوة التي فيها تظهر الصور الخيالية ، واستعمالها إنما يكون بالتجرد التام والتوجه الكلى
بالقلب إلى العالم العلوي ، من غير اتباع العقل واستعمال للمفكرة .
فإنه كما يتحرك ، ينفتح له طريق الفكر وينسد عليه باب الكشف ، بل يتوجه توجها تاما عند تسكين المفكرة عن حركاتها بالذكر .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو قوله ، عليه السلام ، في الإحسان : " أن تعبد الله كأنك تراه ". "والله في قبلة المصلى" . فلذلك هو شهيد . )
( هو ) عائد إلى ( الاستعمال ) . أو ( الشهود ) . أي ، ذلك الاستعمال ، أو الشهود ، كقوله ، عليه السلام ، في الإحسان : " أن تعبد الله كأنك تراه " . أي ، بمراقبة تامة وتوجه كلي ، كأنك مشاهد للحق ، لأن مثل هذه المراقبة تفتح أبواب الغيوب ، فتحصل هذه الرؤية العيانية ، فيرتفع حكم ، كأن الذي كان يقوم مقام المشاهدة .
وقوله : " والله في قبلة المصلى " هذا أيضا حديث آخر صحيح ، فإن كان المصلى ممن تكحل عينه بنور الحق واحتد بصره ، فيراه رؤية العين ، وإلا فينبغي أن يراقب بجمعية تامة ، ليكون كأنه يراه .
وقوله : "فلذلك هو شهيد " أي ، فلكون الحق في قبلة المصلى بصلاة الحضور والمراقبة ، هو شهيد للحق ، مشاهدا لوجهه الكريم في قبلته .
ومن يكمل استعداده ويقوى كشفه ، شاهد الحق في جميع الجهات ، فإنه فيها كلها ، كما قال : "أينما تولوا فثم وجه الله " .

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:02 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه :  (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.)
(وهذا) أي: معرفة تقلب الحق في الصور المختلفة في التجليين (حظ من عرف الحق من التجلي) الشهودي، وليس وذلك من التجلي الواحد إلا عند الشهود في عين الجمع) وهو رؤية الكل عن هوية الحق، أي: تعیناته بالصور المختلفة، فهذا الشهود كالجنس المحيط بالأنواع المختلفة، فيختص بالقلب.
 (فهو) ما دل عليه قوله تعالى: "لمن كان له, قلب" [ق:37])؛ لأنه في قابلية الصور الجنس في قبول الفصول المنوعة (يتنوع في تقليبه) الصور على نفسه.
"" أضاف المحقق : قال الشيخ روزبهان: وقال بعضهم: للقلوب مراتب، فقلوب في قبضة الحق مأسورة وبكشفه مسرورة، وقلوب المحبين إليه والهة، فقلوب طائرة بالشوق إليه، وقلوب هاجت بالشغف هيمائا، أو قلوب اعتقدت فيه الأمال، وقلوب إلى ربها ناظرة، وقلوب تبكي من الفراق وشدة الاشتياق.
وقلوب ضاقت في دار الفناء وسمت إلى دار البقاء، وقلوب خاطبها في سرها، فزال عنها مرارة الأوجاع.
وقلوب سارت إليه بهمتها، وقلوب صعدت إليه بعزائم صدقها، وقلوب تقدمت بخدمته في الخلوات، وقلوب مرت في الهدايات، وابتغت من الله العناية، وقلوب شربت بكأس الوداد فاستوحشت من جميع العباد.
وقلوب ساقت في الطريق إليه، وقلوب انقطعت بالكلية إليه، فهذه مراتب القلوب في السلوك والقصد فهو متبع قصده.  ""

قال رضي الله عنه : ( وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.)
ثم أشار إلى بيان من "أو ألقى الشمع وهو شهيد" .
فقال: (وأما أهل الإيمان) بطريق الصوفية؛ فهم المرادون بقوله: "أو ألقي السمع"، حذف الخبر بقرينة ما بعده (وهم المقلدة) لقصورهم عن بلوغ حد المشاهدة ولم يقتصروا، وأعلى تقليد الصوفية على خلاف الشرع، بل هم (الذين قلدوا الأنبياء والرسل عليهم السلام) الذين قولهم أقوى من دلائل أرباب النظر؛ لأن لهم دلائل عقلية نافية عن شوائب الوهم والخيال مؤيدة بالمعجزات، ودلائل أرباب النظر ليست كذلك.
فلذا قال: (لا من قلد أصحاب الأفكار) المتعارضة وإن كانوا من المتباركين الأخيار مع أن ظواهرها قريبة لتأويلات أهل الكشف مؤيدة بالدلائل أيضا، نافية عن شوائب الأوهام والخيالات، (بحملها على) مقتضى (أدلتهم العقلية)، وإن كانت لا تخلو عن شوائب الأوهام والخيالات، فيئولون حديث التحول في الصور بظهور الملك بإذن الله ببعض تلك الصور من غير حاجة إلى ذلك، إذ التنزيه في الذات لا ينافي الظهور بالصور المختلفة، كما أنا نعلم أن جبريل ليس على صورة دحية في نفسه، وقد ظهر بها في بعض الأوقات.
(فهؤلاء الذين قلدوا الرسل عليهم السلام) في أقوالهم الصوفية؛ فلم يتأولوا حديث التحول في الصور يوم القيامة وآيات التشبيه، وإخباره بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها (هم المرادون بقوله تعالى :"أو ألقى السمع") من يغر بتأويل بعيد (لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الرسل عليهم السلام) سواء رفعوها إلى الله تعالى إذ لا يلقون إلى العوام الذين لا يطلعون على التأويلات البعيدة ما يضلونهم به عن الحق الضلال البعيد.
ثم أشار إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "وهو شهيد" هو استحضار الحق بصورة متخيلة، وهو ولما توهم رجوعه إلى صاحب القلب لكونه المشاهد بالحقيقة، وهو مخل لورود النص في حق ملقي السمع، (وهو) مقلد ليس بصاحب مشاهدة حقيقية.
فسره بقوله: (يعني هذا الذي ألقى السمع شهید)، لم يرد به المشاهدة الحقيقة لاختصاصها بصاحب القلب.
بل (ينبه على) مشاهدة (حضرة الخيال)، وهي استحضارها للحق بصورة متخيلة، وعلى (استعمالها) أي: طلب العمل من هذه الحضرة أي: جواز ذلك لئلا يعجز العامي عن استحضار معبوده في العبادة، مع أنه لا بد منه لكن بشرط ألا يتقيد بها بل يقول لها هي بالله، ويلتزم ذكر ليس كمثله شيء باعتبار ذاته وصفاته في نفس الأمر لنا تقليد الرسل وإلا معوذ منه.
(وهو) أي: الدليل على جواز استعمال هذه الحضرة (قوله صلى الله عليه وسلم في الإحسان) الذي هو من أعلى درجات أهل الإيمان بالتقليد المذكور ("أن تعبد الله كأنك تراه") رواه البخاري ومسلم.
إذ قوله: "كأنك" تدل على التمثيل الذي لا يكون بدون التخيل، وكذلك قوله الة لمن اتصف بالصلاة إلى القبلة، (والله في قبلة المصلي)، وليس في القبلة إلا بحسب التحيل وإلا فهو منزه عن الجهات.
(فلذلك) أي: فلجواز التخيل بالشرط المذكور (هو) أي: التحيل (شهید) أي: نازل منزلة من شاهد الحق بقلبه عند تجليه الشهود كما يشير إليه قوله: كأنك تراه وجعله إحسانا.
ثم أشار إلى أن مقلد أرباب النظر العقلي لا يكون ما في السمع، وإن كان من تقلد به قد قبل الأخبار الإلهية بالتأويلات البعيدة عن ظواهرها.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
مقلدو الرسل عليهم السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( هذا حظَّ من عرف الحقّ من التجلَّي والشهود في عين الجمع ، فهو قوله  رضي الله عنه  : " لِمَنْ كانَ لَه ُ قَلْبٌ " يتنوّع في تقليبه ، وأمّا أهل الإيمان ) العقدي ( فهم المقلَّدة الذين قلَّدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحقّ ) وهم أهل إلقاء السمع على ما ورد : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ 50 / 37 ] .
( لا من قلَّد أصحاب الأفكار والمتأوّلين للأخبار الواردة ) الكاشفة عن الحقّ كشفا مبينا ( بحملها على أدلَّتهم العقليّة ) وارتكاب احتمالاتها البعيدة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهؤلاء الذين قلَّدوا الرسل - صلوات الله عليهم - هم المرادون بقوله :رضي الله عنه : " أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ " لما وردت به الأخبار الإلهيّة على ألسنة الأنبياء عليهم السّلام ، وهو يعني هذا الذي يلقى السمع وهو شهيد ، ينبّه على حضرة الخيال واستعمالها ) فإنّه باستعمال القوّة الخياليّة يتمثّل الصور ويحضر ، وحينئذ يصدق الشهود .
( و ) ذلك التنبيه .
( هو قوله عليه السّلام في الإحسان : « أن تعبد الله كأنّك تراه » ) فإنّ الحضرة المشبهة بالمرئيّة هي حضرة الخيال ليست إلَّا .
وكذلك قوله رضي الله عنه  : ( والله في قبلة المصلَّي ) حيث عيّن الجهة التي لذات الصورة ليست إلَّا ( فلذلك " هُوَ شَهِيدٌ " ) .
وملخّص هذا الكلام أنّه إنّما يختصّ بتذكَّر ما في الكتاب :
من كان له قلب يتقلَّب في شؤونه - وهو مقام اولي التنزيه ، وليس كمثله شيء - أو كان ممن ألقى السمع لأرباب القلوب وهو شهيد لما ألقى إليه شهادة صاحب حضرة الحيال - وهو مقام اولي التشبيه ، وهو السميع البصير .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
 
قال رضي الله عنه :  (هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه. وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (حظ من عرف الحق من التجلي والشهود)، أي من تجليه في الصور وشهوده فيها حال كونه مستقر (في عين) مقام (الجمع) بحيث لا تشغله صور التفرقة عن شهوده (فهو) من يشير إليه (قوله : "لمن كان له قلب") يتنوع في تقليبه .

قال رضي الله عنه :  (وأما أهل الإيمان) الاعتقادي الذين لم يعرفوا الحق من التجلي والشهود (فهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق) من غير طلب دليل عقلي (لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة) الكاشفة عن الحق کشفا مبينا (بحملها على أدلتهم العقلية) بارتكاب احتمالاتها البعيدة .

قال رضي الله عنه :  (فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم) حق التقليد (هم المرادون بقوله: "أو ألقى السمع" لما وردت)، أي الاستماع ما وردت (به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء عليهم السلام وهو يعني هذا الذي يلقى السمع شهيد).
أي حاضر بما يسمعه مراقب له في حضرة خياله (ينبه) ، أي هذا القول أو الحق سبحانه بهذا القول (على حضرة الخيال واستعمالها) في حضار صورة ما سمعه يعني ينبغي لملقي السمع أن يجهد في إحضار ما يسمعه في خياله لعله يفوز بالتجليات المثالية لا أن يكون صاحب تنك التجليات بالفعل وإلا بقي بعض مقلدة الأنبياء خارجة عن هذا الحكم.
ووجه التشبيه أن الشهود كما قال الشيخ المؤلف رضي الله عنه في اصطلاحاته الخاصة هو الرؤية بالبصر .
وههنا وإن لم يكن المراد بالشهود الرؤية البصرية لكن ينبغي أن يراد به ما يشابهها، كما قال المشابهة وهو مشاهدة الصور المتمثلة في حضرة الخيال ليس إلا.
 
قال رضي الله عنه : ( وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو قوله عليه السلام في الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه)، أي حال كونه كالمرني بالبصر لك أو حال كونك كالرائي بالبصر به في صورة المعتقد عندك (وقوله) عليه السلام (الله في قبلة المصلي) فإن الكائن في جهة لا بد له من صورة .
(ولذلك) الشهود الخيالي (فهو)، أي كل واحد صاحب الإحسان والمصلي (شهيد) الحق سبحانه مشاهد له.
 
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. )
ثم اعلم أن سيدنا رضي الله عنه غاير بين العالم والعارف، إذ العطف يقتضي المغايرة.
لأن العالم عند سيدنا أعلى مرتبة من المعارف، وإن كان العلم والمعرفة في الحد والحقيقة على السواء في كشف الشيء على ما هو عليه ، حيث أنه تعالى أثني بالعلم على من اختصه من عباده أكثر مما أثنى على العارفين.
فالعارف لا يرى إلا حقا وخلقا. 
والعالم يرى حقا وخلقا في خلق فيرى ثلاثة .
وهذا المذكور في الأسرار الربانية والمشاهد الإلهية حظ من عرف الحق جل جلاله  من طريق التجلي والشهود في عين الجمع بين الظاهر والباطن.
فهو معنى قوله : "لمن كان له قلب" [ق: 37].
ثم اعلم أن العلماء بالله أربعة أصناف:
1 -  صنف ما لهم علم بالله إلا من طريق النظر الفكري، وهم القائلون بالسلوب "الصفات والأفعال السلبية" المانعون لتجلي الحق تعالى في الصور، القائلون بالتنزيه المحض.
2 - وصنف ما لهم علم بالله إلا من طريق التجلي، وهم القائلون بالثبوت والحدود التابعة، وهم أهل وحدة الشهود.
3 - وصنف يحدث لهم علم بالله بين الشهود والنظر فلا يبقون مع الصور في التجلي، ولا يصلون إلى معرفة هذه الذات الظاهرة بهذه الصور في عين الناظرين.
4 - وصنف ليس واحدا من هذه الثلاثة، ولا يخرج عن جميعهم وهو الذي يعلم أن الله
تعالى قابل لكل معتقد في العالم من حيث عين الوجود، فإنه قضى وحكم ألا يعبد إلا إياه.
وهذا الصنف ينقسم إلى صنفين:
صنف يقول عین الحق هو المتجلي في صور الممکنات.
وصنف يقول أحكام الممکنات هم الصور الظاهرة في عين الوجود الحق.
وكل قال ما هو الحق والكامل من جمع بين الشهودين، والعارفون بالله من طريق التجلي والشهود متفاضلون متفاوتون، فأكملهم وأعلاهم الذي لا يوجد عارف غيره إلا مجازا من كان يشهد الحق في مقام الجمع.
وهو الذي يشاهد ربه علما وحالا، ويشاهد الخلق حالا لا علما، لأن المعلوم معدوم، هذا شرب فازداد صحوا وغاب فازداد حضورا فلا فرقه يحجبه عن جمعه ولا جمعه يحجبه عن فرقه.
 
قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق)، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين للأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم هم المرادون بقوله :"ألقى السمع" [ق: 37] .
لما وردت به الأخبار الإلهية على السنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام - وهو يعني هذا الذي "ألقى السمع" [ق: ۳۷] شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها ، وهو قوله عليه الصلاة والسلام في الإحسان: "أن تعبد الله كأنك تراها".
(والله في قبلة المصلى، فلذلك هو شهيد.)
فالشهود أعم من الرؤية، فإن الشهود ما يمسكه الإنسان من شاهد الحق الذي اعتقده وربط قلبه عليه، فالشهود لا بد أن يتقدمه علم أو اعتقاد بالمشهود، إذ لا يشهد الإنسان إلا ما علم أو اعتقد.
فلهذا يكون في الشهود الإقرار والإنكار ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار.
فإن المشاهد إذا رأى مشهوده على غير الصورة التي علمها أو أعتقدها، وقيده بها أنكره.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:03 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
 قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : (و) أما (من قلد صاحب نظر)، أي دليل (فكري) عقلي كمقلده علماء الكلام من الأشاعرة وغيرهم .
قال رضي الله عنه : (وتقيد به)، أي بصاحب ذلك النظر الفكري ولم يحل عن نظره (فليس هو الذي ألقى السمع)، لأنه ما ألقى السمع لما وردت به الأخبار الإلهية من حيث هي أخبار إلهية، وإنما ألقى السمع لنظير صاحب ذلك النظر الفكري ولدليله العقلي وإن كان مستندة إلى الأخبار الإلهية من حيث ما هو ناظر فيها ومستدل بدليل عقله.
قال رضي الله عنه : (فإن هذا الذي القى السمع) الوارد في الآية (لا بد أن يكون شهيدا)، أي مشاهدة (لما ذكرناه) من استعمال حضرة خياله في تصور معبوده من غير حصر له في صورة (ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه) من ذلك (فما هو المراد بهذه الآية) في قوله تعالى : (أو ألقى السمع) ، فإن جملة قوله : "وهو شهيد" حال.
والأحوال قيود في المعنى (فهؤلاء)، أي الذين قلدوا أصحاب الأفكار والأنظار العقلية (هم الذين قال الله) تعالى فيهم :" إذ تبرأ الذين اتبعوا " [البقرة : 166]، بالبناء للمفعول، أي اتبعهم غيرهم وهم الأئمة المتبوعين في أنظارهم الفكرية و أدلتهم العقلية على حسب ما استحسنوه واستقبحوه من الاعتقادات وغيرها ("من الذين اتبعوا")، أي اتبعوهم وهم التابعون لهم في ذلك .
قال رضي الله عنه : (والرسل) عليهم السلام (لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم) فيما جاؤوا به من الحق على المعنى الذي يعلمه الله تعالى وتعلمه رسله من ذلك .
فتعين أن يكون المراد غيرهم من الأئمة المتبوعين وهذا كله حکم مقلدة أصحاب الأفكار و المتأولين الأخبار كما مر.
 
وأما أصحاب الأفكار نفسهم المتأولون للأخبار بالأدلة العقلية، فهم أهل النظر العقلي، وهم مجتهدون في الاعتقاد والمجتهد مؤمن بما أدى إليه اجتهاده .
فإن كان مخطئا كان خطؤه مردودة عليه، وإن أصاب يثاب ولكنه غير عارف بالله تعالى بل عارف بوجود الله تعالى والعلم بوجود الله غير العلم بالله.
 لأنه عالم بوجود ذات قديمة مطلقة عما لا يليق بها منصفة بصفات الكمال، وهذه حالة خيالية مقتضية للغفلة والحجاب.
والعالم بالله کاشف بذوقه وإحساسه عن الوجود القديم المطلق المتصف بصفات الكمال، المتجلي بتجليات الجلال والجمال.
وهذه حالة ذوقية کشفية حسية لا خيالية (فحقق يا وليي)، أي صديقي (ما ذكرته لك) هنا (في هذه الحكمة القلبية)، أي المنسوبة إلى القلب واعرف وجه نسبتها إلى القلب بما تبين لك في الكلام السابق .
قال رضي الله عنه : (وأما اختصاصها)، أي هذه الحكمة (بشعيب عليه السلام فلما فيها)، أي في هذه الحكمة (من الشعب) جمع شعبة وهي الفرقة من الشيء والقطعة منه (أي شعبها) كثيرة (لا تنحصر) بالعد (لأن كل اعتقاد) يعتقده القلب (شعبة) من القلب تتشعب بالأفكار المختلفة قال رضي الله عنه : (فهي)، أي هذه الحكمة (شعب كلها أعني) بالشعب كلها الاعتقادات المختلفة باختلاف المعتقدين.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به) أي بالنظر الفكري في تحصيل المجهولات وقد أدرج في هذا القسم المعتزلي ومن قلده فإن المعتزلي فمن قلدوا الفلاسفة في التمسك في تأويلات بعض الإخبارات الإلهية (فليس هو الذي ألقى السمع فإن هذا الذي القى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه).
من تقليب الحق في الصور وهذا الذي تقید بنظر الفكري تم يكن شهدا لما ذكرناه (ومن لم يكن شهيدا لما ذكرناه بما هو المراد بهذه الآية فهؤلاء) أي الذين كانوا صاحب العقل (هم الذين قال الله فيهم :"وإذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا" والرسل لا يتبرأون عن اتباعهم الذين اتبعوهم) .

يعني أن المتبعين أما الرسل وإما أصحاب النظر، أما الرسل فهم لا يتبرأون عن إتباعهم بل يشفعون "في" عصاتهم.
فلا يصح هذا النص في حقهم فتتعين الآية لأصحاب النظر وتخصهم فأصحاب النظر كالفلاسفة وأمثالهم لظهور سوء حالهم في الآخرة تبرأوا عن مقلديهم.
ولما كانت هذه المسألة من أعظم مسائل العلوم الإلهية وأركانها وأهمها علما اوصی للطالبين بتحقيقه .
فقال رضي الله عنه : (فحقق يا ولي) أي صاحبي (ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية وأما اختصاصها) أي اختصاص الحكمة القلبية (بشعيب عليه السلام لما فيها من التشعب أي شعبها) أي شعب القلبية (لا تنحصر لأن كل اعتقاد شعبة) من القلب .
قال رضي الله عنه : (فهي شعبه كلها قوله أعني الاعتقادات) تفسير للضمير

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال: ومن دون العارفين هم المؤمنون وهم الذين قيل فيهم أو ألقي السمع وهو شهيد وليس من هؤلاء مقلدوا أصحاب الرأي الذي نزلوا الأخبار الإلهي إلى مراتب أدلتهم النظرية.
فإن تقليد أوليك ليس هو تقليدا للأنبياء عليهم السلام، ولا هم أتباع الأنبياء، ويوم القيامة يتبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، والرسل، عليهم السلام، لا يتبرؤون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
قال: وأما اختصاص هذه الحكمة بشعیب، فلما في اسمه، عليه السلام، من اشتقاق التشعب وهذه المسألة كثيرة التشعب والاختلاف، فإن العقائد لا تنحصر لكثرتها. قال: فإذا انكشف الأمر فقد ينكشف، على خلاف العقائد وهو قوله وبدأ لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون.

وأما قوله في الهوية: إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب.
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : ( من قلَّد صاحب نظر فكري وتقيّد به ، فليس هو الذي ألقى السمع وهو شهيد ، فإنّ هذا الذي ألقى السمع ، لا بدّ أن يكون شهيدا لما ذكرنا ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية ، فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " والرسل لا يتبرّؤون من أتباعهم الذين اتّبعوهم ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ نتائج النظر العقلي تقييدية حاصرة للأمر فيما هو خلاف الواقع ، فإذا قلَّدهم مقلَّد لهم وألقى إليهم السمع ، فكأنّه لم يبلغ إلى العلَّة الغائيّة من التقليد وإلقاء السمع وهو الشهود ، لكون المشهود الموجود خلاف الحصر في معيّن مقيّد ، بل كون المشهود عين كل معيّن وغير متعيّن غير مقيّد ، بل على إطلاقه الذاتي الوجودي ، فافهم ، فإنّ الفكر ليس من مقتضى الشهود ، ولكنّ الإيمان بأنّه مشهود يوجب طلب الشهود أوّلا في التمثّل والتخيّل ، ثمّ في الشهود والرؤية الحقيقيين آخرا بما ذكرنا من اتّحاد البصر بالبصيرة ، فتحقيق ذلك التحقيق والله وليّ التوفيق .
 
قال رضي الله عنه : ( فحقّق يا وليّي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية . وأمّا اختصاصها بشعيب فلما فيها من التشعيب أي شعبها لا تنحصر ، لأنّ كل اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلَّها أعني الاعتقادات ،)
هذا ظاهر بما تقرّر آنفا أنّ التجلَّي يوم القيامة بصورة الاعتقاد ، والمتجلَّي هو الإله المعتقد - اسم مفعول - ولكن لمّا كان هذا التحوّل الإلهي الرحماني في صورة الاعتقادات ليقرّبه عبدة العلامات الاعتقادية ، فيرحمهم ويوجروا ويربحوا على ربّهم .
وكان ذلك في هذه الصورة الخاصّة موجودا في التجلَّي على خلاف اعتقاده ، تجلَّى له الحق الرحمن الوجيه في صورة غير معتقده ، لما في ذلك من فائدة عائدة على عبده ، ولا محذور في ذلك ، فإنّ الله تجلَّى له بنفسه في صورة معتقده ، ولكنّ المجازاة وقعت على غير معتقده ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ، فعلم المعتزلي عند ذلك أنّ الله أعظم ممّا كان اعتقده وقيّده وعساه يرزق الترقي - إن شاء الله تعالى - في تفاصيل هذه الرؤية ، وما ذلك على الله بعزيز .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : " ومن قلد صاحب نظر فكرى وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع ، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ، ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية - فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم  " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " والرسل لا يتبرؤن عن أتباعهم الذين اتبعوهم "
أي المقلد لصاحب النظر العقلي ليس الذي ألقى السمع ، لأن النظر العقلي يؤدى إلى تقييد حاصر للأمن فيما هو على خلاف الواقع ، وصاحبه مقيد للحق فيما ليس بمشهود ، فإذا قلده مقلد وألقى السمع إليه لم يبلغ من التقليد وإلقاء السمع إلى غايته من الشهود ، لأن المشهود الموجود غير منحصر بل مطلق هو عين كل معين فلم يك شهيدا لحضرة شهود نبيه .
ولا يعتقد الشهود لأن الفكر لا يقتضيه ، ولهذا نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الفكر في الله فليس هذا المقلد بمراد في الآية ، وأما المؤمن المعتقد للشهود فإنه يطلب الشهود أولا من طريق التخيل والتمثل ، ثم بالرؤية والتحقيق حتى يبلغ مقام الولاية في التوحيد ، ولهذا لا يتبرأ من أتباعهم لأنه دعاهم إلى الحق على بصيرة ، ويتبرأ المقيد عن أتباعهم لأنه دعاهم إلى خلاف الواقع من التقيد .
"" أضاف بالي زادة :  (وتقيد به ) أي بالنظر الفكري في تحصيل المجهولات ، وقد أدرج في هذا القسم المعتزلي ومن قلده ، فإنهم ممن قلدوا الفلاسفة في التمسك في تأويلات بعض الإخبارات الإلهية اهـ بالى"" .
 
قال رضي الله عنه : "فحقق يا ولى ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية ، وأما اختصاصها بشعيب ، أي شعبها لا تنحصر لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها ، أعنى الاعتقادات ".
 هذا وجه للاختصاص يناسب شعيبا باعتبار اسمه ، والمذكور في أول الفص يناسب باعتبار طريقته .
"" أضاف بالي زادة :  يعنى أن المتبوعين إما الرسل وإما أصحاب النظر ، أما الرسل فهم لا يتبرؤن عن أتباعهم بل يشفعون في عصاتهم فلا يصح هذا السر في حقهم ، فتعينت الآية لأصحاب النظر كالفلاسفة وأمثالهم ، لظهور صورها لهم في الآخرة تبرؤا عن مقلديهم ، ولما كانت هذه المسألة من أعظم مسائل العلوم الإلهية وأركانها ، أوصى الطالب بتحقيقه ، فقال : فحقق يا ولى ، أي يا صاحبي اهـ بالى. ""
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به ، فليس هو الذي "ألقى السمع " . فإن هذا الذي "ألقى السمع "لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ، ومن لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية . فهؤلاء هم الذين قال الله تعالى في حقهم : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ". والرسل لا يتبرؤون من اتباعهم الذين اتبعوهم .فحقق يا ولى ما ذكرته لك في الحكمة القلبية.)
إنما كان صاحب نظر فكري غير معتبر عند أهل الله ، لأن المفكرة قوة جسمانية يتصرف فيها الوهم تارة ، والعقل أخرى ، فهي محل ولايتها ، والوهم ينازع العقل .
والعقل لانغماس آلته  في المادة الظلمانية ، لا يقدر على إدراك الشئ إدراكا تاما ، خصوصا مع وجود المنازع ، ولا يسلم مدركاته عن الشبه النظرية ، فيبقى صاحبه لا يزال شاكا أو ظانا فيما أدركه .
بخلاف أرباب اليقين ، فإنهم يشاهدون الأشياء بنور ربهم لا بتعلمهم وتفكرهم . والقوة الخيالية ، وإن كانت جسمانية ، لكنها بمنزلة البصر للقلب ومدركاته محسوسة ، فيحصل بها اليقين .
فمن قلد لمن لا يكون على يقين ، فقد خاب وخسر ، إذ ليس ممن "ألقى السمع " ، ولم يحصل له الشهود ، ويدخل فيمن قال الله تعالى في حقهم : " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا " . أي ، المتبوعون من تابعيهم .
ولما كان هذا التنبيه أصلا عظيما لأرباب السلوك ، وصى بتحقيقه ، أي ، بجعله حقا ثابتا ، وإمعان النظر في حقيقته ، لئلا يقلدوا أرباب النظر بترك الشرائع ، فيقعون في الغواية ، و" يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . كما في زماننا هذا .

قال رضي الله عنه : ( وأما اختصاصها بشعيب ، لما فيها من ( التشعب ) ، أي ، شعبها لا تنحصر ، لأن كل اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلها ، أعني الاعتقادات . )
لما كان ( شعيب ) مأخوذا من ( الشعبة ) ، وكان القلب كثير الشعب - بحسب عوالمه وعقائده وقواه الروحانية والجسمانية ذكر أن اختصاص الحكمة القلبية بهذا الكلمة الشعيبية ، لأجل المناسبة التي بينهما .
وإنما بين هذا الاختصاص هنا ، ليبين شعب الاعتقادات المختلفة ، وإن شعبها لا تنحصر .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:04 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم. فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.  فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
فقال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري) كالفلاسفة وسائر المتكلمين المانعين من الشهود التخيلي، ومن الظهور في الصور المختلفة، (وتقيد به) فيه أشار إلى أن من لا يتقيد لا يخرج من تقليد الأنبياء.
(فليس هو الذي) أريد بقوله: أو ألقى السمع، وإن كان (ألقى السمع) إلى الأخبار الإلهية بالتأويلات المذكورة.
فقال رضي الله عنه : (فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد وأن يكون شهيدا لما ذكرناه) من الصورة المتخيلة بالشرط المذكور؛ وذلك لأن قوله: "وهو شهيد" وقع حالا وهو قيد، فدل بطريق المفهوم أن من (لم يكن شهيدا لما ذكرناه)، وإن كان حاضر القلب في زعمه مع الحق، ولكنه لا يتأتی بدون المشاهدة الحقيقية أو التخيلية.
فقال رضي الله عنه : (فما هو المراد بهذه الآية؟)، وإن كان المطلق داخلا في المقيد لكن القيد مانع من دخول ما ليس بمقيد بذلك القيد فيه، فتقليدهم فاسد خارج عن تقليد الأنبياء.
(فهؤلاء) المقلدون لأرباب النظر العقلي (هم الذين قال الله تعالى فيهم: "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا) [البقرة: 166]؛ لأن الاتباع ينحصر في اتباع الأنبياء واتباع أرباب النظر العقلي إذ لا يتبع من له أدنی عقل غيرهما.
ولكن (الرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم ) على ما جاءوا به لا الذين اتبعوهم في زعمهم بتأويلات أهل النظر؛ فإنهم متبعوا أهل النظر لا غير.
وإذ علمت أن فيما ذكرت في الحكمة القلبية متابعة الأنبياء الموجبة للنجاة، بل للفوز بالدرجات، وفي خلافه متابعة العقلاء المتبرين عن اتباعهم هلاكهم، وهلاك أتباعهم جميعا.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فحقق يا وليي) أي: بالغ یا من يريد الولاية النفسية في تحقيق (ما ذكرته لك في الحكمة القلبية) من تنوع تجليات الحق، مع وحدته ونزاهته عن الصور، لتفوز بفوائد تلك التجليات من النجاة عن تقوي المتبوعين، والوقوع في دركات أهل الحجاب، ومن نیل الدرجات التي نالها الأنبياء ثم الأولياء بمتابعتهم تلك التجليات؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
 
ثم قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما اختصاصها بشعيب) مع أنه ليس في دعوته بحيث تقلبات القلب بحسب التجليات؛ فهو (لما فيها من التشعيب) أي: من اعتبار شعب كثيرة مع وحدته .
فأشبهت دعوة شعيب إذ كانت کاسمه ذات شعب كثيرة؛ لأن قوله: "أوفوا المكيال والميزان بالقسط" [هود: 85] بتأول اعتدالات كل شيء وحدوده، إذ لكل شيء من الاعتقادات والأخلاق والأعمال میزان من اعتداله ومكيال في حده وأجلها الأمور الاعتقادية التي أصل الدعوة موضوعة لأجلها هي من أعمال القلب خاصة ومشبهة به في التشعب.
 
فلذا قال الشيخ رضي الله عنه : (أي: شعبها لا تنحصر) وإن كان أصلها راجعا إلى اعتقاد التوحيد الكلي، وهو أمر واحد ذو شعب كثيرة.
(لأن كل اعتقاد) من الاعتقادات التفصيلية (شعبة) من شعب اعتقاد التوحيد الكلي، ولا بد لكل شخص من اعتقاد تفصيلي؛ (فهي) بحسب تعلقها بالأشخاص (شعب كلها)، وإن كان الأصل واحدا كليا.
ولما توهم عود الضمير إلى الحكمة القلبية، وهو مخل، إذ هي كلية ذات شعب لا نفس الشعب، فسره بقوله: (أعني الاعتقادات)، ولما كانت الاعتقادات صفات القلب، ولا بد لها من التمثل عند کشف حجاب البدن.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه :  (ومن قلَّد صاحب نظر فكري وتقيّد به فليس هو الذي ألقى السمع ، فإنّ هذا الذي ألقى السمع لا بدّ وأن يكون شهيدا لما ذكرناه ) شهادة أهل الرؤية الخياليّة الإحسانيّة ، جامعا بين شهادة المشعرين الشاهدين ، فإنّ الشاهد الواحد لا يكفي في الحكم .
فلذلك قال رضي الله عنه  : ( ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه ، فما هو المراد بهذه الآية ) وما كان من المتذكَّرين والموقنين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم : " إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا من الَّذِينَ اتَّبَعُوا " [ 2 / 166 ] والرسل لا يتبرّؤن من أتباعهم الذين اتّبعوهم ) .
( فحقّق يا وليّ ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبيّة ) من تحقيق تطوّرات القلب وسعة أحوالها وتجلَّياتها وبيان من تحقّق بكلّ منها من أرباب القلوب ، ومن ناسبهم وانتسب إليهم .

وجه اختصاص الفص بشعيب عليه السّلام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا اختصاصها بشعيب : لما فيها من التشعيب ، أي شعبها لا تنحصر ، لأنّ كلّ اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلَّها - أعني الاعتقادات)
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
 
قال رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم. فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية. وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي القى السمع فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه ومشي لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية. فهؤلاء)، يعني المقلدين لأصحاب الأفكار (هم الذين قال الله فيهم "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا") [البقرة: 166] .
لأن المتبوعین دعوة التابعين إلى خلاف الواقع فتبعوهم، ويرجع نكال متابعتهم إلى متبوعهم فتبرؤوا منهم (والرسل لا يتبرؤون من أتباعهم الذي اتبعوهم)، لأنهم دعوهم إلى الحق والصدق فتبعوهم فانعكست أنوار متابعتهم إليهم فلم يتبرؤوا منهم (فحقق يا وليي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية) من الحكم والمعارف .
قال الشيخ رضي الله عنه : (وأما إختصاصها بشعیب فلما فيها من النشعب أي شعبها) كثيرة (لا تنحصر في عدد) معين (لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها أعني الاعتقادات) تفسير للضمير يعني هي، أي الاعتقادات شعب كلها، وهذا آخر للاختصاص يناسب شعيبة باعتبار اسمه ، بخلاف ما ذكر في أول الفص فإنه يناسبه باعتبارات أخر.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع، فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
قال رضي الله عنه : (  ومن قلد صاحب نظر فکري و تقید به فليس هو الذي "ألقى السمع" [ق: 37] فإن هذا الذي "ألقى السمع" [ق: 37] لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه .  ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.  فهؤلائك هم الذين قال الله : "إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا "[البقرة: 166]. والرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم.)
يقول رضي الله عنه : أنه لما كانت المعرفة بالله الحاصلة للعباد منحصرة في أربعة وجوه:
1 - فهي إما من طريق التجلي الإلهي.
2 - وإما من التقليد الذي تجل إلهي .
3 - وإما من طريق النظر العقلي.
4 - وإما من التقليد الذي نظر عقلي.
وقد ذكرنا المعرفة الحاصلة من طريق التجلي الإلهي، وأما المعرفة الحاصلة من التقليد لذي تجل إلهي فهم أهل الإيمان الذين كانت معرفتهم بالله إيمانا بالغيب.
لا عن تجل إلهي ولا عن نظر عقلي ولا عن تقليد لنظر عقلي، وإن كانت كل معرفة بالله في العالم إنما هي عن تجل إلهي .
فليس التجلي الخاص بأهل الله كالتجلي لغيرهم، فأهل الإيمان الذين قلدوا الأنبياء والرسل صلوات الله وسلامه عليهم فيما أخبروا به عن الحق تعالى مما لا تصل إليه العقول بأنظارها وأفكارها. فإن للعقل حدا يقف عنده لا يتجاوزه.
وذلك كالصفات السمعية التي أخبرت بها الأنبياء والرسل عن ربهم تعالى وأحالتها العقول ونوهت الحق عنها.
إذ الإله الذي جاء بأوصافه ونعوته الشارع ما هو الإله الذي أثبتته العقول.
فإن الإله الذي دعا الشارع إلى عبادته لا يعقل إلا متمثلا متخيلا، ولا يدركه أحد على ما هو عليه في ذاته.
فإله الشارع موصوف بالاستواء على العرش ومنعوت بالنزول إلى السماء الدنيا، و بالمعية مع كل مخلوق، وبالمجيء والإتيان في ظلل من الغمام والمشي والهرولة والتردد و التبشبش والمحبة والرضا والغضب وغير ذلك مما ورد في الكتب الإلهية والسنة المحمدية .
وهذه الأمور إنما تنزل الحق تعالى ووصف نفسه بها رحمة لعباده، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل والأنبياء والأولياء الداعين الخلق إلى معرفة الله تعالى هم المؤمنون حقا وهم لاحقون بمن قلدوهم ومنخرطون في سلكهم.
لا من قلد من عامة المؤمنين أصحاب النظر الفكري في معرفة الله تعالى المتوهمين أن الكون دليل على الله وهو وهم باطل.
فإن الشيء لا يدرك إلا بنفسه، فمن طلب معرفة الذات من طريق الفكر والنظر كان مآله الخيبة والحيرة من غير طائل، ومقلد أصحاب الأفكار، لاحق بهم ومنخرط في سلكهم.
ثم اعلم أن طرق العلم ثلاثة:-
الأولى أن يكون الحق هو المعلم.
الثانية أن يكون النظر الفكري هو المعلم.
الثالثة أن يكون المعلم مخلوقا مثل المتعلم.
فصاحب الإلقاء الإلهي ملحق بمعلمه، ومقلده ملحق به.
وصاحب النظر العقلي ملحق بمعلمه، ومقلده لاحق به.
وقد أجمع أهل الله أن كل ما ينتجه النظر والفكر فهو مدخول يقبل إيراد الشبه عليه، كما يدل على ذلك اختلاف المقالات في الله تعالى من الناظرين بعقولهم.
واتفاق أصحاب التجلي الذين معلمهم الله من نبي ورسول وولي ، فلا تشمل الآية أصحاب النظر ولا من قلد أصحاب النظر المتأولين للأخبار، بصرفها عن ظواهرها وحملها على أدلتهم.
فإن التأويل لغة من الأول، وهو الانصراف، وكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم جاء بلسان عربي مبين.
لا رمز فيهما ولا لغز ولا إيماء إلى شيء مما يخالف الشرع المحمدي، وأما ما يقوله بعض المحققين من الصوفية أن نصوص الكتاب والسنة على ظواهرها.
ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى حقائق تنكشف على أرباب السلوك أصحاب القلوب، فهي من كمال الإيمان ومحض العرفان.
وما هو من التفسير بالرأي المتوعد عليه في الحديث النبوي: "فما ضل من ضل إلا بالتأويل"،
وحمل الأخبار والآيات على خلاف ظواهرها، وفاتهم كمال الإيمان بحس أخبرت به الأنبياء والرسل عن ربهم عز وجل فأساءوا الأدب على الله وجعلوا عقولهم أعلم بربهم من رسله.
بل يكذبون ربهم فتراهم يكذبون بكل حال جعل الحق تعالى نفسه فيها مع عباده ، وينزهونه عن كل ما أضافه إلى نفسه وقد جاء في بعض الهواتف الإلهية : 
«إذا جاء التأويل فقد جاء حجابي الذي لا أنظر إليه ومقتي الذي لا أعطف عليه ، وإذا جاءك العلم الصادر عن المشاهدة فهو أعرف العلوم والعلماء، واعلم أنه ما آمن بي من حكم عقله على آیاتي وصفاتي وما أضفته إلى نفسي على ألسنة رسلي، وأنا ما قلت إلا ليؤمنوا بي لا بعقولهم ومن أؤل فما آمن حقيقة إلا بعقله لا بي فإن قال إنه ما قصد بالتأويل إلا تنزيهي فذلك من حيل النفوس وحبها لمنازعة ربوبيتي»..
 
تنبيه:
إن المتأولين أصناف :
1 - صنف منهم قالوا إن الرسل أعلم الناس بالله ، فتنزلوا في الخطاب على قدر أفهام الناس لا على ما هو الأمر عليه ، فإنه محال .
فهؤلاء كذبوا الله ورسوله فيما نسبه إلى نفسه بحسن عبارة.
كما يقول الإنسان إذا تأدب مع شخص حدثه بحديث يرى في نظره أنه ليس كما قال، فلا يقول له كذبت، وإنما يقول له صدق سيدي، ولكن ما هو الأمر على هذا.فهو يكذبه ويجهله بحسن عبارة.
2 - وصنف منهم يقول ليس المراد بهذا الخطاب إلا، كذا وكذا، ما المراد منه ما تفهمة العامة ، وهذا موجود في اللسان العربي الذي جاء به الرسول.
فهؤلاء متحكمون على الله بقولهم هو المفهوم من اللسان، فهؤلاء ما عبدوا إلا الإله الذي ربطت عليه عقولهم وقيدته وحصرته.
3 - وصنف منهم يقول نؤمن بهذا اللفظ كما جاء من غير أن نعقل له معنى، حتى نكون في هذا في حكم من لم يسمع به، ونبقى على ما أعطانا الدليل العقلي من إحالة مفهوم هذا اللفظ، فهؤلاء ردوا على الله بحسن عبارة.
4 - وصنف منهم قال نؤمن بهذا اللفظ على حد علم الله فيه وعلم رسوله، فهؤلاء قالوا إن الله خاطبنا عبثا، لأنه خاطبنا بما لا نفهم. وهؤلاء كلهم مسلمون.
ولقد كذب من نسب هذا الأخير إلى السلف الصالح.
وإنما السلف الصالح قالوا: ما خاطبنا الحق إلا بما نعرف ونفهم، ولكن لما جهلنا الذات جهلنا نسبة هذه الأشياء إليها. 
لا يقال إن الطائفة العلية كذلك أولت كما قالوا في قوله لما خلقت بيدي، المراد باليدين أسماء الجلال والجمال ونحو هذا مما ورد عنهم، لأنا نقول الطائفة العلية معلمهم الله كما قال : "واتقوا الله و يعلمكم الله" [البقرة: 282]  وقال "وعلمناه من لدنا علما" [الكهف: الآية 65].
فما قالوا ذلك نظرا وتفكرا، وإنما القائل تعالى هو المفسر والمبين لهم مراده بما قال.
 
 تنبيهان:
الأول: ليس من علم الفكر المذموم النظر فيما يتعلق بتوحيد الله ودقائقه، إما المذموم هو الكلام في ماهية الذات.
قال تعالى: "فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك" [محمد: 19].
الذنب هنا ما يخطر من معرفة الذات والحقيقة التي هي مجهولة في الدارين، فلا يلتبس عليك الأمر فتنهی عن قراءة عقائد الصوفية وغيرهم من أهل السنة.
بل انظر في عقائد سائر الخلق وابحث عن منزع كل اعتقاد لتعرف مستنده من الأسماء الإلهية، وتعرف الحجاب الذي أعمي صاحبه عن الطريقة المثلى، طريقة النجاة.
قال الإمام الجيلي رضي الله عنه : بلغني عن شيخي إبراهيم الجبرتي أنه قال لبعض تلامذته عليك بمطالعة كتب ابن العربي.
فقال له التلميذ: يا سيدي إن رأيت أن أصبر حتى يفتح الله به على من حيث الفيض!
فقال له الشيخ : إن الذي تريد أن تصبر له هو عين ما ذكره الشيخ في هذه الكتب.
قال : لأن المريد قد ينال بمسألة من مسائل علمنا هذا ما لا يناله بمجاهدة خمسين سنة .
وذلك أن السالك إنما ينال ثمرة سلوكه، والعلوم التي وضعها الكمل من أهل الله  تعالى في كتبهم هي ثمرة سلوكهم وأعمالهم الخالصة.
وكم بين ثمرة عمل معلول وثمرة عمل مخلص بل علومهم من وراء ثمرات الأعمال لأنها بالفيض الإلهي الوارد عليهم على قدر قوابلهم.
وكم بين قابلية الكامل و قابلية المريد، فإذا فهم المريد ما قصدوه من تلك المسألة استوى هو والمصنف في تلك المسألة. 
فالآخذ لها من الكتب إذا فهمها وميزها يصير كالأخذ من المعدن الذي أخذ منه مصنفها إذا كان ذا قلب ذكي وإيمان قوي. فإنه يأخذ من مطالعة كتب الحقائق كل مأخذ.
قال : وقد رأينا في زماننا طوائف من العرب والعجم بلغوا بمطالعة كتب الحقائق مبلغ الرجال، فمن أضاف بعد ذلك إلى علمه فضلة سلوك كان من الكمل، ومن وقف مع علمه كان من العارفین .

التنبيه الثاني: 
ما ورد عن السلف وأئمة الهدى ومحققي الصوفية من كراهة التأويل والنهي عنه إنما هو في حق من كمل إيمانهم بما أخبرت به الرسل من العلماء العقلاء.
وأما من ليس بعالم ولا عاقل فيجب ستر السر الإلهي عنه بالتأويل، لأن کشف ذلك السر له ربما يؤدي إلى عدم احترام الجناب الإلهي الأعز الأحمی.
فإنه تعالى أول لعبده لما استنكر قوله : "جعت فلم تطعمني ومرضت فلم تعدني" الحديث بطوله.
"" الحديث رواه مسلم قال رسول صلى الله عليه وسلم : إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك؟ وأنت رب العالمين.
قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب وكيف أطعمك؟
وأنت رب العالمين، قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان، فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم استسقيتك، فلم تسقني.
قال: يا رب كيف أسقيك؟ وأنت رب العالمين، قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي». رواه مسلم ورواه ابن حبان والبيهقي والبخاري في الأدب المفرد ""
 
كل ما ورد في الكتاب والسنة من ذكر العين واليد والجنب والأصابع والهرولة والضحك ونحوها، لا يقتضي شيء منها تشبيها إنما التشبيه يكون بلفظة (مثل) أو (كاف) الصفة، وما عدا هذين الأمرين فإنما هي ألفاظ اشتراك ، فتنتسب إلى كل ذات بما تقتضيه حقيقة تلك الذات، ولكمال إيمان الصحابة رضوان الله عليهم . وكمال معرفتهم ما نقل عنهم أنهم أستشكلوا هذه الأشياء التي أنكرها أهل النظر من المتكلمين، ولا سألوا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم علموا أن الله خاطبنا بلسان عربي مبين، فما خاطبنا إلا لنعرف ونفهم.
ولكن ما جهلنا الذات العلية جهلنا نسبة هذه الأشياء إليها، فهؤلاء المؤمنون الكاملون الذين قلدوا الرسل صلوات الله وسلامه عليهم من غير توقف ولا تردد علموا أنه :
"ليس كمثله شئ" [الشورى: 11]. وعلموا أنه السميع البصير، فنزهوا الله بتنزيهه وشبهوه بتشبيهه. فإيمانهم أعصم وأوثق.
فمن أخذ إيمانه من الأدلة العقلية لما يتطرق إليها فلا يثبت له ساق ولا قدم يعتمد عليه ، وهؤلاء المؤمنون هم المرادون بقوله : "أو ألقى السمع" [ق : 37]
لما وردت به الإخبارات الإلهية على ألسنة الرسل، وهو يعني هذا الذي "ألقى السمع" [ق: الآية 37]
بعد قوله : "إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد" [ق: 37]
بمعنی مشاهد، فما هو من أهل التجلي الخاص أصحاب القلوب أهل الرؤية .
ولهذا قال موسى عليه السلام : "رب أرني أنظر إليك" [الأعراف: 143]. فإنه تعالى كان مشهودا له لا يغيب عنه.
فالشهود أعم من الرؤية، فإن الشهود ما يمسكه الإنسان من شاهد الحق الذي اعتقده وربط قلبه عليه، فالشهود لا بد أن يتقدمه علم أو اعتقاد بالمشهود، إذ لا يشهد الإنسان إلا ما علم أو اعتقد.
فلهذا يكون في الشهود الإقرار والإنكار ولا يكون في الرؤية إلا الإقرار.
فإن المشاهد إذا رأى مشهوده على غير الصورة التي علمها أو أعتقدها، وقيده بها أنكره.
فقوله : "وهو شهيد" [ق: 37] ينبه تعالى على حضرة الخيال المطلق والمقيد، وهي الحضرة التي بين المعاني والمحسوسات إذا تنزلت إليها المعاني جسدتها، وإذا صعدت إليه الأجسام لطفتها، فهي تلطف الكثيف المطلق والمقيد، وتكشف اللطيف المطلق والمقيد، فحضرة الخيال أوسع الحضرات.
وكما يتنبأ تعالى بقوله : "شهید " [يونس: الآية 46] على حضرة الخيال وعلمها كذلك ينبئه على طلب استعمالها والترغيب فيها .
كما قال تعالى: "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " [يونس: 26 ].
ودليل التنبيه على حضرة الخيال وطلب استعمالها في العبادات لمن لم يكن من أهل القلوب المكاشفين بالغيوب.
قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح جوابا لسؤال جبريل عليه السلام  حين سأله : ما الإحسان؟
قال له: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه "
فالمحسن هو الذي يعبد الله ويطيعه في ما أمر ونهی، مشاهدا له ومصورا حسب اعتقاده في الله وعلمه.
فإنه تعالى إنما نهى عباده أن يتخذوا له صورة محسوسة، كما يفعل عبدة الأصنام والأوثان.
وأما الصورة المتخيلة فقد أذن فيها، بل رغب وأمر بالحضور مع المعبود في العبادة، فحضرة الخيال يظهر فيها وجود المحال.
فإن الله لا يقبل الصور، وقد ظهر بالصورة في هذه الحضرة كما قبلها في تجليه يوم القيامة في صور المعتقدات.
فقد قبل المحال عقلا الوجود فالشهود، وهو ما يمسكه المشاهد في نفسه من شاهد الحق هو المشار إليه بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه".
وفي ذلك إدخال الحق في حكم الخيال.
فقوله: "كأنك تراه" هو الشهود بالقلب، وما هو برؤية، وهذه درجة التعليم.
ثم يرتقي من هذه الدرجة إلى درجة الخصوص، وهي كون الحق يراك ولا تراه.
وذلك أنك إذا ضبطت شهوده في قلبك فقد أخليت شهودك عن بقية الوجود المحيط بك، وإذا تحققت ذلك عرفت عجزك عن رؤيته بتقييدك أو إطلاقه وضيقك وسعته. وحينئذ تبقي مع نظره المحقق إليك.
لأن نظرك يقيده ويحدده، فلولا الأمر بتخييل الحق للأصاغر في عباداتهم ما تأدبوا معه وأما الأكابر فلا يحتاجون إلى التخيل.
وإن كان من الأكابر من يقول : أنا على ما أنا عليه من التخيل، حيث جعل الله لي قوة التخيل.
ودليل آخر من السنة على التنبيه على حضرة الخيال قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح: "إن الله في قبلة المصلي " وفي رواية للبخاري: «إن ربه بينه وبين القبلة».
فدل هذا على أن المراد بذلك الصورة التي يتخيل إلهه عليها، فهو يشاهدها في قبلته ، وهي الله تعالى لا غيره.
فإن الظاهر بتلك الصورة التي يعتقد المصلي أن الله عليها ولا يلزم من الشهود أن يكون الحق محصورا عند مشاهد دون غيره من المشاهدين، لصور اعتقاداتهم.
بل هو تعالی عند كل مشاهد الصورة التي تخيل إلهه عليها.
فلذلك كان المتخيل للصورة التي اعتقدها في صلاته وسائر عباداته هو شهيد ، تقبل عين فاعل.
وأما من قلد من المقلدة صاحب نظر فکري و دليل عقلي وتقيد بتقليده من جميع الناظرين بعقولهم، وهم المنزهة القائلون بالتنزيه المحض، فليس هو الذي "ألقى السمع " [ق: 37] .
وأصغي لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام  فإن الناظرين بعقولهم لا يقبلون ما أخبرت به الأنبياء إلا إذا وافق عقولهم، فإذا لم يوافق عقولهم أولوه، فإذا لم يجدوا له تأويلا ردوه وكذبوه.
ومن جملة ذلك تخيل الحق في صورة متخيلة، فإنهم يكفرون من يقول بهذا ويعتقده ويزيد قوته ويستحلون دمه.
فيقولون في حديث: "أن تعبد الله كأنك تراه" لو قدر أن أحدا قام في عبادة ربه، وهو يعاين ربه، لم يترك شيئا مما يقدر عليه من الخضوع والخشوع و حسن السمت، واجتماعه ظاهرا وباطنا على الاعتناء بتتميمها على أحسن الوجوه.
ويقول في حديث: «إن الله في قبلة المصلی» تأويله أنه يجب على المصلى إكرام قبلته بما يكرم به من يناجيه من المخلوقين عند استقبالهم لوجهه.
ومن أعظم الجفاء وسوء الأدب أن يتنخم في توجهه إلى رب الأرباب، وقد أعلم بإقباله على من توجه إليه، فليس المتأول ومن قلده ممن "ألقى السمع وهو شهید" [ق : 37] .
لأن مشاهدة الحق تعالى على التخيل شرط في هذا الذي ألقى المعه ولهذا ألحق بأصحاب القلوب.
فلا بد أن يكون من القى المعاه شهيدا مشاهدا لما ذكرناه من تخيل العابد معبوده. ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية، وهي قوله : "ألقى السمع وهو شهيد" [ق:37].
فهؤلاء النظار بأفكارهم ومن قلدهم من المؤمنين فيما أنتجته أفكارهم هم الذين .
قال الله في حقهم من طريق الإشارة: "إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) [البقرة: الآيتان 166، 167].
فالآية وإن كانت واردة في الكفار فهي تجر ذيلها على ناقص الإيمان من ناظر ومقلد له وإنما قال :" فهؤلاء" بالإشارة إلى البعيد، لأن النظار في الذات والمتأولين للأخبار الإلهية ومقلديهم ينادون من مكان بعيد، بخلاف أهل التجلي الإلهي من رسول ونبي وولي ومقلديهم فإنهم ينادون من مكان قريب.
وأما الرسل فلا يتبرأون من أتباعهم الذين اتبعوهم وقلدوهم ولا أتباعهم، يقولون ما قالوا اتباع غيرهم، بل أتباع الرسل وورثتهم يزيدون محبة وغبطة فيهم لما ينكشف الغطاء ، فإنهم جاءهم بالعلم اليقين في الدنيا، وهو الذي انكشف لهم في الآخرة فصار عين اليقين .
 
قول سيدنا رضي الله عنه : (فحقق يا ولي ما ذكرته لك في الحكمة القلبية)
يقول رضي الله عنه : آمرا وليه بالتحقيق بهذه الحكمة القلبية. والتحقق هو رجوع الشيء إلى الحقيقة بحيث لا يشوبه شبهة، وهو المبالغة في إثبات حقيقة الشيء بالوقوف عليه، والولي القريب، والولي الناصر، والولي ضد العدو، وكل من يغار لك فهو ولي ، وما قصد ولا مخصوصا بالأمر بالتحقق،بل كل من كانت فيه صفة من هذه الصفات فهو وليه.

وإنما نسبت هذه الحكمة إلى القلب لأن جميع مسائلها متعلقة بالقلب من سعته والتنظير بينه وبين رحمة الله تعالى وتجلي الحق تعالى له حسب استعداده الأزلي والعرضي وسعته وضيفه حسب صورة التجلي وتنوع الاعتقادات.
وكلها راجعة إلى القلب، فإنه محل هذه الأشياء كلها.
فأكثرها في الحكم، فالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة .
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب .
وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.
 
قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما اختصاصها بشعيب لما فيها من الشعب أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات )
يقول رضي الله عنه : إن الحكمة في اختصاصها في هذه الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية، دون سائر الأنبياء على جميعهم الصلاة والسلام والكل له قلوب كاملة. 
فكما في هذه الحكمة القلبية من الشعب، جمع شعبة (بالكسر) وهي الطرف في الجبل، وكان اختصاصها بشعیب، لمناسبة الاشتقاق.
فالحضرة الجامعة بمثابة الجبل العظيم الشامخ، والأسماء الإلهية التي هي منشأ تكثر الاعتقادات، بمثابة الشعب التي لا تنحصر .
فكما أن الأسماء الإلهية لا تنحصر، كذلك الاعتقادات لا تنحصر، لأن كل اعتقاد من كل مخلوق أثر أسم من الأسماء الإلهية يتجلى به الحق على ذلك المخلوق، فهو شعبة في الحضرة الجامعة الاعتقادات، فالاعتقادات هي شعب كلها.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:05 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال رضي الله عنه : (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
(فإذا انكشف الغطاء)، أي غطاء الحياة الوهمية الدنيوية بالموت الطبيعي عند حلول الأجل كما قال تعالى : "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق : 22]
(انكشف)، أي الغطاء فبان الأمر على ما هو عليه وهو الحق تعالى (لكل أحد بحسب معتقده) بصيغة اسم المفعول أي الصورة التي يعتقدها أنها الحق تعالى (وقد بنکشف)، أي الغطاء فيبين الأمر (بخلاف معتقده)، أي ما يعتقده (في الحكم)، أي
حكم الحق تعالى فيظهر له ذلك الحكم الإلهي يوم القيامة بخلاف ما كان يظن أن يظهر في ذلك اليوم (وهو)، أي انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم (قوله) تعالى في قوم هود عليه السلام ("وبدا" )، أي ظهر ("لهم ") في يوم القيامة ("من الله") تعالى ("ما")، أي حكم ("لم يكونوا يحتسبون") [الزمر: 47].
أي يحتسبونه (فأكثرها)، أي الاعتقادات التي تنكشف يوم القيامة بخلاف ما كانت تظن في الدنيا (في الحكم)، أي حكم الله تعالى على عباده.
(كالمعتزلی)، أي واحد المعتزلة وأصلهم أن واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري يقرر أن مرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر.
فقال الحسن البصري رحمه الله عليه قد اعتزل عنا، فسموا المعتزلة من ذلك اليوم (یعنقد)، أي المعتزلي (في) حق (الله) تعالی (نفوذ) أي تحتم وقوع (الوعيد)، أي العقاب يوم القيامة من الله تعالى (في) حق (العاصي إذا مات على غير توبة فإذا مات) العاصي كذلك (وكان مرحوما)، أي مغفورة له (عند الله) تعالى ولو لم يتب (قد سبقت له عناية) في الأزل من الله تعالى (بأنه لا يعاقب) على عصيانه في يوم القيامة كما قال تعالى: "إن التي سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون" [الأنبياء: 101] الآية .
وهذا مذهب أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية أن مرتكب الكبيرة إذا مات من غير توبة فهو في مشيئة الله تعالى، ولا يقطع أحد له بعقاب ولا بعفو .
قال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48] (وجد) ذلك المعتزلي (الله) تعالى في يوم القيامة إذا انكشف غطاؤه (غفورا) قد غفر ذنوب ذلك العاصي الذي مات من غير توبة (رحيما به) فلم يعاقبه وعفا عنه .
(فبدا)، أي ظهر (له)، أي لذلك المعتزلي (من الله) تعالى في ذلك اليوم (ما)، أي حكم (لم يكن) ذلك المعتزلي (يحتسبه)، أي بظنه (وأما) انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد (في) شأن (الهوية)، أي الحقيقة الإلهية (فإن بعض العباد)، أي عباد الله تعالى المؤمنين به سبحانه (يجزم) من غير تردد في (اعتقاده أن الله كذا وكذا)، أي على هذه الصورة الفلانية في نفسه لما أنه صور في نفسه صورة ولم يدر أنه صور ونزهها عن كل صورة محسوسة ومعقولة.
ورأى تلك الصورة التي صورها في نفسه من غير شعور منه أنه صورها لائقة بأن تكون هي الحق تعالى لما رأى فيها من التنزيه وعدم المشابهة لشيء أصلا وأمده في عينه قوله تعالى: "ليس كمثله، شيء" [الشورى:11].
وقول علماء الكلام: کل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، 
فكلما خطر في باله شيء نفاه أن يكون هو الله الذي خطر في باله ثانية أنه الله تعالى.
فتراه يستيقظ لما خطر في باله أولا أنه الله تعالى فينفيه وهو غافل عما خطر في باله ثانيا أنه الله تعالى، لما نفى عنه أن الخاطر في باله أولا هو الحكم فرع التصور.
إذ لا يمكن أن يحكم على أمر بأمر ما لم يتصور الحاكم الأمر الأول المحكوم عليه، والأمر الثاني المحكوم به.
فكل منزه مشبه، لأنه حاکم على الله تعالى أنه لا يشبه شيئا، فالله تعالی محكوم عليه عند هذا الحاكم.
والمحكوم عليه متصور عنده لضرورة الحكم عليه كما ذكرنا.
وكل مشبه أيضا منزه، لأن الحق الذي قيده بصورة على وجه التشبيه له، فإن حصره في تلك الصورة لجهله بما يجب له من الإطلاق الحقيقي الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه.
فقد نزهه سوى تلك الصورة التي حصره فيها ، وإن لم يحصره في تلك الصورة، ولكن وجده ظاهرة له في تلك الصورة وهي من جملة صور تجلياته التي لا تنضبط "في حصر".
فقد علم إطلاقه الحقيقي وعرف أنه عاجز عن معرفته من حيث هو سبحانه، فقد نزهه عن جميع الصور وعن تلك الصورة أيضا التي ظهر له بها.
وهذا التنزيه أعلى وأكمل من التنزيه الأول، فالإيمان الكامل هو هذا التنزيه التشبيه مع التشبيه التنزيه كما سبق بيانه .
(فإذا انكشف الغطاء) بالموت ودخل في عالم المعاني وخرج عن كونه محسوسا بهذا الحس الظاهر (رأی صورة معتقده)، أي ما كان يعتقده (وهی)، أي تلك الصورة (حق) لا شبهة فيها (فاعتقدها)، أنها الحق تعالى والسبب أنه لما كان حيا بالحياة الدنيا الدنيوية الوهمية كان يدعي الوجود الظاهر هو به من كتم عدمه فكان هو في نفسه محسوسأ بالحس الظاهر .
والحق تعالی عنده معقول من عالم المعاني، فلما انكشف الأمر بالموت وانقلب الحال كان هو المعقول من عالم المعاني.
والحق تعالى هو المحسوس الظاهر بالحس الظاهر، وتبين له النور الحق الذي هو الوجود الصرف القديم الذي ليس معه غيره فاعتقده كذلك .
 
(وانحلت العقدة) التي كان ربط الحق تعالى بها (فزال الاعتقاد) الذي كان عنده في الحق تعالى أنه في الصور الفلانية لا غير، وهو غيب عنه من حيث وجوده الخاص (وعاد) ذلك الاعتقاد المذكور منه (علما) ذوقيا (بالمشاهدة) كما هو حال العارفين بالله تعالى في الدنيا .
(وبعد) حصول (احتداد البصر) للعبد في الدنيا والآخرة بحيث يشهد وجود الحق تعالی في تجليه بالصور (لا يرجع) ذلك العبد بعد ذلك (کلیل)، أي ضعيف (النظر) أصلا ، ولهذا قال بعضهم: لو وصلوا ما رجعوا، ولكن
لا يلزم من تلك المشاهدة اللذة في رؤية الحق تعالى، فإن من المشاهدة ما يوجب الألم والعذاب، ومنها ما لا يوجب شيئا، ومنها ما يوجب اللذة، وكل ذلك متفاوت بتفاوت المراتب.
ولهذا قال عليه السلام في دعائه : "وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين" . رواه ابن حبان والحاكم والبزار والطبراني و أحمد والدارقطني والنسائي وابن حجر في إتحاف المهرة وغيرهم.
 
ونظير ذلك في الآخرة ما هو واقع في الدنيا ، فإن الشهود لا يكون إلا في الصور والرؤية كذلك، والكل في الدنيا ناظرون إلى وجه الحق تعالی بحكم قوله : "فأينما تولوا فثم وجه الله"  
وقوله : "كل شيء هالك إلا وجهه"،لا يقع عليه شهود ولا رؤية ، ولكن يقع به الشهود والرؤية.
وهم في الدنيا مختلفون في الشهود والرؤية وإن كانوا كلهم لا يشعرون بأنهم في شهود ورؤية، وإنما يشعر البعض دون البعض.
وفي الآخرة كلهم يشعرون ، ولكن تتفاوت مراتبهم في العلم بالله سبحانه عند شعورهم بالشهود والرؤية على طبق ما كانوا في الدنيا .
 
قال تعالى: "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " [الإسراء: 72].
والعمى في الدنيا شهود ورؤية بوجه إجمالي، فإن الأعمى يرى بقلبه ولا يرى بعينه، فيتخيل المرئي في الصورة التي يعطيها له خياله على مقتضى طبعه، فيرى الحق تعالى في عين تلك الصورة ونزول تلك الصورة عنه من حيث ما هي صورة، وتبقى عنده من حيث ما هي وجود حقيقي.
وهذا معنى قول المصنف قدس الله سرهوانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة، فإن الاعتقاد لا يكون إلا للصور من حيث ما هي صور، وأما إدراك الأمور المحسوسات فليس هو اعتقادا بل هو علم بالمشاهدة.
فتنفي حالة ذلك الأعمى في الدنيا عن شهود الحق تعالی ورؤيته على مقتضى ما مات عليه من كفر أو فسق أو بدعة أو ضلال إذا لم يتب قبل موته من ذلك.
فيتعذب بهذه الحالة التي مات عليها وهو محجوب عن ربه الذي كلفه بالأحكام في الدنيا ، فلم يمتثلها ومات مخالفا لها بحكم قوله سبحانه :" إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (المطففين : 15]، ولا يرى الرب سبحانه إلا المؤمنون .
 
وأما الحق تعالی من حيث ألوهيته التي قام بها كل مألوه فهو الذي قلنا إن الكل يرونه في الدنيا وإن لم يشعروا.
ويشعرون برؤيته في الآخرة على حسب ما هم عليه عند موتهم وانتقالهم إلى الآخرة في مقدار ما هو عندهم في الدنيا .
فمن كثر شهود الحق عنده في الدنيا في كل شيء محسوس أو معقول شهده في الآخرة كذلك.
ومن لم يشهده في بعض المحسوس أو المعقول لم يشهده في الآخرة في ذلك البعض أيضا، وكان أعمى عنه في ذلك البعض.
وهكذا بحكم قوله تعالى: "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا "[الإسراء: 72]، أي أكثر ضلالا من الدنيا عن طريق الوصول إليه سبحانه، وذلك لانقطاع الأعمال ووقوف الهمم، فلا يمكن السير والسلوك في ذلك العالم إلا لأهل السير والسلوك في الدنيا دون المنقطعين.
وما أحد في الدنيا من مؤمن ولا کافر إلا وهو يشهد الحق تعالی ويراه، فمنهم من يراه في محسوس، ومنهم من يراه في معقول وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم بعضا.
ويلعن بعضهم بعضا كلهم في الآخرة يرونه بمقدار ما كانوا يرونه في الدنيا، ويحجبون عنه بمقدار ما كانوا يحجبون عنه في الدنيا.
وتحتد أبصارهم، ولا تكل أنظارهم ولذتهم في النظر إليه سبحانه، وألمهم وعذابهم في ذلك على مقدار أحوالهم التي ماتوا عليها إن كانت من تجليات جماله ورضوانه أو من تجلیات جلاله وسخطه وغضبه.
(فيبدو)، أي يظهر سبحانه (لبعض العبيد) في يوم القيامة (باختلاف التجلي)، أي الانكشاف (في الصور) المختلفة (عند الرؤية) في المحشر كما ورد في الأحاديث النبوية وسبب ذلك الاختلاف في التجلي بالصور .
(لأنه)، أي التجلي في الصور (لا يتكرر) من الحق تعالى (أصلا) لسعة الحضرة الإلهية وإطلاقها الحقيقي، فلا يتجلى الحق تعالی بتجلي واحد لشيء واحد في آنين، ولا يتجلى لشيئين في آن واحد بتجل واحد.
بل له تعالى في كل آن على كل شيء تجلي خاص لا يتكرر أصلا في الدنيا والآخرة (فبصدق عليه)، أي على الحق حينئذ (في الهوية)، أي حقيقة الأزلية الأبدية قوله سبحانه ("وبدا لهم من الله ") [الزمر: 47] في حق هويته سبحانه وظهورها لهم متجليها عليهم .
("ما لم يكونوا يحتسبون" فيها)، أي في تلك الهوية الإلهية (قبل کشف الغطاء) عنهم بالموت عن الحياة الدنيوية الوهمية حيث اختلفت عليهم صور تجلياتها فيؤمن بها يومئذ من يؤمن وينكرها من ينكر ويتعوذ منها على مقتضى ما جاء في الحديث النبوي .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال الشيخ رضي الله عنه :   (فإذا انكشف الغطاء) أي إذا ارتفع الحجاب عن الأبصار يوم القيامة (انكشف لكل أحد بحسب معتقده) والمراد بالمعتقد، المعتقد بوحدانية الحق دون المشرك .
فإن المشرك ليس بشيء من الاعتقاد في الحق أصلا بل يحدث الاعتقاد عند المعاينة وقد ينكشف الغطاء (بخلاف معتقده في الحكم) فإن بعض أهل الاعتقاد يعتقد في الحق حكمة وبعضهم يعتقد بخلاف ذلك الحكم (وهو) أي انكشاف الغطاء بخلاف المعتقد .

معنى (قوله) تعالى (وبدا) أي ظهر (لهم) أي لأهل الاعتقاد (من الله ما لم يكونوا يحتسبون) أي لم يعتقدوا حصول هذا الشيء من الله لهم بل يعتقدون خلافه (فأکثرها) فأكثر اختلافات الاعتقاد حاملة (في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غیر توبة فإذا مات) ذلك المعتزلي بغير توبة (وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عنابة بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فيدا له) حكم (من الله ما لم يكن يحتسبه) فقد انكشف له الغطاء بخلاف معتقده في الحكم هذا هو الانكشاف بخلاف المعتقد في الحكم .
قال رضي الله عنه : (وأما) اختلاف الاعتقادات (في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا) كناية عن الهوية (فإذا انكشف الغطاء رأی صورة معتقده وهي حق) في نفسه (فإعتقدها في الدنيا على أنه حق وانحلت العقدة) وهي عقدة الاعتقاد وهي الحجاب على القلب المانع من الانكشاف .
قال رضي الله عنه : (فزال الاعتقاد) لزوال العقدة (وعاد) أي رجع علم بالاعتقاد (علما بالمشاهدة) فلم يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون بل كل ما بدا لهم من الله من هوية الحق في الصورة فهو مما يحتسبونه منه فيعتقدونه قبل کشف الغطاء فما هو المراد بقوله تعالی : ("وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون") [الزمر : 47] .
فكان بصرهم حديدا برفع كلالة النظر فشاهدوا الحق بالمعاينة على وفق اعتقادهم في الدنيا .
وهم الذين قلدوا الرسل ويؤمنون بتجليات الحق في الصور فلا يظهر لهم خلاف اعتقادهم لأن الحق هو الذي على اعتقادهم لعدم تقييدهم الحق في اعتقادهم في صورة .
وهم الذين قال في حقهم "أو ألقى السمع وهو شهد" ، ونرجوا أن مصداق الآية في هذه الأمة أهل السنة والجماعة دون غيره من الفرق فإن اعتقاد أهل السنة تقييد تجلي الحق بعموم فيعم تجلي الحق في جميع الصور الاعتقادية .
فلا ينحصر الحق في اعتقادهم فلا يكفر أحد إلا لحصره الحق في الصورة الحاصلة في اعتقاده من الحق ولا كذلك المعتزلة وغيرها.
فإنهم قيدوا الحق في اعتقادهم في صورة مخصوصة ونفوا غيرها عن الحق
قوله: (وبعد احتداد البصر) أي وبعد ظهور الحق للعباد بظهور تام (لا يرجع كليل النظر) أي لا يحصل الخفاء التام رد لقول أهل التناسخ فإنهم ذهبوا إلى أن العبد بعد الموت يأتي إلى الدنيا مرارة فكل نظره عن الحق بعد احتداده لوقوع الحق في الخفاء التام
فهم قسمان :
قسم قالوا بالتناسخ في حق الكمل لزعمهم أنهم يأتي لتحميل النافعين .
وقسم في جميع الأفراد الإنسانية
وكلاهما مردود
قال رضي الله عنه : (فيبدوا) الحق (لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية) في يوم القيامة كما جاء في حديث التحول (على خلاف معتقده) أي يظهر له الحق على خلان اعتقاده (لأنه لا يتكرر) التجلي (فيصدق عليه في الهوية فبدا لهم من الله في هويته ما لم يكونوا يحتسبون) الحق (فيها) أي في الدنيا (قبل کشف الغطاء) فقد يفهم مما ذكر أن هذه الآية لا تصدق على أهل السنة فإنهم وان اثبتوا للحق الصفات الثبوتية والسلبية في اعتقادهم لكنهم لم يحصروا الحق بهذا الاعتقاد .
بل قالوا: بعد تقیید الحق بهذا الاعتقاد فالله تعالى منزه عن تصورات أذهاننا وتصديقات قلوبنا فهذا صورة التعميم فيعم اعتقادهم في الدنيا جميع صور التجليات وإن لم يشعروا بذلك فلا يصدق عليهم في الهوية .
فبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون بخلاف المعتزلة وغيرهم من الفرق فإنهم لحصرهم هوية الحق في اعتقادهم يصدق عليهم في الهوية .
فبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون فظهر من هذا الكلام ترقي العباد بالموت مؤمنا كان أو غير مؤمن .
لكنه لا ينفع ترقي من لا يقلد الأنبياء ويدل على دلالة كلامه السابق على الترقي.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال رضي الله عنه : (  فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.  فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.  وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.  وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
وأما قوله في الهوية: إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب.
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة.
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال رضي الله عنه : "فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل واحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم ، وهو قوله : "وَبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ "  فأكثرهم في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات وكان عند الله مرحوما قد سبقت له عناية بأنّه لا يعاقب ، وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب" .
هذا ظاهر بما تقرّر آنفا أنّ التجلَّي يوم القيامة بصورة الاعتقاد ، والمتجلَّي هو الإله المعتقد - اسم مفعول - ولكن لمّا كان هذا التحوّل الإلهي الرحماني في صورة الاعتقادات ليقرّبه عبدة العلامات الاعتقادية ، فيرحمهم ويوجروا ويربحوا على ربّهم .
وكان ذلك في هذه الصورة الخاصّة موجودا في التجلَّي على خلاف اعتقاده ، تجلَّى له الحق الرحمن الوجيه في صورة غير معتقده ، لما في ذلك من فائدة عائدة على عبده ، ولا محذور في ذلك .
فإنّ الله تجلَّى له بنفسه في صورة معتقده ، ولكنّ المجازاة وقعت على غير معتقده ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ، فعلم المعتزلي عند ذلك أنّ الله أعظم ممّا كان اعتقده وقيّده وعساه يرزق الترقي - إن شاء الله تعالى - في تفاصيل هذه الرؤية ، وما ذلك على الله بعزيز .
 
قال رضي الله عنه : « وأمّا في الهوية فإنّ بعض العباد يجزم في اعتقاده أنّ الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء ورأى في صورة معتقدة وهي حق فاعتقدها وانحلَّت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر ، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلَّي في الصورة عند الرؤية خلاف معتقده ، لأنّه لا يتكرّر ، فيصدق عليه في الهوية ، وبدا لهم من الله في هويّته ما لم يكونوا يحتسبون فيها ، قبل كشف الغطاء " .
قال العبد : ظاهر التحقيق يقتضي أن لا ترقّي بعد الموت ، لانقطاع علمه وعمله واختتامهما على ما كان عليه حال وفاته .
كما أشار إليه الصادق عليه السّلام بقوله : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله » وحيث لم يشهد ولم ير الحق في حياته الدنيا ، وكان أعمى عن إبصار الحق ورؤيته ، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا ، وليس المراد عمى البصر الجسمانيّ ، " فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ ".
 ولكن رحمة الله من حيث باطن الحقيقة أن يحصل لبعض العبيد ، المؤمن بأهل كشف الغطاء في الدنيا ترقّ في تفاصيل ما آمنوا به أو ألقوا السمع إلى مجملات أصول وفصول من قوانين الحقيقة والتوحيد ، فإنّ القوم من لا يشقى بهم جليسهم ، ولا سيّما وخاتم الأولياء المحمديين الخصوصيين أمدّ بهمّته جميع الأرواح الإنسانية ، فخلَّف لمن خلف بعده من المؤمن قواعد علميّة بيّنة ، وضوابط كشفية يقينية ، يكمّل استعداداتهم للترقّي إلى مراقي أهل الشهود .
 
ثمّ إنّه لحق في معاريجه وإسراءاته رضي الله عنه الجمهور من الأنبياء والأولياء والصحابة الماضين في برازخهم ، فاجتمع بجميعهم كالحلَّاج وسهل وجنيد وغيرهم من الأكابر ، وكان يوافقهم ويباحثهم في صور معتقداتهم في الله وعلومهم ومعارفهم ، وينبّههم على ما فوق مدركهم ، ويرقّيهم ، ويحلّ عقد اعتقاداتهم ، ويفيدهم ما لم يكن عندهم بحسب عنايته بهم ، ويهبهم من علوم التوحيد وحقيقة الشهود ، من مشرب أحدية جمع الجمع والوجود .
ثمّ يرحل عنهم إلى من فوقهم هكذا حتى أتى على آخرهم رضي الله عنهم  كما هو مذكور في كتاب « التجلَّيات » له وفي كتاب « الحجب » وفي « التنزّلات الموصلية » وفي " الإسراء والعبادلة " ، فليطلب كلّ ذلك طالبه منها ، والله الموفّق .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال رضي الله عنه : " فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم ، وهو قوله : " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب " .
هذا ظاهر مما مر من التجلي في صورة المعتقدات ، وأما التجلي في صور غير المعتقدات ،
فقد يكون من تجلى الاسم الرحماني لفائدة تعود إلى العبد ، إما من باب الرحمة الامتنانية لعناية سبقت في حقه فيريح ويرزق الترقي ، وإما من اسمه العدل من باب المجازاة فجوزى بعمله والمآل إلى الرحمة ، هذا فيما يعتقد المعتقدون في الحكم من الله عليهم.
 
"" أضاف بالي زادة :  ( فأكثرها ) أي فأكثر اختلافات الاعتقاد حاصلة ( في الحكم ) وأما الاختلافات في الهوية فلا ينكشف الغطاء إلا بحسب الاعتقاد ( فإن بعض العباد إلى قوله انحلت العقدة ) وهي عقدة الاعتقاد ، وهي الحجاب على القلب المانع من الانكشاف ( فزال الاعتقاد ) لزوال العقد ( وعاد ) علم الاعتقاد ( علما بالمشاهدة ) فلم يهد لهم من الله ما لم يكونوا ، بل كل ما بدا لهم من الله من هوية الحق في الصورة ، فهو مما يحتسبونه منه فيعتقدونه قبل كشف الغطاء . ""
 
قال رضي الله عنه : "وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة ، وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية ، لأنه لا يتكرر فيصدق عليه في الهوية – وبَدا لَهُمْ من الله " - في هويته – " ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " - فيها قبل كشف الغطاء "
هذا من باب الاعتقاد في هويته ، والأول من باب الاعتقاد في حكمه ، فإذا تجلى الحق للعبد في صورة معتقده فكانت حقا فاعتقدها في الدنيا وانحلت العقدة ، أي عقيدته في التعين والتقيد عند كشف الغطاء في الآخر ، فزال الاعتقاد وصار علما بالمشاهدة وهذا باب الترقي بعد الموت لمن كان صحيح الاعتقاد ذا بصيرة ، فلا يرجع كليل النظر عند احتداد البصر .
 
"" أضاف بالي زادة :  فما هو المراد بقوله: " وبَدا لَهُمْ من الله " الآية ( وبعد احتداد البصر ) أي وبعد ظهور الحق للعباد بظهور تام ( لا يرجع كليل النظر ) أي لا يحصل الخفاء التام ، ردا لقول أهل التناسخ إن للعبد بعد الموت يأتي إلى الدنيا مرارا ، فيكل نظره عن الحق بعد احتداده لوقوع الحق في الجفاء التام .
فهم قسمان : قسم قالوا بالتناسخ في حق الكمل لزعمهم أنهم يأتون التكميل الناقصين ، وقسم في جميع الأفراد الإنسانية ، وكلاهما مردود .
وقد يفهم من هذا المقام أن هذه الآية لا تصدق على أهل السنة ، فإنهم وإن أثبتوا للحق الصفات الثبوتية والسلبية في اعتقادهم ، لكنهم لم يحصروه بهذا الاعتقاد ، بل قالوا بعد تقييد الحق بهذا الاعتقاد : الحق منزه عن تصورات أذهاننا وتصديقات قلوبنا ، فهذا صورة للتعليم فيعم اعتقادهم في الدنيا جميع صور التجليات وإن لم يشعروا بذلك.
 (فلا يصدق عليهم في الهوية " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ") بخلاف المعتزلة وغيرهم ، فإنهم لحصرهم الهوية في اعتقادهم يصدق عليهم في الهوية ( وبَدا لَهُمْ من الله ) فظهر من هذا الكلام ترقى العباد بالموت مؤمنا كان أو غير مؤمن ، لكنه لا ينفع ترقى من لا يقلد الأنبياء ، ويدل على دلالته كلامه السابق على الترقي قوله : وقد ذكرنا صورة الترقي اهـ بالى""
 
وقد يبدو للبعض بعد التجلي في صورة معتقده تجلى آخر لا من صورة معتقده بسبب اختلاف التجلي في الصور ، لأن التجلي لا يتكرر فيعرفه لرؤيته أولا فيصدق عليه في الهوية أيضا كما صدق في الحكم – " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " - في الهوية قبل كشف الغطاء ، وهذا أيضا من الترقي بعد الموت ، وأما قوله – " ومن كانَ في هذِه أَعْمى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا ".
وقوله عليه الصلاة والسلام « إذا مات ابن آدم انقطع عمله » مما يدل على عدم الترقي بعد الموت ، فهو للمحجوبين الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله من أهل الكفر والشرك ، وأما أهل.
 
الإيمان الموحدون من المحققين والمقلدين الذين ألقوا السمع مع الحضور ، فلهم ترقيات بسبب ارتفاع حجبهم فيما بعد الموت ، وزوال موانعهم بالعفو والمغفرة ، واجتماعاتهم بأهل الحق ممن كانوا يقلدونهم ويعتقدون فيهم ويحبونهم ، وإمدادهم إياهم من أرواحهم في برازخهم ، كما حكى هذا الولي عن نفسه حالة اجتماعه بمن سلف من العرفاء المحققين ، وإفادته إياهم من الحقائق والمعارف التوحيدية ما ليس عندهم ، وحل عقدهم وإمدادهم بما ترقوا به في الدرجات .

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:06 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الرابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الرابعة عشر :  الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )
 
قال رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء ، انكشف لكل أحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم وهو قوله) أي ، الانكشاف بخلاف المعتقد .
هو كقوله رضي الله عنه  : ( "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " . فأكثرها في الحكم ، كالمعتزلي ، يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة . فإذا مات وكان مرحوما عند الله : قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب : "وجد الله غفورا رحيما". فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه . )
أي ، إذا انكشف الغطاء عن البصائر والأبصار ، انكشف الحق لكل أحد بحسب معتقده ، وأما حكم الله قد ينكشف بخلاف معتقده .
كما ينكشف للمعتزلي الذي يعتقد أن العاصي إذا مات على غير توبة ، يكون معاقبا ، فإذا رأى من مات كذلك ورحمه الحق وعفا عنه للعناية السابقة في حقه أزلا بأنه لا يعاقب ، فقد انكشف له خلاف ما اعتقد في حكم الله .
وكذا من اعتقد أنه من الناجين ، وعاقبه الحق وجعله من الهالكين ، لما قضى عليه أزلا ، فقد انكشف له خلاف معتقده . واستشهد بالآية : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ".


قال رضي الله عنه : (وأما في الهوية ، فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء ، رأى صورة معتقده ، وهي حق ، فاعتقدها وانحلت العقدة ، فزال
الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة . وبعد احتداد البصر ، لا يرجع كليل النظر . )
أي ،كل من اعتقد أن هوية الحق كذا وكذا ، يرى يوم القيامة معتقده حقا واقعا ، لأن الحق يتجلى له بذلك الاعتقاد فتنحل العقدة التي كانت على قلبه ، وهي الحجاب المانع لكل أحد من انكشاف الغيوب لهم ، فزال الاعتقاد الذي كان بالغيب بواسطة الحجاب ، وعاد علما يقينيا لا يحتمل النقيض بمشاهدة الأمر على ما هو عليه .
قوله رضي الله عنه  : ( وبعد احتداد البصر ، لا يرجع كليل النظر . ) إشارة إلى بطلان قول من يقول : إن بعد الظهور التام يحصل الخفاء التام . كما يقول بعض الموحدين من التناسخية .

قال رضي الله عنه : ( فيبدو لبعض العبيد ، باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية ، خلاف معتقده ، لأنه لا يتكرر ، فيصدق عليه في الهوية . و "بدا لهم من الله " في هويته "ما لم يكونوا يحتسبون " فيها قبل كشف الغطاء . )
أي ، فيبدو لبعض العبيد في تجلى الهوية أيضا خلاف معتقده في الدنيا ، لأن الحق يتجلى في صور أسمائه المختلفة عند الرؤية .
فبعد أن يتجلى له بصورة معتقده ، يتجلى أيضا بصورة أخرى لم يعتقد تجلى الحق فيها ، لأن التجلي لا يتكرر ليكون على صورة واحدة فقط ، فيصدق عليه بحسب الهوية ، و ( بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) .
وحديث ( التحول ) أيضا يدل على ذلك . وعدم معرفة الجاهلين بتجليات الحق لا يقدح في كونه تجليا ..



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله  غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه، وأما في الهوية، فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.)

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده) لا محالة ما دام الاعتقاد باقيا، وإن جاز مع بقائه أن ينكشف فيما هو أدنى من معتقده، ولكن هذا بحب الهوية أي: التعين بالصور الذي يجوز التلبس بكل منها، لا بحسب الحكم الذي هو وجداني في نفسه.

ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد يكشف بخلاف معتقده في الحكم) المتعلق بالتكليف، أو الجزاء؛ لأن اعتقاده غير مطابق للواقع بوجه من الوجوه بخلافه في الهوية.
أي: التعين بالصور.
(وهو) أي: الدليل عليه (قوله: "وبدا هم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47] فأكثرها)، أي: أكثر الانكشافات على اختلاف الاعتقاد مع بقائه إنما هو (في الحكم)، وإن وقع نادرا في الهوية بصورة أدني مما في الاعتقاد مع بقائه، فلذلك يقع فيه الإنكار، وهذا (كالمعتزلي يعتقد في الله) أي: في حكمه (نفوذ الوعيد في العاصي) إذ يجب عنده تعذيبه على الكبائر (إذا مات على غير توبة)، بل تخليه في النار، (فإذا مات) ذلك المعتزلي، (وكان مرحوما عند الله)؛ لأنه قد سبقت له عناية من الله بسبب بقاء إيمانه أو بأعماله الصالحة الماحية بأنوارها ظلمة الكبيرة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (بأنه لا يعاقبه) الله أصلا أو بالتخليد (وجد الله غفورا رحيما) ابتداء وانتهاء، (فبدا له من الله، ما لم يكن يحتسبه) من عفوه ورحمته على أهل الكبيرة ابتداء وانتهاء، إذ كان يخصبها بالتائب، وبصاحب الصغيرة.
"" أضاف المحقق : فإن المعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة، فإذا مات وكان مرحوما عند الله تعالى قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. ""

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما في الهوية) الإلهية أي: تعينه بالصور؛ فلا يظهر له فيها ما لم يكن يحتسبه مما هو أكمل من معتقده إلا بعد زوال الاعتقاد لحصول الرؤية في صورة الاعتقاد، (فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده)، قید به إذ لا يكون اعتقادا بدونه، فإن سلم فلا تكون هيئته راسخة في قلبه، بحيث يجب تمثلها عند کشف الغطاء بصورة تناسبها (أن الله كذا وكذا ) في ذاته وصفاته.
(فإذا انكشف الغطاء)؛ لأنه يحتسب (صورة معتقده) ابتداء أو انتهاء، وكيف لا؟
(وهي) أي: صورة معتقده (حق) تعدد الحقيقة في التعينات الإلهية بخلاف الحكم، فإن الحق فيه واحد لا غير.
(فاعتقدها) أي: صحة عقيدته بحيث يبقى بعد کشف الغطاء بخلاف الفاسدة في الحكم، فإنها تزول عند الربح قبل تمام کشف الغطاء، فلذا يبقى الكافر محجوبا عند کشف
الغطاء، وإن رأى الحق أولا على خلاف معتقده بحيث يصير أعمى بغلبة نور ما يرى منه . ولكن إذا رآه في تلك الصورة؛ (انحلت العقدة ) عن القلب، (فزال الاعتقاد) أي: اتصاف القلب بتلك الهيئة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعاد) صار (علما بالمشاهدة)، فليس من صفات القلب بحيث يتصور القلب به؛ بل ينطبع في الحواس فیدرکه القلب بواسطتها، ولا يعود الاعتقاد الموجب للتمثيل بصورته بعده؛ لأنه (بعد احتداد البصر) الموجب لانطباع الصورة المحسوسة فيه (لا يرجع كليل النظر) المانع من انطباعه فيه؛ لأنه ليس على خلاف معتقده
حتى يغلبه نوره فيوجب عماه، فلا يفتقر إلى الاعتقاد الموجب للتمثيل بحسبه.

قال الشيخ رضي الله عنه : (فيبدو لبعض العبيد) ممن له استعداد الترقي (باختلاف التجلي) عند زوال المانع منه، وهو الاعتقاد الموجب لتعين الصورة بحسبه (خلاف معتقده عند رؤيته) في صورة الاعتقاد.
وإنما يختلف التجلي؛ (لأنه لا يتكرر) أصلا، وعدم تكرره إما يظهر في الصور الغير المتشابهة، فوجب مقتضى ذلك عند ارتفاع المانع وهو الاعتقاد الموجب لتشابه الصور.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فيصدق عليه) أي: على ذلك العبد (في ) شأن (الهوية) أي: التعين الإلهي بالصور، ("وبدا لهم من الله" [الزمر:4]، في هويته "ما لم يكونوا يتحتسبون" فيها قبل کشف الغطاء) قيد بذلك.
ليشير إلى أنهم لو لم يكن لهم عقيدة خاصة قبل ذلك؛ لم تبد لهم ما لم يكونوا يحتسبون؛ لأنهم لما كانوا مؤمنين غير مقيدين بعقيدة فلا بد أن تكون عقيدتهم مطلقة.
فكانوا يحتسبون ظهوره في أي صورة شاءوا، كان كل ما ظهر لهم من صورة كانوا يحتسبون ظهوره فيها، وهذا في ظهور الصورة.
ثانيا: أكمل مما في الاعتقاد بالترقي في المعارف الإلهية، وإلا فقد يظهر للمعتقد في أدنى من معتقده ليتكرر.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكلّ أحد بحسب معتقده ) في الهويّة الذاتيّة .
( وينكشف بخلاف معتقده في الحكم ) عليها بجزئيّات الأوصاف والأفعال ( و ) الذي يدلّ على ذلك ( هو قوله : " وَبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ") [ 39 / 47 ] .

بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون
قال رضي الله عنه :  ( فـ ) تلك الاعتقادات ( أكثرها في الحكم : كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في المعاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات ) المعتزلي ذلك ( وكان مرحوما عند الله - قد سبقت له عناية بأنّه لا يعاقب - وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه ) . هذا ما في الحكم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا في الهويّة : فإنّ بعض العباد يجزم في اعتقاده أنّ الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده - وهي حقّ - فاعتقدها ) علما وانشراحا ، لا عقدا .
فإنّه قد انكشفت ( وانحلَّت العقدة ، فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة . وبعد احتداد البصر ) -بانحلال عقد الاعتقاد وانكشاف صورة اليقين.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا يرجع كليل النظر ، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلَّي في الصور عند الرؤية ، لأنّه لا يتكرّر ) فإنّه كلّ يوم من أيّام تجلَّياته في شأن آخر من شؤون الصور ( فيصدق عليه في الهويّة "وَبَدا لَهُمْ " في هويّته " ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ "  فيها قبل كشف الغطاء ) من اختلاف صور الحقّ .
ثمّ إذ قد استشعر أن يقال هاهنا : كيف يصحّ ذلك وبعد الموت ينبت على العبد مدارج ترقّيه وينقطع انتظام أسبابه ؟

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه: ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا انكشف الغطاء انكشف) الحق سبحانه (لكل أحد بحسب معتقد، وقد بنکشف بخلافي معتقده) والانكشاف بخلاف المعتقد (إما في الحكم عليه السلام) بجزئيات الأحوال والأوصاف وإما في هوية ذاته المقدسة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو)، أي المنکشف بخلاف المعتقد مطلقة (ما يدل عليه قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" فأكثرها)، أي أكثر الاختلافات يكون (في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فبدا له من الله) من الرحمة والمغفرة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ما لم يكن يحتسبه) من قبل (وأما) خلاف المعتقد (في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا فإذا انكشف الغطاء، رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها) حقا وأجيد بصره (وانحلت العقدة)، أي عقيدة التعيين والتقييد (فزال الاعتقاد) الحاصل من الفكر والنظر الحاكمين بالتقييد.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعاد علمة بالمشاهدة وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر فيبدو لبعض العبيد) الظاهر له لكنه وضع المظهر موضع المضمر ، أي فيبدو الحق له ملتبسة (باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية لأنه)، أي التجلي (لا يتكرر فيصدق عليه في الهوية وبدا لهم من الله في هوينه ما لم يكونوا بحتسبون فيها) واختلاف التجلي .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (قبل کشف الغطاء) ولما كان كشف الحق بخلاف المعتقد، سواء كان في الحكم أو الهوية من باب الترقي بعد الموت، وأنكره بعضهم أثبته بما حکی رضي الله عنه عن نفسه حالة اجتماعه بمن سلف من الكبراء، و إفادته إياهم المعارف التوحيدية ما لم يكن عندهم وإمدادهم بما ترقوا به في الدرجات.



المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 87])

، فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 87] فأكثرها في الحكم، فالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة . فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب . وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.)
فإذا انكشف وزال الغطاء الحاجب للأمور المغيبة انكشف الحق تعالى الكل أحد من أصحاب الاعتقادات المقيدة والمطلقة حسب معتقده.
وقد ينكشف الغطاء لبعض المعتقدين بخلاف معتقده في الحكم والهوية بأن يحكم على الحق تعالى بحكم في اعتقاده، وأنه تعالى يفعله ولا بد ويحكم على الذات الهوية بأنه كذا جوهرا وعرض، أو لا جوهر ولا عرض أو نحو هذا.
وانكشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم والهوية هو المشار إليه بقوله تعالى:
"وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47]
يظنون ويعتقدون، فإن الحكم على الله شيء لم يحكم به على نفسه بإثبات أو نفي ظن و تخمین .
والظن أكذب الحديث كما ورد، وإن كان هذا المعتقد يظن أن ظنه علم فما هو بعلم. وإنما هو جهل مرکب، وهو أشد من الجهل البسيط، وانکشاف الغطاء بخلاف المعتقدات أكثره في الحكم على الله بإثبات شيء له أو نفي شيء عنه .
إذ الحكم إثبات شيء لشيء أو نفي شيء عن شيء، كالمعتزلي منسوب إلى طائفة المعتزلة .
وأول من تسمى بهذا الاسم واصل بن عطاء الغزال، كان يجلس في مجلس الحسن البصري رضي الله عنه ثم اعتزله.
فهو يعتقد ويحكم على الله تعالى أنه لا يرى يوم القيامة فهذا حكم على الله بنفي الرؤية له تعالى .
وكذلك يعتقد المعتزلي في الله تعالى ويحكم عليه بنفوذ الوعيد بالعذاب والانتقام من المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر ، إذا مات على غير توبة.
فإذا مات المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر على غير توبة وكان مرحوما عند الله غير مؤاخذ بما أرتكب قد سبقت له عناية .

والعناية هي العلم الأزلي بأن علمه تعالى أزلا بأنه لا يعاقب ولو مات على غير توبة.
فإنه ورد في الحديث النبوي أنه تعالى قبض قبضة من يمينه وقال هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، يعني بما عملوه من شر.
وقبض قبضة من شماله وقال هؤلاء إلى النار ولا أبالي، يعني بما عملوه من خير.
ولهذا كانت عقيدة أهل السنة أن المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر إذا مات على غير توبة أنه في المشيئة .
فإذا مات المعتزلي وكان يوم القيامة وانكشف الغطاء عن المعتزلي وجد الله غفورا رحيما ببعض مرتكبي الكبائر ، ولو مات على غير توبة.
فبدا له من الله خلاف معتقده وانكشف عنه الغطاء بما لم يكن يحتسبه ويظنه.
هذا مثال من انكشف عنه الغطاء، بخلاف المعتقد في الحكم بالإثبات في نفوذ الوعيد في المؤمن العاصي إذا مات من غير توبة .

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده بأن الله كذا وكذا، فإذا انكشف عنه الغطاء رأي صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة غزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه بالهوية: "وبدا لهم من الله" [الزمر: الآية 47] في هويته "ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 47] فيها قبل کشف الغطاء).
يقول رضي الله عنه : قد ذكرنا أن كشف الغطاء يكون كشفه لكل أحد حسب اعتقاده، وقد ينكشف بخلاف المعتقد، وأكثره في الحكم في أفعاله تعالى، وقد تقدم مثاله.
وأما انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم في الهوية الذات الغيب المغيب المطلق الذي لا يعلم لمخلوق في الدنيا ولا في الآخرة.
لا لملك مقرب ولا لرسول مرسل، فكل عارف محجوب عن شهود الهوية، فلا يزال الحق غير معلوم من حيث الهوية ، لا شهودا ولا ذوقا، وما بقي لا التجلي في المظاهر.
وتلك إنما هي جسور يعبر عليها، أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد، ولا أن يعلم .
وليس وراء هذا المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا.
يقول سيدنا رضي الله عنه :
فالعلم بالله عين الجهل فيه به ……. والجهل بالله عین العلم فاعتبروا
ويقول أيضا: 
فما العلم إلا الجهل بالله فاعتصم  ……   بقولي فإني عن قريب أسافر
ومالي مال غیر علمي ووارث   ……  سري عين أولادي فذا المال حاضر

يقول تعالى : "ويحذركم الله نفسه" [آل عمران: 28] أي ذاته، أن تتفكروا فيها.
وقال صلى الله عليه وسلم :" تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في ذاته ". أخرجه الزبيدي .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله". رواه الطبري في الأوسط وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد و السيوطي فى الجامع و في صحيح الجامع الصغير للألباني
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار". أخرجه الزبيدي .

""وفى حقائق الأسماء للشيخ الأكبر قدس الله سره وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار وان الملأ الاعلى يطلبونه كما تطلبونه" فاشترك نوع الإنسان مع الملأ الاعلى فى الطلب واختلفا فى الكيفية لانهم يطلبونه بالأنوار العقلية لكونهم عقولا مجرده وهو جلت عظمته محتجب عن العقول فانى لهم سبيل الوصول الى أسرار الذات وحقائق الذات انتهى""
ومع هذا فما سلم أحد من التفكر في ذات الله تعالى إلا الرسل عليهم الصلاة والسلام.
فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، وأن الله ليس بكذا ولا كذا، ويحكم على الله بفكره.
فمنهم من يقول إنه جوهر ، ومنهم من يقول إنه ليس بجوهر، ومنهم من يقول إنه جسم، ومنهم من يقول إنه ليس بجسم، ومنهم من يقول إنه في جهة ، ومنهم من يقول إنه ليس في جهة، والكل مخطؤون، لا المثبت ولا النافي.
قال الشيخ الأكبر : ليس عندنا للغزالي زلة أكبر من هذه الزلة، فإنه تكلم في ذات الله تعالى من حيث النظر الفكري في كتابه "المضنون به على غير أهله" ، وفي غير المضنون، فأخطأ بكل ما قاله وما أصاب.

فجاء هو وأمثاله من المتصوفة بأقصى غاية الجهل، فإذا انكشف الغطاء بالموت أو في القيامة عن بعض من يعتقد من العباد أن الله كذا وكذا، وليس كذا ولا كذا، ويحكم على الله بذلك من حيث الهوية، ورأى صورة معتقده الذي كان يعتقده في الله في الحياة الدنيا، وهي صورة حق، فما هي بغير للحق تعالى ، فإنه سبحانه وسع اعتقاد كل مخلوق في صورة أنها الله فاعتقدها، ونسب الألوهية إليها، فإنه تعالى هو الذي تجلى لذلك المخلوق باسم إلهي في تلك الصورة.
فما كان الخطأ إلا في حصر الإله وتقييده بتلك الصورة، ويخطىء كل معتقد غيره في اعتقاده.
فإذا كان هذا البعض من العباد الذين يجزمون في اعتقادهم أن الله كذا وكذا، ولا يكون كذا وكذا ممن سبقت له العناية الإلهية ، وانكشف عنه الغطاء في ثاني حال بخلاف معتقده.
وانحلت العقدة التي كانت تحكم على الله بالتقييد والحصر في صورة معتقده لا غيره، فزال الاعتقاد والجزم بأن الله يكون كذا وكذا لا غير.
إذ حفيفة الاعتقاد في المشهود هو الحكم الجازم المقابل للتشكيك .

وقيل : هو التصور مع الحكم، فلما انحلت العقدة وزال الاعتقاد الأول الذي كان يحصر الحق ويقيده، وخالفته المشاهدة بالأمر على ما هو عليه من إطلاق الحق  تعالى وعدم تقييده، عاد الاعتقاد يحصر الحق علما بإطلاقه وعدم تقييده بسبب المشاهدة التي انكشف الأمر بها على ما هو عليه .
فالمعتزلي يجزم في اعتقاده أن الله لا يعرف ولا يرى في الآخرة، فهو إن جوزي باعتقاده هذا لا يعرف الله ولا يراه، وإن لم يجازه باعتقاده و انكشف له الغطاء ، بخلاف ما يعتقده في ثاني حال، فإنه يراه ويعلم أنه هو ضرورة.
وبعد احتداد البصر ونفوذه في المدركات البصرية في الدنيا لمن شاء الله وفي الآخرة لزوال المانع للأبصار لا يرجع محتد البصر كليل النظر متباعدا عن المقصود، يقال كل بصري كلا، إذا أعياه النظر إلى المقصود .

فإذا انكشف الغطاء بخلاف المعتقد لبعض العباد المعتني بهم فلا بد أن يېدو له ما لم يكن يحتسب، بسبب اختلاف التجلي في الصور المتعددة المختلفة عند الرؤية بعين البصر. ولا يتكرر التجلي في الصور أبدا، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فإن كل صورة من صور التجلي هي مظهر لاسم خاص بها، والأسماء الإلهية لا تكرار فيها ، بل كل اسم يختص بمعنى وإن تقاربت الأسماء وتشابهت.
فالعارف يعرف التجلي ويدرك الفرق بين صور التجلي، فهو يعرف من تجلی ولماذا تجلى، ويختص الحق بكيف تجلی، لا يعلم ذلك منك مقرب ولا نبي مرسل، لأن الهوية مجهولة، فكيفية تجليها في المظاهر الصورية غير حاصل لأحد.

فهذا الذي سبقت له العناية وانكشف عنه الغطاء، بخلاف معتقده، عاد بصره حديدا نافذا في صور التجلي غير كليل النظر ، فيصدق عليه في الهوية عند رؤية تجليها في الصور، وبدا لهم من إطلاق الهوية وتجلبها بكل صورة ما لم يكونوا يحتسبون فيها من الإطلاق وعدم التقييد والحصر بصورة اعتقاد دون غيرها قبل کشف الغطاء بخلاف المعتقد.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:07 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
قال رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم. ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها». وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غير أن )
قال رضي الله عنه :  (وقد ذكرنا في صورة الترقي بعد الموت) لأهل السير والسلوك في الدنيا لا اللذين ماتوا على الانقطاع عن الله تعالى للختم على قلوبهم (في المعارف الإلهية) التي هي عبادة الكمل من أهل الله تعالى إلى الأبد.
وإن كان لها عندهم في الدنيا إشارات جسمانية تسمى عبادات التكليف تنقطع بموت الجسد (فی کتاب التجليات) الإلهية (لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة) العارفين بالله تعالى (في الكشف و) ذكرنا (ما أفدناهم في هذه المسألة) وهي الترقي بعد الموت (مما لم يكن عندهم) من قبل ذلك.
وعبارته رضي الله عنه في كتابه المذكور في تجلي سريان التوحيد: 
رأيت ذا النون المصري في هذا التجلي وكان من أطراف الناس .
فقلت له: يا ذا النون عجبت من قولك وقول من قال بقولك: إن الحق تعالی بخلاف ما يتصور ويتمثل ويتخيل، ثم غشي علي، ثم أفقت وأنا أرعد.
 ثم رمزت وقلت : كيف يخلو الكون عنه والكون لا يقوم إلا به، وكيف يكون عين الكون وقد كان ولا كون، وكبف با حبيبي يا ذا النون وقبلته ، أنا الشفيق عليك لا تجعل معبودك عين ما تصورته.
ولا تخلي ما تصورته عنه، ولا تحجبك الحيرة عن الحيرة.
وقل ما قال، فنفى وأثبت : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى : 11] ليس هو عين ما تصور ولا يخلو ما تصور منه.
 فقال ذو النون : هذا علم فاتني وأنا حبيس، والآن قد سرح عني فمن لي به وقد قبضت على ما قبضت .
فقلت: يا ذا النون ما أريدك هكذا ومولانا وسيدنا يقول: "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " [الزمر: 47] . والعلم لا يتقيد بوقت ولا زمان ولا بنشأة ولا بحالة ولا بمقام .
فقال لي: جزاك الله خيرا عني قد بين لي ما لم يكن عندي وتجلت به وتحلت به ذاتي وفتح لي باب الترقي بعد الموت وما كان لي خبر منه جزاك الله خيرا وذكر من هذا القبيل أشياء كثيرة في كتابه المذكور وقعت له مع الجنيد والشبلي وابن عطاء والحلاج وغيرهم رضي الله عنهم.
قال رضي الله عنه :  (ومن أعجب الأمر أنه)، أي العبد مطلقا في الدنيا وفي الآخرة (في الترقي) في معرفة الله في الوجهة التي هو متوجه إليها والتجلي الإلهي الذي هو فيه من حضرة أي اسم كان في قبضة جمال أو قبضة جلال (دائما) في جميع الأحوال التي يكون فيها ولهذا تری کل متوجه إلى أمر متقن ذلك الأمر متزايد فيه كل وقت ما دام توجهه عليه السلام.
قال رضي الله عنه :  (ولا يشعر) ذلك العبد (بذلك)، أي بالترقي الدائم (للطافة الحجاب) بين نفسه الوهمية الثابتة وبين ربه المتحقق للوجود (ورقته)، أي الحجاب ولبس الحجاب إلا نفسه الوهمية الثابتة من غير وجود، وأحوالها الوهمية أيضا مثلها الثابتة من غير وجود، فيظن أنه الموجود الحقيقي لرقة الحجاب الذي هو نفسه بينه وبينه، حيث
ظهر له ذلك الموجود الحقيقي بصورة الحجاب الذي هو نفس العبد الحائلة بينهما ، والنفس مع كونها غير موجودة بل هي ثابتة مع أحوالها متبدلة في كل وقت.
 
قال تعالى: "بل هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15]، فكل خلق يأتي بحجاب عند الجاهل بل يأتي بظهور وتجلي، ويذهب بظهور وتجل عند العارف ، وكل حجاب أو ظهور ترقی بغیر شعور أو بشعور.
(و) لأجل (تشابه الصور) أيضا التي هي النفس وأحوالها والحجاب والظهور.
فإن كل وقت فيه صورة تشبه الصورة التي كانت قبلها وبعدها صورة تشبهها أيضا، وهكذا وليس الشبه في الصور من كل وجه بل من وجه واحد أو وجهين أو أكثر، بحيث تصدق المغايرة وهو أمر خفي لا يشعر به إلا العارف إذا علم الأسماء الإلهية، وعلم تجلياتها .
قال رضي الله عنه :  (مثل قوله) تعالى في ثمر الجنة (وأتوا)، أي آتاهم الله تعالى (به متشابها)، أي يشبه بعضه بعضا غير أنه لا بس في الآخرة واللبس في الدنيا .
قال رضي الله عنه :  (وليس هو)، أي الشأن الواحد من الأشياء المتشابهة (عين) الشيء (الآخر) ولهذا تعددت (فإن الشبيهين) تثنية شبيه وهو المشابه (عند العارف) بالله تعالى (من حيث إنهما شبیهان غیران)، أي كل واحد منهما مغايرة للآخر وهكذا إذا حكم بالشبه بينهما فإنه يلزم من ذلك المغايرة بينهما أيضا .
وإن حكم بالاتحاد لم يكن بينهما شبه فلم تكن مغايرة والخلق جديد مع الأنفاس وإن كان الجاهل عنه في الالتباس كما قال تعالى: "بل هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15]، ولا معنى لتجديد الخلق إلا تكراره والحس يقضي بالشبه المقتضي للمغايرة كما ذکر.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
قوله رضي الله عنه  : (وقد ذكرناه صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا بعض من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف) وهي أكابر الأولياء كالجنيد والشبلي وأبي يزيد وغيرهم (وما) أي الذي (أفدناهم في هذه المسألة مما) أي من الذي لم يكن عندهم، فقد استفادوا هذه المسألة من الشيخ بعد الموت فيحصل الترقي في العلم بالله بعد الموت (ومن أعجب الأمور أنه) أي الإنسان ثابت (في الترقي دائما) من ابتداء سيره إلى انتهائه بحسب العوالم باعتبار كل يوم هو في شأن فيترقی الإنسان من شأن إلى شأن آخر .
قال رضي الله عنه : (ولا يشعر بذلك) الترقي (للطائفة الحجاب ورقته) فإن الترقي حجاب لطيف ورقيق لا يشعر به صاحبه في كل زمان فرد ولا يشعر بذلك (لتشابه الصور مثل قوله تعالى: «وأتوا به، متشابها" (البقرة: 25] .
في حق أهل الجنة فإن عدم تميزهم بين الأثمار لإتيانها متشابها في الصور فلذلك قالوا عند الآيتان : "هذا الذي رزقنا من قبل " .
قال رضي الله عنه : (وليس هو) ضمير شأن أسم ليس (الواحد) مفسر له (عين الآخر) خبره أي وليس ذلك المشابه الواحد عين المشابه الآخر (فان الشبيهين عند العارف) من حيث (انهما شبیهان) قوله : (غير أن) خبر أن في قوله فإن الشبيهين وشبيهان خبر أن في قوله أنهما

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
قال رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم. ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».  وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران )
 
قوله في الهوية: إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب.
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة.
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)

قال رضي الله عنه : « وقد ذكرنا صورة الترقّي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب « التجلَّيات » لنا عند ذكرنا بعض من اجتمعنا [ به ] من الطائفة في الكشف ، وما أفدناهم في هذه المسألة ممّا لم يكن عندهم ، ومن أعجب الأمر أنّه » أي الإنسان « في الترقّي دائما ولا يشعر بذلك ، للطافة الحجاب ورقّته وتشابه الصور مثل قوله : " وَأُتُوا به مُتَشابِهاً " وليس هو الواحد عين الآخر ، فإنّ الشبيهين عند العارف من حيث إنّهما شبيهان غير ان".
قال العبد : اعلم أنّ للعبد من حيث استعداده الذاتيّ استعدادات غير متناهية ، مجعولة بحسب التجلَّيات والآنات وأطوار الوجود دنيا وآخرة برزخا وحشرا وفي الجنان ولثبت الرؤية وغيرهما من حيث يشعر ولا يشعر .
وكلّ ما دخل في الوجود ووجد صار واجب الوجود بواجب الوجود لذاته بذاته ، فلا ينقلب أبدا عدما ، فهو مع الآنات في الترقّي ، فإنّه دائم القبول للتجلَّيات الوجودية الدائمة أبد الآباد ، ولكنّه قد لا يشعر بذلك إن كان من أهل الحجاب ، للطافته ورقّته .
وأنّه أبدا في تجلَّيات تتوالى عليه ، وتزداد - بكل استعداد لتجلّ - تجلَّيات أخر علمية أو شهودية أو حاليّة أو مقامية أو جمعا أو أحدية جمع ، ولتشابه صور التجلَّي لا يعثر على ذلك كالأرزاق التي تؤتى بها متشابهة ، " كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا من قَبْلُ " ومعلوم أنّ هذا الرزق الآتي في زمان غير الآتي في غيره ، والكلّ رزق.
والفرق بين التعيّنات ظاهر وبيّن عند أهل الكشف ، خفيّ عند أهل الحجاب ، لأنّ الشبيهين على كل تقدير ، بينهما تغاير في التعيّن ، فهما غيران ، ولكنّ الصحيح لا يقتضي الغيرية في الحقيقة ، لكون العين واحدة مترائية ومتظاهرة في صور متشابهة غير متناهية من الكثرة .
كما أنّ مدلول القادر والخالق والرازق إنّما هو الله ، فإنّه هو الرزّاق القادر الخالق ، ولكن صور التجلَّي من جهة القادرية والخالقية والرازقية متغايرة ، والمسمّى واحد بلا خلاف .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
 قوله رضي الله عنه : (وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا ، عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف ، وما أفدناهم في هذه المسألة مما لم يكن عندهم ، ومن أعجب الأمر أنه في الترقي دائما ، ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ورقته وتشابه الصور مثل قوله : " وأُتُوا به مُتَشابِهاً ") .
 أي من أعجب أحوال الإنسان أنه في الترقي دائما من أحوال استعداد عينه ، فإن أحوال الأعيان أمور معلومة عند الله ثابتة في القوة يخرجها الله إلى الفعل دائما ، فيجعل من الاستعدادات الأزلية الغير المجعولة استعدادات مجعولة غير متناهية بحسب الأطوار في الدنيا والآخرة والبرزخ والحشر ودار الثواب وكثيب الرؤية وسائر المواطن من حيث لا يشعر ومن حيث يشعر ، ولما ثبت أن الوجود من حيث هو وجود واجب بذاته ، وكل ما وجد وجد به فلا يقبل العدم أبدا فهو مع الآنات يتجدد ويترقى ، فكل شيء في الترقي مع الآن لأنه دائم القبول للتجليات الإلهية الوجودية أبد الآباد ، وبكل تجل يزداد قبوله لتجل آخر .
"" أضاف بالي زادة :  (ومن أعجب الأمور أنه ) أي الإنسان ثابت ( في الترقي دائما ) من ابتداء سيره إلى انتهائه بحسب العوالم باعتبار - كُلَّ يَوْمٍ هُوَ في شَأْنٍ "   فيترقى الإنسان من شأن إلى شأن ( ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ) فإن الترقي حجاب لطيف لا يشعر به صاحبه في كل زمان فرد ( وتشابه الصور مثل قوله -  "وأُتُوا به مُتَشابِهاً " ) في حق أهل الجنة فإن عدم تميزهم بين الأثمار لإتيانها متشابهة في الصور ، فلذلك قالوا عند الإتيان –" هذَا الَّذِي رُزِقْنا من قَبْلُ "  اهـ بالى . ""
 
ولكنه قد لا يشعر بذلك لاحتجابه أو للطافة حجابه ورقته ، وقد يشعر لكونها تجليات علمية أو ذوقية خيالية أو مقامية أو وجدانية أو شهودية جمعا وجمع جمع أو أحدية جمع وفرق ، وقد تتشابه صور التجليات فلا تتميز ولا تنضبط كما في الأرزاق في قوله : " كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا من قَبْلُ وأُتُوا به مُتَشابِهاً " .

قال رضي الله عنه : " وليس هو الواحد عين الآخر ، فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان غيران ".
الضمير في ليس وعين الآخر خبر بعد خبر ، أي وليس الرزق في الأزمنة رزقا واحدا حتى يكون هذا عين الآخر لأن الشبيهين غيران عند أهل التحقيق متشابهان فكذلك التجليات المتعاقبات ، وأن بالفتح في أنهما مع اسمها وخبرها مبتدأ وخبره الظرف المقدم أو فاعل الظرف ، والجملة الظرفية خبر إن بالكسر وغيران بدل من شبيهان أو صفة بمعنى متغايران .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
قال رضي الله عنه : (وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية ، في كتاب التجليات لنا ، عند ذكرنا بعض من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف . وما أفدنا هم في هذه المسألة مما لم يكن عندهم . )
ولما كان ظهور الحق في صور ما كان يعتقد أن الحق يتجلى بها ترقيا حصل للعبيد بعد انتقالهم إلى دار الآخرة ، أكد بما وقع له في بعض مكاشفاته من أنه أفاد أكابر الأولياء ، كالجنيد والشبلي وأبى يزيد وغيرهم قدس الله أسرارهم ، وحصل لهم الترقي بعد الموت .
وهذا ( الترقي ) ليس مخصوصا بطائفة دون طائفة ، لأن العارفين ببعض التجليات يحصل لهم البعض الآخر ، فيحصل لهم الترقي .
وكذلك المحجوبون من المؤمنين والمشركين والكافرين : فإن انكشاف الغطاء عنهم ترق ، وظهور أحكام أعمالهم ترق ، وشهود أنواع التجليات ، وإن لم يعرفوا حقيقتها ، ترق ،
وحصولهم في البرازخ الجهمية والجنانية أيضا ترق ، لوصولهم فيها إلى كمالهم  الذاتي ، وارتفاع العذاب عنهم بعد انتقام ( المنتقم ) منهم ترق ، وشفاعة الشافعين لهم ترق . ولولا مخافة التطويل ، لأوردت مراتب الترقيات في الآخرة مفصلا ، وللعارف غنية فيما أشرت إليه .
فقوله تعالى  : "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " .
إنما هو العمى عن معرفة الحق لا غير ، لأن الحق متجل دائما أبدا ، وهو أعمى عنه .
فإذا انكشف الغطاء ، ارتفع العمى بالنسبة إلى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها ، لكن لا يرتفع العمى بالنسبة إلى معرفة الحق .
وقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم ، انقطع عنه عمله إلا عن ثلاث " لا يدل
على عدم الترقي ، لأنه ليس بالعمل ، بل بفضل الله ورحمته ، والعمل أيضا مستند إليه .
ولئن سلم ذلك ، فهو يدل على أن الأشياء التي يتوقف حصولها بالأعمال لا تحصل له إلا بالعمل ، لا مالا يتوقف عليها مما سبقت له العناية الأزلية على حصوله بلا عمل . والاطلاع بأحوال غيره من السعداء والأشقياء أيضا من مراتب الترقي . والله أعلم بالحقائق 
ولكون الترقي ليس مخصوصا بطائفة وموطن معين وزمان خاص .

قال رضي الله عنه : (ومن أعجب الأمر أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك ، للطافة الحجاب ورقته وتشابه الصور مثل قوله : "وأتوا بها متشابها " . )
أي ، ومن أعجب الأحوال أن الإنسان دائما في الترقي من حين سيره من العلم إلى العين ، فإن عينه الثابتة لا تزال تظهر في صورة كل من مراتب النزول والعروج ، وفي جميع العوالم الروحانية والجسمانية في الدنيا والآخرة ، وكل صورة ظهرت هي فيها ، كانت بالقوة فيها ، وحصولها بالفعل بحسب استعداداتها الكلية والجزئية من جملة ترقياته ، فلا يزال في كل آن مترقيا ولا يشعر به في كل زمان جزئي ، وإن كان يشعر به بعد مدة ، أو لا
يشعر به أصلا .
وذلك لتشابه الصور التي تعرض على عينه في كل آن ، إذا كانت من جنس واحد ، كما تشابه عليهم صور الأرزاق .
قال تعالى : " كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا بها متشابها"
قوله رضي الله عنه  : ( للطافة الحجاب ورقته ) أي ، ولا يشعر بصورة الترقي ، للطافتها ورقتها . وإنما جعلها ( حجابا ) ، لكون صور المراتب كلها حجبا للذات الأحدية :
 منها حجب نورانية ، ومنها حجب ظلمانية ، كما قال ، صلى الله عليه وسلم :
قال صلى الله عليه وسلم   : "إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة ، لو كشفها ، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره" .

قال رضي الله عنه :  (وليس هو الواحد عين الآخر ، فإن الشبيهين عند العارف من حيث إنهما شبيهان غيران . )
يجوز أن يكون ( هو ) تأكيدا للضمير المستتر . و ( الواحد ) عطف بيان له .
و ( عين الآخر ) خبر ( ليس ) . ويجوز أن يكون ( هو ) بمعنى ذلك ، كما استعمل الشاعر بقوله :  فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق أي ، كان ذلك .
والإشارة إلى ( الحجاب ) أي ليس ذلك الحجاب الواحد عين الحجاب الآخر ، يعنى ، ليس تلك الصورة عين الصورة الأخرى ، لأن الشبيهين غيران ، إذ لا يمكن أن يكون الشئ الواحد شبيها لنفسه . فهما من حيث أنهما شبيهان غيران .
فقوله : ( غير ان ) خبر ( إن ) بالكسر . و ( شبيهان ) خبر ( أن ) بالفتح .
تقديره : فإن الشبيهين غيران من حيث أنهما شبيهان .
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:08 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
قال رضي الله عنه :  وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في کتاب «التجليات» لنا عند ذكرنا بعض من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف) أي: في وقت کشف أرواحهم في تلك التجليات التي كانوا فيها، وذكرنا فيه .
(ما أفدناهم في هذه المسألة مما لم يكن عندهم) : فذكر رضي الله عنه  ما جرى بينه وبين الحلاج في تجلي العلة،
وبين ذي النون المصري في تجلي سريان التوحيد،
 وبين الجنيد في تجلي التوحيد.
وبين يوسف بن الحسين في تجلي ذي التوحيد.
وبين ابن عطاء في تجلي من تجليات المعرفة.
 وبين سهل بن عبد الله التستري في تجلي نور الغيب.
وبين المرتعش في تجلي من تجليات التوحيد.وأفاد هؤلاء ما لم يكن عندهم.
وذكر ما جرى بينه وبين علي بن أبي طالب في تجلي النور الأحمر.
وبين أبي بكر الصديق في تجلي النور الأبيض خلف سرادق الغيب.
وبين عمر في تجلي النور الأخضر خلف سرادق الحق.
واستعاذ من هؤلاء ولم أورد تفصيل ذلك التطويل.
 
قال رضي الله عنه : ( ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ورقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها». وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ،)
ثم أشار إلى أن الترقي في المعارف الإلهية ليس بطريق الكسب المحتاج إلى الآلات حتى ينقطع بالموت، بل بطريق الوهب، وامتناع تكرر المتجلي يمنع بقائه زمانين؛ بل غايته أنها تجليات متشابهة في الظاهر وبعضها أرفع من بعض؛ فقال: (ومن أعجب الأمر) أي: أمر التجلي الشهودي (أنه في الترقي دائما) حال اختلافه واتفاقه ضرورة أن كل تجلي ترق من أدنى إلى أعلى إذ إلى الأدنى يكون حجبا، وإلى المساوي منعا للفضل الإلهي مع وجوب تحققه في التجلي الشهودي؛ ولكنه قد (لا يشعر بذلك للطافة الحجاب) الكائن أو" المرتفع .
ثانيا، وليست هذه اللطافة بمعنى أنه لطف بالمتجلی له؛ لئلا تحرقه سبحات وجه المتجلي؛ بل بمعنی (رقته)؛ لأنه لم يرتفع بذلك المعني.
(وتشابه الصور) أي: الصور التجليات بحيث لا يعرف أن الثاني غير الأول؛ فهذا التشابه في صور التجليات (مثل) التشابه في ثمار الجنة التي مبدؤها هذه التجليات، وهو المذكور في (قوله تعالى: "وآتوا به متشابها " [البقرة:25]، وليس هو)
أي: المتشابه (الواحد) بدل من هو (عين الآخر)، وإن توهم عينيته، فكذا في التجلي (فإن الشبيهين عند العارف)، وإن اتحدا بحسب العين (من حيث إنهما شبيهان غیران) لامتناع تشبيه الشيء بنفسه ولا ينافي هذا مذهبه في التوحيد.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)
 
التكامل بعد الموت
ثمّ إذ قد استشعر أن يقال هاهنا : كيف يصحّ ذلك وبعد الموت ينبت على العبد مدارج ترقّيه وينقطع انتظام أسبابه ؟
قال رضي الله عنه  : (وقد ذكرنا صورة الترقّى بعد الموت في المعارف الإلهيّة)
خاصّة ( في كتاب التجلَّي لنا ، عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف ، وما أفدناهم في هذه المسئلة مما لم يكن عندهم ومن أعجب الأمر أنّه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ورقّته ) .
فإنّ التخالف بين الصور وتمايزها إنّما يترتّب على قوّة الحجاب الكوني وكثافته - كما سبق تفصيل ذلك في المقدّمة .
 
 الكثرة في الوحدة وعكسها
ثمّ إنّ تلك الحجب الكونيّة يوم القيامة إذ لطفت لزمها عدم التمايز ( وتشابه الصور ، مثل قوله تعالى : " وَأُتُوا به مُتَشابِهاً ") في الآية الكريمة الكاشفة عن أمر غذاء أهل القيامة وأرزاقهم القائلة ("كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من ثَمَرَةٍ ") متجدّدة ( رِزْقاً ) خاصّا ( قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا من قَبْلُ ) * بعدم التمايز بين صور الأرزاق وغلبة قهرمان المعنى فيها ( وَأُتُوا به مُتَشابِهاً ) .
( وليس ) ذلك الرزق المتشابه ( هو الواحد عين الآخر ، فإنّ الشبيهين - عند العارف - أنّهما شبيهان غيران ) أي الأمران المتشابهان عند العارف لهما حكمان :
أحدهما التشابه والتناسب ،
والآخر التغاير والتخالف .
فـ « هو » ضمير الفصل و « الواحد » خبر ليس و « عين الآخر » خبر آخر له ، ف « أنّ » المفتوحة مع معمولها مفعول العارف ، والظرف معمول الشبيهين و " غيران " خبر أنّ .
وفي بعض الشروح: « من حيث أنّهما شبيهان » هكذا صحّحه ، وذلك كأنّه الحاق من الشارح .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران)
 
قال رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم. ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها». وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما ، شبيهان، غيران )
 
قال رضي الله عنه :  (وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف) كذي النون المصري والجنيد وسهل بن عبد الله ويوسف بن الحسين والحلاج قدس الله أسرارهم (وما أفدناهم في هذه المسألة)، أي مسألة المعارف الإلهية (ما لم يكن عندهم) لما يدل على عدم الترفي بعد الموت من قوله تعالى: "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا" إنما هو بالنسبة إلى معرفة الحق لمن لا معرفة له أصلا ، فإنه إذا انكشف الغطاء ارتفع العمى بالنسبة إلى دار الآخرة ونعيمها وجحيمها والأحوال التي فيها.
 
وأما قوله عليه السلام : "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " رواه ابن خزيمة وابن حبان وغيرهم .
فهو يدل على أن الأشياء التي يتوقف حصولها على الأعمال لا تحصل ، وما لا يتوقف عليها بل تحصل بفضل الله ورحمته فقد تحصل، وذلك في مراتب الترقي.
 
قال رضي الله عنه :  (أنهما شبیهان غیران) إذ لا يمكن أن يكون شيء شبيهة لنفسه فقوله: غيران خبر المكسورة، وشبيهان خبر أن المفتوحة، وهي مع اسمها وخبرها مفعول العارف، وفي بعض النسخ من حيث أنهما شبيهان، وكأنه إلحاف ممن لم يتضح المعنى عنده والتعويل على ما ذكرناه أولا فإنه الموافق لما في النسخة التي قوبلت بحضور الشيخ رضي الله عنه .
 
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم.
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان،غيران)

قول سیدنا رضي الله عنه : (وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة مما لم يكن عندهم).
يقول رضي الله عنه : قد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية، حيث كان العلم لا يتقيد بوقت ولا بمكان ولا بنشأة ولا بحالة ولا بمقام، في كتاب التجليات لنا، وهو كتاب لو كتب بماء العيون كان قليلا في حقه.
وهو أحق بقول القائل :
هذا كتاب لو يباع بوزنه     …..   ذهبا لكان البائع المغبونا
ذكر فيه سبعة وتسعين تجليا، أودع فيها من الحقائق والعلوم الإلهية ما لا يصدر إلا منه، ولا أقول لا يصدر إلا من مثله، فافهم.
وذكر فيه من اجتمع به من الطائفة العلية أهل الله المشهورون بالمعارف الإلهية في أزمنتهم، اجتمع لهم في الكشف لأن أرواح الكل في البرزخ غير مقيدة كأرواح غيرهم فإذا توجه الكامل إلى روح من أرواح الكمل أو غيرهم اجتمع به اجتماعا روحانیا محققا أحق من اجتماع الأجسام، وقد عن لي أن أذكر بعض من اجتمع به سیدنا من الحمل بعد الموت، وما جرى بينه وبينهم، وما أفادهم، تتميما للفائدة.
ولتعلم منزلة سیدنا عند الله ومرتبته وتقدمه بين أولياء الله ، وأ نفوس الطالبين لهذا العلم تتشوف إلى الاطلاع على ذلك.
وقد أعرب رضي الله عنه عن منزلته وتقدمه على الأولياء رضي الله عنهم تحدثا بنعمة الله بقوله:
ليس من لوح بالوصل له    …..        كالذي سير به حتى وصل
لا ولا الواصل عندي مثل من  …..   قرع الباب وللدار دخل
لا ولا الداخل عندي كالذي    …..    سارروه وهو للسر محل
لا ولا من سارروه كالذي     …..   صار إياهم فدع عنك العلل
فأما اجتماعه بالشبلي رضي الله عنهما :
 وكان الشبلي توفي سنته، فقد قال رضي الله عنه :  في تجل ثقل التوحيد الموحد من جميع الوجوه لا يصح أن يكون خليفة، فإن الخليفة مأمور بحمل أثقال المملكة كلها، والتوحيد يفرده إليه ولا يترك فيه منسقا لغيره.
وقلت للشبلي في هذا التجلي : يا شبلي التوحيد يجمع والخلافة تفرق.
فالموحد لا يكون خليفة مع حضوره في توحيده.
فقال لي: هو المذهب فأي المقامين أتم؟
فقلت : الخليفة مصدر في الخلافة، والتوحيد الأصل.
فقال لي: هل لذلك علامة؟
قلت: نعم. قال لي: وما هي؟
قلت : قل فقد قلت , فقال لي: الآن يعلم شيئا ولا يريد شيئا ولا يقدر على شيء، حتى لو سئل عن التفرقة بين يده ورجله لم يدر ، ولو سئل عن أكله وهو يأكل لم يدر أنه أكل، وحتى لو أراد أن يرفع لقمة لم يستطع ذلك لوهنه وعدم قدرته .
فقبلته وانصرفت.
قال الشيخ نفسه في شرحه لهذا التجلي كما نقله عنه تلميذه إسماعيل بن سودکین :
قال تعالى : "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " [المزمل: 5].
ومن وجوه معاني ذلك أن يؤمر بالتوحيد مع كونه لا ينال حقيقته، فلا يبق الطلب إلا للتوحيد الذي يدرك وينال، وهو توحيد الألوهية، وفيه تتنوع الأشياء، وإذا تنوعت عليه المطالب تکثرت وثقلت عليه لكونها تخالف مقصوده الذي هو التوحيد .
والموحد من جميع الوجوه لا يصح أن يكون خليفة، لأن المستخلفين يطلبونه بوجوه كثيرة وأحكام متعددة .
قال جامع هذا الشرح الشيخ إسماعيل: وأما سکوت شیخنا على الشبلي عند سؤاله إياه فما هي؟!
وقول الشيخ له قل فقد قلت. أراد شيخنا به قول الحقائق، وهو لسان السكوت في موطن السكوت، فيكون السكوت في موطنه عين الجواب، أي ما يقابل التوحيد إلا العلم الذي توجهت الإشارة إليه بالسكوت .
فأخذ الشبلي يعبر عن إشارة الشيخ بسكتة عندما تحقق بلسان الإشارة .
فرضي الشيخ له بالتحقيق في ذلك المقام وقبله في فيه.
وأما اجتماعه منصور الحلاج  رضي الله عنهما .
وقد صلب الحلاج سنة 309 هجرية فقال رضي الله عنه في تجلي الغلبة :
رأيت الحلاج في هذا التجلي فقلت له: يا حلاج، هل تصبح عندك علية له وأشرت فتبسم .
فقال : تريد قول القائل : يا علة العلل، یا قديم لم يزل.
فقلت: نعم، فقال : هذه قولة جاهل : أعلم أن الله خلق العلل رئيس بعثة ، كيف يقبل العلية من كان ولا شيء، وأوجد من لا شيء، وهو الآن كما كان ولا شيء، جل وتعالى لو كان علة لارتبط ، ولو ارتبط لم يصح له الكمال تعالی الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا.
قلت : هكذا أعرفه .
قال : هكذا ينبغي أن تعرف، فاثبت.
قلت : كيف ترکت بيتك يخرب؟
فتبسم وقال : لما استطالت عليه أيدي الأكوان فأخليته فأفنيت ثم أفنيت ثم أفنيت، وأخلفت هاروت في قومي فأستضعفوه لغيبتي فأجمعوا على تخريبه ، فلما هدوا من قواعده ما هدوا وأرددت إليه بعد الفناء فأشرفت عليه وقد حلت به المثلاث، فأنفت نفسي أن أعمر بيتا تحكمت به أيدي الأكوان، فقبضت فيضي عنه ، فقيل مات الحلاج، والحلاج ما مات، ولكن البيت خرب والساكن ارتحل .
فقلت له : عندي ما تكون به مدحوض الحجة.
فأطرق، وقال : "وفوق كل ذي علم عليم" [اليوسف: 76].
لا تعرض، فالحق بيدك وذلك غاية . وسعي فتركته وانصرفت.
قال الشيخ في شرحه لهذا التجلي: لما اجتمعت بالحلاج رحمه الله وسألته عن العلية هل تصح عنده أم لا.
فقال : هي قولة جاهل، يعني أرسطو، ثم تنزه تنزيها حسنا.
فقلت عند سماعي بتنزيهه : هكذا أعرفه!
فقال : هكذا ينبغي أن تعرف، فأثبت فينبغي للمتناظرين إذا ادعى أحدهما القوة في أمر ما أن يدخل عليه الآخر، في ذلك المقام، شبهة لا يعلمها فيفضحه في دعواه من نفسه، ويربح حينئذ مؤنة التعب.
ولما قال الحلاج للشيخ : أثبت، ولم يكن مقامه يقتضي به هذا القول الشيخ.
قال له : لم تركت بيتك يخرب؟
فتبسم عند سماعه إشارة الشيخ و أجاب بما لا يطابق مقصود الشيخ وإشارته .
فقال له الشيخ حينئذ، لما كفاه مؤنة نفسه بجوابه : عندي ما تكون به مدحوض  الحجة ، فعرف حينئذ الإشارة وعرف ما كان حصل منه، فأطرق. وأما اجتماعه بأبي قاسم الجنيد - رضي الله عنهما .
وقد توفي الجنيد سنة إحدى وتسعين ومائتين، فقال في تجلي بحر التوحيد: 
للتوحيد، وهو لجة وساحل، فالساحل ينقال واللجة لا تنقال.
والساحل يعلم واللجة تذاق.
وقفت على ساحل هذه اللجة ورميت ثوبي وتوسطتها فاختلفت على الأمواج بالتقابل ومنعتني من السباحة فبقيت واقفا بها لا بنفسي ، فرأيت الجنيد فعانقته وقبلته، فرحب بي وسهل .
فقلت : متى عهدك بك؟
فقال لي : منذ توسطت هذه اللجة نسيتني فنسيت الأمد.
فعانقني وعانقته و غرقنا، فمتنا موتة الأبد، فلا نرجو حياة ولا نشورا.
قال الشيخ في شرحه لهذا التجلي : 
ساحل التوحيد هو توحيد الدليل، وهو الذي ينقال. وتوحيد الذات هو اللجة، وهو الذي لا ينقال.
قوله : (ورميت ثوبي) أي تجردي عن هیکلي وبقيت مع اللطيفة ، فتوسلت اللجة، أي طلبت الذات، وهو توحيد العين .
وقوله : (لقيت الجنيد) أي له مشاركة في هذا المقام ، وإذا كان فيه فقد تجرد عن هيكله كما تجردت.
فقلت له : متى عهدك بك؟ أي متى تجردت عن هيكلك.
 قال : منذ توسطت هذه اللجة نسيتني فنسيت الأمد. وذلك أن الأمد إنما يجري على الهيكل الذي هو میزان الأزمان، فلا يعرف الأمد الأن.
وقول الشيخ : (فعانقني وعانقته وغرقنا فمتنا مونة الأبد). الموت ها هنا حياة الأبد، أي متنا على توحيد الدليل، فلا يجيء منا خلف لأحدية أعياننا، فمحال أن ترجع إلى توحيد الدليل، فلهذا قلنا لا نرجو حياة ولا نشورا.
وقال رضي الله عنه في تجلي المناظرة :
لله عبيدا أحضرهم الحق - تعالى - فيه ثم أزالهم بما أحضرهم، فكان الحضور عين الغيبة، والغيبة عين الحضور، والبعد عين القرب، والقرب عين البعد، وهذا مقام اتحاد الأحوال.
واجتمعت بالجنيد في هذا المقام وقال لي: 
المعنى واحد. فقلت له: لا ترسله، بل ذلك من وجه، فإن الإطلاق فيه يناقض الحقائق.
فقال : غيبته شهوده وشهوده غيبته. 
فقلت له : الشاهد شاهد أبدا، و غيبته إضافة ، والغيب غيب لا شهود فيه، لا تدركه الأبصار.
فالغائب المشهود غيبة إضافية.
فانصرف وهو يقول: الغيب غائب في الغيب، وكنت وقت اجتماعي به في هذا المقام قریب عهد بسقيط الرفرف بن ساقط العرش، في بيت من بيوت الله تعالى وفي هذا المشهد يجتمع الضدان لأنه أزالهم بما به أحضرهم من الوجه الذي أحضرهم.
وإذا تحقق العبد بذوق هذا التجلي حكم على الحق تعالى في كونه ظاهرا، وهو باطن من ذلك الوجه الذي هو به ظاهر.
 
وكذلك حكم كونه أول من الوجه الذي هو آخر، لا من وجهين مختلفين ولا بنسبتين. 
وليس للعقل في هذا المشهد مجال، وكذلك يعلم المحقق بعد هذا المشهد كيف تضاف النسب إلى الله - تعالى - من عين واحدة، لا في الوجوه المختلفة التي يحكم بها العقل في طوره . وهذا المشهد من مشاهد العثور الذي وراء الطور العقلي.
وهذا المشهد هو مقام اتحاد الأحوال.واجتمعت فيه بالجنيد رحمه الله تعالى .
فقال لي : المعنى واحد.
فقلت له : في هذا المقام خاصة، لا في كل مقام، فلا ترسله مطلقا یا جنید، فإن الظاهر والباطن من حيث الحق واحد.
وأما من حيث الخلق فلا ، فإن نسبته الظاهر من الحق إلى الخلق غير نسبته الباطن دليلان مختلفان بالنظر إلى الخلق .
فلا يقال فيهما أنهما أحد في كل مرتبة، فلهذا قلنا لا ترسله .
فقال الجنيد: غيبته شهوده .
فقلت له : الشاهد شاهد أبدا، وغيبته إضافة ، والغيب غيب لا شهود فيه .
فشهود الحق تعالى إنما هو من غيبه الإضافي، وأما الغيب المحقق فلا شهود فيه أبدا.
فهو الغيب المطلق، ولو غاب عن الله تعالى لغابت نفسه.
لكن لا يصح أن يغيب عنه شيء، فهو سبحانه يشهد نفسه لا كشهودنا، فإن الشهود والحجاب وجميع الأحكام في حقنا نسب وإضافات وأحكام مختلفة.
وهو سبحانه أحدي الذات ليس فيه سواه ولا في سواه شيء منه ، وإنما هذه السنة التعريف يطلبها العارفون للتوصيل والتقريب والتأنيس والتشوق.
وقوله : "لا تدركه الأبصار" [الأنعام: الآية 103]
فالغائب المشهود من غيبه ليس تخصيص الأبصار بنفي الإدراك عنها.
فنفى الإدراك عن الأبصار التي هي أمام العقل، لأن العقل تلميذ بين يدي الحس عند المحققين.
فلما انتمي الإدراك عن البصر الذي هو الوصف الأخص كان العقل أبعد دراگا وأبعد إلى آخر ما قال . فقد أطال في شرحه لهذا التجلي .
وقال في تجلي توحيد الربوبية : 
رأيت الجنيد في هذا التجلي فقلت له : يا أبا القاسم، كيف تقول في التوحيد؟
يتميز العبد من الربا وأين تكون أنت عند هذا التمييز ؟
لا يصح أن تكون عبدا ولا أن تكون ربا، فلا بد أن تكون في بينونة تقتضي الاستشراف والعلم بالمقامين مع تجردك عنهم. فخجل وأطرق.
فقلت له : لا تطرق، نعم السلف کنتم لنا، ونعم الخلف كنا لكم .
الحظ الألوهية من هنالك تعرف ما أقول، للألوهية توحيد و للربوبية توحيد يا أبا القاسم.
 قید توحيدك ولا تطلق ، إن لكل أسم توحيدا وجمعا.
فقال له : كيف بالتلاق وقد خرج عنا ما خرج، ونقل عنا ما نقل!
فقلت له: لا تخف، من ترك مثلي بعده فما فقد أنا النائب، وأنت أخي.
فقبلته ، فعلم ما لم يكن يعلم وانصرفت.
و اجتماعه بذي النون المصري رحمه الله وقد توفي ذو النون سنة خمسة وأربعين ومائتين ، وعاش تسعين سنة.
فقال في تجلي سريان التوحيد: 
رأيت ذا النون المصري في هذا التجلي، وكان من أظرف الناس .
فقلت له: يا ذا النون، عجبت من قولك وقول من قال بقولك، إن الحق بخلاف ما يتصور ويتمثل ويتخيل، ثم غشي علي، ثم أفقت وأنا أرعد، ثم زفرت
وقلت : كيف تخلي الكون منه والكون لا يقوم إلا به؟
وكيف يكون عين الكون وقد كان ولا كون يا حبيبي با ذا النون.
وقلت له : أنا الشفيق عليك، لا تجعل معبودك عين ما تصورته، ولا تخفى عنه ولا تحكي ولا تحجبك الحيرة عن الحيرة .
وقل ما قال فتفي وأثبت:" ليس كمثله شيء وهو السميع العليم" [الشورى: 11 ].
أليس هو عين ما تصور ولا يخلو ما تصور عنه.
قال ذو النون : هذا علم فاتني، وأنا حبيس الآن، وقد برح عني، فمن له به وقد قبضت على ما قبضت !!
فقلت : يا ذا النون ما أريدك، هكذا مولانا وسيدنا يقول:" وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: 47].
والعلم لا يتقيد بوقت ولا بمكان ولا بنشأة ولا بحالة ولا بمقام.
فقال : جزاك الله خيرا، فقد أبنت لي ما لم يكن عندي، وتحلت به ذاتي، وفتح له باب الترقي بعد الموت، وما كان عندي من خير، فجزاك الله خيرا؟
قال الشيخ في شرحه لهذا التجلي :
أما سريان التوحيد فهو قوله تعالى: "وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه " [الإسراء: الآية 24].
وذلك أنه ما عبد حيث ما عبد في كل معبود إلا الإلهية. 
ورتب الله تكوين الأسباب عندها غيرة أن يكون جناب الإلهية مهتضما.
وكذلك دل الشريك لكونه واسطة إلى الإله، فعبد عن نسبة الإلهية.
فصاحب الشريك أكثف حجابا وأكثر عذابا لأنه أخطأ الطريقة المخصوصة بنسبة الإلهية إلى ما لم يؤمر بنسبته إليه.
وأخطا بإضافة الشريك الذي يقربه إلى الله زلفى. 
وقوله : رأيت ذا النون في هذا التجلي هو القول ذي النون و غیره مهما تصور في قلبك وتخيل في ذهنك، بالله بخلاف ذلك.
قال : وهذا الكلام مقبول من وجه، مردود من وجه، فرده من كونك أنت الذي تصوره في وهمك وتصنعه في ترکيبك.
وأما وجه قبوله فإنه إذا قام عندك ابتدأ من غير تعمل له ولا تفكر فيه، فذلك تجل صحيح في عالم المثال، لا يصح أن ينكر ولا يرد.
فاعلم أن جميع الأكوان على علم صحيح بالله تعالى فلا ينطق إلا من حقيقة، ولا يقع منها غلط أصلا، ما عدا الإنسان فإنه کثير الغلط في الألوهية. فالصور مظاهر من مظاهر الحق - سبحانه.
فلا يصح أن يخلو منه كون أصلا، فإنه متى أخليت عنه الكون فقد حددته , ولا يصح أن يكون عين الكون فإنه تعالى قبل الكون كان ولا كون.
وإذا عرفته من هذين الوجهين فهي معرفة الإطلاق التي لا حد فيها، فلا تحجبك الحيرة بحيث تقول قد حرت فيه فلا أعرفه، بل من شرط معرفته الحيرة فيه، فقل ما قال لما نفى وأثبت تعالی : "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11].
ثم ذهب ذو النون إلى الترقي منقطع، وذلك إنما هو الترقي في درجات الجنة خاصة.
وأما الترقي في المعاني فدائم أبدا، في تعظیم جناب الحق دائم أبدا.
 فهي عبارة ذاتية عن تجل لا ينقطع ولا ينقطع مزيدها.
وأما العبادة التكليفية فهي التي تنقطع بسقوط التكليف.
وأما اجتماعه بيوسف بن الحسين رضي الله عنهما :  وقد مات يوسف بن الحسين.
فقال رضي الله عنه في تجل ري التوحيد:
لما غرقنا مع الجنيد في بحر التوحيد ومتنا لما شربنا فوق الطاقة، وجدنا عنده شخصا كريما فسلمنا عليه وسألنا عنه، فقيل لنا هو يوسف بن الحسين، وكنت قد سمعت به فبادرت إليه وقبلته.
وكان عطشان للتوحید فروي فقلت له : تعال أقبلك أخرى، فقال : رویت .
فقلت له: وأين قولك لا يروى طالب التوحيد إلا بالحق.
وقد روى الدون بما يسقيه من هو أعلا منه، ولا ري لأحد، فأعلم.
فتنبه يوسف وهفا إلي، فاحتضنته ونصبت له معراج الترقي فيه الذي لا يعرفه كل عارف.
والمعراج إليه، ومنه حظهم لا غير ، وأما نحن ومن شاهد ما شهدنا فمعارجنا ثلاثة إليه ومنه وفيه، ثم نرجع فينا واحدا وهو فيه.
فإن إليه فيه ومنه فيه فعين إليه ومنه فيه فما ثم إلا فيه وما يعرج فيه إلا به فهو لا أنت، فتحقق هذا التجلي يا سامع الخطاب .
وأما اجتماعه بابن عطاء الله  رضي الله عنهما . وقد توفي أبن عطاء الله سنة تسع وثلاثمائة .
فقال في تجل من تجليات المعرفة : رأيت ابن عطاء الله في هذا التجلي، فقلت له: يا ابن عطاء، إن غاص رجل جملك فأجلت الله، وقد أجله معك الجمل، فأين إجلالك، بماذا تميزت عن جملك، هل كان الرجل من الجمل يطلب في غوصه سوى ربه!
قال ابن عطاء الله : لذلك قلت جل الله.
فقلت لهإن الجمل أعرف بالله منك، فإنه أجله من إجلالك ، كما يطلبه الرأس من فوق تطلبه الرجل في التحت، فما تعدى الرجل ما تطلبه حقيقته.
يا ابن عطاء، ما هذا منك بجميل.
يقول إمامنا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لو دليتم بحبل لوقع على الله".
فكان الجمل أعرف منك بالله ، هلا سلمت لكل طالب ربه صورة طلبه، كما سلم لك؟!
تب إلى الله يا ابن عطاء، فإن الجمل أستاذك .
فقال : الإقالة الإقالة .
فقلت له: أرفع الهمة!
فقال : مضى زمان رفع الهمة.
فقلت له: للهمم رفع بالزمان، وبغير الزمان زال الزمان، فلا زمان أرفع الهمة في الأزمان، فلا تنال ما نبهتك عليه إلا بالترقي، فالترقي دائم أبدا.
فتنبه أبن عطاء، وقال : بورك فيك من أستاذ.
ثم فتح هذا الباب وترقی، فشاهد فحصل في ميزاني فأقر لي وانصرفت .
قال الشيخ في شرح هذا التجلي:
كل أحد يطلب الحق من حيث حقيقته، فالرأس يطلب الفوقية والرجل تطلب التحتية، لأنها في حقها أفقها. وليس في العالم حركة إلا وهي طالبة للحق.
فلما ساخت رجل جمل ابن عطاء قال ابن عطاء : جل الله لكونه، لمح القاهر فوق عباده، ونزه الحق أن يطلب من السفل.
فقال الجمل: جل الله ، أي جل عن إجلالك، لأني طلبت الحق من حيث حقیقتي، وافق رجلي هو التحت.
وأنت عارف فينبغي لك أن توفي مراتب الطلب ولا تنكر ولا تحد من لا يقبل مراتب الحد.
وسلم لكل طالب طلبه من سائر الطوائف وسائر الطالبین، فتخرج بذلك عن الحد. فسلم یا ابن عطاء لكل طالب صورة طلبه، كما سلم أرواح العارفين بالفطرة، وهم أرواح النبات وأرواح الحيوان وأرواح المحققة.
وأما أهل الفكر فلا، فإنهم يدعون إلى وجه خاص حيث تبدوا علمهم بعلامة مخصوصة، فإنهم لا يدعون إلا منها، وهم لا يسلمون إلا لمن وافقهم.
وأما اجتماعه بسهل التستري رضي الله عنهما : وقد توفي سهل سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
فقال في تجلي نور الغيب:
رأينا سهل بن عبد الله التستري، فقلت له: کم أنوار المعرفة يا سهل؟
فقال : نوران، نور عقل ونور إيمان.
فقلت: فما مدرك نور العقل، وما مدرك نور الإيمان ؟
فقال : مدرك نور العقل:  "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" [الشورى: 11]. ومدرك نور الإيمان الذات بلا حد.
قلت: أراك تقول بالحجاب ؟
قال : نعم
قلت : يا سهل، حددته من حيث لا تشعر، لهذا سجد قلبك من أول قدم وقع الغلط . قال : قل، قلت: حتى تتنزل بين يدي، فجثا.
فقلت : يا سهل، مثلك يسأل عن التوحيد فيجيب بهذا، وهل الجواب إلا السكوت.
تنبه يا سهل. ففني ثم رجع فوجد الأمر على ما أخبرناه .
فقلت : يا سهل، أين أنا منك؟
فقال : أنت الإمام في علم التوحيد، فقد علمت ما لم أكن أعلم في هذا المقام.
فأنزلته فأجلسته إلى جنب النوري في علم التوحيد، و آخيت بينه وبين ذي النون المصري وانصرفت.
وأن  اجتماعه بالمرتعش رضي الله عنهما . وقد توفي المرتعش سنة ...
فقال في تجل من تجليات التوحید:
نصبت کرسيا في بيت من بيوت المعرفة بالتوحيد، فظهرت الألوهية مستوية على ذلك الكرسي، وأنا واقف وعلى يميني رجل عليه ثلاثة أثواب ، ثوب لا يرى وهو الذي يلي بدنه، وثوب ذاتي له، وثوب معار عليه .
فسألته : يا هذا الرجل، من أنت؟
فقال : سل منصورا، وإذا منصور خلقه ، فقلت له: يا بني، عبد الله من هذا؟
فقال : المرتعش.
فقلت له : أراه من اسمه مضطرا لا مختارا،
فقال المرتعش: بقيت على الأصل والمختار مدع، ولا اختیار .
فقلت له : علام بیت توحيده ؟
قال : على ثلاث قواعد.
فقلت : توحيد على ثلاث قواعد ليس بتوحيد . فخجل،
فقلت له : لا تخجل من ما هي.
قال : قصمت ظهري .
فقلت : أين أنت من سهل و الجنيد وغيرهما، وقد شهدوا بكمالي.
فقال مجيبا بقواعد توحيده :
رب فرد ونفسي ضد      ….  قلت: ليس ذاك عندي
فقال : ما عندكم؟ فقلنا:    ….  وجود فقدي وفقد وجدي
توحید حقي بترك حقي   ….         وليس حتي سواي وحدي

.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: لسفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:09 am

لسفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الخامسة عشر الجزء الثالث .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الخامسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الخامسة عشر :  الجزء الثالث
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ : الجزء الثاني
 
فقال : ألحقني بمن تقدم.
قلت: نعم، وأنصرفت، وهو يقول:
يا قلب سمعا له وطوعا    …..         قد جاء بالعيان بعدي
فالتفت إليه وقلت :
ظهرت في برزخ غريب   ….        فالرب ربي والعبد عبدي

قال الشيخ في شرح هذا التجلي :
قوله (نصبت كرسيا في بيت من بيوت المعرفة بالتوحيد فظهرت الألوهية مستوية على ذلك الكرسي).
أراد بالبيت مقاما أو حالا، وأما الكرسي فحال للمتجلي، وهو الحضرة التي ظهرت فيها الألوهية . والبيت أيضا هو الذي ظهر فيه العيد.
قوله : ( فظهرت الألوهية). أي ظهرت جميع الأسماء ، لأن الألوهية إنما هي المرتبة الجامعية.
وقوله : (عليه ثلاثة أثواب). فالثوب الذاتي هو ثوب العبودية والثوب الذي لا يرى هو كل ثوب لا ينقال ، والثوب المعار هو كل علم تقع فيه الدعوى، فيقال به: فلان عالم.
والعارف يعلم أن العالم غيره لا هو، فإنه ما يعلم الأشياء إلا الحق تعالى فهذا هو معنى العارف.
وقول المرتعش لما سأله : (سل منصورا) فأحال على غيره، فكان ذلك دعوى منه بكونه لو أجاب عن نفسه لما زاد على اسمه ولما أحال على غيره ، علم أن ذلك الغير يبين مرتبته للسائل عنه ليراه بعين كبيرة، فكانت هذه الحركة عن دعوى باطنة.
فلذلك لما قال له غيره عن أسمه المرتعش أجابه عنه بما أجابه عنه ليعلم أن حركة العارفين إنما تبنى على أصول محققة.
ولما سأله عن توحيده على ماذا بناه قال : على ثلاث قواعد، لذلك كان لباسه ثلاثة أثواب.
وأيضا فإن هذا شرط علم الدليل، وهو علم العقلاء وليس علم المحققين. كذلك فإن توحيدهم توحيد النسب.
وقوله : (قصمت ظهري، فقلت له سل سهلا وغيره عن هذه الصفة ، فإنهم يشهدون بكمالها لا بكمالي).
"" أضاف المحقق : الجملة كما سبق أن أوردها الأمير عبد القادر هي(قصمت ظهري فقلت : أين أنت من سهل و الجنيد وغيرهما وقد شهدوا بكمالي) ""

وقوله : (رب فرد ونفي ضد) 
فالرب ههنا هو الثوب المعار، والفرد هو الثوب الذاتي، ونفي ضد هو الثوب الذي لا يرى .
وقوله : (قلت ليس ذاك عندي) 
أي لم يكن توحيدي على ذلك الأمر، بل كله عندنا وأحد، لكونك أنت أثبت ثم نفيت. وفي نفس الأمر ليس ثم ضد فبقينا نحن على الأصل.
وأما الرب فلا يشارك على التحقيق فلم يبق إلا ثوب العبودية وتبقى في قبالها ربوبية محضة.
وقوله في البيت الثاني: (..........   فقلنا وجود فقدي وفقد وجدي)
أي تارة أنظره من حيث هو وتارة من حيث أنا وتارة أكون موجودا عند مخاطب بالتكليف، وتارة أكون معدوما، وتارة بما شاهدته فيوجدني بالتكليف ويفقدني بالشهود.
وقوله في البيت الثالث:  (توحید حقي بترك حقي)
أي أنه لما أثبت حقي كان ترکه حقى لكونه تعالى إنما أثبته امتنانا لا تعطيه حقیقتي، وحقيقتي تعطي أن لا حق لي.
فتوحید حقي صحيح أن أكون وحدي على ما تعطي حقيقتي الأصلية بقائها ووجدها معراة عن أوصاف الربوبية التي هي أثواب معارة على العقد.
وهاهنا ترك المحققون الأكابر التصرف في الوجود لما أعطوه عندما رأوه عندهم عارية.
وقوله في البيت الأخير الذي ختم به
ظهرت في برزخ غريب      …..        فالرب ربي والعبد عبدي
أي بين حضرة الرب والعبد، تارة ينظر الربوبية، وتارة ينظر العبودية ، وتارة أنظر حقه الذي من به علي، فأعامله بما تقتضيه الربوبية، وتارة أنظر إلى عبوديتي فأعامله بما تقتضيه العبودية.
وهذا البرزخ لا يقام فيه، إلا الأكابر من الرجال، فيأخذ من الربوبية علوما فيلقيها على العبودية ثم يبرزها أعمالا.
وقوله: (الرب ربي). أي الرب الذي لي خاصة لانفرادي به خاصة وعدم الوسائط بيني وبينه.
وقوله : (والعبد عبدي). أي خالص من الأكوان كلها على اختلافها، وصرت مهما أخذته من ربي خلعته على الأكوان وعينت مراتبها بما ألقيه عليها من حضرة الربوبية، وأنا أعرج تارة إلى هذا المقام الأرفع، وتارة أنزل إلى الأكوان عند وجود التكاليف، أنزل إلى الكون وأقوم بوظائف التكاليف، ثم أعود.
 
والدليل على ذلك حديث القبضة التي ذكرها أبو داود السجستاني في سننه فقد تعين في ذلك الحديث ما ينبه على مقام البرزخ الذي كان آدم - صلوات الله وسلامه فيه ، وتعين فيه أيضا تدليه على عالم التكليف ليعمرها ثم برقية إلى مقام ، فانظر من مناسبتها في الحديث تجدها إن شاء الله ولنرجع إلى ما نحن بصدده .
قول سیدنا رضي الله عنه : (ومن أعجب الأمر أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب ودقته وتشابه الصور مثل قوله : "وأتوا به متشابها" [البقرة: 25]
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف من حيث إنهما شبیهان، غير ان.)
يقول رضي الله عنه : ومن أعجب نفس الأمر الذي هو مجموع الأمور والأحكام المختلفة الواقعة في جميع الإدراکات ، كما تقدم بيانه، أنه أي الإنسان ، وكذا الجان دون سائر المخلوقات في الترقي في معرفة الله دائما شقيه وسعيده في الدنيا وفي البرزخ.
إذ الجميع تحت قبضة الأسماء الإلهية ، فهي تمشي بهم السعيد فيما يسعده والشقي فيما يشفيه .
ولا يشعر المحجوب بذلك الترقي الذي هو فيه دائما إلا بعد كشف الغطاء.
فيعرف السعيد ما ترقي فيه مما أسعده، والشقي ما ترقي فيه مما أشقاه ، فالتجلي بالترقي دائم لا حجاب عليه، ولكنه لا يعرف في الظاهر .
وينكشف الترقي للسعيد والشقي عند رفع الحجاب .

ورفع الحجاب مختلفة أوقاته ، فمن الناس من يرفع عنه الحجاب في الدنيا، ومنهم عند الموت، ومنهم بعد الموت ، ومنهم عند الحساب، ومنهم بعد نفوذ الوعيد.
وإنما كان الإنسان لا يشعر بالترقي الذي له دائما للطافة الحجاب ورقته، وهو سرعة إقامة المبدل منه بلا تخلل فترة فلا يهتدي إليه، ويشعر به إلا أهل الكشف، فإن العالم في الوجود الخيالي، وحقيقة الخيال التحول من صورة إلى صورة في كل نفس.
وسبب عدم التمييز بين الشيء و شبهه هو سرعة التبدل، كما في صاحب خفة اليد والشعبذة.
وهذا حجاب لطيف رقيق المحجوب يظن أن المتجدد من الصور عين الزائل بحجاب المثلية بظهور أمثالها، من أجل أن الزائل يعقبه مثله، وليس الأمر كذلك.
بل أحكام الحق تعالى وتجلياته، وأمره في كل زمان فرد وحال مختص بذلك الزمان والحال وأهلهما،
موجب الحكم بالاستمرار والدوام في الصور والأحوال ما هو إلا حجاب المثلية . و تشابه الصور ومثل الشيء ما هو عينه .

وهذا مما يظن عامة الناس انه ظاهر واضح لا شك فيه لاستئناسهم بتجدد الأمثال المتشابهة ، وليس الأمر كما ظنوا، بل هو خفي ليس بواضح، وهذه المتشابهة في مثل قوله تعالى في صفة ثمرة أهل الجنة :
"كلما رزقوا" [البقرة: 25]. أي أهل الجنة : "منها" [البقرة: الآية ۲۵]. أي من الجنة : "من ثمرة رزقا " [البقرة: الآية ۲۰] . من ثمرات الجنة : "قالوا" [البقرة: الآية 25 ].

من حيث الرؤية: "هذا الذي رزقنا من قبل" [البقرة: 25]. في الدار الدنيا أو في الجنة.
" وأتوا به" {البقرة: الآية ۲5]. أي بذلك النوع : "متشابها" [البقرة: 25].
يشبه الحاصل منه في الآخرة ما كان حاصلا منه في الدنيا أو في الجنة بحيث يشبه بعضه بعضا في اللون.
وقد ورد في الحديث الصحيح: أنه يؤتي أحد أهل الجنة بالصحفة فيأكل منها، ثم يؤتى بالأخرى فيقول هذا الذي أوتينا به من قبل.
فيقول له الملك ، كل اللون واحد والطعم مختلف، وليس هو الواحد المتجدد من المتشابهين المتماثلين عين الأحمر الزائل.
فإن الشبيهين عند العارف بالفرق بين المتجدد والزائل من حيث أنهما شبیهان غیران، ولو لم يكن المتشابهان غیرین ما قيل شبیهان. ولقيل أنها عين واحدة.

فإن المتشابهين هما المشتركان في أمر دون أمر آخر، فلا بد من فارق بينهما عند العارف، فلا يكون الواحد عين الآخر، فإن الله ما خلق في الدنيا ولا يخلق في الآخرة صورتين متماثلتين من كل وجه لا تتميز إحداهما عن الأخرى، هذا محال لا في الخلق المحسوس ولا في صور التجلي لأهل الكشف.
فإن الله تعالى ميز كل شيء في العالم بأمر وذلك الأمر هو الذي ميزه عن غيره وهو أحدية كل شيء.
ولكن الأمثال توهم الرائي والسامع التشابه الذي يعسر فصله إلا على الخواص من عباد الله ، للطافة.
ومن علم الاتساع الإلهي علم أن لا يتكرر شيء في الوجود .
ويدل على ذلك اختلاف الأحكام على الأعيان أعيان الصور في كل حال.
فلا بد أن تكون هذه العين التي لها هذا الحال الخاص ليست تلك العين التي كان لها ذلك الحال الذي شوهد مضيه وزواله.

وانظر هل ترى فيما ترى من المخلوقات من إنسان وحيوان ونبات صورتين متماثلتين من كل وجه؟
لا ترى ذلك أبدا، فالجاهل يقول الشي، إما واحد أو كثير، وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد، فهو يرى العين الواحدة التي هي جوهر العالم.

وسيأتي بيان تجدد الصور عليها في كل نفس، وكل صورة غير الأخرى، فإن التجلي الإلهي لا يشرك بين صورتين، ولا تكون صورة إلا عن تجل خاص لها، سواء في ذلك الصور الحسية و العقلية والخيالية ، يقظة ومناما . فإن فعل الحق تعالى دائم .

فهذه رؤية صاحب التحقيق لجميع صور العالم، كما يعلم صاحب التحقيق أن مدلول الأسماء الإلهية التي لا تحصى كثرتها مع اختلاف معانيها ومدلولاتها، وإن اختلفت حقائقها ومدلولاتها ترجع إلى عين واحدة.
فهذه الكثرة الحاصلة في الأسماء الإلهية كثرة معقولة، فإنها نسب وإضافات واعتبارات.
فتكون الكثرة في التجلي الإلهي في الصور من كل ما يطلق عليه أسم صورة کثرة مشهودة في عين واحدة مرئية، بعين الحس والخيال والعقل، والحق من وراء ذلك كله من حيث الذات.
 ولا يعتام عليك أيها العاقل المحجوب کون صاحب التحقيق يرى الكثرة الحاصلة من صور التجلي في العين الواحدة.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:09 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :  الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال رضي الله عنه : (و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين. فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها. فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته. ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
(وصاحب التحقيق من العارفين بري الكثرة في) المنجلي (الواحد) الظاهر في الصور المختلفة المحسوسة والمعقولة من غير أن يتغير عن تنزيهه وإطلاقه الحقيقي (كما يعلم) صاحب التحقيق أيضا (أن مدلول)، أي ما تدل عليه (الأسماء الإلهية) من العين المسماة بها أزلا وأبدا.
(وإن اختلفت حقائقها وكثرت) من حيث ظهورها بمدلول كل اسم من تلك الأسماء التي بها (أنها)، أي تلك الحضرة التي هي مدلول الأسماء المذكورة (عين)، أي حقيقة وماهية وذات (واحدة فهذه) الكثرة في الحقائق المختلفة (كثرة معقولة).
أي ثابتة من حيث النظر العقلي (في واحد العين) من حيث النظر الإيماني الكشفي (فتكون في التجلي) الإلهي (كثرة مشهودة) من حيث النظر العقلي والحسي (في عين واحدة) من حيث النظر الإيماني الكشفي الروحاني (كما أن الهبولی) وهي المادة التي تصنع منها الأشياء كالخشب للباب والتخت والصندوق والمفتاح والقصعة والكرسي وغير ذلك.
والطين للأواني المختلفة التي تصنع منه، والحبر للحروف والكلمات التي تكتب به في القرطاس (تؤخذ)، أي لا بد من ذكرها (في حد)، أي تعريف (كل صورة) من صور ما صنع منها (وهي)، أي الهيولى (مع كثرة الصور) الظاهرة منها (واختلافها) في الهيئات والأحكام والخواص (ترجع) تلك الهيولى (في الحقيقة إلى جوهر واحد وهو هیولاها)، أي هيولى تلك الصور كلها، أي مادتها.
وكذلك هنا جميع الصور المحسوسة والمعقولة قائمة بالوجود الحق سبحانه، وهو قيوم عليها كلها ممسك لها بقدرته، وهو واحد لا شريك له وإن تعددت تلك الصور وكثرت واختلفت هيئاتها وأحكامها وخواصها.
(فمن عرف نفسه بهذه المعرفة) وأنه في باطنه وظاهره صورة من جملة الصور القائمة بالحق تعالی (فقد عرف ربه) سبحانه المتجلي عليه بذاته فأظهر ذاته، وبصفاته فأظهر صفاته، وبأسمائه فأظهر أسمائه، وبأفعاله فأظهر أفعاله، وبأحكامه
فأظهر أحكامه (فإنه)، أي الرب تعالى (على صورته) سبحانه التي هي مجمع ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه والكل حضرات متعددة واعتبارات مترددة على حقيقة واحدة وعين منفردة (خلقه)، أي خلق ذلك العارف كما قال: "إن الله خلق آدم على صورته ".
رواه مسلم في صحيحه  وابن حبان في صحيحه و مسند أحمد وسنن أبي داود وسنن أبي عاصم و مسند الحميدي و الأسماء والصفات للبيهقي و التوحيد لابن خزيمة وغيرهم.
وفي رواية : "على صورة الرحمن ".   و مسند أحمد وسنن أبي داود و رواه الطبراني وابن أبي عاصم والأسماء والصفات للبيهقي و التوحيد لابن خزيمة و الشريعة للآجري
فالعارف تفصيل إجمال الغيب المطلق، وتمييز حضرات الوجود المحقق (بل هو)، أي الرب تعالى (عين هويته)، أي هوية العارف به سبحانه (و) عين (حقيقته) الثابتة في الغيب .
ولهذا قال بعض العارفين : إن الصوفي غير مخلوق .
ونقل عن أبي يزيد أنه قال : إن الله اطلع على العالم
فقال : يا أبا يزيد كلهم عبيدي غيرك فأخرجني من العبودية.
وقال الشبلي رضي الله عنه حيث سمع ما قاله أبو يزيد رضي الله عنه : کاشفني الحق بأقل من ذلك .
فقال : كل الخلائق عبيدي غيرك، فإنك أنا.
ولكنه سبحانه ظهر في حضرة عالم الإمكان بصورة العارف لتكمل مراتب المعرفة بوجود عارف و معروف ومعرفة، ويظهر سر الوترية والتثليث.
ويرتبط الشفع الذي هو العارف والمعرفة ، والعابد والعبادة ونحو ذلك من حضرة الإمكان بالفرد الذي هو المعروف والمعبود.وأمثال ذلك من حضرة الوجود.
(ولهذا)، أي لأجل ما ذكر (ما عثر)، أي طلع (أحد من العلماء)، أي الموصوفين بمطلق العلم في ملة الإسلام (والحكماء) من الفلاسفة وغيرهم (على معرفة النفس)، أي ما عرف أحد نفسه (وحقيقتها) فيلزم أن لا يكون عرف ربه (إلا) العلماء والحكماء (الإلهيون)، أي المنسوبون إلى الإله تعالى (من الرسل) والأنبياء عليهم السلام (والأكابر) المحققين العارفين (من الصوفية) لا غير.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.).
 
قال رضي الله عنه :  : (كما أن الهيولي تؤخذ في حد كل صورة وهي) أي الهيولى المأخوذة (مع كثرة الصور واختلافها ترجع) هذه الهيولى المأخوذة مع الكثرة وهي الهيولى الجزئية (في الحقيقة إلى جوهر واحد) كلي (وهو هيولاها الكلية فمن عرف نفسه بهذه المعرفة) أي من عرف أن نفسه هي حقيقة الحق ظهرت بهذه الصورة وهي حق مأخوذ في حده .
(فقد عرف ربه) لانتقاله من المفيد إلى المطلق وهو رب الأرباب كلها بمنزلة الهيولى الكلية فمن عرف نفسه بغير هذه المعرفة كما هو أهل النظر لم يعرف ربه فوجب معرفة النفس بهذه المعرفة .
قال رضي الله عنه : (فإنه) أي الحق (على صورته) أي على صفته الكاملة (خلقه) أي الإنسان (بل هو) أي بل الإنسان (عين هوينه وحقيقته) نثبت أن من عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه .
قال رضي الله عنه : (ولهذا) أي ولأجل أن حقيقة النفس عین هوية الحق (ما عثر) أي ما اطلع (أحد من العلماء والحكماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل) .
(و) الأكابر من (الصوفية) وهم الذين حصل لهم العلم عن الوحي وعن کشف إلهي لا عن نظر فكري.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.).
 
قال رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.  فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها. فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.  ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية. )
 
إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب.
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة.
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)

قال رضي الله عنه :  (وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد ، كما يعلم أنّ مدلول الأسماء الإلهية وإن اختلفت حقائقها وكثرت أنّها عين واحدة ، فهذه كثرة معقولة في واحد العين ، فيكون في التجلَّي كثرة مشهودة في عين واحدة ، كما أنّ الهيولى تؤخذ في حدّ كلّ صورة وهي مع كثرة الصورة واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها ، فمن عرف نفسه بهذه المعرفة ، فقد عرف ربّه ، فإنّه على صورته خلقه ، بل هو عين هويته وحقيقته » ).

قال العبد : اعلم أنّ مع الآنات في الترقّي ، فإنّه دائم القبول للتجلَّيات الوجودية الدائمة أبد الآباد ، ولكنّه قد لا يشعر بذلك إن كان من أهل الحجاب ، للطافته ورقّته .
وأنّه أبدا في تجلَّيات تتوالى عليه ، وتزداد - بكل استعداد لتجلّ - تجلَّيات أخر علمية أو شهودية أو حاليّة أو مقامية أو جمعا أو أحدية جمع ، ولتشابه صور التجلَّي لا يعثر على ذلك كالأرزاق التي تؤتى بها متشابهة ، " كُلَّما رُزِقُوا مِنْها من ثَمَرَةٍ رِزْقاً قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا من قَبْلُ " ومعلوم أنّ هذا الرزق الآتي في زمان غير الآتي في غيره ، والكلّ رزق.
والفرق بين التعيّنات ظاهر وبيّن عند أهل الكشف ، خفيّ عند أهل الحجاب ، لأنّ الشبيهين على كل تقدير ، بينهما تغاير في التعيّن ، فهما غيران ، ولكنّ الصحيح لا يقتضي الغيرية في الحقيقة ، لكون العين واحدة مترائية ومتظاهرة في صور متشابهة غير متناهية من الكثرة .
كما أنّ مدلول القادر والخالق والرازق إنّما هو الله ، فإنّه هو الرزّاق القادر الخالق ، ولكن صور التجلَّي من جهة القادرية والخالقية والرازقية متغايرة ، والمسمّى واحد بلا خلاف .
ومثال ذلك على ما مثّله رضي الله عنه الهيولى تؤخذ ولا بد في حدّ كل صورة من حيث إنّ الصورة لا توجد إلَّا حالة في محلّ هو هيولاها ، وليست في الوجود إلَّا عينها ، لعدم امتياز أحدهما عن الآخر إلَّا عقلا لا وجودا ، فالكثرة في الصورة ، والجوهر واحد هو الأصل ، فالصورة عرض حالّ في جوهر هو محلَّه ، ولا يوجد إلَّا به وفيه بل هو هو في الوجود .
فكذلك كثرة صور التجلَّيات في عين واحدة هو حقيقة المتجلَّي الحقّ " وَلِلَّه ِ الْمَثَلُ الأَعْلى ".
فإنّ الصورة حالة في المادّة ، فهي محلَّها والفاعل لها فيها غيرهما على ما عرف في العرف الفلسفي الظاهر ، لا في نفس الأمر ، فإنّ التحقيق يقضي أنّ الكلّ في الكلّ من الكلّ عين الكلّ ، والحلول لا يتعقّل إلَّا بعد البينونة ولا بينونة ، فإنّه بإجماع الخصم لا وجود لأحدهما بدون الآخر ، فالقابلية والفاعلية والانفعال نسب في جوهر واحد هي أحكام له فيه ومنه ، فافهم ذلك واستشرف منه إلى ما نحن بصدد بيانه .
ثم اعلم : أنّ الأمر في الإنسان الكامل كذلك ، فإنّ قلبه يتقلَّب مع الحق في كل منقلب ، فيكون مع كل آن في شأن بربّه ، ومن عرف نفسه بهذه المثابة ، فقد عرف ربّه الذي هو كذلك ، لكونه خلق على صورته ، وهو هويّته .
 
قال رضي الله عنه : « ولهذا ما عثر أحد من العلماء والحكماء "يعني الظاهريّين" على معرفة النفس وحقيقتها إلَّا الإلهيّون من الرسل والصوفية ،"
 
قال العبد اعلم : أنّ حقيقة النفوس كلَّها من النفس الواحدة التي هي نفس الحق ، وأمّا صور النفوس فإنّها تجلَّيات نورية في النفس الرحماني ، تنفّس الحق بها عن الصور الجسمانية الطبيعية ، فإن كانت - أعني النفس - جزئية ، فهي صورة من صور النفس الكلية الواحدة الرحمانية متفرّجة في مادّة نفسية نورية رحمانية .
وإن كانت نفسا كلية من النفوس للإنسان الكامل ، فهي عين نفس الحق ظهرت في مرتبة حقيقة هذا العبد على نحو من الصورة ، ونفس الحق الإنسانية الواحدة هي التي خلقت منها النفوس كلَّها ، فقبلت في الصورة الذكورة والأنوثة من حيث حقيقتها ، الذاتيتين لها ، وهما الفعل والانفعال .
قال : " خَلَقَكُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً " فتلك النفس الواحدة - التي خلقنا منها ، ومنها خلق زوجها - هي نفس الحق التي يحذّركم منها ، وقد أمرنا أن نجعلها وقاية لربّنا في معرفتنا بها .
ونجعل الربّ وقاية لها عن كل ما يخاف ويحذر ممّا يذمّ ويحمد ، ونضيف المحامد كلَّها إلى النفس من كونها عين نفس الحق ، ونضيف المذامّ كلَّها إليها كذلك من كونها نفسا .
فإنّها ذات جهتين تقبل النسبة إلينا من كونها صور حقائقها الذاتية التي هي عينها ، فهي كثيرة لا تتناهى صور جزئيّاتها ، وكذلك تقبل النسبة إلى الحق من كونها نفس الحق الظاهرة في نفسه من مقامي قرب الفرائض والنوافل التي لها من جهتيها ، فإنّ الحق هو عين هويّتنا من كونه عين سمعنا وبصرنا ويدنا ورجلنا وسائر قوانا ، وعين نفوسنا وأعياننا ، ونحن صورة التي نقول على ألسنتنا ، فنحن لسانه الذي يقول : سمع الله لمن حمده ، فنحن من هذا الوجه عين سمعه وبصره ولسانه ، فنحن بحسبه من هذا الوجه ، ومن الوجه الآخر هو ظاهرنا كما ذكرنا .
فإذا ظهر بنا لنا ، فنحن وقايته عن الكثرة المشهودة في أحديته العينية ، إذ نحن الأعضاء والجوارح .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.).
 
قال رضي الله عنه : "وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد ، كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية وإن اختلفت حقائقها وكثرت أنها عين واحدة ، فهذه كثرة معقولة في عين الواحد ، فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة ، وهو مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد وهو هيولاها ، فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه ، فإنه على صورته خلقه بل هو عين هويته وحقيقته ".
 
"" أضاف بالي زادة :  ( وليس هو ) ضمير شأن اسم ليس ( الواحد ) مفسر له ( عين الآخر ) خبره أي وليس ذلك المشابه الواحد غير المشابه الآخر ( وغيران وشبيهان ) خبران في إنهما ( فهذه ) أي مدلول الأسماء ( كثرة معقولة ) أي تكون بالقوة ( في عين ) أي حقيقة ( الواحد ) الواجب الوجود المشهود ( فتكون ) هذه الكثرة المعقولة ( في التجلي ) أي في الظهور اهـ بالى زادة "".
 
ويجوز أن يكون أنهما في محل النصب على أنه مفعول العارف ، والألف واللام بمعنى الموصول وغير ان خبر إن بالكسر ، والمعنى فإن الشبيهين عند الذي يعرف أنها شبيهان غيران فتكون عند ظرفا للمغايرة التي دل عليها غيران ، وفي بعض النسخ عند العارف فمن حيث إنهما شبيهان فعلى هذا فالوجه هو الأول .
فالحقيقة واحدة والتعينات متعددة ، فيرى صاحب التحقيق كثرة التعينات في العين الواحدة المتظاهرة في صورة متشابهة غير متناهية ، كما أن مدلول القادر والعالم والخالق والرازق واحد بالحقيقة مع اختلاف معانيها وهو الله تعالى فاختلاف معاني الأسماء كثرة معقولة اعتبارية في مسمى واحد العين .
أي واحد عينه لا كثرة في حقيقته ، فالتجلى في صورة كل اسم كثرة مشهودة في عين واحدة ، وكذا في التارات تكون التجليات المتعاقبة المتشابهة واحدة بالحقيقة كثيرة بالتعينات على ما مثله في الهيولى ، فإنك تأخذها في حد كل صورة من الصور الجوهرية .
فتقول : إن الجسم جوهر ذو مقدار ، والنبات جسم نام ، والحجر جسم جامد ثقيل صامت ، والحيوان جسم نام حساس متحرك بالإرادة ، والإنسان حيوان ناطق ، فقد أخذت الجوهر حد الجسم ، والجسم الذي هو الجوهر في حد سائرها ، فيرجع الجميع إلى الحقيقة الواحدة التي هي الجوهر .
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة أي بأنها حقيقة الحق الظاهرة في هذه الصورة وجميع صور الأشياء إلى ما لا يتناهى فقد عرف ربه ، خصوصا الإنسان الكامل ، فإنه مع كونه غير حقيقة خلقه على صورة الحضرة الإلهية بجميع أسمائها .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال رضي الله عنه : (وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد ، كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية ، وإن اختلفت حقائقها وكثرت ،أنها عين واحدة . فهذه كثرة معقولة في واحد العين ، فيكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة .)
لما تكلم في الفرق ، شرع يتكلم في الجمع بين الفرق والجمع . ومعناه : أن المحقق يرى الكثرة الواقعة في العالم موجودة في الواحد الحقيقي الذي هو الوجود المطلق الظاهر بصور الكثرة ،
كرؤية القطرات في البحر والثمر في الشجر والشجر في النواة ، كما يرى الكثرة الأسمائية ، مع أنها مختلفة الحقائق ، راجعة إلى تلك الذات .
فهذه الكثرة الأسمائية معقولة في الذات الواحدة الإلهية ، فعند التجلي بصور الأسماء تكون الكثرة الأسمائية مشهودة في عين واحدة معقولة . ولأجل هذا المعنى ، تسرت ( الهوية ) في صور الموجودات ، فأظهرها .
وفي القيامة الكبرى يجعل تلك الصورة مستورة ، ويظهر الحق بذاته .
ويقول : ( لمن الملك اليوم لله الواحد القهار ) . ثم يتجلى بالكثرة المشهودة في الدار الآخرة أيضا ، جلت قدرته .

قال رضي الله عنه : ( كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة . وهي ، مع كثرة الصور واختلافها ، ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد ، وهو هيولاها . ) .
المراد ب‍ ( الهيولى ) هنا هو الهيولى الكلية التي تقبل صور جميع الموجودات الروحانية والجسمانية .
وهو الجوهر كما بينه في كتابه المسمى بإنشاء الدوائر .
ومعناه : أن الكثرة مشهودة في عين واحدة ، وتلك العين الواحدة معقولة  فيها ، كما أن صور الموجودات كلها مشهودة في عين الهيولى ، والهيولي معقولة فيها ، لذلك تؤخذ في تعريف كل من الموجودات .
كما أنك تقول العقل هو جوهر مجرد مدرك للكليات غير متعلق بجسم ، والنفس الناطقة جوهر مجرد مدرك
للكليات والجزئيات ، وله تعلق التدبير والتصرف بالجسم ، والجسم جوهر قابل
للأبعاد الثلاثة ، فيؤخذ ( الجوهر ) في تعريفاتها .
وهو في الحقيقة واحد والصور كثيرة مختلفة . والغرض التنبيه لأرباب النظر ، لئلا تشمئز عقولهم عما يقوله أهل الله في التوحيد .
( فمن عرف نفسه بهذه المعرفة ، فقد عرف ربه . ) أي ، فمن عرف أن حقيقته هي حقيقة الحق ، وهي التي تفصلت وظهرت بصور الموجودات بحسب مراتبها وظهوراتها - كما بينا في المقدمات ، هو الذي عرف ربه .
( فإنه على صورته خلقه ، بل هو عين حقيقته وهويته. ) أي ، فإن الإنسان مخلوق على صورة ربه ، كما جاء في الحديث الصحيح : ( إن الله خلق آدم على صورته ) .
وفي رواية : ( على صورة الرحمان ) . والمراد ب‍ ( الصورة ) الأسماء والصفات الإلهية .
أي ، خلقه موصوفا بجميع تلك الأسماء والصفات ، بل هويته
التي اختفت وحقيقته التي تسترت في الحقيقة الإنسانية ، فأظهرت الإنسان ، فهويته عين هوية الحق ، وحقيقته عين الحقيقة الإلهية .
وهو اسمه الأعظم الجامع لحقائق الأسماء كلها . ( ولهذا ما عثر ) أي ، ما اطلع .

قال رضي الله عنه :  ( أحد من الحكماء والعلماء على معرفة النفس وحقيقتها ، إلا الإلهيون من الرسل والأكابر من الصوفية .)
"" الإلهيون من الرسل والأكابر من الصوفية عرفوا نفوسهم  بعلوا هممهم ولسطوع أنوار الحضرات الإلهية والربانية على قلوبهم فتذكروا وعلموا ما لم يكونوا يعلمون ""
.
يتبع


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:10 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السادسة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السادسة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السادسة عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال رضي الله عنه :  (وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها. فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته. ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
إذ (صاحب التحقيق) لا ينفي الكثرة بالكلية كصاحب الغناء؛ بل (يرى الكثرة في الواحد) 
""أضاف المحقق :  قد يعني بجمع الجمع شهود الوحدة في الكثرة، وشهود الكثرة في الوحدة، وهذا يسمى بالفرق الثاني.""
 فله أن يرى هذه التجليات المتعددة في التجلي الواحد بحسب الصورة في بداهة النظر، (كما) يرى كثرة الإيمان في الحق الواحد إذ (يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية) من حيث دلالتها على الذات.
(وإن اختلفت) باعتبار آخر (حقائقها) أي: معانيها التي بها تحققها من حيث هي أسماء، (وكثرت) تلك الحقائق حتى وجب تکثر الأسماء المعنوية مع وحدة الذات (أنها). أي: مدلولها أنث الضمير باعتبار أن المراد بالمدلول الذات .
(عين واحدة متضمنة لهذه الحقائق المتعددة المختلفة؛ فهذه) أي: كثرة الأسماء في الذات الواحدة (كثرة معقولة في واحد العين)، والكثرة المشهودة مثل المعقولة، (فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة)، وليس هذا مجرد قياس للأمور المشهودة على الأمور المعقولة؛ بل له نظر في الأمور المشهودة أيضا.
(كما أن الهيولى ) أي: الجنس (تؤخذ في حد كل صورة) أي: ماهية تصورت بالفصول المميزة أي: قوام الماهية بالجنس والفصل.
""اضاف المحقق :  فائدة: قال سيدنا الشعراني: أن الحق لما أحب الظهور من ذاته لذاته بمقتضى ذاته قسم صفات ذاته قسمين من غير تعدد في العين.
فسمي أحد القسمين بالواجب والقديم والرب والفاعل.
وسمی القسم الثاني بالممكن والمحدث والعبد والمنفعل.
فأول ما ظهر من ذلك القسم الثاني محل حكمي سماه بالهيولى والقبولي.""
(وهي) أي: الهيولى مع كثرة الصور التي أخذت الهيولى في حدودها (واختلافها؛ ترجع في الحقيقة)، وإن تعددت بالأنواع (إلى جوهر واحد وهو هيوها) أي: والحال أنه هيولى الجميع فضلا عن حال كونها قبل ذلك، مع أن الصور أيضا جواهر.
فإذا تصور ذلك للجوهر الواحد بالنسبة إلى جواهر أخر؛ ففي الصور الفرضية أو القلبية أولى، هذا على القول بجوهريتها لكونها جزئي الجواهر، وعلى القول بكون الصورة عرضا؛ فهو عين النظر.
(فـ "من عرف نفسه" بهذه المعرفة) أي: أنها هيولى الصور («فقد عرف ربه»). رواه أبو نعيم في الحلية
 بأنه هيولى التجليات، (فإنه) أي: الرب (على صورته) الكلية الجامعة بين التنزيه والتشبيه (خلقه) أي: النفس يعني القلب؛ (بل هو) أي: النفس عند التجلي الشهودي (عين هويته وحقيقته) أي: عين تعين الحق منه بالصورة وتحققه فيه إذ لا يجتمع صورتان متماثلتان فيه، ولا بد من تمثل القلب بما يتجلى فيه كالمرأة.
(ولهذا) أي: ولأجل أن النفس مخلوقة على صورة الحق الجامعة بين التنزيه والتشبيه؛ بل عين هويته وحقيقته (ما عثر أحد من) الطوائف على حد النفس وحقيقتها (إلا) الغرقة (الإلهيون) أي: المطلعون على الصورة الإلهية الجامعة، وعلى تجلياته الشهود به (من الرسل والأكابر من الصوفية) لاختصاصهم بالإطلاع المذكور.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال رضي الله عنه :  ( وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد ) رؤية شهود ( كما يعلم أنّ مدلول الأسماء الإلهيّة - وإن اختلفت حقائقها وكثرت - إنّها عين واحدة ) علم ذوق ويقين ، ( فهذه ) الكثرة الأسمائيّة ( كثرة معقولة في واحد العين ، فتكون في التجلَّي ) عند ظهورها على المشاهد والمشاعر ( كثرة مشهود في عين واحدة ).
وفي عبارته هاهنا لطيفة ، حيث أنّ الواحد في العلم والعقل هو متعلَّق الإدراك بعد إضافته إلى العين ووصفها به ، وفي التجلَّي والشهود إنّما يتعلَّق الإدراك بالكثرة المنطوية في الواحد ، وذلك لأنّ حكم اسم الباطن هو الغالب في الأوّل ، فالوحدة غالبة هناك ، بخلاف الثاني .
ومثال ذلك : ( كما أنّ الهيولى ) وهو عندهم كلّ ما يظهر بصورة من الصور جوهرا كان أو عرضا ، مقوّما لمحلَّه أو متقوّما به فهو أعمّ ممّا عليه كلمة
 
المشاءين وهو يشمل المادّة الجنسيّة - إنّها ( تؤخذ في حدّ كلّ صورة ) من الصور النوعيّة عقلا - كما يؤخذ الجوهر والجسم في حدّ الحيوان والنبات والجماد ، فهو واحد العين ذو كثرة أسمائيّة - عينا - كما يؤخذ ذلك أيضا في حدود أنواع كلّ من الثلاثة وأشخاصها - ( مع كثرة الصور ) فيها ، فمبدأ تلك الصور ( واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد ) وهو الجنس العالي ( و ) ذلك الجوهر ( هو هيولاها ) أي هيولى الصور كلَّها .
فذلك الجوهر هو واحد العين في العقل ، ذو كثرة أسمائيّة ، وهو ظاهر ، وهو العين الواحدة في الخارج التي هي ذات كثرة مشهودة فإنّ الشخص هو الجوهر في الخارج ذو كثرة مشهودة كما لا يخفى ، فهذا مثال للصورتين .
 
طريق المعرفة معرفة النفس
قال رضي الله عنه :  ( فمن عرف نفسه بهذه المعرفة ) - واحدة العين ذا كثرة معقولة ، وعينا واحدة ذا كثرة مشهودة محسوسة كما ظهر - ( فقد عرف ربّه ) كذلك ( فإنّه على صورته خلقه ، بل هو عين هويّته وحقيقته ) فإنّ الذي خلق على صورته هو آدم بالمعنى الذي اصطلح عليه أوّلا ، فنفس الإنسان حينئذ هو هويّته وحقيقته ( ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلَّا الإلهيّون من الرسل والصوفيّة ) إذ لا يحمل عطاياهم إلَّا مطاياهم .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال رضي الله عنه : (وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين.  فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل ورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها. فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته. ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وصاحب التحقيق) الجامع بين الفرق والجمع (يرى الكثرة) الواقعة في العالم موجودة (في الواحد) الحقيقي الذي هو الوجود الحق المطلق كرزية القطرات في البحر والثمرات في الشجر والشجر في النواة (كما بعلم أن مدلول الأسماء الإلهية وإن اختلفت حقائقها وكثرت أنها) تکرار، لأن المفتوحة مع أسمها تأكيدة وخبرها (عين واحدة فهذه) الكثرة الوجودية الخلقية والأسمائية (كثرة معقولة في واحد العين فتكون العين الواحدة في التجلي) بصور العالم أو بصور الأسماء الإلهية.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كثرة مشهودة في عين واحدة كما أن الهيولى) وهي عندهم كلما يظهر بصورة من الصور جوهرة كان أو عرض مقومة لمحله أو منقوم به فهو أعم مما عليه اصطلاح الحكماء، ولو حمل على مصطلح الحكماء يكفي في التمثيل أيضا (توجد في حد كل صورة وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد وهو)، أي ذلك الجوهر الواحد.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (هیولاها)، أي هيولى الصورة فكما أن الكثرة الواقعة في العالم معقولة في واحد العين وهو الوجود المطلق كذلك كثرة الصور كثرة معقولة في الهيولى، وكما أن تجلي العين الواحدة بصور العالم كثرة مشهودة في عين واحدة ، كذلك ظهور الهيولى، في الصور كثرة مشهودة في عين واحدة هي الهيولى.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فمن عرف نفسه بهذه المعرفة)، أي عرفها بمثل هذه المعرفة عينة واحدة ذات كثرة معقولة وكثرة مشهودة في عين واحدة (فقد عرف ربه) كذلك (فإنه تعالى على صورته خلقه)، كما جاء في الحديث الصحيح:"إن الله خلق آدم على صورته" رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل هو عين هويته) التي اختلفت فيه (و) عين (حقیقنه) التي تسترت به (ولهذا)، أي لكون معرفة النفس ما ذكرناه وهي لا تحصل إلا بالكشف والذوق (ما عثر)، أي ما اطلع (أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية) إذ لا تحمل عطايا المنك إلا مطايا المنك.
 
المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  و صاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، و إن اختلفت حقائقها و كثرت، أنها عين واحدة.  فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها.
فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته.
ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
قال رضي الله عنه : (وصاحب التحقيق بري الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية ، وإن اختلفت حقائقها وكثرت، أنها عين واحدة، فهذه كثرة معقولة في واحد العين .
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة، كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد وهو هیولاها).
ومن علم الاتساع الإلهي علم أن لا يتكرر شيء في الوجود .
ويدل على ذلك اختلاف الأحكام على الأعيان أعيان الصور في كل حال.
فلا بد أن تكون هذه العين التي لها هذا الحال الخاص ليست تلك العين التي كان لها ذلك الحال الذي شوهد مضيه وزواله.
وانظر هل ترى فيما ترى من المخلوقات من إنسان وحيوان ونبات صورتين متماثلتين من كل وجه؟
لا ترى ذلك أبدا، فالجاهل يقول الشي، إما واحد أو كثير، وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد، فهو يرى العين الواحدة التي هي جوهر العالم.
وسيأتي بيان تجدد الصور عليها في كل نفس، وكل صورة غير الأخرى، فإن التجلي الإلهي لا يشرك بين صورتين، ولا تكون صورة إلا عن تجل خاص لها، سواء في ذلك الصور الحسية و العقلية والخيالية ، يقظة ومناما . فإن فعل الحق تعالى دائم .
فهذه رؤية صاحب التحقيق لجميع صور العالم، كما يعلم صاحب التحقيق أن مدلول الأسماء الإلهية التي لا تحصى كثرتها مع اختلاف معانيها ومدلولاتها، وإن اختلفت حقائقها ومدلولاتها ترجع إلى عين واحدة.
فهذه الكثرة الحاصلة في الأسماء الإلهية كثرة معقولة، فإنها نسب وإضافات واعتبارات.
فتكون الكثرة في التجلي الإلهي في الصور من كل ما يطلق عليه أسم صورة کثرة مشهودة في عين واحدة مرئية، بعين الحس والخيال والعقل، والحق من وراء ذلك كله من حيث الذات.
ولا يعتام عليك أيها العاقل المحجوب کون صاحب التحقيق يرى الكثرة الحاصلة من صور التجلي في العين الواحدة.
فهذا كما تقول أنت في الهيولى إنها تؤخذ في حد كل صورة من الصور التي تحت مرتبتها إذا حددت الصورة بذاتیاتها وصفاتها النفسية، وهي مع كثرتها ترجع في الحقيقة ونفس الأمر إلى جوهر واحد، هو هيولاها.
إذ الهيولى عندكم جوهر معقول بسيط، لا تخلو منه صورة ولا يتم وجوده بالفعل دون وجود ما حل فيه من الصور.
وهو موجود بلا کم ولا كيفية ، ولم يقترن به زمان ولا شيء من سمات الحدوث.
فالهيولى محل للجوهر، والموضوع محل للعرض، تتميم أهل الله المكاشفون بحقائق الأشياء يسمون الجوهر الحاصل لصور العالم بأسره بالهباء.
وأول من سماه بهذا الاسم علي بن أبي طالب عليه السلام لكونه رأى هذا الجوهر مبثوثا في كل صورة من صور العالم كله، أعلاه وأسفله، لا تكون صورة بدونه مع وحدته وعدم انقسامه وتجزئته.
والشيخ الأكبر يسميه بالعنقاء، لكونه يسمع بذكره ويعقل، ولا وجود له في العين، دون ما حل فيه من الصور وهو الحقيقة الكلية عند بعضهم، وحقيقة الحقائق عند بعضهم. والحق المخلوق به كل شيء عند بعضهم، وبالعماء.
ويسمى العماء بالحق المخلوق به، لأنه عين النفس الرحماني، والنفس مبطون في المتنفس، وهو الحق تعالى ولكل تسمية وجه باعتبار، فكما رأيت أيها العاقل صور العالم كلها في جوهر العالم مع وحدته ، كذلك رأي صاحب التحقيق من أهل الله الكثرة في الواحد العين .
قول سیدنا رضي الله عنه : (فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه فإنه على صورته خلقه ، بل هو عن هويته وحقيقته).
يقول رضي الله عنه : إن المدعيين معرفة النفس الناطقة، وهم الذين تكلموا في حقيقة النفس وماهيتها كثيرون، فمن عرف نفسه منهم بهذه المعرفة، وهي أنه عين واحدة تظهر فيها الأحوال والنعوت و التبدل في كل زمان فرد، وتتجدد عليها الأحكام لا تبقى على حالة واحدة، فهي تتصور بما يرد عليها من صور التجلي، وهي باقية في عينها وحقيقتها لا تتغير ولا تتبدل.
عرف ربه المتجلي عليه بهذه الأحوال والتبدلات والانتقالات والتغيرات، فشأنه تعالى التجلي ، وشأن الموجودات التغير والانتقال .
فالتجلي إحدى العين في أعيان مختلفة .
ثم اعلم أن المراد معرفة النفس الإنسانية المعرفة اللائقة بالمخلوق، لا المعرفة على وجه الإحاطة ، فإن ذلك محال، ولو عرف الإنسان على طريق الإحاطة لعرف الحق عز وجل على طريق الإحاطة وذلك محال .
فالإنسان لا يعرف ، والحق لا يعرف. فلا يعرف النفس الإنسانية إلا الله تعالى وإنما كانت معرفة النفس الإنسانية ومعرفة الرب تعالى متلازمين، لأنه تعالى على صورته خلقه.
كما ورد: "أن الله خلق آدم على صورته". بإرجاع الضمير إلى الله، يؤيده الرواية الأخرى.
وقد صححها بعض الحفاظ : "على صورة الرحمن". 
ولهذا كانت النفس الناطقة التي هي روح الإنسان المسماة زيدا مثلا، لا يستحيل عليها أن تدبر جسمين فصاعدا إلى آلاف من الصور الجسمية.
وكل صورة هي زيد عينه، ليست غير زيد، ولو اختلفت الصور أو تشابهت لكان المرئي المشهود عین زید .
 
تنبيهان :
الأول : لا خصوصية لآدم عليه السلام بالخلق على الصورة الإلهية ، بل كل إنسان كامل من أولاده إلى يوم القيامة ، مخلوق على الصورة.
ومن كان إنسانا حيوانا فليس مخلوقا على الصورة الإلهية، وإن كان له قابلية واستعداد .
لذلك إذا حفته العناية فلا يكون مخلوقا على الصورة الإلهية إلا إذا كان إنسانا كاملا بالفعل لا بالقوة والصلاحية .
الثاني : ليس المراد بالصورة الذات، فإن الذات العلية المقدسة لا صورة لها إلا من حيث التجلي بالمثال.
وإنما المراد بالصورة مشاركة الإنسان الكامل للحق تعالى في الأسماء الإلهية كلها، ومشاركته للحق في التقلب في الأحوال بتقلب الحق تعالى في الأحوال.
والإنسان تتقلب عليه الأحوال بسبب التجلي عليه بها، وما قاله بعضهم في الصورة التي خلق آدم عليه السلام عليها كونه ذاتا وله سبع صفات فقط، ليس بشيء.
لأن "الإنسان"الحيوان كذلك له ذات وهو حي عالم مرید قادر متکلم سميع بصير.
ولو كان المراد ذلك لكان يبطل وجه الخصوصية للإنسان.
لأن هذه الصفة إنما جاءت له على جبهة التشريف له.
بل إذا كشفنا الغطاء وهتکنا الحجاب نقول : 
هو تعالى عين هوية الإنسان الكامل، گآدم التي بها هو هو، وحقيقته التي هو حق بها. 
فظاهر الإنسان صورة خلفية كونية، وباطنه هوية الحق غير محدودة للصورة.
فهو من حيث الصورة من جملة العالم، ومن حيث باطنه كما ذكرنا.

قول سیدنا رضي الله عنه : (ولهذا ما عثر أحد من علماء المتكلمين والحكماء المتقدمين على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والأكابر من الصوفية وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين، في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم، ونفخ في غير ضرم، لا جرم أنهم من : "الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا" [الكهف: 104]. فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بحقيقته) .
يقول رضي الله عنه : ولهذا لما كانت معرفة الرب لازمة لمعرفة النفس الناطقة، وهي الروح، فإنها نسخة من الرب تعالى، بل ومثل لصورته تعالى .
والرب غير مقيد ولا محصور، وإنما هو تعالي كل يوم في شأن.
واليوم هنا هو الآن الذي هو حد الزمانين الماضي والمستقبل. فكانت النفس كذلك كل آن في حال.
قال رضي الله عنه : (ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.)
ولهذا لما كان الأمر هكذا ما عثر ولا اطلع أحد من العلماء، علماء الرسوم الإسلاميين ولا عثر أحد من الحكماء الأولين الفلاسفة الإشراقيين والمشائين المتكلمين في ماهية النفس وحقيقتها على الأمر كما هو.
فما عثر على معرفة النفس إلا العلماء الإلهيون الذين معلمهم الله جل جلاله من الرسل صلوات الله عليهم وسلامه والأكابر من الصوفية، لا مطلق الصوفية .
وأما أصحاب النظر العلي و أرباب الفكر من الحكماء القدماء والعلماء المتكلمين في كلامهم بالنظر العقلي ودليلهم الفكري على معرفة النفس الإنسانية وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها.
فإنهم طلبوا الأمر من فصه ، وأرادوا معرفتها من طريق النظر العقلي ونصبه، وحيث كانت العقول متباينة متفاوتة.
لا جرم أنهم فيها باختلاف أقوالهم في الرب سبحانه وتعالى :
فقال قوم : النفس الإنسانية جوهر فرد متحيز.
وقال آخرون: هي جسم لطیف متشبث بالجسم متخلله.
وقال قوم : هي جوهر محدث قائم بنفسه غير متحيز.
وقال قوم: النفس الإنسانية عرض إلى غير هذا.
وقد انتهت أقوالهم في النفس الإنسانية إلى نحو ألف قول على ما ذكره بعض العلماء المطلعين.
وما أصاب أحد منهم لأنهم طلبوا معرفتها بالنظر والاستدلال وإقامة البراهين العقلية والأقيسة الفكرية، ومعرفة النفس الناطقة الروح لا يعطيها النظر الفكري أبدا، لأن حقيقتها فوق طور العقل، وإنما یکاشف بذلك القلب السليم، ثم يفيض على العقل.
فليس للعقل فيما فوق طوره إلا القبول لما انكشف له، فمن طلب الوصول إلى العلم بها والحصول على حقيقتها من طريق النظر الفكري وأعرض عن طريق التصفية وجلاء مرأة القلب فقد أخطأ الطريق، إذ لا طريق إلى معرفة النفس الإنسانية إلا الكشف.
.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:11 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
قال رضي الله عنه : ( وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
(وأما أصحاب النظر) العقلي (وارباب الفكر من) الفلاسفة (القدماء المتكلمين)، أي علماء الكلام (في كلامهم)، أي بحثهم (في النفس) الناطقة الإنسانية (و) بیان (ماهيتها فما منهم من)، أي أحد (عثر)، أي اطلع (على حقيقتها)، أي النفس (ولا يعطيها)، أي حقيقة النفس (النظر الفكري أبدا)، إلا بطريق الحدس والتخمين والظن والتوهم.
ولهذا اختلف الخائضون في ذلك على نحو ألف، قول و قال جدنا ابن جماعة رحمه الله تعالى : وليس فيها قول صحيح بل هي قياسات وتخيلات عقلية (فمن طلب العلم بها)، أي بالنفس الناطقة (من طريق النظر الفكري) كما هو شأن حكماء الفلاسفة والمتكلمين وغيرهم (فقد استسمن ذا)، أي صاحب (ورم)، أي ظنه سمينة وحسب ورمه سمنة (ونفخ في غير ضرم)، أي نار موقدة، وهذا مثل مشهور يضرب لمن يطلب الشيء من غير موضعه.
(لا جرم)، أي قطعة (أنهم)، أي هؤلاء الطالبين معرفة النفس من نظرهم الفكري (من) جملة القوم ("الذين ضل")، أي خسر ("سعيهم")، أي طلبهم للمعرفة النفسانية الموصلة إلى المعرفة الربانية المترتب عليها سعادة الدارين والنجاة الأبدية
("في الحياة الدنيا")، فخرجوا من الدنيا ولم يظفروا من مطلوبهم بطائل، ولا حصل الهم من المقصود المهم حاصل ("وهم يحسبون")، أي يظنون ("أنهم يحسنون صنعا")، لأنهم خالفوا طريق الأنبياء عليهم السلام بالنظر بنور الإيمان والتأدب في العلم والعمل بآداب الإسلام والإذعان.
والمسلمون منهم خاضوا في معاني الكتاب والسنة بأنظارهم العقلية وأفكارهم الوهمية، وجعلوا الحق الواحد مذاهب كثيرة ، وقد خطأ بعضهم بعضا .
(فمن طلب الأمر من غير طريقه) كمن يطلب معرفة النفس الناطقة من طريق النظر العقلي (فما ظفر بحقيقته)، أي تحقيق ذلك الأمر، والتبس عليهم الحق المبين بملابس الأغيار من العالمين .
(وما أحسن ما قال الله) تعالى (في حق هذا العالم) الحادث (وتبدله)، أي تغيره بمحوه في كل آن وإثبات مثله كأنه هو (مع) تکرار (الأنفاس) الخارجة من أجواف جميع الحيوان والداخلة عليها (في خلق)، أي تخليق وإيجاد وتقدير من الله تعالی (جدید) غير الخلق الأول الذي كان في النفس الأول، ويكون في النفس الثاني والثالث كذلك.
وهكذا جميع ذلك (في عين واحدة ) وجودية حقيقة مطلقة تتبدل عليها تلك العوالم كلها في نفس وتمضي وتأتي غيرها، وهي لا تتبدل ولا تتغير أصلا، وهي على ما كانت عليه في الأزل.
فقال تعالى (في حق طائفة) أنكروا المعاد والمحشر واستبعدوه (بل) في حق أكثر العالم من الناس الغافلين عن أذواق العارفین ("بل هم في لبس")، أي التباس ("من خلق")، أي مخلوق أو تخلیق ("جديد") غير ما يرونه في أول ما يرون (فلا يعرفون تجديد الأمر) في نفسه (مع الأنفاس) فهو غيره في كل نفس.
(لكن قد عثرت)، أي اطلعت (عليه)، أي على هذا الخلق الجديد المتبدل مع الأنفاس (الأشاعرة) من علماء الكلام وهم جماعة أبي الحسن الأشعري من أهل السنة (في بعض الموجودات) من العالم (وهي الأعراض) جمع عرض بالتحريك وهو ما لا قيام له بنفسه عندهم، بل قيامه بالجسم والجسم عندهم خلاف العرض لأنه الذي له قيام بنفسه، يعني تحيزه ليس تابعة لتحيز شيء آخر، والعرض الذي تحيزه تابع لتحيز غيره وهو الجسم.
(و عثرت)، أي اطلعت (عليه)، أي على الخلق الجديد المذكور وتبدله مع الأنفاس الفرقة (الحسبانية)، أي المنسوبون إلى الحسبان وهو الظن والتوهم (في العالم كله) ويقال لهم: السوفسطائية فإن سوفسطا اسم للحكمة الموهومة والعلم المزخرف لأن «سوفا » معناه العلم والحكمة واسطا، معناه المزخرف والغلظ ، ومنه اشتقت السفسطة كما اشتقت الفلسفة من «فيلا سوفا»، أي محب الحكم .
وهذه الفرقة أنواع؛ منهم من ينكر حقائق الأشياء ويزعم أنها أوهام و خيالات باطلة وهم العنادية.
ومنهم من ينكر ثبوتها ويزعم أنها تابعة للاعتقادات، حتى إن اعتقدنا الشيء جوهرا فجوهرا أو عرض فعرض أو حادثا فحادث أو قديما فقديم وهم العندية ، ومنهم من ينكر العلم بثبوت شيء واللاثبوتية ويزعم أنه شال وشك في أنه شاك، وهلم جرا، وهم اللاأدرية نسبة إلى لا أدري.
(وجهلهم)، أي الحسبانية (أهل النظر) من المتكلمين والفلاسفة (بأجمعهم) حيث نفوا حقائق الأشياء ولم يعترفوا بثبوت شيء منها أصلا (ولكن أخطا الفريقان)، أي الأشاعرة والحسبانية (وأما خطأ الحسبانية فبكونهم)، أي بسبب أنهم
(ما عثروا)، أي اطلعوا (مع قولهم) الحق (بالتبدل) والتغير والتجدد (في) جميع أجزاء العالم بأسره من المحسوسات والمعقولات (على أحدية عين الجوهر) الفرد الذي هو ليس بمركب ولا متحيز ولا قائم بغيره أصلا (المعقول) من حيث دلالة الأشياء كلها عليه لضرورة صدورها عنه وقيامها به (الذي قبل الظهور في الحس والعقل بجميع هذه الصور المحسوسة والمعقولة .
(ولا يوجد) عند العقول وأفكارها (إلا بها)، أي بتلك الصور (كما لا تعقل) تلك الصور في الظاهر والباطن (إلا به)، لأنه مصدرها وقيومها .
(لو قالوا)، أي الحسبانية (بذلك)، أي بوجود عين ذلك الجوهر المذكور (فازوا بدرجة التحقيق في) معرفة (الأمر) الإلهي وشاركوا أهل الله تعالى في نيل السعادة بالمعرفة الإلهية.
ولكنهم نفوا الكل ولم يثبتوا معلوما ليثبت به مجهول، فلا سبيل إلى مناظرتهم، والجدال معهم محال، بل الطريق كما قال بعض علماء الكلام تعذيبهم بالنار ليعترفوا أو يحترقوا.
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
قال رضي الله عنه : (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في) معرفة (النفس وماهيتها فما منهم من عثر) أي فليس أحد منهم اطلع (على حقيقتها ولا يعطيها) أي ولا يعطي معرفة النفس لأحد .
قال رضي الله عنه : (النظر الفكري ابدا فمن طلب العلم بها) أي بماهية النفس (من طريق النظر الفكري فقد استسمن) أي طلب حصول سمان (ذا ورم ونفخ في غير ضرم) أي نفخ في غير ما يوقد به النار وهما ضرب مثل يستعمل في طلب حصول أمر من غير طريقه .
(لا جرم أنهم) أي الذين طلبوا معرفة النفس من طريق النظر كانوا (من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون) أي يظنون (أنهم يحسنون صنعا) أي يفعلون فعلا حسنة .
(فمن طلب الأمر من غير طريقة فما ظفر بتحقيقه) أي فما وصل حقيقة ذلك الأمر وهذا كله إظهار المرتبة أهل النظر في العلم.
 
ولما فرغ عن بيان تقلبات القلب وأحواله شرع في تبدلات العالم لكونه نوعا من التقليب وقال: قال رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة فقال في حق طائفة بل) في حق (أكثر العالم) بفتح اللام (بل هم في لبس من خلق جديد فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس)، وهم المحجوبون بتشابه الصور عليهم (ولكن قد عثرت عليه) أي على تجديد الخلق أو على تبدل العالم (الأشاعرة في بعض الموجودات وفي الإعراض) 
فإنهم قالوا: العرض لا يبقى زمانين (وعثرت عليه) أي على التبدل (الحسبانية) وهم السوفسطائية (في العالم كله وجهلهم) أي جهل الجسمانية من التجهيل (أهل النظر بأجمعهم) مع أنهم علموا الأمر في ذلك على ما هو عليه في نفسه
قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان أما أخطاء الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم في التبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد) ذلك الجوهر المعقول في الخارج .
(إلا بها) أي إلا بتلك الصورة (كما لا تعقل) تلك الصورة (إلا به) أي بالجوهر (فلو قالوا بذلك) أي بأحدية عين الجوهر (فازوا بدرجة التحقيق في الأمر) فإنهم حينئذ كانوا من العارفين الأمر على ما هو عليه .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

قال رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.  فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.  فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب.
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة.
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
قال رضي الله عنه : "وأمّا أصحاب النظر وأرباب الفكر - من القدماء والمتكلَّمين في كلامهم في النفس وماهيتها - فما منهم من عثر على حقيقتها ، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا ، فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري ، فقد استسمن ذا ورم ، ونفخ في غير ضرم ، لا جرم أنّهم من " الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً ".
 
قال العبد اعلم : أنّ حقيقة النفوس كلَّها من النفس الواحدة التي هي نفس الحق ، وأمّا صور النفوس فإنّها تجلَّيات نورية في النفس الرحماني ، تنفّس الحق بها عن الصور الجسمانية الطبيعية ، فإن كانت - أعني النفس - جزئية ، فهي صورة من صور النفس الكلية الواحدة الرحمانية متفرّجة في مادّة نفسية نورية رحمانية .
وإن كانت نفسا كلية من النفوس للإنسان الكامل ، فهي عين نفس الحق ظهرت في مرتبة حقيقة هذا العبد على نحو من الصورة ، ونفس الحق الإنسانية الواحدة هي التي خلقت منها النفوس كلَّها ، فقبلت في الصورة الذكورة والأنوثة من حيث حقيقتها ، الذاتيتين لها ، وهما الفعل والانفعال .
قال : " خَلَقَكُمْ من نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً " فتلك النفس الواحدة - التي خلقنا منها ، ومنها خلق زوجها - هي نفس الحق التي يحذّركم منها ، وقد أمرنا أن نجعلها وقاية لربّنا في معرفتنا بها .
ونجعل الربّ وقاية لها عن كل ما يخاف ويحذر ممّا يذمّ ويحمد ، ونضيف المحامد كلَّها إلى النفس من كونها عين نفس الحق ، ونضيف المذامّ كلَّها إليها كذلك من كونها نفسا .
فإنّها ذات جهتين تقبل النسبة إلينا من كونها صور حقائقها الذاتية التي هي عينها ، فهي كثيرة لا تتناهى صور جزئيّاتها ، وكذلك تقبل النسبة إلى الحق من كونها نفس الحق الظاهرة في نفسه من مقامي قرب الفرائض والنوافل التي لها من جهتيها ، فإنّ الحق هو عين هويّتنا من كونه عين سمعنا وبصرنا ويدنا ورجلنا وسائر قوانا ، وعين نفوسنا وأعياننا ، ونحن صورة التي نقول على ألسنتنا ، فنحن لسانه الذي يقول : سمع الله لمن حمده ، فنحن من هذا الوجه عين سمعه وبصره ولسانه ، فنحن بحسبه من هذا الوجه ، ومن الوجه الآخر هو ظاهرنا كما ذكرنا .
 
فإذا ظهر بنا لنا ، فنحن وقايته عن الكثرة المشهودة في أحديته العينية ، إذ نحن الأعضاء والجوارح .
وإن ظهر هو في أحدية عينه ، فنحن باطنه وهو عين قوانا وأعضائنا ونفوسنا ولمّا كانت للنفس هذه السعة ، فهي من حيث توحّدها وأحديتها نفس الحق .
ومن حيث نسبها وشعبها غير المتناهية عيننا ، فمتى عرفناها بهذه السعة ، عرفناها عين الحق حقّ معرفتها .
وتحقّقنا بحقيقتها في قوله : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » فإنّ هذه النفس الواحدة من حيث هويتها الغيبية الواحدة هي نفس الحق ، ومن حيث أنانيّاتها وإنيّاتها الفرقانية نحن ، فإنّ لها إنّيات متعدّدة غير متناهية من حيث شخصياتها ، وهي صور نسب الهوية النفسية النفسية الرحمانية أو الأنانية كالأينية الظاهرة الطاهرة للهوية الباطنية ، والظاهر ظاهر الباطن وبالعكس .
فإن ظهرت النفس في تعيّنها بالهوية الواحدة ، استغرقتنا في هويتها الواحدة ، فكنّا باطنها مستهلكين فيها ، فنحن فيها حينئذ هي ، لا نحن .
وإن ظهرت النفس في صور إنيّاتها ، ظهرنا وكانت هي هويّتنا الباطنة ، فتحقّقت الوقاية لها من جهتها ، فعرفت واحدة كثيرة ، واحدة من حيث العين ، كثيرة من حيث الأين والبين ، والله بأحدية جمعه يقرب الأين ، ويرفع البين ، ويقرّ بذلك العين .
وأمّا تعيّنها فمن حيث أحدية الجمع النفسي الرحماني الذي به نفّس الحق عن حقائقنا العينية عن الكونه العدمية التي كنّا غيبا فيها ، وهي العدمية النسبية من حيث أعياننا ، فتنفّس الحق من قبلنا وحيثيتنا ، ومن جهة أعياننا المستهلكة نفّس بذلك النفس الرحماني عنّا من ضيق كان قائما بحقائقنا في الاستهلاك ، تحت قهر الأحدية ، فأوجد أعياننا بعين نفسه ونفس نفسه الذي رحمنا به ونفّس عنّا ، فنفوسنا من حيث الحقيقة والعين نفس الحق ، ومن حيث تعيّناتها بشخصياتها أنفاسه الرحمانية المتعيّنة في حقائقنا وأعياننا ،فظهرنا بنفس الحق في نفس الحق.
فافهم إن كنت نفسهم ، والله الملهم .
وأمّا المتفلسفة من حكماء الرسوم والأفكار ،قديما وحديثا ،فما تحقّقوا بحقيقتها،
ولم يبلغ علمهم منها إلَّا إلى التعريف الرسمي من حيث صورتها الحجابية ، فتكلَّموا في صورها وقواها وكيفية تعلَّقها بالبدن ، وأنّها جوهر أو عرض ، وداخل البدن أو خارجه ، أو لا داخل ولا خارج ، دخولا وخروجا جسمانيّين ، فقد يصدق عليها كلّ ذلك من حيث المعنى .
فإنّ الجسم والقوى الجسمانية من كونها محالّ ظهور قوى النفس وحقائقها ومظاهرها ، فما هي خارجة عنها ، ولكن ما خاض أحد في بيان حقيقتها وإنّيتها وهويّتها وعينها وغيبها وحقيقتها وخليقتها وعبوديّتها وربوبيّتها ، وكل منهم بذل جهده وأقام قصده ، والكلّ مصيب من وجه ، مخطئ من وجه ، وإن طلبت التحقّق بها بموجب الكشف والشهود ، فعليك بشرح الغرّاء التائيّة لنا ، وهي ألف بيت نظمناها في علم الحقيقة واستقصينا فيها القول على النفس وأسرارها ، فإن ظفرت بها ظفرت بعلمها إن شاء الله تعالى .
 
قال رضي الله عنه : « فمن طلب الأمر من غير طريقه ، فما ظفر بتحقيقه ، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدّله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ، فقال في حق طائفة بل أكثر العالم " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس .
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض ، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كلَّه ، وجهّلهم أهل النظر أجمعين .
ولكن أخطأ الفريقان :  أمّا خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدّل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلَّا بها كما لا تعقل إلَّا به . فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر . "

قال العبد اعلم : أنّ صور العالم على ما عرّف عند الجمهور من أهل الحجاب :
بأنّه سوى الحق وغيره وهي أغيار بعضها للبعض ظاهر موجود مشهود ، والحق عندهم مغيب مفقود لا يعلم بالحقيقة والإحاطة ، وغير مشهود بما عرّفوا وعرفوا من الشهود .
 
وأمّا عند العارف المحقّق الكامل ، والمحنّك الفاضل ، فالحق هو الموجود المشهود بكل شهود في كل وجود ، والعالم متوهّم مفقود .
وأنّه مجموع أسامي موضوعة على كثرة متوهّمة أو متعقّلة وهي في الوجود والشهود واحدة ، فهي كثرة متوهّمة في جوهر واحد موجود مشهود .
ومع كونها متوهّمة فإنّها مضمحلَّة في أحدية العين .
وإنّما العالم جوهر واحد هو مجموع أعراض توحّدت فتجوهرت جوهرا واحدا تتراءى فيه صور لا تتناهى أبدا ، فهذه الصور - من حيث إنّها تراء وتظاهر وتمثّل - لا تحقّق لها بنفسها ، بل بجوهرها وفيه .
فهي أعراض جمعت إلى جوهر واحد وصارت جوهرا واحدا أو هي جوهر واحد لا حقيقة في الحقيقة إلَّا له ، وإذا كان العالم مجموع أعراض ، فإنّ الأعراض لا تبقى زمانين ، والجوهر المشار إليه يتبدّل فيه الأعراض ، وهو يتقلَّب فيها ، ولا يتبدّل ولا يتغيّر .
وبيان كون العالم مجموع أعراض :
أنّ العالم لا يخلو من أن يكون جوهرا ، أو عرضا ، أو مجموع جواهر وأعراض ، أو لا يكون واحدا منها ، لا جائز أن لا يكون شيئا منها ، وإلَّا فهو لا شيء ولا وجود له ، وانحصر الأمر في هذا التقسيم لانحصار الأمر بين الوجود والعدم .
ثم نقول : لا جائز أن يكون جوهرا لا عرض فيه ، لعدم وجود جوهر بلا عرض وعدم تحقّق هيولى بلا صورة .
ولأنّا نقول أيضا : إن كان الجوهر ما يقوم بذاته ولا يكون موجودا في موضوع ، بل موجودا لا في موضوع .
فالعلم إذن ليس بجوهر ، لأنّه لا قيام ولا وجود له من ذاته ، بل قيامه بوجود مستفاد من الحق ، فليس العالم ولا شيء من العالم بجوهر قائم بذاته .
وأيضا فإنّ الجوهرية أمر اعتباري في ذات الجوهر وماهيته ، ولا تحقّق للجوهرية إلَّا بالجوهر ولا تعيّن للجوهر إلَّا بالجوهرية المعقولة ، وهو كون الجوهر موجودا لا في موضوع ، وهذا أمر اعتباري ، والأمور الاعتبارية لا وجود لها إلَّا في الاعتبار والعقل أو الذهن ، والوجود أيضا على ما عرّفوا في عرفهم الخاصّ عرض ، ولا يشهد أيضا من العالم إلَّا الصور والأضواء والسطوح والأبعاد وهي أعراض ، فبطل أن يكون العالم جوهرا أو جوهرا بلا أعراض ، والحسّ والعقل يشهدان بذلك .
 
ولا جائز أيضا أن يكون مجموع أعراض وجواهر ، فإنّ القائم بنفسه وحقيقته لا في موضوع آخر هو الوجود الحق المطلق ، فإنّه المتحقّق بنفسه لنفسه حقيقة لا بغيره ولا في غيره ، وهو يتعالى عن أن يكون جوهر العالم أو يقوم به عرض أو جزءا من مجموع .
 
وإذا صحّ أنّه ليس بجوهر أو جواهر بلا أعراض ولا قائما بذاته في ذاته ولا مجموعا من جواهر وأعراض ، لزم أن يكون مجموع أعراض ، وإذا كان العالم مجموع أعراض فإنّه يتبدّل برمّته وكلَّيته في نفس ، ولأن لا ينقسم من الزمان ، ولا يشعر بذلك ، للطافة الحجاب وهو تشابه الصور والأمثال .
 
وأيضا فإنّ العالم ممكن الوجود على كل حال أو واجبة لا بذاته ، بل بالواجب بالذات ، وامتنع امتناع وجوده بالإجماع ، فلزم أن يكون إمّا ممكنا أو واجبا .
 
لا جائز أن يكون واجبا بذاته ، فإنّه الحق ، فلو كان واجبا بالواجب بذاته ، فقيامه إذا بالواجب بالذات لا بنفسه ، وإن كان ممكنا فلا وجود له إلَّا بالمرجّح ولا تحقّق له إلَّا بالوجود المستفاد من الموجد المرجّح .
فهو إذن بدون ذلك غير موجود ، بل هو معدوم في عينه ، إذ لم يكن ، فهو لعينه عدمي يطلب العدم الأصلي لعينه ، ولكنّ الموجد المرجّح يوالي ويواصل بنور الوجود وإفاضته عليه ، ويوجده مع الآنات ، فتتجدّد الصور والأعراض ، والصور والأشكال من الوجود المطلق للحق ، ولا يفيض من الحق إلَّا الحق ، فيتحقّق به ما لا تحقّق له في عينه ، فيوجد هذه الأعراض والصور في هذه العين الواحدة التي هي كالمراة لهذه الصور المترائية فيه تماثيل وتمثّلات بها.
 فلو شعر الذين شعروا بما شعروا من تبدّل المجموع وهم السوفسطائية المسمّون حسبانية ، أنّ وراء هذه التبدّلات والأبدال ، والتمثّلات والأمثال حقيقة حق لا يتبدّل عن مقتضى ذاته ، ولكن من شأنه الظهور بهذه الصور عند التجلَّي والتعيّن ، وأنّه عين الوجود الحق ، لكانوا من أهل العثور على حقيقة الأمر .
ولكنّهم شعروا بالتبدّل في مجموع العالم ، ثم لم يثبتوا فتزلزلوا ونفوا الحقيقة .
فقالوا : وإذ صحّ تبدّل العالم وتغيّره جملة وتفصيلا ، فلا حقيقة له .
فلو ثبتوا وأثبتوا الحقيقة الأحدية الثابتة القابلة لهذه الصور العرضية لا من خارج ، بل من عينه ، وأنّها لا تقدح الكثرة العرضية والتعيّن والتجدّد في حقيقة هذه العين الأحدية ، لفازوا بالحق .
 
 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
قال رضي الله عنه : "ولهذا ما عثر أحد من العلماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل ، والأكابر من الصوفية ، وأصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ولا يعطيها النظر الفكري أبدا " لكون الفكر محجوبا بالتقييد كما ذكر
قال رضي الله عنه : " فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم ، لا جرم أنهم من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه " هذا ظاهر .
"" أضاف بالي زادة :  ( ولهذا ) أي ولأجل أن حقيقة النفس عين هوية الحق اهـ. ""
 
قال رضي الله عنه :" ما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ، فقال في حق طائفة بل أكثر العالم – " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " - فلا يعرفون تجديد الأمر على الأنفاس "
الطائفة المقول في حقهم هذا هم أهل النظر وتبدل العالم مع الأنفاس وكونه على الأنفاس في خلق جديد ، مع أن العين الواحدة التي هي حقيقة الحق بحالها هو أن العالم بمجموعه متغير أبدا ، وكل متغير يتبدل بعينه مع الآنات فيكون في كل آن متعينا غير المتعين الذي هو في الآن الآخر مع أن العين الواحدة التي يطرأ عليها هذه التغيرات بحالها ، فالعين الواحدة هي حقيقة الحق المتعينة بالتعين الأول ، ومجموع الصور أعراض طارئة مبتدأة متبدلة في كل آن وهم لا يعرفون حقيقة ذلك ، فهم في لبس من هذا التجدد الدائم في الكل ، فالحق مشهود دائما في هذه التجليات المتعاقبة ، والعالم مفقود أبدا لفنائه في كل طرفة وحدوثه في صورة أخرى .
"" أضاف بالي زادة :  ولما فرغ من بيان تقلبات القلب وأحواله شرع في تبدلات معالم لكونه نوعا من التقلب فقال ( وما أحسن ما قال الله ) اهـ بالى زادة.  ""

قال رضي الله عنه : " لكن عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله وجهلهم أهل النظر بأجمعهم ولكن أخطأ الفريقان أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به ، فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر"
الحسبانية : السوفسطائية ، ومذهبهم أن العالم يتبدل مع الآنات ، لكنهم ما أثبتوا الحقيقة الأحدية التي هي وجه الحق بالحقيقة وهي التي تتبدل عليها صور العالم ، فغابوا عن الحق وتجلياته الغير المتناهية ، والحقيقة مع التعين الأول اللازم للعلم بذاته ، هي عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصورة المسماة عالما ، وهو المسمى بالعقل الأول وأم الكتاب ، وهو روح العالم فلا يوجد العالم إلا به ، وتأنيث الضمير وتذكيره في بها وبه باعتبار العين والجوهر .
 
"" أضاف بالي زادة :  أي على تجديد الخلق وتبدل العالم الأشاعرة ، فإنهم قالوا : العرض لا يبقى زمانين ، وجهلهم أهل النظر من التجهيل : أي الحسبانية مع أنهم علموا الأمر في ذلك على ما هو عليه اهـ بالى .
فخطأ الحسبانية في أمر واحد والأشاعرة في أمرين. اهـ بالى زادة .
 ""

 
وبالحقيقة هي المرآة الأولى التي ظهر وجه الحق فيها ، ولولا ذات الحق لما وجدت ، ولكن لما كان هذا الجوهر معقولا غير مشهود إلا لمن غيبه شهادة ، كان الحق مشهودا في العالم وهو كالمرآة الثانية في التحقيق والمرآة الأولى بالنسبة إلى أهل البصر .
 كما أن روحه هي المرآة الأولى لأهل البصيرة ، وكما لا توجد صور العالم إلا بذلك الجوهر فكذلك لا يعقل إلا به لأنه العاقل والمعقول .
فلو عرفت الحسبانية تلك الحقيقة لفازوا بدرجة التحقيق في معرفته وأما الأشاعرة فلم يعرفوا حقيقة العالم ، وأن العالم ليس إلا مجموع هذه الصور التي يسمونها أعراضا ، وأثبتوا جواهر ليست بشيء ولا وجود لها ، وغفلوا عن العين الواحدة الظاهرة في هذه الصور وحقيقتها التي هي هوية الحق ، فذهبوا إلى تبدل الأعراض في الآنات ، فظهر خطأ الفريقين من أهل هذا الشأن .
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:12 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة السابعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة السابعة عشر :  الجزء الثاني
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
 
قال رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا . )
لما بينا من أنه جسماني منغمس في الظلمات ، عاجز عن رفع الوهم والشبهات .
( فمن طلب العلم بها ) أي ، بماهية النفس وحقيقتها . ( من طريق النظر الفكري ، فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم . ) ( الضرم ) ما به يوقد النار .

قال رضي الله عنه : (لا جرم أنهم من "الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا " . فمن طلب الأمر من غير طريقه ، فما ظفر بتحقيقه . ) كله ظاهر .
قال رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله من الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة . فقال في حق طائفة ، بل أكثر أهل العالم : "بل هم في لبس من خلق جديد " . فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس . )
لما كان كلامه رضي الله عنه  في الحكمة القلبية وبيان تقلبات القلب في عوالمه ، وكان العالم أيضا لا يزال متقلبا في الصور ، ذكر أنه في كل آن ونفس يتبدل صورة على العين الواحدة التي هي الجوهر ، واستشهد بقوله تعالى : " بل هم في لبس من خلق جديد ".
ولما كان هذا التبديل نوعا من أنواع القيامة - كما مر بيانه في المقدمات - وأهل النظر لم يشعروا بهذا ، جعلهم بمثابة المنكرين بقوله : ( فقال في حق طائفة ) وهم أهل النظر . ثم عم بقوله : ( بل أكثر العالم ) . أي ، قال في حق أكثر العالم ، وهم المحجوبون كلهم . وما التبس عليهم ذلك إلا بمشابهة الصور .

قال رضي الله عنه : (لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض.)
لأنهم ذهبوا أن العرض لا يبقى زمانين .
قال رضي الله عنه :  (وعثرت عليه (الحسبانية) في العالم كله . وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.)
( الحسبانية ) هم المسماة عند أهل النظر ب‍ ( السوفسطائية )
 
قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان : أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور ولا يوجد إلا بها.) أي ، ولا يوجد ذلك الجوهر في الخارج إلا بتلك الصور .
( كما لا تعقل إلا به ) أي ، كما لا تعقل تلك الصورة إلا بالجوهر ، يعنى ، كما لا يعقل كل واحد
من الموجودات عند التعريف إلا بالجوهر .
( فلو قالوا بذلك ) أي ، بأن الجوهر شئ واحد يطرأ عليه صور العالم كله ، فتصير موجودات متعينة متكثرة .
وذلك الجوهر هو عين الحق الذي بتجليه حصل العالم . ( فازوا بدرجة التحقيق في الأمر ) لأنهم حينئذ كانوا عارفين بالأمر على ما هو عليه. 



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

قال رضي الله عنه : (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.)
وأما أصحاب النظر في المعقولات المحضة، (وأرباب الفكر) الجامعين بين المعقولات والأدلة النقلية (من القدماء) أي: الفلاسفة القابلين بتنزيه الحق والنفس، المانعين من تصورهما بصورة، (والمتكلمين) القابلين بجسميتها من ظواهر النصوص.
فهم في كلامهم في حد (النفس) وحقيقتها (فما منهم من عثر على حقيقتها) الجامعة، كيف (ولا يعطيه النظر الفكري) لمنعه من الجمع بين المتقابلين (أبدا)، حتى منعوا في المجردات التصور بصورة لاختصاصها عندهم بالماديات.


قال رضي الله عنه : (فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم. ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.)

قال رضي الله عنه : (فمن طلب العلم بها) أي: بحقيقة النفس (من طريق النظر الفكري، فقد) غلط غلطا شبيها بالصواب كمن (استسمن ذا ورم) إذ الدليل العقلي، وإن استوعب التقسيمات فلا يخلوا عن نقص أو مناقضة أو معارضة غالبا أي: أورام ويظن أنها سمن؛ بل أفحش منه وهو كمن (نفخ في غير ضرم)، إذ يظن أنه بتدقيق النظر يحصل اليقين وترتفع الشبهات، ولا يحصل ولا ترتفع إلا بنور البصيرة التي هي بمنزلة النار في المصباح، (لا جرم أنهم من "من الذين ضل سعيهم")  [الكهف:14] .

في ترتيب المقدمات، وتكثيرها، وتحريرها، وتقرير الشبهات وحلها في الحياة الدنيا قبل الوصول إلى كشف الغطاء، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا بتحرير المقدمات وتکثيرها، وإيراد الشبهات ورفعها، وتدقيق النظر في ذلك، نعم إنما يقع ذلك فيما يدرك بالعقل، ولا يتوقف على الكشف.

قال رضي الله عنه : (فمن طلب الأمر من غير طريقه) كطلب الألوان باللمس، ولذة الجماع بالقياس على لذة السكر (فما ظفر بتحقيقه)، ولا طريق إلى معرفة النفس سوى الكشف.
لقوله تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلا" [الإسراء: 85]، عقيب السؤال عن الروح وكأنه
أراد العلم الحاصل عن النظر، فإن اليقين فيه قليل؛ فافهم، فإنه مزلة للقدم.
ثم أشار إلى أن تبدل الصور لا يختص بالرب والنفس وسائر المحردات؛ بل يعم الأجسام والأعراض، فقال: (وما أحسن ما قال الله تعالى في حق) جميع (العالم) الذي يرى أجسامه، و بعض أعراضها مستقرة، والكل في تبدله مع (تبدله مع الأنفاس) أي: الآيات فتكون كل صورة من صوره ("لفي خلق جديد") مع كونه (في عين واحدة).

 كما يقال : زيد شابا هو زيد طفلا وشيكا، ولونه اليوم هو لونه أمس وغدا، (فقال: في حق طائفة) بالقصد الأول وهم منكرو البعث.
من أجل أن الأمر الجديد كيف يكون عين ما فني (بل أكثر العالم) بطريق الإشارة؛ لقولهم: تبقى الأجسام وبعض الأعراض .
قال رضي الله عنه : ("بل هم في لبس من خلق جديد" [ق:15]، فلا يعرفون تجديد الأمر) أي: فيض الوجود عليها (مع الأنفاس) إذ الأصل في الممکنات العدم، فلو انقطع عنها الفيض لحظة؛ عادت إلى أصلها؛ لكن التبس عليهم الأمر لعدم تخلل زمان العدم بين الفيضين فلم يغيروا عليه.
(ولكن قد عثرت عليه الأشاعرة) أصحاب أبي الحسن الأشعري أول من قرر دلائل السنة بعد غلبة البدعة (في بعض الموجودات، وهي الأعراض)، فمنعوا بقائها زمانين، وجعلوا بقاء ما يتوهم بقاؤه بتجدد الأمثال.
قال رضي الله عنه : (وعثرت عليه الحسبانية) أي: السفسطائية (في العالم كله)، حيث جعلوا لكل صورا خیالية، فكأنها عندهم أعراض قائمة بالخيال.
فلو قالوا: بتبدل الأعراض لزمهم القول بتبدل الكل، (وجهلهم أصحاب النظر بأجمعهم) لإنكارهم ما يجزم القول العقل بثبوته من الضروريات والمحسوسات، ولا يتشكك فيها بالتشکیکات.

قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية) قدمهم في الخطأ وآخرهم في الإصابة (فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل) أي: مع ما لزمهم من القول بتبدل الصور (في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصور) المعقولة أي: المتخيلة، وجعلهم إياها قائمة بالخيال لا يفيدهم.
إذ (لا يوجد) تلك الصور الخيالية، وذلك الخيال الذي وهموا قيامهما به (إلا بها) أي: بتلك العين الواحدة.
لأن الكل ممكن لا وجود له في نفسه، وإنما هو من إشراق نور الوجود الحق عليه، (كما لا تعقل) العين الواحدة (إلا به) أي: بالعالم إذ لا بد أولا من الاستدلال بالعالم عليه كما مر.
فلو قالوا أي: الحسبانية (بذلك) أي: بكون الكل صورا خيالية قائمة بالعين الواحدة (فازوا بدرجة التحقيق)، إذ هو مذهب الصوفية بعينه، ولا يلزمهم إنكار ما يجزم العقل بثبوته بالضرورة؛ لأنهم يقولون بثبوتها، لكن لا بأنفسها بل بالعين الواحدة.
ولا يتأتى ذلك للحسبانية فغرقوا في هوة الضلال بإنكارهم العين الواحدة فصاروا أخس الطوائف وأجهلهم.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. ).

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأمّا أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلَّمين في كلامهم في النفس وماهيّتها ، فما منهم من عثر على حقيقتها ) فإنّ الحقائق لا يمكن أن يوصل إليها بطريقهم ذلك ( ولا يعطيها النظر الفكري أبدا ) .

قال رضي الله عنه :  ( فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ) وذلك حيث أخذ الحاصل من النظر - يعني التفصيل الانبساطي الذي يزول سريعا بأدنى شبهة - بمنزلة الانشراح العلمي والانبساط الذوقي ، الزائد أبدا بازدياد الأغذية الروحانيّة الذوقيّة .
( ونفخ في غير ضرم) وذلك حيث يتوجّه إلى استحصال الحقائق العلميّة واستنتاج اللطائف الذوقيّة من العلوم الحاصلة من النظر مما يشبه اليقين ، فإنّ ذلك التوجّه مما لا يفيد من اليقين شيئا ، ولا يحصل علما ولا نورا ، فإنّه إنّما يقول لسان الاستعداد الفطري له .
ما قاله ابن الفارض :
أتيت بيوتا لم تنل من ظهورها  ..... وأبوابها عن قرع مثلك سدّت

قال رضي الله عنه :  ( لا جرم أنّهم من الذين " ضَلَّ سَعْيُهُمْ في الْحَياةِ الدُّنْيا "  ) التي هي مادّة الحياة الحقيقيّة الأبديّة ، وتحصيل موادّها ( " وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً" )   ، فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه ) .
ضرورة أنّ الموصل إنّما هو الطريق القويم والصراط المستقيم ، فإذا أعرض عنه وسلك مسالك التعمّلات والتسبّبات الجعليّة ، لا يمكن له الظفر به أصلا ، كما قيل :
ونهج سبيلي واضح لمن اهتدى   ....   ولكنّما الأهواء عمّت ، فأعمت

العالم في حدوث دائم
قال رضي الله عنه :  (وما أحسن ما قال الله تعالى في حقّ العالم وتبدّله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة ) وما أطرف دلالته على الكثرة المشهودة في العين الواحدة.
( فقال في حقّ طائفة - بل أكثر العالم – " بَلْ هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " ) .
فإنّه يدلّ على أنّ تلبّس العالم في ملابس الخلقيّة وظهوره في صورة الأثر ، والفعل متجدّد حسب تجدّد الآنات والأنفاس ، إذ الخلق خروج القابل إلى الفعل على ما لا يخفى على أهله .


قال رضي الله عنه :  ( فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس ، لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات - وهي الأعراض - وعثرت عليه الحسبانيّة في العالم كلَّه ) وهم المسمّاة بالسوفسطائيّة الذين يذهبون إلى تبدّل العالم وعدم تقرّره بحال .
( وجهّلهم أهل النظر بأجمعهم ، ولكن أخطأ الفريقان) :
أمّا خطاء الحسبانيّة فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدّل في العالم بأثره على أحديّة عين الجوهر) المعقول ( الذي قبل هذه الصور ، ولا يوجد ) ذلك الجوهر ( إلَّا بها ، كما لا تعقل ) تلك الصور ( إلَّا به ) ضرورة امتناع قيام الصور بذواتها ، كظهور الموادّ بدونها .

وفي عبارته هاهنا لطيفة وهي أنّ عدم العثور على الشيء والعلم به لا يقال له الخطأ في عرف ، لأنّ الخطأ من الجهل المركَّب ، وهو بسيط ، فنبّه على أنّ إطلاق الخطأ على الحسبانيّة باعتبار عدم العثور هاهنا ، حيث أنّهم جهلوا ما هو المبدء الأولى لهذا العثور والملزوم البيّن له ، وهو قولهم بتبدّل العالم في الصور ، وذهابهم إليه ، مع لزومه البيّن لما يتبدّل ذلك الصور عليه .
وبيّن أن القول بالملزوم البيّن مع عدم العثور على لازمه البين ، ذلك هو الجهل المركَّب عند التحقيق ، فإنّه يستلزم عدم العلم بالملزوم مع اعتقاد علمه به .
قال رضي الله عنه :  (فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.).

قال رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس. «في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.)

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من) الحكماء (القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها فما منهم من عثر على حقيقتها ولا يعطيها)، أي لا يعطى حقيقتها والعثور عليها (النظر الفكري أبدأ . فمن طلب العلم بها)، أي بماهية النفس وحقيقتها
قال الشيخ رضي الله عنه :  (من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم لا جرم أنهم من و الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ) التي هي مادة الحياة الحقيقية الأبدية الأخروية ("وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" [الكهف: 104) فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه).
وبما انجر كلام الشيخ رضي الله عنه إلى أن العالم كثرة مشهودة في عين واحدة .

فقال رضي الله عنه  : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة فقال : في حق طائفة) وهم أهل النظر (بل أكثر العالم) فإنهم محجوبون عن ذلك التشابه الصور .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل هم في لبس من خلق جديد فلا يعرفون تحديد الأمر)، أي أمر وجود العالم (مع الأنفاس، لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض) فإنهم ذهبوا إلى أن العرض لا يبقى زمانین (وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله) جواهره وأعراضه وهم المسماة بالسوفسطائية الذين يذهبون إلى تبدل العالم وعدم تقرره بحال (وجهلهم)، أي الحسبانية (أهل النظر بأجمعهم).


قال رضي الله عنه : (ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )
(ولكن أخطأ الفريقان. أما خطأ الحسبانية فلكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول)، أي المدرك بالعقل لا بالحواس (الذي قبل هذه الصور)، أي صورة العالم (ولا يوجد) ذلك الجوهر (إلا بها) إلا بهذه الصورة في الحس الباطن.
وهو عالم المثال المطلق والمقيد والحس الظاهر أي عالم الشهادة المدرك بالحواس الخمس الظاهرة، وليس المراد أن ذلك الجوهر بدون تلك الصور غير موجود في نفسه بل هو موجود في العقل فقط (كما لا تعقل)، تلك الصورة (إلا به)، أي بذلك الجوهر لأنه داخل في حدها .

فإن قلت: عدم العثور على الشيء من مقول الجهل البسيط والخطأ إنما يكون من الجهل المركب.
قلنا: كأنهم حيث لم يعثروا على أحدية عين قابلة تلك الصورة المنبدلة الغير المنقررة أعتقدوا أنها ظاهرة بأنفسها لا في جوهر واحد العين وذلك جهل مرکب يسلتزم الخطأ (فلو قالوا بذلك)، أي بأن الجوهر شيء واحد يطرأ عليه صورة العالم كله فتصير موجودات معينة متكبرة .
وذلك الجوهر عین الحق الذي بتجليه واحد العائم (فازوا بدرجة التحقيق في الأمر) لأنهم حينئذ كانوا عارفين بالأمر على ما هو عليه .


المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما أصحاب النظر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا.
فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم.
لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا».
فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية  في العالم كله. وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما أصحاب النظر العلي و أرباب الفكر من الحكماء القدماء والعلماء المتكلمين في كلامهم بالنظر العقلي ودليلهم الفكري على معرفة النفس الإنسانية وماهيتها، فما منهم من عثر على حقيقتها. )
فإنهم طلبوا الأمر من فصه ، وأرادوا معرفتها من طريق النظر العقلي ونصبه، وحيث كانت العقول متباينة متفاوتة.
لا جرم أنهم فيها باختلاف أقوالهم في الرب سبحانه وتعالى :
فقال قوم : النفس الإنسانية جوهر فرد متحيز.
وقال آخرون: هي جسم لطیف متشبث بالجسم متخلله.
وقال قوم : هي جوهر محدث قائم بنفسه غير متحيز.
وقال قوم: النفس الإنسانية عرض إلى غير هذا.
وقد انتهت أقوالهم في النفس الإنسانية إلى نحو ألف قول على ما ذكره بعض العلماء المطلعين.

قال رضي الله عنه :  (ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه)
وما أصاب أحد منهم لأنهم طلبوا معرفتها بالنظر والاستدلال وإقامة البراهين العقلية والأقيسة الفكرية، ومعرفة النفس الناطقة الروح لا يعطيها النظر الفكري أبدا ، لأن حقيقتها فوق طور العقل.
وإنما یکاشف بذلك القلب السليم، ثم يفيض على العقل.
فليس للعقل فيما فوق طوره إلا القبول لما انكشف له، فمن طلب الوصول إلى العلم بها والحصول على حقيقتها من طريق النظر الفكري وأعرض عن طريق التصفية وجلاء مرأة القلب فقد أخطأ الطريق، إذ لا طريق إلى معرفة النفس الإنسانية إلا الكشف.

فهو كما قيل في المثل السائر : قد استسمن ذا ورم، أي رأي شخصا أو حيوانا منتفخ الجسم متورمه. فتوهم أن الورم سمن.
ونفخ في غير ضرم، أي رأي رمادا فتوهم أن في باطنه نارا فنفخ فيه فتبدد الرماد، وما وجد نارا، مثل يضرب لمن توهم الأمر على غير حقيقته التي هو عليها .
لا جرم لا محالة ولا بد أنه من الذين ضل : ضاع وبطل سعيهم في الحياة الدنيا ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا لإعجابهم بأنفسهم واعتقادهم أنهم مصیبون في سعيهم.
والآية وإن وردت في الكفار فلمن ضيع نفائس أوقاته فيما لا يحصل به على مطلوبه ولا يظفر ولا يفوز بمرغوبه نصیب منها.
فإن الله تعالی خلق العالم بقوله وقدرته ورتب المسببات على أسبابها بحكمته، وبين طرق الوصول إلى كل مطلوب بفضله ورحمته.
فمن طلب الأمر المقصود بالحصول عليه من غير طريقه وسببه ، الذي وضعه العليم الحكيم، فما فاز بالمرغوب ولا ظفر بحقيقة الأمر المطلوب، سنة الله التي قد خلت في عباده :"فلن يجد إن الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا" [فاطر : 43].

قول سيدنا رضي الله عنه : (وما أحسن ما قال الله في حق العالم وتبدله مع الأنفاس في خلق جديد في عين واحدة، فقال في حق طائفة ، بل أكثر العالم: " بل هم في لبس من خلق جديد" [ق: 10]. فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس. لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الشبانية في العالم كله وجهلهم أهل النظر بأجمعهم، ولكن أخطأ الفريقان : أما خطأ الحسبانية  فلكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية الجوهر المعقول الذي قبل هذه الصور، ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به. فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر. )

"" الحسبانية بضم الحاء أو بکسرها كما في شرح عبد الرزاق القاشاني وهم السوفسطائية حسبما ذكره شراح فصوص الحكم وحسبما يذكره الأمير عبد القادر صاحب المواقف لاحقا، ما عدا القيصري الذي ضبطها به الجسمانية من الجسم ""
يقول رضي الله عنه : وما أحسن وأوضح وأبين مما قال الله جل جلاله في حق العالم، وهو كل ما سوى الله تعالى من تبدله وتحوله وتغيره مع الأنفاس في خلق جديد.
وقولنا مع الأنفاس تجوز والا فعين الإعدام عين الإيجاد.
فعين كل شخص في العالم تتجدد في كل نفس لا بد من ذلك، فلا يزال الحق فاعلا في الممكنات الوجود، وأما ما ينعدم فإنما ينعدم بذاته، وكل شيء في الوجود الإمكاني لا يثبت أكثر من آن واحد.
فلا تبقي أفلاك ولا أملاك ولا أرواح ولا عناصر ولا ما تولد منها إلا ويتغير ويتجدد في كل نفس في عين واحدة.
وهي جوهر العالم المسمي بالهباء وبحقيقة الحقائق وبالبرزخ وبالخيال الحقيقي وبالعما وغير ذلك، كما تقدم - فالعالم كله واحد بالجوهر، ولو هلكت ذرة من العالم من حيث الجوهر لهلك العالم جميعه.
وهذا الجوهر بان مع تبدل ما قام به من العالم، إذا هما عين النفس، والنفس باطن المتنفس، فقال تعالى في حق طائفة، بل أكثر العالم، وهم المنكرون لتجلي الحق تعالى بكل صورة في العالم في كل نفس بعدم وإيجاد في ذلك النفس.
بل هم في لبس خلط وشبهة من خلق، مع إيجاد جديد مستأنف في كل نفس.
ولو صح بقاء ممكن ما نفسا واحدا لاستغني ذلك الممكن عن الحق تعالى في ذلك النفس، وهذا محال ، فالمنكرون لتجديد كل صورة في العالم لا يعرفون تجديد، الأمر الإلهي الذي كلمح البصر، أو هو أقرب مع الأنفاس.
لكن فرقة من متكلمي أهل السنة اهتدت إلى الخلق الجديد في بعض العالم، فهي قد عثرت عليه عقلا لا کشفا.

وهم الأشاعرة أتباع علي بن إسماعيل الأشعري، من ذرية أبي موسى الأشعري الصحابي المشهور رضي الله عنهما فإنهم قالوا بالخلق الجديد في بعض الموجودات، وهي الأعراض، والعرض كل ما لا يقوم بنفسه.
قال الأشعري ومتبعوه من محققي الأشاعرة : العرض لا يبقى زمانين فهو يتجدد في كل آن. واستدلوا على ذلك بوجوه منها لو بقيت الأعراض لكانت باقية ببقاء.
والبقاء عرض، فيلزم قيام العرض بالعرض وهو محال عند المتكلمين.
ومنها قالوا السبب المحوج إلى المؤثر هو الحدوث، وشرط بقاء الجوهر هو العرض، ولما كان هو متجددا دائما محتاجا إلى المؤثر كان الجوهر أيضا حال بقائه محتاجا إلى ذلك المؤثر بواسطة احتياج شرطه إليه.
ووافقهم النظام والكعبي والنجار من المعتزلة، وخالفهم سائر المعتزلة وبعض أهل السنة.

حتى قال سعد الدين التفتازاني رحمه الله : القول بأن العرض لا يبقى زمانين مكابرة في المحسوس، وقد عثرت أيضا عليه الحسبانية في العالم كله فقالوا بالخلق الجديد ووافقهم على ذلك بعض قدماء المعتزلة.
وهذه الطائفة الملقبة بالحسبانية، ما رأينا لهذا اللقب ذكرا فيما أطلعنا عليه من كتب المتكلمين المصنفين في الملل والنحل، وإنما المعروف السوفسطائية ، وذكروا منهم ثلاث فرق: اللاأدرية والعنادية والعندية . 
فمنهم القادح في الضرورات.
والقادح في المعقولات.
والقادح في الحسيات .
والقادح في البديهيات.
ولكن قد قيل إن كل غالط سوفسطائي فيما غلط فيه .
والمنقول عن المتكلمين أن النظام والكعبي والنجار هم الذين قالوا الأجسام کالأعراض غير باقية فهي تتجدد حالا حالا.
و سيدنا الشيخ رضي الله عنه :  أعلم وأكثر اطلاعا، ولما قالت الحسبانية ومن وافقهم بالخلق الجديد في العالم كله اطلعوا على ذلك عقلا لا کشفا، وعثروا عليه استدلالا، جهلهم أهل النظر بأجمعهم، وردو أدلتهم ونسبوهم إلى عدم العقل.
ولكن قد أخطأ الفريقان القائلون بتجدد العالم كله وهم الحسبانية.
وأما خطأ الحسبانية ومن وافقهم : فبكونهم ما عثروا ولا أطلعوا مع قولهم بالتبدل واعتقادهم ذلك في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر المعقول المتقدم ذكره.

فإنه الجوهر المنزه عن الكثرة المختلفة في حقيقته، وهو الذي قبل هذه الصور المكثرة المختلفة من أول صورة خلقها الله إلى آخر صورة، ولا آخر لصور الممكنات.
ولا يوجد في الحس والعقل إلا بها، فإنه معقول من حيث حقیقته ، فلا يوجد في الحس ولا في العقل إلا بصور المحسوسات والمعقولات، ولا في الخيال إلا بالمتخيلات، وهو في حد ذاته لا يوصف بوجود ولا عدم ولا حدود ولا قدم، لأنه معقول.
كما أن صور العالم بأجمعة لا تعقل إلا به فهو حقيقتها، وهو كالظرف والمحل لها.

فلولا هذا الجوهر ما عرف العالم، ولولا صور العالم ما عرف هذا الجوهر، فلو أن الحسبانية ومن وافقهم قالوا بذلك الجوهر الذي قال به أهل الله أهل الكشف والوجود لفازوا وظفروا بدرجة التحقيق في هذا الأمر الإلهي، الذي قبل صور العالم بأسره مع وحدته ، كما فاز أهل الله بدرجة التحقيق في هذا الأمر.

لا يقال الحسبانية من طوائف الفلاسفة، وقد أثبتوا جوهر الهيولى، وقالوا إنه جوهر معقول بسيط بلا کمية ولا كيفية لا توجد صورة بدونه ولا وجود له بدون صورة إلى ما قالوا في أوصافه، لأنا نقول جوهر الهيولي الذي أثبته الفلاسفة مرتبته دون الطبيعة.
وأول ما ظهر فيه من الصور صورة الجسم الكل.
والجوهر الذي قال به أهل الله فوق الكلى فيه ظهرت صور الأرواح المهيمة و صورة العقل الأول وصورة النفس الكلية والطبيعة والهيولى التي أثبتتها الحكماء، فهو غير جوهر الهيولى، وإن اتفق الجوهر ان في بعض الصفات.

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:13 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته).
 
قال رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.  ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.  ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.  فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي. ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر. والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته، فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد )
 
(وأما الأشاعرة) الذين هم قائلون بالتبدل والتجدد في الأعراض دون الأجسام (فما علموا أن العالم كله) محسوسة ومعقوله (مجموع أعراض) مختلفة لا غير كما قال الشيخ العارف عبد الهادي السودي اليمني رضي الله عنه :
ما الكون وما تراه إلا عرض …..   فإنه سيان جوهر والعرض
يا من أنا منهم لرمي غرض   …..  في غيركم والله ما لي غرض
(فهو) أي العالم (يتبدل في كل زمان) فرد کلمح البصر مثل ما يتبدل العرض (إذ العرض) عندهم (لا يبقى زمانین) بل قال بعضهم : 
الصواب أن يقال إن العرض لا يبقى أصلا ، فإن زمان وجوده مقترن بزمان عدمه.
والقول بأنه لا يبقى زمانين يلزم منه ثلاثة أزمنة زمان يوجد فيه وزمان يبقى فيه وزمان يعدم فيه، وهم نفوا زمانین فثبت له ثلاثة أزمنة .
(ويظهر ذلك)، أي كون العالم كله مجموع أعراض تتبدل وتتجدد في كل زمان على قولهم أيضا (في الحدود)، أي التعاريف (للأشياء فإنهم)، أي الأشاعرة (إذا حدوا)، أي عرفوا (الشيء)، أي شيء كان ما سموه جوهرة أو جسما
(يتبين)، أي ينكشف (في حدهم)، أي تعريفهم (كونه)، أي ذلك الشيء (عين الأعراض) المذكورة في حده كقولهم في تعريف الجسم إنه المركب من الأجزاء التي لا تتجزأ.
ولا وجود للجزء الذي لا يتجزأ في نفسه من غير أن يكون مركبة مع غيره، وإلا شغل الجهات الست فكان ما يلي منه هذه الجهة غير ما يلي منه الجهة الأخرى، فينقسم فلا يكون جزءا لا يتجزأ، ولا شك أن التركيب في الجسم عرض، وإذا زال التركيب زال كونه جسما.
وقولهم أيضا في تعريف الجسم: 
إنه الطويل العريض العميق والطول والعرض والعمق مجموع أعراض لا غير، فإذا زالت زال الجسم، وهكذا في تعاريف الأشياء كلها عندهم (و) يتبين أيضا (أن هذه الأعراض المذكورة) عندهم (في حده)، أي تعریف ذلك الشيء .
هي (عين هذا الجوهر) الذي أرادوا حده وتعريفه (و) هي (حقيقته) في نفسه عندهم وذلك الشيء عندهم هو (القائم بنفسه)، لأنهم يسمونه جوهرا ويسمونه جسما، ويذكرون في حده وتعريفه الأعراض المجموعة ، ويريدون بها عين ذلك الشيء وحقيقته، فيلزم منه أن ذلك الشيء من حيث هو جوهر أو جسم يقوم بنفسه.
(ومن حيث هو عرض) لأنهم ما ذكروا في حده وتعريفه إلا الأعراض المجموعة (لا يقوم) ذلك الشيء (بنفسه فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه) وهو العرض (من يقوم بنفسه)، وهو الجوهر والجسم عندهم وهو باطل، وسمعت بعض
علمائهم يقول :
إن الأعراض إذا كانت مجموعة تسمى جوهرا أو جسما، وإذا أعتبر كل واحد منها على حدته تسمى عرضا، فلزمه على ذلك أن تكون القسمة اعتبارية .
وبطل قولهم بالجوهر الفرد ورجع الكل إلى ما عليه أهل الله تعالى من المحققين ، والحق أحق أن يتبع (کالتحيز)، أي أخذ مقدار من الفراغ (في حد الجوهر)، أي الجسم (القائم بنفسه الذاتي)، أي ذلك التحيز له لأنه لا ينفك عنه.
(وقبوله)، أي الجوهر المذكور (للأعراض حد)، أي تعريف (له ذاتي)، لأنه لا ينفك عنه أيضا (ولا شك أن القبول) للأعراض المذكورة (عرض إذ لا يكون)، أي لا يوجد إلا في جوهر (قابل) لكونه فيه وذلك مقتضى العرض عندهم أنه لا يوجد في نفسه إلا في محل هو الجوهر، فوجوده في نفسه عندهم هو عين وجوده في الجوهر (لأنه)، أي العرض عندهم (لا يقوم بنفسه) فبالضرورة أنه لا يكون إلا في قابل (وهو)، أي قبوله للأعراض أمر (ذاتي للجوهر) لا ينفك عنه أصلا ما دام موجودة .
(والتحيز)، أي أخذه مقدار من الفراغ الذي هو ذاتي للجوهر أيضا لعدم انفکاکه عنه ما دام متصفا بالوجود (عرض ولا يكون إلا في) جوهر (متحيز فلا يقوم بنفسه) من غير شبهة في شيء من ذلك عندهم أصلا .
(وليس التحيز) للجوهر والجسم (والقبول) للأعراض (بأمر زائد على عين الجوهر المحدود)، أي المعروف بالتعريف المذكور عندهم.
(لأن الحدود)، أي التعاريف الذاتية التي هي بالأمور المنسوبة إلى ذات الشيء من حيث عدم انفكاكها عنه ما دام موجودا (هي) عندهم (عين المحدود)، أي المعرف من الأشياء عندهم .
(وهويته فقد صار) على مقتضى قولهم هذا (ما لا يبقى زمانين) من الأعراض (يبقى زمانين) بل (وأزمنة) كثيرة من الجواهر والأجسام (وعاد)، أي رجع (ما لا يقوم بنفسه) من العرض (يقوم بنفسه) من الجوهر والجسم.
(ولا يشعرون)، أي الأشاعرة القائلون بذلك (لما هم عليه) من التناقض في القول والمذهب، وأيضا قولهم في تعريف الحركة والسكون اللتين لا ينفك كل موجود عندهم أن يكون منصفا بواحد منهما يقتضي التناقض أيضا فإنهم ذكروا في حدوث الجواهر والأجسام أنها لا تخلو عن الحركة والسكون وهما حادثان أما عدم الخلو، فلأن الجسم أو الجوهر لا يخلو عن الكون في حيز.
فإن كان مسبوقا بكون آخر في ذلك الحيز بعينه فهو ساكن، وإن لم يكن مسبوقا بكون آخر في ذلك الحيز بل في حيز آخر فمتحرك.
وهذا معنى قولهم: الحركة كونان في آنين في مكانين والسكون كونان في آنين في مكان واحد.
 
فإن قيل : يجوز أن لا يكون مسبوقا بكون آخر أصلا كما في آن الحدوث فلا يكون متحركة كما لا يكون ساكنا .
قلنا: هذا المنع لا يضر لما فيه من تسليم المدعي على أن الكلام في الأجسام التي تعددت فيها الأكوان وتجددت عليها الأعصار والأزمان.
هذا كلام محقق الأشاعرة سعد الدين التفتازاني رحمه الله تعالى في شرح عقائد النسفي، وأنت تعرف من غير شبهة عندك أن هذا الكلام يقتضي أن الجواهر والأجسام أيضا متجددة متبدلة في كل آن عندهم أيضا، لأن قوله إنه مسبوق بكون آخر في ذلك التحيز أو في تحيز آخر.
وقوله في تعريف الحركة إنها كونان، والسكون كونان.
 والكون هو الوجود الفرد في الزمن الفرد عندهم.
وكذلك قوله في الأجسام الموجودة إنها تعددت فيها الأكوان، أي كان لها وجودات متعددة ، فهذا يقتضي أن الكل أعراض .
وليس هذا غير معنى التبدل والتجدد في جملة العالم كله ومع ذلك فإنهم لا يقولون بذلك إلا في الأعراض فقط دون الجواهر والأجسام.
وما هذا إلا تناقض منهم أيضا.
(وهولاء)، أي الأشاعرة أيضا وإن كانوا من أهل السنة والجماعة لخدمتهم الكتاب والسنة وانتصارهم لما كان عليه الصحابة والتابعون من حيث ظاهر الحال في مقابلة الرد على فرق الاعتزال وأحتفالهم بالسمعيات (هم) من حيث التحقيق والمعرفة الكشفية إذ ليس لهم فيها نصيب، لأن معرفتهم عقلية من أهل النظر الفكري لا الكشف الذوقی ("في لبس")، أي التباس أيضا ("من خلق جديد") كما سبق بیانه .
 
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته).
 
قال رضي الله عنه : (وأما الأشاعرة فلما علموا أن العالم كله مجموع أعراض) أي العالم كله عبارة عن أعراض مجتمعة في جوهر واحد قائمة به (فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين) فخطا الحسبانية في أمر واحد والأشاعرة في أمرين .
(ويظهر ذلك) أي العالم كله أعراض أو يظهر خطأ الأشاعرة (في الحدود للأشياء فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم تلك الأعراض و) تبين (أن هذه الأعراض المذكورة في حده) أي في حذ ذلك الشيء المحدود .
قال رضي الله عنه : (عين هذا الجوهر) الذي ظهر فيه الأعراض (وحقيقته) قوله (القائم بنفسه) صفة الجوهر (ومن حيث هو عرض) أي القائم بذاته من حيث هو عرض إذ العرض عين ذلك الجوهر (لا يقوم) ذلك الجوهر (بذاته فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه) وهي الأعراض (من يقوم بنفسه) الذي هو الجوهر (كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي) أي التحيز جزء لماهية الجوهر فإنهم حذوا الجوهر بأنه هو الجسم المتحيز القابل للأبعاد وهي الأعراض .
قال رضي الله عنه : (وقبوله) أي قبول الجوهر (للاعراض حد له ذاتي ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه وهو) أي القابل .
قال رضي الله عنه : (ذاتي للجوهر والتحيز عرض ولا يكون إلا في متحيز فلا يقوم بنفسه وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود .
لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود وهويته) . فكان أحدهما عين الآخر فالعالم كله عرض يتبدل في كل آن .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته).
 
قال رضي الله عنه : (  وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين. ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.  ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.  فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.  ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.  والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.  وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.  وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته(
 
وإن كان الأشاعرة قد قالوا بتجدد أعراض العالم، لكنهم ما عرفوا أن العالم هو مجموع أعراض، 
وأما الحسبانية فإنهم وإن قالوا بتجدد العالم في كل نفس جميعة ولم يخصوا الأعراض، إلا أنهم ما تحققوا وحدانية الجوهر.
وآفة الأشاعرة أنهم ظنوا أن ما لا يقوم بنفسه إذا اجتمع مع ما يقوم بنفسه لا يمكن أن يقوم بنفسه، وهو غلط فاحش.
ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.
 
قال: وأما أصحاب الكشف فيرون العالم متغيرا في ذاته دائما بتجليات إلهية، والتجليات المذكورة تعطي في كل تجل خلقا جديدا ويرون ذلك عيانا مشهودا والله الهادي.
 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته).
 
قال رضي الله عنه : "وأمّا الأشاعرة فما علموا أنّ العالم كلَّه مجموع أعراض فهو يتبدّل في كل زمان ، إذ العرض لا يبقى زمانين "
والأشاعرة شعروا بأنّ العرض لا يبقى زمانين ، وأعراض العالم تتبدّل مع الآنات ، ولم يشعروا مع ذلك أنّها مجموع أعراض ، وأن لا شيء من العالم بجوهر قائم بنفسه ، وأنّ الموجود القائم بعينه في عينه لا في موضوع سواه هو الحق ، فأخطئوا ، فلو أثبتوا - حين أثبتوا جوهر العالم واحدا - أنّ ذلك الواحد هو الوجود الحق المتعيّن بهذه الصور كلَّها ، لكانوا من الفائزين بالأمر على الحقيقة ، فتبيّن بما ذكرنا خطأ الفريقين لمن عقل عن الله ، وما غفل عن التحقيق ، والله وليّ التسديد والتوفيق .

قال رضي الله عنه : « ويظهر ذلك في الحدود للأشياء ، فإنّهم إذا حدّوا الشيء تبيّن في حدّهم تلك الأعراض ، وأنّ هذه الأعراض المذكورة في حدّه عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه ، ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه ، فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيّز في حدّ الجوهر القائم بنفسه الذاتي » . يعني على قول الأشاعرة مثلا « وقبوله الأعراض حدّ له ذاتيّ ، ولا شكّ أنّ القبول عرض ، إذ لا يكون إلَّا في قابل ، لأنّه لا يقوم بنفسه ، وهو ذاتي للجوهر ، والتحيّز عرض ولا يكون إلَّا في متحيّز ، فلا يقوم بنفسه ، وليس القبول والتحيّز بأمر زائد على عين الجوهر المحدود ، لأنّ الحدود الذاتية هي عين المحدود وهويّته".
 
يعني رضي الله عنه : القائلون بأنّ الجوهر هو ما يقوم بنفسه مع تحقّق أنّ أجزاء حدّه الذاتي وحقائق حقيقته الذاتية لا تحقّق لها في أنفسها ، فإنّها أعراض ، فإنّ التحيّز للجسم - وهو الجوهر المتحيّز - والجوهرية وقبول الكمّ والكيف وغيرها من الأعراض ، كالأبعاد من الطول والعرض والعمق ، كلَّها معان لا تحقّق لها ولا قيام إلَّا في أمر هو المجموع من هذه الأعراض ، لأنّ الجوهر الطويل العريض العميق ليس بشيء زائد على مجموع هذه الأعراض ، وكونه مجموع هذه الأعراض أو أمرا غير مذكور ولا مشهور معنى أيضا معقول لا وجود له بدون هذه الأمور التي لا تحقّق لها في أعيانها ولا قيام .
فهم - مع قولهم بأنّ العرض لا يبقى زمانين ، وأنّ أجزاء هذا المحدود أعراض ، ووجوب الاعتراف بأنّ لا زائد على هذه الأجزاء ، بعدم إثباتهم أمرا زائدا قائما بنفسه - كيف لم يقولوا بأنّ العالم مجموع أعراض ، أو أنّه يتبدّل مع الآنات ، خطأ بيّن .
فلم يشعروا بتبدّل الأعراض المجموعة تبدّلا جمعيا وحدانيا ، لا يشعر به إلَّا من شعر بتبدّل صورة النور المشهود في المصباح مثلا بشهادة العقل الصحيح أنّ الجزء المشتعل من مادّة الدهن والفتيل في كلّ آن آن يفنى ولا يبقى ويتلاشى ويتعلَّق النار القائم بها النور بجزء متّصل بذلك الجزء الأوّل المنطفئ .
فباتّصال التعلَّق وتواليه وتعاقبه مع الآنات يظهر الاتّصال بين التعيّنات النورية المنطفئة والمشتعلة على الدوام بلا توقّف بحيث لا يدرك الحسّ فاصلا بين صور الاشتعال والانطفاء ، فيظنّ أنّ النور الظاهر أوّل الليل هو بعينه ذلك النور المشهود في آخره .
ومع أنّ حقيقة النور واحدة ولكنّ التعيّنات متغايرة لا شكّ فيه ولا ريب .
فمن عثر على هذا التبدّل من ذوي الحسّ السليم والعقل الصحيح ، واعترف به ، فقد يعثر على تبدّل مجموع الصور من العالم مع الآنات ، والتبدّل أيضا عرض .
فلو أطلعه الله على المادّة المشتعلة أو العين الواحدة المظهرة بتعيّنها هذه الصور من نفسها في نفسها ، للحق بأهل الحق والتحقيق ، والله وليّ التوفيق .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
قال رضي الله عنه : "وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان ، إذ العرض لا يبقى زمانين "
"" أضاف بالي زادة :  أي على تجديد الخلق وتبدل العالم الأشاعرة ، فإنهم قالوا : العرض لا يبقى زمانين ، وجهلهم أهل النظر من التجهيل : أي الحسبانية مع أنهم علموا الأمر في ذلك على ما هو عليه اهـ بالى . فخطأ الحسبانية في أمر واحد والأشاعرة في أمرين اهـ بالى زادة . ""
وأما الأشاعرة فلم يعرفوا حقيقة العالم ، وأن العالم ليس إلا مجموع هذه الصور التي يسمونها أعراضا ، وأثبتوا جواهر ليست  بشيء ولا وجود لها ، وغفلوا عن العين الواحدة الظاهرة في هذه الصور وحقيقتها التي هي هوية الحق ، فذهبوا إلى تبدل الأعراض في الآنات ، فظهر خطأ الفريقين من أهل هذا الشأن .

قال رضي الله عنه : "ويظهر ذلك في الحدود للأشياء ، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه " أي كون ذلك الشيء .
"" أضاف بالي زادة :  ( ويظهر ذلك ) أن العالم كله أعراض ، أو خطأ الأشاعرة في الحدود للأشياء اهـ بالى .
فإن قلت : لا نسلم أن الكون والوجود عرض ، بل هو جوهر قائم بالذات موجود في الخارج . قلت :  قد ثبت عند أهل النظر أن الوجود والجوهر والذات من المعقولات الثانية ، فكيف يكون موجودا خارجيا .
لا يقال : إن المذكورات التي هي من المعقولات الثانية مطلقاتها ، فلا كلام فيها بل البحث في المقيدات فلا نسلم أنها أعراض .
قلنا : إن حقائق وجود الممكنات لولا التوجه الإلهي الذي هو إقران الوجود للماهية تقتضي العدم والإقران نسبة عدمية ، والموجودية بمعنى هذا الانتساب نسبة غير محققة في الخارج ، فليس الوجود إلا نسبة وإضافة ، حتى إذا أدركتها حق الإدراك وجدتها أحوال ذات الأمر وأوصافه شرح . ""
 
قال رضي الله عنه : " الأعراض وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه ، ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه ، فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه ".
أي عند الأشاعرة ، فإن من حد الإنسان قال إنه حيوان ناطق ، ومعنى الناطق أنه ذو نطق ، ولا شك أن مفهوم ذو نسبة والنسبة عرض والنطق الثابت له بواسطة هذه النسبة عرض زائد على حقيقة الحيوان خارج عنه .
فإن الإنسان حيوان مع عرضين ، ثم حد الحيوان يقال إنه جسم نام حساس متحرك بالإرادة ، فمعناه جسم ذو نموّ وحس وحركة إرادية والكلام في النسبة وما يلحق الجسم بواسطتها كما في حد الإنسان ، فثبت أنها عوارض للجسم وأعراض عرضت له ، والجسم عندهم جوهر متحيز قابل للأبعاد الثلاثة.
كما أورده الشيخ رضي الله عنه بقوله :" كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي ، وقبوله للأعراض حد له ذاتي ، ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه ، وهو ذاتي للجوهر "  أي عرض ذاتي عندهم .
قال رضي الله عنه : " والتحيز عرض ولا يكون إلا في متحيز فلا يقوم بنفسه ، أوليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود وهويته " يعنى حد الجسر جوهر ذو تحيز وذو قبول ، والتحيز والقبول عرضان كما ذكر ذاتيان ، ولهذا قيد التحيز بقوله الذاتي .
فتبين أن الذاتيات المذكورة عندهم في الحدود كلها أعراض ، ومعنى قوله :
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود أن الجوهر المحدود عندهم هو الجسر وهما ذاتيان له والذاتي جزء الماهية فالمتحيز القابل ليس إلا نفس الجوهر مع هذين الاعتبارين أعنى التحيز والقبول ، وهما نسبتان لا وجود لهما في الخارج إذ لا عين لهما فيه.
فهما عين الجوهر في الخارج وهويته لا أمر زائد عليه فيه بل في العقل.

فالذاتيات التي هي أجزاء المحدود عندهم ليس إلا اعتبارات وعوارض ، والمأخوذ في تعريف الجوهر ليس بحد لأن الموجود لا في موضوع معناه شيء ذو وجود قائم بنفسه غير محتاج إلى محل وهو الحق نفسه ، فما توهموه أنه جوهر غير الحق مجموع أعراض ، والأعراض لا تبقى زمانين.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
قال رضي الله عنه : (وأما الأشاعرة ، فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض ، فهو يتبدل في كل زمان ، إذا العرض لا يبقى زمانين . )
أي ، وخطاء الأشاعرة أنهم ما علموا أن العالم كله عبارة عن أعراض مجتمعة ظاهرة في الذات الأحدية متبدلة في كل آن .
فلو حكموا على أن أعيان الموجودات أيضا يتبدل ، كأعراضها ، فلا يبقى زمانين على
حالة واحدة ، لفازوا أيضا بالتحقيق .
لكنهم غفلوا عن وحدة الجوهر وكونه عين الحق القائم بنفسه المقوم لغيره ، وأثبتوا جواهر غير الذات الأحدية الظاهرة بالصورة الجوهرية ، فحجبوا وحرموا عن حقيقة التوحيد .

قال رضي الله عنه : ( ويظهر ذلك في الحدود للأشياء ، فإنهم إذا حدوا الشئ يتبين في حدهم تلك الأعراض.)
وفي نسخة : ( كونه الأعراض ) . أي ، كون ذلك الشئ عين الأعراض .
ويتبين أيضا ، ( أن هذه الأعراض المذكورة في حده ، عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه ، ومن حيث هو عرض ، لا يقوم بنفسه . )
( القائم بنفسه ) مجرور على أنه صفة ( الجوهر ) . أي ، ويظهر . أن العالم كله أعراض في
حدودهم للأشياء . فإنهم إذا حدوا الإنسان بالحيوان الناطق ، والحيوان بالجسم
الحساس المتحرك بالإرادة ، والجسم بأنه جوهر قابل للأبعاد الثلاثة ، يتبين أن الجوهر هو الذي مع كل واحد من الأعراض ، يصير موجودا معينا مسمى بالجوهر قائما بنفسه .
وذلك لأن مفهوم الناطق ذو نطق ، والنطق عرض .
و ( ذو ) أيضا عرض لأنها نسبة رابطة ، والحيوان جسم حساس ، والحساس ذو حس ، والحس عرض لأنه الإدراك ، وذو عرض ، والمتحرك بالإرادة أيضا كذلك ، فإن الحركة عرض ، والإرادة عرض ، وكذلك الجسم ، فإن المتحيز هو ماله التحيز ، والتحيز عرض ، والقابل للأبعاد الثلاثة التي هي الأعراض عبارة عماله القبول ، والقبول عرض ، وهكذا إلى أن ينتهى إلى الجوهر ، والجوهر موجود لا في موضوع ، والموجود هو ذو وجود ، وذو نسبة وهو عرض ، و ( الكون ) أيضا كذلك .
فبقى الوجود الحقيقي الذي يدل عليه ( ذو ) ، وهو عين الحق .
كما مر بيانه في المقدمات فتبين أن مجموع العالم من حيث إنه عالم ، أعراض كلها قائمة
بالذات الإلهية .
وإنما قال رضي الله عنه  : ( وأن هذه الأعراض . . . عين هذا الجوهر ) لأنها كلها صفاته التي فيه بالقوة ، فهي عينه بحسب الوجود ، وغيره بحسب العقل .

قال رضي الله عنه  : ( فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه ) وهي الأعراض . ( من يقوم بنفسه . ) وهو الجوهر ( كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي ) مثال للعرض الذي يلحق الجوهر فيجعله جسما . أي ، كالتحيز الذي هو عرض ذاتي مأخوذ في حد الجوهر القائم بنفسه ، وهو الجسم .
والمراد ب‍ ( الذاتي ) جزء المهية ، فإن ( المتحيز ) و ( القابل للأبعاد ) ، فصلان للجسم .
( وقبوله للأعراض حد له ذاتي) أي ، قبول الجسم للأعراض الثلاثة أيضا حد للجسم ذاتي .
والمراد ب‍ ( الحد ) التعريف : فإنك إذا عرفت الجسم بأنه القابل للأبعاد الثلاثة ،تكون صحيحا.
ويجوز أن يكون المراد ب‍ ( الحد ) جزء الحد ، فإن كلا من الأجزاء الذاتية يحدد
المحدود ويعينه .

قال رضي الله عنه  : (ولا شك أن القبول عرض ، إذ لا يكون إلا في قابل ، لأنه لا يقوم بنفسه ، و هو ) أي ، القابل ( ذاتي للجوهر ) الذي هو الجسم .

قال رضي الله عنه : ( والتحيز عرض ، ولا يكون إلا في متحيز ، فلا يقوم بنفسه . وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود . ) أي ، بحسب الوجود .
( لأن الحدود الذاتية ) أي ، الأجزاء الذاتية . وإنما سماها ( حدودا ) ، لأن الحدود تعريفات ، وبالأجزاء تحصل التعريفات .
( هي عين المحدود وهويته . ) بحسب الخارج . وإنما جعل ( التحيز ) و ( القبول ) حدودا ذاتية ، لأن ( المتحيز ) و ( القابل ) ذاتيان للجسم ، والتحيز ذاتي للمتحيز والقبول للقابل ، وجزء الجزء جزء .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:14 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثامنة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثامنة عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
قال رضي الله عنه : وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.  ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه. فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي. ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر. والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته.(
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما الأشاعرة) فإنهم وإن أصابوا في القول بعدم بقاء الأعراض (فما علموا أن العالم) جواهره أيضا (مجموع أعراض) من حيث هي قائمة بالعين الواحدة، وإن لم تكن حالة فيها إذ لا وجود له من نفسه.
(فهو) أي: العالم بجواهره وأعراضه (يتبدل في كل زمان) على مقتضى قولهم في العرض، إذ العرض لا يبقى زمانين) فما حصل منه أولی بذلك.
(ويظهر ذلك) أي: كون جواهر العالم من الأعراض في الحدود التي ذكروها (للأشياء) التي جعلوها قائمة بأنفسها؛ فهي من الجواهر عندهم.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإنهم إذ حدوا الشيء تبين في حدهم تلك الأعراض)، فإنهم يذكرون فيها الجنس والفضل، ولا بد عندهم من أحد الأمرين، أما كون الجنس عرضا عاما للفصل، أو كون الفصل خاصة للجنس، وإلا لم يقم أحدهما بالآخر؛ لامتناع قيام الجوهر بالجوهر عندهم.
فلا يتركب منهما ماهية، إذ يكونان كحجر بجنب إنسان، وتبين أن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الشيء الذي هو (الجوهر) أي: ليس بزائد عليه، وهو تناقض إذ (حقيقته) أي:
حقيقة الجوهر هو (القائم بنفسه)، وقد أخذ في حقيقته أي: حقيقة الجوهر هو القائم بنفسه، وقد أخذ في حقيقته أمران أحدهما عرض لا محالة عندهم، وهو (من حيث هو عرض لا يقوم بنفسه)؛ فقالوا: بقيامه بنفسه من حيث هو جزء ما يقوم بنفسه.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه)، وما يقوم بنفسه (من يقوم بنفسه) على زعمهم؛ فإن قالوا: ليس شيء من الجنس والفصل بعرض؛ بل هما جوهران يقوم أحدهما بالآخر كما تقوم الفلاسفة في الهيولى، والصورة الجسمية، والنوعية.
فقد حدوا نفس الجوهر بما هو عرض إذ حدوه تارة بأنه القائم بنفسه، وفسروا القيام بنفسه بالاستقلال في التحيز، وتارة بأنه القابل للأعراض.
وإليه الإشارة بقوله: (كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه)، إذ فسر القيام بنفسه بالاستقلال في التحيز فالتحيز جزء مفهوم المتحيز (الذاتي) للجوهر على هذا القول، وأيضا (قبوله للأعراض حد له ذاتی) عندهم .
"" أضاف المحقق :
قال الشارح قال أكثر أهل النظر: إن الوجود صار متعددا بالذوات ،أنه صار متقيدا بهذه المظاهر بعد إطلاقه، ولا يعلمون أن ذلك أثر في صورة المنطبع لا في حقيقته، والصورة عرض وكثرة الأعراض وتغيراتها لا يستلزم كثرة الذات وتغيرها، على أن الصورة ليست للذات بل لظهورها في هذه المرايا عرضت لما لا ذات له سوى ذات من انطبعت الصورة في هذه المرايا بمقابلته وإلى ذلك أشار بما.""


ثم أشار إلى وجه التناقض في ذلك؛ فقال رضي الله عنه  : (ولا شك أن القبول) للأعراض ولغيرها (عرض إذ لا يكون إلا في محل قابلي)؛ لأنه علم بالضرورة (لأنه يقوم بنفسه وهو) أي: القبول (ذاتي للجوهر) عند من حده به ضرورة أن القابل ذاتي، والقبول جزء مفهومه وجزء الجزء جزء. مع أن الجوهر قائم بنفسه.
وهكذا التحيز الذي أخذه بعضهم في حد الجوهر بأنه القائم بنفسه باعتبار تفسيره القيام بالاستقلال في (التحيز عرض)؛ لأنه (لا يكون إلا في متحيز فلا يقوم بنفسه) فكيف جعلوهما ذاتيين للجوهر.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وليس التحيز والقبول) على تقدير كونهما ذاتيين للجوهر (بأمر زائد على عين الجوهر المحدود) بأحدهما، كيف (والحدود الذاتية هي عين المحدود) مفهوما وإن اختلفا إجمالا وتفصيلا.
وعين (هويته) صدقا فكيف يكون أجزاؤها زائدة على نفس المحدود.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا الأشاعرة فما علموا أنّ العالم كلَّه مجموع أعراض ) أي العالم كلّ ، ومجموع ما يتقوّم به ذلك الكلّ هي الأعراض المتبدّلة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهو يتبدّل في كلّ زمان إذ العرض لا يبقى زمانين ، ويظهر ذلك في الحدود للأشياء ، فإنّهم إذا حدّوا الشيء تبيّن في حدّهم كونه الأعراض )
فإنّهم إذا حدّوا الإنسان - مثلا - بالحيوان الناطق ، معناه أنّه جسم ذو حسّ وحركة إراديّة ونطق ، ولا شكّ أن « ذو » من الأعراض النسبية ، وكذلك الحس والحركة والنطق ( و ) لا شكّ ( أنّ هذه الأعراض - المذكورة في حدّه - عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه ) فإنّ المذكور في حدود الأشياء ذاتيّاتها ومقوّماتها .
 
قال رضي الله عنه :  ( ومن حيث هو هو عرض لا يقوم بنفسه ، فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه ، من يقوم بنفسه ، كالتحيّز في حدّ الجوهر القائم بنفسه الذاتي ) فإنّ الجسم يحدّ بأنّه متحيّز قابل للأبعاد الثلاثة ، فالتحيّز حدّ له ذاتىّ .
قال رضي الله عنه :  ( وقبوله للأعراض حدّ له ذاتىّ ، ولا شكّ أنّ القبول عرض ، إذ لا يكون إلَّا في قابل ، لأنّه لا يقوم بنفسه وهو ذاتىّ للجوهر ) الذي هو الجسم .
قال رضي الله عنه :  ( والتحيّز عرض ولا يكون إلَّا في متحيّز ، فلا يقوم بنفسه ، وليس التحيّز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود ، لأنّ الحدود الذاتيّة هي عين المحدود ) في العقل ( وهويّته ) في العين .
 
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
قال رضي الله عنه :  (وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين. ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.)

وأما الأشاعرة فما علموا، أي وأما خطأ الأشاعرة فإنهم ما علموا (أن العالم كله مجموع أعراض) يتقوم بها ذلك الكل (فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين ويظهر ذلك)، أي كون العالم مجموع أعراض .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (في الحدود للأشياء فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه)، أي كون ذلك الشيء (تلك الأعراض وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر المحدود وحقيقته القائم بنفسه) بالجر على أنه صفة للجوهر، وذلك لأن المذكور في حدود الأشياء ذاتيانها وذائيات الشيء ومقوماته عينه في الوجود.
 
قال رضي الله عنه : ( ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه. فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي. ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر. والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه. وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته. )
 
قال رضي الله عنه :  (و من حيث هو عرض لا يقوم بنفسه فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم)، أي ما لا يقوم (بنفسه) والعرض المذكور في الحدود (کالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه) يعني الجسم (الذاتي) صفة للتحيز .
والمراد به جزاء الماهية فإن الجسم يحد بأنه متحيز قابل للأبعاد الثلاثة فالتحيز له ذاني.
قال رضي الله عنه :  (وقبوله)، أي قبول الجوهر القائم بنفسه الذي أريد به الجسم (للأعراض)، أي الأبعاد الثلاثة (حد)، أي جزء حد (له ذاتي ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل، لأنه لا يقوم بنفسه) بل بالقابل (إذ هو)، أي بالقبول (ذاتي للجوهر) الذي هو الجسم .
قال رضي الله عنه :  (و) كذلك (التحيز عرض ولا يكون إلا في متحيز فلا يقوم بنفسه، وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود) يعني الجسم (لأن الحدود الذاتية) بعین أجزائها (هي عين المحدود) في العقل (وهويته) في العين.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته)
 
وأما خطأ الأشاعرة رضي الله عنهم : فهو أنهم وإن قالوا بأن العرض لا يبقى زمانين فهو يتبدل ويتجدد في كل نفس فما علموا أن العالم كله أعلاه وأسفله من أول مخلوق أعراض مجتمعة.
ولو علموا بذلك كشفا كأهل الله أو استدلالا كالحسبانية ومن وافقهم لقالوا في العالم كله، كما قالوا في العرض عندهم.
فالعرض لا يبقى زمانين عند الأشاعرة، بل هي على سبيل التقضي والتجدد وينقضي واحد منها ويتجدد واحد آخر مثله أو خلافه.
قول سیدنا رضي الله عنه : ( ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حددوا الشيء يتبين في حدهم كونه عين الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه. ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه. فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي. ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر . والتحيز عرض ولا يكون إلا في متحيز ، فلا يقوم بنفسه، وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود وهويته).
 
يقول رضي الله عنه : ويظهر ويتبين لك الذي أدعيناه کشفا أن العالم بأسره مجموع أعراض من كلام المتكلمين في الحدود الذاتية للأشياء محسوسا، کان الشيء المحدود، أو معقولا فإنهم إذا حددوا الشيء يتبين وينكشف، كون الشيء المحدود عين الأعراض.
وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين ذلك الجوهر المحدود، وهي صفاته النفسية الذاتية، إذ الصفات على نوعين:
1 - صفات نفسية.
2 - وصفات معنوية.
فالصفات النفسية الذاتية هي التي إذا رفعتها عن الموصوف بها ارتفع الموصوف بها، ولم يبق له عين في الوجود الذاتي، ولا العقلي، وأما الصفات المعنوية في الموصوف فهي التي إذا رفعتها عن الذات الموصوف بها لم يرتفع الذات التي كانت موصوفة بها.
فالمعاني هي أصل الأشياء، وهي وإن كانت معقولة غيبية فهي تظهر في حضرة الحس محسوسة، وفي حضرة الخيال متخيلة . و
هي هي، إلا أنها تتقلب في كل حضرة يحسبها كالحرباء تنتقل في الألوان التي تكون عليها، كالطبيعة التي هي أصل العالم، فهي مجموع معان حرارة وبرودة ورطوبة ويبوسة. وحد الجوهر وحقيقته التي هي ثبوته في الخارج عند الحكماء والمتكلمين هو القائم بنفسه ، فهو جوهر من حيث اعتباراته قائم بنفسه ، هو عرض من حيث اعتبار أنه عين مجموع أعراض لا يقوم بنفسه .
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه ، وهي الأعراض الصفات النفسية للجوهر، من يقوم بنفسه وهو الجوهر الذي مجموع تلك الأعراض، إذ من المعلوم أن كل موصوف هو مجموع صفاته الذاتية والصفات لا تقوم بأنفسها لأنها معان وما لها ظهور إلا في عين الموصوف، وما لها ذات تحملها غيرها. وليست الصفات الذاتية بشيء زائد على الموصوف، فهي على الموصوف لا غيره.
فقد صار قائما بنفسه من حقيقته أنه لا يقوم بنفسه ، کالتحيز مثلا المأخوذ في حد الجوهر، فإنهم إذا حذوه الحد الحقيقي الذي يقصد به تصور ما لم يكن حاصلا من التصور قالوا هو المتحيز، أي الآخذ قدره من الفراغ ، وهو الخلاء المتوهم.
وقالوا: القابل للأعراض بحيث لا يمكن وجوده خاليا عن عرض، فهذا التحيز الذاتي للجوهر هو عرض، وهو مأخوذ في حد الجوهر ذاتي له.
وقبوله للأعراض كذلك هو حد له ذاتي. فإنه قد تكون ذات الموصوف المحدود مركبة من صفتين ذاتيتين فأكثر من ذلك، وهي الحدود الذاتية للأشياء، وما من صفة ذاتية للموصوف إلا ولها صفة ذاتية فالتحيز له صفة ذاتية .
وكذلك القبول ولا شك أن القبول الذي هو ذاتي للجوهر عرض من الأعراض، إذ لا يكون القبول إلا في قابل، وهو موضوع العرض.
فإن العرض محتاج إلى من يقوم به الجوهر الذي هو الموضوع شرط في وجود العرض، والقبول هو عرض ذاتي للجوهر .
وكذلك التحيز المأخوذ في حد الجوهر هو عرض. ولا يكون التحيز إلا في جوهر متحيز، لأن التحيز عرض لا يقوم بنفسه، وليس التحيز والقبول اللذان هما ذاتیان للجوهر مأخوذان في حده بأمر زائد على عين الجوهر المحدود بهما، وهويته المتعلقة المميزة له عن غيره.
فقد عاد بما بيناه الموصوف صفة لنفسه، وصار بما قررناه ما لا يبقى زمانين عندهم يبقى زمانین، بل وأزمنة حيث أنه جوهر باق قائم بنفسه إن فهمست و أنصفت.
ومع هذا فالمتكلمون القائلون إن العالم جواهر باقية قائمة بأنفسها وأعراض لا تبقى زمانين لا يشعرون ولا يفطنون بما هم عليه من التناقض والخلط والخبط، ويحسبون أنهم على شيء وهم في لبس وخلط من خلط جديد مع الأنفاس.
فالعالم بأسره أعراض، وليس هناك جوهر إلا جوهرا واحدا به قيام العالم كله، فهو مقومه.
وهذا الذي ذكرناه مما يزهد الناصح نفسه الذي أراد الله به خيرا في الاشتغال بالعلوم العقلية والانهماك فيها بأكثر من الضروري اللازم.
ولهذا يقول محمد الشهرستاني صاحب كتاب نهاية إقدام العقول رحمه الله لما تبين له إفلاسه و استوحش مما كان به إيناسه :
لعمري لقد طفت المعاهد كلها     …… وسرحت طرفي بين تلك المعالم
 فلم أر إلا واضعا كف حائر    …….        على ذقنه أو قارعا سن نادم
وفي كتاب نهاية إقدام العقول هذا يقول فخر الدين الرازي رحمه الله وقد أنصف:
نهاية إقدام العقول عقال    ……         وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا …..  وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا  …..  سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
اللهم وفقنا واهدنا وأرشدنا و استعملنا فيما يرضيك وترضى به عنا، متوسلین في الحصول على ذلك بالمحبين فيك والمحبوبين لديك يا أكرم مسؤول وخير مأمول.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:14 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :  الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.  ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد. أما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر .فافهم.)
(وأما أهل الكشف) من طائفة العارفين المحققين (فإنهم يرون)، أي يعتقدون ويشهدون من غير شبهة عندهم (أن الله) تعالى (يتجلى)، أي ينكشف (في كل نفس) بفتح الفاء ما يظهره من صور العالم المحسوس والمعقول .
(ولا يتكرر التجلی) أصلا مرتين بل كل نفس من الأنفاس له نجل جديد يخصه (ويرون أيضا شهودا) و عيانا (أن كل تجل) من تجلياته تعالى في كل نفس من الأنفاس (يعطي خلقا جديدا ويذهب) ذلك التجلي أيضا (بخلق) أول كان قبله على معنى أنه يقتضي الدلالة على انقضاء
التجلي الأول بالخلق الأول.
فإن كل تجلي جدید له خلق جديد، فإذا أتى كلمح بالبصر بث خلقه الجديد، ثم مضى بخلقه الذي بثه وأعقبه تجل آخر غيره بخلق آخر غیره جديد أيضا، ثم انقضى وانقضى معه خلفه أيضا .
وهكذا فالتجلي هو أمر الله تعالى كما قال سبحانه: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) ) [القمر: 49 : 50 ].
وقال تعالى: "ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره" [الروم: 25]، فيلزم أن تكون السماء والأرض كلمح البصر أيضا لقيامها بما هو كذلك.
وقال تعالى : "وكان أمر الله قدرا مقدورا" [الأحزاب: 38]، وهو عين بثه للخلق الجديد مع الأنفاس عند من نجا من الالتباس.
(فذهابه)، أي التجلي بالخلق الذي بثه (هو) معنى مقام (الفناء) الذي يكون فيه السالك (عند التجلي) الذي هو كلمح البصر المقتضي لانعدام الخلق الجديد الذي بثه، فكل من يشهده ويتحقق به مع الأنفاس فهو الفاني في العيان عند أهل المعرفة والإيمان.
(و) مقام (البقاء) بعد الفناء الذي هو مقام الواصلين من أهل الكمال والورثة المحققين هو شهود الوجود (لما يعطيه)، أي بثه من الخلق الجديد (التجلي الآخر) وهكذا فمشهد السالك الفاني ما مضى من التجلي ، ومشهد الواصل الباقي ما يستقبله من التجلي (فافهم).
أي هذا المبحث فإنه يفيدك حقيقة معنى الفناء والبقاء عند أهل الله تعالى.
وإن ذلك راجع إلى أمر محقق عندهم لا هو مجرد اعتبار وتخيل عقلي و قابلية للفناء كما زعمه بعض من يدعي التحقيق وما عنده خبر بما هو الأمر عليه في نفسه وفوق كل ذي علم عليم.
تم فص الكلمة الشعيبية

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين وازمنة ،وعاد ما لا يقوم بنفسه ، يقوم بنفسه) فكان أحدهما عين الآخر فالعالم كله عرض يتبدل في كل آن (ولا يشعرون) .
أي الأشاعرة أو المحجوبون (لما هم عليه) من الخطأ وهو المناقضة والمخالفة بما ذهبوا إليه.
فإنهم قالوا: العالم أما قائم بنفسه أو غير قائم بنفسه
الأول الجوهر 
والثاني العرض .
ثم قالوا: يتبدل العرض لا الجوهر وعرفوا الجوهر بالعرض فكان الجوهر عين العرض لاتحاد الحد والمحدود فقد لزمهم بمقتضى حدودهم بأن العالم كله عرض قائم بذاته تعالى بتبدل في كل آن لكنهم لا يشعرون لما لزمهم من المحذور بمقتضى حدودهم (وهؤلاء) أي طائفة المحجوبين (هم في ليس من خلق جدید) ولا يشعرون بأن الله بخلقهم في كل آن خلقة جديدة.
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون) أي يشاهدون (أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلې) لحصول الفناء والبقاء في كل آن فينا في التكرار .
قال رضي الله عنه : (ويرون ايضا شهودا أن كل تجلي يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه) أي ذهاب الخلق السابق (هو الفناء عند التجلی) اللاحق لكن لما كان التجلي الثاني من جنس الأول التبس الأمر على المحجوبين ولا يشعرون التحدد .
قال رضي الله عنه : (والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد (فافهم)، فإن الأمر هو ما نقول دون غيره .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
إن كان الأشاعرة قد قالوا بتجدد أعراض العالم، لكنهم ما عرفوا أن العالم هو مجموع أعراض، 
أما الحسبانية فإنهم وإن قالوا بتجدد العالم في كل نفس جميعة ولم يخصوا الأعراض، إلا أنهم ما تحققوا وحدانية الجوهر.
آفة الأشاعرة أنهم ظنوا أن ما لا يقوم بنفسه إذا اجتمع مع ما يقوم بنفسه لا يمكن أن يقوم بنفسه، وهو غلط فاحش.
""قال تعالى : " أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (15) سورة ق""
قال رضي الله عنه :  أن الناس مع كل نفس يتجددون "ولا يشعرون لما هم عليه . وهؤلاء"
" هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.
قال: وأما أصحاب الكشف فيرون العالم متغيرا في ذاته دائما بتجليات إلهية، والتجليات المذكورة تعطي في كل تجل خلقا جديدا ويرون ذلك عيانا مشهودا والله الهادي.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : "فقد صار ما لا يبقى زمانين - وهو العرض - يبقى زمانين وأزمنة ، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه ، وهم لا يشعرون لما هم عليه » .
يعني رضي الله عنه :  فهم مع قولهم بأنّ العرض لا يبقى زمانين ، وأنّ أجزاء هذا المحدود أعراض ، ووجوب الاعتراف بأنّ لا زائد على هذه الأجزاء ، بعدم إثباتهم أمرا زائدا قائما بنفسه - كيف لم يقولوا بأنّ العالم مجموع أعراض ، أو أنّه يتبدّل مع الآنات ، خطأ بيّن .
فلم يشعروا بتبدّل الأعراض المجموعة تبدّلا جمعيا وحدانيا ، لا يشعر به إلَّا من شعر بتبدّل صورة النور المشهود في المصباح مثلا بشهادة العقل الصحيح أنّ الجزء المشتعل من مادّة الدهن والفتيل في كلّ آن آن يفنى ولا يبقى ويتلاشى ويتعلَّق النار القائم بها النور بجزء متّصل بذلك الجزء الأوّل المنطفئ .
فباتّصال التعلَّق وتواليه وتعاقبه مع الآنات يظهر الاتّصال بين التعيّنات النورية المنطفئة والمشتعلة على الدوام بلا توقّف بحيث لا يدرك الحسّ فاصلا بين صور الاشتعال والانطفاء ، فيظنّ أنّ النور الظاهر أوّل الليل هو بعينه ذلك النور المشهود في آخره .
ومع أنّ حقيقة النور واحدة ولكنّ التعيّنات متغايرة لا شكّ فيه ولا ريب .
فمن عثر على هذا التبدّل من ذوي الحسّ السليم والعقل الصحيح ، واعترف به ، فقد يعثر على تبدّل مجموع الصور من العالم مع الآنات ، والتبدّل أيضا عرض .
فلو أطلعه الله على المادّة المشتعلة أو العين الواحدة المظهرة بتعيّنها هذه الصور من نفسها في نفسها ، للحق بأهل الحق والتحقيق ، والله وليّ التوفيق .
 
قال رضي الله عنه : " وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد" يعني أهل الحجاب الذين يقولون بوجود الغيرية والسوي .

قال رضي الله عنه : « وأمّا أهل الكشف فإنّهم يرون أنّ الله يتجلَّى في كلّ نفس ، ولا يكرّر التجلَّي " .
أي لا يعيد عين التجلَّي الأوّل ، فإنّ حقيقة التكرار بالنسبة إلى مطلق التجلَّي من حيث تعيّنه من مراتب الأسماء متحقّقة ، ولكنّ التكرار بالنسبة إلى كل تعيّن معيّن محال عقلا وكشفا .
فإن اعتبرنا حقيقة التجلَّي الواحد الذاتيّ ، فلا يتصوّر فيه التكرار أصلا ورأسا .
فإنّه تجلّ واحد أزلا ، وأبدا ، ولكن ظهوراته وتعيّناته بحسب حضرات التجلَّي ومراتب الأسماء وخصوصيّات القوابل والمظاهر ، والتجلَّي في كل آن وزمان يتجدّد ويتعدّد ، ولا تكرار فيه ، فإنّ القبول الأوّل غير القبول الثاني ، فتجدّد التجلَّيات بحسب قبول القوابل وتعدّدها .

قال رضي الله عنه : « ويرون أيضا أن كل شهود يعطي خلقا جديدا ، ويذهب بخلق جديد » .
يعني رضي الله عنه : أنّ التجلَّى الواحد - بالنظر إلى دوام انبعاثه من ينبوع الجود بتنوّع نور الوجود بحسب القوابل - يتعيّن بلا مكث ، وينسلخ متقلَّصا إلى أصله ، ويعقبه ما بعده بالتعيّن على التوالي والدوام .
فهو من كونه متعيّنا في قوابل بحسبها يعطي خلقا جديدا ، وبالنظر إلى انسلاخه يذهب ذلك التعيّن الذي هو الخلق ، فلا يزال الخلق يتجدّد بتجدّد التعيّنات ، ولا يزال التجلَّي يتعيّن بتعيّن الاستعدادات ، فالتجلَّي المتعيّن في قابلية العالم مثلا في الآن راجع إلى الغيب بما عليه من خلقه الخلق الجديد وبدله قائم بمثل صورته وشبهه .
فإنّ التجلَّي هو المظهر لصور العالم من استعداده الكلَّي ، وإذا ظهر في كل آن بكل صورة ، غاب الوجود المتعيّن بصورة ظهر بها ، وخلقه بمثل الصورة الغائبة حاضرا هكذا أبدا دائما .

قال رضي الله عنه : « فذهابه هو الفناء عند التجلَّي والبقاء لما يعطيه التجلَّي الأخير فافهم».
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ البقاء للوجود الحق الذي تظهر فيه هذه الصور مع الآنات ، والفاني هو التعيّن بما تعيّن به فيه قبله ، ومع قطع النظر عن هذه الاعتبارات ، فلا فناء ولا بقاء ، ولا تجلَّي ولا حجاب ، ولا بخل ولا نحل ، ولا بعاد ولا اقتراب .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين ) وهو مجموع الأعراض ( يبقى زمانين وأزمنة ) على زعمهم ( وعاد ما لا يقوم بنفسه ) من مجموع الأعراض ( يقوم بنفسه عندهم ولا يشعرون لما هم عليه ) من التناقض بالخلف .
 
"" أضافة بالي زادة :  قوله ( ولا يشعرون لما هم عليه ) من الخطأ وهو المناقضة والمخالفة لما ذهبوا إليه ، فإنهم قالوا العالم إما قائم بنفسه أو غير قائم بنفسه ، الأول الجوهر والثاني العرض ثم قالوا بتبدل العرض لا الجوهر ، وعرفوا الجوهر بالعرض فكان الجوهر عين العرض لاتحاد الحد والمحدود ، فقد لزمهم بمقتضى حدودهم بأن العالم كله عرض قائم بذاته تعالى يتبدل في كل آن ، لكنهم لا يشعرون لما لزمهم من المحذور بمقتضى حدودهم ( وهؤلاء ) أي طائفة المحجوبين ( هم في لبس من خلق جديد ) ولا يتكرر التجلي لحصول الفناء والبقاء في كل آن فينافي التكرار اهـ. بالي زادة""
 
قال رضي الله عنه : " وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد ، وأما أهل الكشف فإنهم يرون الله تعالى يتجلى في كل نفس ، ولا تكرر للتجلى " فإن الحقيقة من حيث هي هي لها تجلّ واحد أزلا وأبدا فلا تكرار فيه ، وأما بحسب التعينات الغير المتناهية فمحال أن المتعين الزائد والمتعين الفاني عين المتعين الحادث والمتعين الموجود في الآن الآتي ، فهو خلق جديد ليس بتكرار أيضا .
وهو معنى قوله رضي الله عنه  : " ويرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطى خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه هو الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم " .
فإن ألفاظ الكتاب ظاهرة ، ومن معرفة الخلق الجديد وكون الجوهر المختلف مجموع أعراض عرضت للعين الواحد يعرف سر البعث والحشر ، وأن الصور في النسبة الآخرة تتغير وتتبدل كما قال عليه الصلاة والسلام : « يحشر بعض الناس على صورة تحسن عندها القردة والخنازير » .
"" أضاف بالي زادة :  ( فذهابه ) أي فذهاب الخلق السابق ( هو الفناء عند التجلي ) اللاحق ، لكن لما كان التجلي من جنس الأول التبس الأمر على المحجوبين ولا يشعرون . التجدد ( والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر ) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد ( فافهم ) فإن الأمر ما نقول دون غيره اهـ بالى . ""
 فعليك بالتقوى والله الهادي .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : ( فقد صار مالا تبقى زمانين ، يبقى زمانين وأزمنة . ) أي ، بحسب الظاهر والحس ، كما يزعم المحجوب .
قال رضي الله عنه : ( وعاد مالا يقوم بنفسه ، يقوم بنفسه ) أي ، بحسب ما يشاهد في الحس ويزعم المحجوب ، لأنه في الحقيقة قائم بالله لا بنفسه .
( ولا يشعرون ) أي ، المحجوبون . ( لما هم عليه من التبدل . ) لأن أعيانهم أعراض متبدلة في كل آن ، والحق ، سبحانه ، يخلقهم خلقا جديدا في كل زمان .

قال رضي الله عنه : ( وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد . وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله تعالى يتجلى في كل نفس ، ولا يكرر التجلي . )
فإن ما يوجب البقاء غير ما يوجب الفناء . وفي كل آن يحصل الفناء والبقاء ، فالتجلي غير متكرر .

قال رضي الله عنه : ( ويرون أيضا شهودا أن كل تجلى يعطى خلقا جديدا ، ويذهب بخلق ، فذهابه هو الفناء عند التجلي . ) أي ، عند التجلي الموجب للفناء .
( والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر . ) وهو التجلي الموجب للبقاء بالخلق الجديد .
( فافهم ) لتكون من أرباب الشهود للقيامة وتلحق بالعالمين للآخرة .
وإنما قال : ( ويرون أيضا شهودا ) لئلا يزعم المحجوب أنه يحكم بهذا الخلق الجديد بسبب النص الوارد فيه ، وهذا النص مستنده فقط .
ولما كان هذا الخلق من جنس ما كان أولا ، التبس عليهم ، ولم يشعروا التجدد وذهاب ما كان
حاصلا بالفناء في الحق ، لأن كل تجلى يعطى خلقا جديدا ، ويفنى في الوجود الحقيقي ما كان حاصلا .
ويظهر هذا المعنى في النار المشتعل من الدهن والفتيلة :
فإنه في كل آن يدخل منها شئ في تلك النارية ويتصف بالصفة النورية ، ثم يذهب تلك الصورة بصيرورته هواء .
هكذا شأن العالم بأسره : فإنه يستمد دائما من الخزائن الإلهية ، فيفيض منها ويرجع إليها .
والله أعلم بالحقائق .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:15 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة التاسعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة التاسعة عشر على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة التاسعة عشر :  الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.)
(فقد) عاد أي: (صار ما لا يبقى زمانين) من الأعراض جوهرا (يبقي زمانين وأزمنة).
وأيضا (عاد) أي: صار (ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه) فهو تناقض من وجهين، وإذا كان كذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولا يشعرون) في تحديدهم الجواهر وإبقائها (لما هم عليه) من التناقض في جعلها عين الأعراض التي لا تنفي ولا تقوم بذاتها، (وهؤلاء) لجعلهم الأعراض غير باقية مع أخذها في حد الجوهر وحدود الأشياء التي هي جواهر باقية قائمة بأنفسها عندهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ("بل هم في لبس من خلق جديد") مع دعوتهم الفطانة فيكون جهلهم مركبا، فلا عبرة بلبس غيرهم في مقابلتهم، ولما كان الكلام معهم على طريقة أهل النظر مبنيا على مقدمات جدلية، إذ لو جعلوا أحد الجوهر رسما لم يلزمهم شيء مما ألزمهم.
قال رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم.)
أشار إلى ما هو التحقيق فقال : (أما أهل الكشف فإنهم) قالوا بتجدد ما في العالم من الجواهر والأعراض إذ لا وجود لهم من ذواتهم، وإنما هو من إشراق نور وجود الحق عليهم وهو متجدد عليهم وإن كان ثابتا في نفسه من الأزل إلى الأبد.
إذ (يرون أن الله تعالى يتجلى في كل نفس) على كل موجود حق لو غاب عنه لحظة عاد إلى عدمه الأصلي؛ لعدم علة وجوده وهو التجلي الإلهي عليه (ولا يتكرر التجلي) إظهار الغاية سعته بحيث لا يتناهی (ویرون أيضا شهودا)، وإن لم يطلع بعضهم على برهان نظري .
(أن كل تجل) غيبيا أو شهودیا (يعطي خلقا جديدا)، إذ تجدد العلة الشخصية يقتضي تجدد معلول شخصی.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ويذهب بخلق) كان عند التجلي الأول؛ لأنه إن كان معلول مثل الأول، فالمثلان لا يجتمعان وإلا كان بينهما تقابل على أن ذهاب العلة الشخصية يقتضي ذهاب معلولها الشخصي (فذهابه هو الفناء) لما كان حاصلا (عند التجلي) الأخر؛ لأنه إنما بقي لذهاب الأول الذي كان يماثله أو يقابله لما ذكرنا.
(فالبقاء) هاهنا بمعنی عدم تخلل زمان العدم بين زماني وجود مقتضي التجليين إذا كانا مثلين، وأما البقاء بمعني استمرار الوجود الواحد؛( لما يعطيه التجلي الآخر) فإنما يتصور عندنا في حق العين الواحدة التي هي ذات الحق تعالی؛ (فافهم) فقد عثرت فيه الأكابر أهل النظر القدم.
ولما فرغ عن بيان الحكمة القلبية الباحثة عن تقلب الحق في التجليات المختلفة التي تو جب بعضها شدة في التأثير بها والتأثير؛ عقبها بالحكمة الملكية المشعرة بتلك للشدة؛ فقال: فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة ، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه ) هذا ما في الخارج أنفسهم ( ولا يشعرون لما هم عليه ) في أنفسهم وهؤلاء "هُمْ في لَبْسٍ من خَلْقٍ جَدِيدٍ " ) دائما ولا يشعرون بذلك أصلا .
 
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا أهل الكشف : الكشف : فإنّهم يرون أنّ الله يتجلَّى في كلّ نفس ، ولا يكرّر التجلَّى ، ويرون - أيضا شهودا - أن كلّ تجلّ يعطى خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه به هو الفناء عند التجلَّى ، والبقاء لما يعطيه التجلَّى الآخر ) .
( فافهم ) سرّ البقاء والفناء حتّى تعرف المتحقّقين بالفناء والبقاء .
يهنئك هذا سرّ ما يفنى فدع   .....        عنك التلفّت للحديث الموهم
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
 
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانين ، يبقى زمانين ، وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد. وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي)
قال رضي الله عنه : (فقد صار ما لا يبقى زمانین يبقي زمانين وأزمنة، وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه) وذلك ببديهة العقل.
فمذهب الأشاعرة المفضي إلى مثل ذلك الباطل خطأ هذا حال ما في الخارج عن أنفسهم (ولا يشعرون بما هم عليه السلام) في أنفسهم من التبدل الواقع فيهم بالخلق الجديد (وهؤلاء هم في لبس من خلق جدید) دائما ولا يشعرون بذلك أصلا .

قال رضي الله عنه :  (وأما أهل الكشف فإنهم يرون) شهودا (أن الله تعالى يتجلى في كل نفس) بتجليين أحدهما لرفع الوجود السابق والآخر لإفاضة الوجود اللاحق (ولا يكرر التجلي) لأن أحدهما يوجب الفناء والآخر يوجب البقاء.

قال رضي الله عنه: ( و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر. فافهم.)

فإن قلت : هب أنه لا يتكرر في كل نفس لما ذكرت لكن لا نسلم أنه لا يتكرر بحسب الأنفاس فإن في كل نفس يتكرر التجلي الموجب للفناء مرتين .
وكذا التجلي الموجب للبقاء قلت : الفناء في كل نفس برفع وجود آخر والبقاء بفيضان وجود آخر فلا تکرار (ویرون أيضا شهودا) مرافقا لما في النص فليس مستندهم النص فقط (أن كل تجلي يعطي خلقا جديدا ويذهب بخلق فذهابه هو الفناء عند التجلي الموجب للفناء والبقاء لما يعطيه)، أي الخلق الجديد يعطيه.
(التجلي الآخر) الموجب للبقاء، ولما كان الوجود اللاحق من جنس الوجود السابق مماثة له لم يشعر المحجوبون بالخلق الجديد.
وهذا بعينه كما تقول الأشاعرة في تعاقب الأمثال على محل العرض من غير خلو آن من شخص من العرض مماثل للشخص الأول، فيظن الناظر أنها عين واحدة مستمرة (فافهم) ما أفدناك لعلك تحظى بفهم معارف أهل الكشف وتجتهد في الوصول إلى مقاماتهم و مشاهداتهم وفقنا الله تعالى لما يحب ويرضى .
 تم الفص الشعيبي

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه. ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. ) 
فقد عاد بما بيناه الموصوف صفة لنفسه، وصار بما قررناه ما لا يبقى زمانين عندهم يبقى زمانین، بل وأزمنة حيث أنه جوهر باق قائم بنفسه إن فهمست و أنصفت.
ومع هذا فالمتكلمون القائلون إن العالم جواهر باقية قائمة بأنفسها وأعراض لا تبقى زمانين لا يشعرون ولا يفطنون بما هم عليه من التناقض والخلط والخبط، ويحسبون أنهم على شيء وهم في لبس وخلط من خلط جديد مع الأنفاس.
فالعالم بأسره أعراض، وليس هناك جوهر إلا جوهرا واحدا به قيام العالم كله، فهو مقومه.
وهذا الذي ذكرناه مما يزهد الناصح نفسه الذي أراد الله به خيرا في الاشتغال بالعلوم العقلية والانهماك فيها بأكثر من الضروري اللازم.
ولهذا يقول محمد الشهرستاني صاحب كتاب نهاية إقدام العقول رحمه الله لما تبين له إفلاسه و استوحش مما كان به إيناسه :
لعمري لقد طفت المعاهد كلها     …… وسرحت طرفي بين تلك المعالم
 فلم أر إلا واضعا كف حائر    …….        على ذقنه أو قارعا سن نادم
وفي كتاب نهاية إقدام العقول هذا يقول فخر الدين الرازي رحمه الله وقد أنصف:
نهاية إقدام العقول عقال    ……         وأكثر سعي العالمين ضلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا …..  وحاصل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا  …..  سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
اللهم وفقنا واهدنا وأرشدنا و استعملنا فيما يرضيك وترضى به عنا، متوسلین في الحصول على ذلك بالمحبين فيك والمحبوبين لديك يا أكرم مسؤول وخير مأمول.

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يتكرر التجلي، ويرون أيضا شهودا أن كل تج يعطي خلقا ويذهب بخلق. فذهابه هو عين الفناء عند التجلي والبقاء لما يعطيه التجلي الآخر).
يقول رضي الله عنه : ما أسلفناه من المناقشة والكلام مع أهل النظر والفكر من حكيم ومتکلم، و أوضحنا أن العالم بأسره مجموع أعراض، فهو يتجدد في كل نفس، إنما ذلك لإنحجاب أهل النظر والفكر عن ذلك من كونهم قصروا نظرهم على العقل.
والعقل خادم الحس، فإنه لا يأخذ معلوماته إلا من الحس.
وقد ثبت الغلط في إدراك الحس والعقل والفكر. وقد بني الحكماء والمتكلمون ما يغلط فيه الحس والعقل والفكر، وما لا يغلط فيه، وما يدريهم لعل الغلط في الجميع.
وأما أهل اللہ أهل الكشف والوجود الذين يأخذون عن الله فهو معلمهم جل جلاله فإنهم يرون بعيون بصائرهم التي هي أصدق وأوثق من رؤية الأبصار، أن الله يتجلى في كل نفس بصورة من صور أعيان الممکنات، كانت ما كانت تلك العين.
ولا يتكرر التجلي بصورة من صور الأعيان بأن يتجلى بصورة ثم يتجلى بتلك الصورة نفسها، هذا محال عند الطائفة العلية .
ويرون أيضا شهودا ومعاينة ببصائرهم أن كل تجلى من التجليات التي هي في كل نفس لكل عين يعطي خلقا جديدا مستأنفا في كل صورة من الصور .
والصور المشهودة إنما هي أحوال الأعيان الثابتة ونعوتها. وكما يعطي هذا التجلي خلقا جديدا يذهب بخلق أول، وهي الصورة التي كانت لتلك العين نفسها، وذلك لأن الصور التي في العالم كلها نسب وأحوال لا موجودة ولا معدومة، وإن شوهدت من وجه فهي غير مشهودة من وجه آخر، وما في العالم إلا صور.
فمجموع العالم أعراض، فهو ذاهب في كل آن لذاته لأن من حقيقته أن لا يثبت أكثر من آن. والحق لا يعطى إلا الوجود ولا يكرره بصورة واحدة.
فقول سيدنا يذهب، بخلق المراد بنسبة الإذهاب إلى التجلي الإرادة الكلية تسامحا وإلا فالأمر كما قلنا وأن الذاهب بذهب لذاته .
فأما ذهابه ، يعني العالم، فهو الفناء له، ولا تذهب صورة وتفني إلا وذهابها و فناؤها عين ظهور صورة أخرى في عين تلك الجواهر، تماثل الذاهبة غالبا أو تخالفها. فعين زمان ذهاب الصورة الذاهبة وقناؤها عین زمان تلك الصورة الجديدة ، الا أنه بعد الذهاب والفناء تحدث الأخرى.
فهذا التجلي واحد العين ويعطي النقيضين، وهو معنى قول سيدنا رضي الله عنه : يعطي خلقا ويذهب بخلق، فهو کنفخة البعث تذهب بالأجساد البرزخية التي الأرواح متعلقة بها في البرزخ.
وتوجد الأجسام الطبيعية العنصرية فتعلق بها الأرواح والنفخة واحدة العين، لا تكرار فيها.
وأما البقاء في الثبوت للأعيان الثابتة التي هذه الصور مجموع أحوالها ونعوتها محسوسة في حضرة الحس ومتخيلة في حضرة الخيال ، فلما بعطية التجلي الآخر المبقي .

فإن للحق تعالى تجليين:  تجل للأشياء وتجل في الأشياء.
فأما التجلي للأشياء فهو التجلي المبقي أعيانها، وهو التجلي الخاص الذي بين الحق تعالى وبين كل مخلوق لا تعرض نسبته ولا يدخل تحت عبارة ولا يعلمه العقل الأول ولا النفس الكلية، فبهذا التجلي تتغير الأحكام على الأعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود.
وأما التجلي في الأشياء فهو تجل يفني أحوالا ويعطي أحوالا، ومن هذا التجلي توجد الأحوال والأعراض في كل ما سوى الله تعالى وعليه فلا ينبغي حمل الغناء والبقاء هنا على الفناء والبقاء إلى الخاصين بأهل هذه الطريقة العلية.
فإن كلام سیدنا بصدد الإخبار عن العالم بأسره لا عن أقوام مخصوصين.

قول سيدنا رضي الله عنه : فافهم .
أمر رضي الله عنه بالفهم لهذه الحكمة القلبية، والفهم تصور الشيء من لفظ المخاطب والإفهام إيصال المعنى باللفظ إلى فهم السامع.
والمراد أن في هذه الحكمة القلبية دقة، كما يقال، فتأمل أو فتدبر، اللهم افتح لنا ولإخواننا فهم كلامك وكلام رسولك صلى الله عليه وسلم  وكلام أوليائك إنك المحسان المفضال الكبير المتعال.
والحمد لله الذي علمني ما لم نكن نعلم، وكان فضل الله على عظيما ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:16 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة العشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة العشرون :  
نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب وإن كان موجوداً من رحمة ٍ فإنه أوسع من رحمة الله. لأن الله أخبر أن قلب العبد وسعه [ووسعني قلب عبدي .. ] ورحمته لا تسعه.
فإنها لا يتعلق حكمها إلا بالحوادث.
وهذه مسألة عجيبة إن عُقلت، وإذا كان الحق كما ورد في الصحيح يتحول في الصور مع انه في نفسه لا يتغير من حيث هو.
فالقلوب له كاشكال الأوعية للماء يشكل بشكلها مع كونه لا يتغير عن حقيقته. فافهم.
ألا ترى أن الحق كل يومٍ هو في شأن.
كذلك القلب يتقلب في الخواطر.
ولذلك قال: " إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ق: 37].
ولم يقل، عقل، لأن العقل يتقيد بخلاف القلب. فافهم.
 
إنّما خصّت الحكمة القلبية بالكلمة الشعيبية لأمرين:
أحدهما رعاية المفهوم من اسمه عليه السلام، و هو «التشعيب»، فانّ شعيبا عليه السلام كان من العرب، و اسمه اسم عربى كذا ورد في النقل أنّ هودا و صالحا و شعيبا و يونس و لوطا كانوا من العرب.
و بالجملة، فلمّا كان القلب منبع الشعب المنبثّة في أقطار البدن الإنساني- بل في سائر الحيوانات التامّة الخلقة و هو أوّل ما يتكوّن من الإنسان و الحيوان- و كان شعيب عليه السلام أيضا كثير الشعب لكثرة نتائجه و أولاده، ناسب التخصيص المذكور.
و الأمر الآخر أنّه كان الغالب على شعيب عليه السلام الصفات القلبية من الأمر بالعدل و إيفاء الكيل و الوزن بالقسط. و القلب هو مظهر العدل و صورة أحدية الجمع بين الظاهر والباطن واعتدال البدن وعدالة النفس، ومنه يصل الحياة والفيض إلى جميع الأعضاء على السوية بمقتضى العدل.
وله أحدية جمع القوى الروحانية والنفسانية و البدنية.
ومنه ينشعب هذه القوى بالقسطاس المستقيم و تتوزّع على كل عضو عضو بمقتضى استعداده و قوّة قبوله، و يأتى المدد إليها دائما على نسبة محفوظة القدر بالعدل.
و له إيفاء كل ذى حق حقّه.
(اعلم أن القلب)، يعنى قلب العارف باللَّه، لأنّ قلب غيره لا يسمّى‏ «قلبا» في عرفهم إلّا مجازا، كما قيل، وإنّما قلنا «باللَّه» لأنّ قلب العارف بغيره من الأسماء ليس له السعة المذكورة فيما بعد.

(و ان كان)، أي القلب، (موجودا من رحمة الله)، أي الوجود المفاض عنه على عباده، أو ما به يتعطّف عليهم و يشفق عليهم و يرحمهم، فيهب لهم الوجود، فإنه، أي القلب، أوسع من رحمة الله، لان الله أخبر على لسان رسوله صلّى الله عليه و سلم في حديث قدسي أن قلب العبد وسعه جمعا و تفصيلا.
حيث قال سبحانه، «ما وسعني»، أي من حيث مرتبتي جمعى و تفصيلى، «أرضى»، أي الأجسام السفلية، «و لا سمائى»، أي الأرواح العلوية، «و وسعني» من حيثهما «قلب عبدى المؤمن، فانّه يتقلّب معى و فىّ و بى و لي بحسب تقلّبى في الشؤون».
و رحمته لا تسعه إلّا في مرتبة تفصيله، فإنها، أي الرحمة، لا يتعلق حكمها الا بالحوادث، التي هي مرتبة تفصيله.
فان قيل، «رحمته تسع القلب، و القلب لا يسع نفسه، فلا يكون القلب أوسع» قلنا، «القلب يسع نفسه من حيث الاحاطة العلمية، و كيف لا، و قد وسع الحق جمعا و تفصيلا، فلا يشذّ عنه شي‏ء من الموجودات.»
(و هذه،) أي كون القلب أوسع من رحمة الله سبحانه، مسألة عجيبة و فائدة غريبة ان عقلت و فهمت منها المراد و استفدت منها ما ينبغي أن يستفاد. و الله ولى الرشاد و الموفّق للسداد.
اعلم أنّ لكل قلب خمسة أوجه:
وجه مواجه حضرة الحق سبحانه ، لا واسطة بينه و بين الحق .
و وجه يقابل به عالم الأرواح، و من جهته يأخذ من ربّه ما يقتضيه استعداده بواسطة الأرواح
و وجه يختصّ بعالم المثال، و يحتظى منه بمقدار نسبته من مقام الجمع و بحسب اعتدال مزاجه و أخلاقه و انتظام أحواله في تصرّفاته و حضوره و معرفته. 
و وجه يلي عالم الشهادة و يختصّ بالاسم «الظاهر» و «الآخر»،
و وجه جامع يختصّ بأحدية الجمع، و هي التي تليها مرتبة الهوية المنعوتة بالأوّلية و الآخرية و الظهور و البطون و الجمع بين هذه النعوت الأربعة.
ولكل وجه مظهر من الأناسى والذي هو صورة قلب الجمع والوجود، كنبيّنا صلّى الله عليه و سلّم، فانّ مقامه نقطة وسط الدائرة الوجودية.


فوجوه قلبه الخمسة تواجه كلّ عالم و حضرة و مرتبة و تضبط أحكام الجميع و تظهر بأوصافها كلها بالوجه الجامع المنبّه عليه آنفا.
و إذا عرفت هذا، فنقول، أعظم الأشياء الموصوفة بالسعة من جانب الحق و الرحمة و القلب الإنساني و العلم، فانّه قال في سعة الرحمة، «وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ».
و قال في الرحمة و العلم معا بلسان الملائكة، «رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ رَحْمَةً وَ عِلْماً»، و قال في سعة القلب الإنساني، «ما وسعني أرضى و لا سمائى، و وسعني قلب عبدى المؤمن» الحديث.
و لا شك أنّ بين سعة كل واحدة من هذه الثلاثة و بين الآخرين تفاوتا لا يعرف حقيقته ما لم يعرف حقيقة الرحمة و أحكامها و حقيقة العلم و كيفية تعلّقه بالمعلومات و حقيقة القلب الذي وسع الحق.
فلنبدأ- بتأييد الله و إمداده- بذكر سعة العلم الذاتي الإلهي و تعلّقه بالحق و بالمعلومات، فنقول، اعلم أنّ تعلّق علم الحق بذاته على نوعين، و كذلك تعلّقه بالمعلومات:
فانّ للحق تعيّنا في عرصة تعقّله نفسه، و لهذا التعيّن الإطلاق بالنسبة إلى تعيّن كل شي‏ء في علم كل عالم و بالنسبة إلى تعيّن الحق في تعقّل كل متعقّل، فعلمه سبحانه يتعلّق من حيث تعيّنه في نفسه و من حيث تعيّنه في تعقّل كل متعقّل.
و يتعلّق علمه تعالى أيضا بذاته على نحو آخر، و هو معرفته بذاته من حيث إطلاقها و عدم انحصارها في تعيّنها في نفسها.
و هذه المعرفة هي معرفة كلية جملية.
و يتعلّق علمه بالمعلومات أيضا على نحوين: 
أحدهما باعتبار تعيّنها في علمه و تعقّل امتياز بعضها عن بعض، غير أنّ هذا النحو من التعلّق العلمي لا يشمل جميع الممكنات، بل يختصّ بما قدّر دخوله في الوجود في دور أو أدوار محصورة.
و أمّا بالنسبة إلى جميع الممكنات من حيث أنّها غير متناهية، فانّ العلم لا يتعلّق بها إلّا تعلّقا كليا جمليا، كما أشرت إليه في شأن الحق سبحانه من حيث إطلاقه.
و علّة هذا الشبه والاشتراك التامّ بين الحق والممكنات هو أنّها في التحقيق الأوضح شئون ذاته الكامنة في إطلاقه و غيب هويته، و لا مخلص لأحد في علمه بالحق من تجاوز التعيّنات التعقّلية و الانتهاء إلى تعيّن الحق في تعقّله نفسه و شهوده.
اتّصال ذلك التعيّن من وجه بالإطلاق الذاتي الغيبى العديم الوصف و الاسم و الرسم و الحصر و الحكم، إلّا لمن كان حقيقته البرزخ الجامع بين الوجوب و الإمكان و أحكامهما فانّه يواجه باطلاقه غيب الذات باعتبار عدم مغايرته له دون توهّم تعدّد و امتياز.
فافهم و تدبّر غريب ما أسمعت و ما عليه نبّهت، تعرف أنّه ليس شي‏ء أوسع من العلم بشرط معرفته على الوجه المذكور.
 
و أمّا سعة الرحمة المشار إليها في الكتاب و السنّة، فتختصّ ببعض المحدثات المتعيّنة في اللوح المحفوظ بكتابة القلم الأعلى. 
و هي المنشعبة إلى مائة شعبة، كما أشار إليه صلّى الله عليه و سلّم.
و أمّا سعة القلب الذي وسع الحق، فهي عبارة عن سعة البرزخية المذكورة الخصيصة بالإنسان الحقيقي، الذي هو قلب الجمع و الوجود.
فالإنسان الحقيقي الذي هو قلب الجمع و الوجود، و قلبه برزخيته، و علمه المنبّه عليه آنفا. فافهم.
و إذا كان الحق سبحانه كما ورد في الصحيح يتحول يوم القيامة لأهل المحشر في الصور، أي صور اعتقاداتهم بحسب قابلياتهم و موجب استعداداتهم، (مع أنه تعالى في نفسه لا يتغير) عمّا هو عليه من حيث هو.
(فالقلوب) المتجلّى لها له، أي للحق سبحانه، (كأشكال الاوعية) المتشكّلة بأشكال مخصوصة، كالاستدارة و التثليث و التربيع و غيرها، (للماء)، الذي ليس مقيّدا بشكل مخصوص لكنّه (يتشكل بشكلها)، أي الأوعية، (مع كونه) في حد ذاته (لا يتغير عن حقيقته) المائية.


"" أضاف الجامع : قال الشيخ عبد الكريم الجيلي فى العينية :
و لكنها أحكام رتبتك اقتضت ..... …ألوهية للضد فيك التجامع
و ما الخلق فى التمثال إلا كثلجة ..... …و أنت بها الماء الذى هو نابع
فما الثلج فى تحقيقنا غير مائه ..... …وغير ان فى حكم دعتها الشرائع
و لكن بذوب الثلج يرفع حكمه ..... و يوضع حكم الماء و الأمر واقع
تجمعت الأضداد فى واحد البها ..... و فيه تلاشت فهو عنهن ساطع
فكل بهاء فى ملاحة صورة ..... …على كل قد شابه الغصن يانع   ""
(فافهم ) ما ذكرنا من المثال لتعرف منه حال الممثّل له، فانّه كما أنّ الماء لا شكل له في نفسه يتقيّد به- بل يتشكّل بشكل وعائه.
كذلك الحق المطلق سبحانه ليس له في ذاته صورة مخصوصة يتجلّى بها، بل يتجلّى على صورة العبد المتجلّى له، فانّ أهل التجلّيات إنّما يرد عليم التجلّى بحسب استعداداتهم و خصوص قابلياتهم الوجودية.
و كذلك استعداداتهم في عرصة الوجود العيني إنّما تكون بموجب استعداداتهم الغيبية الغير المجعولة في حضرة العلم الذاتي. فمهما حصل تجلّ لمتجلّى له في حضرة الوجود العيني، فانّما يحصل على صورة استعداد العين الثابتة الأزلية التي لهذا المتجلّى له.
 
فأرباب الاستعدادات المخصوصة التي تعطيهم استعداداتهم الاعتقادات الجزئية التقيّدية إذا تجلّى الحق لهم، رأى كلّ أحد صورة معتقده فيه فما رأى سوى نفسه و ما جعله في نفسه من صور الاعتقاد. 
و العبد الكامل ليس كذلك، فانّ له استعدادا كليا و قابلية أحدية جمعية، و خصوصه الإطلاق من كل قيد و السراح من كل حصر و الخروج عن كل طور. فهو يقابل باطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية إطلاق الحق و يقابل كذلك كلّ حضرة من الحضرات التي يكون منها و فيها و بحسبها التجلّى بما يناسبها ممّا فيه من تلك الحضرة.
فيقبل جميع التجلّيات مع الآنات بمرائيه و مجاليه التي فيه من غير مزاحمة.
و التجلّى الذاتي الغيبى دائم الاشراق من الغيب المطلق الإلهي الذاتي على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدى الجمعى الكمالي- جعلنا الله و إيّاك من أهله بحوله و طوله.
(ألا ترى) هذا توضيح و تنوير لما سبق من تحوّل الحق في الصور- (أن الحق «كُلَّ يَوْمٍ»)، أي كلّ آن- فانّ «الآن» هو يوم الذات، لا ينقسم أبدا- «هُوَ في شَأْنٍ» و ما أعظم شأن ذى الشأن الذي هذا شأنه في كل آن!
كذلك، أي كما يتقلّب الحق سبحانه في شئونه، كذلك، القلب يتقلب حسب تقلّبه سبحانه في الخواطر و الصفات و الأحوال. و لذلك، أي و لتقلّب القلب في الخواطر، قال سبحانه، «إِنَّ في ذلِكَ»، أي القرآن، «لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ» يتقلّب في أنواع الصور و الصفات.
و لم يقل، «له العقل»، لان العقل يتقيد بالاعتقادات الجزئية، فيحصر الأمر الإلهي- الذي لا ينحصر- فيما يدركه، بخلاف القلب، فانّه لكونه محلّا لتجلّيات مختلفة من الإلهية و الربوبية و تقلّبه في صورها يتذكّر ما نسيه ممّا كان يجده قبل ظهوره في هذه النشأة العنصرية، و يجد هنا ما أضاعه، كما قال عليه السلام، «الحكمة ضالّة المؤمن». فافهم.
 
اعلم أنّ بين «القلب» و «القبول» و «القابلية» مناسبة معنوية و لفظية: أمّا المعنوية، فلأنّ له قابلية قبول صور جميع التجلّيات.
و أمّا اللفظية، فلأنّه لو لا قبليّة بعض حروف «القلب» و «القابل» و قلبه، لكان هو هو- و قلب الشي‏ء لغة أن يجعل أوّله آخره أو ظاهره باطنه جمعا و فرادى.
و إذا قلبت لفظ «القلب»، فانّ «القبول» و «القابلية» من تقاليبه.
و أمّا «العقل» لغة، فهو القيد و الربط و الضبط. فمقتضاه التقييد.
و حقيقة الذكرى بالحق عن الحق- المطلق عن كل قيد، حتّى عن قيد الإطلاق الذي يقابله التقييد- تنافي العقل، الذي حقيقته القيد و الضبط.
و لهذا ظهر هذا الحصر و القيد أوّلا في العقل الأوّل، الذي عقل نور التجلّى المطلق باستعداده الخصوصى التقييدى.
فأقامه الله لمظهرية هذا السرّ، و هو القيد.
فحقيقته تقييد النور المطلق. 
فقال له الحق، «اكتب»، أي قيّد و اجمع علمى في خلقى إلى يوم القيامة.
و ذلك قيد لقيد في قيد.
و قبول جميع التجلّيات الغير المتناهية دائما أبدا ليس إلّا للحقيقة الانسانية الإلهية الأزلية الأبدية الكمالية الجمعية الأحدية، فهي قلب الوجود الحق، و له حقيقة الذكرى.
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادي والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:16 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الحادي والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الحادي والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الحادي والعشرون :  
كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
(1) القلب.
(1) القلب عند ابن العربي كما هو عند سائر الصوفية الأداة التي تحصل بها المعرفة باللَّه وبالأسرار الإلهية: بل بكل ما ينطوي تحت عنوان العلم الباطن: فهو أداة إدراك وذوق لا مركز حب وعاطفة.
أما مركز الحب عندهم فهو الروح، وإن كانوا ينسبون الحب إلى القلب أحياناً.
وهنالك طريق ثالث للاتصال الروحي عندهم وهو «السر» الذي هو مركز التأمل في اللَّه.
وليس غريباً أن يعدّ الصوفية القلب مركزاً للإدراك لا للعاطفة فإنهم نحوا في ذلك منحى القرآن الذي صور القلب هذا التصوير فجعله محلًا للإيمان ومركزاً للفهم والتدبر الصحيحين.
يقول: «أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها؟» (س محمد- 22).
«أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ» (س المجادلة- 21) «فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَاوِيلِهِ» (س آل عمران- 6) وما شاكل ذلك.
وليس المراد بالقلب تلك المضغة الصنوبرية الجاثمة في الجانب الأيسر من الصدر- وإن كانت متصلة به اتصالًا ما، لا يعرف كنهه.
بل هو القوة الخفية التي تدرك الحقائق الإلهية إدراكاً واضحاً جلياً لا يخالطه شك.
وإذا أشرق فيه نور الإيمان وصفا من غشاوات البدن وشهواته انعكس عليه العلم الإلهي: أو على حد تعبير ابن العربي: انكشف ما فيه من العلم الإلهي فشاهد فيه صاحبه صفحة الوجود: بل شاهد فيه الحق ذاته.
وهذا في نظره معنى الحديث القدسي الذي يقول اللَّه تعالى فيه: «ما وسعني أرضي وا سمائي و لكن وسعني قلب عبدي المؤمن».
ولكن قلب أي عبد مؤمن؟
يقول ابن العربي هو قلب العارف الذي يدور مع الحق أينما دار، ويشاهده في كل تجلّ من تجلياته.
هو القلب الذي لا يشاهد سوى الحق.
ولكن القلب محجوب عادة عن الحق مشغول عنه بما سواه، تتنازعه عوامل العقل والشهوة.
ولذا كان مجال نضال دائم بين جنود الحق وجنود الشيطان، يطلب كلٌ الظفر به لنفسه. وتتلخص حياة السالك في الطريق الصوفي في تدبير الوسائل التي يقهر بها شيطان النفس ويظفر بالحق.
وللقلب بابان تدخل المعرفة الإلهية من أحدهما، وتدخل الأوهام إليه من الآخر. وهذا عالَمٌ وذلك عالم آخر كما يقول جلال الدين الرومي. فغاية الصوفي تخليص القلب من أثر الأوهام بطرد كل خاطر يتصل بما سوى اللَّه.
وقد أنكر الصوفية على العقل القدرة على فهم الألوهية وأسرارها قائلين إن العقل مقيد بمنطقهِ في دائرة الأمور المحدودة المتناهية. أما الحق فلا حد له ولا نهاية.
ومن ناحية أخرى يرى العقل الأمور على أكثر من وجه، ويرى الشي ء الواحد ونقيضه، ويدافع عن كل منهما بحجج متكافئة في القوة والإقناع.
ثم هو فوق ذلك يسدل على الحقائق ستاراً كثيفاً من الألفاظ، بل لقد يعني بالألفاظ التي هي رموز الحقائق ويغفل عن الحقائق نفسها.
وقد أفنى الفلاسفة أعمارهم في الاشتغال بألفاظ جوفاء لا طائل تحتها. أما الصوفية فينظرون إلى الحقائق ذاتها ثم يمسكون عن الحديث عنها أو لا يجدون من الألفاظ ما يستطيعون به التعبير عما يشاهدونه.

(2) اعلم إن القلب- أعني قلب العارف- هو من رحمة اللَّه، وهو أوسع منها، فإنه وسع الحق جلّ جلاله».
(2) موضوع الكلام هنا هو قلب العارف لا القلب الإنساني إطلاقاً، و العارف هو المولى أو الإنسان الكامل الذي تحققت فيه كل صفات الوجود فكان مظهراً تاماً و كوناً جامعاً لها.
والقلب من رحمة اللَّه لأنه شيء من الأشياء التي وسعتها الرحمة الإلهية في قوله تعالى: «وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ»، أي هو شيء من الأشياء التي منحها اللَّه الوجود نعمة منه وفضلًا، إذ جرينا على تفسير الرحمة الإلهية في هذا الكتاب بمعنى إسباغ اللَّه الوجود على الأشياء.
ورحمة اللَّه التي وسعت كل شي ء في الوجود أي في الوجود المخلوق أو في عالم الوجود الإضافي- لا تسع الحق تعالى لأن وجوده لا يوصف بأنه ممنوح أو معطى، بل هو له من ذاته وواجب له لذاته.
ولكن قلب العارف يسع الحق بدليل قوله تعالى: «ما وسعني أرضي ولا سمائي ولكن وسعني قلب عبدي المؤمن». ولهذا كان القلب أوسع من الرحمة.
بأي معنى إذن وعلى أي وجه وسع قلب العارف الحقَّ جل جلاله؟ هذه مسألة ظهر فيها اختلاف بين الصوفية لاختلاف مشاربهم ومذاهبهم. أما أهل السنة منهم فيذهبون إلى أن قلب المؤمن الصادق في إيمانه لا يتسع لشيء من الأشياء مع الحق لأنه مشغول به عمن سواه. فهو لا يفكر إلا في الحق ولا يرى شيئاً سوى الحق ولا يخطر به خاطر إلا كان متصلًا بالحق. 
فني عن نفسه وعن كل ما سوى الحق وبقي بالحق وحده.

وهذا رأي عامة الناس وطريقتهم في فهم احتواء القلب للحق.
وأما الخاصة والمقصود بهم دائماً صوفية وحدة الوجود فيفهمون احتواء قلب العارف على الحق بأحد الوجهين الآتيين:
الأول: أن قلب العارف يشاهد الحق في كل مجلى و يراه في كل شي ء و يعبده في كل صورة من صور المعتقدات. فهو هيولي الاعتقاد كلها كما أشار إليه من قبل. فهو يحتوي الحق بمعنى أنه مجتمع صور الاعتقادات في الحق. و المراد بالحق هنا «الحق المخلوق في الاعتقاد» لا الحق من حيث هو في ذاته. و في هذا المعنى قال ابن العربي:
عقد الخلائق في الإله عقائدا ..... وأنا شهدت جميع ما اعتقدوه
 
الثاني: أن العارف هو الإنسان الكامل الذي جمع كل صفات الوجود في نفسه فكان بذلك صورة كاملة للحق. و لما كان قلب العارف بمثابة المرآة التي ينعكس عليها وجوده الذي هو صورة مصغرة من وجود الحق، شاهد الحق في مرآة قلبه و هذا معنى احتواء قلبه عليه. 
و لا يحتوي قلب إنسان آخر- بل و لا قلب موجود آخر- الحق بهذا المعنى لأنه لا ينعكس على مرايا قلوبهم إلا صور ناقصة للحق ينتزعونها من صور وجودهم الخاصة.


(3) «و رحمته لا تسعه. هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه».
(3) المسألة هنا: هل الرحمة تسع الحق كما تسع الخلق: و هل لها حكم في الحق؟
يقول إن لغة العموم- و هي لغة أهل الظاهر تثبت أن الرحمة لا تسع الحق لأنه راحم غير مرحوم: اي منْح الوجود للأشياء- و هو المراد بالرحمة- من فعل الحق، أما الحق فلا يوصف بأنه مرحوم بهذا المعنى. هذا إذا نظرنا إلى الحق في ذاته، أما إذا نظرنا إليه من حيث تجليه في صور الممكنات و ظهوره بها فللرحمة حكم فيه أيضاً، فإن الوجود يفيض على هذه الممكنات فتظهر بالصور التي هي عليها، و هذا هو الرحمة بعينها. هذه هي لغة أهل الخصوص التي شرع بعد ذلك في شرحها.
و لم يزد في هذا الشرح على ما ذكره سالفاً و كرره مراراً من انتشار النفس الرحماني على صور الموجودات و ظهور الحق بمظاهرها: و انتهى من كل هذا إلى أن الرحمة الإلهية قد وسعت الحق أيضاً، بل هي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة.
راجع ما ذكر عن المعنى الخاص للرحمة في الفص الأول و الفص السادس عشر و ما ذكر عن العطايا و المنح في الفص الثاني.
 
(4) «فالألوهية تطلب المألوه و الربوبية تطلب المربوب».
(4) هذا بيان لسبب وجود العالم و ظهوره بالصورة التي هو عليها. و ذلك أن الأسماء الإلهية التي هي عين مسمى الحق تطلب ما تعطيه للوجود من الحقائق أي تطلب مظهراً خارجياً تحقِّق و تظهر فيه كمالاتها. وليس ذلك المظهر إلا العالم.
فلا بدّ إذن من هذا الظهور و لا بدّ من وجود العالم، و إلا لم يكن للأسماء الإلهية معنى. و الطلب هنا- في قوله: «طالبة ما تعطيه من الحقائق» إشارة إلى ضرورة عقلية هي ضرورة وجود أحد المتضايفين إذا وجد الآخر. 
فالأسماء الإلهية تطلب- أي تطلب عقلًا ما يحقق معانيها و هذه هي متضايفاتها: فإنه لا معنى لوصف الحق بأنه عالم إلا إذا وجد المعلوم، و لا معنى لوصفه بالألوهية إلا إذا وجد المألوه، و لا بالربوبية إلا إذا وجد المربوب و هكذا.

و في الأسماء الإلهية طائفتان متمايزتان مختلفتان: إحداهما الأسماء التي يتصف بها الحق من حيث كونه إلهاً- أي معبوداً- و من هذه تتكوّن الألوهية.
و الأخرى الأسماء التي يتصف بها الحق من حيث كونه مدبِّراً للوجود و متصرفاً فيه: و منها تتكون الربوبية. فمن حيث ألوهية الحق يُعْبَد و يُخَاف و يقدّس و يسبّح بحمده و يدعَى و يُتَضرّع إليه إلى غير ذلك من الأفعال التي يقوم بها المألوهون إزاء إلههم. و من حيث كونه رباً يرزق الخلق و يدبّر الكون و يجيب المضطر إذا دعاه، و غير ذلك مما يقوم به الرب نحو المربوبين.
  فالألوهية إذن تطلب المألوهين، و الربوبية تطلب المربوبين، و لا وجود لإحداهما- بل و لا تقدير لوجود إحداهما إلا بوجود أو تقدير وجود ما يضايفها. 
و قد صرح ابن العربي بهذا المعنى في موضع آخر من الفصوص بقوله: «فنحن بمألوهيتنا قد جعلناه إلهاً».

هذا كلام يقضي به منطق العقل و منطق أي مذهب من مذاهب الدين، و لكن ما معناه و ما قيمته في مذهب ابن العربي و هو يقول بوحدة الوجود: أي بوحدة الإله و المألوه و الرب و المربوب؟ لا يزال إله ابن العربي يُعْبَد و يقدّس
و يسبّح بحمده: و لكن بمعان خاصة وضعها لهذه الألفاظ، و قد سبق شرح بعضها. و هو معبود و مقدّس و مسبّح بحمده من حيث إنه «الكل»، و الذي يعبده و يقدسه و يسبح بحمده هي أفراد الموجودات أو صورها. فالألوهية و المألوهية، و إن لم يكن لهما المعنى الديني الخاص الذي نعرفه، ليسا خلواً من معنى فلسفي له قيمته و خطره في مذهبه. على أنه قد يُشْرِب ذلك المعنى الفلسفي أحياناً روحاً دينية عالية و يبث فيه عاطفة دينية قوية لا تقلّ في قوتها و لا في حرارتها عن عاطفة أي رجل ديني. فالعبد- مع أنه وجه من وجوه الحق و مجلى من مجاليه- لم يزل مفتقراً إلى الحق الذي هو أصله- مستمداً وجوده من وجوده، لا قيمة و لا وجود له في ذاته. و أي افتقار أعظم من افتقار الصورة- و هي في ذاتها عدم محض- إلى من يقومها و يوجدها؟
فشأن ابن العربي في هذا الصدد شأن «اسبنورا»: لم يخْفُتْ في قلبه صوت العاطفة الدينية، و إن قضى عقله على كل معنى من المعاني التي تحملها ألفاظ الدين- أعني دين المذاهب و النحل و هو الدين بمعناه الضيق. أما دينه فهو الدين العالمي الواسع الذي وجد أصوله و مبرراته في رحبة وحدة الوجود.
على أن الألوهية و الربوبية من جهة أخرى مفتقرتان إلى المألوهين و المربوبين، و لا بد من ذلك لكي ينعكس كل من المتضايفين على الآخر تمام الانعكاس و يتكافآ وجوداً و عدماً. فإذا قلنا إن الحق غني عن العالمين، كان المراد بذلك الذات الإلهية التي لا نسبة لها مطلقاً إلى الوجود من حيث هي، لا الحق الذي هو إله و رب.
 
(5) «فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده».
(5) لا تعارض و لا تناقض في الذات الإلهية من حيث ما هي عليه في نفسها، و لكن التعارض و التناقض حاصلان فيها من حيث الأسماء الإلهية و الصفات التي هي نسب و إضافات بين الذات الواحدة و مظاهرها الكونية الكثيرة.
و المظاهر الكونية متعارضة متناقضة فلا بد من وقوع التعارض و التناقض في نِسَبِها إلى الذات. فالحق موصوف بصفات متضادة كالأول و الآخر و الظاهر و الباطن و الجميل و الجليل، و هو- في مذهب ابن العربي- موصوف أيضاً بصفات المحدثات لأنه هو الظاهر في صورها الكثيرة المتباينة.
ففي هذه الحضرة فقط و في هذا المقام وحده، و هو مقام الكثرة (لا مقام الوحدة الذي هو حضرة الذات) وصف الحق نفسه بالشفقة على عباده و برحمته إياهم، فإن شفقته و رحمته يتجليان في منح الوجود للكثرة الوجودية التي هي العالم. و لهذا قال: «فلما تعارض الأمر بحكم النسب»: أي فلما وقعت المعارضة في الذات الإلهية من أجل نسبها إلى الكثرة الوجودية، خلق اللَّه العالم. و خلق العالم هو عين شفقته به.

(6) «فلا يزال «هو» له دائماً أبداً».
(6) ذكر في الفقرة السابقة أن للحق تجليين: تجلي غيب و تجلي شهادة. فتجليه في الغيب هو تجليه لذاته في ذاته في الصور المعقولة لأعيان الممكنات و هذه هي حضرة الأسماء و الفيض الأقدس الذي شرحناه في الفص الأول.
و تجليه في الشهادة هو ظهوره في صور أعيان الممكنات في العالم الخارجي، و هو الفيض المقدّس المشار إليه هنالك.
فالتجليان هما هذان الفيضان أو الحضرتان المتقابلتان و هما أيضاً المرموز إليهما بالاسمين الإلهيين: الأول و الآخر أو الباطن و الظاهر: عالم الغيب و عالم الشهادة.
و لما كان الضمير «هو» يشير إلى المفرد التائب كان رمزاً على عالم الغيب، و وجب إطلاقه على الحق في تجليه الأول وحده، و لهذا قال: «فلا يزال «هو» له (أي للحق) دائماً أبداً. و لا يطلق «هو» على عالم الشهادة لأنه كثرة مظهرية لا ذات واحدة، كما أنه لا يقال على أي موجود من الموجودات إنه هو الحق. و لهذا كفَّر ابن العربي النصارى في قولهم: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ» * لأنهم قصدوا أنه عيسى ابن مريم دون غيره.
و في تجلي الغيب يحصل الاستعداد الذي يكون عليه قلب العارف. و قد ذهب جمهور الصوفية إلى أن الحق يتجلى لقلب كل عبد بحسب استعداد ذلك القلب، و لكن ابن العربي يخالفهم في هذا الرأي و يذهب إلى أن قلب العارف يتلون في كل لحظة بلون الصورة التي يتجلى له الحق فيها، فهو هيولي الصورة أو الاعتقاد كما أشرنا.
و لهذا قال: «فإن العبد- و يقصد به العارف خاصة- يظهر للحق: و المراد يظهر قلبه للحق: على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق». و قد شرح هذا المعنى من قبل في قوله: «فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل: بل يكون على قدره و شكله».
فكأن المسألة إذن ليست مسألة استعداد للقلب يحصل تجلي الحق بمقتضاه، فيراه القلب على هذا النحو أو ذلك و يدركه في هذه الصورة أو تلك، بل المسألة مسألة مرآة تنعكس عليها صور جميع الموجودات فيدركها قلب العارف على أنها صور للحق و يتشكل بشكلها و يتلون بلونها و يضيق و يتسع بضيقها و سعتها، لأن القلب من هذه الصور كفصّ الخاتم من الخاتم.
على أن هذا لا يمنعنا من أن نسمي قدرة القلب على قبول جميع صور التجلي الإلهي استعداداً أيضاً و أن قلب العارف قد قدّر له ذلك في عالم الغيب كما قدر لغيره ألا يدرك من صور التجلي إلا صورة واحدة.
و لكن الأولى أن نقول إن تفسير الصوفية لتجلي الحق في قلب العبد تفسير صوفي، و تفسير ابن العربي تفسير فلسفي متأثر بمذهبه في وحدة الوجود.
 
(7) «فلا يشهد القلب و لا العين أبداً إلا صورة معتقده في الحق».
(7) بعد أن شرح معنى احتواء قلب العارف للحق ومشاهدته له، أراد أن يفسر ذلك «الحق» المشهود، فقال إنه صورة معتقد العارف.
فالعارف يشهد جميع صور المعتقدات لأنه لا يتقيد بصورة دون أخرى، و إن شئت فقل أنه يشهد الحق المخلوق في المعتقدات في هذه الصورة، بينما يشهده غيره في صورة خاصة و لا يراه إلا فيها.  وهؤلاء هم أصحاب الاعتقادات الخاصة.
وفي هذه العبارة اعتراف صريح من ابن العربي بأن «الحق» في ذاته ليس مشهوداً لأحد في هذه الدنيا، وإنكار صريح على الصوفية الذين يدّعون أنهم يشاهدون «الحق» في حال وجدهم وفنائهم.
فليس الحق في نظره مشهوداً لأحد من حيث ذاته المقدسة المنزهة عن جميع النسب والإضافات وكل ما يتصل بالوجود الخارجي.
وليس الحق مشهوداً لأحد من حيث إنه ذات موصوفة بالصفات والأسماء، إلا عن طريق المجالي والمظاهر الوجودية التي يتألف منها العالم.
ولكن «الحق» مشهود في كل قلب- وفي قلب العارف بوجه خاص في صور معتقدات صاحب هذا القلب.
فإن عبَّرنا عن هذه المسألة بلغة التجليات كما يعبر عنها هو أحياناً، نقول إن تجلي الحق في ذاته غير مشهود لأحد، و كذلك تجليه في الحضرة العلمية في أسمائه و صفاته، و لكنه مشهود في تجليه في صور الإله المخلوق في المعتقدات.

(8) «فالأمر لا يتناهى من الطرفين».
(8) المعرفة الحقيقية بالحق هو أنك لا تقيده في صورة خاصة فتقر به و تنكر ما عداها، بل تطلقه إطلاقاً في جميع الصور الوجودية على السواء- أو في جميع صور الاعتقادات على السواء و صور الوجود لا تتناهى فمعرفتك بالحق لا تتناهى.
و لذلك قال: «و كذلك العلم باللَّه ما له غاية في العارف يقف عندها. و كيف يقف العلم باللَّه عند غاية، و العلم به مستمد من العلم بمظاهر الوجود المتغيرة المتبدلة في كل آن من الآنات، و الخلق الجديد « يشير الشيخ ابن العربي في مثل هذا المقام إلى قوله تعالى: «بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ» (قرآن س 50 آية 14) و يشرح الخلق الجديد بهذا المعنى. وقد عالج هذه المسألة في الفص السادس عشر.
الذي هو تحول الحق في الصور هو قانون الوجود؟
والمراد بالطرفين اللذين لا نهاية لهما هو «العلم بالحق» والحق نفسه من حيث ما هو معلوم. و لا نهائية المعلوم تفضي حتماً إلى لا نهائية العلم.
 
(9) «و ما يعرف ما قلنا سوى عبد له همَّه»
(9) أي لا يعرف حقيقة الوجود و أنه واحد على الرغم من كثرته، و عامٌّ على الرغم من تخصصه، و نور كله على الرغم من وجود الظلمة فيه، إلا عبد وهبه اللَّه تلك القوة الخفية الغامضة التي يسميها الصوفية بالهمة.
و قد سبق أن شرحنا ناحية هامة من نواحي هذه القوة في التعليق الثامن على الفص السادس، و هي وظيفة همة العارف في الخلق و تسخير الأشياء. أما هنا فيشير ابن العربي إلى ناحية أخرى في الهمة، و هي وظيفتها كأداة لتحصيل المعرفة بالأمور التي يعجز العقل عن إدراكها. فهي من هذا الوجه مرادفة للذوق الصوفي.
و معنى الهمة توجه القلب و قصده بجميع قواه الروحانية إلى فعل أمر من الأمور أو كشف حقيقة من الحقائق:
فهي عند الصوفية وسيلة من وسائل التصرف و طريق من طرق المعرفة في آن واحد. فهي القوة التي تنفعل لها أجرام العالم إذا أقيمت النفوس في مقام الجمعية (الفص السادس عشر)،
و هي القوة التي تخترق الحجب الكثيفة التي يسد لها العقل على الحقائق و تدرك كنه هذه الحقائق ذوقاً.
و حقيقة الحقائق كلها عند ابن العربي هي وحدة الوجود. فالقلب وحده- عن طريق هذه القوة هو الذي يدرك الحقيقة الوجودية في وحدتها. أما العقل فمقضيّ عليه بالعجز و القصور في هذا الميدان، لأنه لا يستطيع التحرر أبداً من عبوديته لمنهجه و هو منهج تحليل «الكل» إلى أجزائه.

(10) «إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ»، (قرآن س 50 آية 36) إلى قوله فإن الرسل لا يتبرأون من أتباعهم الذي اتبعوهم».
(10) فسر هذه الآية تفسيراً باطنياً خاصاً- كعادته- أخرجها به عن معناها و بنى عليها نظرية معتقدة في معرفة العباد بالحق و مدى صحة هذه المعرفة في حالة كل منهم.

قسم طالبي المعرفة بالحق ثلاثة أقسام:
الأول أصحاب القلوب وهم الكاملون من الصوفية.
والثاني أصحاب العقول وهم الفلاسفة والمتكلمون.
و الثالث المؤمنون الذين يأخذون علمهم بالتقليد من أنبيائهم.
أما أصحاب القلوب فيعرفون الحق بالشهود و الذوق، و يرونه في كل مجلى و يقرون به في كل صورة.
فهم يدورون مع الحق أينما دار، و يشاهدون وجهه (ذاته) في كل مشهد.
ألم يقل الحق في كتابه: «فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ»؟ (قرآن س 2 آية 115).
و أما أصحاب العقول من الفلاسفة و المتكلمين فهم أهل الاعتقادات الخاصة الذين حصروا الحق في صور خاصة- و الحق يأبَى الحصر.
و هؤلاء هم الذين «يكفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضاً» من أجل ما وهموا أن الحق في هذا المعتقَد أو ذاك أو في هذه الصورة العقلية أو تلك. و ليس لهؤلاء القوم شهود للحق في قلوبهم، و إن كانت له صور معقولة مجردة في عقولهم.
و أما المقلدون الذين قلدوا الأنبياء و الرسل فيما أخبروا به عن الحق- و هم المشار إليهم بقوله: «أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ» فلهم في الحق أيضاً اعتقادات خاصة و صور معينة.
ولكنهم أصحاب شهود بدليل قوله: «وَهُوَ شَهِيدٌ» لأنهم يشاهدون الحق بنوع ما في صلواتهم و أدعيتهم و يمثلونه بين أيديهم اتباعاً لأمر النبي صلى اللَّه عليه و سلم في قوله: «أعبد اللَّه كأنك تراه»: أي تصوره على نحو ما في قبلتك و أنت تعبده حتى لكأنك تراه.
و ليس هذا شهود قلب كشهود العارفين من الصوفية و إنما هو شهود خيال.

(11) «وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ - في هويته- ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ».
(11) أشار فيما سبق إلى الحديث القائل إن اللَّه يتجلى لعباده يوم القيامة في صورة فينكرونه و يستعيذون منه، و في صورة أخرى فيعرفونه و يسجدون له، و قال:
إن هذه الصور ليست سوى صور الاعتقاد التي يعرف فيها أصحابها الحق أو ينكرونه. و يشرح هنا معنى قوله تعالى «وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ» بنفس المعنى: أي أن الحق تعالى يظهر لعباده يوم القيامة بصور لم يكونوا يتوقعونها و لا خطرت لهم ببال. و هذه الصور هي صور الاعتقاد المتعلق بحكم من أحكام اللَّه أو بهويَّة اللَّه ذاتها. فالمعتزلي مثلًا يعتقد أن العاصي إذا مات على غير توبة عاقبه اللَّه، فإذا رأى يوم القيامة أن من مات كذلك رحمه اللَّه و عفا عنه للعناية الإلهية السابقة في حقه، انكشف له خلاف معتقده. و هذا معنى تجلي الحق له يوم القيامة بصورة لم يكن يحتسبها.
أما في هوية الحق، فإن بعض العباد يعتقد أنه كذا و كذا ثم يتجلى الحق لهم في صورة هوية أخرى تخالف معتقدهم فيبدو لهم من اللَّه ما لم يكونوا يحتسبون.
و الأمر الخطير في المسألة أن ابن العربي يفسر يوم القيامة و كل ما يتصل به من أمور الآخرة تفسيراً جديداً يتمشى مع مذهبه في وحدة الوجود و لا يمت إلى المعاني الإسلامية بصلة. فيوم القيامة هو يوم يقظة الروح الانسانية، أو يوم عودة النفس الجزئية إلى النفس الكلية: أو هو الوقت الذي تتحقق فيه النفس الجزئية من وحدتها الذاتية بـ «الكل».
وعند هذه العودة- أو عند هذا التحقق تنمحي صور الاعتقادات الخاصة و يشاهَدُ الحق في كل شي ء و في صورة كل معتقد. فإذا ظهر الحق و وقع الشهود من العبد: أي إذا ارتفعت حجب المعتقدات الجزئية، ارتفعت كذلك الحواجز و الفوارق بين الحق و العبد- بين الواحد و الكثير- و استيقظت النفس من سباتها العميق فوجدت أنها هي هو:
وشاهدت الحق بعد رفع الغطاء ببصر لا يعتريه كلال، وحق فيها قول الحق:
«لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ» (قرآن س 50 آية 22).

(12) «و من أعجب الأمور أنه في الترقي دائماً و لا يشعر بذلك للطافة الحجاب و رقته و تشابه الصور».
(12) الضمير في أنه يعود على الإنسان، و لكن الأمر ليس قاصراً على الإنسان، بل شاملًا للوجود كله: إذ كل شي ء في ترق دائم من حيث إنه في خلق متجدد في كل آن، و الخلق الجديد إظهار للحق فيما لا يتناهى من صور الممكنات التي يتحقق فيها وجوده.
فإذا نظرنا إلى الخلق من ناحية الحق، قلنا إن الحق «ينزل» إلى أعيان الممكنات ويتجلى فيها، وإذا نظرنا إليه من ناحية الممكنات نفسها وإظهارها للحق، قلنا إنها «تصعد» أو «ترقى» إليه. ولا تزال الممكنات في هذا النوع من الترقي نحو الحق لأن الحق لا يزال يتجلى لها في مختلف صورها.
وهو بتجليه لها أو فيها يظهر وجوده ويتحقق، وهي بقبولها ذلك التجلي يتحقق وجودها فيه.
فالترقي المذكور إذن هو التجلي الإلهي في الصور، وهو فيض الوجود الدائم من الحق إلى الخلق، سواء في هذه الدار أو في الدار الآخرة- لا بداية له ولا نهاية:
هو الفيض المقدس الذي أشرنا إليه سابقاً.
ولكنه فيض يختلف اختلافاً جوهرياً عن الفيض الذي يتحدث عنه أفلوطين، لأن الفيوضات الأفلوطينية وإن كانت ترجع إلى أصل واحد، ليست هي هذا الواحد ولا مظهراً من مظاهره كما أنها لا تلحقه أبداً ولا ترد إليه بحال.
والتجليات عند ابن العربي هي الحق نفسه مهما اختلفت صورها.
أما ما ذكرناه من هذه الدار والدار الآخرة فليس لهما معنى عنده إلا حال ظهور الموجودات في صورة ما وحال اختفاء هذه الصورة.
فالدار الآخرة موجودة في هذا العالم، بل موجودة في كل آن بالنسبة إلى كل موجود. هي جزء من ذلك الزمان الأزلي الذي تظهر فيه صور الموجودات وتختفي على الدوام.
 
(13) «لكن عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه الحسبانية في العالم كله».
(13) بعد أن فسر «الخلق» بأنه محض ظهور الحق في صور أعيان الممكنات على نحو يتجدد في كل آن منذ الأزل، وبعد أن قرر أن هذا هو الخلق الجديد الذي ذكره القرآن، أشار إلى أقرب مذاهب مفكري الإسلام من مذهبه.
فقال إن الأشاعرة أدركوا جزءاً من هذه الحقيقة في نظريتهم في تجدد الأعراض، وأدركها الحسبانية في نظريتهم في طبيعة العالم كله.
قال الأشاعرة إن العالم مؤلف من جوهر و أعراض، و إن الأعراض في تغير و تبدل مستمرين بحيث لا يبقى واحد في جوهر آنين، و نسبوا كل صور الموجودات و كثرتها و تعددها إلى اختلاف الأعراض المتجددة على الجوهر الواحد.
ولا شك عندي أن هذه النظرية الذرية التي قالوا بها وإن كانت بعيدة كل البعد عن فكرة وحدة الوجود، لأن الأشاعرة يثبتون وجود إله خالق إلى جانب الجواهر والأعراض كان لها أكبر الأثر في الإيحاء بفكرة وحدة الوجود التي قال بها ابن العربي.
لأنه لمّا أحلّ «الحق» محل جوهر الأشاعرة استقامت له نظريته وأصبحت نظرية واحدية بعد أن كانت ثنائية، وأصبح الوجود منحصراً في الجوهر الواحد (الذات في اصطلاحه) والأعراض التي تختلف عليه (الصور الوجودية في مذهبه): وسقطت من نظرية الأشاعرة فكرة الخلق بالمعنى الصحيح، وأصبح ظهور الصور في الذات الواحدة أمراً تلقائياً ضرورياً.
وأقوى وجوه الشبه بين نظرية الأشاعرة ونظريته هو أن الأشاعرة ردوا الكثرة الوجودية في العالم إلى جوهر واحد مؤلف من ذرات أو جواهر فردة لا نهاية لعددها، وقالوا إن هذه الذرات لا يمكن معرفتها ولا وصفها إلا عن طريق ما يعرض لها من الأعراض التي تتغير وتتبدل في كل آن. فإذا اجتمعت على نحو ما أو افترقت ولحقها هذا العرض أو ذاك، ظهرت بصورة من صور الوجود سرعان ما تخلعها وتلبس صورة أخرى غيرها.
هكذا تظهر الموجودات وتتبين لنا صفاتها التي يسمونها بالأعراض.
و لكن الأشاعرة يختلفون عن ابن العربي في أنهم يرون أن مجرد التغيير في العالم العالم دليل قاطع على حدوثه و إمكانه و افتقاره إلى محدث يحدثه و يحدث فيه ذلك التغير.
و لكن ابن العربي اعتبر الحدوث و الافتقار قاصرين على الصور، و لم ير داعياً لفرض خالق أو محدث للذوات.
و من مواضع الشبه أيضاً بين نظريتهم و نظريته مسألة تجدد الأعراض الذي سماه هو بالخلق الجديد كما أسلفنا.
أما الحسبانية (بكسر الحاء أو ضمها) فهم فرقة من السوفسطائيين زعمت أن كل شي ء في العالم، جوهراً كان أو عرضاً، متغير متبدل، وأن الدوام والاستقرار لا يحملان على شي ء ما، وإذن لا يمكن أن يكونا صفتين تتميز بهما الحقيقة.
بل الحقيقة ليس لها وجود إلا فيما تدركه الآن، وهي حقيقة بالإضافة إليك.
وكلمة حسبانية مشتقة من «حَسِبَ» بمعنى طن أو اعتقد.
فالحقيقة حقيقة في حسبان هذا الشخص أو ذاك لا في ذاتها.
و كلا الفريقين الأشاعرة و الحسبانية مخطئ في نظر ابن العربي: و لو أنهما لَمَسَا جانباً من الحق: فالأشاعرة لم يدركوا العالم على حقيقته: أي لم يدركوا أن العالم جملة من الأعراض و الظواهر يقوِّمها جوهر واحد هو الذات الإلهية، بل افترضوا وجود جوهر أو جواهر إلى جانب هذه الذات حيث لا وجود لهذه الجواهر. أما الحسبانية فلم يدركوا أن وراء هذه الظواهر المدركة بالحس، المتغيرة على الدوام، جوهراً غير محسوس لا يتغير و لا يقبل الانقسام في ذاته، فقصروا الحقيقة على ما هو متغير و محسوس: مع أن الأمور المتغيرة ليست إلا صوراً و لا يمكن أن توجد أو تتصور موجودة إلا في ذلك الجوهر غير المحسوس الذي يقومها.

(14) «كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي».
(14) يشير إلى أن تعريف الأشاعرة للأشياء يدل على فساد نظريتهم لأنهم يعرفون
الجسم مثلًا بأنه المتحيز القابل للأبعاد الثلاثة: والتحيز والقبول فصلان وعرضان ذاتيان في نظر الأشاعرة لأنهما صفتان أساسيتان داخلتان في ماهية الجسم.
والعرض الذاتي عندهم هو كل ما كان جزءاً من ماهية المعرف كالنطق في تعريف الإنسان والحساسية في تعريف الحيوان والتحيز في تعريف الجسم.
وإذا كانت الحدود بالذاتيات، والذاتيات عندهم أعراض، والأعراض متغيرة لا تبقى زمانين كما يقولون، إذن يخرج من الأشياء التي لا تقوم بنفسها وهي الأعراض ما يقوم بنفسه وهو الجوهر المحدود: إذ الجوهر المحدود عين ماهيته في الخارج غيرها في الذهن ويبقى زمانين وأزمنة كثيرة مع أنهم قالوا إنه لا يبقى زمانين. وهذا باطل.
وقد جاء بطلان مذهبهم من أنهم عرَّفوا الأشياء بأنها مجموعة أعراض وأن هذه الأعراض هي عين جواهر الأشياء ولم يفرضوا وجود جوهر واحد يقوِّم هذه الأعراض جميعها
 
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:17 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية والعشرون :  الجزء الأول
شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:

12 - فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية
اعلم أن القلب أعني قلب العارف بالله هو من رحمة الله، و هو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله ورحمته لا تسعه:
هذا لسان العموم من باب الإشارة، فإن الحق راحم ليس بمرحوم فلا حكم للرحمة فيه.
وأما الإشارة من لسان الخصوص فإن الله وصف نفسه بالنفس وهو من التنفيس:
وأن الأسماء الإلهية عين المسمى وليس إلا هو، وأنها طالبة ما تعطيه من الحقائق وليس الحقائق التي تطلبها الأسماء إلا العالم. فالألوهية تطلب المألوه، و الربوبية تطلب المربوب ، وإلا فلا عين لها إلا به وجودا أو تقديرا.
والحق من حيث ذاته غني عن العالمين.
والربوبية ما لها هذا الحكم.
فبقي الأمر بين ما تطلبه الربوبية وبين ما تستحقه الذات من الغنى عن العالم.
وليست الربوبية على الحقيقة والاتصاف إلا عين هذه الذات.
فلما تعارض الأمر بحكم النسب ورد في الخبر ما وصف الحق به نفسه من الشفقة على عباده.
فأول ما نفس عن الربوبية بنفسه المنسوب إلى الرحمن بإيجاده العالم الذي تطلبه الربوبية بحقيقتها وجميع الأسماء الإلهية.
فيثبت من هذا الوجه أن رحمته وسعت كل شيء فوسعت
...........................................................
1- المناسبة في تسمية هذا الفص :
هي أن العارف يشهد الله في جميع الاعتقادات ولا ينكره وذلك راجع إلى تقلب القلب مع الحق في صور جميع الاعتقادات.
فهذه الحكمة لا تنحصر شعبها لأن كل اعتقاد شعبة ، فهي شعب كلها أعني الاعتقادات فناسبت هذه الحكمة اسم النبي والرسول شعيب عليه السلام لما فيها من التشعب.
وهذا الفص يدور حول علم التجليات الإلهية ويشير فيها إلى ما جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري عن موقف يوم القيامة وفيه : "حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر ، أتاهم الله في أدنى صورة من التي رأوه فيها.
قال فما تنتظرون ؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد .
قالوا يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما کنا إليهم ولم نصاحبهم .
فيقول أنا ربكم ، فيقولون نعوذ بالله منك لا نشرك


ص 175
 
 
الحق، فهي أوسع من القلب أو مساوية له في السعة. "2"
هذا مضى، ثم لتعلم أن الحق تعالى كما ثبت في الصحيح يتحول في الصور عند التجلي، وأن الحق تعالى إذا وسعه القلب لا يسع معه غيره من المخلوقات فكأنه يملؤه.
ومعنى هذا أنه إذا نظر إلى الحق عند تجليه له لا يمكن أن ينظر معه إلى غيره.
وقلب العارف من السعة كما قال أبو يزيد البسطامي «لو أن العرش و ما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به».
وقال الجنيد في هذا المعنى: إن المحدث إذا قرن بالقديم لم يبق له أثر، وقلب يسع القديم كيف يحس بالمحدث موجودا. "3"
 
................................................................

بالله شيئا ، مرتين أو ثلاثا ، حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب ، فيقول هل بينكم وبينه آية فتعرفوه بها ، فيقولون نعم ، فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود ، ولا يقي من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة ، كلما أراد أن يسجد خر على قفاه ، ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة ، فيقول أنا ربكم ، فيقولون أنت ربنا .. الحديث بطوله .
فهذا الفص يبحث في التجلي الإلهي وتحول الحق في صور الاعتقادات وفي حضرة الشهود ، فجعلنا البحث هنا متكاملا في التجلي الإلهي .

2 - قلب العارف أوسع من رحمة الله
الفقرة الواردة في هذا الفص توضح ما أشار إليه الشيخ رضي الله تعالی عنه في الفتوحات الجزء الرابع ص 99  حيث يقول في هذه المسألة :
إلا أن في الأمر نكتة أوميء إليها ولا أنص عليها ، وذلك أن الله قد وصف نفسه بالغضب والبطش الشديد بالمغضوب عليه ، والبطش رحمة لما فيه من التنفيس وإزالة الغضب وهذا القدر من الإيماء كاف فيما تريد بيائه من ذلك .


3 - راجع فص رقم 6 هامش رقم 9 ص 98
قول أبي يزيد يراجع شرحه في كتابنا شرح كلمات الصوفية من 165 أو الفتوحات ج 4 ص 8
قول الجنيد يراجع شرحه في كتابنا شرح كلمات الصوفية ص 215 أو الفتوحات ج 1 ص 103 -ج 4 ص 8 / 92.
 
ص 176
 
 
وإذا كان الحق يتنوع تجليه في الصور فبالضرورة يتسع القلب ويضيق بحسب الصورة التي يقع فيها التجلي الإلهي، فإنه لا يفضل شيء عن صورة ما يقع فيها التجلي.
فإن القلب من العارف أو الإنسان الكامل بمنزلة محل فص الخاتم من الخاتم لا يفضل بل يكون على قدره وشكله من الاستدارة إن كان الفص مستديرا أو من التربيع والتسديس والتثمين وغير ذلك من الأشكال إن كان الفص مربعا أو مسدسا أو مثمنا أو ما كان من الأشكال، فإن محله من الخاتم يكون مثله لا غير.
وهذا عكس ما يشير إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
وهذا ليس كذلك، فإن العبد يظهر للحق على قدر الصورة التي يتجلى له فيها الحق.
وتحرير هذه المسألة أن لله تجليين.
تجلي غيب وتجلي شهادة، فمن تجلي الغيب يعطي الاستعداد الذي يكون عليه القلب، وهو التجلي الذاتي الذي الغيب حقيقته، وهو الهوية التي يستحقها بقوله عن نفسه «هو».
فلا يزال «هو» له دائما أبدا.
فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.
فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته، ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق أسمائه الحسنى.
فمن ثم و ما ثمه ... و عين ثم هو ثمه
فمن قد عمه خصه ... و من قد خصه عمه
فما عين سوى عين ... فنور عينه ظلمه
 
ص 177
 
 
فمن يغفل عن هذا ... يجد في نفسه غمه
وما يعرف ما قلنا  ... سوى عبد له همه
«إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب» لتقلبه في أنواع الصور والصفات ولم يقل لمن كان له عقل، فإن العقل قيد فيحصر الأمر في نعت واحد والحقيقة تأبى الحصر في نفس الأمر.
فما هو ذكرى لمن كان له عقل وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم ببعض ويلعن بعضهم بعضا وما لهم من ناصرين.
فإن إله المعتقد ما له حكم في إله المعتقد الآخر: فصاحب الاعتقاد يذب عنه أي عن الأمر الذي اعتقده في إلهه وينصره، وذلك في اعتقاده لا ينصره، فلهذا لا يكون له أثر في اعتقاد المنازع له.
وكذا المنازع ما له نصرة من إلهه الذي في اعتقاده، فما لهم من ناصرين، فنفى الحق النصرة عن آلهة الاعتقادات على انفراد كل معتقد على حدته، والمنصور المجموع، والناصر المجموع. فالحق عند العارف هو المعروف الذي لا ينكر.
فأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة.
فلهذا قال «لمن كان له قلب» فعلم
............................................................... 
4 - القلب والعقل
« إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب » يتقلب فيفهم قول الله ويعقل به عن الله العلم بالله من حيث المشاهدة ، ولم يقل تعالى غير ذلك فإن القلب معلوم بالتقليب في الأحوال دائما .
فهو لا يبقى على حالة واحدة ، وكذلك التجليات الإلهية .
فمن لم يشهد التجليات بقلبه ينكرها ، فإن العقل يقيده وغيره من القوي إلا القلب فإنه لا يتقيد ، وهو سريع التقلب في كل حال .
ولذا قال الشارع إن القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبه كيف يشاء ، فهو يتقلب بتقلب التجليات والعقل ليس كذلك .
فإن العقل تقیید من العقال ، فالقلب هو القوة التي وراء طور العقل ، فلو أراد الحق في هذه الآية بالقلب أنه العقل ما قال «لمن كان له قلب ».
فإن كل إنسان له عقل وما كل إنسان يعطي هذه القوة التي وراء طور العقل المسماة قلبا في هذه الآية ، فلا تكون معرفة الحق من الحق إلا بالقلب لا بالعقل ثم يقبلها العقل من القلب ، فإن القلب له التقليب من حال إلى حال وبه سمي قلبا .
فمن فسر القلب بالعقل فلا معرفة له بالحقائق .
فتوحات ج 1 / ۲۸۷ -  ج 3 /  198 ، 471 -  ج 4 / 85.
 
ص 178
 
 
تقلب الحق في الصور بتقليبه في الأشكال.
فمن نفسه عرف نفسه، وليست نفسه بغير لهوية الحق، ولا شيء من الكون مما هو كائن ويكون بغير لهوية الحق، بل هو عين الهوية. "5"
فهو العارف والعالم والمقر في هذه الصورة، وهو الذي لا عارف ولا عالم، وهو المنكر في هذه الصورة الأخرى.
هذا حظ من عرف الحق من التجلي والشهود في عين الجمع، فهو قوله «لمن كان له قلب» يتنوع في تقليبه.
وأما أهل الإيمان وهم المقلدة الذين قلدوا الأنبياء والرسل فيما أخبروا به عن الحق، لا من قلد أصحاب الأفكار والمتأولين الأخبار الواردة بحملها على أدلتهم العقلية، فهؤلاء الذين قلدوا الرسل صلوات الله عليهم وسلامه هم المرادون بقوله تعالى «أو ألقى السمع» لما وردت به الأخبار الإلهية على ألسنة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يعني هذا الذي ألقى السمع شهيد ينبه على حضرة الخيال واستعمالها، وهو قوله عليه السلام في الإحسان «أن تعبد الله كأنك تراه»، والله في قبلة المصلي، فلذلك هو شهيد. "6"
ومن قلد صاحب نظر فكري وتقيد به فليس هو الذي ألقى السمع،
.....................................................................
5 - راجع الحديث « كنت سمعه وبصره » فص 10 هامش 9 ص 146
 
""  9 -  فإذا أحببته كنت سمعه وبصره الحديث فص 10 هامش 9 ص 146
اعلم أن القرب قربان:
قرب في قوله تعالى «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » وقوله تعالى «وهو معكم أينما كنتم».
وقرب هو القيام بالطاعات وهو المقصود في هذا الحديث ، فالقرب الذي هو القيام بالطاعات فذلك القرب من سعادة العبد من شقاوته ، وسعادة العبد في نيل جميع أغراضه كلها ، ولا يكون ذلك إلا في الجنة ، وأما في الدنيا فإنه لابد من ترك بعض أغراضه القادحة في سعادته .
فالقرب من السعادة بأن يطيع ليسعد ، وهذا هو الكسب في الولاية بالمبادرة لأوامر الله التي ندب إليها ، أما قوله « من أداء ما افترضته عليه » لأنها عبودية اضطرارية « ولا يزال العبد يقترب إلي بالنوافل » وهي عبودية اختيار « حتى أحبه » .
إذ جعلها نوافل ، فإذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقربت إلى الله بأحب الأمور المقربة إليه ، وإذا کنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق و بصره .
وتكون يدك يد الحق « إن الذين بیا یعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم » وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل ، فإن للمثابرة على النوافل حبا إلهيا منصوصا عليه يكون الحق سمع العبد ونظره ، فانظر ما تنتجه محبة الله ، فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية .
ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض ، فالحق سبحانه روح العالم وسمعه وبصره ويده ، فبه يسمع العالم و به يبصر وبه يتكلم وبه يبطش و به يسعى ، إذ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
ولا يعرف هذا إلا من تقرب إلى الله بنوافل الخيرات ، كما ورد في الحديث الصحيح ، فانتبه لقوله « كنت سمعه الذي يسمع به ولسانه الذي يتكلم به وما تكلم إلا القائل في الشاهد وهو الإنسان، وفي الإيمان الرحمن ، فمن كذب العيان كان قوي الإيمان ، ومن تردد في إيمانه تردد في عيانه ، فلا إيسان عنده ولا عيان ، فما هو صاحب مكان ولا إمكان .
ومن صدق العيان وسلم الإيمان كان في أمان ، فإن الله أثبت أن ذلك للعبد بالضمير عينه عبدا لا ربوبية له ، وجعل ما يظهر به وعليه ومنه أن ذلك هو الحق تعالى لا العبد فما ثم إلا حق لحق وحق لخلق ، فحق الحق ربوبيته ، وحق الخلق عبوديته.
فنحن عبيد وإن ظهرنا بنعوته ، وهو ربنا وإن ظهر بنعوتنا ، فإن التعوت عند المحققين لا أثر لها في العين المنعوتة.
ولهذا تزول بمقابلها إذا جاء ولا تذهب عينا .
فقوله تعالی « كنت سمعه وبصره » جعل کینوتنه سمع عبد منعوت بوصف خاص ، وهذا أعظم اتصال يكون من الله بالعبد حيث يزيل قواه من قواه ويقوم بکینوته في العبد مقام ما أزال على ما يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تكييف ولا حصر ولا إحاطة ولا حلول
ولا بدليه ، فإنه أثبت عين الشخص بوجود الضمير في قوله « كنت سمعه » فهذه الهاء عينه ، والصفة عين الحق لا عينه ، فالشخص محل لأحكام هذه الصفات التي هي عين الحق لا غيره .
كما يليق بجلاله ، فنعته سبحانه بنفسه لا بصفته ، فهذا الشخص من حيث عينه هو ومن حيث صفته لا هو ، وهذا من ألطف ما يكون فظهور رب في صورة خلق عن إعلام إلهي لا تعرف له کيفية ولا تنفك عنه بينية .
والكرامة التي حصلت لهذا الشخص إنما هي الكشف والاطلاع لا أنه لم يكن الحق سمعه ثم كان ، والجاهل إذا سمع ذلك أداه إلى فهم محظور من حلول أو تحديد ، فبالوجه الذي يقول فيه الحق إنه سمع العبد به بعينه يقول إنه حياة العبد وعلمه وجميع صفاته .
فمثلا سر الحياة سري في الموجودات فحييت بحياة الحق ، فهي نسب وإضافات وشهود حقائق ، والله هو العلي الكبير عن الحلول والمحل.
الفتوحات ج 3 / 14 ، 63 ، 68 ، 184 ، 298 ، 356 ، 531 ، 557 .
ج 4 / 5 ، 362 ، 449 .  ""
 
 
6 - الإحسان وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " أن تعبد الله كأنك تراه "
في حديث الإسلام والإيمان والإحسان ثلث رسول الله صلى الله عليه وسلم  بالإحسان ، وهو إنزال المعني الروحاني منزلة المحسوس في العيان ، وليس إلا عالم الخيال ، الحاكم بالوجوب والوجود في الممكن والمحال .
فيقول النبي صلى الله عليه وسلم  لجبريل عليه السلام في معرض التعليم لعباد الله «اعبد الله كأنك تراه » فأمره بالاستحضار ، فإنه يعلم أنه لا يستحضر إلا من يقبل الحضور .
فأمره بتصوره في الخيال مرئيا وأن يتخيله ويحضره في خياله على قدر علمه به محصورا له ، فما حجر الله على العباد تنزيهه ولا تخيله ، وإنما حجر عليه أن يكون محسوسا له ، مع علمه بأن الخيال من حقيقته أن يجسد ويصور ما ليس بجسد ولا صورة .
فإن الخيال لا يدركه إلا كذلك : فهو حس باطن بين المعقول والمحسوس ، وبذلك تصبح عبادة الله بالغيب عین عبادته بالشهادة .
فإن الإنسان وكل عابد لا يصح أن يعبد معبوده إلا عن شهود ، أما بعقل أو ببصر ، أو ببصيرة .
فالبصيرة يشهده العابد بها فيعبده ، وإلا فلا تصح له عبادة .
فما عبد إلا مشهودا لا غائبا ، ومن هذا يعلم أن جميع العقائد كلها تحت حكم التخيل
 
ص 179
 
 
فإن هذا الذي ألقى السمع لا بد أن يكون شهيدا لما ذكرناه.
ومتى لم يكن شهيدا لما ذكرناه فما هو المراد بهذه الآية.
فهؤلاء هم الذين قال الله فيهم «إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا» والرسل لا يتبرءون من أتباعهم الذين اتبعوهم.
فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها، أعني الاعتقادات فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا
......................................................................
ومحلها الخيال ، وإن قام الدليل على أن الذي اعتقده ليس بداخل ولا خارج ولا يشبه شيئا من المحدثات ، فإنه لا يسلم من الخيال أن يضبط أمرا .
لأن نشأة الإنسان تعطي ذلك ، والحكم تابع لذات الحاكم بقبول ما يعطيه المحكوم عليه ، وليس المحكوم عليه هنا إلا المتخيل وهو المعتقد، فأدخل الله تعالى نفسه في التخيل، وهذا تنزيل خيالي من أجل كاف التشبيه .
وانظر من كان السائل الذي هو جبريل عليه السلام ومن هو المسؤول وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومرتبتها من العلم بالله ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، جاء بـ «كان» لأن الحق ليس بمحسوس لنا، ولا نعقل منه إلا وجوده حتى ندخله تحت قوة البصر ، فـ نلحقه بالوهم بالمحسوسات.
فإذا أضفنا إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : «إن الله في قبلة المصلي » وإلى قوله « وجعلت قرة عيني في الصلاة » .
علمنا أنه ما أراد صلى الله عليه وسلم المناجاة وإنما أراد شهود من ناجاه فيها ، ولهذا أخبر أن الله في قبلة المصلي فقال صلى الله عليه وسلم: «اعبد الله كأنك تراه» فإنه ما كان يراه في عبادته ، ما كان كأنه يراه، ولولا حصولها ما قرئها بالعبادة دون العمل ، فما قال « اعمل لله كأنك تراه » ، فإن العبادة من غير شهود صريح أو تخیل شهود صحيح لا تصح ، ولذلك ما ذكر صلى الله عليه وسلم العين في قوله: « وجعلت قرة عيني في الصلاة » إلا لأن متعلق الرؤية إدراك عين المرئي فإذا رآه قرت عينه بما رآه .
فكان رسول الله ما في حال صلاته صاحب رؤية وشهود ، ولذلك كانت الصلاة محل قرة عينه لأنه مناج.
ولما علم الحق ما ركب عليه العالم المكلف من قوة الخيال وسلطانها .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم  في حضرة الخيال مخبرا ليجمع الإنسان بين الطرفين ، بين المعاني
 
ص 180
 
 
لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. "7"
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية
.....................................................................
والمحسوسات « اعبد الله كأنك تراه » فقال في الإحسان ذلك لما علم أن العبادة على الغيب تصعب على النفوس « فإن لم تكن تراه » لأن من الإحسان أن تراه ، فإن لم تكن محسنة « فإنه يراك » أي أحضر في نفسك أنه يراك وهو نوع آخر من الشهود من خلف حجاب .
تعلم أن معبودك يراك من حيث لا تراه ويسمعك ، فإن المكلف لابد أن يعلم أن الله يراه إما بعقله أو بقول الشارع ، فيلزم الحياء منه والوقوف عند ما كلفه .
فالإسلام صراط مستقيم، والإيمان خان کریم، والإحسان شهود القديم .
راجع الفتوحات ج 1/  ص 304،306 ، 366 ، 383 ، 397 ، 412 ، 444
483 ، 609 .
ج 2 / ص 124 ، 128 ، 282 ، 344 ، 455 .
ج 3 / ص 44 ، 309 ، 365 ، 376 ، 377 ، 395 ، 541 ، 542 ، 563.
ج 4 / ص 73 ، 265 ، 344 ، 360 ، 413 ، 420 .
 
7 - « وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون » الآية
عم الجميع ، فبدا لكل طائفة تعتقد أمرأ ما مما ليس عليه نفي ذلك المعتقد .
وما تعرض في الآية بما اتنفى ذلك ، هل بالعجز أو بمعرفة النقيض ؟
وكلا الأمرين كائن في الدار الآخرة ، وقوله تعالى : « وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون » شائعة في الشقي والسعيد ، ففي السعيد فيمن مات على غير توبة وهو يقول بإنفاذ الوعيد ، فيغفر له ، فكان الحكم للمشيئة فسبقت بسعادتهم ، فتبين لهم عند ذلك أنهم اعتقدوا في ذلك خلاف ما هو الأمر عليه .
راجع فتوحات ج 2 / 55 ، 619 - ج 3 /  278 .
 
ص 181
 
 
«وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.
وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية في كتاب التجليات لنا عند ذكرنا من اجتمعنا به من الطائفة في الكشف وما أفدناهم في هذه المسألة بما لم يكن عندهم. "8"
ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك للطافة الحجاب
..............................................


8 - الترقي في العلم دنيا وآخرة
إني على بينة من ترقي العالم علوه وسفله مع الأنفاس ، لاستحالة ثبوت الأعيان على حالة واحدة ، فإن الأصل الذي يرجع إليه جميع الموجودات ، وهو الله ، وصف نفسه أنه "كل يوم هو في شأن " فمن المحال أن يبقى شيء في العالم على حالة واحدة زمانين ، فتختلف الأحوال عليه لاختلاف التجليات بالشؤون الإلهية.
فالعارف في كل نفس يطلب الترقي ويقصر دائما عمره كله يتعرض للفتح فلا يفتح له ، فيجمع له إلى أن يموت ، فيرى عند موته ما أخفى له فيه من قرة أعين ، لكونه ما له في حياته الأولى ، ولا شاهد ما شاهد غيره من السائرين إلى الله .
فإنه إن كان العامل ممن قد أراد أن يفتح له في الدنيا في حصول هذه الأسرار ورد الإذن الإلهي بذلك ففتح على هذا العامل في باطنه بعلوم شتی .
فيقال فلان قد فتح عليه ، وإن كان الله يريد أن تخبأ له ذلك إلى الدار الآخرة لمصلحة يراه له في منع ذلك إلى أن ينقلب العامل إلى الدار الآخرة فيجدها مخبوءة له في أعماله، فيلبسها خلعا إلهية.
فيقال في هذا العامل في الدنيا إنه ما فتح له مع كثرة عمله، ويتعجب المتعجبون من ذلك لأنهم يتخيلون أن الفتح أمر لازم.
وكذلك هو أمر لازم تطلبه الأعمال وتناله، ولكن متى يكون ذلك صفة للعامل هل في الدنيا أو في الآخرة ؟
ذلك إلى الله ، فإذا رايت عامل صدق أو عرفت ذلك من نفسك ، ولم تر يفتح لك في باطنك مثل ما فتح لن تراه على صورتك في العمل فلا تتهم ، فإنه مؤخر لك ، واطرح عن نفسك التهمة في ذلك ، فلا تتهم ولا تجعل نفسك من أهل التهم ، فنحن في ارتقاء دائم و مزید علم دنیا و برزخا وآخرة ، والآلات مصاحبة لا تنفك في هذه المنازل والمواطن والحالات عن هذه اللطيفة الإنسانية .
فأهل الله أهل الحق لا يبالون بالمفارقة متى كانت الأنهم في مزید علم أبدأ دائما ، وهم ملوك أهل تدبير لمواد طبيعية وعنصرية دنيا وبرزخا وآخرة .
فتوحات ج 1 / 471 ، 700 - ج 2 / 504 ، 626 .
 
ص 182
 
 
ودقته وتشابه الصور  مثل قوله تعالى «وأتوا به متشابها».
وليس هو الواحد عين الآخر فإن الشبيهين عند العارف أنهما شبيهان، غيران ، وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، وإن اختلفت حقائقها وكثرت، أنها عين واحدة.
فهذه كثرة معقولة في واحد العين.
فتكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة. "9"
 كما أن الهيولى تؤخذ في حد كل صورة، وهي مع كثرة الصور
................................................................. 
9 – أ -  التجلي الإلهي :
لما كان العلم الأول في المعرفة هو العلم بالحقائق وهو العلم بالأسماء الإلهية كان العلم الثاني من علوم المعرفة هو علم التجلي ، وهو أن التجلي الإلهي دائم لا حجاب عليه ، ولكن لا يعرف أنه هو ، فإن الحضرة الإلهية متجلية على الدوام لا يتصور في حقها حجاب عناء .
واعلم أن الحق له نسبتان في الوجود :
نسبة الوجود النفسي الواجب له .
ونسبة الوجود الصوري ، وهو الذي يتجلى فيه لخلقه .
إذ من المحال أن يتجلى في الوجود النفسي الواجب له ، فالتجلي الذاتي منوع بلا خلاف بين أهل الحقائق في غير مظهر ، لأنه لا عين لنا ندر که بها، إذ نحن في حال عدمنا ووجودنا مرجحون ، لم يزل عنا حكم الإمكان ، فلا تراه إلا بنا من حيث ما تعطيه حقائقنا ، لأن التجلي على ما هو المتجلي عليه في نفسه محال حصوله لأحد ، فلا يقع التجلي إلا من دون ذلك مما يليق بمن يتجلى له .
فعلمنا قطعا أن الذات لا تتجلى أبدا من حيث هي ، وإنما تتجلى من حيث صفة ما معتلية ، والتجلي الإلهي لا يكون إلا للإله والرب، لا يكون الله أبدا فإن الله هو الغني .
كما لا يتجلى في الاسم الأحد ولا في الاسم الله ولا يصح النجلي فيه ، فإنه لا يعرف معناه ، ولا يسكن وقتا ما في معناه .
و بهذا السر تميز الإله من المألوه ، والرب من المربوب ، وما عدا هذين الأسمين من الأسماء المعلومات لنا فإن التجلي يقع فيها ، كما أن حضرة الجلال لها السبحات المحرقة، ولهذا لا يتجلى في جلاله أبدا ، ولكن يتجلى في جلال جماله لعباده ، فبه يقع التجلي .
 
ص 183
 
 
 
واختلافها ترجع في الحقيقة إلى جوهر واحد هو هيولاها . فمن عرف نفسه بهذه
................................................................
إذا علمت هذا فلابد أن يكون تجلي الحق في الوجود الصوري ، وهو التجلي في المظاهر ، وهو التجلي في صور المعتقدات كائنة بلا خلاف ، والتجلي في المعقولات كائن بلا خلاف ، وهما تجلي الاعتبارات ، لأن هذه المظاهر سواء كانت صورالمعقولات أو صور المعتقدات فإنها جسور يعبر عليها بالعلم.
أي يعلم أن وراء هذه الصور أمر لا يصح أن يشهد ولا أن يعلم ، وليس وراء ذلك العلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا، وأما التجلي في الأفعال أعني نسبة ظهور الكائنات والمظاهر عن الذات التي تتكون عنها الكائنات وتظهر عنها المظاهر ، فالحق سبحانه قرر في اعتقادات قوم وقوع ذلك ، وقرر في اعتقادات قوم منع وقوع ذلك .
فالتجلي الصوري هو الذي يقبل التحول والتبدل ، فتارة يوصف به الممكن الذي يختلع به ، وتارة يظهر به الحق في تجليه ، فإن للألوهية أحكاما وإن كانت حکما ، وفي صورة هذه الأحكام يقع التجلي في الدار الآخرة حيث كان ، فإنه قد اختلف في رؤية النبي مع ربه كما ذكر ، وقد جاء حديث النور الأعظم من رفرف الدر والياقوت وغير ذلك .
واعلم أن الله تجليين ، تجليا عاما إحاطيا ، وتجليا خاصا شخصيا، فالتجلي العام تجل رحماني ، وهو قوله تعالى « الرحمن على العرش استوى » والتجلي الخاص هو ما لكل شخص شخص من العلم بالله .
فتوحات ج 1 / 41 ، 91 - ج 2 / 303 ، 542 ، 606 - ج 3 / 101 ، 178 ، 180 ، 516.
ذخائر الأعلاق - التنزلات الموصلية .


9 - ب - حظ العارف من العلوم في التجلي:
لما كانت العلوم تعلو وتتضع بحسب المعلوم لذلك تعلقت الهمم بالعلوم الشريفة العالية التي إذا اتصف بها الإنسان زکت نفسه وعظمت مرتبته .
فأعلاها مرتبة العلم بالله ، وأعلى الطرق إلى العلم بالله علم التجليات ودونها علم النظر ، وليس دون النظر علم إلهي وإنما هي عقائد في عموم الخلق لا علوم، التجلي أشرف الطرق إلى تحصيل العلوم ، فأول مقام للعارف هو أن يتجلى له الحق في غير مادة ، لأن العارف أو العالم
 
ص 184
 
 
 المعرفة فقد عرف ربه وإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وحقيقته. ولهذا ما عثر
................................................................
في حضرة الفكر والعقل ، فيعلم من الله على قدر ما كان ذلك التجلي ولا يقدر أحد على تعيين ما تجلى له من الحق ،إلا أنه تجلى في غير مادة لا غير.
وسبب ذلك أن الله يتجلى لكل عبد من العالم في حقيقة ما هي عين ما تجلى بها لعبد آخر ، ولا هي عين ما يتجلى له بها في مجلى آخر .
فلذلك لا يتعين ما تجلى فيه ولا ينقال ، فإذا رجع العبد من هذا المقام إلى عالم نفسه عالم المواد صحبه تجلي الحق ، فما من حضرة يدخلها من الحشرات لها حكم إلا ويرى الحق قد تحول بحكم تلك الحضرة ، والعبد قد ضبط منه أولا ما ضبط ، فيعلم أنه قد تحول في أمر آخر ، فلا يجهله بعد ذلك أبدا ولا ينحجب عنه .
فإن الله ما تجلى لأحد فاتحجب عنه بعد ذلك ، فإنه غير ممكن أصلا ، فإذا نزل العبد إلى عالم خیاله وقد عرف الأمور على ما هي عليه مشاهدة وقد كان قبل ذلك عرفها علما و إيمانا ، رأى الحق في حضرة الخيال صورة جسدية ، فلم ينكره وأنكره العابر والأجانب .
ثم نزل من عالم الخيال إلى عالم الحس والمحسوس فنزل الحق معه لنزوله فإنه لا يفارقه ، فيشاهده صورة كل ما شاهده من العالم ، لا يخص به صورة دون صورة من الأجسام والأعراض ، ويراه عين نفسه ، ويعلم أنه ما هو عين نفسه ولا عين العالم.
ولا يحار في ذلك لما حصل له من التحقيق بصحبة الحق في نزوله معه من المقام الذي يستحقه ، وهذا مشهد عزیز .
ما رأيت من يقول به من غير شهود إلا في عالم الأجسام و الأجساد ، وسبب ذلك عدم الصحبة مع الحق لما نزل من المقام الذي يستحقه ، وما رأيت واحدا من أهل هذا المقام ذوقا .
إلا أنه أخبرتني أهلي مريم بنت عبدون أنها أبصرت واحدا وصفت لي حاله ، فعلمت أنه من أهل هذا الشهود إلا أنها ذكرت عنه أحوالا تدل على عدم قوته فيه وضعفه مع تحققه بهذا الحال .
ورد في الخبر الصحيح في تجابه سبحانه في موطن التلبيس ، وهو تجليه في غير صور الاعتقادات من حضرة الاعتقادات ، فلا يبقى أحد يقبله ولا يقر به ، بل يقولون
 
ص 185
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: رد: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله    السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:18 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثانية والعشرون الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله



الفقرة الثانية والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثانية والعشرون :  الجزء الثاني
أحد من العلماء والحكماء على معرفة النفس وحقيقتها إلا الإلهيون من الرسل والصوفية.
.......................................................
إذا قال لهم « أنا ربكم » « نعوذ بالله منك » فالعارف في ذلك المقام يعرفه ، غير أنه قد علم منه بما أعلمه أنه لا يريد أن يعرفه في تلك الحضرة من كان هنا مقيد المعرفة بصورة خاصة يعبده فيها .
فمن أدب العارف أن يوافقهم في الإنكار ولكن لا يتلفظ بما تلفظوا به من الاستعاذة منه ، فإنه يعرفه ، فإذا قال لهم الحق في تلك الحضرة عند تلك النظرة « هل كان بينكم وبينه علامة تعرفونه بها» فيقولون « نعم » فيتحول لهم سبحانه في تلك العلامة ، مع اختلاف العلامات .
فإذا رأوها وهي الصورة التي كانوا يعبدونه فيها ، حينئذ اعترفوا به ، ووافقهم العارف بذلك في اعترافهم ، أدبا منه مع الله وحقيقة ، وأقر له بما أقرت الجماعة .
راجع كتابنا الخيال ص 15 ، 24، وكتابنا ترجمة حياة الشيخ ص 171.
فتوحات ج 1/ 166 - ج 2 / 609 - ج 3 / 234 ، 235.
 
9 - ج - التجلي الإلهي للحس والبواطن من الاسم الإلهي الظاهر
إن الله جعل لكل شيء ونفس الإنسان من جملة الأشياء ظاهرا وباطنا.
فهي تدرك بالظاهر أمورا تسمى عينا، وتدرك بالباطن أمورا تسمى علما، والحق سبحانه هو الظاهر والباطن، فبه يقع الإدراك.
فإنه ليس في قدرة كل ما سوى الله أن يدرك شيئا بنفسه ، وإنما أدر که بما جعل الله فيه (راجع « كنت سمعه و بصره » الفص 10  ص 146 ) .
و تجلي الحق لكل من تجلى له من أي عالم كان من عالم الغيب والشهادة إنما هو من الاسم الظاهر ، وأما الاسم الباطن فمن حقيقة هذه النسبة أنه لا يقع فيها تجل أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة . 
إذ كان التجلي عبارة عن ظهوره لمن تجلى له في ذلك المجلي ، وهو الاسم الظاهر ، فإن معقولية النسب لا تتبدل وإن لم يكن لها وجود عيني لكن لها الوجود العقلي ، فهي معقولة ، فإذا تجلى الحق إما منة أو إجابة لسؤال فيه ، فتجلى لظاهر النفس ، وقع الإدراك بالحس في الصورة في برزخ التمثل ، فوقعت الزيادة عند المتجلى له في علوم


ص 186
 
وأما أصحاب النطر وأرباب الفكر من القدماء والمتكلمين في كلامهم في النفس وماهیها :
.................................................
الأحكام إن كان من علماء السريعة، ومن علوم موازين المعاني إن كان منطقيا، ومن علم میزان الكلام إن كان نحويا.
وكذلك صاحب کل علم من علوم الأكوان وغير الأكوان تقع له الزيادة في نفسه من علمه الذي هو بصدده، فأهل هذه الطريقة يعلمون أن هذه الزيادة إنما كانت من ذلك التجلي الإلهي لهؤلاء الأصناف.
فإنهم لا يقدرون على إنكار ما کشف لهم، وغير العارفين يحسون بالزبادة وينسبون ذلك إلى أفكارهم، وغير هذين يجدون من الزيادة ولا يعلمون أنهم استزادوا شيئا فهم في المثل کمثل الحمار يحمل أسفارا.
وإذا وقع التجلي أيضا بالاسم الظاهر الباطن النفس وقع الإدراك بالبصيرة في عالم الحقائق والمعاني المجردة عن المواد، وهي المعبر عنها بالنصوص.
إذ النص ما لا إشكال فيه ولا احتمال بوجه من الوجوه، وليس ذلك إلا في المعاني، فيكون صاحب المعاني مستريحا من تعب الفكر، فتقع الزيادة عند التجلي في العلوم الإلهية وعلوم الأسرار وعلوم الباطن وما يتعلق بالآخرة، وهذا مخصوص بأهل طريقنا.
فتوحات ج 1 / 166 .
 
9 - د - التجلي لكل مخلوق من الوجه الخاص
اعلم أنه ما من موجود في العالم إلا وله وجه خاص إلى موجده إذا كان من عالم الخلق، وإن كان من عالم الأمر فما له سوى ذلك الوجه الخاص.
وأن الله يتجلى لكل موجود من ذلك الوجه الخاص فيعطيه من العلم به ما لا يعلمه منه إلا ذلك الموجود.
وسواء علم ذلك الموجود أو لم يعلمه، أعني أن له وجها خاصا، وأن له من الله علما من حيث ذلك الوجه، لا علم للعقل به، فإنه سر الله الذي بينه وبين كل مخلوق لا تعرف نسبته.
ولا يدخل تحت عبارة، ولا يقدر مخلوق على إنكار وجوده، فهو المعلوم المجهول وما فضل أهل الله إلا بعلمهم بذاك الوجه، ثم يتفاضل أهل الله في ذلك.
فمنهم من يعلم العلم الذي يحصل له من التجلي، ومنهم من لا يعلمه، أعني على التعيين .
وما أعني بالعلم إلا متعلق العلم هل هو كون أو هو الله من حيث أمر ما.
فتوحات ج 2 / 304 - ج 4 / 222 .
 
ص 187
 

فما منهم من عثر على حقيقتها، ولا يعطيها النظر الفكري أبدا. فمن طلب العلم بها من
.......................................................
9  - هـ - أنواع التجلي الإلهي
اعلم أن التجلي الإلهي لكل مخلوق من الوجه الخاص هو التجلي في الأشياء المبقي أعيانها .
وأما التجلي للاشياء فهو تجل يفني أحوالا ويعطي أحوالا في المتجلی له .
ومن هذا التجلي توجد الأعراض والأحوال في كل ما سوى الله ، ثم له تجل في مجموع الأسماء فيعطي في هذا التجلي في العالم المقادير والأوزان والأمكنة والأزمان والشرائع وما يليق بعالم الأجسام وعالم الأرواح والحروف اللفظية والرقمية وعالم الخيال .
ثم له تجل آخر من أسماء الإضافة خاصة ، كالخالق وما أشبهه من الأسماء ، فيظهر في العالم التوالد والتناسل والانفعالات والاستحالات والأنساب ، وهذه كلها حجب على أعيان الذوات الحاملات لهذه الحجب عن إدراك ذلك التجلي الذي لهذه الحجب الموجد أعيانها في أعيان الذوات .
 
و بهذا القدر تنسب الأفعال للأسباب .

ولولاها لكان الكشف فلا يجهل ، فـ بالتجلي تغير الحال على الأعيان الثابتة من الثبوت إلى الوجود ، وبه ظهر الانتقال من حال إلى حال في الموجودات، وهو خشوع تحت سلطان التجلي .
فله النقيضان يمحو ويثبت ، ويوجد ويعدم ، فالله متجلي على الدوام لأن التغييرات مشهودة على الدوام في الظواهر والبواطن ، والغيب والشهادة والمحسوس والمعقول ، فشأنه التجلي وشأن الموجودان التغيير بالانتقال من حال إلى حال ، فمنا من يعرفه ، ومنا من لا يعرفه .
فمن عرفه عبده في كل حال ومن لم يعرفه أنكره في كل حال.
 فتوحات ج 2 / 303 ، 304 .


9  - و - الموانع من إدراك التجلي
القلوب أبدا لا تزال مفطورة على الجلاء مصقولة صافية ، فكل قلب تجلت فيه الحضرة الإلهية من حيث هي ياقوت أحمر ، الذي هو التجلي الذاتي ( هذا اصطلاح ليس المقصود منه تجلي الذات على ما هي عليه ) .
فذلك قلب المشاهد المكمل العالم الذي لا أحد فوقه في تجلي من التجليات ، ودونه تجلي الصفات ، ودونهما تجلي
 
ص 188
 

طريق النظر الفكري فقد استسمن ذا ورم ونفخ في غير ضرم. لا جرم أنهم من «الذين
.........................................................
الأفعال ، ولكن من كونها من الحضرة الإلهية .
ومن لم تتجلى له من كونها من الحضرة الإلهية فذلك هو القلب الغافل عن الله تعالى المطرود من قرب الله تعالى .
فانظر وفقك الله في القلب على حد ما ذكرناه ، وإن اشتغل القلب بعلم الأسباب عن العلم بالله ، كان تعلقه بغير الله صدأ على وجه القلب لأنه المانع من تجلي الحق إلى هذا القلب .
فما يجده عالم الطبيعة من الحجب المانعة عن إدراك الأنوار من العلوم والتجليات بکدورات الشهوات والشبهات الشرعية وعدم الورع في اللسان والنظر والسماع والمطعم والمشرب والملبس والمركب والمنكح ، و کدورات الشهوات بالانكباب عليها والاستفراغ فيها وإن كانت حلالا .
وإنما لم يمنع نيل الشهوات في الآخرة وهي أعظم من شهوات الدنيا من التجلي ، لأن التجلي هناك على الأبصار ، وليست الأبصار محل الشهوات .
والتجلي هنا في الدنيا إنما هو على البصائر والبواطن دون الظاهر ، والبواطن محل الشهوات .
ولا يجتمع التجلي والشهوة في محل واحد ، فلهذا جنح العارفون والزهاد في الدنيا إلى التقليل من نيل شهواتها والشغل بكسب حطامها .
ومن أحدث في نفسه ربوبية فقد انتقص من عبوديته بقدر ما أحدث ، وإذا انتقص من عبوديته بقدر ذلك ينتقص من تجلي الحق له ، وإذا انتقص من تجلي الحق له اتنقص علمه بربه ، وإذا انتقص علمه بربه جهل منه سبحانه وتعالى بقدر ما نقصه فتوحات ج 1 / 91 ، 154 ، 343.
 
 9 - ز - الإستعداد للتجلي
اعلم أن نور التجلي المنفهق يسري في زوايا الجسم فيبهت العقل وبهره ، فلا يظهر للمتجلي له تصريف ولا حركة لا ظاهرة ولا باطنة.
فإذا أراد الله أن يبقي العبد أرسل على القلب سحابة كون ما تحول بين النور المنفهق من التجلي وبين القلب .
فيتشر النور إليها منعکسا وتشرح الأرواح والجوارح ، وذلك هو التثبيت ، فيبقى العبد مشاهدا من وراء تلك السحابة ، لبقاء الرسم ، وبقي التجلي دائما لا يزول أبدا ، ولهذا يقول كثير إن الحق ما تجلى لشيء قط ثم انحجب عنه بعد ذلك ، ولكن تختلف الصفات .
 
ص 189
 
 
ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا». فمن طلب الأمر
..............................................................
واعلم أيدنا الله وإياك ، أن الأمر في التجلي قد يكون بخلاف ترتيب الحكمة التي عهدت ، وذلك أنا قد بينا استعداد القوابل .
وأن هناك ليس منع بل فيض دائم وعطاء غير محظور [ فلو لم يكن المتجلى له على استعداد ، أظهر له ذلك الاستعداد هذا المسمى تجليا ، ما صح أن يكون هذا التجلي ، فكان ينبغي له أن لا يقوم به دك ولا صعق ، هذا قول المعترض علينا ] .
قلنا له يا هذا :
الذي قلناه من الاستعداد ، نحن على ذلك ، الحق متجلي دائما والقابل لإدراك هذا التجلي لا يكون إلا باستعداد خاص ، وقد صح له ذلك الاستعداد فوقع التجلي في حقه ، فلا يخلو أن يكون له أيضا استعداد البقاء عند التجلي أو لا يكون له ذلك .
فإن كان له ذلك فلابد أن يبقى ، وإن لم يكن له فكان له استعداد قبول التجلي ولم يكن له استعداد البقاء .
ولا يصح أن يكون له فإنه لابد من اندكاك أو صعق أو فناء أو غيبة أو غنية ، فإنه لا يبقى له مع النهود غير ما شهد فلا تطمع في غير مطمع.
 
إذا تجلى لمن تجلى ... أصعقه ذلك التجلي
وإن تولى عمن تولى ... أهلكه ذلك التولي
وإن تدلى بمن تدلى ... نوره ذلك التدلي
قلت الذي قدسمعتموه ... بالله يا سيدي فقل لي
لما رأيت الذي تجلى ... اشهدني فيه عين ظلي
من لي إذا لم أكن سواه ... وليس عيني قل لي فمن لي
الله لا ظاهر سواه ... في كل ضد وكل مثل
وكل جنس وكل نوع ... وكل وصل وكل فصل
وكل حس وكل عقل ... وكل جسم وكل شكل
فليس التفاضل ولا الفضل في التجلي ، وإنما التفاضل والفضل فيما يعطي الله لهذا المتجلى له من الاستعداد .
وعين حصول التجلي عين حصول العلم لا يعقل بينهما بون ، کوجه الدليل في الدليل سواء ، بل هذا أتم وأسرع في الحكم ، ولا
 
ص 190


من غير طريقه فما ظفر بتحقيقه، وما أحسن ما قال الله تعالى في حق العالم وتبدله مع الأنفاس.
......................................................

يدل تعدد التجليات ولا كثرتها على الأشرفية، وإنما الأشرف من له المقام الأعم، وأما التجلي الذي يكون معه البقاء والعقل والالتذاذ والخطاب والقبول فذلك التجلي الصوري.
ولابد مع التجلي من تعريف إلهي، إما بصفاء الإلهام أو بما شاء الحق من أنواع التعريف، ومن لم ير غير التجلي الصوري ربما حكم على التجلي بذلك مطلقا من غير تقييد، والذي ذاق الأمرين فرق ولابد.
الفتوحات ج 1 / 295 - ج 2 / 541 - ج 4 / 191 ، 192 - کتاب التدبيرات الإلهية .
 
9 - ح - التجلي الإلهي في الصور في حضرة الخيال المطلق
الحقائق لا تنقلب فاللطف محال أن يرجع كثافة، ولكن اللطيف يرجع کنیفا کالحار يرجع باردا أو البارد حارا.
من هذا الباب يظهر تجلي الحق في الصور التي ينكر فيها أو يرى في النوم، فيرى الحق في صورة الخلق بسبب حضرة الخيال.
فإن الحضرات تحكم على النازل فيها وتكسوه من خلعها ما تشاء، أين هذا التجلي من « ليس كمثله شيء» ومن « سبحان ربك رب العزة عما يصفون » .
فالحكم للحضرة والموطن لأن الحكم للحقائق، والمعاني توجب أحكامها لمن قامت به ، فإن الله إذا تجلي في صورة البشر كما ورد فإنه يظهر بصورتها حسا ومعنی ، وهو اتصافه بالأوصاف الطبيعية من تغير الأحوال في الغضب والرضى والفرح والنزول والهرولة .
فإذا تجلى الحق للإنسان في المنام في صورته أو غيره في أي صورة تجلی، فلينظر فيما يلزم تلك الصورة المتجلي فيها من الأحكام فيحكم على الحق بها في ذاك الموطن ؛ فإن مراد الله فيها ذلك الحكم ولابد ، ولهذا نجلى فيها على الخصوص دون غيرها، ويتحول الحكم بتحول الصور .
فكما أن کل موجود هو إما محدث وهو الخلق وإما محدث اسم فاعل وهو الخالق فكذلك الصورة تقبل القدم والحدوث.
ولذلك يتجلى الحق لعباده على ما شاءه من صفاته، ولهذا ينكره قوم في الدار الآخرة لأنه تعالی تجلى لهم في غير الصورة والصفة التي عرفوها منه.
ويتجلى للعارفين على قلوبهم وعلى ذواتهم في الآخرة
 
ص 191

 
عموما ، وعلى التحقيق الذي لا خفاء به عندنا أن حقائق الذات هي المتجلية للصنفين في الدارين أن عقل أو فهم من الله تعالى ، المرئي في الدنيا بالقلوب والأبصار ، مع أنه سبحانه النبيء عن عجز العباد عن درك كنهه .
فقال « لاتدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير » لطيف بعباده بتجليه لهم على قدر طاقتهم « خبير » ضعفهم عن حمل تجليه الأقدس على ما نعطيه الألوهية ، إذ لا طاقة للتحدث على حمل القديم.
الفتوحات ج 1 /  77 -  ج 2 / 472 - ج 3 / 280 ، 286 - ج 4 / 289 .
 
واعلم أن الله تعالی ما تجلى لك إلا في صورة علمه بك ولا كان عالما بك إلا منك. وأنت بذاتك أعطيته العلم بك، فإن الصورة تنقلب عليك إلى ما لا نهاية له، وتتقلب فيها أنت ، وتظهر بها إلى ما لا نهاية فيه .
ولكن حالا بعد حال ، انتقالا لا يزول؛ وقد علمك تعالى في هذه الصور على عدم تناهيها ، فيتجلى لك في صورة لم يبلغ وقت ظهورك بها .
لأنك مقيد وهو غير مقيد ، بل قيده إطلاقه ، وإنما يفعل هذا مع عباده ليظهر لهم في حال النكرة ، ولهذا ينكرون .
إلا العارفون بهذا المقام فإنهم لاينكرونه في أي صورة ظهر فإنهم قد حفظوا الأصل وهو أنه ما يتجلى لمخلوق إلا في صورة المخلوق ، إما التي هو عليها في الحال فيعرفه أو ما يكون عليه بعد ذلك فينكره.
حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها فحينئذ يعرفه ، فإن الله عليه وعام ما يؤول إليه ، والمخلوق لا يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت ، و من عباد الله من يعلم ذلك إذا رأى الحق في صورة لا يعرفها .
علم بحكم الوطن وما عنده من القبول أنه ما تجلى له إلا في صورة هي له وما وصل وقتها ، فعلمها قبل أن يدخل فيها ، فهذا من الزيادة في العلم التي زادها الله ، فشكر الله الذي عرفه من موحان الإنكار .
الفتوحات ج 4 / 109 ، 110
وصاحب الرؤيا إذا رأى ربه تعالی کفاحة في منامه في أي صورة يراه يقول رأيت ربي في صورة كذا وكذا و يصدق ، ويصدق مع قوله تعالی «لیس کمثله شيء » .
 
 
ص 192
 
فنفى عنه المماثلة في قبوله التجلي في الصور كلها التي لا نهاية لها لنفسه .
فإن كل من سواه تعالی ممن له التجلي في الصور لا يتجلى في شيء منها لنفسه ، وإنما يتجلى فيها بمشيئة خالقه وتكوينه ، فيقول للصورة التي يدخل فيها من هذه صفته کن فتكون الصورة فيظهر بها من له هذا القبول إذا شاء الحق .
قال تعالى : " في أي صورة ما شاء ركبك "، فجعل التركيب الله لا له ، وفي نسبة الصورة لله تعالى يقال في أي صورة شاء ظهر من غير جعل جاعل ، فلا يلتبس عليك الأمر في ذلك .
ولما لم يكن له تعالی ظهور إلى خلقه إلا في صورة ، وصوره مختلفة في كل تجل ، لا تتكرر صورة ، فإنه سبحانه لا يتجلى في صورة مرتين ، ولا في صورة واحدة لشخصين.
فإن الآية من كتاب الله ترد واحدة العين على الأسماع ، فسامع يفهم منها أمرا وسامع آخر لا يفهم منها ذلك الأمر ويفهم منها أمرا آخر .
وآخر يفهم منها أمورا كثيرة ، ولهذا يستشهد كل واحد من الناظرين فيها بها لاختلاف استعداد الأفهام .
وهكذا في التجليات الإلهية ، فالمتجلي من حيث هو في نفسه واحد العين ، واختلفت التجليات أعني صورها بحسب استعدادات المتجلى لهم .
ولما كان الأمر كذلك لم ينضبط للعقل ولا للعين على ما هو الأمر عليه ، وهذا هو التوسع الإلهي الذي لا ينحصر ولا يدخل تحت الحد فیضبطه الفكر .
ولا يمكن للعقل تقييده بصورة ما من تلك الصور ، فإنه ينتقض له ذلك الأمر في التجلي الآخر بالصورة الأخرى ، وهو الله في ذلك كله .
لا يشك ولا يرتاب ، إلا إذا تجلى له في غير معتقده فإنه يتعوذ منه كما ورد في صحيح الأخبار .
فيعلم أن ثم في نفس الأمر عينا تقبل الظهور في هذه الصور المختلفة لا يعرف لها ماهية أصلا ولا كيفية ، وإذا حكم ولابد بكيفية فيقول : الكيفية ظهورها فيما شاء من الصور فتكون الصور مشاءة .
فالعارفون أهل الله علموا أن الله لا يتجلى في صورة واحدة لشخصين ولا في صورة واحدة مرتين.
فلم ينضبط لهم الأمر، لما كان لكل شخص تجلي يخصه ، ورآه
 
ص 193
 
الإنسان من نفسه ، فإنه إذا تجلى له في صورة ثم تجلى له في صورة غيرها ، فعلم من هذا التجلي ما لم يعلمه من هذا التجلي الآخر من الحق ، هكذا دائما في كل تجلي.
علم أن الأمر في نفسه كذلك في حقه وحق غيره ، فلا يقدر أن يعين في ذلك اصطلاحا تقع به الفائدة بين المتخاطبين ، فهم يعلمون ولا ينقال ما يعلمون .
ولا في قوة أصحاب هذا المقام الأبهج الذي لا مقام في الممكنات أعلى منه .
أن يضع عليه لفظا يدل على ما علمه منه ، إلا ما أوقعه تعالى وهو قوله تعالى: « ليس كمثله شيء » فنفى المماثلة .
فما صورة يتجلى فيها لأحد تماثل صورة أخرى .
فتوحات ج 1 / 287 - ج 3 / 384 - ج 4 / 19 - کتاب التنزلات الموصلية .
 
8 - ط۔ - خلاصة بحث التجلي:
يقول الشيخ في مشاهدة مشهد البيعة الإلهية على لسان الحق :
إني وإن احتجبت فهو تجل لا يعرفه كل عارف ، إلا من أحاط علما بما أحطت به من المعارف .
ألا تراني أتجلى لهم في القيامة في غير الصورة التي يعرفونها والعلامة فينكرون ربوبيتي ومنها يتعوذون و بها يتعوذون ، ولكن لا يشعرون .
ولكنهم يقولون لذلك المتجلي « نعوذ بالله منك وها نحن لربنا منتظرون » .
فحينئذ أخرج عليهم في الصورة التي لديهم ، فيقرون لي بالربوبية ، وعلى أنفسهم بالعبودية.
فهم لعلامتهم عابدون، وللصورة التي تقررت عندهم مشاهدون، فمن قال منهم انه عبدني فقوله زور وقد باهتني (يعني بقوله نعوذ بالله منك).
وكيف يصح منه ذلك وعندها تجلیت له أنكرني ، فمن قيدني بصورة دون صورة، فتخيله عبد وهو الحقيقة الممكنة في قلبه المستورة .
فهو يتخيل أنه يعبدني وهو يجحدني، والعارفون ليس في الإمكان خفائي عن أبصارهم ، لأنهم غابوا عن الخلق وعن أسرارهم ، فلا يظهر لهم عندهم سوائي، ولا يعقلون من الموجودات سوى أسمائي ، فكل شيء ظهر لهم وتجلى .
قالوا أنت المسبح الأعلى .
فتوحات ج 1 / 49
 
ص 194
 
 
مع الأنفاس.
«في خلق جديد» في عين واحدة، فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، «بل هم في لبس من خلق جديد». "10" 
فلا يعرفون تجديد الأمر مع الأنفاس.

...........................................

10 -  « بل هم في لبس من خلق جديد» الآية
هذا في مفهوم العموم النشأة الآخرة ، وقد يتناهى الأمر في نوع خاص كالإنسان فإن أشخاص هذا النوع متناهية ، لا أشخاص العالم ، ولا يتناهى أيضا في خلق أشخاص النوع الإنساني .
فعين كل شخص يتجدد في كل نفس لابد من ذلك ، ففي مفهوم الخصوص تجدد النشأة في كل نفس دنیا وآخرة ، فإن أدناه تغير الحال مع الأنفاس .
فلا يزال الحق فاعلا في الممكنات الوجود ، ولولا تبديل الخلق مع الأنفاس الوقع المال في الأعيان ، فالخلق جدید حيث كان دنیا و آخرة ، فدوام الإيجاد لله تعالی.
ومن المحال بقاء حال على عين تفسين أو زمانين ، للاتساع الإلهي ، ولبقاء الافتقار على العالم الى الله ، فالتغيير له واجب في كل نفس ، والله خالق فيه في كل نفس ، فالأحوال متجددة مع الأنفاس على الأعيان .
فنحن في خلق جدید بین وجود وانقضاء فأحوال تتجدد على عين لا تتعدد بأحكام لا تنفد، فهذا الخلق الجديد الذي أكثر الناس منه في لبس وشك، وما هو إلا الاستحالة، فإن العالم كله محصور في ثلاثة أسرار، جوهره وصوره والاستحالة.
وما ثم أمر رابع ، فلا يزال العالم يستحيل دائما من الدنيا إلى الآخرة ، والآخرة بعضها إلى بعض ، كما استحال منها ما استحال إلى الدنيا .
كما ورد في الخبر في النيل والفرات وسيحان وجيحان أنها من أنهار الجنة، ثم تستحيل إلى البرزخ ، وإذا استحلنا من البرزخ إلى الصور التي يكون فيها النشر والبعث ، سميت تلك الآخرة .
ولا يزال الأمر في الآخرة في خلق جديد، منها فيها، أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار، إلى ما لا يتناهی، فلا نشاهد في الآخرة إلا خلقا جديدا في عين واحدة، فالعالم متناه لا متناه.
ومن ذلك تعلم أن العالم لا يخلو في كل نفس من الاستحالة، ولولا أن عين الجوهر من الذي يقبل هذه الاستحالة في نفسه واحد ثابت، لا يستحيل من جوهره.
ما علم حين يستحيل إلى أمر ما ما كان عليه من الحال قبل تلك الاستحالة، غير أن الاستحالات قد يخفى
 
ص 195
 
 
لكن قد عثرت عليه الأشاعرة في بعض الموجودات وهي الأعراض، وعثرت عليه
...............................................

بعضها ويدق ، وبعضها يكون ظاهرا تحس به النفس .
أمر الله تبارك وتعالى نبيه مع أن يقول « رب زدني علما » أي أرفع عني اللبس الذي يحول بيني وبين العلم بالخلق الجديد ، فيفوتني خير كثير حصل في الوجود لا أعلمه ، والحجاب ليس إلا التشابه والتماثل .
ولولا ذلك لما التبس على أحد الخلق الجديد الذي لله في العالم في كل نفس بكل شأن ، فقوله تعالی: " بل هم في لبس من خلق جدید" .
أي أنهم لا يعرفون أنهم في كل لحظة في خلق جدید ، فما يرونه في اللحظة الأولى ما هو عين ما يرونه في اللحظة الثانية، وهم في لبس من ذلك .
وبذلك يكون الافتقار للخلق دائما وأبدا ، ويكون الحق خالقا حافظا على هذا الوجود فانظر فديتك فيما قد أتيت به   .....   فالعلم يدرك ما لا يدرك البصر
فرجال العلم أولى بالعبر   .....   ورجال العين أولى بالنظر
فالذي يوصف بالعقل له   .....   قوة تخرجه عن البصر
والذي يوصف بالكشف له   .....   صورة تسمو على كل الصور
فتراه دائما في حاله   .....   ظاهرا من غير إلى غير
 
والخلق ما سمي خلقا إلا بما خلق منه ، فالخلق جديد، وفيه حقيقة اختلاق ، لأنها تنظر إليه من وجه فتقول هو حق ، وتنظر إليه من وجه فتقول هو خلق ، وهو في نفسه لا حق ولا غير حق .
فإطلاق الحق عليه والخلق كأنه اختلاق ، فغلب عليه هذا الحكم فسمي خلقا ، وانفرد الحق باسم الحق ، إذ كان له وجوب الوجود لنفسه .
وكان للخلق وجوب الوجود به ، فالحق للوجود المحض ، والخلق للإمكان المحض ، فما ينعدم من العالم ويذهب من صورته فيما يلي جانب العدم .
وما يبقى منه ولا يصح فيه عدم فما يلي جانب الوجود ، ولا يزال الأمران حاکمين على العالم دائما .
فالخلق جديد في كل نفس دنيا وآخرة ، ونفس الرحمن لا يزال متوجها والطبيعة لا تزال تتكون صورا لهذا النفس ، حتى لا يتعطل الأمر الإلهي .
 
ص 196
 
 
الحسبانية  في العالم كله. "11"
وجهلهم أهل النظر بأجمعهم.
ولكن أخطأ الفريقان: أما خطأ الحسبانية فبكونهم ما عثروا مع قولهم بالتبدل في العالم بأسره على أحدية عين الجوهر الذي قبل هذه الصورة ولا يوجد إلا بها كما لا تعقل إلا به.
فلو قالوا بذلك فازوا بدرجة التحقيق في الأمر.
وأما الأشاعرة فما علموا أن العالم كله مجموع أعراض فهو يتبدل في كل زمان إذ العرض لا يبقى زمانين.
ويظهر ذلك في الحدود للأشياء، فإنهم إذا حدوا الشيء تبين في حدهم كونه الأعراض، وأن هذه الأعراض المذكورة في حده عين هذا الجوهر وحقيقته القائم بنفسه.
ومن حيث هو عرض لا يقوم بنفسه.
فقد جاء من مجموع ما لا يقوم بنفسه من يقوم بنفسه كالتحيز في حد الجوهر القائم بنفسه الذاتي وقبوله للأعراض حد له ذاتي.
ولا شك أن القبول عرض إذ لا يكون إلا في قابل لأنه لا يقوم بنفسه: وهو ذاتي للجوهر.
والتحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز عرض لا يكون إلا في متحيز، فلا يقوم بنفسه.
وليس التحيز والقبول بأمر زائد على عين الجوهر المحدود لأن الحدود الذاتية هي عين المحدود و هويته، فقد صار ما لا يبقى زمانين يبقى زمانين وأزمنة وعاد ما لا يقوم بنفسه يقوم بنفسه.
ولا يشعرون لما هم عليه، وهؤلاء هم في لبس من خلق جديد.
وأما أهل الكشف فإنهم يرون أن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي، و يرون أيضا شهودا أن كل تجل يعطي خلقا جديدا و يذهب بخلق.
فذهابه هو عين الفناء عند التجلي و البقاء لما يعطيه التجلي الآخر فافهم. "12"
.........................................................


إذ لا يصح التعطيل ، فصور تحدث وصور تظهر بحسب الاستعدادات لقبول النفس الرحماني إلى ما لا يتناهی .
راجع فتوحات ج 1 / 461 - ج 2 / 427 - ج  3 / 253 ، 288 ، 362 ، 395 ، 506 - ج 4 / 22 ، 279 ، 280 .
 
11 - طائفة الحسبانية
طائفة الحسبانية تقول إن أولية العالم و آخريته أمر إضافي إن كان له آخر .
أما في الوجود فله آخر في كل زمان فرد ، وتقول بتجدد الأعيان والعالم في كل زمان فرد .
فتوحات  ج 1 / 189 - ج 2 / 398 - ج 4 / 22 ، 365 ، 379.
 
12 - راجع أنواع التجلي ص 188 والخلق الجديد ص 195
 
ص 197
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله  Emptyالثلاثاء نوفمبر 05, 2019 10:18 am

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة والعشرون على مدونة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم
الفقرة الثالثة والعشرون :  
كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :

المرتبة 12: فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية من الاسم العليم وسماء موسى السادسة ومنزلة الصرفة وحرف الضاد
غاية القهر هي حصول العلم فقوله تعالى: "وهو القاهر فوق عباده، " (الأنعام، 8).
يشير إلى أنه بظهور اسمه القاهر يعلم المخلوق أنه عبد عاجز لرب كامل له فوقية القهر. فظهور القاهر يستلزم الاسم العليم.
فجاء العليم في المرتبة 12 متوجها على سماء العلم والسعادة التي لها فلك كوكب المشتري وروحانية موسى عليه السلام الذي تربى تربية النبوة والرسالة مدة عشر سنين عند شعيب عليه السلام وتزوج ابنته.
ولهذا جعل الشيخ لهذه المرتبة الكلمة الشعيبية، من التشعيب الذي يستدعي الوسع.
قال تعالى: " والله واسع عليم " والرحمة والعلم مقرونان دائما بالوسع والزيادة ولهذا قال الشيخ في هذا الفص:
"وكذلك العلم بالله ماله غاية في المعارف يقف عندها بل العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به "رب زدني علما. رب زدني علما. رب زدني علما" 
ولما رأى موسى أنه أعلم أهل زمانه بعثه للعبد الذي علمه الله من لدنه علما وأتاه رحمة فازداد موسی علما إلى علم...
وحيث أن محل العلم هو القلب الواسع وكذلك الرحمة كانت حكمة هذا الفص قلبية. وابتدأ بالكلام عن القلب الذي وسع الحق جل جلاله وعلى الرحمة...


وأكثر الشيخ في هذا الباب من ذكر النفس والتنفيس فبدأ بقوله: 
"فإن الله وصف نفسه بالنفس" وختم بقوله: "إن الله تجلى في كل نفس" لأن حياة القلب مصدر النفس حسا و معنى،معنى بنفس الزيادة من العلم، وحسا بتنفس الهواء.
وقد اختصت هذه السماء السادسة بطبع الهواء الحار الرطب.
ومن ناحية أخرى الغالب على شعيب التوسع في العلم والفصاحة والصفات القلبية المعتدلة من الأمر بالعدل والوزن بالقسط والقلب الكامل هو مركز العدل بين الأضداد ومنه تتشعب الحياة الحسية للجوارح والحياة المعنوية للقوى مونيا كل ذي حق حقه بالوزن الفسط.
يصف الشيخ القطب الثاني عشر الذي هو على قلب شعيب في الباب 463 من الفتوحات فيقول:
 أن له علم البراهين و موازین العلوم ومعرفة الحدود.
حاكم على الطبيعة مؤيد للشريعة بين أقرانه ضخم الوسيعة.
ولا يرى الحق في شيء من تجليه دون أن يرى الميزان بيده يخفض ويرفع.
جمع لهذا القطب من القوتين القوة العلمية والقوة العملية.
وله في كل علم ذوق إلهي من العلوم المنطقية والرياضية والطبيعية والإلهية.
وكل أصناف هذه العلوم عنده علوم إلية ما أخذها إلا عن الله وما رآها سوى الحق... إلخ).
وقد جعل الشيخ هذا القطب الشعبي الثاني عشر من الأقطاب الذين عليهم مدار العالم كما أن للكلمة الشعيبية هذا الفص الثاني عشر لعلاقة هذه المرتبة بالقلب وتشعيبه. فهذه السماء السادسة هي قلب الأفلاك العلوية: تحتها خمس سماوات وفوقها خمس أفلاك: السماء السابعة والكوكب والأطلس والكرسي والعرش.
كذلك قلب العقائد الإيمانية في اثني عشر حرفا هي:
 لا إله إلا الله أو: محمد رسول الله
ومنها تشعبت شعب الإيمان البضع والسبعون الواردة في الحديث، ومجموع الأعداد الاثني عشر الأولى هو 78 الموافق لتلك الشعب.
قال الشيخ: (فتحقق ياولي ما ذكرته لك في هذه الكلمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعيب لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة فهي شعب كلها)...
ومن هذا التشعيب سمي الشيخ شعيب في الباب 14 من الفتوحات بالمقسوم.
وشعب العقائد وأقسامها لا نهاية لصورها.
والعدد غير المحدد يرمز له بالألف التي لها المرتبة 12 حسب قول الشيخ في الباب 463: كل واحد إلى العاشر، والحادي عشر له المائة والثاني عشر له الألف".
ومدار كل الفص حول تكاثر الصور المختلفة على العين الواحدة تجديد الخواطر والأحوال في كل نفس على القلب الواحد.
فهو في كل آن يتقلب من صورة إلى صورة لأن الله يتجلى في كل نفس ولا يكرر التجلي وكل تحل يعطي خلفا جديدا ويذهب بخلق) ...
وأقرب العناصر لسرعة التحول في الصور هو عنصر هذه السماء أي الهواء ، وأنسب المنازل الفلكية لانصراف الصور وظهور صور أخرى بالخلق المتجدد هو: الصرفة من التصريف والانصراف التي تدل معانيها على التحويل والكثرة التقليب.
 قال مؤلف مختار الصحاح:
(صرف الصبيان قلبهم) وقال: (قلب القوم صرفهم) 
وقال تعالى: (صرف الله قلوبهم) (التوبة، 127) وحرف هذه المنزلة هو حرف الفصاحة والاستطالة أي الضاد.
اختص بهذين الوصفين حتى قيل للعربية لغة الضاد، فهو مناسب لشعيب المشهور بفصاحته حتى لقب بخطيب الأنبياء .
و مناسب لموسى لاستطالة علوه وقوته حتى جعل الشيخ كلمته علوية كما سبق في فصه .
وأما صفات الضاد الأخرى التي يشترك فيها مع حروف أخرى فهي:
الجهر والإطباق والاستعلاء والرخاوة.
ولكل من هذه الصفات نسبة مع صفات هذه المرتبة الثانية عشره.
بقي سؤال: لماذا ذكر الشيخ اجتماعه بأرواح الأولياء الأموات في هذا الباب بالذات؟
فالجواب هو:  أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في ليلة المعراج أكثر التردد بين الله تعالى.
وموسی قطب هذه السماء في شأن الصلاة كما هو مشهور فكان اجتماع الشيخ بسابقيه من الأولياء واستفادتهم منه مناسب لما وقع بين موسى و سیدنا محمد عليهما السلام ليلة المعراج.


يقول الشيخ في الفصل 22 من الباب 198 المخصوص هذه المرتبة متكلما عن سمائها:
فمن أمرها حياة قلوب العلماء بالعلم واللين والرفق وجميع مكارم الأخلاق ولذلك لم ينهي أحد من سكان السماوات من أرواح الأنبياء عليهم السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فرض الله على أمته صلى الله عليه وسلم خمسين صلاة غير موسي عليه السلام  فخفف الله عن هذه الأمة به .
ولها من الأيام يوم الخميس (أي نهاره) ولها ليلة (الاثنين) فكل سر يكون للعارفين وعلم وتجلي ، فمن حقيقة موسى من هذه السماء و كل أثر يظهر في الأركان والمولدات يوم الخميس فمن كوكب هذه السماء وحركة فلكها محملا من غير تفصيل.
ولها الضاد المعجمة.  ومن المنازل الصرفة.
فأما وجود الحروف المذكورة في كل سماء فـ لتلك السماء أثر في وجودها.
وأما قولنا أن لها من المنازل الصرفة أو كذا لكل سماء فلسنا نريد أن لها أثرا في وجود المنزلة كما أردنا بالحرف ، وإنما أريد بذلك أن هذا الكوكب الخاص بهذا الفلك أول ما أوجده الله وتحرك أوجده في المحلة التي نذكرها له بعينها فهي منزلة سعده حيث ظهر فيها وجوده.
فهذا معنى قولي له من المنازل كذا.
ولكل سماء وفلك أثر في معدن من المعادن السبعة يختص به وينظر إليه ذلك المعدن بقوته).
وختم الشيخ الفص بالكلام على الخلق الجديد فناء وبقاء.
وأنسب الصور العنصرية لفناء الخلق وبقاء صوره هي صورة النار لأنها تفني ما تحرقه وتفني بمجرد نزع الجسم الذي يشعلها وتبدل صورته ولا قيام لها إلا به.
وقد أشار إلى النار قبل ذلك في قوله: (ونفخ في غير ضرم) والضرام هو الاشتعال.

كل هذا تمهيد للدخول للفص الموالي الذي له مرتبة سماء المريخ التي طبعها النار و المستمد من الاسم " القاهر" والنار من مظاهر القهر .
 
 
12: سورة فص شعيب عليه السلام
 قال الشيخ: "فحقق يا ولي ما ذكرته لك في هذه الحكمة القلبية.
وأما اختصاصها بشعبب، لما فيها من التشعب، أي شعبها لا تنحصر، لأن كل اعتقاد شعبة، فهي شعب كلها".
فهذا القول يرمي بنا مباشرة لسورة هذا الفص أي سورة کثرة الشعب أي سورة "التكاثر". 
ولهذا كرر الشيخ كلمة "كثرة" فقال: "فتكون في التجلي كثرة مشهودة... مع كثرة الصور واختلافها... فقال في حق طائفة، بل أكثر العالم، ...".
ومدار كل الفص حول التكاثر، وفيه ذكر لتكاثر الأعداد والأشكال كقوله: "مائة ألف ألف مرة." 
وكقوله: "التربيع والتسدیس والثمين" ... وبدأ بذكر تكاثر صور الحق في قلب العارف، وتكاثر الزيادة في العلم فكرر ثلاث مرات: "رب زدني علما"...
ثم تكاثر التجليات ثم تكاثر الاعتقادات ثم تكاثر الخلق الجديد وتكاثر الأعراض عند الأشاعرة وأخيرا ختم بتکاثر تجليات الحق في كل نفس بلا تکرار....
وحيث أن كلمة "تعلمون" تكررت في السورة ثلاث مرات وكلمة "علم" مرة واحدة.
فقد أكد الشيخ على العلم والزيادة منه وكرر كلمة "علم" في الفص مرات كقوله: "وكذلك العلم بالله ماله غاية في العارف" لأن الاسم الحاكم على هذا الفص كما ذكرناه. هو "العليم" المتوجه على إيجاد سماء العلم أي سماء المشتري السادسة التي قطبها موسى صاحب شعيب عليهما السلام
وقوله:  "فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده..." 
يشير إلى : "لترونها عين اليقين " (التكاثر، 7)
و كذلك قوله: "فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده..... فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة" .
يشير إلى الانتقال من علم اليقين في الآية: ( كلا لو تعلمون علم اليقين ) (التكاثر، 5) إلى عين اليقين في: ( لترون الجحيم ) (التكاثر، 6).
ثم قوله: "و بعد احتداد البصر لا يرجع کليل النظر" إشارة إلى: (ثم لترونها عين اليقين ) (التكاثر، 7).
وقوله: "وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت..." إلى آخره إشارة إلى : (حتى زرتم المقابر ) (التكاثر، 2) .
ولهذا سمي الشيخ منزل سورة التكاثر في الباب "272" من الفتوحات: 
"منزل تزاور الموتی".
وقوله: "وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد..." 
مطابق لما بدأ به الشيخ الوصل "73" من الباب "369" وهر وصل سورة التكاثر حيث يقول: 
"مآل الأمر الرجوع من الكثرة إلى الواحد من مؤمن ومشرك لأن المؤمن الذي يعطي کشف الأمور على ما هي عليه يعطي ذلك وهو قوله تعالى: (فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) (ق، 22)...
وهو مطابق أيضا لقوله"وبعد احتداد البصر لا يرجع کليل النظر"...
قوله: "ومن أعجب الأمور أنه في الترقي دائما.... وتشابه الصور مثل قوله تعالى : ( وأتوا به، متشابها ) (البقرة: 25) وليس هو الواحد عين الآخر..."
يشير إلى تشابه آيات التكاثر (5 - 3)
كـ تكرار: ( كلا سوف تعلمون . ثم كلا سوف تعلمون . کلا لو تعلمون ) .
و كـ تكرر كلمة "اليقين" مرتين.
و كـ تكرر "الرؤية" مرتين
وكـ تكرر "كلا" ثلاثة مرات
وكـ تكرر "ثم" ثلاثة مرات.
 
علاقة الفص الشعيبي عليه السلام بسابقه ولاحقه:
بدأ الشيخ هذا الفص بذكر "القلب". فهذه البداية مناسبة لكعبة قريش، بيت الرب، المذكورة في سورة الفص السابق لأنها في قلب الأمكنة.
وختم الفص بمسألة الخلق المتجدد أي تبديل الصورة بصورة تتلوها وهو عين موضوع سورة فص لوط التالي أي "القارعة" فعند وقوع القارعة تتحول الجبال كالعهن المنفوش و الناس كالفراش المبثوث.
وفي الباب 283 - المتعلق مترل سورة "القارعة" المجاورة في المصحف لسورة التكاثر توسع الشيخ في تفصيل تحول الصور من شكل إلى شكل .
وفيه يقول: من هذه الحضرة تمسخ الصور الحسية في الدنيا والآخرة، ومن هذا المترل تمسخ البواطن.
ولعلاقة هذه السورة بعلم اليقين وسماء العلم حيث كوكب المشتري نجد الشيخ يقر فما في ديوانه حيث يقول:
 "من روح سورة ألهاكم التكاثر
حق اليقين علوم لا يحصلها   .....   إلا بلم وهو المخصوص بالعلل
وهي العلوم التي أرست قواعدها   .....   بالمشتريّ وبالمعهود من زحل  
وعينه دونه ذوقا تشاهده   .....   ولو بقيت فيبقى فيه بالمثل
وعلمه دون هذا العين تعلمه   .....   بحدّه وهو إن أزيل لم يزل
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: