منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
أهلاً ومرحباً بك
يشرفنا دخولك منتدى المودة العالمي
منتدى المودة العالمى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى المودة العالمى

ســـاحة إلكـترونية جــامعـة
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:23 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولى على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الأولي: الجزء الأول
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه.
قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف.
وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته. فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.
قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة.
قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله. والولي ليس كذلك.
ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.
فأثبت أن العلم تابع للمعلوم. فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله. كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر
 
 
متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
13 – فص حكمة ملكية في كلمة لوطية:
قال الله تعالى " الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً " [الروم: 54].
فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج في العموم والخصوص.
والقوة التي بعد قوة المزاج. وينضاف إليه في الخصوص قوة الحال. والضعف الثاني ضعف المزاج وينضاف إليه في الخصوص ضعف المعرفة أي المعرفة بالله.
بضعفه حتى يلصقه بالتراب فلا يقدر على شيء فيصير في نفسه عند نفسه كالصغير الرضيع عند أمه ولذلك قال لوط: " أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [هود: 80]. يريد القبيلة.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله لوطاً، كان يآوي إلى ركنٍ شديد ". يريد ضعف المعرفة.
فالركن الشديد هو الحق مدبره ومربيه.
 
الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
13 - فك ختم الفص اللوطي
1 / 13 - انما قرن الشيخ رضى الله عنه هذه الحكمة بالصفة الملكية مراعاة الامر الغالب على حال لوط عليه السلام وأمته.
وما عامل الحق به قومه من شدة العقوبة في مقابلة الشدة التي قاساها لوط عليه السلام منهم حتى نطق لسان حاله معهم بقوله تعالى: لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [ هود / 80 ] .


2 / 13 - واعلم ان العقوبات الإلهية كلها مجازاة لا يقع منها شيء ابتداء ابدا .
ومجازاة الحق عبارة عن اظهار نتائج افعال العباد ، فإنه موجد على الإطلاق ، والأفعال الصادرة عن الخلق مواد نتائجها ، فالنتائج بحسب المواد .
فإذا كانت المواد متوفرة في القوة والكثرة كانت ظهور ثمراتها عظيمة وشريفة ، وإذا كانت اعنى المواد ضعيفة القوة ويسيرة: تأخر ظهور النتيجة واستهلكت في ضمن قوة أضدادها.
وهذا من سر ما أشرت اليه في سر العفو والمغفرة ومحو الحسنة السيئة وسر التبديل.
وقد تقدم بيان ذلك كله في شرح الأحاديث الإلهية، فالآيات الباقية من آثار المعاقبين سببه وفور قوى أرواحهم القبيحة المستلزمة لظهور ثمراتها الشديدة الباقية الأثر، فاعلم ذلك.
فهذا سر هذه الحكمة.
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولي الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:24 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولي الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الأولى على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الأولي: الجزء الثاني
أهم الكلمات والمصطلحات التي وردت في فص حكمة ملكية في كلمة لوطية 
لوط في اللغة : " نبي الله ، راج في قومه اللواط ، فأبادهم الله ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 27 ) مرة بصيغتين مختلفتين ، منها قوله
تعالى :" ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم
عصيب ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي :
" لوط اسم شريف جليل القدر ، لأنه يعطي اللصوق بالحضرة الإلهية .
لهذا قال : " آوي إلى ركن شديد " فلاستناده إليه ولصوقه به في علم الله سمي : لوطا ".


في الحديث الشريف :
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  «لو جاءني الداعي الذي جاء إلى يوسف لأجبته، وقال له: ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن، ورحمة الله على لوط، إن كان ليأوي إلى ركن شديد، إذ قال لقومه: لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه». صحيح ابن حبان  ورواه البخاري ومسلم واحمد والنسائي وابن ماجة والبزار
قال أبو حاتم : «لأجبت الداعي»، لفظة إخبار عن شيء مرادها مدح من وقع عليه خطاب الخبر في الماضي .


مصطلح العلم تابع للمعلوم
يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل :
" المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ،والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه".
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلمفافهمه . 
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ،لأنه لذاته أعطاه العلم به ، فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر.
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم  .
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل.


قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثالث عشر وأربعمائة
فإن قلت فهذا المخلوق على قبول الشر هو ممكن فلأي شيء لم يخلقه على قبول الخير فالكل منه قلنا قد قدمنا وبينا أن العلم تابع للمعلوم وما وجد الممكن إلا على الحال الذي كان عليه في حال عدمه من ثبوت وتغيير كان ما كان والحق ما علم إلا ما هو المعلوم عليه في حال عدمه الذي إذا ظهر في الوجود كان بتلك الحال .
فما طرأ على المعلوم شيء لم يتصف به في حال عدمه فما للعلم فيه أثر وما قلنا بالقدر إنه توقيت إلا لأنه من المقدار "وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ " "وكُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ" فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ

يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه.


مصطلح الهمة
في اللغة  الهمة 1. ما هم به من أمر ليفعل . 2. عزم قوي  .
في القرآن الكريم وردت الهمة على اختلاف مشتقاتها ، منها قوله تعالى : " يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم " .


في الاصطلاح الصوفي
يقول الإمام علي بن أبي طالب :
" قدر الرجل على قدر همته " .


يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
الهمة : خاطر حق لا تردد فيه  .
ويقول : " الهمة يطلقها القوم : بأزاء تجريد القلب للمنى ، وبأزاء أول صدق المريد ،وبأزاء جمع الهمم بصفاء الإلهام ،هذا عند أهل الغربة ".


و يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التأثير بالهمة لا يعول عليه ، إلا أن صحبه بسم الله الذي هو بمنزلة كن منه " .
 
 و يقول الشيخ : " همة التنبيه : هي تيقظ القلب لما تعطيه حقيقة الإنسان مما يتعلق به التمني كان محالا أو ممكنا ، فهي تجرد القلب للمنى " .
 
 و يقول الشيخ : " همة الحقيقة : هي جمع الهمم بصفاء الإلهام ، فتلك همم الشيوخ الأكابر من أهل الله الذين جمعوا هممهم على الحق ، وصيروها واحدة لأحدية المتعلق ، هربا من الكثرة وطلبا لتوحيد الكثرة " .
 
و يقول الشيخ  : "همة الإرادة : وهي أول صدق المريد ، فهي همة جمعية لا يقوم لها شيء".
 
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
ممد الهمم : هو اسم من أسماء النبي سمي بذلك : لأنه هو الواسطة في إمداد الحق سبحانه وتعالى بالهداية لمن يشاء من عباده " .


يقول الإمام القشيري:
الهمة : هي تنزيه القصد عما له ضد أو ند .
الهمة : سمو الأفكار إلى علو الأقدار .
الهمة : ترقي الأسرار عن مساكنة الأغيار .
الهمة : شرف الطلب ، والأنفة من كل أرب .
الهمة : الإسراع إلى المعالي والنزاع إلى شرف المعاني " .
 
يقول الشيخ عبد الحق بن سبعين :
 " الهمة : هي تعظيم خاص ، يعطي من نفسه مشارا ما بالنظر اليه ، يملك كل شيء ويقدر عليه " .
ويقول الشيخ  : " الهمة : هي باب الأدب " .
 
يقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي:
الهمة : هي ملكة في النفس يمنعها التقاعد دون حصول المقصود " .
يقول الشيخ ابن عباد الرندي:
الهمة : حالة للقلب ، وهي إرادة وغلبة انبعاث إلى نيل مقصود ما ، وتكون عالية إن تعلقت بمعالي الأمور ، وسافلة إن تعلقت بأدانيها " .
يقول الشريف الجرجاني:
الهمة : هي توجه القلب وقصده بجميع قواه الروحانية إلى جانب الحق ، لحصول الكمال له أو لغيره " .


يقول الشيخ أحمد زروق:
الهمة : قوة انبعاث في النفس إلى مقصود ما تعلو بعلوه ، وتسفل باستفاله " .


يقول الشيخ بالي أفندي:
الهمة ... هي القوة الروحانية المؤثرة في النفوس لا القوة الجسمانية ، فإن القوة الروحانية أقوى تأثيرا من القوة الجسمانية " .


يقول الشيخ أحمد بن عجيبة:
الهمة : قوة انبعاث القلب في طلب الشيء والاهتمام به ، فإن كان ذلك الأمر رفيعا كمعرفة الله وطلب رضاه سميت : همة عالية ، وإن كان أمرا خسيسا كطلب الدنيا وحظوظها سميت : همة دنية " .


يقول الشيخ عبد القادر الجزائري:
" الهمة ... اصطلاحا هي الباعث الطلبي المنبعث من النفوس والأرواح لمطالب كمالية ومقاصد غائية " .


يقول الشيخ داود الطائي :
" الهمة إنها مقسومة على النفس والروح والقلب والسر .
فأما سبيل النفس إلى الهمة : حسن الصيانة على بساط التجريد .
وأما سبيل الروح إلى الهمة : حسن الطريقة على بساط التفريد .
وأما سبيل القلب إلى الهمة : حسن الفتوة على بساط التصديق .
وأما سبيل السر إلى الهمة : حسن المروة على بساط التحقيق " .


يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في محتد الهمة:
الهمة في محتدها الأول ومشهدها الأفضل : لا تعلق لها إلا بالجناب الإلهي ، لأنها نسخة ذلك الكتاب المكنون ، ومفتاح ذلك السر المصون المخزون . فلا التفات لها إلى سواه ، ولا تشوق لها إلى ما عداه " .


يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي في علامات استقامة الهمة:
" لاستقامة الهمة علامتان :
العلامة الأولى : حالية ، وهو قطع اليقين بحصول الأمر المطلوب على التعيين .
العلامة الثانية : فعلية ، وهي أن تكون حركات صاحبها وسكناته جميعها مما يصلح لذلك الأمر الذي يقصده بهمته ، فإن لم يكن كذلك لا يسمى صاحب همة ، بل هو صاحب آمال كاذبة وأماني خائبة " .


يقول الشيخ الجنيد البغدادي شبخ الطائفة :
" ليس في الدارين شيء أعظم وأعلى من همة العارف ومروته ، لأنها ربانية فردانية صمدانية روحانية ديمومية علوية قدسية ، بل هي لحظة برقية ، ولمعة وقتية ووديعة سرية ،التي منه بدت وإليه تعود ،فلا يدرك كمالها وشرفها غير الله".


يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني :
" يا غلام كن موسوي الهمة ، لا تقنع بدون : " أرني " " .


يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي حقيقة الهمة وكمالها:
" حقيقة الهمة : هي تعلق القلب بالشيء المهتم به ، وكمالها اتصال القلب بالكلية بالانفصال عن كل شيء سواه " .


ويقول الشيخ محمد بن وفا الشاذلي :
" حقيقة الهمة : القيام في كل شيء على قدم الإقدام إلى مبلغ الغاية فيه " .
 
يقول الشيخ ابن عطاء الله السكندري :
" سوابق الهمم لا تخرق أسوار الأقدار " .
 
يقول الشيخ داود بن باخلا :
" ما من وقت جديد إلا وينزل فيه مدد جديد ، يتلقاه أصحاب الهمم العوال من المريدين " .
يقول الشيخ عبد العزيز الدباغ:
" همة الشيخ الكامل : هي نور إيمانه بالله ـ عز وجل ـ ، وبه يربي المريد ويرقيه من حالة إلى حالة ، فإن كانت محبة المريد للشيخ من نور إيمانه أمده الشيخ حضر أو غاب ، بل ولو مات ومرت عليه آلاف من السنين ، ومن هنا كان أولياء كل قرن يستمدون من نور إيمان النبي ويربيهم ويرقيهم " .


يقول الشيخ ابن عباد الرندي:
الهمم السوابق : هي قوى النفس التي تنفعل بها بعض الموجودات بإذن الله تعالى ، وتسميها الصوفية ( همة ) ... وهذه الهمم السابقة لا تنفعل الأشياء عنها إلا بالقضاء والقدر ... وهذه الهمم قد تكون للأولياء كرامات ، وقد تكون لغيرهم استدراجا ومكرا ، كما تكون للعائن والساحر " .


يقول الشيخ أحمد زروق:
" الهمم السوابق : وهي قوى النفس الفاعلة في الوجود بلا توقف ، كما يكون من العاين  عن خبثه ، ومن الساحر عن عقده ونفثه ، ومن المريض عن تجريد قوى نفسه ، ومن الولي عن تحققه في يقينه ، إذ لا يتوقف الانفعال في كل عن حركته ، وذلك بقضاء الله وقدره " .


مصطلح الركن الشديد
في اللغة  ركن : 1. أحد جوانب الشيء .   2. جزء من أجزاء حقيقة الشيء .
3. ما يتقوى به من ملك وجند وقوم ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (4) مرات بصيغ مختلفة ، منها قوله تعالى : " قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الركن الشديد : هو الحق ".
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي عن الإيواء إلى الركن الشديد:
" قوله : " يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد "،
يعني : بذلك إيواءه إلى الله ، فآوى إلى من يفعل ما يريد ولا اختيار في إرادته ولا رجوع عن علمه ، فآوى إلى من لا تبديل لديه ...
فلا ركن أشد من ركنك وما نفعك .
وإنما قلنا إنك أشد الأركان من كون القضاء ما جرى عليك إلا بما كسبت يداك ، وهو ما أعطته
قدرتك ، فأضاف الفعل إليك ... وإنما تعددت الأركان : من أجل الحجب التي أرسلها الحق بينك وبين الأصل.
وكون الأمر جعله مثل البيت على أربعة أركان :
ركن العلم ،
وركن القول وهو قوله عز وجل  : " هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق ".
وركن المشيئة .
وركن الأصل .
وهو أنت وهو الركن الأول من البيت والثلاثة الأركان توابع .
فمن الناس : من أستند في حاله إلى علم الله فيه .
ومنهم : من استند إلى مشيئته .
ومنهم : من أستند إلى ما كتب الله عليه .
وصاحب الذوق من يرى جميع ما ذكرناه ووقف مع نفسه .
وقال : أنا الركن الذي مرجع الكل إليه ، فهو الأول الذي أنبنى من هذا البيت ".

مصطلح الجعل
في اللغة " جعل الله الشيء : خلقه .
جعل يفعل كذا : بدأ أو شرع يفعله وهو من أفعال الشروع ".
وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم ( 345 ) مرة ، منها قوله تعالى : "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ".
في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي:
" الجعل : هو الإنشاء والإبداء ، كالخلق خلا أن ذلك مختص بالإنشاء التكويني ، وفيه معنى التقدير والتسوية ، وهذا عام " .
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" الإله الحق: هو الذي لا يكون بالاتخاذ والجعل، إذ ألوهيته محققة في نفس الأمر ".
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
" الله عز وجل عند ابن العربي الطائي الحاتمي: هو اسم علم ذاتي لمرتبة الألوهية الجامعة لحقائق الأسماء كلها، فهو الاسم الكامل المحيط الجامع لجميع الأسماء - المتقابلة وغير المتقابلة - فما ثم من يقبل الأضداد في وصفه إلا الله ".
ويقول " الله سبحانه عنده : هو الإله الحق ، المطلق ، المجهول ، الذي لا يكون بالاتخاذ والجعل فلا تضبطه الحدود ، في مقابل الإله المخلوق أو المجعول ، إله المعتقد الذي تحده العقائد وتنسحب عليه عملية التنزيه".
يقول الشيخ نجم الدين الكبرى في تأويل قوله تعالى : " إني جاعل في الأرض خليفة ":
قال جاعل وما قال خالق لمعنيين :
أحدهما : أن الجاعلية أعم من الخالقية ، فإن الجاعلية هي الخالقية ، وشيء آخر وهو أن يخلقه موصوفا بصفة الخلافة ...
والثاني : أن للجعلية اختصاصا بعالم الأمور ، وهو للملكوت ، وهو ضد عالم الخلق ، لأنه هو عالم الأجسام والمحسوسات كما قال تعالى : " ألا له الخلق والأمر ".
أي : الملك والملكوت ، فإنه تعالى حيث ذكر ما هو مخصوص بعالم الأمر ذكره بالجعلية لامتياز الأمر عن الخلق .
كما قال تعالى : "الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور" ، فالسموات والأرض لما كانتا من الأجسام المحسوسات ذكرهما بالخلقية ، والظلمات والنور لما كانتا من الملكوتيات غير المحسوسات ذكرهما بالجعلية .
فكذلك لما أخبر الله تعالى عن آدم بما يتعلق بجسمانيته ذكره بالخلقية .
كما قال : "إني خالق بشرا من طين "، ولما أخبر عما يتعلق بروحانيته ذكره بالجعلية.
وقال : " إني جاعل في الأرض خليفة " .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:25 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثانية الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
هذا فص الحكمة اللّوطية ذكره بعد حكمة شعيب عليه السلام ، لأنه يبحث فيه عن القوى الإلهية الممدة لأهل الكمال الإنساني وحكم التصرف بمقتضاها في كل ما دخل تحت حيطة من الحوادث فناسب ذكرها بعد حكمة شعيب عليه السلام التي هي الحكمة القلبية.
لأن القوّة المذكورة أوّل ما تظهر في القلب ثم في بقية الأعضاء ، وابتداء تصرفها في القلب أيضا ، ثم منه يظهر التصرف في الأعضاء وما استولت عليه من الممكنات .
فص حكمة ملكية بضم الميم وسكون اللام أي منسوبة إلى عالم الملك وهو ظاهر المخلوقات ، وقدمنا أنه نسبة إلى الملك بالتحريك واحد الملائكة ، لأنه أنسب برسل لوط عليه السلام فإنهم كانوا ملائكة في صورة بشر في كلمة لوطية .
إنما اختصت حكمة لوط عليه السلام بكونها ملكية بضم الميم فسكون أو ملكية بالتحريك لاشتمالها على القوّة الإلهية الأمرية الممدة له عليه السلام في صورة الملائكة ، فصحت النسبة إلى الملك بمعنى القوّة وإلى الملك واحد الملائكة ، وهو الركن الشديد الذي كان يأوي إليه لما ظن أنهم أضيافه قبل أن يعلم أنهم ملائكة ، فقال ما قال ، ثم رأى عين ما تمناه أنه حاصل له على أتم الوجوه .


قال رضي الله عنه :  (الملك الشدّة والمليك الشّديد : يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه قال قيس بن الخطيم يصف طعنة : ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها  ....   يرى قائم من دونها ما وراءها .. أي شددت بها كفّي يعني الطّعنة . فهو قول اللّه تعالى عن لوط : "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيد"ٍ[ هود : 80 ] . فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يرحم اللّه أخي لوطا : لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، فنبّه صلى اللّه عليه وسلم أنّه كان مع اللّه من كونه شديدا . والّذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالرّكن الشّديد ؛ والمقاومة بقوله : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " وهي الهمّة هنا للبشر خاصّة . )

(الملك ) بضم فسكون في الغة الشدة ، أي المتانة والقوّة والصلابة (والمليك الشديد) ، أي القوي المتين .
(يقال : ملكت العجين إذا شددت عجينه) وقويته وصلبته قال شاعر العرب (قيس بن الحطيم) من الجاهلية يصف طعنة طعنها بالسلاح في عدوّه يوم الحرب .
(ملكت) ، أي شددت (بها) أي بتلك الطعنة (كفي) ، يعني على السلاح أو على تلك الطعنة (فأنهرت) ، أي أجريت واستلت (فتقها) ، أي ما انفتق منها من جلد المطعون حتى سال الدم بحيث (ترى) إنسان (قائم من دونها) ، أي قريب منها (ما ورائها لنفوذها) إلى الجهة الأخرى فمعنى ملكت بها كفي أي شددت بها كفي يعني الطعنة المذكورة (فهو) ، أي هذا المعنى ما أشار إليه (قول اللّه) تعالى (عن لوط عليه السلام) لما جاءته الملائكة عليهم السلام في صورة غلمان حسان الوجوه وجاءه قومه يهرعون إليه ، لأن امرأته دلتهم على أضيافه الذين جاؤوا إليه ، ولم يعلم أنهم ملائكة حتى "قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ" [ هود : 81 ] الآية .
وكان من قوله بعد أن دافع قومه في حقهم وعرض عليهم بناته ليتزوّجوا بهن ويكفوا عن أضيافه فأبوا : "وقالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ ما لَنا فِي بَناتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ ما نُرِيدُ" ( 79 ) قال الشيخ رضي الله عنه :  (" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً")، أي يا ليت لي قدرة على دفعكم ومنعكم عما تريدون من السوء أَوْ آوِي، أي ألتجيء للنصرة والحماية إِلى رُكْنٍ، أي من أركن إليه من ناصر وحام ("شَدِيدٍ") [ هود : 79 - 80 ] .
أي قوي من عشيرة وقوم ، فكانت الملائكة عليهم السلام هم الركن الشديد له من الملك وهو الشدة ، وهو لا يعلم بذلك ، ثم علم بأخبارهم وقولهم :" إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ" .
(فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : « يرحم اللّه أخي لوطا لقد كان ») ، أي حين قوله :" أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ" (يأوي إلى ركن شديد) حين كانت الملائكة عليهم السلام الذين أرسلهم اللّه تعالى إلى نصرته على قومه وهلاك قومه بهم.
وهو لا يعلم بذلك فنبه صلى اللّه عليه وسلم بقوله ذلك أنه ، أي لوطا عليه السلام كان قائما في ظاهره وباطنه (مع) قيومية (اللّه) تعالى عليه (من) حيث (كونه تعالى شديدا) ، أي قويا متينا ، فإن ما تمناه من الركن الشديد الذي يأوي إليه هو عنده في شهوده عين الوجود القديم القيوم على كل شيء ، فإن الأنبياء عليهم السلام على أكمل حال معرفة اللّه تعالى وشهوده .
وكانت الملائكة الذين هم رسل اللّه تعالى إليه من حيث لا يعلم عين الركن الشديد الذي هو يأوي إليه لأنهم مظاهر تجليات الحق تعالى في النصرة والشدة المطلوبة له ، وبذلك سموا ملائكة من الملك بمعنى الشدة كما ذكر .

 (والذي قصد لوط عليه السلام) بقوله : " آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ" ( القبيلة ) والقوم والعشيرة الذين ينصرونه (بالركن الشديد و) قصد أيضا (المقاومة) ، أي المدافعة والممانعة لقومه عن سوء ما أرادوه فقاومهم (بقوله "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً"وهي) ، أي المقاومة (الهمة) وهي الباعث القلبي المتوجه جهة الفعل المهتم به لا نفس الفعل ، لأنه فعل اللّه تعالى (ههنا) فإنه عليه السلام يعلم يقينا أن الفاعل هو اللّه تعالى ، فلا يطلب من غيره فعلا وإنما طلب الهمة من البشر خاصة الذين هم الجنس ليظهر الفعل عقيبها على حسب المخاطبة بالتصرف في الوقت الذي يريد .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
ولما التجأ لوط عليه السلام إلى الله لضعف نفسه وقوة قومه بقوله : "لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" نسب الحكمة الملكية في كلمته عليه السلام (الملك) بفتح الميم وسكون اللام (الشدة والمليك الشديد يقال : ملكت العجين إذا شددت عجينة قال قيس بن الخطيم يصف طعنته) بشدة ضربه العدو بالرمح.
"" أضاف المحقق : من أهم المسائل التي تثار في هذا الفص مسألة "القوة" مصدرها وظهورها في الإنسان، وصلتها بقوته الروحية المسماة بالهمة، ومتى يجب عليه أن يستخدمها في التصرف بوساطة هذه القوة، ومتى ينبغي عليه أن يكف عن هذا التصرف.""
شعر قيس بن الخطيم الأوسي :  
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائماً من دونها ما وراءها
أي فأوسعت فتق الطعنة حتى (يري قائم من دونها ما وراءها) أي يري القائم ما وراء الطعنة من جانب آخر (أي شددت بها كفي يعني الطعنة فهو) أي الملك المذكور مستفاد (عن قول الله على لسان لوط عليه السلام وهو).
أي قول الله تعالى: "لو أن لي بكم قوة " لمقاومتكم "أو آوي" أي التجأ   "إلى ركن شديد" [هود: 80] إلى قبيلة غالية على الأعداء.
(فقال رسول الله عليه السلام: يرحم الله أخې لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، فنبه عليه السلام أنه كان مع الله مع كونه شديدا) فكان غالبا على أعدائه مع نصرة الله من ركن شدید فكان له أبو طالب رکنا شدیدا . أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجة
(والذي قصد لوط عليه السلام) مبتدأ (القبيلة) خبره ( بالركن الشديد ) يتعلق بقصد ( والمقاومة ) عطف على القبيلة ( بقوله : "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" يتعلق بقصد ( وهي الهمة هنا من البشر خاصة ) أي القوة الروحانية المؤثرة في النفوس لا القوة الجسمانية .
فإن القوة الروحانية أقوى تأثيرا من القوى الجسمانية فطلب لوط عليه السلام من اللّه لمقاومة قومه القوة الروحانية وهي الهمة هنا من البشر خاصة وهي همة الأنبياء والأولياء لا همة عامة في جميع البشر.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فصّ حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:ملكت بها كفي فانهرت فتقها . يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.  والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
قلت : الشيخ، رضي الله عنه، اعتمد في هذه الحكمة على قول النبي لوط عليه السلام : "لو أن لي بكم قوة ؛ أو آوي إلى ركن شديد"(هود: 80) .
أراد لوط عليه السلام  ، قبيلة تحميه وأراد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأوي إلى الله تعالى فإنه شديد البطش .
ثم بین، رضي الله عنه، أن الضعف أصل لا يحتاج إلى فعل فاعل وأما القوة فيحتاج إلى ذلك
ولذلك قال: "ثم جعل من بعد قوة".
 
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فصّ حكمة ملكية في كلمة لوطية
سبب استناد هذه الحكمة الملكية إلى هذه الكلمة الكمالية يذكر في شرح نصّ الفصّ ، وقد ذكرنا ما فيه مقنع .
أضيفت حكمته إلى الملك من طلبه القوّة والركن الشديد ، فإنّ الملك القوّة والشدّة ، كما سيأتيك .
قال رضي الله عنه : ( الملك : الشدّة . والملك : الشديد .
يقال : ملكت العجين إذا شددت عجنه ، قال قيس بن الحيطمة يصف طعنه :
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها …..  يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفّي يعني الطعنة ، فهو قول الله عن لوط : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ".
فقال صلى الله عليه وسلم : « يرحم الله أخي لوطا ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد » فنبّه صلى الله عليه وسلم أنّه كان مع الله من كونه شديدا ، والذي قصد لوط عليه السّلام القبيلة بالركن الشديد ، والمقاومة بقوله : " لو أنّ لي بكم قوّة ". )
يشير رضي الله عنه : إلى سبب استناد حكمته إلى لوط من كونه مع القويّ الشديد ، حتى يقوى على أعداء الله ، ويشدّد على أولياء الشيطان ، وكذلك كان عليه السّلام فإنّ هذا النفس من شديد في شدّة ، ولولا القوّة التي كان عليها ، لما قهر الأعداء بقوّة همّته وشدّة أثر باطنه ظاهرا .
قال رضي الله عنه: ( وهي الهمّة هنا ) يعني القوّة المذكورة في قوله : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " .
قال رضي الله عنه  : ( من البشر خاصّة ).
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
إنما اختصت الكلمة اللوطية بالحكمة الملكية ، لأن الملك هو القوة والشدة ، والغالب على لوط وقومه هو الشدة والقوة ، ألا ترى إلى قوله " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " فالتجأ من الشدة التي كان يقاصيها من قومه إلى الركن الشديد الذي هو الله تعالى ، فاستأصلهم بشدة العذاب جزاء وفاقا .
"" أضافة بالي زادة : الملك بفتح الميم وسكون اللام : الشدة ( يصف طعنته ) بشدة ضربه العدو بالرمح ( فأنهرت فتقها ) أي فأوسعت فتق الطعنة حتى ( يرى قائم من دونها ما وراءها ) أي يرى القائم ما وراء الطعنة من جانب آخر اهـ  بالي زادة "".
 
قال رضي الله عنه : ( الملك : القوة والشدة ،والمليك : الشديد، يقال : ملكت العجين إذا شددت عجنه ، قال قيس بن الخطيم يصف طعنته ، نظم : ملكت بها كفى فأنهرت فتقها ....  يرى قائم من دونها ما وراءها أي شددت بها كفى يعنى الطعنة ، فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ "  . فقال صلى الله عليه وسلم: « يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد » فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا ، والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد والمقاومة بقوله : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " وهي الهمة هنا من البشر خاصة )
فهو أي الشدة والقوة الهمة القوية الشديدة ، أي لو أن لي بكم قوة من الهمة القوية أقاومكم بها وأقاويكم ، أو آوى إلى جانب قوى هو القبيلة ظاهرا والله تعالى حقيقة وباطنا ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام « لقد كان يأوى إلى ركن شديد » من اسمه القوى الشديد .
ولو لم يتأيد بالقوى الشديد لما قهر الأعداء ، فكان هذا القول يقينا من قوى شديد باللَّه ، أي بقوة همته المتأيدة بالقوى الشديد فيهم فأهلكهم ولما كان نظر لوط إلى مظاهر القوة والشدة من حيث أنه أضاف القوة إلى نفسه وقصد بالركن القبيلة .
قيد الشيخ قدس سره الهمة هنا بقوله من البشر خاصة .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
( الملك ) ، بفتح الميم وسكون اللام ، هو الشدة . و ( المليك ) الشديد .
قال صاحب الصحاح : ملكت العجين أملكه ملكا - بالفتح - إذا شددت عجنا  
""أضاف المحقق : قال الشيخ صدر الدين القنوي في رسالة الفكوك فك ختم الفص اللوطي: (إنما قرن الشيخ رضي الله عنه  هذه الحكمة بالصفة (الملكية) مراعاة الأمر الغالب على حال لوط عليه السلام وأمته، وما عامل الحق به قومه من شدة العقوبة في مقابل الشدة التي قاساها لوط منهم حتى نطق لسان حاله معهم بقوله: (لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد).  ""
وإنما نسب هذه ( الحكمة ) إلى كلمة ( لوط ) ، عليه السلام ، لأنه كان ضعيفا  في قومه ، وهم أقوياء شديد الحجاب ، ما كانوا تقبلون منه ما أتى به من الله إليهم .
وكانوا يفسدون في الأرض بالاشتغال بالشهوة البهيمية والانهماك في الأمور الطبيعية ،حتى قال : ( لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد ).
فالتجأ إلى الله  من حيث إنه القوى الشديد حتى استأصلهم بشدة العذاب .
(الملك ) الشدة . و ( المليك ) الشديد . يقال : أملكت العجين . إذا شددت عجنه . قال قيس بن الحطيم ، يصف طعنه :  
ملكت بها كفى فانهرت فتقها  ..... يرى قائم من دونها ما ورائها
أي ، شددت بها كفى ، يعنى ، الطعنة .
) معنى البيت : إني شددت بالطعنة كفى . أي ، مسكت الرمح قويا ، فضربت به العدو ، فأوسعت ما فتقت الطعنة حتى يرى القائم ما وراء تلك الطعنة من جانب آخر . كأنه جعل موضع الطعنة مثل شباك يرى منها ما وراءها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو قوله تعالى عن لوط : " لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد " .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يرحم الله أخي لوطا ، لقد كان يأوى إلى ركن شديد " . فنبه ، عليه السلام ، أنه كان مع الله من كونه شديدا . ) أي ، ( الملك ) المفسر بالشدة مستفاد من قوله تعالى عن لسان لوط ، عليه السلام : ( لو أن لي بكم قوة ) والمراد ب‍ ( القوة ) الهمة القوية المؤثرة في النفوس ، لأن القوة منها جسمانية ، ومنها روحانية ، وهي الهمة .
والروحانية أقوى تأثيرا ، لأنها قد تؤثر في أكثر أهل العالم أو كله ، بخلاف الجسمانية .
( أو آوى ) أي ، التجئ إلى ( ركن شديد ) . أي ، قبيلة قوية غالبة على خصمائها .
هذا بحسب الظاهر . وأما بحسب الباطن ، فإنه التجأ إلى الله من حيث إنه قوى شديد ، كما نبه عليه رسول الله ، صلى الله عليه وسلم .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والذي قصد لوط ، سلام الله عليه ، القبيلة ب‍ ( الركن ) الشديد ، والمقاومة  بقوله : " لو أن لي بكم قوة " . وهي ( الهمة ) هنا ، من البشر خاصة . )
( القبيلة ) مرفوعة على أنها خبر المبتدأ ، والرابطة محذوفة . أي الذي قصده لوط هي القبيلة. و ( المقاومة ) عطف على ( القبيلة ) .

وإنما قصد لوط ، عليه السلام ، القبيلة ب‍ ( الركن الشديد ) ، لأنه يعلم أن أفعال الله تعالى لا يظهر في الخارج إلا على أيدي المظاهر ، فتوجه بسره إلى الله ، وطلب منه أن يجعل له  أنصارا ينصرونه على أعداء الله ، وقوة وهمة مؤثرة من نفسه ليقاوم بها الأعداء .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:26 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثانية الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
الفصّ اللوطي
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال رضي الله عنه :  (الملك الشدّة والمليك الشّديد : يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه قال قيس بن الخطيم يصف طعنة ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها أي : شددت بها كفّي يعني الطّعنة ، فهو قول اللّه تعالى عن لوط :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ [هود80: ] .
فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : يرحم اللّه أخي لوطا : لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، فنبّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان مع اللّه من كونه شديدا ، والّذي قصد لوط عليه السّلام القبيلة بالرّكن الشّديد ؛ والمقاومة بقوله :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ،وهي الهمّة هنا للبشر خاصّة ) .
أي : ما يتزين به ويكمل العلم اليقيني الباحث عن الشدة الحاصلة عن بعض التجليات في التأثير بها والتأثر ، ظهر ذلك العلم بزينتها وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى لوط عليه السّلام إذ قاسى الشدائد عند بعض المظاهر حتى قال :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ[هود : 80] ، ثم أثر بها فجعل قريتهم عاليها سافلها لجعلهم الرجال العاليين كالنساء السافلات ، وأمطر عليها حجارة من سجيل رجمهم بها إقامة لحد اللواط عليهم .
ولما كان لفظ ( الملك ) بفتح الميم وسكون اللام غير مشهود بمعنى ( الشدة ) في العامة بينه بقوله : الملك الشدة ( والمليك ) في قوله تعالى :عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ[ القمر : 55 ] ، و ( الشديد ) ؛ لأن المتقين شددوا على أنفسهم واقتدروا عليها ، وعلى رفع العوائق والعوارض والقوادح ، وليس بمعنى المالك والملك كما يتوهم ومنه ( يقال : ملكت العجين ) ، وإن لم تملكه بالشراء والإرث والإيهاب ونحوها ( إذا شددت عجنه ) .
واستدل عليه بقول شاعر جاهلي يعتمد على لغته فقال : ( قال قيس ابن الخطيم يصف ) خلفته بالشدة : ( ملكت ) بالضم ( بها كفى فانهرت ) أي : وسعت ، ( فتقها ) أي : ما فتقته طعنة بحيث ( يرى قائم من دونها ) أي : من مكان أدنى منها في جانب ( ما وراءها ) في جانب آخر ، فقوله : ملكت ( أي شددت ) إذ لا يصح فيه معنى الملك والملك ، وقوله :
( بها كفي يعني ) بالضمير في بها ( الطعنة ) فسره ؛ لأنه لم يذكر المفسر .
"" أضاف المحقق فائدة : قد قرن الشيخ هذه الحكمة بالصفة الملكية مراعاة للأمر الغالب على حال لوط عليه السّلام وأمته وما عالم الحق به قومه من شدة العقوبة في مقابلة الشدة التي قاساها نبي اللّه لوط منهم .""


ثم أشار رحمه اللّه تعالى إلى أنك لو شككت في كون هذا الملك حكمة لوط عليه السّلام ؛ ( فهو ) ما دلّ عليه ( قول اللّه تعالى ) حاكيّا ( عن لوط لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [ هود : 80 ] ) أي :
همة روحانية مؤثرة أفاديكم بها ،( أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ) أي : مظهر الاسم الشديد الإلهي ناظر إلى أصله الظاهر فيه ، وهو الذي به قوامه يؤثر بشدته على من خالف أمره لئلا يخالف من بعده أمره .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم : « يرحم اللّه أخي لوطا " .
وإن طلب الشدة على قومه ليرحم من بعدهم بتخليصهم عن فعلهم فكان أخي في الرحمة » سيما من جهة كونه ناظرا إلى الذات الإلهية التي تجدد فيها الأسماء المختلفة ، ( لقد كان يأوي إلى ركن شديد ). رواه عبد الرزاق في المصنف.
أي : أصل مقوم للاسم الشديد جامع لسائر الأسماء ، ( فنبه صلّى اللّه عليه وسلّم ) بقوله : " يرحم اللّه "  في موضع يستحق الشدة في مقابلة الشدة ، لو كانت من نفسه ونسب ذلك إلى الاسم الجامع من حيث ( إنه كان مع اللّه ) ، وإن كان ( من ) جهة ( كونه شديدا ) إذ كانت شدته عين الرحمة بالنظر إلى الذات ، وبالنظر إلى من بعدهم ، وهذا بطريق الإشارة المخصوصة بالخاصة ( والذي قصد لوط ) عليه السّلام بطريق العبادة لتفهيم قومه ، ( القبيلة ) التي بهم قوام البشرية ( بالركن الشديد ) ، وقصد ( المقاومة ) معهم بنفسه ( بقوله :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) أي :
لمجموع هذا القول ، وهي أي القوة التي بها المقاومة ( هي الهمة هنا ) ، أي : فيما قصده لوط عليه السّلام بطريق العبارة لتفهيم قومه ، وليس المراد بها الهمة الروحانية هاهنا لبعدها عن فهمهم ، بل من ( للبشر خاصة ) ، إذ قد شاهدوها وسمعوا بها من قصص الأبطال ، وهي الهمة النفسانية الحاصلة من النفس الحيوانية .
وإنما قال ذلك حين رأى ضعف الهمة من جهة البشرية والروحانية جميعا ، وهذا هو الغالب في الأنبياء ؛ لأن بعثهم إنما يكون بعد كمال المعرفة المانعة من تأثير الهمة الروحانية ، وبعد الأربعين ، وهو سن الانحطاط المضعف للهمة البشرية على أنه لو كان لهم إحدى الهمتين ، لقيل : إنهم سحرة أو أبطال غلبوا بسحرهم أو شجاعتهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
13 - فصّ حكمة ملكيّة في كلمة لوطيّة
وجه تسمية الفصّ
ووجه اختصاص الكلمة هذه بحكمتها هو ما غلب عليها بمقتضى زمانها على ألسنة قابليّة أقوامها من الشدّة والقوّة .
ومما يلوّح على وجه المناسبة بينهما اشتمال عقديهما على التسعة وأن في الكلمة تفصيلها ، وإلى تبيين ذلك قصد بقوله رضي الله عنه : ( الملك : الشدّة . والمليك : الشديد . يقال : ملكت العجين : إذا شددت عجنه قال قيس بن الحطيم - يصف طعنه - ) .
"" أضاف المحقق : قال القيصري : " معنى البيت : إني شددت بالطعنة كفى أي مسكت الرمح قويّا فضربت به العدوّ ، فأوسعت ما فتقت الطعنة حتى يرى القائم ما وراء تلك الطعنة من جانب آخر ، كأنه جعل موضع الطعنة مثل شبّاك يرى منها ما وراءها " ""
( ملكت بها كفىّ فأنهرت فتقها  …. يرى قائم من دونها ما وراءها )
 يقال : « أنهرت الطعنة » أي وسّعتها ،وملكت بها كفىّ : ( أي شددت بها كفىّ يعنى الطعنة ).
( فهو ) أي فصّ الحكمة الملكيّة عن الكلمة المذكورة ( قول الله عن لوط :
" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ") [ 11: 80 ] والظاهر أنّ « لو » هاهنا للتمنىّ ، أي ليتني بكم قوّة تستخرج منّى ما هو بالقوّة في هذا النوع الكمالي من الظهور على الكلّ بكلامه المعرب عن الأمر بتمامه .
وذلك أنّ كلّ نبىّ إنّما يظهر منه ما يسأل ألسنة قوّة قومه وقابليّة أمّته ، فإنّه لو لم يكن في قوّة قابليّة القوم ما يقوى به النبىّ في إظهار كمال النبوّة وتمامها لا بدّ له من الالتجاء إلى القبيلة الختميّة والانخراط فيهم على ما اقتضى التّوجه الأصلي ولاستعداد الفطري من إظهار ذلك بمعاونة من في حيطته يتمّ الأمر والانخراط في سلك من يظهر به ذلك ، وإلى ذلك أشار مفصحا عنه : " أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ "  .
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : « رحم الله أخي لوطا ، لقد كان يأوى إلى ركن شديد ») والتعبير عنه بـ « أخي » إشعار بتلك النسبة .
قال رضي الله عنه :  ( فنبّه صلى الله عليه وسلَّم أنّه كان مع الله ) في صورة جمعيّة الختميّة ، ولكن ( من كونه شديدا ) : أي من هذه الحيثيّة ، ( والذي قصد لوط عليه السلام : القبيلة « بالركن الشديد » ، والمقاومة بقوله : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " ، وهي الهمّة هنا من البشر خاصّة ) والقصد المتوجّه إلى تمام الكمال الذي إنّما يجيء منه خاصّة ، وبه يوجد الأشياء ويعدم ، فإنّ الغاية سبب وجود الأشياء وظهورها .
ثمّ إذ قد أفصح لسان كمال النبوّة في الكلمة اللوطيّة ، داعيا الانخراط في سلك القبيلة الجمعيّة ، ظاهرا بهم ، وقد استجيب دعوته ضرورة.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه. قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة. )
الفصّ اللوطي
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال رضي الله عنه :  (الملك الشدّة والمليك الشّديد : يقال ملكت العجين إذا شددت عجنه قال قيس بن الخطيم يصف طعنة : ملكت بها كفّي فأنهرت فتقها  ..... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفّي يعني الطّعنة .  فهو قول اللّه تعالى عن لوط :" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ" [ هود: 80] فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يرحم اللّه أخي لوطا : لقد كان يأوي إلى ركن شديد )
 
وإنما وصف الشيخ رضي اللّه عنه هذه الحكمة بالملكية مراعاة لشدة ما قاساه لوط عليه السلام من قومه ، ولشدة قومه في الانهماك في الشهوات ولشدّة ما عاملهم به الحق من العقوبات ولتمنيه القوة والشدة بقولهل "َوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً "[ هود : 80 ] ولشدة ما كان يأوي إليه من الركن الشديد ( الملك بفتح الميم وسكون اللام ( الشدة والمليك الشديد يقال : ملكت العجين إذا شددت عجنه ، قال قيس بن الحطيم يصف طعنة :
ملكت بها كفي فانهرت فتقها  ..... يرى قائم من دونها ما وراءها
أي شددت بها كفي يعني الطعنة ) ، أي أمسكت الرمح قويا فضربت به العدو فانهرت فتقها ، أي وسعت ما فتقت الطعنة ، يرى من قام عندها ما وراء تلك الطعنة من جانب آخر ( فهو ) ، أي معنى الملك الذي وصف به هذه الحكمة مما يدل عليه ( قول اللّه تعالى عن ) لسان ( لوط "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ") [ هود : 80 ] .فإن معناه ، أي معنى الملك يفهم من موضعين ؛ من هذا القول الأوّل لو أن لي بكم قوة ، فإن القوة هي الشدة ، والثاني أو آوي إلى ركن شديد حيث وصف الركن بالشدة .
وكان هذا الكلام من الشيخ إشارة إلى وجه توصيف هذه الحكمة بالملكية وتمهيدا لما يفرع من قوله : ( فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يرحم اللّه أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد فنبه صلى اللّه عليه وسلم ) حيث أضافه إلى نفسه بالأخوة ( على أنه كان مع اللّه من كونه شديدا ) فإن إخوته معه صلى اللّه عليه وسلم إنما كانت في معنى النبوة المقتضية عدم الاحتجاب بالمظاهر عن الظاهر وشهود الظاهر في المظاهر فلا تكون مشهودة في الركن الشديد إلا للّه من حيث اسمه الظاهر فيه وهو القوي الشديد .


قال رضي الله عنه :  ( فنبّه صلى اللّه عليه وسلم أنّه كان مع اللّه من كونه شديدا . والّذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالرّكن الشّديد ؛ والمقاومة بقوله :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةًوهي الهمّة هنا للبشر خاصّة . )
 ( والذي قصد ) ، أي قصده ( لوط عليه السلام القبيلة ) ظاهرا .
واللّه حقيقة ( بالركن الشديد والمقاومة بقوله :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) ، أي كنت لي بكم قوّة أقاومكم بها ( وهي ) ، أي القوّة ( الهمة هنا من البشر خاصة ) .
إنما قال : هنا ، لأن للقوة في مواضع أخر معاني غيرها .
وإنما قال : من البشر خاصة .
قيل : لأن الهمة المؤثرة التي بها يقاوم أقواما كثيرين لا تكون إلا من الإنسان الكامل .
وقيل : لأنه لما أضاف القوة إلى نفسه كانت مختصة به فما فسرت به أعنى الهمة كان مختصا بالبشر بل به .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:26 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثالثة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
قال رضي الله عنه : ( فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمن ذلك الوقت ، يعني من الزّمن الذي قال فيه لوط عليه السلام :أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ ما بعث نبيّ بعد ذلك إلّا في منعة من قومه . فكان تحميه قبيلته كأبي طالب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .  فقوله : لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً[ هود : 80 ] لكونه عليه السلام سمع اللّه يقول :اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ بالأصالة .ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ فعرضت القوّة بالجعل فهي قوّة عرضيّة ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً فالجعل تعلّق بالشّيبة ، وأمّا الضّعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله :"خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ "[ الروم : 54 ] .  فردّه لما خلقه منه قال تعالى : وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً [ الحج : 5 ] . فذكر أنّه ردّ إلى الضّعف الأوّل فحكم الشّيخ حكم الطّفل في الضّعف . )

قال رضي الله عنه :  (فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام : " أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ" ما بعث) ، أي بعث اللّه تعالى في أمة من الأمم (نبيا) من الأنبياء عليهم السلام بعد ذلك الوقت (إلا في منعة) ، أي نصرة وحمية (من قومه فكان) ذلك النبي المبعوث بعد لوط عليه السلام (يحميه) ، من أعدائه أن يصلوا إليه بسوء (قبيلته) وعشيرته وقومه (كأبي طالب) عم رسول اللّه (مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم) فإنه حماه من قريش ونصره من إيذائهم كما قال من الشعر لما في ذلك يخاطبه عليه السلام ولمن يؤمن به :
واللّه لن يصلوا إليك بجمعهم  ..... حتى أوسد في التراب دفينا
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة  .... وأبشر بذلك وقر منك عيونا
ودعوتني وزعمت أنك ناصحي  ..... ولقد صدقت وكنت ثم أمينا
وعرضت دينا لا محالة أنه  .... من خير أديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذاري سبة .....  لو جدتني سمحا بذاك مبينا
فقوله رضي الله عنه  : أي لوط عليه السلام : ("لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " لكونه) ، أي لوط (عليه السلام سمع اللّه تعالى يقول) بالكشف عن اللوح المحفوظ فإن القرآن مكتوب فيه من يوم خلق اللّه تعالى ذلك اللوح .
وكذلك جميع الكتب المنزلة والصحائف أو أن هذه الآية نزلت فيما نزل عليه من الوحي وإلا فإن القرآن منزل بعد لوط عليه السلام فكيف يكون سمع هذه الآية منه أو أن المراد أنه سمع معنى ذلك في جملة ما أنزل عليه .
وهذه الآية في قراءتنا على معنى ما سمع لوط عليه السلام من كلام له في وحيه الخاص (" اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ") معشر بني آدم (" مِنْ ضَعْفٍ" )، وهو عدم القوّة بالكلية على كل شيء فلا تقوى العين على الرؤية ولا الأذن على السمع ولا الأعضاء على الحركة ولا السكون وهذا بالأصالة في بني آدم وغيرهم كذلك أيضا ولهذا ورد لا حول ولا قوة إلا باللّه .
وقال تعالى : " أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً" [ البقرة : 561 ] ، (ثم جعل) تعالى (من بعد ضعف) هو الأصل في كل إنسان قوّة منسوبة إلى ذلك الإنسان الضعيف (ففرضت له القوّة بالجعل ) وهو نسبتها إليه . "فعرضت له القوة بالجعل"
لأنها قوّة اللّه تعالى نسبت إليه مجازا وهي للّه تعالى حقيقة (فهي) قوّة ذاتية إلهية للحق تعالى وللإنسان وغيره قوّة عرضية تعرض له بنسبتها إليه .
ثم يتكرر عروضها عليه وقبولها باختلاف التجلي فتسمى عرضية لأجل ذلك .
قوله رضي الله عنه  : (ثم جعل) سبحانه (من بعد قوة) عرضت له فنسبت إليه (ضعفا) أصليا ، أي أرجعه إليه (وشيبة) ، أي هرما وكبرا (فالجعل) الثاني تعلق بالشيبة ، (وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه) ، فلا يقع عليه الجعل لعدم مفارقته له (وهو قوله) تعالى "خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ" [ الروم : 54 ] فرده .
أي أرجعه لما خلقه منه وهو الضعف (كما قال تعالى : "وَمِنْكُمْ")، أي بعضكم ("مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ") [ النحل : 70 ] ، أي أحقره وأقله وهو سن الهرم والشيخوخة مقابلة أجل العمر وأعظمه وأكثره وهو سن  الشباب ("لِكَيْ لا يَعْلَمَ ") ذلك البعض الذي رد ("بَعْدَ عِلْمٍ") كان يعلمه ("شَيْئاً") فتضعف قوّة مخيلته وحافظته وبقية حواسه الظاهرة والباطنة وآلات إدراكه .
ويرجع إلى ما كان فيه من قبل أن يخلق كأنه لم يعلم شيئا ، والعلم الحقيقي كله للّه تعالى فيرجع علمه إليه سبحانه ، والجهل إلى ما سواه كما كان .
قوله رضي الله عنه  : (فذكر) تعالى (أنه) ، أي الإنسان (رد إلى الضعف الأوّل) الذي خلق منه (فحكم الشيخ) الكبير الهرم الواصل إلى أرذل العمر بضعف قواه وأعضائه (حكم الطفل) الصغير (في الضعف) الكائن في قواه وأعضائه وإدراكه الذي هو أصل ابتدائي منه الطفل ورجع إليه الشيخ .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
قال رضي الله عنه : ( فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام :أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍما بعث نبي بعد ذلك إلا في شدة ومنعة من قومه ) يمنعون شرّ العدوّ منه الحديث.
هكذا قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يرحم اللّه أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد فمن ذلك الوقت ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه ( فكان يحميه قبيلته ) أي يحفظونه ويمنعون عن ضرر عدوّه ( كأبي طالب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم فقوله له :أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) يعني إنما قال لوط عليه السلام هذا القول .
قال رضي الله عنه : ( لكونه عليه السلام سمع اللّه يقول اللّه الذي خلقكم من ضعف بالأصالة ) فالضعف منشأ ومبدأ للخلق ( ثم جعل من بعد ضعف قوة فعرضت القوة ) على الضعف الأصلي ( بالجعل ) أي بالخلق الجديد ( فهي قوة عرضية ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة فالجعل تعلق بالشيبة ) لكونها أمرا وجوديا عرضيا كالقوة وأوجدها الحق سبحانه بالخلق الجديد ( وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله "خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ") وهو عدم القوة فلا يتعلق الجعل به
فإن قلت :
فكيف يصح هذا التوجيه فإن قوله تعالى : " ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً " [ الروم : 54 ] ظاهر في تعلق بهما قلنا : صدقتم في قولكم هذا لكنه لما كان الشيب صفة عارضية للإنسان اعتبر المصنف تعلق الجعل إليه بمعنى الإيجاد .

ولما كان الضعف وصفا أصليا له اعتبر الجعل إليه بمعنى الردّ إلى أصله لذلك قال : ( فردّه ) أي ردّ اللّه الإنسان ( لما ) أي إلى ما ( خلقه منه ) وهو الضعف والشيبة سبب موجب لرد الشيء إلى أصله وهو الضعف وأورد دليلا على أن الضعف بعد القوة رد على أصله لا يتعلق به الجعل.
قوله تعالى : ( كما قال الشيخ رضي الله عنه :  "وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً " [ النحل : 70 ] فذكر ) في هذه الآية ( أنه ردّ ) الحق الإنسان ( إلى الضعف الأول ) فلا يتعلق الجعل إلى الضعف فإن الرد رجوع إلى الأصل فينافي تعلق الجعل إليه فازداد الإنسان بالشيخوخة إلى الضعف الأول .
( فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف ) لذلك ناسب حركة الشيخ الطفل.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )

قال رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا». فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
قلت : أراد لوط، عليه السلام، قبيلة تحميه وأراد نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، أنه كان يأوي إلى الله تعالى فإنه شديد البطش ثم بین، رضي الله عنه، أن الضعف أصل لا يحتاج إلى فعل فاعل وأما القوة فيحتاج إلى ذلك ولذلك قال: "ثم جعل من بعد قوة" فأشار إلى أن القوة بالجعل فهي عرضية.
وأما قوله: و جعل من بعد قوة ضعفا وشيبه" (الروم:54) فذكر أن الجعل متعلق بالشيبة لا بالضعف، وللمجاورة شرك بينهما مجازا.
وفسره بالآية الأخرى وهو قوله تعالى: "ثم يرد إلى أرذل العمر"(النحل: 70) فهو رد لا جعل.
وأما قوله: وما بعث نبي إلا بعد الأربعين فهو عذر للنبي لوط، عليه السلام، في قوله: "لو أن لي بكم قوة" (هود: 80) فإنه كان بعد الأربعين فقد شرع في النقص كما قال الشاعر: 
كأن الفتى" يرقي من العمر سلما  ….. إلى أن يجوز الأربعين فينحط


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
قال رضي الله عنه :  ( لكونه صلى الله عليه وسلم سمع الله يقول : " الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ "  بالأصالة " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً " فعرضت القوّة بالجعل فهي عرضيّة " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً ".  فالجعل تعلَّق بالشيبة ، وأمّا الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه .
وهو قوله : "خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " فردّه لما خلقه منه " ثمّ " يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً " فذكر أنّه ردّ إلى الضعف الأوّل . فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف .)
 
قال العبد : كلّ هذه الحكم والأسرار ظاهرة بيّنة الإشارة لأهل الخصوص بلغتهم ، وهي أنّ المخاطب بهذا الخطاب ظاهرية الخلق وحجابيّتهم من جسمانيّتهم .
فإنّ كناية الكاف من قوله : « خلقكم » وفي قول لوط : " بكم " عائدة إلى التعيّن والحجابية التي لأنانيّة كلّ شيء ، ولا شكّ أنّها من الخلقية ، والخلقية صورة عرضية من أصل عدميّ في حقيقة الممكن من جهة إمكانه ، فإنّ أصل الممكن يقتضي الضعف ، إذ القوّة والشدّة من حقائق الوجود ، وأصل خلقيّته من العدم الإمكانى الذاتي له ، فكان له الضعف بالأصالة ، والقوّة بالجعل من حيث ترجيح الحق وتقويته جانب الوجود بالنسبة إلى الممكن ، هذا سرّ خلق الله لنا بالأصالة من ضعف ، وحكمة كون القوّة له عرضية .
 
وأمّا حكمة الشّيبة من باب الإشارة بلسان أهل الذوق ، فهي أنّ الشعور التي على ظاهر الإنسان صور الشعور الذي لباطن الإنسان بالأشياء ، ولمّا كان شعور كل إنسان بكل شيء في المبدأ أوّلا من حيث حجابيات الأشياء وتعيّناتها ، وهو علمه بما سوى الله من كونه سواه وغيره وحجابا عليه ، فلهذا غلب على لون الشعور وصبغها في بدء النشأة حجابية ظلمانية كالسواد وقبيله ، وإشارة إلى إظهار الحجابية التعيّنية والظلمة الكونية على نوريّته الوجودية أوّلا بالنسبة إليه كذلك ، فإنّه في زعمه وزعم أمثاله غير الله وسواه .
 
ثمّ بعد تكامل الإنسان في قواه الروحانية والإلهية النورانية وغلبتها على القوى الظلمانية الجسمانية واستيلاء حقيقته على خلقيته وشعوره بحقيّات الأشياء من حيث حقائقها ووجوداتها من جهة ما يدري ولا يدري .
فإنّ الحقيّة الخفيّة في الخلقية التعيّنية غالبة في الآخر ولا بدّ ، ولم يعثر عليها في العموم ، فقد علم ذلك أهل الخصوص والخلوص ، والله غالب على أمره .
وقد سبقت رحمته غضبه ، فلا بدّ أن يغلب في شعوره النورية والبياض على الظلمة والسواد بظهور خفيّات الحقائق على خلصانها وحجابياتها ، فاعرف ذلك وتنبّه ، تنبّه على ما بيّنت ممّا تبيّنت ، والله الموفّق .
ولا تظنّنّ من قولنا : شعور باطن الإنسان بخلقيات الأستار وحجابياتها أو بحقّياتها ، الشعور الفكريّ الذهنيّ ، فلا يعنى بذلك إلَّا شعور باطن النفس وهي التعلَّقات والتعشّقات النفسية المنبعثة بالتعلَّق في أوّل النشء بحجابيات الأشياء وظلمانياتها ، فافهم هذه اللطيفة الروحانية الشريفة في سرّ غلبة الشيب آخرا وعموم غلبة السواد على الشعور الظاهرة على الإنسان أوّلا .
 
وأمّا من لا يظهر عليه حكم الشيب فهو صورة من لم يدرك طول عمره إلَّا الحجابية الغيرية ، وذلك في العموم ، وفي الخصوص غلبة الغيب على الشهادة بالنور الأسود الذي هو من أعلى الأنوار ، فافهم .
وأمّا معنى قوله عن لوط عليه السّلام : لمّا سمع " الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " فإنّه سمع بسمع روحه روح هذه الآية من روح محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم في عالم الأرواح ، حين بعثه إلى الأرواح نبيّا ، وكان آدم بين الماء والطين ، فسمع الآية روح لوط كذلك.
وذلك عين تحقّقه عليه السّلام بأنّ الله خلقه وسائر بني نوعه من ضعف من حيث إنّه كان نطفة ، ثمّ صار علقة ، ثمّ مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة ، ثم جنينا حيّا مولودا ، ثمّ طفلا رضيعا ، وصبيّا وشابّا وشيخا ومائتا ، ثمّ الله ينشئ النشأة الآخرة ، فتحقّق عليه السّلام كيف خلق من ضعف ، وكيف ردّ إلى ضعف ، وهذا الاعتبار يحصل للأنبياء المكمّلين وحيا ، وللأولياء إخبارا وإلقاء وواردا وتجلَّيا بغتة ، ولغيرهم بالفكر والتدريج ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
وقال رضي الله عنه  : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم « فمن ذلك الوقت » يعنى من الزمان الذي قال فيه لوط عليه السلام : " أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه فكان يحميه قبيلته كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم  )
يعنى من قوة همته وتأثير باطنه
"" أضافة بالي زادة : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً "  بمقاومتكم أَوْ " آوِي " أي ألتجئ - إِلى " رُكْنٍ شَدِيدٍ " إلى قبيلة غالبة على الأعداء اهـ بالي زادة
( إنه كان مع الله من كونه شديدا ) فكان غالبا على أعدائه مع نصرة الله " من ركن شديد " فكان له أبو طالب ركنا شديدا اهـ .
وألهمه القوة الروحانية المؤثرة في النفوس لا القوة الجسمانية ، فإنها أقوى تأثيرا من الجسمانية اه بالى زادة . ""


قال رضي الله عنه :  ( فقوله " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " - لكونه  أي لكون لوط عليه السلام .
سمع الله تعالى يقول : " الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " بالأصالة  " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً " - فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية ، " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وشَيْبَةً " ، فالجعل تعلق بالشيبة ، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه . وهو قوله : " خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ "  فرده لما خلقه منه ، كما قال : " ومِنْكُمْ من يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ من بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً " . فذكر أنه رد إلى الضعف الأول ، فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف )
أي سمع لوط عليه السلام سمع روحه من الله تعالى قوله : " الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " فتحقق أن الممكن لا وجود له بالأصالة فلا قوة له ، فأصله الضعف حين خلق من تراب ، ثم من نطفة ، ثم من علقة ، ثم يخرجكم طفلا ، فالضعف له ذاتي بمقتضى طبيعة الإمكان ، وبمقتضى أصل خلقته الجمادية ، والقوة عارضية بالجعل .
"" أضافة بالي زادة :  فالضعف منشأ ومبدأ للخلق .  ( فالجعل تعلق بالشيبة ) لكونها أمرا وجوديا عرضيا كالقوة وأوجدها الحق تعالى بالخلق الجديد ( وأما الضعف فهو رجوع ) وهو عدم القوة فلا يتعلق الجعل به . فإن قيل : إن تعلق الجعل بهما ظاهر في الآية .
قلنا : لما كان الشيب صفة عارضة للإنسان اعتبر الشيخ تعلقه إليه بمعنى الإيجاد ، ولما كان الضعف وصفا أصليا له اعتبر تعلقه إليه بمعنى الرد إلى أصله لذلك قال ( فرده لما خلقه منه ) وهو الضعف والشيبة سبب موجب لرد الشيء إلى أصله وهو الضعف ، وأورد دليلا على أن الضعف بعد القوة رد على أصله لا يتعلق به الجعل .
قوله تعالى كما قال : "  ومِنْكُمْ من يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ "  اهـ بالى . ""
 
والجعل الثاني هو القدر المشترك بين الرد إلى الضعف الأصلي وإحداث الشيبة ، فإن كليهما جعل والجعل بمعنى الفعل ، كما في قوله تعالى : " إِنِّي جاعِلٌ في الأَرْضِ خَلِيفَةً " أورد الجعل للقدر المشترك بين الخلق والإبداع ، إنما قال فالجعل تعلق بالشيبة لأن الضعف يتبعه طبعا ، ولهذا وصفه بالرجوع إلى أصل خلقه .
ثم لما تبين أن الرجوع إنما هو بتبعية الشيب المجعول مجعول فسره بالرد إلى ما خلقه منه لإشراك الرد والإحداث في معنى الجعل والباقي ظاهر ، والمقصود أن القوة للخلق عارضى ، ولهذا أورد لو الامتناعية إشارة منه إلى محض التوحيد ، وأن لا جعل ولا قوة إلا باللَّه .

 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : " فمن ذلك الوقت يعنى من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام : أو آوى إلى ركن شديد ما بعث نبي بعد ذلك إلا في
منعة من قومه " . ) أي ، ما بعث نبي إلا بين منعة يمنعون شر الأعداء منه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فكان تحمية قبيلته كأبي طالب عليه السلام مع رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . فقوله )
أي ، قول لوط ، عليه السلام : ( " لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد " .
لكونه ، عليه السلام ، سمع الله يقول : " الله الذي خلقكم من ضعف " بالأصالة . )
أي ، هذا القول إنما وقع لكون لوط ، عليه السلام ، أدرك بالنور الإلهي معنى
قول الله تعالى : ( وهو الذي خلقكم من ضعف ) . وعلم أن الله خلق الخلق من العدم ، ومعنى الآية أيضا يرجع إليه ، إذ ( الضعف ) عدم القوة ، والعدم أصل كل متعين . وإليه ترجع الصفات الكونية كلها ، وعرف أن القوة لله جميعا بالأصالة ، ولغيره بالتبعية ، كما قال تعالى .
( ثم ، جعل من بعد ضعف قوة ، فعرضت القوة بالجعل . ) أي ، بالإيجاد
بالخلق الجديد .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فهي قوة عرضية . ثم ، جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة . فالجعل تعلق بالشيبة . ) لأنها خلق جديد . ( وأما ( الضعف ) فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله : " خلقكم من ضعف" ) وهو العدم ، لأنه عبارة عن عدم القوة .
( فرده لما خلقه منه ) . ( اللام ) بمعنى إلى . ( كما قال تعالى : " ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا " . فذكر أنه رد إلى الضعف الأول .  فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف . ) المعنى ظاهر .
والمقصود أن القوة للخلق ، من حيث إنه غير وسوى ، عارضي . ولهذا قال الشيخ رضي الله عنه : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . والضعف والعجز ذاتي له ، لأنه من العدم .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:27 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثالثة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )


قال رضي الله عنه :  (فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فمن ذلك الوقت ، يعني من الزّمن الذي قال فيه لوط عليه السّلام :أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍما بعث نبيّ بعد ذلك إلّا في منعة من قومه ، فكان تحميه قبيلته كأبي طالب مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فقوله :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [هود : 80 ] لكونه عليه السّلام سمع اللّه يقول :اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍبالأصالة ،ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّفعرضت القوّة بالجعل ؛ فهي قوّة عرضيّة "ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً" فالجعل تعلّق بالشّيبة ، وأمّا الضّعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله :خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ[ الروم : 54 ] ، فردّه لما خلقه منه قال تعالى :وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً [ الحج : 5 ] . فذكر أنّه ردّ إلى الضّعف الأوّل فحكم الشّيخ حكم الطّفل في الضّعف)
( فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فمن ذلك الوقت ) ولما توهم في بداهة النظر كونه إشارة إلى زمن ضعف الهمة ، وهو مخل .
فسره بقوله : ( يعني من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السّلام :أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍما بعث نبي إلا في منعة من قومه ) يمنعونه من شرّ أعدائه ، ولا يتأتى ذلك إلا من قبيلة عظيمة أو من رئيسها ، ( فكان تحميه قبيلته ) أو رئيسها ( كأبي طالب ) ، فإنه وإن لم يسلم  كان ( مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، والذب عنه ؛ وذلك لإظهار منعة في الأصل ، وإن إظهار المعجزات من فعل اللّه تعالى للدلالة على صدقه ، وإنما كانت هذه الهمة البشرية متمناه له ؛ لأنه رأى حصولها في سن الانحطاط بعد ذهابها بذهاب سن النمو محالا بمقتضى الوعد الإلهي وسنته المستمرة.
( بقوله ) :أَوْ آوِي" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " بصيغة التمني المعلق بالمحال كثيرا ( لكونه عليه السّلام سمع اللّه يقول ) في الكتب السالفة أو فيما أوحي إليه ما عبارته بالعربية : ( اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) ،فلم يورد فيه لفظ الجعل ولم يعلق الخلق به بذاته بل بواسطة من التي لابتداء الغاية ؛ لتدل على أنه ( بالأصالة ) كأنه مبدؤه .
( ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ ) بإيراد لفظ الجعل وكونه بعد الضعف ، ( فعرضت القوة ) أي : فدل على أنه عرضت القوة على الضعف الأصلي ( بالجعل ) الطارئ ، ( فهي قوة عرضية ) من شأنها الزوال بالكلية عن محلها عند رجوعه إلى أصله بحيث لا يرجى عودها بعده .
 
ثم استشعر سؤالا بأن مقتضى ما ذكرتم ألا يورد الجعل على الضعف الثاني في قوله :
( ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً [ الروم : 54] ) .
فأجاب عنه بقوله : ( فالجعل متعلق بالشيبة ) بالقصد الأول وبالضعف باعتبار اقترانه بها أو للمشاكلة ؛ أو لأنه لما وقع بعد القوة أشبه العارض ، ( وأما الضعف ) من غير نظر إلى هذه الاعتبارات ، ( فهو رجوع إلى أصل خلقه ) ، يكفي فيه عدم العلة الموجبة للأمر العارض ، فلا يحتاج إلى جعل ( وهو ) أي : الدليل على أصالة الضعف ( قوله :خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ) فلم يعلق الخلق بالضعف في أول الأمر بل جعل الضعف من مبادئه ، وإذا كان هو الأصل ، فليس فيه من حيث هو جعل بل غايته الرد إليه ، ( فرده لما خلقه ) .
أي : إلى ما خلقه ( منه ) ، فالأصل فيه لفظ الرد كما ( قال تعالى :يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً [ النحل : 70 ] فذكر أنه رد إلى الضعف الأول ) على ما هو الأصل لكنه ذكر الجعل في الآية السابقة لما ذكرنا ، وإنما جعل الرد إلى الضعف الأول أرذل العمر ؛ لأنه ضد القوة الفائضة من اللّه الموجبة للعلم من حيث إنه ، إنما يحصل من القوة المدركة الحاصلة من القوة الفائضة على النفس من اللّه تعالى .
فلما ذهبت ذهب العلم الذي هو فائدة الحياة ، فصارت أرذل العمر ، وإذا كان الرد إلى أرذل العمر رد إلى الضعف الأول ، ( فحكم الشيخ حكم الأطفال في الضعف ) من حيث إنه أصلي ، وإن عرض بعد القوة .
فيلزم الشيخ ما يلزم الأطفال من الجهل وعدم الهمة البشرية والروحانية جميعا ، هذا إذا رد ويجوز ألا يرد وإن يرد في باب المعرفة والهمة فقط ، ثم يعود إليها وهذا الضعف لازم للأنبياء حين نبوتهم ؛ لأنه...
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )"


قال رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم : « فمن ذلك الوقت » - يعنى من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام : " أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " ما بعث نبىّ بعد ذلك إلَّا في منعة من قومه ، فكان تحميه قبيلته ، كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ) .


فإنّه كان يتعصّب للنبي صلى الله عليه وسلَّم ويذبّ عنه دائما ، وإنّما اضطرّ إلى الهجرة بعد وفاته .مراد لوط عليه السلام من القوة
( فقوله : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " إنّما يتمنّى القوّة العرضيّة بقومه ( لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول : " الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " بالأصالة " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً " فعرضت القوّة بالجعل ، فهي قوّة عرضيّة ، " ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً " [ 30 / 54 ] فالجعل تعلَّق بالشيبة وأمّا الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه ، وهو قوله : "خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " ضرورة أنّ ما هو خلقيّ ذاتىّ لا يحتاج فيه إلى جعل ( فردّه لما خلقه منه ، كما قال ثمّ " يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً " [ 16 / 70 ] ، فذكر أنّه ردّ إلى الضعف الأوّل).
( فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف ) فإنّه ما لم يضعف ما طرأ على أرض القابليّات مستجلبا عمّا فيها ومظهرا لها بصورته العرضيّة التطفّلية .
لم يمكن أن يخرج عنها ما غرس في أصل طينتها وزرع على متن قوّتها.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف. )


قال رضي الله عنه : ( فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمن ذلك الوقت ، يعني من الزّمن الذي قال فيه لوط عليه السلام :أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍما بعث نبيّ بعد ذلك إلّا في منعة من قومه.
فكان تحميه قبيلته كأبي طالب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم .
فقوله :" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " [ هود : 80 ] لكونه عليه السلام سمع اللّه يقول :اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ بالأصالة ."ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ " فعرضت القوّة بالجعل فهي قوّة عرضيّة )
 
قال رضي الله عنه : ( فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه لوط عليه السلام أو آوي إلى ركن شديد ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه فكان تحميه قبيلته كأبي طالب مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ) ، فإنه كان يتعصب للنبي صلى اللّه عليه وسلم ويذب عنه دائما وإنما اضطر إلى الهجرة بعد وفاته.
( فقوله ) ، أي قول لوط عليه السلام (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) منبأ عن طلبه من اللّه أن يجعل فيه قوة وإنما وقع ( لكونه عليه السلام سمع اللّه تعالى ) ، أي أدرك منه بسمعه النوراني الروحاني معنى قول اللّه الدال على أن الصفات الوجودية كالقوّة مثلا .
يحتاج الممكن في الأتصاف بها إلى جعلها وإيجادها فيه ، فتكون عرضية له بخلاف الصفات العدمية كالضعف الذي هو عدم القوّة فإنه يكفي في الاتصاف عدم جعل القوّة بالخلق الجديد ، وذلك رد إلى العدم الأصلي الذاتي للممكن ، بل إبقائه عليه ، وسماع لوط هذا القول من اللّه حيث كان ( يقول :"اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ" بالأصالة ) [ الروم : 54 ] .
أي مبتدئا خلقكم من ضعف ، أي عدم قوّة هو الأصل فيكم
قال رضي الله عنه : (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً فعرضت القوّة بالجعل فهي قوّة عرضية ) لكم فإن القوّة الذاتية كلها للّه.
(ثُمَّ " جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً " [ الروم : 54 ] وشيبة فالجعل تعلق بالشيبة ) لأنها أمر وجودي .
( وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه ) فتعليق الجهل بهما باعتبار أحدهما ( وهو ) ، أي أصل خلقه ما يدل عليه ( قوله :خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ) كما بينا ( فرده لما خلقه ) ، أي إلى ما خلقه ( منه كما قال تعالى :وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً) ، أي لكيلا يحصل له علم محدود بعد حصول العلوم السابقة لفقدان قابلية الآلة لتحصيله ، لأن الناطقة يطرأ عليها الجهل بعد العلم ولما كان يبقى العلم بعد المفارقة .
ولا يبعد أن يقال : المراد بعدم العلم طرو النسيان والغفلة عن العلوم لما يلحقه من موانع التذكر فإذا ارتفعت الموانع المفارقة تذكر به ( فذكر ) اللّه سبحانه بقولهيُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ( أنه رد إلى الضعف الأوّل ) الذي خلق منه ( فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف ) الأصلي غير أن الشيخ مردود إليه بعد القوة والطفل لا يقوى بعد .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:29 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الرابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟  قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  (وما بعث نبيّ إلّا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النّقص والضعف فلهذا قال :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً [ هود : 80 ] مع كون ذلك يطلب همّة مؤثّرة . فإن قلت وما يمنعه من الهمّة المؤثّرة وهي موجودة في السّالكين من الأتباع ، والرّسل أولى بها قلنا صدقت ولكن نقصك علم آخر ، )
قال رضي الله عنه :  (وما بعث) نبي من أنبياء اللّه تعالى إلى أمة من الأمم (إلا بعد تمام) سن الأربعين سنة من عمره (وهو زمان أخذه) ، أي الإنسان إذا وصل إلى هذا المقدار من السن (في النقص والضعف) ظاهرا وباطنا . وتحققه بحال بدايته في حال نهايته.
(فلهذا )، أي لأجل ما ذكر قال لوط عليه السلام حين كان متحققا بضعفه الأصلي الذي خلق منه وقد أرسل إلى قومه بعد وصوله إلى سن الأربعين من عمره ("لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً" مع كون ذلك) القائل (يطلب) بقوله (همة مؤثرة) في قومه تظهر فيه أو تظهر في غيره وهو الركن الشديد الذي طلب أن يأوي إليه (فإن قلت) يا أيها السالك وما يعني أي شيء (يمنعه) ، أي لوط عليه السلام مع كونه من الكاملين في العلم باللّه والعمل الصالح أو العصمة من السوء (من الهمة المؤثرة) إذا أرادها (وهي) ، أي الهمة المؤثرة موجودة في السالكين إلى طريق الكمال المذكور من الاتباع أي لاتباع الأنبياء والمرسلين .
قال رضي الله عنه :  (فالرسل) والأنبياء عليهم السلام (أولى) ، أي أحق (بها) ، أي بوجود الهمة المؤثرة فيهم من وجودها في اتباعهم (قلنا) في جواب ذلك (صدقت) أن الهمة المؤثرة موجودة في السالكين فأولى أن تكون في الأنبياء والمرسلين (ولكن نقصك) ، أي فات عنك ولم تشعر به (علم آخر) معرفته شرط في الجواب عن سؤالك وذلك العلم الآخر هو (أن المعرفة) باللّه تعالى الذوقية الكشفية إذا كملت في إنسان (لا تترك للهمة) المنبعثة من قبله (تصرفا) في أمر من الأمور أصلا .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  ( وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف فلذا ) أي فلأجل إدراك لوط عليه السلام معنى قول اللّه بالنور الإلهي.
( قال :" لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " مع كون ذلك ) أي مع وجود القوة الجسمانية ( يطلب همة مؤثرة ) فظهر أن ما طلب لوط عليه السلام ليس بقوة جسمانية .
قال رضي الله عنه :  ( فإن قلت : وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين ) يتصرفون بها في بعض الأشياء ( من الاتباع والرسل عليهم السلام أولى بها ) أي بالهمة المؤثرة ( قلنا : صدقت ولكن نقصك ) أي منعك عن التصرف ( علم آخر)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف. فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة. فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟ قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
وأما قوله: وما بعث نبي إلا بعد الأربعين فهو عذر للنبي لوط، عليه السلام، في قوله: "لو أن لي بكم قوة" (هود: 80) فإنه كان بعد الأربعين فقد شرع في النقص كما قال الشاعر: 
كأن الفتى" يرقي من العمر سلما  ….. إلى أن يجوز الأربعين فينحط
ثم أجاب عن الإشكال الذي أورده: بأن القوة وإن كانت هي الهمة إلا أن المعرفة لا تترك للهمة تأثيرا ولا تصرفا. 
وقد قال القشيري، رحمه الله، في بعض كتبه: إذا برقت بارقة من التحقيق لم يبق حال ولا همة.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه : (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف. فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة. فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟ قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
لا تظنّنّ من قولنا : شعور باطن الإنسان بخلقيات الأستار وحجابياتها أو بحقّياتها ، الشعور الفكريّ الذهنيّ ، فلا يعنى بذلك إلَّا شعور باطن النفس وهي التعلَّقات والتعشّقات النفسية المنبعثة بالتعلَّق في أوّل النشء بحجابيات الأشياء وظلمانياتها ، فافهم هذه اللطيفة الروحانية الشريفة في سرّ غلبة الشيب آخرا وعموم غلبة السواد على الشعور الظاهرة على الإنسان أوّلا .
 
وأمّا من لا يظهر عليه حكم الشيب فهو صورة من لم يدرك طول عمره إلَّا الحجابية الغيرية ، وذلك في العموم ، وفي الخصوص غلبة الغيب على الشهادة بالنور الأسود الذي هو من أعلى الأنوار ، فافهم .
وأمّا معنى قوله عن لوط عليه السّلام : لمّا سمع " الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ " فإنّه سمع بسمع روحه روح هذه الآية من روح محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم في عالم
 
الأرواح ، حين بعثه إلى الأرواح نبيّا ، وكان آدم بين الماء والطين ، فسمع الآية روح لوط كذلك.
وذلك عين تحقّقه عليه السّلام بأنّ الله خلقه وسائر بني نوعه من ضعف من حيث إنّه كان نطفة ، ثمّ صار علقة ، ثمّ مضغة مخلَّقة وغير مخلَّقة ، ثم جنينا حيّا مولودا ، ثمّ طفلا رضيعا ، وصبيّا وشابّا وشيخا ومائتا ، ثمّ الله ينشئ النشأة الآخرة ، فتحقّق عليه السّلام كيف خلق من ضعف ، وكيف ردّ إلى ضعف ، وهذا الاعتبار يحصل للأنبياء المكمّلين وحيا ، وللأولياء إخبارا وإلقاء وواردا وتجلَّيا بغتة ، ولغيرهم بالفكر والتدريج ، فافهم .
 
قال رضي الله عنه : ( فإن قلت : وما يمنعه من الهمّة المؤثّرة وهي موجودة في السالكين والأتباع ، والرسل أولى بها ؟ قلنا : صدقت ولكن نقصك علم آخر )
يعني : لا يرى من يرسل همّته عليه ، ويكون مفعول « يرى » محذوفا بمعنى لا يرى أحدا ويكون « على من يرسل همّته » بيان علَّة عدم التصرّف ، فحذف المرئيّ لما لم تتعلَّق به الرؤية ، والتقدير : لا يرى أحدا غير الحق ، فعلى من يرسل همّته ؟ وهو صحيح فيه حذف واستفهام للمخاطب عمّن يرسل همّته .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  ( وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف ، فلهذا قال : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة )
إنما بعث بعد تمام الأربعين لأن القوة النورية قبله مغمورة في مقتضيات الخلقة ، وأحكام الفطرة مغلوبة بأوصاف النشأة فانصبغ النور بالظلمة ، ولهذا غلب السواد على الشعر.
"" أضافة بالي زادة :  (ولهذا ) أي ولأجل إدراك لوط معنى قول الله تعالى - بالنور الإلهي - قالَ "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ " - فظهر أن ما طلبها لوط ليست بقوة جسمانية اهـ بالى . ""
 
فلما ذهبت القوى الطبيعية وظهر ضعف القوى الجسمانية لكونها متناهية ، اشتد سلطنة القوة الفطرية وظهر سلطان النور الإلهي ، فغلب البياض بحكم العكس على سواد الشعر وحان وقت تأثير الهمة بالقوة الإلهية برجوع حجابيات الخلقية إلى الضعف الأصلي .
وبروز الحقيقة الإلهية والقوى الروحانية من الحجاب ورجوعا إلى التأثير الأصلي ، فتمنى بلو الامتناعية بالتشبيه إليه لأن القوى لله لا له .
فإن أصل وضعها للامتناع واستعيرت للتمني الدال على طلب الهمة المؤثرة ، فالقوة ليست له من حيث أنه خلق سيما عند ضعف الخلقة ونقصانها عند الأربعين ،وهي له من حيث أنه حق.
 
قال رضي الله عنه :  (فإن قلت : وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الأتباع ، فالرسل أولى بها ، قلت : صدقت ولكن نقصك علم آخر)
قلت : الرؤية من أفعال القلوب علقت بمن الجملة لما في من من الاستفهام ، فلا يرى على من يرسل همته إذ ليس ثمة أحد غيره ، ويجوز أن يكون من رؤية البصر ، والمفعول محذوف لدلالة أحدية المتصرف والمتصرف فيه عليه ، أي فلا يرى أحدا والجملة بيان لعلة امتناع التصرف ولاقتضاء رؤية وجود المتصرف فيه ، أي على أيّ شيء أو على أي أحد يرسل همته إذ ليس ثمة غيره ، ثم قال : فيمنعه ذلك ، والوجه الثاني ، وهو شهود أحدية المتصرف والمتصرف فيه


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين ، وهو زمان أخذه في النقص والضعف . فلهذا قال : " لو أن لي بكم قوة " مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة . ) معناه ظاهر.
وإنما كانت ( البعثة ) بعد تمام ( الأربعين ) ، لأن أحكام النشأة العنصرية غالبة على أحكام النشأة الروحانية في تلك المدة ، والقوة الطبيعية مستعلية  على القوى الروحانية بحيث لا يظهر أثرها إلا أحيانا ، ولذلك يغلب السواد ، أيضا في تلك المدة ، على الشعر . والحكمة في هذه الغلبة واختفاء القوى  الروحانية ، تكميل النشأتين وتحصيل السعادتين ، لأن الرب كما يرب الظاهر في ذلك الزمان ، يرب الباطن أيضا .
ولما كانت النشأة الدنياوية منقضية متناهية ، يتوجه تلك القوة إلى الضعف  إلى أن تفنى . ولكون الآخرة دائمة أبدية ، تزداد القوى الروحانية ، إلى أن ينتهى إلى الكمال المقدر له .
وقوله تعالى : ( لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) . إشارة إلى فناء قابلية الآلة التي بها يظهر العلم في الخارج ، لأن النفس الناطقة يطرء عليها الجهل بعد العلم ، وإلا ما كان تبقى العلم بعد المفارقة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت : فما يمنعه من الهمة المؤثرة ، وهي موجودة في السالكين من الاتباع ، والرسل أولى بها ؟) معناه ظاهر.
أي ، لظهوره  بمقام العبودية ، وهي يقتضى الإتيان بأوامر السيد . والتصرف إنما يكون
عند الظهور بالربوبية ، لأن للسيد المالك أن يتصرف في ملكه لا لعبده ، ولنظره إلى أصل خلقه الطبيعي ، وهو الضعف والعجز.

.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:30 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الرابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  ( ، وما بعث نبيّ إلّا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النّقص والضعف فلهذا قال :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً[ هود : 80 ] مع كون ذلك يطلب همّة مؤثّرة ، فإن قلت : وما يمنعه من الهمّة المؤثّرة وهي موجودة في السّالكين من الأتباع ، والرّسل أولى بها قلنا صدقت ، ولكن نقصك علم آخر )
لأنه ( ما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص ) في قواه الجاذبة إلى عالم السفل ( والضعف ) في مزاجه الموجب ضعف تصرف الروح في بدنه بواسطة قواه.
وهو يوجب ذهاب الهمة البشرية ؛ لأنها عن قوة تصرف الروح في البدن بواسطة قواه ؛ (فلهذا) أي فلأجل تحقق لوط ضعفه الموجب ذهاب الهمة البشرية ، بحيث لا يرجى عودها بمقتضى الوعد الإلهي والنسبة المستمرة .
( قال : لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) بلسان التمني وهو طلب المتمني ، ويبعد من النبي عليه السّلام طلب المحال باعتبار قصده الخاص ، وإن أمكن باعتبار قصده تفهيم العامة ، فهو يطلب بلسان الخصوص ( همة مؤثرة ) روحانية يؤثر بها في العالم بواسطة القوى البدنية .
( فإن قلت : وما يمنعه من الهمة المؤثرة ) الروحانية حتى يطلبها وهي موجودة فيه لا محالة ، وطلب الحاصل محال ، وكيف لا تكون فيه ( وهي موجودة في السالكين من الأتباع فالرسل ) المتبعون ( أولى بها ) أي : بتلك الهمة المؤثرة أن توجد فيهم ، وضعف القوى البدنية وضعف
تصرف الروح بواسطتها في البدن لا يستلزم ضعفها ، وضعف تصرف الروح بها كما في المساكين المرتاضين .
( قلنا : صدقت ) في أن لهم همة كما للأتباع ، ( ولكن نقصك علم آخر ) ، وهو أن الأتباع يتمكنون من إرسالها فأما الرسول فلا يتمكن من ذلك وإذا لم يتمكن من إرسالها فكأنه لا همة له مؤثرة أصلا فطلبها وليس ذلك لنقص معرفتهم عن معرفة الأتباع ، بل لكونها أكمل من معرفة الأتباع .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )
قال رضي الله عنه :  ( و ) لذلك ( ما بعث نبىّ إلَّا بعد تمام الأربعين ، وهو زمان أخذه في النقص والضعف ) بحسب القوّة الجسمانيّة ، ليضعف الطارئ على أرض استعداده من نباتات الاقتضاءات المشوّشة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلذا قال : " لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " مع كون ذلك ) ما يطلب القوّة الجسمانيّة ، بل إنّما ( يطلب همّة مؤثّرة ) في الوجود عليّة ، ونيّة قاصدة إلى الغاية رفيعةأولياء الله تعالى يستنكفون من التصرّف بالهمّة
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن قلت : وما يمنعه من الهمّة المؤثّرة ، وهي الموجودة في السالكين من الأتباع ) على ما هم عليه من القصور وجزئيّة الحكم وضعفها ، (والرسل ) بكمالهم وكليّة أحكامهم وقوّتها ( أولى بها ) ؟
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قلنا : صدقت ، ولكن نقصك علم آخر ،).
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، )

قال رضي الله عنه :  ( وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه ) ، أي شروعه ( في النقص والضعف ) لأن أحكام النشأة العنصرية والقوى الطبيعية غالبة في تلك المدة ، فلما نقصت وضعفت وغلبت أحكام النشأة الروحانية بعد تمامها بعثه اللّه لتكميل الناقصين .
( فلهذا ) ، أي لأجل أخذه في النقص والضعف ( قال :لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً) كان ( مع كون ذلك ) الأخذ ( يطلب همة مؤثرة ) لا قوّة جسمانية .
( فإن قلت : وما يمنعه من الهمة المؤثرة ،وهي موجودة في السالكين من الأتباع ، والرسل أولى بها . قلنا : صدقت ولكن نقصك علم آخر )
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:31 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الخامسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه :  (وذلك أنّ المعرفة لا تترك للهمّة تصرّفا فكلّما علت معرفته نقص تصرّفه بالهمّة ، وذلك لوجهين :الوجه الواحد لتحقّقه بمقام العبوديّة ونظره إلى أصل خلقه الطّبيعيّ .
والوجه الآخر أحديّة المتصرّف والمتصرّف فيه : فلا يرى على من يرسل همّته فيمنعه ذلك .
وفي هذا المشهد يرى أنّ المنازع له ما عدل عن الحقيقة الّتي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلّا ما كان له في حال العدم في الثّبوت ، فما تعدّى حقيقته ولا أخلّ بطريقته . )
قال رضي الله عنه :  (ولكن نقصك) ، أي فات عنك ولم تشعر به (علم آخر) معرفته شرط في الجواب عن سؤالك وذلك العلم الآخر هو (أن المعرفة) باللّه تعالى الذوقية الكشفية إذا كملت في إنسان (لا تترك للهمة) المنبعثة من قبله (تصرفا) في أمر من الأمور أصلا .
قال رضي الله عنه : (فكلما علت) ، أي ارتفعت (معرفته) ، أي معرفة الإنسان باللّه تعالى (نقص تصرفه بالهمة) فيما يريد كونه من الأشياء ، وإنما التصرف بالهمة للمبتدئين في السلوك عند غلبة الأحوال عليهم (وذلك) ، أي نقصان تصرف الهمة بسبب زيادة المعرفة باللّه تعالى (لوجهين : الوجه الواحد لتحققه) ، أي العارف (بمقام العبودية) التي هي كمال الذي للمعبود الحق في الظاهر والباطن ولأجل نظره .
أي العارف (إلى أصل خلقه الطبيعي) وهو الضعف الذي خلق منه ، فيمنعه ذلك من نفوذ الهمة وتأثيرها فيما يريده (والوجه الآخر) شهوده (أحدية المتصرّف) من حيث هو في نفسه
قال رضي الله عنه : (والمتصرّف فيه) من كل شيء فإنهما واحد بحكم الوجود الحق القيوم.
وإن كانا اثنين بمقتضى حكم الصورتين في الحس والعقل (فلا يرى) ذلك العارف على من يرسل همته إذ لا غير هناك يشهده فيمنعه ذلك ، أي غلبة حكم الاتحاد عليه بحيث لا يبقى للكثرة عنده اعتبار محقق لاستهلاكها في وحدة الأمر الإلهي ، فلا يمكنه إرسال همته على نفسه ، فيمتنع من ذلك .
ومن هنا قال الشيخ العارف باللّه الشيخ علي وفا قدس اللّه سره : احذر أن تدعو على من ظلمك فإنك إذن تدعو على نفسك "إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها"[ الإسراء : 7 ].
"إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ" [ القلم : 39 ] فمن شهد ظلما فإنما هو منه وإليه "أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ" فأين الظلم وفي هذا المشهد الرباني الذي يقام فيه العارف (يرى) ذلك العارف أن المنازع له .
أي منازع كان من جميع أعدائه نازعه في دين أو دنيا (ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه) في حضرة علم اللّه تعالى (وحال عدمه) الأصلي قبل أن يظهر (فما ظهر) منه في الوجود إلا ما كان حاصلا (له في حال العدم) الأصلي (في الثبوت) الذي كان فيه ضد النفي من الأحوال والأقوال والأعمال (فما) يراه (تعدى) ، أي خالف (حقيقته) تلك الثابتة أصلا بل ما اتصف بالوجود منه إلا ما هو ثابت في عدمه الأصلي (ولا أخلّ بطريقته) التي هو سائر عليها من ثبوته إلى وجوده ومن وجوده إلى ثبوته كما قال تعالى :"وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ" [ الرعد : 8 ] ،" وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ" [ الحجر : 21 ] .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا فكلما علت معرفته ) أي معرفة الشخص ( نقص تصرفه بالهمة وذلك ) أي منع المعرفة التصرف بالهمة .
قال رضي الله عنه :  ( لوجهين الوجه الواحد لتحققه ) أي لتحقق العارف ( بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي ) الذي هو الضعف وهذه المعرفة والنظر إلى أصله تمنع لوطا عليه السلام عن التصرف بالهمة مع وجود الهمة فيه .
قال رضي الله عنه :  ( والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه فلا يرى ) من اطلع هذا المقام ( على من يرسل همته فيمنعه ) عن التصرف ( ذلك ) العلم فعلم من ذلك أن المعرفة تمنع العارف عن التصرف وأن من تصرف من الأنبياء عليهم السلام والأولياء رضوان اللّه عليهم إنما هو بأمر اللّه تعالى.
قال رضي الله عنه :  ( وفي هذا المشهد ) أي وفي مقام شهود الأحدية ( يرى ) المشاهد ( أن المنازع له ) وللأنبياء عليهم السلام والأولياء رضوان اللّه عليهم .
( ما عدل عن حقيقته التي هو ) أي المنازع ( عليها ) أي على تلك الحقيقة ( في حال ثبوت عينه وحال عدمه فما ظهر في الوجود إلا ما كان له (في حال العدم في الثبوت فما تعدى حقيقته ولا أضل طريقته ) فكما أن الأنبياء عليهم السلام والأولياء رضوان اللّه عليهم ما عدلوا عن حقائقهم التي هم عليها في حال ثبوت أعيانهم من الطاعة لأمر اللّه .
كذلك المنازع لهم ما عدل عن حقيقته التي هو عليها من المخالفة لهم كل ذلك بتقدير اللّه وإرادته فما ثمة أي أحد تعدى حقيقته وأضل طريقته فلا نزاع في الحقيقة.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا. فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين: الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي، والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك. وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه. فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
ثم أجاب عن الإشكال الذي أورده: بأن القوة وإن كانت هي الهمة إلا أن المعرفة لا تترك للهمة تأثيرا ولا تصرفا. 
وقد قال القشيري، رحمه الله، في بعض كتبه: إذا برقت بارقة من التحقيق لم يبق حال ولا همة.
وقد بين رضي الله عنه، ذلك بيانا شافيا وهو حق لا شك فيه.
إلا قوله: فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم، فإني مخالف له فيه وعند الاجتماع يقال مشافهة وهذه المسألة عظيمة الجدوى إذا حققت فقوله في الشعر: 
فالكل منا ومنهم     …… والأخذ عنا وعنهم
عندي غير مقبول، بل منه فقط إلا في طور العلم لا المعرفة. 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه :  (وذلك أنّ المعرفة لا تترك للهمّة تصرّفا ، فكلَّما علت معرفته نقص تصرّفه بالهمّة ، وذلك لوجهين : الوجه الواحد لتحقّقه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي . والوجه الآخر أحدية المتصرّف والمتصرّف فيه ، فلا يرى ،على من يرسل همّته ؟)
يعني : لا يرى من يرسل همّته عليه ، ويكون مفعول « يرى » محذوفا بمعنى لا يرى أحدا ويكون « على من يرسل همّته » بيان علَّة عدم التصرّف ، فحذف المرئيّ لما لم تتعلَّق به الرؤية ، والتقدير : لا يرى أحدا غير الحق ، فعلى من يرسل همّته ؟ وهو صحيح فيه حذف واستفهام للمخاطب عمّن يرسل همّته .
 
قال رضي الله عنه : (فيمنعه ذلك ، وفي هذا المشهد يرى أنّ المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلَّا ما كان له في حال العدم في الثبوت ، فما تعدّى حقيقته ، ولا أخلّ بطريقته )
قال العبد : هذا ظاهر جليّ ، ولكن هاهنا بحث لطيف دقيق ، لعمر الله فيه تحقيق ، وهو أنّ شهود أحدية التصرّف والمتصرّف والمتصرّف فيه ، كما يوجب التوقّف عن التصرّف ، فكذلك يقتضي بالتصرّف ، فإنّ التصرّف من حيث وقع وممّن كان ، فليس إلَّا للحق ، فلو تصرّف العارف بأحدية عين المتصرّف والمتصرّف فيه بكلّ ما تصرّف في الأكوان .
فليس ذلك التصرّف إلَّا للحق ومن الحق ، ولا سيّما وأحدية العين توجب أن يكون لحقيقة العبد كلّ ما لحقيقة الربّ من التصرّف والتأثير ، وإلَّا يلزم أن يكون ناقص الاستعداد والقابلية في المظهرية الكاملة الجامعة الكليّة الإلهية ، حيث لم يتحقّق بكمال ظهور الربوبية والإلهية بالتأثير والتصرّف من حقيقته ، والحقيقة الكمالية الإنسانية الإلهية ، لها كلّ ما للحق من الحقائق ، وكلّ ما للعبد من العبدانية الإمكانية الكيانية أيضا كذلك على الوجه الأكمل ، ولها أيضا الجمع وأحدية الجمع وغيرها .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا ، فكلما علمت معرفته نقص تصرفه بالهمة ، وذلك لوجهين:  الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي (فإن أصله الضعف ، وللعبد قبول أمر السيد وامتثاله ، وإنما الفعل للسيد وحده ( .
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه ، فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك )

قلت : الرؤية من أفعال القلوب علقت بمن الجملة لما في من من الاستفهام ، فلا يرى على من يرسل همته إذ ليس ثمة أحد غيره ، ويجوز أن يكون من رؤية البصر ، والمفعول محذوف لدلالة أحدية المتصرف والمتصرف فيه عليه ، أي فلا يرى أحدا والجملة بيان لعلة امتناع التصرف ولاقتضاء رؤية وجود المتصرف فيه ، أي على أيّ شيء أو على أي أحد يرسل همته إذ ليس ثمة غيره ، ثم قال : فيمنعه ذلك ، والوجه الثاني ، وهو شهود أحدية المتصرف والمتصرف فيه كما يمنع من التصرف ، فقد يقتضي التصرف لأنه واقع في نفس الأمر .
إذ ليس في الوجود إلا الحق وحده والتصرف واقع ، فلو تصرف العارف بالأحدية المذكورة ما كان ذلك التصرف إلا للحق ولا سيما العبد الكامل .
فإنه هو الذي له جميع ما لله من حقائق الأسماء الإلهية ، وما للعبد من الصفات العبدانية بأحدية العين وإلا لم يكن كاملا ، لكن لا يكون ذلك بإرسال الهمة وتسليطها لئلا يضره ويخل بمقام العبودية بل بإظهار الحق ذلك منه .
وظهوره تعالى على مظهره بالتصرف من غير تعبد منه بذلك ، ولا إرسال همة ولا تسليط نفس ولا ظهورية ، فالمانع بالحقيقة هو الوقوف في مقام العبودية الذاتية ورد أمانة الربوبية العرضية إلى الله تأدبا بآداب أهل القرب فلا يتعدى للتصرف والتسخير ، ويتوجه بالكلية إلى الله الواحد الأحد المتفرد بالتدبير والتقدير .

قال رضي الله عنه :  (وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت ، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته ،)

يعنى أن : العارف في هذه الشهود وهو شهود أحدية العين مطلع على سر القدر يرى أن المنازع على صراط ربه ما عدل على علم الله منه وعما اقتضاه علمه في حال ثبوتها ، فليس هو نزاع في الحقيقة بل هو فيما يفعله كهذا العارف فيما يفعله ، والحجاب الحاجب للناس عن اطلاعهم على حقيقة الأمر اقتضى أن يسمى ذلك نزاعا لما بينهما من الخلاف .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قلنا : صدقت ، ولكن نقصك علم آخر . وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا ، فكلما علت معرفته ، نقص تصرفه بالهمة . وذلك لوجهين : الوجه الواحد ، لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي . )
أي ، لظهوره  بمقام العبودية ، وهي يقتضى الإتيان بأوامر السيد . والتصرف إنما يكون
عند الظهور بالربوبية ، لأن للسيد المالك أن يتصرف في ملكه لا لعبده ، ولنظره إلى أصل خلقه الطبيعي ، وهو الضعف والعجز ، كما قال تعالى : ( الله الذي خلقكم من ضعف ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والوجه الآخر ، أحدية المتصرف والمتصرف فيه . فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك . )
والوجه الآخر ، أن العارف يعرف أن المتصرف والمتصرف فيه في الحقيقة واحد ، وإن كانت الصور مختلفة ، فلا يرى أحدا غيره ليرسل همته عليه ، فيهلكه فيمنع المتصرف ذلك العرفان عن تصرفه .
ف‍ ( الرؤية ) رؤية البصر ، و ( من ) مفعوله . و ( على ) متعلق بقوله : ( يرسل ) .
ويجوز أن يكون ( الرؤية ) بمعنى العلم ، و ( من ) استفهامية . أي ، فلا يعلم على أي موجود يرسل همته على سبيل القهر والغضب ، فيهلكه . وليس في الوجود غيره .
وأيضا ، ( التصرف ) إنما يكون بالجهة الربوبية . فالمتصرف إن قلنا إنه رب ، فليس للعبد فيه شئ ، وهو المالك يفعل في ملكه ما يشاء . وإن قلنا إنه عبد ، فلا يخلو من أنه يتصرف بأمر المالك أو لا .
فإن كان بالأمر على التعيين ، فالمتصرف أيضا المالك على يد العبد ، وهو آلة فقط .
وإن كان بالأمر على الإجمال ، كقول المالك : تصرف فيما شئت ، فهو بما شئت . فهو الخليفة . وهو أيضا مظهر الرب لا يفعل شيئا لنفسه . فإن لم يفعل بأمر المالك ، يعلم أن المتصرف فيه هو الحق الظاهر بتلك الصورة ، أو لا .
فإن علم ، فهو ممن أساء الأدب مع الله ، فلا يكون تام المعرفة . وإن لم يعلم ، فهو الجاهل بمرتبة المتصرف فيه ، وبجهله يرسل همته عليه بالإهلاك .
فالحاصل أن المعرفة تمنع العارف من التصرف . ومن تصرف من الأنبياء والأولياء ، إنما تصرف بالأمر الإلهي ، لتكميل المتصرف فيه والشفقة عليه ، وإن كانت الصورة صورة الإهلاك .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت ، فما تعدى حقيقته ، ولا أخل بطريقته . )
( المشهد ) مقام الشهود . أي ، وفي هذا المقام من المعرفة ، وهو مقام شهود الأحدية ، يعلم العارف أن من ينازعه وينازع الأنبياء والأولياء ما عدل عن اقتضاء حقيقته التي هي العين الثابتة ، فإنها كانت على المنازعة مع حقائق الأنبياء والأولياء حال كونها ثابتة في العدم ، لأن حقائقهم اقتضت الهداية والرشاد وطاعة أمر الله ، وحقيقة المنازع معهم اقتضت الضلالة والغواية والإباء عما جاء به النبي . فكل على طريقته الخاصة به ، وكل عند ربه مرضى . كما مر بيانه .
فما ظهر في الوجود العيني شئ إلا على صفة ما كانت عليها في الوجود العلمي ، فما تعدى المنازع عن حقيقته ، ولا أخل بشئ في طريقته .
.
يتبع
فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:32 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الخامسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه : (  وذلك أنّ المعرفة لا تترك للهمّة تصرّفا فكلّما علت معرفته نقص تصرّفه بالهمّة ، وذلك لوجهين : الوجه الواحد لتحقّقه بمقام العبوديّة ونظره إلى أصل خلقه الطّبيعيّ ) .
( وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة ) ، وإن وجدت فيصاحبها ( تصرفا ) ، وإن كان التصرف مختصا بأهل المعرفة أيضا ، لكنها إنما تتمكن من التصرف ما دامت معرفتهم قاصرة ، ( فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة ) ، وهذا كما أن الظل حجاب ما نفي من كمال إشراقها عليه ، فإذا رفع الحجاب بينهما لم يبق شيء من الظل أصلا .
( وذلك ) أي : منع كمال المعرفة من تصرف الهمة ، إنما يكون ممن يظهر بسر الربوبية بدعوى كونه على صورة ربه لانطباعها بمرآة قلبه عند التجلي الشهودي ، يؤثر بها تأثير المرآة في تنوير ما يقابلها من الجدار بما فيها من صورة الشمس والكامل لا يظهر بذلك ( لتحققه بمقام العبودية ) ؛ لأنه لما لم يحجبه الحق عن الخلق ظهر بما أصله لا بما ظهر في مرآة قلبه ، وعند هذا لا يتأتى له التصرف بالهمة لكون ( نظره إلى ) ضعفه الطبيعي الذي هو مقتضى ( أصله ) لا إلى ما عرض له من القوة عن تصور قلبه بصورة ربه .
 
قال رضي الله عنه :  ( والوجه الآخر أحديّة المتصرّف والمتصرّف فيه : فلا يرى على من يرسل همّته فيمنعه ذلك ، وفي هذا المشهد يرى أنّ المنازع له ما عدل عن الحقيقة الّتي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلّا ما كان له في حال العدم في الثّبوت ، فما تعدّى حقيقته ولا أخلّ بطريقته )
( والوجه الآخر ) أنه وإن ظهر بسر الربوبية ؛ فلا يرى نفسه مختصة بذلك ، بل يرى ظهوره في الكل فتغلب على نظره ( أحدية المتصرف والمتصرف فيه ) ؛ لكون كشفه عن عين الجمع بحيث يصير محجوبا عن رؤية الخلق بالكلية ، ( فلا يرى على من يرسل همته ) لامتناع إرسالها على الحق مع عدم رؤيته الخلق ، ( فيمنعه ذلك ) النظر من التصرف بالهمة ، وإن
أمكنه ذلك لو لم يصر محجوبا عن الخلق ، وإن رأى الفرق مع الجمع ( في هذا المشهد ) .
"" أضاف المحقق : أي مقام شهود الأحدية والمعرفة التامة ""


 الذي هو رؤية أحدية المتصرف والمتصرف فيه ، فقد يمنعه من التصرف بالهمة عدم رؤيته من ينازعه إذ لا معنى للتصرف بها فيمن ينقاد لقوله من غير همة مؤثرة ؛ لأنه لما رأى الكل حقّا مع اندرج الخلق فيه ، فلابدّ وأن يرى الحق ساريا بصوره في أعيان الأشياء مع كونها معدومة في الخارج ثابتة في العلم الإلهي .
وهي باعتبار هذا الثبوت قبلت الصور الإلهية كقبول صورة المرآة الثابتة بمرآة موجودة صورة شخص في الصور الظاهرة في هذه الأعيان ؛ لأنه ( يرى أن المنازع له ) بحسب عرف العامة ( ما عدل ) في قبول الصورة الإلهية ( عن ) مقدار مقتضى ( حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه ) في العلم الإلهي.
الذي لا يمكن تغييره ولا تغيير ما فيه ( وحال عدمه ) في الخارج ، فإنه وإن أمكن تغييره إلى الوجود فلا يكون على خلاف ما هو عليه في العلم ، ( فما ظهر في الوجود ) عند الانتقال إليه من العدم ( إلا ما كان له في حال العدم ) لا من حيث هو عدم بل من جهة ( الثبوت ) العلمي ، لئلا ينقلب علمه الأزلي جهلا.
( فما تعدى ) فيما تسميه العامة نزاعا ( حقيقته ) ، لو تم له الأمر المنازع فيه حتى جعل راجعا إليها بالهمة ، ( ولا أخل بطريقته ) لو لم يقع له ، ولم يتم بعد حتى يجعل بالهمة سالكها .
وبالجملة.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
قال رضي الله عنه :  (وذلك أنّ المعرفة لا تترك للهمّة تصرّفا ) يعنى استقلالا في التأثير والحكم ( فكلَّما علت معرفته ) ورقّت رقيقته الامتيازيّة الخلقيّة ، وقربت وصلته إلى مواطن الاتّحاد ( نقص تصرّفه بالهمّة ، وذلك لوجهين : ) ( الوجه الواحد لتحقّقه بمقام العبوديّة ) الآبية عن غير الإذعان والقبول لأحكام الربّ وتصرّفاته أفعالا وأعمالا ( ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي ) وضعفه الفطري ذوقا وحالا .
قال رضي الله عنه :  ( والوجه الآخر أحديّة المتصرّف والمتصرّف فيه ) في مشهده الجمعىّ ، و بيّن أنّه لا بدّ وأن يكون الفاعل في بعد عن القابل يقابله ، حتّى يتمكَّن من التأثير ، فإنّ القريب من الشيء منقهر تحت أحكام وحدته الشخصيّة ، مختفية في أحديّته الإحاطيّة ( فلا يرى ) صاحب المشهد الجمعي غيرا في نظر همّته حتّى يتوجّه إليه بقوّة تأثيره وإلى من يقصد عند التأثير ، و ( على من يرسل همّته ) إليه ، فإنّ للفاعل والمؤثرّ مرتبة العلوّ على مجعوله المتأثّر منه ، لا بدّ من ذلك حتّى يتمّ التأثير .
فلذلك استعمل الرؤية بـ " على " وهي الرؤية البصريّة ، بقرينة « النظر » في الوجه الأوّل ( فيمنعه ذلك ) الأحديّة المشهودة له من تقابل العلو والسفل ، الذي به يتمكَّن الفاعل في التصرّف .نزاع ، أم وفاق ثمّ لما ستشعر أن يقال :
إنّ المنازع للعارف لا بدّ له من بعد عنه ومقابلة له إليه ، وطلَّا لم يكن منازعا ، وما أمكن أن يصدر عنه النزاع أصلا .
قال :رضي الله عنه   ( وفي هذا المشهد ترى أنّ المنازع له من عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلَّا ما كان له في حال العدم في الثبوت ، فما تعدّى حقيقته ، ولا أخلّ بطريقته ) فما خاصم وما انحرف عادته الجمعيّة .
"" أضاف المحقق : قال القيصري : " ويجوز أن يكون الرؤية بمعنى العلم ، ومن استفهاميّة أي فلا يعلم على أيّ موجود يرسل همّته " ""


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته.)
 
قال رضي الله عنه :  (وذلك لأن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا ، فلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة ) حتى إذا بلغت غايتها لم يبق له تصرف أصلا
قال رضي الله عنه :  (لنحقّقه بمقام العبوديّة ونظره إلى أصل خلقه الطّبيعيّ . والوجه الآخر أحديّة المتصرّف والمتصرّف فيه : فلا يرى على من يرسل همّته فيمنعه ذلك . وفي هذا المشهد يرى أنّ المنازع له ما عدل عن الحقيقة الّتي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه ، فما ظهر في الوجود إلّا ما كان له في حال العدم في الثّبوت ، فما تعدّى حقيقته ولا أخلّ بطريقته .)
قال رضي الله عنه :  ( وذلك لوجهين الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ) المقتضية إتيان العبد أوامر سيده لا التصرف في ملكه فإنه من أحكام الربوبية ( ونظره ) ، أي ولنظره ( إلى أصل خلقه الطبيعي ) الذي هو الضعف والعجز ( والوجه الآخر أحدية المتصرف والتصرف فيه ) في نظر شهوده وغلبة شهود الأحدية عليه بحيث لا يتميز شيء عنده عن شيء ( فلا يرى ) أحدا ولا يعلم ( على من يرسل همته فيمنعه ذلك ) المذكور من شهود الأحدية وغلبته عليه وعدم رؤيته شيئا يتصرف فيه ، بل نفسه التي تتصرف عن التصرف بالهمة ، والحاصل أن للعارف التام المعرفة حالتين :
إحداهما : حالة تحققه بمقام العبودية ونظره إلى نفسه ورجوعه إلى ضعفه الذاتي وعجزه الأصلي ، ففي هذه الحالة لا يتصرف لرعاية أدب العبودية .
وثانيتهما : حالة الاستغراق في شهود الأحدية بحيث لا تبقى له مسكة التمييز بين شيء وشيء من مقام : « لي مع اللّه وقت لا يسعني ملك مقرب ولا نبي مرسل » فلا يتمكن من التصرف فلو ظهر منه تصرف لكان في الحالة الأولى بمقتضى أمر سيده لا غير ( وفي هذا المشهد ) ، أي مقام شهود الأحدية والمعرفة التامة ( يرى ) العارف ( أن المنازع له ما عدل عن ) مقتضيات قال رضي الله عنه :  ( حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه ) الثابتة في العلم ( وحال عدمه ) الخارجي في العين .
قال رضي الله عنه :  ( فما ظهر في الوجود ) العيني منه صورة المخالفة ( إلا ما كان ) ثابتا ( له في حال العدم ) الخارجي ( في مرتبة الثبوت العلمي فما تعدى ) المنازع ( حقيقته ) فيما جرى عليه من المخالفات ( ولا أخل بطريقته ) التي ينبغي أن يسلك عليها لاقتضاء حقيقته ، فإذا شهد العارف ذلك كيف تنبعث عنه داعية التصرف فيه .
والحال أنه يعلم أنه لا يتغير عما هو فيه بتصرفه ، اللهم إلا إذا كان بعض ظهور أحواله المنطوية في عينه الثابتة مشروطا بتصرفه ، ولما كان تصرفه من مقتضيات عينه الثابتة فإنه حينئذ لا محيد له عن التصرف فهذا وجه آخر يمنع العارف عن التصرف بالهمة باختياره.

 .
فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:33 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة السادسة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».

قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :" وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ( 7 )" [ الروم 6 - 7 ] وهو من المقلوب فإنّه من قولهم قُلُوبُنا غُلْفٌ [النساء : 155] أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه .

فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم .  قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل:  لم لا تتصرّف ؟ فقال أبو السّعود : تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء : يريد قوله تعالى آمرا : "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" [ المزمل : 9 ] فالوكيل هو المتصرّف .  ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول :" وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "[ الحديد: 7]. فعلم أبو السّعود والعارفون أنّ الأمر الّذي بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه) .

قال رضي الله عنه :  (فتسميته ذلك) الواقع منه (نزاعا) في أمر الدنيا والدين ، وتسميته ظلما للعارف أو أذية له أو غير ذلك (إنما هو) عند العارف في بصيرته (أمر عرض) للغافلين من الغفلة عما يشهده العارف (أظهره) ، أي أظهر ذلك الأمر (الحجاب الذي على أعين الناس) وهو شهودهم أنفسهم دون من هم قائمون به كما قال اللّه تعالى فيهم ، أي في حق المحجوبين من الناس ("وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ") [ الأعراف : 187 ] ، أي ما الأمر الإلهي على ما هو عليه في نفسه ثم قال تعالى :  ("يَعْلَمُونَ ظاهِراً") [ الروم : 7 ] ، أي ما هو الظاهر (مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) التي هم مفتونون بها (وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ) التي هي باطن ذلك الظاهر(هُمْ غافِلُونَ) لا ينتبهون لذلك (وهو) ، أي ذلك الحجاب الذي على أعين الناس أصله (من المقلوب) كما قال تعالى : " فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور"ِ[ الحج : 46 ].

( فإنه) ، أي ذلك الحجاب (من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ" [ البقرة : 88 ] ، أي في غلاف وهو) ، أي الغلاف (الكنّ الذي ستره) ، أي القلب (عن إدراك الأمر) الإلهي على ما هو عليه في نفسه .

قال رضي الله عنه :  (فهذا) الوجه المذكور (وأمثاله) من الوجوه أيضا إذ لا حصر للأسباب (يمنع العارف) باللّه تعالى مع كمال استعداده من التصرف في العالم ونفوذ همته وتأثيره بالتوجه فيما يريد (قال الشيخ) الإمام (أبو عبد اللّه بن قايد للشيخ) العارف الكامل (أبي السعود بن الشبلي) وكلاهما من تلامذة الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللّه عنهم (لم لا تتصرف) بهمتك في المخلوقات (فقال له) الشيخ (أبو السعود) المذكور (تركت الحق) سبحانه (يتصرف لي كما يشاء) هو سبحانه فيما يشاء (يريد) أبو السعود بقوله ذلك (قوله تعالى) حال كونه (آمرا) نبيه الفرد الكامل صلى اللّه عليه وسلم الذي قيل فيه "ولَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" [ الأحزاب : 21 ] (فاتخذه) ، أي ربك تعالى : ("وَكِيلًا") [ المزمل : 9 ] يتصرف عنك في جميع أمورك ظاهرا وباطنا .

قال رضي الله عنه :  (فالوكيل هو المتصرف) دون الموكل (ولا سيما) ، أي خصوصا (وقد سمع) ، أي أبو السعود المذكور (اللّه) تعالى يقول :  ("وَأَنْفِقُوا")  يا أيها الناس ("مِمَّا")، أي من الأمر الذي ("جَعَلَكُمْ") اللّه تعالى ("مُسْتَخْلَفِين") َبصيغة اسم المفعول عنه تعالى ("فِيهِ") [ الحديد : 7 ] من جميع الأمور والأحوال في الظاهر والباطن .

 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».

قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا ) مطلقا وإنما قلنا : مطلقا فإن أهل اللّه يسمى نزاعا بحسب الأمر التكليفي ولا يسمى نزاعا بحسب الأمر الإرادي وأما أهل الحجاب فيسمون نزاعا مطلقا ( إنما هو ) عائد إلى التسمية باعتبار النزاع ( أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) المانع للاطلاع على سر القدر فإنهم لعدم وقوفهم بسر القدر يزعمون أن الناس كلهم قابل للهداية واتباع الرسل عليهم السلام فيما جاءوا بهم وما يعلمون أن كلا موافق لطريقته التي عينت لهم في الأزل من عند اللّه بحسب اقتضاء عينهم الثابتة في العلم لذلك يسمون عدم اتباع الكفار نزاعا ومخالفة مطلقا فلو علموا ما علم أهل الكشف ما كانوا يسمونه نزاعا مطلقا بل يسمونه نزاعا من وجه واتباعا من وجه.
( كما قال اللّه تعالى فيهم ) أي في حق أهل الحجاب (" ووَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ") [ الأعراف : 187 ] . سر القدر

قال رضي الله عنه :   ( يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا )أي ما ظهر في نشأتهم الدنيوية ( وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ )أي عن النشأة الأخروية التي يظهر عندها سر القدر( هُمْ غافِلُونَ )وهم الذين قلوبهم في غلاف ( وهو ) الغافل ( من ) باب ( المقلوب فإنه ) أي الغافل مأخوذ ( من قولهم :"قُلُوبُنا غُلْفٌ" أي

في غلاف ) فقلب اللام والفاء بالقلب المكاني فكان أصل غافلون غافلون أي غالفون قلوبهم في غلاف الحجاب ( وهو ) أي الغلاف ( لكن الذي يستره ) أي يستر القلب ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) وهذا الكن هو الذي ذكر الحق في قوله تعالى :" إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً " [ الكهف : 57 ] . ( فهذا ) أي التحقيق بمقام العبودية والنظر إلى أصل الخلقة والاطلاع على أحدية التصرف والمتصرف فيه .

قال رضي الله عنه :  ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف بالهمة في العالم ويدل عليه ما قال الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبلي لم لا تتصرف فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء يريد قوله تعالى آمرا : فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا فالوكيل هو المتصرف )
فاتخذ أبو السعود الحق وكيلا يتصرف ( ولا سيما وقد سمع ) أبو السعود أن (اللّه يقول وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه)  بالعلم الشهودي.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».)

قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف». أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم . قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟ فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو لمتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». النص واضح .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».)

قال رضي الله عنه : (فتسميته لذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضي أظهره الحجاب على أعين الناس . كما قال الله تعالى عنهم :  " وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ . يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ" . وهو من المقلوب ، فإنّه من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ " ي في غلاف ، وهو الكنّ الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه . فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرّف في العالم .)

قال العبد : هذا ظاهر جليّ ، ولكن هاهنا بحث لطيف دقيق ، لعمر الله فيه تحقيق ، وهو أنّ شهود أحدية التصرّف والمتصرّف والمتصرّف فيه ، كما يوجب التوقّف عن التصرّف ، فكذلك يقتضي بالتصرّف ، فإنّ التصرّف من حيث وقع وممّن كان ، فليس إلَّا للحق ، فلو تصرّف العارف بأحدية عين المتصرّف والمتصرّف فيه بكلّ ما تصرّف في الأكوان .

فليس ذلك التصرّف إلَّا للحق ومن الحق ، ولا سيّما وأحدية العين توجب أن يكون لحقيقة العبد كلّ ما لحقيقة الربّ من التصرّف والتأثير ، وإلَّا يلزم أن يكون ناقص الاستعداد والقابلية في المظهرية الكاملة الجامعة الكليّة الإلهية ، حيث لم يتحقّق بكمال ظهور الربوبية والإلهية بالتأثير والتصرّف من حقيقته ، والحقيقة الكمالية الإنسانية الإلهية ، لها كلّ ما للحق من الحقائق ، وكلّ ما للعبد من العبدانية الإمكانية الكيانية أيضا كذلك على الوجه الأكمل ، ولها أيضا الجمع وأحدية الجمع وغيرها .

وإنّما منع العارف الكامل عن التصرّف ما ذكرنا أوّلا من وجوب ظهور العبد بعبدانيته تحقيقا ، وردّ أمانة الربوبية العرضية إلى الله تأدّبا .
فإنّ ذلك له تعالى بالفعل ، وللعبد الظهور بالعبودية ، وأتى بالفعل ، وذلك بالقوّة ، وعرضيّ ، فإنّ ظهور التصرّف عن هذا العبد الكامل فليس ذلك بتسلَّط الهمّة ، بل تجلَّى من عين الحقيقة من غير إخلال بمقام العبودية ، ولكنّ التصدّي لذلك والظهور به خلاف التحقيق .

والموجب لتوقّف العبد الكامل العارف عن التصدّي للتصرّف والتسخير بإرسال الهمّة وتسليطها هو أنّ الكامل مستفرغ بكليّته لله وشهوده من حيث إطلاقه الحقيقي الذاتي ، فلا التفات له إلى تسليط الهمّة الكلَّية إلى الكوائن الجزئية بالتوجّه الكلَّي وجمع الخاطر ، فلا يجتمع الإنسان في نفسه لهمّته إلَّا للتوجّه الأحدي الجمعي الكمالي إلى الله الواحد الأحد ، وأن تتقيّد الهمّة المطلقة عن كل قيد ، المتعلَّقة أبدا بالذات المطلقة بمثل ذلك ، كما أشار إليه - رضي الله عنه - بقوله : « فأمثاله » فافهم .

ولكن للحق ظهور بجميع التصرّفات الإلهية والتأثيرات الربّانية ، من عين العبد الكامل من غير تقييد منه بذلك ولا إرسال همّة ولا تسليط نفس ، وهو مشهود موجود ، ولله الحمد ، فتحقّق يا أخي بكلّ هذه الحقائق ، فإنّها غاية في المعرفة بالله " وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".


قال رضي الله عنه : ( قال الشيخ أبو عبد الله محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبل : لم لا تتصرّف ؟ فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرّف لي كما يشاء . يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه ُ وَكِيلًا " ، فالوكيل هو المتصرّف ولا سيّما وقد سمع الله يقول : " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه ِ" فعلم أبو السعود والعارفون أنّ الأمر الذي بيده ليس له ،وأنّه مستخلف فيه.)

قال العبد : نقصان معرفة المتصرّف المخيّر قد يكون من حيث عدم العلم بأنّ حقيقة الفعل والتأثير والتصرّف من خصوص الحضرة اللاهوتية ، وأنّها ذاتية لحقيقة الله ، عرضية في العبد ، وأنّ الوقوف مع العبودية للعبد أولى ، لكون العبودة ذاتية له ، وأنّ الظهور بالذاتيات أعلى وأشرف من الظهور بالربوبية العرضية .

وقد يكون من حيث عدم التأدّب مع المرتبة الإلهية ، وأنّ استخلاف الله فيما خلَّف فيه ، واتّخاذه وكيلا كلَّيا أعلى مقام المعرفة والتحقيق ، ولهذا كمل الرسل والورثة بحكم ما يوحى إليهم ، فإن أوحي إليهم بالتصرّف ، كانوا مأمورين بذلك ، فتصرّفوا كتصرّفهم في قومهم بالهلاك والنجاة . وإن أوحي إليهم بالامتناع تأدّبوا ووقفوا أدبا .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».)

قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضى أظهره الحجاب الذي على أعين الناس . كما قال الله تعالى : " ولكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ - يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ ").

 يعنى أن العارف في هذه الشهود وهو شهود أحدية العين مطلع على سر القدر يرى أن المنازع على صراط ربه ما عدل على علم الله منه وعما اقتضاه علمه في حال ثبوتها ، فليس هو نزاع في الحقيقة بل هو فيما يفعله كهذا العارف فيما يفعله ، والحجاب الحاجب للناس عن اطلاعهم على حقيقة الأمر اقتضى أن يسمى ذلك نزاعا لما بينهما من الخلاف .
"" أضافة بالي زادة :  (فتسمية ذلك نزاعا ) مطلقا ، وإنما قلنا مطلقا لأن أهل الله سموه نزاعا بحسب الأمر التكليفي ، ولا يسمى نزاعا بحسب الأمر الإرادى ، وأما أهل الحجاب فيسمون نزاعا مطلقا اهـ بالي زادة. ""

قال رضي الله عنه :  ( وهو من المقلوب ، فإنه من قولهم : " قُلُوبُنا غُلْفٌ "  أي في غلاف وهو الكنّ الذي يستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ، فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم ) .
وهو أي كونه نزاعا من باب المقلوب الذي قلبه أصحاب الحجاب من حقيقته لأنه وفاق لما كان عليه عينه في حال الثبوت ، ولكن لما كانت قلوبهم في أكنة عما عليه الأمر في نفسه حسبوا أن الحق الثابت في نفس الأمر خلافه فسموه بالنسبة إليه نزاعا وليس به في نفس الأمر .
فلما كان العارف يرى ذلك وفاقا لما في علم الله ولما في عينه منعه من التصرف في العالم بدفعه وقهره وإهلاكه .

"" أضافة بالي زادة :  ( أظهره الحجاب ) المانع للاطلاع على سر القدر ويزعمون أن الناس كلهم قابل الهداية واتباع الرسل ، وما علموا أن كلا موافق لطريقه في الأزل باقتضاء أعيانهم الثابتة في العلم ، لذلك يسمون عدم الطاعة في الظاهر نزاعا ومخالفة مطلقا ، ولو علموا الأمر لسموا نزاعا من وجه واتباعا من وجه فقلب اللام والفاء بالقلب المكان ، فكان أصل غافلون غالفون أي غالفون قلوبهم في غلاف الحجاب ، وهو الكن الذي يستره أي يستر القلب ، لقوله تعالى : "وجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً " - ( فهذا ) أي التحقق بمقام العبودية والنظر إلى أصل الخلقة والاطلاع على أحدية المتصرف والمتصرف فيه وأمثاله ( يمنع العارف من التصرف ) بالهمة ( في العالم ) اهـ بالى . ""

 قال رضي الله عنه :  (قال الشيخ أبو عبد الله بن القائد للشيخ أبى السعود بن الشبلي : لم لا تتصرف ؟  
فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء . 
يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه وَكِيلًا " - فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع أن الله يقول : " وأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه " .هذا كله غنى عن الشرح .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا ) أي ، ب‍ ( النزاع ) . ( إنما هو أمر عرضي ، أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ، كما قال الله تعالى فيهم : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون،  يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " . )
ضمير ( إنما هو ) عائد إلى ( التسمية ) . ذكره باعتبار ( القول ) ، أو تغليبا للخبر . ومعناه : فتسمية ما عليه المنازع من الطريق الخاص به ( نزاعا ) ، إنما هو أمر عرضي ، حصل للمحجوبين بواسطة الحجاب الذي على أعينهم من سر القدر 
فإنهم يتوقعون من جميع الخلائق الاهتداء والرشد لما جاء به الأنبياء ، عليه السلام ، وما يعلمون أن كل عين لا تقبل إلا ما يعطيه الاسم الحاكم عليه من الله ، وكل موافق لطريقه .
ولو كانوا يعلمون ذلك ، ما كانوا يسمونه منازعا مطلقا ، بل موافقا .
لذلك قال تعالى في حقهم : " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أي ، سر القدر .
" يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " .  أي ، يعلمون ما ظهر لهم من النشأة الدنياوية ، وهم عن النشأة الأخراوية التي عندها يظهر سر القدر ، غافلون .
واعلم ، أن ما زعم المحجوب ، أيضا حق واقع . 
فإن للأسماء مقتضيات متوافقة ومتخالفة :
الأول ، ك‍ ( الرحيم ) و ( الكريم ) . 
والثاني ، ك‍ ( الرحيم ) و ( المنتقم ) . 
فإذا اعتبر مقتضى كل اسم بحسبه ، أو بحسب الاسم الموافق له ، كانت عينه موافقة لطريقها ، كما مر من أن كل واحد من الأعيان على طريق مستقيم وهو عند ربه مرضى .
وإذا اعتبر بحسب اسم آخر مخالف له ، كانت عينه مخالفة ، فالتخالف والتضاد بين الأسماء والأعيان واقع .
والأنبياء ، عليه السلام ، أمروا بالدعوة ، علموا سر القدر ، أو لم يعلموا لمقاصد :
أحدها ، تميز أهل الدارين .
وثانيها ، إيصال كل بكمال ما يقتضى حقيقته .
وثالثها ، الحجة لهم وعليهم ، إذ الأنبياء ، عليه السلام ، حجج الله على خلقه .
كما قال تعالى : " وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا " . فتسمية المحجوب أو النبي أو الولي أو المكاشف لسر القدر ، ذلك ( نزاعا ) إنما هو بالنسبة إلى عدم قبوله الأمر الإلهي التكليفي ، ومنازعه ما يعطى حقيقته من الضلال لما تعطى حقيقة النبي من الهداية ، فوقع النزاع .
وإنما كان عرضيا ، لأنه بالنظر إلى الغير لا إلى ذاته .
( وهو من المقلوب ، فإنه من قولهم : " قلوبنا غلف " . أي ، في غلاف ) ( هو ) يجوز أن يكون عائدا إلى ( النزاع ) المذكور .
أي ، النزاع المذكور ، مقلوب بالقلب المعنوي قلبه أهل الحجاب ، لكون قلوبهم في أكنة ، فإنه وفاق في نفس الأمر ، ولا يعلم الحق منه إلا كذلك ، وما يعطيه ربه الحاكم عليه إلا ذلك ، كما يعطى رب المحجوبين الوفاق نزاعا هذا وجه .
والأولى منه أن يكون الضمير عائدا إلى قوله : ( غافلون ) . أي ، ( الغافل ) مقلوب من ( الغلف ) ، فإنه من ( غفل ) ، المغلوب من غلف .
ويؤكده قوله : ( فإنه من قولهم : " قلوبنا غلف . . " ) . أي ، مأخوذ من ( الغلف ) . وهذا أيضا تقرير سبب تسميتهم للوفاق نزاعا .
قال تعالى - حاكيا عن الكفار - وقالوا : ( قلوبنا غلف ) . ( بل لعنهم الله بكفرهم ، فقليلا ما يؤمنون ) . أي ، قلوبنا في غلاف ، أي ، في حجاب . إذ لا شك أن الغافل إنما يغفل عن الشئ بواسطة الحجاب الذي يطرأ على قلبه . فالغافلون عن الآخرة هم الذين قلوبهم في غلاف
وحجاب .
( وهو ( الكن ) الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه . ) وهو ، أي الغلاف ، هو ( الكن ) المذكور في قوله تعالى : " إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه ، وفي آذانهم وقرا " . فهو الذي ستر القلب وحجبه عن إدراك الحقائق على ما هي عليه .
ولما كان قوله : ( وهو من المقلوب . ) 
اعتراضا وقع في أثناء تقريره : أن المعرفة تمنع العارف من التصرف ، قال : ( فهذا ) أي ، هذا الذي ذكرناه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم . قال الشيخ أبو عبد الله بن قائد للشيخ أبى السعود بن الشبلي : لم لا تتصرف ؟ )
فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء . ويريد قوله تعالى آمرا : " فاتخذه وكيلا " . ف‍ ( الوكيل ) هو المتصرف . ولا سيما وقد سمع ) أي ، سمع أبو السعود .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أن الله يقول : " وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه ")
.
يتبع
فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:34 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة السادسة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )
قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :"وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ" [ الروم7:، 6 ] وهو من المقلوب فإنّه من قولهم "قُلُوبُنا غُلْفٌ" [النساء: 155] .
أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه ، فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم ) .
فلا ( فتسمية ) العارف ( ذلك نزاعا ) حتى يتصرف بالهمة إلى ترك النزاع ، لكون نظره إلى الحقائق دون العوارض ، فتسمية ذلك من العامة نزاعا ( أمر عرضي ) بالنظر إلى ما يعرض لهم من الأعراض ، والنظر إلى العوارض مانع عن رؤية الحقائق ؛ لأنه ( أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) من العامة وإن بلغ بعضهم بعض طبقات المعرفة بخلاف أهل المعرفة الكاملة .
( كما قال تعالى :وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ [ الروم : 6 ] ) وهم غير كمّل أهل المعرفة ( لا يَعْلَمُونَ ) الحقائق المكشوفة الخاصة أهل المعرفة في الدنيا ، وللكل في الآخرة وإن كانوا( يَعْلَمُونَ ظاهِراً [ الروم : 7 ] من دقائق حقائق الأشياء وخواصها لكونه ( مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا ) ،
أي : مما يتم به أمر المعاش ، فإنه أمر ظاهر ، وإن احتاجوا فيه إلى تدقيق النظر بالنسبة إلى ما يظهر لأهل الآخرة من غوامض الحقائق ، وكيف يظهر للأكثر ذلك " وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ " لعدم التفاتهم إليها لكونها غيبا عليهم ، فصارت غفلتهم حجابا لهم عنها ،.
وكان لفظ الغفلة ( هو من القلوب ) من الغفلة التي هي الحجاب ، ( فإنه ) أي قوله "غافِلُونَ" كأنه مأخوذ بطريق القلب ( من قولهم قُلُوبُنا غُلْفٌ [ النساء : 155 ]


أي : في غلاف ) كأنها عين الغلاف ، وكيف لا يكون غلفا بمعنى في غلاف ، وهو أي الغلاف ( هو الكن ) المذكور في قولهم :قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ[ فصلت : 5 ] وكيف يكون الغلاف حجابا ، وهو بمعنى الكن ( الذي ستره ) أي : القلب وحجبه ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) ، وإن أدرك بعض خواصه الدقيقة ، فمثل هذا المحجوب وأن صار عارفا ببعض الأمور يسميه نزاعا بالنظر إلى ما يعرض له من الأعراض ، فيتصرف بالهمة لرفع ذلك النزاع ، ولا يتأتى ذلك في العارف الكامل .
( وهذا وأمثاله يمنع العارف ) الكامل ( من التصرف ) بالهمة المؤثرة ( في العالم ) ، وإن وجدت فيه هذه الهمة بحيث يمكنه التصرف بها في جميع العالم .
 
قال رضي الله عنه :  ( قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل : لم لا تتصرّف ؟  
فقال أبو السّعود: تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء. 
يريد قوله تعالى آمرا: "فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" [ المزمل : 9 ] فالوكيل هو المتصرّف ، ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول :"وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ"[ الحديد : 7 ])
 
ثم أورد مثالا لقوله وأمثاله فقال : ( قال الشيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشبل)
"" [size=24]أضاف المحقق :
الشيخ أبو عبد اللّه بن قائد :[/size] عرف بابن قائد من قرية تسمى آونة من أعمال بغداد ، كان ذا معان تضاعف مددها ورتبة علا في أفق السلوك فرقدها .
وتربية نفذ سهمها في الأمصار ومواعظ لها في القلوب إجلال وإكبار ، وهو من أصحاب الإمام عبد القادر الجيلاني رضي اللّه عنه .
قال الشيخ ابن العربي رضي اللّه عنه : وكان ابن القائد هذا يقول فيه عبد القادر رضي اللّه عنه : معربد الحضرة ، وكان يشهد له العارف عبد القادر - الحاكم في هذه الطريقة المرجوع إليه في الرجال - : أنه من المفردين ، وهم رجال خارجون عن دائرة القطب والخضر عليه السّلام منهم ونظيرهم من الملائكة الأرواح المهيمة في جلال اللّه وهم الكروبيون معتكفون في حضرة الحق سبحانه لا يعرفون سواه ، ليس لهم بذواتهم علم عند نفوسهم ، لهم مقام بين الصديقية والنبوة الشرعية . قال : هو مقام جليل جهله أكثر الناس من أهل طريقنا كأبي حامد رضي اللّه عنه وأمثاله فإن ذوقه عزيز . [ الكواكب الدرية 442 ] .
فهو من أتباع الشيخ عبد القادر الكيلاني قال عنه ابن العربي الطائي الحاتمي: حال الصدق يناقض مقامه ومقامه أعلى من حاله في الخصوص وحاله أشهد وأعلى في العموم.
وقال عنه السهروردي: كان أبو السعود من أرباب الأحول السنية والواقفين مع فعل الله في حاله تاركا الأختيار، سبق كثير من المتقدمين في تحقيق ترك الاختيار، شاهدنا منه أحوالا صحيحة عن قوة وتمكين.
ومن كراماته إنه قال: كنت بشاطئ دجلة بغداد فخطر في نفسي هل لله عباد يعبدونه في الماء فما تم الخاطر إلا بالنهر قد أنفلق عن رجل فسلم علي وقال:
نعم يا أبا السعود لله عبادا يعبدون في الماء وأنا منهم أنا رجل من تكريت خرجت منها لأنه بعد كذا كذا يوما يقع كذا كذا فيها فذكر أمور تحدث ثم غاب فما أنقضت خمسة عشر يوما حتى وقع ذلك.
الشيخ أبي السعود بن الشبل : العارف الأفخم والصوفي الأعظم ، إمام كملت باللّه أدواته ، وصفت في مشاهد الحق ذاته ، وعرفت العارف الأفخم والصوفي الأعظم ، إمام كملت باللّه أدواته ، وصفت في مشاهد الحق ذاته ، وعرفت  في مسالك العرفان خلواته وجلواته ، أجل أتباع الشيخ العارف باللّه عبد القادر الجيلاني رضي اللّه عنه الذي قال في حقه العارف ابن عربي رضي اللّه عنه : إنه أعلى مقاما من شيخه - كما سيجيء عنه في ترجمته - وقال في موضع آخر من الفتوحات : كان إمام وقته في الطريق . [ الكواكب 404 ]  ""

ثم ( لم تتصرف ) أي : بالهمة المؤثرة أو بغيرها مع أنك أعطيت التصرف كما يأتي التصريح به .
( فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي ) وكيلا عني لكمال علمه ، وقدرته ، ورعايته مصالح من وكله بحسب سنته ، وإن لم يجب عليه بل ( كما يشاء ) ، فإن لم يكن شيء من ذلك ، فلابدّ من امتثال أمره .
( يريد قوله تعالى أمرا ) لنبيه عليه السّلام مع كونه أعلم الخلق وأقواهم وكمال حاله الموجب وهب التصرف له ( " فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " [ المزمل : 9 ] فإني أولى بذلك مع أنه يجب على متابعته صلّى اللّه عليه وسلّم ).
"" [size=24]أضاف المحقق : وذكر الشيخ اليافعي في خلاصة المفاخر : جاءوا جماعة من المشايخ عند شيخنا محيي الدين عبد القادر رضي اللّه عنه بمدرسته فقال : ليطلب كل واحد منكم حاجته أعطيها له .[/size]
فقال الشيخ أبو السعود : أريد ترك الاختيار. وقال الشيخ ابن قائد : أريد القوة على المجاهدة. ""
 
وإذا اتخذ الحق وكيلا ؛ ( فالوكيل هو المتصرف ) لامتناع اجتماع العلتين على معلول واحد ، فإن لم يكن فعل العبد علة فلا أقل من مشابهته إياها وكيف يكون للعبد التصرف ولا ملك له في التصرف فيه إلا بإذن المالك واستخلافه ، وإليه الإشارة بقوله : ( ولا سيما وقد سمع اللّه تعالى يقول :وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) [ الحديد : 7 ]
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )
قال رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضى أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) ومداركهم الجزئيّة ، التي إنّما يدرك الأمور بالغواشي الخارجيّة والعوارض النسبيّة ، التي هي ذات التقابل والتعاند ضرورة ، ذاهلين عن المقاصد الكلَّية والأصول الجمليّة التي جمعت الكل تحت إحاطته آخرا ( كما قال الله تعالى فيهم : " وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ .  يَعْلَمُونَ ظاهِراً من الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ " ) [ 30 / 7 - 6 ] .
"" [size=24]أضاف المحقق : [/size]قال القيصري : " أي الغلاف هو الكنّ المذكور في قوله تعالى :" إِنَّا جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوه ُ وَفي آذانِهِمْ وَقْراً " [ 18 / 57 ] فهو الذي ستر القلب وحجبه من إدراك الحقائق على ما هي عليه " . ""


قال رضي الله عنه :  ( وهو ) - أي النزاع - على ما تصوّروه ( من المقلوب ، فإنّه ) وفاق في الحقيقة ، وهم قلَّبوه ، أو الغفلة التي لهم من باب المقلوب ، فإنّه ( من قوله :
" قُلُوبُنا غُلْفٌ"   [ 2 / 88 ] فإنّ « غفل » قلب « غلف » (أي في غلاف ،وهو الكنّ الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه).
( فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرّف في العالم ) .محاورة عارفين حول التصرّف بالهمّة
(قال الشيخ أبو عبد الله بن قائد للشيخ أبى السعود بن الشبل : لم لا تتصرّف » ؟ 
فقال أبو السعود : " تركت الحقّ يتصرّف بي  كما يشاء " .
"" أضاف المحقق : الشيخ أبو عبد الله بن قائد و الشيخ أبى السعود بن الشبل من أصحاب الشيخ عبد القادر الجيلاني القطب الشهير ومؤسس الطريقة القادرية . ""

(يريد قوله تعالى آمرا : " فَاتَّخِذْه ُ وَكِيلًا " [ 73 / 9 ] فالوكيل هو المتصرّف ، ولا سيّما وقد سمع الله يقول : " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيه ِ ") [ 57 / 7 ] .
ثمّ قال له الحقّ : " هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملَّكتك إيّاه ، اجعلني واتّخذنى وكيلا فيه " .
فامتثل أبو السعود أمر الله واتّخذه وكيلا ، فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ؟! 
والهمّة لا يفعل إلَّا بالجمعيّة التي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه واهتمّ به ممّا يوجده أو يبقيه أو يعدمه.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من القلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم .
قال الشيخ أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه». )
 
قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك نزاعا إنّما هو أمر عرضيّ أظهره الحجاب الّذي على أعين النّاس كما قال اللّه تعالى فيهم :"وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ لدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ"[الروم 6 - 7] .  
وهو من المقلوب فإنّه من قولهم" قُلُوبُنا غُلْفٌ" [ النساء : 155 ] أي في غلاف وهو الكنّ الّذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه السلام. 
فهذا وأمثاله يمنع العارف من التّصرّف في العالم.  
قال الشّيخ أبو عبد اللّه بن قائد للشّيخ أبي السّعود بن الشّبل : لم لا تتصرّف ؟ 
فقال أبو السّعود : تركت الحقّ يتصرّف لي كما يشاء : يريد قوله تعالى آمرا :فَاتَّخِذْهُ)
 
قال رضي الله عنه :  (فتسمية ذلك ) ، أي ذلك الأمر الظاهر على المنازع من المخالفة المسمى ( نزاعا إنما هو أمر عرضي ) نسبي تعرض أحوال المنازع بقياسها إلى أحوال العارف ، فإن حقيقة كل منهما وعينه الثابتة تقتضي ما تخالف مقتضى حقيقة الأمر باعتبار الاسم الحاكم عليه .
فهذه المخالفة الواقعة منهما من غير اختيار تسمى نزاعا وهما فيها في عين الوفاق باعتبار امتثالهما أمر الأسماء الحاكمة عليها .
فالنزاع بينهما إنما ( أظهره الحجاب الذي على أعين الناس ) من رؤية سر القدر فيتوهمون أن كل واحد منهما في صدد المخالفة مع الآخر ( كما قال اللّه تعالى فيهم ) ، أي في شأن المحجوبين عن سر القدر ( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) ، أي سر القدر ("يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا") ، أي ما ظهر لهم في النشأة الدنيوية ("وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ") [ الروم : 7 ] .
أي وهم عن النشأة الأخروية التي عندها يظهر سر القدر غافلون ، ثم أراد أن ينبه على أن سبب هذه الغفلة هو الحجاب الذي وقع على قلوبهم.
فقال : ( وهو ) ، أي غافلون ( من المقلوب ) ، أي من الألفاظ التي قلب فيها بعض الحروف إلى مكان بعض آخر كاللام والفاء ههنا ( فإنه ) ، أي غافلون مأخوذ ( "من قولهم :قُلُوبُنا غُلْفٌ " [ البقرة : 88 ] ، أي في غلاف ) ، أي في حجاب .
إذ لا شك أن الغافل إنما يغفل عن شيء بواسطة حجاب يحول بينهما فالغافلون عن الآخرة هم الذين قلوبهم في غلاف ( وهو ) ، أي الغلاف ( الكنّ الذي ستره ) ، أي القلب ( عن إدراك الأمر على ما هو عليه ) قال تعالى : "إنا جعلناعَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ" [ الأنعام : 25 ] ، أي الحجب المانعة للقلب عن إدراك الحقائق على ما هي عليه .
( فهذا ) الذي ذكرنا من الوجوه الثلاثة ( وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم بالهمة ) ومن جملة أمثاله امتثاله لأمر الحق حيث قال :" فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا " [ المزمل : 9 ] كما تومىء إليه في هذه الحكاية .
( قال الشيخ أبو عبد اللّه محمد بن قائد للشيخ أبي السعود بن الشّبل ) وهما من كبار أصحاب الشيخ محيي الدين عبد القادر الكيلاني قدس اللّه أرواحهم ولا حرمنا من بركاتهم ( لم لا تتصرف فقال أبو السعود : تركت الحق يتصرف لي كما يشاء ، يريد قوله تعالى آمرا :" فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا" فالوكيل هو المتصرف . ولا سيما وقد سمع ) أبو السعود ( اللّه يقول :" وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ " [ الحديد : 7 ]
 
قال رضي الله عنه :  (وَكِيلًا [المزمل:9] فالوكيل هو المتصرّف. ولا سيّما وقد سمع اللّه يقول:"وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ" [الحديد:7 ]) النص واضح.
.
فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادسة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:35 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة السابعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟)
قال رضي الله عنه :  (وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف. فعلم أبو السّعود والعارفون أنّ الأمر الّذي بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه . ثمّ قال له الحقّ هذا الأمر الّذي استخلفتك فيه وملّكتك إيّاه اجعلني واتّخذني فيه وكيلا ، فامتثل أبو السّعود أمر اللّه فاتّخذه وكيلا . فكيف تبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ، والهمّة لا تفعل إلّا بالجمعيّة الّتي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟ وهذه المعرفة تفرّقه عن هذه الجمعيّة . فيظهر العارف التّامّ المعرفة بغاية العجز والضّعف . )
قال رضي الله عنه :  (فعلم) الشيخ (أبو السعود) المذكور والعارفون كلهم رضي اللّه عنهم (أن الأمر الذي بيده) ، أي يد كل واحد منهم (ليس) ملكا (له و)علم (أنه مستخلف فيه) ، أي استخلفه فيه الحق تعالى الذي هو صاحبه ومالكه (ثم قال له) ، أي لذلك الإنسان الحق تعالى (هذا الأمر الذي استخلفتك) ، أي جعلتك خليفة عني (فيه وملكتك إياه) وجعلتك بحيث يمكنك أن تظهر به في الدنيا بهمة نفسك (اجعلني واتخذني وكيلا) عنك (فيه) ولا تتصرف فيه أنت واتركني أتصرف فيه وحدي عنك (فامتثل) الشيخ أبو السعود رضي اللّه عنه أمر اللّه تعالى له ولأمثاله بذلك ("فَاتَّخِذْهُ")، أي الحق تعالى ("وَكِيلًا") [ المزمل : 9 ] عنه في جميع أموره ولم يتصرف في أمر من الأمور أصلا لأجل ذلك من كمال معرفته باللّه تعالى .
وقد أشار الشيخ المصنف قدس اللّه سره في « الفتوحات المكية » أن هذا الشيخ أبو السعود المذكور تلميذ العارف الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي اللّه عنه ، ولكنه أكمل من شيخه الشيخ عبد القادر الكيلاني لتركه التصرف بعد ملكه له ولم يتركه شيخه الشيخ عبد القادر الكيلاني وتصرف في العلم قدس اللّه سرهما .
قال رضي الله عنه :  (فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر) الإلهي المذكور (همة) في قلبه (يتصرف بها) في كون من الأكوان (والهمة) القلبية من العارف باللّه تعالى لا تفعل ، أي لا تؤثر في شيء أصلا (إلا بالجمعية في) قلب العارف والتصميم بالتوجه من غير تردد أصلا (التي لا متسع) ، أي لا قدرة (لصاحبها) ، أي تلك الجمعية (إلى) إرادة (غير ما اجتمع) بقلبه (عليه) من الأمر الذي يريد كونه (وهذه المعرفة) المذكورة (تفرقه عن هذه الجمعية) فلا جمعية فلا تأثير بالهمة لهذا السبب (فيظهر العارف) باللّه تعالى (التام) ، أي الكامل (المعرفة بغاية العجز والضعف) عن انفعال الأشياء لهمته
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه :  (فعلم أبو السعود والعارفون ) بالعلم الشهودي .
قال رضي الله عنه :  ( أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه ) أي في ذلك الأمر وإفراد الضمائر باعتبار الكل إذ اللام في العارفون للاستغراق أي فعلم كل واحد من العارفين ( ثم قال له ) أي لأبي السعود ( الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه اجعلني واتخذه فيه وكيلا ) أي فقد تجلّى اللّه لأبي السعود في هذه الآية ( فامتثل أبو السعود أمر اللّه فاتخذوه وكيلا فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همة يتصرف بها والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا يتسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه وهذه المعرفة تفرقه ) أي تفرق صاحبها .
قال رضي الله عنه :  ( عن هذه الجمعية فيظهر المعارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه : ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه. ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا. فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟ وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
النص واضح .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه :  " فعلم أبو السعود والعارفون أنّ الأمر الذي بيده ليس له ، وأنّه مستخلف فيه .ثمّ قال له الحقّ : هذا الأمر استخلفتك فيه وملَّكتك إيّاه اتّخذني فيه وكيلا ، فامتثل أبو السعود أمر الله واتّخذه وكيلا ، فكيف تبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها والهمّة لا تتعقّل إلَّا بالجمعية التي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟!.  وهذه المعرفة تفرّقه عن هذه الجمعية ، فيظهر العارف التامّ المعرفة بغاية العجز والضعف).


قال العبد : نقصان معرفة المتصرّف المخيّر قد يكون من حيث عدم العلم بأنّ حقيقة الفعل والتأثير والتصرّف من خصوص الحضرة اللاهوتية ، وأنّها ذاتية لحقيقة الله ، عرضية في العبد ، وأنّ الوقوف مع العبودية للعبد أولى ، لكون العبودة ذاتية له ، وأنّ الظهور بالذاتيات أعلى وأشرف من الظهور بالربوبية العرضية .
وقد يكون من حيث عدم التأدّب مع المرتبة الإلهية ، وأنّ استخلاف الله فيما خلَّف فيه ، واتّخاذه وكيلا كلَّيا أعلى مقام المعرفة والتحقيق ، ولهذا كمل الرسل والورثة بحكم ما يوحى إليهم ، فإن أوحي إليهم بالتصرّف ، كانوا مأمورين بذلك ، فتصرّفوا كتصرّفهم في قومهم بالهلاك والنجاة . وإن أوحي إليهم بالامتناع تأدّبوا ووقفوا أدبا .
وإن أوحى إليهم بالاختيار بين التصرّف وتركه ، علموا أنّه لو كان الأرجح في علم الله خلاف ما أمروا به ، لما خيّروا ، بل أمروا به ، وحيث خيّروا فالخيرة في الأدب والوقوف بمقتضى الحقائق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
 
قال رضي الله عنه :  فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه . ثم قال له الحق : هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه اجعلني واتخذني وكيلا فيه ، امتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا ، فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همة يتصرف بها ، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه السلام . وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف .)
هذا كله غنى عن الشرح .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه :  (فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له ، وأنه مستخلف فيه .  ثم قال له الحق : هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه ، إجعلني واتخذني فيه وكيلا . فامتثل أبو السعود أمر الله ، فاتخذه وكيلا . 
فكيف يبقى لمن شهد مثل هذا الأمر همة ، يتصرف بها ؟ والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه . وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية ، فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف .)
أي ، وكذلك كان أبو مدين تعتاص عليه الأشياء ، وكان يرغب غيره في مقامه ، وهو لا يرغب في مقام غيره .
.
يتبع


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الخميس نوفمبر 21, 2019 9:36 pm عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:35 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة السابعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه :  (فعلم أبو السّعود والعارفون أنّ الأمر الّذي بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه . ثمّ قال له الحقّ هذا الأمر الّذي استخلفتك فيه وملّكتك إيّاه اجعلني واتّخذني فيه وكيلا ، فامتثل أبو السّعود أمر اللّه فاتّخذه وكيلا . فكيف تبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ، والهمّة لا تفعل إلّا بالجمعيّة الّتي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟)
(فعلم أبو السعود ) خاصة ( والعارفون ) عامة ( أن الأمر الذي بيده ليس ) ملكا ( له ) ، وإن ثبت ( أنه مستخلف فيه ) أذن له بالتصرف بقوله : "وَأَنْفِقُوا" في حق العامة .
( ثم قال له ) أي : للعارف الكامل كالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم وخواص متابعيه ( هذا الأمر الذي استخلفتك فيه ) بالإذن بالتصرف ( وملكتك إياه ) وإن كنت عبد ، والعبد لا يملك وإن ملكه السيد ( اجعلني ) فيه وكيلا ، وإن كنت أنا مالكا عند ملكك إياه لا تصرف لك عن علم كامل ، وقدرة تامة راع مصالحك على أتم الوجوه ، ولا تخص ذلك بأمر دون أمر ، ووقت دون وقت .
بل ( اتخذني فيه ) أي : في كل ما استخلفتك فيه ، وملكتك إياه في كل وقت ( وكيلا ) ، ليكون التصرف على أحسن الوجوه وأتمها ، ولكن العارف الكامل لا ينظر إلى حسنه وتمامه ، وإنما ينظر إلى أمر ربه تحققا بمقام العبودية ، لا بالنظر إلى أنها أصله ، ولا إلى الضعف الطبيعي اللازم لها ( فامتثل أبو السعود أمر اللّه ) وهو قوله : ( فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ) كيف وهو أمر خاص بخواص العارفين يختل بتركه أمرهم بالكلية .

( فكيف تبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر ) الذي أختل بتركه أمره بالكلية فيتصرف بها ، ( والهمة لا تفعل ) أي : لا تؤثر ( إلا بالجمعية ) ، وليس المراد بها رؤية الحق بدون الخلق ؛ فإنها مانعة من التصرف كما مر ، بل المراد الجمعية ( التي لا تتسع لصاحبها ) خاطر بنظر ( إلى غير ما اجتمع ) همة ( عليه ) حتى يحصل ذلك الأمر.
( وهذه المعرفة ) أي : معرفة أن الإخلال بالأمر الخاص الإلهي موجب لإخلال أمر العارف .

وهذه بالكلية ( تفرقه عن هذه الجمعية ) باتساع خاطر اختلال أمره بالكلية عند إخلاله بهذا الأمر الخاص الإلهي ، بل هو ينافي هذه الجمعية ، ( فيظهر العارف التام المعرفة ) بما له ، وعليه في هذا التصرف ( بغاية العجز والضعف ) ، وإن كان له مقام التصرف بالهمة لكونه في مقام الفرق بعد الجمع لكن له مراتب كبيرة ، ومقام التصرف بالهمة أدناها ، وإن كان صاحبها يظن أنه من أعلاها .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
قال رضي الله عنه: (فعلم أبو السعود والعارفون أنّ الأمر بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه .)
ثمّ قال له الحقّ : " هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملَّكتك إيّاه ، اجعلني واتّخذنى وكيلا فيه " فامتثل أبو السعود أمر الله واتّخذه وكيلا ، فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ؟ ! والهمّة لا يفعل إلَّا بالجمعيّة التي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ) واهتمّ به ممّا يوجده أو يبقيه أو يعدمه .

قال رضي الله عنه: ( وهذه المعرفة ) التي لا بدّ للعبد العارف أن يكون صاحب قدم فيها ( تفرقة عن هذه الجمعيّة ) فلا يمكن أن يكون له الهمّة الموجدة والمؤثّرة أصلا ، مع تلك المعرفة المفرّقة له عن الجمعيّة المؤثّرة ( فيظهر العارف - التامّ المعرفة - بغاية العجز والضعف ) عن التصرّف والتأثير .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.)
 
قال رضي الله عنه : (فعلم أبو السّعود والعارفون أنّ الأمر الّذي بيده ليس له وأنّه مستخلف فيه . ثمّ قال له الحقّ هذا الأمر الّذي استخلفتك فيه وملّكتك إيّاه اجعلني واتّخذني فيه وكيلا ، فامتثل أبو السّعود أمر اللّه فاتّخذه وكيلا . فكيف تبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همّة يتصرّف بها ، والهمّة لا تفعل إلّا بالجمعيّة الّتي لا متّسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ؟ وهذه المعرفة تفرّقه عن هذه الجمعيّة . فيظهر العارف التّامّ المعرفة بغاية العجز والضّعف) .
 
(فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ) صورة ( ليس له ) حقيقة ( وأنه مستخلف فيه ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه اجعلني واتخذني فيه وكيلا ، فامتثل أبو السعود أمر اللّه فاتخذه وكيلا . 
فكيف يبقى لمن شهد هذا الأمر همة يتصرف بها ، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه ، وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف .)


يقول الشيخ رضي اللّه عنه تصديقا لقولهم : وكذلك كان أبو مدين تعتاص عليه الأشياء وكان غيره يرغب في مقامه وهو لا يرغب في مقام غيره  مع كون أبي مدين رضي اللّه عنه كان عنده ذلك المقام ، أي مقام الأبدال وغيره ولم يكن راغبا في الظهور به .
ثم يقول الشيخ رضي اللّه عنه : ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه  ، أي في أبي مدين ومع هذا ، أي مع كون أبي مدين بحيث كان عنده مقام البدل وغيره .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:36 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثامنة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشّيخ عبد الرزّاق قل للشّيخ أبي مدين بعد السّلام عليه :  يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ؟  وكذلك كان مع كون أبي مدين - رضي اللّه عنه - كان عنده ذلك المقام وغيره ، ونحن أتمّ في مقام العجز والضّعف منه .  ومع هذا قال له هذا البدل ما قال وهذا من ذلك القبيل أيضا . وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في هذا المقام عن أمر اللّه له بذلك « ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ » فالرّسول بحكم ما يوحى إليه ما عنده غير ذلك .  فإن أوحي إليه بالتّصرّف فيه بجزم تصرّف وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التّصرّف ، إلّا أن يكون ناقص المعرفة . )
قال رضي الله عنه : (قال بعض الأبدال) من أهل اللّه تعالى (للشيخ عبد الرزاق رضي اللّه عنه) تلميذ أبي مدين (قل للشيخ أبي مدين) رضي اللّه عنه (بعد السلام عليه : يا أبا مدين لم لا يعتاص) ، أي يصعب (علينا معشر الأبدال شيء نريده من الأكوان وأنت تعتاص) ، أي تصعب (عليك الأشياء) فلا تكاد تنفعل عن همتك وينفعل عن همتنا كل شيء ؟
ومع ذلك (نحن نرغب في) حصول (مقامك) الذي أنت فيه (وأنت لا ترغب في) نيل (مقامنا ) الذي نحن فيه وكان الشيخ أبو مدين رضي اللّه عنه قطب ذلك الزمان وصاحب الدائرة الكبرى في ذلك الوقت والأوان والجواب عن ذلك ما سبق ذكره من الوجهين المتقدمين ونحوهما .
قال رضي الله عنه :  (وكذلك كان) الأمر (مع كون أبي مدين رضي اللّه عنه كان عنده ذلك المقام) الذي للأبدال من أهل اللّه تعالى (وغيره) أيضا من المقامات وقال المصنف رضي اللّه تعالى عنه لأنه في مقام الفردية (ونحن أتم) ، أي أكمل (في مقام الضعف والعجز) عن كل شيء (منه) ، أي من الشيخ أبي مدين رضي اللّه عنه (ومع هذا) الضعف والعجز الذي فيه أقل من ضعفنا وعجزنا (قال له هذا البدل) المذكور بواسطة الشيخ عبد الرزاق (ما قال) فكيف قولنا في حقنا فهو بالأولى .
(وهذا) الأمر المذكور عن أبي مدين (من ذلك القبيل أيضا) ، أي هو مما يجاب به عن عدم تأثير الهمة من العارف الكامل .

(وقال) نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم في هذا المقام الذي يعجز فيه العارف الكامل عن تأثير همته في كل شيء (عن أمر اللّه) تعالى (له بذلك) القول قل (ما أدري ما يفعل بي) ، أي يفعل اللّه تعالى بقدرته ما يشاء (ولا) ما يفعل ما يشاء (بكم) وهذا أمر من عدم تأثير همته ومن تحققه بمقام العجز لكمال معرفته باللّه تعالى (إن) ، أي ما (اتبع) في جميع أحوالي (إلا ما) ، أي الذي (يوحى) ، أي يوحيه اللّه تعالى (إليّ) بواسطة الملك أو بدون ذلك (فالرسول) صلى اللّه عليه وسلم قائم في جميع أموره ظاهرا وباطنا (بحكم ما يوحى إليه به) من كل ما يريده اللّه تعالى (ما عنده غير ذلك) ، أي مجرد التبعية دون الاستقلال في شيء أصلا .

قال رضي الله عنه :  (فإن أوحي إليه) من قبل الحق تعالى (بالتصرف) في أمر من الأمور (بجزم) من غير تخيير ولا إحالة على مشيئة (تصرف) في ذلك الأمر الذي أمر به لا يمكنه مخالفة أمر اللّه تعالى بكمال اتباعه صلى اللّه عليه وسلم وانقياده لإرادة ربه (وإن منع) عليه السلام ، أي منعه ربه عن مفارقة أمر امتنع عن ذلك الكمال التبعية أيضا فيه (وإن خيّر) ، أي خيره اللّه تعالى بين التصرف وعدمه كما ورد أن ملك الجبال أتاه فخيره عن أمر اللّه تعالى بين أن يطبق الأخشبين الجبلين في مكة على أهلها حين لم يؤمنوا وآذوه صلى اللّه عليه وسلم فأبى عليه السلام (اختار ترك التصرف) في شيء عن أمر نفسه ، وأوكل كل الأمور كلها إلى اللّه تعالى يتصرف فيها كيف يشاء .
وقال : وأفوّض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد إلا أن يكون ذلك العارف (ناقص المعرفة) باللّه تعالى فيكون من أهل غلبة الأحوال لا من أهل الرسوخ في المقامات فيغلب عليه حاله فيتحكم في العالم بهمته ، ويسلط جمعيته التامة من غير فرق على كل ما يريد ، فتنفعل له الأشياء .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال رضي الله عنه :  (قال بعد الأبدال للشيخ عبد الرزاق رحمه اللّه قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين لما لا يعتاض علينا شيء ) إذا أردنا حصوله يحصل بتصرفنا ويلين لنا ولا ينازعنا .
"" أضاف المحقق : الشيخ أبو مدين :هو شعيب بن الحسن المغربي الأنصاري الأندلسي ( ت 589 هـ - 1193 م ) ( أبو مدين ) صوفيّ خافه المنصور لكثرة أتباعه . من تصانيفه : أنس الوحيد ونزهة المريد في علم التوحيد ، الحكم ، حكم أبي مدين"".
قال رضي الله عنه :  ( وأنت تعتاض عليك الأشياء ) أي لا يتبع على مرادك يعني نحن نتصرف وأنت لا تتصرف ( و ) الحال ( نحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا وكذلك كان ) أبو مدين يعتاض عليه الأشياء فلا يتصرف وغيره يرغب هو في مقام غيره ( مع كون أبي مدين كان عنده ذلك المقام ) وهو مقام الإبدال صاحب التصرف ( وغيره ) أي وغير ذلك المقام ( ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه ) أي من أبي مدين ( ومع هذا قال له هذا البدل ما قال وهذا ) أي الذي منع أبا مدين من التصرف ( من ذلك القبيل ) أي من قبيل ما يمنع أبا السعود وأمثاله من التصرف وهو المعرفة التامة .
قال رضي الله عنه :  ( أيضا ) كأبي السعود وغيره من العارفين فظهر أن للبدل الذي قال لأبي مدين نصف من المعرفة ولو علم ما قال له لعلمه أن العارف لا يتصرف بالاختيار بل بالجبر والأمر من اللّه تعالى ( وقال صلى اللّه عليه وسلّم في هذا المقام عن أمر اللّه له بذلك ) المقام وهو مقام العجز والضعف ( ما أدري ما يفعل بي ولا ) أدري ما يفعل ( بكم أن اتبع إلا ما يوحى إليّ فالرسول يحكم ما يوحى إليه به ما ) أي ليس ( عنده غير ذلك ) أي غير الوحي ( فإن أوحي إليه بالتصرف ) بجزم ( تصرف وإن منع امتنع وإن خير اختار ترك التصرف ) لظهوره بمقام العبودية من العجز والضعف ( إلا ) استثناء منقطع .
قال رضي الله عنه :  ( أن يكون ) المخير ( ناقص المعرفة ) فإنه اختار التصرف لعدم علمه بمقام عبوديته .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال رضي الله عنه : ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟ وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه. ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا. وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي». فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك. فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
النص واضح  .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزّاق سلام الله عليه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين ! لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ؟  وكذلك كان . يعني : كان تعتاص عليه أمور « مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره ونحن أتمّ في مقام الضعف والعجز منه ومع هذا قال له هذا البدل ما قال ، وهذا من ذلك القبيل .  وقال صلى الله عليه وسلَّم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك : " ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ " والرسول يحكم ما يوحى إليه به ، ما عنده غير ذلك . فإن أوحي إليه بالتصرّف فيه بجزم ، تصرّف ، وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التصرّف ، إلَّا أن يكون ناقص المعرفة ) .


قال العبد : نقصان معرفة المتصرّف المخيّر قد يكون من حيث عدم العلم بأنّ حقيقة الفعل والتأثير والتصرّف من خصوص الحضرة اللاهوتية ، وأنّها ذاتية لحقيقة الله ، عرضية في العبد ، وأنّ الوقوف مع العبودية للعبد أولى ، لكون العبودة ذاتية له ، وأنّ الظهور بالذاتيات أعلى وأشرف من الظهور بالربوبية العرضية .
 
وقد يكون من حيث عدم التأدّب مع المرتبة الإلهية ، وأنّ استخلاف الله فيما خلَّف فيه ، واتّخاذه وكيلا كلَّيا أعلى مقام المعرفة والتحقيق ، ولهذا كمل الرسل والورثة بحكم ما يوحى إليهم ، فإن أوحي إليهم بالتصرّف ، كانوا مأمورين بذلك ، فتصرّفوا كتصرّفهم في قومهم بالهلاك والنجاة . وإن أوحي إليهم بالامتناع تأدّبوا ووقفوا أدبا .

وإن أوحى إليهم بالاختيار بين التصرّف وتركه ، علموا أنّه لو كان الأرجح في علم الله خلاف ما أمروا به ، لما خيّروا ، بل أمروا به ، وحيث خيّروا فالخيرة في الأدب والوقوف بمقتضى الحقائق .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق : قل للشيخ أبى مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين ، لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ؟  ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ) هذا كله غنى عن الشرح .
"" أضافة بالي زادة :  (لم لا يعتاص علينا شيء ) إذا أردنا حصوله يحصل بتصرفنا ويلين لنا ولا ينازعنا ( وأنت تعتاص عليك الأشياء ؟ ) أي لا تتبع على مرادك ، يعنى نحن نتصرف وأنت لا تتصرف ( وهذا ) أي الذي منع أبا مدين من التصرف ( من ذلك القبيل ) أي من قبيل ما يمنع أبا السعود وأمثاله من التصرف وهو المعرفة التامة ( أيضا ) كأبي السعود وغيره اهـ .
فظهر أن البدل الذي قال لأبى مدين نقص من المعرفة ، ولو علم ما قاله له لعلم أن العارف لا يتصرف بالاختيار بل بالجبر والأمر من الله اهـ بالى . ""
ومن هاهنا كلام الشيخ رضي الله عنه : ( وكذلك كان ) أي كان تعتاص عليه الأمور .


قال رضي الله عنه :  ( مع كون أبى مدين كان عنده ذلك المقام وغيره ، ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه ومع هذا قال له هذا البدل ما قال ، وهذا من ذلك القبيل أيضا )
أي وما نحن فيه من العجز من كمال المعرفة أيضا .
قال رضي الله عنه :  ( قال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك : " ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي ولا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ " فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك . فإن أوحى إليه بالتصرف بجزم تصرف ، وإن منع امتنع ، وإن خير اختار ترك التصرف ).
تأدبا بآداب العبودية في مقام الاستقامة وملازمة لما له ذاتي ، وتفويضا للتصرف إلى من له تصرف ذاتي
 
قال رضي الله عنه :  ( إلا أن يكون ناقص المعرفة ) أي أن يكون المخير ناقص المعرفة فاختاره ، وذلك:
إما لعدم علمه بأن التصرف والتأثير مخصوص بالحضرة الإلهية ، وأنه ذاتي للحق عارضى للعهد ، وأن الوقوف مع معبودية للعبد أولى ، لأن الوقوف مع الذاتيات والظهور بها أعلى وأشرف من الظهور بالأمور العرضية .
وإما لعدم التأدب والمعرفة بأن مراعاة الآداب مع الحضور الإلهية أولى بالعبد ، وأن اتخاذ الله وكيلا فيما استخلفه فيه أعلى مقاما للعبد .
ولهذا كان الرسل خصوصا أكملهم وخاتمهم محمدا صلى الله عليه وسلم بحكم ما يوحى إليه في التصرف وتركه ، فإن الأدب يقتضي الطاعة .
وإن أوحى إليه بالتخيير علموا أن الأولى به لو كان خلاف التخيير لما خيروا وأمروا بما هو خير ،فرأوا التخيير ابتلاء وعلموا أن الخيرة في الأدب والوقوف مع مقتضى الحقائق والذاتيات.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع،وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق : قل للشيخ أبى مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين ، لم لا يعتاص علينا شئ ، وأنت تعتاص عليك الأشياء ، ونحن نرغب في مقامك ، وأنت لا ترغب في مقامنا ؟ وكذلك كان ) هذا كلام الشيخ رضي الله عنه 
. أي ، وكذلك كان أبو مدين تعتاص عليه الأشياء ، وكان يرغب غيره في مقامه ، وهو لا يرغب في مقام غيره . ( مع كون أبى مدين رضي الله عنه  كان عنده ذلك المقام ) أي ، مقام البدلاء . ( وغيره . ونحن أتم في مقام العجز والضعف منه . ) أي ، من أبى مدين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ومع هذا قال له هذا البدل ما قال . وهذا ) أي ، وعدم التصرف والظهور بمقام الضعف والعجز .
( من ذلك القبيل أيضا . ) أي ، ومن قبيل ما يمنع من التصرف ، وهو المعرفة بمقام العبودية .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقال ، صلى الله عليه وسلم ، في هذا المقام عن أمر الله له بذلك : " ما أدرى ما يفعل بي ولا بكم ، إن اتبع إلا ما يوحى إلى " . فالرسول يحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك . )
أي ، ليس عنده إلا الظهور بالعجز ، وعدم العلم بما في الغيب  من الأحوال والحقائق .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإن أوحى إليه بالتصرف بجزم ، تصرف ، وإن منع ، امتنع ، وإن خير ، أختار ترك التصرف . ) وظهر بمقام عبوديته وترك التصرف لربه تأدبا
بآداب العبودية ، وملازمة لما يقتضيه ذاته من الضعف والعجز .

( إلا أن يكون ) أي ، المخير . ( ناقص المعرفة . ) فإنه يتصرف لجهله بمقام المتصرف فيه ، وظهور نفسه بمقام الربوبية الذي هو نقص بالنسبة إلى الكمل ، وعدم علمه بما هو ذاتي له من الضعف والفقر والمسكنة والعجز ، ولعدم علمه بأن التخيير قد يكون ابتلاء من الله ، ولعدم التأدب بين يدي الله .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:37 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة الثامنة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشّيخ عبد الرزّاق قل للشّيخ أبي مدين بعد السّلام عليه : يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ؟ وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي اللّه عنه كان عنده ذلك المقام وغيره ، ونحن أتمّ في مقام العجز والضّعف منه ، ومع هذا قال له هذا البدل ما قال وهذا من ذلك القبيل أيضا ، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا المقام عن أمر اللّه له بذلك :  "ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ » فالرّسول بحكم ما يوحى إليه ما عنده غير ذلك ، فإن أوحي إليه بالتّصرّف فيه بجزم تصرّف وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التّصرّف ، إلّا أن يكون ناقص المعرفة )
 
ولذلك ( قال بعض الأبدال ) ممن بلغ مقام الفرق بعد الجمع وكان له التصرف بالهمة ( للشيخ عبد الرزاق رضي اللّه عنه قل للشيخ أبي مدين رضي اللّه عنه بعد السلام عليه : يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء ).
"" الشيخ عبد الرزاق رضي اللّه عنه :  هو سيدي عبد الرزاق الإسكندري شيخ الأقصرائي ، وتلميذ أبي مدين . كان له أحوال وكرامات .  ""


 إذا قصدناه بهمتنا بعد الوصول إلى مقام الفرق بعد الجمع ، ( وأنت تعتاص عليك الأشياء ) مع أنك أكمل في هذا المقام ؛ وذلك لأننا ( نحن نرغب في مقامك ) لعلوه ، ( وأنت لا ترغب في مقامنا ) لدنوه .
ثم أشار - رحمه اللّه - بأن هذا الكلام لم يكن من ذلك البدل على سبيل التواضع مع علم قصوره لقصور تأثيره بالهمة ، ولكن ( كذلك ) أي : قاصر التأثير مع كمال الحال ( كان مع كون أبي مدين رضي اللّه عنه كان عنده ذلك المقام ) .


 "" أضاف المحقق :  أبي مدين رضي اللّه عنه: المعروف بالغوث أبي مدين قدس سره فهو الأستاذ الأعظم العارف الأفخم ، عظيم الإكبار ، رأس الصوفية في وقته ، ورئيسهم المشهور ، علم نعته زاهر ، زاهد مراقب مشاهد ، يقصد ويزار من جميع الأقطار ، وببنان العرفان إليه يشار ، يوصل ويقطع ويخفض ويرفع .  ""


أي : مقام التصرف بالهمة ( وغيره ) مما يمنعه من التصرف مع كونه في مقام الفرق بعد الجمع ، ( ونحن ) مع كوننا أتم في هذا المقام ، وسائر مقامات المعرفة ( أتم في مقام الضعف والعجز ) .
ثم تعجب من قول البدل فقال : ( ومع هذا ) أي مع قوله : نحن نرغب في مقامك ، وأنت لا ترغب في مقامنا ، ( فقال له : هذا البدل ما قال ) مما يشعر بقصوره عند عدم التصرف ، ولم يعرف أن ( هذا ) العجز من أبي مدين وغيره ( من ذلك القبيل ) أي : كمال مقامهم ومعرفتهم بمعارضات التصرف بالهمة مما لم يطلع عليه هذا البدل .
ثم أشار إلى أن كمال المعرفة لا تمنع من التصرف بالهمة بالكلية ، بل فيه تفصيل ، وهو أنه ( قال صلّى اللّه عليه وسلّم في هذا المقام ) : أي مقام التصرف بالهمة عند الكمال كمال المعرفة ( عن أمر اللّه بذلك ) لا عن نفسه :( "وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ" [ الأحقاف : 9 ] "" رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في الكبير ""

أي : لا فعل لي أصلا ، ولو كان في فعل لكان في بذلك شعور ، فالتصرف في للمحقق وكذا في خواص عباده ، وإن كانوا في مقام الفرق بعد الجمع .


ثم قال: ( "إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ " [ الأنعام : 50] ):أي : في أمر التصرف وتركه ( فالرسول ) وكذا خواص تابعيه ( بحكم ما يوحى إليه ) به في التصرف ، وتركه ( ما عنده ) أي : ليس عنده ( غير ذلك ) أي : خلاف ما يوحى به إليه ( فإن أوحى إليه بالتصرف بجزم تصرف ) امتثالا لأمر سيده ، وإن أمره بالتوكل فذلك عام مخصوص بهذا الأمر الخاص .
( وإن منع ) من التصرف بجزم ( امتنع ) لهذا الأمر الخاص مع ذلك الأمر العام ، ( وإن خيّر ) بين التصرف وتركه ؛ ( اختار ترك التصرف ) رعاية للأمر العام ( إلا أن يكون ) المأمور ( ناقص المعرفة ) يرى أن ذلك الأمر العام قد خص بهذا التخيير الخاص ؛ فتجوز مخالفته وقد نقص في معرفته أن رعايته عند عدم الجزم بخلافه أولى ، كيف وتصرفه قاصر عن تصرف الحق لا محالة .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. )
قال رضي الله عنه : (قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزّاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبى مدين بعد السلام عليه : يا أبا مدين ، لم لا تعتاص علينا شيء ،وأنت يعتاص عليك الأشياء؟) أي يستشكل ،. يقال : اعتاص عليه الأمر أي التوى .
قال رضي الله عنه :  ( ونحن نرغب في مقامك ، وأنت لا ترغب في مقامنا ؟ وكذلك كان ) أبو مدين يعتاص عليه الأمور ( مع كون أبى مدين - رضي الله عنه - كان عنده ذلك المقام وغيره ، ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه ، ومع هذا قال له هذا البدل ما قال ، وهذا ) الذي نحن فيه ( من ذلك القبيل أيضا ) أي من كمال المعرفة وتمامها .


متى يتصرّف صاحب الهمّة
قال رضي الله عنه : ( و ) لذلك ( قال صلى الله عليه وسلَّم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك : "ما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ " [ 46 / 9 ] فالرسول صلى الله عليه وسلَّم ) ، الذي هو أكمل العبيد أمره
 ( يحكم ما يوحى به إليه  ، ما عنده غير ذلك ، فإن أوحى إليه بالتصّرف بجزم تصرّف ، وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التصرّف ) لأنّه للعبيد بالذات ، وحكم ما بالذات غالب مطلقا ، ما لم يغلب على المحل العوارض الخارجيّة ، وإليه أشار بقوله :
( إلَّا أن يكون ناقص المعرفة ) بما هو ذاتي للعبيد وما هو أصلح له في التأدّب بين يدي سيده ومولاه .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه.
ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة. ) 
 
قال رضي الله عنه :  (قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق : قل للشيخ أبي مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء ، ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا ) ، أي في الظهور به وإن كان حاصلا له .
يقول الشيخ رضي اللّه عنه تصديقا لقولهم : ( وكذلك كان ) أبو مدين تعتاص عليه الأشياء وكان غيره يرغب في مقامه وهو لا يرغب في مقام غيره ( مع كون أبي مدين رضي اللّه عنه كان عنده ذلك المقام ) ، أي مقام الأبدال ( وغيره ) ولم يكن راغبا في الظهور به .
ثم يقول الشيخ رضي اللّه عنه : ( ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه ) ، أي في أبي مدين ( ومع هذا ) ، أي مع كون أبي مدين بحيث كان عنده مقام البدل وغيره .
( قال له هذا البدل ما قال ) ،لعدم ظهوره بمقامه ( وهذا ) الذي نحن فيه ( من ذلك القبيل أيضا) أي قبيل التحقيق بمقام العبودية والعجز والضعف ( أيضا ) ، أي كما كان مقام أبي مدين كذلك
 
قال رضي الله عنه :  (وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في هذا المقام عن أمر اللّه له بذلك « ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتّبع إلّا ما يوحى إليّ » فالرّسول بحكم ما يوحى إليه ما عنده غير ذلك . فإن أوحي إليه بالتّصرّف فيه بجزم تصرّف وإن منع امتنع ، وإن خيّر اختار ترك التّصرّف ، إلّا أن يكون ناقص المعرفة) .
 
قال رضي الله عنه :  ( وقال صلى اللّه عليه وسلم في هذا المقام عن أمر اللّه له بذلك ) القول ( « ما أدري ما يفعل بي ولا بكمإِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ فالرسول ) [ الأنعام : 50 ] .
رواه الطبراني في الكبير والهيثمي في مجمع الزوائد والحاكم في المستدرك.
كان من كان ( مقيد بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك فإن أوحى إليه بالتصرف فيه بجزم تصرّف ) امتثالا للأمر ( وإن منع امتنع ) امتثالا للنهي ( وإن خير اختار ترك التصرف ) تأدبا بآداب العبودية ( إلا أن يكون ) المخير ( ناقص المعرفة ) لعدم إحاطته بمقتضيات التحقق بهذا المقام .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:38 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة التاسعة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه :  ( قال أبو السّعود لأصحابه المؤمنين به إنّ اللّه أعطاني التّصرّف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرّفا هذا لسان ادلال .  وأمّا نحن فما تركناه تظرّفا - وهو تركه إيثارا - وإنّما تركناه لكمال المعرفة ، فإنّ المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار . فمتى تصرّف العارف بالهمّة في العالم فعن أمر إلهيّ وجبر لا باختيار ، ولا نشكّ أنّ مقام الرّسالة يطلب التّصرّف لقبول الرّسالة الّتي جاء بها ، فيظهر عليه ما يصدّقه عند أمّته وقومه ليظهر دين اللّه . )


قال رضي الله عنه :  (قال) الشيخ (أبو السعود) بن الشبلي المتقدم ذكره رضي اللّه عنه (لأصحابه) ، أي تلامذته (المؤمنين به) ، أي المصدقين بشرف مقامه دون المنكرين عليه ، فإنه يزيدهم إنكارا بصدقه لهم في مقاله . قال تعالى :"وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ" [ آل عمران : 73 ] ، (إن اللّه أعطاني التصرف) في كل ما أريد من الأكوان (منذ خمسة عشر سنة) ، أي خيرني في التصرف والامتناع منه إذ لو كان مأمورا بالتصرف أو ممنوعا منه بلا تخيير ما ساغ له المخالفة بمقتضى مقام المتابعة ومع ذلك تركناه ، أي التصرف ، أي اختار تركه (تظرفا) ، أي طلبا للحالة الحسنة الظريفة عند كل أحد وهي أن لا يظهر بقهر النفوس وإذلال الرجال (هذا) القول منه رضي اللّه عنه (لسان إدلال) على اللّه تعالى ، لأنه مقتضى حال المحبوبية للحق تعالى .
قال رضي الله عنه :  (وأما نحن) وهو قول المصنف الشيخ الأكبر رضي اللّه عنه (فما تركناه) ، أي التصرف بعد أن خيرنا الحق تعالى فيه بمقتضى إيصالنا إليه (تظرفا) كما تركه الشيخ أبو السعود المذكور (وهو) ، أي معنى تركه تظرفا تركه إيثارا ، أي تقديما للحق تعالى على نفسه لأنه أحق به حيث لا يليق بسواه ، لهذا تقبله النفوس منه تعالى لحسنه منه ،ولا تقبله من غيره سبحانه لعدم حسنه من الغير.
قال رضي الله عنه :  (وإنما تركناه)، أي التصرف لكمال المعرفة باللّه تعالى (فإن المعرفة) الكاملة (لا تقتضيه) ، أي التصرف (بحكم الاختيار) ، والإرادة النفسانية إذا خير فيه العارف من غير جزم (فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم) ، أي المخلوقات ، ورأينا ذلك منه مع كمال المعرفة الإلهية فيه (فعن أمر إلهي له) بذلك التصرف (وجبر) ، أي إلزام عليه به من جهة الحق تعالى (لا باختيار) وإرادة نفسانية منه بذلك أصلا ، لأن كمال المعرفة باللّه تعالى لا يعطي غير كمال المتابعة والانقياد للّه تعالى في الظاهر والباطن .
قال رضي الله عنه :  (ولا نشك) ، أي نقول قطعا من غير تردد (أن مقام الرسالة) النبوية (يطلب التصرف) في المرسل إليهم من الآية (لقبول الرسالة ) منه عن اللّه تعالى (التي جاء بها) إليهم (فيظهر عليه ما يصدق عند أمته وقومه) ، من خوارق العادات والتأثير بالهمة في إظهار الآيات والمعجزات (ليظهر) بذلك (دين اللّه) تعالى الحق عند المنكرين له المكذبين .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن اللّه أعطاني التصرف ) أي أعطاني قدرة للتصرف وخيرني فيه ( منذ خمس عشر سنة وتركناه تطرفا ) أي اختيارا ولم يقل وتركناه لكمال المعرفة مع علمه بذلك إظهارا لعجزه وضعفه وتنبيها للمخاطبين على أن المقام الأصلي مقام العبودية وتأدبا بمقام العبودية حيث لم يثبت لنفسه كمال المعرفة مع حصولها له .
وإلى هذا أشار المصنف بقوله : ( وهذا ) الذي ذكر أبو السعود لأصحابه في وجه ترك التصرف وهو قوله تركناه تطرفا ( لسان إذلال ) أي لسان عبودية وفناء لا لسان بيان عن الحقيقة فليس التطرف وجها في ترك التصرف في حق الكاملين وإنما الوجه فيه كمال المعرفة وهو لسان الوجود وبينه.
بقوله : ( وأما نحن ما تركناه تطرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة ) أي نحن نقول في وجه ترك التصرف على ما هو الأمر عليه وهو لكمال المعرفة ولا نقول كما يقول أبو السعود وهو للتطرف وليس الأمر على ما يقوله فترك لسان الإذلال .
واختار لسان الوجود لكونه مأمورا بالبيان عن حقيقة الأمر ولم يظهر هذا المعنى إلا بقوله لكمال المعرفة بخلاف أبي السعود فإنه مختار في الإظهار لذلك لم يكشف الأمر لأصحابه مع علمه بحقيقة الأمر .
كما قال في حقه فكيف يبقى لمن يشهد مثل هذا الأمر همة فإن من شهد هذا المشهد يعلم أنه أيّ شيء منعه عن التصرف وإنما اختار أبو السعود هذا اللسان تعليما لأصحابه طريق الفناء والتوحيد وهو بذل النفس وترك التصرفات بالاختيار ( فإن المعرفة ) أي كمال المعرفة ( لا تقتضيه ) أي التصرف ( بحكم الاختيار ) فلا اختيار للعارف في التصرف .
ولما يوهم ظاهر كلام أبي السعود أن العارف يتصرف بالهمة عن اختيار قال هذا لسان إذلال.
قال رضي الله عنه :  (فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وخبر لا باختيار ولا شك أن مقام النبوة يطلب التصرف لقبول الرسالة ) إذ التصرف سبب لقبول الرسالة ( التي جاء ) الرسول ( بها ) أي بهذه الرسالة ( فيظهر عليه ) أي على الرسول جاز كونه من الإظهار فكان فاعله ضميرا عائدا إلى التصرف أو من الظهور فاعله ( ما يصدّقه ) أي الذي يصدق الرسول في دعوى الرسالة ( عند أمته وقومه ) من المعجزات.
وكذلك ( ليظهر ) من الإظهار فاعله ضمير عائد إلى الرسول أو من الظهور فاعله ( دين اللّه)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه : ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال. وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.  فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار. ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.) النص واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه : ( قال أبو السعود لأصحابه الموقنين به : إنّ الله أعطاني التصرّف منذ خمس عشرة سنة ، فتركناه تطرّفا ، هذا لسان إدلال ، وأمّا نحن فما تركناه تطرّفا وهو تركه إيثارا وإنّما تركناه لكمال المعرفة ، فإنّ المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار فمتى تصرّف العارف بالهمّة في العالم ، فعن أمر إلهيّ وجبر لا باختيار . ولا شكّ أنّ مقام الرسالة يقتضي التصرّف لقبول الرسالة التي جاء بها ، فيظهر عليه ما يصدّقه عند أمّته وقومه ، ليظهر دين الله )
قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.
 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .

فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .
هذا ظاهر ما في هذا الشطر ، والذي فوق هذا أنّ العلم مأخوذ من المعلوم ، والمعلوم نحن ، فإنّا إنّما نعلم أنفسنا منّا ، إذ لا معلوم إلَّا نحن ، فالأخذ منّا ، وذلك العلم من الله متعلَّق أوّلا بنفسه ، ثمّ بالعالم الذي هو مظاهر حقائق نفسه ، وهذا معنى عاد في هذا الشطر .

 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه :  (قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به : إن الله أعطانا التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا ، هذا لسان إدلال . وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثار، وإنما تركناه لكمال المعرفة ، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار . فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار . ولا شك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها فيظهر عليه ما يصدق عند أمته وقومه ليظهر دين الله)
"" أضافة بالي زادة :  ولما كان إيضاح هذه المسألة موقوفا على بيان سر القدر بينه بقوله : ( وزاد ) الحق تعالى نفى ؟ أثر الهمة ( في صورة القصص ) اهـ بالى.
( ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم ) حتى أكون ظالما ، فكان أمر الحق بهم بما ليس في وسعهم من أحوال عينهم الثابتة ، وهذا هو الكلام الذي قطع عرق الجبر عن كليته ، فلا ظلم أصلا فلا جبر
قطعا لا صرفا ولا متوسطا إذ مآل الجبر الظلم اهـ .
( كذلك ما قلنا لهم ) المراد من القول التكاليف الشرعية ، فلما أعطى الحق لهم ما طلبت ذواتهم من الكفر والإيمان ، كذلك أعطى الحق لذاته تعالى ما اقتضت ذاته من القول كذا وعدم القول كذا اهـ بالى . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به : " إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة ، وتركناه تظرفا " . هذا  لسان إدلال . ) أي ، هذا الذي ذكره أبو السعود ، لسان من يتدلل على ربه ، وهو نوع من سوء الأدب بالنسبة إلى الحضرة الإلهية . ( وأما نحن ، فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا ،  ) أي ، ( التظرف ) عبارة عن ترك التصرف على سبيل الإيثار .
( وإنما تركناه لكمال المعرفة ، فإن المعرفة لا يقتضيه ) أي ، لا يقتضى التصرف .
قال رضي الله عنه :  ( بحكم الاختيار ، فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم ، فعن أمر إلهي وجبر لا بالاختيار . ولا شك أن مقام الرسالة تطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها ، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ) من المعجزات وخارق العادات .
( ليظهر دين الله )
أي ، ومع أن الرسول يحتاج في إظهار دين الله إلى التصرف وخرق العادة ، فلا يطلب التصرف في الظاهر .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:39 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة التاسعة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة التاسعة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
قال رضي الله عنه :  (قال أبو السّعود لأصحابه المؤمنين به إنّ اللّه أعطاني التّصرّف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرّفا هذا لسان إدلال )."
ولذلك ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين ) : أورد ذلك ؛ لأن من يؤمن ( به ) لا يصدقه في إعطاء الحق التصرف إياه هذه المدة المديدة ، مع عدم ظهوره به في وقت من الأوقات ، ( إن اللّه أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا ) أي : طلبا لما هو طرفه وكماله ، إذ هو للحق ذاتي فهو في فعله أتم .
قال الشيخ - رحمه اللّه : ( وهذا ) القول من أبي السعود ( لسان إدلال ) لنفسه ، فإنها وإن بلغت إلى حد وهب اللّه لها التصرف ، ففي تصرفها قصور .
وليس هذا من المعرفة لما - ولد ببجاية ونشأ بها واشتهر حتى ملأ الآفاق وصار إمام الصديقين في وقته بلا شقاق ، وأخذ عنه الكبراء كالعارف ابن العربي رضي اللّه عنه وقال : كان سلطان الوارثين .  فيه من توسط الحق في أكمال التصرف المطلوب بالذات .


قال رضي الله عنه :  ( وأمّا نحن فما تركناه تظرّفا وهو تركه إيثارا وإنّما تركناه لكمال المعرفة ، فإنّ المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار . فمتى تصرّف العارف بالهمّة في العالم فعن أمر إلهيّ وجبر لا باختيار ، ولا نشكّ أنّ مقام الرّسالة يطلب التّصرّف لقبول الرّسالة الّتي جاء بها ، فيظهر عليه ما يصدّقه عند أمّته وقومه ليظهر دين اللّه )
ولذا قال : ( وأما نحن فما تركناه تظرفا ) كيف ( وهو ) أي : ترك التصرف تطرفا ( تركه إيثارا ) لما هو أكمل على ما هو قاصر ، ففيه توسيط الحق ، وليس ذلك من شأن العارف .


( وإنما تركناه لكمال المعرفة فإن المعرفة لا تقتضيه ) بل تمنع ( بحكم الاختيار ) على ما مر في حق الرسول أنه لا يتصرف إلا أن يوحي إليه بالتصرف بجزم ، ( فمتى تصرف العارف ) من حيث هو عارف ، واحترزنا بذلك عن تصرف أبي السعود تطرفا ( بالهمة في العالم فعن أمر إلهي ) خاص ناسخ للأمر العام في حق الخواص بتوكيل الحق ، كما نسخ في حق الرسول .


( وجبر لا باختيار ) ، وإن خير رعاية للأمر العام بالتوكيل ، ولا بدّ من نسخ ذلك الأمر في حق الرسول لتحصيل المعجزة إذ ( لا شك أن مقام الرسالة يطلب التصرف ) بالهمة في العام لتحصيل أمر خارق للعادة موجب ( لقبول الرسالة ) منه ( التي جاء بها ) من الغيب ، فلابد مما يدل عليه ، (فيظهر عليه ) بتصرفه بالهمة في العالم ( ما يصدقه ) بالضرورة ( عند أمته ) التي أجابته ( وقومه ) الذين دعاهم ( ليظهر دين اللّه ) الذي بعث لإظهاره ليجتمعوا عليه ولا يتفرقوا فيه .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)


قال رضي الله عنه :  ) قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به : إنّ الله أعطاني التصرّف منذ خمس عشرة سنة ، وتركناه تطرّفا  ) أي تكرّما وإيثارا ، فإنّ الطرف بكسر الطاء : هو الكريم أو من أطرف الرجل : أي جاء بطرفة : أي تركناه إتيانا بأمر بديع ( وهذا لسان إدلال) أي تبجّح وتشطَّح .
قال رضي الله عنه :  ( وأمّا نحن فما تركناه تطرّفا - وهو تركه ) إتيانا بأمر بديع ، أو ) إيثارا ، وإنّما تركناه لكمال المعرفة ، فإنّ المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار ) فإنّها إنّما تقتضيه بحكم الجبر والاضطرار ، توفية لمقام العبودية حقّها .
قال رضي الله عنه : ) فمتى تصرّف العارف بالهمّة في العالم فعن أمر إلهي وجبر ، لا باختيار ولا شكّ أنّ مقام الرسالة ) بما هو مقتضاه من وضع الصور وإظهارها ونظم الأمور وأطوارها.
قال رضي الله عنه : ( يطلب التصرّف لقبول الرسالة التي جاء بها ، فيظهر عليه ما يصدّقه عند امّته وقومه ، ليظهر دين الله ، والولي ) لاقتضائه خلاف ذلك.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله.)
 
قال رضي الله عنه :  ( قال أبو السّعود لأصحابه المؤمنين به إنّ اللّه أعطاني التّصرّف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرّفا هذا لسان ادلال . وأمّا نحن فما تركناه تظرّفا - وهو تركه إيثارا - وإنّما تركناه لكمال المعرفة ، فإنّ المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار . فمتى تصرّف العارف بالهمّة في العالم فعن أمر إلهيّ وجبر لا باختيار ، ولا نشكّ أنّ مقام الرّسالة يطلب التّصرّف لقبول الرّسالة الّتي جاء)


قال رضي الله عنه :  ( قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به : إن اللّه أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا ) ، بالظاء المعجمة ، أي تكرما وإيثارا ، فإن الظرف بكسر الظاء هو الكريم أو من ظرف الرجل ، أي جاء بظرفه ، أي تركناه إتيانا بأمر بديع . وكان في النسخة المقابلة بالأصل بحضور الشيخ رضي اللّه عنه بالمعجمة .
وكان المراد به الإتيان بأمر ظريف يستظرفه العارفون ( وهذا لسان الإدلال ) ، أي الانبساط والاجتراء .
( وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو ) ، أي التظرف ( تركه ) ، أي ترك التصرف ( إيثارا ) ، أي اختيارا للحق على نفسه في التصرف ( وإنما تركناه لكمال المعرفة فإن المعرفة لا تقتضيه ) يعني التصرف .
قال رضي الله عنه :  ( بحكم الاختيار فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار ولا شك إذ مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها فتظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ) من المعجزات وخوارق العادات. ليظهر دين اللّه والولي ليس كذلك.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:39 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة العاشرة : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك ، ومع هذا فلا يطلبه الرّسول في الظّاهر لأنّ للرّسول الشّفقة على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجّة عليهم ، فإنّ في ذلك هلاكهم فيبقي عليهم .  وقد علم الرّسول أيضا أنّ الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التّصديق به ظلما وعلوا وحسدا ومنهم من يلحق ذلك بالسّحر والإيهام . فلمّا رأت الرّسل ذلك وأنّه لا يؤمن إلّا من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشّخص بذلك النّور المسمّى إيمانا فلا ينفع في حقّه الأمر المعجز)
قال رضي الله عنه :  (والولي) الكامل المعرفة باللّه تعالى (ليس كذلك) ، أي مقام ولايته لا يقتضي ذلك لتقرر الدين وظهور حجة اللّه تعالى به على الناس (ومع هذا) المذكور (فلا يطلبه) ، أي التصرف (الرسول) صلى اللّه عليه وسلم (في الظاهر) إلا عن أمر إلهي يقتضي منه ذلك كقوله تعالى في حق موسى عليه السلام :"وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ" [ البقرة : 60 ] الآية.

وقوله تعالى :" وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ" ( 117 ) [ الأعراف : 117 ] ، وقال تعالى :" وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً" [ طه : 77 ] ، وهكذا كل الأنبياء عليهم السلام في ظهورهم بالآيات والمعجزات ، إما عن أمر في الظاهر أو في الباطن (لأن للرسول) كمال الشفقة والرأفة (على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة ) ، أي حجة اللّه تعالى (عليهم ، فإن ذلك هلاكهم) سريعا (فيبقى عليهم) من بعض الالتباس لينفذ تقرير اللّه تعالى بالتكذيب عن شائبة عذر منهم ، فيخف الغضب الإلهي المتوجه على المكذبين .

قال رضي الله عنه :  (وقد علم الرسول) عليه السلام (أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر) على يده (للجماعة) من أمته لا يجتمعون كلهم على الإيمان والتصديق بمقتضى ذلك ، ولكن تختلف أحوالهم (فمنهم من يؤمن) بالحق حيث ظهر (عند ذلك) ويصدق به (ومنهم من يعرفه) ، أي الحق (ويجحده ) ، أي ينكره (ولا يظهر التصديق به ظلما) منه للحق ولأهله (وعلوا).

أي تكبرا على الحق أن يقبله من غيره وحسدا من نفسه لمن ظهر الحق على يده ومنهم من يلحق ذلك الأمر المعجز حيث ظهر بالسحر والإيهام ، أي الشعبذة والزخرفة الباطلة عنادا مع الحق وكفرا به .

قال رضي الله عنه :  (فلما رأت الرسل) عليهم السلام (ذلك) الاختلاف الذي يقع من أممهم عند ظهور الأمر المعجز على يدهم (وأنه لا يؤمن) بالحق عند ظهوره (إلا من أنار اللّه) تعالى (قلبه بنور الإيمان) الذي يقع فيه فيتسع لكل ما جاء به ذلك الرسول (ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا) ولم يتسع به صدره بل ضاق وانحصر بحكم الطبع والعادة (فلا ينفع في حقه) ذلك (الأمر المعجز) من الرسول الذي أتى بذلك .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  (والولي ليس كذلك ومع هذا ) أن الرسول يحتاج إلى التصرف في إظهار الدين ( فلا يطلبه ) أي التصرف ( الرسول في الظاهر ) أي من حيث النشأة العنصرية وأما من حيث النشأة الروحانية يطلب التصرف لذلك وإنما لا يطلب الرسول التصرف وهو إظهار المعجزة .
قال رضي الله عنه :  ( لأن للرسول الشفقة على قومه فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم فإن في ذلك ) أي في ظهور الحجة ( هلاكهم ) اسم أن والظروف مقدم خبره ( فيبقى ) من الإبقاء (عليهم ) حجابهم لتعطفهم ( وقد علم الرسول عليه السلام أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ) أي عند ظهور المعجزة .

قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوّا وحسدا ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام ) أي الشعبذة ( فلما رأت ) أي شاهدت ( الرسل ذلك ) الأمر من أعيان قومه ( و ) رأت ( أنه ) أي الشأن ( لا يؤمن ) أحد وإن ظهرت المعجزة له.
قال رضي الله عنه :  ( إلا من أنار اللّه قبله ) في علمه ( بنور الإيمان ) الأزلي ( ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا ) عند الظهور فلا يظهر التصديق عن مثل هذا الشخص لعدم تنور قلبه بنور الإيمان الأزلي ( فلا ينفع في حقه الأمر المعجز ) فإذا علمت الرسل هذه الأحوال من قومهم.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
قال رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم: فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام. فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان: ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.) النص واضح.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
قال رضي الله عنه :  والوليّ ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر ، لأنّ للرسول الشفقة على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجّة عليهم ، فإنّ في ذلك هلاكهم ، فيبقي عليهم ، وقد علم الرسول أيضا أنّ هذا الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن به عند ذلك ، ومنهم من يعرفه ويجحده ، ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوّا وحسدا ، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام .  فلمّا رأت الرسل ذلك ، وأنّه لا يؤمن إلَّا من أنار الله قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمّى إيمانا ، فلا ينفع في حقّه الأمر المعجز)


قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.

 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .

فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم: فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام. فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:  ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
هذا كلام ظاهر اللفظ ، والمعنى.
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
قال رضي الله عنه :  (والولي ليس كذلك . ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر .)
أي ، ومع أن الرسول يحتاج في إظهار دين الله إلى التصرف وخرق العادة ، فلا يطلب التصرف في الظاهر .
قال رضي الله عنه :  ( لأن للرسول الشفقة على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في إظهار الحجة عليهم ، فإن في ذلك هلاكهم ، فيبقى عليهم . ) من ( الإبقاء ) . أي ، يبقى عليهم صورة الحجاب تعطفا ورحمة منه عليهم .
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة ، فمنهم من يؤمن عند ذلك ، ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا ، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام ) أي الشعبذة .
قال رضي الله عنه :  ( فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا ، فلا ينفع في حقه الأمر المعجز . ) أي ، من الله .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:40 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة العاشرة على مدونة موسوعة فتوح الكلم
الفقرة العاشرة : الجزء الثاني
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  (والوليّ ليس كذلك ، ومع هذا فلا يطلبه الرّسول في الظّاهر لأنّ للرّسول الشّفقة على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجّة عليهم ، فإنّ في ذلك هلاكهم فيبقي عليهم ، وقد علم الرّسول أيضا أنّ الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التّصديق به ظلما وعلوا وحسدا ومنهم من يلحق ذلك بالسّحر والإيهام ، فلمّا رأت الرّسل ذلك وأنّه لا يؤمن إلّا من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشّخص بذلك النّور المسمّى إيمانا فلا ينفع في حقّه الأمر المعجز)
 
قال رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك ) أي : لا يطلب مقامه التصرف بالهمة لتقبل منه الولاية ، إذ ليس من شأنه عموم الدعوة ، وإظهار الدين للعامة ، فلابدّ له من مزيد الاحتياط في التصرف بالهمة إذ مر ذلك بجزم كيف لا ، ( ومع هذا ) أي : كون مقام الرسالة يطلب التصرف ، ( فلا يطلبه الرسول في ) الأمر ( الظاهر ) إعجازه بحيث يلجئ العقول إلى التصديق ؛ ( لأن للرسول الشفقة على قومه )  لكونه خيرا في ذاته ، ( فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم ) بإظهار المعجزات القاهرة .

قال رضي الله عنه :  ( فإن في ذلك هلاكهم ) في الحال ، إذا أخروا الإيمان به ، ( فيبقى عليهم ) وجودهم بإبقاء نوع من الخفاء في المعجزة لعلهم يعاملون ، فيؤمنون في ثاني الحال ، كيف ( وقد علم الرسول أيضا ) أي : مع علمه بهلاكهم في الحال لو لم يؤمنوا على الفور ، ( أن الأمر المعجز ) وإن بلغ حد الإلجاء ( إذا ظهر للجماعة ) المتفاوتة العقول والأخلاق ، ( فمنهم من يؤمن عند ذلك ) من غير تأخير فيفوز ، ( ومنهم من يعرفه ) بقلبه ( ويجحده ) بلسانه ، ( ولا يظهر التصديق ) الواقع في قلبه بالضرورة ( به ) ، فلا يكون لسانه ترجمان القلب ، وقد خلق لذلك فينزل إنكاره منزلة تكذيب القلب ، فلا ينفع التصديق القلبي أبدا ، إذا لم يكن الجحود عن إكراه بل ( ظلما ) بتكذيب ما دلت المعجزة على صدقه وتصديق ما لم ينزل به من اللّه سلطان من وسواس الشيطان ، ( وعلوا ) أي استكبار على آيات اللّه وأنبيائه ، ( وحسدا ) على ما أتاهم اللّه النبوة دونهم .

قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من يلحق ذلك ) المعجز ( بالسحر والإيهام ) أي : الشعوذة مع أنه يتحدى بذلك بالمعجزة مهرة العارفين بما هو من جنسها على العموم ولا يتحدى بهما كذلك ، ومع أن المعجزة مخصوصة بالنفس الخيرة اللاحقة بالملائكة الداعية إلى الخير في العموم ، وهما إنما يصدران من النفس الخبيثة اللاحقة بالشياطين ، ولا لبس في المعجزة القولية بهما أصلا ، ( فلما رأت الرسل ذلك ) الهلاك على الفور لمن آخر الإيمان عند رؤية المعجزة الملجئة ، ورأت ( أنه لا يؤمن ) عند ظهور المعجزة ، ولو ملجئه .


( إلا من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان ) وهو نور البصيرة الفارقة بين المعجزة وبين السحر والشعوذة عند خلو القلب من ظلمات الظلم والعلو والحسد وغيرها .
قال رضي الله عنه :  ( ومتى لم ينظر الشخص ) في المعجزة ، وإن نظر ببعض المقدمات الجدلية المشوبة بالأوهام الفاسدة عن الاحتمالات التي لا يتشكك العقل معها في دلالة المعجزة لعدم وقوعها أصلا بحسب العادة ، كما أنه يحتمل صيرورة البحر عسلا ، ومع ذلك فإنا جازمون ببقائه ما عند غيبتنا عنه ، والعادة لا تنخرق إلا لأمور مخصوصة جرت السنة الإلهية بخرقها لأجلها .

قال رضي الله عنه :  ( بذلك النور ) المزيل لهذه الأوهام ( المسمى ) على سبيل الاستعارة ( إيمانا ) ، كأنه عينه لإزالته الشبهات بالكلية ، فيلجئ إلى الإيمان بالضرورة لم يؤمن ذلك الشخص ، وإن كانت المعجزة ملجئة كما قال تعالى :" وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً " [ الرعد : 31 ] ، وقال :" وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا " [ الأنعام : 111 ] .
فاختاروا معجزات غير ملجئة ؛ لأن من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان أمن بعد التأمل فيها ولو بعد حين ولا أي ، وإن لم ينور اللّه قلبه بنور الإيمان ، ( فلا ينفع في حقه الأمر المعجز ) تأمل فيها الشخص بالدلائل المشوبة بالأوهام أم لا ، وبلغ ذلك الأمر حد الإلجاء أم لا .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  والولي ليس كذلك ، ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر ، لأنّ للرسول الشفقة  على قومه ،فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجّة عليهم ،فإنّ في ذلك هلاكهم(
إذا لم يذعنوا وتمرّدوا ، دون ما إذا لم يظهر الحجّة عليهم ( فيبقى عليهم ) .

قال رضي الله عنه :  ( وقد علم الرسول ) صلَّى الله عليه وسلَّم ( أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة ، فمنهم من يؤمن عند ذلك ، ومنهم من يعرفه ويجحده ،ولا يظهر التصديق به) إمّا ( ظلما ) لنفسه ، كما للمنهمكين في الشهوات منهم ( و ( إمّا ( علوّا ) على الناس ، كما للمتوجّهين إلى التجوّه والغلبة ( و ) إمّا ( حسدا ) على صاحب المعجزة كما للمشاركين معه ، إمّا في النسب أو ما يجري مجراه ، هذا عند من يعرفه ويعلمه .
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام ) من الجاهلين به والغافلين عنه عند إدراكهم المعجزة ، فإنّ الجهل بعثهم على إلحاقه بالسحر والشعبذة .

متى تؤثّر المعجزة 
 قال رضي الله عنه : ) فلمّا رأت الرسل ذلك وأنّه لا يؤمن إلَّا من أنار الله قلبه بنور الإيمان(   في الأصل .
( ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمّى إيمانا ، وإلَّا فلا ينفع في حقّه الأمر المعجز ،) من الأنبياء.
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك. ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإيهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز.)
 
قال رضي الله عنه :  ( والوليّ ليس كذلك ، ومع هذا فلا يطلبه الرّسول في الظّاهر لأنّ للرّسول الشّفقة على قومه ، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجّة عليهم ، فإنّ في ذلك هلاكهم فيبقي عليهم .  وقد علم الرّسول أيضا أنّ الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التّصديق به ظلما وعلوا وحسدا ومنهم من يلحق ذلك بالسّحر والإيهام . فلمّا رأت الرّسل ذلك وأنّه لا يؤمن إلّا من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان ، ومتى لم ينظر الشّخص بذلك النّور المسمّى إيمانا فلا ينفع في حقّه الأمر المعجز)

قال رضي الله عنه :  ( والولي ليس كذلك ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر لأن للرسول الشفقة على قومه فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم ، فإن في ذلك هلاكهم ) ، إذا لم يذعنوا وتمردوا بخلاف ما إذا لم يظهر الحجة عليهم ( فيبقي عليهم ) ، أي يرحم .
( وقد علم الرسول أيضا ) كان ما كان ( أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة فمنهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحد ولا يظهر التصديق به ) .
إما ( ظلما ) على نفسه كالمنهمكين في الشهوات ( و ) إما ( علوا ) على الناس بالجاه والغلبة ( و ) إما ( حسدا ) على صاحب المعجزة كالمشاركين له في السبب وغيره.
( ومنهم من لم يعرفه ويلحق ذلك ) ، أي الأمر المعجز ( بالسحر والإيهام ) ، أي الشعبذة كالجاهلين والغافلين عنه ( فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار اللّه قلبه بنور الإيمان ) بحسب استعداده النظري .
( ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز) فقصرت الهمم ) ، أي همم الرسل  عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين  ظاهرا بالإسلام ولا في قلوبهم باطنا بالإيمان .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:41 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الحادي عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)

قال رضي الله عنه : (فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعمّ أثرها في النّاظرين ولا في قلوبهم.  كما قال في حقّ أكمل الرّسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحالإِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [ القصص : 56 ] ولو كان للهمّة أثر ولا بد ، لم يكن أحد أكمل من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا أعلى وأقوى همّة منه ، وما أثّرت في إسلام أبي طالب عمّه ، وفيه نزلت الآية الّتي ذكرناها ولذلك قال في الرّسول إنّه ما عليه إلّا البلاغ ، وقال تعالى :لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [ البقرة : 272 ] . وزاد في سورة القصص :وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ [ القصص  : 56] أي بالّذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فأثبت أنّ العلم تابع للمعلوم . )

قال رضي الله عنه :  (فقصرت) بسبب ذلك (الهمم) من الرسل عليهم السلام (عن طلب الأمور المعجزة) الخارقة للعادة من اللّه تعالى على صدقهم لما علموا (أنه لما لم يعم أثرها في) تحصيل الإيمان (الناظرين) إليها كلهم في ظواهرهم ولا في قلوبهم بل خص البعض دون البعض (كما قال) اللّه تعالى (في حق أكمل الرسل) كلهم عليهم السلام (وأعلم الخلق) باللّه تعالى (وأصدقهم) ، أي الخلق في الحال محمد رسولنا صلى اللّه عليه وسلم ("إِنَّكَ") يا محمد ("لا تَهْدِي") إلى دين اللّه تعالى ("مَنْ أَحْبَبْتَ") من الناس والأقارب والأجانب ، ولو جئت بالأمور الخارقة للعادة ("وَلكِنَّ اللَّهَ") سبحانه وتعالى هو الذي ("يَهْدِي") إلى دينه الحق والصراط المستقيم ("مَنْ يَشاءُ") [ القصص : 56 ] من عباده . وهذه الهداية بمعنى الإيصال لا الدلالة فإنه صلى اللّه عليه وسلم دل من أحبه ومن لم يحبه بحكم قوله تعالى : "وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ" [ الشورى: 52 ].   أي تدل "عليه" والموصل إلى ذلك هو اللّه تعالى .

قال رضي الله عنه :  (ولو كان للهمة) القلبية (أثر) فيما يريد صاحبها (ولا بد) ، أي بطريق اللزوم (لم يكن أحد أكمل) فيها من رسوله (صلى اللّه عليه وسلم ولا) أحد (أعلى والأقوى همة) قلبية (منه عليه السلام) ومع ذلك (ما أثرت) همته صلى اللّه عليه وسلم (في) حصول (إسلام أبي طالب عمّه) أخ أبيه عبد اللّه بن عبد المطلب بن هاشم حين دخل عليه في مرض موته وقال له : يا عماه قل لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه ، فامتنع ، فأدنى إليه أذنه وقال له : قلها ولو في أذني ، فأبى ومات على دين الأشياخ من قريش وفيه ، أي في أمر أبي طالب نزلت هذه الآية التي ذكرناها وهي قوله تعالى :" إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ " [ القصص : 56 ] .

ولذلك ، أي لأجل ما ذكر قال اللّه تعالى في حق الرسول أنه ما عليه إلا البلاغ ، أي إيصال الحق إلى الناس لا قبولهم له كما قال تعالى : " وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ" [ النور : 54 ] .

قال رضي الله عنه :  (وقال) تعالى : (" لَيْسَ عَلَيْكَ") يا أيها الرسول ("هُداهُمْ") ، أي هدايتهم (" وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ" [ البقرة : 272 ] وزاد) اللّه تعالى في آية :" إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ " في سورة القصص قوله تعالى : (" وَهُو") َ، أي اللّه تعالى ("أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" أي) [ القصص : 56 ] .

أعلم (بالذين أعطوه العلم بهدايتهم) من الأزل حين كشف عنهم بعلمه القديم وهم (في حال عدمهم) الأصلي (بأعيانهم) متعلق بأعطوه ، أي حقائقهم (الثابتة) غير المنفية بلا وجود فأثبت سبحانه بمقتضى هذه الآية (أن العلم) الإلهي الكاشف في الأزل عن كل شيء (تابع للمعلوم) المكشوف عنه على حسب ما هو عليه ذلك المعلوم في عينه الثابتة في العدم من دون وجود .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)


قال رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم ) أي همم الرسل ( عن طلب الأمور المعجزة ) من اللّه لإظهار دين اللّه وإنما قصرت همم الرسل عن طلب المعجزة .
( لما لم يعم أثرها ) أي أثر المعجزة ( في الناظرين ) كله فإن بعض ناظري المعجزة لا يقرّ بها أي لا يؤثر المعجزة في ناظري المعجزة ( ولا ) يعم أثرها ( في قلوبهم ) فإن بعض قلوب الناظرين لا يصدق به فكان من الناظرين من يقرّ بلسانه ويجحد بقلبه وهم المنافقون لذلك قال ولا في قلوبهم فيختص أثر المعجزة من الناظرين لمن نوّر اللّه قلبه بنور الإيمان الأزلي فقصرت المعجزة فقصرت الهمم ولو عمت لعمت.

قال رضي الله عنه :  ( كما قال في حق أكمل الرسل واعلم الخلق وأصدقهم في الحالإِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) فلا أثر للهمة ( ولو كان للهمة أثر ولا بد لم يكن أكمل من رسول اللّه عليه السلام ولا أعلى درجة وأقوى همة منه وما أثرت ) همة ( في إسلام أبي طالب عمه فيه ) أي في حق أبي طالب ( نزلت الآية التي ذكرناها وكذلك قال في الرسول أنه ما عليه إلا البلاغ ) وهو قوله تعالى :" فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ " [ النحل : 82 ].
 فنفى عنه ما عدا التبليغ .
قال رضي الله عنه :  ( وقال لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) فنفى عنه هدايتهم كل ذلك نفي لتأثير همته مع كونه أكمل البشر بل أكمل الموجودات .
ولما كان إيضاح هذه المسألة موقوفة على سر القدر بينه بقوله ( وزاد ) الحق تعالى نفى أثر الهمة ( في سورة القصص وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ أي بالذين أعطوه ) أي الحق ( العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فأثبت ) الحق ( إن العلم تابع للمعلوم ) فإذا كان العلم تابعا للمعلوم ( فمن كان مؤمنا أعطى العلم للحق بإيمانه.

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""

"" أضاف الجامع :  قال الشيخ رضي الله عنه  عن عين سر القدر واتباع العلم للمعلوم  في الفتوحات الباب الثامن والثلاثون وخمسمائة:
" فتنبه واعتبر " وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " فمن ازداد علما ازداد حكما .
فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه .
من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به ،  فمتعلق الأمر عند صاحب هذا النظر أن يهيئ محله بالانتظار .
فإذا جاء الأمر الإلهي الذي يأتي بالتكوين بلا واسطة فينظر أثره في قلبه أولا فإن وجد الإباية قد تكونت في قلبه فيعلم أنه مخذول وأن خذلانه منه لأنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه .
التي أعطت العلم لله به . وإن وجد غير ذلك وهو القبول
فكذلك أيضا فينظر في العضو الذي تعلق به ذلك الأمر المشروع أن يتكون فيه من أذن أو عين أو يد أو رجل أو لسان أو بطن أو فرج .
فإنا قد فرغنا من القلب بوجود الإباية أو القبول فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه فإنه لا يحكم فينا إلا بنا كما قلنا
أيها العذب التجني والجنا   ..... أيها البدر سناء وسنا
نحن حكمناك في أنفسنا   ..... فاحكم إن شئت علينا أو لنا
فإذا تحكم فينا إنما   ..... عين ما تحكمه فينا بنا
ومن كان هذا حاله في مراقبته وإن وقع منه خلاف ما أمر به فإنه لا يضره ولا ينقصه عند الله إفضالا من الله لا تحكما عليه عز وجل .
فإن المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة لله في تكوينه .
وهذا ذوق لا يمكن أن يعلم قدره إلا من كان حاله .
وهذا هو عين سر القدر لمن فهمه وكم منع الناس من كشفه لما يطرأ على النفوس الضعيفة الايمان من ذلك فليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد .
فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة الاستقامة وبها أمر فإنه أمر بالمراقبة
فيتبع الحكم ما يكون   ..... والصعب من ذلكم يهون  أهـ. ""

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)

قال رضي الله عنه : ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء". ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها: ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» . وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)النص واضح.

"" أضاف الجامع : يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه. 
وقال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)

قال رضي الله عنه :  (فقصرت الهمم عن طلب الأمر المعجز ، لما لم يعمّ أثرها في الناظرين  و لا في قلوبهم ، كما جاء في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأكملهم في الحال " إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ " إلى صراط مستقيم « ولو كان للهمّة أثر ، ولا بدّ ولم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همّة منه وما أثّرت في إسلام أبي طالب عمّه ، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها . ولذلك قال في الرسول صلى الله عليه وسلم أنّه ما عليه " إِلَّا الْبَلاغُ " وقال : " لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ". وزاد في سورة القصص ، " وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم وأعيانهم الثابتة ، فأثبت أنّ العلم تابع للمعلوم ،)
قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.
 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .
فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .
هذا ظاهر ما في هذا الشطر ، والذي فوق هذا أنّ العلم مأخوذ من المعلوم ، والمعلوم نحن ، فإنّا إنّما نعلم أنفسنا منّا ، إذ لا معلوم إلَّا نحن ، فالأخذ منّا ، وذلك العلم من الله متعلَّق أوّلا بنفسه ، ثمّ بالعالم الذي هو مظاهر حقائق نفسه .

"" أضاف الجامع :  قال الشيخ رضي الله عنه  عن عين سر القدر واتباع العلم للمعلوم  في الفتوحات الباب الثامن والثلاثون وخمسمائة:
" فتنبه واعتبر " وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " فمن ازداد علما ازداد حكما .
فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه .
من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به ،  فمتعلق الأمر عند صاحب هذا النظر أن يهيئ محله بالانتظار .
فإذا جاء الأمر الإلهي الذي يأتي بالتكوين بلا واسطة فينظر أثره في قلبه أولا فإن وجد الإباية قد تكونت في قلبه فيعلم أنه مخذول وأن خذلانه منه لأنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه .
التي أعطت العلم لله به . وإن وجد غير ذلك وهو القبول
فكذلك أيضا فينظر في العضو الذي تعلق به ذلك الأمر المشروع أن يتكون فيه من أذن أو عين أو يد أو رجل أو لسان أو بطن أو فرج .
فإنا قد فرغنا من القلب بوجود الإباية أو القبول فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه فإنه لا يحكم فينا إلا بنا كما قلنا
أيها العذب التجني والجنا   ..... أيها البدر سناء وسنا
نحن حكمناك في أنفسنا   ..... فاحكم إن شئت علينا أو لنا
فإذا تحكم فينا إنما   ..... عين ما تحكمه فينا بنا
ومن كان هذا حاله في مراقبته وإن وقع منه خلاف ما أمر به فإنه لا يضره ولا ينقصه عند الله إفضالا من الله لا تحكما عليه عز وجل .
فإن المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة لله في تكوينه .
وهذا ذوق لا يمكن أن يعلم قدره إلا من كان حاله .
وهذا هو عين سر القدر لمن فهمه وكم منع الناس من كشفه لما يطرأ على النفوس الضعيفة الايمان من ذلك فليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد .
فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة الاستقامة وبها أمر فإنه أمر بالمراقبة
فيتبع الحكم ما يكون   ..... والصعب من ذلكم يهون " أهـ. ""
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)

قال رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".  ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها: ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .  وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة. فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)
هذا كلام ظاهر اللفظ ، والمعنى.

"" أضافة بالي زادة :  ولما كان إيضاح هذه المسألة موقوفا على بيان سر القدر بينه بقوله : ( وزاد ) الحق تعالى نفى ؟ أثر الهمة ( في صورة القصص ) اهـ بالى.
( ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم ) حتى أكون ظالما ، فكان أمر الحق بهم بما ليس في وسعهم من أحوال عينهم الثابتة ، وهذا هو الكلام الذي قطع عرق الجبر عن كليته ، فلا ظلم أصلا فلا جبر
قطعا لا صرفا ولا متوسطا إذ مآل الجبر الظلم اهـ .
( كذلك ما قلنا لهم ) المراد من القول التكاليف الشرعية ، فلما أعطى الحق لهم ما طلبت ذواتهم من الكفر والإيمان ، كذلك أعطى الحق لذاته تعالى ما اقتضت ذاته من القول كذا وعدم القول كذا اهـ بالى . ""

"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""


"" أضاف الجامع :  قال الشيخ رضي الله عنه  عن عين سر القدر واتباع العلم للمعلوم  في الفتوحات الباب الثامن والثلاثون وخمسمائة:
" فتنبه واعتبر " وقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " فمن ازداد علما ازداد حكما .
فانظر فيما أمرت به أو نهيت عنه من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به أو نهيت عنه .
من حيث إنك محل لوجود عين ما أمرت به ،  فمتعلق الأمر عند صاحب هذا النظر أن يهيئ محله بالانتظار .
فإذا جاء الأمر الإلهي الذي يأتي بالتكوين بلا واسطة فينظر أثره في قلبه أولا فإن وجد الإباية قد تكونت في قلبه فيعلم أنه مخذول وأن خذلانه منه لأنه على هذه الصورة في حضرة ثبوت عينه .
التي أعطت العلم لله به . وإن وجد غير ذلك وهو القبول
فكذلك أيضا فينظر في العضو الذي تعلق به ذلك الأمر المشروع أن يتكون فيه من أذن أو عين أو يد أو رجل أو لسان أو بطن أو فرج .
فإنا قد فرغنا من القلب بوجود الإباية أو القبول فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى نعلم ما كنا فيه فإنه لا يحكم فينا إلا بنا كما قلنا
أيها العذب التجني والجنا   ..... أيها البدر سناء وسنا
نحن حكمناك في أنفسنا   ..... فاحكم إن شئت علينا أو لنا
فإذا تحكم فينا إنما   ..... عين ما تحكمه فينا بنا
ومن كان هذا حاله في مراقبته وإن وقع منه خلاف ما أمر به فإنه لا يضره ولا ينقصه عند الله إفضالا من الله لا تحكما عليه عز وجل .
فإن المراد قد حصل الذي يعطي السعادة وهو المراقبة لله في تكوينه .
وهذا ذوق لا يمكن أن يعلم قدره إلا من كان حاله .
وهذا هو عين سر القدر لمن فهمه وكم منع الناس من كشفه لما يطرأ على النفوس الضعيفة الايمان من ذلك فليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه إلا اتباع العلم المعلوم فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد .
فمن كان هذا حاله فقد فاز بدرجة الاستقامة وبها أمر فإنه أمر بالمراقبة
فيتبع الحكم ما يكون   ..... والصعب من ذلكم يهون " أهـ. ""
.
يتبع

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:42 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الحادي عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الحادي عشر : الجزء الثاني

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)
قال رضي الله عنه :  (فقصرت الهمم ) أي ، همم الأنبياء . ( عن طلب الأمور المعجزة . ) أي ، من الله .
( لما لم يقم أثرها في الناظرين ) لعدم إعطاء حقائقهم وأعيانهم الثابتة قبولها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا في قلوبهم ، كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال : " إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء " ).
ولو كان للهمة أثر ، ولا بد لم يكن أحد أكمل من رسول الله ، صلى الله عليه
وسلم ، ولا أعلى وأقوى همة منه ، وما أثرت في إسلام أبى طالب عمه ، وفيه نزلت الآية
التي ذكرناها ولذلك قال في الرسول : إنه ما عليه إلا البلاغ .
وقال : ( " ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء " . ) كل هذا غنى عن الشرح .
( وزاد في سورة ( القصص ) : " وهو أعلم بالمهتدين " . أي ، بالذين أعطوه . )
أي ، أعطوا الحق . أي ، ( العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة . فأثبت
أن العلم تابع للمعلوم. ) ألفاظه ظاهرة
"" أضاف الجامع : يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه. 
وقال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)
قال رضي الله عنه : (فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعمّ أثرها في النّاظرين ولا في قلوبهم ).
وإذا كان كذلك ( فقصرت الهمم ) أي همم الرسل ، وإن لم يكن لهم عنها بد في الجملة ( عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها ) الكل ، وإن أثرت في الأكثر ( في الناظرين ) فضلا عن المعرضين ، فإن إلجائهم إلى الإقرار في الظاهر ، ( ولا ) يؤثر ( في قلوبهم ) كما في المنافقين ، وهذا القصور في تأثير الهمم لا يختص بالقاصرين بل يعم الكل أيضا .
 
قال رضي الله عنه :  (كما قال في حقّ أكمل الرّسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال " إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ" [ القصص : 56 ] ولو كان للهمّة أثر ولا بد ، لم يكن أحد أكمل من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولا أعلى وأقوى همّة منه ، وما أثّرت في إسلام أبي طالب عمّه ، وفيه نزلت الآية الّتي ذكرناها ولذلك قال في الرّسول إنّه ما عليه إلّا البلاغ ، وقال تعالى :لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ البقرة : 272 ] ، وزاد في سورة القصص :وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ[ القصص : 56 ] أي بالّذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فأثبت أنّ العلم تابع للمعلوم) .
 
قال رضي الله عنه :  ( كما قال تعالى في حق أكمل الرسل ) في أمر الرسالة الغالية لتصرف بها لإظهار المعجزات ، ( واعلم الخلق ) بكيفية تصرفات الهمم وموضعها ( وأصدقهم في الحال ) الموجبة تأثيرها على أكمل الوجوه ( إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ) فصرفت همتك إلى هدايته ( وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ[ القصص : 56 ] ) بإفاضة نور الإيمان عليه ، ( ولو كان الهمة ) من الكمّل ( أثر ) في الكل ، ( ولا بدّ ) من تأثيرها ، ولو فيمن ينور اللّه قلبه بنور الإيمان ، ( لم يكن أحد أكمل من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، ولا أعلى همة من حيث أثرت همته في إيمان أكثر سكان العالم ، ( ولا أعلى ) همة من حيث أثرت همته في شق القمر ، ( وأقوى همة منه ) حيث أثرت همته في إظهار دينه على الأديان كلها ، واستنزال معجزة باقية إلى الأبد  منتشرة في المشارق والمغارب ، جامعة بين الإعجاز والهداية المطلوبة منه وهي القرآن .
قال رضي الله عنه :  ( وما أثرت ) همته ( في إسلام ) أحب الناس إليه ، وأمنهم عليه في التربية والحماية ( أبي طالب عمه ) من الأبوين بخلاف حمزة والعباس ، فإنهما عماه من الأب ، ( وفيه ) لا في غيره ، كما زعمت الشيعة القائلون بإيمان أبي طالب ، ( نزلت الآية التي ذكرناها ) على الخصوص ، وآيات أخر على العموم ؛ ( ولذلك ) أي : ولعدم تأثير همته في حق من خلا عن نور الإيمان لعدم مناسبته إياه ، مع أنه لا بدّ منها بين الفاعل والقابل ، ( قال في ) حق ( الرسول : ما عليه إلا البلاغ ) ؛ فإنه ينزل منه منزلة هدايته إياهم .
قال رضي الله عنه :  ( وقال تعالى :لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ[ البقرة : 272 ] ) إذ ليس إليك إفاضة نور الإيمان ،"وَلكِنَّ اللَّهَ " بعد بيانك للهدى لهم" يَهْدِي مَنْ يَشاءُ " بإفاضة ذلك النور عليه ، فكأنك هديته بتأثير همتك فيه ، ( وزاد في سورة القصص ) لبيان أن إفاضة نور الإيمان على البعض دون الباقين ليس على سبيل التحكم بل هو تابع لعلم الحق التابع لما عليه الأعيان في أنفسها ؛ فقال :(" وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [ القصص : 56 ] )
أي :  للمستعدين للهداية ، يفيض عليهم نور الإيمان لما أعطوه العلم بهدايتهم ، وإليه الإشارة بقوله : ( أي : بالذين أعطوه العلم بهدايتهم ) أي : استعدادهم لها ، وإن كانوا ( في حال عدمهم ) في الخارج ، فلا يتوقف على حدوثهم وعدمهم في الإعطاء ، إذا أعطوه ( بأعيانهم الثابتة ) في العلم الأزلي ( فأثبت ) بقوله :وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَمن حيث جعله دليلا على رفع التحكم المتوهم من الآية السابقة ، ( أن العلم تابع للمعلوم ) لا باعتبار انفعاله ، بل إدراكه على ما هو عليه في نفسه .
"" أضاف الجامع : قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له.
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)
قال رضي الله عنه : (فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة ،لمّا لم يعم أثرها في الناظرين ) إليها ، لا في عقولهم ، حتّى يعتقدوا عقدا تقليديّا ( ولا في قلوبهم ) حتّى يؤمنوا به إيمانا علميّا انشراحيّا .
فعلم أنّ مساعي الأنبياء بقوّة المعجزة غير مفيد ( كما قال في حقّ أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال :  " إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ " ) [ 28 / 56 ] .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولو كان للهمّة أثر ولا بدّ ) يعني يلزم الهمّة أثرها لزوما كليّا - لا في الجملة - كما يشاهد في بعض الأفراد من المستكملين
 ( لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ، ولا أعلى ولا أقوى همّة منه ، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمّه) وقريبه بوثاقة رقيقة نسبته إليه وألفته معه .
وكلّ ذلك مما يعدّ في أمر التأثير والتأثّر ( وفيه نزلت الآية التي ذكرناها ، ولذلك قال في الرسول أنّه ما عليه إلَّا البلاغ ) في صيغة الحصر ( وقال : " لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ الله يَهْدِي من يَشاءُ " [ 2 / 272 ] وزاد في سورة القصص ) على ذلك بيانا بقوله : ( "وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " [ 28 / 56 ] أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة ) .
 
 مبدأ السعادة والشقاوة عين السعيد والشقي
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فأثبت ) بقوله هذا ( أنّ العلم تابع للمعلوم )
"" أضاف الجامع : يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه. ""
"" أضاف الجامع :قال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثالث عشر وأربعمائة
فإن قلت فهذا المخلوق على قبول الشر هو ممكن فلأي شيء لم يخلقه على قبول الخير فالكل منه قلنا قد قدمنا وبينا أن العلم تابع للمعلوم وما وجد الممكن إلا على الحال الذي كان عليه في حال عدمه من ثبوت وتغيير كان ما كان والحق ما علم إلا ما هو المعلوم عليه في حال عدمه الذي إذا ظهر في الوجود كان بتلك الحال .
فما طرأ على المعلوم شيء لم يتصف به في حال عدمه فما للعلم فيه أثر وما قلنا بالقدر إنه توقيت إلا لأنه من المقدار "وما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ " "وكُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ" فاعلم ذلك والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ.""
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".
ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء» .
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.  فأثبت أن العلم تابع للمعلوم.)
 
قال رضي الله عنه :  ( فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعمّ أثرها في النّاظرين ولا في قلوبهم .  كما قال في حقّ أكمل الرّسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحالإِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ [ القصص : 56 ]  ولو كان للهمّة أثر ولا بد ، لم يكن أحد أكمل من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا أعلى وأقوى همّة منه ، وما أثّرت في إسلام أبي طالب )
 
قال رضي الله عنه :  (فقصرت الهمم ) ، أي همم الرسل ( عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ) ظاهرا بالإسلام ( ولا في قلوبهم ) باطنا بالإيمان .
( كما قال تعالى في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال "إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ " [ القصص : 56 ] ولو كان للهمة أثر ولا بد ) لها من الأثر للزومه إياها ( لم يكن أحد أكمل من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه
قال رضي الله عنه :  (طالب عمّه ، وفيه نزلت الآية الّتي ذكرناها ولذلك قال في الرّسول إنّه ما عليه إلّا البلاغ ، وقال تعالى :" لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ " [ البقرة  : 272] . وزاد في سورة القصص :" وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [ القصص 56 :] أي بالّذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فأثبت أنّ العلم تابع للمعلوم . )
"" أضاف الجامع : يقول الشيخ ابن نور الدين الشيخ الكامل  في المشيئة والإرادة بالنسبة إلى العلم :
المشيئة والإرادة نسبتان تابعتان للعلم ، والعلم تابع للمعلوم ، فلا يعلم إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يشاء إلا ما هو الأمر عليه ، فلا يوجد الحق إلا ما أعطته الاستعدادات لا غير ، فلا يقع في الوجود إلا ما أعطته الأعيان ، والعين ما تعطي إلا مقتضى ذاتها ولا تقضي الذات شيئا ونقيضه. 
وقال الشيخ رضي الله عنه :  في الفتوحات الباب الثاني عشر وأربعمائة
والعلم تابع للمعلوم وما هو المعلوم تابع للعلم. فافهمه .
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحد أنبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا . وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها .
وفرّق يا أخي بين كون الشيء موجود فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصور في حال عدمه الأزليّ له .
فهو مساوق للعلم الإلهيّ به ومتقدم عليه برتبته ، لأنه لذاته أعطاه العلم به فعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر .
الذي قصاه حالك ولو لم يكن في هذه الكتاب إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سديد وعقل سليم.
ولله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ""
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:43 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصّورة في حال وجوده ، وقد علم اللّه ذلك منه أنّه هكذا يكون ، فلذلك قال :وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فلمّا قال مثل هذا قال أيضا :ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ لأنّ قولي على حدّ علمي في خلقيوَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ ق : 29 ] أي ما قدّرت عليهم الكفر الّذي يشقيهم ثمّ طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما عاملناهم إلّا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلّا بما أعطونا من نفوسهم ممّا هم عليه ، فإن كان ظلما فهم الظّالمون . ولذلك قال : وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ  يَظْلِمُونَ [الأعراف : 160 ] فما ظلمهم اللّه )
قال رضي الله عنه :  (فمن كان) في الأزل (مؤمنا في) حال (ثبوت عينه) ، أي حقيقته ثبوتا هو ضد النفي لا بمعنى الوجود (و) في (حال عدمه) الأصلي (ظهر) ذلك الثابت (بتلك الصورة) التي هي الإيمان (في حال وجوده) المستفاد من تجلي الحق تعالى عليه في حضرة سمعه وبصره (وقد علم اللّه) تعالى (ذلك) الوصف الذي هو ثابت فيه (منه في) الأزل (أنه هكذا) ، أي على الوصف المذكور (يكون) ، أي يوجد ، وكذلك من كان في الأزل كافرا أو فاسقا أو جاهلا أو مبتدعا وغير ذلك في حال ثبوت عينه ، يعلم اللّه تعالى منه ذلك فلا يوجد إلا كذلك .
قال رضي الله عنه :  (فلذلك) ، أي لأجل ما ذكر (قال) تعالى : (" وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" [ القصص : 56 ]
فلما قال) سبحانه مثل هذا المقول المذكور قال تعالى أيضا "ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ" [ ق : 29 ] ، أي عندي (لأن قولي) حق (على حد علمي) ، أي تابع لعلمي (في خلقي) فلا أقول إلا ما أعلم ، ولا أعلم إلا ما الأمر عليه ثابت في نفسه ، ويستحيل غير ذلك ("وَما أَنَا بِظَلَّامٍ") ، أي منسوب إلى الظلم .
كما يقال لحام وسمان منسوبان إلى اللحم والسّمن ، لا أنه صيغة مبالغة حتى يلزم منه محذور بأن المنفي المبالغة في الظلم لا مطلق الظلم ، فيقتضي ثبوت شيء من الظلم له تعالى : ("لِلْعَبِيدِ أي ما قدرت) في الأزل (عليهم) ، أي على بعض العبيد (الكفر الذي يشقيهم) بمخالفتم أمري قال رضي الله عنه :  (ثم طالبتهم) في الدنيا (بما ليس في وسعهم) أي طاقتهم وقدرتهم أن يأتوا به من الإيمان والطاعة (بل ما عاملناهم) في الأزل حين قدّرنا عليهم الشقاوة في الدنيا حين كلفناهم بعد أن خلقناهم إلا بحسب ما علمناهم عليه من الأوصاف في حال ثبوتهم في عدمهم الأصلي (وما علمناهم) كذلك في الأزل (إلا بما أعطونا من نفوسهم) ، وأحوالها في ظواهرهم وبواطنهم (مما هم عليه) في عالم الثبوت غير الوجود وغير المنفي ويسمى عالم الإمكان ، كما أن الوجود يسمى عالم الوجود ، والنفي يسمى عالم الاستحالة .
قال رضي الله عنه :  (فإن كان) فيما قدرنا عليهم من الأزل ثم أوجدناه فيهم من أحوالهم (ظلما) بسبب عدم تأثيرهم في شيء منه أصلا (فهم الظالمون) والأحق أنهم هم الذين يوصفون بهذا الوصف القبيح الذي هو الظلم لأنه لم يكن في علمنا إلا تبعا لما هو في أحوالهم الثابتة أزلا في عالم الإمكان ، واللّه تعالى منزه عن القبائح أزلا وأبدا .
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قال) سبحانه ("وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ") [ البقرة : 57 ] من أصل ثبوت أعيانهم كذلك كما ذكرنا (فما ظلمهم اللّه) تعالى ، لأنه أعطاهم خلقهم ، فأوجدهم على طبق ما هم عليه ، فله المنة عليهم والفضل بتشريفهم بحلة الوجود ، التي أعارها لهم على حسب ما أوجدهم أيضا قابلين له منها ، هذا من حيث وجودهم بأحوالهم التي هم عليها ، وأما من حيث الحكم عليهم بالأحكام الشرعية أمرا ونهيا ، فقد أشار إليه بقوله :
 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا ) أي فمن كان أعطى العلم للحق بإيمانه ( في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده وقد علم اللّه ذلك ) أي الإيمان ( منه أنه هكذا يكون ) أي الذي كان مؤمنا في حال عدمه يكون مؤمنا في وجوده الخارجي ( فلذلك ) العلم ( قال "هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" فلما قال مثل هذا ) القول وهو قوله :" وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " ( قال أيضا ما يبدل القول ) وهو حكم اللّه بإيمان البعض وكفر البعض .
قال رضي الله عنه :  ( لديّ لأن قولي على حد ) أي على حسب (علمي في خلقي "وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ" أي ما قدرت عليهم ) أي على العبيد ( الكفر الذي يشقيهم ) بدون اقتضاء أعيانهم الثابتة وطلبهم مني ( ثم طلبتم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ) حتى لا أكون ظالما للعبيد فكل أمر الحق بهم ما ليس في وسعهم من أحوال عينهم الثابتة وهذا هو الكلام الذي قطع عرق الحبر عن كليته فلا ظلم أصلا فلا جبر قطعا لا صرفا ولا متوسطا إذ ما مآل الجبر الظلم فلا يصح الجبر أصلا كما لا يصح الظلم .
قال رضي الله عنه :  ( بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم بما عليه ) في حال عدمهم فما كان اللّه ظالما للعبيد في هذه المعاملة ( فإن كان ظالما ) هذا مجرد تقدير وفرض لإلزام الخصم ( فهم الظالمون ) لأنفسهم لا الحق لاقتضاء أعيانهم الثابتة هذا الظلم وطلبته من اللّه فما فعل الحق بهم بظلم إلا ما فعلوا بأنفسهم من الظلم فما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ( ولذلك قالوَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فلما كانوا هم الظالمين.
قال رضي الله عنه  قال تعالى : (وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ) فما طلب الحق منهم بما ليس في وسعهم إلا على حسب اقتضاء أعيانهم في حال عدمهم فكما أن ما عاملناهم إلا بحسب ما أعطونا من نفوسهم من العلم بهم .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه : ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده. وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين». فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به. بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون. ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
النص واضح.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
 قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.  وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين». فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.  بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون. ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
المعنى ظاهر الوضوح .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه : (فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ، ظهر بتلك الصورة في حال وجوده وقد علم الله بذلك منه أنّه هكذا يكون . فلذلك قال: " وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ "  فلمّا قال مثل هذا ،قال أيضا " لا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ "لأنّ قولي على حدّ علمي في خلقي "وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ".
أي ما قدّرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ، ثمّ طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما املناهم إلَّا بحسب ما علمناهم وما علمناهم إلَّا بما أعطونا من نفوسهم ممّا هم عليه ، فإن كان ظلم فهم الظالمون . ولذلك قال :" وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "  فما ظلمهم الله .)


قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.
 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .
فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .
هذا ظاهر ما في هذا الشطر ، والذي فوق هذا أنّ العلم مأخوذ من المعلوم ، والمعلوم نحن ، فإنّا إنّما نعلم أنفسنا منّا ، إذ لا معلوم إلَّا نحن ، فالأخذ منّا ، وذلك العلم من الله متعلَّق أوّلا بنفسه ، ثمّ بالعالم الذي هو مظاهر حقائق نفسه ،

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده. وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين». فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.  بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون. ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
هذا كلام ظاهر اللفظ ، والمعنى.
قال رضي الله عنه :  (ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
هذا كلام ظاهر اللفظ ، والمعنى.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه :  (فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ، ظهر بتلك الصورة في حال وجوده . وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون ، فلذلك قال : " وهو أعلم بالمهتدين " . فلما قال مثل هذا ، 
قال أيضا : 
" ما يبدل القول لدى " . لأن قولي على حد علمي في خلقي . " وما أنا بظلام للعبيد " . أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ، ثم طالبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه : فإن كان ظلما ، فهم الظالمون . 
ولذلك قال : " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " . فما ظلمهم الله.
)
ألفاظه ظاهرة .
والمقصود بيان سر ( القدر ) . وقد مر في المقدمات أن الله يعلم ذاته وأسمائه  وصفاته بذاته ، ويعلم الأعيان التي هي صور الأسماء بعين ما يعلم ذاته ، فكما لا يعلم من ذاته وأسمائه وصفاته إلا ما تعطيه الذات والأسماء والصفات مما هي عليها ، كذلك لا يعلم من الأعيان إلا ما تعطيه الأعيان واستعداداتها مما هي عليها ، فعلمه تعالى تابع للمعلوم من هذا الوجه ، وإن كان المعلوم تابعا للعلم من وجه آخر .
فمن كانت عينه مؤمنة حال ثبوتها وحال كونها موصوفة بالعدم بالنسبة إلى الخارج ، فهو يظهر مؤمنا عند سماع أمر الله بقوله : ( كن ) . ومن كان كافرا أو عاصيا أو منافقا ، فهو يظهر في الوجود العيني بتلك الصفة . فالحق ما يعاملهم إلا بما يقتضى أعيانهم باستعداداتها وقبولها : إن خيرا ، فخير ، وإن شرا ، فشرا . فمن وجد خيرا ، فليحمد الله ، ومن
وجد دون ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه – " فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " .
 
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:43 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثانية عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الثانية عشر : الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصّورة في حال وجوده ، وقد علم اللّه ذلك منه أنّه هكذا يكون ، فلذلك قال : وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فلمّا قال مثل هذا قال أيضا :ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ لأنّ قولي على حدّ علمي في خلقيوَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [ ق : 29 ] أي ما قدّرت عليهم الكفر الّذي يشقيهم ثمّ طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما عاملناهم إلّا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلّا بما أعطونا من نفوسهم ممّا هم عليه ، فإن كان ظلما فهم الظّالمون . ولذلك قال : وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ[ الأعراف : 160 ] فما ظلمهم اللّه ) .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا ) أي : مستعد للإيمان ( في ) حال ( ثبوت عينه ) في العلم الأزلي ، وإن لم يكن موجودا حتى يلزم القول بتعدد القدماء ، بل كان في ( حال عدمه ) في الخارج ( ظهر بتلك الصورة ) الإيمانية العلمية ( في حال وجوده ) في الخارج ، وكيف لا يظهر بتلك الصورة .
قال رضي الله عنه :  ( وقد علم اللّه ) بالعلم الأزلي ( ذلك ) الظهور ( منه أنه هكذا يكون ) ، ولا يمكن الخلف فيه ؛ ( فلذلك ) أي : فلامتناع الخلف في العلم الأزلي ( قال :وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) بصفة اسم التفضيل الدال على أنه في إدراك الخفيات على ما هي عليه كما لاستعدادات وغيرها ، زاد على ذلك من سواه ، ( فلما قال مثل هذا ) وهو قوله :"وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " الدال على أنه لا يمكن تبديله لكونه على وفق مقتضيات الأعيان الثابتة واستعداداتها .
قال رضي الله عنه :  ( قال أيضا :"ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ" [ ق : 29 ] ) أي : التكليفي "لَدَيَّ" بحيث يمكن أن  يغير إلى ما هو الواقع من صورهم ؛ ( لأن قولي على حد علمي في خلقي ) ، وقد علمت منهم اقتضاء التكليف بما كلفتهم ، وإن لم يظهروا بما كلفوا به .
فلذلك قال بعده :( وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ )إذ الظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وليس ذلك في تقدير الكفر والمعاصي والعذاب عليهما ، ولا في تكليف الإيمان والطاعات من حيث اقتضاء أعيانهم ذلك ، ولا من حيث فيض ذلك منا .
أما الأول ؛ فهو المشار إليه بقوله : ( أي : ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ) من غير أن يستحقوه باستعداداتهم .
قال رضي الله عنه :  ( ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم ) من مخالفة التقدير الإلهي ( أن يأتوا به ) من غير أن تقتضي أعيانهم ذلك الطلب مني ، ( بل ما عاملناهم ) في تقدير الكفر والشقاوة والتكليف بالإيمان ، وبموجبات السعادة ، ( إلا بحسب ما علمناهم ) يقتضون ذلك التقدير والتكليف ، ( وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم ).
أي : لا يجعلنا فيهم بل ( بما هم عليه فإن كان ) تقدير الكفر والشقاوة والتكليف بالإيمان وأسباب السعادة ( ظلما ) منا عليهم ، بل منهم على أنفسهم ؛ ( فهم الظالمون ، ولذلك قال :"وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "[ النحل : 118 ] ) ، وإذا كان التكليف والتقدير باقتضاء أعيانهم ، ( فما ظلمهم اللّه ) باتحاد ذلك فيهم كما لا يظلم بتقديره ، وإن كان مساعدهم على ظلمهم أنفسهم .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
قال رضي الله عنه:  (فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده ، وقد علم الله ذلك منه أنّه هكذا يكون ) فاوجده عليه .
( فلذلك قال : " وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " ) منهم بأنفسهم ، فإنّ العالم بالشيء الممكن مع السبب الموجب له أعلم بالعالم به فقط ( فلمّا قال مثل هذا ) وأظهر الأمر على ما هو عليه ( قال أيضا : " ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ " [ 50 / 29 ] لأنّ قولي على حدّ علمي في خلقي ) فإنّه صورته ( " وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " [ 50 / 29 ] أي ما قدّرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ) .
حتّى تثبت به نفس الظلم وأكون به ظالما ( ثمّ طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ) حتّى يثبت به المبالغة في الظلم وأكون به ظلَّاما ( بل ما عاملناهم ) في إعطائهم الوجود بما لهم من نقود استعداداتهم.
قال رضي الله عنه :  ( إلَّا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلَّا بما أعطونا من نفوسهم ، مما هم عليه ) من نقوش استعداداتهم ونقودها ، ( فإن كان ) في الواقع ( ظلم فهم الظالمون ) فإنّهم الذين طلبوا من الجواد المطلق ما هم عليه من الخصوصيّات ( ولذلك قال :  " وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " [ 2 / 57 ] فـ " ما ظَلَمَهُمُ الله " ) [ 3 / 117 ] .
وكما أنّه ما عاملناهم في الظهور والوجود إلَّا بحسب ما علمناهم ( كذلك ما قلنا لهم ) في الإظهار والشهود بإظهار الصورة الحرفيّة على مشعري السمع والبصر ( إلَّا ما أعطته ذاتنا ) من خصوصيّات نقوش القوابل التي هي في صدد الإظهار ، فإنّ منها ما يقتضي الخفاء وعدم الظهور ، وهو الذي غلب عليه حكم البطون من الذاتيّات ، ولذلك خصّص ما أعطته بقوله :  
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)  
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصّورة في حال وجوده ، وقد علم اللّه ذلك منه أنّه هكذا يكون ، فلذلك قال :" وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ" . فلمّا قال مثل هذا قال أيضا :" ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ " لأنّ قولي على حدّ علمي في خلقي وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ " [ ق:  29 ] أي ما قدّرت عليهم الكفر الّذي يشقيهم ثمّ طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ، بل ما عاملناهم إلّا بحسب ما علمناهم ، وما علمناهم إلّا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون. ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله.)

فإن قلت : لا يفهم من الآية إلا أنه صلى اللّه عليه وسلم كان يحب أن يؤمن أبو طالب . وأما تصرفه بجمعية الهمة حيث لا يبقى له مفسح إلى غيره فغير معلوم .
قلنا : لعله رضي اللّه عنه جعل ميله صلى اللّه عليه وسلم إلى إيمانه بمثابة التصرف بالهمة من آخرين في التأثير ، أو علم ذلك بوجه آخر . وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه.
وقلنا ذلك من جملة ما ألقاه النبي صلى اللّه عليه وسلم إليه وهو صلى اللّه عليه وسلم أعلم بنفسه فإن قلت : إنه تصرف بالهمة ولكن بأمور لما عرفت فلم تخلف عنه الأثر .
قلنا : لعل الحكمة فيه أن يعلم صلى اللّه عليه وسلم أنه لا أثر للهمة إلا فيما له استعداد قبول أثرها فيستريح عن إتعاب نفسه بتسليط الهمة على إيمان أحد فيقتصر على البلاغ ، فإن كان شديد الحرص على إيمان قومه كما قال تعالى :" فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً " [ الكهف : 6 ] .
قال رضي الله عنه :  ( وفيه ) ، أي في شأن أبي طالب ( نزلت الآية التي ذكرناها ولذلك قال في ) شأن ( الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ ) بصيغة الحصر ( وقال :" لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ"[ البقرة : 272 ] وزاد ) على ذلك ( في سورة القصص ) قوله : ("وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، أي بالذين أعطوا العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة فاثبت ) بهذه الزيادة ( أن العلم تابع للمعلوم فمن كان مؤمنا في ) حال ( ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده ، وقد علم اللّه ذلك منه أنه هكذا يكون .
فلذلك قال : هو أعلم بالمهتدين فلما قال مثل هذا قال أيضا :ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّلأن قولي على حد علمي في خلقيوَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ[ ق : 29 ] ، أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ) حتى أكون ظالما .
( ثم طالبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به ) حتى يكون ظلما على ظلم وأكون به ظالما ( بل ما عاملناهم في إعطائهم ) الوجود.
قال رضي الله عنه :  ( إلا بحسب ما علمناهم وما علملناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه فإن كان ) في الواقع ( ظلما فهم الظالمون ) فإنهم طلبوا من الجواد المطلق وجود ما يجري عليهم من الظلم ( ولذلك قال :"وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ " فما ظلمهم اللّه ) [ البقرة : 57 ] .
وكما أنه ما أعطونا من العلم بهم إلا ما أعطونا ذواتهم.
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:44 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ؛ وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا ، فما قلنا إلّا ما علمنا أنّا نقول فلنا القول منّا . ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السّماع منهم . فالكلّ منّا ومنهم  .... والأخذ عنّا وعنهم ... إن لا يكونوا منا ..... فنحن لا شك منهم )
 
قال رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم) من حيث التكاليف الشرعية (إلا ما أعطته ذاتنا) الإلهية الأزلية (أن نقول لهم) مما نحن عليه من الكمال الذاتي والجمال الذاتي .
فمن تبع أحكامه كمل وجمل على حسب استعداده ، فجذبناه إلينا لظهور بعض أوصافنا فيه بمقتضى استعداده .
بل جذبنا أو صافنا التي اتصف بلوائحها فانجذب معها إلينا ، ومن أعرض عن متابعة أحكامنا انقطع عنا (وذاتنا) الكمالية الجمالية المذكورة معلومة لنا ، أي مكشوفة عنها بعلمنا الأزلي (بما هي عليه أن نقول) لهم (كذا) من الأحكام ولا نقول كذا فالعلم الإلهي كاشف عن ذات اللّه تعالى وعن قولها أيضا .
قال رضي الله عنه :  (فما قلنا) لهم من الأحكام (إلا ما علمنا) منا (أنا نقول) لهم (فلنا القول) المنزل بالأحكام الشرعية في الأمر والنهي حاصل (منا) ، أي من حيث كمالنا وجمالنا وما يخالف ذلك (ولهم الامتثال وعدم الامتثال) بمقتضى ما هم عليه في أحوال أعيانهم الثابتة في عدمها الأصلي (مع السماع) لقولنا الحق وهو وصول الأحكام إليهم وإطلاعهم عليها لا قبل ذلك ، فإنه لا مؤاخذة كما قال سبحانه : " وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا" [ الإسراء : 15 ] ، فإن الرسول يبلغهم الأحكام فيحصل السماع فتقوم الحجة عليهم (منهم) ، أي حامل ذلك الامتثال وعدمه والسماع من جهتهم .
[ شعر ]
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم
(فالكل) ، أي أعيانهم وأحوالهم وأحكامهم التي هم مكلفون بها (منا) أصلها  وهي الأحكام (ومنهم) أصلها وهي الأعيان والأحوال (والأخذ) ، أي تناول ذلك الكل المذكور (عنا) للأحكام (وعنهم) للأعيان والأحوال .
(إن لا يكونوا) ، أي إذا لم يكونوا من حيث أعيانهم وأحوالهم الثابتة (منا) بمقتضى حكم التجلي الذاتي من حضرة الأحدية في حضرة الواحدية التي هي حضرة الصفات والأسماء الإلهية حتى ثبتت فيها تلك الأعيان والأحوال .
(فنحن) من حيث حضرة الصفات والأسماء الإلهية التي تعينت من الذات الأحدية بسبب قيام الأعيان والأحوال الثابتة بها في أنفسها حال عدمها الأصلي (لا شك) أننا من الوجه المذكور (منهم) ، أي من تلك الأعيان والأحوال الثابتة ، وهو معنى قول تلميذ المصنف الشيخ صدر الدين القونوي رضي اللّه عنهما في كتابه النفحات في مبشرته التي رأى فيها شيخه رضي اللّه عنه آثار الأسماء من الأحكام والأحكام من الأحوال ، والأحوال تتعين من الذات بحسب الاستعداد أمر لا يعلل بشيء سواه ، يريد بآثار الأسماء الوجود المفاض على الأعيان الثابتة ، فإنه من أحكام الأحوال الإلهية التي هي الصفات والأسماء ، والأحوال الإلهية متعينة من الذات الإلهية بحسب الاستعداد الذي تقتضيه الأعيان الثابتة ، والاستعداد لا يعلل بعلة .
 
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا ) والمراد من القول التكاليف الشرعية أي ما أمرنا ( لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا و ) ومن أن ( لا نقول كذا ) فكما أعطى الحق لهم ما طلبت ذواتهم من الكفر أو الإيمان وغيره من الأحوال كذلك أعطى الحق لذاته تعالى ما اقتضت ذاته من القول كذا وعدم القول كذا.
قال رضي الله عنه :  ( فما قلنا إلا ما علمنا ) من ذاتنا ( أنا نقول قلنا القول منا ) أي الأمر التكليفي يدل على ذلك قوله : ( ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم ) فإن عدم الامتثال لا يمكن في الأمر الإرادي.
(فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم)
( فالكل ) أي القول والامتثال وعدم الامتثال ( منا ) أي من الحق من وجه.
قال رضي الله عنه :  ( ومنهم ) أي من العبيد من وجه ( والأخذ ) أي التعذيب بمن لم يمتثل الأمر التكليفي ( عنا ) أي عن الحق ( وعنهم ) أي عن العبيد فهم كانوا منا
( أن لم يكونوا منا فنحن لا شك نكون منهم )
تحقيقا للعبودية والربوبية فإذا إذا لم يكن الحق منهم على تقدير عدم كونهم من الحق لم يتحقق الربوبية والعبودية .
فكون الحق منهم محال بالضرورة فكانوا من الحق والحق ليس منهم وأما الأحوال التي بينهم وبين الحق فهي كلها منه ومنهم ويجوز أن يكون معناه فالكل أي إعطاء الكل منا ومنهم والأخذ أي أخذ الكل عنا وعنهم فكان الحق معطيا وآخذا والعبد معطيا وآخذا فهذا هو المعاملة بين الرب والعبد إن لم يكونوا يأخذون منا ما لم يعطونا أوّلا .
فنحن لا شك نأخذ عنهم ما لم أعطه قبله لهم وهو العلم فإن علمه بهم يأخذ عنهم ولم يعطه أوّلا ذلك العلم لهم لأن علمه تعالى تابع لمعلومه بخلاف العبد فإنه لا يمكن له أن يأخذ عن الحق ما لم يعطه للحق أوّلا إلا الوجود بل الوجود أيضا فائض عليهم من اللّه تعالى على حسب طلبهم ولاشتمال هذا الفص على المسائل الكلية اللطيفة أوصى بالتحقيق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.  فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم . إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
النص واضح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  (كلذلك ما قلنا لهم إلَّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، و لا نقول كذا. فما قلنا إلَّا ما علمنا أنّا نقول ، فلنا القول منّا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . قال كلّ منّا ومنهم  ..... والأخذ عنّا وعنهم . إن لا يكونون منّا .... فنحن لا شكّ منهم )
قال العبد : يشير رضي الله عنه : بكلّ ذلك إلى أنّ كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يوجب كمال الأدب مع الله تعالى وعدم التصدّي والظهور بالتصرّف والتأثير بالهمّة.
 فإنّ العالم المحقّق يعلم أنّ الأمور الكائنة في الوجود لا تكون إلَّا بموجب ما كانت عليه في العلم الأزلي، ولا يجري في العالم إلَّا ما جرى في علم الله أزلا بجريانه ، فتنزّهت الهمم العالية العالمة بهذا عن تعليق الهمّة بما لا يكون .
إذ الواقع ما علموا أنّ يقع ، فلا فائدة في تعليق الهمّة ، وغير الواقع لا يقع بتعليق الهمّة به ، ولا يقع إلَّا ممّن يكون ناقص المعرفة ، كما أشار إليه من قبل ، فتحقّق أنّ الأمر بين فاعل عالم بما في قوّة القابل وبين قابل لا يقبل إلَّا ما في استعداده الذاتي غير المجعول .
فكان الأمر كما أشار منّا ومنهم ، منّا من حيث حضرة الجمع الأسمائي ، ومنهم من حيث الأعيان المظهرة بالوجود الحقّ حقائق الأسماء بقابلياتهم واستعداداتهم الخصوصية الذاتية ، وأخذه العلم الحقيقي منّا ، فإنّا نعطي منه من يشاء ما نشاء .
هذا ظاهر ما في هذا الشطر ، والذي فوق هذا أنّ العلم مأخوذ من المعلوم ، والمعلوم نحن ، فإنّا إنّما نعلم أنفسنا منّا ، إذ لا معلوم إلَّا نحن ، فالأخذ منّا ، وذلك العلم من الله متعلَّق أوّلا بنفسه ، ثمّ بالعالم الذي هو مظاهر حقائق نفسه ، وهذا معنى عاد في هذا الشطر .
وأمّا الشطر الآخر وهو أن يكون الأخذ عنهم ، أي عن حقائق العالم وأعيانه - فهذا ظاهر ، فإنّ العلم بالعالم إنّما يؤخذ من أعيان العالم وحقائقه ، وأنّهم أي المعلومات من أعيان العالم إن لم يكونوا منّا من كوننا أعيانهم بلا تبعيض ، ولم يكونوا من حقائقهم مجعولين بجعل منّا ، فنحن معاشر الأسماء لا شكّ ، نكون منهم ، فإنّهم يعيّنون الوجود ويسمّون الحق بأسمائه ، فنحن من حيث حضرة الجمع الأسمائي منهم .
ومعنى آخر أن يكونوا بموجبنا وحسبنا مطلقا ، وليس في وسعهم ذلك ، لكون كلّ عين عين مخصوصا بخصوص ، ولكنّا لسعتنا لا شكّ نكون بموجب ما منهم عليهم ممّا يوجب عليهم ، فنكون بحسبهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.  فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم . إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
حاصلة أن كمال المعرفة والعلم بحقائق الأمور يقتضي حفظ الأدب مع الله تعالى وعدم الظهور بالتصرف وإرسال الهمة على شيء ، فإن العارف المحقق يعلم أنه لا يظهر في الوجود إلا ما كان في العلم الأزلي .
وما كان في العلم أن يقع لا بد أن يقع ، وما كان فيه أن لا يقع فمحال أن يقع .
فالأمر بين فاعل عالم بما في قوة القابل .
والقابل لا يقبل إلا ما في استعداده الذاتي الغير المجعول ، فعلى أي شيء يرسل الهمة .
وأي فائدة في إرسالها ؟
فإن المعلوم وقوعه أو لا وقوعه لا يتغير بهمته ، ولا يتأخر عن وقته المقدر فيه ولا يتقدم عليه ، والقابل لا يقبل إلا ما علم الفاعل أن يقبله ، والفاعل لا يفعل إلا ما يقتضي قبوله .
فإن الأعيان مقتضية بما تجرى عليها حالة الوجود من الأزل إلى الأبد والفاعل العالم لا يعلم منها إلا ذلك. والنسب الأسمائية مؤثرة فيها بمقتضى العلم والقبول .
فلذلك قال : ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، فإن الأعيان عين الذات الأحدية المتجلية بصورها وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا .
لأن علمه بذاته علمه بالأعيان كلها .
فقوله للأعيان بالكون على ما هي عليه مقتضى علمه ، والامتثال وعدم الامتثال مع سماع القول منهم مبنى على ما فيها وعلم منها أزلا :
( فالكل منا ومنهم  ... والأخذ عنا وعنهم )
منا من حيث حضرتنا الأسمائية ، ومنهم من حيث الأعيان الظاهرة بالوجود الحق المظهرة لحقائق الأسماء على قابلياتها واستعداداتها الذاتية ، وأخذ العلم الحقيقي عنا ، فإنا نعطى من فضلنا ما نشاء من نشاء ، كما قال : " ذلِكَ فَضْلُ الله يُؤْتِيه من يَشاءُ " .
وعنهم : أي العلم مأخوذ من الأعيان المعلومة وهي نحن ، فإن العلم منه أولا بذاته ثم بالأعيان التي هي مظهر حقائق ذاته .
"" أضافة بالي زادة :  ( والكل منا ومنهم ) أي القول والامتثال وعدم الامتثال من الحق من وجه ، ومن العبد من وجه ( والأخذ ) أي التعذيب لمن لم يمتثل الأمر التكليفي عن الحق وعن العبيد ، فهم كانوا منا اهـ بالي زادة ""


والعلم بالأعيان ليس إلا علمه بذاته إذ لا معلوم إلا هو:
( وإن لم يكونوا منا  ... فنحن لا شك منهم )
كان مع اسمها مقدرة بعد إن ، كما في قولهم : إن خيرا فخير ، والاسم ضمير الشأن أو ضمير الأعيان : أي إن كان الأمر والشأن لا تكون الأعيان منا سر الأسماء بأن ظهرت منا ولمقتضانا فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم ، فإن الأسماء بسبب الذات أي حقائق الأعيان فلا يتحقق إلا بها ، وإن كان الأعيان لا يكونون في الوجود منا وعلى صورنا وبحسبنا ، فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم وبحسبهم ، فإن الأعيان يسمون بأسماء الحق كان مع اسمها مقدرة بعد إن ، كما في قولهم : إن خيرا فخير
 
"" أضافة بالي زادة :  ( إن لم يكونوا منا فنحن لا شك منهم ) تحقيقا للعبودية والربوبية ، فإنه إذا لم يكن الحق منهم على تقدير عدم كونهم من الحق لم تتحقق الربوبية والعبودية ، فكون الحق منهم محال بالضرورة فكانوا من الحق والحق ليس منهم أو معناه فالكل أي إعطاء الكلّ منا ومنهم : والأخذ أي أخذ الكل عنا وعنهم ، فكان الحق معطيا وآخذا والعبد كذلك ، فهذه هي المعاملة بين الرب والعبد إن لم يكونوا يأخذون منا ما لم يعطونا قبله فنحن لا شك نأخذ عنهم ما أعطاه لهم قبله وهو العلم ، فإن علمه بهم يأخذ عنهم ولم يعط قبل ذلك العلم لهم ، لأن علمه تعالى تابع لمعلومه ، بخلاف العبد فإنه لا يمكن له أن يأخذ عن الحق ما لم يعطه الحق قبله إلا الوجود ، بل الوجود عليهم من الحق على حسب طلبهم اهـ  بالى زادة . ""
والاسم ضمير الشأن أو ضمير الأعيان : أي إن كان الأمر والشأن لا تكون الأعيان منا سر الأسماء بأن ظهرت منا ولمقتضانا فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم .
فإن الأسماء بسبب الذات أي حقائق الأعيان فلا يتحقق إلا بها .
وإن كان الأعيان لا يكونون في الوجود منا وعلى صورنا وبحسبنا .
فنحن لا شك منهم ومن حقائقهم وبحسبهم ، فإن الأعيان يسمون بأسماء الحق .
 
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا . فما قلنا إلا بما علمنا أنا نقول ، فلنا القول منا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . ) ألفاظه ظاهرة .
والمقصود بيان سر ( القدر ) . وقد مر في المقدمات أن الله يعلم ذاته وأسمائه  وصفاته بذاته ، ويعلم الأعيان التي هي صور الأسماء بعين ما يعلم ذاته ، فكما لا يعلم من ذاته وأسمائه وصفاته إلا ما تعطيه الذات والأسماء والصفات مما هي عليها ، كذلك لا يعلم من الأعيان إلا ما تعطيه الأعيان واستعداداتها مما هي عليها ، فعلمه تعالى تابع للمعلوم من هذا الوجه ، وإن كان المعلوم تابعا للعلم من وجه آخر .
فمن كانت عينه مؤمنة حال ثبوتها وحال كونها موصوفة بالعدم بالنسبة إلى الخارج ، فهو يظهر مؤمنا عند سماع أمر الله بقوله : ( كن ) . ومن كان كافرا أو عاصيا أو منافقا ، فهو يظهر في الوجود العيني بتلك الصفة . فالحق ما يعاملهم إلا بما يقتضى أعيانهم باستعداداتها وقبولها : إن خيرا ، فخير ، وإن شرا ، فشرا . فمن وجد خيرا ، فليحمد الله ، ومن
وجد دون ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه – " فما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " .
ولما تكلم من طرف القابل ، تكلم من طرف الفاعل بقوله : ( كذلك ما قلنا لهم . . . ) أي ، ما أمرناهم إلا ما يقتضيه ذاتنا وأسماؤنا ، فمنا القول والأمر ، ومنهم السماع والامتثال .
ولما كان الأمر من الله على قسمين :
قسم لا يمكن أن لا يمتثل له شئ من الأعيان.
وقسم يمكن أن لا يمتثل له بعض الأعيان.
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم . ) أما الأول ، فهو الأمر الذي به توجد الأعيان ، وهو قول : ( كن ) .
إذ عدم الامتثال فيه محال ، لأن أعيان الممكنات كلها طالبة للوجود العيني من الحضرة الإلهية ، فلا يمكن أن لا يمتثل له شئ منها .
وأما الثاني ، فهو الأمر بالإيمان والهداية وتوابعهما ، فإن من لا تكون عينه قابلة له أو للوازمه ،لا يمكن أن يمتثل له.
قال الشيخ رضي الله عنه : 
(فالكل منا ومنهم  ..... والأخذ عنا وعنهم )
أي ، فكلما يحصل من التجليات والأحوال العارضة على الموجودات ، منا بحسب الفاعلية ، ومنهم بحسب القابلية ، وتلك التجليات والأحوال بحسب أخذ العلم عن ذاتنا مما هي عليها من الأسماء والصفات ، وعن ذواتهم ، لأن ذواتهم حال كونها في العدم ، منتقشة بجميع ما يطرأ عليها من الأزل إلى الأبد ، فالأخذ عنا بالإيجاد والإظهار ، والأخذ عنهم بالاتصاف والقبول .
أو فالكل منا بحسب القابلية وإعطاء أعياننا للحق ما يفيض علينا من التجليات والأحوال ، ومنهم ، أي ومن الأسماء الأسماء الإلهية ، بحسب الفاعلية .
والأخذ عنا ، أي ، يأخذ الحق عنا ما تعطيه ذواتنا . وعنهم ، أي ، يأخذ عن أسمائه ما تعطيه الأسماء من الإيجاد والقدرة وغيرها .
وهذا أنسب للبيت الثاني وهو قوله رضي الله عنه   :
( إن لا يكونون منا   ..... فنحن لا شك منهم)
) أي ، إن كانت الأسماء بحيث لا يكونون منا ، فوجودنا لا شك حاصل منهم ، أي ، من تلك الأسماء ، سواء كان الوجود علميا أو عينيا . ف‍ ( كان ) مع اسمها مقدرة بعد ( إن ) .
كقولهم : إن خيرا ، فخير .
فعلى المعنى الأول من البيت الأول ، معناه : إن لم يكن وجود الأعيان من الأسماء ، فوجود الأسماء لا شك منهم ، أي من الأعيان ، فيلزم انقلاب الرب مربوبا ، والمربوب ربا ، وكون الأعيان موجودة بأنفسها علما وعينا ، لأنها إذا كانت علة الأسماء ، كانت متقدمة عليها بالذات ، والذات الإلهية من حيث هي هي غنية عن العالمين .
فبقى أن توجد الأعيان بأنفسها من غير طلب الأسماء إياها ، ويلزم انخرام قواعد التوحيد .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:45 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثالثة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
قال رضي الله عنه :  ( كذلك ما قلنا لهم إلّا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ؛ وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ، ولا نقول كذا ، فما قلنا إلّا ما علمنا أنّا نقول فلنا القول منّا ، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السّماع منهم .
فالكلّ منّا ومنهم  ..... والأخذ عنّا وعنهم
إن لا يكونوا منا  ..... فنحن لا شكّ منهم )
وأما الثاني فهو المشار إليه بقوله : ( كذلك ) أي كما لم تظلمهم فيما ذكرنا باعتبار كونه مقتضى أعيانهم لم نظلمهم باعتبار قولنا التكويني والتكليفي من حيث كونه مقتضى ذاتيا أيضا ، لأننا ( ما قلنا لهم ) في التكوين والتكليف ( إلا ما أعطته ) أي اقتضته ( ذاتنا ) من حيث الربوبية ( أن نقول لهم ) ، وهو أيضا تابع لعلمنا بذاتنا ومقتضياتها إذ ( ذاتنا معلومة لنا من ) حيث اقتضاؤها باعتبار الربوبية .
 
( أن نقول ) في أحد الأمرين أو كليهما ( كذا ولا  نقول كذا ) في الآخر أو كليهما ، ( فما قلنا ) في الأمرين ( إلا ما علمنا أنّا نقول ) ، فلا يمكن تغييره لكونه تابعا للعلم الأزلي ، ولا ظلم فيما يتعين فيه أحد الأمرين بالضرورة على أنه ليس الأمر أن أي : التكوين والتكليف منا بطريق المباشرة .
( فلنا القول ) التكويني والتكليفي ( ولهم الامتثال ) الجازم في التكويني ، وغير الجازم في التكليفي ، ( وعدم الامتثال ) في بعض الأقوال التكليفية ، فالمباشرة لهم والظلم منوط بالمباشرة دون القول المجرد . "" عدم الإمتثال :  إن كان الأمر أمرا إيجابيّا اقتضت أعيانهم امتثاله "".
 
وإن كان ( مع السماع منهم ) القاهر المقتدر ، ( فالكل منّا ) التكوين والتكليف ، وتقديرهما منا باعتبار القول والعلم والحكم ، ( ومنهم ) باعتبار اقتضاء الأعيان والامتثال وعدمه ، ( والأخذ عنا ) باعتبار مخالفة القول التكليفي والتكويني ، واقتضاء الربوبية الظهور بالقهر على بعض المظاهر ، (وعنهم ) باعتبار اقتضاء أعيانهم ، وعدم امتثالهم الأمر التكليفي ، هذا كله على تقدير التمييز في الظاهر بين الحق والخلق .
ثم قال : ( إلا يكونوا ) بإثبات النون للضرورة ( منا ) في ظهور أعيانهم على تقدير أن لها الظهور بتميز ظهور كل عين من ظهور الأخرى ، بما اختصت به من العوارض والأحوال .
( فنحن لا شكّ ) في الظهور الوجودي ( منهم ) ، إذ لا يتميز ظهورنا عن ظهورهم بالوجود ، إذ لا تميز في الوجود باعتبار ظهوره .
فالإثم واللذة على الصور الوجودية لا على الأعيان ، فلا ظلم عليهم من حيثهم ،.
 
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
 
قال رضي الله عنه :  (أن نقول لهم وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ) ويظهر ما يقتضي ذلك ويستأهله ( ولا نقول كذا ) ويخفى ما يقتضي البطون والستر .
فعلم أنّ تلك الخصوصيّات والأحكام ما لا يظهره الكلام بالإفصاح عنه والقول بها، بل القول إنّما نزل بإخفائه والكفّ عنه، كالمحرّمات والمناهي في الأفعال (فما قلنا إلَّا ما علمنا أن نقول) ويظهر بالأمر بإصداره، والحثّ على إيجاده واختلاقه كالواجبات (قلنا القول منا، ولهم الامتثال) - ممن له طرف الظهور وتعلَّق رقيقة نسبته الأصليّة به - (وعدم الامتثال) ممن له الطرف المقابل له (مع السماع منهم) .
فعلم أنّ لأمر الظهور والإظهار لا بدّ من الطرفين : طرف الحقّ من حيث كثرته الأسمائيّة الكاشفة عن أمر تمام الإظهار بالقول ، وطرف العبد من حيث الأعيان المتكثّرة بحسب تلك الأسماء التي منها يظهر بالوجود الكوني.
 قال رضي الله عنه :  ( فالكلّ منّا ومنهم   ..... والأخذ عنّا وعنهم) و ( إن ) كان بعض الأعيان من غير المتمثّلين الذين يظهرون ما لا يصدر القول به وبإظهاره ( لم يكونون  منّا ) ضرورة أنّ الصادر منّا هو الكلام القولي ، وهم من حيث ظهورهم بتلك الصور الغير المقولة ما هم منّا ، ولكن لما كان ذلك فيهم لغلبة حكم الوحدة الذاتيّة ، الساترة على حقيقتهم ، كما أشير إليه ، ( فنحن لا شك منهم ) لأنّ الكل من ظرف الذات ووحدتها .
 
سرّ عنوان هذه المباحث في هذا الفصّ
ثمّ إنّك قد عرفت أنّ تمام الأمر في هذين الطرفين - أعني الوجود الكوني العيني ، والقول الكلامي السمعي وكلاهما صورة ظهور المعلومات - فهما صورتان متطابقتان ، وكان وجه اختصاص هذه النكتة بالحكمة الملكيّة لاشتراك اسم الملك والكلم في تمام المادّة ، فلذلك كشفت عن الصورة الكلاميّة وما ينطوى عليه .
 
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم
فالكل منا ومنهم ... والأخذ عنا وعنهم
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم )
 
قال رضي الله عنه : ( كذلك ما قلنا لهم ) ، أي أمرناهم بهذا القول : كن ( إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم ) ، أي نأمرهم بهذا القول ( وذاتنا معلومة بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا فما قلنا إلا ما علمناه أنا نقول فلنا القول منّا ) بكلمة كن ( ولهم الامتثال ) قطعا إن كان القول أمرا إيجاديا أو إيجابيا واقتضت أعيانهم امتثاله ( وعدم الامتثال ) إن كان الأمر أمرا إيجابيا اقتضت أعيانهم امتثاله ( مع السماع ) ، أي مع وقوع سماع قولنا.
قال رضي الله عنه :  ( منهم . . فالكل منا ومنهم . . والأخذ عنا وعنهم ) يحتمل أن يكون هذا الكلام من لسان الأسماء الإلهية وهو الظاهر نظرا إلى الكلام السابق .
ويحتمل أن يكون من لسان الأعيان الثابتة فعلى الأول معناه أن كل ما دخل في الوجود منا أي من حضرات الأسماء بالفعل والتأثير منهم .
أي من الأعيان الثابتة باعتبار القول والتأثر والأخذ ، أي أخذهم الوجود عنا وأخذنا العلم بهم عنهم ، وعلى الثاني معناه أن الكل منا .
أي من الأعيان الثابتة المتأثر ومنهم أي من الأسماء الإلهية المؤثرة وأخذهم العلم بنا عنا وأخذنا الوجود عنهم.

قال رضي الله عنه :  ( إن لا يكونون منا ) تقدير الكلام إن كان الأعيان الثابتة أو الأسماء الإلهية لا يكونون منا لمكان النون في يكونون ، وفي بعض النسخ إن لم يكونوا ولا حاجة حينئذ إلى هذا التقدير ، فعلى الاحتمال الأول معناه إن لم تكن الأعيان الثابتة ظاهرة عنا في عرصة الوجود الكوني باعتبار أنها ما شمت رائحة الوجود فنحن أي الأسماء الإلهية ظاهرون فيها منهم لأنهم مجالينا ومظاهرنا باعتبار ظهور عكوسهم وظلالهم في مرآة ظاهر الوجود الحق ، وعلى الثاني معناه إن لم تكن الأسماء الإلهية وكيف تكون منا وهي المؤثرات في وجودنا ( فنحن بلا شك منهم ) لهذا المعنى بعينه .
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:46 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر الجزء الأول .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الأول

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
قال رضي الله عنه : ( فتحقّق يا وليّ هذه الحكمة الملكيّة من الكلمة اللّوطيّة فإنّها لباب المعرفة. فقد بان لك السّرّ ..  وقد اتّضح الأمر .. وقد أدرج في الشّفع .. الّذي قيل هو الوتر )
قال رضي الله عنه : (فتحقق يا ولي) ، أي صديقي (هذه الحكمة الملكية من الحكمة اللوطية) المنسوبة إلى لوط عليه السلام فإنها من لباب ، أي خالص المعرفة باللّه تعالى
[ شعر ]
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر
قال رضي الله عنه : (فقد بان) ، أي انكشف (لك) يا أيها السالك (السر) الإلهي الذي قام به كل شيء في الحس والعقل (وقد اتضح) لك (الأمر) الإلهي أيضا ، وهو عين السر من جهة عمومه ، وافترق السر عنه بقيد الخفاء ، فقيوم العالم من جهة بطونه سر ومطلقا أمر .
قال رضي الله عنه : (وقد أدرج) ، أي اختفى فلم يتبين وتداخل فلم يتميز ولا يتداخل في نفس الأمر ولكن من قبيل قوله تعالى : "وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ( 20 )"  [البروج : 20 ] .
وقوله :" أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ" [ الرعد : 33 ] ونحو ذلك (في الشفع) وهو العبد المركب من عين ثابتة ووجود مفاض عليها (الذي قيل) .

أي قال صاحب الشرع بأن من جملة أسمائه أنه (هو الوتر) وهو الحق تعالى صاحب الذات والصفات والأفعال ، فكان المجموع عبدا كاملا لاندراج الغيب فيه واندراجه في الغيب ، فهو شهادة ذلك الغيب ، وذلك الغيب غيب في هذه الشهادة ، التي هي شهادته وما ظهرت هذه الشهادة إلا من ذلك الغيب وهو عالم الغيب والشهادة ستكتب شهادتهم والكاتب لها الغيب " كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ " [ الأنعام : 54 ].
والرحمة عين الشهادة وقوله : ويسألون أي يسألهم الكاتب عما كتب وهو قوله : " كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً " [ الإسراء : 14 ].
وما أعظم هذه الحكمة ! وما أشمل هذه الرحمة !
وقد أنشدني بعض الإخوان قول بعض المحققين من أولي العرفان :
سبحان من أظهر ناسوته  ..... سرسنا لا هوية الثاقب
ثم بدا في خلقه ظاهرا  ..... في صورة الآكل والشارب
"" أضاف المحقق :
هما بيتان من ثلاثة أبيات نسبت لشهيد العشق الإلهي الشيخ الحسين بن منصور الحلاج المولود سنة 244 هـ والمتوفى سنة 309 هـ والبيت الثالث هو :
حتى لقد عاينه خلقه  .... كلحظة الحاجب بالحاجب ""
وربما يقع الكتاب في غير أهله ممن احترق بنيران جهله .
فيقال له : افهم القيوميّة في الغيب والشيئية الهالكة في الشهادة ، واعلم أن الرب رب والعبد عبد ، وليس في الكلام ما يفيد الإشكال ، غير أنك قاصر الإدراك عن معرفة الرجال .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)

قال : ( فتحقق يا وليّ هذه الحكمة الملكية من الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة)
(فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر)
(فقد بان)  أي ظهر ( لك السرّ ) أي سرّ القدر . ( وقد اتضح الأمر ) الذي اشتبه على علماء الظاهر .
(وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
( وقد أدرج في الشفع ) أي في الخلق ( الذي ) قائم مقام الفاعل لأدرج ( قيل هو الوتر ) أي الحق كما أن الاثنين يحصل من الواحد كذلك الخلق يحصل من الحق .
فأدرج الحق في الخلق كما أدرج الواحد في الاثنين.
يعني أن تحققت الحكمة الملكية يظهر لك هذه المذكورات التي لا وسع لكل أحد أن يطلع عليها .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
قال رضي الله عنه : ( فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر . وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
وأما قوله: 
وقد أدرج في الشفع  ….. الذي قيل هو الوتر
فإنه يتقرر على ما يقوله، ولا نقبله على ما يقوله، رضي الله عنه، فمن أراد تحقيق هذا يجده في المواقف التي للنفري، رضي الله عنه، ولو كان مرادنا العلم كنا نجده في كتب المتكلمين.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)

 قال رضي الله عنه : ( فتحقّق يا وليّي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية ، فإنّها لباب المعرفة ) .
يعني : أنّ لباب المعرفة والعلم الحقيقي يوجب إقامة أعذار الخلائق من العلم بسرّ القدر .
ثمّ قال رضي الله عنه  : ( فقد بان لك السرّ ... وقد اتّضح الأمر .. وقد أدرج في الشفع.. الذي قيل هو الوتر.)

يعني رضي الله عنه : من السرّ سرّ القدر وبالأمر أمر الوجود الحق أنّه بحسب ذلك السرّ ، وأنّ الواحد الحق الذي هو الوجود مدرج في الشفع الذي هو القابل ، وإنّما كان شفعا لظهوره في ثاني مرتبة الوتر .
وإنّما كان وترا لعدم الشافع التالي ، فالوتر بتحقّق الثاني شفع ، وبلا هو ، وتر ، فافهم .
 

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)

قال رضي الله عنه :  ( فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة . فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر . وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
أي خلاصة المعرفة والعلم الحقيقي بسر القدر الموجب لإقامة أعذار الخلائق كلهم
( فقد بان لك السر ، وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع الذي قيل هو الوتر )
أي ظهر لك سر القدر واتضح الأمر لوجود الحق أنه بحسب ذلك السر .
وأن الداخل الحق الذي هو الوجود المطلق الوتر بذاته مندرج في الشفع الذي هو الخلق القابل .
وإنما كان شفعا لظهوره في ثاني مرتبة الوتر.
وإنما كان وترا لعدم الثاني الشافع .
فالوتر بتحقق الثاني به شفع وبلا هو وتر ، والله أعلم .
 

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
قال رضي الله عنه :  ( فتحقق يا ولى هذه الحكمة الملكية من الكلمة اللوطية ، فإنها لباب المعرفة . )
إنما جعل هذه الحكمة ( لباب المعرفة ) لأنها مشتملة على بيان الضعف الأصلي الذي هو للخلق ذاتي ، وعلى بيان أن كمال المعرفة تمنع صاحبها من التصرف في العالم وأهل العالم يزعمون خلافه ، وعلى بيان أسرار القدر الذي لا يعلمها إلا أكابر الأولياء .
ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه :
 ( فقد بان لك السر ..... وقد اتضح الأمر )
أي ، ظهر لك سر القدر واتضح أمر الوجود على ما هو عليه ، والأمر الذي اشتبه
على علماء الظاهر كلهم ، حيث ذهب بعضهم إلى الجبر المحض بنسبة الفعل إلى الحق فقط ، وبعضهم
إلى القدر الصرف بنسبة الفعل إلى العبد فقط ،
فاتضاحه أن الفعل يحصل منهما . كما مر ، وسيجئ بيانه في الفص التالي لهذا الفص .

قال الشيخ رضي الله عنه : 
( وقد أدرج في الشفع  ..... الذي قيل هو الوتر )
أي ، الواحد الحقيقي الذي يوصف ب‍ ( الوتر ) أدرج في ( الشفع ) ، وهو أعيان العالم ، لأنها وقعت في المرتبة الثانية . وبهذا الإدراج حصلت الأعيان ، إذ الواحد هو الذي بتكراره يحصل منه الشفع ، وبزيادة الواحد عليه ، يحصل الفرد .
فقوله رضي الله عنه : ( الذي قيل هو الوتر ) مفعول أقيم مقام الفاعل للفعل المبنى للمفعول ، وهو ( أدرج ) . ولا ينبغي أن يتوهم أنه صفة ( الشفع ) ، فإنه قسيم للوتر ، إذ ( الوتر ) هو الفرد . ومن توهم فقد غلط .
ولا بد أن يعلم أن ( الوتر ) و ( الفرد ) قد يطلق ويراد به ما يقابل الشفع .
وبهذا الاعتبار إطلاقه على الحق يكون حسب مقام جمعه الإلهي ، كما قال : ( إن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء ) .
وقد يطلق ويراد به الواحد الذي ليس من العدد وهو أصله . وبهذا الاعتبار يكون إطلاقه على الحق حسب مقام جمع الجمع الذي هو الهوية المطلقة المسماة ب‍ ( الأحدية ) .
والله أعلم بالصواب .
.
يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:47 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الرابعة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الرابعة عشر : الجزء الثاني

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)

قال رضي الله عنه : (فتحقّق يا وليّ هذه الحكمة الملكيّة من الكلمة اللّوطيّة فإنّها لباب المعرفة.
فقد بان لك السّرّ  ..... وقد اتّضح الأمر
وقد أدرج في الشّفع  ..... الّذي قيل هو الوتر)

قال رضي الله عنه : ( فتحقق يا وليّ هذه الحكمة الملكية ) الدالة على شدة أمر التقدير والتكليف ، بأنهما لا يقبلان التغيير مع وقوع المخالفة بينهما .
وشدة أمر الهمة من حيث اتحاد ظهور الوجود ( من الكلمة اللوطية ) أي قوله : "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [ هود : 80 ] ؛ فإن قوله : "لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً " يدل على شدة أمر الهمة حتى تمناها .
وقوله :" أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ " يدل على شدة أمر التكليف المقتضى شدة العذاب على مخالفه من القوي الشديد ، الذي قوته وشدته ذاتيتان ، وعلى شدة الأمرين باعتبار الاتحاد ، فإنه مقدم الكل فلابدّ له من الظهور بكل ذلك .
قال رضي الله عنه : ( فإنها لباب المعرفة ) وكيف لا ، ( فقد بان لك السر ) أي : سر القدر والتكليف ، ( وقد اتضح الأمر ) الإلهي بالتكوين والتكليف ، ( ولقد أدرج ) باعتبار الصور الوجودية ( في الشفع الذي ) هو ظهور الخلق بناء على أنه للأعيان أيضا ، ظهور الخلق الذي ( قيل هو الوتر ) في الظهور .
وأيضا ولما كانت الحكمة الملكية باحثة عن شدة أمر القدر سيما مع اعتبار التكليف على خلافه في الواقع مع أنه منه باعتبار اقتضاء الأعيان ، وعن شدة أمر الهمة في حق العارف الناظر إلى سرّه عقبها بالحكمة القدرية .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)

وإليه أشار بقوله رضي الله عنه : ( فتحقّق يا وليّ هذه الحكمة الملكيّة من الكلمة اللوطيّة ) باستيناف العبارة تحريضا للطالب المتفطَّن أن يمعن النظر في كلمته كلّ الإمعان .
عسى أن يتفطَّن لمغزاها ( فإنّها لباب المعرفة ) إذ اللبّ إنّما هو الحدّ - على ما لوّحت على ذلك  والحدّ إنّما هو هذان الطرفان اللذان عليهما الختمان بكماليهما ، كما نبّهت إليه في المقدّمة ، وحينئذ ظهر معنى البيت وانكشف مغزاه .
( وقد بان لك السرّ  .... وقد اتّضح الأمر )
( وقد ادرج في الشفع ) القولي ، فإنّ بالوجود الكلامي قد شفّع وجود المتكلَّم وبه صار وجودين
( الذي قيل هو الوتر ) فإنّ الكلام منطو على الكل على ما لا يخفى .
ومن السرّ الذي اتّضح هاهنا هو معنى الشفاعة المحمّديّة المخلَّصة للعاصين عن عذابهم في الآخرة ، فلا تغفل .
 

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (
فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر ...  وقد اتضح الأمر
وقد أدرج في الشفع ... الذي قيل هو الوتر)
قال رضي الله عنه :  (فتحقق يا ولي هذه الحكمة الملكية من الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة)
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد بان لك السّرّ..... وقد اتّضح الأمر . وقد أدرج في الشّفع  ... الّذي قيل هو الوتر)
لاشتمالها على بيان أن كمال العارف في الرجوع إلى ضعفه الأصلي وعجزه الذاتي وتركه التصرف في العالم بجمعه الهمة امتثالا للأمر الإلهي ، وعلى بيان سر القدر الذي بمعرفته يستريح العارف ويقيم أعذار الخلائق فيما يجري عليهم وعلى غير ذلك من الحقائق كانحصار الوجود في الفاعل والقابل
قال رضي الله عنه :  ( فقد بان لك السر ) ، أي سر القدر وسر سريان الوجود في الكل ( وقد اتضح الأمر ) ، أي أمر الوجود على ما هو عليه وانحصاره من الفاعل والقابل .
( وقد اندرج في الشفع ) ، أي صورتي الفاعل والقابل اللذين هما الشفعية للوجود الواحد ( الذي قيل هو الوتر ) في حد ذاته الأحدية .

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامس عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:47 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامس عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الخامس عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الخامس عشر : 

نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (قال الله تعالى " الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً " [الروم: 54].
فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج في العموم والخصوص.
والقوة التي بعد قوة المزاج. وينضاف إليه في الخصوص قوة الحال.
والضعف الثاني ضعف المزاج وينضاف إليه في الخصوص ضعف المعرفة أي المعرفة بالله.
بضعفه حتى يلصقه بالتراب فلا يقدر على شيء فيصير في نفسه عند )

قال رضي الله عنه :  «الملك» بفتح الميم و سكون اللام هو الشدّة و القوّة التامّة. و إنّما قرن الشيخ قدّس الله روحه هذه الحكمة بالصفة الملكية مراعاة للأمر الغالب على حال لوط و أمّته و ما عامل الحقّ به قومه من شدّة العقوبة في مقابلة الشدّة التي قاساها لوط منهم، حتّى نطق لسان حاله معهم بقوله، «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ
قال الله تعالى، «الله الَّذِي خَلَقَكُمْ من ضَعْفٍ»، أي أساس أمركم و ما عليه جبلّتكم و بنيتكم الضعف- الذي هو عدم القوّة" يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ». [الحج : 5]
«ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً» [الروم : 54] حيث بلغتم وقت الاحتلام و الشبيبة و تلك حال القوّة إلى الاكتهال و بلوغ الأشدّ. «ثُمَّ جَعَلَ من بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَ شَيْبَةً» [الروم : 54]، أي رددتم إلى أصل حالكم- و هو الضعف- بالشيخوخة و الهرم.


قال رضي الله عنه :  (فالضعف الأول بلا خلاف ضعف المزاج)  في فهم أرباب (العموم و الخصوص) جميعا.
(و القوة التي بعده) ، أي بعد الضعف الأوّل، (قوة المزاج) بحسب مفهومها الظاهر عندهم جميعا، و ينضاف اليه، أي إلى مفهومها الظاهر، في فهم أرباب الخصوص قوة الحال، و هي التي تقتضي التصرّف و التأثير في العالم بالهمّة.
(و الضعف الثاني ضعف المزاج) بموجب مفهومه الظاهر عند الجميع (و ينضاف اليه في) فهم أرباب (الخصوص ضعف المعرفة)، أي ضعف حصل بسبب المعرفة، (أي المعرفة باللَّه، تضعفه) و تخرجه عن قوّته العرضية و تردّه إلى ضعفه الأصلي،


قال الشيخ رضي الله عنه :  ( نفسه كالصغير الرضيع عند أمه ولذلك قال لوط: " أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ " [هود: 80]. يريد القبيلة.
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " رحم الله لوطاً، كان يآوي إلى ركنٍ شديد ". يريد صلى الله عليه وسلم  ضعف المعرفة.
فالركن الشديد هو الحق سبحانه )

قال رضي الله عنه :  (حتى تلصقه بالتراب) الذي هو أصله- و تلحقه به.
فيرجع إلى ضعفه الأوّل، فلا يقدر على شي‏ء بالتصرّف و التأثير بقوّة الهمّة.
(فيصير في نفسه)، أي في حدّ ذاته مع قطع النظر عن ظهور الصفات الإلهية فيه، عند نفسه، أي في نظره و اعتقاده، كالصغير عند أمه الرضيع، أي كالطفل الصغير الرضيع عند أمه فكما أنّه لا يرى لنفسه قوّة و لا قدرة و يكل أمره بالكلية إلى أمّه التي ترضعه و تربّيه، فكذلك العارف بالنسبة إلى الوجود الحق الرب المطلق

و للشيخ الكامل العارف مؤيّد الدين الجندي رحمه الله هاهنا كلام، لخصه بعضهم بهذه العبارات: «و الوجه الثاني- و هو شهود أحدية المتصرّف و المتصرّف فيه- كما يمنع من التصرّف، فقد يقتضي التصرّف، لأنّه واقع في نفس الأمر، إذ ليس في الوجود إلّا الحق وحده، و التصرّف واقع.
فلو تصرّف العارف بالأحدية المذكورة، ما كان ذلك التصرّف إلّا للحق سبحانه و لا سيّما العبد الكامل: فانّه هو الذي له جميع ما للربّ من الحقائق الأسمائية الإلهية و ما للعبد من الصفات العبدانية بأحدية العين، و إلّا لم يكن كاملا. لكن لا يكون بإرسال الهمّة و تسليطها لئلّا يخلّ بمقام العبودية، بل باظهار الحق ذلك منه و ظهوره تعالى على مظهره بالتصرّف من غير تقيّد منه بذلك و لا إرسال همّة و لا تسليط نفس و لا ظهور به. فالمانع بالحقيقة هو الوقوف في مقام العبودية الذاتية له و ردّ أمانة الربوبية العرضية إلى الله تأدّبا بآداب أهل القرب. 
فلا يتصدّى للتصرّف و التسخير، و يتوجّه بالكلية إلى الله الواحد الأحد المتفرّد بالتقدير و التدبير".
 
قال رضي الله عنه :
(و لذلك)، أي للضعف الحاصل بسبب المعرفة باللَّه و عدم الاقتدار على شي‏ء بالتصرّف فيه، (قال لوط عليه السلام)، «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً»، أي ليت لي بكم قوّة من الهمّة القوية أقاومكم بها و أقاويكم، "أَوْ آوِي"، أي ألتجئ، «إِلى‏ رُكْنٍ شَدِيدٍ»، يريد لوط عليه السلام بـ "الركن الشديد" بحسب الظاهر القبيلة القوية الغالبة على أعدائها.
و يقول رسول الله صلّى الله عليه و سلّم مشيرا إلى ما أراده لوط عليه السلام بـ "الركن الشديد" بحسب الباطن، «رحم الله أخى لوطا، لقد كان يأوي الى ركن شديد».
يريد صلّى الله عليه و سلّم «ضعف المعرفة»، أي يشير بهذا الكلام
 
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( مدبره ومربيه.)
إلى ضعفه الحاصل له بسبب معرفته باللَّه حيث تعطّف عليه أوّلا بالدعاء له بالرحمة فانّ ذلك ينبئ عن ضعفه و عجزه عليه السلام.
و نسبه ثانيا إلى نفسه بالأخوّة المشعرة بمشاركته إيّاه في هذا الضعف الظاهر تحقّقه صلّى الله عليه و سلّم به. فـ «الركن الشديد» الذي‏ التجأ إليه لوط عليه السلام بحسب الباطن هو الحق سبحانه مدبره الذي يدبّر أمره بمقتضى علمه و حكمته و مربيه الذي يربّيه بموجب لطفه و رحمته.

و الله الموفّق

.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادس عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:48 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادس عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السادس عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة السادس عشر : 

كتاب تعليقات د أبو العلا عفيفي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي 1385 هـ :
الفص الثالث عشر حكمة ملكية في كلمة لوطية
(1) فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
(1) من أهم المسائل التي تثار في هذا الفص مسألة «القوة»: مصدرها و ظهورها في الإنسان، وصلتها بقوته الروحية المسماة بالهمة، و متى يجب عليه أن يستخدمها في التصرف بوساطة هذه القوة، و متى ينبغي عليه أن يكف عن هذا التصرف.
ويظهر أن المراد بقوم لوط شهوات النفس البهيمية، وبلوط نفسه تلك القوة الروحية التي تضبط هذه الشهوات وتتصرف فيها.
فهو رمز إما للهمة نفسها أو لقوة روحية أعلى تعرف كيف ومتى تستخدم الهمة.
وقد سبق أن شرحنا معنى الهمة وبيَّنَّا بعض نواحيها ووظائفها في الفص السادس (التعليق الثامن) والفص الثاني عشر (التعليق التاسع).
أما في هذا الفص فيشرح المؤلف التصرف بها ويفسر كيف يفهم العارف التصرف ولِمَ يحجم عنه مع قدرته عليه مستنداً في ذلك إلى نظريته العامة في وحدة الوجود.
يقول إن الإنسان خُلِقَ من ضعف، فلا حول ولا قوة له في ذاته، لأنه لا وجود له في ذاته، والقوة مظهر من مظاهر الوجود، بل الموجود الحقيقي والقويُّ الحقيقي هو الحق وحده.
فإذا آنس الإنسان من نفسه قوة فالحق واهب هذه القوة، بل هو صاحبها ومالكها، ولكن في صورته.
أي أن الإنسان يظهر بالقوة لأنه مظهر الحق والحق قوي في ذاته، والإنسان قوي بالعرض.
هذا دوران أو طوران للإنسان وإن شئت فقل اعتباران: ضعف أصيل وعجز ذاتي ثم قوة إضافية أو عرضية.
وهنالك دور ثالث وهو دور العارف الذي يأنس من نفسه تلك القوة العارضة كما يحسها سائر المخلوقات، و لكنه يدرك أن هذه القوة ليست له، بل للقويِّ على الإطلاق و هو اللَّه،
ويدرك أن من الجهل وسوء الأدب مع اللَّه التصرف بها فيترك التصرف لصاحبه ويرجع بنفسه إلى الحال الأولى التي هي حال العجز المطلق.
هذا هو التفسير الصوفي الفلسفي الذي وضعه ابن العربي لقوله تعالى «اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً، ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً» (قرآن س 30 آية 54) و لعله يفهم الشيبة على أنها رمز لحالة النضوج في المعرفة الصوفية.

(2) «وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفاً. فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة».
(2) يدعي جمهور الصوفية أن العارفين منهم المتحققين بمقام الولاية والواصلين إلى درجة القرب من اللَّه، تظهر على أيديهم الكرامات وخوارق العادات، ويرسلون هممهم على من يريدون وما يريدون فيتصرفون في الجميع و يسخرون الناس و الأشياء.
و لكن ابن العربي الذي يخضع لمنطق مذهبه في وحدة الوجود يرى أن هذه دعوى لا أساس لها عند العارف المحقق الواقف على الأمر كما هو عليه.
إذ العارف الذي وصل إلى مقام الجمع- أو مقام الفناء كما يسمونه- و تحقق من الوحدة الوجودية للأشياء و من وحدته الذاتية مع الحق، يترك التصرف مع قدرته عليه، و يزهد فيه، و إن تصرف عرف من هو المتصرِّف و من المتصرِّف فيه، و بأي معنى نَسَبَ التصرف إلى نفسه.
إنه يدرك في هذا المقام أنه مجرد صورة لا وجود ولا قيمة لها في ذاتها وهذا هو التحقق بالعبودية الكاملة ويدرك من ناحية أخرى أحدية المتصرِّف والمتصرِّف فيه فلا يرى غيراً يسلط عليه همته أو يرسل عليه تصرّفه.
فهو من جهة يرى أن إرادته ليست سوى إرادة الحق فيه، ومن جهة أخرى يرى أن غيره من الموجودات التي يؤثر فيها بهمته وتصرفه ليست سوى مجال للحق، بل هي عين الحق لا غيره: فكيف عن التصرف ويدرك أنه ليس له من الأمر شيء.
هذا سبب، و هناك سبب آخر من أجله ترك العارفون من الصوفية التصرف و تبرءوا منه: و ذلك أنهم أدركوا أنه لا شي ء يظهر في الوجود إلا بحسب ما كان عليه في حال ثبوته الأزلي: أي أدركوا أن الأمور مقررة مقدرة أزلًا، و أن لا قوة في الوجود أياً ما كانت تستطيع أن تمحو كلمة واحدة مما خطته يد القدرففيم إذن يتصرفون؟ و لِمَ يتصرفون؟
إن المنازع الذي يعصي رسول اللَّه لم يتعد حقيقته ولا أخل بطريقته: إنه يسير في الطريق التي رسمتها له طبيعة الوجود ولا مفر له من أن يسير فيها.
ومهما يحاول الرسول رده عن هذه الطريق بهمته أو بغيرها لا يجديه ذلك فتيلًا.
ألم يقل الحق لنبيه عليه السلام: «إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ؟»
وقال «لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ».
على أن هذا المنازع ليس إلا منازعاً في الصورة، ومن قبيل العرض البحت، وإلا فهو في حقيقة الأمر مطيع خاضع لقانون الوجود الذي هو القانون الإلهي.
راجع ما قلناه عن الأمر التكويني و الأمر التكليفي و ما ذكرناه عن نظرية المؤلف في الجبرية.
(الفص الخامس: التعليق 4، 5، 6، و الفص السابع التعليق 4، و الفص الثامن التعليق 6، و الفص العاشر التعليق 6 إلخ).

(3) «والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه».
(3) الظاهر أن المراد بالجمعية هنا جمعية القلب، أي تركيزه و توجيه نشاطه الروحي نحو أمر من الأمور أو شي ء من الأشياء بقصد التصرف فيه حسبما يريد العارف.
 ولكن هذه الجمعية القلبية لا تتم أبداً لصاحب المعرفة الكاملة لأن شعوره بالعجز و القصور، و إدراكه أن ما أودع فيه من القدرة على التصرف في الأشياء ليس له و أنه مجرد أداة في يد الحق، يقفان حائلًا دون حصول هذه الجمعية في قلبه.
وإذا لم تحصل الجمعية القلبية في العارف لا يحدث التصرف، وهذا هو معنى ترك كبار الصوفية للتصرف مع قدرتهم عليه كما فعل الشيخ أبو السعود بن الشبل البغدادي تلميذ الشيخ عبد القادر الجيلاني، وكما فعل الشيخ العارف أبو مدين المغربي، بل كما كان عليه حال ابن العربي نفسه الذي يصف نفسه بأنه كان أتم في مقام الضعف والعجز من أبي مدين.
فالتحقق بمقام الضعف والعجز هو الذي يمنع هؤلاء الصوفية من إطلاق تصرفهم في الموجودات، وهو أيضاً مقام التحقق بالعبودية الكاملة.
وهنا نسمع صوت العاطفة الدينية ينبعث من قلب شيخ وحدة الوجود حيث يجرد الإنسان (الصورة) من كل حول وقوة وقدرة على التصرف- بل على الفعل أياً كان نوعه، ويلبسه ثوب الافتقار المطلق، ويعزو القوة الحقيقية والقدرة المطلقة إلى الحق الواحد المتجلي في جميع الصور.
على أن الجمعية المشار إليها يمكن أن تفهم على وجه آخر، وفي بعض ما سبق من النصوص ما يؤيد هذا الوجه.
فقد يكون المراد بها مقام الجمع: أي مقام الفناء والتحقق بالوحدة الذاتية بين الحق والخلق.
وقد سبق أن أشرنا إلى أن هذا المقام متعذر على السالكين الكاملين ما داموا في هذه الدنيا وما دام لهم شعور بفرديتهم.
ويكفي أن يقول الصوفي «أنا» ليثبت «مقام الفرق».
ولهذا يَسْخَر ابن العربي من أولئك الصوفية الذين خدعوا أنفسهم فتكلموا عن الوصول و الاتحاد و الوحدة و ما شاكلها. يقول «و لهذا منع أهل الحق التجلي في الأحدية» راجع الفص السابع التعليق الخامس: و الفص الثاني عشر: التعليق 6، 7 إلخ إلخ.

(4) «فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار».
(4) هذه ناحية جديدة من نواحي نظرية ابن العربي في الجبر.
كل شي ء في عالم هذا الرجل يخضع لقانون الجبرية الأزلية حتى الاعتقادات والطاعات والمعاصي، والتصرف بالفعل في العالم وعدم التصرف فيه.
فبعد أن شرح معنى التصرف وقيمته في نظر العارف الكامل، وبيَّن أنه قوة يتمكن بها الإنسان من إحداث ما يشاء من الآثار في العالم الخارجي، ويحجم العارفون عن استخدامها لعلمهم بمصدرها وحقيقتها، ذكر أن الأنبياء قد أعطوا هذه القوة ليظهروا بما تأتي به من المعجزات بين الناس فيحملوهم على الاعتقاد برسالتهم والتصديق بهم.
هذا حق للأنبياء المرسلين، ولكنهم لو أدركوا الأمر على حقيقته كما يدركه العارفون وهم لا شك يدركونه- لصدفوا عن التصرف وتركوه جانباً، إلا أن يكون اللَّه قد قدر أزلا أنهم سيتصرفون على نحو ما، تحقيقاً لغرض معين.
هذا جانب من جوانب الجبرية في الموضوع. وهناك جانب آخر لا يقل عنه في أهميته.
إذا كانت اعتقادات الخلق في الحق مقدرة أزلًا، وإذا كان كل إنسان يولد عاصياً أو مطيعاً نتيجة لما طبعت عليه عينه الثابتة في العلم القديم، وإذا كان التصديق بالرسل والتكذيب بهم جزءاً من النظام العالم المقرر أزلًا، فما قيمة تصرف الأنبياء وإظهارهم المعجزات؟
نعم يقول اللَّه عز وجل «وَ اللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ» * و لكنه يقول أيضاً «وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» * أي الذين اقتضت أعيانهم الثابتة هدايتهم فعلم اللَّه ذلك منهم أزلًا، و علم أنهم لن يحولوا عن طريق الهداية أبداً كما أن أهل الضلال لن يحولوا عن طريق ضلالهم مهما بذل رسلهم من تصرف و أظهروا من معجزات.

(5) «فالكل منا ومنهم والأخذ عنا وعنهم»
إن لا يكونون منا ... فنحن لا شك منهم
(5) شرح بما لا مزيد عليه من الوضوح أن الهداية و الضلال مقدران أزلا على كل مهتد و ضال، و أن ذلك التقدير الأزلي راجع إلى طبيعة الأشياء ذاتها، و أنه و ليس شيئاً آخر فرضته قوة خارجة عن القوة السارية في الوجود بأسره.
فإن قيل أن الكفر مقدر على الكافر، و إن الإيمان مقدر على المؤمن، كان معنى ذلك أن العين الثابتة في العلم الإلهي اقتضت كفر الكافر و إيمان المؤمن لا أن الحق تعالى قدر الكفر على الكافر ثم طالبه بما ليس في وسعه أن يأتي به.
هكذا فهم ابن العربي العدالة الإلهية وهي عدالة سلبية أو عدالة معطلة لأن العدالة الحقيقية عمل إرادي يصدر ممن في قدرته أن يعدل وأن يظلم، والحق في نظر ابن العربي ليس له إلا إرادة الموجود الثابت، أو ليس له إرادة أصلًا.
نعم لم يفرض الحق على العبد الكفر ثم يطالبه بالإيمان وإلا كان ذلك عين الظلم، ولكنه لم يفرض عليه شيئاً إطلاقاً، وإنما فرض على العبد الكفر عينُه الثابتة أو طبيعة وجوده:
فإن كان ظلم فهو الظالم لنفسه.
ويحق لنا أن نقول أيضاً، وإن كان عدل فهو العادل في حق نفسه- ولكنا عرفنا فيما سبق أن ابن العربي لا يعتبر الكفر والمعصية ولا أي نوع من أنواع المخالفة للشرع ظلماً أو فجوراً أو شراً إلا من ناحية الدين: أي من ناحية ما ورد في الشرع من أوامر ونواه.
أما في ذاتها فكل أفعال العباد مرضية في نظر أربابها، مقبولة في نظر الحق، عادلة لا ظلم فيها لأنها تطابق تمام المطابقة قوانين الوجود.
بعد كل هذا ذكر البيتين الآنفي الذكر وختم بهما الفص: وفيهما الشيء الكثير من الغموض مما دعا إلى اختلاف الشراح في فهمهما اختلافاً كبيراً.
فكلمة «الكل» الواردة في البيت الأول قد تشير إلى كل «ما هو موجود»، أو إلى كل ما ذكره قبل ذلك من الكلام عن الأمر الإلهي (الأمر التكليفي) و طاعة العبد.

و على المعنى الأول يكون معنى البيت: فكل ما هو موجود ينتسب لنا (الحق) من وجه، و ينتسب لهم (الخلق) من وجه آخر: أي أن الوجود حق و خلق، أو حق في خلق كما بيَّن ذلك مراراً.
وعلى المعنى الثاني يكون معناه: فكل ما ذكرناه من أمر وطاعة صادر منا- لأنا نأمر العباد ونطيعهم بأن ننقاد إلى ما تتطلبه أعيانهم من حقائق الوجود وصادر منهم لأنهم يأمروننا بأن يطالبونا بما تقتضيه أعيانهم، و في الوقت نفسه هم يطيعون أوامرنا.
فالأمر والطاعة من الطرفين على قدم المساواة وكذلك يقع الإبهام في كلمة «الأخذ» التي قد تفهم بمعنى استمداد المعرفة، أو استمداد الوجود، وعلى المعنى الأول يستمد العبد معرفته الحقيقية من الحق.
ويستمد الحق علمه بالعبد من ذات العبد وعينه الثابتة.
وعلى المعنى الثاني يستمد العبد وجوده من الحق، ويستمد الحق وجوده الظاهر ووجود ألوهيته من الخلق.
بل إن اللبس قد وقع في الضمائر الواردة في البيتين في قوله منا وعنا، ومنهم وعنهم.
فقد أخذت الضمائر على أنها كلها عائدة على المخلوقات، وأخذت على أن الضميرين في «منَّا» و «عنَّا» عائدان على الحق، و في «منهم» «وعنهم» عائدان على الخلق، وأخذت على أن الضميرين في منا و عنا عائذان على الخلق، وفي منهم و عنهم عائدان على الأسماء الإلهية.
وقد فهم البيت الثاني «إن لا يكونون منا فنحن لا شك منهم»

بمعنى إن لم ينتسبوا إلى الحق، أو إن لم يتحقق وجودهم بوجوده، أو إن لم يستمدوا علمهم منه- فإن الحق لا شك ينتسب إليهم (بالمعنى المتقدم)، أو يوجد في الظاهر بوجودهم أو يستمد علمه بهم منهم.
و نستطيع أن نلخص البيتين إجمالًا في أن كل ما هو موجود بالقوة أو بالفعل له وجهان:
وجه إلى الحق و آخر إلى الخلق: وجه إلى الفاعل و آخر إلى القابل، و أن الحقيقة الوجودية لا تكون إلا عن الوجهين جميعاً. فهما الصفتان المتكاملتان في «الواحد».
فالربوبية وما يلزمها من الأسماء لا وجود لها إلا بالمربوبين، والعبودية وما يلحقها من الصفات لا تَحَقُّق لها من غير الأرباب.
فكل من الربوبية والعبودية إذن لا معنى لها- بل ولا تحقق- إلا بالأخرى.
وكذلك الحال في الألوهية والمألوهية.
فإذا قدَّرنا أن العالم مستقل في وجوده عن اللَّه أصبحت الألوهية اسماً على غير مسمى: وهذا معنى قوله: «إن لا يكونون منا فنحن لا شك منهم»، لأن الأسماء الإلهية التي تطلب المألوهين، و منها يتكوّن مفهوم الألوهية، تصبح في هذه الحالة لغواً من القول. على هذا التقدير يستقيم المعنى في البيتين، ولكن لسوء الحظ ليس في الفص ذكر سابق للأسماء الإلهية حتى تعود عليها الضمائر في منهم وعنهم.

والأقرب إلى روح الفص أن نعيد الضمائر في منا وعنا على اللَّه، وفي منهم وعنهم على العباد، لا سيما وقد ورد البيتان بعد شرح الآية القرآنية التي ينصف اللَّه بها نفسه من العباد في قوله «وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ»

(6)  «و قد أدرج في الشفع الذي قيل هو الوتر»
(6) الشفع هو العالم و الوتر هو الواحد الحق- الذات الإلهية أو المطلق.
والمراد أن الذات الإلهية المطلقة قد أدرجت في العالم كما أدرج العدد «واحد» في العدد «اثنين».
وهذا التمثيل الرياضي البديع يشرح لنا نظرية ابن العربي شرحاً دقيقاً ويميز بينها و بين النظريات الأخرى التي قد تختلط بها كنظرية الحلول أو نظرية الفيوضات التي قال بها أفلوطين.
ليس العالم فيضاً عن «الواحد المطلق» كما قال أفلوطين، بل هو هو ذلك الواحد متجلياً في صورة الممكنات المتعينة: أي أنه «المطلق» الذي جرده العقل من إطلاقه عند ما تصوره في صورته المقيدة.
فكما أن «الواحد» العددي هو جوهر الاثنين والثلاثة وسائر الأعداد، وكما أن الأعداد ليست في الحقيقة إلا صوراً معقولة للواحد المندرج فيها جميعاً، كذلك الحال في الواحد الحق والكثرة الوجودية التي نسميها بالعالم.
فالواحد العددي ليس له إلا دلالة واحدة وإشارة واحدة و هي إشارته إلى ذاته و دلالته على هذه الذاتية.
أما الأعداد الأخرى فلكل منها دلالتان أو إشارتان: دلالته على نفسه كدلالة الاثنين على الاثنين والثلاثة على الثلاثة وهكذا.
ودلالته على «الواحد» المتكرر أو المندرج فيه.
هكذا الوتر و الشفع: الحق و العالم أو بعبارة أدق الذات الإلهية و العالم. فإن الذات الإلهية إذا نظر إليها معراة عن جميع العلاقات والنسب لم يكن لها دلالة ولا إشارة إلا على نفسها و إلى نفسها.
أما العالم الذي هو كثرة من صور الوجود فله إشارتان:
إشارة إلى نفسه، 
وإشارة إلى الذات المندرجة في كل صورة من صوره.
والحقيقة أن الوتر هو الشفع، ولكنهما متغايران في الذهن، كما أن الواحد العددي هو عين الأعداد كلها، ولكنه مغاير لها ذهناً

.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:49 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة السابعة عشر : 

شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
13 - فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الملك الشدة والمليك الشديد: يقال ملكت العجين إذا شددت عجينه.  قال قيس بن الحطيم يصف طعنة:
ملكت بها كفي فانهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها)
.........................................................
1 -  هذا الفص يبحث في الهمة المؤثرة وهي التصرف ، وعدم إطلاقها من الرسل صلوات الله عليهم وسلامه ومن الأولياء الكمل ، وذلك لكمال المعرفة بأن العلم تابع للمعلوم، واستشهد الشيخ على ذلك بفعل لوط عليه السلام .
وبقول أبي السعود الشبلي لمحمد بن قائد الأواني ، وكذلك ما ذكره عن أبي مدين ، فتصرف الأولياء بالهية لا يكون إلا عن أمر إلهي وجبر لا اختيار .
وفي هذا يقول الشيخ رضي الله عنه « إن أكابر الرجال مع معرفتهم بما خلقوا له ، لو وقفوا مع التكوين قوبلوا ، ولكنهم تركوا الحق يتصرف في خلقه كما هو في نفس الأمر ، وأبوا أن يكونوا محلا الظهور التصريف ، وإن ظهر عليهم من ذلك شيء ، فما هو عن قصد منهم لذلك ، ولكن أجراه الله لهم وأظهره عليهم الحكمة علمها الحق ، وهؤلاء عن ذلك بمعزل .
وأما أن يقصدوا ذلك فلا يتصور منهم إلا أن يكونوا مأمورين کالرسل عليهم السلام، فذلك إلى الله، وهم لا يعصون الله ما أمرهم ، فإنهم معصومون مع إضافة الأفعال إليهم وإن ظهرت منهم ، فيقولون هي للظاهر من أسمائه في مظاهره ، فما لنا وللدعوى، ونحن لا شيء في حال كوننا مظاهر له ، وفي غير هذه الحال .
والمناسبة بين تسمية هذه الحكمة « بالملكية » وبين لوط عليه السلام هي قوله « أو آوي إلى ركن شدید » والشدة في اللغة الملك كما هو واضح في أول الفص ، ولا يمتنع من التصرف مع القدرة عليه إلا كل قوی شديد .
راجع فتوحات  ج 2 / 96 . 
 
ص 198
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (أي شددت بها كفي يعني الطعنة. فهو قول الله تعالى عن لوط عليه السلام: «لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد».
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله أخى لوطا: لقد كان يأوي إلى ركن شديد.
فنبه صلى الله عليه وسلم أنه كان مع الله من كونه شديدا.
والذي قصد لوط عليه السلام القبيلة بالركن الشديد: والمقاومة بقوله «لو أن لي بكم قوة» وهي الهمة هنا من البشر خاصة.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك الوقت يعني من الزمن الذي قال فيه عليه السلام «أو آوي إلى ركن شديد» ما بعث نبي بعد ذلك إلا في منعة من قومه، فكان يحميه قبيله كأبي طالب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقوله «لو أن لي بكم قوة» لكونه عليه السلام سمع الله تعالى يقول «الله الذي خلقكم من ضعف» بالأصالة، "ثم جعل من بعد ضعف قوة" فعرضت القوة بالجعل فهي قوة عرضية، «ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة» فالجعل تعلق بالشيبة، وأما الضعف فهو رجوع إلى أصل خلقه وهو قوله خلقكم من ضعف، "2" فرده لما خلقه منه كما قال «يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا».
فذكر أنه رد إلى الضعف الأول فحكم الشيخ حكم الطفل في الضعف.
وما بعث نبي إلا بعد تمام الأربعين وهو زمان أخذه في النقص والضعف.
فلهذا قال «لو أن لي بكم قوة» )
.........................................................

2 -  قوله تعالى « الله الذي خلقكم من ضعف ... » الآية
خلقنا الله من ضعف وما خلقنا إلا عليه ، فما أنشأ العالم إلا منه وعليه ، فخلق الإنسان فقيرا إلى ربه مسکینا ظاهر الضعف والحاجة ، بلسان الحال والمقال . وهكذا الطفل عند ولادته لا يقدر على القيام ، فهو طريح قريب إلى أصله وهو الأرض ، وكذا المريض الذي لا يقدر على القيام والقعود ويبقى طريا لضعفه ، وهو رجوعه إلى أصله ، فالضعف أصل الإنسان لكونه مسکنا .
والممكن لا يستطيع أن يدفع عن نفسه الترجيح على كل حال ، ثم جعل الله له قوة عارضة وهو قوله « ثم جعل من بعد ضعف قوة » لما نقلنا من حال الطفولة الى حال الشباب والتكليف ؛ فهي قوة الشباب ، وذلك حال الفترة وفيها يسمى فتى ، وما قرن معها شيئا من الضعف.
فإن الفتوة ليس فيها شيء من الضعف ، إذ هي حالة بين الطفولة والكهولة وهو عمر الإنسان من زمان بلوغه إلى تمام الأربعين من ولادته .
إلا أنه مع هذه القوة لا يستقل ، فأمر بطلب المعونة ، فالضعف هو أول العالم وآخره فإنا ما وجدنا
 
ص 199
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (مع كون ذلك يطلب همة مؤثرة.
فإن قلت وما يمنعه من الهمة المؤثرة وهي موجودة في السالكين من الاتباع، والرسل أولى بها؟
قلنا صدقت: ولكن نقصك علم آخر، وذلك أن المعرفة لا تترك للهمة تصرفا.
فكلما علت معرفته نقص تصرفه بالهمة، وذلك لوجهين:
الوجه الواحد لتحققه بمقام العبودية ونظره إلى أصل خلقه الطبيعي،
والوجه الآخر أحدية المتصرف والمتصرف فيه: فلا يرى على من يرسل همته فيمنعه ذلك.
وفي هذا المشهد يرى أن المنازع له ما عدل عن حقيقته التي هو عليها في حال ثبوت عينه وحال عدمه.
فما ظهر في الوجود إلا ما كان له في حال العدم في الثبوت، )
.........................................................

 
للقوة ذكرا في الأول ولا في الآخر ، بل جاءت في الوسط ، وهي محل الدعوى الواقعة من الإنسان .
وإذا نظرنا في معنى الضعف الذي خلقنا منه لوجدناه عدم الاستقلال بالإيجاد ، فشرع لنا الاستعانة به في الاقتدار ، ثم جعل لنا قوة غير مستقلة ، فإنه لولا أن للمكلف نسبة وأثرا في العمل ما صح التكليف .
ولا صح طلب المعونة من ذي القوة المتين ، فهو وإن خلقنا من ضعف فإنه جعل فينا قوة لولاها ما كلفنا بالعمل والترك .
لأن الترك منع النفس من التصرف في هواها ، وبهذا عمت القوة العمل والترك ، ثم رد الله تعالى الإنسان إلى أصله من الضعف ، فإن القوة لله جميعا ، والعبد موطنه الضعف والعبودية .
والضعف مرتبته ، فإنه خلق من ضعف ابتداء ورد إلى الضعف انتهاء ، فقال عز وجل « ثم جعل من بعد قوة » أي قوة الشباب « ضعفا » يعني ضعف الكهولة إلى آخر العمر .
وما هو ضعف ثان من أجل ما تكره ، فهو رجوع إلى الضعف الأول ، فكان الضعف الثاني رجوعا إلى الأصل فسمى هرما .
وهذا الضعف الأخير إنما أعده الله لإقامة النشأة الآخرة عليه، كما قامت النشأة الدنيا على الضعف ، وإنما كان هذا ليلازم الإنسان ذاته الذلة والافتقار وطلب المعونة والحاجة إلى خالقه .
ثم قال تعالى « وشيبة » الشيب للشيخوخة « وشيبة » يعني وقارة أي سكونا نضعفه عن الحركة ، فإن الوقار من الوقر وهو الثقل ، فقرن مع هذا الضعف الثاني الشيبة التي هي الوقار ، فإن الطفل وإن كان ضعيفا فإنه متحرك جدا.
 راجع الفتوحات ج 1 / 241 ، 275 - ج 2 / 29 - ج 3 / 379 - ج 4 / 11 ، 281 ، 282.
 
ص 200
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما تعدى حقيقته ولا أخل بطريقته. فتسمية ذلك نزاعا إنما هو أمر عرضي أظهره الحجاب الذي على أعين الناس كما قال الله فيهم «ولكن أكثر الناس لا يعلمون: يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون»: وهو من المقلوب فإنه من قولهم «قلوبنا غلف».
أي في غلاف وهو الكن الذي ستره عن إدراك الأمر على ما هو عليه. فهذا وأمثاله يمنع العارف من التصرف في العالم قال الشيخ ).
.........................................................

3 - الهمة 
الهمة وهي الصدق أن يريد الشيء فيمتثل المراد بين يديه على ما أراد من غير زيادة ولا نقصان ، فإذا أراد الإنسان أن يختبر نفسه فلينظر هل له فعل بالهمة المجردة فيما شأنه أن لا يفعل إلا بالكلام أم لا ؟ 
فإن أثر وحصل المقصود فهو صامت حقيقة ، مثل أن يريد أن يقول لخادمه « اسقني ماء » أو « آتني بطعام » أو « سر إلى فلان فقل له كذا وكذا ، ولا يشير إلى الخادم بشيء من هذا كله ، فيجد الخادم في نفسه ذلك كله ، بأن يخلق الله في سمع الخادم عن ذلك .
يقول فلان قال لي افعل كذا وكذا يسمع ذلك حسيا بأذنه ، ولكن يتخيل أنه صوت ذلك الصامت ، وليس كذلك ، فمن ليست له هذه الحالة ، فلا يدعى أنه صامت ، وهذا مما غلط فيه جماعة من أهل الطريق .
فسن نصح نفسه فقد أقمنا له میزان هذا المقام الذي يزنه به حتى لا يلتبس عليه الأمر ، وهذا لا يكون إلا للإلهيين المحسنين لا لغيرهم من المؤمنين والمسلمين الذين لم يحصل لهم مقام الإحسان .
وليس الفعل بالهمة في الدنيا لكل أحد، وقد كان ذلك في الدنيا لغير الولي کصاحب العين أو الغرانية بإفريقيا من تأثير الصدق فمشهود في أشخاص ما لهم المكانة من أسباب السعادة التي جاءت بها الشرائع ولكن لهم القدم الراسخ في الصدق، ولكن الفعل بالهمة ما يكون بسرعة تكوين الشيء بالهمة في الدار الآخرة .
وهذا في الدنيا نادر شاذ كقضيب البان وغيره ، وهو في الدار الآخرة للجميع ، فأصحاب الآثار قد يكونون أولياء ، وقد تكون تلك الآثار الكونية عن موازين معلومة عندنا ، وعند من يعرف همم النفوس وقدرتها وانفعال أجرام العالم لها.
ومن خالط الغرانية ورأى ما هم عليه من عدم التوفيق مع كونهم يقتلون بالهمة ويعزلون ويتحكمون لقوة
 
ص 201
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أبو عبد الله بن قايد للشيخ أبي السعود بن الشبل لم لا تتصرف؟
فقال أبو السعود تركت الحق يتصرف لي كما يشاء: يريد قوله تعالى آمرا «فاتخذه وكيلا» فالوكيل هو المتصرف ولا سيما وقد سمع الله تعالى يقول: «وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه».
فعلم أبو السعود والعارفون أن الأمر الذي بيده ليس له وأنه مستخلف فيه.
ثم قال له الحق هذا الأمر الذي استخلفتك فيه وملكتك إياه: اجعلني واتخذني وكيلا فيه، فامتثل)
.........................................................

هممهم ، وأيضا لما في العالم من خواص الأسماء التي تكون عنها الآثار والتكوينات عند من يكون عنده علم ذلك مع كون ذلك الشخص مشرکا بالله .
فمن الناس من يكون عالما بخواص الأسماء ، فيظهر بها الآثار العجيبة والانفعالات الصحيحة ، ولا يقول إن ذلك عن أسماء عنده ، وإنما يظهر ذلك عند الحاضرين أنه من قوة الحال والمكانة عند الله والولاية الصادقة وهو كاذب ، فما هو من خصائص أولياء الله تعالی التأثير في الكون .
يقول لوط عليه السلام لقومه « لو أن لي بكم قوة » أي همة فعالة ، فمن كان الحق قواه فلا همة تفعل فعل من هذه صفته ، لكن الأمر لا يكون إلا ما سبق به الكتاب ، وهو عليه السلام من أعلم الناس بالله .
ويعلم أنه ما يكون إلا ما سبق به الكتاب، ولا كتب تعالى إلا ما هو المعلوم عليه، فلا تبديل لكلمات الله، وما يبدل القول لديه، وما هو بظلام للعبيد، فلا يقع إلا ما هو الأمر عليه، قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا"، فإنه لما كان سبب الجهاد أفعالا تصدر من الذين أمرنا بقتالهم وجهادهم .
وتلك الأفعال أفعال الله خلقا وتقديرا ، فما جاهدنا إلا فيه ولكن بامتثال أمره .
قال « لنهدينهم سبلنا » التي قال فيها : " ولا تتبعوا السبل فتفرق بکم عن سبيله" ، يعني السبيل التي لكم فيها السعادة ، وسبيل السعادة هي المشروعة ، فبين لنا سبلها فندخلها ، فلا نرى مجاهدأ ولا مجاهدا فيه إلا الله .
فكان قوله تعالی « لنهدينهم سبلنا » أي تبين لهم حتى يعلموا فيمن جاهدوا ، ولذلك تسم الآية بقوله « وإن الله لمع المحسنين » والإحسان أن تعبد الله كأنك تراه ، فإذا رأيته علمت أن الجهاد كان منه وفيه . 
راجع فتوحات ج 1 / 359 - ج 2 / 148 ، 180 ، 385 ، 388 ، 667 - ج 4 / 35
 
ص 202
 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أبو السعود أمر الله فاتخذه وكيلا.
فكيف يبقى لمن يشهد هذا الأمر همة يتصرف بها، والهمة لا تفعل إلا بالجمعية التي لا متسع لصاحبها إلى غير ما اجتمع عليه؟
وهذه المعرفة تفرقه عن هذه الجمعية. فيظهر العارف التام المعرفة بغاية العجز والضعف.
قال بعض الأبدال للشيخ عبد الرزاق رضي الله عنه : قل للشيخ أبي مدين بعد السلام عليه يا أبا مدين لم لا يعتاص علينا شيء وأنت تعتاص عليك الأشياء: ونحن نرغب في مقامك وأنت لا ترغب في مقامنا؟
وكذلك كان مع كون أبي مدين رضي الله عنه كان عنده ذلك المقام وغيره: ونحن أتم في مقام الضعف والعجز منه. )
.........................................................

4 - يروى أنه لما اجتمع محمد بن قائد الأواني و كان من الأفراد بأبي السعود 
قال له « يا أبا السعود إن الله قسم المملكة بيني وبينك ، فلم لا تتصرف فيها كما أتصرف أنا ؟ ".
فقال له أبو السعود: " يا ابن قائد وهبتك سهمی ، نحن تركنا الحق تصرف لنا"
 وهو قوله تعالى: « فاتخذه وكيلا » فامتثل أمر الله وأنصف سید الطائفة عاقل زمانه ، المنصف بحاله أبو السعود بن الشيلي .
في قوله : « نحن تركنا الحق يتصرف لنا » فلم يزاحم الحضرة الإلهية .
وكان يقول : «إني أعطيت التصرف في العالم منذ خمس عشرة سنة فتركته تطرفا، وما ظهر علي منه شيء » يريد لم يكن غرضنا المزاحمة بل الله الأمر من قبل ومن بعد، وشغلي بعبوديتي أولى من ظهوري بخلعته ، هي لمن تجب له لا لي ، فمن وقف مع الأصول كان أكمل في المعرفة ممن حجبته هذه الخلع الإلهية ، وما يتخذ الحق وكيلا إلا من كان الحق قواه وجوارحه ، إذ يستحيل تبدل الحقائق ، فالعبد عبد و الرب رب ، والحق حق ، والخلق خلق .
 
فكان أبو السعود من اللامية ، وهم أعظم طبقة في الرجال ما يظهر عليهم شيء من التصرف في الأسماء الإلهية ، فهم والعامة في ظهور العجز وظاهر العوائد سواء . 
فتوحات ج 1 / 187 ، 581 - ج 2 / 370 - ذخائر الأخلاق.
 
5 - هو قوله رضي الله عنه لأصحاب علم الحروف " لولا أني آليت عقدا أن لاظهر مني أثر عن حرف لأريتهم من ذلك عجبا " .
وقوله رضي الله عنه : « إني ما أعرف اليوم في علمي من تحقق بمقام العبودية أكثر مني ، وإن كان ثم فهو مثلي ، فإني بلغت من العبودية غايتها ، فأنا العبد المحض الخالص لا أعرف للربوبية طعما ».
فتوحات ج 1 / 349 - ج 2 / 300 .
 
ص 203 
 
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومع هذا قال له هذا البدل ما قال. وهذا من ذلك القبيل أيضا.
وقال صلى الله عليه وسلم في هذا المقام عن أمر الله له بذلك «ما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحى إلي».
فالرسول بحكم ما يوحى إليه به ما عنده غير ذلك.
فإن أوحي إليه بالتصرف بجزم تصرف: وإن منع امتنع، وإن خير اختار ترك «6» التصرف إلا أن يكون ناقص المعرفة.
قال أبو السعود لأصحابه المؤمنين به إن الله أعطاني التصرف منذ خمس عشرة سنة وتركناه تظرفا. هذا لسان إدلال.
وأما نحن فما تركناه تظرفا وهو تركه إيثارا وإنما تركناه لكمال المعرفة، فإن المعرفة لا تقتضيه بحكم الاختيار.
فمتى تصرف العارف بالهمة في العالم فعن أمر إلهي وجبر لا باختيار.
ولا نشك أن مقام الرسالة يطلب التصرف لقبول الرسالة التي جاء بها، فيظهر عليه ما يصدقه عند أمته وقومه ليظهر دين الله. والولي ليس كذلك.
ومع هذا فلا يطلبه الرسول في الظاهر )
.........................................................
6 -  مخالفة لأصول الشيخ *
ما جاء في هذه الفقرة يخالف ما أصله الشيخ فهو القائل : نهايات الأولياء بدايات الأنبياء ، فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع ، وقوله : الرسل أعلم الخلق بالله .
فلا يصح أن يكون ما جاء في هذه الفقرة من كلام الشيخ رضي الله عنه فيحكم على رسول من الرسل في تصرفه بأنه ناقص المعرفة .

"" التعقيب على الإستاذ محمود محمود الغراب رحمه الله :
الإستاذ محمود فهم كلام الشيخ الأكبر ابن العربي من وجه دون الوجوه الآخرى وحصره في اتجاه واحد فقط وهو ما فهمه واعتقده دون غيره مع أنه أوضح وأكثر سطوعا من شمس الظهيرة  ومنه مثال واحد فقط يكفيك دليلا :
اين ذوق رسول الله موسى وهو من أولي العزم من الرسل ولا جدال من ذوق الخضر عليهما السلام ؟؟؟؟
فرسول الله موسى لم يكن على علم مطلق بما يعلمه الخضر ولا ذوق له فيه عليهما السلام  
في حين ان الخضر فيما يعلم ان رسول الله موسي لاذوق ولا علم له فيما يعلم  
لقوله تعالى : " قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70) فَانْطَلَقَا " سورة الكهف.

إيضاح لعبارة الشيخ ابن العربي رضي الله عنه  الله عنه :
"لا ذوق الأحد في ذوق الرسل. فلا ذوق للولي في حال من أحوال أنبياء الشرائع، ومن أصولنا أنا لا تتكلم إلا عن ذوق، ونحن لسنا برسل ولا أنبياء شريعة."
يقصد به الشيخ فيما ارسلوا به من شرائع لقومهم وهو أمر خاص لهم مع شرائع قومهم فهم أعلي ذوق فيما ارسلوا به من تجليات وامداد الله لهم.
اما فيما يعلمه الله تعالي ولم يعلمهم إياه وعلمه احد من عباده فهو اعلى من اى بشر آخر به والدليل شهادة الله تعالى على ذلك كما جاء بالآيات بعاليه.""


راجع فص 9 هامش 4 ص 131 – فص 10 هامش 18 ص 150
.


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد نوفمبر 24, 2019 10:39 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالخميس نوفمبر 21, 2019 9:50 pm

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر الجزء الثاني .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة السابعة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم
تابع شرح فصوص الحكم من كلام الشيخ الأكبر ابن العربي أ. محمود محمود الغراب 1405 هـ:
الجزء الثاني
7 - الكرامات وخوارق العادات
ما ظهر من الحال على الرسل فهو على جهة الدلالة على صدقه ليشرع لأمنه ، والوارث داع لما قرره الرسول وليس بمشرع فلا يحتاج إلى ظهور الحال كما احتاج إليه المشرع .
فالوارث يحفظ بقاء الدعوة في الأمة عليها وما حظه إلا ذلك ، حتى إن الوارث لو أتي بشرع ، ولا يأتي به ، ولكن لو فرضناه ما قبلته منه الأمة ، فلا فائدة الظهور الحال إذا لم يكن القبول كما كان للرسول ، فخرق العوائد واجب سترها على الأولياء .
كما أن إظهارها واجب على الأنبياء لكونهم مشرعين ، وما أظهر الله على الأولياء من الأحوال فذلك إلى الله لا عن تعمل ولا قصد من العبد .
فإن المكر الإلهي في خصوص الخصوص هو في إظهار الآيات وخوارق العوائد من غير أمر ولا حد.
 
فتوحات ج 2 / 531 - ج 3 / 36 ، 458 
 
ص 204
قال الشيخ رضي الله عنه : ( لأن للرسول الشفقة على قومه، فلا يريد أن يبالغ في ظهور الحجة عليهم، فإن في ذلك هلاكهم:
فيبقي عليهم. وقد علم الرسول أيضا أن الأمر المعجز إذا ظهر للجماعة منهم من يؤمن عند ذلك ومنهم من يعرفه ويجحده ولا يظهر التصديق به ظلما وعلوا وحسدا، ومنهم من يلحق ذلك بالسحر والإبهام.
فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان:
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال «إنك لا تهدي من أحببت "ولكن الله يهدي من يشاء".

ولو كان للهمة أثر ولا بد، لم يكن أحد أكمل من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أعلى ولا أقوى همة منه، وما أثرت في إسلام أبي طالب عمه، وفيه نزلت الآية التي ذكرناها:
ولذلك قال في الرسول إنه ما عليه إلا البلاغ، وقال «ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء».
وزاد في سورة القصص «وهو أعلم بالمهتدين» أي بالذين أعطوه العلم بهدايتهم في حال عدمهم بأعيانهم الثابتة.
فأثبت أن العلم تابع للمعلوم. فمن كان مؤمنا في ثبوت عينه وحال عدمه ظهر بتلك الصورة في حال وجوده.
وقد علم الله ذلك منه أنه هكذا يكون، فلذلك قال «وهو أعلم بالمهتدين».
فلما قال مثل هذا قال أيضا «ما يبدل القول لدي» لأن قولي على حد علمي في خلقي، «وما أنا بظلام للعبيد» أي ما قدرت عليهم الكفر الذي يشقيهم ثم طلبتهم بما ليس في وسعهم أن يأتوا به.
بل ما عاملناهم إلا بحسب ما علمناهم، وما علمناهم إلا بما أعطونا من نفوسهم مما هم عليه، فإن كان ظلم فهم الظالمون.
ولذلك قال «ولكن كانوا أنفسهم يظلمون». فما ظلمهم الله. "8"
كذلك ما قلنا لهم إلا ما أعطته ذاتنا أن نقول لهم، وذاتنا معلومة لنا بما هي عليه من أن نقول كذا ولا نقول كذا.
فما قلنا إلا ما علمنا أنا نقول، فلنا القول منا، "9"
ولهم الامتثال وعدم الامتثال مع السماع منهم ) "10"
.........................................................
8 - العلم تابع للعلوم راجع فص 2 رقم 3 ص 42


"" العلم تابع للعلوم الفص 2 رقم 3 ص 42
3 - العلم تابع للمعلوم
ليس سر القدر الذي يخفى عن العالم عينه الا اتباع العلم المعلوم ، فلا شيء أبين منه ولا أقرب مع هذا البعد ، فإن العلم تابع للمعلوم ما هو المعلوم تابع للعلم فافهمه.
وهذه مسألة عظيمة دقيقة ما في علمي أن أحدا نبه عليها إلا إن كان وما وصل إلينا ، وما من أحد إذا تحققها يمكن له إنكارها ، وفرق يا أخي بين كون الشيء موجودا فيتقدم العلم وجوده ، وبين كونه على هذه الصورة في حال عدمه الأزلي ، فهو مساوق للعلم الإلهي به ومتقدم عليه بالرتبة .
لأنه لذاته أعطاه العلم به ، فإن المعلوم متقدم بالرتبة على العلم وإن تساوقا في الذهن من كون المعلوم معلوما ، لا من  کونه وجودا أو عدما ، فإنه المعطي العالم العلم .
فاعلم ما ذكرناه فإنه ينفعك ويقويك في باب التسليم والتفويض للقضاء والقدر الذي قضاه حالك ، فلو لم يكن في هذا الكتاب « الفتوحات المكية » إلا هذه المسألة لكانت كافية لكل صاحب نظر سدید و عقل سلیم .
واعلم أن الله تعالى ما كتب إلا ما علم ولا علم إلا ما شهد من صور المعلومات على ما هي عليه في أنفسها ما يتغير منها وما لا يتغير ، فيشهدها كلها في حال عدمها على تنوعات تغييراتها إلى ما لا يتناهی ، فلا يوجدها إلا كما هي عليه في نفسها ، فمن هنا تعلم علم الله بالأشياء معدومها وموجودها ، وواجبها وممكنها ومحالها ، ومن هنا إن عقلت وصف الحق نفسه بأن له الحجة البالغة لو توزع .
فإنه من المحال أن يتعلق العلم إلا بما هو المعلوم عليه في نفسه ، فلو احتج أحد على الله بأن يقول له علمك سبق فيه بأن أكون على كذا فلم تواخذني ، يقول له الحق هل علمتك إلا بما أنت عليه ؟
فلو كنت على غير ذلك لعلمتك على ما تكون عليه ، ولذلك قال « حتى تعلم » فارجع إلى نفسك وأنصف في كلامه ، فإذا رجع العبد على نفسه ونظر في الأمر كما ذكرناه علم أنه محجوج، وأن الحجة لله تعالى عليه.
أما سمعته تعالى يقول: « وما ظلمهم الله" "وما ظلمناهم" .
وقال « ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ، كما قال « ولكن كانوا هم الظالمين » يعني أنفسهم .
فإنهم ما ظهروا لنا حتى علمناهم وهم معدومون إلا بما ظهروا به في الوجود من الأحوال ، فعندنا ما كانت الحجة البالغة لله على عباده إلا من كون العلم تابعا للمعلوم ما هو حاكم على المعلوم.
فإن قال المعلوم شيئا كان الله الحجة البالغة عليه بأن يقول له ما علمت هذا منك إلا بكونك عليه في حال عدمك ، وما أبرزتك في الوجود إلا على قدر ما أعطيتني من ذاتك بقبولك ، فيعرف العبد أنه الحق فتندحض حجة الخلق ، فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى تعلم ما كنا
فيه ، فإنه لا يحكم فينا إلا بنا.
فمن وقف في حضرة الحكم وهي القضاء على حقيقتها شهودا علم سر القدر ، وهو أنه ما حكم على الأشياء إلا بالأشياء ، فما جاءها شيء من خارج ، "ولا ينكشف هذا السر حتى يكون الحق بصر العبد" ، فإذا كان بصر العبد بصر الحق نظر الأشياء ببصر الحق، حينئذ انكشف له علم ما جهله، إذ كان بصر الحق لا يخفى عليه شيء ، ومن وقف على سر القدر ،" وهو أن الإنسان مجبور في اختياره "، لم يعترض على الله في كل ما يقضيه و يجريه على عباده وفيهم ومنهم ، وهذا يشرح ما ذكره الشيخ في كتابه المشاهد القدسية من أن الحق قال له « أنت الأصل وأنا الفرع ".
وعلامة من يعلم سر القدر هو أن يعلم أنه مظهر ، وعلامة من يعلم أنه مظهر ، أن تكون له مظاهر حيث شاء من الكون كقضيب البان ، فإنه كان له مظاهر فيما شاء من الكون حيث شاء من الكون.
وإن من الرجال من يكون له الظهور فيما شاء من الكون لا حيث شاء ، ومن كان له الظهور حيث شاء من الكون كان له الظهور فيما شاء من الكون.
فتكون الصورة الواحدة تظهر في أماكن مختلفة ، وتكون الصور الكثيرة على التعاقب تلبس الذات الواحدة في عين المدرك لها ، ومن عرف هذا ذوقا .
كان متمكنا من الاتصاف بمثل هذه الصفة ، وهذا هو علم سر القدر الذي ينكشف لهم .
 راجع الفتوحات ج2 / 2 , 13 .  ج4/ 16 , 70 , 74 , 182 , 235. أهـ. ""
 
9 - [ كذلك ما قلنا ۔ منا ] 
إذا كان الضمير يعود على الحق تعالى ، فهو التفات إلى القول المشروع، وإذا كان الضمير يعود على الشيخ رضي الله عنه ، فإنه يعني أنه ما قال في كتبه ولا كلامه إلا ما علمه من نفسه على ما كانت عليه في ثبوتها .
 
10 - [ ولهم الامتثال .. منهم ] 
الضمير في الحالة الأولى يعود على المكلفين فمنهم
 
ص 205
 
قال الشيخ رضي الله عنه : (
فالكل منا ومنهم        …… والأخد عنا وعنهم
أن لا يكونون منا     ……. فنحن لا شك منهم 
 
فتحقق یا ولي هذه الحكمة الملكية في الكلمة اللوطية فإنها لباب المعرفة
فقد بان لك السر      …… وقد اتضح الأمر 
وقد أدرج في الشفع   …… الذي نسل هو الوتر )
 
.........................................................
من امتثل أمر الحق فأطاعه ومنهم من لم يمتثل فعصي.
وفي الحالة الثانية يعود الضمير على من قبل كلام الشيخ أو رفضه، وهذا كله عائد إلى ما كانت عليه الأعيان في الثبوت.
والوجه الثاني أرجح فإنه يتناسب مع سياق الكلام عن أن العلم تابع للمعلوم.
 
ص 206

 .


عدل سابقا من قبل عبدالله المسافر في الأحد نوفمبر 24, 2019 10:42 am عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبدالله المسافربالله

عبدالله المسافربالله


ذكر
عدد الرسائل : 3605
تاريخ التسجيل : 21/11/2017

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Empty
مُساهمةموضوع: السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي   السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله Emptyالأحد نوفمبر 24, 2019 10:40 am

السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

فص حكمة ملكية في كلمة لوطية الفقرة الثامنة عشر على مدونة موسوعة فتوح الكلم

الفقرة الثامنة عشر : 

كتاب المفاتیح الوجودیة والقرآنیة لفصوص الحكم عبد الباقي مفتاح 1417هـ :
المرتبة 13: لفم حكمة ملكية في كلمة لوطية من الاسم القاهر كوكب الأمر والسماء الخامسة ومعلة العوا وحرف اللام
ظهور النور قاهر للظلمات كما أن ظهور الحق قاهر للباطل. أي أن ظهور النور يستلزم ظهور الاسم القاهر. ولهذا نجد الاسم النهار في القرآن في ستة مواضع دائما مقترنا بالاسم الواحد، لأن نور الواحد القدم قاهر للمحدثات و السوی .
"سبحانه هو الله الواحد القهار " [الزمر، 4].
"قل الله خلق كل شئ وهو الواحد القهار" [الرعد، 16]. 
"و برزوا لله الواحد القهار" [ابراهيم، 48]. 
" أرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار" [يوسف : 39]. 
" وما من إله إلا الله الواحد القهار " [ص: 65]. 
"لمن الملك اليوم لله الواحد القهار " [غافر، 16]. 
وأما الاسم القاهر فورد مرتين في الآيتين 18 و 61 من سورة الأنعام : "وهو القاهر فوق عباده " . 
وبظهور القاهر في المرتبة 13 توجه على إيجاد السماء الخامسة وفلك الكوكب الأحمر المريخ وليلة السبت ونهار الثلاثاء وهي سماء روحانية هارون عليه السلام  الذي له فص الاسم المذل كما سبق بيانه. 
والمذل والقاهر أخوان فریبان في المعين ولهذا كانت هذه السماء مختصة بالقهر والفتن وسفك الدماء .
ولها معدن الحديد الذي يشكل أهم أجزاء کوکبها المريخ الأحمر، وللحديد بأس شديد... 
ولهذا كانت حكمة هذا الفص ملكية لأن الملك هو الشديد القاهر للمملوكين ولإقتران الاسم الملك بالنهار في الآية " لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" [غافر، 16].... وطبع هذه السماء طبع النار. 
والنار هي ركن القهر والإفناء. وحيث أن الله تعالى جعل في كل عسر يسرا وفي كل محنة منحة فقد أسكن روحانية هارون عليه السلام في هذه السماء وهو المشهور بلينه وتواضعه ورحمته خلافا لأخيه موسى عليه السلام المعروف بقوته في الحق وبطشه لإزهاق الباطل وسرعة انفعاله. 
فجعل الله تعالى موسى في سماء اللين والرحمة والمودة والشفقة أي السماء السادسة كما جعل هارون في سماء البطش والبأس. 
وأنسب أنفاس الأنبياء لهذه المرتبة هو نفس لوط عليه السلام لعلاقته المخصوصة بشدة القهر .
فقال تعالى عنه عليه السلام أنه قال: " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد" [هود: 80]. 
قال الشيخ: فنبه عليه السلام أنه كان مع الله من كونه شديدا... 
وقهر الحق تعالى قوم لوط أشد قهر فاستأصلهم بعد أن أرسل عليهم حجارة من سجيل منضود وجعل عالي أرضهم سافلها
ولهذا فإن مدار هذا الفص حول مظاهر القهر. 
ففي أول الباب ذكر الشيخ الشدة والتحطيم "قيس بن الحطيم" والطعن والقوة والركن الشديد. 
ثم ذكر قهر الأمم الكافرة للرسل وقهر الله لتلك الأمم. 
ثم انتقل إلى قهر الشيب وأرذل العمر للإنسان. 
ثم تطرق إلى قهر الهمة: فأهل الأحوال لهم الهمة القاهرة في التصريف، أما الكمل فهمتهم مقهورة للمعرفة... ثم تكلم على قهر المعلوم للعلم حيث أن العلم تابع للمعلوم وكل تابع مقهور... 
وفي إطار هذا القهر ذكر أبا طالب مرتين في هذا الفص لبيان حكم القهر : 
فهو أقرب الناس للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن أعلمهم بصدق رسالته، ومع هذا مات على ما مات عليه أي حسب ما سبق به العلم التابع لما هي عليه عينه الثابتة في حضرة القدم.
وهذا الفص هو الرابع من الأبواب الأربعة المتتالية التي تشترك في صفة الشدة والقوة والقهر لأن الأمم المذكورة في القرآن والتي قهرها الله بالدمار هي قوم هود وصالح وشعيب ولوط. 
وأقرب الرسل لشعيب في الزمان هو لوط قال شعيب لقومه: 
"وما قوم لوط منكم ببعيد " [هود، 89]. وناسبت حكمة لوط الملكية محكمة شعيب القلبية في الفص الموالي لأن القلب هو ملك قوى الإنسان وأقواها وأوسعها. 
وللوط صلة بالقلب المالك لأن لفظ لوط يعني : ملصق.
ولهذا سماه الشيخ في الباب 14 من الفتوحات بالملصق أي الأقرب لصوقا بالحضرة الإلهية. 
وألصق الحضرات الوجودية ما هو قلب الإنسان الكامل. 
وقد تكلم الشيخ في الباب 361 من الفتوحات المخصوص مترل سورة المؤمنون عن هذا اللصوق 
فقال ما خلاصته: 
"لما قضى الله أن يكون للبروج أثر في العالم جعل الله في نشأة الإنسان الكامل اثني عشر قابلا يقبل ها هذه الآثار. 
فمنها لصوقها بالعالم حين حذيت عليه ولصوقها بحضرة الأسماء الإلهية وبه صح الكمال لهذه النفس".
 
وأخيرا فإن مزلة هذه المرتبة هي العواء. 
والعواء في اللغة هو شدة الصياح فهو صوت قاهر أو معبر عن قهر. 
ولها حرف اللام وهو من الحروف المجهورة قريب من الشدة منفتح منسفل و مخصوص بصفة الانحراف. 
وانحرف قوم لوط للفاحشة التي لم يسبقهم فيها أحد من العالمين فألصقهم القهار بأسفل سافلين انتقاما منهم. 
يقول الشيخ في مثل هذا المعنى في الباب 198:
 "إن هذا النفس الإلهي في إيجاد الشرائع قد جعل طريقا مستقیما و خارجا عن هذه الاستقامة المعينة ويسمى ذلك تحريفا 
وهو قوله: "يحرفونه. من بعد ما عقلوه " (البقرة : 75). 
مع كون يرجع إليه الأمر كله يقول وإن تعدد فالنفس يجمعه ، فسمي ذلك التحريف في نفس المتنفس الإنساني الحرف المنحرف فخالط أكثر الحروف وهو اللام وليس لغيره هذه المرتبة".
وختم الفص بكلمة تفيد قهر الانتقام وهي كلمة : الوتر
والوتر في اللغة الأخذ بالثأر انتقاما كما ذكره الشيخ في الباب 172 من الفتوحات 
والوتر هو الواحد الأحد. 
والأحد هو يوم الشمس الذي لمرتبتها الفص العزيري المجاور. 
ففي البيتين اللذين ختم بما تمهيد للدخول لذلك الفص حيث ذكر فيهما كلمة وتر وكلمة "بان" وكلمة "لاح" المثيرة للاسم النور المتوجه على إيجاد فلك الشمس العزيري الإدريسي :
فقد بان لك السر     ….. وقد لاح لك الأمر
وقد أدرج في الشفع   …… الذي قيل هو الوتر 
 
والعلاقة بين الفصين هي علاقة القضاء بالقدر. ففي هذا الفص تكلم عن القضاء من حيث تبعية العلم للمعلوم. 
وفي فص لوط تكلم عن القدر الذي هو توقيت ما هي عليه الأشياء في عينها.
 
 
13 - سورة فص لوط عليه السلام
سورة هذا الفص هي "القارعة" لأن القارعة في اللغة هي الشديدة من شدائد الدهر وهي الداهية ولهذا بدا الشيخ الفص بالكلام عن الشدة وتكررت في الفص مظاهر الشدة ككلمة القوة تكررت عدة مرات والهمة المؤثرة والتصرف.
وقد ذكرنا أن الاسم الحاكم على هذا النص هو "القاهر" المتوجه على إيجاد سماء المريخ الأحمر الخامسة وهي سماء القهر والشدة والحرب.
ولهذا نجد الشيخ يخصص في الفتوحات الباب "283" للقارعة فيسمى متلها: "منزل القواصم وأسرارها".
ونسبة "القارعة" مع لوط هي الشدة التي لاقاها من قومه حتى قال "لو أن لي بكم قوة أو اوي إلى ركن شديد" [هود : 80] وكذلك شدة القهر الذي أصاب قومه فهلكوا بحجارة السجيل المنضود.
وكلام الشيخ حول الرجوع إلى الضعف يشير إلى رجوع الناس عند القارعة كالفراش المبثوث ورجوع الجبال كالعهن المنفوش ومن أضعف الخلق الفراش والعهن.
وكلامه في آخر الفص حول مسألة: 
العلم تابع للمعلوم مرجعه للآية " فأمه هاوية " [القارعة : 9 ].
فالأم هي الأصل وأصل كل شيء عينه الثابتة التي تبعها العلم....
وحيث أن في السورة كلمة الموازين الثقيلة والخفيفة فقد وازن الشيخ في هذا الفص بين مقادير الرجال في التصرف .
فوازن بين الشيخين أبو عبد الله بن قايد وأبو السعود بن الشبل.
ثم وازن بين بعض الأبدال والشيخ أبي مدين.
ثم وازن الشيخ الأكبر بين نفسه والشيخ أبي السعود. 
وهذه الموازنة ذكرها أيضا في آخر الباب "283" أي باب منزل "القارعة" حيث وازن بين الشيخ أبي البدر التماشکي البغدادي والشيخ رغيب الرحيي.
ووازن بين أبي السعود بن الشبل شيخ أبي البدر والشيخ عبد القادر الجيلاني شيخ أبي السعود. 
وختم الباب بقوله عن أبي السعود: "إني أقطع أن ميزانه بين الشيوخ كان راجحا". أي أنه من الذين تحققوا بالآية: "فأما من ثقلت موازينه, فهو في عيشة راضية " [القارعة : 6-7].
ومن الملاحظ أن الشيخ افتتح ذلك المترل بأبيات فيها لفظ: "القهار" أي الاسم الحاكم على هذا الفص فقال:
إذا كنت مشغوفا بحب المعاصم     ….. تذكر من الآيات أي القواصم
فان لها عن ذاك زجرا وعصمة    ….. وأفلح من تحييه أي العواصم
وهذي أمور لم أنلها بفكرة       …… ولكنها جاءت على يد قاسم
ويعطي إله الخلق عدلا ومنة    ….. بقصمة قهار وعصمة عاصم
فكم بين شخص بالملائك ملحق   ….. وبين شخيص ملحق بالبهائم
 
علاقة فص لوط عليه السلام بسابقه ولاحقه
ربط الشيخ هذا الفص بذكره لتبدل الصور على ابن آدم فساق الآية: " الله الذي خلقكم من ضعف جعل من بعد ضعف ، قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة " [الروم : 54] .
ففي هذا تکاثر للصور على عين العبد، ثم ذكر الآية: "ولكن أكثرهم لا يعلمون" [الأنعام، 37] إشارة إلى الكثرة وإلى العلم المذكورين في سورة التكاثر التي لها فص شعيب السابق. 
أما تمهيده لفص عزير التالي الذي له الحكمة القدرية فتظهر في نهاية هذا الفص اللوطي بقوله "أي ما قدرت عليهم الكفر".
والاسم المتوجه على فص عزير الشمسي هو (النور) المنتشر من الموريات قدحا في سورة العاديات.
وهو الذي أشار إليه في هذا الفص بقوله : 
"فلما رأت الرسل ذلك وأنه لا يؤمن إلا من أنار الله قلبه بنور الإيمان: 
ومتى لم ينظر الشخص بذلك النور المسمى إيمانا فلا ينفع في حقه الأمر المعجز. فقصرت الهمم عن طلب الأمور المعجزة لما لم يعم أثرها في الناظرين ولا في قلوبهم كما قال في حق أكمل الرسل وأعلم الخلق وأصدقهم في الحال "إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء""


تم بحمد الله 
السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية
جمعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
السفر الثالث عشر فص حكمة ملكية في كلمة لوطية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» السفر الثالث والعشرون فص حكمة إحسانية في كلمة لقمانية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر العشرون فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر الرابع عشر فص حكمة قدرية في كلمة عزيرية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
» السفر التاسع عشر فص حكمة غيبية في كلمة أيوبية .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى المودة العالمى ::  حضرة الملفات الخاصة ::  الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي-
انتقل الى: